Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أحد_وعشرون

بُلْغَارُ

بُلْغَارُ:
بالضم، والغين معجمة: مدينة الصقالبة ضاربة في الشمال، شديدة البرد لا يكاد الثلج يقلع عن أرضها صيفا ولا شتاء وقلّ ما يرى أهلها أرضا ناشفة، وبناؤهم بالخشب وحده، وهو أن يركبوا عودا فوق عود ويسمّروها بأوتاد من خشب أيضا محكمة، والفواكه والخيرات بأرضهم لا تنجب، وبين إتل مدينة الخزر وبلغار على طريق المفاوز نحو شهر، ويصعد إليها في نهر إتل نحو شهرين وفي الحدور نحو عشرين يوما، ومن بلغار إلى أول حدّ الروم نحو عشر مراحل، ومنها إلى كويابة مدينة الروس عشرون يوما، ومن بلغار
إلى بشجرد خمس وعشرون مرحلة، وكان ملك بلغار وأهلها قد أسلموا في أيام المقتدر بالله وأرسلوا إلى بغداد رسولا يعرّفون المقتدر ذلك ويسألونه إنفاذ من يعلّمهم الصلوات والشرائع، لكن لم أقف على السبب في إسلامهم. وقرأت رسالة عملها أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة ذكر فيها ما شاهده منذ انفصل من بغداد إلى أن عاد إليها، قال فيها: لما وصل كتاب ألمس بن شلكى بلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر بالله يسأله فيه أن يبعث إليه من يفقّهه في الدين ويعرّفه شرائع الإسلام ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة في جميع بلده وأقطار مملكته ويسأله بناء حصن يتحصّن فيه من الملوك المخالفين له، فأجيب إلى ذلك، وكان السفير له نذير الحزمي، فبدأت أنا بقراءة الكتاب عليه وتسليم ما أهدي إليه والأشراف من الفقهاء والمعلّمين، وكان الرسول من جهة السلطان سوسن الرّسّي مولى نذير الحزمي، قال:
فرحلنا من مدينة السلام لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر سنة 309، ثم ذكر ما مرّ له في الطريق إلى خوارزم ثم منها إلى بلاد الصقالبة ما يطول شرحه، ثم قال:
فلما كنّا من ملك الصقالبة وهو الذي قصدنا له على مسيرة يوم وليلة وجّه لاستقبالنا الملوك الأربعة الذين تحت يديه وإخوته وأولاده، فاستقبلونا ومعهم الخبز واللحم والجاورس، وساروا معنا، فلما صرنا منه على فرسخين تلقّانا هو بنفسه فلما رآنا نزل فخرّ ساجدا شكرا لله، وكان في كمّه دراهم فنثرها علينا ونصب لنا قبابا فنزلناها، وكان وصولنا إليه يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة 310، وكانت المسافة من الجرجانية، وهي مدينة خوارزم، سبعين يوما، فأقمنا إلى يوم الأربعاء في القباب التي ضربت لنا حتى اجتمع ملوك أرضه وخواصه ليسمعوا قراءة الكتاب، فلما كان يوم الخميس نشرنا المطرّدين الذين كانوا معنا وأسرجنا الدّابّة بالسرج الموجّه إليه وألبسناه السواد وعممناه وأخرجت كتاب الخليفة فقرأته وهو قائم على قدميه ثم قرأت كتاب الوزير حامد بن العباس وهو قائم أيضا، وكان بدينا، فنثر أصحابه علينا الدّراهم، وأخرجنا الهدايا وعرضناها عليه ثم خلعنا على امرأته وكانت جالسة إلى جانبه، وهذه سنتهم ودأبهم، ثم وجّه إلينا فحضرنا قبته وعنده الملوك عن يمينه وأمرنا أن نجلس عن يساره وأولاده جلوس بين يديه وهو وحده على سرير مغشّى بالديباج الرومي، فدعا بالمائدة فقدّمت إليه وعليها لحم مشوي، فابتدأ الملك وأخذ سكينا وقطع لقمة فأكلها وثانية وثالثة ثم قطع قطعة فدفعها إلى سوسن الرسول فلما تناولها جاءته مائدة صغيرة فجعلت بين يديه، وكذلك رسمهم لا يمدّ أحد يده إلى أكل حتى يناوله الملك فإذا تناولها جاءته مائدة ثم قطع قطعة وناولها الملك الذي عن يمينه فجاءته مائدة، ثم ناول الملك الثاني فجاءته مائدة وكذلك حتى قدّم إلى كل واحد من الذين بين يديه مائدة، وأكل كل واحد منا من مائدة لا يشاركه فيها أحد ولا يتناول من مائدة غيره شيئا، فإذا فرغ من الأكل حمل كلّ واحد منا ما بقي على مائدته إلى منزله، فلما فرغنا دعا بشراب العسل وهم يسمونه السجو فشرب وشربنا. وقد كان يخطب له قبل قدومنا: اللهم أصلح الملك بلطوار ملك بلغار، فقلت له: إن الله هو الملك ولا يجوز أن يخطب بهذا لأحد سيما على المنابر، وهذا مولاك أمير المؤمنين قد وصى لنفسه أن يقال على منابره في الشرق والغرب: اللهم أصلح عبدك وخليفتك جعفرا الإمام
المقتدر بالله أمير المؤمنين، فقال: كيف يجوز أن يقال؟ فقلت: يذكر اسمك واسم أبيك، فقال: إنّ أبي كان كافرا وأنا أيضا ما أحبّ أن يذكر اسمي إذ كان الذي سمّاني به كافرا، ولكن ما اسم مولاي أمير المؤمنين؟ فقلت: جعفر، قال: فيجوز أن أتسمّى باسمه؟ قلت: نعم، فقال: قد جعلت اسمي جعفرا واسم أبي عبد الله، وتقدم إلى الخطيب بذلك، فكان يخطب: اللهم أصلح عبدك جعفر بن عبد الله أمير بلغار مولى أمير المؤمنين، قال: ورأيت في بلده من العجائب ما لا أحصيها كثرة، من ذلك أن أول ليلة بتناها في بلده رأيت قبل مغيب الشمس بساعة أفق السماء وقد احمرّ احمرارا شديدا وسمعت في الجوّ أصواتا عالية وهمهمة، فرفعت رأسي فإذا غيم أحمر مثل النار قريب منّي، فإذا تلك الهمهمة والأصوات منه وإذا فيه أمثال الناس والدوابّ وإذا في أيدي الأشباح التي فيه قسيّ ورماح وسيوف، وأتبيّنها وأتخيّلها وإذا قطعة أخرى مثلها أرى فيها رجالا أيضا وسلاحا ودوابّ، فأقبلت هذه القطعة على هذه كما تحمل الكتيبة على الكتيبة، ففزعنا من هذه وأقبلنا على التضرّع والدعاء وأهل البلد يضحكون منا ويتعجبون من فعلنا، قال: وكنا ننظر إلى القطعة تحمل على القطعة فتختلطان جميعا ساعة ثم تفترقان، فما زال الأمر كذلك إلى قطعة من الليل ثم غابتا، فسألنا الملك عن ذلك فزعم أن أجداده كانوا يقولون هؤلاء من مؤمني الجنّ وكفّارهم يقتتلون كل عشية، وأنهم ما عدموا هذا منذ كانوا في كل ليلة. قال: ودخلت أنا وخيّاط كان للملك من أهل بغداد قبّتي لنتحدّث، فتحدّثنا بمقدار ما يقر الإنسان نصف ساعة ونحن ننتظر أذان العشاء، فإذا بالأذان فخرجنا من القبّة وقد طلع الفجر، فقلت للمؤذّن: أي شيء أذّنت؟ قال: الفجر، قلت: فعشاء الأخيرة؟ قال: نصلّيها مع المغرب، قلت: فالليل؟
قال: كما ترى وقد كان أقصر من هذا وقد أخذ الآن في الطول، وذكر أنه منذ شهر ما نام الليل خوفا من أن تفوته صلاة الصبح، وذلك أن الإنسان يجعل القدر على النار وقت المغرب ثم يصلّي الغداة وما آن لها أن تنضج، قال: ورأيت النهار عندهم طويلا جدّا، وإذا أنه يطول عندهم مدّة من السنة ويقصر الليل، ثم يطول الليل ويقصر النهار، فلما كانت الليلة الثانية جلست فلم أر فيها من الكواكب إلّا عددا يسيرا ظننت أنها فوق الخمسة عشر كوكبا متفرّقة، وإذا الشّفق الأحمر الذي قبل المغرب لا يغيب بتّة، وإذا الليل قليل الظلمة يعرف الرجل الرجل فيه من أكثر من غلوة سهم، قال: والقمر إنما يطلع في أرجاء السماء ساعة ثم يطلع الفجر فيغيب القمر، قال: وحدّثني الملك أن وراء بلده بمسيرة ثلاثة أشهر قوما يقال لهم ويسو، الليل عندهم أقلّ من ساعة، قال: ورأيت البلد عند طلوع الشمس يحمر كلّ شيء فيه من الأرض والجبال، وكل شيء ينظر الإنسان إليه حين تطلع الشمس كأنها غمامة كبرى فلا تزال الحمرة كذلك حتى تتكبّد السماء. وعرّفني أهل البلد أنه إذا كان الشتاء عاد الليل في طول النهار وعاد النهار في قصر الليل، حتى إنّ الرجل منا ليخرج إلى نهر يقال له إتل بيننا وبينه أقل من مسافة فرسخ وقت الفجر فلا يبلغه إلى العتمة إلى وقت طلوع الكواكب كلّها حتى تطبق السماء، ورأيتهم يتبرّكون بعواء الكلب جدّا ويقولون: تأتي عليهم سنة خصب وبركة وسلامة.
ورأيت الحيّات عندهم كثيرة حتى إنّ الغصن من الشجر ليلتفّ عليه عشر منها وأكثر، ولا يقتلونها ولا
تؤذيهم، ولهم تفاح أخضر شديد الحموضة جدّا، تأكله الجواري فيسمّن، وليس في بلدهم اكثر من شجر البندق، ورأيت منه غياضا تكون أربعين فرسخا في مثلها، قال: ورأيت لهم شجرا لا أدري ما هو، مفرط الطول وساقه أجرد من الورق ورؤوسه كرءوس النخل، له خوص دقاق إلّا أنه مجتمع، يعمدون إلى موضع من ساق هذه الشجرة يعرفونه فيثقبونه ويجعلون تحته إناء يجري إليه من ذلك الثّقب ماء أطيب من العسل، وإن أكثر الإنسان من شربه أسكره كما تسكر الخمر، وأكثر أكلهم الجاورس ولحم الخيل على أن الحنطة والشعير كثير في بلادهم، وكل من زرع شيئا أخذه لنفسه ليس للملك فيه حق غير أنهم يؤدّون إليه من كل بيت جلد ثور، وإذا أمر سريّة على بعض البلدان بالغارة كان له معهم حصّة. وليس عندهم شيء من الأدهان غير دهن السمك، فإنهم يقيمونه مقام الزيت والشيرج، فهم كانوا لذلك زفرين، وكلّهم يلبسون القلانس، وإذا ركب الملك ركب وحده بغير غلام ولا أحد معه، فإذا اجتاز في السوق لم يبق أحد إلّا قام وأخذ قلنسوته عن رأسه وجعلها تحت إبطه، فإذا جاوزهم ردوا قلانسهم فوق رؤوسهم، وكذلك كل من يدخل على الملك من صغير وكبير حتى أولاده وإخوته ساعة يقع نظرهم عليه يأخذون قلانسهم فيجعلونها تحت آباطهم ثم يومئون إليه برؤوسهم ويجلسون ثم يقومون حتى يأمرهم بالجلوس. وكلّ من جلس بين يديه فإنما يجلس باركا ولا يخرج قلنسوته ولا يظهرها حتى يخرج من بين يديه فيلبسها عند ذلك. والصواعق في بلادهم كثيرة جدا، وإذا وقعت الصاعقة في دار أحدهم لم يقربوه ويتركونه حتى يتلفه الزمان ويقولون: هذا موضع مغضوب عليه، وإذا رأوا رجلا له حركة ومعرفة بالأشياء قالوا: هذا حقه أن يخدم ربنا، فأخذوه وجعلوا في عنقه حبلا وعلّقوه في شجرة حتى يتقطع. وإذا كانوا يسيرون في طريق وأراد أحدهم البول فبال وعليه سلاحه انتهبوه وأخذوا سلاحه وجميع ما معه، ومن حطّ عنه سلاحه وجعله ناحية لم يتعرضوا له، وهذه سنتهم، وينزل الرجال والنساء النهر فيغتسلون جميعا عراة لا يستتر بعضهم من بعض ولا يزنون بوجه ولا سبب، ومن زنى منهم كائنا من كان ضربوا له أربع سكك وشدّوا يديه ورجليه إليها وقطّعوا بالفأس من رقبته إلى فخذه، وكذلك يفعلون بالمرأة، ثم يعلّق كلّ قطعة منه ومنها على شجرة، قال: ولقد اجتهدت أن تستتر النساء من الرجال في السباحة فما استوى لي ذلك، ويقتلون السارق كما يقتلون الزاني، ولهم أخبار اقتصرنا منها على هذا.

الطائفُ

الطائفُ:
بعد الألف همزة في صورة الياء ثم فاء:
وهو في الإقليم الثاني، وعرضها إحدى وعشرون درجة، وبالطائف عقبة وهي مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة، عمّرها حسين ابن سلامة وسدّها ابنه، وهو عبد نوبيّ وزر لأبي
الحسين بن زياد صاحب اليمن في حدود سنة 430 فعمّر هذه العقبة عمارة يمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها، وقال أبو منصور: الطائف العاسّ بالليل، وأما الطائف التي بالغور فسميت طائفا بحائطها المبنيّ حولها المحدق بها، والطائف والطيف في قوله تعالى:
إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ من الشَّيْطانِ 7: 201، ما كان كالخيال والشيء يلمّ بك، وقوله تعالى: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ 68: 19، لا يكون الطائف إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقيل في قول أبي طالب بن عبد المطلب:
نحن بنينا طائفا حصينا قالوا: يعني الطائف التي بالغور من القرى. والطائف:
هو وادي وجّ وهو بلاد ثقيف، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخا، قرأت في كتاب ابن الكلبي بخط أحمد بن عبيد الله محجج النحوي: قال هشام عن أبي مسكين عن رجل من ثقيف كان عالما بالطائف قال:
كان رجل من الصّدف يقال له الدّمون بن عبد الملك قتل ابن عمّ له يقال له عمرو بحضرموت ثم أقبل هاربا، وقال:
وحربة ناهك أوجرت عمرا، ... فما لي بعده أبدا قرار
ثم أتى مسعود بن معتب الثقفي ومعه مال كثير وكان تاجرا فقال: أحالفكم لتزوّجوني وأزوّجكم وأبني لكم طوفا عليكم مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب، قالوا: فابن، فبنى بذلك المال طوفا عليهم فسمّيت الطائف وتزوّج إليهم فزوّجوه ابنة، قال هشام: وبعض ولد الدمون بالكوفة ولهم بها خطّة مع ثقيف، وكان قبيصة من الدمون هذا على شرطة المغيرة بن شعبة إذ كان على الكوفة، وكانت الطائف تسمّى قبل ذلك وجّا بوجّ بن عبد الحيّ من العماليق وهو أخو أجإ الذي سمّي به جبل طيّء، وهو من الأمم الخالية، قال عرّام:
والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تنصبّ منها إلى تبالة، وجلّ أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش، وهي على ظهر جبل غزوان، وبغزوان قبائل هذيل، وقال ابن عباس: سمّيت الطائف لأن إبراهيم، عليه السلام، لما أسكن ذرّيته مكة وسأل الله أن يرزق أهلها من الثمرات أمر الله عز وجل قطعة من الأرض أن تسير بشجرها حتى تستقرّ بمكان الطائف فأقبلت وطافت بالبيت ثم أقرّها الله بمكان الطائف فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت، وهي مع هذا الاسم الفخم بليدة صغيرة على طرف واد وهي محلّتان: إحداهما على هذا الجانب يقال لها طائف ثقيف والأخرى على هذا الجانب يقال لها الوهط والوادي بين ذلك تجري فيه مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم يصرع الطيور رائحتها إذا مرّت بها، وبيوتها لاطئة حرجة، وفي أكنافها كروم على جوانب ذلك الجبل فيها من العنب العذب ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان، وأما زبيبها فيضرب بحسنه المثل، وهي طيبة الهواء شمالية ربما جمد فيها الماء في الشتاء، وفواكه أهل مكة منها، والجبل الذي هي عليه يقال له غزوان، وروى أبو صالح: ذكرت ثقيف عند ابن عباس فقال، إن ثقيفا والنّخع كانا ابني خالة فخرجا منتجعين ومعهما أعنز لهما وجدي فعرض لهما مصدق لبعض ملوك اليمن فأراد أخذ شاة منهما فقالا: خذ ما شئت إلا هذه الشاة الحلوب فإنّا من لبنها نعيش وولدها، فقال: لا آخذ سواها، فرفقا به فلم يفعل فنظر أحدهما إلى صاحبه وهمّا بقتله ثم إن أحدهما انتزع له سهما فلق به قلبه فخرّ ميتا، فلما نظرا إلى ذلك قال
أحدهما لصاحبه: إنه لن تحملني وإياك الأرض أبدا فاما أن تغرّب وأنا أشرّق وإما أن أغرّب وتشرق أنت، فقال ثقيف: فاني أغرب، وقال النخع:
فأنا أشرق، وكان اسم ثقيف قسيّا واسم النخع جسرا، فمضى النخع حتى نزل ببيشة من أرض اليمن ومضى ثقيف حتى أتى وادي القرى فنزل على عجوز يهودية لا ولد لها فكان يعمل نهارا ويأوي إليها ليلا فاتخذته ولدا لها واتخذها امّا له، فلما حضرها الموت قالت له: يا هذا إنه لا أحد لي غيرك وقد أردت أن أكرمك لإلطافك إيّاي، انظر إذا أنا متّ وواريتني فخذ هذه الدنانير فانتفع بها وخذ هذه القضبان فإذا نزلت واديا تقدر فيه على الماء فاغرسها فاني أرجو أن تنال من ذلك فلاحا بيّنا. ففعل ما أمرته به، فلما ماتت دفنها وأخذ الدنانير والقضبان ومضى سائرا حتى إذا كان قريبا من وجّ، وهي الطائف، إذا هو بأمة حبشية ترعى مائة شاة فطمع فيها وهمّ بقتلها وأخذ الغنم فعرفت ما أراد فقالت: إنك أسررت في طمعا لتقتلني وتأخذ الغنم ولئن فعلت ذلك لتذهبنّ نفسك ولا تحصل من الغنم شيئا لأن مولاي سيد هذا الوادي وهو عامر بن الظرب العدواني، وإني لأظنّك خائفا طريدا، قال: نعم، فقالت: فاني أدلك على خير مما أردت، فقال: وما هو؟ قالت:
إن مولاي يقبل إذا طفلت الشمس للغروب فيصعد هذا الجبل ثم يشرف على الوادي فإذا لم ير فيه أحدا وضع قوسه وجفيره وثيابه ثم انحدر رسوله فنادى: من أراد اللحم والدّرمك، وهو دقيق الحوارى، والتمر واللبن فليأت دار عامر بن الظرب، فيأتيه قومه فاسبقه أنت إلى الصخرة وخذ قوسه ونباله وثيابه فإذا رجع ومن أنت فقل رجل غريب فأنزلني وخائف فأجرني وعزب فزوّجني، ففعل ثقيف ما قالت له الأمة وفعل عامر صاحب الوادي فعله، فلما أن أخذ قوسه ونشّابه وصعد عامر قال له: من أنت؟
فأخبره وقال: أنا قسيّ بن منبّه، فقال هات ما معك فقد أجبتك إلى ما سألت، وانصرف وهو معه إلى وجّ وأرسل إلى قومه كما كان يفعل فلما أكلوا قال لهم عامر: ألست سيدكم؟ قالوا: بلى، قال:
وابن سيّدكم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تجيرون من أجرت وتزوّجون من زوّجت؟ قالوا: بلى، قال: هذا قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوازن وقد زوّجته ابنتي فلانة وأمّنته وأنزلته منزلي، فزوّجه ابنة له يقال لها زينب، فقال قومه: قد رضينا بما رضيت، فولدت له عوفا وجشما ثم ماتت فزوّجه أختها فولدت له سلامة ودارسا فانتسبا في اليمن، فدارس في الأزد والآخر في بعض قبائل اليمن، وغرس قسيّ تلك القضبان بوادي وجّ فنبتت فلما أثمرت قالوا: قاتله الله كيف ثقف عامرا حتى بلغ منه ما بلغ وكيف ثقف هذه العيدان حتى جاء منها ما جاء، فسمي ثقيفا من يومئذ، فلم يزل ثقيف مع عدوان حتى كثر ولده وربلوا وقوي جأشهم، وجرت بينهم وبين عدوان هنات وقعت في خلالها حرب انتصرت فيها ثقيف فأخرجوا عدوان عن أرض الطائف واستخلصوها لأنفسهم ثم صارت ثقيف أعز الناس بلدا وأمنعه جانبا وأفضله مسكنا وأخصبه جنابا مع توسطهم الحجاز وإحاطة قبائل مضر واليمن وقضاعة بهم من كل وجه فحمت دارها وكاوحت العرب عنها واستخلصتها وغرست فيها كرومها وحفرت بها أطواءها وكظائمها، وهي من أزد السراة وكنانة وعذرة وقريش ونصر بن معاوية وهوازن جمعا والأوس والخزرج ومزينة وجهينة وغير ذلك من القبائل، ذلك كله يجري والطائف تسمّى وجّا إلى
أن كان ما كان مما تقدّم ذكره من تحويط الحضرمي عليها وتسميتها حينئذ الطائف، وقد ذكر بعض النّساب في تسميتها بالطائف أمرا آخر وهو أنه قال:
لما هلك عامر بن الظرب ورثته ابنتاه زينب وعمرة وكان قسيّ بن منبّه خطب إليه فزوّجه ابنته زينب فولدت له جشما وعوفا ثم ماتت بعد موت عامر فتزوّج أختها وكانت قبله عند صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن فولدت له عامر بن صعصعة، فكانت الطائف بين ولد ثقيف وولد عامر بن صعصعة، فلما كثر الحيّان قالت ثقيف لبني عامر: إنكم اخترتم العمد على المدن والوبر على الشجر فلستم تعرفون ما نعرف ولا تلطفون ما نلطف ونحن ندعوكم إلى حظ كبير لكم ما في أيديكم من الماشية والإبل والذي في أيدينا من هذه الحدائق فلكم نصف ثمره فتكونوا بادين حاضرين يأتيكم ريف القرى ولا تتكلفوا مؤونة وتقيموا في أموالكم وماشيتكم في بدوكم ولا تتعرضوا للوباء وتشتغلوا عن المرعى، ففعلوا ذلك فكانوا يأتونهم كل عام فيأخذون نصف غلّاتهم، وقد قيل: إن الذي وافقوهم عليه كان الربيع، فلما اشتدّت شوكة ثقيف وكثرت عمارة وجّ رمتهم العرب بالحسد وطمع فيهم من حولهم وغزوهم فاستغاثوا ببني عامر فلم يغيثوهم فأجمعوا على بناء حائط يكون حصنا لهم فكانت النساء تلبّن اللبن والرجال يبنون الحائط حتى فرغوا منه وسموه الطائف لإطافته بهم، وجعلوا لحائطهم بابين: أحدهما لبني يسار والآخر لبني عوف، وسموا باب بني يسار صعبا وباب بني عوف ساحرا، ثم جاءهم بنو عامر ليأخذوا ما تعوّدوه فمنعوهم عنه وجرت بينهم حرب انتصرت فيها ثقيف وتفرّدت بملك الطائف فضربتهم العرب مثلا، فقال أبو طالب ابن عبد المطلب:
منعنا أرضنا من كل حيّ، ... كما امتنعت بطائفها ثقيف
أتاهم معشر كي يسلبوهم، ... فحالت دون ذلكم السيوف
وقال بعض الأنصار:
فكونوا دون بيضكم كقوم ... حموا أعنابهم من كل عادي
وذكر المدائني أن سليمان بن عبد الملك لما حجّ مرّ بالطائف فرأى بيادر الزبيب فقال: ما هذه الحرار؟
فقالوا: ليست حرارا ولكنها بيادر الزبيب، فقال:
لله درّ قسيّ بأيّ أرض وضع سهامه وأيّ أرض مهّد عشّ فروخه! وقال مرداس بن عمرو الثقفي:
فانّ الله لم يؤثر علينا ... غداة يجزّئ الأرض اقتساما
عرفنا سهمنا في الكف يهوي ... كذا نوح، وقسّمنا السهاما
فلما أن أبان لنا اصطفينا ... سنام الأرض، إنّ لها سناما
فأنشأنا خضارم متجرات ... يكون نتاجها عنبا تؤاما
ضفادعها فرائح كلّ يوم ... على جوب يراكضن الحماما
وأسفلها منازل كلّ حيّ، ... وأعلاها ترى أبدا حراما
ثم حسدهم طوائف العرب وقصدوهم فصمدوا لهم وجدّوا في حربهم، فلما لم يظفروا منهم بطائل ولا طمعوا منهم بغرّة تركوهم على حالهم أغبط العرب عيشا إلى أن جاء الإسلام فغزاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فافتتحها في سنة تسع من الهجرة
صلحا وكتب لهم كتابا، نزل عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في شوال سنة ثمان عند منصرفه من حنين وتحصنوا منه واحتاطوا لأنفسهم غاية الاحتياط فلم يكن إليهم سبيل، ونزل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم: أبو بكرة نفيع بن مسروح مولى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في جماعة كثيرة منهم الأزرق الذي تنسب إليه الأزارقة والد نافع بن الأزرق الخارجي الشاري فعتقوا بنزولهم إليه ونصب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، منجنيقا ودبّابة فأحرقها أهل الطائف فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: لم نؤذن في فتح الطائف، ثم انصرف عنها إلى الجعرّانة ليقسم سبي أهل حنين وغنائمهم فخافت ثقيف أن يعود إليهم فبعثوا اليه وفدهم وتصالحوا على أن يسلموا ويقرّوا على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، فصالحهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على أن يسلموا وعلى أن لا يزنوا ولا يربوا، وكانوا أهل زنا وربا، وفي وقعة الطائف فقئت عين أبي سفيان بن حرب، وقصّة ذلك في كتب المغازي، وكان معاوية يقول: أغبط الناس عيشا عبدي أو قال مولاي سعد، وكان يلي أمواله بالحجاز ويتربّع جدّة ويتقيّظ الطائف ويشتو بمكة، ولذلك وصف محمد بن عبد الله النّميري زينب بنت يوسف أخت الحجاج بالنعمة والرّفاهية فقال:
تشتو بمكة نعمة ... ومصيفها بالطائف
وذكر الأزرقي أبو الوليد عن الكلبي باسناده قال:
لما دعا إبراهيم، عليه السلام: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات، فاستجاب الله له فجعله مثابة ورزق أهله من الثمرات فنقل إليهم الطائف، وكانت قرية بالشام وكانت ملجأ للخائف إذا جاءها أمن، وقد افتخرت ثقيف بذلك بما يطول ذكره ويسئم قارئه، وسأقف عند قول غيلان بن سلمة في ذلك حيث قال:
حللنا الحدّ من تلعات قيس ... بحيث يحلّ ذو الحسب الجسيم
وقد علمت قبائل جذم قيس، ... وليس ذوو الجهالة كالعليم،
بأنّا نصبح الأعداء قدما ... سجال الموت بالكأس الوخيم
وأنّا نبتني شرف المعالي، ... وننعش عثرة المولى العديم
وأنّا لم نزل لجأ وكهفا، ... كذاك الكهل منّا والفطيم [1]
وسنذكر في وجّ من القول والشعر ما نوفّق له ويحسن ذكره إن شاء الله تعالى.

ضغط

ضغط: الضَّغْطُ والضَّغْطةُ: عصر شيء إِلى شيء. ضَغَطَه يَضْغَطُه

ضَغْطاً: زَحَمه إِلى حائطٍ ونحوه، ومنه ضَغْطةُ القبر. وفي الحديث:

لتَضْغَطُنّ على باب الجنة أَي تُزْحَمُون. يقال: ضَغَطَه إِذا عصَره وضيَّق عليه

وقَهَره.

ومنه حديث الحُدَيْبِيةِ: لا يتحدّث العرب أَنَّا أُخِذْنا ضُغْطةً أَي

عَصْراً وقَهراً. وأَخذت فلاناً ضُغْطة، بالضم، إِذا ضيَّقت عليه

لتُكْرِهَهُ على الشيء. وفي الحديث: لا يَشْتَرِيَنَّ أَحدُكم مالَ امرِئٍ في

ضُغْطةٍ من سُلطان أَي قَهْرٍ. والضُّغْطةُ: الضِّيق. والضُّغطة:

الإِكْراه.

والضِّغاطُ: المُزاحَمةُ. والتَّضاغُطُ: التَّزاحُم. وفي التهذيب:

تَضاغَطَ الناسُ في الزِّحامِ.

والضُّغطة، بالضم: الشدة والمَشقة. يقال: ارفع عنا هذه الضُّغطة.

والضاغِطُ: كالرَّقِيبِ والأَمِين يُلْزَمُ به العامل لئلا يَخُونَ فيما

يَجْبي. يقال: أَرسَلَه ضاغِطاً على فلان، سمي بذلك لتضييقه على العامل؛

ومنه الحديث: قالت امرأَةُ مُعاذٍ له وقد قَدِمَ من اليمن لمّا رجع عن

العمل: أَين ما يَحْمِلُه العامِلُ من عُراضة أَهله؟ فقال: كان معي ضاغِطٌ

أَي أَمِينٌ حافِظٌ، يعني اللّه عزّ وجلّ المُطَّلِعَ على سَرائرِ

العِباد، وقيل: أَراد بالضَّاغِط أَمانةَ اللّه التي تَقَلَّدَها فأَوْهَمَ

امرأَته أَنه كان معه حافظ يُضيِّق عليه ويمنعه على الأَخذ ليُرْضِيَها.

ويقال: فعل ذلك ضُغطة أَي قَهْراً واضْطِراراً. وضَغط عليه واضْتَغَطَ:

تَشدّد عليه في غُرْمٍ أَو نحوه؛ عن اللحياني، كذا حكاه اضْتَغَطَ

بالإِظهار، والقِياسُ اضْطَغَطَ. والضاغِطُ: أَن يتحرّكَ مِرْفَقُ البعير حتى يقعَ

في جنبه فيَخْرِقَه. والضاغِطُ في البعير: انْفِتاقٌ من الإِبْطِ وكثرةٌ

من اللحم، وهو الضَّبُّ أَيضاً. والضاغطُ في الإِبل: أَن يكون في البعير

تحت إِبطه شِبه جِرابٍ أَو جِلْد مجتمع؛ وقال حَلْحلةُ بن قيس بن اشيم

وكان عبد الملك قد أَقْعده ليُقادَ منه وقال له: صَبْراً حَلْحَل،

فأَجابه:أَصْبَرُ من ذي ضاغِطٍ عَرَكْرَك

قال: الضاغط الذي أَصل كِرْكِرَتِه يَضْغَط موضع إِبطه ويؤثِّر فيه

ويَسْحَجُه.

والمَضاغِطُ: مواضع ذاتُ أَمْسِلةٍ مُنخفضة، واحدها مَضْغَطٌ.

والضغيط: رَكِيّةٌ يكون إِلى جنبها رَكِيّةٌ أُخرى فتَنْدَفِنُ إِحداهما

فتَحْمَأُ فيُنْتِنُ ماؤُها فيَسِيلُ في ماء العذْبة فيُفْسِدُها فلا

يُشْرَبُ، قال: فتلك الضَّغِيطُ والمَسِيطُ؛ وأَنشد:

يَشْرَبْنَ ماء الأَجْنِ والضَّغِيطِ،

ولا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ

أَراد ماء المَنْهلِ الآجِن أَو إِضافةَ الشيء إِلى نفسه. ورجل ضَغِيطٌ:

ضعيفُ الرأْي لا يَنْبَعِثُ مع القوم، وجمعه ضَعْطى لأَنه كأَنه داء.

وضُغاطٌ: موضع.

وروي عن شريح أَنه كان لا يُجِيزُ الضُّغْطةَ، يُفَسَّر تفسيرين:

أَحدهما الإِكْراهُ، والآَخَر أَن يُماطِل بائعه بأَداء الثَّمن ليَحُطّ عنه

بعضَه؛ قال النضر: الضُّغْطةُ المُجاحَدةُ، يقول: لا أُعْطِيك أَو تَدَعَ

ممّا لك عليَّ شيئاً؛ وقال ابن الأَثير في حديث شريح: هو أَن يَمْطُلَ

الغريمُ بما عليه من الدِّينِ حتى يَضْجَرَ صاحب الحقّ ثم يقول له: أَتَدَعُ

منه كذا وكذا وتأْخذ الباقيَ مُعَجَّلاً؟ فيَرْضى بذلك. وفي الحديث:

يُعتق الرجل من عبده ما شاء إِن شاء ثلثاً أَو ربعاً أَو خمساً ليس بينه

وبين اللّه ضُغْطة. وفي الحديث: لا تجوز الضُّغْطة؛ قيل: هي أَن تُصالِحَ من

لك عليه مالٌ على بعضه ثم تَجِد البينة فتأْخذه بجميع المال.

ض غ ط : ضَغَطَهُ ضَغْطًا مِنْ بَابِ نَفَعَ زَحَمَهُ إلَى حَائِطٍ وَعَصَرَهُ وَمِنْهُ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ لِأَنَّهُ يَضِيقُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالضُّغْطَةُ بِالضَّمِّ الشِّدَّةُ 
ضغط: أضغط: ضغط، غمز إلى شيء، عصر، زحم (معجم البيان، محيط المحيط).
انضغط: ذكرت تفسيراً للكلمة السريانية التي معناها: ففاخر، باهي، وأرغى وأزبد (باين سميث 1515).
ضَغْط. ضغط العين: علة يجد العليل معها ألماً شديداً في عينيه وامتناعاً عن الحركة (محيط المحيط).
باب الغين والضاد والطاء معهما ض غ ط يستعمل فقط

ضغط: الضَّغْطُ: عصر شيءٍ إلى شيءٍ. والضِّغاطُ: تَضاغُط الناس في الزحام ونحوه. والضاغِطُ: أن يسحج المرفق أو الكركرة جنب البعير، تقول: به ضاغِطٌ، وهن ضَواغِطُ. والضُّغْطةُ: غلاء الأسعار وشدة الحال، تقول: فعل ذلك ضُغْطةً أي: أضطراراً.

ضغط


ضَغَطَ(n. ac. ضَغْط)
a. [acc.
or
Ila
or
'Ala], Pressed, squeezed; pushed, shoved.
b. Pinched (boot).
c. ['Ala], Treated harshly.
ضَاْغَطَa. Jostled, pushed, shoved.

أَضْغَطَa. see I (a)
تَضَاْغَطَa. see III
إِنْضَغَطَa. Was squeezed, pressed; was subdued.

إِضْتَغَطَ
(ط)
a. see I (c)
ضَغْطَةa. Pressure.
b. Narrow space of the grave.

ضُغْطَةa. Pressure, tightness; constraint, compulsion;
straitness; distress.

ضَغِيْط
(pl.
ضَغْطَى)
a. Weakminded.

ضَاْغُوْطa. Nightmare.
(ض غ ط) : (الضَّغْطُ) الْعَصْرُ (وَمِنْهُ) ضَغْطَةُ الْقَبْرِ لِتَضْيِيقِهِ (وَالضُّغْطَةُ) بِالضَّمِّ الْقَهْرُ وَالْإِلْجَاءُ (وَمِنْهُ) حَدِيثُ شُرَيْحٍ كَانَ لَا يُجِيزُ (الضُّغْطَةَ) وَهُوَ أَنْ يُلْجِئَ غَرِيمَهُ وَيُضَيِّقَ عَلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ أَنْ يَقُولَ لَا أُعْطِيكَ أَوْ تَدَعَ مِنْ مَالِكَ عَلَيَّ شَيْئًا وَقِيلَ هِيَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ دَرَاهِمَ فَجَحَدَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ مَالِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَأَخَذَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ بَعْدَ الصُّلْحِ.
ض غ ط: (ضَغَطَهُ) زَحَمَهُ إِلَى حَائِطٍ وَنَحْوِهِ وَبَابُهُ قَطَعَ وَمِنْهُ (ضَغْطَةُ) الْقَبْرِ بِالْفَتْحِ. وَأَمَّا (الضُّغْطَةُ) بِالضَّمِّ فَهِيَ الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الضُّغْطَةَ. وَ (الضَّاغِطُ) كَالرَّقِيبِ وَالْأَمِينِ يُقَالُ: أَرْسَلَهُ (ضَاغِطًا) عَلَى فُلَانٍ سُمِيَّ بِذَلِكَ لِتَضْيِيقِهِ عَلَى الْعَامِلِ وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاذٍ: «كَانَ عَلَيَّ ضَاغِطٌ» . 
[ضغط] ضَغَطَهُ يَضْغَطُهُ ضَغْطاً: زحَمَه إلى حائطٍ ونحوه ومنه ضَغْطَةُ القبر. والضُغْطة بالضم: الشدَّةُ والمشقَّةُ. يقال: اللهم ارفع عنا هذه الضغطة. وأخذت فلانا ضغطة، إذا ضيقت عليه لتكرهه على الشئ. والضَاغِطُ كالرقيب والأمين، يقال أرسلَهُ ضاغِطاً على فلانٍ، سمِّي بذلك لتضييقه على العامل. ومنه حديث معاذ رضى الله عنه: كان على ضاغط. والضاغط في البعير: انفتاقٌ من الإبِط وكثرةٌ من اللحم، وهو الضَبُّ أيضاً. قال الأصمعي: الضغيطُ: بئرٌ إلى جَنْبها بئرٌ أخرى فتَحْمَأُ فيصير ماؤها مُنْتناً فيسيل في ماءِ العذبة فيفسدُهُ فلا يشربهُ أحد. قال الراجز: يشربن ماء الاجن والضغيط * ولا يعفن كدر المسيط
ضغط
الضِّغْطُ: عَصْرُ شَيْءٍ إلى شَيْءٍ.
والضُّغَاطُ: تَضاغُطُ الناس في الزِّحام.
وفَعَلَ ذاكَ ضُغْطةً: أي قَهْراً واضْطِراراً.
وفي الحديث: " لا تَجُوزُ الضَّغْطَةُ ". وهو إذا كانَ لرَجُلٍ على آخَرَ دَرَاهِمُ فَصَالَحَه على بعضٍ منها ثُمَ وَجَدَ البَيِّنةَ فأخَذَه بجميع المال.
والضّاغِط: أنْ يَسْحَجَ المِرْفَقُ جَنْبَ البَعِير فيَقْرَح لذلك، به ضاغِط وبهن ضَواغِطُ.
والضَّغِيْطُ من الآبار: التي إلى جَنْبِها بِئْرٌ أخرى تُضِرُّ بها.
والمَضَاغِطُ: جَمْعُ المَضْغَطِ وهي أرْضٌ ذات أمْسِلَةٍ مُنْخَفِضَةٍ.
والضغِيْطَةُ: مِثْلُ الضغِيغَةِ من النبت والبَقْل. وهو من الطًعام: مِثْلُ اللَبِيْكَة.
والضاغِطُ: الأمِيْنُ؛ في حَديث مُعَاذٍ.
(ضغط) - في الحديث: "لا يشَترِينَّ أَحدُكم مَالَ امرىءٍ ذي ضُغْطَةٍ من سُلْطان"
: أي قَهْر. يقال: ضَغَطَه ضغْطاً: عَصَره وزَحَمَه وضَيَّق عليه. والاسم الضُّغْطَة وهي الشِّدَّة، والمَشَقَّة والقَهْر، والاضْطِرَار.
- في الحديث: "لا تجُوز الضُّغْطَة"
قيل: هي أن تُصَالِح منْ لك عليه مَالٌ على بَعضٍ منه، ثم تَجِدَ البَيِّنَةَ فتَأخُذَه بجَمِيع المَالِ.
- في الحديث: "لتُضْغَطُنَّ على باب الجَنَّة"
: أي تُزْحَمُون . (ضغا) - في قصة قوم لُوطٍ: حَتَّى سَمعَت الملائِكَةُ ضَواغِىَ كلابِها"
جمع ضَاغِيَة ، وهي الضَّغْوُ
- ومن حديث عائشة، - رضي الله عنها -: " .. أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيَهم"
الضَّغْوُ والضَّغَا: صوت الذَّلِيل المَقْهُور، وقيل: صوت الهِرَّة.
[ضغط] نه: فيه: "لتضغطن" على باب الجنة، أي تزحمون، من ضغطه إذا عصره وضيق عليه وقهره. ط: "ليضغطون" عليه حتى مناكبهم ليزول، أي يزدحم أمتي الداخلون في الجنة على الباب حال الدخول بحيث يقرب مناكبهم أن تزول من شدة الازدحام، وهو ضعيف لمخالفة الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المعنى. ك: ومنه: "لا تضاغطوا"، أي لا تزدحموا. نه: ومنه ح الحديبية: لا يتحدث العرب أنا أخذنا "ضغطة"، أي قهرًا وعصرًا، من أخذته ضغطة بالضم إذا ضيقت عليه لتكرهه على شيء. وح: لا يشترين أحدكم مال امرئ في "ضغطة" من سلطان. وح: لا تجوز "الضغطة"، قيل: هي أن تصالح من لك عليه مال على بعضه ثم تجد البينة فتأخذه بجميعه. ومنه ح شريح: كان لا يجيز الاضطهاد و"الضغطة"، وقيل: هو أن يمطل الغريم بما عليه من الدين حتى يضجر الدائن فيرضى بحط شيء وأخذ الباقي معجلًا. ومنه: يعتق من عبده ما شاء ثلثا أو ربعًا أو خمسًا ليس بينه وبين الله "ضغطة". وح معاذ: لما رجع عن العمل قالت امرأته: أين ما جئت به؟ فقال: كان معي "ضاغط"، أي أمين يعني الله تعالى المطلع على السرائر فأوهم أنه كان معه من يحفظه ويضيق عليه عن الأخذ.
ضغط ضغطه يضغطه ضغطاً: إذا زحمه وغمزه إلى حائط أو إلى الأرض، ومنه ضغطة القبر، وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو نجا أحد من ضغطة القبر - ويروى: من ضمة القبر - لنجا منها سعدُ.
وقال القتبي في حديث شريحٍ: أنه كان لا يجيز الاضطهاد ولا الضغطة: الاضطهاد: الظلم والضغطة والعصرة من الغريم؛ وهما أن يمطل بما عليه ويلوي به ثم يقول لصاحب المال: أتدعُ لي كذا وتأخذ الباقي معجلاً، فيرضى بذلك ويصالحه على شيء يدعه له، فكان شريح لا يجيز ذلك ويلزمه جميع الشيء إذا رجع به صاحب الحق عليه ويقول له: بينتك أنه تركه لك وهو يقدر على أخذه.
والضاغط: كالرقيب والأمين، يقال: أرسله ضاغطاً على فلان، سمي بذلك لتضييقه عليه وقبضه يده عن الأخذ، ومنه حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: أن عمر - رضي الله عنه - بعث به ساعياً على بني كلاب أو على سعد بن ذبيان: فقسم فيهم ولم يدع شيئاً، حتى جاء بجلسة الذي خرج به على رقبته، فقالت له امرأته: أين ما جئت به مما يأتي به العمال من عراضه أهلهم، فقال: كان معي ضاغط: أي أمين. ولم يكن معه أمين ولا شريك، وإنما أراد - والله أعلم - إرضاء المرأة بهذا القول، وجاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل الكذب إلا في ثلاثةٍ: الحرب والإصلاح بين الناس وإرضاء أهله. وقيل: أراد بالضاغط الله تعالى المطلع على سرائر العباد وكفى به أميناً، وأوهم المرأة أنه كان مزموماً بأمينٍ، وهذا من معاريض الكلام.
والضاغط في البعير: انفتاق من الإبط وكثرة من اللحم. وهو الضب أيضاً. وقال ابن دريد: بعير به ضاغط: إذا كان إبطه يصيب جنبه حتى يؤثر فيه أو يتدلى جلده.
والمضاغط: واحدها مضغط؛ وهو أرض ذات أمسلة منخفضةٍ زعموا.
قال: وضغاط؟ بالضم -: موضع.
قال: والضغيط: بئر تحفر إلى جنبها بئر أخرى فيقل ماؤها، وقال قوم: بل الضغيط بئر تحفر بين بئرين مدفونتين، وقال الأصمعي: الضغيط بئر إلى جنبها بئر أخرى فتحما فيصير ماؤها منتناً فيسيل في ماء العذبة فيسده فلا يشربه أحد، وأنشد:
يَشْربْنَ ماء الأجْنِ والَّضغِيِط ... ولا يَعَفْنَ كّدَرَ المَسِيْطِ
وقال ابن عبادٍ: الضغيطة: مثل الضغيغة من النبت والبقل وهي من الطعام: مثل اللبيكة.
والضغطة - بالضم -: الشدة والمشقة، يقال: اللهم ارفع عنا هذه الضغطة. وأخذت فلاناً ضغطةِ: إذا ضيقت عليه لتكرهه على الشيء.
وقال ابن دريدٍ: تضاغط القوم: إذا ازدحموا. والمضاغطة: المزاحمة، وأنشد:
إنَّ النَّدى حيُث ترى الضَّغَاطا ... والتَّرْكيبُ يَدُلُّ على مُزَاحمةٍ بشدةٍ.
ضغط
ضغَطَ/ ضغَطَ على يَضغَط، ضَغْطًا، فهو ضاغِط، والمفعول مَضْغوط
• ضغَط الكلامَ: بالغ في إيجازِه، ركَّزه وقلَّله.
• ضغَط الكلمةَ عند النُّطق بها: أبرزها لبيان أهمّيَّتها أو تأكيد معناها.
• ضغَطه/ ضغَط عليه: عصره وكَبَسَه "ضغط المتاعَ حتَّى

أدخله الصندوقَ".
• ضغَط زرَّ الجرس/ ضغَط على زرِّ الجرس: غمزه في الحائط ° ضغَط النَّفقات: خفَّضها- ضغَط على يده: صافحه بحرارة.
• ضغَط على المُتَّهم ليعترف بجريمته: تشدَّد وضيَّق عليه، قهَره وأكرهه، أجبره "ضغَط عليه ليسافر". 

انضغطَ ينضغط، انضغاطًا، فهو مُنضغِط
• انضغط الشَّيءُ: مُطاوع ضغَطَ/ ضغَطَ على: تأثَّر بالضّغط واستجاب له. 

ضاغطة [مفرد]: ج ضاغطات وضواغطُ:
1 - آلة ضَغْط تُستعمل لكَبْسِ القُطن ونحوِه.
2 - أسطوانة حديديّة ضخمة تمرّ بالورق على الحروف فتنطبع الحروفُ عليه.
• جماعة ضاغطة: مجموعة من الأشخاص مُهمَّتهم محاولة التأثير على المشرِّعين أو المسئولين الرسميِّين من أجل قضيّة مُعيَّنة. 

ضَغْط [مفرد]: ج ضُغوط (لغير المصدر): مصدر ضغَطَ/ ضغَطَ على ° تحت ضغط الرَّأي العامّ/ تحت ضغط العمل: تحت تأثيره- ضَغْط خارجيّ: تأثير خارجيّ.
• الضَّغط الإبريّ: (طب) نوع من التَّدليك العلاجيّ يتمُّ بضغط الإبهامين والكفَّين على مناطق الجسم التي توخز بالإبر للمعالجة وتخفيف الألم.
• ضغط الدَّم: (طب) ما يحدثه الدّمُ من دفع على جدار الأوعية الدمويَّة وخاصَّة الشرايين، ويختلف مقداره تبعًا لعوامل السِّنّ، وبنية الجسم، ودرجة الانفعال? ضغط دم سَوِيّ: ضغط دم طبيعيّ، غير مرتفع أو منخفض- نقص ضغط الدَّم: نقص غير طبيعيّ في ضغط الدّم، توتّر ضعيف.
• مِقياس ضغط الدَّم: (طب) أداة لقياس ضَغْط الدّم الشريانيّ مؤلَّفة من مدلول مقياس الضغط وطوق من المطاط لإحاطة الذِّراع من أعلى.
• الضَّغط الجوِّيّ: (فز) الضَّغط الذي يتركَّز على نقطة مُعيَّنة بفعل الثّقل الذي يحدثه عمود الهواء على هذه النُّقطة ويؤثِّر في جميع الاتِّجاهات.
• ضَغْط البخار: (فز) الضَّغْط المبذول من بخار متوازن مع حالته الصلبة أو السائلة.
• مقياس الضَّغْط: (فز) أداة لقياس ضَغْط الهواء أو الغازات.
• جماعات الضَّغط: منظَّمات تضمّ مجموعات من النَّاس ذات مصالح مشتركة، تمارس نشاطًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا بقصد التأثير المباشر أو غير المباشر على سلطة اتِّخاذ القرار. 

ضَغْطة [مفرد]: ج ضَغَطات وضَغْطات:
1 - اسم مرَّة من ضغَطَ/ ضغَطَ على.
2 - قهر واضطرار. 

مضغوط [مفرد]: اسم مفعول من ضغَطَ/ ضغَطَ على.
• هواء مضغوط: (فز) هواء يكون تحت ضغط أعلى من الضغط الجوّيّ العاديّ. 

ضغط



ضَغَطَهُ, (S, Msb, K,) aor. ـَ (S, Msb,) inf. n. ضَغْطٌ, (S, Mgh, Msb,) He pressed him; pushed him; (S, Msb, K;) squeezed him; (Mgh, * Msb, K;) against (إِلَى, S, Msb, K, [and عَلَى,]) a thing, (K,) or a wall, (S, Msb,) and the like, (S,) and the ground: (TA:) he straitened him: he overcame, subdued, or overpowered, him; or he constrained him. (TA.) It is said in a trad., لَتُضْغَطُنَّ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ Ye shall assuredly be pressed, or pushed, against the gate of Paradise. (TA.) You say of a tight boot, ضَغَطَ رِجْلَهُ [It compressed, or pinched, his foot]. (K in art. حزق.) And you say also, ضَغَطَ عَلَيْهِ, and ↓ اِضْتَغَطَ, (Lh, TA,) which latter, by rule, should be اِضْطَغَطَ, (TA,) (assumed tropical:) He treated him with hardness, severity, or rigour, with respect to a debt or the like. (Lh, TA.) 3 ضاغطوا, (K,) inf. n. ضِغَاطٌ (IDrd, T, O, TA) and مُضَاغَطَةٌ; (IDrd, O;) and ↓ تضاغطوا; (IDrd, O, K;) They pressed, pushed, crowded, or straitened, one another; syns. زَاحَمُوا and ازدحموا. (IDrd, O, K.) You say, النَّاسُ ↓ تَضَاغَطَ فِى الاِزْدِحَامِ [The people pressed, or pushed, one another in crowding together]; and ضِغَاطٌ is like تَضَاغُطٌ. (T, TA.) 6 تَضَاْغَطَ see 3, in two places.7 انظغط [as quasi-pass. of 1, app. signifies He was, or became, pressed, pushed, or squeezed: and, accord. to a version of the Bible, as mentioned by Golius, in Num. xx. (or xxii.) 25, he pressed, or squeezed, himself, against (إِلَى) a wall: and also,] (assumed tropical:) he (a man) was, or became, overcome, subdued, or overpowered; or constrained; syn. اِنْقَهَرَ. (TA.) 8 إِضْتَغَطَ see 1, last sentence.

ضَغْطَةٌ The pressure of the grave; (S, Msb, K;) because it straitens the dead: (Msb:) its straitening. (Mgh.) b2: It is also expl. by En-Nadr [ISh] as signifying مجاهرة [app. a mistake for مُجَاهَدَةٌ, as meaning (assumed tropical:) The exertion of one's utmost power, ability, or endeavour, in contending with another: and in this sense it should perhaps be written ↓ ضُغْطَةٌ]. (TA.) b3: See also ضُغْطَةٌ, in two places.

ضُغْطَةٌ (tropical:) Straitness; difficulty; distress; affliction; (S, Msb, K;) as also ↓ ضَغْطَةٌ. (TA.) Yousay, اَللّٰهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا هٰذِهِ الضُّغْطَةَ [O God, withdraw, put away, or remove, from us this straitness, &c.]. (S.) b2: (assumed tropical:) Force, constraint, compulsion; (Mgh;) as also ↓ ضَغْطَةٌ: (TA: [in which one of the syns. is written قَبْر, evidently a mistake for قَهْرٌ, one of the syns. of the former word in the Mgh:]) constraint, or compulsion, against the will of the object thereof. (S, * K.) You say, أَخَذْتُ فُلَانًا ضَغْطَةً (assumed tropical:) I treated such a one with hardness, severity, or rigour, to constrain him, or compel him, to do the thing against his will. (S.) and hence the trad. of Shureyh, كَانَ لَا يُجِيزُ الضُّغْطَةَ (assumed tropical:) He used not to allow the constraint, or compulsion, of one's debtor, and the treating him with hardness, severity, or rigour: or one's saying, I will not give thee unless thou abate somewhat of my debt to thee: or one's having money owed to him by another, who disacknowledges it, and compounding with him for part of what is owed to him, then finding the voucher, and exacting from him the whole of the property after the compromise. (Mgh.) b3: See also ضَغْطَةٌ.

ضَغِيطٌ A well having by the side of it another well, (As, S, O, K) and one of them becomes foul with black mud, (As, S, O,) or and one of them becomes choked up, and foul with black mud, (K,) so that its water becomes stinking, and it flows into the water of the sweet well, and corrupts it, so that no one drinks of it: (As, S, O, K:) or a well that is dug by the side of another well, in consequence of which its water becomes little in quantity: or a well dug between two wells that have become choked up. (O.) A2: And A man weak in judgment, (K, TA,) that will not be roused to action with the people: (TA:) pl. ضَغْطَى, (K, TA,) [like مَرْضَى &c.,] because it is as though it were [significant of suffering from] a disease. (TA.) ضَاغِطٌ A slitting in the arm-pit of a camel, (S, K,) and abundance of flesh [in that part, pressing against the side]: (S:) and i. q. ضَبٌّ: (S, K) or a thing like a bag: (TA:) a tumour in the armpit of a camel, like a bag, straitening him: (Meyd: see مُعَرَّكٌ:) or skin collected together: or the base of the callous protuberance upon the breast of a camel pressing against the place of the arm-pit, and marking, or scarring, and excoriating, it. (TA.) Accord. to IDrd, بَعِيرٌ بِهِ ضَاغِطٌ means A camel whose arm-pit comes in contact with his side so as to mark it, or scar it. (TA.) A2: (tropical:) A watcher, keeper, or guardian; a confidential superintendent; (S, K;) over a person; so called because he straitens him; (S;) or over a thing. (K.) You say, أرْسَلَهُ ضَاغِطًا عَلَى فُلَانٍ (tropical:) He sent him as a watcher, &c., over such a one. (S, TA.) And hence what is said in the trad. of Mo'ádh, (S, L,) when his wife asked him, on his return from collecting the poor-rates in El-Yemen, where was the present which he had brought for his wife, and he answered, (L,) كَانَ عَلَىَّ ضَاغِطٌ [There was over me a watcher], (S,) or كَانَ مَعِى ضَاغِطٌ [There was with me a watcher], meaning God, who knows the secrets of men; or he meant, by ضاغط, the trust committed to him by God, which he had taken upon himself; but his wife imagined that there was with him a watcher who straitened him, and prevented his taking to please her. (L.)
ضغط
ضَغَطَهُ يضْغَطَهُ ضَغْطاً: عَصَرَهُ وضيَّقَ عَلَيْهِ وقَهَرَه. وضَغَطَه، إِذا زَحَمَهُ إِلى حائطٍ ونحوِه، كَمَا فِي الصّحاح. وضَغَطَه، إِذا غَمَزَه إِلىعلى الشَّيءِ، كَمَا فِي الصّحاح. والضُّغْطَةُ أَيْضاً: الشِّدَّةُ والمشَقَّة، وَهُوَ مَجَازٌ. يُقَالُ: ارفَعْ عنَّا هَذِه الضُّغْطَةَ، كَمَا فِي الصّحاح. وَفِي بعض النُّسَخِ: اللهُمَّ ارْفَعْ وَفِي الحَدِيث لَا تَجوزُ الضُّغْطَةُ قيل: هِيَ أَنْ تُصالِحَ من لَك عليهِ مالٌ، على بعْضِه، ثمَّ تَجِد البَيَّنَةَ فتأْخُذْهُ بجَميعِ المالِ. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: ضُغاطٌ كغُرابٍ: ع، هَكَذَا فِي العُبَاب. وَفِي التَّكْمِلَة: ضَغَاطِ، اسمُ مَوضِع وَفِيه نَظَرٌ، وضَبَطَهُ كحَذَامِ. والضَّغيطُ، كأَميرٍ: بئرٌ تُحْفَرُ إِلى جَنْبِها بئرٌ أُخْرى فيَقِلُّ)
ماؤُها. قَالَه ابنُ دُرَيْدٍ. قالَ: وقالَ قومٌ: بل الضَّغِيطُ بِئْرٌ تُحْفَرُ بينَ بِئْرَين مَدْفُونَيْن، وَفِي الصّحاح: قالَ الأَصْمَعِيّ: الضَّغِيطُ: بئرٌ إِلى جَنْبِها بئرٌ أُخْرى فتَنْدَفِنُ إِحْداهُما، وَلَيْسَ هَذَا فِي نصِّ الأَصْمَعِيّ، وإِنَّما فِيهِ بعدَ قولِه: أُخْرى، فتَحْمَأُ، أَي تَصيرُ ذاتَ حَمْأَةٍ، فيُنْتِنُ ماؤُها فيَسِيلُ فِي العَذْبَةِ فيُفْسِدُها فَلَا تُشْرَبُ. ونصُّ الأَصْمَعِيّ: فيَصيرُ ماؤُها مُنْتِناً فِي ماءِ العَذْبَةِ فيُفْسِدُه، فَلَا يَشْرَبُه أَحدٌ، قالَ الرَّاجزُ: يَشْرَبْنَ ماءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ والضَّغِيطُ: الرَّجُلُ الضَّعيفُ الرَّأْيِ لَا يَنْبَعِثُ مَعَ القَوْمِ ج: ضَغْطَى، لأَنَّهُ داءٌ. والضَّغِيطَةُ، بهاءٍ: الضَّعيفَةُ من النَّبْتِ، هَكَذَا فِي سائِرِ أُصولِ القامُوس، وَهُوَ غَلَطٌ والصَّوابُ: والضَّغِيغَةُ بغَيْنَيْن معجَمَتَيْن، وَهُوَ مأْخوذٌ المُحيط لابنِ عبَادٍ، ونصُّه: الضَّغِيطَةُ: مثل الضَّغِيغَةِ من النَّبْتِ والبَقْل، وَهِي من الطَّعامِ: مثل اللَّبيكَة، وَسَيَأْتِي فِي ض غ غ بيانُ ذَلِك فتأَمَّلْ. وتَضَاغَطُوا: ازْدَحَموا.
وضاغَطُوا: زاحَمُوا، وَفِي التَّهذيب: تَضَاغَطَ النَّاسُ فِي الزِّحام. والضِّغاطُ، بالكَسْرِ، كالتَّضاغُطِ، أَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ: إِنَّ النَّدَى حَيْث تَرَى الضِّغَاطَا وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: الضَّغْطَةُ، بالفَتْحِ: القَهْرُ، والضِّيقُ والاضْطِرارُ. وضَغَطَ عَلَيْهِ واضْتَغَطَ: تَشَدَّدَ عَلَيْهِ فِي غُرْمٍ أَو نحوِه، عَن اللِّحْيانِيِّ، كَذَا حَكَاهُ اضْتَغَطَ، بالإِظهارِ، والقِياسُ اضْطَغَطَ.
والضُّغْطَةُ: المُجاهَدَةُ، عَن النَّضْر. وانْضَغَطَ الرَّجُلُ: انْقَهَرَ.
ضغط
رجل ضفيط بين الضفاطة: أي ضعيف الرأي والعقل، قال ابو حزام غالبُ بن الحارث العكلي.
تعادت بالجنان على المزجى ... ويخفي بالبدء الضفيط يخفي: يظهرُ، والبدء: الداهية، وقد ضفط - بالضم -، وبلغ عمر - رضى الله عنه - أن رجلا استأذن فقال: إني لا أراه ضفيطاً، لأنه كان ينكر قول من قال: إذا قعد إليك رجل فلا تقم حتى تستأذنه.
وقال الليثُ: الضفيط: العذيوط الذي يبدي إذا جامع أهله.
وعن ابن سيرين: أنه شهد نكاحاً فقال: أين ضفاطتكم، أراد الدف لأنه لعب ولهو فهو راجع إلى ملا يحققُ فيه صاحبه.
وفي حديث عمر - رضى الله عنه -: أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال: اللهم إني أعوذ بك من الضفاطة، أتسأل ربك إلا يرزقك أهلا ومالا. ذهبَ إلى قوله تعالى:) إنما أموالُكم وأولادُكم فتنة (وكره التعوذ منها.
وفي حديث ابن عباس - رضى الله عنهما -: لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء، فقيل له: أتقولُ هذا وأنت عامل لفلان، فقال: إن في ضفطات وهذه إحدى ضفطاتي الضفطة للمرة كالحمقة، والجمع الضفط ضفطى؛ كصريعه وصرعى. وفي الحديث عمر؟ رضى الله عنه -: أن صاحب محمد؟ صلى الله عليه وسلم -: تذاكروا الوتر، فقال أبو بكر؟ برضى الله عنه -: أما أنا فأبدوا الوتر، وقال عمر - رضى الله عنه -: لكني أوتر حين ينام الضفى: همُ الحمقى والنوكى.
والضفيط - أيضا - من فحول الإبل: السريس.
والضفيط: السخي: وهو من الاضداد.
والضَّفَّاطة - بالتشديد -: شبيهة بالدجاجة؛ وهي الرفقة العظيمة.
والضفاط: الذي يكري الإبل من قرية إلى قرية أخرى. وقال ابن الأعرابي: الضفاط: الجمال وروي: أن ضفاطة - ويروي: ضفاطتين - قدموا المدينة.
وقيل: الضفاطةُ: رذال الناس، وكذلك الضفاط، قال بن القطيب:
ليست به شمائل الضفاط
وقال ابن شميل: الضفاطة: الأنباط كانوا يقدمون المدينة بالدرمك والزيت وقال ابن المبارك: الضفاط: الجالب من الأصل والمقاط: الحاملُ من قريةُ إلى قرية.
وقيل: الضفاط: الذي يكري من منزل إلى منزل أو من ماء إلى ماء، قال: وما كنت ضفاطاً ولكن راكباً.
وذاةُ أنواطٍ: اسم شجرة كلان يُنَاطُ بها السلاح وتعبد من دون الله، ومنه الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابْصَرَ في بعض أسفاره شجرة دَفْوَاءَ ذاةَ أنوَاطٍ. الدَّفْوَاءُ: العظيمة الطويلة الفروع والأغصان الجَثَلةُ الظليلةُ. سُمي المَنُوطُ بالنَّوِط وهو مصدر؛ ثم جمع - ومنه قولهم لِمزد الراكب الذي يَنُوطه: نَوطٌ والنَّوُطُ والنَّوْطَةُ: جُلة صغيرة فيها ثمر تعلق من البعير، وفي الحديث أنه أهْدي إلى النبي - صلى الله عليه ويلم - نَوْطُ من تَعْضوض هجر أهداه " له " وفد عبد القيس.
" والنَّوْطُ ": العلاوة بين " العدْلَيِنِ "..... وأصله الجُلَّةُ....... إذا تلكأ في السير بصر..... والإلحاح على البعير، وأنشد ابن دريد:
فَعَلَّق النَّوْطَ أبا مَحْبُوبِ ... إنَّ الغّضّا ليس بذي تَذنُوبِ
وقال أبو عمر: النّوْطَةُ: البئر بين الجبلين.
والنَّوْطَةُ: الحَوصَلةُ، قال النابغة الذبياني يصف القَطَاةَ:
حَذّاءُ مُدْبِرَةً سَكّاءُ مُقْبلَةً ... للماءِ في النَّحْرِ منها نَوْطَةُ عَجَبُ
والنَّوْطَةُ - أيضاً -: وَرَمٌ في نَحْرِ البعير وأرفاغه، وقال ابن دريد: النَّوْطَةُ: غُدَّةٌ تصيب البعير في بطنه فلا أن تقتله، يقال: نِيْطَ البعير: إذا أصابه ذلك.
والنَّوْطَةُ - أيضاً - الحِقْدُ، قال عمرو بن أحمر الباهلي:
وما عِلْمُنا ما نَوْطَةٌ مُسْتَكِنَّة ... ولا أيُّ ما قارَفتُ أسقى سِقائيا
يقول: وما ادري أي ذنوبي فعل بي هذا. ويروى: " ولا أي من قارَفْتُ ". وقوله: أسقى سِقائيا: أي أوعى جوفي هذا الدّاء الذي أجده.
والنَّوءطُ: ما بين العجز والمتن.
والأنْوَاطُ: ما عُلق على البعير إذا أوقِرَ. وكل عُلق من شيءٍ فهو نَوْطُ.
ويقال: نَوْطَةٌ من صلح، كما يقال: عِيصٌ من سِدرٍ وايكةٌ من أثلٍ وفرشٌ من عُرفُطٍ ووهط من عُشر وغال من سلم وسليل من سَمرٍ وقصيمة من غَضَاً ومن رمث وصريمة من غضا ومن سلم وحرجة من شجر.
وقال ابن الأعرابي: النَّوْطُ: المكان فيه شجر في وسطه وطرفاه لا شجر فيهما؛ وهو مرتفع في السيل، يقال: أصابنا مطر وإنا لَبِنَوطةٍ. وقال ابن شُميل: النَّوْطَةُ ليست بواد ضخم ولا بتلعة؛ هي بين ذلك.
والتَّنْوَاطُ: ما يتلعق من الهودج يزين به. ويقال: فلان منَّي مَنَاطَ الثُريا: أي في البعد. وهذا الشيء مَنُوْطٌ بفلان.
وقال الخليل: المَدّاتُ الثلاث مَنُوْطاتُ بالهمز، قال: ولذلك قابل بعضهم في افْعَلي وافْعَلا وافْعَلوا في الوقوف: افْعَلِىء وافْعَلا وافْعَلُوا، ولذلك يهمزون " لا " إذا وقفوا فيقولون: لا.
ويقال: رجل مَنُطُ بالقوم: أي ليس منهم، وقيل: دَعِيُّ، قال حسان بن ثابت يهجو أبا سفيان - رضي الله عنهما -:
وكْنت دَعِيّاً نشيْطَ في آلِ هاشمٍ ... كما نِيْطَ خَلْفَ الرّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ
والنَّيَاطُ: ما يعلق به الشيء، يقال: نُطْتُ القربة بِنياطها: أي علقتها من محمل ونحوه.
ونِيَاطُ المفازة: بعد طريقها فكأنها نِيْطَتْ بمفازةٍ أخرى لا تكاد تنقطع، قال العجاج:
وبَلْدَةٍ بَعِيْدِة النَّيَاطِ ... مجْهولةٍ تَغتال خَطْوَ الخاطي
والنَّيَاطُ: كوكبان بينهما قلب العقرب.
والنَّيَاط: عرق عُلق به القلب من الوترين فإذا قُطع مات صاحبه. ويقال للأرنب: المُقطعة النَّيِاط والمقطعة الأسحار والمقطعة السحور على التفاؤل؛ أي نِيَاطُها يقطع على هذا الاسم. في ال....... من يكسر الطاء؛ أي سرعتها وشدة عَدوها كأنها تُقطع نِياطَها، وقيل: تُقطع نِيَاطَ الكلاب من شدة عدوها.
وكذلك النَّيْطُ، قال أبو سعيد: القياس: النَّوْطُ، لأنه من ناطَ يَنُوطُ، غير أن الياء تعاقب الواو في حروف كثيرة، ويجوز أن يقال أصله نَيطُّ؛ فخفف؛ كميت وهين ولين في ميتٍ وهين ولينٍ.
ويقال: رُمي في نَيْطِه وطعن في جنازته: إذا مات، ومنه حديث عليّ - رضي الله عنه - أنه قال: لودَّ معاوية أنه ما بقى من بني هاشم نافخ ضرمةٍ الا طُعن في نَيْطِه.
ويقال: رماه الله بالنَّيِط: أي بالموت.
ونِيَاطُ القوس: مُعلقها.
والنّاءطُ: عرق في الصلب ممتد بعالج المصفور بقطعه، قال العجاج يصف ثوراً طعن الكلاب:
وبَجَّ كلَّ عِاندٍ نَعُورِ ... أجْوَفَ ذي فَوّارَةٍ ثَوورِ
قَضْبَ الطبيب نائطَ المَصْفُوِر ؤالنّائطَةُ: الحَوصَلةُ.
وقال ابن عباد النَّيَّطَةُ: " البعير يرسله مع ناسٍ يمتارون " ليحمل له عليه.
وقال ابن الأعرابي: بئر نَيُطٌ - على فعيل -: إذا حفرت فأتي الماء من جانب منها فسال الى قعرها ولم تعن من قعرها بشيءٍ، وأنشد:
لا تَسْتَقي دِلاؤها من نَيّطِ ... ولا بَعِيدٍ قَعرُها مُخْرَوط
وقال أبو الهيثم: النَّيَّطُ: العين في البئر قبل أن تصل إلى القعر، ومنه حديث الحجاج: أنه أمر رجلاً له عضيدة أن يحفر بالشجي بئراً فحفرها؛ فقال: يا عُضيدة أأخسفت أم أوشلت؟ ويروى: أمْ أعلمت - فقال: لا واحد منهما ولكن نَيَّطاً بين المائين، قال: وما يبلغ ماؤها؟ قال: وردت عَلَيَّ رفقة فيها خمسة وعشرون بعيراً؛ فرويت الإبل ومن عليها، فقال الحجاج: الإبل حفرتها إن الإبل ضُمزٌ خُنُس ما جشمت. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: وسبب ذلك أن رفقةً ماتت من العطش بالشجي. فقال الحجاج: أني أظنهم قد دعوا الله حين بلغهم الجهد؛ فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه لعل الله يسقي الناس، فقال رجل من جلسائه: قد قال الشاعر:
تَرَاءَتْ له بَيْنَ الَّلوى وعُنَيْزَةٍ ... وبَيْنَ الشَّجِي مّماِ أحالَ على الوادي
ما تَراءت له إلا وهو على ماءٍ، فأمر الحجاج رجلاً له عُضيدة أن يحفر في الشَّجي بئراً؛ فحفرها؛ فلما أنْيَطَ حمل معه قربتين من مائها إلى الحجاج بواسطٍ، فلما طلع قال له: يا عضيدة لقد تخطيت بها ماء عذاباً أأخسفت. الحديث.
وقال بعضهم: إن كان الحرف على ما روي " فهو من " ناطَه يَنُوْطُه: إذا " عَلَّقَه؛ أراد ": أن الماء وَ " سَط بين المائين ": كأنه معلق بينهما. وإن كانت الرواية لكن نَبَطاً؟ بالباء الموحدة - " فإنَّه " يقال " للرَّكِيَّة " إذا استخرج ماؤها.
والتَّنضوُّطُ والتُّنَويطُ: طائر، قال الأصمعي، سمي بذلك لأنه يُدلي خيوطها من شجرةٍ ثم يفرخ فيها، الواحدة: تَنَوُّطَةٌ وتُنَوَّطَةٌ.
وقال " حَمْزَةُ " في قولهم: أصنع من تَنَوطٍ: هو طائر يركب عشه تركيباً بين عودين من أعواد الشجر فينسجه كقارورة الدهن ضيق الفم واسع الداخل فيودعه بيضه فلا يوصل إليه حتى تدخل اليد فيه إلى المعصم.
وقال أبو عمرو: أناطَتِ الإبل: أصابها وَرَمٌ في نحورها؛ مثل نِيْطَتْ. وقال ابن عباد: نَوَّطْت القربة تَنْوِيْطاً: إذا أثقلتها لتدهنها.
وانْتَاطَ المكان: بَعُدَ.
وقال أبو عمرو: انْتَاطَ من قولهم: أني أريد أن أسْتَنِطَكَ ناقتي: إذا دفعها إليه ليمتار له " عليها، فيقول " الرجل: أنا أنْتَاطُها لك.
والتركيب يدل على تعليق شيءٍ بشيء إذا علقته به، وقد شَذَّ عن هذا التركيب قولهم: بئر نَيُّطٌ.
ض غ ط

ضغط الشيء: عصره وضيق عليه. وأعوذ بالله من ضغطة القبر. وضغطته إلى الحائط وغيره فانضغط. وضاغطته في الزحام، وتضاغطوا.

ومن المجاز: فعل ذلك الأمر ضغطة: قهرة واضطراراً. وأخذه بالضغطة وهو أن يقول: حط عني كذا حتى أعطيك البقية. واللهم ادفع عنا هذه الضغطة وهي الشدة. وأرسلته ضاغطاً على فلان: مهيمناً عليه يتتبع ما يأتي به. وبه ضاغط وبهن ضاغط وهو أن يسحج مرفق البعير جنبه فيقترحه.

جذر

(جذر)
الشَّيْء جذرا استأصله

جذر


جَذَرَ(n. ac. جَذْر)
a. Cut off, severed.
b. Uprooted; extirpated.

جَذَّرَa. see I (a) (b).
c. Extracted the root of (number).

أَجْذَرَa. see I
& II.
جَذْر
جِذْر
(pl.
جُذُوْر
أَجْذَاْر)
a. Root; origin, stock.
b. Root ( of a number ).
(ج ذ ر) : (الْجَذْرُ) أَصْلُ الْحِسَابِ كَالْعَشَرَةِ تُضْرَبُ فِي عَشَرَةٍ فَيَكُونُ جَذْرُ الْمِائَةِ وَيُسَمَّى الْمُجْتَمِعُ مِنْهُ مَجْذُورًا وَهُوَ نَوْعَانِ نَاطِقٌ وَأَصَمُّ وَفِي كَلَامِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سُبْحَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَذْرَ الْأَصَمَّ إلَّا هُوَ.
[جذر] في ح الزبير: احبس الماء حتى يبلغ "الجذر" يريد مبلغ تمام الشرب من جذر الحساب، وهو بالفتح والكسر أصل كل شيء. وروى بمهملة ومر. ومنه: نزلت الأمانة في "جذر" قلوب الرجال أي في أصلها، ومر في الأمانة. ك: الرجال أي المؤمنين كانت لهم بحسب الفطرة وحصلت بالكسب. نه وح: سألته عن "الجذر" قال: هو الشاذروان الفارغ من البناء حول الكعبة.
ج ذ ر

نزلت المحبة في جذر قلبه أي في أصله. وغلظ جذر لسانه. وما أغلظ جذر قرن هذا الثور. قال زهير:

وسامعتين تعرف العتق فيهما ... إلى جذر مدلوك الكعوب محدد

وما جذر هذا العدد وما جداؤه أي أصله ومبلغه: إذا ضربت ثلاثة في ثلاثة، فالجذر الثلاثة، والجداء التسعة. وجذرت الشيء جذراً: استأصلته.
[جذر] الجذر: الاصل. قال زهير يصف بقرة: وسامعتين تعرف العتق فيهما * إلى جذر مدلوك الكعوب محدد - يعنى قرنها. وأصل كل شئ: جذره بالفتح عن الاصمعي، وجِذْرُهُ بالكسر عن أبي عمرو. وفي الحديث: " إنّ الأمانَةَ نزلت في جَِذْرِ قلوب الرجال ". وعشَرة في حساب الضَرب جِذرُ مائةٍ. وجذرت الشئ: استأصلته. ومنه المجذر، وهو القصير. وأنشد أبو عمرو:

البحتر المجذر الزوال * يريد في مشيته. والجيذر مثله. والجذمور والجذمار: قطعة من أصل السعفة تَبقى في الجِذع إذا قطعت، بزيادة الميم. وأخذت الشئ بجذ اميره، إذا أخذته كله. حكاه الكسائي.
جذر: الجَذْرُ: أصْلُ اللِّسانِ. وأصْلُ الذَّكَرِ. والحِسَاب. وقَصْبُ الأعراضِ والوَقِيْعَةُ فيها. والقَطْعُ والاسْتِئْصَالُ، جَذَرْتُه أجْذُرُه جَذّراً. وحَبُّ القُلُوبِ التي تَضُمُّ عليها؛ في الحَدِيث. ويقولونَ: بَلَغَ الماءُ جَذْرَه: إذا سُقِيَتِ الدَّبَرَةُ من الأرْضِ. والمُجْذَّرُ: القَصِيرُ الغَلِيْظُ. وناقَةٌ مُجَذَّرَةُ اللَّحْمِ: أي لَحْمُها في أطْرَافِ عِظَامِها وحُجُوْمِها. واجْذَأْرَرْتُ: أي غَضِبْت وانْتَصبْت. والمُجْذَئِرُّ: القاعِدُ المُنْتَصُّ للسِّبَابِ. وهو الوَتِدُ. والقَرْنُ حَتّى يُجَاوِزَ النُّجُومَ ولم يَغْلُظْ. ومن النَّباتِ: الذي نَبَتَ ولم يَطُلْ. والجِذْرِيَّةُ: السِّنُّ التي بَعدَ الرَّبَاعِيَةِ. والجَيْذَرُ: سَمَكَةٌ مِثْلُ الزَّنْجِيِّ الأسْوَدِ الضَّخْمِ، والجَميع الجَيْذَرُ والجَيَاذِرُ.
باب الجيم والذال والراء معهما ج ذ ر، ج ر ذ يستعملان فقط

جذر: الجَذرُ أصل اللِّسان وأصل الذِّكر، وأصل كل شيء. وأصل الحِساب الذي يقال: عشرة في عشرة أو كذا في كذا، نقول: ما جذره؟ أي ما مبلغُ تمامه فتقول: عشرة في عشرة، مائةٌ، (وخمسةٌ في خمسة، خمسة وعشرون، فجَذرُ مائةٍ عشرة، وجَذرُ خمسةٍ وعشرين خمسةٌ) . ويقال لِسِقي الماء إذا سُقيت الدَّبَرةُ: قد بَلَغَ الماء جَذره. ويقال للرجل القصير الغليظ: المجذر. والغربة تسمى الجذرة، وهي شجرة يدبغ بها. والذَّغرةُ تسمى الجذرة لسوادها.

جرذ: الجَرَذُ: داءٌ يأخذ في قوائم الدَّوابِّ، وبِرذَون جَرِذٌ. والجرذ: اسم الذكر من الفأر، والجميع الجِرذانُ. قال زائدة: الجِرذانُ: أكبر من الفأرة. والمُجَرَّذ والمُجَرَّسُ والمُضَرَّسُ والمُقَتَّل: المجرَّب للأمور.
الْجِيم والذال وَالرَّاء

جَذَر الشَّيْء يَجْذُره جَذْرا: قطعه.

وجَذْرُ كل شَيْء: أَصله. وجَذْرُ الْعُنُق: مغرزها، عَن الهجري، وَأنْشد:

تَمُجُّ ذَفَارِيهنَّ مَاء كَأَنَّهُ ... عَصِيم على جَذْر السوالفْ مُغْفُر

وَالْجمع: جُذُور.

والمجذَّر: الْقصير الغليظ، الشَّثْن الْأَطْرَاف، قَالَ:

إِن الْخلَافَة لم تَزَلْ مجعولة ... أبدا على جاذي الْيَدَيْنِ مُجَذَّر

وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ.

وناقة مجذَّرة: قَصِيرَة شَدِيدَة.

والجُؤْذُر، والجُؤْذَر: ولد الْبَقَرَة.

وبقرة مُجْذِر: ذَات جؤذر، وَلذَلِك حكمنَا بِزِيَادَة همزَة جؤذر، وَلِأَنَّهَا قد تزاد ثَانِيَة كثيرا.

وَحكى ابْن جني: جُوذُرا وجُوذَرا فِي هَذَا الْمَعْنى وكسره على جواذر، فَإِن كَانَ ذَلِك فجؤذُر: فُؤْعُل، وجُؤذَر: فُؤْعَل، وَيكون جوُذُر وجُؤذَر مخففا من ذَلِك تَخْفِيفًا بدليا أَو لُغَة فِيهِ.

وَحكى ابْن جني: أَن جَوْذراً على مِثَال كوثر لُغَة فِي جُوذُر، وَهَذَا مِمَّا يشْهد لَهُ أَيْضا بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَن الْوَاو ثَانِيَة لَا تكون أصلا فِي بَنَات الْأَرْبَعَة.

والجَيْذَر: لُغَة فِي الجُوذَر.

وَعِنْدِي: أَن الجَيْذَر، والجَوْذر عربيان، والجؤذُر والجؤذَر فارسيان.
جذر: جَذْر: أصل الشيء، والجزء الأسفل من جذر النبات، وجذع الشجر أي ساقه المجرد من الأغصان (بوشر) وفيه جدر بالدال، - ولقاطة وهو ما يبقى في الأرض بعد الحصاد (الادريسي ص60) والكلمة فيه جدر بالدال.
وجذر: عارضة، جسر، وفي معجم فوك: جدر بالدال.
وجذر: أس في مصطلح الحساب، وفي معجم بوشر: جدر بالدال.
جذر بنفسج: لوف الحية، شجرة التين أو الحية وهو جذر مدر للبول (بوشر) وفيه جدر بالدال). جذر العقرب: (أصل نبات يمكن أن يحمل باليد وتوضع عليه عقرب فتبقى ساكنة ذاهلة فلا تخشى لسعتها) (دسكارياك 55).
جَذرَة: أصل، جذل الشجرة (هلو)، وعروق الشجرة (مارتن 105).
جُذْرَة: جائز، جسر، عارضة، وفي المعجم اللاتيني - العربي: جُدرْة بالدال - وجذرة ويجمع على جُذَر: أصل الكرم القليل الفروع (ألكالا) وفيه Vid sin bracos ( راجع: فكتور).
جُذُورة (اسم الوحدة من الجمع جذور، راجع معجم الادريسي 353): أصل، جذل الشجرة (هلو).
جَوْذَر: نوع من الشجيرات الشائكة، ويسمى ثمره ظِمَّخ (أنظر الكلمة)، وتجد صفته عند ابن البيطار (1: 274،2: 178).
وهذه الصفة تدل على أنها نفس الشجيرة الشائكة التي تسمى (أجاري) عند ريشادرسن (وسط 1: 37) فهو يقول: الاجاري L'ajdaree شجيرة شائكة تشبه من بعيد شجرة الزعرور في إنجلترا، فإذا اقتربت منها وجدت ورقها بيضويا على شكل ورق البندق وثمرتها تسمى توماخ thomakh في مثل حجم ثمر الزعرور تقريبا، غير إنه مفلطح الطرفين.
ويستعملونه دواء لأنه قابض جدا للإسهال.
ويكتبه في ص180: jadâree.
ويقول براكس في مجلة الشرق والجزائر (7: 263): إن لهذه الشجرة ثمرا في حجم البسلة يسود حين ينضج، والعرب يأكلون هذا لثمر. ويرى على قشرة أصل هذه الشجرة زوائد فطرية، ومن هنا جاء من غير شك اسم جداري الذي يعني مجدر مغطى ببثور الجدري. (إن الأسلوب الذي يكتب به ابن البيطار الكلمة يؤكد أن هذا الأصل للكلمة خطأ).
ويستعمل العرب قشرة جذر الجداري ( djedâri) لصبغ الحرير الأزرق وجعله أسود، وكذلك لدباغة جلود الغنم وصبغها بالأحمر).
ويقول بليسير في ص161: (جدري ( djedri) نوع من جنس نبات mespilus الذي جذره أحمر اللون).
ويقول ابن سينا في مجلة الشرق والجزائر (13: 147): (جديري ( djedêr) هو مصطكي الأقاليم والجزائر) ويسميه بارت (1: 144) (الجدريا eldjederia) .
إن ما تقدم يفسر لنا لماذا تعني كلمة جداري gedâri مادة للصباغة أيضاً (صفة مصر 12: 126).

جذر

1 جَذَرَ, (A, TA,) aor. ـُ (TK,) inf. n. جَذْرٌ, (A, K,) He cut, or cut off, or severed, (K, TA,) a thing: (TA:) and (K) he extirpated, or cut off entirely, (A, K,) a thing; (A;) as also ↓ جذّر; (S;) and ↓ اجذر, inf. n. إِجْذَارٌ. (Az, K.) 2 جَذَّرَ see 1.4 أَجْذَرَ see 1.7 انجذر It became cut, or cut off, or severed. (K, TA.) جَذْرٌ (As, IAar, S, A, Msb, K) and ↓ جِذْرٌ (AA, S, K) The root, or lower part, (As, S, A, Msb, K,) of anything: (As, S, A:) or (so in the K, but in other lexicons “ and ”) particularly, of the tongue: (Sh, A, Msb, K:) and of the penis: (Sh, K:) and of a horn (S, * A) of a cow (S) or of a bull; (A;) or the horn [itself] of a cow: (TA:) and the latter word, the root, or foot, or lowest part, of a tree: (TA:) and the former word, the base of the neck: (El-Hejeree, K:) pl. جُذُورٌ. (K.) Hence, نَزَلَتِ المَحَبَّةُ فِى جَذْرِ قَلْبِهِ Love took up its abode in the bottom (أَصْل) of his heart. (A.) And [hence] it is said in a trad., إِنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ [app. meaning, Verily reason, or intellect, or rather conscience, each of which is a trust committed by God to man, and a faculty which renders him responsible for his faith and works, (see, in art. امن, an explanation of أَمَانَةٌ as used in the Kur xxxiii. 72,) hath taken up its abode in the bottom of the hearts of men]. (S.) b2: Also, both words, The origin, or stock, from which one springs. (TA.) b3: And the former, (S, A, Mgh, Msb, K,) and the latter, or the latter only, (K,) or the former only, (IAar, TA,) A root of a number; (A;) an arithmetical root; (Mgh, K;) [a square root;] a number that is multiplied by itself; (Msb;) as when you say that ten multiplied by ten is a hundred; (Mgh, Msb;) and three multiplied by three is nine; (A;) in the former of which cases, ten is the جذر, (Mgh, Msb,) i. e., the جذر of a hundred; (Mgh;) and in the latter, three; (A;) and in each case, the [square or] product of the multiplication is called the مَال, (Msb,) or the جُذَآء, (A,) or the ↓ مَجذُور: (Mgh:) [pl. of pauc. أجْذَارٌ, and of mult. جُذُورٌ.] It is of two kinds, نَاطِقٌ [i. e. rational], and أَصَمُّ [i. e. surd, or irrational]: the latter known only to God, accord. to a saying of 'Áïsheh. (Mgh.) جِذْرٌ: see جَذْرٌ.

جُؤْذَرٌ and جُؤْذُرٌ (S, K) and جُوذَرٌ and جَوْذَرٌ and جَؤْذَرٌ and ↓ جِيذَرٌ, (K, TA,) the last of which is written in some copies of the K [and in the CK]

جَيْذَرٌ, (TA,) The young one of a wild cow: (S, K:) pl. of the first and second, جَآذِرُ. (S.) ISd thinks that جَوْدَرٌ and جِيذَرٌ are Arabic, and that جُؤْذَرٌ and جُؤْذُرٌ are Persian. (TA.) See also مُجْذِرٌ.

جِيذَرٌ or جَيْذَرٌ: see what next precedes.

مُجْذِرٌ A wild cow having a young one. (ISd, K.) Hence we decide that the ء in ↓ جؤذر is augmentative; and because it often occurs as an augmentative in the second place. (ISd, TA.) [In the S it is regarded as a radical.]

مَجْذُورٌ: see حَذْرٌ.
جذر
جذَرَ يَجذُر، جَذْرًا، فهو جاذِر، والمفعول مَجْذور
• جذَر الشَّجرةَ وغيرَها: قطعها واستأصلها، قلعها من جذورها "جذر أعشابًا/ غُصْنًا/ الفتنةَ/ عُنقَه". 

جذَّرَ يجذِّر، تجذيرًا، فهو مُجذِّر، والمفعول مُجذَّر
• جذَّر العددَ: (جب) أخرج جَذْرَه وهو العدد المضروب في نفسه.
• جذَّر العدوُّ حضورَه العسكريّ بالاستيطان: أصَّله
 ورسَّخه "لابد من تجذير الأفكار قبل طرحها".
• جذَّر الشَّيءَ: استأصله، قطعه. 

جَذْر1 [مفرد]: مصدر جذَرَ. 

جَذْر2/ جِذْر [مفرد]: ج جُذور:
1 - أصل كُلّ شيء "الحضارة المصريّة ذات جذور عميقة" ° يضرب جذوره في الأرض: يتأصَّل.
2 - (لغ) أصل تُشتقّ منه الكلمة، فجذر مصنع وصناعة وصانع هو: ص ن ع.
3 - (نت) جزء النَّبات الذي يتشعّب في الأرض ويحصل على غذائه منها عن طريق امتصاصه الماء والمعادن من التربة المحيطة وهو العضو الذي يثبِّت النباتَ في الأرض "جذْر الشَّجرة- اقتلع الحشائشَ من جذورها".
• جذْر العدد: (جب) العدد الذي يُضرب في نفسه أو في إحدى قواه فينتج ذلك العدد، فجذر مائة عشرة ° الجذر التَّربيعيّ للعدد: هو عدد إذا ضُرب بنفسه أوجد ذلك العدد، فالجذر التربيعيّ لـ (25) هو (5) - الجذر التَّكعيبيّ للعدد: هو عدد إذا رفع للقوّة الثالثة أوجد ذلك العدد، فالجذر التكعيبيّ لـ (125) هو (5) - جذر معادلة: هو قيمة المجهول التي يتحقّق بها تساوي طرفي المعادلة. 

جَذْريّ/ جِذْريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى جَذْر2/ جِذْر: أساسيّ، جوهريّ "تطوّرات جذريّة" ° إصلاح جذريّ/ تحوُّل جذريّ/ تغيير جذريّ: أساسيّ أو جوهريّ يمسّ الأصول- جذريًّا: بصورة أو بطريقة جذريّة. 

مُجذَّر [مفرد]:
1 - اسم مفعول من جذَّرَ.
2 - (جب) عدد أو مقدار يوضع تحت علامة الجذر، أو مقدار مطلوب إيجاد جذره الأساسيّ. 
جذر وكت مجل مجل نبر أَبُو عبيد: فِي حَدِيث حُذَيْفَة أَنه قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حديثين: قد رَأَيْت أَحدهمَا وَأَنا أنْتَظر الآخر حَدثنَا أَن الْأَمَانَة نزلت فِي جذر قُلُوب الرِّجَال ثمَّ نزل الْقُرْآن فَعَلمُوا من الْقُرْآن وَعَلمُوا من السّنة قَالَ: ثمَّ حَدثنَا عَن رفع الْأَمَانَة فَقَالَ: ينَام الرجل النومة فتُقبَض الْأَمَانَة من قلبه فيظلّ أَثَرهَا كأثر الوَكْتِ ثمَّ ينَام النومة فتُقبَض الْأَمَانَة من قلبه فيظلّ أَثَرهَا كأثر المَجَل كجمرٍ دحرجتَه على رجلك فتراه منتثرا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَلَقَد أَتَى عليّ زمَان وَمَا أُبَالِي أَيّكُم بَايَعت لَئِن كَانَ مُسلما ليردنه عَليّ إِسْلَامه وَلَئِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ليردنه عليّ ساعيه فَأَما الْيَوْم فَمَا كنت لأبايع إِلَّا فلَانا وَفُلَانًا. قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: جَذْر قُلُوب الرِّجَال الجَذْر: الأَصْل من كل شَيْء [وَقَالَ زُهَيْر: (الطَّوِيل)

وسامِعتَين تَعرِف العِتق فيهمَا ... إِلَى جَذْرِ مدلوك الكُعوب محدَّدِ

يَعْنِي قرن بقرة وصفهَا -] . وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الجِذر بِالْكَسْرِ والأصمعي يَقُول: هُوَ بِالْفَتْح. وَقَوله: كأثر الوَكْت الوَكْت هُوَ أثر الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للبسر إِذا بدا فِيهِ الإرطاب: بسر مُوَكت. وَأما المَجْل هُوَ أثر الْعَمَل فِي الْكَفّ يعالج بهَا الْإِنْسَان الشَّيْء حَتَّى يغلظ جلدهَا يُقَال مِنْهُ: مَجَلتُ يَده ومَجِلتْ لُغَتَانِ. وَأما المنتبر فالمُتَنفط. وَقَوله: أَتَى عليّ زمَان وَمَا أُبَالِي أَيّكُم بايعتُ كَانَ كثير من النَّاس يحملهُ على بيعَة الْخلَافَة وَهَذَا خطأ فِي التَّأْوِيل وَكَيف يكون على بيعَة الْخلَافَة / وَهُوَ يَقُول: لَئِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ليردنه عَليّ ساعيه فَهَل 6 / ب يُبَايع على الْخلَافَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَمَعَ هَذَا أَنه لم يكن يجوز أَن يُبَايع كل وَاحِد فَيَجْعَلهُ خَليفَة وَهُوَ لَا يرى أَو لَا يرضى بِأحد بعد عمر فَكيف يتَأَوَّل عَلَيْهِ هَذَا إِنَّمَا مذْهبه فِيهِ أَنه أَرَادَ مبايعة البيع والشرى إِنَّمَا ذكر الْأَمَانَة وَأَنَّهَا قد ذهب من النَّاس يَقُول: فلستُ أَثِق الْيَوْم بِأحد [أتَّمِنه -] على بيع وَلَا شرى إِلَّا فلَانا وَفُلَانًا يَقُول لقلَّة الإمانة فِي النَّاس. وَقَوله: ليردنه عَليّ ساعيه يَعْنِي الْوَالِي الَّذِي عَلَيْهِ يَقُول: يُنصفني مِنْهُ إِن لم يكن لَهُ إِسْلَام وكل من ولي شَيْئا على قوم فَهُوَ ساع عَلَيْهِم وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي وُلَاة الصَّدَقَة: هم السعاة [وَقَالَ الشَّاعِر:

(الْبَسِيط)

سعى عِقالا فَلم يَتْرُك لنا سَبَداً ... فَكيف لَو قد سعى عَمْرو عِقالين -]

[سعى عَلَيْهَا: عمل عَلَيْهَا -] .

جذر: جَذَرَ الشيءَ يَجْذُرُه جَذْراً: قطعه واستأْصله. وجَذْرُ كل شيء:

أَصلُه. والجَذْرُ: أَصل اللسان وأَصلُ الذَّكَرِ وأَصل كل شيء. وقال

شمر: إِنه لَشَدِيدُ جَِذْرِ اللسان وشديد جَذْرِ الذكَر أَي أَصله؛ قال

الفرزدق:

رَأَتْ كَمَراً مثل الجَلامِيد أَفْتَحَتْ

أَحالِيلَها، حتى اسْمَأَدَّتْ جُذورُها

وفي حديث حذيفة بن اليمان: نزلت الأَمانَةُ في جَذْر قلوب الرجال أَي في

أَصلها؛ الجَذْرُ: الأَصلُ من كل شيء؛ وقال زهير يصف بقرة وحشية:

وسامِعتَيْنِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما،

إِلى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعُوبِ مُحَدَّدِ

يعني قرنها. وأَصلُ كل شيء: جَذْرُه، بالفتح؛ عن الأَصمعي، وجِذره،

بالكسر؛ عن أَبي عمرو. أَبو عمرو: الجذر، بالكسر، والأَصمعي بالفتح. وقال ابن

جَبَلَةَ: سأَلت ابن الأَعرابي عنه فقال: هو جَذْرٌ، قال: ولا أَقول

جِذْرٌ، قال: والجَذْر أَصل حِسابٍ ونَسَبٍ. والجَذْرُ: أَصلُ شجر ونحوه.

ابن سيده: وجَذِْرُ كل شيء أَصله، وجَذْرُ العُنُقِ: مَغْرِزُها؛ عن

الهجري؛ وأَنشد:

تَمُجُّ ذَفَارِيهنَّ ماءً كَأَنَّهُ

عَصِيمٌ، على جَذْرِ السَّوالِفِ، مُغْفُرُ

والجمع جُذُورٌ. والحسابُ الذي يقال له عَشَرَةٌ في عَشَرَة وكذا في كذا

تقول: ما جَذْرُه أَي ما يبلغ تمامه؟ فتقول: عَشَرَةٌ في عشرة مائةٌ،

وخمسة في خمسة خمسةٌ وعشرون، أَي فَجَذْرُ مائة عَشَرَةٌ وجَذْرُ خمسةٍ

وعشرين خمسةٌ. وعشرةٌ في حساب الضَّرْبِ: جَذْرُ مائة ابنُ جَنَبَةَ.

الجَذْرُ جَذْرُ الكلام وهو أَن يكون الرجل محكماً لا يستعين بأَحد ولا يردّ

عليه أَحد ولا يعاب فيقال: قاتَلَهُ اللهُ كيف يَجْذِرُ في المجادلة؟ وفي

حديث الزبير: احْبِس الماءَ حتى يبلغ الجَذْرَ؛ يريد مَبْلَغَ تمامِ

الشُّرْبِ من جَذْرِ الحساب وهو، بالفتح والكسر، أَصل كل شيء؛ وقيل: أَراد

أَصل الحائط، والمحفوظ بالدال المهملة، وقد تقدّم. وفي حديث عائشة:

سأَلتُهُ عن الجَذْرِ، قال: هو الشَّاذَرْوانُ الفارِغُ من البناء حولَ الكعبة.

والمُجَذَّرُ: القصير الغليظُ الشَّثْنُ الأَطرافِ، وزاد التهذيب: من

الرجال؛ قال:

إِنَّ الخِلافةَ لم تَزَلْ مَجْعُولَةً

أَبداً على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ

وأَنشد أَبو عمرو:

البُحْتُر المُجَذَّر الزَّوَّال

يريد في مشيته، والأُنثى بالهاء، والجَيْذَرُ مثله؛ قال ابن بري: هذا

العجز أَنشده الجوهري وزعم أَن أَبا عمرو أَنشده، قال: والبيت كله مغير

والذي أَنشده أَبو عمرو لأَبي السَّوداءِ العِجْلِيِّ وهو:

البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ

وقبله:

تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ

لِناشِئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ،

البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ،

فأَرَّها بقاسِحٍ بَكَّاكِ،

فَأَوْزَكَتْ لِطَعْنِهِ الدَّرَّاكِ،

عِنْدَ الخِلاطِ، أَيَّما إِيزاكِ

وبَرَكَتْ لِشَبِقٍ بَرَّاكِ،

مِنها على الكَعْثَبِ والمَناكِ،

فَداكَها بِمُنْعِظٍ دَوَّاكِ،

يَدْلُكُها، في ذلك العِراكِ،

بالقَنْفَرِيشِ أَيَّما تَدْلاكِ

الحياك: الذي يحيك في مشيته فيقاربها. والبهتر: القصير. والمجدّر:

الغليظ، وكذلك الجادر. والدمكمك: الشديد. وأَرّها: نكحها. والقاسح: الصلب.

والبكاك: من البَكِّ، وهو الزَّحْمُ. وداكها: من الدِّوْك، وهو السَّحْقُ.

يقال: دُكْتُ الطِّيبَ بالفِهْرِ على المَدَاكِ. والقنفريش: الأَير

الغليظ، ويقال: القنفرش أَيضاً، بغير ياء؛ قال الراجز:

قد قَرَنُوني بِعَجُوزٍ جَحْمَرِشْ،

تُحِبُّ أَنْ يُغْمَزَ فيها القَنْفَرِشْ

وناقة مُجَذَّرَةٌ: قصيرة شديدة. أَبو زيد: جَذَرْتُ الشيء جَذْراً

وأَجْذَرْتُه استأْصلته. الأَصمعي: جذرت الشيء أَجْذُرُه قطعته. وقال أَبو

أُسَيْدٍ: الجَذْرُ الانقطاع أَيضاً من الحَبْلِ والصاحب والرُّفْقَة من كل

شيء؛ وأَنشد:

يا طِيبَ حالٍ قضاه الله دُونَكُمُ،

واسْتَحْصَدَ الحَبْلُ منك اليومَ فانَجذَرا

أَي انقطع. والجُؤْذُرُ والجُوذَرُ: ولد البقرة، وفي الصحاح: البقرة

الوحشية، والجمع جآذِرُ. وبقرة مُجْذِرٌ: ذات جُؤْذَر؛ قال ابن سيده: ولذلك

حكمنا بزيادة همزة جُؤْذُر ولأَنها قد تزاد ثانية كثيراً. وحكى ابن جني

جُؤْذُراً وجُؤْذَراً في هذا المعنى، وكَسَّرَه على جَواذِرَ. قال: فإِن

كان ذلك فَجُؤْذُر فُؤْعُلٌ وجُؤْذَرٌ فُؤْعَلٌ. ويكون جُوذُرٌ وجُوذَرٌ

مخففاً من ذلك تخفيفاً بدلياً أَو لغة فيه. وحكى ابن جني أَن جَوْذَراً

على مثال كَوْثَرٍ لغة في جُوذَرٍ، وهذا مما يشهد له أَيضاً بالزيادة لأَن

الواو ثانِيةً لا تكون أَصلاً في بنات الأَربعة. والجَيْذَرُ: لغة في

الجَوْذَرِ. قال ابن سيده: وعندي أَن الجَيْذَرَ والجَوْذَر عربيان،

والجُؤْذُر والجُؤْذَر فارسيان.

جذر
: (الجَذْرُ) بِفَتْح فَسُكُون: (القَطْعُ) ، يُقَال: جَذَرَ الشيْءَ جَذْراً، إِذا قَطَعَه.
(و) الجَذْرُ: (الأَصْلُ) من كلِّ شيْءٍ (أَو) هُوَ (أَصْلُ اللِّسانِ، و) أَصْلُ (الذَّكَرِ) . قَالَ شَمِرٌ: إِنِ لَشَديدُ جَذْر اللِّسَان، وشَديدُ جذْر الذَّكَر، أَي أَصْلِه، قَالَ الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مثلَ الجَلَامِيدِ أَفْتَحَتْ
أَحاليلَها حَتَّى اسْمأَدَّتْ جُذُورُهَا
(و) الجَذْرُ: أَصْلُ (الحِسَابِ) والنَّسَب، (ويُكْسَرُ فيهنّ، أَو فِي أَصْل الحِسَاب بِالْكَسْرِ فَقَط) ، بالفَتْحُ عَن الأَصمعيِّ، والكسرُ عَن أَبي عمْرٍ وَفِي الكلِّ. وَقَالَ ابْن جبَلَةَ: سأَلتُ ابنَ الأَعْرَابيِّ عَنهُ، فَقَالَ: هُوَ جَذْرٌ، قَالَ: وَلَا أَقول جِذْر.
وَفِي الأَساس: يُقَال: مَا جَذْرُ هاذا العَددِ وَمَا جُدَاؤُه أَي أصلُه ومَبْلَغُه. إِذا ضَرَبَ ثَلَاثَة فِي ثَلَاثَة؛ فالجَذْرُ الثلاثةُ، والجُداءُ التِّسْعةُ.
وَفِي اللِّسان: والحِسابُ الَّذِي يُقال لَهُ عشَرَةٌ فِي عَشَرة، وَكَذَا فِي كَذَا، تَقول: مَا جَذْرُه؟ أَي مَا يبلغُ تَمامُه؟ فَتَقول: عشرةٌ فِي عشرَة مائةٌ، وخمسةٌ فِي خَمْسَة خمسةٌ وَعِشْرُونَ؛ أَي فجَذْرُ مائَة عشرةٌ، وجَذْرُ خَمْسَة وَعشْرين خمسةٌ، وعشرةٌ فِي حِسَاب الضَّرْب جَذْرُ مائَة.
(و) الجَذْرُ: (الاسْتِئْصَالُ) ، يُقَال: جَذَرتُ الشيءَ جَذْراً، استأْصلتُه، (كالإِجْذَار) ، عَن أَبي زَيْد.
(و) الجَذْرُ: (مَغْرِزُ العُنُقِ) ، عَن الهَجَريّ، وأَنشدَ:
تَمُجُّ ذَفارِيهنَّ مَاء كأَنَّه
عَصِيمٌ على جَذْرِ السَّوالفِ مُغْفُرُ
(ج جُذُورٌ) بالضمّ.
(والجُؤْذُرُ) ، بضمّ الْجِيم والذال مهموزاً (وتُفْتَحُ الذّالُ) أَيضاً، (والجيذَرُ) ، بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون التحتيَّةِ، وَفِي بعض النُّسَخ بِفَتْح الجيمِ، (والجُوذَرُ، بِالْوَاو) من غير هَمْز (كفُوفَل، و) الجَوْذَرُ، مثلُ (كَوْكَب، والجَوْذِرُ، بفتحِ الْجِيم وكسرِ الذّالِ) ، فَهِيَ سِتُّ لُغَات، ذَكَر الجوهَريُّ مِنْهَا لُغَتَيْن، وَزَاد الصغانيُّ اثنتَيْن، وهما كفُوفَل وكَوْكَبٍ، وَهِي (ولَدُ البَقَرَةِ الوَحْشِيَّةِ) ، كَذَا فِي الصّحاح، والجمعُ جآذِرُ.
(وبَقَرَةٌ مُجْذِرٌ) ، كمُحْسِنٍ: ذَات جُوذَرٍ. قَالَ ابْن سِيدَه: ولذالك حَكَمنا بِزِيَادَة همزةِ جُؤْذر، ولأَنها تُزاد ثَانِيَة كثيرا. وحَكَى ابنُ جِنِّي أَنْ جَوْذَراً مثْل كَوْثَرٍ لغةٌ فِي جُؤْذَر، وهاذا مِمَّا يَشهدُ لَهُ أَيضاً بالزِّيادَة؛ لأَن الْوَاو ثَانِيَة لَا تكون أَصلاً فِي بَنَات الأَربعة.
والجَيْذَرُ: لغةٌ فِي الجَوْذَرِ، قَالَ ابْن سِيدَه: وَعِنْدِي أَن الجَيْذَرَ والجَوْذَرَ عربيّان، والجُؤْذُر والجُؤْذَرُ فارسيّانِ.
(وانْجَذَرَ) الحَبْلُ والصّاحِبُ، وَمن كلِّ شيْءٍ (انْقَطَعَ) قَالَ الشَّاعِر:
يَا طَيْبَ حالَ قضاءُ اللهِ دُونكمُ
واسْتحْصَدَ الحَبْلِ مِنْكِ الْيَوْم فانْجَذرَا
(واجْذَأَرَّ) كاقْشعَرَّ: (انْتصَبَ) فَلم يبْرَحْ، هُوَ مُجْذئِرٌّ، قَالَه ابْن بُزرْج.
وَعَن اللَّيْث: اجْذأَرَّ: انْتصَبَ (للِسّبَابِ) والمُخاصَمَةِ، قَالَ الطِّرِمّاح:
تَبيتُ على أَطْرَافِهَا مُجْذئِرَّةً
تُكابِدُ هَمًّا مثلَ هَمِّ المُرَاهِنِ
(و) اجْذأَرٌ (النَّبَات: نبَتَ وَلم يَطلُ) ، فَهُوَ مُجْذئِرٌّ.
(والجَيْذَرَة: سَمَكةٌ كالزَّنْجِيِّ الأَسْوَدِ الضَّخْمِ) القصِيرِ.
(والمُجَذَّرُ: كمُعظَّمٍ) : لقبُ (عبد اللهِ بنِ ذِيَادٍ) ككِتابٍ (البَلَوِيّ) قتلَ سُوَيْدَ بن الصّامِتِ فِي الجاهليّة، فهاج قتلُه وَقعةَ بُعاث، ثمَّ استشهِدَ يومَ أُحُد، قَتله الحارثُ بنُ سُوَيْدِ بنِ الصامتِ بأَبِيه، وارتدَّ ولَحِق بمكّة، ثمَّ أَتَى مُسْلِماً بعد الفَتْح، فقتلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلّم بالمُجَذَّر، بأَمْرِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلامُ، فِيمَا وَرَدَ. (وعَلْقمَةُ بنُ المُجَذَّرِ) ، واسمُه الأَعْوَرُ بنُ جَعْدَة (الكِنانِيُّ) المُدْلجيا، اسْتَعْملهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم على سَرِيَّة، (صَحَابِيّانِ) .
(و) المُجَذَّرُ: (القصِيرُ الغلِيظُ، الشَّثْنُ الأَطْرَافِ) ، وَزَاد فِي التَّهْذِيب: من الرِّجَال، والأُنثى بالهَاءِ (كالجَيْذَرِ) . وأَنشد أَبو عَمْرو لأَبي السَّوْداءِ العِجْلِيّ:
تعَرَّضتْ مُرَيْئَةُ الحَيّاكِ
لناشِيءٍ دَمَكْمَكٍ نَيّاكِ
البُهْتُرِ المُجَذَّرِ الزَّوّاكِ
(أَو هاذه) ، أَي الجَيْذر، (بالمهملَة، ووهِمَ الجوهريُّ) فِي إِعجام الذّالِ مِنْهَا. قَالَ شيخُنا:
وجَزَم القاضِي زَكَرِيّاءُ فِي حَاشِيَتِه على البَيْضَاوِيِّ بأَنه بالموحَّدة بعد الجِيم والذّال المعجَمَة، وتَبِعَه السُّيُوطِيُّ فِي حاشِيَتِه، وتَعَقَّبَهما الخَفَاجِيُّ وعبدُ الحَكِيم. أَي فِي أَصْلها.
والجَذْرُ أَصلُ شَجَرَةٍ.
وَعَن ابْن جَنْبَةَ: الجَذْرُ جَذْرُ الْكَلَام، وَهُوَ أَن يكونَ الرجلُ مُحَكَّماً لَا يستعينُ بأَحَد، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحدٌ، وَلَا يُعَابُ، فَيُقَال: قاتَلَه اللهُ كَيفَ يَجْذِرُ فِي المُجَادَلَة: وَفِي حَدِيث الزُّبَيْر: (احْبس الماءَ حَتَّى يَبْلُغَ الجَذْرَ) ؛ يريدُ مَبْلَغَ تَمَامِ الشُّرْب؛ مِن جَذْر الحسَاب. وَقيل: أَرادَ أَصْلَ الْحَائِط. والمحفوظُ بالدّال المهملَة وَقد تقدَّم. وَفِي حَدِيث عَائِشَة: (سأَلتُه عَن الجَذْر، فَقَالَ: هُوَ الشّاذَرْوَانُ الفارغُ من البناءِ حَولَ الكعبةِ) .
والمُجْذَئِرُّ مِن القُرُون حِين يُجَاوِزُ النُّجُومَ وَلم يَغْلُظ.
وَمن النّبات: الَّذِي نَبَت وَلم يَطُلْ.
والمُجْذئِرُّ أَيضاً: الوَتِدُ.
والجِذْرِيَّة، بِالْكَسْرِ: السِّنُّ الَّتِي بعد الرَّبَاعِيَةِ.
والجِذُرَة، بِالْكَسْرِ: بَطْنٌ مِن كَعْب بن القَيْن. وجُذْران، كعُثمان: بَطْنٌ من غافِق، مِنْهُم: أَبو يعقوبَ إِسحاقَ بن يَزيد الجُذْرانيُّ.
ج ذ ر: (جَذْرُ) كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ وَبِكَسْرِهَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ» . 
ج ذ ر : الْجِذْرُ الْأَصْلُ وَأَصْلُ اللِّسَانِ جِذْرُهُ وَمِنْهُ الْجِذْرُ فِي الْحِسَابِ وَهُوَ الْعَدَدُ الَّذِي يُضْرَبُ فِي نَفْسِهِ مِثَالُهُ تَقُولُ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ بِمِائَةٍ فَالْعَشَرَةُ هِيَ الْجِذْرُ وَالْمُرْتَفِعُ مِنْ الضَّرْبِ يُسَمَّى الْمَالَ. 
(جذر) - في حَديثِ ابنِ الزُّبَيْر: "احْبِس الماءَ حتَّى يَبلُغ الجَذْرَ".
تَقدَّم ذِكره في الجِيمِ والدَّالِ.
- في حَدِيثِ عَائشَةَ: "سأَلتُه عن الجَذْر".
قاله عَبدُ الغَافِر، قال: هو الشَّاذَرْوَان الفَارِغُ من البِناء حَولَ الكَعْبِة".

أَبى

(أَبى) عَليّ إباء وإباءة استعصى وَالشَّيْء كرهه وَلم يرضه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره} وَفِي الْمثل (رَضِي الخصمان وأبى القَاضِي) يضْرب لمن يُطَالب بِحَق نزل أَصْحَابه عَنهُ وترفع عَنهُ فَهُوَ آب من قوم أباة وَهُوَ أباء وَأبي وَيُقَال لَهُ نفس أبيَّة ذَات ترفع وأبيت اللَّعْن من تَحِيَّة الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة مَعْنَاهَا أَبيت أَن تَأتي مَا تلعن عَلَيْهِ
أَبى
: (ى {أَبَى الشَّيْءَ} يَأْبَاهُ) بِالْفَتْح فيهمَا مَعَ خُلُوِّهِ من حُرُوف الحَلْقِ وَهُوَ شاذٌّ، وَقَالَ يَعْقُوب: أَبَى! يأْبَى نادرٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: شبهوا الألفَ بِالْهَمْزَةِ فِي قَرَأَ يقْرَأ، وَقَالَ مرّة أَبى يَأْبَى ضارَعُوا بِهِ حَسَبَ يَحْسِبُ فَتَحُوا كَمَا كسروا، وَقَالَ الْفراء: لم يجىء عَن الْعَرَب حَرْفٌ على فَعَلَ يَفْعَلُ مَفْتُوح الْعين فِي الْمَاضِي والغابر إلاّ وثانيه أَو ثالثُهُ أحد حُرُوف الْحلق غير أَبَى يأبَى، وَزَاد أَبُو عَمْرو رَكَنَ يَرْكَنُ، وَخَالفهُ الفرَّاء فَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال رَكَنَ يَرْكُنُ ورَكِنَ يَرْكَنُ.
قلت وَهُوَ من تَدَاخُلِ اللغتين، وزادَ ثعلبٌ: قَلاَه يقلاه وغَشَى يَغْشَى وشجا يَشْجَى، وزادَ المبرّد جَبَا يَجْبَى.
قلت: وَقَالَ أَبُو جَعْفَر اللَّبليّ فِي بغية الآمال سَبْعَ عشرَة كلمة شذَّتْ سِتَّة عُدَّتْ فِي الصَّحِيح وَاثْنَتَانِ فِي المضاعَفِ وَتِسْعَة فِي المعتلِّ فعدَّ مِنْهَا ركن يركن وَهلك يهْلك وَقَنطَ يقنط.
قلت: وَهَذِه حَكَاهَا الجوهريّ عَن الْأَخْفَش، وَحضر يحضر ونضر ينضر وَفضل يفضل هَذِه الثَّلَاثَة ذكرهن أَبُو بكر بن طَلْحَة الإشبيلي، وعضضتُ تعض حَكَاهَا ابْن القطاع، وبضَّتِ الْمَرْأَة تَبَضُّ عَن يَعْقُوب، وَفِي المعتل أبَى يأبَى، وَجَبا المَاء فِي الْحَوْض يَجْبَى، وقَلَى يَقْلَى، وَخَظَى يَخْظَى إِذا سمن، وغَسَى الليلُ يَغْسَى إِذا أظلم، وَسَلَى يَسْلَى وَشَجَى يَشْجَى، وَعَثَى يَعْثَى إِذا أفسد، وَعَلَى يَعْلَى، وَقد سمع فِي مِثَال المضاعف وَمَا بَعْدَه مجيئهما على الْقيَاس مَا عدا أَبى يَأْبَى فَإِنَّهُ مَفْتُوح فيهمَا متفِقٌ عَلَيْهِ من بَينهَا من غير اختلافِ، وَقد بيّنت ذَلِك فِي رِسَالَة التَّصْرِيف، قَالَ ابْن جنّيّ (وَقد قَالُوا: {أَبَاهُ (} يَأْبِيهِ على وَجْهِ الْقيَاس كَأتى يأتِي، وَأنْشد أَبُو زيد:
يَا إبلي مَا ذامُهُ {فتأبِيَهْ ماءٌ رُواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَه ْفقول شَيخنَا: ويأبِيه بِالْكَسْرِ وَإِن اقْتَضَاهُ الْقيَاس فقد قَالُوا إِنَّه غيرُ مسموع مردودٌ لما نَقله ابْن جني عَن أبي زيد، وَقَالَ أَيْضا: قَوْله أَبَى الشيءَ} يأباه {ويأبيه جرى فِيهِ على خلاف اصْطِلَاحه، لِأَن تكْرَار الْمُضَارع يدلُّ على الضَّم وَالْكَسْر لَا الْفَتْح، وَكَأَنَّهُ اعتمدَ على الشّهْرَةِ قَالَ ابْن بَريّ: وَقد يُكْسَرُ أوّلُ المضارِع فَيُقَال} تِئْبَى وَأنْشد:
ماءٌ رُواءٌ وَنَصِيٌّ حَوْلِيَه هَذَا بأَفْواهِكَ حَتَّى {تِئْبِيَهْ قلت: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا} يِئْبَى وَهُوَ شاذّ من وَجْهَيْنِ: أحدَهُما: أَنه فَعَلَ يَفْعَلُ وَمَا كَانَ عَلَى فَعَلَ لم يكسر أَوله فِي الْمُضَارع فكسروا هَذَا لِأَن مضارعه مشاكلٌ لمضارع فَعِلفَكَمَا كَسِرَ أول مضارع فَعِل فِي جَمِيع اللُّغَات إِلَّا فِي لُغَة أهل الْحجاز كَذَلِك كَسَرُوا يَفْعل هُنَا. وَالْوَجْه الثَّانِي: من الشُّذوذ أَنهم تَجَوَّزوا الْكسر فِي يَاء يِئْبَى، وَلَا تُكْسَر الْبَتَّةَ إِلَّا فِي نَحْو يَبْجَلُ، واستجازوا هَذَا الشذوذ فِي يَاء يِئْبَى لِأَن الشذوذ قد كثر فِي هَذِه الْكَلِمَة ( {إباءً} وإباءة بكسرهِما فَهُوَ {آبٍ} وَأَبِيّ {وَأبيانِ بِالتَّحْرِيكِ، أنْشد ابْن بَرِّي لبشر بن أبي خازم:
يَرَاهُ النَّاسُ أخْضَرَ مِنْ بَعِيدٍ وَتَمْنَعُهُ المَرَارَة} وَالإِباءُ (كِرهه قَالَ شَيخنَا: فَسَّر {الإباء هُنَا بالكره، وَفسّر الكره فِيمَا مضى} بالإباء على عَادَته، وَكثير يفرِّقون بَينهمَا فَيَقُولُونَ: الإباء هُوَ الِامْتِنَاع عَن الشَّيْء والكراهية لَهُ بغضه وَعدم ملايمته (وَفِي الْمُحكم قَالَ الْفَارِسِي: أَبى زيد من شرب المَاء و ( {آبَيْتُهُ إيّاهُ قَالَ سَاعِدَة بن جؤية:
قَدْ} أوبِيَتْ كُلَّ ماءٍ فَهِيَ صَادِيةٌ مَهْما تُصِبْ أُفُقاً من بارقٍ تَشِمِ ( {والأبية هَكَذَا فِي النُّسَخ، وَفِي بَعْضهَا} الآبِيَةُ بِالْمدِّ (الَّتِي تعَافُ الماءَ و) هِيَ أَيْضا (الَّتِي لَا تُريدُ عَشاءً وَمِنْه الْمثل: العاشِية تُهَيِّجُ الآبِيَة أَي إِذا رَأَتْ الآبيةُ الإبلَ العَوَاشِي تَبِعَتْها فَرَعَتْ مَعَهَا (والآبية من (الْإِبِل الَّتِي (ضُرِبَتْ فَلم تَلْقَحْ كأَنها أبَتِ اللِّقاحَ (ومَاءة مَأباةٌ تأباها الإبلُ) أَي مِمَّا تحْمِلها على الِامْتِنَاع مِنْهَا (وَيُقَال: (أَخذه أُباءٌ من الطّعامِ بالضَّمِّ أَي (كَرَاهةً) جاؤوا بهِ على فُعَال لِأَنَّهُ كالداء، والأدواء مِمَّا يغلب عَلَيْهَا فُعَالِ.
(ورجُلٌ آبٍ من: قوم ( {آبينَ} وَأُباةٍ كَدُعاةٍ ( {وَأُبَيَ) بِضَم فَكسر فتشديد (} وَإباءٍ كَرِجال وَفِي بعض الْأُصُول كَرُمّان (وَرَجُل {أَبِيٌّ كَغَنِيّ (مِنْ قوم (} أبيِّينَ) قَالَ ذُو الإصبع العدواني:
إنِّي {أَبِيٌّ أَبِيّ ذُو مُحَافَظَةٍ
وَابنُ أَبِيّ مِنْ أَبِيِّينِشَبَّه نون الْجمع بنُون الأَصْل فَجَرَّها (} وَأَبَيتُ الطّعامَ واللبَّن (كرَضِيتُ {إبّىً بِالْكَسْرِ وَالْقصر (انْتَهَيْتُ عَنهُ من غيرِ شِبَعٍ، ورجُلٌ} أَبَيانٌ محركةً {يأبَى الطَّعامَ أَو الَّذِي يأبَى (الدَّنيئَة والمذامّ وَأنْشد الجوهريُّ لأبي المجشّر الجاهلي:
وَقَبْلَكَ مَا هابَ الرّجالُ ظُلاّمَتِيوَفَقَأْتُ عَيْنَ الأشْوَسِ} الأبَيانِ (ج {إبيْانٌ بِالْكَسْرِ) عَن كرَاع (} وأَبِيَ الفَصيلُ كَرَضِيَ وَعُنِي {أَبى بِالْفَتْح وَالْقصر (سَنِقَ من اللَّبَنِ وأَخَذَهُ أُبَاءٌ (و) } أَبِيَ (العَنْزُ أَبيَّ (شَمَّ بَوْلَ) الماعز الْجبلي وَهُوَ (الأرْوِيِّ) أَو شَرِبَهُ أوْ وَطِئه (فَمَرِضَ بِأَن يَرِمَ رأسُهُ وَيَأْخُذَهُ من ذَلِك صداعٌ فَلَا يكادُ يُبرأ، وَلَا يكَاد يقدِر على أكل لَحْمه لمرارته، وَرُبمَا ( {أَبيَت الضَّأْن من ذَلِك غير أَنه قلّما يكون ذَلِك فِي الضَّأْن، وَقَالَ ابْن أَحْمَر لراعي غنم لَهُ أَصَابَهَا} الأباء:
فَقُلْتُ لِكَنّازِ تَوَكَّلْ، فَإِنَّهُأُبىً لَا أظنُّ الضأنَ مِنْهُ نَواجيافَمَالَكِ مِنْ أَرْوَى تَعَادَيْنَ بِالعَمَى وَلاقَيْنَ كَلاَّباً مُطِلاً وَرَامِيا قَوْلُه: لَا أَظنُّ الخ. أَي مِن شِدَّته، وذلِكَ أَنَّ الضَّأْنَ لَا يضرُّهَا الأُباءُ أَن يَقْتُلَها.
وَقَالَ: أَبُو حنيفَةَ: الأُباءُ عَرَضَ يَعْرِض للعُشْبِ مِن أَبْوالِ الأَرْوَى، فَإِذا رَعَتْه المَعَز خاصَّة قَتَلَها، وكَذلِكَ إِن بالَتْ فِي الماءِ فشَرِبَتْ مِنْهُ المَعَز هَلَكَتْ.
قالَ أَبو زيدٍ: أَبِيَ التَّيْسُ وَهُوَ يَأْبَى أَبىً، مَنْقوصٌ، وتَيْسٌ {آبي بَيِّنُ} الاباء إِذا شَمَّ بَوْلَ الأَرْوَى فمَرِضَ مِنْهُ، (فَهُوَ {أَبْوَأُ مِن تُيوسٍ} أُبْوٍ وأَعْنُزٍ أُبْوٍ؛ وعَنْزٌ أَبيةٌ {وأَبْواءُ.
وقالَ أَبو زيادٍ الكِلابيّ والأَحْمر: قد أَخَذَ الغَنَم} الأُبَا، بالقَصْرِ، وَهُوَ أَنْ تَشْرَبَ أبْوالَ الأَرْوَى فيُصِيبُها مِنْهُ داءٌ.
قالَ الأَزْهرِيُّ: قَوْلَهُ: تَشْرَبَ خَطَأٌ، إنَّما هُوَ تَشُمُّ، وكَذلِكَ سَمِعْتُ العَرَبَ.
( {والأَباءُ، كسَحاب: البَرْدِيَّةُ، أَوْ الأَجَمَةُ، أَو هِيَ من الحَلْفاءِ خاصَّةً.
قالَ ابنُ جنِّي: كانَ أَبو بكْرٍ يشتقُّ} الأَباءَةَ مِن {أَبَيْت، وذلِكَ (لأَنَّ الأَجَمَةَ تَمْنَعُ) ؛ كَذَا فِي النسخِ والصَّوابِ تَمْتَنِعُ؛ وتَأْبَى على سالِكِها، فأصْلُها عنْدَه} أَبايَةٌ، ثمَّ عُمِلَ فِيهَا مَا عُمِل فِي عبَايَةٍ وصَلايَةٍ، حَتَّى صِرْنَ عَباءَةً وصَلاءةً! وأباءَةً، فِي قوْلِ مَنْ هَمَزَ، ومَنْ لم يَهْمز أَخْرجَهنَّ على أُصولِهنَّ، وَهُوَ القِياس القوِيُّ.
قالَ أَبو الحَسَنِ: وكما قيلَ لَهَا أَجَمَة مِن قوْلِهم أَجِمَ الطَّعامَ كَرِهَهُ.
(وقيلَ: هِيَ الأَجَمَةُ مِن (القَصَبِ خاصَّةً؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لكَعْبِ بنِ مالِكٍ:
مَنْ سَرَّه ضَرْبٌ يُرَعْبِل بعضُه بَعْضًا كَمَعْمَعَةِ الأَباءِ المُحْرَقِ (واحِدَتُه بهاءٍ، ومَوْضعُه المَهْموزُ، وَقد سَبَقَ أَنَّه رأْيٌ لابنِ جنّي.
( {وآبى اللَّحْمِ الغِفاريُّ، بالمدِّ، (صَحابيٌّ، واخْتُلِفَ فِي اسْمِه فقيلَ: خَلَفٌ، وقيلَ: عبدُ اللَّهِ، وقيلَ: الحُوَيرثُ، اسْتَشْهَدَ يَوْمَ حُنَيْن، (وَكَانَ} يأْبَى اللَّحْمَ مُطْلقاً. وَالَّذِي فِي مُعْجم ابنِ فَهْد: خَلَفُ بنُ مالِكِ بنِ عبدِ اللهِ {آبَى اللّحْم، كانَ لَا يأْكُلُ مَا ذُبِحَ للأَصْنام، انتَهَى ويقالُ اسْمُه عبدُ الملكِ بنُ عبدِ اللَّه رَوَى عَنهُ مَوْلاهُ عُمَيْر وَله صحْبَةٌ أَيْضاً، وَالَّذِي فِي أنْسابِ أَبي عبيدٍ: الحُوَيْرث بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ آبَى اللَّحْم قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْن مَعَ النبِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ جَدُّهُ لَا يأْكُلُ مَا ذُبِحَ للأَصْنامِ فسُمِّي آبَى اللّحْم، انتَهَى. فتأَمَّل ذلِكَ.
(} والآبي: الأَسَدُ لامْتِناعِهِ.
(ومحمدُ بنُ يَعْقوبَ بن أَبِيَ، كعَلِيَ، مُحدِّثٌ، رَوَى عَنهُ أَبو طاهِرٍ الذّهليُّ.
( {وأَبَّى كحَتَّى، وقيلَ بتَخْفِيفِ الموحَّدَةِ أَيْضاً كَمَا فِي التَّبْصيرِ، التّشْديدُ عَن ابنِ ماكوُلا، والتَّخْفِيفُ عَن الخَطِيبِ، والبَصْريُّونَ أَجْمَعُوا على التَّشْديدِ؛ وَهُوَ (ابنُ جَعْفَرٍ النَّجيرَمِيُّ أَحَدُ الضُّعَفاءِ، كَمَا فِي التَّبْصيرِ، ورأَيْتُ فِي ذَيْلِ دِيوانِ الضُّعفاءِ للذَّهبيِّ بخطِّه مَا نَصَّه: أَبانُ بنُ جَعْفَر النَّجيرَميُّ عَن محمدِ بنِ إسْماعيلَ الصَّائِغ كذَّابٌ، رآهُ ابنُ حبَّان بالبَصْرَةِ، قالَهُ ابنُ طاهِرٍ، فتأمَّل. وَقد تقدَّمَ شيءٌ، مِن ذلِكَ فِي أَوَّل الكِتابِ.
((و) } أَبَّى، كحَتَّى: (بِئْرٌ بالْمدينةِ لبَني قُرَيْظَةَ.
قالَ محمدُ بنُ إسْحاق عَن معْبدِ بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ قالَ: لمَّا أَتَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَني قُرَيْظَةَ نَزَلَ على بئرٍ من آبارِهِم فِي ناحِيَةٍ مِن أَمْوالِهم يقالُ لَهَا بِئْرُ {أَبا.
قالَ الحازِمِيّ: كَذَا وَجَدْته مَضْبوطاً مجوّداً بخطِّ أَبي الحَسَنِ بنِ الفراتِ، قالَ: وسَمِعْتُ بعضَ المحصّلين يقولُ: إنّما هُوَ أُنا بضمِّ الهَمْزَةِ وتَخفيفِ النّون.
(ونَهْرُ) أَبَّى، كحتَّى، (بينَ الكُوفَةِ وقَصْرِ بني مُقاتِلٍ وقالَ ياقوتُ: قَصْرُ ابنِ هُبَيْرةَ يُنْسَبُ إِلَى أَبّى بنِ الصَّامغانِ مِن مُلُوكِ النَّبط.
قُلْتُ: ذَكَرَه هَكَذَا الهَيْثمُ بنُ عدِيَ.
(و) أَيْضا: (نَهْرٌ كبيرٌ (ببَطيحَةِ واسِطَ؛ عَن ياقوت.
(} والأَبَّاءُ بنُ {أُبَيٍّ، كشَدَّادٍ: مُحدِّثٌ؛} وأُبَيُّ، مُصَغَّراً، ابنُ نضلَةَ بنِ جابِرٍ، كانَ شَرِيفاً فِي زمانِهِ. فقَوْلُه: مُحدِّثٌ، فِيهِ نَظَرٌ.
( {والأُبِّيَّةُ، بالضَّمِّ وكسْرِ الموحَّدَةِ وتَشْديدِها وتَشْديدِ الياءِ: (الكِبْرُ والعَظَمةُ.
(وقالَ الهَرَويُّ: سَمِعْتُ أَبا يَعْقوبَ بنِ خرزاذ يقولُ: قالَ المُهَلبيُّ أَبو الحُسَيْن عَن أَبي إسْحاق النَّجيرَمِيّ: (بَحْرٌ لَا يُؤْبَى، أَي لَا يَجْعَلُكَ} تَأْبَاهُ.
ونَقَلَ الجَوْهرِيُّ عَن ابنِ السِّكِّيت: (أَي لَا يَنْقَطِعُ مِن كَثْرَتِه؛ وكَذلِكَ كَلأٌ لَا {يُؤْبَى.
وقالَ غيرُهُ: وَعِنْده دَراهِمُ لَا} تُؤْبَى، أَي لَا تَنْقَطِعُ.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ: عنْدَنا ماءٌ مَا يُؤْبَى، أَي مَا يَقِلُّ.
( {والإِبْيَةُ، بالكسْرِ: ارْتِدادُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. يقالُ للمَرْأَةِ إِذا حُمَّتْ عنْدَ ولادهِا إنَّما هَذِه الحُمَّى} إبْيَة ثَدْيك.
قالَ الفرَّاءُ:! الإبْيَةُ غرارُ اللَّبَنِ وارْتِدادُه فِي الثَّدْي؛ كَذَا نَصّه فِي التّكْمَلَةِ. فقَوْلُ المصنِّفِ: فِي الضَّرْع فِيهِ نَظَرٌ، تأمَّل ذَلِك.
( {والأَبَا، بالقَصْرِ، (لُغَةٌ فِي} الأبِ، وَلم تُحْذَفْ لامُه كَمَا حُذِفَتْ فِي الأبِ، يقالُ: هَذَا أَباً ورأَيْتُ {أَباً ومَرَرْتُ} بأَباً، كَمَا نقولُ: هَذَا قَفاً ورأَيْتُ قَفاً ومَرَرْتُ بقَفاً.
(وأَصْلُ الأبِ {أَبَوٌ، محرّكةً، لأنَّ (ج} آباءٌ، مثْلُ قَفّاً وأَقْفاءٍ، ورَحىً وأَرْحاءٍ، فالذَّاهِبُ مِنْهُ واوٌ لأنَّك تقولُ فِي التَّثْنيةِ {أَبَوانِ، وبعضُ العَرَبِ يقولُ} أَبانِ على النَّقْصِ، وَفِي الإِضافَةِ {أَبِيَكَ، (وَإِذا جَمَعْتَ بالواوِ والنُّونِ قُلْتَ: (} أَبُونَ، وكَذلِكَ أَخُونَ وحَمُونَ وهَنُونَ، قالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا تَعَرَّفْنَ أَصْواتَنا بَكَيْنَ وفَدَّيْتَنا {بالأَبِينا وعَلى هَذَا قَرَأَ بعضُهم: {لَهُ} أَبِيكَ إبراهيمَ وإسْماعيلَ وإسْحاقَ} يُريدُ جَمْعَ {أَبٍ أَي} أَبِينَكَ، فحذَفَ النّونَ للإضافَةِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: وشاهِدُ قَوْلِهم: أَبانِ فِي تَثْنيةِ أَبٍ قَوْلُ تُكْتَمَ بنْت الغَوْثِ:
باعَدَني عَن شَتْمِكُمْ أَبانِعن كُلِّ مَا عَيْبٍ مُهَذَّبانِ وقالتِ الشَّنْباءُ بنْتُ زيْدِ بنِ عُمارَةَ:
نِيطَ بِحَقْوَيْ ماجِدِ! الأَبَيْن ِمن مَعْشَرٍ صِيغُوا من اللُّجَيْنِقالَ: وشاهِدُ أَبُونَ فِي الْجَمْعِ قَوْلُ الشاعِر:
أَبُونَ ثلاثةٌ هَلَكُوا جَمِيعاً فَلَا تَسْأَمْ دُمُوعُكَ أَن تُراقا قَالَ الأزْهرِيُّ والكَلامُ الجَيِّدُ فِي جَمْعِ الأبِ الآباءُ، بالمدِّ.
( {وأَبَوْتَ} وأَبَيْتَ صِرْتَ {أَباً؛ وَمَا كُنْتَ أَباً وَلَقَد} أَبَوْتَ {أُبُوَّةً، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ؛ ويقالُ:} أَبَيْتَ؛ وكَذلِكَ مَا كنْتَ أَخاً وَلَقَد أَخَوْتَ وأَخَيْتَ، ( {وأَبَوَتُه} إِباوَةً، بالكسْر: صِرْتُ لَهُ أَباً؛ والاسمُ {الإبْواءُ؛ قالَ بخْدَج:
اطْلُبْ أَبا نَخْلَةَ مَنْ يَأْبُوكا فقد سَأَلْنا عَنْكَ مَنْ يَعْزُوكا إِلَى} أَبٍ فكلُّهم يَنْفِيكا وقالَ ابنُ السِّكِّيت: أَبَوْتُ لَهُ آبُوهُ إِذا كُنْتَ لَهُ أَباً.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: فلانٌ {يَأْبُوكَ، أَي يكونُ لَكَ أَباً، وأَنْشَدَ لشريكِ بنِ حَيَّان العَنْبَريّ يَهْجُو أَبا نُخَيْلة السَّعْدي:
فاطْلُب أَبا نَخْلَةَ مَنْ} يَأْبُوكَا وادَّعِ فِي فَصِيلَةٍ تُؤْوِيكَاقالَ ابنُ بَرِّي: وعَلى هَذَا يَنْبَغي أَن يُحْمَل قَوْلُ الشَّرِيف الرَّضِي:
تُزْهَى عَلى مَلِك النِّساءِ فلَيْتَ شِعْري مَنْ {أَباها؟ أَي مَنْ كانَ أَباها، قالَ: ويَجوزُ أَنْ يُريدَ} أَبَوَيْها فَبَناهُ على لُغَةِ مَنْ يَقُول {أَبان} وأَبُونَ.
(وقالَ أَبو عبيدٍ: ( {تَأَبَّاه ُأَباً، أَي (اتَّخَذَه أَباً؛ وَكَذَا تَأَمَّاها أُمّاً، وتَعَمَّمَهُ عَمّاً.
(وَقَالُوا فِي النِّداءِ: يَا} أَبَتِ افْعَلْ، (بكسْر التَّاءِ وفَتْحِها.
(قالَ الجَوْهرِيُّ: يَجْعلُونهَ علامَةَ التَّأْنِيثِ عِوَضاً من ياءِ الإِضافَةِ، كقَوْلِهم فِي الأُمِّ: يَا أُمَّتِ، وتقفُ عَلَيْهَا بالهاءِ إلاَّ فِي القُرْآنِ فَإنَّكَ تقفُ عَلَيْهَا بالتاءِ اتِّباعاً للكِتابِ، وَقد يقفُ بعضُ العَرَبِ على هاءِ التَّأْنِيثِ بالتاءِ فيَقُولونَ: يَا طَلْحَةَ؛ قالَ: وإنَّما لم تَسْقطِ التاءُ فِي الوَصْلِ من الأَبِ، وسَقَطتْ من الأُمِّ إِذا قلْتَ يَا أُمَّ أَقْبِلي، لأنَّ الأَبَ لمَّا كانَ على حَرْفَيْن كَانَ كأَنَّه قد أُخِلَّ بِهِ، فصارَتِ الهاءُ لازِمَةً وصارَتِ التاءُ كأَنَّها بعْدَها، انتهَى.
قالَ سيْبَوَيْه: (وسَأَلْتُ الْخَليلَ عَن قَوْلِهم: (يَا {أَبَهْ، بالهاءِ وَيَا} أَبَتِ (وَيَا {أَبَتاهُ وَيَا أُمَّتاهُ، فزَعَمَ أنَّ هَذِه الهاءَ مثْلُ الهاءِ فِي عَمَّه وخَالَه، قَالَ: ويدلُّكَ على أَنَّ الهاءَ بمنْزِلَةِ الهاءِ فِي عَمَّه وخالَه أنَّك تقولُ فِي الوَقْفِ يَا أَبَهْ، كَمَا تقولُ يَا خالَهْ، وتقولُ يَا أَبَتاهْ كَمَا تقولُ يَا خالتَاهُ، قالَ: وإنّما يلزمون هَذِه الهاءَ فِي النِّداءِ إِذا أَضَفْتَ إِلَى نَفْسِك خَاصَّة، كَأَنَّهَا جَعَلُوها عِوَضاً من حذْفِ الياءِ، قَالَ: وأَرادُوا أَنْ يُخِلُّوا بالاسْمِ حينَ اجْتَمَعَ فِيهِ حَذْف النِّداء، (وأنَّهم لَا يَكادُونَ يقُولُونَ: (يَا} أَباهُ، وصَارَ هَذَا مُحْتَملاً عنْدَهم لِمَا دَخَلَ النِّداءَ مِن الحَذْفِ والتَّغْييرِ، فأَرَادُوا أَن يُعَوِّضوا هذَيْن الحَرْفَيْن كَمَا يَقولُونَ أَيْنُق، لمَّا حَذَفُوا العَيْن جَعَلوا الياءَ عِوَضاً، فلمَّا أَلْحَقُوا الهاءَ صَّيرُوها بمنْزِلَةِ الهاءِ الَّتِي (تلْزم) الاسْمَ فِي كلِّ مَوْضِع، واخْتَصّ النِّداء بذلِكَ لكَثْرتِه فِي كَلامِهم كَمَا اخْتصَّ بيا أَيُّها الرَّجُل.
وذَهَبَ أَبو عُثْمان المازِنيُّ فِي قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ يَا {أَبَهَ، بفتْحِ الهاءِ إِلَى أنَّه أَرادَ يَا} أَبَتاهُ فحذَفَ الألِفَ، وقَوْلُه أَنْشَدَه يَعْقوبُ:
تقولُ ابْنَتي لمَّا رأَتْ وَشْكَ رِحْلَتي
كأَنَّك فِينا يَا {أَباتَ غَريب أَرادَ: أَبَتاهُ، فقدَّمَ الأَلِفَ وأَخَّر التاءَ، ذَكَرَه ابنُ سِيدَه والجَوْهرِيُّ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: الصَّحِيحُ أنَّه ردَّ لامَ الكَلِمَة إِلَيْهَا لضَرُورَةِ الشِّعْرِ.
(وَقَالُوا: (} لابَ لَكَ، يُريدونَ لَا {أَبَ، لَكَ، فَحَذَفَوا الهَمْزَةَ البَتَّةَ، ونَظيرُهُ قَوْلَهم: وَيْلُمِّه، يُرِيدُونَ: وَبْلَ أُمِّه.
(وَقَالُوا: (لَا} أَبا لَكَ.
قالَ أَبو عليَ: فِيهِ تَقْديرانِ مُخْتلِفانِ لمعْنَيَيْن مُخْتلِفَيْن، وذلِكَ أنَّ ثَباتَ الأَلِفِ فِي أَبَا مِن أَبَالَكَ دَلِيلُ الإضافَةِ، فَهَذَا وَجْهٌ، ووَجْهٌ آخَرُ أَنَّ ثَباتَ اللامِ وعَمَل لَا فِي هَذَا الاسْم يُوجِبُ التَّنْكِيرَ والفَصْلَ، فثَباتُ الألِفِ دَليلُ الإضافَةِ والتَّعْريفِ، ووُجودُ اللامِ، دَليلُ الفَصْل والتَّنْكير وَهَذَانِ كَمَا تَراهُما مُتَدافِعَانِ.
(ورُبَّما قَالُوا: (لَا {أَباكَ، لأنَّ الَّلامَ كالمُقْحمةِ؛ (ورُبَّما حَذَفُوا الألفَ أَيْضاً فَقَالُوا (لَا} أَبَكَ، وَهَذِه نَقَلَها الصَّاغانيُّ عَن المبرِّدِ.
(وَقَالُوا أَيْضاً: (لَا أَبَ لَكَ؛ و (كُلُّ ذلِكَ دُعاءٌ فِي المَعْنَى لَا مَحالةَ، وَفِي اللَّفْظِ خَبَرٌ، أَي أَنتَ عنْدِي ممَّنْ تستحقُّ أَن يُدْعى عَلَيْهِ بفقْدِ! أَبيهِ. ويُؤَكّد عنْدك خُروجُ هَذَا الكَلام مَخْرَج المَثَل كُثْرتُه فِي الشِّعْرِ، وأنَّه (يقالُ لمن لَهُ أَبٌ وَلمن لَا أَبَ لَهُ، لأنَّه إِذا كانَ لَا أَبَ لَهُ لم يَجُزْ أَن يُدْعَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فِيهِ لَا مَحالَةَ، أَلا تَرى أنَّك لَا تقولُ للفَقِيرِ أَفْقَرَه الله، فَكَمَا لَا تقولُ لمَنْ لَا أَبَ لَهُ: أَفْقَدَ اللَّهُ! أَباكَ، كَذلِكَ تَعْلم أنَّ قوْلَهم هَذَا لمَنْ لَا أَبَ لَهُ لَا حَقِيقَة لمعْناهُ مُطابِقَة للَفْظِه، وإنَّما هِيَ خارِجَةٌ مَخْرَج المَثَلِ على مَا فَسَّرَه أَبو عليَ، وَمِنْه قَوْلُ جريرٍ:
يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيَ لَا أَبالَكُمُلا يَلْقَيَنَّكُمْ فِي سَوْءَةٍ عُمَرُفهذا أَقْوى دَليلٍ على أنَّ هَذَا القَوْلَ مَثَلٌ لَا حَقِيقَة لَهُ، أَلا تَرى أنَّه لَا يَجوزُ أنْ يكونَ للتَّيْم كلِّها أَبٌ واحِدٌ، ولكنَّكم كُلُّكُمْ أَهْلُ الدُّعاءِ عَلَيْهِ والإغْلاظ لَهُ؛ وشاهِدُ لَا أَباكَ، قَوْلُ أَبِي حَيَّة النُّميْري:
أَبِالْمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ أَنِيمُلاقٍ لَا أَباكِ تُخَوِّفِيني؟ وأَنْشَدَ المبرِّدُ فِي الكامِلِ:
وَقد ماتَ شَمَّاخٌ وماتَ مُزَرِّدُوأَيُّ كَرِيمٌ لَا أَبَاكِ مُخَلَّدُ؟ وشاهِدُ لَا أَبالَكَ قَوْلُ الأَجْدَع:
فَإِن أَثْقَفْ عُمَيراً لَا أُقِلْهُوإن أَثْقَفْ أَبَاهُ فَلَا أَبا لَهْوقالَ زُفَرُ بنُ الحرِثِ:
أَرِيني سِلاحِي لَا أَبَالَكِ إنَّنيأَرَى الحَرْب لَا تَزْدادُ إلاَّ تَمادِياورُوِيَ عَن ابنِ شُمَيْل: أنَّه سَأَلَ الخَليل عَن قَوْلِ العَرَبِ لَا أَبَ لَكَ، فقالَ: مَعْناه لَا كافيَ لَكَ عَن نَفْسِك.
وقالَ الفرَّاءُ: هِيَ كلمةٌ تَفْصِلُ بهَا العَرَبُ كَلامَها. وقالَ غيرُهُ: وَقد تُذْكَرُ فِي مَعْرِض الذَّمِّ كَمَا يقالُ: لَا أُمَّ لَكَ، وَفِي مَعَرِض التَّعجُّبِ كقَوْلِهم: للَّهِ دَرُّكَ، وَقد تُذْكَر فِي معْنى جِدَّ فِي أَمْرِكَ وشَمِّر لأنَّ مَنْ لَهُ أَبٌ اتَّكَلَ عَلَيْهِ فِي بعضِ شأْنِهِ.
وسَمِعَ سُلَيْمانُ بنُ عبدِ المِلك أَعْرابيّاً فِي سَنَةٍ مُجْدِبةٍ يقولُ:
أَنْزِلْ علينا الغَيْثَ لَا أَبَالَكَ فحمَلَهُ سَلَيْمانُ أَحْسَن مَحْمَل، وقالَ: أَشْهَدُ أَن لَا أَبَ لَهُ وَلَا صاحِبَةَ وَلَا وَلَد.
( {وأَبو المرْأَةِ: زَوْجُها؛ عَن ابنِ حَبيبٍ.
وَفِي التّكْمِلَةِ:} والأَبُ فِي بعضِ اللُّغاتِ الزَّوْجُ انتهَى واسْتَغْربَه شيْخُنا.
( {والأُبُوُّ، كعُلُوَ: (} الأُبُوَّةُ، وهُما جَمْعانِ {للأبِ عَن اللّحْيانيِّ كالعُمُومَةِ والْخُؤُولَةِ؛ وَمِنْه قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبِ:
لَو كانَ مِدحَةُ حَيَ أَنْشَرَتْ أَحَداً أَحْيا} أُبُوَّتِكَ الشُّمَّ الأَمادِيحُومِثْلُه قوْلُ لبيدٍ:
وأَنْبُشُ مِن تحتِ القُبورِ {أُبُوَّةً كِراماً هُمُ شَدُّوا عَليَّ التَّمائماوأَنْشَدَ القنانِيّ يمدَحُ الكِسائي:
أَبى الذَّمُّ أَخْلاقَ الكِسائِيِّ وانْتَمى لَهُ الذِّرْوة العُلْيا} الأُبُوُّ السَّوابِقُ ( {وأَبَّيْتُه} تَأْبِيَةً: قُلْتُ لَهُ! بأَبِي، والباءُ فِيهِ مُتَعلِّقةٌ بمحْذُوفٍ، قيلَ: هُوَ اسمٌ فيكونُ مَا بَعْده مَرْفوعاً تَقْديرُهُ أَنْتَ مَفْدِيٌّ بِأَبِي، وقيلَ: هُوَ فعْلٌ وَمَا بَعْده مَنْصوبٌ أَيفَدَيْتُكَ {بِأَبِي، وحذفَ هَذَا المُقدَّر تَخْفيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ وعِلْم المُخاطَبِ بِهِ.
(} والأَبْواءُ: ع قُرْبَ وَدَّانَ، بِهِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْت وهبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقيلَ: هِيَ قَرْيةٌ مِن أَعْمالِ الفُرْع بينَ المَدينَةِ والجحفَةِ بَيْنها وبينَ المَدينَةِ ثلاثَةٌ وعِشْرونَ مِيلاً؛ وقيلَ {الأَبْواءُ جَبَلٌ على يَمِينِ آرةَ ويَمِين الطَّريقِ للمُصْعدِ إِلَى مكَّةَ مِن المَدينَةِ؛ وَهُنَاكَ بَلَدٌ يُنْسَبُ إِلَى هَذَا الجَبَل.
وقالَ السُّكَّريُّ: هُوَ جَبَلٌ مُشْرِفٌ شامخٌ ليسَ بِهِ شيءٌ مِن النَّباتِ غَيْر الخزم والبَشام وَهُوَ لخزاعَةَ وضمرَة، وَقد اخْتُلِفَ فِي تَحْقيقِ لَفْظِه فقيلَ: هُوَ فَعْلاءُ مِن} الأُبُوَّة، كَمَا يدلُّ لَهُ صَنِيعُ المصنِّفِ حيثُ ذَكَرَه هُنَا، وقيلَ: أَفْعال كأَنَّه جَمْعُ بوَ وَهُوَ الجِلْدُ، أَو جَمْعُ بُوىً وَهُوَ السَّوادُ، وقيلَ: إِنَّه مَقْلوبٌ مِن الأُوباءِ سُمِّي بذلِكَ لمَا فيهِ مِن الوَباءِ.
وقالَ ثابِتُ اللّغَويّ: سُمِّي لتبوُّءِ السُّيولِ بِهِ، وَهَذَا أَحْسَن، وسُئِلَ عَنهُ كثيِّرُ فَقَالَ: لأنَّهم تَبَوَّؤُا بِهِ مَنْزلاً.
( {وأَبَوَى، كجَمَزَى،} وأَبْوَى، كسَكْرَى، مَوْضِعانِ؛ أَمَّا الأوَّلُ: فاسمُ جَبَلٍ بالشامِ، أَو مَوْضِعٌ؛ قالَ الذّبيانيُّ يَرْثي أَخاهُ:
بَعْد ابنِ عاتِكَةَ الثَّاوِي على! أَبَوَى أَضْحَى ببلْدَة لَا عٍَ مّ وَلَا خَالِوأَمَّا الثَّاني: فاسمٌ للقَرْيَتَيْن على طَريقِ البَصْرةِ إِلَى مكَّةَ المَنْسوبَتَيْن إِلَى طَسْم وجَدِيس، قالَ المثقبُ العَبْديُّ: فإِنَّك لَو رأَيْتَ رِجالَ أَبْوَى غَدَاةَ تَسَرْبَلوا حَلَقَ الحَديدِوممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
رجُلٌ {أَبْيانٌ، بالفتْح: ذُو} إباءٍ شَديدٍ؛ نَقَلَهُ الأزْهِريُّ.
{وأبَّاءٌ، كشَدَّادٍ: إِذا أَبَى أَنْ يُضامَ.
وتَأَبَّى عَلَيْهِ} تَأَبِّياً: امْتَنَعَ عَلَيْهِ: نَقَلَهُ الْجَوهرِيُّ.
ونُوقٌ {أَوَابٍ:} يَأْبَيْنَ الفَحْلَ.
{وَأَبَيْتَ اللَّعْنَ: من تحيَّاتِ المُلوكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، أَي} أَبَيْتَ أنْ تَأْتيَ مَا تُلْعَنُ عَلَيْهِ وتُذَمُّ بسَببِهِ.
{وآبَى الماءُ: امْتَنَعَ فَلَا تَسْتَطِيع أَنْ تَنْزلَ فِيهِ إلاَّ بتَغْريرٍ، وَإِن نَزَلَ فِي الرَّكِيَّةِ ماتِحٌ فأَسِنَ فقد غَرَّرَ بنَفْسِه أَي خاطَرَ بهَا.
} وأُوبِيَ الفَصِيلُ {إيباءً، فَهُوَ مُوبىً إِذا سَنِقَ لامْتِلائِهِ.
وأُوبيَ الفَصيلُ عَن لَبَنِ أُمِّه: اتَّخَم عَنهُ لَا يَرْضَعها.
وقالَ أَبو عَمْرو:} الأَبيُّ المُمْتَنِعَةُ مِن العَلَفِ لسَنَقِها، والمُمْتَنِعَةُ مِن الفَحْلِ لقلَّةِ هَدَمِها.
وقَليبٌ لَا {يُؤْبَى، عَن ابنِ الأَعرابيِّ، أَي لَا يُنْزَحُ وَلَا يُقالُ يُؤْبَى.
وكَلأٌ لَا يُوبَى: لَا يَنْقطِعُ لكَثْرتِه.
وماءٌ} مُؤْبٍ: قَليلٌ؛ عَن اللَّحْيانيّ.
وقالَ غيرُهُ: يقالُ للماءِ إِذا انْقَطَعَ: ماءٌ مُؤْبٍ.
وآبَى: نَقَصَ، رَوَاهُ أَبو عَمْروٍ عَن المُفَضَّلٍ.
وَقَالُوا: هَذَا {أَبُكَ، قالَ الشاعِرُ:
سِوَى} أَبِكَ الأَدْنى وأنَّ محمَّداً عَلى كلّ عالٍ يابنَ عَمِّ محمَّدٍ وعَلى هَذَا تَثْنِيتُه {أَبانٍ على اللَّفْظِ،} وأَبَوانِ على الأَصْلِ، ويقالُ: هُما {أَبواهُ} لأَبيهِ وأُمِّه، وجائِزٌ فِي الشِّعْر: هُما {أَباهُ، وكَذلِك رأَيْتُ} أَبَيْهِ.
وَفِي الحدِيث: أَفْلَح {وأَبيهِ إنْ صَدَقَ أَرادَ بِهِ تَوْكيدَ الكَلام لَا اليَمِين، لأنَّه نَهَى عَنهُ.
} والأبُ يُطْلَقُ على العَمِّ؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {نَعْبُدُ إلهَك وإلَه {آباِئكَ إبراهيمَ وإسْمَاعِيلَ وإِسْحاقِ} .
قالَ اللَّيْثُ: يقالُ فلانٌ} يَأْبُو هَذَا اليَتِيمَ {إِباوَةً، أَي يَغْذُوه كَمَا يَغْذُوه الوالِدُ وَلَدَه ويُرَبِّيه، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ} أَبويٌّ.
وبَيْنِي وبينَ فلانٍ {أُبُوَّةٌ.
} وتَأَبَّاهُ: اتَّخَذَهُ {أَباً؛ والاسمُ} الأُبُوَّةُ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:
فإنَّكُمُ والمُلْك يَا أَهْلَ أَيْلةٍ {لَكالمُتَأَبِّي وهْو ليسَ لَهُ أَبُويقالُ: اسْتَأَبَّ أَبّاً واسْتأْبِبْ أَبّاً.
قالَ الأزْهرِيُّ: وإنَّما شُدِّد الأبُ والفعْلُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الأَصْل غيرُ مشدَّدٍ، لأنَّ أَصْلَ الأَبِ أَبَوٌ، فزَادَ وأَبدَلَ الواوَ بَاء كَمَا قَالُوا قِنٌّ للعَبْدِ، وأَصْلُه قِنْيٌ.
} وبَأْبَأْتُ الصَّبيَّ: {بَأْبَأَةً: قُلْتُ لَهُ} بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي، فلمَّا سُكِّنَتِ الياءُ قُلِبَت أَلِفاً، وفيهَا ثلاثُ لُغاتٍ: بِهَمْزةٍ مَفْتوحَةٍ بينَ الباءَيْنِ، وبقَلْبِ الهَمْزةِ يَاء مَفْتُوحَة، وبإبْدالِ الأخيرَةِ أَلفاً.
وحَكَى أَبو زيْدٍ: بَيَّبْتُ الرَّجُلَ إِذا قُلْت لَهُ بأَبي؛ وَمِنْه قَوْلُ الراجز:
يَا بِأَبي أَنْتَ وَيَا فَوقَ! البيَبْ قالَ أَبو عليَ: الياءُ فِي {بَيَّبْ مُبْدلَةٌ مِن هَمْزةٍ بَدَلاً لازِماً؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت: يَا} بِيبَا أَنْتَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ليُوافِقَ لَفْظَ البِيَبِ لأنَّهُ مُشْتقٌّ مِنْهُ.
ورَوَاهُ أَبو العَلاءِ فيمَا حكَى عَنهُ التِّبْرِيزِي: وَيَا فوقَ {البِئَبْ بالهَمْز، قالَ: وَهُوَ مركَّبٌ مِن قوْلِهم بأَبِي، فأَبْقى الهَمْزَة لذَلِكَ.
وقالَ الفرَّاءُ فِي قوْلِ هَذَا الرَّاجزِ: جَعَلُوا الكَلِمَتَيْن كالواحِدَةِ لكَثْرتِها فِي الكَلامِ.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ عَن الكِسائي: مَا يُدْرَى لَهُ مَن أَبٌ وَمَا أَبٌ، أَي مَنْ} أَبوهُ وَمَا أَبوهُ.
ويقالُ: للَّهِ {أَبُوكَ فيمَا يَحْسُن مَوْقِعُه ويُخْمَد فِي مَعْرضِ التَّعجُّبِ والمَدْحِ، أَي أَبُوكَ للَّهِ خالِصاً حيثُ أَنْجَب بكَ وأَتَى بمِثْلِكَ.
ويَقولُونَ فِي الكَرامَةِ: لَا أَبَ لِشانِيكَ وَلَا أَبا لِشانِيكَ.
ومِن المُكَنَّى} بالأبِ، قَوْلهم: {أَبو الحَارِثِ للأَسَدِ.
} وأَبو جَعْدَةَ: للذِّئْبِ.
وأَبو حُصَيْن: للثَّعْلَب.
وأَبو ضَوْطَري: للأَحْمقِ.
وأَبو حاجِبِ: للنَّارِ.
وأَبو جُخادِب: للجَرادِ.
وأَبو بَراقِش: لطائِرٍ مُرَقَّش.
وأَبو قَلَمُونَ: لثَوْبٍ يَتَلَوَّنُ أَلْواناً.
وأَبو قُبَيْسٍ: جَبَلٌ بمكَّة.
وأَبو دراسٍ: كُنْيَة الفَرْج.
وأَبو عَمْرَة: كُنْيَةُ الجُوعِ.
وأَبو مالِكٍ: كُنْيَة الهَرَمِ.
وأَبو مثوى: لربِّ المَنْزلِ.
وأَبو الأَضْيافِ: للمِطْعامِ.
وَفِي الحديثِ إِلَى المُهاجِرِ بنَ أَبو أُمَيَّة لاشتِهارِهِ بالكُنْيَة وَلم يكنْ لَهُ اسمٌ مَعْروفٌ، لم يُجَرّ كَمَا قيلَ عليُّ ابنُ أَبو طالِبٍ.
وكانَ يقالُ لعَبْدِ مَنَاف: أَبو البَطْحاءِ لأنَّهم شَرفُوا بِهِ وعَظُمُوا بدُعائِهِ وهِدايَتِه.
ويَقُولونَ: هِيَ بنْتُ {أَبيها، أَي أنَّها شَبِيهةٌ بِهِ فِي قُوَّةِ النَّفْسِ وحدَّةِ الخُلُقِ والمُبادَرَةِ إِلَى الأشْياءِ. وَقد جاءَ ذلِكَ عَن عائِشَةَ فِي حفْصَةَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
وسالمُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن} أَبَّى الأَنْدَلُسِيُّ، كحتَّى، يَرْوِي عَن ابنِ مزين، ماتَ بالأَنْدَلُسِ سَنَة 310، ذَكَرَهُ ابنُ يونُسَ، {وأُبَي بن أبَّاء بن} أُبَىَّ لَهُ خَبَرٌ مَعَ الحجَّاج ذَكَرَهُ أَبو العَيْناءِ.
وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ سَيِّدُ القُرَّاءِ بَدْرِيٌّ؛ وأُبَيُّ بنُ عمارَةَ، صَحابيَّان.
وأُبيّ بنُ عبَّاسِ بنِ سُهَيْل عَن أَبيهِ احْتَجَّ بِهِ البُخارِي؛ وقالَ ابنُ مُعِينٍ: ضَعِيفٌ.
{وآبِي الْخَسْف: لَقَبُ خُوَيْلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبْدِ الْعُزَّى، والِدُ خَدِيجَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجَدُّ الزُّبَيْرِ بنِ العوامِ بنِ خُوَيْلد، وَفِيه يقولُ يَحْيَى بنُ عرْوَةَ بنِ الزُّبَيْر:
أبٌ لي} آبي الخسْف قد تَعْلَمُونهوفارسُ معروفٍ رئيسُ الْكَتَائِب! وإِبَّيَانُ بكسْرٍ وتَشْديدِ الموحَّدَةِ: قَرْيةٌ قُرْبَ قَبْرِ يونُسَ ابنِ متَّى عَلَيْهِ السَّلَام، عَن ياقوت.

الْفَيْء

(الْفَيْء) الظل بعد الزَّوَال ينبسط شرقا وَالْخَرَاج وَالْغنيمَة تنَال بِلَا قتال (ج) أفياء وفيوء
الْفَيْء: الرُّجُوع من فَاء يفِيء إِذا رَجَعَ. والفيء فِي بَاب الْإِيلَاء الوطي إِذا قدر عَلَيْهِ وَإِلَّا أَن يَقُول فئت إِلَيْهَا. وَأَيْضًا الْفَيْء الْغَنِيمَة. وَإِنَّمَا سمي الظل الَّذِي من الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب فَيْئا لرجوعه من جَانب إِلَى جَانب وَغلب اسْتِعْمَال الظل فِيمَا هُوَ من طُلُوع الشَّمْس إِلَى الزَّوَال. وَحكى أَبُو عُبَيْدَة عَن رؤبة كل مَا كَانَ عَلَيْهِ الشَّمْس فَزَالَتْ فَهُوَ فَيْء. وَمَا لم تكن عَلَيْهِ الشَّمْس فَهُوَ ظلّ. وَفِي شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة لأبي المكارم رَحمَه الله فَيْء الزَّوَال هُوَ الظل الْحَاصِل للأشياء عِنْد اسْتِوَاء الشَّمْس إِلَى خطّ نصف النَّهَار وَهُوَ يخْتَلف طولا وقصرا باخْتلَاف الْأَمَاكِن والأزمان. وَغَايَة طوله عِنْد تحول الشَّمْس إِلَى الجدي وقصره عِنْد التَّحَوُّل إِلَى السرطان.
وَالتَّفْصِيل فِي هَذَا الْمقَام أَن فَيْء كل شَيْء عِنْد التَّحَوُّل إِلَى السرطان سَبْعَة فَإِن كَانَ الْفَيْء قدما عِنْده تتزايد فِي كل سَبْعَة عشرَة يَوْمًا نصف قدم إِلَى أَن يمْضِي أحد وَخَمْسُونَ يَوْمًا - ثمَّ فِي كل تِسْعَة نصفه إِلَى أَن يمْضِي سَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا - ثمَّ فِي كل سَبْعَة نصفه إِلَى أَن يمْضِي مائَة وَخَمْسَة أَيَّام. وَبعد هَذِه الْأَيَّام يكون التَّحَوُّل إِلَى الجدي وَصَارَ الْفَيْء حِينَئِذٍ أحد عشر قدما وَنصفه ثمَّ ينقص نصف قدم على عكس التَّرْتِيب الْمَذْكُور إِلَى أَن يؤول إِلَى قدم وَاحِد بعد مُضِيّ تِلْكَ الْمدَّة.
وَهَذَا الْكَلَام على اعْتِبَار الظَّن والتقريب. وَتَحْقِيق ذَلِك مفوض إِلَى دقائق علم النُّجُوم انْتهى. وَفِيه أَيْضا وَوقت الظّهْر من وَقت الزَّوَال إِلَى وَقت بُلُوغ ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ سوى فَيْء الزَّوَال إِن كَانَ لَهُ فَيْء فِي وقته وَإِن لم يكن لَهُ فَيْء فِيهِ كَمَا فِي الْحَرَمَيْنِ فِي أطول الْأَيَّام فالتقدير ببلوغ ظله مثلَيْهِ انْتهى.
وَاعْلَم أَنه إِذا بلغ ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ سوى فَيْء الزَّوَال يخرج وَقت الظّهْر وَيدخل وَقت الْعَصْر فِي ظَاهر الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى. وَعنهُ فِي رِوَايَة أَنه إِذا صَار الظل مثله سوى الْفَيْء يخرج الظّهْر وَيدخل الْعَصْر وَهُوَ قَوْلهمَا وَقَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى. وَعِنْدَهُمَا أَيْضا بِرِوَايَة الْحسن وَأسد بن عَمْرو أَنه إِذا صَار مثله سواهُ خرج وَقت الظّهْر وَلم يدْخل وَقت الْعَصْر مَا لم يصر مثلَيْهِ فَكَانَ بَينهمَا وَقت مهمل وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاس بَين الصَّلَاتَيْنِ. وفيء الزَّوَال عبارَة عَن ظلّ كل شَيْء يكون وَقت زَوَال الشَّمْس من كبد السَّمَاء. ولمعرفته طرق شَتَّى مِنْهَا الدائرة الْهِنْدِيَّة كَمَا فِي شرح الْوِقَايَة وأيسر الطّرق أَن يغرز خَشَبَة فِي كل مَكَان مستو غَايَة الاسْتوَاء فلهَا ظلّ قطعا فَمَا دَامَ الظل ينقص فَهُوَ قبل الزَّوَال. وَإِذا أَخذ فِي التزايد فَهُوَ بعد الزَّوَال وَإِذا لم يزدْ وَلم ينقص فَهُوَ وَقت الزَّوَال. والظل الْحَاصِل حِينَئِذٍ هُوَ الْفَيْء والظل الْأَصْلِيّ. فِي الْفَتَاوَى الْكَامِل لَا يدْخل وَقت الظّهْر بَعْدَمَا زَالَت الشَّمْس حَتَّى يصير ظلّ جِدَار عشرَة أَذْرع ذِرَاعا وَاحِدًا فَدخل وَقت الظّهْر وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى. وَفِي رِوَايَة لَا يدْخل الظّهْر حَتَّى لَا يخرج الظل الْأَصْلِيّ كلما خرج ذَلِك دخل وَقت الظّهْر.
وَإِنِّي التمست إِلَى جناب الأقدس الأطهر جَامع الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول حاوي الْفُرُوع وَالْأُصُول الَّذِي أخضرت رياض الرياضيات بزلال حِيَاض أفكاره وأنورت آفَاق سماوات الْعُلُوم الغريبة بِطُلُوع شموس أنواره. معاذي وأستاذي السَّيِّد السَّنَد شمس الدّين الْمَدْعُو بِسَيِّد مُحَمَّد ميرك بن شاه منيب الله الخجندي النقشبندي خلد الله ظلاله وضاعف عمره وجلاله الدائرة الْهِنْدِيَّة فرسمها بِحَيْثُ لَا يرى أحد مثلهَا وَكتب سلمه الله تَعَالَى فِي حاشيتها هَذِه الْعبارَة.
اعْلَم أَن وَقت الظّهْر إِلَى وُصُول ظلّ المقياس بقوس الْعَصْر للمثل على مَا أفتى بِهِ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى والمحققون من الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم لَا كَمَا اشْتهر بَين النَّاس أَن وقته إِلَى وُصُول الظل قوسه للمثلين عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَإِن رِوَايَات الْمُحَقِّقين وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تنادي بِخِلَافِهِ وَقد سنح ببالي دَلِيل حسن لم يسبقني بِهِ أحد وَهُوَ أَن ارْتِفَاع الْعَصْر للمثلين (يح) حِين كَون الشَّمْس أول الجدي ودائرة على مَا استخرجنا بالأسطرلاب وَالرّبع الْمُجيب (الب) وَهُوَ سَاعَة وَنصف مثلا تَقْرِيبًا فَلَو كَانَ وَقت الظّهْر إِلَى وُصُول الظل قَوس الْعَصْر للمثلين يكون وقته فِي ذَلِك الْيَوْم أَي كَون الشَّمْس أول الجدي إِلَى أَن يبْقى من الْيَوْم سَاعَة وَنصف وَهُوَ غير الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول جدا على أَن هَذَا فِي بلدنا (يط) عرضا وَأما فِي مَكَّة المعظمة وَالْمَدينَة المشرفة يكون الْبَاقِي من الْيَوْم فِي نِهَايَة وَقت الظّهْر أقل مِمَّا ذكرنَا لِأَنَّهُمَا أعرض من بلدنا فَإِن عرض مَكَّة (كَا) وَالْمَدينَة (اله) وَلَا رِيبَة أَنه قد بَان مِمَّا نقدنا تزبيب الرِّوَايَات فِي بَاب المثلين فَافْهَم واحفظ وَقد نطق بحفظه الذّكر الْحَكِيم {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} . أكملت الْعَمَل لمحبي فِي الله القَاضِي عبد النَّبِي سلمه الله وأبقاه انْتهى. والضابطة فِي معرفَة قدر فَيْء الزَّوَال أَن يغرز المقياس بِقدر سَبْعَة أَصَابِع فِي مَرْكَز الدائرة الْهِنْدِيَّة فَلَا يكون لَهُ ظلّ أصلا إِذا كَانَت الشَّمْس فِي الجوزاء وَمن السرطان إِلَى الْقوس يزِيد الظل اصبعا إِلَى سِتَّة أَصَابِع ثمَّ من الجدي إِلَى الثور ينقص اصبعا اصبعا.
وَاعْلَم أَن الشَّمْس تكون فِي الجوزاء فِي (خوردادماه) بالهندية اكهار. وَتَكون فِي السرطان فِي (تيرماه) يَعْنِي ساون. وَفِي الْأسد فِي (امْر دادماه) يَعْنِي بهادون. وَفِي السنبلة فِي (شهر يورماه) يَعْنِي آسين. وَفِي الْمِيزَان فِي (مهرماه) يَعْنِي كارتك. وَفِي الْعَقْرَب فِي (آبان) ماه يَعْنِي ماركيسر. وَفِي الْقوس فِي (آذرماه) يَعْنِي بوس. وَفِي الجدي فِي (دي ماه) يَعْنِي ماهو. وَفِي الدَّلْو فِي (بهمن ماه) يَعْنِي بهاكن. وَفِي الْحُوت فِي (اسفندار ماه) يَعْنِي جيت. وَفِي الْحمل فِي (فروردى ماه) يَعْنِي ويساك. وَفِي الثور فِي (اردي بهشت) يَعْنِي جيته.

الميل

الميل: العدول عن الوسط إلى أحد الجانبين. والمال سمي به لكونه مائلا أبدا وزائلا ولذلك سمي عرضا. وعليه دل من قال: المال قحبة تكون يوما في بيت عطار، ويوما في دار بيطار.
الميل:
فقال بطليموس في المجسطي: الميل ثلاثة آلاف ذراع بذراع الملك، والذراع ثلاثة أشبار، والشبر ست وثلاثون إصبعا، والإصبع خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها إلى بعض.
قال: والميل جزء من ثلاثة أجزاء من الفرسخ. وقيل: الميل ألفا خطوة وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وأما أهل اللغة فالميل عندهم مدى البصر ومنتهاه.
قال ابن السّكيّت: وقيل للاعلام المبنية في طريق مكة أميال، لأنها بنيت على مقادير مدى البصر من الميل إلى الميل، ولا نعني بمدى البصر كل مرئيّ فإنّا نرى الجبل من مسيرة أيام، إنما نعني أن ينظر الصحيح البصر ما مقداره ميل، وهي بنية ارتفاعها عشر أذرع أو قريبا من ذلك، وغلظها مناسب لطولها، وهذا عندي أحسن ما قيل فيه.
الميل:
[في الانكليزية]
Mile( unity of measure for distances which varies according to epochs)
[ في الفرنسية]
Mille )unite de mesure pour les distances tres variable selon les epoques (
بالكسر وسكون المثناة الفوقانية في الأصل مقدار مدّ البصر من الأرض ثم سمّي به علم مبني في الطريق، ثم كلّ ثلث فرسخ حيث قدّر حدّه صلى الله عليه وسلم طريق البادية وبنى على كلّ ثلث ميلا، ولهذا قيل الميل الهاشمي. واختلف في مقداره على الاختلاف في مقدار الفرسخ، فقيل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. وقيل الفان وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وقيل ثلاث آلاف خطوة، والأول أيسر فإنّ الخطوة ذراع ونصف والذراع أربعة وعشرون إصبعا، كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي قيل الفرسخ ثمانية عشر ألف ذراع، والمشهور أنّه اثنا عشر ألف ذراع. وفي المغرب الميل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. ولعلّ هذا إشارة إلى الخلاف الواقع بين أهل المساحة، فذهب قدماؤهم إلى أنّ الميل ثلاثة آلاف ذراع، والمتأخّرون منهم إلى أنّه أربعة آلاف. لكن الاختلاف لفظي لأنّهم صرّحوا بأنّ الذراع عند القدماء اثنان وثلاثون إصبعا. وعند المتأخّرين أربعة وعشرون إصبعا.
وعلى التقديرين كلّ ميل ستة وتسعون ألف إصبع كما لا يخفى على المحاسب انتهى. وينبغي أن ينقسم الميل على قياس الفرسخ إلى الطولي والسطحي والجسمي كما لا يخفى. 
الميل:
[في الانكليزية] Inclination ،tendency ،disposition
[ في الفرنسية] Inclination tendance ،disposition
بالفتح والسكون عند الحكماء هو الذي تسميه المتكلّمون اعتمادا. وعرّفه الشيخ بأنّه ما يوجب للجسم المدافعة لا يمنعه الحركة إلى جهة من الجهات. فعلى هذا هو علّة للمدافعة.
وقيل هو نفس المدافعة المذكورة، فعلى هذا هو من الكيفيات الملموسة. وقد اختلف في وجوده المتكلّمون فنفاه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني وأتباعه وأثبته المعتزلة وكثير من أصحابنا كالقاضي بالضرورة، ومنعه مكابرة للحسّ، فإنّ من حمل حجرا ثقيلا أحسّ منه ميلا إلى جهة السفل، ومن وضع يده على زقّ منفوخ فيه تحت الماء أحسّ ميله إلى جهة العلوّ، وهذا إذا فسّر الميل بالمدافعة. وأمّا على التفسير الأول فلأنّه لولا ذلك الأمر الموجب لم يختلف في السرعة والبطء الحجران المرميان من يد واحدة في مسافة بقوة واحدة إذا اختلف الحجران في الصغر والكبر إذ ليس فيهما مدافعة إلى خلاف جهة الحركة ولا مبدأها على ذلك التقدير فيجب أن لا يختلف حركتاهما أصلا لأنّ هذا الاختلاف لا يكون باعتبار الفاعل لأنّه متّحد فرضا، ولا باعتبار معاوق خارجي في المسافة لاتحادها فرضا، ولا باعتبار معاوق داخلي إذ ليس فيهما مدافعة، ولا مبدأها ولا معاوقا داخليا غيرهما، فوجب تساويهما في السرعة والبطء. وأجاب عنه الامام الرازي بأنّ الطبيعة مقاومة للحركة القسرية. ولا شكّ أنّ طبيعة الأكبر أقوى لأنّها قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه، فلذلك كانت حركته أبطأ فلم يلزم مما ذكر أن يكون للمدافعة مبدأ مغاير الطبيعة حتى يسمّى بالميل والاعتماد. وأمّا تسميتها بهما فبعيدة جدا. واعلم أنّ المدافعة غير الحركة لأنّها توجد عند السكون فإنّا نجد في الحجر المسكن في الهواء قسرا مدافعة نازلة وفي الزّقّ المنفوخ فيه المسكن في الماء قسرا مدافعة صاعدة.

التقسيم:
الحكيم يقسم الميل إلى طبعي وقسري ونفساني، لأنّ الميل إمّا أن يكون بسبب خارج عن المحل أي بسبب ممتاز عن محل الميل في الوضع والإشارة وهو الميل القسري كميل الحجر المرمي إلى فوق، أو لا يكون بسبب خارج، فإمّا مقرون بالشعور وصادر عن الإرادة وهو الميل النفساني كميل الإنسان في حركته الإرادية أو لا، وهو الميل الطبعي كميل الحجر بطبعه إلى السفل. فالميل الصادر عن النفس الناطقة في بدنها عند القائل بتجرّدها نفساني لا قسري لأنّها ليست خارجة عن البدن ممتازة عنه في الإشارة الحسّية. والميل المقارن للشعور إذا لم يكن صادرا عن الإرادة لا يكون نفسانيا كما إذا سقط الإنسان عن السطح. أمّا الميل الطبعي فأثبتوا له حكمين الأول أنّ العادم للميل الطبعي لا يتحرّك بالطبع ولا بالقسر والإرادة، والثاني أنّ الميل الطبعي إلى جهة واحدة فإنّ الحجر المرمي إلى أسفل يكون أسرع نزولا من الذي ينزل بنفسه، ويجوز أن يقال إنّ الطبيعة وحدها تحدث مرتبة من مراتب الميل، وكذلك القاسر، فلما اجتمعا أحدثا مرتبة أشدّ مما يقتضيه كلّ واحد منهما على حدة فلا يكون هناك الأصل واحدا مستندا إلى الطبيعة والقاسر معا. وهل يجتمعان إلى جهتين؟ فالحقّ أنّه إن أريد به المدافعة نفسها فلا يجتمعان لامتناع المدافعة إلى جهتين في حالة بالضرورة، وإن أريد به مبدأها فيجوز اجتماعهما، فإنّ الحجرين المرميين إلى فوق بقوة واحدة إذا اختلفا صغرا وكبرا تفاوتا في الحركة وفيهما مبدأ المدافعة قطعا، فلولاه لما تفاوتا. وبالجملة فالميل الطبعي على هذا أعمّ سواء اقتضته الطبيعة على وتيرة واحدة أبدا كميل الحجر المسكن في الجو إلى السفل، أو اقتضته على وتيرة مختلفة كميل النبات إلى التبزر والتزيّد. ومنهم من يجعل النفساني أعم من الإرادي ومن أحد قسمي الطبعي، أعني ما لا يكون على وتيرة واحدة لاختصاصه بذوات الأنفس، وبهذا الاعتبار يسمّى ميل النبات نفسانيا ويختصّ لطبيعة بما يصدر عنه الحركات على نهج واحد دون شعور وإرادة. وأيضا الميل إمّا ذاتي أو عرضي لأنّه إن قام حقيقة بما وصف فهو ذاتي، وإن لم يقم به حقيقة بل لما يجاوره فهو عرضي على قياس الحركة الذاتية والعرضية. وأيضا الميل إمّا مستقيم وهو الذي يكون إلى جانب المركز وإمّا مستدير هو ما يكون سببا لحركة جسم حول نقطة كما في الأفلاك، ومبدأ الميل قوة في الجسم يقتضي ذلك الميل. فالميل في قولهم مبدأ الميل بمعنى نفس المدافعة.
فائدة:
أنواع الاعتماد متعدّدة بحسب أنواع الحركة، فقد يكون إلى السفل والعلو وإلى سائر الجهات. وهل أنواعه كلّها متضادة أو لا؟ فقد اختلف فيه. فمن لا يشترط غاية الخلاف بين الضدين جعل كلّ نوعين متضادين، ومن اشترطها قال إنّ كلّ نوعين بينهما غاية التنافي متضادان كميل الصاعدة والهابطة، وما ليس كذلك فلا تضاد بينهما كالميل الصاعد والميل للحركة يمنة ويسرة فهو نزاع لفظي. والقاضي جعل الاعتمادات بحسب الجهات أمرا واحدا فقال: الاختلاف في التسمية فقط وهي كيفية واحدة بالحقيقة فيسمّى بالنسبة إلى السفل ثقلا وإلى العلو خفّة، وهكذا سائر الجهات. وقد يجتمع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد. قال الآمدي القائلون بوجود الاعتماد من أصحابنا اختلفوا. فقيل الاعتماد في كلّ جهة غير الاعتماد في جهة أخرى. فالاعتمادات إمّا متضادة أو متماثلة فلا يتصوّر اعتمادان في جسم واحد إلى جهتين لعدم اجتماع الضدين والمثلين. وقال آخرون الاعتماد في كلّ جسم واحد والتعدّد في التسمية دون المسمّى، وعلى هذا يجوز اجتماع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد من غير تضاد، وهو اختيار القاضي أبي بكر. ثم قال: ولو قلنا بالتعدّد من غير تضاد فيكون لاعتمادات متعدّدة جائزة الاجتماع ولم يكن أبعد من القول بالاتحاد، فصارت الأقوال في الاعتمادات ثلاثة: الاتحاد والتعدّد مع التضاد وبدونه.
فائدة:
قد تقرّر أنّ الجهة الحقيقية العلو والسفل فتكون المدافعة الطبيعية نحو أحدهما، فالموجب للصاعدة الخفّة والموجب للهابطة الثّقل، وكلّ من الخفّة والثقل عرض زائد على نفس الجوهرية وبه قال القاضي وأتباعه والمعتزلة والفلاسفة أيضا، ومنعه طائفة من أصحابنا منهم الاستاذ أبو إسحاق فإنّه قال لا يتصوّر أن يكون جوهر من الجواهر الفردة ثقيلا وآخر منها خفيفا لأنّها متجانسة، بل الثّقل عائد إلى كثرة أعداد الجواهر والخفّة إلى قلتها فليس في الأجسام عرض يسمّى ثقلا وخفة. اعلم أنّ للمعتزلة في الاعتمادات اختلافات فمنها أنّهم بعد اتفاقهم على انقسام الاعتمادات إلى لازم طبعي وهو الثّقل والخفّة وإلى مجتلب أي مفارق وهو ما عداهما كاعتماد الثقيل إلى العلوّ إذا رمي إليه، والخفيف إلى السفل، أو كاعتمادهما إلى سائر الجهات من القدّام والخلف واليمين والشمال قد اختلفوا في أنّها هل فيها تضاد أو لا؟ فقال أبو علي الجبائي نعم. وقال أبو هاشم لا تضاد للاعتمادات اللازمة مع المجتلبة. وهل يتضاد الاعتمادان اللازمان أو المجتلبان؟ تردّد فيه. فقال تارة بالتضاد وتارة بعدمه. ومنها أنّ الاعتمادات هل تبقى؟ فمنعه الجبائي ووافقه ابنه في المجتلبة دون اللازمة فإنّها باقية عنده. ومنها أنّه قال الجبائي موجب الثّقل الرطوبة وموجب الخفّة اليبوسة، ومنعه أبو هاشم وقال هما كيفيتان حقيقيتان غير معلّلتين بالرطوبة واليبوسة.
ومنها أنّه قال الجبائي الجسم الذي يطفو على الماء كالخشب إنّما يطفو عليه للهواء المتشبّث به فإنّ أجزاء الخشب متخلخلة فيدخل الهواء فيما بينها ويتعلّق بها ويمنعها من النزول، وإذا غمست صعّدها الهواء الصاعد بخلاف الحديد فإنّ أجزاءه مندمجة لم يتشبّث بها الهواء فلذلك يرسب في الماء. قال الآمدي يلزم على الجبائي أنّ بعض الأشياء يرسب في الزئبق والفضّة تطفو عليه مع أنّ أجزاءها غير متخلخلة. وقال ابنه أبو هاشم إنّه للثقل والخفة ولا أثر للهواء في ذلك أصلا. وللحكماء هاهنا كلام يناسب مذهبه وهو أنّ الجسم إن كان أثقل من الماء على تقدير تساويهما في الحجم رسب ذلك الجسم فيه إلى تحت، وإن كان مثله في الثقل ينزل فيه بحيث يماس سطحه السطح الأعلى من الماء فلا يكون طافيا ولا راسبا، وإن كان أخفّ منه في الثّقل نزل فيه بعضه وذلك بقدر ما لو ملئ مكانه ماء كان ذلك الماء موازنا في الثّقل لذلك الجسم كلّه، وتكون نسبة القدر النازل منه في الماء إلى القدر الباقي منه في خارجه كنسبة ثقل ذلك الجسم إلى فضل ثقل الماء. والحق المختار عند الأشاعرة أنّ الطّفو والرّسوب إنّما يكونان بخلق الله تعالى. ومنها أنّه قال للهواء اعتماد صاعد لازم ومنعه ابنه وقال ليس للهواء اعتماد لازم لا علوي ولا سفلي بل اعتماده مجتلب بسبب محرّك. ومنها أنّه قال لا يولد الاعتماد شيئا آخر لا حركة ولا سكونا بل المولّد لهما هو الحركة. وقال ابنه المولّد لهما الاعتماد. وقال ابن عياش بتولّدهما من الحركة تارة ومن الاعتماد أخرى. ومنها أنّه قال الحجر المرمي إلى فوق إذا عاد نازلا أنّ حركته الهابطة متولّدة من حركته الصاعدة بناء على أصله من أنّ الحركة إنّما تتولّد من الحركة لا من الاعتماد. وقال ابنه بل من الاعتماد الهابط. ومنها أنّه قال كثير من المعتزلة ليس بين الحركة الصاعدة والهابطة سكون إذ لا يوجب السكون الاعتماد لا اللازم ولا المجتلب. وقال الجبائي لا أستبعد ذلك أي أن يكون بينهما سكون وتوضيح المباحث يطلب من شرح المواقف وشرح التجريد. والميل عند الصوفية هو الرجوع إلى الأصل مع الشعور بأنّه أصله ومقصده لا الرجوع الطبيعي كما في الجمادات فإنّها تميل إلى المركز طبعا، كذا في كشف اللغات. والميل عند أهل الهيئة قوس من دائرة الميل بين معدّل النهار ودائرة البروج بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل، ودائرة الميل عظيمة تمرّ تارة بقطبي المعدّل وبجزء ما من منطقة البروج أو بكوكب من الكواكب، ويسمّى دائرة الميل الأول أيضا لأنّه يعرف بها. اعلم أنّ من دائرة الميل يعرف بعد الكوكب عن المعدّل لأنّه إن كان الخط الخارج من مركز العالم المارّ بمركز الكوكب الواصل إلى سطح الفلك الأعلى واقعا على المعدّل فحينئذ لا يكون للكوكب بعد عن المعدّل وإن وقع ذلك الخط في أحد جانبي المعدّل إما شمالا أو جنوبا، فللكوكب حينئذ بعد عنه شمالي أو جنوبي. فبعد الكوكب قوس من دائرة الميل بين موقع ذلك الخط ومعدّل النهار بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل وقد يسمّى بعد الكوكب بميل الكوكب أيضا، صرّح بذلك العلّامة كما في شرح التذكرة. ويعرف أيضا بعد أجزاء فلك البروج عن المعدّل فإنّ أجزاءه بأسرها سوى الاعتدالين مائلة عن المعدّل بعيدة عنه، وذلك البعد يسمّى ميلا أوّلا. وإذا أخذ بعد جزء من فلك البروج من الانقلاب الأقرب منه فالميل الأول لهذا الجزء حينئذ يسمّى ميلا منكوسا كما في الزيجات، وبعد الكوكب عنه يخصّ باسم البعد. ثم الميل إذا أطلق يراد به الأول، ولذا سمّاه البعض بالميل المطلق في الزيج الإيلخاني سمّي بالأول لأنّه ميل عن منطقة الحركة الأولى. والتقييد بالأول لإخراج الميل الثاني لأجزاء فلك البروج عن المعدّل، إذ الميل الثاني قوس من دائرة العرض محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب.
ودائرة العرض كما مرّ عظيمة تمرّ بقطبي البروج وبجزء ما من المعدّل أو بكوكب ما وتسمّى بدائرة الميل الثاني أيضا، لأنّ الميل الثاني إنّما يعرف بتلك الدائرة. وإنّما سمّي ميلا ثانيا لأنّ دائرة العرض إنّما تقاطع منطقة البروج على قوائم فالقوس المحصورة منها بين جزء من أجزاء المعدّل وبين منطقة البروج هي ميل ذلك الجزء وبعده عن منطقة البروج كما عرفت إلّا أنّ الاستقامة أي عدم الميل لمّا كانت منسوبة إلى المعدّل كأنّه الأصل في هذه الدائرة نسب هذا الميل إلى أجزاء فلك البروج عن المعدّل، وإن كان الأمر بالعكس حقيقة كما عرفت ويميّز عن الميل الأول بتقييده بالثاني. هذا ثم إنّه لمّا كان أجزاء فلك البروج متباعدة عن المعدّل في جانبي الشمال أو الجنوب إلى حدّ ما ثم متقاربة إليه فيهما فهناك غاية الميل لبعض أجزائها أعني الانقلابين، ويقال لها الميل الكلّي. والميل الأعظم وهو قوس من الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب. فغاية الميل تدخل تحت حدّ الميل الأول والثاني لأنّ الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة يصدق عليها أنّها دائرة الميل لمرورها بقطبي العالم، وأنّها دائرة العرض لمرورها بقطبي البروج. فغاية الميل هي نهاية ميل أجزاء دائرة البروج عن المعدّل، ومقدارها عند الأكثرين ثلاثة وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة وما وراها أي ما وراء غاية الميل يسمّى بالميول الجزئية. كما في شرح التذكرة للعلي البرجندي وغيره من تصانيفه. وميل الأفق الحادث وهو القوس الواقعة من أوّل السموات بين الأفق الحادث ونصف النهار من الجانب الأقرب، كذا ذكر العلي البرجندي في شرح التذكرة. وميل ذروة التدوير وحضيضه هو عرض التدوير وقد سبق. وقد يعرف بالميل كما في التذكرة. وميل الفلك المائل هو عرض مركز التدوير كما سبق هناك.

البَضْعُ

البَضْعُ، كالمَنْعِ: القَطْعُ،
كالتَّبْضِيعِ، والشَّقُّ، وتَقْطِيعُ اللَّحْمِ، والتَّزَوُّجُ، والمُجامَعَةُ،
كالمُباضَعَةِ والبِضاعِ، والتَّبيينُ كالإِبْضاعِ، والتِّبَيُّنُ.
بَضَعَه الكَلامَ،
وأبْضَعَه الكلامَ: بَيَّنَه له،
فَبَضَعَ هو بُضوعَاً: فَهِمَ.
وـ في الدَّمْعِ: أن يَصيرَ في الشُّفْرِ ولا يَفيضَ، وبالضمِ: الجِماعُ، أو الفَرْجُ نفْسُه، والمَهْرُ، والطَّلاقُ، وعَقْدُ النِّكاحِ، ضِدٌّ،
وع، وبالكسر، ويُفْتَحُ: الطائِفةُ من الليلِ، وما بينَ الثَّلاثِ إلى التِسْعِ أو إلى الخَمْسِ، أو ما بين الواحِدِ إلى الأَرْبَعَةِ، أو مِن أرْبَعٍ إلى تِسْعٍ، أو هو سَبْعٌ، وإذا جاوَزْتَ لَفْظَ العَشْرِ ذَهَبَ البِضْعُ، لا يقالُ: بِضْعٌ وعِشْرونَ، أو يقالُ ذلك.
الفَرَّاءُ: لا يُذْكَرُ مَعَ العَشَرَةِ والعِشْرينَ إلى التِّسْعينَ، ولا يقالُ: بِضْعٌ ومِئَةٌ، ولا ألْفٌ.
مَبْرَمَانُ: البِضْعُ: ما بينَ العَقْدَيْنِ، من واحِدٍ إلى عَشَرَةٍ، ومِنْ أحَدَ عَشَرَ إلى عِشْرينَ. وع المُذَكَّرِ بهاءٍ، ومعَهَا بغيرِ هاءٍ: بِضْعَةٌ وعِشْرُونَ رجُلاً، وبِضْعٌ وعِشْرونَ امرأةً، ولا يُعْكَسُ، أو البِضْعُ: غيرُ مَعْدودٍ، لأَنَّهُ بمعنَى القِطْعَةِ.
والبَضْعَةُ، وقد تُكْسَرُ: القِطْعَةُ من اللَّحْمِ، ج: بَضْعٌ بالفتح، وكعِنَبٍ وصِحافٍ وتَمَراتٍ. وكمِنْبَرٍ: ما يُبْضَعُ به العِرْقُ.
والباضِعَةُ: الشَّجَّةُ التي تَقْطَعُ الجِلْدَ وتَشُقُّ اللحمَ شَقّاً خَفِيفاً وتَدْمى إلا أنَّها لا تُسِيلُ، والفِرْقُ مِنَ الغَنَمِ، أو القِطْعَةُ التي انْقَطَعَتْ عَنِ الغَنَمِ.
والباضِعُ في الإِبِلِ: كالدَّلاَّلِ في الدُّورِ، أو مَنْ يَحْمِلُ بَضائِعَ الحَيِّ ويَجْلُبُها، والسَّيْفُ القَطَّاعُ، ج: بَضَعَةٌ، محرَّكةً.
وباضِعٌ: ع بساحِلِ بَحْرِ اليمنِ، أو جَزِيرَةٌ فيه.
وبَضَعْتُ به، كمَنع بُضُوعاً: إذا أمَرْتَهُ بشيءٍ فلم يَفْعَلْهُ، فدَخَلَكَ منه،
وـ من الماءِ بَضْعاً وبُضُوعاً وبَضاعاً: رَوِيتُ.
والبَضيعُ، كأميرٍ: الجَزِيرةُ في البَحْرِ، ومَرْسىً دونَ جُدّةَ مما يَلِي اليمنَ، والعَرَقُ، وجبلٌ، والبَحْرُ، والماءُ النَّمِيرُ،
كالباضِعِ، والشَّريكُ، ج: بُضْعٌ. وكسفينة: الجَنِيبَةُ تُجْنَبُ مع الإِبِلِ.
وكزُبيرٍ: ع، أو جبلٌ بالشامِ،
وع عن يَسارِ الجارِ.
وبئرُ بُضاعَةَ، بالضم، وقد تُكْسَرُ: بالمدينةِ قُطْرُ رأسها ستَّةُ أذْرعٍ.
وأبْضَعَةُ: مَلِكٌ من مُلُوكِ كِنْدَةَ، أخُو مِخْوَسٍ، وتقدَّمَ في السينِ.
والأَبْضَعُ: المَهْزُولُ.
وأبْضَعَها: زَوَّجَها،
وـ الشيءَ: جَعَلَهُ بِضَاعَةً كاسْتَبْضَعَه،
وـ الماءُ فلاناً: أرْواهُ،
وـ عن المَسْألةِ: شَفاهُ،
وـ الكلامَ: بَيَّنَه بَياناً شافِياً.
وتَبَضَّعَ العَرَقُ: تَبَصَّعَ، وبالمعجمةِ أصَحُّ.
وانْبَضَعَ: انْقَطَعَ.
وابْتَضَعَ: تَبَيَّنَ.

السّورة

السّورة:
[في الانكليزية] Chapter of the Koran
[ في الفرنسية] Chapitre du Coran
بالضم في الشرع بعض قرآن يشتمل على آي ذو فاتحة وخاتمة وأقلها ثلاث آيات كذا قال الجعبري. والسّور بالضم وسكون الواو وفتحها الجمع. وقيل السورة الطائفة المترجمة توقيفا أي الطائفة من القرآن المسمّاة باسم خاص بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وسلم. وقد ثبتت أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار. وقيل السورة بعض من كلام منزّل مبين أوله وآخره إعلاما من الشارع قرآنا كان أو غيره، بدليل ما يقال سورة الزبور وسورة الإنجيل هكذا في التلويح. قال القتبي: السورة تهمز ولا تهمز. فمن همزها جعلها من أسارت أي أفضلت من السؤر وهو الباقي من الشراب في الإناء كأنّها قطعة من القرآن. ومن لم يهمزها وجعلها من المعنى المتقدّم سهّل همزتها. ومنهم من شبهها بسورة النبأ أي القطعة منه أي منزلة بعد منزلة. وقيل من سور المدينة لإحاطتها بآياتها واجتماعها كاجتماع البيوت بالسّور، ومنه السّوار لإحاطته بالساعد. وقيل لارتفاعها لأنّها كلام الله والسورة المنزّلة الرفيعة. وقيل لتركيب بعضها على بعض من التسوّر بمعنى التصاعد والتركّب ومنه: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ كذا في الإتقان، وممن لم يهمزها صاحب الصراح حيث جعلها أجوف. والسورة عند الصوفية عبارة عن الصور الذاتية الكمالية وهي تجلّيات الكمال كذا في الإنسان الكامل في باب أم الكتاب.
فائدة:
قسم القرآن إلى أربعة أقسام وجعل لكلّ قسم منه اسم. أخرج أحمد وغيره من حديث واثلة بن الأسقع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
(أعطيت مكان التوراة السّبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضّلت بالمفصّل). قالت جماعة:
السبع الطوال أوّلها البقرة وآخرها براءة. لكن أخرج الحاكم والنّسائي وغيرهما عن ابن عباس قال: السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، قال الراوي وذكر السابعة فنسيتها. وفي رواية صحيحة عند أبي حاتم وغيره عن مجاهد وسعيد بن جبير أنها يونس، وفي رواية عند الحاكم أنها الكهف.
والمئون ما وليها سمّيت بذلك لأنّ كلّ سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها. والمثاني ما ولي المئين لأنّها تثنيها أي كانت بعدها فهي لها ثوان والمئون لها أوائل. وقال الفرّاء هي السّور التي آيها أقل من مائة آية لأنها تثنى أكثر مما تثنى الطوال والمئون. وقد تطلق المثاني على القرآن كلّه وعلى الفاتحة. والمفصّل ما ولي المثاني من قصار السّور سمّي بذلك لكثرة الفصول التي بين السّور بالبسملة. وقيل لقلّة المنسوخ منه، ولهذا يسمّى بالمحكم أيضا وآخره سورة الناس بلا نزاع. واختلف في أوّله، فقيل الحجرات، وقيل القتال، وقيل الجاثية، وقيل الصّافات، وقيل الصف، وقيل تبارك، وقيل الفتح، وقيل الرحمن، وقيل الإنسان، وقيل سبّح، وقيل الضّحى. وعبارة الراغب في مفرداته المفصّل من القرآن السبع الأخير.
اعلم أنّ للمفصّل طوالا وأوساطا وقصارا. قال ابن معن: وطواله إلى عمّ، وأوساطه منها إلى الضحى، وقصاره منها إلى آخر القرآن، وهذا أقرب ما قيل فيه كذا في الإتقان. وفي جامع الرموز المفصّل السبع الأخير وطواله من الحجرات. وقيل من ق، وقيل من النّجم، وقيل من الفتح. وفي المنية قال الأكثرون من سورة محمد إلى البروج طوال، ومن البروج إلى سورة لم يكن، وقيل إلى البلد أوساط، ومنها أي من لم يكن إلى الآخر، وقيل من البلد إلى الآخر قصار. وفي النهاية من الحجرات إلى عبس ثم التكوير إلى والضحى ثم ألم نشرح إلى الآخر انتهى. قال في الإتقان: وفي جمال القراء قال بعض السلف في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرائش وديابيج ورياض. فميادينه ما افتتح بالم، وبساتينه ما أفتتح بالر، ومقاصيره الحامدات، وعرائشه المسبّحات، وديابيجه آل حم، ورياضه المفصّل، وقالوا والطواسين والطواسيم أو آل حم والحواميم. وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: الحواميم ديباج القرآن. قال السخاوي:
وقوارع القرآن الآيات التي يتعوّذ بها سمّيت بها لأنها تقرع للشيطان وتدفعه وتقمعه كآية الكرسي والمعوذتين ونحوهما. وفي مسند أحمد من حديث معاذ بن أنس مرفوعا: (آية العزّ الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا): الآية.
فائدة:
عدد سور القرآن مائة وأربعة عشر بإجماع من يعتدّ به. وقال في الإتقان وتعديد الآي من معضلات القرآن، فإنّ من آياته طويلا وقصيرا، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام ومنه ما يكون في أثنائه. وقيل سبب اختلاف السّلف في عدد الآي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام فيحسب السامع حينئذ أنّها ليست فاصلة.

وعن ابن عباس قال: جميع آي القرآن ستة آلاف آية وستمائة وست عشرة آية، وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وأحد وسبعون حرفا. وقيل أجمعوا على أنّ عدد آيات القرآن ستة آلاف آية ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد ومنهم من قال ومائتا آية وأربع آيات. وقيل وأربع عشرة. وقيل وتسع عشرة. وقيل وخمس وعشرون. وقيل ست وثلاثون. وفي الشّعب للبيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: (عدد درج الجنة عدد آي القرآن فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة) انتهى من الإتقان. وأمّا المشهور بين الحفّاظ والقرّاء فهو المعروف في بيت الشعر الآتي وترجمته:
إنّ عدد آيات القرآن التي تجذب الروح ستة آلاف وستمائة وستة وستون.
واعلم أنّه قد يكون للسورة اسم واحد وهو كثير وقد يكون لها اسمان فأكثر. منها الفاتحة لها نيف وعشرون اسما. فاتحة الكتاب، وفاتحة القرآن لأنه يفتتح بها في المصحف. وأم الكتاب، وأم القرآن لتقدّمها وتأخّر ما سواها تبعا لها لأنّها أمّته أي تقدمته، ولذا يقال لراية الحرب أم لتقدّمها، والقرآن العظيم لاشتمالها على المعاني التي في القرآن، والسبع المثاني لكونها سبع آيات بالاتّفاق، إلّا أنّ بعضهم من عدّ التسمية آية واحدة دون أنعمت عليهم ومنهم من عكس، ولأنّها تثنّى في الصلاة أو لأنها أنزلت مرتين إن صحّ أنها نزلت بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة لمّا حوّلت القبلة، والأصحّ أنها مكية لقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وهو مكي ولما فيها من الثناء على الله تعالى، أو لأنها اشتملت على الوعد والوعيد بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ أو لأنها اشتملت على حال المؤمنين والكافرين هكذا في البيضاوي وحواشيه، والوافية لأنها وافية بما في القرآن من المعاني، والكنز لما عرفت، والكافية لأنها تكفي عن غيرها في الصلاة ولا يكفي غيرها عنها، والأساس لأنها أصل القرآن، والنور، وسورة الحمد، وسورة الشكر، وسورة الحمد الأولى، والرقية، والشفاء، والشافية لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (فاتحة الكتاب شفاء لكل داء)، وسورة الصلاة لتوقف الصلاة عليها. وقيل إنّ من أسمائها الصلاة أيضا وسورة الدّعاء لاشتمالها عليه في قوله اهْدِنَا، وسورة السؤال لذلك، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض لاشتمالها عليه في قوله إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. ومنها سورة البقرة تسمّى سنام القرآن وسنام كلّ شيء أعلاه، ومنها آل عمران تسمّى طيبة، وفي صحيح مسلم تسميتها والبقرة الزهراوين. والمائدة تسمّى أيضا العقود والمنقذة لأنّها تنقذ صاحبها من ملائكة العذاب. والانفال تسمّى أيضا بسورة بدر. وبراءة تسمّى أيضا التوبة لقوله تعالى فيها لَقَدْ تابَ اللَّهُ، والفاضحة وسورة العذاب والمقشقشة أي المبرئة من النفاق والمنقرة لأنها نقرت عمّا في قلوب المشركين، والبحوث بفتح الموحدة والمعبّرة لأنها تعبر عن أسرار المنافقين والمخزومة والمتكلّمة والمشرّدة والمدمدمة. والنحل تسمّى أيضا سورة النعم والإسراء تسمّى أيضا سورة سبحان، وسورة بني إسرائيل. والكهف تسمّى أيضا سورة أصحاب الكهف والحائلة لأنها تحول بين قارئها وبين النار. وطه تسمّى أيضا سورة الكليم، والشعراء تسمّى أيضا سورة الجامعة والنمل تسمّى أيضا سورة سليمان. والسجدة تسمّى أيضا سورة المضاجع والفاطر تسمّى أيضا سورة الملائكة. ويس تسمّى أيضا قلب القرآن والمعمّة لأنها تعمّ صاحبه بخير الدنيا والآخرة والمدافعة القاضية لأنها تدفع عن صاحبها كلّ سوء وتقضي له كل حاجة. وسورة الزمر تسمّى أيضا سورة الغرف. وسورة الغافر تسمّى أيضا سورة الطويل والمؤمن. وسورة فصّلت تسمّى أيضا السجدة وسورة المصابيح. وسورة الجاثية تسمّى أيضا الشريعة. وسورة الدّهر وسورة محمد تسمّيان أيضا القتال. وسورة ق تسمّى أيضا سورة الباسقات. وسورة اقتربت تسمّى أيضا القمر والمبيّضة لأنها تبيّض وجه صاحبها يوم تسوّد الوجوه. وسورة الرحمن تسمّى أيضا عروس القرآن. وسورة المجادلة تسمّى في مصحف أبيّ الظهار. وسورة الحشر تسمّى أيضا سورة بنى النضير. والممتحنة بفتح الحاء وقد تكسر تسمّى أيضا الامتحان. وسورة الموؤدة وسورة الصف تسمّى أيضا سورة الحواريين. وسورة الطلاق تسمّى أيضا سورة النساء القصرى. وسورة التحريم تسمّى أيضا سورة التحرم وسورة لم تحرّم. وسورة تبارك تسمّى أيضا سورة الملك والمانعة والمنّاعة والوافية. وسورة سأل تسمّى المعارج. وسورة الواقع وعمّ تسمّى النبأ والتساؤل والمعصرات.
وسورة لم يكن تسمّى سورة أهل الكتاب وسورة القيمة وسورة البينة وسورة البريّة وسورة الانفكاك. وسورة أرأيت تسمّى سورة الدين.
وسورة الماعون والكافرون تسمّى المقشقشة وسورة العبادة. وسورة النصر تسمّى سورة التوديع. وسورة تبّت تسمّى سورة المسد.
وسورة الإخلاص تسمّى سورة الأساس. وسورتا الفلق والناس تسمّيان المعوذتين بكسر الواو والمقشقشتين كذا في الاتقان. وفي الصراح المشقشقتان سورة الكافرون وسورة الإخلاص.

العكس

العكس: رد الشيء إلى سننه أي طريقه الأول كعكس المرآة إذا ردت بصرك بصفائها إلى وجهك بنور عينك. وفي عرف الأصوليين: انتفاء الحكم لانتفاء العلة. وفي عرف الفقهاء: تعليق نقيض الحكم المذكور بنقيض علته المذكورة ردا إلى أصل آخر.
العكس:
[في الانكليزية] Contrary
[ في الفرنسية] Contraire ،oppose
بالفتح وسكون الكاف يطلق على معان.
منها نفي الشيء، قالوا عكس الإثبات نفي. ولذا قيل العكس في باب المعرّف مفسّر بأنّه كلّما انتفى الحدّ انتفى المحدود، أي كلّما لم يصدق عليه الحدّ لم يصدق عليه المحدود والطّرد مفسّر بأنّه كلما صدق عليه الحدّ صدق عليه المحدود، وقد سبق في لفظ الطرد. ويؤيّده ما قال في شرح المواقف في مبحث المبصرات.
من أنّ الضوء كيفية لا يتوقّف إبصارها على إبصار شيء آخر، واللون عكسه، أي كيفية يتوقّف إبصارها على إبصار شيء آخر انتهى.
ومنها ما هو قسم من المعارضة كما سيجيء.
ومنها الرّجعة وهي حركة الكوكب على خلاف التوالي، وعلى هذا اصطلاح المنجّمين وأهل الهيئة وقد سبق. لكن مولانا عبد العلي البرجندي في شرح زيج «الغ بيكي» في الباب الثامن يقول: الكوكب الراجع حينما ينتقل من برج إلى برج مقدّم فذلك ما يقال له العكس.
وكذلك نقل رأس العمر وذنبه إلى برج آخر يقال له عكس. انتهى كلامه. ومنها العمل بعكس ما أفاده السائل ويسمّى بالتعاكس والتعكيس والتحليل، وعليه اصطلاح المحاسبين؛ وطريقه أنّه إن ضعّف السائل عددا فينصف المجيب له أو جذّر فيربّع أو ضرب فيقسم أو زاد فينقص أو عكس فيعكس مبتدئا للعمل من آخر السؤال ليخرج الجواب. فلو قيل: أيّ عدد ضرب في نفسه وزيد على الحاصل اثنان وضعّف وزيد على الحاصل ثلاثة وقسم المجتمع على خمسة وضرب الخارج في عشرة حصل خمسون؟
فاقسم الخمسين على العشرة واضرب الخارج وهو الخمسة في نفسها وأنقص من الحاصل وهو خمسة وعشرون ثلاثة يبقى اثنان وعشرون، وانقص من منصّف ذلك اثنين يبقى تسعة، وجذر التسعة وهو ثلاثة هو الجواب، كذا في شرح خلاصة الحساب. وعكس النسبة عندهم يجيء في لفظ النسبة. ومنها أن تقدّم في الكلام جزءا ثم تعكس فتقدّم ما أخّرت وتؤخّر ما قدّمت ويسمّى تبديلا أيضا، وهذا من مصطلحات أهل البديع المعدود في المحسنات المعنوية، ويقع على وجوه: منها أن يقع بين أحد طرفي جملة وما أضيف إليه ذلك الطرف نحو عادات السّادات سادات العادات، فإنّ العكس فيه قد وقع بين العادات وهو أحد طرفي الكلام وبين السّادات وهو الذي أضيف إليه العادات. ومعنى وقوعه بينهما أنّه قدّم العادات على السّادات ثم عكس فقدم السّادات على العادات. ومنها أن يقع بين متعلّقي فعلين في جملتين نحو تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ.
ومنها أن يقع بين لفظين في طرفي جملتين نحو لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ ومنها أن يقع بين طرفي الجملة كما قيل:
طويت لإحراز الفنون ونيلها رداء شبابي والجنون فنون فحين تعاطيت الفنون وحظّها تبيّن لي أنّ الفنون جنون كذا في المطول. وفي الاتقان بعد تعريف العكس بما ذكر قال ابن أبي الإصبع: ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً، وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى لتقدّم العمل في الأولى عن الإيمان وتأخّره في الثانية عن الإسلام. ومنه نوع يسمّى القلب والمقلوب المستوي وما لا يستحيل بالانعكاس وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها نحو كُلٌّ فِي فَلَكٍ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ولا ثالث له في القرآن، انتهى. لكن صاحب التلخيص ذكر القلب والمقلوب المستوي في المحسّنات اللفظية، فعلى هذا لا يكون هو من أنواع العكس. ومنها ما يسمّى عكسا مستويا وعكسا مستقيما وهو تبديل كلّ من طرفي القضية بالآخر مع بقاء الصدق والكيفية أي الإيجاب والسّلب بحالهما، وهذا من مصطلحات المنطقيين، وهو المتبادر عند إطلاق لفظ العكس كما في شرح إشراق الحكمة. وقد يطلقون العكس مجازا على القضية الحاصلة من هذا التبديل. وقيل الظاهر أنّه حقيقة لكثرة الاستعمال في ذلك فيقال عكس الموجبة الكلّية موجبة جزئية، وهكذا في بواقي القضايا، وذلك أن تجمع بينهما بأنّ العكس نقل أولا من المعنى اللغوي إلى المعنى المصدري الذي يشتقّ منه سائر الصيغ، كقولهم عكس وانعكس وينعكس ونحوها، ثم استعمل في القضية المخصوصة بعلاقة السّببية، ثم كثر استعماله فيها حتى صار حقيقة بالغلبة. ثم المراد بتبديل الطرفين التبديل المعنوي أي المغيّر للمعنى حتى يخرج تبديل طرفي المنفصلة فإنّهم قالوا لا عكس للمنفصلات. ويحتمل أن يكون مرادهم أنّه ليس للمنفصلات عكس معتدّ به، فحينئذ لا حاجة إلى تخصيص التبديل، وذكر الطرفين أولى من الموضوع والمحمول كما ذكره البعض لشموله عكس الحمليات والشرطيات.
والمراد بطرفي القضية طرفاها في الذّكر فلا يرد أنّ طرفي القضية الحقيقية لم يدخلا في التعريف فإنّ الطرف الأول منها ذات الموضوع والثاني وصف المحمول، وفي العكس يصير ذات المحمول موضوعا ووصف الموضوع محمولا، والمراد ببقاء الصدق لزوم بقائه بمعنى أنّه لو فرض الأصل صادقا لزم منه لذاته مع قطع النظر عن خصوص المادة صدق الفرع بلا واسطة فرع آخر لصدق المفروض في الأصل في الفرع لذاته بلا واسطة، ليدخل في التعريف عكس القضية الكاذبة، وليخرج عنه تبديل طرفي القضية بحيث يحصل منه قضية لازمة الصدق مع الأصل لحصول المادة، كتبديل الموجبة الكلّية بالموجبة الكلّية في قولنا كلّ إنسان ناطق وكلّ ناطق إنسان، وليخرج عنه تبديل طرفيها بحيث يحصل منه قضية أعمّ من العكس كتبديل طرفي السّالبة الكلّية بحيث يحصل سالبة جزئية، وتبديل طرفي الضرورية بحيث يحصل ممكنة عامة. وإنّما اشترطوا بقاء الصدق لأنّ العكس لازم خاص من لوازم الأصل ويستحيل صدق الملزوم بدون اللازم، فعند التحقيق العكس بالمعنى المصدري تبديل طرفي القضية بحيث يحصل منه أخصّ قضايا لازمة لها لذاتها موافقة لها في الكيف، وبالمعنى الحاصل بالمصدر أخصّ قضايا حاصلة بتبديل طرفي القضية لازمة للأصل لذاته، موافقة له في الكيف، فلا بد في إثبات انعكاس قضية إلى قضية من بيان لزوم العكس للأصل في جميع المواد بدليل أو تنبيه، ومن بيان عدم لزوم قضية أخصّ منه، كذلك بتخلّفها عنه في بعض المواد، كما يقال الموجبة كلّية أو جزئية تنعكس موجبة جزئية للزومها لهما في جميع المواد وعدم لزوم الموجبة الكلية لشيء منهما في جميعها لتخلّفها عنهما فيما إذا كان المحمول أعمّ من الموضوع والتالي أعمّ من المقدّم، كما في قولك كلّ إنسان حيوان وقولنا إذا كان الشيء إنسانا كان حيوانا، إذ لا يصدق العكس هناك كلّية مع صدق الأصلين قطعا، ولم يعتبروا بقاء الكذب لجواز لزوم الصدق الكاذب، والمراد ببقاء الكيف بقاء الكيف الموجود في الأصل في الفرع، بمعنى أن يكون عكس الموجبة موجبة وعكس السّالبة سالبة. اعلم أنّ معنى انعكاس القضية أنّه يلزمها العكس لزوما كليا، ومعنى عدم انعكاسها أنّه ليس يلزمها العكس لزوما كلّيا.
فائدة:
السالبة الكلية تنعكس كنفسها، والجزئية لا تنعكس لجواز عموم الموضوع، والموجبة مطلقا تنعكس جزئية ولا عكس للمنفصلات والاتفاقيات لعدم الجدوى. وأمّا بحسب الجهة فمن السوالب الكلّية تنعكس الدائمتان والعامّتان كنفسهما والخاصتان عامتين مع اللّادوام في البعض، ولا عكس للبواقي. ومن السوالب الجزئية لا تنعكس إلّا الخاصّتان كنفسهما. ومن الموجبات تنعكس الوجوديتان والوقتيتان والمطلقة العامة مطلقة عامة، والخاصتان حينية لا دائمة. ومنها ما يسمّى عكس النقيض وهو تبديل نقيضي الطّرفين مع بقاء الصدق والكيف بحالهما. وقد يطلق عكس النقيض أيضا على القضية الحاصلة من هذا التبديل والمعنى الأول أصل بالنسبة إلى الثاني، والثاني منقول منه والمراد بتبديل نقيضي الطرفين تبديل كلّ من الطرفين بنقيض الطرف الآخر. والمراد ببقاء الصدق والكيف ما عرفت في العكس المستوي.
والحاصل أنّ عكس النقيض قد يطلق على جعل نقيض المحكوم به محكوما عليه ونقيض المحكوم عليه محكوما به على وجه يحصل أخصّ القضايا اللازمة للأصل بهذا التبديل مع الموافقة في الكيف بلا واسطة، ومع قطع النظر عن خصوص المادة. وقد يطلق على أخصّ القضايا اللازمة للأصل على الوجه المذكور.
فإذا قلنا كلّ إنسان حيوان كان عكس نقيضه كلّما ليس بحيوان ليس بإنسان وهذان الإطلاقان مبنيان على اصطلاح قدماء المنطقيين. وقالوا المستعمل في العلوم هو هذا المعنى، وحكم الموجبات فيه حكم السوالب في العكس المستوي والبيان البيان. وأمّا عند المتأخّرين منهم فعكس النقيض جعل نقيض المحكوم به من الأصل محكوما عليه وعين المحكوم عليه منه محكوما به مع بقاء الصدق دون الكيف، أي على وجه يحصل أخصّ القضايا اللازمة للأصل على هذا التبديل مع المخالفة في الكيف بلا واسطة، ومع قطع النظر عن خصوص المادة. وقد يستعمل في هذا الاصطلاح أيضا في أخصّ القضايا اللازمة للأصل على هذا الوجه. فعكس نقيض قولنا كلّ إنسان حيوان لا شيء مما ليس بحيوان بإنسان وحكم الموجبات عندهم أيضا حكم السوالب في العكس المستوي لا بالعكس، أي ليس حكم السوالب من عكس النقيض حكم الموجبات في العكس المستوي كما قاله المتقدّمون.
فائدة:
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية القطبي: لا يفهم من تقييد العكس بالمستوي وإضافته إلى النقيض أنّ للعكس معنى اصطلاحيا مشتركا بينهما، بل بعد تخصيص العكس اللغوي بالصفة والإضافة استعمل كل من القيدين في معنى اصطلاحي، وليس لفظ العكس مشتركا لفظيا بينهما، إذ لا دليل على وضعه للمعنيين انتهى.
فائدة:
للقوم في بيان انعكاس القضايا طرق ثلاث: الأول الخلف، والثاني الافتراض، والثالث وهو أن يعكس نقيض الأصل أو جزئه ليحصل ما ينافي الأصل. هذا كله خلاصة ما في تكملة الحاشية الجلالية وما في حاشية القطبي للمولوي عبد الحكيم.

ميل

م ي ل: (مَالَ) الشَّيْءُ مِنْ بَابِ بَاعَ وَ (مَيَلَانًا) أَيْضًا
بِفَتْحِ الْيَاءِ وَ (مَمَالًا) وَ (مَمِيلًا) مِثْلُ مَعَابٍ وَمَعِيبٍ فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ. وَ (مَالَ) عَنِ الْحَقِّ. وَمَالَ عَلَيْهِ فِي الظُّلْمِ. وَ (أَمَالَ) الشَّيْءَ (فَمَالَ) . وَ (تَمَايَلَ) فِي مِشْيَتِهِ. وَ (اسْتَمَالَهُ) وَاسْتَمَالَ بِقَلْبِهِ. وَ (الْمِيلُ) مِنَ الْأَرْضِ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وَمِيلُ الْكُحْلِ وَمِيلُ الْجِرَاحَةِ وَمِيلُ الطَّرِيقِ. وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ (أَمْيَالٍ) . 
م ي ل

مال كلّ مميل. وفرس ميّال العذر. ورجل أميل العنق وأميل المنكب. ورجال ميل الطلى من النعاس. وفيه ميل. ورملة ميلاء: معتزلة عن الرّمال مائلة عنها، وشجرة ميلاء: كثيرة الفروع. ورجل أميل: بلا سلاح وهو الكفل أيضاً. وبنى ميلاً وأميالاً. وسار ميلاً: قدر مدّ البصر. واكتحل بالميل. وتميّلت في مشيتها وتمايلت. وتمايل الجلّ عن الفرس.

ومن المجاز: مال عن الحقّن وأميل عنه. واستماله: استعطفه. واستمال ما في الوعاء: أخذه. والدهر ميلٌ: أطوار. وبين القوم تمايل: تفاتن وتحارب. وأملت بالفرس يدي: أرخيت عنانه وخلّيت له عن طريقه. وفلان يتميّل في ظلاله ويتفيّأ. وفلان لا تميل عليه المربعة وهي التي ترفع بها الأحمال أي هو قويّ. وميلت بين أمرين: ترددت. ومال عليّ: ظلمني ومال معه ومايله: مالأه. ومال إليه: أحبه. ووقعت الميلة في الناس: الموتان سماعي من العرب. ومال به: غلبه. قال زهير:

وإنكم وقوماً أخفروكم ... لكالديباج مال به العباء

ومال النهار والليل: دنا من المضيّ. قال الراعي يصف الأظعان:

وقد مال النّهار وهنّ فيه ... يخدّرن الدمقس ويحتوينا

يجعلنه خدوراً وحوايا. وقال عمر بن أبي ربيعة:

فتأهبت لها في خفية ... حين مال الليل واجتن القمر

ميل

1 مَالَ [He, or it, inclined, leant, bent, propended, tended, declined, deviated, or deflected.]

b2: مَالَ مَعَهُ and ↓ مَايَلَهُ He conformed with, and assisted, or aided, him. (TA.) b3: مَالَ إِلَيْهِ He loved him. (TA.) b4: He wronged him. (TA.) He was, or became, inimical to him. b5: مَالَتِ الدَّابَّةُ مِنْ رِجْلِهَا (K, art. غمز,) i. q. ظَلَعَتْ [It limped]. (TA.) 2 مَيَّلَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ He wavered, or vacillated, between two things. (S, MA.) See 10.3 مَايَلَهُ He inclined towards him reciprocally: and مَايَلَا they two inclined each towards the other. (TK, art. هود.) See also مَالَ مَعَهُ in 1.5 تَمَيَّلَ See 6. b2: تَمَيَّلَ بِالقَوْلِ He vacillated in the saying: see تَرَجَّحَ.6 تَمَايَلَ فِى مِشْيَتِهِ [He affected an inclining of his body, or a bending, or he inclined his body, or bent, from side to side, in his gait; a meaning well known, and still common]; (S;) syn. تَثَنَّى. (Har, p. 269.) b2: See تَزَايُغٌ. b3: تَمَايَلَتْ فِى

مِشْيَتِهَا and ↓ تَمَيَّلَتْ signify the same. (TA.) b4: تَمَايَلَ إِلَى الشَّىْءِ; and عَنْ طَرِيقِهِ: i. q. تَجَانَفَ [He affected a deviation, or purposely deviated from his course, &c.] (TA in art. جنف.) 10 استمالهُ

, and استمال بِقَلْبِهِ, (S, K,) He inclined him, and his heart. (K.) b2: اِسْتَمَالَهُ He attracted him to himself; or sought to make him incline. (MA.) b3: استمال is a quasi-pass. of ↓ مَيَّلَهُ. (K, * TA.) مِيلٌ as used by the Arabs, [A mile:] The distance to which the eye reaches along land: accord. to the ancient astronomers, three thousand cubits: accord to the moderns, four thousand cubits: but the difference is merely verbal; for they agree that its extent is ninety-six thousand digits; [about 5166 English feet;] each digit being the measure of six barley-corns, each placed with its belly next to another; but the ancients say that the cubit is thirty-two digits; which makes the mile three thousand cubits. (Msb, which see for more.) See also مُطْلِبٌ b2: ميِلٌ i. q.

مُلْمُولٌ, [A style]. (K.) مَيْلٌ Inclination; leaning; bent; propensity; tendency.

مَيَلٌ A natural wryness. (S.) مِيلَانِ (?) of a مَحَالَة of a well: see ثِنَايَةٌ.

مَيَّالٌ [i. q.

مُتَمَايِلٌ, Inclining much]. (A, art. فيد.) See سَيَّالٌ.

أَمْيَلُ Swaying on horseback: see an ex. of its pl. مِيلٌ in a verse cited voce أَشْعَلَ. b2: عِمَّةٌ مَيْلَآءُ: see قَفْدَآءُ.

امالةُ الأَلِفِ The inclining of the sound of ا when quiescent, after fet-hah, towards the sound of ى; so that the fet-hah, with that ا, composes a sound the same as that of the long “ e ” in the English word “ there. ” This is accordant with present usage; and I have not found any learned Arab who asserts otherwise. See also نَابٌ, and حَجَّاجٌ, and مَشُوبٌ.
(ميل) الشَّيْء صيره مائلا وَبَين الْأَمريْنِ تردد
بَاب الْميل

الصعر والميل وَالصَّيْد والحنف
(ميل) الشَّيْء ميلًا كَانَ مائلا خلقَة فَهُوَ أميل وَهِي ميلاء وَقد يكون فِي الْبناء
بَاب الْميل

قرض وَاسْنِدِ وأمال وأحال عَلَيْهِ 
الميل: حالة تعرض للجسم مغايرة للحركة تقتضيه الطبيعة بواسطتها لو لم يعق عائق، وتعلم مغايرته لها بوجوده بدونها في الحجر المدفوع باليد، والزق المنفوخ فيه المسكن تحت الماء، وهو عند المتكلمين: الاعتماد.

الميل: هو كيفية بها يكون الجسم موافقًا لما يمنعه.
(م ي ل) : (الْأَزْهَرِيُّ) الْمِيلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِقْدَارُ مَدَى الْبَصَرِ مِنْ الْأَرْضِ قَالَ وَقِيلَ لِلْأَعْلَامِ الْمَبْنِيَّةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ (أَمْيَالٌ) لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى مَقَادِيرِ مَدَى الْبَصَرِ مِنْ الْمِيلِ إلَى الْمِيلِ وَكُلُّ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَرْسَخٌ قُلْتُ وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ أُسْتَاذِ وَالِدِي إنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا الْمِيلُ الْهَاشِمِيُّ لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ حَدَّدُوهُ وَأَعْلَمُوهُ وَأَمَّا الْمِيلَانِ الْأَخْضَرَانِ فَهُمَا شَيْئَانِ عَلَى شَكْلِ الْمِيلَيْنِ مَنْحُوتَانِ مِنْ نَقْشِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَّا أَنَّهُمَا مُنْفَصِلَانِ عَنْهُ وَهُمَا عَلَامَتَانِ لِمَوْضِعِ الْهَرْوَلَةِ فِي مَمَرِّ بَطْنِ الْوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الْمَائِلَاتُ الْمُمِيلَاتُ فِي (كس) .
[ميل] المَيْلُ: المَيَلانُ. يقال: مالَ الشئ يميل ممالا ومميلا، مثل معاب ومعيب، في الاسم والمصدر. ومالَ عن الحقِّ، ومالَ عليه في الظُلْم. وأمالَ الشئ فمال. والميل بالتحريك: ما كان خِلْقَةً. يقال منه رجلٌ أَمْيَلُ العاتِقِ، في عُنُقِهِ مَيَلٌ. والأَمْيَلُ: الذي لا سيفَ معه، على أفعل. والأَمْيَلُ: الذي لا يستوي على السَرج. قال جرير: لم يركبوا الخيل إلا بعد ما هرمرا فهم ثِقالٌ على أكتافِها ميلُ والمَيْلاءُ من الرَمْلِ: العُقدةُ الضخمةُ، والشجرة الكثيرة الفروع أيضا. قال ذو الرمة: ميلاء من معدن الصيران قاصية أبعارهن على أهدافها كثب ميلاء، موضعه خفض لانه من نعت أرطاة في قوله: فبات ضيفا إلى أرطاة مرتكم من الكثيب لهادف ومحتجب وتمايل في مِشْيَتِهِ تمايُلاً. واسْتمالَهُ واسْتَمالَ بقلْبه. والتَمييلُ بين الشيئين: كالتَرجيح بينهما. والمِيلُ من الأرض: مُنتهى مد البصر. عن ابن السكيت. وميل الكحل، وميل الجِراحَة، وميلُ الطريق. والفرْسَخُ ثلاثة أميال.

ميل


مَيِلَ(n. ac. مَيَل)
a. Leaned over; was bent, one-sided; stooped.
مَيَّلَa. Made to incline, lean over &c.; bent;
curved.
b. [Bain], Hesitated, wavered between.
c. عِنْد [ coll.], Alighted at the house, visited.
d. see IV (b)
مَاْيَلَa. Shared the inclinations of.
b. Made a hostile incursion against.

أَمْيَلَa. see II (a)b. [acc. & Ila], Rendered kindly disposed to.
c. Removed.

تَمَاْيَلَa. Swayed.
b. [Fī], Thought about, pondered.
إِسْتَمْيَلَa. Inclined, leaned over.
b. Was friendly.
c. Won the sympathies of.
d. Measured with the hands.

مَيْل
(pl.
أَمْيَاْل)
a. Inclination, sympathy, good-will.
b. Taste, liking.
c. Obliquity, deviation.

مِيْل
(pl.
مُيُوْل
أَمْيَاْل
38)
a. Probe.
b. Instrument for applying collyrium.
c. Reach, range of the eye.
d. Mile.
e. Mile-stone; obelisk.
f. Sandhill.

مِيْلَة
(pl.
مِيَل)
a. Time, moment.

مَيَلa. Crookedness, deformity.

أَمْيَلُa. Inclining, leaning over; unsteady.
b. Bent, deformed.
c. Unarmed.
d. Cowardly, pusillanimous.

مَاْيِل
(pl.
مَالَة [] مُيَّل)
a. Inclined; inclining.
b. Well-disposed; friendly; sympathetic.

مَاْيِلَة
( pl.
reg. &
مَوَاْيِلُ)
a. fem. of
مَاْيِلb. Camel's hump.
c. see 42 (b) (c).
مَيَاْلa. Inclination.

مَيَّاْلa. see 21 (a)
مَيْلَآءُa. fem. of
أَمْيَلُb. Bushy tree.
c. Sand-heap.

مَمِيْل
a. see 22
ميل: المِيْلُ: مَعْرُوْفٌ.
والمَيْلُ: مَصْدَرُ الأَمْيَلِ المائلِ.
والمَيْلاَءُ من الرَّمْلِ: عُقْدَةٌ ضَخْمَةٌ مُعْتَزِلَةٌ.
والمِيْلُ من الأرْضِ: قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ. والمَنَارُ يُبْنى للمُسَافِرِ في أنْشَازِ الأَرْضِ.
والأَمْيَلُ من الرِّجَالِ: الجَبَانُ. والذي لا رُمْحَ مَعَه في الحَرْبِ ولا تُرْسَ، وجَمْعُه مِيْلٌ.
والاسْتِمَالَةُ: الاكْتِيَالُ بالكَفَّيْنِ والذِّرَاعَيْنِ.
والمِشْطَةُ المَيْلاَءُ: مَعْرُوْفَةٌ مَكْرُوْهَةٌ. ومنه: امْرَأَةٌ مائلَةُ الذَّوَائِبِ. وفي الحَدِيْثِ: " المائلاَتُ المُمِيْلاَتُ " فُسِّرَ على المِشْطَةِ المَيْلاَءِ؛ وعلى أنْ يَمِلْنَ من الخُيَلاَءِ.
والمَيْلاَءُ: النّاقَةُ المائلَةُ السَّنَامِ.
والمائلاتُ: المُتَبَرِّجاتُ يُمِلْنَ المَقَانِعَ عن رُؤُوْسِهِنَّ.
وبَيْنَ القَوْمِ تَمَايُلٌ: أي هَيَجَانٌ وحَرْبٌ.

ويقولون: الدَّهْرُ مِيَلٌ. وكانَ هذا في مِيْلَةٍ من مِيَلِ الدَّهْرِ: أي في حِيْنٍِ من أحْيَانِه.
وفُلانٌ يُتَمَيَّلُ في ظِلاَلِه: إذا كانَ النَّاسُ يَتَعَرَّضُوْنَ لَهُ عُجْباً به.
وفُلانٌ لا تَمِيْلُ عليه المِرْبَعَةُ: أي هو قَوِيٌّ.
وأَمَلْتُه إمَالَةً: أي مَوَّلْتُه.
(ميل) - في الحديث : "فَتُدنَي الشَّمسُ يَومَ القيَامَة، حتى تَكُونَ قَدْرَ مِيلٍ".
قال الحربىُّ: إن كان المِيلُ الذي يُكتَحَلُ به، فَطُوله مَعْرُوفٌ، وان كان مِيلَ الأَرضِ فهو ثُلُث فَرْسَخٍ.
وقال أبُو نصرٍ: المِيلُ: القِطعَةُ من الأرض ما بين العَلَمَين
وقيل: هو مَدُّ البَصَر.
- في حديث أبى ذَرٍّ - رَضى الله عَنْهُ -: "أنه دَخَل عليه رَجُلٌ، فقَرَّبَ إليه طَعامًا فيهِ قِلَّةٌ، فَميَّلَ فيه لقِلَّتِه، فقال أبو ذَرٍّ - رضي الله عنه -: إنَّما أَخافُ كَثرتَه، ولم أخَفْ قِلَّتَه"
مَيَّل؛ أي تَردَّدَ هل يَأكُلُ أَو يَتْرك؟ .
وأنشَدَ أبو نَصْر:
لَمَّا أَرادَ تَوبَةَ التَّرحُّمِ
مَيَّل بَيْنَ النَّاسِ أيًّا يَعْتَمِىِ
- في حديث الطُّفَيل - رضي الله عنه -: "كان رَجُلًا شرِيفًا شَاعِرًا مَيِّلًا"
: أي ذَا مَالٍ.
قال الأصمعىُّ: مالَ يَمالُ مالًا: كَثُر مالُه، ومِلْتَ: كَثُر مالُكَ، فهو مالٌ، وامرأَةٌ مالَةٌ، والقياس مائلٌ ومائلَةٌ، أو مالٌ وماليَةٌ، وهذا مِن باب الواو؛ لأنّ أصل مَيِّلٍ: مَيْوِلٌ.
ميل: مال ميلا: أثر، فضل، اصطفى (محمد بن الحارث 129): خشيت أن تكون مثل تلك الشهوة قادتك إلى هذه الشهادة لمال تأخذه أو ميل تميله.
مال ل: اتجه إلى (دي ساسي كرست 2: 348): فوجدوا لهم رصدا على الماء فلما مالوا له في جوف الليل .. الخ.
مال على فلان: استدار نحو فلان وجابهه (أي كان له ضدا) (معجم الادريسي 291، المقري 1: 257): ثم تجرد لرؤساء الدولة ممن عانده وزاحمه فمال عليهم وحطهم عن مراتبهم. أن مال وحدها يمكن أن تفيد المعنى السابق نفسه (كارتاس 258:2): وإذا أعطى أغنا وإذا مال أفنا (هكذا في الأصل. والمفروض: أغنى وأفنى).
مال على فلان: في الحديث عن أحد السقاة: مال عليه وقد كان منطرحا على الديوان وجعل يقدم له الكؤوس الواحد تلو الآخر (معجم بدرون).
مال ب: جعله يسقط (عباد 1: 170).
المال مال والحال حال .. الخ: انظر المعنى في كلمة حول.
مال على جوانب فلان: استحوذ عليه وقاده كيفهما شاء (المقري 2: 20): هذا رجل نتحكم عليه ونميل على جوانبه.
ميل: في محيط المحيط (والعامة تستعمل ميل بمعنى مال).
ميل: خبر التربة (حضرها للزراعة) (شيرب ديال 15) .. قام بحراثة إعدادية، قام بحراثة أولى للتربة (بوسييه).
أمال عليهم المطبخ: قدم لهم ما يأكلونه (معجم بدرون). أمال: لا أدري كيف أترجم ما جاء عند (حيان بسام 1: 8): وأمال النصارى يومئذ على المنهزمين من المسلمين وقتلوا منهم ثلاثة آلاف (في المخطوطة وردت جملة غير صحيحة هي على المسلمين).
أمال: أحذف avertit rem من معجم (فريتاج) التي ذكرها (كوسجارتن كرست 18، 5) وضع في موضعها تملين مكان تميلين (ويجرز).
تميل: تحني (فوك، أبو الوليد 8: 627)، تهادى في مشيته ماس، تبختر (الملابس 36).
تمايل: (السكران) (ألف ليلة 1: 61 و 2: 85).
استمالة النظر: إشاحة النظر عن شيء من الأشياء (ابن جبير 153: 20).
ميل: مناخ، مراعاة للمناخ (عبد الواحد 5، 3): وعظمت جسوم أهل ذلك الميل (137:10) هذا أمر جبلت عليه فطرهم واقتضاه ميل إقليمهم.
ميل: عمود يدل على الأبعاد بالأميال (معجم الطرائف). الميل الأخضر في مكة: (انظر ابن جبير 16، 17، 20: 105 و3: 106).
أميال الجراح= أصابع فرعون: (ابن الجراح= أصابع فرعون: (ابن البيطار 1: 55).
ميل: كبرياء، غطرسة (دورن اوزوك 98).
ميلة: مفردها ميل: أنحاء، ميلان (الكامل 503).
ميال: حراثة تمهيدية، أول الحرث (بوسييه، جريدة الشرق والجزائر 6: 70).
ميال: وتطلق على الأرض التي تحرث حراثة تمهيدية، قرواح أي أرض محروثة معدة للزرع (بوسييه).
ميال. كل ميال العمامة أي كل عربي (كوسج كرست 76: 5).
مائل. مائل الشق: أو الرأس أو العنق أو المنكب متكبر، متغطرس (عباد 3: 173 رقم 136).
مائل: بشع، قبيح، خسيس، حقير (انظر زيتشر 11: 684).
أميل إلى: أكثر ميلا إلى (عبد الواحد 5، 1) أكثر ميلا إلى رأي ما (أبو الوليد 47، 32، 418، 12).
م ي ل : مَالَ عَنْ الطَّرِيقِ يَمِيلُ مَيْلًا تَرَكَهُ وَحَادَ عَنْهُ.

وَمَالَ الْحَاكِمُ فِي حُكْمِهِ مَيْلًا أَيْضًا جَارَ وَظَلَمَ فَهُوَ مَائِلٌ وَمَيَّالٌ مُبَالَغَةٌ.

وَمَالَ عَلَيْهِمْ الدَّهْرُ أَصَابَهُمْ بِجَوَائِحِهِ وَمَالَ الْحَائِطُ زَالَ عَنْ اسْتِوَائِهِ وَمَالَ يَمَالُ لُغَةٌ وَمَمَالًا وَمَمِيلًا فِي الْكُلِّ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ.

وَالْمَيَلُ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ الِاعْوِجَاجُ خِلْقَةً.

وَالْمِيلُ بِالْكَسْرِ عِنْدَ الْعَرَبِ مِقْدَارُ مَدَى الْبَصَرِ مِنْ الْأَرْضِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَعِنْدَ الْقُدَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَعِنْدَ الْمُحْدَثِينَ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِقْدَارَهُ سِتٌّ وَتِسْعُونَ أَلْفَ إصْبَعٍ وَالْإِصْبَعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ بَطْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ إلَى الْأُخْرَى وَلَكِنْ الْقُدَمَاءُ يَقُولُونَ الذِّرَاعُ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ إصْبَعًا وَالْمُحْدَثُونَ يَقُولُونَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا فَإِذَا قُسِمَ الْمِيلُ عَلَى رَأْيِ الْقُدَمَاءِ كُلُّ ذِرَاعٍ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ كَانَ الْمُتَحَصِّلُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَإِنْ قُسِمَ عَلَى رَأْيِ الْمُحْدَثِينَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ كَانَ الْمُتَحَصِّلُ أَرْبَعَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالْفَرْسَخُ عِنْدَ الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَإِذَا قُدِّرَ الْمِيلُ بِالْغَلَوَاتِ وَكَانَتْ كُلُّ غَلْوَةٍ أَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ كَانَ ثَلَاثِينَ غَلْوَةً وَإِنْ كَانَ كُلُّ غَلْوَةٍ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ كَانَ سِتِّينَ غَلْوَةً وَيُقَالُ لِلْأَعْلَامِ الْمَبْنِيَّةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَمْيَالٌ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى مَقَادِيرِ مَدَى الْبَصَرِ مِنْ الْمِيلِ إلَى الْمِيلِ وَإِنَّمَا أُضِيفَ إلَى بَنِي هَاشِمِ فَقِيلَ الْمِيلُ الْهَاشِمِيُّ لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ حَدَّدُوهُ وَأَعْلَمُوهُ وَأَمَّا.

الْمِيلَانِ الْأَخْضَرَانِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّمَا سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا وُضِعَا عَلَمَيْنِ عَلَى الْهَرْوَلَةِ كَالْمِيلِ مِنْ الْأَرْضِ وُضِعَ عَلَمًا عَلَى مَدَى الْبَصَرِ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ لِمَا يُكْتَحَلُ بِهِ مِيلٌ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُلْمُولٌ وَقَالَ اللَّيْثُ الْمِيلُ الْمُلْمُولُ الَّذِي يُكْحَلُ بِهِ الْبَصَرُ. 
[م ي ل] المَيْلُ العُدُولُ إلى الشَّيءِ والإِقبَالُ عَلَيهِ مَالَ مَيْلاً ومَمَالاً ومَمِيلاً وَتَمْيَالاً الأَخِيرَةُ عن ابن الأَعرابيّ وَأَنْشَدَ

(لَمَّا رَأيتُ أَنَّنِي رَاعِي مَالْ ... )

(حَلَقْتُ رَأْسِي وَتَرَكْتُ التَّمْيَالْ ... ) وَهَذِه الصِّيغَةُ مَوْضُوعَةٌ بالأَغْلَبِ لِتَكْثِيرِ المَصْدَرِ كَمَا أَنَّ فَعَّلْتُ بالأَغلَب مَوْضُوعَةٌ لَتَكْثِيرِ الفِعْلِ وَرَجُلٌ مَائِلٌ من قِومٍ مُيَّلٍ وَمَالَةٍ يقالُ إِنَّهُم لَمَالَةٌ إِلى الحقِّ وقولُ سَاعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ

(عَذاهٍ ظَهرُهُ نَجُدٌ عَلَيهِ ... ضَبَابٌ تَنْتَحِيهْ الرِّيْحُ مِيْلُ)

قيلَ ضَبَابٌ مِيْلٌ مَعَ الرِّيْحِ يَتَكَفَّأُ قالَ ابن جِنِّيٍّ القولُ في مِيْلٍ أنَّهُ وَإِنْ كانَ جَمْعًا فَإِنَّهُ أَجْرَاهُ عَلَى الضَّبَابِ وَإِنْ كانَ وَاحِدًا مِن حَيْثُ كانَ كَثِيرًا فَذَهبَ بالجمعِ إِلى الكَثْرَةِ كَمَا قالَ الحُطَيْئَةُ

(فَنُوَّارُهُ مِيْلٌ إِلى الشَّمْسِ زَاهِرُهْ ... )

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِيْلٌ وَاحِدًا كَنِقْضٍ وَنِضْوٍ وَهِرْطٍ وَقَدْ أَمَالَهُ إِلَيهِ وَمَيَّلَهُ واسْتَمَالَ الرَّجُلَ مِنَ المَيْلِ إِلَى الشَّيءِ والمَيْلاءُ ضَرْبٌ مِنَ الاعتِمَامِ حَكَى ثَعْلَبٌ هُوَ يَعْتَمُّ المَيْلاءَ أَي يُمِيْلُ العِمَامَةَ ومَالَتِ الشَّمْسُ مُيُولاً صَغَتْ للغُروبِ وَقِيلَ مَالَتْ زَلَّتْ عَنِ الكَبِدِ والمَيْلُ في الحَدِثِ والمَيْلُ في الخِلْقَةِ والبِنَاءِ تَقُولُ في الحائِطِ مَيْلٌ وكذلِكَ السَّنَامُ وَقَدْ مَيِلاً وهُو أَمْيَلُ والمَيْلاَءُ مِنَ الإِبِل المَائِلَةُ السَّنَامِ ولأُقِيْمَنَّ مَيَلَكَ وفيهِ مَيْلٌ عَلَيْنَا والأَمْيَلُ الَّذِي يَمِيْلُ عَلَى السَّرْجِ في جَانِبٍ وقيلَ هُو الَّذِي لا سَيْفَ مَعَهُ وقيلَ الَّذِي لا رُمْحَ مَعَهُ وقيلَ الَّذِي لا تُرْسَ مَعَهُ وقيلَ هُو الجَبَانُ والمَيْلاءُ عقَدَةٌ مِنَ الرَّمْلِ ضَخْمَةٌ قال ذو الرُّمَّةِ

(مَيْلاءُ مِنْ مَعْدِنِ الصِّيْرَانِ قَاصِيَةٍ ... أَيْعَارُهُنَّ عَلَى أَهْدَافِهَا كُثُبُ) وَأَلِفُ الإِمَالَةِ هي الَّتِي تَجِدُهَا بَيْنَ الأَلِفِ واليَاءِ نَحْو قَوْلِكَ في عَالِمٍ وَحَاتِمٍ عالِمٍ وَحاتِمٍ وَمَالَ بِنَا الطَّرِيقُ قَصَدَ وَمَايَلَنَا المَلِكُ فَمَايَلْنَاهُ أَي أَغَارَ عَلَيْنَا فَأَغَرْنَا عَلَيْهِ والمِيْلُ مِنَ الأَرْضِ قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ والجَمْعُ أَمْيَالٌ وَمُيُولٌ قالَ كُثِيّرُ عَزَّة

(سَيَأْتِي أَمِيْرَ المُؤْمِنينَ وَدُونَهُ ... صِمَادٌ مِنَ الصَّوَانِ مَرْتٌ مُيُولُهَا)

(ثَنَائِيَ تَنْمِيهِ إِلَيْكَ وَمِدْحَتِي ... صُهَابِيَّةُ الأَلْوَانِ بَاقٍ ذَمِيلُهَا)

والمِيْلُ مَنَارٌ يُبْنَى للمُسَافِر وقيلَ مَسَافَةٌ مِنَ الأَرْضِ مُتَرَاخِيَةٌ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ والمِيْلُ المُلْمُولُ والجمَعُ كالجمَعِ وَأَمَالَ الرَّجُلُ رَعَى الخُلَّةَ قالَ لَبِيدٌ

(وَمَا يَدْرِي عُبَيْدُ بَنِي أُقَيْشٍ ... أَيُوضِعُ بالحَمَائِلِ أَمْ يُمِيْلُ)

وَأَوْضَعَ حَوَّلَ إِبِلَهُ إِلى الحَمْضِ واستَمَالَ الرَّجُلُ كالَ باليَدَيْنِ وبالذِّرَاعَيْنِ قال الرَّاجِزُ

(قَالتْ لَهُ سَوْدَاءُ مِثْلُ الغُوْلِ ... )

(مَا لَكَ لا تَعْدُوْ فَتَسْتَمِيْلُ ... )
ميل
مالَ/ مالَ إلى/ مالَ على/ مالَ عن/ مالَ في/ مالَ لـ يَميل، مِلْ، مَيْلاً ومَيَلانًا، فهو مَائِل، والمفعول مَمِيل إليه
• مال الحائِطُ: زال عن استوائه، انحرف، انعطف، وعدل عمّا كان عليه.
• مالتِ الشَّمسُ: زالت عن كبد السَّماء، قاربت الغيابَ.
• مال الغصنُ: حَرَّكه النَّسيمُ وعدل عن وضعه الأوَّل.
• مال إلى الشَّخصِ أو الشَّيء/ مال للشّخص أو للشَّيء: أحبَّه وانحاز إليه، رغب فيه "مال إلى الشَّقراوات/ للشقراوات- إنّ ميله إلى جهة المعارضة أغضب السّلطةَ" ° مال إلى المكان: عدل إليه- مال به الهوى: غلبه- ميَّال للمساعدة: مجامل، جاهز دائمًا لتقديم المساعدة للآخرين، لطيف.
• مال الشَّخصُ على أخيه:
1 - جار عليه وظلمه ° مال عليه الدّهرُ: أثقل عليه بحوادثه إلى أن ساءت حالتُه.
2 - حمل عليه وهاجمه " {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} ".
• مال عن الطّريق: حاد عنه وتركه "مال عن الحقّ وركب أهواءَه".
 • مال الحاكمُ في حكمه: جار فيه وظلم " {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} ". 

أمالَ يُميل، أَمِلْ، إِمالةً، فهو مُمِيل، والمفعول مُمَال (للمتعدِّي)
• أمال قارئُ القرآن: (جد) استعمل الإمالةَ في قراءته، مال بالألف نحو الياء وبالفتحة نحو الكسرة.
• أمال الشَّيءَ: عطفه، صيَّره مائلاً منحنيًا "أمالتِ الأمطارُ سنابلَ القمح- أملت القارورةَ لأسكب الماء". 

استمالَ يَستميل، اسْتَمِلْ، استمالةً، فهو مُستَمِيل، والمفعول مُستمَال (للمتعدِّي)
• استمال الشَّيءُ: مال؛ انعطف، انحرف "استمال الغصنُ لكثرة ما حمل من الفاكهة".
• استمال الشَّيءَ: أمالَه، عطفه "استمال فرعَ شجرة".
• استمال الشَّخصَ: استعطفه، رقَّقه "استمال القلوبَ- استماله بشأن الحصول على إجازة من العمل". 

تمايلَ/ تمايلَ في يتمايل، تمايُلاً، فهو مُتمايِل، والمفعول مُتمايَل فيه
• تمايل الشَّيءُ: مال "تمايلتِ السَّفينةُ".
• تمايل الشَّخصُ في مشيته: تبختر، مال يمنة ويسْرةً، واهْتزّ بانحناء من جانب إلى جانب "تتمايل في مشيتها فتجذب الأنظارَ". 

ميَّلَ يميِّل، تَميِيلاً، فهو مُميِّل، والمفعول مُميَّل
• ميَّل الشّيءَ: أماله، صيَّره مائِلاً مُنْحنيًا "ميَّل الخِزَانَةَ- ميَّل الغلامُ الغصنَ". 

إمالة [مفرد]:
1 - مصدر أمالَ.
2 - (جد) نطق الألف بين الألف والياء، الانتحاء بالفتحة نحو الكسرة "تسمع الإمالةَ واضحة في لبنان وتونس". 

استمالة [مفرد]: ج استمالات (لغير المصدر): مصدر استمالَ. 

مائِل [مفرد]: ج مائلون ومُيَّل، مؤ مائلة، ج مؤ مائلات وموائِلُ:
1 - اسم فاعل من مالَ/ مالَ إلى/ مالَ على/ مالَ عن/ مالَ في/ مالَ لـ.
2 - مُنحنٍ "خطٌّ مائل- سطح مائل في الهندسة".
3 - متّجِه "مائلٌ إلى الشّفاء".
• الفاصلة المائلة: إشارة مائلة (/) تستخدم لفصل البدائل مثلاً: و/ أو، وتستخدم أيضًا للإشارة إلى نهايات سطور الشّعر. 

مُميل [مفرد]: اسم فاعل من أمالَ. 

مَيْل [مفرد]: ج مُيُول (لغير المصدر):
1 - مصدر مالَ/ مالَ إلى/ مالَ على/ مالَ عن/ مالَ في/ مالَ لـ ° مقياس المَيْل: أيّ من أدوات المسح المستخدمة لقياس زوايا الميل أو الارتفاع.
2 - نزعة، ولع.
3 - (فك) بُعْدُ جِرْمٍ عن خطِّ الاستواء السّماويّ شمالاً أو جنوبًا. 

مِيل [مفرد]: ج أميال ومُيُول:
1 - مِقياسٌ للطُّول قدره 1760 ياردة أو 1609 أمتار تقريبًا.
2 - (فز) زاوية محصورة بين اتِّجاه إبرة البوصلة نحو الشَّمال المغنطيسيّ، والخطّ الذي يبيِّن الشَّمال الحقيقيّ.
• المِيل البحريّ: وحدة قياسيَّة بحريَّة قدرها 1852 مترًا تقريبًا. 

مَيَلان [مفرد]: مصدر مالَ/ مالَ إلى/ مالَ على/ مالَ عن/ مالَ في/ مالَ لـ. 

مَيّال [مفرد]: صيغة مبالغة من مالَ/ مالَ إلى/ مالَ على/ مالَ عن/ مالَ في/ مالَ لـ. 
ميل
{مالَ إليهِ يَميلُ} مَيْلاً {وممَالاً} ومَمِيلاً، كمَعابٍ ومَعيبٍ، فِي الِاسْم والمصدر، {وتَمْيالاً، وَهَذِه عَن ابْن الأَعْرابِيِّ،} ومَيَلاناً، محرَّكَةً، {ومَيْلولَةً، وَهَذِه عَن الفرَّاءِ: عَدَلَ وأَقْبَلَ عليهِ،} ومالَ الشيءُ بنفسِه كَذَلِك. وَمَال عَلَيْهِ فِي الظُّلْمِ. ومالَ عَن الحَقِّ، وَفِي التَّنزيلِ: فَلَا {تَميلوا كُلَّ} المَيْلِ، وأَنشد ابْن الأَعْرابِيِّ: لَمّا رأَيْتُ أَنَّني راعي مَالْ حَلَقْتُ رأْسي وترَكْتُ! التَّمْيالْ قَالَ ابنُ سِيدَه: وَهَذِه الصِّيغَةُ موضوعَةٌ بالأَغلَبِ لتَكثيرِ المَصدَرِ، كَمَا أَنَّ فَعَّلْتَ بالأَغلب موضوعَةٌ لتكثيرِ الفِعْلِ، فَهُوَ {مائلٌ ج:} مالَةٌ {ومُيَّلٌ، كرُكَّعٍ، يُقال: إنَّهُم لَمالَةٌ عَن الحَقِّ.} ومالَهُ {مَيْلاً،} وأَمالَهُ إِلَيْهِ {إمالَةً،} ومَيَّلَهُ {فاسْتَمالَ، فَهُوَ مُطاوِعٌ.} والمَيْلاءُ: ضَرْبٌ من الاعْتِمامِ، حكى ثعلَبٌ: يُقَال: هُوَ يَعْتَمُّ {المَيْلاءَ، أَي يُميلُ العِمامَةَ. المَيْلاءُ: من الامْتِشاطِ: مَا يُمِلْنَ فِيهِ العِقاصَ، وَهِي مِشْطَةُ البَغايا، وَقد جاءَ كَراهَتُها فِي الحديثِ، وَهُوَ عَن ابنِ عَبّاسٍ: قالتْ لهُ امرأَةٌ إنِّي أَمْتَشِطُ المَيْلاءَ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: رأْسُكِ تَبَعٌ لِقَلْبِكِ فَإِن اسْتقامَ قلبُكِ اسْتقامَ رأْسُكِ، وإنْ مالَ قلبُكِ مالَ رأْسُكِ. والمَيْلاءُ: المائلَةُ السّنامِ من الإبلِ. والمَيْلاءُ: عَقِدَةٌ ضَخْمَةٌ من الرَّمْلِ، كَمَا فِي الصِّحاحِ والعينِ. زادَ الأَزْهَرِيُّ: مُعْتَزِلَة، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(مَيلاءَ من مَعْدِنِ الصِّيرانِ قاصِيَةٍ ... أَبْعارُهُنَّ على أَهدافِها كُثَبُ)
قَالَ الأَزْهَرِيّ: لَا أَعرِفُ المَيْلاءَ فِي صِفَةِ الرِّمالِ، ولمْ أَسْمَعْهُ من العرَبِ، وأَمّا} الأَمْيَلُ فمعروفٌ، قَالَ: وأَحسِبُ الليثَ أَرادَ قولَ ذِي الرُّمَّةِ السّابِقَ، إنَّما أَرادَ {بالمَيْلاءِ هُنَا أَرْطاةً، وَلها حينئذٍ مَعنيانِ: أَحدُهما: أَنَّه أَرادَ أَنَّ فِيهَا اعْوِجاجاً، وَالثَّانِي: أَنَّه أَرادَ بالمَيْلاءِ أَنَّها مُتَنَحِّيَةٌ مُتباعِدَةٌ من مَعدِنِ بقرِ الوَحْشِ، قَالَ:} ومَيْلاءُ موضِعُه خَفْضٌ لأَنَّه من نَعْتِ أَرْطاةٍ فِي قَوْله:
(فباتَ ضَيْفاً إِلَى أَرْطاةِ مُرْتَكِمٍ ... مِنَ الكَثيبِ لَهَا دِفءٌ ومُحْتَجَبُ)
والمَيْلاءُ: الشَّجرَةُ الكَثيرَةُ الفروعِ، نَقله الجَوْهَرِيُّ. {ومالتِ الشمسُ} مُيولاً: ضَيَّفَتْ، أَي دنَتْ لِلغُروبِ، أَو زالَت عَن كَبِدِ السَّماءِ. مالَ بِنَا الطَّريقُ: أَي قصَدَ بِنَا. والمَيَلُ، مُحرَّكَةً: مَا كانَ خِلْقَةً وَقد يكونُ فِي البِناءِ، وَقد {مَيِلَ كفَرِحَ فَهُوَ} أَمْيَلُ، وَهِي {مَيْلاءُ، يُقال: رجُلٌ أَمْيَلُ العاتِقِ: أَي فِي عُنُقِهِ} مَيَلٌ. {والأَمْيَلُ: مَنْ} يَميلُ على السَّرْجِ، وَفِي العُبابِ: مَن لَا يَستوي على السَّرْجِ، وَقَالَ)
ابْن السِّكِّيتِ: {الأَمْيَلُ عندَ الرُّواةِ: الَّذِي لَا يَثبُتُ على ظُهورِ الخَيْلِ إنَّما يميلُ عَن السَّرجِ فِي جانِبٍ، فَإِذا كانَ يَثبُتُ على الدَّابَّةِ قيلَ: فارِسٌ، وإنْ لَمْ يَثْبُتْ قيلَ: كِفْلٌ، والجَمعُ} مِيلٌ، قَالَ جريرٌ:
(لمْ يَركبوا الخَيلَ إلاّ بعدَما هَرِموا ... فهُمْ ثِقالٌ على أَكْتافِها مِيلُ)
وَقَالَ الأَعشى:
(غَيْرُ مِيلٍ وَلَا عَواوِيرَ فِي الهَيْ ... جا وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكْفالِ)
الأَمْيَلُ أَيضاً: مَنْ لَا تُرْسَ معَه، أَو مَن لَا سَيْفَ معَه، أَو من لَا رُمْحَ مَعَه، وَقَالَ ابْن السِّكِّيتِ: الأَمْيَلُ: الَّذِي لَا سيفَ مَعَه، والأَكْشَفُ: الَّذِي لَا تُرْسَ مَعَه. وقيلَ: هُوَ الجَبانُ، والجَمعُ مِيلٌ، قَالَ الأَعشى: ... لَا مِيلٌ وَلَا عُزْلُ قَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: {مايَلَنا المَلِكُ} فمايَلْناهُ: أَي أَغارَ علينا فأَغَرْنا عَلَيْهِ. {والمِيلُ، بالكَسرِ:} المُلْمُولُ الَّذِي يُكْتَحَلُ بِهِ، هَكَذَا عبَّرَ بِهِ الجَوْهَرِيّ فِي ملل، والجَمْعُ {أَمْيالٌ، وَمِنْهُم من جعلَه من لُغَةِ العامَّةِ. (و) } المِيْلُ من الأَرضِ: قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ، ونَصُّ ابْن السِّكِّيتِ: مُنتهى مَدِّ البَصَرِ. المِيلُ: مَنارٌ يُبنَى لِلمُسافِرِ فِي أَنْشازِ الأَرْضِ، وَمِنْه {الأَميالُ الَّتِي فِي طريقِ مَكَّةَ المُشَرَّفةِ، وَهِي الأَعلامُ المَبنِيَّةُ لهِدايَةِ المُسافِرينَ. أَو المِيلُ: مَسافَةٌ من الأَرضِ مُتراخِيَةٌ بِلَا حَدٍّ مُعَيَّن، وَفِي شرحِ الشِّفاءِ: الفَرْسَخُ: ثلاثَةُ} أَميالٍ، ومثلُه فِي العُبابِ. أَو المِيلُ: مائةُ أَلْفِ إصْبَعٍ إلاّ أَرْبعَةَ آلافِ إصْبَعٍ، أَو ثلاثةُ أَو أَرْبَعَةُ آلافِ ذِراعٍ، بذِراعِ محمَّدِ بنِ فرَجٍ الشّاشيِّ، قَالَ الكِرْمانِيُّ، بحَسَبِ اخْتِلافِهِم فِي الفَرْسَخِ، هَل هُوَ تِسعَةُ آلافٍ بذِراعِ القُدَماءِ، أَو اثْنا عشرَ أَلْفَ ذِراعٍ بذِراعِ المُحدَثينَ، وَفِي شرحِ الشِّفاءِ: المِيْلُ: أَربعةُ آلَاف ذراعٍ، طولُها أَربعَةٌ وعِشرونَ إصبَعاً، وَقيل: الميلُ: أَربعةُ آلافِ خُطوَةٍ، كلُّ خطوَةٍ ثلاثَةُ أَقدامٍ بوَضْعِ قدَمٍ أَمامَ قدَمٍ ويُلْصَقُ بِهِ، وَقَالَ شيخُنا عندَ قولِه أَو ثلاثَةُ أَو أَرْبَعَةُ: وَقد يُقال: لَا تَغايُرَ بينَ التَّقديرِ بالأَذْرُعِ وبالأَصابِعِ على الثّاني، لأَنَّ الذِّراعَ أَرْبَعٌ وعشرونَ إصبَعاً عَرضُ كلِّ إصبَعٍ سِتُّ حَبّاتِ شعيرٍ مُلصَقَة ظَهراً لِبَطْنٍ، فَإِذا ضرَبْتَ فِي أَرْبعَةِ آلافٍ حصلَ سِتَّةٌ وتسعونَ أَلْفاً، وعَلى الأَوَّلِ يكونُ اثنينِ وسبعينَ أَلفَ إصْبَعٍ، والصَّحيحُ أَنَّ المِيلَ: أَربعَةُ آلافِ خُطْوَةٍ. وَهِي ذِراعٌ ونِصْفٌ، فَيكون سِتَّةَ آلافِ ذِراعٍ، والفَرْسَخُ: ثلاثةُ أَميالٍ، على أَنَّ المُصنِّفَ قَالَ: والبَريدُ: فَرْسَخان واثْنا عَشَرَ {مِيلاً، فيكونُ)
الفَرْسَخُ سِتَّةُ أَميالٍ، وَهُوَ بيانُ مَا هُنَا، ومُقتَضاهُ أَنَّ الفرسَخَ سِتَّةٌ وثلاثونَ أَلفَ ذِراعٍ، فتأَمَّلْ. ج: أَمْيالٌ} ومُيولٌ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
(سيأْتي أَميرَ المُؤْمِنينَ ودُونَه ... صِمادٌ منَ الصَّوّانِ مَرْتٌ {مُيولُها)
وَبلا لَام،} مِيلُ بنتُ مِشْرَحٍ الأَشعَرِيِّ التّابِعِيَّةُ. {وأَمالَ الرَّجُلُ: رَعَى الخَلَّةَ، قَالَ لَبيدٌ:
(وَمَا يدْرِي عُبَيْدُ بَني أُقَيْشٍ ... أَيُوضِعُ بالحَمائلِ أَمْ} يُميلُ)
أَوْضَعَ: حَوَّلَ إبِلَهُ إِلَى الحَمْضِ.لأَنّسٍ: عُجِّلَتْ لنا الدُّنيا وغُيِّبَتِ الآخرةُ، أَما واللهِ لَو عايَنوها مَا عدَلوا وَلَا {مَيَّلوا، قَالَ شَمِرٌ: أَي لمْ يَشُكُّوا ولمْ يَترَدَّدوا، وَهُوَ مَجازٌ، وَقَالَ عِمرانُ بنُ حِطّانَ:
(لمّا رأَوا مَخْرَجاً مِنْ كُفْرِ قَوْمِهِمُ ... مَضَوا فَمَا مَيَّلوا فيهِ وَمَا عَدَلوا)

وَإِذا} مَيَّلَ بينَ هَذَا وَهَذَا فَهُوَ شاكٌّ، وَمَا عدَلوا: أَي مَا ساوَوا بهَا شَيْئا، وَفِي حَدِيث أَبي ذَرٍّ: دخلَ عَلَيْهِ رجُلٌ فقرَّبَ إِلَيْهِ طَعَاما فِيهِ قِلَّةٌ {فمَيَّلَ فِيهِ لِقِلَّتِه، فَقَالَ أَبو ذَرٍّ: إنَّما أَخافُ كثرَتَه ولمْ أَخَفْ قِلَّتَه. مَيَّلَ، أَي ترَدَّدَ: هَل يأْكُلُ أَو يترُكُ، تَقول العربُ: إنِّ} لأُمَيِّلُ بينَ ذَيْنِك الأَمرَينِ {وأَمايِلُ بينَهُما، أَيُّهُما آتِي. منَ المَجاز: هُوَ لَا} تَميلُ عَلَيْهِ المِرْبَعَةُ: أَي هُوَ قَوِيٌّ، والمِرْبَعَةُ هِيَ الَّتِي تُرفَعُ بهَا الأَحمالُ، كَمَا تقدَّمَ. ومِمّا يُستدرَكُ عَلَيْهِ: {تمايَلَ فِي مِشْيَتِهِ} تَمايُلاً. {والتَّمْييلُ بينَ الشيئينِ كالتَّرجيحِ بَينهمَا، وَكَذَلِكَ} المُمايَلَةُ والمُمايَطَةُ. وبينَهُم {تَمايُلٌ: أَي تفاتُنٌ وتَحارُبٌ، وَهُوَ مَجازٌ. وأَلِفُ} الإمالَةِ: هِيَ الَّتِي تجدُها بينَ الأَلِفِ والياءِ. ورِجالٌ {مِيلُ الطُّلَى من النُّعاسِ، بالكسرِ.} وتَمَيَّلَتْ فِي مِشْيَتِها {كتَمايَلَتْ.} وتَمايَلَ الجُلُّ عَن الفرسِ. {واستمالَ مَا فِي الوِعاءِ: أَخذَه.
والدَّهْرُ} مِيَلٌ، كعِنَبٍ: أَطْوارٌ. {وأَمَلْتُ بالفَرَسِ يَدي: أَرْخَيْتُ عِنانَهُ، وخَلَّيْتُ لَهُ طريقَه. وفلانٌ} يُتَمَيَّلُ فِي ظِلالِهِ ويُتَفَيّأُ. {ومالَ علَيَّ: ظلَمَني. ومالَ معَهُ،} ومايَلَهُ: مالأَهُ. ومالَ إليهِ: أَحَبَّهُ.
ووَقَعَت {المَيْلَةُ فِي النّاسِ: المُوتانُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: سَماعي من العرَبِ. ومالَ بِهِ: غلبَه. ومالَ النَّهارُ أَو اللَّيلُ: دَنا من المُضِيِّ. وأَبو} مائلَةَ: مِنْ كُناهُمْ. {والمَيّالُ: الكَثيرُ المَيْلِ.
ميل
المَيْلُ: العدول عن الوسَط إلى أَحَد الجانبين، ويُستعمَلُ في الجَوْر، وإذا استُعمِلَ في الأجسام فإنه يقال فيما كان خِلْقَةً مَيَلٌ، وفيما كان عَرَضاً مَيْلٌ، يقال: مِلْتُ إلى فلان: إذا عاوَنْتُهُ.
قال تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ
[النساء/ 129] وَمِلْتُ عليهِ: تحاملْتُ عليه. قال تعالى:
فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً
[النساء/ 102] ، والمَالُ سُمِّي بذلك لكونه مائِلًا أبدا وزَائلا، ولذلك سُمِّي عَرَضاً، وعلى هذا دلَّ قولُ مَنْ قال: المَالُ قَحْبَةٌ تكون يوماً في بيت عطَّار، ويوماً في بيت بَيْطَارٌ .
[ميل] نه: فيه: لا تهلك أمتي حتى يكون بينهم "التمايل"، أي لا يكون لهم سلطان يكف الناس عن التظالم فيميل بعضهم على بعض بالأذى والحيف. وفيه: "مائلات مميلات"، أي زائغات عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، ومميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن، وقيل: مائلات متبخترات مميلات لأكتافهن وأعطافهن، وقيل: يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا، والمميلات: من يمشطن غيرهن تلك المشطة. ومنه ح ابن عباس: قالت له امرأة: إني امتشط "الميلاء"، فقال عكرمة: رأسك تبع لقلبك، فإن استقام قلبك استقام رأسك، وإن مال قلبك مال رأسك. ج: وقيل: مائلات إلى الشر، مميلات للرجال إلى الفتنة. نه: وفي ح أبي ذر: دخل عليه رجل فقرب إليه طعامًا فيه قلة "فميل" فيه لقلته فقال أبو ذر: إنما أخاف كثرته ولم أخف قلته، ميل أي تردد هل يأكل أو يترك، يقال: أميل بين ذينك وأمايل بينهما أيهما أتى. ومنه حديثه: عجلت الدنيا وغيبت الآخرة، أما والله! لو عاينوها ما عدلوا و"لا ميلوا"، أي ما شكوا ولا ترددوا، ما عدلوا أي ما ساووا بها شيئًا. وفي ح مصعب: وكانت "ميلة"، أي ذات مال، مال يمال ويمول فهو مال وميل على فعل وفيعل، وقياسه مائل وبابه الواو. ومنه ح الطفيل: كان رجلًا شريفًا "ميلًا"، أي ذا مال. وفي ح القيامة: فتدنى الشمس حتى تكون قدر "ميل"، قيل: أراد ميلًا يكتحل به، وقيل: اراد ثلث الفرسخ، وقيل: هو القطعة من الأرض ما بين العلمين، وقيل: هو مد البصر. ومنه شعر كعب:
إذا توقدت الحزان و"الميل"
قيل: هو جمع أميل وهو من لا يحسن الركوب والفروسية. وفيه:
عند اللقاء ولا "ميل" معازيل
ن: لو "ملنا" إلى الحسن، أي عدلنا إلى الحسن البصري لكان أحسن. ط: "فمال" على إحداهما، أي مال بالفعل، فيعذر بميل القلب إذا سوى في القسم. وح: انتظر حتى "مالت" الشمس، لأنه وقت هبوب الرياح ونشاط النفوس وفضيلة أوقات الصلاة والدعاء عندها. ك: وفي ح وضع ما في الجزور على ظهره: و"يميل" بعضهم على بعض، أي من كثرة الضحك- كذا لمسلم، ولغيره: يحيل، أي ينسب بعضهم فعل ذلك على بعض في الإشارة تهكمًا.

الْخَطَّائِينَ

الْخَطَّائِينَ: تَثْنِيَة الخطاء. وَعند أهل الْحساب لاستخراج الْمَجْهُول العددي واستعلامه حِسَاب الْخَطَّائِينَ. وخلاصة مَا فِي خُلَاصَة الْحساب أَن اسْتِخْرَاج المجهولات بِحِسَاب الْخَطَّائِينَ أَن تعرض الْمَجْهُول مَا شِئْت من الْأَعْدَاد وتسمي ذَلِك الْمَفْرُوض بالمفروض الأول وتتصرف فِيهِ بِحَسب السُّؤَال فَإِن طابق فَهُوَ الْجَواب وَإِن أَخطَأ عَن الْمَطْلُوب بِزِيَادَة على الْمَطْلُوب أَو نُقْصَان عَنهُ فالخطاء بِقدر أَو نَاقص يُسمى بالخطاء الأول ثمَّ تعرض عددا آخر وَهُوَ الْمَفْرُوض الثَّانِي وَلَا بُد أَن تَأْخُذ الْمَفْرُوض الثَّانِي أَزِيد من الْمَفْرُوض الأول إِن وَقع الخطاء الأول نَاقِصا وَأَقل مِنْهُ إِن وَقع زَائِد التَّقَرُّب إِلَى الْمَطْلُوب وَإِن لم يجب ذَلِك إِلَّا أَن الْأَحْسَن كَذَلِك ويتصرف فِيهِ أَيْضا بِحَسب السُّؤَال فَإِن طابق فَهُوَ الْجَواب وَإِلَّا فَإِن أَخطَأ بِزِيَادَة أَو نُقْصَان حصل الخطاء الثَّانِي ثمَّ أضْرب الْمَفْرُوض الأول فِي الخطاء الثَّانِي وسم الْحَاصِل من الضَّرْب الْمَحْفُوظ الأول وَاضْرِبْ الْمَفْرُوض الثَّانِي فِي الخطاء الأول وَالْحَاصِل هُوَ الْمَحْفُوظ الثَّانِي فَإِن كَانَ الخطاء الأول وَالثَّانِي مَعًا زائدين أَو كَانَا ناقصين فاقسم الْفضل الْوَاقِع بَين المحفوظين على الْفضل الْوَاقِع بَين الْخَطَّائِينَ ليخرج الْمَجْهُول. وَإِن اخْتلف الخطاءان بِأَن يكون أَحدهمَا زَائِدا وَالْآخر نَاقِصا فمجموع المحفوظين تقسم على مَجْمُوع الْخَطَّائِينَ ليخرج الْمَجْهُول كَمَا لَو قيل أَي عدد زيد عَلَيْهِ ثُلُثَاهُ وَوَاحِد حصل عشرَة. فَإِن فرضت ذَلِك الْعدَد تِسْعَة وعملت بِمُقْتَضى السُّؤَال بِأَن زِدْت على التِّسْعَة ثلثيها مَعَ وَاحِد أَعنِي السَّبْعَة يبلغ سِتَّة عشر وَهُوَ زَائِد على الْعشْرَة بِسِتَّة فَيكون السِّتَّة هِيَ الخطاء الأول وَإِن فرضت ذَلِك الْعدَد سِتَّة فالخطاء وَالثَّانِي وَاحِد زَائِد على الْعشْرَة لِأَنَّك إِذا زِدْت على ثلثيها وواحدا أَعنِي الْخَمْسَة يحصل أحد عشر وَهُوَ زَائِد على الْعشْرَة بِوَاحِد فَيكون الْوَاحِد هُوَ الخطاء الثَّانِي فالمحفوظ الأول تِسْعَة حَاصِلَة من ضرب الْمَفْرُوض الأول أَعنِي التِّسْعَة فِي الخطاء الثَّانِي أَعنِي الْوَاحِد وَالْمَحْفُوظ الأول تِسْعَة حَاصِلَة من ضرب الْمَفْرُوض الأول عَن التِّسْعَة فِي الخطاء الثَّانِي أَعنِي الْوَاحِد وَالْمَحْفُوظ الثَّانِي سِتَّة وَثَلَاثُونَ يحصل من ضرب الْمَفْرُوض الثَّانِي أَعنِي السِّتَّة فِي الخطاء الأول وَهُوَ أَيْضا سِتَّة. وَالْخَارِج من قسْمَة الْفضل بن المحفوظين وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ على الْفضل بَين الْخَطَّائِينَ أَعنِي خَمْسَة هُوَ خَمْسَة وخمسان وَهُوَ الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ إِذا جنس يحصل سَبْعَة وَعِشْرُونَ خمْسا فَإِذا أخذت ثلثيها أَعنِي ثَمَانِيَة عشر خمْسا وزدتها على سَبْعَة وَعشْرين خمْسا لتبلغ خَمْسَة وَأَرْبَعين خمْسا وتقسمها على الْخَمْسَة ليحصل تِسْعَة وتزيد عَلَيْهَا وَاحِدًا يحصل عشرَة وَهُوَ الْمَطْلُوب.

البَحْرين

البَحْرين:
هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر، ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم، إلّا أن الزمخشري قد حكى أنه بلفظ التثنية فيقولون:
هذه البحران وانتهينا الى البحرين، ولم يبلغني من جهة أخرى، وقال صاحب الزيج: البحرين في الإقليم الثاني، وطولها أربع وسبعون درجة وعشرون دقيقة من المغرب، وعرضها أربع وعشرون درجة
وخمس وأربعون دقيقة، وقال قوم: هي من الإقليم الثالث وعرضها أربع وثلاثون درجة، وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان، قيل هي قصبة هجر، وقيل: هجر قصبة البحرين وقد عدّها قوم من اليمن وجعلها آخرون قصبة برأسها.
وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة، وربما عدّ بعضهم اليمامة من أعمالها والصحيح أن اليمامة عمل برأسه في وسط الطريق بين مكة والبحرين.
روى ابن عباس: البحرين من أعمال العراق وحدّه من عمان ناحية جرّفار، واليمامة على جبالها وربما ضمّت اليمامة الى المدينة وربما أفردت، هذا كان في أيام بني أميّة، فلما ولي بنو العباس صيّروا عمان والبحرين واليمامة عملا واحدا، قاله ابن الفقيه، وقال أبو عبيدة: بين البحرين واليمامة مسيرة عشرة أيام وبين هجر مدينة البحرين والبصرة مسيرة خمسة عشر يوما على الإبل، وبينها وبين عمان مسيرة شهر، قال: والبحرين هي الخطّ والقطيف والآرة وهجر وبينونة والزارة وجواثا والسابور ودارين والغابة، قال: وقصبة هجر الصّفا والمشقّر، وقال أبو بكر محمد بن القاسم: في اشتقاق البحرين وجهان:
يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب بحرت الناقة إذا شقّقت أذنها، والبحيرة: المشقوقة الأذن من قول الله تعالى: ما جَعَلَ الله من بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ 5: 103، والسائبة معناها: ان الرجل في الجاهلية كان يسيب من ماله فيذهب به الى سدنة الآلهة، ويقال: السائبة الناقة التي كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يجزّ لها وبر وبحرت أذن ابنتها أي خرقت. والبحيرة:
هي ابنة السائبة، وهي تجري عندهم مجرى أمّها في التحريم، قال: ويجوز ان يكون البحرين من قول العرب: قد بحر البعير بحرا إذا أولع بالماء فأصابه منه داء، ويقال: قد أبحرت الروضة إبحارا إذا كثر إنقاع الماء فيها فأنبت النبات، ويقال للروضة:
البحرة، ويقال للدم الذي ليست فيه صفرة: دم باحريّ وبحرانيّ، قلت: هذا كله تعسف لا يشبه ان يكون اشتقاقا للبحرين، والصحيح عندنا ما ذكره أبو منصور الأزهري، قال: انما سمّوا البحرين لأن في ناحية قراها بحيرة على باب الأحساء، وقرى هجر بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ، قال:
وقدرت هذه البحيرة ثلاثة أميال في مثلها، ولا يفيض ماؤها، وماؤها راكد زعاق، وقال أبو محمد اليزيدي: سألني المهدي وسأل الكسائي عن النسبة الى البحرين والى حصنين لم قالوا حصنيّ وبحرانيّ؟
فقال الكسائي: كرهوا أن يقولوا حصنانيّ لاجتماع النونين، وانما قلت: كرهوا أن يقولوا بحريّ فتشبه النسبة الى البحر، وفي قصتها طول ذكرتها في أخبار اليزيدي من كتابي في أخبار الأدباء، وينسب الى البحرين قوم من أهل العلم، منهم محمد بن معمّر البحراني بصريّ ثقة حدّث عنه البخاري، والعباس ابن يزيد بن أبي حبيب البحراني، يعرف بعبّاسوية، حدث عن خالد بن الحارث وابن عيينة ويزيد بن زريع وغيرهم، روى عنه الباغندي وابن صاعد وابن مخلد، وهو من الثقات، مات سنة 258، وزكرياء بن عطية البحراني وغيرهم. واما فتحها فإنها كانت في مملكة الفرس وكان بها خلق كثير من عبد القيس وبكر بن وائل وتميم مقيمين في باديتها، وكان بها من قبل الفرس المنذر بن ساوي بن عبد الله ابن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وعبد الله بن زيد هذا هو الأسبذي، نسب الى قرية بهجر، وقد ذكر في موضعه. فلما كانت سنة ثمان للهجرة وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي حليف بني عبد شمس الى البحرين ليدعو أهلها الى الإسلام أو الى الجزية، وكتب معه الى المنذر بن ساوي والى سيبخت مرزبان هجر يدعوهما الى الإسلام أو الى الجزية، فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم. فأما أهل الأرض من المجوس واليهود والنصارى فإنهم صالحوا العلاء وكتب بينهم وبينه كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم- هذا ما صالح عليه العلاء بن الحضرمي أهل البحرين، صالحهم على أن يكفونا العمل ويقاسمونا الثمر، فمن لا يفي بهذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأما جزية الرؤوس فانه أخذ لها من كل حالم دينارا. وقد قيل: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجّه العلاء حين وجّه رسله الى الملوك في سنة ستّ. وروي عن العلاء أنه قال: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الى البحرين، أو قال: هجر، وكنت آتي الحائط بين الأخوّة، قد أسلم بعضهم، فآخذ من المسلم العشر ومن المشرك الخراج. وقال قتادة: لم يكن بالبحرين قتال، ولكن بعضهم أسلم وبعضهم صالح العلاء على أنصاف الحب والتمر. وقال سعيد بن المسيب: أخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الجزية من مجوس هجر، وأخذها عمر من مجوس فارس، وأخذها عثمان من بربر. وبعث العلاء بن الحضرمي الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مالا من البحرين يكون ثمانين ألفا، ما أتاه أكثر منه قبله ولا بعده، أعطى منه العباس عمه. قالوا: وعزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، العلاء وولّى البحرين أبان بن سعيد ابن العاصي بن أمية، وقيل إن العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف، وأبان على ناحية فيها الخط، والأول أثبت، فلما توفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أخرج أبان من البحرين فأتى المدينة، فسأل أهل البحرين أبا بكر أن يردّ العلاء عليهم ففعل، فيقال: إن العلاء لم يزل واليا عليهم حتى توفي سنة 20، فولّى عمر مكانه أبا هريرة الدوسي، ويقال:
ان عمر ولّى أبا هريرة قبل موت العلاء فأتى العلاء توّج من أرض فارس وعزم على المقام بها ثم رجع الى البحرين فأقام هناك حتى مات، فكان أبو هريرة يقول: دفنّا العلاء ثم احتجنا الى رفع لبنة فرفعناها فلم نجد العلاء في اللحد. وقال أبو مخنف: كتب عمر بن الخطاب الى العلاء بن الحضرمي يستقدمه وولى عثمان بن أبي العاصي البحرين مكانه وعمان، فلما قدم العلاء المدينة ولّاه البصرة مكان عتبة بن غزوان فلم يصل إليها حتى مات، ودفن في طريق البصرة في سنة 14 أو في أول سنة 15، ثم ان عمر ولى قدامة ابن مظعون الجمحي جباية البحرين وولى أبا هريرة الصلاة والاحداث، ثم عزل قدامة وحدّه على شرب الخمر، وولى أبا هريرة الجباية مع الاحداث، ثم عزله وقاسمه ماله، ثم ولى عثمان بن أبي العاصي عمان والبحرين فمات عمر وهو واليهما، وسار عثمان الى فارس ففتحها وكان خليفته على عمان والبحرين وهو بفارس أخاه مغيرة بن أبي العاصي. وروى محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: استعملني عمر بن الخطاب على البحرين فاجتمعت لي اثنا عشر ألفا، فلما قدمت على عمر قال لي: يا عدو الله والمسلمين، أو قال: عدو كتابه، سرقت مال الله، قال قلت: لست بعدو الله ولا المسلمين، أو قال: عدو كتابه، ولكني عدوّ من عاداهما، قال: فمن أين اجتمعت لك هذه الأموال؟ قلت:
خيل لي تناتجت وسهام اجتمعت، قال: فأخذ منى
اثني عشر ألفا، فلما صلّيت الغداة قلت: اللهم اغفر لعمر، قال: وكان يأخذ منهم ويعطيهم أفضل من ذلك، حتى إذا كان بعد ذلك قال: ألا تعمل يا أبا هريرة؟ قلت: لا، قال: ولم وقد عمل من هو خير منك يوسف؟ قال اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم، قلت: يوسف نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة ابن أمية وأخاف منكم ثلاثا واثنتين، فقال: هلا قلت خمسا؟ قلت: أخشى أن تضربوا ظهري وتشتموا عرضي وتأخذوا مالي، وأكره أن أقول بغير علم وأحكم بغير حلم. ومات المنذر بن ساوي بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، بقليل وارتد من بالبحرين من ولد قيس بن ثعلبة بن عكابة مع الحطم وهو شريح بن ضبيعة بن عمرو بن مرثد أحد بني قيس بن ثعلبة، وارتدّ كلّ من بالبحرين من ربيعة خلا الجارود بن بشر العبدي ومن تابعه من قومه، وأمّروا عليهم ابنا للنعمان بن المنذر يقال له المنذر، فسار الحطم حتى لحق بربيعة فانضمت اليه ربيعة فخرج العلاء عليهم بمن انضمّ اليه من العرب والعجم، فقاتلهم قتالا شديدا، ثم ان المسلمين لجؤوا الى حصن جواثا، فحاصرهم فيه عدوهم، ففي ذلك يقول عبد الله ابن حذف الكلابي:
ألا أبلغ أبا بكر ألوكا، ... وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لك في شباب منك أمسوا ... أسارى في جواث محاصرينا
ثم ان العلاء عني بالحطم ومن معه وصابره وهما متناصفان، فسمع في ليلة في عسكر الحطم ضوضاء، فأرسل اليه من يأتيه بالخبر، فرجع الرسول فأخبره أن القوم قد شربوا وثملوا، فخرج بالمسلمين فبيّت ربيعة فقاتلوا قتالا شديدا فقتل الحطم. قالوا: وكان المنذر بن النعمان يسمى الغرور، فلما ظهر المسلمون قال: لست بالغرور ولكني المغرور، ولحق هو وفلّ ربيعة بالخط فأتاها العلاء وفتحها، وقتل المنذر معه، وقيل: بل قتل المنذر يوم جواثا، وقيل:
بل استأمن ثم هرب فلحق فقتل، وكان العلاء كتب الى أبي بكر يستمده فكتب أبو بكر الى خالد بن الوليد وهو باليمامة يأمره بالنهوض اليه، فقدم عليه وقد قتل الحطم، ثم أتاه كتاب أبي بكر بالشخوص الى العراق فشخص من البحرين، وذلك في سنة 12، فقالوا: وتحصن المكعبر الفارسي صاحب كسرى الذي وجهه لقتل بني تميم حين عرضوا لعيره بالزارة، وانضمّ اليه مجوس كانوا تجمّعوا بالقطيف وامتنعوا من أداء الجزية، فأقام العلاء على الزارة فلم يفتحها في خلافة أبي بكر وفتحها في خلافة عمر، وقتل المكعبر، وانما سمي المكعبر لأنه كان يكعبر الايدي، فلما قتل قيل ما زال يكعبر حتى كعبر، فسمي المكعبر، بفتح الباء، وكان الذي قتله البراء بن مالك الأنصاري أخو أنس بن مالك. وفتح العلاء السابور ودارين في خلافة عمر عنوة.

أُفٍّف

أُفٍّف
) } أفَّ، {يَؤُفَّ، بالضَّمِّ، قَالَ ابْن دُرَيْدٍ: وَقَالُوا:} يَئفُّ أَيضاً، أَي بالكَسْرِ، وَلم يذْكُرْهُ ابنُ مَالِكٍ فِي الَّلامِيَّةِ، وَكَذَا فِي شُرُوحِ التَّسْهيلِ، وَلَا اسْتَدْرَكَهُ أَبو حَيَّانَ، وَهُوَ القِيَاسُ، وقَوْلُ شَيْخِنَا: فيَحْتَاجُ إِلَى ثَبْتٍ. قلتُ: وَقد نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ فِي الجَمْهَرَةِ كَمَا عَرَفْتَ، ونَاهِيكَ بِه ثِقَةً ثَبْثاً، وَعنهُ نَقَلَ الصَّاغَانِيُّ فِي العُبَابِ، وصاحِبُ اللِّسَانِ:! تَأَفَّفَ مِنْ كَرْبٍ أَوْ ضَجَرٍ. وَ {أُفِّ: كَلِمَةُ تَكَرُّهٍ وقولُه تَعالَى:) فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ (قَالَ القُتَيْبِيُّ: أَي لَا تَسْتَثْقِلْ مِن أَمْرِهِمَا شَيْئاً، وتَضِقْ صَدْراً بِهِ، وَلَا تُغْلِظْ لَهما، قَالَ: والناسُ يَقُولُونَ لِمَا يَسْتَثْقِلُونَ ويَكْرَهُونَ: أُفٍّ لَهُ، وأَصْلُ هَذَا نَفْخُكَ للشَّيْءِ يسْقُطُ عليكَ مِن تُرَابٍ أَو رَمَادٍ، وللْمَكَانِ تُرِيدُ إِمَاطَةَ أَذىً عَنهُ، فقيلَتْ لكُلِّ مُستَثْقَلٍ، وَقَالَ الزَّجّاجُ: لَا تَقُلْ لَهُمَا مَا فِيه أَدْنَى تَبَرُّمٍ إِذا كَبِرَا أَو أَسَنَّا، بل تَوَلَّ خِدْمَتَهُمَا.
وفِي الحَدِيث:) فَأَلْقَى طَرَفَ ثَوْبِهِ عَلَى أَنْفِهِ، وَقَالَ: أَفٍّ أفٍّ (قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: مَعْنَاه الاسْتِقْذَارُ لِمَا شَمَّ، وَقيل: مَعْنَاه الاحْتِقَارُ والاسْتِقْلالُ، وَهُوَ صَوْتٌ إِذا صَوَّتَ بِهِ الإِنْسَانُ عُلِمَ أَنَّهُ مُتَضَجِّرٌ مُتَكَرِّهٌ. قد} أَفَّفَ {تَأْفِيفاً كَمَا فِي الصِّحاحِ،} وتَأَفَّفَ بِهِ: قَالَهَا لَهُ، وَلَيْسَ بفِعْلٍ مَوْضُوعٍ عَلَى أَفَّ عِنْد سِيبَويْه وَلكنه مِن بابِ سَبَّحَ وهَلَّلَ، إِذا قَالَ سُبْحَانَ الله، وَلَا إِلهَ إِلاَّ الله، وَمِنْه حديثُ عائشةَ لأَخِيهَا عبدِ الرحمنِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا:) فَخَشِيتُ أَنْ! تَتَأَفَّفَ بِهِمْ نِسَاؤُك تَعْنِى أَوْلاَدَ أَخِيهَا مُحَمَّد بنِ أَبِي بَكْرٍ حينَ قُتِلَ بمِصْرَ.
ولُغَاتُهَا أَرْبْعُونَ، ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ مِنْهَا سِتَّةً عَن الأَخْفَشِ، وَزَاد ابنُ مَالِكٍ عَلَيْهَا أَرْبَعَةً، فصارالمجموعُ عشرَة، وَقد نَظَمَهَا فِي بيتٍ وَاحِد كَمَا سيأْتي بَيَانُه: أَن بِالضَّمِّ، وتُثَلَّثُ الْفَاءُ وَهِي ثَلَاثَة وتنوين الْفَاء أَيضاً، فَيُقَال: أُفُّ وأُفٌّ وأَفِّ وأُفٍّ وأُفَّ وأُفّاً، كلُّ ذلِكَ مَعَ ضَمِّ الهَمْزَةِ، فصارتْ سِتَّةً، وَهِي الَّتِي نَقَلَهَا الجَوْهَرِيُّ عَن الأَخْفَشِ.
قَالَ الفَرَّاءُ: قُرِئَ: أُفِّ، بالكَسْرِ بغَيْرِ تَنْوِينٍ، وأُفٍّ، بالتَّنْوِين، فَمن خَفَضَ ونُوَّنَ ذهَب إِلَى أَنه صَوْتٌ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ إِلاَّ بالنُّطْقِ بِه، فخَفَضُوه، كَمَا تُخْفَضُ الأَصْوَاتُ، ونَوَّنُوهُ كَمَا قَالَتِ العَرَبُ: سمعتُ طَاقٍ طَاقٍ، لِصَوْتِ الضَّرْبِ وسمعتُ تِغٍ تِغٍ، لِصَوْتِ الضَّحِكِ، وَالَّذين لم يُنَوِّنُوا وخَفْضُوا، قالُوا: أُفِّ، عَلَى ثلاثةِ أَحْرُفٍ، وأَكْثَرُ الأَصْواتِ عَلَى حَرْفَيْنِ، مثلَ صَهٍ وتِغٍ ومَهٍ، فذلِكَ الَّذِي يُخْفَضُ ويُنَوَّنُ لأَنَّهُ مُتَحَرِّكُ الأَوّلِ، ولَسْنَا مُضْطَرِّين إِلَى حركةِ الثَّانِي من الأَدَوَاتِ وأَشْبَاهِها، فخُفِضَ بالنُّونِ، كَذَا فِي التَّهْذِيب. وَقَالَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ، مَن قَالَ: {أُفّاً لَكَ، نَصَبُه عَلَى) مَذْهَبِ الدُّعاءِ، كَما يُقالُ، ويلاً للكَافِرِينَ، وَمن قَالَ: أُفٍّ لَك، رَفعه بِاللَّامِ كَمَا يُقَال ويل للْكَافِرِينَ وَمن قَالَ أُفٍّ لَك خَفَضَهُ عَلَى التَّشْبِيه بالأَصْواتِ.
وتُخَفَّفُ فِيهِمَا، أَي فِي المُنَوَّن وغيرِه، فيُقَال: أُفٌّ أُفُّ، وأُفٍّ وأُفِّ،} وأُفّاً وأُفَّ، فهذِه سِتَّةٌ، وقرأَ ابنُ عَبّاسٍ:) فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا {أُفَ (خَفِيفَةً مَفْتُوحَةً عَلَى تَخْفِيف الثَّقِليَةِ، مثل رُبَ، وقِيَاسُه التَّسْكِينُ بعدَ التَّخْفِيفِ، فيُقَال:} أُفْ، كطُفْ، لأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ سَاكِنَان، لكِنَّهُ تُرِكَ عَلَى حَرَكَتِه ليَدُلَّ عَلَى أَنها ثقيلةٌ خُفِّفَتْ، وأُفّ، مُشَدَّدَةُ الْفاءِ بالجَمْعِ بَين السَّاكنيْنِ، وَهُوَ جائزٌ عندَ بعضِ القُرَّاءِ، كَمَا مَر بَحْثُه فِي قَولِه تَعَالَى:) فَمَا اسْطَاعُوا (فِي) طوع (فراجِعْهُ، و ( {أُفَّى بِغَيْرِ إِمَالَةٍ، و) } - أُفّي بالإِمَالةِ الْمَحْضَةِ، وَقد قُرِئَ بهِ أُفِّي بالإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَقد قُرِئَ بهِ أَيضاً والأَلِفُ فِي الثَّلاثَةِ لِلتَّأْنِيثِ وأُفِّي، بكَسْرِ الْفَاءِ أَي بالإِضَافَةِ، و ( {أَفُّوهْ بضَم الهَمْزَةِ والفاءِ المُشَدَّدةِ المَضْمومةِ وتَسْكِينِ الواوِ والهاءِ، وَفِيه أَيضاً الجَْعُ بَين السَّاكِنَيْنَ، و (} أُفُّهْ، بِالضَّمِّ، مُثَلَّثَةَ الْفَاءِ مُشَددَّةً، فهذهِ ثلاثةُ أَوْجُهٍ، {أُفَّهْ} وأُفُّهْ! وأُفِّهْ، الأُولَى نَقَلَها الجَوْهَرِيُّ وتُكْسَرْ الْهَمْزَةٌ مَعَ تَثْلِيتِ الفاءٍ المُشَدَّدةِ فَهِيَ أَيضاً أَوْجُهٌ ثلاثةٌ، الأُولَى نَقَلَها ابنُ برِّيّ عَن ابنِ القَطّاعِ، {وإِفْ كمِنْ، و (} إِفّ مُشَدَّدَةً أَي: مَعَ كَسْرَةِ الهَمْزَةِ وَفِيه أَيضاً الجَمْعُ بينَ السَّاكِنَيْنِ، و ( {إِفٍ، بكَسْرَتَيْنِ مُخَفَّفَةً،} وإِفٍ مُنَوَّنَةً مُخَفَّفَةً مَعَ كَسْرِ الهمزةِ {إِفّ مُشدَّدَةً مَعَ كَسْرِ الهمزةِ وتُثَلَّثُ هذِه، أَي مَعَ التَّنوِينِ، فَهِيَ أَوْجُهٌ ثلاثةٌ، وقرأَ عمرُو بنُ عُبَيْدٍ:) فَلا تَقُلْ لَهُمَا} إِفَ (بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وفَتْحِ الفاءِ، وإِفُّ، بضَمِّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ مَعَ كَسْرِ الهَمْزَةِ، و ( {إِفِّا كإِنَّا، و (} - إِفّي، بالإِمَالَةِ، وإِفى، بالكَسْرِ، أَي بالإِضافَةِ إِلَى نَفْسِه، قَالَه ابنُ الأَنْبَارِيِّ، وتُفْتَحُ الْهَمْزَةُ، أَي فِي الوَجْهِ الأَخِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَن يكونَ المُرَادُ بِهِ فَتْحَ الهَمْزَةِ فِي كلٍّ مِن إِفُّ {وإِفَّا} وإِفّى {- وإِفّي، فَتكون الأَوْجُهُ أَرْبَعَةً، و (} أفْ، كعَنْ، و ( {أَفِِّ، مُشَدَّدَةَ الْفَاءِ مَكْسُورَةٍ، و (} آفُ، مَمْدُودَةً، و ( {أَفٍ مَقْصُورأً، و (} آفٍ مَمْدُوداً مُنَوَّنتَيْنِ، فهذِه أَربعةٌ وأَربعون وَجْهاً حَسْبَما بَيَّنَّاهُ، وأَعْلَمْنَا عَلَيْهِ، وعلَى الاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرْنَاه يكونُ سَبْعاً وأَربعين وَجْهاً، فقَوْل المُصَنِّفِ أَوَّلاً: ولُغَاتُها أَربعون. مَحَلُّ نَظَرٍ يُتَأَمَّلُ لَهُ.
وقَد فَاتَهُ أَيضاً مِن لُغَاتِهَا {أَفَةً، مُحَرَّكةً،} وأَفُوهْ، بفتحٍ فَضَمٍّ فسُكُونِ الواوِ والهاءِ، {وأَفَّةً بفَتْحٍ فتَشْدِيدٍ، الأَخِيرُ نَقَلَهُ ابنُ بَرِّيّ عَن ابنِ القَطّاعِ، فإِذا جَمَعْنَاهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا مِن الأَوْجُهِ يتَحَصَّلُ لنا خَمْسون وَجها.
وأَما بيتُ ابنِ مَالِكٍ المُتَضمِّنُ الْعشْرَة مِنْهَا الَّذِي وَعَدْنا بِهِ سَابِقًا، فَهُوَ هَذَا:)
(} فَأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّنْ إِنْ أَرَدْتَ وقُلْ ... {أُفَّا} - وأُفِّى {وأُفَّةً تُصِبِ)
وَقد ذَيَّلْتُ عليهِ بِبَيْتَيْنِ جَمَعْت فيهمَا مَا بَقِيَ مِن لُغَاتِهِ لَا علَى وَجْهِ الاسْتِيعابِ، فقلتُ:
(} وأَفِّ {آفٍ} أََفْ {أَفَّا} وأَفُّ {وأُفْ ... } وإِفْ! - وأُفَّى أَمِلْ واضْمُمْ مَعَ النَّسَبِ) ( {إِفُّ} وأُفّهْ وثَلِّثْ فَاءَهُ {وإِفٍ ... } إِفَّا يَلِيهِ {أَفٍ مَعْ} إِفَّ فَاحْتَسِبِ)
فالبيتُ الأَوَّلُ يتَضَمَّنُ ثلاثةَ عشَر وَجْهاً، وذلِكَ فإِنَّ المُرَادَ {- بِأُفّى إِمالَةٌ بَيْنَ بَيْنَ، وقَوْلِي: أَمِلْ، أَي إمالةً خَالِصَة، وقَوْلِي: واضْمُمْ، إِشارةٌ إِلَى الضَّمِّ فِي المُمَالَيْنِ بَيْنَ بَيْنَ والْخَالِصَةِ، وقَوْلِي: مَعَ النَّسَبِ، إِشارَةٌ إِلَى الإِضافَةِ، أَي فِي المَضْمُومِ والمَكْسورِ، وَفِي الْبَيْت الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ، فَهَذِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَجْهاَ، فإِذا ضُمَّ مَعَ بيتِ ابنِ مالِكٍ يَتَحَصَّلُ أَحَدٌ وثلاثُون وَجْهاً، وَمَعَ التَّأَمُّلِ الصادِقِ يظهرُغيرُه مَا ذَكَرْنَا واللهُ المُوَفِّقُ لَا إِلهَ غيرُه.
قَالَ ابنُ جِنِّي: أَمَّا أُفّ، ونَحْوُهُ مِن أَسْمَاءِ الفعلِ، كهَيْهات فِي الجَرِّ، فمَحْمُولٌ على أَفْعَالِ الأَمرِ، وَكَانَ المَوْضِعُ فِي ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لِصَهْ ومَهْ، ورُوَيْدَ، ونحوِ ذلِكَ، ثمَّ حُمِل عليهِ بابُ أُفّ ونَحْوِهَا، مِن حيثُ كَانَ اسْماً سُمِّيَ بهِ الفعلُ، وَكَانَ كُلُّ واحدٍ من لفظِ الأَمْرِ والخَبَرِ قد يَقَعُ مَوْقِعَ صاحِبِه، صَار كلُّ واحِد مِنْهُمَا هُوَ صاحبَه، فكَأَنْ لَا خِلافَ هُنَاكَ فِي لَفْظٍ وَلَا مَعْنًى.
} والأُفُّ، بِالضَّمِّ: قُلاَمَةُ الظُفْرِ، أَو وَسَخُهُ الَّذِي حَوْله، والتُّفُّ: الَّذِي فيهِ أَو وَسَخُ الأُذُنِ، وَقيل هُوَ مَا رَفَعْتَهُ مِنَ الأَرْضِ مِنْ عُودٍ أَو قَصَبَةٍ وبِكُلِّ ذلِكَ فُسِّرَ قولُهُم: {أُفًّا لَه وُتفًّا، أَو} الأَفُّ: وَسَخُ الأُذُنِ والتُّفُّ: وَسَخُ الظُّفُر قَالَه الأَصْمَعِيُّ، قَالَ: يقَال ذَلِك عندَ اسْتِقْذَارِ الشَّيْءِ، ثمَّ اسْتُعْمِلَ عندَ كلِّ شيءٍ يُتَأَذَّى بِهِ ويُضْجَرُ مِنْهُ. أَو الأُفُّ: مَعْنَاه القِلَّةُ، والتُفُّ إِتْبَاعٌ لَهُ، ومَنْسُوقٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ كمَعْنَاه، وسيأْتي فِي بابِه.
{والأُفَّةُ، كقُفَّةٍ: الْجَبَانُ وَبِه فُسِّرَ حديثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم حِينَ رأَى النَّاسَ مُنْهَزِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ:) نِعْمَ الْفَارِسُ عُوَيْمِرٌ غيْرَ} أُفَّة (فكأَنَّ أَصْلَه: غيرَ ذِي أُقَةٍ، أَي غيرَ {مُتَأَفِّفٍ عَن القتالِ، وَقيل:} الأُفَّةُ: الْمُعْدِمُ الْمُقِلُّ، وَيُقَال: هُوَ الرَّجُلُ القَذِرُ، والأَصْلُ فِي ذَلِك كلِّه {الأَفَفُ، مُحَرَّكَةً،، وَهُوَ الضَّجَرُ، والشَّيْءُ الْقَلِيلُ فمِن الأَوَّلِ أُخِذَ معنَى الجَبَانِ، وَمن الثَّانِي مَعْنَى المُقِلِّ المُعْدِمِ، وأُخِذَ الرجُلُ القَذِرُ مِن} الأَفِّ، بِمَعْنى وَسَخِ الظُّفُرِ، وقالَ ابنُ الأعْرَابِيِّ، فِي تفسيرِ حديثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: يُرِيدُ أَنَّه غيرُ ضَجِرٍ وَلَا وَكِلٍ فِي الحربِ.)
وَقد سُمِّىَ {اليَأْفُوفُ بمعْنَى الجَبَان لذلِك واليَأْفُوفُ الْمُرُّ مِنَ الطَّعَامِ، و، قَالَ أَبو عَمْرو: الْيَأْفُوفُ: الخَفِيفُ السَّرِيعُ، والْيَأْفُوفُ: الْحَدِيدُ الْقَلْبِ مِن الرِّجَالِ، وَقَالَ غَيره: هُوَ والْيَهْفُوفُ سَوَاءٌ} كَالأَفُوفِ، كَصَبُورٍ، والجَمْعُ {يَآفِيف، قَالَ: هُوجاً يآفِيفَ صِغَاراً زُعْرَا والْيَأْفُوفُ: فَرْخُ الدُّرّاجِ نَقَلَهُ الصَّاغَانيُّ، وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الْيَأْفُوفُ: الْعَيِىُّ الْخَوَّارُ، وأَنْشَدَ لِلرَّاعِي:
(مُغَمَّرُ الْعَيْشِ} يَأْفُوفٌ شَمَائِلُهُ ... نائِى الْمَوَدَّةِ لاَ يُعْطِى ولاَ يُسَلُ)
ويُرْوَي:) وَلَا يَصِل (. والمُغَمَّرُ: المُغَفَّلُ.
{والإِفُّ،} والإِفَّانُ، بكَسْرِهما، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ويُفْتَح الثَّانِي، نَقَلَه الصَّاغَانيُّ فِي التَّكْمِلَةِ، وصاحِبُ اللِّسَانِ {والأَفَفُ، مُحَرَّكَةً، نَقَلَه الصَّاغَانيُّ أَيْضاً، وصاحِبُ اللِّسَانِ، وهما عَن ابنِ الأعْرَابِيِّ.
والتَّئفَّةُ، كتَحِلَّةٍ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ تَفْعِلَةٌ: الْحِينُ، والأَوانُ، يُقَال: كَانَ ذلِكَ عَلَى} إِفِّ ذَاك، {وإِفَّانِهِ،} وأَفَفَهِ،! وتَئفَّتِهِ، أَي: حِينِهِ وأَوانِهِ، قَالَ يَزِيدُ بنُ الطَّثْرِيَّةِ:
(علَى إِفِّ هِجْرَانٍ وَسَاعَةِ خَلْوَةٍ ... مِنَ النَّاسِ نَخْشَى أَعْيُناً أَنْ تَطَلَّعَا) وحَكَى ابنُ بَرِّيّ، قَالَ فِي أَبْنِيةِ الكِتَاب: {تَئفَّةٌ، فَعِلَّةٌ، قَالَ: والظَّاهِرُ مَعَ الجَوْهَرِيُّ، بدليلِ قَوْلِهِم: عَلَى إِفِّ ذلِك} وإِفَّانِهِ، قَالَ أَبو عليّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا تَقْعِلَةٌ، والصَّحِيح قيه عَن سِيبَوَيْهِ ذلِكَ، عَلَى مَا حَكَاهُ أَبو بكر أَنه فِي بَعْضِ نُسَخِِ الكِتَابِ فِي بابِ زِيَادَةِ التَّاءِ، قَالَ أَبو عليّ: والدّلِيلُ عَلَى زِيادتهَا مَا رَوَيْناهُ عَن أَحمد عَن ابنِ الأعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَال: أَتانِي فِي إِفَّانِ ذلِك، {وأُفَّانِ ذلِكَ،} وأَفَفِ ذَلِك، وتَئِفَّهِ ذَلِك، وأَتَانَا عَلَى أفِّ ذَلِك، {وإِفَّتِهِ،} وأَفَفِهِ، {وإِفَّانِهِ،} وتَئِفَّتِهِ، وعِدَّانِهِ، أَي: عَلَى إِبّانِهِ ووَقْتِهِ، يَجْعَلُ تَئِفَّةً، فَعِلَّةً، والْفَارِسِيُّ يَرُدُّ عَلَيْهِ ذَلِك بالاشْتِقَاقِ، ويَحْتَجُّ بِمَا تَقَدَّمَ.
{والأُوفُوفَةُ، بِالضَّمِّ هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ العُبَابِ، والتَّكْمِلَةِ، بِزيادِة الوَاوِ قَبلَ الفاءِ، وَفِي اللِّسَانِ وغيرِه من الأُصُولِ بحَذْفِهَا، وَقد جاءَ أَيضاً فِي بعضِ نُسَخِ الْكتاب هَكَذَا، وَهُوَ المُكْثِرُ من قَوْلِ أُفِّ، وَفِي العُبابِ: الَّذِي لَا يَزَالُ يقولُ لغيرِهِ: أَفِّ لَك، وَفِي الْجَمْهَرَةِ: يُقَال: كَانَ فلانٌ} أُفُوفَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَزَالُ يقولُ لبعضِ أَمْرِهِ: أَفِّ لَك، فَذَلِك {الأُفُوفَةُ.
ومّما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:} أَفَّفَ بِهِ {تَأْفِيفاً،} كَأَفَّفَهُ، {وأُفّاً لَهُ،} وأُفَّةً لَه أَي: قَذَراً، والتَّنْوِينُ للتَّنْكِيرِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، {والأُفّ:)
النَّتْنُ، قَالَه الزَّجَّاجُ،} والأَفَفُ، مُحَرَّكَةً: وَسَخُ الأُذُن، {وتَأَفَّفَ بِهِ،} كَأَفَّفَهُ، ورجلٌ {أَفَّافٌ، كشَدَّادٍ: كثيرُ} التَّأَفُّفِ، ويُقَال: كَانَ عَلَى {إِفَّةِ ذَلِك، أَي أَوانِهِ،} والأُفَّةُ، كقُفَّةٍ: الثَّقِيلُ، قالَ ابنُ الأثِيرِ: قَالَ الخَطَّابِيُّ: أَرَى الأَصْلَ فِيهِ {الأَفَفَ، وَهُوَ الضَّجَرُ.
} والْيَأْفُوفُ: الأَحْمَقُ الخَفِيفُ الرُّأْيِ. {واليَأْفُوفُ: الرَّاعِي، صِفَةٌ كَالْيَخْضُورِ، والْيَحْمُومِ، كأَنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لرِعَايتِه، عارِفٌ بأَوْقَاتِها، مِنْ قَوْلهِم: جَاءَ عَلَى} إِفان ذَلِك. والْيَأْفُوفُ: الضَّعِيفُ.{والْيَأْفُوفَةُ: الْفَراشةُ، وَبِه فُسِّرَ حديثُ عَمْرِو بن مَعْدِ يكَربَ، أَنه قَالَ فِي بعضِ كَلَامه فُلانٌ أَخَفٌّ مِن} يَأْفُوفة، وَكَذَا وُجِدَ بخَطِّ الشيخِ رَضِيِّ الدِّين الشَّاطِبِيِّ، وَقَالَ الشاعرُ: أَرى كُلَّ {يَأْفُوفٍ وكُلَّ حَزَنْبِلٍ وشِهْذَارَةٍ تِرْعَابَةٍ قد تَضَلَّعَا ويُقَال: إِنه} ليُؤَفِّفُ عَلَيْهِ، أَي يَغْتَاظُ.

لَعَلَّ

(لَعَلَّ)
حرف من نواسخ الِابْتِدَاء وفيهَا لُغَات من أشهرها عل (بِحَذْف لامها الأولى) وَقد تلحقها نون الْوِقَايَة فَيُقَال لعَلي لعَلي ولعلني وَعلي وعلني وَلها معَان أشهرها
لَعَلَّ ولَعَلْ: كَلِمَةُ طَمَعٍ وإشْفاقٍ،
كعَلَّ وعَنَّ وغَنَّ وأنَّ ولأَنَّ وَلَوَنَّ وَرَعَلَّ ولَعَنَّ ولَغَنَّ ورَغَنَّ. ويقالُ: عَلِّي أفْعَلُ وعَلَّني ولَعَلُي ولَعَلَّني ولَعَنِّي ولَعَنَّني ولَغَنِّي ولَغَنَّني ولَوَنِّي ولَوَنَّني ولأَنِّي ولَأَنَّني وأنِّي وأنَّني ورَغَنِّي ورَغَنَّني.
لَعَلَّ
... أنْ
الجذر: ل ع ل ل

مثال: لَعَلَّ أحدكم أن يسارع في الخيرات
الرأي: مرفوضة
السبب: لتصدير خبر «لَعَلَّ بـ» أن «المصدرية.

الصواب والرتبة: -لَعَلَّ أحدكم أن يسارع في الخيرات [فصيحة]-لَعَلَّ أحدكم يسارع في الخيرات [فصيحة]
التعليق: ينفرد خبر» لعل «بجواز تصديره بـ» أن" المصدرية، ومنه قول الشاعر:
تمتَّع لعلَّك أن تنفقا
(لَعَلَّ)
حرف من نواسخ الِابْتِدَاء وفيهَا لُغَات من أشهرها عل (بِحَذْف لامها الأولى) وَقد تلحقها نون الْوِقَايَة فَيُقَال لعَلي لعَلي ولعلني وَعلي وعلني وَلها معَان أشهرها
(1) الترجي وَهُوَ ترقب شَيْء لَا وثوق بحصوله وَيدخل فِيهِ الطمع وَهُوَ ترقب شَيْء مَحْبُوب نَحْو لَعَلَّ الجو معتدل غَدا وَلَعَلَّ الحبيب قادم والإشفاق وَهُوَ ترقب شَيْء مَكْرُوه نَحْو لَعَلَّ
الْجواد يكبو وَلَعَلَّ الْمَرِيض يقْضِي
وَالْفرق بَين الترجي وَالتَّمَنِّي أَن التَّمَنِّي هُوَ محبَّة حُصُول الشَّيْء سَوَاء أَكنت تتَوَقَّع حُصُوله أم لَا وَأَنه يكون فِي الْمُمكن نَحْو لَيْت الْمُسَافِر قادم والمحال نَحْو لَيْت الشَّبَاب يعود بِخِلَاف الترجي فيهمَا والترجي فِي (لَعَلَّ) هُوَ الْمَعْنى الَّذِي اتّفق عَلَيْهِ جَمِيع النُّحَاة
(2) وَقد تَجِيء للتَّعْلِيل كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فقولا لَهُ قولا لينًا لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} أَي لِأَن
(3) وَقد تَجِيء للاستفهام نَحْو لَعَلَّ زيدا قادم أَي هَل هُوَ كَذَلِك وَلذَلِك علق بهَا الْفِعْل كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا}
وَهِي تدخل على الْجُمْلَة الاسمية فتنصب الْمُبْتَدَأ وترفع خَبره ويقترن خَبَرهَا الْفعْلِيّ بِأَن كثيرا حملا لَهَا على عَسى كَقَوْلِه
(لَعَلَّك يَوْمًا أَن تلم ملمة ... )
وبحرف التَّنْفِيس قَلِيلا مثل
(فقولا لَهَا قولا رَفِيقًا لَعَلَّهَا ... سترحمني من زفرَة وعويل)
وتتصل بهَا (مَا) الحرفية فتكفها عَن الْعَمَل لزوَال اختصاصها بِالْجُمْلَةِ الاسمية بِدَلِيل قَوْله
(أعد نظرا يَا عبد قيس لعلما ... أَضَاءَت لَك النَّار الْحمار المقيدا)
لَعَلَّ
لَعَلَّ بتشديدِ اللامِ، وَلَعَلْ بتخفيفِها: كَلِمَةُ طمَعٍ وإشْفاقٍ، كعَلَّ بغيرِ لامٍ، وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: لَعَلَّ: كَلِمَةُ شَكٍّ، واللامُ فِي أوَّلِها زائدةٌ، قَالَ قَيْسُ بنُ المُلَوَّح:
(يقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجْنُونَ عامِرٍ 
... يَرومُ سُلُوَّاً، قلتُ أنَّا لِما بِيَا)
وأنشدَ ابنُ بَرِّي لنافعِ بنِ سَعدٍ الغَنَوِيُّ: (ولَستُ بلَوّامٍ على الأمرِ بَعْدَما ... يَفوتُ، ولكنْ عَلَّ أنْ أَتَقَدَّما)
وَقد تكرَّرَ فِي الحديثِ ذِكرُ لَعَلَّ، وجاءتْ فِي القرآنِ بِمَعْنى كَيْ، وَفِي حديثِ حاطِبٍ: وَمَا يُدريكَ لَعَلَّ اللهَ قد اطَّلَعَ على أهلِ بَدرٍ، قَالَ ابنُ الْأَثِير: ظنَّ بعضُهم أنّ معنى لَعَلَّ هُنَا من جهةِ الظنِّ والحُسْبان، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِك وإنّما هِيَ بِمَعْنى عَسَى، وَعَسَى ولَعَلَّ من اللهِ تَحقيقٌ، فِيهِ لُغاتٌ: عَنَّ، وغَنَّ، وأنَّ، ولأَنَّ، ولَوَنَّ، ورَعَلَّ، ولَعَنَّ، ولَغَنَّ، ورَغَنَّ، وَيُقَال: علِّيَّ أَفْعَلُ، وعَلَّني أَفْعَلُ، ولَعَلِّي أَفْعَلُ، وَلَعَلَّني أَفْعَل، وَلَعَنِّي، وَلَعَنَّنِي وَلَغَنِّي، وَلَغَنَّنِي، وَلَوَنِّي، وَلَوَنَّنِي، ولأَنِّي، ولأنَّنِي، وأنِّي، وأنَّني، ورَغَنِّي، وَرَغَنَّني، فَهَذِهِ ثمانيةٌ وعشرونَ لُغَة، قَالَ شيخُنا: وَفِيه تَطْوُيلٌ من غيرِ كبيرِ فائدةٍ، وَكَانَ يَكْفِي أَن يَقُول: بنوِ الوِقايةِ ودونها، وأحكامُ لَعَلَّ، ولُغاتُها مَشْرُوحةٌ فِي المُغْني، والتَّسْهيل، وشُروحُهما. قلتُ: وشاهدُ لأَنَّنِي بِمَعْنى لَعَلَّني: من قولِ امرئِ القَيس:)
(عُوجا على الطَّلَلِ المَحيلِ لأَنَّنا ... نَبكي الدِّيارَ كَمَا بَكَى ابنُ خِذامِ)
أَي لَعَلَّنا، ومثلُه قولُ الآخر:
(أَريني جَواداً ماتَ هُزْلاً لأَنَّني ... أرى مَا تَرَيْنَ أَو بَخيلاً مُكَرَّما)
وشاهدُ أنَّ بِمَعْنى عَلَّ قولُه تَعَالَى: وَمَا يُشعِرُكُم أنّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤمنون. 

أكر مانالاوُس اليوناني، الرياضي، من أهل الإسكندرية

أكر مانالاوُس اليوناني، الرياضي، من أهل الإسكندرية
كان قبل زمن بطلميوس.
وكتابه من المشهورات المسلمات أيضا، يخاطب فيه ياسيليذس اللاذي، وقال: أيها الملك إني وجدت ضربا برهانيا فاضلا... الخ).
وهو نسخ كثيرة مختلفة، لها إصلاحات:
كإصلاح الماهاني.
وأبي الفضل: أحمد بن أبي سعيد الهروي، بعضها غير تام.
وأتمها: إصلاح: الأمير، أبي نصير: منصور بن عراق.
وهو مشتمل على: ثلاث مقالات في البعض، وعلى مقالتين في الآخر.
أما الثلاث، فعند الأكثرين مشتمل أولاها على: تسعة وثلاثين شكلا، والمختار: خمسة وعشرون شكلا، ووسطاها: في كثير من النسخ على: أربعة وعشرين شكلا.
وفي نسخة: ابن عراق، على أحد وعشرين.
وعند البعض: يشتمل أولاها على: أحد وستين شكلا، والثانية: على ثمانية عشر شكلا، والأخيرة على: اثني عشر شكلا.
وأما المقالتان، فيشتمل:
الأولى: على أحد وستين شكلا.
والأخيرة: على ثلاثين شكلا.
وفي بعض الأشكال اختلاف.
وجميع أشكال الكتاب فيما بين: خمسة وثمانين شكلا، وأحد وتسعين شكلا.
ذكر ذلك كله: العلامة: نصير الدين الطوسي، في تحريره لهذا الكتاب، وأنه لما وصل إليه وجد نسخا كثيرة مختلفة كذلك، وإصلاحات، فبقي متحيرا، إلى أن عثر على إصلاح ابن عراق، فاتضح له ما كان متوقفا فيه، فحرر.
وفرغ من تحريره: في شعبان، سنة ثلاث وستين وستمائة.

الإسكَنْدَرِيَّة

الإسكَنْدَرِيَّة:
قال أهل السير: إنّ الإسكندر بن فيلفوس الرومي قتل كثيرا من الملوك وقهرهم، ووطئ البلدان إلى أقصى الصين وبنى السدّ وفعل الأفاعيل، ومات وعمره اثنتان وثلاثون سنة وسبعة أشهر، لم يسترح في شيء منها، قال مؤلف الكتاب: وهذا إن صح، فهو عجيب مفارق للعادات، والذي أظنّه، والله أعلم، أنّ مدّة ملكه أو حدة سعده هذا المقدار، ولم تحسب العلماء غير ذلك من عمره، فإن تطواف الأرض بسير الجنود مع ثقل حركتها لاحتياجها في كل منزل إلى تحصيل الأقوات والعلوفة ومصابرة من يمتنع عليه من أصحاب الحصون يفتقر إلى زمان غير زمان السير ومن المحال أن تكون له همة يقاوم بها الملوك العظماء، وعمره دون عشرين سنة، وإلى أن يتسق ملكه ويجتمع له الجند وتثبت له هيبة في النفوس وتحصل له رياسة وتجربة وعقل يقبل الحكمة التي تحكى عنه يفتقر إلى مدة أخرى مديدة، ففي أيّ زمان كان سيره في البلاد وملكه لها ثم إحداثه ما أحدث من المدن في كل قطر منها واستخلافه الخلفاء عليها؟ على أنه قد جرى في أيامنا هذه وعصرنا الذي نحن فيه في سنة سبع عشرة وثماني عشرة وستمائة من التتر الواردين من أرض الصين ما لو استمرّ لملكوا الدنيا كلها في أعوام يسيرة، فإنهم ساروا من أوائل أرض الصين إلى أن خرجوا من باب الأبواب وقد ملكوا وخرّبوا من البلاد الإسلامية ما يقارب نصفها، لأنهم ملكوا ما وراء النهر وخراسان وخوارزم وبلاد سجستان ونواحي غزنة وقطعة من السند وقومس وأرض الجبل بأسره غير أصبهان وطبرستان وأذربيجان وأرّان وبعض أرمينية وخرجوا من الدربند، كلّ ذلك في أقل من عامين. وقتلوا أهل كل مدينة ملكوها ثم خذلهم الله وردهم من حيث جاءوا، ثم إنّهم بعد خروجهم من الدربند ملكوا بلاد الخزر واللّان وروس وسقسين وقتلوا القبجاق في بواديهم حتى انتهوا إلى بلغار في نحو عام آخر فكأن هذا عضد قصة الإسكندر، على أنّ الإسكندر كان إذا ملك البلاد عمرها واستخلف عليها، وهذا يفتقر إلى زمان غير زمان الخراب فقط، قال أهل السير: بنى الإسكندر ثلاث عشرة مدينة وسمّاها كلها باسمه ثم تغيرت أساميها بعده، وصار لكل واحدة منها اسم جديد، فمنها الإسكندرية التي بناها في باورنقوس ومنها الإسكندرية التي بناها تدعى المحصّنة ومنها الإسكندرية التي بناها ببلاد الهند ومنها الإسكندرية التي في جاليقوس ومنها الإسكندرية التي في بلاد السّقوياسيس ومنها الإسكندرية التي على شاطئ النهر الأعظم ومنها الإسكندرية التي بأرض بابل ومنها الإسكندرية التي هي ببلاد الصّغد وهي سمرقند، ومنها الإسكندرية التي تدعى مرغبلوس وهي مرو، ومنها الإسكندرية التي في مجاري الأنهار بالهند ومنها الإسكندرية التي سميت كوش وهي بلخ، ومنها الإسكندرية العظمى التي ببلاد مصر، فهذه ثلاث عشرة إسكندرية نقلتها من كتاب ابن الفقيه كما كانت فيه مصورة، وقرأت في كتاب الحافظ أبي سعد:
أنشدني أبو محمد عبد الله بن الحسن بن محمد الإيادي من لفظه بالإسكندرية قرية بين حلب وحماة، قال الأديب الأبيوردي:
فيا ويح نفسي لا أرى الدهر منزلا ... لعلوة، إلّا ظلّت العين تذرف
ولو دام هذا الوجد لم يبق عبرة ... ولو أنني من لجّة البحر أغرف
والإسكندرية أيضا: قرية على دجلة بإزاء الجامدة بينها وبين واسط خمسة عشر فرسخا، ينسب إليها أحمد ابن المختار بن مبشّر بن محمد بن أحمد بن عليّ بن المظفّر أبو بكر الإسكندراني من ولد الهادي بالله أمير المؤمنين، تفقّه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وكان أديبا فاضلا خيّرا قدم بغداد في سنة 510 متظلّما من عامل ظلمه، فسمع منه أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ وغيره أبياتا من شعره، قاله صاحب الفيصل.
ومنها الإسكندرية قرية بين مكة والمدينة ذكرها الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار في معجمه وأفادنيها من لفظه، وجميع ما ذكرنا من المدن ليس فيها ما يعرف الآن بهذا الاسم إلا الإسكندرية العظمى التي بمصر، قال المنجّمون: طول الإسكندرية تسع وستون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة وثلث، وفي زيج أبي عون: طول الإسكندرية إحدى وخمسون درجة وعرضها إحدى وثلاثون درجة، وهي في الإقليم الثالث، وذكر آخر أنّ الإسكندرية في الإقليم الثاني، وقال: طولها إحدى وخمسون درجة وعشرون دقيقة وعرضها إحدى وثلاثون درجة، واختلفوا في أول من أنشأ الإسكندرية التي بمصر اختلافا كثيرا نأتي منه بمختصر لئلّا نملّ بالإكثار:
ذهب قوم إلى أنها إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد. وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: خير مسالحكم الإسكندرية. ويقال: إنّ الإسكندر والفرما أخوان، بنى كلّ واحد منهما مدينة بأرض مصر وسمّاها باسمه، ولما فرغ الإسكندر من مدينته، قال: قد بنيت مدينة إلى الله فقيرة، وعن الناس غنيّة، فبقيت بهجتها ونضارتها إلى اليوم، وقال الفرما لما فرغ من مدينته:
قد بنيت مدينة عن الله غنيّة وإلى الناس فقيرة، فذهب نورها فلا يمرّ يوم إلّا وشيء منها ينهدم، وأرسل الله عليها الرمال فدمّتها إلى أن دثرت وذهب أثرها.
وعن الأزهر بن معبد قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: أين تسكن من مصر؟ قلت: أسكن الفسطاط، فقال: أفّ أمّ نتن! أين أنت عن الطيبة؟
قلت أيّتهنّ هي؟ قال: الإسكندرية، وقيل: إنّ الإسكندر لما همّ ببناء الإسكندرية دخل هيكلا عظيما كان لليونانيّين فذبح فيه ذبائح كثيرة وسأل ربّه أن يبيّن له أمر هذه المدينة هل يتمّ بناؤها أم هل يكون أمرها إلى خراب؟ فرأى في منامه كأن رجلا قد ظهر له من الهيكل، وهو يقول له: إنّك تبني مدينة يذهب صيتها في أقطار العالم ويسكنها من الناس ما لا يحصى عددهم، وتختلط الرياح الطيبة بهوائها، ويثبت حكم أهلها وتصرف عنها السّموم والحرور وتطوى عنها قوّة الحرّ والبرد والزمهرير ويكتم عنها الشرور حتى لا يصيبها من الشياطين خبل وإن جلبت عليها ملوك الأرض بجنودهم وحاصروها لم يدخل عليها ضرر. فبناها وسمّاها الإسكندرية ثم رحل عنها بعد ما استتمّ بناءها فجال الأرض شرقا وغربا، ومات بشهرزور وقيل ببابل وحمل إلى الإسكندرية فدفن فيها.
وذكر آخرون أنّ الذي بناها هو الإسكندر الأوّل ذو القرنين الرومي، واسمه أشك بن سلوكوس، وليس هو الإسكندر بن فيلفوس، وأن الإسكندر الأول هو الذي جال الأرض وبلغ الظّلمات وهو صاحب موسى والخضر، عليهما السلام، وهو الذي بنى السّدّ، وهو الذي لما بلغ إلى موضع لا ينفذه أحد صوّر فرسا من نحاس وعليه فارس من نحاس ممسك يسرى يديه على عنان الفرس وقد مدّ يمناه وفيها مكتوب: ليس ورائي مذهب. وزعموا أنّ بينه وبين الإسكندر الأخير صاحب دارا المستولي على أرض فارس وصاحب أرسطاطاليس الحكيم الذي زعموا أنّه عاش اثنتين وثلاثين سنة دهر طويل وأنّ الأوّل كان مؤمنا كما قص الله عنه في كتابه وعمّر عمرا طويلا وملك الأرض، وأما الأخير فكان يرى رأي الفلاسفة ويذهب إلى قدم العالم كما هو رأي أستاذه أرسطاطاليس، وقتل دارا ولم يتعدّ ملكه الروم وفارس. وذكر محمد بن إسحاق أنّ يعمر بن شدّاد بن عاد بن عوض ابن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، هو الذي أنشأ الإسكندرية وهي كنيسة حنس، وزبر فيها: أنا يعمر بن شداد أنشأت هذه المدينة وبنيت قناطرها ومعابرها قبل أن أضع حجرا على حجر، وأجريت ماءها لأرفق بعمّالها حتى لا يشقّ عليهم نقل الماء، وصنعت معابر لممرّ أهل السّبيل وصيّرتها إلى البحر وفرّقتها عند القبّة يمينا وشمالا. وكان يعمل فيها تسعون ألفا لا يرون لهم ربّا إلا يعمر بن شداد، وكان تاريخ الكتاب ألفا ومائتي سنة.
وقال ابن عفير: ان أول من بنى الإسكندرية جبير المؤتفكي وكان قد سخّر بها سبعين ألف بنّاء وسبعين ألف مخندق وسبعين ألف مقنطر فعمّرها في مائتي سنة وكتب على العمودين اللذين عند البقرات بالإسكندرية، وهما أساطين نحاس يعرفان بالمسلّتين:
أنا جبير المؤتفكي عمرت هذه المدينة في شدّتي وقوّتي حين لا شيبة ولا هرم أضناني، وكنزت أموالها في مراجل جبيريّة وأطبقته بطبق من نحاس وجعلته داخل البحر، وهذان العمودان بالإسكندرية عند مسجد الرحمة، وروي أيضا أنّه كان مكتوبا عليهما بالحميرية: أنا شداد بن عاد الذي نصب العماد وجنّة الأجناد وسدّ بساعده الواد بنيت هذه الأعمدة في شدّتي وقوّتي إذ لا موت ولا شيب، وكنزت كنزا على البحر في خمسين ذراعا لا تصل إليه إلا أمة هي آخر الأمم، وهي أمّة محمد، صلى الله عليه وسلم. ويقال: إنما دعا جبيرا المؤتفكي إلى بنائها أنّه وجد بالقرب منها في مغارة على شاطئ البحر تابوتا من نحاس ففتحه فوجد فيه تابوتا من فضّة، ففتحه فإذا فيه درج من حجر الماس، ففتحه فإذا فيه مكحلة من ياقوتة حمراء مرودها عرق زبرجد أخضر فدعا بعض غلمانه فكحّل إحدى عينيه بشيء مما كان في تلك المكحلة فعرف مواضع الكنوز ونظر إلى معادن الذهب ومغاص الدّرّ، فاستعان بذلك على بناء الإسكندرية وجعل فيها أساطين الذهب والفضة وأنواع الجواهر حتى إذا ارتفع بناؤها مقدار ذراع أصبح وقد ساخ في الأرض، فأعاده أيضا فأصبح وقد ساخ فمكث على ذلك مائة سنة كلما ارتفع البناء ذراعا أصبح سائخا في الأرض فضاق ذرعا بذلك، وكان من أهل تلك الأرض راع يرعى على شاطئ البحر وكان يفقد في كل ليلة شاة من غنمه إلى أن أضرّ به ذلك فارتصد ليلة، فبينما هو يرصد إذا بجارية قد خرجت من البحر كأجمل ما يكون من النساء فأخذت شاة من غنمه فبادر إليها وأمسكها قبل أن تعود إلى البحر وقبض على شعرها فامتنعت عليه ساعة ثم قهرها وسار بها إلى منزله فأقامت عنده مدّة لا تأكل إلّا اليسير ثم واقعها فأنست به وبأهله وأحبّتهم ثم حملت وولدت فازداد أنسها وأنسهم بها، فشكوا إليها يوما ما يقاسونه من تهدّم بنائهم وسيوخه كلما علّوه وأنهم إذا خرجوا بالليل اختطفوا، فعملت لهم الطلسمات وصوّرت لهم الصّور فاستقرّ البناء وتمّ أمر المدينة وأقام بها جبير المؤتفكي خمسمائة سنة ملكا لا ينازعه أحد، وهو الذي نصب العمودين اللذين بها ويسمّيان المسلّتين. وكان أنفذ في قطعهما وحملهما إلى جبل بريم الأحمر سبعمائة عامل، فقطعوهما وحملوهما، ونصبهما في مكانهما غلام له يقال له قطن بن جارود المؤتفكي وكان أشد من رؤي في الخلق، فلما نصبهما على السّرطانين النّحاس جعل بإزائهما بقرات نحاس كتب عليها خبره وخبر المدينة وكيف بناها ومبلغ النفقة عليها والمدة، ثم غزاه رومان بن تمنع الثّمودي فهزمه وقتل أصحابه قتلا ذريعا وأقام عمودا بالقرب منهما وكتب عليه:
أنا رومان الثمودي صنّفت أصناف هذه المدينة وأصناف مدينة هرقل الملك بالدوام على الشهور والأعوام ما اختلف ابنا سمير، وبقيت حصاة في ثبير، وأنا غيّرت كتاب جبير الشديد ونشرته بمناشير الحديد وستجدون قصّتي ونعتي في طرف العمود، فولد رومان بزيعا فملك الإسكندرية بعده خمسين سنة لم يحدث فيها شيئا، ثم ملك بعده ابنه رحيب، وهو الذي بنى الساطرون بالإسكندرية وزبر على حجر منه: أنا رحيب بن بزيع الثمودي بنيت هذه البنية في قوّتي وشدّتي وعمّرتها في أربعين سنة على رأس ست وتسعين سنة من ملكي، وولد رحيب مرّة، وولد مرة موهبا ملك بعد أبيه مائتي سنة وغزا أنيس بن معدي كرب العادي موهبا بالإسكندرية وملكها بعده، ثم ملكها بعده يعمر بن شدّاد بن جنّاد بن صيّاد بن شمران بن ميّاد بن شمر بن يرعش فغزاه ذفافة بن معاوية بن بكر العمليقي فقتل يعمر وملك الإسكندرية، وهو أول من سمّي فرعون بمصر، وهو الذي وهب هاجر أمّ إسماعيل، عليه السلام، إلى ابراهيم، عليه السلام، وهذه أخبار نقلناها كما وجدناها في كتب العلماء، وهي بعيدة المسافة من العقل لا يؤمن بها إلّا من غلب عليه الجهل، والله أعلم.
ولأهل مصر بعد إفراط في وصف الإسكندرية وقد أثبتها علماؤهم ودوّنوها في الكتب، فيها وهم، ومنها ما ذكره الحسن بن ابراهيم المصري قال: كانت الإسكندرية لشدّة بياضها لا يكاد يبين دخول الليل فيها إلّا بعد وقت، فكان الناس يمشون فيها وفي أيديهم خرق سود خوفا على أبصارهم، وعليهم مثل لبس الرّهبان السواد، وكان الخيّاط يدخل الخيط في الإبرة بالليل، وأقامت الإسكندرية سبعين سنة ما يسرج فيها ولا يعرف مدينة على عرضها وطولها وهي شطرنجية ثمانية شوارع في ثمانية، قلت: أما صفة بياضها فهو إلى الآن موجود، فإن ظاهر حيطانها شاهدناها مبيّضة جميعها إلّا اليسير النادر لقوم من الصعاليك، وهي مع ذلك مظلمة نحو جميع البلدان. وقد شاهدنا كثيرا من البلاد التي تنزل بها الثلوج في المنازل والصحارى وتساعدها النجوم بإشراقها عليها إذا أظلم الليل أظلمت كما تظلم جميع البلاد لا فرق بينها، فكيف يجوز لعاقل أن يصدّق هذا ويقول به؟ قال: وكان في الإسكندرية سبعة حصون وسبعة خنادق، قال: وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إني فتحت مدينة فيها اثنا عشر ألف بقّال يبيعون البقل الأخضر وأصبت فيها أربعين ألف يهودي عليهم الجزية. وروي عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم لما ولي مصر وبلغه ما كانت الإسكندرية عليه استدعى مشايخها، وقال:
أحبّ أن أعيد بناء الإسكندرية على ما كانت عليه فأعينوني على ذلك وأنا أمدّكم بالأموال والرجال.
قالوا: أنظرنا أيها الأمير حتى ننظر في ذلك. وخرجوا من عنده وأجمعوا على أن حفروا ناووسا قديما وأخرجوا منه رأس آدمي وحملوه على عجلة إلى المدينة، فأمر بالرأس فكسر وأخذ ضرس من أضراسه فوجد وزنه عشرين رطلا على ما به من النخر والقدم، فقالوا: إذا جئتنا بمثل هؤلاء الرجال نعيد عمارتها على ما كانت، فسكت. ويقال: إن المعاريج التي بالإسكندرية مثل الدّرج كانت مجالس العلماء يجلسون عليها على طبقاتهم فكان أوضعهم علما الذي يعمل الكيمياء من الذهب والفضة، فإن مجلسه كان على الدّرجة السّفلى. وأما خبر المنارة فقد رووا لها أخبارا هائلة وادّعوا لها دعاوى عن الصدق عادلة وعن الحق مائلة، فقالوا: إنّ ذا القرنين لما أراد بناء منارة الإسكندرية أخذ وزنا معروفا من حجارة ووزنا من آجرّ ووزنا من حديد ووزنا من نحاس ووزنا من رصاص ووزنا من قصدير ووزنا من حجارة الصّوّان ووزنا من ذهب ووزنا من فضة وكذلك من جميع الأحجار والمعادن، ونقع جميع ذلك في البحر حولا ثم أخرجه فوجده قد تغير كله وحال عن حاله ونقصت أوزانه إلّا الزجاج فإنه لم يتغير ولم ينقص، فأمر أن يجعل أساس المنارة من الزجاج، وعمل على رأس المنارة مرآة ينظر فيها الناظر فيرى المراكب إذا خرجت من أفرنجة أو من القسطنطينية أو من سائر البلاد لغزو الإسكندرية، فأضرّ ذلك بالروم فلم يقدروا على غزوها. وكانت فيها حمّة تنفع من البرص ومن جميع الأدواء، وكان على الرّوم ملك يقال له سليمان فظهر البرص في جسمه فعزم الرّوم على خلعه والاستبدال منه، فقال: أنظروني أمض إلى حمّة الإسكندرية وأعود فإن برئت وإلّا شأنكم وما قد عزمتم عليه، قال: وكان فعله هذا من إظهار البرص بجسمه حيلة ومكرا، وإنما أراد قلع المرآة من المنارة ليبطل فعلها، فسار إليها في ألف مركب، وكان من شرط هذه الحمة أن لا يمنع منها أحد يريد الاستشفاء بها، فلما سار إليها فتحوا له أبوابها الشارعة إلى البحر فدخلها، وكانت الحمة في وسط المدينة بإزاء المعاريج التي تجلس العلماء عليها، فاستحم في مائها أياما. ثم ذكر أنه قد عوفي من دائه وذهب ما كان به من بلوائه. ولما أشرف على هذه الحمة وما تشفي من الأدواء وكان قد تمكّن من البلد بكثرة رجاله، قال: هذه أضرّ من المرآة. ثم أمر بها فغوّرت وأمر أن تقلع المرآة ففعل وأنفذ مركبا إلى القسطنطينية وآخر إلى أفرنجة وأمر من أشرف على المنارة ونظر إلى المركبين إذا دخلا القسطنطينية وأفرنجة وخرجا منها فأعلم أنهما لما بعدا عن الإسكندرية يسيرا غابا عنه، فعاد إلى بلاده وقد أمن غائلة المرآة.
وقيل: إن أول من عمر المنارة امرأة يقال لها دلوكة بنت ريّا، وسيأتي ذكرها في هذا الكتاب في حائط العجوز وغيره. وقيل: بل عمرتها ملكة من ملوك الرّوم، يقال لها قلبطرة، وهي في زعم بعضهم التي ساقت الخليج إلى الإسكندرية حق جاءت به إلى مدينتها، وكان الماء لا يصل إلّا إلى قرية يقال لها كسا، والأخبار والأحاديث عن مصر وعن الإسكندرية ومنارتها من باب حدّث عن البحر ولا حرج، وأكثرها باطل وتهاويل لا يقبلها إلّا جاهل، ولقد دخلت الإسكندرية وطوّفتها فلم أر فيها ما يعجب منه إلّا عمودا واحدا يعرف الآن بعمود السّواري تجاه باب من أبوابها يعرف بباب الشجرة، فإنه عظيم جدا هائل كأنه المنارة العظيمة، وهو قطعة واحدة مدوّر منتصب على حجر عظيم كالبيت المربّع قطعة واحدة أيضا وعلى رأس العمود حجر آخر مثل الذي في أسفله، فهذا يعجز أهل زماننا عن معالجة مثله في قطعه من مقطعه وجلبه من موضعه ثم نصبه على ذلك الحجر ورفع الآخر إلى أعلاه ولو اجتمع عليه أهل الإسكندرية بأجمعهم، فهو يدل على شدة حامليه وحكمة ناصبية وعظمة همة الآمر به. وحدثني الوزير الكبير الصاحب العالم جمال الدين القاضي الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله أيّامه، ثم وقفت على مثل ما حكاه سواء في بعض الكتب وهو كتاب ابن الفقيه وغيره: أنّه شاهد في جبل بأرض أسوان عمودا قد نقر وهندم في موضعه من الجبل طوله ودوره ولونه مثل هذا العمود المذكور، كأن المنية عاجلت بالملك الذي أمر بعمله فبقي على حاله.
قال أحمد بن محمد الهمذاني: وكانوا ينحتون السواري من جبال أسوان وبينها وبين الإسكندرية مسيرة شهر للبريد ويحملونها على خشب الأطواف في النيل، وهو خشب يركّب بعضه على بعض وتحمل الأعمدة وغيرها عليه، وأما منارة الإسكندرية فقد قدمنا إكثارهم في وصفها ومبالغتهم في عظمها وتهويلهم في أمرها وكل ذلك كذب لا يستحيي حاكيه ولا يراقب الله راويه، ولقد شاهدتها في جماعة من العلماء وكلّ عاد منا متعجبا من تخرّص الرّواة، وذلك إنما هي بنيّة مربّعة شبيهة بالحصن والصّومعة مثل سائر الأبنية، ولقد رأيت ركنا من أركانها وقد تهدّم فدعمه الملك الصالح ابن رزيك أو غيره من وزراء المصريين، واستجدّه فكان أحكم وأتقن وأحسن من الذي كان قبله، وهو ظاهر فيه كالشامة لأن حجارة هذا المستجدّ أحكم وأعظم من القديم وأحسن وضعا ورصفا، وأما صفتها التي شاهدتها فإنها حصن عال على سنّ جبل مشرف في البحر في طرف جزيرة بارزة في ميناء الإسكندرية، بينها وبين البرّ نحو شوط فرس وليس إليها طريق إلّا في ماء البحر الملح، وبلغني أنه يخاض من إحدى جهاته الماء إليها، والمنارة مربّعة البناء ولها درجة واسعة يمكن الفارس أن يصعدها بفرسه، وقد سقفت الدرج بحجارة طوال مركبة على الحائطين المكتنفي الدّرجة فيرتقى إلى طبقة عالية يشرف منها على البحر بشرافات محيطة بموضع آخر، كأنه حصن آخر مربّع يرتقى فيه بدرج أخرى إلى موضع آخر، يشرف منه على السطح الأول بشرفات أخرى، وفي هذا الموضع قبة كأنها قبة الديدبان وليس فيها، كما يقال، غرف كثيرة ومساكن واسعة يضل فيها الجاهل بها، بل الدرجة مستديرة بشيء كالبئر فارغ، زعموا أنه مهلك وأنه إذا ألقي فيها الشيء لا يعرف قراره، ولم أختبره والله اعلم به، ولقد تطلّبت الموضع الذي زعموا أن المرآة كانت فيه فما وجدته ولا أثره، والذي يزعمون انها كانت فيه هو حائط بينه وبين الأرض نحو مائة ذراع أو أكثر، وكيف ينظر في مرآة بينها وبين الناظر فيها مائة ذراع أو أكثر، ومن أعلى المنارة؟
فلا سبيل للناظر في هذا الموضع، فهذا الذي شاهدته وضبطته وكلّ ما يحكى غير هذا فهو كذب لا أصل له. وذكر ابن زولاق أنّ طول منارة الإسكندرية مائتا ذراع وثلاثون ذراعا وأنها كانت في وسط البلد وإنما الماء طفح على ما حولها فأخربه وبقيت هي لكون مكانها كان مشرفا على غيره.
وفتحت الإسكندرية سنة عشرين من الهجرة في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على يد عمرو بن العاص بعد قتال وممانعة، فلما قتل عمر وولي عثمان، رضي الله عنه، ولّى مصر جميعها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاع، فطمع أهل الإسكندرية ونقضوا، فقيل لعثمان: ليس لها إلا عمرو بن العاص فإن هيبته في قلوب أهل مصر قوية. فأنفذه عثمان ففتحها ثانية عنوة وسلمها إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح وخرج من مصر، فما رجع إليها إلا في أيام معاوية. حدثني القاضي المفضل أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر إسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي عارض الجيش لصلاح الدين يوسف بن أيوب، قال: حدثني الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد الأبّي، وأبّة من بلاد افريقية، قال: اذكر ليلة وانا امشي مع الأديب ابي بكر احمد بن محمد العيدي على ساحل بحر عدن، وقد تشاغلت عن الحديث معه فسألني: في أي شيء أنت مفكر؟ فعرّفته أنني قد عملت في تلك الساعة شعرا، وهو هذا:
وأنظر البدر مرتاحا لرؤيته، ... لعلّ طرف الذي أهواه ينظره
فقال مرتجلا:
يا راقد الليل بالإسكندرية لي ... من يسهر الّليل، وجدا بي، وأسهره
ألاحظ النجم تذكارا لرؤيته، ... وإن مرى دمع أجفاني تذكّره
وأنظر البدر مرتاحا لرؤيته، ... لعلّ عين الذي أهواه تنظره قلت: ولو استقصينا في أخبار الإسكندرية جميع ما بلغنا لجاء في غير مجلّد، وهذا كاف بحمد الله.

اليمامة

اليمامة:
منقول عن اسم طائر يقال له اليمام واحدته يمامة، واختلف فيه فقال الكسائيّ: اليمام من الحمام التي تكون في البيوت والحمام البري، وقال الأصمعي:
اليمام ضرب من الحمام بريّ، وأما الحمام فكل ما كان ذا طوق مثل القمري والفاختة، ويجوز أن يكون من أمّ يؤمّ إذا قصد ثم غيّر لأن الحمام يقصد مساكنه في جميع حالاته، والله أعلم، وقال المرّار الفقعسي:
إذا خفّ ماء المزن فيها تيمّمت ... يمامتها أيّ العداد تروم
وقال بعضهم: يمامة كلّ شيء قطنه، يقال: الحق بيمامتك، وهذا مبلغ اجتهادنا في اشتقاقه ثم وجدت ابن الأنباري قال: هو مأخوذ من اليمم واليمم طائر، قال: ويجوز أن يكون فعالة من يمّمت الشيء إذا
تعمدته، ويجوز أن يكون من الأمام من قولك:
زيد أمامك أي قدامك فأبدلت الهمزة ياء وأدخلت الهاء لأن العرب تقول: أمامة وأمام، قال أبو القاسم الزجاجي: هذا الوجه الأخير غير مستقيم أن يكون يمامة من أمام وأبدلت الهمزة ياء لأنه ليس بمعروف إبدال الهمزة إذا كانت أولا ياء، وأما الذي حكي أن اليمم طائر فإنما هو اليمام، حكى الأصمعي أن العرب تسمي هذه الدواجن التي في البيوت التي يسميها الناس حماما اليمام واحدتها يمامة، قال: والحمام عند العرب ذات أطواق كالقماريّ والقطا والفواخت، واليمامة في الإقليم الثاني، طولها من جهة المغرب إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها من جهة الجنوب إحدى وعشرون درجة وثلاثون دقيقة، وفي كتاب العزيزي: إنها في الإقليم الثالث، وعرضها خمس وثلاثون درجة، وكان فتحها وقتل مسيلمة الكذاب في أيام أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة 12 للهجرة وفتحها أمير المسلمين خالد ابن الوليد عنوة ثم صولحوا، وبين اليمامة والبحرين عشرة أيام، وهي معدودة من نجد وقاعدتها حجر، وتسمى اليمامة جوّا والعروض، بفتح العين، وكان اسمها قديما جوّا فسميت اليمامة باليمامة بنت سهم بن طسم، قال أهل السير: كانت منازل طسم وجديس اليمامة وكانت تدعى جوّا وما حولها إلى البحرين ومنازل عاد الأولى الأحقاف، وهو الرمل ما بين عمان إلى الشحر إلى حضرموت إلى عدن أبين، وكانت منازل عبيل يثرب ومساكن أميم برمل عالج، وهي أرض وبار، ومساكن جرهم بتهائم اليمن ثم لحقوا بمكة ونزلوا على إسماعيل، عليه السّلام، فنشأ معهم وتزوج منهم كما ذكرنا في مكة، وكانت منازل العماليق موضع صنعاء اليوم ثم خرجوا فنزلوا حول مكة ولحقت طائفة منهم بالشام وبمصر وتفرقت طائفة منهم في جزيرة العرب إلى العراق والبحرين إلى عمان، وقيل: إن فراعنة مصر كانوا من العماليق كان منهم فرعون إبراهيم، عليه السّلام، واسمه سنان ابن علوان، وفرعون يوسف، عليه السّلام، واسمه الريّان بن الوليد، وفرعون موسى، عليه السّلام، واسمه الوليد بن مصعب، وكان ملك الحجاز رجلا من العماليق يقال له الأرقم، وكان الضحاك المعروف عند العجم ببيوراسف من العماليق غلب على ملك العجم بالعراق وهو فيما بين موسى وداود، عليه السّلام، وكان منزله بقرية يقال لها ترس، ويقال إنه من الأزد، ويقال إن طسما وجديسا هما من ولد الأزد ابن إرم بن لاوذ بن سام بن نوح، عليه السّلام، أقاموا باليمامة وهي كانت تسمى جوّا والقرية وكثروا بها وربلوا حتى ملك عليهم ملك من طسم يقال له عمليق ابن هباش بن هيلس بن ملادس بن هركوس بن طسم وكان جبارا ظلوما غشوما، وكانت اليمامة أحسن بلاد الله أرضا وأكثرها خيرا وشجرا ونخلا، قالوا:
وتنازع رجل يقال له قابس وامرأته هزيلة جديسيّان في مولود لهما أراد أبوه أخذه فأبت أمه فارتفعا إلى الملك عمليق فقالت المرأة: أيها الملك هذا ابني حملته تسعا، ووضعته رفعا، وأرضعته شبعا، ولم أنل منه نفعا، حتى إذا تمت أوصاله، واستوفى فصاله، أراد بعلي أن يأخذه كرها، ويتركني ولهى، فقال الرجل: أيها الملك أعطيتها المهر كاملا، ولم أصب منها طائلا، إلا ولدا خاملا، فافعل ما كنت فاعلا، على أنني حملته قبل أن تحمله، وكفلت أمه قبل أن تكفله، فقالت: أيها الملك حمله خفّا وحملته ثقلا، ووضعه شهوة ووضعته كرها! فلما رأى عمليق متانة حجتهما تحير فلم يدر بم يحكم فأمر بالغلام أن
يقبض منهما وأن يجعل في غلمانه وقال للمرأة:
أبغيه ولدا، وأجزيه صفدا، ولا تنكحي بعد أحدا، فقالت: أما النكاح فبالمهر، وأما السفاح فبالقهر، وما لي فيهما من أمر، فأمر عمليق بالزوج والمرأة أن يباعا ويردّ على زوجها خمس ثمنها ويرد على المرأة عشر ثمن زوجها، فاسترقّا، فقالت هزيلة:
أتينا أخا طسم ليحكم بيننا، ... فأظهر حكما في هزيلة ظالما
لعمري لقد حكمت لا متورّعا، ... ولا كنت فيما يلزم الحكم حاكما
ندمت ولم أندم، وأنّى بعترتي، ... وأصبح بعلي في الحكومة نادما
فبلغت أبياتها إلى عمليق فأمر أن لا تزوج بكر من جديس حتى تدخل عليه فيكون هو الذي يفترعها قبل زوجها، فلقوا من ذلك ذلّا حتى تزوجت امرأة من جديس يقال لها عفيرة بنت غفار أخت سيد جديس أي الأسود بن غفار وكان جلدا فاتكا، فلما كانت ليلة الإهداء خرجت والبنات حولها لتحمل إلى عمليق وهنّ يضربن بمعازفهنّ ويقلن:
ابدي بعمليق وقومي فاركبي، ... وبادري الصبح بأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي، ... وما لبكر دونه من مهرب
ثم أدخلت على عمليق فافترعها، وقيل: انها امتنعت عليه وكانت أيّدة فخاف العار فوجأها بحديدة في قبلها فأدماها فخرجت وقد تقاصرت عليها نفسها فشقت ثوبها من خلفها ودماؤها تسيل على قدميها فمرّت بأخيها وهو في جمع من قومه وهي تبكي وتقول:
لا أحد أذلّ من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس؟
يرضى بهذا الفعل قطّ الحرّ ... هذا وقد أعطى وسيق المهر
لأخذه الموت كذا لنفسه ... خير من أن يفعل ذا بعرسه
فأغضب ذلك أخاها فأخذ بيدها ورفعها إلى نادي قومها وهي تقول:
أيجمل أن يؤتى إلى فتياتكم ... وأنتم رجال فيكم عدد الرمل؟
أيجمل تمشي في الدماء فتاتكم ... صبيحة زفّت في العشاء إلى بعل؟
فإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تغبّ من الكحل
ودونكم ثوب العروس فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللغسل
فلو أننا كنا رجالا وكنتم ... نساء لكنّا لا نقرّ على الذلّ
فموتوا كراما أو أميتوا عدوّكم، ... وكونوا كنار شبّ بالحطب الجزل
وإلّا فخلّوا بطنها وتحمّلوا ... إلى بلد قفر وهزل من الهزل
فللموت خير من مقام على أذى، ... وللهزل خير من مقام على ثكل
فدبّوا إليهم بالصوارم والقنا ... وكلّ حسام محدث العهد بالصقل
ولا تجزعوا للحرب قومي فإنما ... يقوم رجال للرجال على رجل
فيهلك فيها كل وغل مواكل، ... ويسلم فيها ذو الجلادة والفضل
فلما سمعت جديس منها ذلك امتلأوا غضبا ونكّسوا حياء وخجلا فقال أخوها الأسود: يا قوم أطيعوني فإنه عز الدهر فليس القوم بأعز منكم ولا أجلد ولولا تواكلنا لما أطعناهم وإن فينا لمنعة، فقال له قومه:
أشر بما ترى فنحن لك تابعون ولما تدعونا إليه مسارعون إلا أنك تعلم أن القوم أكثر منا عددا ونخاف أن لا نقوم لهم عند المنابذة، فقال لهم: قد رأيت أن أصنع للملك طعاما ثم أدعوه وقومه فإذا جاءونا قمت أنا إلى الملك وقتلته وقام كل واحد منكم إلى رئيس من رؤسائهم يفرغ منه فإذا فرغنا من الأعيان لم يبق للباقين قوة، فنهتهم أخت الأسود بن غفار عن الغدر وقالت: نافروهم فلعل الله أن ينصركم عليهم لظلمهم بكم، فعصوها، فقالت:
لا تغدرنّ فإن الغدر منقصة، ... وكل عيب يرى عيبا وإن صغرا
إني أخاف عليكم مثل تلك غدا، ... وفي الأمور تدابير لمن نظرا
حشّوا شعيرا لهم فينا مناهدة، ... فكلكم باسل أرجو له الظفرا
شتّان باغ علينا غير موتئد ... يغشى الظّلامة لن تبقي ولن تذرا
فأجابها أخوها الأسود وقال:
إنّا لعمرك لا نبدي مناهدة ... نخاف منها صروف الدهر إن ظفرا
اني زعيم لطسم حين تحضرنا ... عند الطعام بضرب يهتك القصرا
وصنع الأسود الطعام وأكثر وأمر قومه أن يدفن كل واحد منهم سيفه تحته في الرمل مشهورا، وجاء الملك في قومه فلما جلسوا للأكل وثب الأسود على الملك فقتله ووثب قومه على رجال طسم حتى أبادوا أشرافهم ثم قتلوا باقيهم، وقال الأسود بن غفار عند ذلك:
ذوقي ببغيك يا طسم مجلّلة، ... فقد أتيت لعمري أعجب العجب
إنا أنفنا فلم ننفكّ نقتلهم، ... والبغي هيّج منا سورة الغضب
فلن تعودوا لبغي بعدها أبدا، ... لكن تكونوا بلا أنف ولا ذنب
فلو رعيتم لنا قربى مؤكّدة ... كنّا الأقارب في الأرحام والنسب
وقال جديلة بن المشمخرّ الجديسي وكان من سادات جديس:
لقد نهيت أخا طسم وقلت له: ... لا يذهبنّ بك الأهواء والمرح
واخش العواقب، إنّ الظلم مهلكة، ... وكلّ فرحة ظلم عندها ترح
فما أطاع لنا أمرا فنعذره، ... وذو النصيحة عند الأمر ينتصح
فلم يزل ذاك ينمي من فعالهم ... حتى استعادوا لأمر الغي فافتضحوا
فباد آخرهم من عند أولهم، ... ولم يكن لهم رشد ولا فلح
فنحن بعدهم في الحقّ نفعله ... نسقي الغبوق إذا شئنا ونصطبح
فليت طسما على ما كان إذ فسدوا ... كانوا بعافية من بعد ذا صلحوا
إذا لكنّا لهم عزّا وممنعة ... فينا مقاول تسمو للعلى رجح
وهرب رجل من طسم يقال له رياح بن مرة حتى لحق بتبّع قيل أسعد تبان بن كليكرب بن تبع الأكبر ابن الأقرن بن شمر يرعش بن أفريقس، وقيل: بل لحق بحسان بن تبع الحميري وكان بنجران، وقيل:
بالحرم من مكة، فاستغاث به وقال: نحن عبيدك ورعيتك وقد اعتدى علينا جديس، ثم رفع عقيرته ينشده:
أجبني إلى قوم دعوك لغدرهم ... إلى قتلهم فيها عليهم لك العذر
دعونا وكنّا آمنين لغدرهم، ... فأهلكنا غدر يشاب به مكر
وقالوا: اشهدونا مؤنسين لتنعموا ... ونقضي حقوقا من جوار له حجر
فلما انتهينا للمجالس كلّلوا ... كما كللت أسد مجوّعة خزر
فإنك لم تسمع بيوم ولن ترى ... كيوم أباد الحيّ طسما به المكر
أتيناهم في أزرنا ونعالنا، ... علينا الملاء الخضر والحلل الحمر
فصرنا لحوما بالعراء وطعمة ... تنازعنا ذئب الرّثيمة والنّمر
فدونك قوم ليس لله منهم ... ولا لهم منه حجاب ولا ستر
فأجابه إلى سواله ووعده بنصره ثم رأى منه تباطؤا فقال:
إني طلبت لأوتاري ومظلمتي ... يا آل حسّان يال العزّ والكرم
المنعمين إذا ما نعمة ذكرت، ... الواصلين بلا قربى ولا رحم
وعند حسّان نصر إن ظفرت به ... منه يمين ورأي غير مقتسم
إني أتيتك كيما أن تكون لنا ... حصنا حصينا ووردا غير مزدحم
فارحم أيامى وأيتاما بمهلكة، ... يا خير ماش على ساق وذي قدم
إني رأيت جديسا ليس يمنعها ... من المحارم ما يخشى من النّقم
فسر بخيلك تظفر إن قتلتهم ... تشفي الصدور من الأضرار والسقم
لا تزهدنّ فإنّ القوم عندهم ... مثل النعاج تراعي زاهر السّلم
ومقربات خناذيذ مسوّمة ... تعشي العيون وأصناف من النعم
قال: فسار تبع في جيوشه حتى قرب من جوّ، فلما
كان على مقدار ليلة منها عند جبل هناك قال رياح الطسمي: توقف أيها الملك فإن لي أختا متزوّجة في جديس يقال لها يمامة وهي أبصر خلق الله على بعد فإنها ترى الشخص من مسيرة يوم وليلة وإني أخاف أن ترانا وتنذر بنا القوم، فأقام تبع في ذلك الجبل وأمر رجلا أن يصعد الجبل فينظر ماذا يرى، فلما صعد الجبل دخل في رجله شوكة فأكبّ على رجله يستخرجها فأبصرته اليمامة وكانت زرقاء العين فقالت:
يا قوم إني أرى على الجبل الفلاني رجلا وما أظنه إلّا عينا فاحذروه! فقالوا لها: ما يصنع؟ فقالت: إما يخصف نعلا أو ينهش كتفا، فكذّبوها، ثمّ إنّ رياحا قال للملك: مر أصحابك ليقطعوا من الشجر أغصانا ويستتروا بها ليشبهوا على اليمامة وليسيروا كذلك ليلا، فقال تبع: أوفي الليل تبصر مثل النهار؟ قال: نعم أيها الملك بصرها بالليل أنفذ، فأمر تبع أصحابه بذلك فقطعوا الشجر وأخذ كل رجل بيده غصنا حتى إذا دنوا من اليمامة ليلا نظرت اليمامة فقالت: يا آل جديس سارت إليكم الشّجراء أو جاءتكم أوائل خيل حمير، فكذبوها فصبحتهم حمير فهرب الأسود بن غفار في نفر من قومه ومعه أخته فلحق بجبلي طيّء فنزل هناك، فيقال إن له هناك بقية، وفي شرح هذه القصة يقول الأعشى:
إذا أبصرت نظرة ليست بفاحشة ... إذا رفّع الآل رأس الكلب فارتفعا
قالت: أرى رجلا في كفه كتف، ... أو يخصف النعل، لهفا أيّة صنعا!
فكذّبوها بما قالت فصبّحهم ... ذو آل حسّان يزجي السّمر والسّلعا
فاستنزلوا آل جوّ من منازلهم، ... وهدّموا شاخص البنيان فاتضعا
ولما نزل بجديس ما نزل قالت لهم زرقاء اليمامة:
كيف رأيتم قولي؟ وأنشأت تقول:
خذوا خذوا حذركم يا قوم ينفعكم، ... فليس ما قد أرى م الأمر يحتقر
إني أرى شجرا من خلفها بشر، ... لأمر اجتمع الأقوام والشجر
وهي من أبيات ركيكة، وفتح تبّع حصون اليمامة وامتنع عليه الحصن الذي كانت فيه زرقاء اليمامة فصابره تبّع حتى افتتحه وقبض على زرقاء اليمامة وعلى صاحب الحصن وكان اسمه لا يكلم ثم قال لليمامة: ماذا رأيت وكيف أنذرت قومك بنا؟ فقالت: رأيت رجلا عليه مسح أسود وهو ينكبّ على شيء فأخبرتهم أنه ينهش كتفا أو يخصف نعلا، فقال تبّع للرجل: ماذا صنعت حين صعدت الجبل؟ فقال: انقطع شراك نعلي ودخلت شوكة في رجلي فعالجت إصلاحها بفمي وعالجت نعلي بيدي، قال: فأمر تبّع بقلع عينيها وقال: أحب أن أرى الذي أرى لها هذا النظر، فلما قلع عينيها وجد عروقهما كلها محشوة بالإثمد، قالوا:
وكان قال لها أنّى لك حدّة البصر هذه؟ قالت: إني كنت آخذ حجرا أسود فأدقّه وأكتحل به فكان يقوّي بصري، فيقال إنها أول من اكتحل بالإثمد من العرب، قالوا: ولما قلع عينيها أمر بصلبها على باب جوّ وأن تسمى باسمها فسميت باسمها إلى الآن، وقال تبع يذكر ذلك:
وسمّيت جوّا باليمامة بعد ما ... تركت عيونا باليمامة همّلا
نزعت بها عيني فتاة بصيرة ... رغاما ولم أحفل بذلك محفلا
تركت جديسا كالحصيد مطرّحا، ... وسقت نساء القوم سوقا معجّلا
أدنت جديسا دين طسم بفعلها، ... ولم أك لولا فعلها ذاك أفعلا
وقلت: خذيها يا جديس بأختها، ... وأنت لعمري كنت للظلم أولا!
فلا تدع جوّ ما بقيت باسمها، ... ولكنها تدعى اليمامة مقبلا
قالوا: وخربت اليمامة من يومئذ لأن تبّعا قتل أهلها وسار عنها ولم يخلّف بها أحدا فلم تزل على ذلك حتى كان من حديث عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدّؤل بن حنيفة ما ذكرته في حجر، وممن ينسب إلى اليمامة جبير بن الحسن من أهل اليمامة قدم الشام ورأى عمر بن عبد العزيز وسمع رجاء بن حيوة ويعلى بن شدّاد بن أوس وعطاء ونافعا وعون بن عبد الله بن عتبة والحسن البصري، وروى عنه الأوزاعي وأبو إسحاق الفزاري ويحيى بن حمزة وعبد الصمد بن عبد الأعلى السلامي وعكرمة بن عمّار وخالد بن عبد الرحمن الخراساني وعلي بن الجعد، قال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عن جبير فقال: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: لا أرى بحديثه بأسا، قال النسائي: هو ضعيف.

الاتصال

الاتصال: اتحاد الأشياء بعضها ببعض، كاتصال طرفي الدائرة، ويضاده الانفصال. اتصال التربيع اتصال جدار بجدار بحيث تتداخل لبنات أحدهما في الآخر، سمي به لأنهما إنما يبنيان ليحيطا مع جدارين آخرين بمكان مربع.
الاتصال:
[في الانكليزية] Junction ،communication
[ في الفرنسية] Jonction ،communication
في اللغة پيوستن ضد الانفصال وهو أمر إضافي يوصف به الشيء بالقياس إلى غيره.

ويطلق على أمرين: أحدهما اتحاد النهايات بأن يكون المقدار متّحد النهاية بمقدار آخر سواء كانا موجودين أو موهومين، ويقال لذلك المقدار إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وثانيهما كون الشيء بحيث يتحرّك بحركة شيء آخر ويقال لذلك الشيء إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وهذا المعنى من عوارض الكمّ المنفصل مطلقا أو من جهة ما هو في مادة كاتّصال خطّي الزاوية واتّصال الأعضاء بعضها ببعض واتصال اللحوم بالرباطات ونحوها. هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى.
وعند السالكين هو مرادف للوصال والوصول كما عرفت. وعند المحدّثين هو عدم سقوط راو من رواة الحديث ومجيء إسناده متّصلا، ويسمّى ذلك الحديث متّصلا وموصولا، هكذا في ترجمة المشكاة، وهو يشتمل المرفوع والموقوف والمقطوع وما بعده. وقال القسطلاني والموصول ويسمّى المتّصل هو ما اتّصل سنده رفعا أو وقفا، لا ما اتّصل للتابعي.
نعم يسوغ أن يقال متّصل إلى سعيد بن المسيّب أو إلى الزهري مثلا انتهى. فلا يشتمل حينئذ المقطوع وما بعده. وسيجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ المسند.
وعند المنطقيين هو ثبوت قضية على تقدير قضية أخرى كما وقع في شرح المطالع.
فالمتصلة عندهم قضية شرطية حكم فيها بوقوع الاتصال أو بلا وقوعه، أي حكم فيها بوقوع اتصال قضية بقضية أخرى وهي الموجبة، أو نفيه بلا وقوع ذلك الاتصال وهي السّالبة.
ويقابل الاتصال الانفصال وهو عدم ثبوت قضية على تقدير أخرى. وسيجيء في لفظ الشرطية.
وعند الحكماء هو كون الشيء بحيث يمكن أن يفرض له أجزاء مشتركة في الحدود.
والحدّ المشترك بين الشيئين هو ذو وضع يكون نهاية لأحدهما وبداية لآخر كما مرّ في محله.
ومعنى الكلام أنه يكون بحيث إذا فرض انقسامه يحدث حدّ مشترك بين القسمين كما إذا فرض انقسام الجسم يحدث سطح هو حدّ مشترك بين قسميه. والمتّصل بهذا المعنى يطلق على ثلاثة أمور. الأول فصل الكمّ يفصله من الكم المنفصل الذي هو العدد. الثاني الصورة الجسمية لأنها مستلزمة للجسم التعليمي المتّصل فسمّيت به تسمية للملزوم باسم اللّازم. الثالث الجسم الطبعي وإنما يطلق عليه المتّصل لأنه لمّا أطلق المتّصل على الصورة الجسمية والمتصل معناه ذو الاتصال، وكانت الصورة ذات الجسم التعليمي، أطلق الاتصال على الجسم التعليمي.
وإذا أطلق الاتصال على الجسم التعليمي أطلق الاتصال على الصورة أيضا إطلاقا لاسم اللّازم على الملزوم. ولما أطلق الاتصال على الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية أطلق المتّصل على الجسم الطبيعي لأنه ذو الاتصال حينئذ.
هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى. وبالجملة فالمتّصل في اصطلاحهم يطلق على فصل الكمّ وعلى الصورة الجسمية وعلى الجسم الطبيعي، والاتصال على كون الشيء بحيث يمكن إلخ وعلى الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية.
ثم قال في المحاكمات وهاهنا معنى آخر للاتصال وهو كون الشيء ذا أجزاء بالقوّة. لكن هذا المعنى يلازم المعنى الأول ملازمة مساوية، وكلا المعنيين غير إضافيين انتهى. وبالنظر إلى هذا المعنى يقال هذا الجسم متّصل واحد أي لا مفصل فيه بالفعل.
وعند المنجّمين كون الكوكبين على وضع مخصوص من النّظر أو التّناظر. والأول يسمّى باتصال النّظر وهو الذي يذكر هو مع أقسامه هنا. والثاني يسمّى بالاتصال الطبيعي والتناظر.

وباتصال المحلّ أيضا. قالوا: إذا كان كوكب متوجها نحو كوكب آخر من باب النظر أو التناظر وتبيّن أنّ بعده عنه بمقدار جرمه فذلك التوجّه يسمى اتصالا. وهذا الكوكب متّصلا.
وجرم الكوكب هو عبارة عن نوره في الفلك من أمام ووراء. وهذا جعلوه معينا. وعليه، فنور جرم الشمس خمس عشرة درجة، ونور كرة القمر اثنتا عشرة درجة، ونور كلّ من زحل والمشتري تسع درجات، والمريخ ثمان درجات، ونور الزهرة وعطارد كلّ منهما سبع درجات، وعقدة الرأس والذنب كلّ منهما عشرة درجات.

والاتصال له ثلاث أحوال: متى وصل نور كوكب إلى كوكب آخر فهذا ابتداء الاتصال.

ويقال له: الاتّصال الأول. ومتى وصل النور إلى بعد بينهما بنصف جرمين فهو بداية اتصال القوة، وهو ما يقال له وساطة اتّصال، ومتى وصل المركز إلى المركز فهو اتصال تام وهو الغاية في قوة الاتصال. وإذا كان كوكب بطيء الحركة وآخر سريع الحركة يعبران فهو بداية الانصراف. وحين يصل إلى نصف الجرمين فهو نهاية قوة الاتصال، ومتى انقطع جرم من جرم آخر فهذا نهاية تمام الاتصال وانتهاء الانصراف.
أمّا اعتبار نصف الجرمين فجائر في جميع الاتصالات. وبعضهم يقول: قلّما يفيد نصف الجرم ومثاله: إنّ جرم المشتري تسع درجات، وجرم القمر اثنتا عشرة درجة، فيكون المجموع اثنا عشر+ تسع واحد وعشرون. ونصف هذا الرقم هو عشرة ونصف. إذا كلما كانت المسافة بين المشتري والقمر إحدى وعشرين درجة فإنّ نور كلّ منهما يتّصل بالآخر. وهذا بداية الاتصال، وحين يصير عشر درجات ونصف فهو بداية القوة، وحينما يبتعد القمر إحدى وعشرين درجة فهو منصرف.
وأمّا إذا كان اعتبار نصف الجرم أقلّ مثل أربع درجات ونصف فذلك البعد هو بداية القوة. وهذا القول أكثر إحكاما. وهذا مثال على اتصال المقارنة. وعلى هذا المنوال ينبغي أن تقاس بقية الأقسام، مثل اتصال التسديس والتربيع والتثليث. اعلم أن أنواع الاتصال كثيرة، والمشهور أنها اثنا عشر نوعا.

أولها: القبول. وتفسيره: أن يكون كوكب في حظوظ كوكبية. وذلك هو: البيت أو الشرف أو المثلثة أو الحد أو الوجه، وأن يتّصل بصاحب الحظ. وعندئذ (الكوكب) صاحب الحظ يقبله، لأنه يراه في حظّه. وهذا دليل على جواز (قضاء) الحاجة وتمام المحبة بين شخصين.

ثانيها: السرد؛ وذلك مثل حال كوكب ضعيف كأن يكون في الوبال أو الهبوط أو راجعا أو محترقا فهو يبعد عنه نظر كوكب آخر متّصل به لعدم وجود قابلية القبول لديه. وهذا الحكم هو ضد القبول.

ثالثها: دفع القوة. وهو أن يكون كوكب في حظوظه ويرى كوكبا آخر صاحب حظّ فيعطيه قوة، فإذا كان كلّ منهما في حظوظه.
فكلّ واحد منهما يعطي لصاحبه قوّته، كما في حال القمر في برج السرطان والزهرة في برج الثور وهذا غاية في الدفع. وهو دليل على الصداقة بين شخصين من الطرفين وانتهاء الأعمال من الجد والجهد.

رابعها: دفع الطبيعة. وذلك بأن يكون كوكب في الحظوظ وأن يكون كوكب آخر في أحد حظوظ الكوكب الأول، وكوكب ثالث بالتسديس يتبادل طبيعته مع الآخرين. ويسمّي بعضهم هذا النور: دفع القوة، وهو أقوى من دفع القوة وهو من حيث السعادة وبلوغ الآمال الكليّة أزيد من أوضاع ذاتها الأخرى.

خامسها: الإنكار، وذلك بأن يرى كوكب كوكبا آخر في الوبال والهبوط لذلك فإنّ الكوكب ينكر هذا لأنّه يراه في وباله وهبوطه.
وهذا ضد دفع الطبيعة.

سادسها: نقل النور؛ وهو عبارة عن رؤية كوكب خفيف الحركة لكوكب ثقيل الحركة، ولم ينصرف عنه تماما، بحيث يرى كلّ منهما الآخر؛ ومن ثمّ فإنّ نور الكوكب الأول يعطي للثاني مع أن كلا منهما ساقط بالنسبة للآخر.
وهذا بمثابة الاتصال بين كلا الكوكبين. ومثال ذلك: أن يكون كوكب في الحمل وآخر في العقرب وكوكب ثالث أسرع منهما في السرطان.
فالأول يرى ذلك الكوكب الذي في الحمل، وقبل انصرافه يتّصل بكوكب آخر في العقرب، فحينئذ ينتقل النور من الأول إلى الثاني. وفي هذا دليل على حالة الوسط في الأعمال.

سابعها: الانتكاث: وهو أن يكون كوكب خفيف الحركة يرغب أن يرى كوكبا ثقيل الحركة. ثم قبل الوصول المركز للمركز يرجع الكوكب الخفيف ويودّ الاتصال بثقيل الحركة.
ويصير مستقيما ولا يتم الاتصال. وفي هذا دلالة على نقض العهود والندم واليأس من الأعمال.

ثامنها: بعيد الاتصال: وذلك بأن يكون كوكب في برج وفي أوائل البرج لا يرى أي كوكب، ثم يرى في آخر البرج كوكبا في حال ضعيفة.

تاسعها: خالي السّير: وهو أن يرى في أول البرج كوكبا. ولا يتصل بأي كوكب آخر في ذلك البرج، وأن يكون الكوكب في هذا الوقت ضعيفا، وأسوأ من ذلك أن يكون ذلك الكوكب كوكبا منحوسا.

عاشرها: وحشي السّير: وهو أن يأتي كوكب إلى برج ثم يخرج منه دون أن يتّصل به كوكب ما. وهذه الحال تتجه نحو القمر وهو نحس. وأسوأ منه أن يظهر في القوس.
وفي هذا دلالة على عدم حصول المراد ونقصان المال والكسب، وهذا كله بحسب بيوت الطوالع ونظرات المودّة أو العداوة.

الحادي عشر: التربيع الطبيعي: وهو أن يكون عطارد في برج الجوزاء وأن يرى كوكبا آخر في السنبلة، أو أن يكون هو نفسه في السنبلة ويرى كوكبا آخر في الجوزاء، وهذا التربيع هو بقوة التثليث. وتكون هذه الحالة للمشتري أيضا في برجي القوس والحوت.

ثاني عشر: دستورية: وذلك أربعة أنواع:
أحدها: جيّد بعيد، والثاني جيد ضعيف.
والجيّد البعيد هو ما ذكره صاحب المجمل. ثم إن النوعين الآخرين اللذين هما أقرب فأحدهما أن يقع صاحب الطالع في العاشر وصاحب العاشر في الطالع. والثاني: هو أن يكون كوكب في وتد، وذلك الوتد شرف أو بيت وأن يرى كوكبا آخر في وتده، وذلك البيت أو الشرف له، وهذا كمال القوة.
وهو دليل على السعادات الكبرى وحكم السلطنة والسعادات الداخلية والخارجية. وهذه الدستورية منقولة بكاملها من شجرة الثمرة.

خَزَرُ

خَزَرُ:
بالتحريك، وآخره راء، وهو انقلاب في الحدقة نحو اللّحاظ، وهو أقبح الحال: وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين، ويقولون: هو مسمى بالخزر ابن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال في كتاب العين: الخزر جيل خزر العيون، وقال دعبل بن عليّ يمدح آل عليّ، رضي الله عنه:
وليس حيّ من الأحياء نعرفه ... من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم، ... كما تشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة، ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
وقال أحمد بن فضلان رسول المقتدر إلى الصقالبة في رسالة له ذكر فيها ما شاهده بتلك البلاد فقال: الخزر اسم إقليم من قصبة تسمّى إتل، وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار، وإتل مدينة، والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة، والإتل قطعتان: قطعة على غربي هذا النهر المسمّى إتل وهي أكبرهما، وقطعة على شرقيّه، والملك يسكن الغربي منهما، ويسمى الملك بلسانهم ويلك ويسمّى أيضا باك، وهذه القطعة الغربية مقدارها في الطول نحو فرسخ ويحيط بها سور إلّا أنه مفترش البناء، وأبنيتهم خركاهات
لبود إلّا شيء يسير بني من طين، ولهم أسواق وحمّامات، وفيها خلق كثير من المسلمين يقال إنهم يزيدون على عشرة آلاف مسلم ولهم نحو ثلاثين مسجدا، وقصر الملك بعيد من شطّ النهر، وقصره من آجر وليس لأحد بناء من آجر غيره، ولا يمكّن الملك أن يبنى بالآجر غيره، ولهذا السور أربعة أبواب:
أحدها يلي النهر وآخرها يلي الصحراء على ظهر هذه المدينة، وملكهم يهوديّ، ويقال: إنّ له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل، والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عبدة الأوثان، وأقل الفرق هناك اليهود على أن الملك منهم، وأكثرهم المسلمون والنصارى إلّا أنّ الملك وخاصته يهود، والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم، وأحكام مصرهم على رسوم مخالفة للمسلمين واليهود والنصارى، وجريدة جيش الملك اثنا عشر ألف رجل، فإذا مات منهم رجل أقيم غيره مقامه، فلا تنقص هذه العدة أبدا، وليست لهم جراية دائرة إلّا شيء نزر يسير يصل إليهم في المدة البعيدة إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر عظيم يجمعون له، وأما أبواب أموال صلات الخزر فمن الأرصاد وعشور التجارات على رسوم لهم من كل طريق وبحر ونهر، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحي من كل صنف مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك، وللملك تسعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه وإنما يصل إليه هؤلاء الحكام، وبين هؤلاء الحكام وبين الملك يوم القضاء سفير يراسلونه فيما يجري من الأمور ينهون إليه ويردّ عليهم أمره ويمضونه.
وليس لهذه المدينة قرى إلّا أن مزارعهم مفترشة، يخرجون في الصيف إلى المزارع نحوا من عشرين فرسخا فيزرعون ويجمعونه إذا أدرك بعضه إلى النهر وبعضه إلى الصحاري فيحملونه على العجل والنهر، والغالب على قوتهم الأرز والسمك وما عدا ذلك مما يوجد عندهم يحمل إليهم من الروس وبلغار وكويابه، والنصف الشرقي من مدينة الخزر فيه معظم التجار والمسلمون والمتاجر، ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ولا يشاركه لسان فريق من الأمم، والخزر لا يشبهون الأتراك، وهم سود الشعور، وهم صنفان: صنف يسمون قراخزر، وهم سمر يضربون لشدة السمرة إلى السواد كأنهم صنف من الهند، وصنف بيض ظاهر والجمال والحسن، والذي يقع من رقيق الخزر وهم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم لبعض، فأما اليهود والنصارى فإنهم يدينون بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين.
وبلد الخزر لا يجلب منه إلى البلاد شيء، وكل ما يرتفع منه إنما هو مجلوب إليه مثل الدقيق والعسل والشمع والخز والأوبار. وأما ملك الخزر فاسمه خاقان، وإنه لا يظهر إلّا في كلّ أربعة أشهر متنزها، ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الإخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلّا حافيا وبيده حطب، فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاويشغر، ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد
غير من ذكرنا، والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به، ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر ويقولون حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت، ويسمى قبره الجنّة، ويقولون: قد دخل الجنة، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.
ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها، وله من الجواري السراري لفراشه ستون، ما منهن إلا فائقة الجمال، وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج، وحول كل قبة مضرب، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه ويقف الخادم على باب قبة الملك، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة. وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل، فلا يراه أحد من رعيته إلّا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.
ومدة ملكهم أربعون سنة، إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه. وإذا بعث سرية لم تولّ الدّبر بوجه ولا بسبب، فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.
ولملك الخزر مدينة عظيمة على نهر إتل، وهي جانبان:
في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز، وهو مسلم، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم، لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره، وللمسلمين في هذه المدينة مسجد جامع يصلون فيه الصلاة ويحضرون فيه أيام الجمع، وفيه منارة عالية وعدة مؤذنين، فلما اتصل بملك الخزر في سنة 310 أن المسلمين هدموا الكنيسة التي كانت في دار البابونج أمر بالمنارة فهدمت وقتل المؤذنين وقال: لولا أني أخاف أن لا يبقى في بلاد الإسلام كنيسة إلا هدمت لهدمت المسجد. والخزر وملكهم كلهم يهود، وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته، ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة، وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.