Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: وحيدة

أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا

{أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
وسأل نافع عن معنى قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
فقال ابن عباس: أجدر ألا تميلوا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
إنا اتبعنا رسولَ اللهِ واطَّرحوا. . . قولَ النبي وعالوا في الموازين
(تق، ك، ط)
= الكلمتان من آية النساء 3:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ويأتي الدنو في (القرآن) فعلاً ماضياً ومُضارعاً، واسم فاعل "دان" "ودانية" ومعنى الجدارة في "أدنى" يأتي من دلالة الدنو على القرب. والكلمات الثلاث: أدنى وأجدر، وأقرب، قرآنية. وهي متقاربة، وإن كان اختلاف ألفاظها يؤذن باختلاف في المعنى. ولعل الأصل في الأقرب أنه يقابل الأبعد، وفي الأدنى أنه مقابل الأنأى، والأجدرُ بمعنى الأوْلى.
وأما كلمة "تعولوا" فــوحيدة الصيغة في القرآن.
وجاء اسم الفاعل في آية الضحى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}
والمصدر في آية التوبة 28: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}
والواوى واليائى منه متقاربان، لتداخلهما فيما يلحق عينهما من إعلال وإبدال. وقيل: أكثر ما يستعمل الواوىُّ في العِولَ والعالة والعويل. واليائىُّ في العَيْلة، من: عال يعيل عيلا وعيلة إذا افتقر، والاسم العيلة. قاله الفراء، (1 / 255) وشاهد اليائي منه بمعنى الفقر، بيتٌ "أحيحة بن الجلاح":
ولا يدري الفقير متى غناه. . . ولا يدري الغني متى يعيل
ونحوه في جامع القرطبي، بالشاهد لأحيحة. وهو اشتقاقه في (القاموس) واستدرك عليه مُحَشَّية فنقل على هامشه: في (شرح الشفا) : "والصحيح ورود العيلة بمعنى العيال".
وتقول في الواوى: "عالَ اليتامى يعولهم فهو عائل وهم عيال. كما تقول في اليائى: يتيم عائل، أي فقير" وفسره الأخفش في الآية، بالفقر (معاني القرآن 2 / 329)
وتفسير العول بالميل، فيما نُقِلَ من قول ابن عباس، على وجه تقريب اشار إليه "الراغب" فقال: ومعنى الجور جاء من ترك النصفة، بأخذ الزيادة: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} - المفردات. وإليه ذهب "أبو عبيدة" قال: أي أقرب ألا تجوروا (مجاز القرآن 1 / 117) واختاره الطبري. فيُفهم الميل، بمعنى الجور ميلا عن الإنصاف.
ولا يفوتنا مع هذا التقريب، ما في دلالة العول من الضيق وثقل العبء على العائل.

يَحُورَ

{يَحُورَ} :
قال نافع: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}
قال: لن يرجع. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ فقال: نعم، أما سمعت بقول "لبيد بن ربيعة":
وما المرءُ إلاَّ كَالشهابِ وضَوئه. . .
يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إذْ هو سَاطِعُ
(ظ، طب) وفي (تق، ك، ط) : لن يرجع بلغة الحبشة.
= الكلمة من آية الانشقاق 14:
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا}
وحيدة الصيغة في القرآن.
ومن المادة، جاء مضارع الرباعي "يحاوره" في آيتى الكهف 34، 37 والمصدر "تحاوُرَكما" في آية المجادلة.
وجاءت "حُورٌ" أربع مرات، و"الحَوارِيُّون" خمس مرات.
وقول ابن عباس: "لن يرجع، بلغة الحبشة" يُسوَّغ الترادفَ. وفسرها "الزمخشري" بـ: لن يرجع. دون أن يشير إلى لغة فيها، بل نقل عن ابن عباس: "ما كنت أدري ما معنى يحور، حتى سمعت أعرابية تقول لبنُية لها: حُورى، أي ارجعى" الكشاف.
والعربية على أي حال تصرفت في الكلمة، إن صح أنها بلغة الحبشة، فأعطتها دلالة من أقرب مادتها: حير، بمعنى التردد، ثم خصَّت اليائي بالحيرة، والواوىَّ بالرجوع، مع ملحظ دلالى مشترك بينهما: فكان التحاور رجعاً للكلام يتردد بين المتحاورين، والمحور: العود الذي تدور فيه البكرة، والحوارى: النصير يُرجَعُ إليه، والمَحَارة: شِبْهُ حارة يتردد الهواء فيها برجْعِ الصوت. وشبُهت بها الحور لاستدارة الأعين ونصوع البياض فيها حول سواد المقلة.
وأما الحيرة، يائيةً، فخالصة للتردد.
وفسر الفراء "لن يحور" لن يعود إلينا في الآخرة (3 / 251) وعند القرطبي: لن يرجع مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب (19 / 271) وكذلك فسرها "الراغب" في المفردات بالبعث، وهي دلالة إسلامية متعينة في الآية.
وأما الشاهد الشعري، فأقرب إلى أن يفهم بمعنى يَصير كما قال "الطوسى" في شرح البيت من ديوان لبيد.

الْأَنَامِ

{الْأَنَامِ}
وسأل نافع عن معنى قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}
فقال ابن عباس: الخلق. واستشهد بقول لبيد بن ربيعة:
فإنْ تسألينا فيمَ نحن فإننا. . . عصافيرُ من هذا الأنام المُسَحَّرِ
(تق، ك، ط) = الكلمة من آية الرحمن 10:
{وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
وحيدة في القرآن كله.
ومعناها عند الفراء كذلك: جميع الخلق (3 / 113)
وتفسيرها بالخلق، على ما يبدو من قربه، لا يجيب عن وجه تفردُّها في القرآن، مع كثرة ورود الخلق فبه: فعلاً ماضياً مبنياً للمعلوم 150 مرة وللمجهول سبع مرات، ومضارعاً للمعلوم ثلاثا وعشرين مرة وللمجهول أربع مرات. ومصدراً أو اسماً خمساً وأربعين مرة، واسم فاعل مفرداً ثماني مرات، وجمع مذكر سالم أربع مرات. ومعها "الخلاق" و"مخلقة" مرتين.
ومجموعها. مائتان وخمس وأربعون.
والدلالة المعجمية تذكر في الأنام: الخلق، أو الجن والإنس، أو جميع ما على الأرض (القاموس) .
وفي (الكشاف) : "للأنام: للخلق، وهو كل ما على ظهر الأرض من دابة، وعن الحسن: الإنس والجن فهي كالمهاد لهم يتصرفون فوقها"
وآيات الخلق، تؤذن بفرق بينه وبين الأنام. فالخلق عام لكل ما خلق الله في السموات والأرض وما بينهما من ملائكة وإنس وجن، ومن حيوان ونبات وجماد، ما نعلم منها وما لا نعلم: إن ربك هو الخلاق العليم، فتبارك الله أحسن الخالقين، الذي أحسن كلَّ شيء خلقَه، خلق لكم ما في الأرض جميعاً، ويخلق ما لا تعلمون. . .
فهل يكون الأنام لمن خلق الله لهم الأرضَ من الأحياء، دون ما في السموات وسائر الكائنات المخلوقة في الأرض وما بينهما؟ والله أعلم.

مَاءً غَدَقًا

{مَاءً غَدَقًا} :
وسأله عن معنى قوله تعالى: {مَاءً غَدَقًا}
قال: كثيراً جارياًَ. وشاهده قول الشاعر:
نُدنِى كراديسَ ملتفًّا حدائقُها. . . كالنْبتِ جادتْ بها أنهارُها غَدَقا
(تق، ك)
= الكلمة من آية الجن 16:
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا}
وحيدة، صيغة ومادة.

جمهرة المفسرين على أن الماء الغدق الكثير. أو الماء الطاهر الكثير، بلفظ ابن عباس فيما أسنده الطبري عنه. والذين تأولوه منهم بسعة في الرزق ورغد من العيش، فلأن الخير والرزق بالمطر، فأقيم مقامه على سبيل المجاز، ومنه مكان غِدق ومغدق: كثير الماء مخصب، وهم في غدق من العيش: رغد وسعة. وذلك معروف. فلعل وجه السؤال هنا، يتعلق بما اختلف فيه أهل التأويل في "وأن لو استقاموا على الطريقو" فقال بعضهم: على طريق الحق والهدى والطاعة، نظير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} . وهو اختيار الطبري، وأسند نحوه عن ابن عباس وآخرين. وقال بعضهم: وأن لو استقاموا على الضلالة لأعطيناهم سعة من الرزق لنستدرجهم بها. أسنده الطبري عن الربيع بن أنس بن مالك.
وهو قول الفراء في معنى الآية: على طريقة الكفر، ونظَّر لها بقوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} الآية: ليكون فتنة عليهم في الدنيا وزيادة في عذاب الآخرة. والله أعلم.

الْبَائِسَ الْفَقِيرَ

{الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}
وسأل ابن الأزرق عن معنى قوله تعالى: {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}
فقال ابن عباس: البائس الذي لا يجد شيئاً من شدة الحال. واستشهد له بقول "طرفة بن العبد":
يغشاهمُ البائسُ المُدَفَّعُ والضيـ. . . ـف وجارً مُجاوِرٌ جُنُبُ
(تق، ك)
= الكلمة من آية (الحج 27) خطاباً لإبراهيم عليه السلام:
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}
وحيدة الصيغة في القرآن.
ومعها {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} في آية الأعراف 165.
ومن المادة جاءت "البأساء" مع الضراء في آياتها الأربع: البقرة 177، 214، والأنعام 42، والأعراف 94.
وآيتا هود 36 ويوسف 96؛ {فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} {يَعْمَلُونَ} .
وجاء الفعل الجامد "بِئس" تسعاً وثلاثين مرة، و"بأس" نكرة ومعرفة، خمساً وعشرين مرة.
في تأويل الطبري: "البائس هو الذي أضر به الجوع والزمانة والحاجة. والفقير الذي لا شيء له". يوهم أن الإطعام للبائس وللفقير. والفقير في الآية من صفة البائس كما لحظ القرطبي وقال: وهو الذي ناله البؤس وشده الفقر. وفي البائس صريح الدلالة على البؤس، وكذلك البأساء. والشدة أصل في المعنى؛ وتفرق العربية بين صيغ المادة لملاحظ من فروق الدلالات: فتجعل البأسَ للقوة والسطوة والشدة في الحرب، وفعلُه: بؤس بأساً. حين تجعل البُؤسَ والبؤسىَ، من: بَئِس، لشدة الكرب والحاجة، وتجعل البأساء للمكاره. وقالوا للشجاع القوي: بَئيس، وللأسد: بَيْأس، على وزن ضيغم. وللمحتاج المكروب: بائس. وليس كل بائس فقيراً، ولا كل فقير بائساً، فمع الزهد والتعفف لا يكون بؤس. ومن هنا جمعت الآية بين الصفتين {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ولو لم يُلحظ في البائس سوى العوز، لأغنى الفقير عن ذكره، كما في آيات: البقرة 268، 271، وآل عمران 181، والنساء 135، والتوبة 60، وفاطر 15، ومحمد 38.
وقول "الراغب" في (المفردات) : "البؤس والبأس والبأساء، الشدة والمكروه. إلا أن البؤس في الفقر والحرب أكثر، والبأس والبأساء في النكاية".
يرد عليه أن البأساء جاءت في آياتها الأربع مقترنة بالضراء، فهي إلى المكاره أقرب منها إلى النكاية.
كما يرد عل قوله: البؤس في الفقر والحرب أكثر؛ أن القرآن يستعمل الفقر مقابل الغنى بصريح آيات:
آل عمران 181: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}
النور 32: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}
فاطر 15: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
محمد 38: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}
وكذلك يأتي البأس، لا البؤس، في الحرب والقتال وفي الجبروت والسطوة، بصريح آيات:
الأنعام 65: {وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
النساء 84: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} النمل 33: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} . ومعها: الفتح 16
الحشر 14: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} .
والبائس في الشاهد من قول طرفة. موصوف بالمدفَّع، وهو المهان (ق) ومن المجاز: فلان مدفع، وهو الذي يدفعه كل أحد عن نفسه (س) .
وانظر الفرق بين الفقير والبائس، في (الفروق اللغوية: 147) .

قِطَّ

{قِطَّ}
وسأله عن معنى قول الله - عز وجل -: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا}
قيل: القط: الجزاء. وشاهده قول الأعشى:
ولا الملِكُ النعمان يومّ لقيته. . . بأمته يعطى القُطوطَ ويُطلِلقُ
(تق) وزاد في (ك، ط) :
وهو الحساب أيضاً
= الكلمة من آية ص 16 في المشركين:
{إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}
وحيدة في القرآن، وأما الجزاء أو الحساب - في تأويل المسألة - فكثير. القطوط، والقططة، جمع القِط، كقرود قردة. والقط في كلام العرب الصحيفة المكتوبة (الفراء) أو الكتاب (أبو عبيدة) ، وصكوك العطاء (الصحاح) .
وفي تفسير البخاري للآية: القط الصحيفة، هو ههنا صحيفة الحسنات (سورة ص) فقال ابن حجر: في رواية الكشمهينى - يعنى عن الفربرى عن البخاري - الحساب. وكذلك عند النسفي - عن مسلم - قال أبو عبيدة: القط الكتاب.. وأصله من قط الشيء أي قطعه، والمعنى قطعة من العطية، وأكثر استعماله في الكتاب (فتح البارى) .
وكذلك هو الكتاب والصحيفة والصك، أو الحظ والنصيب، عند جمهرة المفسرين، مع رده إلى أصل معناه في القطع (الطبري، والكشاف، والجامع، والبحر، والمفرادات) وإنما اختلف أهل التأويل في معنى مسألة المشركين ربهم التعجيلَ لهم بكتابهم على وجه الاستهزاء والاستخفاف. قيل هو من قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} . وقيل: سألوه أن يريهم في الدنيا منازل أهل النار وأهل الجنة ليؤمنوا به. وقيل: سألوا أن يعجل لهم بنصيبهم من العذاب، كقوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ}
الأقزال في تأويلها عند الطبري بأسانيده إليهم. وحكاها القرطبي وأبو حيان. وذكروا معها اختلاف أهل العلم بكلام العرب فبها. وإن ردوها إلى القطع وهو الأصل. ومنه استعمال حرف قط في النفي البات. والمقطع الأول من الكلمة مشترك في ألفاظ عدة تدل على القطع، ثم تتميز بالحرف الثالث فروقُ الدلالات باعتبار الشيء المقطوع، كالقطب والقطف والقطل والقطم. . .
وأما "المقطوط" في الشاهد من بيت الأعشى، فلم يختلفوا في أن معناها صكوك الجوائز أو كتب الصلات. وأنظر فيه (مقاييس اللغة لأبن فارس) باب قط 5 / 13.

شَوْبًا

{شَوْبًا}
وسأله عن معنى قوله - عز وجل -: {لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ}
قال: الخلط بماء الحميم، والحميم الغساق. واستشهد بقول الشاعر:
تلك المكارم لا قَعْبَانِ من لينٍ. . . شِيبَا بماءٍ فعادا بعدُ أبوَالا
(ك، ط، تق)
= الكلمة من آية الصافات 67 في شجرة الزقوم:
{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة وتفسير الشوب بالخلط - وإليه ذهب الفراء في (معاني القرآن 2 / 387) "والراغب" كذلك في المفردات - تقريب لا يفوتنا معه ما للشوب من دلالة خاصة على المزج والسوط. واستعماله أصلاً، في الشراب والسوائل، تشاب فلا يتميز منها سائل عن آخر. ويستعار بهذا الملحظ من المزج، لغير السوائل في الاستعمال المجازي.
وأما الخلط فتتميز فيه عناشر المخلوط ومواده، كأن تخلط القمح بالشعير. ويستعار للناس يخالط بعضُهم بعضاً دون أن تتماحى الخصائص أو تذوب الفروق بينهم، وقد جاءت مادته في القرآن في خلْطٍ عملٍ صالح بآخر سيئ (البقرة 102) وفيما اختلط من شحوم بعظم (الأنعام 146) ومن ماء المطر بنبات الأرض (يونس 24، والكهف 45) وحاء الفعل المضارع من المخالطة في آية (البقرة 220) والخلطاء يبغي بعضهم على بعض (ص: 24)
وتتميز عناصر الخليط واضح في دلالة المادة على اختلاف صيغها واستعمالها، على حين لا يتميز في الشوب سائل أو عنصر عنما شيب به. وهو واضح في آية الصافات المسئول عنها، وواضح كذلك في الشاهد من بيت الشاعر.
و"الراغب" وإن فسر الشوب في الآية بالخلط، قال في (خلط) : الخلط هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعداً، سواء كانا مانعين أو جامدين، أو أحدهما مائع والآخر جامد وهو أعم من المزج (المفردات) .
وقال ابن الأثير في "الخلاط" من حديث الزكاة: والمراد به أن يخلط الرجل إبله بإبل غيره، أو بقره وغنمه، ليمنع حق الله فيها أو يبخس المصدقَ فيما يجب له.
وفي حديث الشفعة: "الشريك أولى من الخليط، والخليط أولى من الجار" قال ابن الأثير: الشريك المشارك في الشيوع، والخليط المشارك في حقوق الملك كالشرب والطريق (النهاية) .
ولعل في هذا كله، ما يوضح تميز عناصر الخليط، فيفترق بذلك عن الشوب بما فيه من معنى النشوب والمزج لا يتميز عنصر من آخر ولا ينفصل عنه. والله أعلم.

لَازِبٍ

{لَازِبٍ}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {مِنْ طِينٍ لَازِبٍ}
قال: اللازب الملتصق: وشاهده قول النابغة:
ولا يحسبون الخيرَ لا شرَّ بعده. . . ولا يحسبون الشرَّ ضربةَ لازِب
(تق) وفي (ك، ط) قال: الملتزق الجيد، وهو الطين الحر.
= الكلمة من آية الصافات 11:
{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ}
وحيدة في القرآن، صيغة ومادة.
القولان في المسألة، أسندهما الطبري عن ابن عباس بلفظ مقارب: الملتصق، والطين الحر الجيد اللزج.
وعن ابن زيد: يلتصق كأنه غراء، ذلك اللازب. . . وقال الطبري في تأويلها: ولاصق، وصفه جل ثناؤه باللزوب لأن التراب إذا خلط بماء صار طيناً لازباً. وعن الضحاك: المنتِن، والعرب تبدل أحياناً هذه الياء ميما نقول طين لازم ومن اللازب قول النابغة / البيت. ومن اللازم قول النجاشي الحارثي: * ضربة لازم * وقيل: اللازق وفي مفردات الراغب: اللازب الثابت الشديد الثبوت: "من طين لازب"
قال القرطبي بعد أن حكى الأقوال في تأويلها: وقال الماوردى: والفرق بين اللاصق واللازق، أن اللاصق هو الذي ألصق بعضه ببعض "واللازق الذي يلتزق بما أصابه." ثم قال: والعرب تبدل الباء من الميم فتقول: ضربة لازب، وهو أفصح من لازم. وأنشد بيت النابغة
ونحوه في حاشية الشيخ نصر الهوريني على القاموس.

الْجَوَابِ

{الْجَوَابِ}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} قال: كالحياض الواسعة. وشاهده قول طرفة بن العبد:
كالجوابىِ لاتَنىِ مُترعةً. . . لِقرَى الأضياف أو للمُحْتَضرْ
(تق) وبمعناه في (ك، ط) وزاد فيهما بعد الشاهد:
تجبرُ المحروبَ فينا مالُه. . . بِقبابٍ وجِفانٍ وخّدَمْ
= الكلمة من آية سبأ 13 فيما سُخر لسليمان عليه السلام من الجن:
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
وحيدة الصيغة، ومعها آيو الفجر {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} تأتي في المسألة 176، وسائر ما في القرآن من المادة غيرهما، في الإجابة والجواب والاستجابة.
في تفسير البخاري: وقال ابن عباسك كالجوابي، كالجوبة من الأرض (سورة سبأ) قال ابن حجر: قيل الجوابي في اللغة جمع جابية، وهو الحوض الذي يُجتبي فيه الشيء أي يجمع، وأما الجوبة فهي الموضع المطمئن، فلا يستقيم تفسير الجوابي بها. وأجيب باحتمال أن يكون فسر الجابية بالجوبة، لم يرد أن اشتقاقهما واحد (فتح الباري)
وأسند الطبري عن الضحاك: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} : جمع جابية، الحوض الذي يجُبى فيه الماء. عن ابن عباس: كالجوبة من الأرض، وعنه: كالحياض الواسعة. وحكى القرطبي عن ابن عرفة: الجوابي جمع جابية حُفيرة كالحوض. وعن ابن القاسم عن الإمام مالك: كالجوبة من الأرض. وعن مجاهد: الجوابي جمع جوبة، الحفرة الكبيرة في الجبل فيها ماء المطر. وفي الكشاف: والجوابي الحياض الكبار لأن الماء يجبي إليها أي جمع (سورة سبأ) والجوبة الحفرة، وفجوة ما بين البيوت، أو الفرجة في السحاب والجبال، جمعها جُوَب (ص، ق) وهي الحفرة المستديرة الواسعة في (النهاية) كالغائط من الأرض (المفردات)

سَامِدُونَ

{سَامِدُونَ}
وسأله عن معنى قوله تعالى - عز وجل- {سَامِدُونَ} ما السمود؟
قال: لا هون. أما سمعت قول هُزَيلة بنت بكر وهي تبكي عاداً:
قيل قمْ فانظر إليهم. . . ثم دَعْ عنك السمودا
(ظ، طب، تق، ك، ط)
= الكلمة من آية النجم 61:
{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة
لم يوردها أبو بكر ابن الأنباري في المسائل بالوقف والابتداء، وأوردها في (الأضداد: 17) وقال: السامد في كلام أهل اليمن: اللاهي، وفي كلام طيئ: الحزين. ثم روى المسألة من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، بمثل ما هنا في المسألة، مع بيت هزيلة، وقال: وعن أبي عبيدة: السمودُ اللهو واللعب، وقال بعض أهل اللغة: الحزن والتحير.
وبيت هزيلة أنشده أبو حاتم السجستاني في (الأضداد 143) شاهداً على السمود بمعنى السكون. وقال: وهو اللهو في كلام أهل اليمين. وأنشد لأبي زُبيد الطائي:
وتخال العزيفَ فينا غناءً. . . لِندامَى من شارب مثمود
وعن أبي ثروان: السامد الحزين في كلام طيئ واللاهي في كلام اليمن. ثم قال: وأما الذي في القرآن فلا علم لي به. واختلفوا فيه عن الصحابة وغيرهم. ويُروَى عن عليًّ عليه السلام أنه خرج ليصلي بهم وإذا هم قيام يترددون فقال: "نا لي أراكم سامدين؟ " والله أعلم بذلك.
اقتصر الفراء في معنى الكلمة بآية النجم، على: {لا هون} وفي تأويل الطبري: وأنتم لاهون عما فيه من العبر والذكر معرضون عنه، وبنحو ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه. ومما روى منها عن ابن عباس، قال: هو الغناء وهي لغة أهل اليمن. وعنه أيضاً: لاهون. وعنه: شامخون. ثم أخرج حديث علي - رضي الله عنه -، من عدة طرق، وفيه قال ابن الأثير: كأنه أنكر قيامهم قبل أن يروا إمامهم. والسامد القائم في تحير (النهاية) .
واقتصر في الكشاف على أن السمود الغناء في لغة حمير.
وتوسع القرطبي فأورد مختلف الأقوال في معناها. وفي الصحاح: سمد سموداً رفع رأسه تكبراً. وقال ابن الأعرابي: سمدت سموداً علوت. والسمود: اللهو، والسامد: اللاهي، والمغني، والقائم، والساكت، والخاشع.
وأقول مع أبي حاتم: هذا في اللغة، وأما الذي في القرآن فلا علم لي به، والله أعلم. وأما بيت هزيلة، فلا يشهد لِلاّضهين كما في المسألة، والأقرب أن يكون بمعنى الهمود أو السكون كما قال أبو حاتم.

رِيشًا

{رِيشًا} :
وسأله عن قوله تعالى: {وَرِيشًا}
قال: المال، واستشهد بقول الشاعر:
فَرِشْنَىِ بِخيرٍ طال ما قد بَريَتْنَى. . . وخيرُ الموالى مَن يَرِيشُ ولا يَبْرِى
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية الأعراف 26:
{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
وجاء المال فيه، نكرة ومعرفة، مفرداً وجمعاً، ستاً وثمانين مرة. مما يؤذن بفرق بين مال وريش، في آية الأعراف.
وذكر الفراء والطبري قراءة لغير السبعة: "ورياشا" ووجهه عندهما إما أن يكون مصدراً مثل لبس ولباس، أو جمعاً واحدُه ريش كصحْبٍ وصحاب. وأورده أبو عبيدة في مجاز القرآن بلفظ "ورياشاً" قال: الرياش والريش واحد وهو - في الآية - ما ظهر من اللباس والشارة. والرياش أيضاً الخِصب والمعاش.
وقال الطبري: الرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من الثياب والمتاع مما يُلبس أو يُحشى من فراش أو دثار. والريش إنما هو في المتاع والأموال عندهم وربما استعملوه في الثياب والكسوة، دون سائر المال، وقد يستعمل في الخصب ورفاهة العيش. ثم أسند عن ابن عباس وآخرين أنه المال. وعنه أيضاً وآخرين أنه اللباس والعيش الناعم. وفي قولٍ: المعاش، والجمال.
وسياق الآية: أقرب في الريش إلى اللباس، مستعار من الريش لأنه كالثياب للإنسان على ما قال الراغب. وأما في الشاهد فهو من" راش السهم يريشه إذا ألصق به الريش وسدده، واستعبر للإصلاح. كما أن البَرْى مجاز من بُراية القلم واستعير للعجز والضعف.

أَثَاثًا وَرِئْيًا

{أَثَاثًا وَرِئْيًا}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {أَثَاثًا وَرِئْيًا} .
قال: الأثاث المتاع، والرئى الشراب. واستشهد بقول الشاعر:
كأن على الحمول غداةَ ولَّوْا. . . من الرئى الكريم من الأثاث
(تق، ك، ط) وفيهما: الرى
= الكلمة من آية مريم 74:
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا}
ومعها أثاث في آية النحل 80:
{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}
وأما رئِى، فــوحيدة الصيغة في القرآن، على كثرة ما جاء فيه من المادة في الرؤية والرأى والرؤيا، ورثاء والمراءاة والترائي. . .
وتفسير الأثاث في المسألة بالمتاع، أخرجه البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس وأسنده الطبري عنه. وقال الفراء في معنى الآية: الأثاث المتاع، لا واحد لهما، وقد يجمعان. وخص الأزهري الأثاث بمتاع البيت. وخصه الهروى في (الغريبين) بما يلبس ويفترش.
ويظهر من استقراء الآيات في الكلمتين أن الأثاث يستعمل، أكثر ما يستعمل، في متاع البيت بخاصة، ومع ملحظ الوفرة والكثرة. وقلما استعمل في المعنوي. وأما المتاع، فعامَّ فيما هو من متاع الدنيا، غير مقصور على الأثاث. وتتصرف العربية في المتاع، على سبيل المجاز بمثل قولهم: متع النهار متوعاً، إذا ارتفع غاية الارتفاع ما قبل الزوال؛ وشيء ماتع: بالغ في الجودة، ورجل ماتع: كامل في خصال الخير (س)
ويَقْوَى هذ الملحظ في الفرق بين خصوص الأثاث وعموم المتاع، بعطف أحدهما على الآخر في آية النحل. مع تدبر آياتٍ في المتاع، لا يقبل سياقها أن تُحمل الكلمة على معنى الأثاث.
الحجر 88: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} معها: آية طه 131
البقرة 36: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} معها: الأعراف 24
المائدة 96: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ}
الرعد 17: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ}
يس 44: {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}
البقرة 241: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}
معها: البقرة 236 والنساء 24 والأحزاب 49، 28
محمد 12: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ}
آل عمران 14: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
آل عمران 185: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} معها: الحديد 35
الأنبياء 111: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}
واضح أن المتاع فيها، عام لمتع الحياة الدنيا، وليس كذلك "الأثاث" بخصوص دلالته في آيتيه من الكتاب المحكم.
وتفسير "رئى" بأنه: من الشراب، كأنه أُخِذ من الرَّىَّ، وليست قراءة الأئمة السبعة، وفيها قال الطبري: وقرأ الجمهور "ورئيا" من رؤية العين، فِعْل بمعنى مفعول كالطِحْنِ والسِقى. ثم أسند عن ابن عباس قال: الرئى المنظر. وفي رواية عنه: المنظر الحسن. والمهموزُ من مادة رأى، لا تنفك عنه دلالة الرؤية بالحاسة، أو الرأى بالفكر والعقل، والرؤيا لما يُرى في المنام. فكذلك الرئى، فيه ما يُرى شُهوداً، أو بالوهم والتخييل كقولهم للتابع من الجن: رَئِى.
ولا يدبو لي وجهُ تقريبٍ لتفسير الرئى، من الشراب. في {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} بل تظل لة دلالة الرؤية الملحوظة في سائر استعمال العربية للمادة؛ فيقرُب أن يكون: مشهداًَ، ومنظرا يُرى بالعين أو يُتخيل على الوهم والظن والفتنة.
كما ر يبدو تخريج الشاهد الشعري على معنى: * من الشراب الكريم من الأثاث * قريباً. وأقرب منه أن نفهمه بمعنى المشهد المرئي والمنظر.

كَبَدٍ

{كَبَدٍ}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {فِي كَبَدٍ} ما الكبد؟
قال: في اعتدال [واستقامة] قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:

يا عينُ هلا بكيتِ أربدَ إذ. . . قمنا وقام الخصوم في كبَد
(ظ، ك، ط، تق)
= الكلمة من آية البلد 4:
{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
وفي معاني القرآن صيغة ومادة.
وفي معاني القرآن للفراء: منتصباً معتدلاً. ويقال خُلقِ في كبد يكابد أمر الدنيا والآخرة.
وهما روايتان عن ابن عباس في الطبري وفتح الباري (8 / 498) ورواية ثالثة عنه في الطبري: في شدة، في معيشته وحَمْلِه وحياته ونبات أسنانه. واختار الطبري بعد نقل اختلاف أهل التأويل فيها: في شدة يكابد الأمور، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكَبَد ومنه قول لبيد الشاهد.
وأكثر المفسرين على أنه المكابدة والمشقة وأنشدوا فيه بيت لبيد. وفي شرحه للطوسي قال: القيام على الأمر الشديد هو الكبد.
وذلك غير معنى الاعتدال في المسألة.
ودلالة المشقة أصل في المادة، فالعربية استعملت الكَبد في المعاناة من كبِدٍ مريضة، ثم نقلتها إلى المكابدة المعنوية، على سبيل المجاز، فقيل: وقع في كبَد، في مشقة؛ وتقول للخُصماء: إنهم لفي كبد من أمرهم، وبعضهم يكابد بعضاً، والمسافر يكابد الليلَ، إذا ركب هوله وصعوبته.
وأطمئن إلى أنه في الآية الكريمة من المكابدة لتبعات التكليف ومخاطر اقتحام العقبة: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}
وكذلك يبدو معنى المشقة في بيت لبيد، أقرب من معنى الاعتدال والاستقامة.

سَنَا

سَنَا:
بفتح أوّله، والقصر، بلفظ سنا البرق ضوءه:
من أودية نجد.
سَنَا
من (س ن و) ضوء القمر والبرق والضوء الساطع. يستخدم للإناث والذكور.
{سَنَا} :
وسأل ابن الأزرق عن قوله تعالى: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ}
قال: السنا، الضوء. واستشهد ببيت أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:

يدعو إلى الحقَّ لا يبغي به بدلاً. . . يجلو بضوءِ سنَاه داجىَ الظُّلَمِ
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية النور 43:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة. ولفظ الضوء - في تفسير المسألة - ليس من مفردات القرآن، والذي فيه من المادة: "ضياء" في آيات: يونس 5، والأنبياء 48، والقصص 31.
ومعها الفعل الثلاثي ماضياً في آيتى البقرة:
{فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} ومضارعاً في آية النور: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}
وتفسير السنا بالضوء لا يشهد له بيت أبي سفيان بن الحارث، من حيث لا يقال فيه:
* يجلو بضوء ضوئه داجى الظلم *
فيضاف الشيء إلى مثله. وأقرب منه أن يكون في السنا معنى الساطع المتألق المرتفع من الضوء. وهو في اللغة يستعمل في العلو، فالسناء، بالمد: العلو والرفعة، والسنىُّ: العالي المرتفع. وفي تفسير الطبري للآية، أنه لمعان البرق - ولم يشر إلى خلاف في تأويله - وقال الراغب: السنا: الضوء الساطع. (المفردات) .

حَفَدَةً

{حَفَدَةً} :
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {بَنِينَ وَحَفَدَةً}
قال: أما بنوك فإنهم يعاطونك ويكفونك، وأما حفدتك فإنهم خدمك. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي: حَفَدَ الولائدُ حولَهنَّ وألِقيتْ. . . بأكُفَّهنَّ أزِمَّةُ الأجمالِ
(ظ، طب)
وفي (ك، ط) : ولد الولد
وفي (تق) قال: الحفدة ولد الولد وهم الأعوان.
= الكلمة من آية النحل 72: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
والخلاف في تأويلها بالمسألة عن ابن عباس، مثلُه وأكثر منه فيما ذكر الطبري من اختلاف أهل التأويل في المعنيين بحفدة، وأسند عن ابن عباس وغيره أنهم الأنصار، وعن ابن عباس أيضاً أنه سئل عن {بَنِينَ وَحَفَدَةً} فقال: من أعانك فقد خدمك، أما سمعت قول الشاعر: حفد الولائد / البيت، وعن عدد من أهل التأويل أنهم أختانُ الرجل على بناته، وانهم الخدم،. . . وفي (مفردات الراغب) في قوله تعالى {بَنِينَ وَحَفَدَةً} : جمع حافد وهو المتحرك المتبرع بالخدمة أقارب كانوا أو أجانب، وحكى عن المفسرين أنهم الأسباط، وذلك لأن خِدمتَهم أصدق، قال الشاعر: حفد الولائد * وفي الدعاء: إليك نسعى ونحفد.
وأصل الحفد عند ألصمعي مداركة الخظو. وعن الخليل قال: الحفدة عند العرب الخدم. قال الزمخشري. ومن المجاز حفدت فلاناً خدمته وخففت إلى طاعته، فهو محفود، مخدوم مطاع. وهم حفدة فلان أي خدمه وأعوانه ومنه قيل لأولاد الابن: حفدة (س)
لعل القريب من سياق الآية أن الحفدة أولاد البنين، ومن حيث يكونون أعواناً لأهلهم جوزت العربية استعمال الحفدة للأعوان يخفون لخدمة المحفود وطاعته ولو لم يكونوا من أولاد ولده، وهو المفهوم من * حفد الولائد *، الشاهد. ومن حديث الدعاء: "وإليك نسعى ونحفد".
والله أعلم.

حَنَانًا

{حَنَانًا}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل - {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} ما الحنان؟
قال: الرحمة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت يقول طرفة بن العبد وهو يقول للنعمان بن المنذر:
أبا منذرٍ أفنيت فاستبق بعضَنا. . . حناَنيْكَ بعض الشر أهون من بعضِ
(ظ، تق، ك، ط)
= الكلمة من آية مريم 13:
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
وأما الرحمة - في تفسيرها بالمسألة - فكثير الورود في القرآن الكريم، نكرة ومعرفة و"المرحمة" والفعل الثلاثي ماضياً ومضارعاً وأمراً، ورحماء و"أرحم الراحمين" والرحمن والرحيم من الأسكماء الحسنى.
ومن المادة جاءت الأرحام اثنتى عشرة مرة، و"أقرب رحماً" في آية الكهف.
ومعنى الكلمة بالآية: الرحمة، عند أبي عبيدة والفراء. وفيما نقل الطبري فيها من اختلاف أهل التأويل: القول بأن
"حناناً" الرحمة، والتعطف والمحبة، وأسند عن ابن جريح عن عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة عن ابن عباس قال: لا والله ما أدري ما حناناً. وقال الطبري: وللعرب فيها لغتان: حنانك وحنانيك، واختلفوا في حنانيك: هل هو تثنية حنان، أو كقولهم: حواليك؟ واصل الحنان من قولهم: حَنّ إلى كذا، ارتاح إليه واشتاق، وتحنن: تعطف عليه ورَقَّ (سورة مريم) .
وفي إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس وفي جامع القرطبي أنه من حنين الناقة. وأنشدوا في حنانيك بيت طرفة، وفي حنان قول امرئ القيس:
* حنانك ذا الحنان *
وحكى القرطبي فيها قول جمهرة المفسرين: الحنان الشفقة والرحمة والمحبة، وهو من أفعال القلوب.
وفي الرحمة ملحظ من التسامح واللطف والعفو، إذا كانت من الله سبحانه وتعالى: ذي الرحمة، الرحمن الرحيم، أرحم الراحمين، فإذا كانت من الناس فبملحظ من القربى والرحم، والتراحم بين أولى الأرحام، والأخوة في الدين: والوجهان في آية الإسراء 245: في الإحسان بالوالدين:
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
صدق الله العظيم.

مَثْبُورًا

{مَثْبُورًا}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {مَثْبُورًا}
قال: ملعونا محبوساً من الخير، واستشهد بقول عبد الله بن الزبعرى:
[ذ أُبَارِى الشيطان في سنن الغيً. . . ومن مال مَيْلَه مثبورُ]
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية الإسراء 102 في الآيات التسع لموسى عليه السلام: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}
وحيدة الصيغة في القرآن، ومن مادتها جاء "ثُوراً" أربع مرات: ثلاث في آيتى الفرقان:
{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} 13، 14 والرابعة في آية الانشقاق.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرً} - 11
وهذا هو كل ما في القرآن من المادة.
تأويلها في المسألة باللعنة والحبس عن الخير، أسنده الطبري عن ابن عباس. ونقل "الراغب" في (المفردات) في معنى الكلمة بآية الإسراء: "قال ابن عباس - رضي الله عنه -: يعني ناقص العقل، ونقصان العقل أعظم هُك" وهو ما أسنده الطبري عن ابن زيد وأسند معه عن مجاهد وقتادة: هالكاً. والتفسير على القولين، تقريب لا يفوتنا معه ما في "الثبور" من حس الهلاك الذي لا ينفك ولا يتراخى. وهو ما لم يفت "الراغب" في تفسير الثبور بالهلاك والفساد المثابر على الإتيان. وفي (الأساس) : ثابر على الأمر مثابرة. وثبره الله أهلكه دائماً لا ينتعش منه. ومن ثم يدعو أهل النار ثبوراً.

نَدِيًّا

{نَدِيًّا}
وسأل ابن الأزرق عن معنى قوله تعالى: {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}
فقال ابن عباس: النادى، المجلس واستشهد له بقول الشاعر:
يومانِ، يومُ مَقاماتٍ وأنديةٍ. . . ويومُ سيرٍ إلى الأعداءِ تأويب
(تق) زاد في (ك، ط) : المجلس والتكأة
= الكلمة من آية مريم 73:
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}
وحيدة الصيغة في القرآن. وجاء النادى مرتين في آيتى:
العلق 17: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} والعنكبوت 29، في قوم لوط:
{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
وسائر ما في القرآن من النداء: فعلاً ومصدراً واسم فاعل. ومن التنادي في آية القلم 21: {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} .
وأما مقام، فيأتي مصدراً نحو {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} ونحوه "يا قوم أن كان كبُر عليكم قيامي وتذكيري بآيات الله" ويأتي اسم زمان {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} واسم مكان {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} {نَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} لا يرادبه منزل إبراهيم ومقعد سليمان عليهما السلام، بل حيث كانا يقومان أو باعتبار قيامهما كما قال الراغب.
والسؤال عن قوله تعالى "نديا" والجواب: النادى المجلس. والمعاجم تجمع بين الندى والنادى والمنتدى والندوة، لمجتمع القوم ومجلسهم. وفي تأويل الآية قال البخاري: "نديا" والنادى واحد، مجلسا. وأسنده الطبري عن ابن عباس من عدة طرق، قال: المقام المنزل والندى المجلس. وعنه أيضاً بلفظ: المقام المسكن والندى المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها. وعن قتادة: قال: مجلساً، وقرأ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} .
وفي الندى والنادى، دلالة التنادي والتجمع، وهي أصل في المادة. قيده الجزهري باجتماع القوم في المجلس، فإن تفرقوا فليس بندى (ص) وقال الراغب: وعُبَّر عن المجالسة بالنداء حتى قيل للمجلس: النادى والمنتدى والندى. وقيل ذلك للجليس {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} - المفردات.
والمقام والندى في الآية وفي الشاهد، في موضع الفخر والمباهاة، فلا يكونان مجرد مسكن ومنزل ومجلس، بل ما هو منهما من العظمة والجاه والكثرة بحيث يُباهَى بهما ويُفاخر، والله أعلم.

تَضْحَى

{تَضْحَى}
وسأل ابن الأزرق عن معنى قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}
فقال ابن عباس: لا [تعرق] فيها من شدة الحر. ولما سأله: وهل تعرف العرب ذلك؟ أجاب: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
رأتْ رجلا أمَّا إذا الشمسُ عارضتْ. . . فيضحَى، وأما بالعَشىَّ فيَخصِرُ
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية طه 119:
{فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}
وحيدة الصيغة في القرآن.
وجاء "الضحى" الوقت من النهار في آية الضحى. وجاء نكرة: ضحَّى، في آيتى طه (59) والأعراف (98) وضحاها، ثلاث مرات في آيات النازعات 46، 49 والشمس وضُحاها.
وتفسير "لا تضحى" بِ: لا تعرق من شدة الحر إنما يكون على وجه تقريبٍ لا يفوتنا معه أصل دلالة الضحى على الوقت بعينه من النهار فويق ارتفاع الشمس. ومنها يجئ الاستعمال في كل ما وَقَع أو فُعِلَ في هذا الوقت، ومشتقات المادة تدور حول هذا المعنى. وقيل لمن ضربته الشمس: ضَحَا. ولعله أقرب إلى معنى الكلمة في آية طه، من العرق من شدة الحر.
قال الفراء في معنى الكلمة: لا تصيبك شكس مؤذية. وذُكر في بعض التفسير: لا تعرق، والأول أشبه بالصواب. قال الشاعر * رأت رجلا * البيت. وفي تأويل الطبري: لا تظهر للشمس فيؤذيك حرها، وأسند نحوه عن ابن عباس وعدد من أهل التأويل. وقد فسره "الراغب" بنحو هذا فقال في (المفردات) : أي لك أن تتصون من حرَّ الشمس.
وهو أيضاً ما يُفهَم به الشاهدُ من بيت عمر على ما قال الفراء وقد فسره المبرد في الكامل بقوله: يضحى، يظهر للشمس، ويخصر: في البَرْديَنَ: بَرْدِ العِشىَّ وما بعده. وتلا الآية.

فُومِهَا

{فُومِهَا}
وسأله عن قول الله - عز وجل -: {وَفُومِهَا} ما الفوم؟ قال: الحنطة. أما سمعت قول أبي محجن الثقفي:
قد كنتُ أحسبني كأغنىَ واحدٍ. . . قدم المدينةَ عن زراعة فوم
(ظ، طب، تق) وزاد في (ك، ط) بعد بيت أبي محجن: قال: ومن قرأها على قراءة عبد الله بالثاء فهو هذا المنتن، قال أمية بن أبي الصلت:
كانت منازلهم إذا ذاك ظاهرة. . . فيها الفراديس والفُومانُ والبصلُ
= الكلمة من آية البقرة 61:
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ. . .}
وحيدة في القرآن، صيغة ومادة.
في مجاز القرآن لأبي عبيدة أنه الحنطة، وقالوا هو الخبز (1 / 4) وقال الفراء إن الفوم فيما ذُكِرَ لغة قديمة وهي الحنطة والخبز جميعاً قد ذُكروا. قال بعضهم: سمعنا العرب من أهل هذه اللغة يقولون: فَوَّموا لنا بالتشديد لا غير. يريدون: اختبزوا. وهي في قراءة عبد الله: "وثومِها" بالثاء، فكأنه أشبه المعنيين بالصواب لأنه مع ما يشاكله من العدس والبصل. والعرب تبدل الفاء ثاء (1 / 41) وحكاه الطبري عن بعض أهل العلم بلغات العرب، ولم يسمه - كعادته - وابن حجر في فتح الباري (8 / 783) والقرطبي في الجامع، ونقل في الفوم بمعنى الثوم، أنه قول الكسائي والنضر بن شميل، وقيل: الفوم الحنطة، رُوِىَ عن ابن عباس أيَضاً، وأكثر المفسرين، واختاره النحاس وقال: هو أوْلى. . . وإن كان الكسائي والفراء اختارا القول الأول لإبدال العرب الفاء من الثاء، والإبدال لا يقاس عليه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.