Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أضعف

الشَّمْس

(الشَّمْس) النَّجْم الرئيس الَّذِي تَدور حوله الأَرْض وَسَائِر كواكب الْمَجْمُوعَة الشمسية
 الشَّمْس: هِيَ الْكَوْكَب الْأَعْظَم المضيء النهاري من الْكَوَاكِب السَّبْعَة السيارة وَهِي فِي الْفلك الرَّابِع. قيل، إِمَّا ضابطة معرفَة أَنَّهَا فِي أَي برج هِيَ فــأضعف مَا مضى مَعَك من الشَّهْر الْعَرَبِيّ وزد عَلَيْهِ الْخَمْسَة وألق لكل برج خَمْسَة وابدأ بِالْعدَدِ مَوضِع الْقَمَر بِالْعَكْسِ إِلَى جِهَة الْمغرب. فَإِذا انْتَهَت إِلَى برج فالشمس فِي ذَلِك البرج فَإِن لم يبْق فالشمس فِي أول دَرَجَة ذَلِك البرج. وَإِن بَقِي فالشمس قطعت دَرَجَات بِقدر عدد ذَلِك الْبَاقِي. وَلَا يخفى على المنجم أَن هَذِه الضابطة لَيست بكلية.
الشَّمْس: وضابطة أُخْرَى فِي تِلْكَ الْمعرفَة بالعبارة الفارسية، إِذا أردْت أَن تعرف البرج وَفِي أَي دَرَجَة من هَذَا البرج تقع الشَّمْس فَمَا عَلَيْك سوى أَن تتذكر طوال السّنة يَوْم تحول الشَّمْس إِلَى أول (الْحمل) وَبعده إِذا أردْت معرفَة التَّقْوِيم الشمسي فَعَلَيْك الْحساب من هَذَا الْيَوْم إِلَى يَوْم تحول الشَّمْس، وعَلى هَذِه الطَّرِيقَة فَإِن عدد أَيَّام شهر محرم ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَشهر صفر تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا، وربيع الأول ثَلَاثِينَ يَوْمًا وربيع الثَّانِي تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا، وجمادى الأول ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وجمادى الآخر تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَرَجَب ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَشَعْبَان تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ورمضان ثَلَاثِينَ يَوْمًا وشوال تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَذي الْقعدَة ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَذي الْحجَّة تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا، فاجمع جَمِيع الْأَيَّام من أول (الْحمل) وَقسم كل برج على هَذَا التَّرْتِيب:
(لَا وَلَا لب لَا وَلَا لَا سِتَّة أشهر ... )
(لل كط وكط لل الْأَشْهر القصيرة ... )
وَحَيْثُ تَنْتَهِي يكون برج الشَّمْس ودرجتها، ومثلا إِذا أردْت معرفَة برج الشَّمْس ودرجتها بتاريخ الْحَادِي عشر من ذِي الْحجَّة سنة ألف وَوَاحِد وَسبعين لِلْهِجْرَةِ، فَاعْلَم أَنه بِهَذَا التَّارِيخ وبحسابات الْهِنْد قد تحولت الشَّمْس إِلَى برج (الْحمل) وَعَلِيهِ يكون شهر رَجَب ثَلَاثِينَ يَوْمًا، إِذا يبقي مِنْهُ اثْنَا عشر يَوْمًا، وَشَعْبَان تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ورمضان ثَلَاثِينَ يَوْمًا وشوال تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَذي الْقعدَة ثَلَاثِينَ، وَبِمَا أننا أَخذنَا تَارِيخ الْحَادِي عشر من ذِي الْحجَّة فَإِن جملَة الْأَيَّام هِيَ مائَة وَوَاحِد وَأَرْبَعين يَوْمًا. فَيمكن حِسَاب الْأَيَّام الْبَاقِيَة عَن طَرِيق (لَا وَلَا لب إِلَى آخِره) وَقسمهَا، أَي أَن (الْحمل) يصبح وَاحِد وَثَلَاثِينَ، والثور وَاحِد وَثَلَاثِينَ والجوزاء اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ والسرطان وَاحِد وَثَلَاثِينَ وَالْبَاقِي عَن الْقِسْمَة هُوَ سِتَّة عشر، فَاعْلَم أَنه بتاريخ الْحَادِي عشر من شهر ذِي الْحجَّة من تِلْكَ السّنة كَانَت الشَّمْس فِي برج الْأسد فِي الدرجَة السَّادِسَة عشر مِنْهُ، وَإِذا أردْت توضيحا ل (لَا وَلَا لب ... إِلَى آخِره) فاطلبه فِي مَحَله، وَلَك فِي معرفَة مَوضِع الشَّمْس أيسر الطّرق فِي الْفَيْء، فَعَلَيْك الْفَيْء إِلَى الْفَيْء.
وَاعْلَم أَيهَا الطَّالِب الصَّادِق، اكْتُبْ هَذَا النقش فِي سَاعَة الشَّمْس لسعة الرزق وازدياد الْعِزَّة وَالْوَقار وَدفع نظر الْجِنّ وَالْبَلَاء فَإِنَّهُ مجرب هَكَذَا (115 آملم اااهه و) وَقد قَالَ قَائِل فِي طَرِيق كِتَابَة هَذَا النقش. (صفر وَثَلَاثَة ألفات لَهَا مُدَّة على رَأسهَا ... وَمِيم ملتوية ورقعة نرد بمدخلين)
(ثمَّ أَرْبَعَة ألفات وهه وواو معكوسه ... وَهَذَا هُوَ الِاسْم الْأَعْظَم لله الْأَكْبَر)
وَهَذَا المنقوش مَرْوِيّ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه، وَقَالُوا أَن هَذَا شكل سُورَة الْفَاتِحَة الَّتِي هِيَ سبع آيَات وَرَأَيْت مقَام الصفر صفرا هَكَذَا فِي بعض الْكتب.

الفطرة

الفطرة: الجبلة المتهيئة لقبول الدين، كذا عبر ابن الكمال. وقال الراغب: هي ما ركب الله في الإنسان من قوته على معرفة الإيمان. وقال الشريف: الخلقة التي جبل عليها الإنسان.
الفطرة:
[في الانكليزية] Nature ،instinct ،natural disposition ،primitiveness
[ في الفرنسية] Nature ،instinct ،disposition naturelle ،etat primitif
بالكسر وسكون الطاء في الحديث (وكلّ مولود يولد على الفطرة ثم أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه)، اختلفوا في معناها فيه. فقال قوم: الفطرة الخلقة من الفاطر الخالق وأنكروا أن يكون المولود يفطر على كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار، وإنّما يولد المولود على السّلامة في الأغلب خلقا وطبعا وهيئة ليس فيها إيمان ولا كفر ولا إنكار ولا معرفة، يعتقدون الإيمان أو غيره إذا ميّزوا. واحتجوا بقوله في الحديث (كما تنتج البهيمة) الحديث. فالأطفال حين الولادة كالبهائم السليمة فلمّا بلغوا استهونهم الشيطان فكفر أكثرهم إلّا من عصمه الله تعالى، ولو فطروا على الإيمان أو الكفر في أول أمرهم لما انتقلوا عنه أبدا، فقد نجدهم مؤمنين ثم يكفرون ثم يكونون كافرين ثم يؤمنون، ويستحيل أن يكون الطفل في وقت ولادته يعقل شيئا لأنّ الله تعالى أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئا، فمن لا يعلم شيئا استحال منه كفر وإيمان ومعرفة وإنكار. قال ابن عمر: هذا القول أصحّ ما قيل في معنى الفطرة هاهنا والله أعلم. وقال قوم إنّما قال كلّ مولود يولد على الفطرة قبل أن ينزل الفرائض لأنّه لو كان يولد على الفطرة ثم مات أبواه قبل أن يهوّدانه أو ينصّرانه لما كان يرثهما، فلمّا نزلت الفرائض علم أنّه يولد على دينهما. وقال قوم؛ الفطرة هاهنا بمعنى الإسلام لأنّ السّلف أجمعوا في قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها أنّها دين الإسلام.
وقال قوم معنى الفطرة فيه البدأة التي أبدأهم عليها، أي على ما فطر الله تعالى خلقتهم عليه، من أنّه أبدأ لهم الحياة والموت والسعادة والشقاوة، وإلى ما يصيرون إليه بعد البلوغ من قبولهم من آبائهم واعتقادهم. وقال قوم معنى ذلك أنّ الله تعالى قد فطرهم على الإنكار والمعرفة وعلى الكفر والإيمان فأخذ من ذرية آدم عليه السلام الميثاق حين خلقهم فقال ألست بربّكم قالوا بلى. فأمّا أهل السعادة فقالوا بلى على معرفته طوعا من قلوبهم. وأمّا أهل الشقاوة فقالوا بلى كرها لا طوعا. وقال قوم معنى الفطرة ما أخذ الله من الميثاق على الذّرّية وهم في أصلاب آبائهم. وقال قوم الفطرة ما يقلب الله تعالى قلوب الخلق إليه بما يريدون. وقال ابن عمر: هذا القول وإن كان صحيحا في الأصل فإنّه أضعف الأقاويل من جهة اللغة في معنى الفطرة والله أعلم، كذا في العيني شرح صحيح البخاري.

الثّقل

الثّقل: بِالْكَسْرِ وَفتح الْقَاف يسْتَعْمل فِي الْمعَانِي وبسكونه فِي الْأَجْسَام. وَقَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَة المطول الثّقل بِكَسْر الثَّاء وتحريك الْعين ضد الخفة وَهُوَ مصدر وبتسكينه الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ والثقل عِنْد الْحُكَمَاء هُوَ الْميل إِلَى المركز.
(الثّقل) ثقل الشَّيْء وَزنه وَالْحمل الثقيل وَمَا يشق على النَّفس من دين أَو ذَنْب أَو نَحْوهمَا (ج) أثقال وأثقال الأَرْض مَا فِي جوفها وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وأخرجت الأَرْض أثقالها}

(الثّقل) الْمَتَاع وَالشَّيْء النفيس الخطير وَفِي الحَدِيث (إِنِّي تَارِك فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وعثرني) (ج) أثقال والثقلان الْجِنّ وَالْإِنْس وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان}
الثّقل:
[في الانكليزية] Weight ،mass ،gravity ،heaviness
-
[ في الفرنسية] Poids ،masse ،pesanteur ،lourdeur
بالكسر وسكون القاف ضد الخفة ويسمّيهما أي الثقل والخفة المتكلمون اعتمادا، ويسمّيهما الحكماء ميلا طبعيا على ما في شرح الطوالع. قال شارح حكمة العين وفي الحواشي القطبية الثّقل قوة طبعية يتحرّك بها الجسم إلى حيث ينطبق به مركز ثقله على مركز العالم لو لم يعقه عائق. وقد يقال على الطبيعة المقتضية له وعلى المدافعة الحاصلة بالاشتراك.
وكذا الخفّة انتهى. فالخفّة قوة طبعية يتحرك بها الجسم إلى المحيط لو لم يعقه عائق. وقد يقال على الطبيعة المقتضية له، وعلى المدافعة الحاصلة. فمن فسّر الميل بنفس المدافعة التي هي من الكيفيات الملموسة فسّرهما بنفس المدافعة. ومن لم يفسّره بها بل بمبدإ المدافعة فسّرهما بمبدإ المدافعة.
قال القائلون بأنّ الميل هو مبدأ المدافعة الحركة لها مراتب متفاوتة بالشّدّة والضعف، ونسبة المحرّك الذي هو الطبيعة إلى تلك المراتب على السّويّة فيمتنع أن يصدر عن ذلك المحرّك شيء من تلك المراتب إلّا بتوسّط أمر ذي مراتب متفاوتة في الشدّة والضعف ليتعيّن بكلّ واحدة من هذه المراتب صدور مرتبة معينة من الحركة، وذلك الأمر هو الميل.
وأجاب عنه الإمام الرازي بأنّ الطبيعة قوّة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه. فكلّما كان الجسم أكبر كانت طبيعته أقوى. وكلّما كان أصغر كانت طبيعته أضعف، فلم يلزم أن يكون للمدافعة مبدأ مغاير للطبيعة حتى يسمّى بالميل والاعتماد. وأما تسمية الطبيعة بالميل والاعتماد فبعيد جدا فلا وجود للميل، هكذا في شرح التجريد وشرح المواقف. ويفهم من هذا بعد تعمّق النظر أنّ القائلين بأنّ الميل مبدأ المدافعة بعضهم على أن الميل هو الطبيعة على ما يدلّ عليه كلام الإمام والحواشي القطبية، وبعضهم على أنّه أمر آخر بواسطة تقتضي بها الطبيعة الحركة المتفاوتة والمدافعة، ففهم من هذا أنّ ما ذكر في الحواشي القطبية من المعاني الثلاثة للثقل والخفّة مبني على إختلاف المذاهب. فلو ترك قوله بالاشتراك لكان أولى إذ ليس لهما بالحقيقة إلّا معنى واحد لكنه مختلف فيه.
التقسيم
كل من الثقل والخفة إمّا مطلقان أو إضافيان. فالثقل المطلق كيفية تقتضي حركة الجسم إلى حيث ينطبق مركز ثقله على مركز العالم كالأرض. والثقل الإضافي كيفية تقتضي حركه الجسم إلى جانب المركز في أكثر المسافة الممتدّة بين المركز والمحيط لكنه لا يبلغ المركز كالماء. والخفة المطلقة كيفية تقتضي حركة الجسم إلى حيث ينطبق سطحه على سطح مقعّر فلك القمر كالنار. والخفة الإضافية كيفية تقتضي حركته إلى جانب المحيط في أكثر المسافة الممتدّة بين المركز والمحيط لكنه لا يبلغ المحيط كالهواء. قيل هذا يقتضي أنّ الأرض لو فرض إخراجها عن مكانها لا يصل الماء إلى مركز العالم وفيه بعد. وفي حواشي شرح التذكرة أنّ الماء أيضا طالب للمركز على الإطلاق بحيث لو لم تكن الأرض لسال الماء إلى مركز العالم، إلّا أنّ الأرض قد سبقت الماء بالوصول إلى المركز لأنّ ذلك الطلب فيها أقوى فغلبت على الماء فصارت مانعة لوصول الماء إلى المركز.
وكذا الكلام في الهواء والنار من أنّ أحدهما طالب له على الإطلاق والآخر طالب له لا على الإطلاق، أو أنّ كليهما طالب له على الإطلاق، إلّا أنّ ذلك الطلب في أحدهما أقوى، كذا ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الچغمني. ويؤيّد هذا زيادة قيد لو لم يعقه عائق في تعريف الثقل المنقول من الحواشي القطبية.
ثم إنّه لا يخفى أنّ هذا التقسيم إنما هو للثقل والخفة بالتفسير الأول والثاني من التفاسير الثلاثة المذكورة. ويمكن أيضا اعتباره فيهما بالقياس إلى التفسير الأخير كما لا يخفى.

خَلْفُ

خَلْفُ، أو الخَلْفُ: نَقيضُ قُدَّامَ، والقَرْنُ بَعْدَ القَرنِ، ومنه: هؤُلاءِ خَلْفُ سُوءٍ،
وـ: الرَّدِيءُ من القَوْلِ، والاسْتِقاءُ، وحَدُّ الفَأسِ أو رَأسُهُ، ومَنْ لا خَيْرَ فيه، والذينَ ذَهَبُوا مِنَ الحَيِّ، ومَنْ حَضَرَ منهم، ضدٌّ، وهُمْ خُلوفٌ،
وـ: الفَأْسُ العَظِيمَةُ؛ أو بِرَأْسٍ واحِدٍ، وَرَأْسُ المُوسَى، (والنَّسْلُ) ، وأقْصَرُ أضْلاعِ الجَنْبِ، ج: خُلوفٌ،
وـ: المِرْبَدُ، أو الذي وراءَ البَيْتِ، والظَّهْرُ، والخَلَقُ من الوِطابِ،
ولَبِثَ خَلْفَهُ: بَعْدَهُ، وبالكسرِ: المُخْتَلِفُ،
كالخِلْفَةِ، واللَّجُوجُ، والاسْمُ من الاسْتِقاءِ،
كالخِلْفَةِ، وما أنْبَتَ الصَّيْفُ من العُشْبِ، وما وَلِيَ البَطْنَ من صِغارِ الأضْلاعِ، وحَلَمَةُ ضَرْعِ النَّاقَةِ أو طَرَفُهُ، أو المُؤَخَّرُ من الأطْباءِ، أو هو لِلنَّاقَةِ كالضَّرْعِ لِلشَّاةِ.
ووَلَدَتِ الشاةُ خِلْفَيْنِ: وَلَدَتْ سَنَةً ذَكَراً وسَنَةً أُنْثَى.
وذاتُ خِلْفَيْنِ، ويُفْتَحُ: اسْمُ الفَأسِ، ج: ذَواتُ الخِلْفَيْنِ. وككَتِفٍ: المَخاضُ، وهي الحَوامِلُ من النُّوقِ، الواحِدَةُ: بهاءٍ، وبالتَّحْريكِ: الوَلَدُ الصالِحُ، فإذا كان فاسِداً أُسْكِنَتِ اللامُ، ورُبَّما اسْتُعْمِلَ كُلٌّ منهما مَكانَ الآخَرِ، يُقالُ:
هو خَلْفُ صِدْقٍ من أبيه: إذا قامَ مَقامَهُ، أو الخَلْفُ، وبالتَّحْريكِ سَواءٌ.
اللَّيْثُ: خَلْفٌ لِلأشْرارِ خاصَّةً، وبالتَّحْريكِ: ضِدُّهُ.
وما اسْتَخْلَفْتَ من شيءٍ، ومَصْدَرُ الأخْلَفِ لِلْأَعْسَرِ، والأحْوَلِ، ولِلمُخالِفِ العَسِرِ الذي كأنَّهُ يَمْشِي على شِقٍّ. وخَلَفُ بنُ أيُّوبَ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ خالِدٍ، وابنُ خَليفَةَ، وابنُ سَالِمٍ، وابنُ مَهْدَانَ، وابنُ مُوسى، وابنُ هِشامٍ، وابنُ محمدٍ، وابنُ مَهْرانَ: مُحَدِّثونَ. وأبو خَلَفٍ: تابِعِيَّانِ.
وخُلُفٌ، بضَمَّتَيْنِ: ة باليمنِ.
والأخْلَفُ: الأحْمَقُ، والسَّيْلُ، والحَيَّةُ الذَّكَرُ، والقَليلُ العَقْلِ.
والخُلْفُ، بالضم: الاسمُ من الإِخْلافِ، وهو في المُسْتَقْبَلِ، كالكَذِبِ في الماضي، أو هو أنْ تَعِدَ عِدَةً ولا تُنْجِزَها،
وـ: جَمْعُ الخَلِيفِ في مَعانِيهِ. وكزُبَيْرٍ: ابنُ عُقْبَةَ، من تَبَعِ التابِعِينَ.
والخِلْفَةُ، بالكسرِ: الاسمُ من الاخْتِلافِ، أو مَصْدَرُ الاخْتِلافِ، أي: التَّرَدُّدِ.
و {جَعَلَ الليلَ والنهارَ خِلْفَةً} ، أي: هذا خَلَفٌ من هذا، أو هذا يأتِي خَلْفَ هذا، أو معناهُ: مَنْ فاتَهُ أمرٌ بالليلِ أدْرَكَهُ بالنهارِ، وبالعَكْسِ.
والخِلْفَةُ أيضاً: الرُّقْعَةُ يُرْقَعُ بها، وما يُنْبِتُهُ الصَّيْفُ من العُشْبِ، وزَرْعُ الحُبوبِ خِلْفَةٌ، لأنه يُسْتَخْلَفُ من البُرِّ والشَّعيرِ، واخْتِلافُ الوُحوشِ مُقْبِلَةً مُدْبِرَةً، وما عُلِّقَ خَلْفَ الراكِبِ، وما يَتَفَطَّرُ عنه الشَّجَرُ في أوَّلِ البَرْدِ، أو ثَمَرٌ يَخْرُجُ بعدَ ثَمَرٍ، أو نَباتُ وَرَقٍ دونَ ورَق، وشيءٌ يَحْمِلُهُ الكَرْمُ بعدما يَسْوَدُّ العِنَبُ، فَيُقْطَفُ العِنَبُ وهو غَضٌّ أخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك هو من سائِرِ الثَّمَرِ، أو أنْ يأتِيَ الكَرْمُ بِحِصْرِمٍ جَديدٍ،
وـ: أنْ يُناظِرَ الرجُلُ الرجُلَ، فإذا غابَ عن أهْلِهِ خالَفَهُ إليهم، والدَّوابُّ التي تَخْتَلِفُ، وما يَبْقَى بين الأَسْنانِ من الطَّعامِ، والهَيْضَةُ، ووَقْتٌ بعدَ وقْتٍ، ونَبْتٌ يَنْبُتُ بعدَ نَبْتٍ، أو يَنْبُتُ من غيرِ مَطَرٍ، بَلْ بِبَرْدِ آخِرِ اللَّيْلِ، والقوْمُ المُخْتَلِفونَ، والمُخالَفَةُ، ويُضَمُّ، وله ولَدَانِ، أو عَبْدانِ،
أو أمَتانِ خِلْفَتانِ وخِلْفَانِ: إذا كان أحَدُهُما طَويلاً والآخَرُ قَصيراً، أو أحَدُهُما أبيضَ والآخَرُ أسْوَدَ، ج: أخلافٌ وخِلَفَةٌ.
وكلُّ لَوْنَيْنِ اجْتَمعا فَهُما: خِلْفَةٌ.
وخِلْفَةُ الإِبِلِ: أن يُورِدَها بالعَشِيِّ بعدَما يَذْهَبُ الناسُ.
ومن أيْنَ خِلْفَتُكُمْ: من أيْنَ تَسْتَقُونَ.
وأخَذَتْهُ خِلْفَةٌ: كثُرَ تَرَدُّدُهُ إلى المُتَوَضَّأ، وبالضم: العَيْبُ، والحُمْقُ،
كالخَلافَةِ، كَسَحابَةٍ، والعَتَهُ، والخِلافُ،
وـ من الطَّعامِ: آخِرُ طَعْمِهِ، وبالفتح (وكصُرَدٍ) : ذَهابُ شَهْوَةِ الطَّعامِ من المَرَضِ،
ومَصْدَرُ خَلَفَ القَميصَ: إذا أخْرَجَ بالِيَهُ ولَفَقَهُ.
والمِخْلافُ: الرجُلُ الكثيرُ الإِخْلافِ، والكُورَةُ، ومنه: مَخاليفُ اليمنِ.
ورجُلٌ خالِفَةٌ: كثيرُ الخِلافِ،
وما أدْري أيُّ خالِفَةٍ هو، مَصْروفَةً ومَمْنوعَةً،
وأيُّ الخَوالِفِ هو، وأيُّ خافِيَةٍ، أيْ: أيُّ الناسِ.
وهو خالِفَةُ أهْلِ بَيْتِهِ،
وخالِفُهُم: غيرُ نجيبٍ لا خَيْرَ فيه.
والخَوالِفُ: النساءُ، قال الله تعالى: {مع الخَوالِفِ} ، والأراضي التي لا تُنْبِتُ إلا في آخِرِ الأرَضِينَ.
والخالِفَةُ: الأحمقُ،
كالخالِفِ، والأمَّةُ الباقِيَةُ بعدَ الأُمَّةِ السَّالِفَةِ، وعَمُودٌ من أعْمِدَةِ البيتِ في مُؤَخَّرِه.
والخالِفُ: السِّقاءُ،
كالمُسْتَخْلِفِ، والنَّبِيذُ الفاسدُ، والذي يَقْعُدُ بعدَكَ، قال الله تعالى: {مع الخالِفِينَ} .
والخِلِّيفَى، بكسر الخاءِ واللامِ المُشَدَّدَةِ: الخِلافةُ. وكأَميرٍ: الطريقُ بين الجَبَلَيْنِ، أو الوادي بينهما، ومنه: ذِيخُ الخَلِيفِ، أو مَدْفَعُ الماءِ، والطريقُ في الجبلِ أيّاً كانَ، أو الطريقُ فقطْ، والسَّهْمُ الحديدُ الطَّريرُ، والثوبُ يُشَقُّ وسَطُهُ فَيُوصَلُ طَرَفاهُ، والناقةُ في اليومِ الثاني من نِتاجِها، يقالُ: رَكِبها يومَ خَليفِها، واللَّبَنُ بعدَ اللِّبَأِ، جمعُ الكلِّ: ككُتُبٍ،
وـ: جبلٌ،
وة بين مكةَ واليَمنِ، والمَرْأةُ التي أسْبَلَتْ شَعَرَها خَلْفَهَا.
وخَليفَا الناقَةِ: ما تَحْتَ إبْطَيْها، لا إبْطاها، ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ.
والخَليفَةُ: جَبَلٌ مُشْرِفٌ على أجْيادٍ الكَبِيرِ، وبِلا لامٍ: ابنُ عَدِيٍّ الأنْصارِيُّ الصَّحابِيُّ، أو هو عَليفَةُ، وابنُ كَعْبٍ، وابنُ حُصَيْنٍ، وأبو خَليفَةَ، وابنُ خَيَّاطٍ البَصْرِيُّ، وفِطْرُ بنُ خَلِيفَةَ: مُحَدِّثونَ.
والخَليفَةُ: السُّلْطانُ الأعْظَمُ، ويُؤَنَّثُ،
كالخَلِيفِ، ج: خَلائِفُ وخُلَفاءُ.
وخَلَفَهُ خِلافَةً: كان خَليفَتَهُ، وبَقِيَ بَعْدَهُ،
وـ فَمُ الصَّائِمِ خُلوفاً وخُلوفةً: تَغَيَّرَتْ رائحَتُهُ،
كأَخْلَفَ، ومنه: نَوْمَةُ الضُّحَى مَخْلَفَةٌ للفَمِ،
وـ اللَّبَنُ، والطعامُ: تَغَيَّرَ طَعْمُهُ أو رائحَتُهُ،
كأَخْلَفَ،
وـ فلانٌ: فَسَدَ،
وـ: صَعِدَ الجبلَ،
وـ فلاناً: أخَذَه من خَلْفِه،
وـ الله تعالى عليك، أي: كان خَليفَةَ من فَقَدْتَهُ عليك،
وـ بَيْتَهُ: جَعَلَ له عَمُوداً في مُؤَخَّرِه،
وـ أباهُ: صارَ خَلْفَهُ أو مكانَه،
وـ مكانَ أبيهِ خِلافَةً: صارَ فيه دونَ غيره،
وـ الفاكِهَةُ بعضُها بعضاً: صارَتْ خَلَفاً من الأولَى،
وـ رَبَّهُ في أهْلِهِ خِلافَةً: كانَ خَليفةً عليهم،
ط وـ فُوهُ خُلوفاً وخُلوفةً ط، (بضمهما: تَغَيَّرَ) ،
وـ الثوبَ: أصْلَحَهُ،
كأَخْلَفَ، فيهما،
وـ لأِهْلِهِ: اسْتَقَى ماءً،
كاسْتَخْلَفَ وأخْلَفَ،
وـ النَّبيذُ: فَسَدَ،
ويقالُ لمَنْ هَلَكَ له ما لا يُعْتاضُ منه، كالأبِ والأمِّ: خَلَفَ الله عليك، أي: كان عليك خَليفةً، وخَلَفَ الله تعالى عليك خَيْراً، أو بخَيْرٍ، وأخْلَفَ عليك، ولَكَ، خَيْراً، ولِمَنْ هَلَكَ له ما يُعْتاضُ منه: أخْلَفَ الله لَكَ، وعليك، وخَلَفَ الله لَكَ، أَو يَجُوزُ: خَلَفَ الله عليك في المالِ ونحوِهِ، ويَجُوزُ في مُضارِعِهِ: يَخْلَفُ، كَيَمْنَعُ، نادرٌ.
وخَلَفَ عن أصحابِه: تَخَلَّفَ،
وـ فلانٌ خَلافةً، كصَدارَةٍ وصُدُورٍ: حَمُقَ، فهو خالِفٌ وخالِفةٌ،
وـ عن خُلُقِ أَبِيهِ: تَغَيَّرَ عَنه،
وـ فلاناً: صارَ خَليفَتَهُ في أَهْلِهِ.
وخَلِفَ البعيرُ، كفرِحَ: مالَ على شِقٍّ، فهو أَخْلَفُ،
وـ الناقةُ: حَمَلَتْ.
والخِلافُ، ككتابٍ، وشَدَّه لَحْنٌ: صِنْفٌ من الصَّفْصافِ، وليس به، سُمِّيَ خِلافاً لأنّ السَّيْلَ يَجِيءُ به سَبْياً، فَيَنْبُتُ من خِلافِ أَصْلِهِ، ومَوْضِعُه: مَخْلَفَةٌ.
ورجلٌ خِلِّيفةٌ، كبِطِّيخَةٍ،
وخِلَفْنَةٌ، كرِبَحْلَةٍ،
وخِلَفْناةٌ، ونُونُهُما زائدةٌ، وهُما للمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ والجمعِ، أَي: كثيرُ الخِلافِ.
وفي خُلُقِهِ خِلَفَنَةٌ وخِلَفْنَاةٌ، أيضاً،
وخالِفٌ وخالِفَةٌ، وخِلْفَةٌ، بالكسر والضمِ: خِلافٌ. وكَمَرْحَلَةٍ: الطَّريقُ، والمَنْزِلُ،
ومَخْلَفَةُ مِنًى: حيثُ يَنْزِلُ الناسُ. وكمَقْعَدٍ: طُرُقُ الناسِ بِمِنًى حيثُ يَمُرُّونَ.
ورجُلٌ خُلْفُفٌ، كقُنْفُذٍ: أَحْمَقُ، وهي خُلْفُفٌ وخُلْفُفَةٌ.
وأُمُّ الخُلْفُفِ، كقُنْفُذٍ وجُنْدَبٍ: الداهِيَةُ، أَو العُظْمَى.
وأَخْلَفَهُ الوَعْدَ: قال ولم يَفْعَلْهُ،
وـ فلاناً: وجَدَ مَوْعِدَهُ خُلْفاً،
وـ النُّجومُ: أَمْحَلَتْ فلم يكن فيها مَطَرٌ،
وـ فلانٌ لِنَفْسِه: إذا ذَهَبَ له شيءٌ فَجَعَلَ مَكانَهُ آخَرَ،
وـ النَّباتُ: أَخْرَجَ الخِلْفَةَ،
وـ: أَهْوَى بِيَدِهِ إلى السَّيْفِ لِيَسُلَّهُ،
وـ عن البَعيرِ: حَوَّلَ حَقَبَهُ، فجعَلَهُ مِمَّا يَلِي خُصْيَيْهِ، وذلك إذا أَصابَ حَقَبُهُ ثِيلَهُ فاحْتَبَسَ بَوْلُه،
وـ فلاناً: رَدَّهُ إلى خَلْفِهِ،
وـ الله تعالى عليك: رَدَّ عليك ما ذَهَبَ،
وـ الطائِرُ: خَرَجَ له رِيشٌ بعدَ رِيشِهِ الأوّلِ،
وـ الغُلامُ: راهَقَ الحُلُمَ،
وـ الدَّواءُ فلاناً: أَضْعَفَــه.
والإِخْلافُ: أَنْ تُعيدَ الفَحْلَ على النَاقَةِ إذا لم تَلْقَحْ بِمَرَّةٍ.
والمُخْلِفُ: البَعيرُ جازَ البازِلَ، وهي مُخْلِفٌ ومخْلِفَةٌ،
أَو المُخْلِفَةُ: الناقَةُ ظَهَرَ لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم تكن كذلك.
وخَلَّفُوا أَثْقالَهُم تَخْليفاً: خَلَّوْهُ وراءَ ظُهُورِهِم،
وـ بناقَتِه: صَرَّ منها خِلْفاً واحِداً،
وـ فلاناً: جَعَلَهُ خَليفَتَهُ،
كاسْتَخْلَفَه.
والخِلافُ: المُخالَفَةُ، وكُمُّ القَميصِ.
وهو يُخالِفُ فُلانَةَ، أَي: يأتيها إذا غابَ زَوْجُها.
وخالَفَها إلى مَوْضِعٍ آخَرَ: لازمَهَا.
وَتَخَلَّفَ: تأخَّرَ.
واخْتَلَفَ: ضِدُّ اتَّفَقَ،
وـ فلاناً: كانَ خَليفَتَهُ،
وـ إلى الخَلاءِ: صارَ به إسْهالٌ،
وـ صاحبَهُ: باصَرَه، فإذا غابَ دَخَلَ على زَوْجَتِهِ.

وهى

وهى:
استوهى: صعب عليه التحقيق أو التثبت (المقدمة 2:197:2).
واه: هش (بقطر).
واه: خفيف، قليل الأهمية، قليل الاعتبار (بقطر). حكاية تافهة (المقدمة 25:1 و 10:27).
ثمن واه: سعر باهظ Prix exorbitant ( بقطر).
(وهى) الرجل (يهي) وهيا ووهيا حمق وَضعف والحائط تشقق وهم بالسقوط وَالثَّوْب تخرق وَانْشَقَّ ورباط الشَّيْء استرخى والسحاب انفجر شَدِيدا بالمطر فَهُوَ واه (ج) للعاقل وهاة وَلغيره وَهِي
وهى
الوَهْيُ: شقّ في الأديم والثّوب ونحوهما، ومنه يقال: وَهَتْ عَزَالَيِ السّحابِ بمائها ، قال تعالى: وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ
[الحاقة/ 16] وكلُّ شيءٍ استرخى رباطه فقد وَهِيَ.
[وهى] وَهى السِقاءُ يَهي وَهْياً، إذا تخرَّقَ وانشقَّ. وفي السقاءِ وَهْيٌ بالتسكين، ووُهَيَّةٌ أيضاً على التصغير، وهو خرقٌ قليلٌ. وفي المثل: خَلِّ سبيلَ مَنْ وَهى سقاؤه * ومَنْ هُريقَ بالفلاة ماؤه يضرب لمن لا يستقيم أمره. ووهى الحائط، إذا ضعف وهم بالسقوط.قال: ضربَه فأوْهَى يدَه، أي أصابها كسرٌ أو ما أشبه ذلك. ووهت عزالى السماء بمائها، وكذلك كل شئ استرخى رِباطه. وأَوْهَيْتُ السقاءَ فوَهى، وهو أن يَتَهَيَّأَ للتخرُّق. يقال: أَوْهَيْتَ وَهْياً فارْقَعْهُ. وقولهم: " غادَرَ وَهْيَةً لا تُرْقَعُ "، أي فَتْقاً لا يقدر على رتقه.
(وه ى)

الوَهْىُ: الشق فِي الشَّيْء، وَجمعه وُهِىٌّ، وَقيل: الوُهِىُّ: مصدر مَبْنِيّ على فعول، وَحكى ابْن الْأَعرَابِي فِي جمع وهى أوْهِيَة، وَهُوَ نَادِر، وَأنْشد:

حَمَّالُ ألْوِيَةٍ شَهَّادُ أنْجِيَةٍ ... سَدَّادُ أوْهِيَةٍ فَتَّاحُ أسْدادِ

ووَهَى الشَّيْء ووَهِىَ يَهِي فيهمَا جَمِيعًا، وَهْياً فَهُوَ واهٍ: ضعف، قَالَ ابْن هرمة:

فإنَّ الغيثَ قَدْ وَهِيَتْ كُلاهُ ... بِبَطْحاءِ السَّيالَةِ فالنَّظيمِ

وَالْجمع وُهِىٌّ.

وأوْهاهُ: أضعفــه.

وكل مَا استرخى رباطه فقد وَهَى، وَيُقَال للسحاب إِذا انبثق انبثاقا شَدِيدا: قد وَهَتْ عزاليه قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

وَهَى خَرْجُه واستُجِيلَ الرَّبا ... بُ منهُ وغَرِّمَ مَاء صَريحا والوَهِيَّةُ: الدُّرَّةُ، سميت بذلك لثقبها، لِأَن الثقب مِمَّا يضعفها، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَأنْشد:

فَحَطَّتْ كَمَا حَطَّتْ وَهِيَّةُ تاجِرٍ ... وَهَى نَظْمُها فارفَضَّ مِنها الطَّوائفُ

قَالَ: ويروى: " وَنِيَّة تَاجر " وَهِي درة أَيْضا، وَسَيَأْتِي ذكرهَا فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله.

وه

ى1 وَهَى

It was, or became, much slit, or rent. (Msb.) b2: It was, or became, lax, flaccid, or flabby: (Msb:) or weak; said of a rope, (Mgh,) or other thing: or it fell. (Msb.) See وَاهٍ. b3: وَهَِىَ It was, or became, uncompact, unsound, or weak. b4: وَهَى أَمْرُهُ [His affair, or case, was, or became, in a weak, or an unsound, state]. (TA, art.نغض, &c.) وَاهٍ

Lax; weak: frail; wanting in strength, compactness, firmness, or toughness; unsubstantial; unsound. See an ex. in the S, voce أُنْشُوطَةٌ, where it is applied to love, or affection. b2: وَاهًا: see an ex. voce نُغْبَةٌ; and see آهِ, in art. اوه, in two places.

شين

ش ي ن

هو فعل شائن، وهذه شائنة من الشوائن. ووجهك شين، ووجهي زين.
ش ي ن: (الشَّيْنُ) ضِدُّ الزَّيْنِ وَقَدْ (شَانَهُ) مِنْ بَابِ بَاعَ.
ش ي ن : شَانَهُ شَيْنًا مِنْ بَابِ بَاعَ وَالشَّيْنُ خِلَافُ الزَّيْنِ وَفِي حَدِيثٍ «مَا شَانَهُ اللَّهُ بِشَيْبٍ» وَالْمَفْعُولُ مَشِينٌ عَلَى النَّقْصِ. 
الشين والنون والياء ش ي ن

الشِّيْنُ خلافُ الزَّيْن وقد شَانَه والشِّينُ حَرْفُ هِجَاءٍ وهو حرْفٌ مَهْمُوسٌ يكونُ أصْلاً لا غَيْرُ وشَيَّن شِيناً عَمِلَها عن ثَعْلبٍ

شين


شَانَ (ي)(n. ac. شَيْن)
a. Defaced, disfigured; dishonoured; disgraced.

شَيْنa. Blemish, disfigurement; dishonour, disgrace.

شِيْنa. Shīn; the thirteenth letter of the alphabet.

شَائِن []
a. Dishonourable, disgraceful, shameful.
شَيِّن [ ]
a. Ugly, disfigured.
b. Dishonouring, shameful.
[شين] نه: فى ح أنس: ما "شانه" الله ببيضاء، الشين العيب، جعله عيبًا وليس به ففي الحديث أنه وقار ونور، والجمع أنه جعل شيب أبي قحافة كالثغامة وأمر بتغييره وكرهه فعلم أنس ذلك من عادته فقاله ولم يسمع الحديث الآخر، ولعل أحدهما ناسخ للآخر. ج: ومنه: يريد "سينه". وح: ذمى "شين". ط: ما كان الفحش في شيء إلا "شأنة" أي لو قدر كونه في شيء ماحتى الجماد عابه وجعله قبيحًا. 
[شين] الشَيْنُ: خلاف الزَيْنِ. يقال: شانه يشينه. والمشاين: المعايب والمقابح.

وقول لبيد:

يشين صحاح البين كلَّ عَشِيَّةٍ ... بِعودِ السَراءِ عند بابٍ مُحَجَّبِ

يريد أنّهم يتفاخَرون ويحطُّونَ بقسيِّهم على الأرض فكأنّهم شانوها بتلك الخطوط.

والشين: حرف من حروف المعجم. المجلد السادس ...
شين: شيَّن: أضعف، أنحف (هلو).
شَيْن: عيب، عار (بوشر، فليشر في تعليقه على المقري 2: 379، بريشت ص307).
شِينَة: قبيحة (دوماس حياة العرب ص182)
شِينى وشينية، وجمعها شَوَانٍ وشواني: قادس، سفينة شراعية حربية. (معجم الادريسي، معجم الأسبانية ص 277 - 278).
شيان: دم التنين، دم الثعبان (ابن البيطار 1: 426) في مادة: دم الأخوين، وفيه: يقال له الشيان أيضاً. (ابن البيطار 2: 117، معجم المنصوري في مادة دم الأخوين، ابن ليون ص43 ق).
شيان في (الأندلس): النوع الكبير من حيّ العالم، ففي ابن البيطار (2: 117): وأما عامة الأندلس فيوقعون هذا الاسم على النوع الكبير من حيّ العالم. وفي لبن ليون (ص43 ق): الشيان هو العالم الكبير. وفي معجم المنصوري: حيّ العالم ويسمى في المغرب شيان الدور. وفي المستعيني: حيّ العالم هو شيّانة، منه صغير وكبير ويسمى الكبير بلغة الأندلس الشيانَة والصغير عنب السقوف.
وأرى أن الكالا ينطق هذه الكلمة على الطريقة الغرناطية فهي عنده (( Xaina)) شيَّانة: انظر ما تقدم. حرف الصاد:
شين
شانَ يَشين، شِنْ، شَيْنًا، فهو شائن، والمفعول مَشين
• شانَ موقفَه: شوّهه وعابه، عكسه زانه "فِعلٌ/ سلوكٌ شائن: مخجل مُخزٍِ، يحطّ من القدر- اتّهام شائن: مهين محقِّر- مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ [حديث] ". 

أشانَ يُشين، أَشِنْ، إشانةً، فهو مُشِين، والمفعول مُشان
• أشان موقفَه: شانه، شوَّهه وعابه "فعل مُشين: قبيح". 

إشانة [مفرد]: مصدر أشانَ. 

شائن [مفرد]: اسم فاعل من شانَ. 

شَيْن [مفرد]: مصدر شانَ. 

مَشين [مفرد]: اسم مفعول من شانَ. 

مُشين [مفرد]: اسم فاعل من أشانَ. 
شين
: ( {شَانَهُ} يَشِينُهُ) {شَيْناً: (ضِدُّ زَانَهُ) أَي عابَهُ.
(} والشِّينُ) ، بالكسْرِ: (مِن الحُروفِ) الهِجائِيَّةِ (المَهْمُوسةِ، وَلها حَظٌّ من التَّنْغِيمِ والتَّفْشِيَةِ) يكونُ أصْلاً لَا غَيْر، (مَخْرَجُها) مِن (الشَّجْرِ، وَهُوَ مَفْرَجُ الفَمِ) جوَار مَخْرَج الجِيم، وَلذَا يُقالُ لَهَا شَجَرِيَّة، يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ.
( {وشَيَّنَ} شِيناً حَسَنَةً) : أَي (كَتَبَها) .
وقالَ ثَعْلَب: أَي عَمِلَها.
وَفِي التَّهْذيبِ: وَقد شَيَّنَ شِيناً حَسَناً، والجَمْعُ {أَشْيانٌ} وشِينَات.
(والشَّاذُ بنُ {شِينٍ: مُحدِّثٌ) رَوَى عَن قتيبَةَ، وَعنهُ عليُّ بنُ موسَى البريعيّ حدِيثاً مُنْكراً؛ قالَهُ الأميرُ.
(} والمَشايِنُ: المَعايِبُ) والمَقابِحُ؛ عَن الفرَّاءِ، وَهُوَ جَمْعُ شينٍ على غيرِ قِياسٍ.
( {وشانَةُ: ة بمِصْرَ.
(و) أَبو عليِّ بنُ (إدْريس بنِ بَسَّامٍ} الشِّينِيُّ، بالكسْرِ) ، العَبْدرِيُّ (شاعِرٌ أَنْدَلْسِيّ) بعْدَ الأَرْبَعِين والأَرْبَعمائَة؛ وقالَ الحافِظُ: هُوَ لَقَبٌ لَهُ. وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{الشِّيْنُ، بالكسْرِ: الرَّجلُ الكبيرُ الرقاعِ، عَن الخَليلِ، وأَنْشَدَ:
إِذا مَا الصلب ماهَ بحَاجِبَيْه فأَنْت} الشِّيْن تَفْخَرُ بالرقاعِنَقَلَه المصنِّفُ فِي البَصَائِر.
{والشِّيْنُ أَيْضاً: قَرْيةٌ بمِصْرَ.
} والشِّيْنُ: المَرْكَبُ الطَّويلُ، وَبِه لُقِّبَ إدْريسٌ المَذْكُور.
وقيلَ: هُوَ فعلٌ {شائِنٌ، وَهَذِه شائِنَةٌ من} الشَّوائِنِ.
ووجْهُهُ! شَيْنٌ أَي قَبيحٌ ذُو شَيْنٍ؛ نَقَلَه الأَزْهرِيُّ، رحِمَه اللهاُ تَعَالَى

شين

1 شَانَهُ, aor. ـِ (S, Msb, K, &c.,) inf. n. شَيْنٌ, (S, * Msb, TA,) He, or it, disgraced him, or dishonoured him; rendered him ugly or unseemly, disfigured him, or blemished him; (MA, PS;) i. q. عَابَهُ; (Msb, TA;) contr. of زَانَهُ; (S, * K;) [and ↓ شيّنهُ, inf. n. تَشْيِينٌ, signifies the same, (the verb alone rendered by Freytag, on the authority of Meyd, “dehonestavit,”) like as the contr. زيّنهُ signifies the same as زَانَهُ.] b2: The saying of Lebeed, يَشِينُ صَحَاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّةٍ

بِعُوجِ السَّرَآءِ عِنْدَ بَابٍ مُحَجَّبِ [They deface what is unmarred of the deserts, every evening, with the crooked things (i. e. the bows) of the wood of the tree called سَرَآء, at a veiled door, (referring to a company of men, and therefore the verb is sing.,)] means that they vie, one with another, in glorying, or boasting, and make marks, or lines, with their bows, upon the ground, as though they disfigured it (شَانُوهَا) with those marks, or lines. (S.) 2 شَيَّنَ see 1.

A2: شيّن شِينًا حَسَنًا (T, TA) or حَسَنَةً (K) He made, (Th, TA,) or wrote, (K,) a beautiful ش. (Th, K, TA.) شَيْنٌ is the contr. of زَيْنٌ: (S, Msb;) and ↓ مَشَايِنُ [in the CK مَشائِن] is an anomalous pl. thereof: (TA:) the latter signifies Disgraces or dishonours, i. e. things, or qualities, that cause to be disgraced or dishonoured; things that render ugly or unseemly, that disfigure, or that blemish; syn. مَعَايِبُ, (S, K, TA,) and مَقَابِحُ; (S, TA;) on the authority of Fr.: (TA:) [↓ شَائِنَةٌ, also, signifies the same; and its pl. is شَوَائِنُ;] one says هٰذِهِ شَائِنَةٌ مِنَ الشَّوَائِنِ [This is one of the things that disgrace or dishonour, &c.]. (TA.) b2: [It is also used as epithet, like as is its contr. زَيْنٌ:] one says, وَجْهُهُ شَيْنٌ, i. e. His face is ugly, or unseemly; for ذُو شَيْنٍ; mentioned by Az. (TA.) شِينٌ One of the letters of the alphabet, (S, K,) [i. e. the name of that letter; (see art. ش,)] of the letters termed مَهْمُوسَة [expl. in art. ش], with somewhat of التَّنْغِيم and التَّغْشِيَة [app. meaning that kind of utterance which is undertoned, and muffled, exactly like our “ sh ”], its place of utterance being the شَجْر, i. e. the place of the opening of the mouth, (K, TA,) near the place of utterance of ج: masc. [as meaning a حَرْف, or letter], and fem. [as meaning a كَلِمَة, or word]: pl. أَشْيَانٌ and شيانات [a mistranscription for شِينَاتٌ]. (TA.) A2: Also, thus with kesr, A man having many رِقَاع [i. e. patches in his garment, pl. of رُقْعَةٌ]. (Kh, TA.) A3: And A long مَرْكَب [app. meaning ship or boat]. (TA.) فِعْلٌ شَائِنٌ [An action that disgraces or dishonours, &c.]. (TA.) شَائِنَةٌ [a subst. from شَائِنٌ]: see شَيْنٌ.

مَشِينٌ Disgraced, or dishonoured; rendered ugly or unseemly, disfigured, or blemished; pass. part. n. of 1. (Msb.) مَشَايِنُ an anomalous pl. of شَيْنٌ, q. v. (TA.)

الممكنة الْعَامَّة

الممكنة الْعَامَّة: هِيَ الْقَضِيَّة الَّتِي حكم فِيهَا بسلب الضَّرُورَة عَن الْجَانِب الْمُخَالف للْحكم كَمَا مر آنِفا. والأمثلة فِي الْمُمكن والإمكان الْعَام أَيْضا وَهِي من الموجهات البسيطة - وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا لَيست بقضية بِالْفِعْلِ لعدم اشتمالها على الحكم فَلَا تكون قَضِيَّة فضلا عَن أَن يكون مُمكنَة - وَإِنَّمَا هِيَ قَضِيَّة بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَة من الْفِعْل لاشتمالها على الطَّرفَيْنِ وَالنِّسْبَة. وعدها من القضايا كعدهم المخيلات مِنْهَا مَعَ أَنه لَا حكم فِيهَا بِالْفِعْلِ. وعدها من الموجهات بِاعْتِبَار الصُّورَة. وَالَّذِي حملهمْ على هَذَا الْغَلَط عدم فرقهم بَين الثُّبُوت بطرِيق الْإِمْكَان وَإِمْكَان الثُّبُوت وَالْحق أَنَّهَا قَضِيَّة بِالْفِعْلِ. وَبَين الثُّبُوت بطرِيق الْإِمْكَان وَإِمْكَان الثُّبُوت مُغَايرَة - فَإِن أصل النِّسْبَة هُوَ الثُّبُوت والإمكان أَمر زَائِد عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَيْفيَّة النِّسْبَة. وَتَحْقِيق الْمقَام أَن مدَار الْقَضِيَّة على ثَلَاثَة معَان - ثَالِثهَا النِّسْبَة الخبرية الَّتِي صورتهَا وَهِي عبارَة عَن نفس الثُّبُوت فِي الحملية وَنَفس الِاتِّصَال فِي الْمُتَّصِلَة وَنَفس الِانْفِصَال فِي الْمُنْفَصِلَة وكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة أَعم من أَن يكون بِالْفِعْلِ أَو بالإمكان أَو بالدوام أَو بِغَيْرِهِ. فَإِذا حصلت تِلْكَ النِّسْبَة فِي الْعقل حصلت الْقَضِيَّة بِالْفِعْلِ وَإِن اعتبرها الْعقل بِأَن لَهَا بِحَسب وجودهَا فِي الْوَاقِع كَيْفيَّة الْإِمْكَان - فالإمكان وَالْإِطْلَاق حالتان زائدتان على نفس النِّسْبَة وَإِن كَانَ الْمُتَبَادر هُوَ الْإِطْلَاق وَلَا ضير فِيهِ كَمَا فِي الْوُجُود حَيْثُ يتَبَادَر مِنْهُ الْخَارِجِي مَعَ أَنه أَعم مِنْهُ نعم الْإِمْكَان أَضْعَف مَرَاتِب النِّسْبَة وَهُوَ أَمر آخر كَمَا قَالَ الطوسي وَغَيره أَن الْوُجُوب والامتناع دالان على وثاقة الرابطة - والإمكان على ضعفها وَمعنى وُقُوع النِّسْبَة سنح الثُّبُوت سَوَاء كَانَ بالإمكان أَو بِالْإِطْلَاقِ لَا الثُّبُوت بِالْفِعْلِ كَمَا يتَبَادَر. فالممكنة قَضِيَّة بِالْفِعْلِ وموجهة لحُصُول الحكم فِيهَا بِالْفِعْلِ مَعَ الْكَيْفِيَّة الزَّائِدَة وَهِي الْإِمْكَان.
وَاعْلَم أَن المُرَاد بِالْفِعْلِ فِي قَوْلهم إِنَّهَا لَيست قَضِيَّة بِالْفِعْلِ - وَقَوْلهمْ إِنَّهَا قَضِيَّة بِالْفِعْلِ هُوَ قسيم الْقُوَّة وَهُوَ كَون الشَّيْء من شَأْنه أَن يكون وَهُوَ كَائِن.

الْمُنكر

(الْمُنكر) كل مَا تحكم الْعُقُول الصَّحِيحَة بقبحه أَو يقبحه الشَّرْع أَو يحرمه أَو يكرههُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر}

(الْمُنكر) (عِنْد النُّحَاة) غير الْمُعَرّف
الْمُنكر: مَا لَيْسَ فِيهِ رضَا الله تَعَالَى من قَول أَو فعل وَالْمَعْرُوف ضِدّه.
وَعند أَرْبَاب أصُول الحَدِيث الْمُنكر حَدِيث راو ضَعِيف حَال كَون ذَلِك الحَدِيث مُخَالفا لحَدِيث من هُوَ أقل وأخفى مِنْهُ فِي الضعْف. ويقابله الْمَعْرُوف فالراويان فِي كل من الْمَعْرُوف وَالْمُنكر ضعيفان لَكِن رَاوِي الْمُنكر أَضْعَف من رَاوِي الْمَعْرُوف - وَقَالَ بَعضهم الْمُنكر فِي اصطلاحهم حَدِيث من فحش غلطه أَو كثرت غفلته أَو ظهر فسقه. وَعَكسه بِاعْتِبَار الْمُقَابلَة مَعْرُوف. المنشعبة: هِيَ الْأَبْنِيَة الْمَزِيد عَلَيْهَا حرف أَو أَكثر على أُصُولهَا سَوَاء كَانَ ثلاثية أَو ربَاعِية أَو خماسية أَو تكَرر فِيهَا حرف من أُصُولهَا كاستنصر وكرم.

يتقه

يتقه: بِسُكُون الْقَاف مضارع مَعْرُوف اتَّصل بِهِ ضمير الْمُذكر الْغَائِب أَو هَاء السكتة من اتَّقى يَتَّقِي. وَيعلم من بادئ النّظر اعْتِرَاض فِي سكونها لِأَن الْقيَاس كسرهَا وسكونها باقتضاء هَذِه الْقَاعِدَة وَهِي أَن كل اسْم من الثلاثي الْمُجَرّد إِذا كَانَ عينه مكسورا جَازَ إسكان عينه تَخْفِيفًا. وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْكَتف بِكَسْر تَاء الْكَتف وبسكونها ثمَّ وزن كتف بِكَسْر التَّاء إِذا وجد فِي فعل فَحِينَئِذٍ أَيْضا يجوز إسكان عين ذَلِك الْفِعْل مشابهة لكتف وَإِن لم يكن لتركيب جَمِيع حُرُوف ذَلِك الْفِعْل دخل فِي ذَلِك الْوَزْن بل لتركيب بَعْضهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {ويتقه} أَصله يَتَّقِي فحذفت لَام الْكَلِمَة للجزم وَهِي الْيَاء لكَونه مَعْطُوفًا على المجزوم السَّابِق.
فالقراء متفقون على كسر الْقَاف وَحذف الْيَاء الأحفص فَإِنَّهُ ذهب بعد حذف الْيَاء إِلَى إسكان الْقَاف لِأَن تقه فِي قَوْله تَعَالَى: {يتقه} على وزن كتف فأسكن الْعين وَهِي الْقَاف مشابهة لكتف كَمَا جَاءَ فِي انْطلق بِكَسْر اللَّام وَسُكُون الْقَاف انْطلق بِسُكُون اللَّام وَفتح الْقَاف فَإِن طلق فِي انْطلق على وزن كتف فأسكن اللَّام مشابهة لكتف فَاجْتمع الساكنان اللَّام وَالْقَاف فحركت الْقَاف لِأَنَّهَا أخف الحركات. ثمَّ حَفْص بعد إسكان الْقَاف فِي قَوْله تَعَالَى: {يتقه} قَائِل فِي هائه بقولين: أَحدهمَا: أَن الْهَاء للسكتة فعلى هَذَا التَّقْدِير كَانَت الْهَاء سَاكِنة فِي الأَصْل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أدريك ماهيه} . فَاجْتمع الساكنان الْقَاف وَالْهَاء فحركت الْهَاء بِالْكَسْرِ لِأَن السَّاكِن إِذا حرك حرك بِالْكَسْرِ - وَثَانِيهمَا: أَن الْهَاء ضمير للمذكر الْغَائِب فَلَا يلْزم على هَذَا التَّقْدِير التقاء الساكنين للمشابهة الْمَذْكُورَة وَالْهَاء متحركة لكَونه ضميرا لَكِن القَوْل الأول أَضْعَف وَالثَّانِي أقوى.
هَكَذَا فِي الرسَالَة الْمُسَمَّاة بالمصارف فِي علم الصّرْف للسَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره. ثمَّ خطر على بَال الْفَقِير وَجه آخر وَهُوَ أَن الْقَاف من أقْصَى اللِّسَان وَالْهَاء من الْحلق فَكل وَاحِد مِنْهُمَا ثقيل فِي التَّلَفُّظ والكسرة على كل مِنْهُمَا أَيْضا ثَقيلَة - وَقَاعِدَة التجويد أَن هَاء الضَّمِير للمفرد الْمُذكر الْغَائِب إِذا كَانَ مكسورا وَمَا قبله أَيْضا مكسورا فَحِينَئِذٍ يكون صلَة ذَلِك الضَّمِير بِالْيَاءِ مثل بهي فَلَو كَانَت الْقَاف مَكْسُورَة يُوصل هَاء الضَّمِير بِالْيَاءِ فَلَزِمَ توالي كسرات مَعَ ثقل الْقَاف وَالْهَاء - فَإِن كسر الْقَاف وَالْهَاء مَعَ يَاء الصِّلَة كسرات لِأَن الْيَاء أَيْضا بِمَنْزِلَة الكسرتين فاسكن الْقَاف حَتَّى لَا يلْزم الْمَحْذُور الْمَذْكُور هَذَا مَا حررنا فِي أَوَان الشَّبَاب لبَعض الأحباب.

الاستيلاء

الاستيلاء:
[في الانكليزية] Zodiacal superiority
[ في الفرنسية] Superiorite Zodiacale
عند المنجّمين هو كون الكوكب مستوليا والمستولي على جزء من أجزاء فلك البروج عندهم كوكب يتّصل بذلك الجزء بالنظر أو التناظر ويكون له في ذلك الجزء حظ بأن يكون ذلك الجزء في بيته وفي شرفه، أو في مثلثته الأولى أو الثانية أو الثالثة أو في حدّه أو في وجهه، ويكفي في النظر اتصال البرجية، وفي التناظر يشترط اتصال الجزئية، وعند البعض يكفي اتصال البرجية فيه أيضا، وعند البعض يشترط في النظر أيضا اتصال الجزئية كما في التناظر، والبعض لا يشترط الاتصال أصلا لكن الأكثرين على اشتراط الاتصال فإن الساقط الذي له حظ في جزء لا يسمّى مستوليا على ذلك الجزء، والكوكب الذي يكون حظه أقوى مقدم على الذي يكون حظه أضعف، والكوكب الذي له حظ في ذلك الجزء إن وقع في حظه يكون قوته مضاعفة. هذا خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في شرح زيج الغ بيگى وغيره.

الجنّ

الجنّ:
[في الانكليزية] Djinn ،jinn ،demon
[ في الفرنسية] Dijinn ،demon
بالكسر وتشديد النون بمعنى پري، وهو خلاف الإنس. الواحد منه جنّي بكسرتين كذا في الصّراح. وفي تهذيب الكلام زعم الحكماء أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية والجنّ أرواح مجرّدة لها تصرف في العنصريات، والشيطان القوّة المتخيلة. ولا يمتنع ظهور الكل أي الملائكة والجنّ والشياطين على بعض الأبصار وفي بعض الأحوال انتهى.
اعلم أنّ الناس قديما وحديثا اختلفوا في ثبوت الجنّ ونفيه. وفي النقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره وذلك لأنّ أبا علي بن سينا قال: الجنّ حيوان هوائي يتشكّل بأشكال مختلفة. ثم قال: وهذا شرح الاسم. فقوله وهذا شرح الاسم يدل على أنّ هذا الحدّ شرح للمراد من هذا اللفظ وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج. وأمّا جمهور أرباب الملل والمصدّقين بالأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجنّ، واعترف به جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات، ويسمّونها الأرواح السّفلية وزعموا أنّ الأرواح السفلية أسرع إجابة لأنها ضعيفة. وأما الأرواح الفلكية فهي أبطأ إجابة لأنها أقوى.

واختلف المثبتون على قولين: منهم من زعم أنها ليست أجساما ولا حالة فيها، بل جواهر قائمة بأنفسها. قالوا ولا يلزم من هذا تساويها لذات الإله لأنّ كونها ليست أجساما ولا جسمانية سلوب، والمشاركة في السلوب لا تقتضي المساواة في الماهية. وقالوا ثم إنّ هذه الذوات بعد اشتراكها في هذه السلوب أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض بعد اشتراكها في الحاجة إلى المحلّ. فبعضها خيّرة محبة للخيرات وبعضها شريرة محبّة للشرور والآفات. ولا يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إلّا الله تعالى. وقالوا: وكونها موجودات مجرّدة لا يمنع من كونها عالمة بالجزئيات قادرة على الأفعال. وهذه الأرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الأحوال الجزئية وتفعل الأفعال وتعقل الأحوال المخصوصة. ولما ذكرنا أنّ ماهياتها مختلفة لا جرم لم يبعد في أنواعها أن يكون نوع منها قادرا على أفعال شاقّة عظيمة يعجز عنها قوى البشر ولا يبعد أن يكون لكلّ نوع منها تعلّق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم. وكما أنّه دلت الدلائل الطبيّة أي المذكورة في علم الطب على أنّ المتعلّق الأول للنفس الناطقة أجسام بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وهي المسمّى بالروح القلبي والروح الحيواني، ثم بواسطة تعلّق النفس للأرواح تصير متعلقة بالأعضاء التي تسري فيها هذه الأرواح، لم يبعد أيضا أن يكون لكلّ واحد من هؤلاء الجنّ تعلّق بجزء من أجزاء الهواء ويكون ذلك الجزء من الهواء هو المتعلّق الأول لذلك الروح، ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم آخر كثيف يحصل لتلك الأرواح تعلّق وتصرف في تلك الأجسام الكثيفة.
ومن النّاس من ذكر في الجنّ طريقة أخرى فقال: هذه الأرواح البشرية والنفوس الناطقة إذا فارقت أبدانها وازدادت قوة وكمالا بسبب ما في ذلك العالم الروحاني من انكشاف الأسرار الروحانية فإذا اتفق أن حدث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن، فبسبب تلك المشاكلة يحصل لتلك النفس المفارقة تعلّق ما بهذا البدن وتصير تلك النفس المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن فإنّ الجنسية علّة الضّمّ، فإن اتفقت هذه الحالة في النفس الخيّرة سمي ذلك المعين ملكا وتلك الإعانة إلهاما، وإن اتفقت في النفس الشريرة سمّي ذلك المعين شيطانا وتلك الإعانة وسوسة. ومنهم من زعم أنها أجسام. والقائلون بهذا اختلفوا على قولين: منهم من زعم أنّ الأجسام مختلفة في ماهياتها إنما المشترك بينها صفة واحدة، وهو كونها بأسرها في الحيّز والمكان والجهة، وكونها قابلة للأبعاد الثلاثة، والاشتراك في الصفات لا يقتضي الاشتراك في الماهية، وإلّا يلزم أن تكون الأعراض كلها متساوية في تمام الماهية، مع أنّ الحق عند الحكماء أنّه ليس للأعراض قدر مشترك بينها من الذاتيات إذ لو كان كذلك لكان ذلك المشترك جنسا لها وحينئذ لا تكون الأعراض التسعة أجناسا عالية، بل كانت أنواع جنس. فلما كان الحال في الأعراض كذلك فلم لا يجوز أن يكون الحال في الأجسام أيضا كذلك، فإنّه كما أنّ الأعراض مختلفة في تمام الماهية متساوية في وصف عرضي، وهو كونها عارضة لمعروضاتها، فكذلك الأجسام مختلفة في الماهيات متساوية في الوصف العرضي المذكور. وهذا الاحتمال لا دافع له أصلا.
فلمّا ثبت هذا الاحتمال ثبت أنّه لا يمتنع في بعض الأجسام اللطيفة الهوائية أن يكون مخالفا لسائر أنواع الهواء في الماهية، ثم تكون تلك الماهية تقتضي لذاتها علما مخصوصا وقدرة على أفعال عجيبة من التّشكّل بأشكال مختلفة ونحوه. وعلى هذا يكون القول بالجن وقدرتها على التّشكل ظاهر الاحتمال.
ومنهم من قال الأجسام متساوية في تمام الماهية والقائلون بهذا أيضا فرقتان. الأولى الذين زعموا أنّ البنية ليست شرطا للحياة وهو قول الأشعري وجمهور أتباعه. وأدلتهم في هذا الباب ظاهرة قريبة. قالوا لو كانت البنية شرطا للحياة لكان إمّا أن يقوم بالجزءين حياة واحدة فيلزم قيام العرض الواحد بالكثير وأنه محال، وإمّا أن يقوم بكل جزء منها حياة على حدّة، وحينئذ فإمّا أن يكون كلّ واحد من الجزءين مشروطا بالآخر في قيام الحياة فيلزم الدور، أو يكون أحدهما مشروطا بالآخر في قيام الحياة وبالعكس فيلزم الدور أيضا، أو يكون أحدهما مشروطا بالآخر من غير عكس فيلزم الترجيح بلا مرجّح، أو لا يكون شيء منهما مشروطا بالآخر وهو المطلوب. وإذا ثبت هذا لم يبعد أن يخلق الله تعالى في الجواهر الفردة علما بأمور كثيرة وقدرة على أشياء شاقّة شديدة وإرادة إليها.
فظهر القول [بإمكان] بوجود الجنّ سواء كانت أجسامهم لطيفة أو كثيفة، وسواء كانت أجرامهم صغيرة أو كبيرة. الثانية الذين زعموا أنّ البنية شرط للحياة وأنّه لا بدّ من صلابة في الجثة حتى يكون قادرا على الأفعال الشاقة، وهو قول المعتزلة. وقالوا لا يمكن أن يكون المرء حاضرا والموانع مرتفعة والشرائط من القرب والبعد حاصلا وتكون الحاسة سليمة، ومع هذا لا يحصل الإدراك المتعلّق بتلك الحاسة بل يجب حصول ذلك الإدراك حينئذ، وإلّا لجاز أن يكون بحضرتنا جبال لا نراها وهذا سفسطة. وقال الأشاعرة يجوز أن لا يحصل ذلك الإدراك لأنّ الجسم الكبير لا معنى له إلّا تلك الأجزاء المتألّفة، وإذا رأينا ذلك الجسم الكبير على مقدار من البعد فقد رأينا تلك الأجزاء، فإمّا أن تكون رؤية هذا الجزء مشروطة برؤية ذلك الجزء أو لا يكون. فإن كان الأول لزم الدور لأنّ الأجزاء متساوية، وإن لم يحصل هذا الافتقار فحينئذ رؤية الجوهر الفرد على ذلك القدر من المسافة تكون ممكنة. ثم من المعلوم أنّ ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غير أن ينضمّ إليه سائر الجواهر، فإنّه لا يرى فعلمنا أنّ حصول الرؤية عند اجتماع جملة الشرائط لا يكون واجبا بل جائزا، فعلى هذا قول المعتزلة بثبوت الملك والجنّ مشكل فإنّهم إن كانوا موصوفين بالكثافة والصلابة فوجب عندهم رؤيتهم، مع أنه ليس كذلك. فإنّ جمعا من الملائكة عندهم وعند الأشاعرة حاضرون أبدا وهم الحفظة والكرام الكاتبون ويحضرون أيضا عند قبض الأرواح، وقد كانوا يحضرون عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ أحدا من القوم ما كان يراهم. وكذلك الناس الجالسون عند من يكون في النزع لا يرون أحدا فإن وجب رؤية الكثيف عند الحضور فلم لا نراها، وإن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم، وإن كانوا موصوفين بالقوة الشديدة مع عدم الكثافة والصلابة فقد بطل مذهبهم. وقولهم البنية شرط للحياة إن قالوا إنّها أجسام لطيفة روحانية ولكنها للطافتها لا تقدر على الأفعال الشاقة، فهذا إنكار بصريح القرآن، فإنّ القرآن دلّ على أنّ قوتها عظيمة على الأفعال الشاقة.
وبالجملة فحالهم في الإقرار بالملك والجنّ مع هذه المذاهب عجيب. هكذا في التفسير الكبير في تفسير سورة الجن. وما يتعلّق بهذا يجئ في لفظ المفارق. وفي الينابيع قيل العقلاء ثلاثة أصناف الملائكة والجنّ والإنس. فالملائكة خلقت من النور والإنس خلق من الطين والجن خلق من النار. فالجن خلقوا رقاق الأجسام بخلاف الملائكة والإنس. ورووا أنّ النبي عليه السلام قال: (الجن ثلاثة أقسام: قسم منها: له ريش كالطيور تطير. وآخر على هيئة الأفعى والكلب، وثالث على هيئة النّاس، ويستطيعون التشكل بأي شكل يريدون). وفي الإنسان الكامل: اعلم أنّ سائر الجنّ على اختلاف أجناسهم كلهم على أربعة أنواع: فنوع عنصريون ونوع ناريون ونوع هوائيون ونوع ترابيون. فأما العنصريون فلا يخرجون عن عالم الأرواح وتغلب عليهم البساطة، وهم أشد قوة. سمّوا بهذا الاسم لقوة مناسبتهم بالملائكة، وذلك لغلبة الأمور الروحانية على الأمور الطبيعية السفلية [منهم،] ولا ظهور لهم إلّا في الخواطر. قال تعالى شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ ولا يترأون إلّا للأولياء. وأما الناريون فيخرجون من عالم الأرواح غالبا وهم متنوعون في كل صورة، أكثر ما يناجون الإنسان في عالم المثال فيفعلون به ما يشاءون في ذلك العالم، وكيد هؤلاء شديد.
فمنهم من يحمل الشخص بهيكله فيرفعه إلى موضعه، ومنهم من يقيم معه فلا يزال الرائي مصروعا ما دام عنده. وأما الهوائيون فإنّهم يترأون في المحسوس يقابلون الروح فتنعكس صورتهم على الرائي فيصرع. وأما الترابيون فإنّهم يلبّسون الشخص ويضرونه برائحتهم، وهؤلاء أضعف الجنّ قوة ومكرا انتهى.
فائدة: قد يطلق لفظ الجنّ على الملائكة والروحانيين لأنّ لفظ الجنّ مشتق من الاستتار، والملائكة والروحانيون لا يرون بالعينين، فصارت كأنها مستترة من العيون، فلهذا أطلق لفظ الجنّ عليها. وبهذا المعنى وقع في قوله وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ.
فائدة: قال أصحابنا الأشاعرة الجنّ يرون الإنس لأنه تعالى خلق في عيونهم إدراكا والإنس لا يرونهم لأنه تعالى لم يخلق الإدراك في عيون الإنس. وقالت المعتزلة الوجه في أنّ الإنس لا يرون الجنّ أنّ الجنّ لرقة أجسامهم ولطافتها لا يرون، ولو زاد الله في أبصارنا قوة لرأيناهم كما يرى بعضنا بعضا، ولو أنه تعالى كثّف أجسامهم وبقيت أبصارنا على هذه الحالة لرأيناهم أيضا. فعلى هذا كون الإنس مبصرا للجنّ موقوف عندهم إمّا على ازدياد كثافة أجسام الجنّ أو على ازدياد قوة إبصار الإنس.
فائدة جليلة: الإنسان قد يصير جنا في عالم البرزخ بالمسخ، وهذا تعذيب وغضب من الله تعالى على من شاء، كمن كان يمسخ في الأمم السابقة والقرون الماضية قردة وخنازير، إلّا أنّه قد رفع هذا العذاب عن هذه الأمة المرحومة في عالم الشهادة ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلّا ما هو من علامات الساعة الكبرى. فقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن يكون في هذه الأمة مسخ وخسف وقذف عند القيامة، وذلك أي مسخ الإنسان جنا في البرزخ يكون غالبا في الكفار والمؤمنين الظالمين المؤذين والزانين والمغلمين سيما إذا ماتوا أو قتلوا على جنابة. وكذا المرتدين غير تائبين إذا ماتوا غير تائبين. وليس كل من كان كذلك يكون ممسوخا بل من شاء الله تعالى مسخه وعذابه. والمسخ لا يكون في الصلحاء والأولياء أصلا وإن ماتوا على جنابة. ويكون المسخ في القيامة كثيرا كما ورد أنّ كلب أصحاب الكهف يصير بلعما والبلعم يجعل كلبا ويدخل ذلك في الجنة ويلقى هذا في النار. ومن هذا القبيل جعل رأس من رفع ووضع رأسه في الصلاة قبل الإمام رأس حمار. ومنه مسخ آخذ الرّشوة وآكل الربا وواضع الأحاديث وأمثال ذلك كثير، كذا في شرح البرزخ لملا معين.
فائدة: اختلفوا: هل من الجنّ رسول أم لا فقال ضحّاك إنّ من الجنّ رسلا كالإنس بدليل قوله تعالى وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ وقوله تعالى وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا الآية. قال المفسرون فيه استئناس الإنسان بالإنسان أكمل من استئناسه بالملك، فاقتضى حكمة الله تعالى أن يجعل رسول الإنس من الإنس لتكميل الاستئناس، فهذا السبب حامل في الجنّ فيكون رسول الجنّ من الجنّ.
والأكثرون قالوا ما كان من الجنّ رسول البتة وإنّما كان الرسول من بني آدم، واحتجوا بالإجماع هو بعيد لأنه كيف ينعقد الإجماع مع حصول الاختلاف. واستدلّوا أيضا بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً الآية، فإنّهم اتفقوا على أنّ المراد بالاصطفاء النبوّة، فوجب كون النبوة مخصوصة بهذا القوم.
فائدة: لا يجب أن يكون كل معصية تصدر من إنسان فإنها تكون بسبب وسوسة الشيطان، وإلّا لزم التسلسل والدور في هؤلاء الشياطين، فوجب الانتهاء إلى قبيح أول ومعصية سابقة حصلت بلا واسطة وسوسة شيطان آخر.
ثم نقول الشياطين كما أنّهم يلقون الوسواس إلى الإنس فقد يوسوس بعضهم بعضا. فقيل الأرواح إمّا ملكية وإمّا أرضية والأرضية منها طيبة طاهرة ومنها خبيثة قذرة شريرة تأمر المعاصي والقبائح وهم الشياطين. ثم إنّ تلك الأرواح الطيبة كما تأمر النّاس بالطاعات والخيرات فكذلك قد تأمر بعضهم بعضا بها، وكذلك الأرواح الخبيثة كما تأمر الناس بالمعصية كذلك تأمر بعضهم بعضا بها. ثم إنّ صفات الطّهر كثيرة وصفات الخبث أيضا كذلك. وبحسب كل نوع منها طوائف من البشر وطوائف من الأرواح الأرضية، وبحسب تلك المجانسة والمشابهة ينضم الجنس إلى جنسه. فإن كان ذلك من باب الخير كان الحامل عليه ملكا يقويه وذلك الخاطر إلهام.
وإن كان من باب الشّر كان الحامل عليه شيطانا يقويه وذلك الخاطر وسوسة، فلا بد من المناسبة. ومتى لم يحصل نوع من أنواع المناسبة بين البشرية وبين تلك الأرواح لم يحصل ذلك الانضمام بالنفوس البشرية، هكذا يستفاد من التفسير الكبير في تفسير سورة الجنّ والأنعام والأعراف.
فائدة: اختلف الناس في حكم الجنّ، هل هم من أهل الجنّة أو النّار؟ فالكفار هم من أهل النّار باتفاق. وأمّا المؤمنون منهم فيقول أبو حنيفة رحمه الله هم ناجون من النّار ولا يدخلون الجنة، بل يفنون كالحيوانات الأخرى؛ وثمّة قول آخر بأنّهم يدخلون الجنة. كذا في الينابيع.

السّحر

السّحر:
[في الانكليزية] Magic ،witchcraft
[ في الفرنسية] Magie ،sorcellerie
بالكسر وسكون الحاء المهملة هو فعل يخفى سببه ويوهم قلب الشيء عن حقيقته، كذا قال ابن مسعود. وفي كشف الكشاف:
السحر في أصل اللغة الصرف حكاه الأزهري عن الفرّاء ويونس، وقال: وسمّي السّحر سحرا لأنّه صرف الشيء عن جهته، فكأنّ الساحر لمّا أري الباطل حقّا أي في صورة الحق وخيّل الشيء على غير حقيقته فقد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه. وذكر عن الليث أنّه عمل يتقرب به إلى الشيطان ومعونة منه.
وكل ذلك الأمر كينونة السّحر، فلم يصل إليّ تعريف يعوّل عليه في كتب الفقه. والمشهور عند الحكماء منه غير المعروف في الشرع والأقرب أنّه الإتيان بخارق عن مزاولة قول أو فعل محرّم في الشرع، أجرى الله سبحانه سنّته بحصوله عنده ابتلاء. فإن كان كفرا في نفسه كعبادة الكواكب أو انضم معه اعتقاد تأثير من غيره تعالى كفر صاحبه وإلّا فسق وبدع.
نقل في الروضة عن كتاب الإرشاد لإمام الحرمين أنّ السحر لا يظهر إلّا على فاسق كما أنّ الكرامة لا تظهر إلّا على متّق، وليس له دليل من العقل إلّا إجماع الأمة. وعلى هذا تعلّمه حرام مطلقا، وهو الصحيح عند أصحابنا لأنّه توسل إلى محظور عنه للغنى انتهى. وفي البيضاوي في تفسير قوله تعالى: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقلّ به الإنسان، وذلك لا يحصل إلّا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإنّ التناسب شرط في التضام والتعاون، وبهذا يميّز الساحر عن النبي والولي. وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم، وتسميته سحرا على التجوّز، أو لما فيه من الدّقّة لأنّ السّحر في الأصل موضوع لما خفي سببه انتهى.

وفي الفتاوى الحمادية: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الجواهر هيكل مخصوص على صورة الشخص المسحور، ويترصّد له وقت مخصوص في المطالع وتقرن به كلمات تتلفظ بها من الكفر والفحش المخالف للشرع، ويتوصّل في تسميتها إلى الاستعانة بالشياطين، وتحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور انتهى. وكونه معدودا من الخوارق مختلف فيه كما عرفت. وقال الحكماء: السّحر مزج قوى الجواهر الأرضية بعضها ببعض.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: اعلم أنّ السحر على أقسام.

القسم الأول: سحر الكلدانيّين والكسدائين الذين كانوا في قديم الدهر وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنّها هي المدبّرة لهذا العالم ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة، وهم الذين بعث الله تعالى عليهم إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالتهم وردّا عليهم في مذاهبهم وعقائدهم.
والقسم الثاني من السحر سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، قالوا اختلف الناس في الإنسان. فأما إذا قلنا بأنّ الإنسان هو هذه البنية فلا شك أنّ هذه البنية مركّبة من الأخلاط الأربعة فلم لا يجوز ان يتفق مزاج من الأمزجة يقتضي القدرة على خلق الجسم والعلم بالأمور الغائبة عنّا. وأما إذا قلنا إنّ الإنسان هو النفس فلم لا يجوز أن يقال إنّ النفوس مختلفة فيتفق في بعض النفوس أن تكون قادرة على هذه الحوادث الغريبة مطلعة على الأسرار الغريبة. ثم الذي يؤكد هذا الاحتمال على وجوه.
الأول أنّ الجذع يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الأرض ولا يمكنه لو كان كالجسر موضوعا على هاوية تحته، وما ذاك إلّا أن يخيل السقوط، ومتى قوي أوجب السقوط.
الثاني أنّه أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران، وما ذاك إلّا لأنّ النفوس خلقت على الأوهام.
الثالث حكي عن أرسطو أنّ الدجاجة إذا تشببت وبلغت واشتاقت إلى الديك ولم تجده فتصورت الديك وتخيّلته وتشبهت بالديك في الصوت والجوارح نبت على ساقها مثل الشيء النابت على ساق الديك، وارتفع على رأسها مثل تاج الديك، وليس هذا إلّا بسبب كثرة التوهّم والتخيّل، وهذا يدل على أنّ الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية. الرابع أجمعت الأمم على أنّ الدعاء مظنة الإجابة. وأجمعوا على أنّ الدعاء اللساني الخالي من الطلب النفساني قليل العمل عديم الأثر. فدلّ ذلك على أنّ للهمم والنفوس آثارا، وهذا الاتفاق غير مختص بمسألة معينة وبحكمة مخصوصة.
الخامس أنّ المبادئ القوية للأفعال النفسانية ليست إلّا التصورات النفسانية لأنّ القوة المحرّكة مودعة في العضلات صالحة للفعل وتركه، ولأن يرجح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح وما ذاك إلّا تصوّر كون الفعل لذيذا أو قبيحا أو مؤلما، بعد أن كانت كذلك بالقوة، فتلك التصورات هي المبادئ لصيرورة القوى العقلية مبادئ بالفعل لوجود الأفعال بعد أن كانت بالقوة، وإذا كانت هذه التصورات هي مباد لمبادئ هذه الأفعال فأيّ استبعاد في كونها مبادئ للأفعال لنفسها وإلغاء الواسطة عن درجة الاعتبار.
السادس أنّ التجربة والعيان لشاهدان بأنّ هذه التصورات مباد قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإنّ الغضبان تشتدّ سخونة مزاجه عند هيجان كيفية الغضب لا سيما عند إرادة الانتقام من المغضوب عليه. وإذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأيّ استبعاد من كونها مبادئ لحوادث في خارج البدن.
السابع أنّ الإصابة بالعين أمر قد اتفق عليه العقلاء ونطقت به الأحاديث والحكايات وذلك أيضا يحقّق إمكان ما قلنا. وإذا عرفت هذا فنقول إنّ النفوس التي تفعل هذه الأفعال قد تكون قوية جدا فتستغني في هذه الأفعال عن الاستعانة بالآلات والأدوات، وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات. وتحقيقه أنّ النفس إن كانت مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات كانت كأنّها روح الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في موارد هذا العالم. وأمّا إذا كانت ضعيفة شديدة التعلّق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرّف البتة إلّا في البدن. فإذا أراد الإنسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها إلى بدن آخر اتّخذ تمثال ذلك الغير ووضعه عند الحسّ واشتغل الحسّ به، فتبعه الخيال عليه وأقبلت النفس الناطقة عليه، فقويت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية. ولذلك أجمعت الأمم على أنّه لا بد لهذه الأعمال من الانقطاع عن المألوفات والمشتهيات وتقليل الغذاء بل الاعتزال عن الخلق. وكلّما كانت هذه الأمور أتمّ كانت هذه التأثيرات أقوى. والسبب فيه أنّ النفس إن اشتغلت بالجانب الواحد اشتغلت جميع قواها في ذلك الفعل. وإذا اشتغلت بالأفعال الكثيرة تفرّقت قواها وتوزّعت على تلك الأفعال. ولهذا من حاول الوقوف على مسألة فإنّه حال تفكّره فيها لا بد أن يفرغ خاطره عما عداها، فإنّه عند تفريغ الخاطر يتوجّه بكليته إليها، فيكون الفعل أحسن وأسهل. وإذا كانت كذلك كان الإنسان المشغول الهمّ والهمّة بقضاء الشهوات وتحصيل اللذات كانت القوة النفسانية مشغولة بها مشغوفة إليها مستغرقة فيها، فلا يكون انجذابها إلى تحصيل ذلك الفعل قويّا شديدا.
والقسم الثالث من السّحر الاستعانة بالأرواح الأرضية، واعلم أنّ القول بالجنّ أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة. أما أكابر الفلاسفة فإنهم ما أنكروا القول به إلّا أنّه سمّوها بالأرواح الأرضية، بعضها خيّرة وبعضها شريرة. فالخيرة هم مؤمنو الجن والشريرة هم الكفار، وهي قادرة عالمة، واتصال النفوس بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية، إلّا أنّ القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضية أضعف من القوة الحاصلة لها بسبب الاتصال بالأرواح السماوية. ثم إنّ أصحاب الصنعة وأرباب التجربة لشاهدوا أنّ الاتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرّقى والتجريد.
والقسم الرابع من السحر التخيّلات والأخذ بالعيون، وهذا النوع مبني على مقدمات. إحداها أنّ أغلاط البصر كثيرة فإنّ راكب السفينة إن نظر إلى الشّط رأى السفينة واقفة والشط متحركا، وذلك يدلّ على أنّ الساكن يرى متحركا والمتحرك ساكنا. والقطرة النازلة ترى خطا مستقيما. والشعلة التي تدار بسرعة ترى دائرة والشخص الصغير يرى في الضباب عظيما ويرى العظيم من البعيد صغيرا، فعلم أنّ القوة الباصرة قد تبصر الشيء على خلاف ما عليه في الجملة لبعض الأسباب العارضة. ثانيتها أنّ القوة الباصرة إنما تقف على المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت المحسوس في زمان له مقدارها. فأمّا إذا أدركته في زمان صغير جدا ثم أدركت محسوسا آخر وهكذا، فإنّه يختلط البعض بالبعض ولا يتميّز بعض المحسوسات عن البعض الآخر. ومثال ذلك أنّ الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها خطوط كثيرة بألوان مختلفة ثم استدارت فإنّ الحسّ يرى لونا واحدا كأنّه مركّب من الألوان. وثالثتها أنّ النفس إذا كانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحسّ شيء آخر فلا يتبعه الحسّ البتّة، كما أنّ الإنسان عند دخوله على السلطان قد يلقاه إنسان ويتكلّم معه فلا يعرفه ولا يفهم كلامه لما أنّ قلبه مشغول بشيء آخر، وكذا الناظر في المرآة فإنّه ربّما قصد أن يرى قذاة في عينه فيراها ولا يرى ما أكثر منها، وربما قصد أن يرى سطح المرآة هل هو مستو أم لا فلا يرى شيئا مما في المرآة.
فإذا عرفت هذه المقدّمات سهل عند ذلك تصوّر كيفية هذا النوع من السّحر وذلك لأنّ المشعبذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أنظار الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه، حتى إذا استفرغهم الشّغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة فيبقى ذلك العمل خفيا وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غير ما انتظروه فيتعجبون منه جدا، ولو أنّه سكت ولم يتكلّم بما يصرف الخواطر إلى ضدّ ما يريد أن يعمله ولم يحرّك الناس والأوهام والأنظار إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون بكلّ ما يفعله، فهذا هو المراد من قولهم إنّ المشعبذ يأخذ بالعيون لأنّه بالحقيقة يأخذ العيون إلى غير الجهة التي يحتال لها.

فإذا عرفت هذه الأقسام فأقول: المعتزلة أنكروا السّحر بجميع أقسامها إلّا التخيل. أما أهل السّنة فقد جوّزوا أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا والحمار إنسانا، إلّا أنهم قالوا إنّ الله تعالى هو الخالق لهذه الأشياء عند ما يقرأ الساحر رقى مخصوصة وكلمات معينة. فأمّا أنّ المؤثّر لذلك هو الفلك أو النجوم فلا. وقد أجمعوا على وقوع السّحر بالقرآن والخبر. أما القرآن فقوله تعالى: وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وأما الأخبار، أحدها ما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم سحر وأنّ السّحر عمل فيه حتى قال: «إنّه ليخيّل إليّ أني أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله» و «أنّ امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك السحر راعوفة البير فلما استخرج ذلك زال عن النبي عليه الصلاة والسلام ذلك العارض» ونزلت المعوّذتان بسببه. وثانيها: «أنّ امرأة أتت عند عائشة رضي الله عنها فقالت: إني ساحرة فهل لي من توبة فقالت وما سحرك؟ فقالت: صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل لطلب علم السّحر، فقالا لي يا أمّة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا فأبيت. فقالا لي: اذهبي فبولي على ذلك الرماد فذهبت لأبول عليه، ففكرت في نفسي، فقلت لا أفعل.

وجئت إليهما فقلت: قد فعلت. فقالا لي: ما رأيت لمّا فعلت؟ فقلت: ما رأيت شيئا. فقالا لي: أنت على رأس أمرك، فاتقي الله ولا تفعلي فأبيت. فقالا لي: اذهبي فافعلي. فذهبت ففعلت. فرأيت كأنّ فارسا مقنعا بالحديد خرج من فرجي فصعد إلى السماء، فجئتهما فأخبرتهما. فقالا: إيمانك خرج عنك، وقد أحسنت السّحر. فقالت: وما هو؟ قالا: ما تريدين شيئا يتصوّر في وهمك إلّا كان فصورت في نفسي حبّا من حنطة فإذا أنا بحبّ أنزع، فخرج من ساعته سنبله. فقلت: انطحن، فانطحن وانخبز وأنا لا أريد شيئا إلّا حصل.

فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس لك توبة». انتهى من التفسير الكبير.
وقال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في مدارج النّبوّة: إنّ السّحر حرام. وقال بعضهم: إنّ تعلّمه بنية دفع السّحر عن نفسه ليس بحرام. والسّاحر الذي ليس في سحره كفر يستتاب، وأمّا إذا اشتمل على الكفر فيقتل. وفي قبول نوبته اختلاف؛ كالزنديق الذي ينكر الدّين والنّبوّة والحشر والنّشر والقيامة.
وأمّا حقيقة السّحر ففيها خلاف؛ فبعضهم يقول: إنّه مجرّد تخييل وإيهام. وهذا ما اختاره كلّ من أبي بكر الأسترآبادي الشافعي وأبي بكر الرازي من الحنفية وطائفة أخرى.
وإنّ جمهور العلماء متفقون على أن السّحر أمر حقيقي، ويدل على ذلك ظاهر الكتاب والأحاديث المشهورة. ولكنهم مختلفون على حقيقة تأثير السّحر فقط في تغيير المزاج، فهو إذن نوع من المرض أو أنّ أثره يصل إلى حدّ التحوّل، يعني انقلاب حقيقة الشيء إلى شيء آخر. مثل الحيوان يصير جمادا، أو بالعكس، والإنسان حمارا أو خروفا أو أسدا وبالعكس.
والجمهور يقولون بذلك.

وأمّا بعضهم فيقول: ليس للسّحر ثبوت ولا وقوع، وهذا كلام باطل ومكابرة لأنّ القرآن والسّنّة يصرّحان بعكس ذلك. والسّحر من الحيل الصناعية الحاصلة بأعمال وأسباب عن طريق الاكتساب (والتعلم). وأكثر العاملين في هذا المجال هم من أهل الفسق والفساد. وإذا كان السّحر في حال الجنابة فتأثيره أشدّ، بل إنّه إذا كانت الجنابة ناشئة عن وطء حرام أو المحارم فإنّه أشدّ تأثيرا. أعاذنا الله من السّحر ومن الساحر.
وقد نقل بإسناد صحيح أنّ اليهود (في المدينة) قد سحروا النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد كان مفعول السّحر ظاهرا كالنسيان وتخيّل بعض الأمور وضعف القوّة الجنسية وأمثال ذلك، وتاريخ وقوع هذا الأمر بعد الرجوع من الحديبية في شهر ذي الحجّة من السنّة السادسة للهجرة، وطول أثر هذه الحادثة استمر أربعين يوما- كما في إحدى الروايات.- وفي أخرى لمدّة ستّة أشهر، وفي رواية منقولة لمدة سنة، إلى أن ذات ليلة كان في صحبة السّيّدة أم المؤمنين عائشة الصّدّيقة، فأخذ يدعو ويتضرّع، ثم قال: يا عائشة: هل تعلمين بأنّ الله قد أجابني عما سألته: لقد نزل شخصان وجلسا، أحدهما عند رأسي والآخر عند قدمي، فسأل أحدهما الآخر:

ما به؟ وما وجعه؟ فقال: مطبوب (مسحور) فقال: من (طبّه) فقال: لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: في ماذا؟ قال: في مشاطة (يعني:
ما يتساقط من شعر بعد استعمال المشط) قي قف نخلة ذكر. قال: أين وضعها؟ قال: في بئر ذروان. وفي رواية بئر أردان. ثم ذهب النبي صلّى الله عليه وسلم مع عدة من الصحابة إلى ذلك البئر واستخرج منه ذلك الشيء الذي مرّ وصفه.
وجاء في رواية أنّهم عثروا على وتر قوس معقود إحدى عشرة عقدة، فنزلت سورتا الفلق والناس، وكلّما قرءوا آية انحلّت عقدة. وعدد آياتهما هي إحدى عشرة آية.
وجاء في رواية أنّهم وجدوا ضلع نخل وفيه مثال لشخص النبي صلّى الله عليه وسلم من الشمع وقد غرزت فيها بعض الإبر، وفيها خيط معقود عليه إحدى عشرة عقدة، ثم قرءوا المعوّذتين، فبدأت تنفكّ العقد، ثم سحبوا الإبر وكلما سحبوا واحدة وجد السكينة والراحة. (پس تر دانستنى است). ومعلوم أنّ تأثير السّحر في ذات النبي المبارك ليس بمدعاة إلى النقص، بل إنّ ذلك من دلائل النبوّة لأنّ الكفار اتهموا النبي بأنّه ساحر، ومعلوم أنّ السّاحر لا يؤثّر فيه السّحر.
ثم معرفة السّحر وأدواته ومكان وجوده بغير سحر آخر من معجزات النّبوّة. والغرض إذن هو تأثير السّحر على النبي صلّى الله عليه وسلم إنّما هو من أجل هذه المصالح والحكم، وقد وردت في هذا الموضوع أحاديث صحيحة غير قابلة للإنكار.

الضَّعْفُ

الضَّعْفُ، ويُضَمُّ، ويُحَرَّكُ: ضِدُّ القُوَّةِ. ضَعُفَ، ككَرُمَ وَنَصَرَ، ضَعْفاً ضُعْفاً وضَعَافَةً وضَعَافِيَةً، فهو ضعيفٌ وضَعوفٌ وضَعْفانُ، ج: ضِعافٌ وضُعَفاءُ وضَعَفَةٌ وضَعْفَى وضَعافَى،
أو الضَّعْفُ: في الرَّأيِ، وبالضم: في البَدَنِ. وهي ضعيفةٌ وضَعوفٌ.
وقولهُ تعالى: {خَلَقَكُمْ من ضُعْفٍ} ، أي: من مَنِيٍّ،
و {خُلِقَ الإنسانُ ضَعيفاً} ، أي: يَسْتَمِيلُهُ هَواهُ.
وضِعْفُ الشيءِ، بالكسرِ: مِثْلُه. وضِعْفاهُ: مِثْلاهُ،
أو الضِعْفُ: المِثْلُ إلى ما زادَ،
ويقالُ: لَكَ ضِعْفُهُ: يُريدونَ مِثْلَيْهِ وثلاثةَ أمْثالِهِ، لأَنه زيادةٌ غيرُ مَحْصورةٍ.
وقولُ اللهِ تعالى: {يُضاعَفْ لها العَذَابُ ضِعْفَيْنِ} ، أي: ثلاثةَ أعْذِبةٍ. ومَجَازُ يُضاعَفُ، أي: يُجْعَلُ إلى الشيءِ شَيْئانِ، حتى يَصيرَ ثلاثةً.
وأضْعافُ الكِتابِ، أي: أثْناءُ سُطورِه وحَواشيهِ،
وـ من الجَسَدِ: أعْضاؤُه أو عِظامُه، الواحدةُ: ضِعْفٌ، بالكسر.
وضَعَفَهُم، كمَنَعَ: كَثَرَهُم، فصارَ له ولأصحابِهِ الضِّعْفُ عليهم.
والضَّعَفُ، محرَّكةً: الثِّيابُ المُضَعَّفَةُ.
والضعيفُ: الأعْمَى، حِمْيَرِيَّةٌ، قيل: ومنه {لنَراكَ فِينا ضَعيفاً} .
وأضْعَفَــه: جَعَلَهُ ضعيفاً، وهو مَضْعوفٌ، والقياسُ: مُضْعَفٌ،
وـ: جَعَلَهُ ضِعْفَيْن،
كضَعَّفَه وضاعَفَه،
وـ فلانٌ: ضَعُفَتْ دابَّتُه، ومنه الحديثُ،
"مَنْ كان مُضْعِفاً فَلْيَرْجِعْ"، وقولُ عُمَرَ، رضي الله تعالى عنه:
المُضْعِفُ أميرٌ على أصحابِهِ، أراد: أنهم يَسيرونَ بِسَيْره. وكمُحْسنٍ: مَنْ فَشَتْ ضَيْعَتُه وكثُرَتْ.
وأُضْعِفَ القومُ، بالضم: ضوعِفَ لهم.
وضَعَّفَهُ تَضْعيفاً: عَدَّهُ ضَعيفاً،
كاسْتَضْعَفَه وتَضَعَّفَهُ، وفي الحَديثِ: "كُلُّ ضَعيفٍ مُتَضَعَّفٍ"،
وـ الحَديثَ: نَسَبَهُ إلى الضَّعْفِ.
وأرضٌ مُضَعَّفَةٌ، للمَفْعولِ: أصابَها مَطَرٌ ضَعيفٌ.
وتَضاعَفَ: صارَ ضِعْفَ ما كانَ.
والدِّرْعُ المُضاعَفَةُ: التي نُسِجَتْ حَلْقَتَيْنِ حَلْقَتَيْنِ.
والتَّضْعيفُ: حُمْلانُ الكيمياءِ.

التَّبُّ

التَّبُّ والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّبيبُ والتَّتْبيبُ: النَّقْصُ والخَسارُ.
وتَبّاً له وتَبَّاً تَبِيباً: مُبالغَةٌ.
وتَبَّبَهُ: قال له ذلك،
وـ فُلاناً: أهْلَكَه، وتبَّتْ يداه: ضَلَّتا، وخَسرتا.
والتَّابُّ: الكبيرُ من الرّجال، والضَّعيفُ، والجَمَلُ، الحمارُ قد دَبِرَ ظَهْرُهُما، ج: أتبابٌ.
وتَبَّ الشيءَ: قَطَعَه.
والتَّبُّوبُ، كالتَّنُّور: المَهْلَكَةُ، وما انْطَوَتْ عليه الأضلاعُ.
والتِّبَّةُ، بالكسر: الحالةُ الشديدةُ.
وأتَبَّ اللَّهُ قوَّتَه: أضعَفَــها.
وتَبْتَبَ: شاخَ.
والتَّبِّيُّ، ويُكْسَرُ: تمْرٌ كالشِّهْريزِ.

البَرْدُ

البَرْدُ: م،
بَرَدَ، كنَصَرَ وكرُمَ، بُرُودةً، وماءٌ بَرْدٌ وباردٌ وبَرودٌ وبُرادٌ ومَبْرودٌ،
وقد بَرَدَهُ بَرْداً،
وبَرَّدَه: جَعَلَه بارداً، أو خَلَطَه بالثَّلْجِ.
وأبْرَدَه: جاءَ به بارِداً،
وـ له: سَقاه بارِداً.
والبَرْدُ: النَّوْمُ، ومنه: {لا يَذوقونَ فيها بَرْداً} ، والرِّيقُ،
وبالتحريكِ: حَبُّ الغَمامِ، وع. وَسَحابٌ بَرِدٌ وأبْرَدُ، وقد بُرِدَ القَوْمُ، كعُنِيَ،
والأرضُ مُبْرَدَةٌ، ومَبْرودةٌ.
والبُرْدُ، بالضم: ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ، ج: أبْرادٌ وأبْرُدٌ وبُرودٌ، وأكْسِيَةٌ يُلْتَحَفُ بها، الواحِدةُ بهاءٍ.
والبَرَّادَةُ، كجَبَّانَةٍ: إناءٌ يُبَرِّدُ الماءَ، وكُوَّارَةٌ يُبَرَّدُ عليها.
والإِبْرِدةُ، بالكسر: بَرْدٌ في الجَوْفِ.
والبَرْدَةُ، ويُحرَّكُ: التُّخَمَةُ.
وابْتَرَدَ الماءَ: صَبَّهُ عليه بارِداً، أو شَرِبَهُ ليُبَرِّدَ كبِدَه.
وتَبَرَّدَ فيه: اسْتَنْقَعَ.
والأَبْرَدانِ: الغَداةُ والعَشِيُّ،
كالبَرْدَيْنِ، والظِّلُّ، والفَيْءُ.
وأبْرَدَ: دَخَلَ في آخِرِ النَّهارِ.
وبَرَدَنا الليلُ،
وـ علينا: أصابَنار بَرْدُهُ.
وعيشٌ بارِدٌ: هَنِيءٌ.
وبَرَد: ماتَ،
وـ حَقِّي: وجَبَ، ولَزِمَ،
وـ مُخُّه: هُزِل،
وـ الحديدَ: سَحَلَه،
وـ العينَ: كحَلَها،
وـ الخُبْزَ: صَبَّ عليه الماءَ، فهو بَرُودٌ ومَبْرُودٌ،
وـ السَّيْفُ: نَبَا،
وـ زيدٌ: ضَعُفَ،
كبُرِدَ، كعُنِيَ، وفَتَرَ بُراداً وبُرُوداً.
وبَرَّدَهُ، وأبْرَدَهُ: أضعَفَــهُ.
والبُرادَةُ: السُّحالَةُ.
والمِبْرَدُ، كمِنبرٍ: السُّوهانُ.
والبَرْدِيُّ: نباتٌ م، وبالضم: تَمْرٌ جَيِّدٌ، ومحمدُ بنُ أحمدَ بنِ سَعيدٍ الجَيَّانِيُّ المُحَدِّث.
والبَريدُ: المُرَتَّبُ، والرَّسولُ، وفَرْسخانِ، أو اثْنا عَشَرَ مِيلاً، أو ما بينَ المَنْزِلَيْنِ، والفُرانِقُ، لأنَّهُ يُنْذِرُ قُدَّامَ الأَسَدِ، والرُّسُلُ على دَوابِّ البَريدِ.
وسِكَّةُ البَريدِ: مَحَلَّةٌ بِخُوارَزْمَ، منها: إبراهيمُ بنُ محمد بنِ إبراهيمَ، ومنصورُ بنُ محمدٍ الكاتِبُ البَريدِيَّانِ.
وبَرَدَهُ وأبْرَدَهُ: أرسَلَهُ بَريداً.
و"هما في بُرْدَة أخماسٍ" أي: يَفْعَلانِ فِعْلاً واحداً.
وبَرَدى، كجَمَزى: نَهرُ دِمَشْقَ الأَعْظَمُ، مَخْرَجُهُ الزَّبدانِيُّ، وجَبَلٌ بالحِجازِ،
وة بِحَلَبَ، ونهرٌ بطَرَسوسَ.
وبَرَدَيّا: ع، أو نهرٌ بالشامِ.
وتِبْرِدُ: ع.
وبَرْدٌ: جبلٌ، وماءٌ، وع.
وبَرَدُّونُ، مُشَدَّدَةَ الدالِ: ة بِذَمارِ.
وبَرْدَةُ: عَلَمٌ لِلنَّعْجَةِ،
وة بِنَسَفَ، منها: عَزيزُ بنُ سُلَيْمٍ البَرْدِيُّ المحدِّثُ،
وة بِشِيرازَ، وبالتحريكِ من العَيْنِ: وسَطُها، وبِنْتُ موسى بنِ يَحْيى.
وبُرْدَةُ الضانِ، بالضم: ضَرْبٌ من اللَّبَنِ. ومحمدُ بن أحمد بنِ سعِيدٍ البُرْدِيُّ: محدِّثٌ.
والبُرَداءُ، ككُرماءَ: الحُمَّى بالقِرَّةِ.
وذُو البُرْدَيْنِ: عامرُ بنُ أُحَيْمِرَ، ورَبيعَةُ بنُ رِياحٍ: جَوادٌ م،
وثَوْبٌ بَرُودٌ: ما له زِئْبِرٌ. والأُبَيْرِدُ الحِمْيَرِيُّ: سارَ إلى بني سُلَيْمٍ فَقَتَلوه، واليَرْبوعِيُّ: شاعِرٌ، وابنُ هَرْثَمَةَ العُذْرِيُّ: آخَرُ.
والبارِدَةُ: من أعْلامِهِنَّ. وإبراهيمُ بنُ بَرْدادٍ، كصَلْصالٍ.
وبَرْدادُ: ة بسَمَرْقَنْدَ.
وبَرَدانُ، محركةً: لَقَبُ إبراهيمَ بنِ سالِمٍ، وعَيْنٌ بالنَّخْلَةِ الشَّامِيَّةِ، وماءٌ بالسَّماوَةِ، وماءٌ بنَجْدٍ لعُقَيْلٍ، وماءٌ بالحجازِ لبَني نَصْرٍ،
وة بِبَغْدادَ، منها: أبو عَلِيٍّ البَرَدَانِيُّ شَيْخُ السِّلَفِيِّ،
وة بالكوفَةِ، ونهرٌ بِطَرَسوسَ، ونهرٌ آخَرُ بِمَرْعَشَ، وبئْرٌ بِتَبالَةَ،
وع ببلادِ نَهْدٍ باليَمَنِ،
وع باليَمامَةِ، وماءٌ مِلْحٌ بالحِمَى.
والأَبْرَدُ: النَّمِرُ، ج: أبارِدُ، وهي بهاءٍ.
وبَرْدُ الخِيارِ: لقَبٌ.
ووَقَعَ بينهما قَدُّ بُرُودِ يُمْنَةٍ: بَلَغا أمْراً عظيماً، لأَنَّ اليُمنَ، وهي بُرودُ اليَمَنِ، لا تُقَدُّ إلا لِعَظيمَةٍ.
وبَرْدانِيَةُ: ة بِنواحي بَلَدِ إسْكافَ، منه: القُدْوَةُ أحمدُ بنُ مُهَلْهِلٍ البَرْدانِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وأيوبُ بنُ عبدِ الرحيم بن البُرَدِيِّ، كجُهَنِيٍّ، بَعْلِيُّ مُتَأخِّرٌ رَوَيْنا عن أصْحابِهِ، وأوسُ بنُ عبدِ الله بنِ البُرَيْدِيِّ، نِسْبَةٌ إلى جَدِّهِ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ الصَّحابِيِّ، وسُرْخابُ البُرَيْدِيُّ: رَوى.
وبُرْدَةُ وبُرَيْدَةُ وبَرَّادٌ: أسماءٌ. وأبو الأَبْرَد: زيادٌ، تابِعيٌّ.
وبَرْدَشيرُ: د بِكِرْمانَ، مُعَرَّبُ: أزْدَشِيرَ بانِيهِ.
وبَرْدرايَا: ع بِنَهْرَوانِ بَغْدَادَ.

طَلَّ 

(طَلَّ) الطَّاءُ وَاللَّامُ يَدُلُّ عَلَى أُصُولٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: غَضَاضَةُ الشَّيْءِ وَغَضَارَتُهُ، وَالْآخَرُ: الْإِشْرَافُ، وَالثَّالِثُ: إِبْطَالُ الشَّيْءِ. فَالْأَوَّلُ الطَّلُّ: وَهُوَ أَضْعَفُ الْمَطَرِ، إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُحَسِّنُ الْأَرْضَ. وَلِذَلِكَ تُسَمَّى امْرَأَةُ الرَّجُلِ طَلَّتَهُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا غَضَّةٌ فِي عَيْنِهِ [كَأَنَّهَا] طَلُّ. وَمِنَ الْبَابِ فِي مَعْنَى الْقِلَّةِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلِّ، قَوْلُهُمْ: مَا بِالنَّاقَةِ طَلٌّ، أَيْ مَا بِهَا لَبَنٌ، يُرَادُ وَلَا قَلِيلٌ مِنْهُ. وَضُمَّتِ الطَّاءُ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَطَرِ.

وَالْبَابُ الْآخَرُ: الطَّلَلُ، وَهُوَ مَا شَخَصَ مِنْ آثَارِ الدِّيَارِ. يُقَالُ لِشَخْصِ الرَّجُلِ: طَلَلُهُ. وَمِنْ ذَلِكَ: أَطَلَّ عَلَى الشَّيْءِ، إِذَا أَشْرَفَ. وَطَلَلُ السَّفِينَةِ: جِلَالُهَا، وَالْجَمْعُ أَطْلَالٌ. وَيُقَالُ: تَطَالَلْتُ، إِذَا مَدَدْتَ عُنُقَكَ تَنْظُرُ إِلَى الشَّيْءِ يَبْعُدُ عَنْكَ. قَالَ:

كَفَى حَزْنًا أَنِّي تَطَالَلْتُ كَيْ أَرَى ... ذُرَى عَلَمَيْ دَمْخٍ فَمَا يُرِيَانِ

وَأَمَّا إِبْطَالُ الشَّيْءِ فَهُوَ إِطْلَالُ الدِّمَاءِ، وَهُوَ إِبْطَالُهَا، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَطْلُبْ لَهَا. يُقَالُ: طُلٌّ دَمُهُ فَهُوَ مَطْلُولٌ، وَأُطِلَّ فَهُوَ مُطَلٌّ، إِذَا أُهْدِرَ.

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذِهِ الْأُصُولِ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ صِحَّتُهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّ الطِّلَّ الْحَيَّةُ. وَالطَّلَاطِلَةُ: دَاءٌ يَأْخُذُ فِي الصُّلْبِ.

خَفش

(خَ ف ش)

الخَفَش: ضعف فِي الْبَصَر وضِيق فِي الْعين.

وَقيل: هُوَ فَسَاد فِي جفن الْعين واحمرار من غير وجع وَلَا قُرْح.

خَفِش خَفَشَا، فَهُوَ خَفِش وأخفش.

والخُفّاش: طَائِر يطير بِاللَّيْلِ، مُشْتَقّ من ذَلِك لِأَنَّهُ يشُق عَلَيْهِ ضوء النَّهَار.
خَفش
. الخُفّاشُ، كرُمّانٍ: الوَطْواطُ، الَّذِي يَطِيرُ باللَّيْلِ، سُمِّيَ بهِ، لِصِغَرِ عَيْنَيْه خشلْقَةً وضَعْفِ بَصَرِهِ بالنّهَار، وَمن الخَواصّ أَنّ دِمَاغَه إِنْ مُسِحَ بالأَخْمَصَيْنِ هَيَّجَ الباهَ أَي شَبَقَ النُّكَاحِ، وإنْ أُحْرِقَ واكْتَحِلَ بهِ قَلَعَ البَيَاضَ من العَيْنِ، وأَحَدَّ البَصَرَ، ودَمُه إِنْ طُلِيَ بهِ عَلَى عَاناتِ المُرَاهِقِينَ مَنَعَ نَبَاتَ الشَّعر، وَفِي المِنْهَاجِ: فِيمَا قِيلَ، ولَيْسَ بِصَحِيحٍ، ومَرَارَتُه إِنْ مُسِحَ بِهَا فَرْجُ المُنْهَكَّةِ، وَهِي الَّتِي عَسُر وِلادُهَا، وَلَدَتْ فِي سَاعَتِهَا، ج: خَفَافِيشُ. والخَفَشُ، مُحَرَّكَةً: صِغَرُ العَيْنِ، وَفِي بَعْض نُسَخ الصّحاح: صِغَرٌ فِي العَيْنِ، وضَعْفٌ فِي البَصَرِ خِلْقَةً، وقِيلَ: ضِيقُ العَيْنِ خِلْقَةً. أَو الخَفَشُ: فَسَادٌ فِي الجُفُونِ. واحْمِرارٌ تَضِيقُ لَهُ العُيُونُ، بِلَا وَجَعٍ وَلَا قُرْحٍ، قالَه الخَلِيل. أَو الخَفَشُ يَكُونُ عِلَّةً، وهُو أَنْ يُبْصِرَ باللَّيْل دُونَ النَّهَارِ، وَفِي يَوْمِ غَيْمٍ دُونَ صَحْوٍ، قَالَه الجَوْهَرِيّ. وَقَالَ النَّضْرُ: الخَفَشُ: أَنْ يَصْغُرَ مُقَدَّمُ سَنَامِ البَعِيرِ ويَنْضَمَّ فَلَا يَطُول، وَهُوَ أَخْفَشُ، وَهِي خَفْشَاءُ، وَقد خَفِشَ خَفَشاً. وخَفَشَ بهِ، وخُشِفَ، كعُنِى، أَيْ رَمَى فِيهِ وبِهِ، كَذَا فِي النّوادِرِ.
وخَفِشَ الرجُلُ فِي أَمْرِه كفَرِحَ: ضَعُفَ. وخَفَّشَهُ تَخْفِيشاً: هَدَمَه عَن ابنِ عَبّادٍ، والَّذِي فِي التَّكْمِلَة: وخَفَشْتُ البِنَاءَ خَفْشاً: هَدَمْتُه. وخَفَّشَ فُلاناً: صَرَعَهُ ووَطِئَهُ، عَن ابنِ عبّادٍ، ونَقَلَه)
الصّاغَانِيّ أيْضاً، بالتَّخْفِيف. وخَفَّشَ البَدَنُ تَخْفِيشاً ضَعُفَ، وَقيل: التَّخْفِيشُ: الضَّعْفُ فِي الأَمْرِ، وبِه فُسِّر قولُ رُؤْبَةَ: وكُنْتُ لَا أُوبَنُ بالتَّخْفِيشِ. وخَفَّشَ بالأَرْضِ تَخْفِيشاً: لَبَدَ، عَن أَبِي عَمْروٍ.
والخَفُوشُ، كصَبُورٍ، عِنْدَ أَهْلِ اليَمَنِ: نَوْعٌ من خُبْزِ الذُّرَةِ مُحَمَّضٌّ تَخْمِيراً، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
والأَخافِشُ فِي النُّحاةِ ثَلاثَةٌ: شَيْخُ سِيبَوَيِهِ، وتِلْمِيذُه، وأَبُو الحَسَنِ، وكأَنّه أَرادَ المَشَاهِيرَ فالأَخَافِشَةُ اثْنَا عَشَر، كَمَا فِي طَبَقَاتِ النُّحَاةِ، نقلَه شَيْخُنَا. قُلْتُ: وأَمَّا الأَخْفَشُ الأَكْبَر، فهُوَ أَبو الخَطَّابِ، عبدُ الحَمِيدِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ، من أَهْلِ هَجَرَ وَمَوَالِيهم، أَخَذَ عَنهُ أَبو عُبَيْدَةَ وسِيبَوَيْه.
وغيرُهما. والأَوْسَطُ هُوَ: أَبُو الحَسَنِ، سَعِيدُ بنُ مَسْعَدَةَ، المُجَاشِعِيُّ بالوَلاَءِ، النَّحْوِيّ البَلْخِيّ، أَحَدُ نُحَاةِ البَصْرَةِ، وَهُوَ صاحِبُ سِيبَوَيْه، وكانَ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي زادَ فِي العَرُوضِ بَحْرَ الخَبَبِ.
والأَصْغَرُ هُوَ عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ بن الفَضْلِ النَّحءوِيّ، رَوَى عَن المُبَرِّدِ وثَعْلَب وغَيْرهما، تُوُفِّيَ سنة ببَغْدَادَ. وأَبُو عبدِ اللهِ، هارُون ُ ابنُ مُوسَى. وشُرَيك الدِّمَشْقِيّ المَعْرُوفُ بالأَخْفَشِ: ثِقَةٌ نَحْوِيٌّ مُقْرِئُّ إِمامٌ فِي قِرَاءَةِ ابنِ ذَكْوان، تُوُفِّيَ بِدِمَشْق سنة عَن. والأَخْفَشُ: الَّذِي يُغَمِّضُ إِذا نَظَرَ، وَقَالَ أَبو زَيْد: رجلٌ خَفٌِ ش إِذا كانَ فِي عَيْنَيِهِ غَمَصٌ، أَي قَذىً. وَمن الأَمْثَال كأَنَّهُم مِعْزَى مَطِيرَةٌ فِي خَفْش، يُضْرَب لِمَنْ وَقَعَ فِي عَمىً وحَيْرَةٍ أَو ظُلْمَة لَيلٍ، وأَصله قَول السّيدةِ عائِشةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وضَرَبَت المِعْزَى مَثَلاً لأَنّها من أَضْعَفِ الغَنَم فِي المَطَرِ والبَرْدِ. والحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَخْفَشُ، من أَوْلادِ الأَئِمَّة، بكَوْكَبانَ، أُعْجُوبَةُ الزَّمَنِ، تُوُفّيَ سنة.

ركي

ركي
: (ى} الرَّكِيُّ، كَغِنيَ) : أَهْمَلَهُ الجوهريُّ والجماعَةُ.
وَهُوَ (الضَّعيفُ.
(و) يقالُ: (هَذَا الأَمْرُ {أَرْكَى مِن ذلكَ) ، أَي (أَهْوَنُ وأَضْعَفُ) .
وتقدّمَ عَن ابنِ سِيدَه أنَّه قالَ ليسَ فِي الكَلامِ (رَ ك ي) ، أَي فَإِذا نَحْمِل جَمِيعَ مَا جاءَ فِيهِ بالياءِ على الواوِ فتأَمَّل ذلكَ.
(ر ك ي)

الرَّكِيُّ: الضَّعِيف مثل الرَّكيك. وَقيل: ياؤه بدل من كَاف الركيك، فَإِذا كَانَ ذَلِك فَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب.

وَهَذَا الْأَمر أرْكَى من هَذَا: أَي أَهْون مِنْهُ وأضعف، قَالَ الْقطَامِي:

وغيرُ حَرْبِيَ أركى من تجشُّمها ... إجَّانةٌ من مُدَام شَدَّ مَا احْتَدَما
ركي، وَقد ترى سَعَة بَاب رَكَوْت.
وممَّا يُسْتدرَكُ عَلَيْهِ:
{أَرْكَيْتُ عَلَيْهِ الحِمْلَ: أَثْقَلْتُه بِهِ.
ورَكَوْتُ عَلَيْهِ الأَمْرَ ورَكَّيته.
} وأَرْكَيْتُ فِي الأَمْرِ: تأَخَّرْتُ.
وأَرْكَيْت إِلَيْهِ: مِلْتُ واعْتَزَيْتُ.
قالَ الشَّاعِرُ:
إِلَى أَيَّما الحَيَّيْنِ تُرْكَوا فإِنَّكُمْ
ثِفالُ الرَّحَى مَنْ تَحْتَها لَا يَرِيمُها {تُرْكُوْا: أَي تَنْتَسِبوا وتَعْتَزُوا.
} ورَكاهُ: إِذا جاوَبَ رَوْكَه، وَهُوَ الصَّدَى مِنَ الجَبَلِ والحَمَّام.
{ورَكَا الحَوْضَ} وأَرْكاهُ سَوَّاهُ.
{ورَكَوْتُ يَوْمي: أَي أَقَمْتُ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.

من

من



اين أَوْضَحَ. (T, in L, art. وضح.) 6 تَوَاضَعَ He was, or became, lowly, humble, submissive, or in a state of abasement: (Msb:) or he lowered, humbled, or abased, himself. (S, K.) b2: تَوَاضَعَا الرُّهُونَ They two laid bets, wagers, or stakes, each with the other; syn. تَرَاهَنَا. (TA, art. رهن.) b3: تَوَاضَعَتِ الأَرْضُ (tropical:) The land was lower than that which was next to it. (TA.) 8 اِتَّضَعَتْ أَرْكَانُهُ

: see R. Q. 2 in art. ضع.

وَضْعٌ

, as one of the ten predicaments, or categories, Collocation, or posture. b2: Also The constitution of a thing; its conformation; its make. And i. q. قَنٌّ, meaning A mode, or manner, &c.

ضَِعَةٌ perhaps an inf. n. of وَضَعَتْ, meaning “ she brought forth: ” see 1, third sentence, in art. قرأ.

وَضِيعٌ Low, ignoble, vile, or mean; of no rank, or estimation. (Msb.) هُوَ مَوْضِعُ سِرِّى He is the depository of my secret, or secrets. b2: مَوْضِعُهُ الرَّفْعُ Same as مَحَلُّهُ الرفع b3: مَوْضِعٌ The proper application, or meaning, of a word. (Bd, iv. 48 and v. 45.) See 1 in art. حرف. And The case in which a word is to be used: see S, art. on the particle فَ. b4: And The proper place of a thing. b5: Ground; as when one says, “a ground for, or of, belief, trust, accusation,” &c. and The proper object of an action, &c.: as in the phrase فُلَانٌ مَوْضِعٌ لِلْإِكْرَامِ Such a one is a proper object of honouring.

مَوْضُوعٌ A certain pace of a beast; contr. of مَرْفُوعٌ. (S in art. رفع.) b2: مَوْضُوعٌ as an inf. n., signifying a certain manner of going of a beast: see رَفَعَ البَعِيرُ. b3: مَوْضُوعٌ, in logic, (assumed tropical:) A subject, as opposed to a predicate: and (assumed tropical:) a substance, as opposed to an accident: in each sense, contr. of مَحْمُولٌ. b4: (assumed tropical:) The subject of a book or the like. b5: See مَصْنُوعٌ. b6: أَصْوَاتٌ مَصُوغَةٌ مَوُضُوعَةٌ: see art. صوغ.

مُوَاضَعَة [when used as a conv. term in lexicology] i. q. إِصْطِلَاحٌ [when so used]. (Mz, 1st نوع.) أَكَمَةٌ مُتَوَاضِعَةٌ [(assumed tropical:) A low hill]. (S in art. خشع.)
مِن
: ( {ومِنْ، بالكسْرِ) :) حَرْفُ خَفْضٍ يأْتي على أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهاً:
الأوَّل: (لابْتِداءِ الغايَةِ) ويُعَرَّفُ بمَا يَصحُّ لَهُ الانْتِهاءُ، وَقد يَجِيءُ لمجرَّدِ الابْتِداءِ 
من دُون قَصْدِ الانْتِهاءِ مَخْصوصاً نَحْو أَعُوذُ باللَّهِ} مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، فابْتِداءُ الاسْتِعاذَةِ مِنَ الشَّيْطانِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَن الانْتِهاءِ (غالِباً وسائِرُ مَعانِيها رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ) .
(ورَدَّها الناصِرُ البَغْدادِيُّ فِي منْهاجِه إِلَى البَيانِيَّة دَفْعاً للاشْتِراكِ لشُمُولِه جمعَ مَوارِدِها.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ خِلافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الصَّرْف فِي الأَماكِنِ، ومِثَالُه قَوْلُه تَعَالَى: { (إِنَّه مِنْ سُلَيْمانَ) } ) نَزَلَ فِيهِ مَنْزلَةَ الأماكِنِ، وَهَذَا كقَوْلِهم: كتَبْت مِن فلانٍ إِلَى فلانٍ، وقَوْلُه تَعَالَى: { (مِن المَسْجِدِ الحَرَامِ) إِلَى المَسْجِدِ الأقْصَى} ، هُوَ كقَوْلِهم: خَرَجْتُ مِن بَغْدادَ إِلَى الكُوفَةِ. ويَقَعُ كذلِكَ فِي الزَّمانِ أَيْضاً كَمَا فِي الحدِيثِ: (فمُطِرْنا (مِن الجُمْعَةِ إِلَى الجُمْعَةِ)) ،) وَعَلِيهِ قَوْلُه تَعَالَى: {مِن أَوَّلِ يَوْم أَحَقّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} . (و) يَقَعُ فِي المَعانِي: نَحْو قَرَأْتُ القُرْآنَ مِن أَوَّلِه إِلَى آخِرِه.
الثَّاني: (و (للتَّبْعِيضِ) ، نَحْو قَوْلِه تعالَى: { (! مِنْهُم مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ) } ،) وعَلامَتُها إمْكانُ سَدَّ بَعْض مَسَدّها، كقِراءَةِ ابنِ مَسْعودٍ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: {حَتَّى تُنْفِقُوا بعضَ مَا تُحِبُّونَ} ؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {رَبّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِن ذُرِّيَّتي بوادٍ غَيْر ذِي زَرْعٍ} ،) فَمن هُنَا اقْتَضَى التَّبْعِيض لأنَّه كانَ تركَ فِيهِ بعضَ ذُرِّيَّتِه.
(و) الثَّالِثُ: (لبَيانِ الجِنْسِ، وكَثيراً مَا تَقَعُ بَعْدَما ومَهْما وهُما بهَا أَوْلَى لإفْراطِ إبْهامِهما) ، كقَوْلِه تعالَى: { (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ للنَّاسِ من رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) } ،) وقوْلُه تَعَالَى: {مَا نَنْسَخُ مِن آيةٍ} ، وقَوْلُه تَعَالَى: {مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِن آيةٍ} ؛ ومِن وُقُوعِها بَعْد غَيْرهما قَوْلُه تَعَالَى: {يحلونَ فِيهَا مِن أَساوِرَ مِن ذَهَبٍ ويَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِن سنْدَس وإسْتَبْرَق} ، ونَحْو: (فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ. والفَرْقُ بينَ مِن للتَّبْعِيض ومِن للتَّبْيِين أَنَّه كانَ للتَّبْعِيضِ يكونُ مَا بَعْدَه أَكْثَر ممَّا قَبْلَه كقَوْلِه تَعَالَى: {وقالَ رجُلٌ مُؤْمِنٌ مِن آلِ فِرْعَوْنَ} ، وإنْ كانَ للتَّبْيِين كانَ مَا قَبْلَه أَكْثَر ممَّا بَعْده كقَوْلِه تَعَالَى: {فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ} وأَنْكَرَ مَجِيءَ مِن لبَيانِ الجِنْسِ قَوْمٌ وَقَالُوا: هِيَ فِي {مِنْ ذَهَبٍ} و {مِنْ سُنْدسٍ} للتَّبْعِيضِ، وَفِي {مِنَ الأَوْثانِ} للابْتِداءِ، والمعْنَى فاجْتَنِبُوا مِنَ الأَوْثانِ الرِّجْسَ وَهُوَ عِبادَتُها وَفِيه تَكَلُّفٌ، وقَوْلُه تعالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحات مِنْهُم مَغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً} ، للتَّبْيِينِ لَا للتَّبْعِيضِ كَمَا زَعَمَ بعضُ الزَّنادِقَةِ الطَّاعِنِينَ فِي بعضِ الصَّحابَةِ، والمعْنَى الَّذين هُم هَؤُلَاءِ؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {الذينَ اسْتَجابُوا للَّهِ والرَّسُولِ مِن بِعْدَ مَا أَصابَهم القرحُ للذينَ أَحْسَنُوا! مِنْهُمْ واتَّقُوا أَجْرٌ عَظيمٌ} ، وكُلّهم مُحْسِن مُتَّقّ، وقوْلُه: {ولئِنْ لم يَنْتَهوا عمَّا يقُولونَ ليَمسَّنَّ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْهُم عَذابٌ أَلِيمٌ} ، وَالْمقول فيهم ذلِكَ كُلّهم كُفَّار.
قُلْتُ: وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {فإنْ طِبْنَ لكُم عَن شيءٍ مِنْهُ نَفْساً فكُلُوه} ، فَإِن مِنْ هُنَا للجِنْسِ، أَي كُلُوا الشَّيءَ الَّذِي هُوَ مَهْرٌ. وقالَ الرَّاغِبُ: وتكونُ لاسْتِغراقِ الجِنْسِ فِي النَّفْي والاسْتِفْهامِ نَحْو: {فَمَا {منْكُم مِن أَحَدٍ عَنهُ حاجِزِينَ} .
قُلْتُ: وَقد جُعِلَتْ هَذِه المَعاني الثَّلاثَةُ فِي آيةٍ واحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُه تَعَالَى: {ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيهَا مِنْ بَرَد} ، فالأُوْلى لابْتِداءِ الغايَةِ والثانِيَةُ للتَّبْعِيضِ، والثالِثَةُ للبَيانِ.
وقالَ الرَّاغِبُ: تَقْديرُه: يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ جِبالاً، فمِنْ الأُوْلى لابْتِداءِ الغايَةِ، والثانِيَةُ ظَرْفٌ فِي مَوْضِع المَفْعولِ، والثالِثَةُ للتَّبْعِيضِ كقَوْلِكَ عِنْدَه جِبالٌ مِن مالٍ، وقيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ حملَ على الظَّرْفِ على أنَّه مُنْزَلٌ عَنهُ، وقوْلُه: {مِنْ بَرَد} نصب أَي يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيهَا بَرَداً؛ وقيلَ: مَوْضِعُ مِنْ فِي قوْلِه: {مِن بَرَد} رَفْع، و {مِنْ جِبالِ} نَصْب على أنَّه مَفْعولٌ بِهِ كأَنَّه فِي التَّقْدِيرِ ويُنزِّلُ مِنَ السَّماءِ جِبالاً فِيهَا بَرَد، وتكونُ الجِبالُ على هَذَا تَعْظِيماً وتَكْثِيراً لمَا نَزَلَ مِنَ السَّماءِ.
(و) الَّرابعُ: بمعْنَى (التَّعْلِيلِ) كقَوْلِه تعالَى: { (} ممَّا خَطايئاتهُم أُغْرِقُوا) } ،) وقَوْلُه:
وذلكَ من نبإ جاءَني (و) الخامِسُ: بمعْنَى (البَدَلِ) كقَوْلِه تعالَى: { (أَرَضِيتُم بالحياةِ الدُّنْيا مِن الآخِرَةِ) } ،) وكقَوْلِه، عزَّ وجلَّ: {وَلَو نَشاءُ لجَعَلْنا منكُم مَلائِكَةً} ، أَي بَدَلَكُم لأنَّ الملائِكَةَ لَا تكونُ مِنَ الإنْسِ؛ وكقَوْلِه تَعَالَى: {لَنْ تغني عَنْهُم أَمْوالُهم وَلَا أَوْلادُهم مِن اللَّهِ شَيْئا} ،) أَي بَدَل طَاعة اللَّهِ أَو بَدَل رَحْمَة اللَّهِ، وَمِنْه أَيْضاً: قَوْلُهم فِي دعاءِ القُنُوتِ: (لَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ.
(و) السَّادِسُ: بمعْنَى (الغايَةِ) ، نَحْو قَوْلِكَ: (رأَيْتُه من ذلكَ المَوْضِع) ، قالَ سِيْبَوَيْه: فإنَّك (جَعَلْتَهُ غايَةً لرُؤْيَتِكَ أَي مَحَلاًّ) ، كَمَا جَعَلْتَه غايَةً حيثُ أَرَدْتَ (للابْتِداءِ والانْتِهاءِ) ؛) كَذَا فِي المُحْكَم.
(و) السَّابِعُ: بمعْنَى (التَّنْصيصِ على العُمومِ وَهِي الَّزائِدَةُ) ، وتُعْرَفُ بأنَّها لَو أُسْقِطَتْ لم يَخْتَلّ المَعْنَى (نَحْوُ: مَا جاءَني من رجُلٍ) ، أُكِّدَ بمِنْ وَهُوَ مَوْضِعُ تَبْعِيضٍ، فأَرادَ أنَّه لم يأْتِه بعضُ الرِّجالِ، وكَذلِكَ وَيْحَه مِنْ رجُلٍ: إنَّما أَرادَ أَنْ يَجْعَل التَّعَجّبَ مِن بعضٍ، وكَذلِكَ: لي مِلْؤُهُ مِن عَسَلٍ، وَهُوَ أَفْضَل مِنْ زيْدٍ.
(و) الثَّامِنُ: بمعْنَى (تَوْكيدِ العُمومِ) وَهِي (زائِدَةٌ أَيْضاً) نَحْوُ: (مَا جاءَني مِنْ أَحَدٍ) ، وَشرط زِيادَتها فِي النَّوْعَيْن أُمُورٌ: أَحَدُها: تقدُّمُ نَفْي أَو نَهْي أَو اسْتِفْهامٍ بهَلْ أَو شَرْط نَحْوُ: {وَمَا تَسْقطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمها} ، {مَا تَرى فِي خلْقِ الرَّحْمن مِن تَفَاوُت} ، {فارْجع البَصَر هَلْ تَرَى مِن فطورٍ} ، وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
ومَهْما يَكُنْ عنْدَ امْرىءٍ مِنْ خَلِيقَةٍ وَإِن خَالَها تُخْفَى على الناسِ تُعْلَمِ الثَّاني: أَنْ يَتكرَّرَ مَجْرُورُها.
الثَّالِثُ: كوْنَه فاعِلاً، أَو مَفْعولاً بِهِ، أَو مُبْتدأ.
وقالَ الجاربردي: والزائِدَةُ لَا تَكونُ إلاَّ فِي غيرِ الْمُوجب نَفْياً كانَ أَو نَهْياً أَوْ اسْتِفهاماً، أَي لأَنَّ فائِدَةَ مِنْ الزَّائِدَة تَأْكِيدُ مَعْنَى الاسْتِغراقِ، وذلِكَ فِي النَّفْي دُونَ الإثْباتِ، وفيهَا خِلافٌ للكُوفِيِّين والأَخْفَش، فإنَّهم يزِيدُونَها فِي الموجبِ أَيْضاً.
وَفِي الصِّحاحِ: وَقد تَدْخلُ مِنْ تَوْكِيداً لَغْواً؛ قالَ الأَخْفَشُ: وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وتَرَى المَلائِكَةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ} ، وقالَ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لرجُلٍ مِنْ قَلْبَيْن فِي جوْفِه} ، إنَّما أَدْخَلَ مِنْ تَوْكيداً كَمَا تقولُ رأَيْتَ زيدا نَفْسَه، انتَهَى.
وقالَ الرَّاغِبُ فِي قوْله تَعَالَى: {فكُلُوا! ممَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُم} ، قالَ أَبو الحَسَنِ: مِن زائِدَةٌ والصَّحيحُ أَنَّها ليْسَتْ بزَائِدَةٍ لأنَّ بعضَ مَا أَمْسَكْنَ لَا يَجوزُ أَكْلُه كالدَّمِ والغدَدِ وَمَا فِيهِ مِن القَاذُورَاتِ المنهيّ عَن تَناوِلِها، انتَهَى.
وقالَ أَبو البَقاءِ فِي قوْلِه تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنا فِي الكِتابِ مِنْ شيءٍ} ، إنَّ مِنْ زائِدَة وَشَيْء فِي مَوْضِعِ المَصْدَرِ أَي تَفْرِيطاً، وعَدَّ أَيْضاً قَوْله تَعَالَى: {مَا نَنْسَخُ مِنْ آيةٍ} ، وقالَ: يَجوزُ كَوْن آيةٍ حَالا، ومِن زَائِدَةٌ، واسْتَدَلّ بنَحْو: {ولَقَدْ جاءَكَ مِنْ نبإِ المُرْسَلِين} ، {يَغْفِر لكُم منْ ذنوبِكم} ، {يُحَلّوْنَ فِيهَا مِن أَساوِرَ} ، {ونكفر عَنْكُم سيئاتِكم} . وخَرَّجَ الكِسائيُّ على زِيادَتِها الحدِيثَ: (إنَّ مِنْ أَشَدِّ الناسِ عَذاباً يَوْم القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ) ، وَكَذَا ابنُ جنِّي قِراءَة بعضِهم: لمَّا آتيتكم مِن كِتابٍ وحِكْمةٍ بتَشْديدِ لمَّا، وقالَ بِهِ بعضُهم فِي (ولقَدْ جاءَك مِنْ نبإِ الْمُرْسلين) .
(و) التَّاسِعُ: بمعْنَى (الفَصْلِ، وَهِي الدَّاخِلَةُ على ثَانِي المُتَضادَّيْنِ) كقَوْلِه تَعَالَى: { (واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ من المُصْلِحِ) } ،) وقَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُمَيّز الخَبِيثَ مِن الطيِّبِ} .
(و) العاشِرُ: (مُرادَفَة الباءِ) كقَوْلِه تَعَالَى: { (يَنْظرونَ إليكَ من طَرَفٍ خَفِيَ) } ،) أَي بطَرَفٍ خَفِيَ.
(و) الْحَادِي عَشَرَ: (مُرادَفَة عَنْ) ، كقَوْلِه تَعَالَى: { (فَوَيْلٌ للقاسِيَة قُلوبُهُمْ مِن ذِكْرِ اللَّهِ) } (36 ع) ،) أَي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وقَوْلُه تَعَالَى: {لقد كُنْت فِي غفْلَةٍ مِن هَذَا} (37) .
(و) الثَّاني عشر: (مُرادَفَة فِي) كقَوْلِه تَعَالَى: { (أَرُونِي مَاذَا خَلَقوا مِن الأرْضِ) } (38) ،) أَي فِي الأرضِ، وقوْله تَعَالَى: { (إِذا نُودِي للصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ) } (39) ،) أَي فِي يَوْم الجُمُعَةِ.
(و) الثَّالِثُ عشر: (مُوافَقَة عِنْدَ) كقَوْلِه تَعَالَى: { (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُم وَلَا أَوْلادُهُم مِن اللَّهِ شَيئاً) } (40) ،) أَي عِنْدَ اللَّهِ، عَن أَبي عُبيدَةٍ وقدَّمْنا فِي ذلِكَ أنَّه للبَدَلِ.
(و) الَّرابِعُ عَشَرَ: (مُرادَفَة على) كقَوْلِه تَعَالَى: { (ونَصَرْناهُ مِنَ القَوْمِ) } ،) أَي على القَوْمِ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: يقالُ: نَصَرْتُه مِنْ فلانٍ، أَي مَنَعْتُه مِنْهُ، لأنَّ الناصِرَ لكَ مانِعٌ عَدُوَّك، فلمَّا كانَ نَصَرْته فِي معْنَى مَنَعْته جازَ أَن يتعدَّى بمِنْ، ومِثْلُه: {فلْيَحْذَرِ الذينَ يُحالِفُون عَن أَمْرِه} ،) فعدَّى الفِعْلَ بعَنْ حَمْلاً على معْنَى يَخْرُجُون عَن أَمْرِه، لأنَّ المُخالفَةَ خُرُوجٌ عَن الطَّاعَةِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
مِنْ تكونُ صِلَةً. قالَ الفرَّاءُ: وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَبِّك مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ} ، أَي مَا يَعْزُبُ عَن علْمِه وَزْنُ ذَرَّةٍ؛ وَمِنْه أَيْضاً قَوْل داية الأحْنَف:
واللَّه لَوْلَا حَنَفٌ فِي رِجْلِهما كانَ مِن فِتْيانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِقالَ: مِنْ صِلَةٌ هُنَا؛ قالَ: والعَرَبُ تُدْخِلُ مِنْ على جَمِيعِ المحالِّ إلاَّ على اللاَّمِ والباءِ، وتُدْخِلُ مِنْ على عَنْ وَلَا عكس؛ قالَ القُطاميُّ:
مِنْ عَنْ يمينِ الحُبَيّا نَظْرةٌ قَبَلٌ وقالَ أَبو عُبيدٍ: العَرَبُ تَضَعُ مِنْ مَوْضِعَ مُذْ، تقولُ: مَا رأَيْته مِنْ سنةٍ، أَي مُذْ سَنَةٍ؛ قالَ زُهيرٌ: لِمَنِ الدِّيارُ بقُنَّةِ الحِجْرِأَقْوَيْنَ من حِجَجٍ وَمن دَهْرِ؟ (7) أَي مُذْ حِجَجٍ؛ وَعَلِيهِ خَرَّجُوا قَوْلَه تَعَالَى: {مِن أَوَّلِ يَوْم أَحَق أَن تَقُومَ فِيهِ} .
وتكونُ بمعْنَى اللامِ الزائِدَةِ كقَوْلِه:
أَمِنْ آلِ لَيْلى عَرَفْتَ الدِّيارا أَرادَ ألآلِ لَيْلى.
وتكونُ مُرادَفَة لباءِ القَسَمِ كقَوْلِهم: مِنْ رَبِّي فعلت، أَي برَبِّي.
فائِدَة مُهمة.
قالَ اللَّحْيانيُّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: إِذا لَقِيَتِ النُّونُ أَلفَ الوَصْلِ فَمنهمْ مَنْ يخْفضُ النُّونَ فيَقولُ مِنِ القَوْم ومِن ابْنِك. وحُكِي عَن طَيِّىءٍ وكَلْبٍ: اطْلُبُوا مِن الرَّحْمنِ، وبعضُهم يَفْتَح النّونَ عنْدَ اللامِ وأَلفِ الوَصْل فيَقولُ: مِنَ القَوْمِ ومِنَ ابْنِك، قالَ: وأُراهُم إنَّما ذَهَبُوا فِي فتْحِها إِلَى الأصْل لأنَّ أَصْلَها إنَّما هُوَ مِنَا، فلمَّا جُعِلَتْ أَداةً حُذِفَتِ الأَلفُ وبَقِيَتِ النُّونُ مَفْتوحةً، قالَ: وَهِي فِي قُضَاعَةَ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ عَن بعضِ قُضاعَةَ:
بَذَلْنا مارِنَ الخَطِّيِّ فيهِمْوكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِمِنَا أَن ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْس حَتَّى أَغاثَ شَرِيدَهُمْ فَنَنُ الظَّلامِقالَ ابنُ جنِّي: قالَ الكِسائيُّ: أَرادَ مِنْ، وأَصْلُها عنْدَهُم مِنَا، واحْتاجَ إِلَيْهَا فأَظْهَرَها على الصِّحَّة هُنَا.
وقالَ سِيْبَوَيْه: قَالُوا: مِنَ اللَّهِ ومِنَ الرَّسولِ فَتَحُوا، وشَبَّهوها بكيْفَ وأَيْنَ، وزَعَمُوا أنَّ نَاسا يقُولونَ بكسْرِ النونِ فيُجْرُونَها على القِياس، يعْنِي أَنَّ الأصْلَ فِي ذلكَ الكَسْرُ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن؛ قالَ: واخْتَلَفُوا إِذا كانَ مَا بَعْدَها أَلِفُ وَصْلٍ فكَسَرَه قوْمٌ على القِياسِ، وَهِي الجيِّدَةُ. ونقلَ عَن قوْمِ فِيهِ الفَتْح أَيْضاً.
وقالَ أَبو إسْحاقَ: يَجوزُ حَذْفَ النونِ مِنْ مِنْ وعَنْ عنْدَ الألفِ واللامِ لالْتِقاءِ السَّاكِنين، وَهُوَ فِي مِنْ أَكْثَر يقالُ: مِنَ الآنِ ومِ الْآن، ونقلَ ذلِكَ عَن ابنِ الأعْرابيِّ أَيْضاً.
تذنيب
قَوْلُه تَعَالَى: {كُلَّما أَرادُوا أَنْ يخرجُوا! مِنْهَا مِن غَمَ} ، الأُوْلى للابْتِداءِ، والثانِيَة للتَّعْلِيلِ؛ وقَوْلُه تَعَالَى: {ممَّا تنبتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِها} ، الأُوْلى للابْتِداءِ، والثانِيَة إمَّا كَذلِكَ فالمَجْرُورُ بَدَلُ بعضٍ وأعيد الْجَار، وإمَّا لبَيانِ الجنْسِ فالظَّرْفُ حالٌ والمنبت مَحْذوفٌ، أَي ممَّا تنبِتُه كائِناً مِن هَذَا الجِنْسِ؛ وقوْلُه تَعَالَى: {وَمن أَظْلَمَ مِمَّن كَتَمَ شَهادَةً عنْدَه مِنَ اللَّهِ} ، الأُوْلى مِثْلُها فِي زَيْد أَفْضَل مِنْ عَمْرو والثانِيَة للابْتِداءِ؛ وقوْلُه تَعَالَى: {أَتَأْتُون الرِّجالَ شَهْوةً مِنْ دُونَ النِّساءِ} ، مِنْ للابْتِداءِ والظَّرْفُ صفَةٌ لشَهْوةٍ، أَي شَهْوة مُبْتدأَةٌ مِن دُونهنَّ؛ وقوْلُه تَعَالَى: {مَا يَودُّ الذينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ} الْآيَة فِيهَا مِنْ ثَلَاث مَرَّات، الأُوْلى للبَيانِ، والثانِيَةُ زائِدَةٌ، والثالثةُ لابْتِداءِ الغايَةِ؛ وقوْلُه تَعَالَى: {لآكلون من شَجَرٍ مِنْ زقوم} ، وقوْلُه تَعَالَى: {ويَوْمَ نَحْشُرُ مِن كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ِ {مّمَّن يُكذِّبُ} ، الأُوْلى مِنْهُمَا للابْتِداءِ، والثانِيَة للتَّبْيِّين.
من: اسم مبهم يشمل الذوات العاقلة آحادا وجمعا واستغراقا، ذكره الحرالي.
(من)
عَلَيْهِ منا أنعم عَلَيْهِ نعْمَة طيبَة يُقَال من الله على عباده فَهُوَ المنان وفخر بنعمته حَتَّى كدرها وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} وَالشَّيْء نقص وَالْأَمر فلَانا أضعفــه وأعياه يُقَال مِنْهُ السّير وَمِنْه السّفر وَالشَّيْء قطعه يُقَال من الْحَبل وَمِنْه قيل منته الْمنون مَاتَ
[من] ك: فيه: والعجوز "من" ورائنا، بكسر ميم، وروى بفتحها موصولة. وح: أوصى لأقاربه "من" أقاربه؟ من- استفهامية. وح: يخرج به جده ابن هشام "من" السوق، أي من جهة دخول السوق والمعاملة، فيشركهم- أي فيما اشتراه باعتبار أن أقل الجمع اثنان، فربما أصاب الراحلة أي من الربح، كما هي أي بتمامها. ط: اللهم "منك" ولك عن محمد وأمته، أي هذه منحة منك صادرة عن محمد خالصة لك. و"من" جنة الفردوس مأواه، من- موصولة في البخاري وجارة في غيره. وح: "فمن" لنا، أي إذا كان اختلاف بين الأمير ومن خنرج عليه فمن تأمرنا أن نتبعه؟ فأجاب: عليكم بالأمير.

من


مِن
a. From; of; for; at; among; through; since; some;
than.

خَرَجَ مِن الدَّار
a. He went out from the house.
مُرَكَّب مِن نَفْسٍ وَجَسَدٍ
a. Composed of a soul & body.
مِنْ النَّاس مَن قَالَ
a. There were some ( of the people), who said.
مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ وَمِنْ
سَاعَتِهِ
a. He died on the same day & at
the same hour.
خَرَجَ مِنَ البَابِ
a. He went out through the door.
يَعْلَم الْمُفْسِد مِنَ
المُصَلِح
a. He distinguishes the bad from the good.

مَا جَآءنِي مِنْ رَجُلٍ
a. No person came to me.

مَا مِنْ أَحَدٍ يَقْدِر
a. No one can.

هُوَ أَقْوَى مِنِّي
a. He is stronger than me.
مِن وَقْتِه
a. At once.

مِن أَجْلِكَ
a. For your sake, on your account.

مِن الآن
a. Henceforth.

مِن أَيْن
a. Whence?

مِن بَعْد
a. After, hereafter.

مِن دُوْن
a. Without, except, beside.

مِن عَيْر أَن
a. Nevertheless.

مِن قَبْل
a. Formerly.

مِن قَبْلَ اَن
a. Heretofore.

مِن شَهْر
a. Since a month, a month ago.

مِن أَيّ وَجْهٍ كَان
a. In whatever manner.
من: المَنُّ: شَيْءٌ كالعَسَلِ الجامِدِ. ولُغَةٌ في المَنَا الذي يُوْزَنُ به، وجَمْعُه أَمْنَانٌ. وفي الحَدِيْثِ: " الكَمْأَةُ من المَنِّ " أي ما مَنَّ اللهُ عَزَّ وجَلَّ به على خَلْقِه، وقيل: الطَّرَنْجَبِيْنُ. وقَطْعُ الخَيْرِ، وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: " لهم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُوْنٍ " أي مَقْطُوعٍ.
وحَبْلٌ مَنِيْنٌ: ضَعِيْفٌ، وجَمْعُه مُنُنٌ. ورَجُلٌ مَنِيْنٌ: مِثْلُه.
والمَنِيْنُ: الغُبَارُ. والثَّوْبُ الخَلَقُ. والإِحْسَانُ الذي تَمُنُّ به على مَنْ لا تَسْتَثْبِتُه، والاسْمُ المِنَّةُ، واللهُ المَنّانُ.
والمِنِّيْنَى على هِجِّيْرى: اسْمٌ من المَنِّ والامْتِنَانِ. والمَنُوْنَةُ: الكَثِيْرُ الامْتِنَانِ.
والمُنَّةُ: مُنَّةُ القَلْبِ وهي قُوَّتُه.
والمُنَّةُ: الضَّعْفُ أيضاً، وهي من الأضْدَادِ.
ومانَنْتُه مُمَانَّةً: أي تَرَدَّدْتُ في قَضَاءِ حَقِّه وتَنَجُّزِ حاجَتِه.
وامْتَنَنْتُ فلاناً: بَلَغْت مَمْنُوْنَه وهو أقْصى ما عِنْدَه.
وأَمَنَّني السَّيْرُ ومَنَّني وتَمَنَّنَني: أي أَنْضَاني. ومَنَنْتُه: أي أذْهَبْتُ مُنَّتَه.
والمُنَّةُ: جَهَازُ المَرْأَةِ.
والمَنُوْنُ: المَوْتُ مُؤَنَّثَةٌ؛ لأنَّها تَمُنُّ الأشْيَاءَ أي تَنْقُصُها، والمَنُوْنُ واحِدٌ وجَمْعٌ. وهو الدَّهْرُ أيضاً.
والمِنَنَةُ: الأُنْثى من القَنَافِذِ. وقيل: العَنْكَبُوْتُ.
والمَنَّةُ: البَطَّةُ. وقيل: القِرْدَةُ.
و" مَنْ " و " مِنْ ": حَرْفَانِ من أدَوَاتِ الكَلاَمِ.
من: من: تأتي بعد الأفعال التي تعبر عن الحركة: من خلال، في، ب، على؛ وقد ضرب (فريتاج) أمثلة أود أن أضم إليها ما ذكره (مرسنج 4: 22): ذهب إلى مكة من البحر أي عبر البحر.
فمن قائل يقول: قال أحد الناس (بدرون 9: 145) ومن قائل.
فمن قائل: أحدهم يقول، يدعى بعض (أبو الفداء، تاريخ الجاهلية 7 و8: 192).
من: خلال (المعنى الحرفي هنا لمن هو المعنى التجزيئي مثل قولنا بعض أي بعض من كل) ففي (البخاري مخطوطة 2: 170): استيقظ النبي من الليل (وفيه 174): فقام رسول الله يصلي من الليل.
من: تكون من، تألف، اشتمل على، ارتكز على، قوامه كان كذا ... (النويري أسبانيا 477) وولي محمد جنده قوادا من طبيب وحائك وجزار وسراج.
من أحد: واحد (في الجمل الاثباتية) (ابن جبير 292: 9): كنت من أحد فتيان الخليفة.
من: أنظر (دي ساسي في مختاراته الأدبية 1: 492) للاطلاع على ما كتبه عن من حين تشير إلى صلة الارتباط مثل هو منك وأنت منه (2: 420 دي ساسي) أي هناك صلة ارتباط (في المقام، الطبقة، الرتبة، المكانة، الصف) أو في (الأهلية، الجدارة، اللياقة) بينك معه فهو صنوك وأنت صنوه (انظر دي ساسي نحو 1: 492).
من: بالقياس على (أبو فداء. تاريخ الجاهلية 74: 8): والذي يقوم بعدك دونك بمنزلة الفضة من الذهب (أبو الفداء. أخبار الإسلام 2: 92): واسوءتاه من رسول الله.
ناهيك من رجل: عبقري، نادرة الزمان (تأويلها أنه غاية ينهاك عن طلب غيره وأما قولهم هذا رجل ناهيك من رجل قيل معناه كافيك به - محيط المحيط). وترد من رجل أحيانا وحدها، أي من دون ناهيك، (عباد 1: 259).
فمن يوم إذ: ملعون اليوم الذي ... (المقري 3: 23):
فمن يوم إذ صيرت ودي جانبا ... وأعرضت عني ما تناطح عنزان
منك: يبدو أن معناها: لو سمحت، لو تفضلت (الأغاني 39: 8): خليليّ عوجا منكما ساعة معي من: ذاق الطعام من الملح أي ليرى كفايته من الملح (ابن الخطيب 32): فذاق الطعام من الملح بالمغرفة فوجده محتاجا للملح فجعل فيه ملحا. (أي يحتاج إلى الملح. المترجم).
شأن من الشأن: وعجب من العجب أنظرهما في مادة شأن وعجب.
(من)
تكون من بالمعاني الْآتِيَة
1 - شَرْطِيَّة يجْزم الْفِعْل الْمُضَارع فِي شَرطهَا وَفِي جوابها نَحْو {من يعْمل سوءا يجز بِهِ}
2 - استفهامية نَحْو {قَالُوا يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَنَحْو {قَالَ فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى} وَإِذا قيل من يفعل هَذَا إِلَّا زيد فَهِيَ من الاستفهامية دلّ الأسلوب مَعهَا على معنى النَّفْي وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله}
3 - مَوْصُولَة نَحْو {ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض}
4 - نكرَة مَوْصُوفَة وَبِهَذَا تدخل عَلَيْهَا (رب) وَمِنْه قَول سُوَيْد
(رب من أنضجت غيظا قلبه ... قد تمنى لي موتا لم يطع)
ووصفت بالنكرة فِي نَحْو قَوْلهم مَرَرْت بِمن معجب لَك

(من)
حرف جر يَأْتِي على وُجُوه مِنْهَا
1 - الِابْتِدَاء وَهُوَ الْغَالِب وَيدخل على الزَّمَان قَلِيلا نَحْو مرض من يَوْم الْجُمُعَة وعَلى غير اسْم الزَّمَان نَحْو سَار من الْقَاهِرَة
2 - التَّبْعِيض فَيمكن أَن يذكر موضعهَا كلمة بعض مثل مِنْهُم من أحسن وَمِنْهُم من أَسَاءَ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}
3 - الْبَيَان فَيكون مَا بعْدهَا بَيَانا لشَيْء مُبْهَم قبلهَا وَكَثِيرًا مَا تقع بعد مَا وَمهما نَحْو {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة} وَنَحْو {مهما تأتنا بِهِ من آيَة}
4 - التَّعْلِيل نَحْو {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا}
5 - الْبَدَل نَحْو {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة}
6 - الْفَصْل والتمييز وَهِي الدَّاخِلَة على ثَانِي المتضادين نَحْو {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح}
7 - توكيد الْعُمُوم وَهِي الزَّائِدَة فِي نَحْو مَا جَاءَنِي من أحد وَيشْتَرط أَن يتقدمها نفي أَو نهي أَو اسْتِفْهَام بهل وَأَن يَليهَا نكرَة نَحْو {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل}
م ن: (مَنْ) اسْمٌ لِمَنْ يَصْلُحُ أَنْ يُخَاطَبَ وَهُوَ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ. وَهُوَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدٌ. وَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} [الأنبياء: 82] وَلَهَا أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ: الِاسْتِفْهَامُ نَحْوَ مَنْ عِنْدَكَ؟. وَالْخَبَرُ نَحْوَ رَأَيْتُ مَنْ عِنْدَكَ. وَالْجَزَاءُ نَحْوَ مَنْ يُكْرِمْنِي أُكْرِمْهُ. وَتَكُونُ نَكِرَةً نَحْوَ مَرَرْتُ بِمَنْ مُحْسِنٍ، أَيْ بِإِنْسَانٍ مُحْسِنٍ. وَ (مِنْ) بِالْكَسْرِ حَرْفٌ خَافِضٌ وَهُوَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ كَقَوْلِكَ: خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْكُوفَةِ. وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ كَقَوْلِكَ: هَذَا الدِّرْهَمُ مِنَ الدَّرَاهِمِ. وَقَدْ تَكُونُ لِلْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ كَقَوْلِكَ: لِلَّهِ دَرُّهُ مِنْ رَجُلٍ فَتَكُونُ مِنْ مُفَسِّرَةً لِلِاسْمِ الْمَكْنِيِّ فِي قَوْلِكَ دَرُّهُ وَتَرْجَمَةً عَنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] فَالْأُولَى: لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لِلتَّبْعِيضِ وَالثَّالِثَةُ: لِلتَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ. وَقَدْ تَدْخُلُ مِنْ تَوْكِيدًا لَغْوًا كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ وَوَيْحَهُ مِنْ رَجُلٍ أَكَّدْتَهُمَا بِمِنْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30] أَيْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ وَكَذَلِكَ ثَوْبٌ مِنْ خَزٍّ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] : إِنَّمَا أَدْخَلَ مِنْ تَوْكِيدًا كَمَا تَقُولُ: رَأَيْتُ زَيْدًا نَفْسَهُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا رَأَيْتُهُ مِنْ سَنَةٍ أَيْ مُنْذُ سَنَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108] وَقَالَ زُهَيْرٌ:

لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الْحِجْرِ ... أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ دَهْرِ
وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى عَلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 77] أَيْ عَلَى الْقَوْمِ. وَقَوْلُهُمْ: مِنْ رَبِّي مَا فَعَلْتُ فَمِنْ حَرْفُ جَرٍّ وُضِعَ مَوْضِعَ الْبَاءِ هُنَا لِأَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ يَنُوبُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ إِذَا لَمْ يَلْتَبِسِ الْمَعْنَى. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ نُونَهُ عِنْدَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَيَقُولُ: مِلْكَذِبِ أَيْ مِنَ الْكَذِبِ. 
من
مَنْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - اسم استفهام مبنيّ على السكون، يُستفهم به عن العاقل مذكّرًا أو مؤنّثًا، مفردًا أو غير مفرد، وتدخل عليه حروف الجرّ فيقال: عمَّنْ، ممَّن، فيمن ... إلخ "أنت من تكون؟ - عمَّن تتحدّث؟ - {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} - {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى} ".
2 - اسم شرط مبني على السكون يجزم فعلين، يستعمل للعاقل مذكّرًا أو مؤنّثًا، مفردًا أو غير مفرد " {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} - {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} ".
3 - اسم موصول مبنيّ على السكون وأكثر استعماله للعاقل مذكّرًا أو مؤنّثًا، مفردًا أو غير مفرد، ولابدّ له من صلة "من في الدار يعرفونك- استمع إلى مَنْ ينصحُك- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} ".
4 - نكرة موصوفة وبهذا تدخل عليها (رُبَّ) "مررت بمن مُعْجبٍ لك: بإنسان مُعْجب لك- رُبّ مَنْ أنضجتُ غيظاً قلبه ... قد تمنَّى ليّ موتًا لم يُطَع". 

مِنْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف جرّ يفيد ابتداء الغاية الزمانيّة أو المكانيّة، وهو أشهر معانيه "سِرْتُ من المدينة- صام من يوم الجمعة".
2 - حرف جرّ يفيد التبعيض "منهم مَنْ أحسن ومنهم من أساء- {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ".
3 - حرف جرّ يفيد البيان والتفسير، فيكون ما بعده بيانًا لشيءٍ مُبهم قبله، وكثيرًا ما تقع بعد (ما) و (مهما) " {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} - {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ ءَايَةٍ} ".
4 - حرف جرّ يفيد التعليل " {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} ".
5 - حرف جرّ يفيد البدل " {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} ".
6 - حرف جرّ يفيد الفصل والتمييز، وهو الداخل على ثاني المتضادين " {وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} ".
7 - حرف جرّ زائد يفيد توكيد العموم، ويشترط أن يتقدَّمه نفي أو نهي أو شرط أو استفهام بهل، وأن يليه نكرة وقد يليه معرفة "ما جاءني من أحد- مهما يكن من أمر/ الأمر- {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ} ".
8 - حرف جرّ بمعنى على " {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} ".
9 - حرف جرّ بمعنى منذ "وقع هذا من ألف عام".
10 - حرف جرّ بمعنى بعد " {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} ".
11 - حرف جرّ بمعنى عن " {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ} ".
12 - حرف جرّ بمعنى في "أزرع القطن من جديد: في زمن جديد، أو ابتداء من زمن جديد- {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} ".
13 - حرف جرّ بمعنى الباء " {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} ".
14 - حرف جرّ بمعنى عند " {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا} ". 

من

1 مَنَّ عَلَيْهِ

, (S, M, Msb, K,) aor. مَنُّ

, (Msb,) inf. n. مَنٌّ (S, M, Msb, K) and مِنِّينَى; (K;) and ↓ امتنّ; (Msb;) He conferred, or bestowed, upon him, a favour, or benefit. (S, M, Msb, K.) Yousay, مَنَّ عَلَيْهِ شَيْأً, and بِشَىْءٍ, which latter is more common, and عليه بِهِ ↓ امتنّ He conferred, or bestowed, a thing upon him as a favour. (Msb.) b2: مَنَّ عَلَيْهِ, (S, M, Msb, K,) inf. n. مَنٌّ (T, Msb) or مِنَّةٌ; (S, K;) and ↓ امتن (S, M, Msb, K) and ↓ تمنّن; (M;) He reproached him for a favour, or benefit, which he (the former) had conferred, or bestowed; (M;) he recounted his gifts or actions to him. (Msb.) Ex., عَلَيْهَا بِمَا مَهَرَهَا ↓ اِمْتَنَّ [He reproached her for the dowry he had given her]. (K, art. مهر.) See Bd, ii. 264. See also an ex. in a verse cited voce سَرِفَ.5 تَمَنَّّ see 1.8 إِمْتَنَ3َ see 1.

مَنْ [used for مَا in the sense of What? as in the following of El-Khansà, أَلَا مَنْ لِعَيْنِى لَا تَجِفُّ دُمُوعُهَا O! what aileth mine eye, that its tears dry not? quoted in the TA, art. فثأ.] b2: مَنْ: respecting its dual مَنَانْ and مَنَيْنْ, and its pl. مَنُونْ and مَنِينْ, see I'Ak, p. 319. b3: مَنْ لِى بِكَذَا: see بِ (near the end of the paragraph).

مِنْ

: b2: زَيْدٌ أَعْقَلُ مِنْ أَنْ يَكْذِب means مِنَ الذَِّى يَكْذِبُ (Kull, p. 78) [i. e. Zeyd is more reasonable than he who lies: but, though this is the virtual meaning, the proper explanation, accord. to modern usage, is, that أَنْ is here for أَنَّ with the adjunct pronoun هُ; for in a phrase of this kind, an adjunct pronoun is sometimes expressed; so that the aor. must be marfooa; and the literal meaning is, Zeyd is more reasonable than that he will lie; which is equivalent to saying, Zeyd is too reasonable to lie. It may be doubted, however, whether a phrase of this kind be of classical authority. The only other instance that I have found is هُوَ أَحْصَنُ مِنْ أَنْ يْرَام وَأَعَزُّ مِن أَنْ يُضَام, in the TA, voce أَلْ. Accord. to modern usage, one may say, أَنْتَ أَعْقَلُ مِنْ

أَنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا, which virtually means Thou art too reasonable to do such a thing; and here we cannot substitute الَّذِن for أَنّ. See أَنْ for أَنَّ.] b3: أَخْزَى اللّٰهُ الكَاذِبَ مِنِّى وَمِنْكَ: see أَىٌّ

b4: لَقِيتُ مِنْهُ أَسَدًا: see أَسْدٌ: and لَقِيتُ b5: مِنْهُ بَحْرًا; and رَأَيْتُ مِنْهُ بَحْرًا: see بحر b6: مِنْ in the sense of عِنْدَ: see جَدٌّ b7: جَرَى مِنْهُ مَجْرَى

كَذَا: see 1 in art. جرى b8: مِنْ and عَنْ, differences between: see عَنْ b9: مِنْ often means Some. b10: Often redundant: see 1 in art. عيض. b11: Of, or among: see two exs. voce فِى, latter part. b12: حُسَيْنٌ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ Hoseyn and I are as one thing, [as though each were a part of the other,] in respect of the love that is due to us, &c. (Commencement of a tradition in the Jámi' es-Sagheer: thus explained in the Expos. of El-Munáwee.) See Ham, p. 139; and De Sacy's Gr. i. 492. b13: مَا أَنَا مَنْ دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِنِّى: see art. دد. IbrD confirms my rendering of this saying. b14: يَتَعَرَّضُ إِلَى شَىْءٍ لَيْسَ مِنْهُ [He applies himself to a thing not of his business to do]. (TA, art. عش.) b15: لَيْسَ مِنَّا He is not of our dispositions, nor of our way, course, or manner, of acting, or the like. (TA, art. غش.) b16: لَيْسَ مِنِّى (Kur, ii. 250) He is not of my followers: (Bd, Jel:) or he is not at one, or in union, with me. (Bd. See 1 in art. طعم.) See a similar usage of من, voce عِيصٌ. b17: أَنَا مِنْهُ كَحَاقِنِ الإِهَالَةِ: see حَاقِنٌ b18: مِنْ is used in the sense of فى in the phrase مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ [In, or on, the day of congregation] in the Kur lxii. 9. (K, Jel.) So, too, in مِنْ يَوْمِهِ In, or on, his, meaning, the same, day: and مِنْ سَاعَتِهِ In, or at, his, meaning the same, instant of time. See also De Sacy's Gr., ii. 526.

مُنَ اللّٰهِ is for أَيْمُنُ اللّٰه.

مَنِىٌّ and المَنِىُّ, from مَنْ: see أَيِّىٌّ; and De Sacy's Anthol. Gr. Ar., pp. 374 and 401, and 165.

مَنٌّ

: see رِطْلٌ.

مِنَّةٌ [An obligation, عَلَى أَحَدٍ

upon one, and also لَهُ to him.] b2: A favour, or benefit, conferred, or bestowed. (M, Msb.) b3: Also an inf. n. See مَنَّ عَلَيْهِ.

لَا أَفْعَلُهُ أُخْرَى المَنُونِ I will not do it till the end of time. (S.) b2: مَنُونٌ is fem. and sing. and pl. (Fr, S.) مَنِينٌ The first (or main) rope of a well. See كَرَبٌ.

مَنَّانٌ Very bountiful or beneficent. b2: Also [Very reproachful for his gifts;] one who gives nothing without reproaching for it and making account of it: an intensive epithet. (TA.) اِمْتِنَانِىٌّ Gratuitous; granted as a favour: opposed to وُجُوبِىٌّ.
[م ن] مَنْ اسم بمعنى الذي وتكون للشرط وهو اسم مُغْنٍ عن الكلام الكثير المتناهي في البِعادِ والطول وذلك أنك إذا قلت مَنْ يَقُمْ أَقُمْ معه كفاك ذلك من ذكر جميع الناس ولولا هو لاحْتَجْتَ إلى أَنْ تقول إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ أو عمرو أو جعفر أو قاسم ونحو ذلك ثم تَقِفُ حَسِيرًا مبْهورًا ولما تجد إلى غرضك سبيلاً وتكون للاستفهام المحض وتُثنَّى وتجمع في الحكاية كقولك مَنَانِ ومَنُونَ ومَنْتَانِ ومَنَاتٍ فإذا وصلوا فهو في جميع ذلك مفرد مذكر وأما قول الشاعر

(أَتَوْا نَارِي فقلت مَنُونَ قالوا ... سَرَاةُ الجِنِّ قُلْتُ عِمُوا ظلاما)

فمن رواه هكذا فإنه أجرى الوصل مُجْرَى الوقف فإن قلت فإنه في الوقف إنما يكون مَنُونْ ساكنَ النون وأنت في البيت قد حركته فهذا إذًا ليس على نية الوصل ولا على نية الوقف فالجواب أنه لما أجراه في الوصل على حَدِّه في الوقف فأثبت الواو والنون التقتا ساكنتين فاضطر حينئذ إلى أنْ حرك النون لالتقاء الساكنين لإقامة الوزن فهذه الحركة إذًا إنما هي حركة مستحدثة لم تكن في الوقف وإنما اضطر إليها الوصلُ فأما مَنْ رواه مَنُونَ أنْتُم فأمره مُشْكِلٌ وذلك أنه شبه مَنْ بأيٍّ فقال منون أنتم على قوله أَيُّونَ أنتم وكما جُعل أحدهما على الآخر هنا كذلك جُمِعَ بينهما في أن جُرِّدَ من الاستفهام كل منهما ألا ترى إلى حكاية يونس عنهم ضرب مَنٌ مَنّا كقولك ضرب رجل رجلاً فنظير هذا في التجريد له من معنى الاستفهام ما أنشدناه من قول الآخر

(وأسماءُ ما أسماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْ ... إِليَّ وأصْحَابِي بأَيَّ وأَيْنَمَا)

فجعل أَيًا اسمًا للجهة فلما اجتمعت فيها التعريف والتأنيث منعها الصرفَ وإن شئت قلتَ كان تقديره مَنُونَ كالقول الأول ثم قال أنتم أي أنتم المقصودون بهذا الاستثبات كقول عَدِيٍّ

(أَرَوَاحٌ مُوَدِعٌ أَمْ بُكُورٌ ... أَنْتَ فَانْظُرْ لأَيِّ ذَاكَ تَصِيرُ)

إذا أردت أَنْتَ الهالِكُ وكذلك أراد لأيِّ ذَيْنِكَ وقولهم في جواب مَنْ قال رأيت زيدًا المَنِيَّ يا هذا فالمَنِيُّ صفة غير مفيدة وإنما معناه الإضافة إلى مَنْ لا يخص بذلك قبيلة معروفة كما أن مَنْ لا تخص عَيْنًا وكذلك تقول المَنِيَّانِ والمَنِيُّونَ والمَنِيَّةُ والمَنِيَّتانِ والمَنِيَّاتُ فإذا وَصَلْتَ أفردْتَ على ما بينه سيبويه وتكون للاستفهام الذي فيه معنى التعجب نحو ما حكاه سيبويه من قول العرب سبحان الله مَنْ هو وما هو وأما قوله

(جَادَتْ بِكفِّيْ كَانَ مَنْ أَرْمَى الْبَشَرَ ... )

فقد رُوي مَن أَرْمَى البَشَرْ بفتح ميم مَنْ أي بكفيَّ مَنْ هو أرمى البشر وكان على هذا زائدة ولو لم تكن فيه هذه الرواية لما جاز القياس عليه لفردوه وشذوذه عمّا عليه عَقْدُ هذا الموضع ألا ترى أنك لا تقول مررت بوَجْهُهُ حَسَنٌ ولا نَظَرْتُ إلى غُلامُهُ سَعِيدٌ هذا قول ابن جني وروايتنا كان مِنْ أرْمَى البَشَر أي بكَفَّيْ رجُلٍ كان مِنْ وهو أيضًا اسم مُغْنٍ عن التكثير وذلك أنك إذا قلت مَنْ عندك أغناك ذلك عن ذكرالناس ومِنْ تكون لابتداء الغاية في الأماكن وذلك قوله مِنْ مكان كذا وكذا إلى مكان كذا وكذا وتقول إذا كتبت كتابًا من فلان إلى فلان فهذه الأسماء التي هي سوى الأماكن بمنزلتها وتكون أيضًا للتبعيض تقول هذا من الثوب وهذا منهم كأنك قلت بعضه أو بعضهم وتكون للجنس وقوله تعالى {فإنْ طِبْنَ لَكُمْ عن شيءٍ منه نَفْسًا} النساء 4 إن قال قائل كيف يجوز أن يقبل الرجل المهر كله وإنما قال منه فالجواب في ذلك أن مِنْ هاهنا للجنس كما قال {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} الحج 30 ولم نؤمر باجتناب بعض الأوثان ولكن المعنى اجتنبوا الرِّجْسَ الذي هو وثن وكلوا الشيءَ الذي هو مهرٌ وكذلك قوله تعالى {وَعَدَ اللهُ الذين آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وأَجْرً عَظِيمًا} الفتح 29 وقد تدخل في موضعٍ لو لم تدخل فيه كان الكلامُ مستقيمًا ولكنها توكيد بمنزلة ما إلا أنها تجرُّ لأنها حرف إضافة وذلك قولك ما أتاني مِنْ رَجُلٍ وما رأيت من أحد لو أخرجتَ مِنْ كان الكلام حسنا ولكنه أكد بِمِنْ لأن هذا موضع تبعيض فأراد أنه لم يأته بعض الرجال والناس وكذلك وَيْحَهُ مِنْ رجل إنما أراد أن يجعل التعجب مِنْ بعض الرجال وكذلك لِي مِلْؤُه من عسل وهو أفضل مِنْ زيد إنما أراد أن يفضله على بعض ولا يعم وكذلك إذا قلت أخزى اللهُ الكاذبَ مِنِّي ومِنْك إلا أن هذا وقولك أفضل منك لا يستغنى عن من فيهما لأنها توصل الأمر إلى ما بعدها قال سيبويه وأما قولك رأيته من ذلك الموضع فإنك جعلته غاية رؤيتك كما جعلته غايةً حيث أردت الابتداء والمنتهى قال اللحياني فإذا لقيت النون ألِفَ الوصل فبعضهم يخفض النون فيقول مِنِ القوم ومِنِ ابِنك وحكي عن طَيِّئٍ وكَلْبٍ اطلبوا مِنِ الرحمن وبعضهم يفتح النون عند اللام وألف الوصل فيقول مِنَ القوم ومِنَ ابنك قال وأُرَاهُمْ إنما ذهبوا في فتحها إلى الأصل لأن أصلها إنما هو مِنّا قال فلما جُعِلَتْ أداةً حُذِفَتْ الألف وبقيت النون مفتوحة قال وهي في قُضَاعَةَ وأنشد الكسائي عن بعض قضاعة

(بَذلْنا مَارِنَ الخَطِيِّ فيهم ... وكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِ)

(مِنَا أَنْ ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ حَتَّى ... أَغَاثَ شَرِيدَهُمْ فَنَنُ الظَّلاَمِ)

قال ابن جني قال الكسائي أراد مِنْ وأصلها عندهم مِنّا واحتاج إليها فأظهرها على الصحة هنا قال ابن جني يحتمل عندي أن يكون مِنَا فِعَلا من مَنَى يَمْنِي إذا قَدَّرَ كقوله

(حَتَّى تُلاقِي الذي يَمْنِي لَكَ المانِي ... )

أي يُقَدِّرُ لك المُقدِّرُ فكأنه تقدير ذلك الوقت ومُوَازَنَتَهُ أي من أول النهار لا يزيد ولا ينقص قال سيبويه قالوا مِنَ الله ومِنَ الرسول ومِنَ المؤمنين فتحوا لأنها لما كثرت في كلامهم ولم تكن فعلاً وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأَيْنَ وكَيْفَ يعني أنه قد كان حكمها أن تُكسَّر لالتقاء الساكنين قال لكن فتحوا لما ذُكِرَ قال وزعموا أن ناسًا من العرب يقولون مِنِ الله فيكسرونه ويُجرونه على القياس يعني أن الأصل كل ذلك أن يُكسَّر لالتقاء الساكنين قال وقد اختلفت العرب في مِنْ إذا كان بعدها ألف وصل غير ألف اللام فكسره قوم على القياس وهي أكثر في كلامهم وهي الجيدة ولم يكسِّروا في ألف اللام لأنها مع ألف اللام أكثر إذ الألف واللام كثيرة في الكلام وتدخل في كل اسم نكرة ففتحوا استخفافًا فصار مِنَ الله بمنزلة الشاذ وذلك قولك مِنِ ابنك ومِنِ امرئٍ قال وقد فتح قوم فصحاءُ فقالوا مِنَ ابنكَ فأجروها مُجرى قولك مِنَ المسلمين قال أبو إسحاق ويجوز حذف النون من مِنْ وعَنْ لالتقاء الساكنين وحذفها من مِنْ أكثر من حذفها من عن لأن دخول مِنْ في الكلام أكثر من دخول عن وأنشد

(أَخبِرْ أَبَا دَخْنَتُوسَ مَأْلَكَةً ... غَيْرَ الَّذْيِ قَدْ يُقَالُ مِ الْكَذِبِ)
من
: ( {ومَنْ) ، بالفتْحِ: (اسمٌ بِمَعْنى الَّذِي) ، ويكونُ للشَّرْطِ، (و) هُوَ اسمٌ (مُغْنٍ عَن الكَلامِ الكثيرِ المُتَناهي فِي البِعادِ والطُّولِ، وذلِكَ أَنَّك إِذا قلْتَ من يَقُمْ أَقُمْ مَعَه، كانَ كافِياً} من ذِكْرِ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلَوْلَا هُوَ) لاحْتَجْتَ أَنْ تقولَ: إنْ يَقُمْ زَيْدٌ أَو عَمْرو أَو جَعْفَرُ أَو قاسِمُ ونَحْو ذلِكَ ثمَّ تَقِفُ حَسِيراً و (تَبْقَى مَبْهُوراً ولمَّا تَجِدْ إِلَى غَرَضِكَ سَبِيلاً.
(وتكونُ للاسْتِفهامِ المَحْضِ، ويُثَنَّى ويُجْمَعُ فِي الحِكايَةِ كقَوْلِكَ: {مَنانِ} ومَنُونَ) {ومَنْتان} ومَنَات، فَإِذا وَصَلُوا فَهُوَ فِي جَمِيعِ ذلِكَ مُفْردٌ مُذَكَّرٌ، قالَ: فأمَّا قَوْلُ الحارِثِ بنِ شَمِرٍ الضَّبِّيِّ:
أَتَوْا نارِي فقلتُ! مَنُونَ؟ قَالُوا: سَرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا ظَلامَا قالَ: فمَنْ رَوَاهُ هَكَذَا أَجْرَى الوَصْل مُجْرَى الوَقْفِ، وإنَّما حَرَّكَ النونَ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ ضَرُورَةٌ؛ قالَ: ومَنْ رَوَاهُ مَنُونَ أَنْتُم؟ فَقَالُوا: الجِنّ، فأَمْرُه مشكلٌ، وذلِكَ أَنَّه شبَّه مَنْ بأَيَ، فقالَ: مَنُونَ أَنْتُم على قوْلِه: أَيُّونَ أَنْتُم؛ وإنْ شِئْتَ قلْتَ: كانَ تَقْدِيرَهُ مَنُونَ كالقَوْلِ الأوَّل ثمَّ قالَ أَنْتُم، أَي أَنْتُم المَقْصُودُونَ بِهَذَا الاسْتِثْباتِ.
(وَإِذا قلْتَ: مَنْ عِنْدَكَ؟ أَغْناكَ) ذلِكَ (عَن ذِكْرِ النَّاسِ، وتكونُ شَرْطِيَّةً) ، نحْو قَوْلِه تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سوءا يُجْزَ بِهِ} .
(و) تكونُ (مَوْصُولَةً) نَحْو قوْلِه تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجد لَهُ مَنْ فِي السَّمواتِ ومَنْ فِي الأرْضِ} .
(و) تكونُ (نَكِرَةً مَوْصُوفَةً) ، وَلِهَذَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا ربَّ فِي قوْلِه:
رُبَّ مَن أنضجتُ غيظاً قلبَهُقد تمنّى لي موتا لم يُطَعْووصف بالنّكِرَةِ فِي قَوْلِ بِشْر بنِ عبدِ الرحمنِ لكَعْبِ بنِ مالِكٍ الأنْصارِيِّ:
وكفَى بِنَا فَضْلاً على مَنْ غَيرِناحُبُّ النَّبِيُّ محمدٍ إيَّانافي رِوايَةِ الجَرِّ؛ وقَوْله تَعَالَى: {ومِنَ الناسِ مَنْ يقولُ آمَنَّا} ، جَزَمَ جماعَةٌ أَنَّها نَكِرَةٌ مَوْصوفَةٌ، وآخَرُونَ أنَّها مَوْصُولَةٌ.
(و) تكونُ (نَكِرَةً تامَّةً) ، نَحْو: مَرَرْت بمَنْ مُحْسِنٍ، أَي بإنْسانٍ مُحْسِنٍ.
وَفِي التهْذِيبِ عَن الكِسائي: مَنْ تكونُ اسْماً وجَحْداً واسْتِفْهاماً وشَرْطاً ومَعْرفةً ونَكِرَةً، وتكونُ للواحِدِ والاثْنينِ والجَمْعِ، وتكونُ خُصوصاً، وتكونُ للإنْسِ والملائِكَةِ والجِنِّ، وتكونُ للبهائِمِ إِذا خَلَطَّتها بغيرِها.
قُلْت: أَمَّا الاسمُ المَعْرفَةُ فكَقَوْلِه تَعَالَى: {والسَّماءِ وَمَا بَناها} ، أَي وَالَّذِي بَناها. والجَحْدُ، كقَوْلِه: {ومَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمةِ رَبِّه إلاَّ الضَّالُّونَ} ، المعْنَى: لَا يَقْنَطُ؛ وقيلَ: هِيَ مَنْ الاسْتِفْهامِيَّة أشربَتْ معْنَى النَّفْي وَمِنْه: {ومَنْ يَغْفِرِ الذُّنُوب إلاَّ اللَّه} ، وَلَا يَتَقيَّدُ جَوازُ ذلِكَ بأنْ يَتَقدَّمَها الواوُ خلافًا لبعضِهم بدَليلِ قَوْلِه تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عنْدَه إلاَّ بإذْنِه} ، والاسْتِفْهامُ نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} ؟ والشَّرْطُ نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: {فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه} (9، فَهَذَا شَرْطٌ وَهُوَ عامٌّ، ومَنْ للجماعَةِ نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: {ومَنْ عَمِلَ صالِحاً فلأَنْفُسِهم يَمْهدُونَ} . وأَمَّا فِي الواحِدِ فكقَوْلِه تَعَالَى: {وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُ إليكَ} . وَفِي الاثْنَيْنِ كقَوْلِه:
تَعالَ فإنْ عاهَدْتَنِي لَا تَخُونَنينَكُنْ مثلَ مَنْ يَا ذِئبُ يَصْطَحِبانِقالَ الفرَّاءُ: ثَنَّى يَصْطَحِبان وَهُوَ فِعْلٌ لمَنْ لأنَّه نَواهُ ونَفْسَه. وَفِي جَمْعِ النِّساءِ نَحْو قوْلِه تَعَالَى: {ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للَّهِ ورَسُولِه} .
وقالَ الرَّاغِبُ: مَنْ عبارَةٌ عنِ النَّاطِقِين وَلَا يُعَبَّرُ بِهِ عَن غيْرِهِم إلاَّ إِذا جمعَ بَيْنهم وبينَ غيرِهم كقَوْلِكَ: رَأَيْت مَنْ فِي الدارِ مِنَ الناسِ والبَهائِمِ؛ أَو يكونُ تَفْصِيلاً لجملَةٍ يدخلُ فِيهَا الناطِقُونَ كقَوْلِه، عزَّ وجلَّ: {فَمنهمْ مَنْ يَمْشِي} ، الآيَة. ويُعَبَّرُ بِهِ عَن الواحِدِ والجَمْع والمُؤَنَّثِ والمُذَكَّرِ.
وَفِي الصِّحاحِ: اسمٌ لمَنْ يصلحُ أَنْ يُخاطَبَ، وَهُوَ مُبْهَمٌ غيرُ مُتَمكّن، وَهُوَ فِي اللفْظِ واحِدٌ ويكونُ فِي معْنَى الجماعَةِ، وَلها أَرْبَعةُ مَواضِع: الاسْتِفهامُ نَحْو: مَنْ عِنْدَكَ؟ والخَبَرُ نَحْو رَأَيْت مَنْ عِنْدَكَ؟ والجَزاءُ نَحْو: مَنْ يُكْرِمْني أُكْرِمْهُ؛ وتكونُ نَكِرَةً وأَنْشَدَ قَوْلَ الأَنْصارِيّ: وكَفَى بِنَا فَضْلاً إِلَى آخِرِه.
قالَ: خَفَضَ غَيْر على الإتْباعِ لمَنْ، ويَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ على أَنْ تُجْعَل مَنْ صِلةً بإضْمارِ هُوَ. قالَ: وتُحْكَى بهَا الأَعْلامُ والكُنَى والنّكِراتُ فِي لُغَةِ أَهْلِ الحجازِ إِذا قالَ: رأَيْتُ زيدا، قُلْتُ: مَنْ زيد، وَإِذا قالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً، قُلْت: مَنَا، لأنَّه نَكِرَةٌ، وَإِن قالَ: جاءَني رَجُلٌ قُلْتُ مَنُو، وإنْ قالَ: مَرَرْتُ برجُلٍ قُلْت مَنِي، وَإِن قالَ: جاءَني رجُلان، قُلْت مَنَانْ، وَإِن قالَ: مَرَرْتُ برَجُلَيْن، قُلْت مَنَينْ، بتَسْكِين النُّون فيهمَا.
وكذلكَ فِي الجَمْعِ: إنْ قالَ: جاءَني رِجالٌ، قُلْت مَنُونْ ومَنِينْ فِي النَّصْبِ والجرِّ، وَلَا يُحْكَى بهَا غيرُ ذلكَ، لَو قالَ: رَأَيت الرَّجُلَ قُلْت: مَنِ الرَّجلُ، بالرَّفْعِ، لأنَّه ليسَ بعلمٍ، وَإِن قالَ: مَرَرْتُ بالأَميرِ، قُلْت: مَنِ الأَمِيرُ، وإنْ قالَ: رَأَيْتُ ابْن أَخِيكَ، قُلْت: مَنِ ابنُ أَخِيك، بالرَّفْعِ لَا غَيْر؛ قالَ: وكذلِكَ إِذا أَدْخَلْت حَرْفَ العَطْفِ على مَنْ رَفَعْتَ لَا غَيْر، قُلْت: فَمَنْ زيدٌ ومَنْ زيدٌ، وَإِن وَصَلْتَ حَذَفْتَ الزِّيادَات، قُلْت: مَنْ هَذَا.
وتقولُ فِي المرأَةِ: مَنَةً ومَنْتانْ ومَنَاتْ، كُلُّه بالتَّسْكِين، وَإِن وَصَلْتَ قُلْت: مَنَةً يَا هَذَا، ومَنَاتٍ يَا هَؤُلَاءِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
إِذا جَعَلْتَ مَنْ اسْماً مُتَمَكِّناً شَددتَه لأنَّه على حَرْفَيْن كقَوْلِ خِطامٍ المُجاشِعيّ:
فرَحلُوها رِحْلَةً فِيهَا رَعَنْحتى أَنَخْناها إِلَى مَنَ ومَنْأَي إِلَى رَجُلٍ وأَيّ رَجُلٍ، يُريدُ بذلِكَ تَعْظِيمَ شَأْنِه، وَإِذا سَمَّيْتَ بمَنْ لم تشدِّدْ فقُلْتَ: هَذَا مَنٌ ومَرَرْتُ بمَنٍ.
قالَ ابنُ بَرِّي: وَإِذا سَأَلْتَ الرَّجلَ عَن نَسَبِه قُلْتَ: المَنِّيُّ، وَإِن سَأَلْتَه عَن بلْدَتِه قُلْتَ: الهَنِّيُّ؛ وَفِي حدِيثِ سَطِيح:
يَا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ قالَ ابنُ الأَثيرِ: هَذَا كَمَا يُقالُ فِي المُبالغَةِ والتَّعْظِيمِ: أَعيا هَذَا الأَمْرُ فلَانا وَفُلَانًا، أَي أَعْيت، كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه، فحذفَ، يعْنِي أنَّ ذلكَ ممَّا نقصرُ عَنهُ العِبارَةُ لعظمِه كَمَا حَذَفُوهَا مِن قوْلِهم: بعْدَ اللَّتيَّا واللَّتِي، اسْتِعْظاماً لشأْنِ المَخْلوقِ. وحَكَى يونُسُ عَن العَرَبِ: ضَرَبَ مَنٌ مَناً، كقَوْلِكَ ضَرَبَ رَجُلٌ رَجُلاً.
وقَوْلهم فِي جَوابِ مَنْ قالَ: رَأَيْت زيدا المَنِّيُّ يَا هَذَا، فالمَنِّيُّ صفَةٌ غيرُ مُفِيدَةٍ، وإنَّما مَعْناهُ الإضافَة إِلَى مَنْ، لَا يُخَصُّ بذلِكَ قَبيلَةٌ مَعْروفَةٌ، وكَذلكَ تقولُ: المَنِّيَّانِ والمَنِّيُّون والمَنِّيَّة والمَنِّيَّتانِ والمَنِّيَّات، فَإِذا وَصَلْتَ أَفْرَدْتَ على مَا بَيَّنَه سِيْبَوَيْه.
وتكونُ مَنْ للاسْتِفهامِ الَّذِي فِيهِ معْنَى التَّعَجُّبِ نَحْو مَا حَكَاه سِيْبَوَيْه مِن قوْلِ العَرَبِ: سُبْحان اللَّه مَنْ هُوَ وَمَا هُوَ؛ وقَوْل الشَّاعِرِ:
جادَتْ بكَفَّيْ كَانَ مِنْ أَرْمَى البَشَرْ يُرْوَى بفتْحِ الميمِ، أَي بكَفَّيْ مَنْ هُوَ أَرْمَى البَشَر، وكانَ على هَذَا زَائِدَة، والرِّوايَةُ المَشْهورَةُ بكسْرِ الميمِ.

عشث

الْعين والشين والثاء

شَعِثَ شَعَثا وشُعُوثة، فَهُوَ شَعِث، وأشْعَث، وشَعْثانُ، وتَشَعَّث: تلبَّد شعره واغبرَّ، وشَعَّثْتُه أَنا.

والشَّعَثَة: مَوضِع الشّعْر. وَقَول ذِي الرمة:

مَا ظَلَّ مُذْ أوْجَفَتْ فِي كلّ ظاهرَةٍ ... بالأشْعث الوَرْد إِلَّا وهْو مَهْمُوم

يَعْنِي بالأشْعث الْورْد: الصُّفار، وَهُوَ شوك البهمى إِذا يبس، وَإِنَّمَا اهتم لما رأى البهمى هَاجَتْ، وَقد كَانَ رخىَّ البال وَهِي رطبَة. والحافر كُله شَدِيد الْحبّ للبهمى، وَهِي ناجعة فِيهِ. وَإِذا جَفتْ فأسفت تأذت الراعية بسفاها.

والشَّعْث، والشَّعَث: انتشار الْأَمر وخلله. قَالَ كَعْب بن مَالك الانصاري:

لَمْ الإلَهُ بِهِ شَعْثا ورَمَّ بهِ ... أُمورَ أمَّتهِ والأمرُ مُنْتَشِرُ

وَفِي الدُّعَاء: لَمَّ الله شَعَثَه.

وتَشَعَّثَ الشَّيْء: تفرَّق. وتَشَعُّث رَأس المِسواك والوتد: تفرُّق أَجْزَائِهِ، وَهُوَ مِنْهُ.

والأشْعَثُ: الوتد، صفة غالبة غَلَبَة الِاسْم. قَالَ:

وأشْعَثَ فِي الدّارِ ذِي لِمَّةٍ ... يُطِيل الحُفُوف وَلَا يَقْمَلُ

والتَّشْعيث فِي عرُوض الْخَفِيف: ذَهاب عين " فاعِلاتُن " فَيبقى " فالاتُن "، فينقل فِي التقطيع إِلَى " مَفْعولن ". وشبهوا حذف الْعين هُنَا بالخَرْم، لِأَنَّهَا أول وتد. وَقيل: إِن اللَّام هِيَ الساقطة، لِأَنَّهَا اقْربْ إِلَى الآخر. وَذَلِكَ أَن الْحَذف فِي الاواخر، وَفِيمَا قرب مِنْهُ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وكلا الْقَوْلَيْنِ جَائِز حسن. قَالَ: إِلَّا أَن الأقيس على مَا بلونا فِي الْأَوْتَاد من الخرم، أَن يكون عين " فاعِلاتُنْ " هِيَ المحذوفة، وَقِيَاس حذف اللَّام أَضْعَف، لِأَن الْأَوْتَاد إِنَّمَا تحذف من أوائلها، أَو من أواخرها. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَكثر الْحَذف فِي الْعَرَبيَّة، إِنَّمَا هُوَ من الْأَوَائِل أَو من الْأَوَاخِر. وَأما الأوساط، فَإِن ذَلِك قَلِيل فِيهَا. قَالَ: فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا تنكر من أَن تكون الْألف الثَّانِيَة من " فاعلاتن " هِيَ المحذوفة، حَتَّى يبْقى " فاعِلَتُن "، ثمَّ تسكَّن اللَّام، حَتَّى يبْقى " فاعَلْتُنْ " ثمَّ تنقله فِي التقطيع إِلَى " مفْعولن "، وَصَارَ مثل " فَعِلن " فِي الْبَسِيط، الَّذِي كَانَ أَصله " فاعِلُنْ "؟

قيل لَهُ: هَذَا لَا يكون إِلَّا فِي الْأَوَاخِر، أَعنِي أَوَاخِر الأبيات. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ لَك فِيهَا، لِأَنَّهَا مَوضِع وقف، أَو فِي الأعاريض، لِأَن الأعاريض كلهَا تبع الْأَوَاخِر فِي التَّصريع. قَالَ: فَهَذَا لَا يجوز وَلم يقلهُ أحد. قَالَ: وَالَّذِي أعتقده مُخَالفَة جَمِيعهم، وَهُوَ الَّذِي لَا يجوز عِنْدِي غَيره: أَنه حذفت ألف " فاعِلاتُن "، الأولى، فَبَقيَ " فعِلاتُن " وأسكنت الْعين، فَصَارَت " فَعْلاتُنْ "، فَنقل إِلَى " مفعولن ". فإسكان المتحرك قد رَأينَا يجوز فِي حَشْو الْبَيْت وَلم نر الوتد حذف أَوله لَا فِي أول الْبَيْت، وَلَا آخِره إِلَّا فِي آخر الْبَيْت.

هَذَا كُله قَول أبي إِسْحَاق.

وَبَيت التَّشعيث:

ليسَ مَن ماتَ فاسترَاحَ بمَيْتٍ ... إنمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْياءِ

وَهَذَا الضَّرْب الأول من عرُوض الْخَفِيف، فَإِن عروضه وضربه تامان. وَيجوز التَّشعيث فِي الضَّرْب، فَيَجِيء مرّة تَاما، وَمرَّة مشعثا، فِي قصيدة وَاحِدَة، كَمَا جَاءَ فِي قصيدة الْأَعْشَى فِي قَوْله:

مَا بُكاءُ الكَبِيِر بالأَطْلالِ ... وَسُؤَالي وهَلْ تَرُدُّ سُؤَالي

فَقَوله أطلالي: " مَفْعولن " وَقَوله: وسُؤالي: " فَعِلاتن ". ثمَّ قَالَ فِي الْبَيْت الثَّانِي: وشَمِالي: " فَعِلاتن ". ثمَّ قَالَ فِي الثَّالِث: أهوال: " مفعولن " ثمَّ مَشى فِي القصيدة على هَذَا النَّحْو، فَمرَّة يَجِيء بفاعلاتن تَامَّة، وَمرَّة يَجِيء بمفعولن مشعثا، على نَحْو مَا ذكرت لَك.

والأشْعَث: اسْم رجل. والأشاعث، والأشاعثة: منسوبون إِلَى الأشعَث، بدل من الأشْعَثِييِّن. وشَعْثاءُ: اسْم امْرَأَة. قَالَ جرير:

أَلا طَرَقَتْ شَعْثاءُ واللَّيل دونهَا ... أحَمَّ عِلافِياًّ وأبيضَ ماضِيا

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وشَعْثاء: اسْم امْرَأَة حسان بن ثَابت.

وشُعَيْث: اسْم، إِمَّا أَن يكون صَغِير شَعِث، أَو شَعَث. أَو تَصْغِير أشْعَثَ مُرَخَّما، أنْشد سِيبَوَيْهٍ:

لعَمْرُكَ مَا أدْرِي وَإِن كنتُ دارِيا ... شُعَيْثُ ابنُ سَهم أم شُعَيْثُ ابْن مِنقَرِ

وَرَوَاهُ بَعضهم: شُعَيْب، وَهُوَ تَصْحِيف.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.