Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: وافق

بَدَعَ

(بَدَعَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «البَدِيع» ، هُوَ الْخَالِقُ المختَرع لَا عَنْ مِثال سَابِقٍ، فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعِل. يُقَالُ أَبْدَعَ فَهُوَ مُبْدِع.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ تِهَامه كبَدِيع العسَل، حُلْوٌ أوَّله حُلْوٌ آخِرُهُ» البَدِيع: الزِّقُ الجَدِيد، شَبَّه بِهِ تِهَامه لِطِيبِ هَوَائِهَا، وَأَنَّهُ لَا يتغيَّر كَمَا أَنَّ الْعَسَلَ لَا يَتَغَيَّرُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَه عَنْهُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ «نِعْمَت البِدْعَة هَذِهِ» الْبِدْعَةُ بِدْعَتَان:
بِدْعَةُ هُدًى، وَبِدْعَةُ ضَلَالٍ، فَمَا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ فِي حَيِّز الذَّمِّ وَالْإِنْكَارِ، وَمَا كَانَ وَاقِعًا تَحْتَ عُموم مَا نَدب اللَّهُ إِلَيْهِ وحَضَّ عَلَيْهِ اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثَالٌ مَوْجُودٌ كنَوْع مِنَ الجُود وَالسَّخَاءِ وفعْل الْمَعْرُوفِ فَهُوَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَحْمُودَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي خِلَافِ مَا وَردَ الشَّرْعُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعل لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابًا فَقَالَ «مَنْ سَنّ سُنة حسَنة كَانَ لَهُ أجْرها وأجرُ مَنْ عَمِل بِهَا» وَقَالَ فِي ضِدّه «وَمَنْ سَنَّ سُنة سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عَمِل بِهَا» وَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قولُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَت الْبِدْعَةُ هَذِهِ. لمَّا كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَدَاخِلَةً فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ سَمَّاهَا بِدْعَةً ومدَحها؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسَنَّها لَهُمْ، وَإِنَّمَا صَلَّاهَا لَياليَ ثُمَّ تَركَها وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، وَلَا جَمع الناسَ لَهَا، وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ونَدَبهم إِلَيْهَا، فَبِهَذَا سَمَّاهَا بِدْعَةً، وَهِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ سُنَّة، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَيْكُمْ بسُنَّتي وسنَّة الْخُلَفَاءِ الراشِدين مِنْ بعْدي» وَقَوْلِهِ «اقتدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» وعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يُحمل الْحَدِيثُ الْآخَرُ «كُلُّ مُحْدَثة بدعةٌ» إِنَّمَا يُرِيدُ مَا خَالَفَ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُــوَافِقِ السُّنَّة. وَأَكْثَرُ مَا يُستعمل المُبْتَدَع عُرفا فِي الذَّمِّ.
وَفِي حَدِيثِ الهَدْي «فأزْحَفَت عَلَيْهِ بالطَّريق فَعيَّ بشَأنِها إنْ هِيَ أَبْدَعَتْ» يُقَالُ أَبْدَعَتِ النَّاقَةُ إِذَا انْقَطعت عَنِ السَّير بِكَلاَل أَوْ ظَلْع، كَأَنَّهُ جعَل انْقِطَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةً عَلَيْهِ مِنْ عَادَةِ السَّير إِبْدَاعاً، أَيْ أنْشاء أمْرٍ خَارِجٍ عَمَّا اعْتِيد مِنْهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَيْفَ أصْنَع بِمَا أُبْدِعَ عَلَيَّ مِنْهَا» وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ أبْدَعَت. وَأُبْدِعَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَالَ: هَكَذَا يُستعمل. وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَقْيَسُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فاحمِلْني» أَيِ انْقُطِع بِي لِكَلَالِ رَاحِلَتِي.

خيشوم

خيشوم
خَيْشوم [مفرد]: ج خَياشِيمُ: (انظر: خ ش م - خَيْشوم). 
[خيشوم] ط فيه: فإن الشيطان يبيت على "خيشومه" هو أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ الذي هو محل الحس المشترك ومستقر الخيال، فإذا نام يجتمع فيه الأخلاط وييبس عليه المخاط وتكل الحس ويتشوش الفكر فيرى أضغاث أحلام، فإذا ترك بعد التيقظ استمر الكسل واستعصى عليه النظر الصحيح وعسر الخضوع والقيام على حقوق الصلاة. ن: الخيشوم أعلى الأنف وقيل كله، وكونه مبيت الشيطان إما حقيقة لأنه أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب وإما مجاز فإن ما ينعقد فيه من الغار والرطوبة قذرات تــوافق الشيطان.

نتو

[نتو] ك: فيه: "ناتي" الجبين، أي مرتفعه، من النتو.
باب نث
نتو: نتى: (بالتشديد) انظرها في (فوك) في مادة elerare.
نتوة: بروز، نشوء، ارتفاع، حدبة، ناشزة، سنام، نتلأة (بوشر).

نتو


نَتَا(n. ac. نُتُوْ [] )
a. Swelled, intumesced.

أَنْتَوَa. Lagged behind.
b. Resembled.
c. Bruised the nose of.

تَنَتَّوَ
a. ['Ala], Attacked, assaulted.
إِسْتَنْتَوَa. Formed ( boil & . ).

نَاتٍ [ ]
a. Swollen, tumid.
b. Projecting, protuberant.
نتو
: (و (} نَتَا) : أَهْملَهُ الجَوْهرِي هُنَا وأوْرَدَ فِي الهَمْزةِ.
وقالَ ابنْ سِيدَه: نَتَا (عُضْوُهُ {يَنْتُو) } نَتْواً، بِالْفَتْح، و ( {نُتُوًّا) ، كعُلُوَ، (فَهُوَ} ناتٍ: وَرِمَ) .
وَنَقَلَه الأزْهري كَذلكَ عَن بعضِ العَرَبِ. وتقدَّمَ للمصنِّفِ فِي الهَمْزةِ نَتَأَتِ القرْحةُ وَرِمَتْ.
( {والنَّوَتاةُ، محرَّكةً) : الَّرجُلُ (القَصِيرُ، ج} النَّواتِيُّ) ، بتَشْديدِ الياءِ.
(و) قالَ ابنُ الأعْراب ( {أَنْتَى) إِذا (تَأَخَّرَ.
(و) أَيْضاً: (كَسَرَ أَنْفَ إنْسانٍ فَوَرَّمَهُ) .

قَالَ (و) أنْتَى (فلَانا: وَافَقَ شكْلَهُ وخُلُقَهُ) ؛ كلُّ ذلكَ عَن ابنِ الأعْرابي.
(} وتَنَتَّى: تَبَرَّى) ؛ كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ: تَنَزَّى، كَمَا هُوَ نَصُّ التكْملةِ.
(واسْتَنْتَى الدُّمَّلُ: اسْتَقْرَنَ) .
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
المَثَلُ تَحْقِرُه! ويَنْتُو؛ قالَ اللّحْياني: أَي تَسْتَصْغِرُه وَيَعْظم؛ وقيلَ: مَعْناه: تَحْقِرُه ويَنْدَرِىءُ عَلَيْك؛ وَقد، تقدَّمَ فِي الهَمْز لأنَّه يقالُ فِيهِ: {يَنْتُو ويَنْتَأُ بهَمْزٍ وغَيْر هَمْز.
ونَتا، بِالْفَتْح: قرْيةٌ بشَرْقي مِصْرَ بهَا قَبْرُ المِقْدَاد بنِ الأسْوَدِ يُزارُ.

ضُمَيْرٌ

ضُمَيْرٌ:
تصغير ما شئت ممّا تقدم: موضع قرب دمشق، قيل: هو قرية وحصن في آخر حدود دمشق ممّا يلي السماوة، قال عبيد الله بن قيس الرّقيات:
أقفرت منهم الفراديس فالغو ... طة ذات القرى وذات الظّلال
فضمير فالماطرون فحورا ... ن قفار بسابس الأطلال
نصب الماطرون على أن نونه للجمع، وهذه المواضع كلّها بدمشق، وقال المتنبي:
لئن تركنا ضميرا عن ميامننا ... ليحدثنّ لمن ودّعتهم ندم
وقال الفرزدق يرثي عمر بن عبد الله بن معمر التيمي وكان قد مات بضمير من دمشق:
يا معشر الناس لا تبكوا على أحد ... بعد الذي بضمير وافق القدرا
ما مات مثل أبي حفص لملحمة ... ولا لطالب معروف إذا افتقرا
منهنّ أيّام صدق قد منيت لها ... أيّام فارس فالأيّام من هجرا
يعني قتاله لأبي فديك الحروري.

يَوْم

يَوْم: {يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} اسْتدلَّ جَار الله الزَّمَخْشَرِيّ صَاحب الْكَشَّاف بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة على مذْهبه وَهُوَ أَن مُجَرّد الْإِيمَان بِدُونِ الْعَمَل غير نَافِع. وتوجيهه على مَا قَرَّرَهُ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي التَّلْوِيح أَن كلمة أَو هَا هُنَا لإيقاع أحد الشَّيْئَيْنِ وَأَنَّهَا تفِيد عدم الشُّمُول للُزُوم التّكْرَار على تَقْدِير الشُّمُول - وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا نفي الْإِيمَان كَانَ كسب الْخَيْر فِيهِ منفيا لِأَن كسب الْخَيْر فِي الْإِيمَان وَلَا إِيمَان محَال. فَلَا بُد أَن يَنْتَفِي كسب الْخَيْر فِيهِ فَإِذا نفي كَانَ تَكْرَارا. أَو معنى الْآيَة أَن النَّفس الَّتِي انْتَفَى مِنْهَا مَجْمُوع الْإِيمَان مَعَ كسب الْخَيْر وَهِي إِمَّا نفس كَافِرَة أَو مُؤمنَة لم تكتسب الْخَيْر فِي إيمَانهَا لَا ينفع إيمَانهَا.
وتوضيحه أَن عِنْد ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة تكون النَّفس ثَلَاثًا. أَحدهَا: الَّتِي آمَنت وكسبت الْخَيْر وَهَذِه ينفعها إيمَانهَا بِاتِّفَاق بَيْننَا وَبينهمْ. وَثَانِيها: الَّتِي آمَنت قبل ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة وَلم تكتسب الْخَيْر وَهَذِه ينفعها إيمَانهَا عندنَا خلافًا للمعتزلة. وَالثَّالِثَة: الَّتِي لم تؤمن قبل ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة وَآمَنت عِنْد ظُهُورهَا وَهَذِه لَا ينفع إيمَانهَا بالِاتِّفَاقِ لِأَن إِيمَان الْيَأْس غير مَقْبُول وَأَن الْآيَة بيّنت حكم الْأَخِيرَتَيْنِ فَلم يفرق بَينهمَا - وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لَا يتم مَا ذكره من الِاسْتِدْلَال فَإِن هَذَا الْكَلَام فِي البلاغة يلقب باللف وَأَصله يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا لم تكن مُؤمنَة قبل إيمَانهَا بعد وَلَا نفسا لم تكتسب فِي إيمَانهَا خيرا قبل مَا كسبت من الْخَيْر بعد.
وَالْمَقْصُود من الْآيَة أَن الْإِيمَان بعد ظُهُور الْآيَات الملجية وَالْعَمَل الصَّالح غير نافعين. هَذَا مَا ذكره قدوة الْمُحَقِّقين زبدة الواصلين حضرت شاه وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين الْعلوِي الأحمدآبادي قدس سره وَنور مرقده - وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام يرد على تَوْجِيه جَار الله الْآيَة أَن الْخَيْر نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فتعم - فَيلْزم أَن يكون نفع الْإِيمَان بِمُجَرَّد خير وَلَو وَاحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الْمُعْتَزلَة - فَإِن جَمِيع الْأَعْمَال الصَّالِحَة دَاخِلَة فِي الْإِيمَان عِنْدهم. ثمَّ إِنَّه لَا يخفى أَن اسْتِدْلَال الْمُعْتَزلَة لَا يَخْلُو عَن قُوَّة. فَأجَاب أهل السّنة تَارَة بِأَن المُرَاد بِالْخَيرِ الْإِخْلَاص وبالإيمان ظَاهره من القَوْل وَالْعَمَل وَفِيه بعد. وَتارَة بِأَن الْآيَة من اللف التقديري أَي لَا ينفع نفسا إيمَانهَا وَلَا كسبها فِي الْإِيمَان فيــوافق الْأَحَادِيث والآيات الشاهدة بِأَن مُجَرّد الْإِيمَان نَافِع ويلائم مَقْصُود الْآيَة حَيْثُ وَردت تخسيرا للَّذين أخْلفُوا مَا أوعدوا من الرسوخ فِي الْهِدَايَة عِنْد إِنْزَال الْكتب حَيْثُ كذبُوا بِهِ وصدفوا عَنهُ. وَفِيه أَنه ذكر فِي خُلَاصَة الْفَتْوَى وَغَيره من كتب الْفِقْه أَن تَوْبَة اليائس مَقْبُولَة وَإِن لم يكن إِيمَان الْيَأْس مَقْبُولًا لَكِن ذكر فِي جَامع الْمُضْمرَات خلاف ذَلِك. وَالْأَظْهَر أَن يُجَاب عَن الِاسْتِدْلَال بِأَن المُرَاد بالنفع كَمَاله أَعنِي الْوُصُول إِلَى رفع الدَّرَجَات والخلاص عَن الدركات بِالْكُلِّيَّةِ انْتهى.

التّفسير

التّفسير:
[في الانكليزية] Explication ،interpretation ،commentary ،exegesis
[ في الفرنسية] Explication ،interpretation ،commentaire ،exegese
هو تفعيل من الفسر وهو البيان والكشف.
ويقال هو مقلوب السّفر. تقول أسفر الصبح إذا أضاء. وقيل مأخوذ من التّفسرة، وهي اسم لما يعرف به الطبيب المريض. وعند النحاة يطلق على التمييز كما سيجيء. وعند أهل البيان هو من أنواع إطناب الزيادة، وهو أن يكون في الكلام لبس وخفاء فيؤتى بما يزيله ويفسّره.
ومن أمثلته أنّ الإنسان خلق هلوعا إذا مسّه الشرّ جزوعا وإذا مسّه الخير منوعا. فقوله إذا مسّه الخ مفسّر للهلوع كما قال أبو العالية. ومنها يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ الآية فيذبّحون وما بعده تفسير للسّوم. ومنها الصّمد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ الآية. قال محمد بن كعب القرظي لم يلد الخ تفسير للصّمد، وهو في القرآن كثير. قال ابن جنّي ومتى كانت الجملة تفسيرا لا يحسن الوقف على ما قبلها دونها لأنه تفسير الشيء لاحق به ومتمّم له وجار مجرى بعض أجزائه، كذا في الإتقان في أنواع الإطناب. والفرق بينه وبين الإيضاح بعد الإبهام يذكر في لفظ الإيضاح. ويقول في مجمع الصنائع: التفسير هو أن يعدّد الشاعر عدة أوصاف مجملة ثم يأتي بعد ذلك بالتفسير لها.
فإذا أعاد تلك الألفاظ المجملة خلال التفسير فإنّه يسمّى عند ذلك التفسير الجليّ، وإلّا فهو التفسير الخفيّ. مثال الأول:
إمّا أن يكبّل أو يفتح أو يقبض أو يعطي لكي يبقى العالم شاهدا على ما قام به الملك فما يقبضه هو الولاية، وما يعطيه فهو الأموال وما يقيّده فهو رجل العدوّ، وما يفتحه فهو القلعة ومثال الثاني:
دائما يحضرون من أجل عيدك وهو ظاهر وهم يلدون دائما من أجل سرورك بسهولة الرطب من النخل والعسل من النحل والحرير من دود القزّ والمسك من الغزال واللؤلؤ من البحر والذهب من الصخر والسكر من القصب والجوهر من المنجم انتهى اعلم أنّ الأصوليين والفقهاء اختلفوا في التفسير والتأويل فقال أبو عبيدة وطائفة هما بمعنى. وقال الراغب: التفسير أعمّ من التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل. وكثيرا ما يستعمل في الكتب الإلهية. والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها. وقال غيره: التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلّا وجها واحدا، والتأويل توجيه لفظ متوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة. وقال الماتريدي: التفسير القطع على أنّ المراد من اللفظ هذا أو الشهادة على الله أنه عني باللفظ هذا، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح وإلّا فتفسير بالرأي وهو المنهي.
والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله.

وقال أبو طالب الثعلبي: التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازا كتفسير الصراط بالطريق والصيّب بالمطر، والتأويل تفسير باطن اللفظ، مأخوذ من الأول، وهو الرجوع بعاقبة الأمر، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد والتفسير إخبار عن دليل المراد، لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل كقوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تفسيره أنه من الرّصد يقال:
رصدته رقبته والمرصاد مفعال منه وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه وقواطع الأزلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة.

قال الأصبحاني في تفسيره: اعلم أنّ التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن.
وبيان المراد أعمّ من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره.
والتأويل أكثره في الجمل، والتفسير إمّا أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصيلة أو في وجيز يتبيّن بشرح نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وإمّا في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلّا بمعرفتها كقوله تعالى إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ. وإمّا التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق وتارة في جحود الباري تعالى خاصة، ويستعمل في لفظ مشترك بن معان مختلفة نحو لفظ وجد المستعمل في الجدة والوجد والوجود. وقال غيره التفسير يتعلّق بالرواية والتأويل بالدراية.

وقال أبو نصر القشيري: التفسير مقصور على الإتباع والسماع والاستنباط في ما يتعلّق بالتأويل. وقال قوم ما وقع في كتاب الله تعالى مبينا وفي صحيح السنة معينا سمّي تفسيرا لأنّ معناه قد ظهر ووضح، وليس لأحد أن يتعرّض له باجتهاد ولا غيره، بل يحمله على المعنى الذي ورد ولا يتعداه. والتأويل ما استنبطه العلماء العالمون بمعاني الخطاب الماهرون في آلات العلوم.

وقال قوم منهم البغوي والكواشي:
التأويل صرف الآية إلى معنى مــوافق لما قبلها وبعدها يحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسّنة من طريق الاستنباط. ويطلق التفسير أيضا على علم من العلوم المدوّنة وقد سبق في المقدمة. فائدة:
قد يقال في كلام المفسّرين هذا تفسير معنى وهذا تفسير إعراب. والفرق بينهما أن تفسير الإعراب لا بدّ فيه من ملاحظة صناعة النحو، وتفسير المعنى لا يضرّه مخالفة ذلك.
هذا كله من الإتقان. والتفسير في اصطلاح أهل الرمل عبارة عن شكل ينتج عن إغلاق أو فتح.
وسيأتي شرح وطريقة ذلك في لفظ «متن».

التّعديل

التّعديل:
[في الانكليزية] Rectification ،parallax ،equation
[ في الفرنسية] Rectification ،parallaxe ،equation
في اللغة التّسوية. وتعديل الأركان عند أهل الشرع تسكين الجوارح في الركوع والسجود والقومة والجلسة قدر تسبيحة، ويطلق على كلّ، فإنّه صار كاسم جنس، كذا في جامع الرموز في فصل صفة الصلاة. والتعديل عند الرياضيين يطلق على معان منها ما ذكره بعض المحاسبين كما سيأتي في لفظ الجبر ولفظ الرّد ومنها التعديل الأول ويسمّى بالاختلاف الأول أيضا لأنّه أول تفاوت وجد ويسمّى بالتعديل المفرد أيضا لانفراده عن غيره بخلاف التعديل الثاني فإنّه مخلوط بالأول، هذا عند أهل الهيئة. وأهل العمل منهم أي أصحاب الزيجات يسمّونه بالتعديل الثاني لتأخره بحسب العمل عن التعديل الثالث الذي يسمّونه تعديلا أولا، وهو قوس بين الوسط والتقويم. قال عبد العلي البرجندي في حاشية الچغميني هذا في الشمس والقمر صحيح وأمّا في المتحيّرة فما بين الوسط المعدّل والتقويم هو التعديل الأول، وأمّا ما بين الوسط الغير المعدّل والتقويم فلا يسمّى عندهم باسم.
فالظاهر أنّه أراد المصنّف بالوسط الوسط المعدل أي المعدّل بالتعديل الثالث. وزاوية التعديل وقد تسمّى بالتعديل أيضا كما يستفاد من شرح التذكرة للعلي البرجندي هي الحادثة على مركز العالم بين خطين خارجين منه أحدهما وسطي والآخر تقويمي، وهذا هو قول المحقّقين منهم. ومقدار هذه الزاوية هو قوس التعديل لأنّ مقدار الزاوية قوس فيما بين ضلعيها موترة لها من دائرة مركزها رأس الزاوية وهذا هو الحق.
وقيل القوس الواقعة من فلك البروج بين طرفي الخطين أي الخطّ الخارج عن مركز الخارج والخط الخارج من مركز العالم المارّين بمركز الشمس المنتهيين إلى دائرة البروج هي تعديل الشمس. ولما كان الخطان المذكوران متقاطعين عند مركز الشمس كان هناك زاويتان متقابلتان متساويتان، إحداهما فوق مركز الشمس وتسمّى زاوية تعديلية والأخرى تحت مركز الشمس وتسمّى أيضا بزاوية تعديلية لكونها مساوية للأولى، وهذا القول ليس بصحيح، وإن شئت وجهه فارجع إلى كتب علم الهيئة.
اعلم أنّ الشمس إذا كانت صاعدة أي متوجهة من الحضيض إلى الأوج يزاد هذا التعديل على وسطها، فالمجموع هو التقويم.
وإذا كانت هابطة أي متوجهة من الأوج إلى الحضيض ينقص هذا التعديل من الوسط، فبالباقي هو التقويم، وليس في الشمس سوى هذا تعديل آخر. وأما الخمسة المتحيّرة فيزاد فيها التعديل على الوسط إذا كانت هابطة وينقص عنه إذا كانت صاعدة، فالمجموع أو الباقي هو التقويم. والحال في القمر بالعكس.
ودلائل هذه المقدمات تطلب من كتب الهيئة، وغاية هذا التعديل بقدر نصف قطر التدوير.
ومنها التعديل الثاني ويسمّى بالاختلاف الثاني أيضا وهو القوس المذكورة أي التعديل الأول باعتبار اختلافها في الرؤية صغرا وكبرا بحسب بعد مركز التدوير عن مركز العالم وقربه منه، وذلك لأنّ مركز التدوير إذا كان في حضيض الحامل فنصف قطره بسبب قربه من مركز العالم يرى أكبر وإذا كان في أوج الحامل فنصف قطره بسبب بعده عنه يرى أصغر فلذلك تختلف القوس المذكورة وهذا الاختلاف يلحق الاختلاف الأول بقدر ذلك الاختلاف في نصف القطر، فينقص منه إذا كان مركز التدوير أبعد من البعد الأوسط ويزاد عليه إذا كان أقرب منه، ويكون بعد ذلك أي بعد نقصانه عن الاختلاف الأول أو زيادته عليه تابعا له أي للاختلاف الأول في الزيادة والنقصان على الوسط، وهذا عند من وضع مراكز تداوير المتحيّرة في البعد الأوسط واستخرج الاختلاف الأول منها فيه فإنّ الاختلاف الثاني فيها قد يكون بحسب البعد الأبعد فيكون ناقصا عن الاختلاف الأول وقد يكون بحسب البعد الأقرب فيكون زائدا عليه.
وأما عند من وضع مراكز تداويرها في الأوج واستخرج الاختلاف الأول منها فيه فلا محالة يزيد الاختلاف الثاني دائما على الأول، وهكذا الحال في القمر فإنّ اختلاف الأول للقمر إنما وضع في الأوج الذي هو البعد الأبعد. ثم إنّ ما حصل من زيادة الاختلاف الثاني على الأول أو ما بقي بعد نقصه منه يسمّى تعديلا معدلا.
اعلم أنّ هذا الاختلاف في المتحيّرة يسمّى أيضا اختلاف البعد الأبعد والأقرب لاشتماله عليهما، فهو إمّا على سبيل التغليب وإمّا على أنه اختلاف بعد هو أبعد من البعد الأوسط أو أقرب منه، وهذا بخلاف ما في القمر فإنه يسمّى اختلاف البعد الأقرب فقط، إمّا لتغليب أقرب الأبعاد أعني الحضيضية على سائرها وإمّا لأنه اختلاف بعد هو أقرب من البعد الأوجي. وقيل غاية الاختلاف الثاني اختلاف البعد الأقرب وهو المــوافق لما ذهب إليه صاحب المجسطي ومن تبعه من أصحاب الزيجات من تسمية الاختلاف الثاني عند كون مركز التدوير في الحضيض باختلاف البعد الأقرب، وقد يسمونها بالاختلاف المطلق أيضا. هذا وقد قيل إنّ أهل الهيئة يسمّون الاختلاف الثاني مطلقا سواء كان مركز التدوير في الحضيض أو لم يكن اختلاف البعد الأقرب لما دلّ البرهان على وجوده وإن لم يعرفوا مقداره. وأما أهل العمل أي أصحاب الزيجات فيسمّون الاختلاف الثاني عند كون مركز التدوير في الحضيض اختلاف البعد الأقرب لأنه معلوم عندهم موضوع في الجدول. وأمّا في سائر المنازل فهو غير معلوم لهم ولا بموضوع في الجدول لجزء جزء إلّا غايته، فإنها مستخرجة لسهولة تظهر في العمل، فلهذا لم يسمّوه في سائر المنازل باسم، وتوضيح السهولة التي ذكرناها أنهم استخرجوا الاختلافات الثانية لنقطة التماس بحسب كون مركز التدوير في الأبعاد المختلفة ونقلوها إلى أجزاء يكون الاختلاف الثاني لنقطة التماس عند كون مركز التدوير في الحضيض، أعني غاية الاختلاف الثاني لنقطة التماس بتلك الأجزاء ستين دقيقة، وسمّوها دقائق الحضيض، ووضعوها بإزاء أجزاء المركز.
كما أنهم وضعوا الاختلاف الأول وغاية الاختلاف الثاني لأجزاء التدوير معا بإزاء أجزاء الخاصة المعدّلة. وقد تقرّر أنّ نسبة غاية الاختلاف الثاني لنقطة التماس إلى غاية الاختلاف الثاني لجزء مفروض كنسبة الاختلاف الثاني لنقطة التماس عند كون التدوير في بعد غير الحضيض، أعني كنسبة دقائق الحضيض إلى الاختلاف الثاني لذلك الجزء في ذلك البعد، ولمّا كان المقدّم في النسبة الأولى واحدا أعني ستين دقيقة وقسمة المضروب عليه وعدمها سواء فبقاعدة الأربعة المتناسبة إذا ضرب غاية الاختلاف الثاني للجزء المفروض في دقائق الحضيض وهما معلومان من الجدول، ويكون الحاصل الاختلاف الثاني لذلك الجزء بحسب البعد المفروض، فيحصل بهذا العمل الاختلافات الثانية لأجزاء التدوير بحسب كونها في الأبعاد المختلفة من غير أن يحتاج إلى وضع جميعها في الجدول.
فائدة:
قد فسّر صاحب التذكرة وشارحوها الاختلاف الأول والثاني بالزاوية الحاصلة عند مركز العالم لا بالقوس، والأمر في ذلك سهل، فإنّ الزوايا إنما تتقدر بالقسي الموترة لها فيجوز أن يفسّر الاختلاف الأول بقوس بين الوسط والتقويم وأن يفسر بزاوية حادثة على مركز العالم بين خطّين الخ، فإنّ المآل واحد كما لا يخفى.
فائدة:
هذا الاختلاف هو الاختلاف الأول بعينه في الحقيقة سواء كان مركز التدوير في البعد الأبعد أو لم يكن، إلّا أنهم لما أرادوا وضع التعديل في الجدول فرضوا مركز التدوير في بعد معيّن واستخرجوا مقادير زوايا التعديل بحسب ذلك البعد ووضعوها في جدول واستخرجوا أيضا تفاوت التعديلات بحسب وقوع مركز التدوير في أبعاد اخر بقاعدة مذكورة سابقا، ويجمعون هذا التفاوت مع التعديل المذكور أو ينقصونه منه ليحصل التعديل بحسب ما هو الواقع في البعد المفروض، ففرض بطليموس ومن تابعه مركز التدوير القمري ثابتا في الأوج وسمّوا تلك الزوايا عند كونه في الأوج بالاختلاف الأول، والزيادات عليها في سائر المنازل بالاختلافات الثانية. وبعض أصحاب الزيجات فرض مركز تدويره ثابتا في الحضيض واستخرج مقادير الزوايا ويسمّى النقصانات عنها في سائر المنازل بالاختلافات الثانية. وبعضهم فرضه ثابتا في البعد الأوسط ويسمّى الزيادات في النصف الحضيضي والنقصانات في النصف الأوجي بالاختلافات الثانية، ولا مشاحة في الاصطلاحات. والغرض من جميع ذلك تسهيل الأمر على أهل العمل، وإلّا فالاختلاف بحسب الواقع واحد، والأليق بعلم الهيئة إنما هو ذكر هذا الاختلاف. وأمّا تشقيصه إلى الاختلاف الأول والثاني فلائق بكتب العمل أي الزيجات كما لا يخفى، لكن جميع أهل الهيئة ذكروا هذين الاختلافين. هكذا ذكر العلي البرجندي في شرح التذكرة وحاشية الچغميني.
ومنها التعديل الثالث ويسمّى بالاختلاف الثالث أيضا. وأهل العمل يسمّونه بالتعديل الأول سواء كان في القمر أو في غيره لتقدمه على الأولين بحسب العمل، كذا في شرح، التذكرة. وهو يطلق على معنيين: أحدهما تعديل المركز لتعديله به، والثاني تعديل الخاصة لتعديلها به، ويسمّى أيضا فضل ما بين الخاصتين، كذا في شرح التذكرة أيضا. فتعديل المركز هو قوس من الممثل في المتحيّرة ومن المائل في القمر محصورة بين طرف خط وسطي وخط المركز المعدّل أي المخرج من مركز العالم المارّ بمركز التدوير إلى الممثل أو المائل. وتعديل الخاصة هو قوس من منطقة التدوير بين الذروة المرئية والوسطية.
وتوضيح ذلك أنّه إذا أخرج خطان أحدهما من مركز العالم إلى مركز التدوير والآخر من مركز معدل المسير إليه، فبعد إخراجهما يحصل عند مركز التدوير أربع زوايا، اثنتان منها حادّتان متساويتان، فالتي في جانب الفوق يعتبر مقدارها من منطقة التدوير وهو قوس منها ما بين الذروتين من الجانب الأقرب وتسمّى تعديل الخاصة والتي في جانب السفل يعتبر مقدارها من منطقة الممثل، وذلك بأن يخرج من مركز العالم خط مواز للخط الخارج من مركز معدّل المسير إلى مركز التدوير ويخرجان إلى سطح الممثل، فالقوس الواقعة من الممثل بين طرفي هذين الخطين من الجانب الأقرب هي مقدار تلك الزاوية وتسمّى تعديل المركز. فإذا كان مركز التدوير في النصف الهابط كانت الزاوية الحاصلة عند مركز معدّل المسير من الخطين من أحدهما إلى الأوج والآخر إلى مركز التدوير أعظم من الزاوية الحاصلة عند مركز العالم بقدر تعديل المركز، وفي النصف الصاعد الأمر بالعكس، فلذلك ينقص عن المركز، أي عن مركز التدوير في النصف الهابط، ويزاد عليه في النصف الصاعد ليحصل المركز المعدل. ثم نقول إن تقاطع الخط المارّ بمركز التدوير مع أعلى منطقته كان أقرب إلى الأوج إن كان خارجا عن مركز العالم وأبعد عنه إن كان خارجا عن مركز معدل المسير، فإن كان مركز التدوير هابطا يزاد عليه تعديل الخاصة على الخاصة الوسطية التي هي معلومة في كل حال، لأن حركات التداوير معلومة لكونها على وتيرة واحدة، وفي النصف الآخر ينقص منها لتحصل الخاصة المعدّلة المسمّاة بالخاصة المرئية، التي بها يعلم التعديل الأول والثاني. ولمّا كان ما بين الذروتين في المتحيّرة مساويا لما بين الخط الوسطي وخط المركز المعدّل لتساوي الزاويتين الحادّتين الحاصلتين عند مركز التدوير من إخراج هذين الخطين كما عرفت، لم يحتج في استخراج تقويمها إلى تعديل أزيد من الثلاثة أي تعديل المركز والتعديل الأول والثاني، وكان تعديل المركز والخاصة فيها واحدا. ولمّا كان خط الوسط وخط المركز المعدل في القمر ينطبق أحدهما على الآخر أبدا لكون حركة تدوير القمر متشابهة حول مركز العالم لم يحتج في القمر إلى تعديل المركز، بل إلى تعديل الخاصة، والتعديلين الأولين. هكذا يستفاد من تصانيف عبد العلي البرجندي. وكأنه لهذا التساوي والانطباق قال صاحب التذكرة في بيان التعديل الثالث للقمر: ويسمّى هذا التعديل تعديل الخاصة. وقال في بيان التعديل الثالث للمتحيّرة: ويسمّى هذا التعديل تعديل المركز والخاصة. وقال شارحه أي العلي البرجندي إنما سمّي بتعديل المركز والخاصة لتعديلهما به.
فائدة:
حال هذا التعديل في القمر في زيادته على الخاصة الوسطية ونقصه منها كحال المتحيّرة لأنّ حركة أعلى تدوير القمر وإنّ كانت مخالفة لحركة أعالي تداوير المتحيّرة لكن مركز معدل المسير في المتحيّرة فوق مركز العالم ونقطة المحاذاة في القمر تحت مركز العالم بالنسبة إلى الأوج. ومنها تعديل النقل وهو التفاوت بين بعد موضعي القمر من منطقتي الممثل والمائل عن العقدتين ويسمّى الاختلاف الرابع أيضا. وأهل العمل يسمّونه التعديل الثالث أيضا، وذلك لأنهم سمّوا الاختلاف الثالث والأول بالتعديل الأول والتعديل الثاني فسمّوا هذا بالتعديل الثالث ويعتبر ذلك التفاوت إذا أريد تحويل موضعه أي موضع القمر من المائل إلى موضعه من الممثل، وقلّما يحتاج إلى عكسه. ولهذا أي لكون الاحتياج إلى عكسه قليلا يسمّى هذا التحويل في كتب العمل نقل القمر من المائل إلى البروج، هكذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة. وقال في حاشية الچغميني توضيحه أنّ وسط القمر مأخوذ من منطقة المائل لأنّه إذا أخذ ذلك من منطقة البروج لا يكون متشابها وإن اتّحد مركزاهما لاختلاف منطقتيهما، فإذا مرّت دائرة عرض بمركز التدوير تقاطع منطقة البروج على قوائم فيحدث من قوس العرض ومن القوسين الكائنتين من المائل والممثل اللتين مبدأهما العقدة ومنتهاهما دائرة العرض المذكورة مثلّث زاوية تقاطع العرضية مع الممثل فيه قائمة، وزاوية تقاطعها مع المائل حادّة، فالقوس من المائل التي هي الوسط أعظم من القوس التي هي من الممثل، أعني التقويم، والتفاوت بينهما يسمّى تعديل النقل إذ به ينقل مقدار القوس من المائل إلى القوس من الممثل، فإن كان الوسط من الربع الأول والثالث أعني مؤخرا عن إحدى العقدتين ينقص تعديل النقل منه، وإن كان من الربعين الآخرين يزاد عليه لتحصل القوس من الممثل. وهذا التفاوت ليس شيئا واحدا دائما بل إذا صار مركز التدوير إلى بعد ثمن من العقدة تقريبا صار هذا التفاوت في الغاية، وبعد ذلك يتناقص إلى أن يبلغ مركز التدوير إلى منتصف ما بين العقدتين، وحينئذ ينعدم التفاوت. وقال في شرح التذكرة: اعلم أنه ذكر المحقّق الشريف تبعا لصاحب التحفة أنّ تعديل النقل هو القوس الواقعة من الممثل بين تقاطعي الممثل مع الدائرتين المارّتين بمركز القمر، إحداهما تمرّ بقطبي الممثل والأخرى بقطبي المائل وهو سهو. ومنها تعديل النهار وهو قوس بين مطالع جزء من أجزاء فلك البروج بخط الإستواء، وبين مطالعه بالبلد، وذلك لأنّ لأجزاء فلك البروج مطالع في خط الاستواء، وكذا لها مطالع في الآفاق المائلة وبين المطالعين تفاوت، وهذا التفاوت يسمّى تعديل النهار، وتعديل نهار نقطة الانقلاب يسمّى بتعديل النهار الكلّي.
اعلم أنّ قوس فضل مطالع الاستواء على مطالع البلد وقوس فضل مغارب البلد على مغارب الاستواء في الآفاق الشمالية متساويتان، فإذا زيدتا على نهار الإستواء حصل نهار البلد وإذا نقصتا عن نهار البلد كان الباقي نهار الاستواء، وكذا الحال في الآفاق الجنوبية، إلّا أنّ الأمر فيها على عكس ذلك في الزيادة والنقصان كما يظهر بأدنى تأمّل. فتعديل النهار في الحقيقة هو مجموع القوسين لا إحداهما التي هي قوس فضل المطالع على المطالع، لكن القوم أطلقوا تعديل النهار عليها إذ بها يعرف التعديل، وتوضيحه يطلب من شرح الملخّص للسيد السند. ومنها تعديل الأيام بلياليها وهو التفاوت بين اليوم الحقيقي واليوم الوسطي كما سيجيء في لفظ اليوم. ومنها اسم عمل مخصوص يعلم به التعديلات وغيرها المجهولة أي غير المسطورة في جداول الزيجات.

ويقول في سراج الاستخراج: إذا كانوا يريدون حصة تعديل عددي من جدول التعديل وليس موجودا في سطر العدد، فيبحثون عن عددين متواليين، بحيث يكون العدد الأول أقلّ من المطلوب والثاني أكثر. فحينئذ يأخذون التفاضل بين الحصتين في العددين المذكورين.
ثم يضربون رقم التفاضل في العدد المفروض ثم يقسمون الحاصل على التفاضل بين كلا العددين، وما يبقى خارج القسمة يضيفونه إلى حصة العدد الأقل حتى يحصلوا على المطلوب.
وهذا العمل يسمّونه التعديل.
وإذا كانت الحصّة معلومة والعدد مجهولا فتطلب حصتين متواليتين إحداهما من عدد معلوم أقلّ والثانية من عدد معلوم أكثر. ثم التفاضل ما بين كلا العددين نضربه بالتفاضل بين الحصّة المقدّمة والحصّة المعلومة. ونقسم الحاصل على التفاضل الموضوع بين كلا الحصتين. ونضيف الخارج على العدد الأقلّ حتى يصير العدد المجهول معلوما، وهذا العمل يقال له التقويس، ذلك لأنه بهذا العمل قوس تلك الحصة يصير معلوما، وهذا الأسلوب في استخراج الطوالع من المطالع ناجح. وقريب من هذا العمل عمل التعديل الذي يعملونه من الأسطرلاب. ومبنى كلا العملين على الأربعة المتناسبة، وتحقيق هذا العمل يجب أن يكون معلوما من باب (العشرين بابا) وشرحه.

التّضاد

التّضاد:
[في الانكليزية] Contradition ،opposition antagonism
[ في الفرنسية] Contradition ،opposition ،antagonisme
بتشديد الدال يطلق على معان. منها التقابل والتنافي في الجملة، وفي بعض الأحوال وبهذا المعنى وقع في تعريف الطّباق كما في المطوّل. والظاهر أنّ هذا المعنى لغوي فإنّ التضاد في اللغة بمعنى: العداوة مع الآخر، وعدم التّجانس والتنافي، وبمعنى عدم التــوافق. ومنها الطّباق والجمع بين معنيين متضادين. وهذا المعنى من مصطلحات أهل البديع. ويلحق به ما يسمّى إيهام التّضاد وهو الجمع بين معنيين غير متقابلين، عبّر عنهما بلفظين، يتقابل معانيهما الحقيقيان نحو قول دعبل:
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى.
يعني بالرجل نفسه وبالضحك الظهور التامّ، فلا تضاد بين البكاء وظهور المشيب، لكنّه عبّر عن ظهور المشيب بالضحك الذي يكون معناه الحقيقي مضادا لمعنى البكاء. وإنّما سمّي بإيهام التضاد لأنّ المعنيين المذكورين وإن لم يكونا متقابلين حتى يكون التضاد حقيقيّا لكنهما قد ذكرا بلفظين يوهمان بالتضاد، نظرا إلى الظاهر والحمل على الحقيقة كذا في المطول. ومنها كون المعنيين بحيث يمتنع لذاتيهما اجتماعهما في محلّ واحد من جهة واحدة، والمعنيان يسمّيان بالمتضادين والضّدين، وهو من مصطلحات المتكلّمين كما في تهذيب الكلام وشرح المواقف وعليه اصطلاح الفقهاء أيضا.

قال الچلپي في حاشية التلويح: اسم الضّد في اصطلاح الفقهاء يطلق على كلّ من المتقابلات مطلقا، صرّح به في التحقيق، انتهى. فقولهم معنيان أي عرضان يخرج العدم والوجود لأنهما ليسا عرضين، وكذا الإعدام لذلك، وكذا الجوهر والعرض وهو ظاهر، وكذا القديم والحادث فإنّ القديم القائم بغيره كصفاته تعالى لا يسمّى عرضا عندهم لأنّه قسم من الممكن الذي هو ما سوى الله تعالى، ولذا حكموا بحدوثه. فهذه الأمور لا تضاد في شيء منها وكذا الأمور الإضافية لعدم كونها موجودة عندهم. وقولهم يمتنع اجتماعهما يخرج نحو السّواد والحلاوة فإنّهما يجتمعان فلا تضاد بينهما. وقولهم لذاتيهما أي يكون منشأ امتناع الاجتماع ذاتيهما وإن كان بواسطة لازمة للذات فلا ينافي ما يقال إنّ التقابل بالذات إنّما هو بين الإيجاب والسّلب وفيما عداهما بالواسطة.
وخرج بهذا القيد العلم بالحركة والسكون معا فإنّ هذين العلمين وإن امتنع اجتماعهما لكن ليس ذلك لذاتيهما، بل لاستلزامهما المعلومين اللذين يمتنع اجتماعهما لذاتيهما بناء على أنّ المطابقة معتبرة عندهم في العلم؛ فلو اجتمع العلمان في شخص واحد لزم اجتماع المعلومين، أعني كون شخص واحد متحركا وساكنا في آن واحد فتدبّر. وكذا الحركة الاختيارية مع العجز فإنّ امتناع الاجتماع بينهما ليس لذاتيهما بل لأنّ الحركة الاختيارية تستلزم القدرة المضادّة للعجز لكونهما متنافيين بالذات.
وقولهم من جهة واحدة الأولى حذفه لعدم ظهور الفائدة. وما قيل إنّ فائدته إدخال الاجتماع والافتراق فإنّهما موجودان عندهم يمتنع اجتماعهما في محلّ واحد من جهة واحدة لا من جهتين، إذ يجوز أن يكون لجسم واحد اجتماع بالنسبة إلى جسم وافتراق بالنسبة إلى آخر، فمدفوع بأنّ الكون الموجود أمر شخصي يعرض له اعتباران. فالموجود في الخارج لا تعدّد فيه وإن اعتبر مع الإضافة فهو أمر اعتباري لا وجود له، وكذا ما قيل إنّ فائدته إدخال السواد والبياض اللذين في البلقة والخطين اللذين في السطح فإنّ الاجتماع في الصورتين ليس من جهة واحدة، بل من جهتين لانتفاع الاجتماع في المحلّ الواحد في الصورة الأولى، وكون الخطّ والسطح والنقطة من الأمور الاعتبارية عندهم. والمراد امتناع الاجتماع بعد عدم اشتراكهما في الصفات النفسية فخرج التماثل، فإنّ المتماثلين عند الأشعري لا يجتمعان أيضا.
ثم اعلم أنّ اتّحاد المحلّ لم تشترطه المعتزلة، وقالوا الضدان معنيان يستحيل اجتماعهما لذاتيهما في الجملة سواء كان في محلّ واحد أو في محلّين. وقالوا العلم بالشيء كالسواد مثلا إذا قام بجزء في القلب فإنّه يضادّ الجهل بذلك الشيء بجزء آخر من القلب، وإلّا أي إن لم يكن بينهما تضاد اتصفت الجملة بهما، إذ الصفات التابعة للحياة إذا قامت بجزء من شيء ثبت حكمها للجملة. والمراد بالجهل الجهل المركّب فإنّ الجهل البسيط عدمي عندهم وزاد عليه أبو الهذيل ومن تبعه فلم يشترط المحلّ وذهب إلى أنّ إرادته تعالى تضاد كراهيته تعالى وهما صفتان حادثتان لا في محلّ، أي ليستا في ذاته تعالى لامتناع قيام الحوادث به ولا في غيره لامتناع قيام الصفة بغير موصوفها، وهما متضادان لامتناع اجتماع حكمهما في ذاته، أعني كونه مريدا وكارها معا لشيء واحد.
ويردّ عليهم الموت والحياة فإنّهما ليسا ضدين عندهم مع امتناع اجتماعهما.
واعلم أيضا أنّ جمهور المعتزلة على أنّ المتماثلين يجوز اجتماعهما فهم لا يعتبرون عدم الاشتراك في الصفات النفسية ويخرجون التماثل بقيد امتناع الاجتماع.
ومنها التقابل بين أمرين وجوديين بحيث لا يتوقف تعقّل كلّ منهما على تعقّل الآخر، وهذان الأمران يسمّيان بالمتضادين والضدّين، وهذا من مصطلحات الحكماء. فالضدان عندهم أخصّ مما عند المتكلمين لأنّ المتضايفين قد اختلف في وجودهما، فعلى القول بوجودهما يكونان داخلين في الضدّين على مقتضى تعريف المتكلمين دون تعريف الحكماء وإن لم يكن المتكلمون قائلين بدخولهما في تعريف الضدّين، وكذا الحال في المتماثلين. ثم المراد بالوجودي ما لا يكون السّلب جزءا من مفهومه، وبهذا القيد خرج السلب والإيجاب والعدم والملكة.
وبقولهم لا يتوقّف الخ، خرج التضايف وهذا هو التضاد المشهوري سمّي به لاشتهاره بين عوام الفلاسفة. وقد يشترط أن يكون بين هذين الأمرين غاية الخلاف والبعد كالسواد والبياض فإنهما متخالفان متباعدان في الغاية دون الحمرة والصفرة، إذ ليس بينهما ذلك الخلاف والتباعد فهما متعاندان لا ضدان، وهذا هو التضاد الحقيقي سمّي به لكونه المعتبر في العلوم الحقيقية. هذا هو المسطور في أكثر الكتب.
وفي شرح المقاصد ناقلا عن الشيخ أنه يشترط في التضاد المشهوري أيضا. غاية الخلاف هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم.
فائدة:
الفرق بين الضدّ والنقيض أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان كالعدم والوجود والضدّان لا يجتمعان لكن يرتفعان كالسّواد والبياض كذا في بحر الجواهر.
فائدة:
قالوا قد يلزم أحد المتضادين المحلّ إمّا بعينه كالبياض للثلج أو لا بعينه كالحركة والسكون للجسم فإنّه لا يخلو عنهما وقد يخلو عنهما معا إمّا مع اتصافه بوسط ويعبّر عن ذلك الوسط إما باسم وجودي كالفاتر المتوسّط بين الحار والبارد أو بسلب الطرفين، كما يقال لا عادل ولا جائر لمن اتصف بحالة متوسّطة بين العدل والجور، وإما بدون الاتصاف بوسط فيخلو المحلّ عن الوسط أيضا كالشّافّ الخالي عن السواد والبياض، وعن كلّ ما يتوسطهما من الألوان.
وأيضا قد يمكن تعاقب الضدين على المحلّ بحيث لا يخلو المحلّ عنهما معا بأن يعدم أحدهما عنه ويوجد الآخر فيه في آن واحد كالسواد والبياض، أو لا يمكن ذلك كالحركة الصاعدة والهابطة، فإنّه لا يجوز تعاقبهما على محلّ واحد. فإن قلنا يجب أن يكون بينهما سكون.
فائدة:
التضاد لا يكون إلّا بين أنواع جنس واحد أي لا تضاد بين الأجناس أصلا ولا بين أنواع ليست مندرجة تحت جنس واحد بل تحت جنسين، وإنّما التضاد بين الأنواع المندرجة تحت جنس واحد، ولا يكون التضاد إلّا بين الأنواع الأخيرة المندرجة تحت جنس قريب كالسواد والبياض المندرجة تحت اللون الذي هو جنسهما القريب، وما يتوهّم بخلاف ذلك نحو الفضيلة والرذيلة والخير والشّر فمن العدم والملكة، وضد الواحد الحقيقي لا يكون إلّا واحدا، فالشجاعة ليس لها ضدان حقيقيان هما التهوّر والجبن بل لا تضاد حقيقيا إلّا بين الأطراف كالتهوّر والجبن، وكل ذلك ثبت بالاستقراء كذا في شرح المواقف.

الإيمان

الإيمان: بالكسرِ في اللغة: التصديق بالقلب، وفي الشرع: هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان وقد مرَّ. قيل: من شهد وعمل ولم يعتقد فهو منافق، ومن شهد ولم يعمل واعتقد فهو فاسق، ومن أخلَّ بالشهادة فهو كافر.
والأيمان- بالفتح-: جمع اليمين وسيأتي.
الإيمان: أحينا وأمِتْنا عليه يَا أرحمَ الرَّاحمين- هو تصديق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما جاء به عن الله تعالى مما عُلِم مجيئه ضرورة كذا في "الدر المختار" يعني أن الإيمان هو الاعتماد والوثوق بالرسول في كل ما جاء به علماً وعملاً والإقرار إما شرط أو شطر. قال النسفي في "العقائد" "الإيمان والإسلام واحد". قال العلاَّمة التفتازاني في شرحه: "لأن الإسلام هو الخضوعُ والانقياد، بمعنى قَبول الأحكام والإذعان بها وذلك حقيقةُ التصديق ويؤيده قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)} [الذاريات:35، 36].
قلت: هذا إذا كان الإسلامُ على الحقيقة، أما إذا كان على الاستسلام فقط أو على الخوف من القتل فهو غير الإيمان وذلك لقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]. 
الإيمان
هو من الأمن، فالإيمان هو: الاعتماد، ومن هاهنا: "آمَنَ بهِ" : أيقن به. [والفرق بين "الإيمان" و "الإيقان" أن "الإيمان": تصديق وتسليم، وضده: التكذيب، والجحود، والكفر. و "الإيقان" ضده: الظن والشك. فليس كلُّ مَن أيقن صَدَّقَ، بل ربّما يكذّب المرءُ عُتوّاً ومكابرةً وقد أيقن بالشيء، كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه:
{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} .
وكذلك ليس كلُّ من آمن فقد أيقن، فربَّما يؤمنُ الرجلُ بغلبة الظنِّ، ثمَّ يوفقه اللهُ، فيخرج عن الظن، ولكن لا يكمل الإيمان إلا بالإيقان. فالإيمان جزءان: علم وتسليم، وبكمالهما يكمل] .
و"آمَنَ لَه": أذعن لقوله. ["آمَنَه": أعطاه الأمن] فهذا هو الأصل لغةً.
[وهو اصطلاح ديني قديم. في العبرانية؟؟؟؟ (أمن) معناه: الصدق والاعتماد، والمتعدي منه: إيمان وتصديق وتثبّت. ومنه؟؟؟؟ (آمين) كلمة تصديق] . ثم علّمنا القرآنُ فروعَ هذا الأصل:
فمنها أن المؤمن لا بد أن يتوكل على الله، كما قال تعالى:
{زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
ومنها أن الإيمان لكونه جزماً واعتقاداً لا بد أن يسوق إلى العمل، كما قال تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} .
الإيمان:
[في الانكليزية] Faith ،belief
[ في الفرنسية] Foi ،croyance
هو في اللغة التصديق مطلقا. واختلفت فيه أهل القبلة على أربع فرق. الفرقة الأولى قالوا الإيمان فعل القلب فقط، وهؤلاء قد اختلفوا على قولين: أحدهما أنه تصديق خاص وهو التصديق بالقلب للرسول عليه السلام فيما علم مجيئه به ضرورة من عند الله. فمن صدّق بوحدانية الله تعالى بالدليل ولم يصدّق بأنه مما علم به مجيء الرسول من عند الله لم يكن هذا التصديق منه إيمانا. ثم ما لوحظ إجمالا كالملائكة والكتب والرسل كفى الإيمان به إجمالا، وما لوحظ تفصيلا كجبرئيل وموسى والإنجيل اشترط الإيمان به تفصيلا. فمن لم يصدّق بمعيّن من ذلك فهو كافر. ثم التقييد بالضرورة لإخراج ما لا يعلم بالضرورة كالاجتهاديات، فإن منكرها ليس بكافر وعدم تقييد التصديق بالدليل لاشتمال اعتقاد المقلّد إذ إيمانه صحيح عند الأكثر وهو الصحيح.
والتصديق اللغوي هو اليقيني على ما يجيء في محله. فالظني ليس بكاف في الإيمان، وهذا قول جمهور العلماء، فإنّ الإيمان عندهم هو التصديق الجازم الثابت.

وقال بعضهم: عدم كفاية الظنّ القوي الذي لا يخطر معه النقيض محل كلام، وقد صرّح في شرح المواقف أنّ الظنّ الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض حكمه حكم اليقين في كونه إيمانا حقيقة فإن إيمان أكثر العوام من هذا القبيل. وأطفال المؤمنين وإن لم يكن لهم تصديق لكنهم مصدقون حكما لما علم من الدين ضرورة أنه عليه السلام كان يجعل إيمان أحد الأبوين إيمانا للأولاد.
والتصديق مع لبس الزنار بالاختيار كلا تصديق فيحكم بكفر هذا المصدّق. وقيل الكفر في مثل هذه الصورة أي في الصورة التي يكون التصديق مقرونا بشيء من أمارات التكذيب في الظاهر في حق إجراء أحكام الدنيا لا فيما بينه وبين الله تعالى، كذا في حاشية الخيالي للمولوي عبد الحكيم.
وحدّ الإيمان بما ذكرنا هو مختار جمهور الأشاعرة وعليه الماتريدية وأكثر الأئمة كالقاضي والأستاذ والحسين بن الفضل ووافقــهم على ذلك الصالحي وابن الراوندي من المعتزلة. والقول الثاني أنه معرفة الله تعالى مع توحيده بالقلب. والإقرار باللسان ليس بركن فيه ولا شرط، حتى أن من عرف الله بقلبه ثم جحد بلسانه ومات قبل أن يقرّ به فهو مؤمن كامل الإيمان وهو قول جهم بن صفوان.
وأما معرفة الكتب والرسل واليوم الآخر فزعم أنها داخلة في حدّ الإيمان، وهذا بعيد عن الصواب لمخالفته ظاهر الحديث «بني الإسلام على خمس». والصواب ما حكاه الكعبي عن جهم أنّ الإيمان معرفة الله تعالى وكل ما علم بالضرورة كونه من دين محمد عليه السلام. وفي شرح المواقف قيل الإيمان هو المعرفة، فقوم بالله وهو مذهب جهم بن صفوان، وقوم بالله وبما جاءت به الرسل إجمالا وهو منقول عن بعض الفقهاء.
والفرقة الثانية قالوا إنّ الإيمان عمل باللسان فقط وهم أيضا فريقان: الأول أنّ الإقرار باللسان هو الإيمان فقط ولكن شرط في كونه إيمانا حصول المعرفة في القلب، فالمعرفة شرط لكون الإقرار اللساني إيمانا لا أنها داخلة في مسمّى الإيمان وهو قول غيلان بن مسلم الدمشقي. والثاني أنّ الإيمان مجرّد الإقرار باللسان وهو قول الكرّاميّة، وزعموا أنّ المنافق مؤمن الظاهر كافر السريرة، فثبت له حكم المؤمنين في الدنيا وحكم الكافرين في الآخرة.
والفرقة الثالثة قالوا إنّ الإيمان عمل القلب واللسان معا أي في الإيمان الاستدلالي دون الذي بين العبد وربه، وقد اختلف هؤلاء على أقوال: الأول أنه إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وهو قول أبي حنيفة وعامة الفقهاء وبعض المتكلمين والثاني أنه التصديق بالقلب واللسان معا وهو قول أبي الحسن الأشعري وبشر المريسي. وفي شرح المقاصد فعلى هذا المذهب من صدّق تقلبه ولم يتفق له الإقرار باللسان في عمره مرة لا يكون مؤمنا عند الله تعالى، ولا يستحق دخول الجنة ولا النجاة من الخلود في النار، بخلاف ما إذا جعل اسما للتصديق فقط، فالإقرار حينئذ لإجراء الأحكام عليه فقط كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى انتهى كلامه. والمذهب الأخير مــوافق لما في الحديث «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرّة من الإيمان» كذا في حاشية الخيالي للمولوي عبد الحكيم. والثالث أنه إقرار باللسان وإخلاص بالقلب. ثم المعرفة بالقلب على قول أبي حنيفة مفسّرة بشيئين: الأول الاعتقاد الجازم سواء كان استدلاليّا أو تقليديّا، ولذا حكموا بصحة إيمان المقلّد وهو الأصح.
والثاني العلم الحاصل بالدليل، ولذا زعموا أن الأصح أنّ إيمان المقلّد غير صحيح. ثم هذه الفرقة اختلفوا، فقال بعضهم الإقرار شرط للإيمان في حق إجراء الأحكام حتى أنّ من صدّق الرسول عليه السلام فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى وإن لم يقرّ بلسانه وهو مذهب أبي حنيفة وإليه ذهب الأشعري في أصح الروايتين وهو قول أبي منصور الماتريدي. ولا يخفى أنّ الإقرار لهذا الغرض لا بدّ أن يكون على وجه الإعلام على الإمام وغيره من أهل الإسلام ليجروا عليه الأحكام، بخلاف ما إذا كان ركنا فإنه يكفي مجرّد التكلّم في العمر مرة، وإن لم يظهر على غيره كذا في الخيالي. وقال بعضهم هو ركن ليس بأصلي له بل هو ركن زائد، ولهذا يسقط حال الإكراه. وقال فخر الإسلام إنّ كونه زائدا مذهب الفقهاء وكونه لإجراء الأحكام مذهب المتكلمين.
والفرقة الرابعة قالوا إنّ الإيمان فعل بالقلب واللسان وسائر الجوارح وهو مذهب أصحاب الحديث ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي. وقال الإمام وهو مذهب المعتزلة والخوارج والزيدية. أما أصحاب الحديث فلهم أقوال ثلاثة: القول الأول أنّ المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة، وزعموا أنّ الجحود وإنكار القلب كفر، ثم كل معصية بعده كفر على حدة، ولم يجعلوا شيئا من الطاعات ما لم يوجد المعرفة والإقرار باللسان إيمانا ولا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد الجحود والإنكار لأن اصل الطاعات الإيمان وأصل المعاصي الكفر والفرع لا يحصل بدون ما هو أصله وهو قول عبد الله بن سعد. والقول الثاني أن الإيمان اسم للطاعات كلها فرائضها ونوافلها، وهي بجملتها إيمان واحد، وأنّ من ترك شيئا من الفرائض فقد انتقض إيمانه، ومن ترك النوافل لا ينتقض إيمانه. والقول الثالث أنّ الإيمان اسم للفرائض دون النوافل.
وأما المعتزلة فقد اتفقوا على أنّ الإيمان إذا عدّي بالباء فالمراد به في الشرع التصديق، يقال آمن بالله أي صدّق، إذ الإيمان بمعنى أداء الواجبات لا يمكن فيه هذه التعدية، لا يقال فلان آمن بكذا إذا صلّى وصام، فالإيمان المتعدّي بالباء يجري على طريق اللغة، وإذا أطلق غير متعدّ فقد اتفقوا على أنه منقول نقلا ثانيا من التصديق إلى معنى آخر. ثم اختلفوا فيه على وجوه. الأول أنّ الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة أو من باب الاعتقادات أو الأقوال أو الأفعال وهذا قول واصل بن عطاء وأبي الهذيل والقاضي عبد الجبار. والثاني أنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون النوافل وهو قول أبي علي الجبائي وأبي هاشم. والثالث أنه عبارة عن اجتناب كل ما جاء فيه الوعيد وهو قول النظّام وأصحابه، ومن قال شرط كونه مؤمنا عندنا وعند الله اجتناب كل الكبائر.
وأما الخوارج فقد اتفقوا على أنّ الإيمان بالله يتناول معرفة الله تعالى ومعرفة كل ما نصب الله عليه دليلا عقليا أو نقليا، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر ونهي عنه صغيرا كان أو كبيرا.
وقالوا مجموع هذه الأشياء هو الإيمان ويقرب من مذهب المعتزلة مذهب الخوارج، ويقرب من مذهبهما مذهب السلف وأهل الأثر أنّ الإيمان عبارة عن مجموع ثلاثة أشياء: التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان، إلّا أنّ بين هذه المذاهب فرقا، وهو أن من ترك شيئا من الطاعات فعلا كان أو قولا خرج من الإيمان عند المعتزلة ولم يدخل في الكفر، بل وقع في مرتبة بينهما يسمّونها منزلة بين المنزلتين. وعند الخوارج دخل في الكفر لأن ترك كلّ واحد من الطاعات كفر عندهم. وعند السلف لم يخرج من الإيمان لبقاء أصل الإيمان الذي هو التصديق بالجنان. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال. ونقل عن الشافعي أنه قال الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل، فالمخلّ بالأول وحده منافق، وبالثاني وحده كافر، وبالثالث وحده فاسق ينجو من الخلود في النار ويدخل الجنّة.

قال الإمام: هذه في غاية الصعوبة لأن العمل إذا كان ركنا لا يتحقق الإيمان بدونه، فغير المؤمن كيف يخرج من النار ويدخل الجنة. قلت الإيمان في كلام الشارع قد جاء بمعنى أصل الإيمان وهو الذي لا يعتبر فيه كونه مقرونا بالعمل كما في قوله عليه السلام «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله وتؤمن بالبعث والإسلام وأن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة» الحديث. وقد جاء بمعنى الإيمان الكامل وهو المقرون بالعمل وهو المراد بالإيمان المنفي في قوله عليه السلام «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث، وكذا كل موضع جاء بمثله. فالخلاف في المسألة لفظي لأنه راجع إلى تفسير الإيمان وأنه في أيّ المعنيين منقول شرعي، وفي أيهما مجاز ولا خلاف في المعنى فإنّ الإيمان المنجّي من دخول النار هو الثاني باتفاق جميع المسلمين، والإيمان المنجّي من الخلود في النار هو الأول باتفاق أهل السنة خلافا للمعتزلة والخوارج.
وبالجملة فالسلف والشافعي جعلوا العمل ركنا من الإيمان بالمعنى الثاني دون الأول، وحكموا مع فوات العمل ببقاء الإيمان بالمعنى الأول، وبأنه ينجو من النار باعتبار وجوده، وإن فات الثاني فاندفع الإشكال.
اعلم أنهم اختلفوا في التصديق بالقلب الذي هو تمام مفهوم الإيمان عند الأشاعرة أو جزء مفهومه عند غيرهم. فقيل هو من باب العلوم والمعارف فيكون عين التصديق المقابل للتصور. وردّ بأنّا نقطع بكفر كثير من أهل الكتاب مع علمهم بحقيقة رسالته صلّى الله عليه وآله وسلّم وما جاء به قال الله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ويَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ الآية. وأجيب بأنّا إنما نحكم بكفرهم لأن من أنكر منهم الرسالة أبطل تصديقه القلبي بتكذيبه اللساني، ومن لم ينكرها أبطله بترك الإقرار اختيارا، لأنّ الإقرار شرط لإجراء الأحكام على رأي، وركن الإيمان على رأي.
ولهذا لو حصل التصديق لأحد ومات من ساعته فجأة قبل الإقرار يكون مؤمنا إجماعا. لكن بقي شيء آخر وهو أنّ الإيمان مكلّف به والتكليف إنما يتعلق بالأفعال الاختيارية فلا بد أن يكون التصديق بالقلب اختياريا، والتصديق المقابل للتصوّر ليس اختياريا كما بيّن في موضعه.
وأجيب بأن التكليف بالإيمان تكليف بتحصيل أسبابه من القصد إلى النظر في آثار القدرة الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وتوجيه الحواس إليها، وترتيب المقدمات المأخوذة، وهذه أفعال اختيارية. ولذا قال القاضي الآمدي: التكليف بالإيمان تكليف بالنظر الموصل إليه وهو فعل اختياري. وفيه أنه يلزم على هذا اختصاص التصديق بأن يكون علما صادرا عن الدليل.
وقيل هو أي التصديق من باب الكلام النفسي وعليه إمام الحرمين. وهكذا ذكر صدر الشريعة حيث قال: المراد
بالتصديق معناه اللغوي وهو أن ينسب الصدق إلى المخبر اختيارا لأنه إن وقع في القلب صدق المخبر ضرورة كما إذا شاهد أحد المعجزة ووقع صدق دعوى النبوة في قلبه ضرورة وقهرا من غير أن ينسب الصدق إلى النبي عليه السلام اختيارا، لا يقال في اللغة إنه صدّقه، فعلم أنّ المراد من التصديق إيقاع نسبة الصدق إلى المخبر اختيارا الذي هو كلام النفس ويسمّى عقد الإيمان. وظاهر كلام الأشعري أنه كلام النفس والمعرفة شرط فيه إذ المراد بكلام النفس الاستسلام الباطني والانقياد لقبول الأوامر والنواهي. وبالمعرفة إدراك مطابقة دعوى النبي للواقع أي تجليها للقلب وانكشافها له وذلك الاستسلام إنّما يحصل بعد حصول هذه المعرفة، ويحتمل أن يكون كل منهما ركنا. وقال بعض المحققين إنّ كلا من المعرفة والاستسلام خارج من مفهوم التصديق لغة، وهو نسبة الصدق بالقلب أو اللسان إلى القائل، لكنهما معتبران شرعا في الإيمان إمّا على أنهما جزءان لمفهومه شرعا، أو شرطان لإجراء أحكامه شرعا. والثاني هو الراجح لأن الأول يلزمه نقل الإيمان عن معناه اللغوي إلى معنى آخر شرعي، والنقل خلاف الأصل، فلا يصار إليه بغير دليل.
فائدة:
قيل الإيمان والإسلام مترادفان، وقيل متغايران. وقد سبق تفصيله في لفظ الإسلام.
فائدة:
الإيمان هل يزيد وينقص أو لا؟ اختلف فيه. فقيل لا يقبل الزيادة والنقصان لأنه حقيقة التصديق، وهو لا يقبلهما. وقيل لا يقبل النقصان لأنه لو نقص لانتفى الإيمان، ولكن يقبل الزيادة لقوله تعالى زادَتْهُمْ إِيماناً ونحوها. وقيل يقبلهما وهو مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفائها. وقال الإمام هذا البحث لفظي لأن المراد بالإيمان إن كان هو التصديق فلا يقبلهما لأنّ الواجب هو اليقين الغير القابل للتفاوت لعدم احتمال النقيض فيه، والاحتمال ولو بأبعد وجه ينافي اليقين. وإن كان المراد به الأعمال إمّا وحدها أو مع التصديق فيقبلهما وهو ظاهر. فإن قلت انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل فكيف تتصوّر الزيادة والنقصان؟ قلت الأعمال ليست مما جعله الشارع جزءا من الإيمان حتى ينتفي بانتفائها الإيمان بل هي تقع جزءا منه إن وجدت. فما لم يوجد الأعمال فالإيمان هو التصديق والإقرار وإن وجدت كانت داخلة في الإيمان، فيزيد على ما كان قبل الأعمال.
وقيل الحق أنّ التصديق يقبلهما بحسب الذات وبحسب المتعلق، أمّا الأول فلقبوله القوة والضعف فإنه من الكيفيات النفسانية القابلة لهما كالفرح والحزن والغضب. وقولكم الواجب هو اليقين والتفاوت لاحتمال النقيض. قلنا لا نسلم أنّ التفاوت لذلك فقط إذ يجوز أن يكون بالقوة والضعف بلا احتمال النقيض. ثم الذي قلتم يقتضي أن يكون إيمان النبي عليه السلام وإيمان آحاد الأمة سواء وأنه باطل إجماعا ولقول إبراهيم عليه السلام وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فإنه يدل على قبول التصديق اليقيني للزيادة والنقصان. والظاهر أنّ الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض بالبال حكمه حكم اليقين في كونه إيمانا حقيقة، فإنّ إيمان أكثر العوام من هذا القبيل. وعلى هذا فقبول الزيادة والنقصان واضح وضوحا تاما. وأمّا الثاني فإن التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالإجمال.
فائدة:
هل الإيمان مخلوق أم لا؟ فذهب جماعة إلى أنه مخلوق. وذكر عن أحمد بن حنبل وجمع من أصحاب الحديث أنهم قالوا الايمان غير مخلوق. وأحسن ما قيل فيه الإيمان إقرار، وهو مخلوق لأنه صنع العبد أو هداية وهي غير مخلوقة لأنها صنع الربّ. هذا خلاصة ما في العيني شرح صحيح البخاري والفتح المبين شرح الأربعين وشرح المواقف. وقد بقيت بعد أبحاث تركناها مخافة الإطناب، فإن شئت تحقيقها فارجع إلى العيني في أول كتاب الإيمان.

الإمكان

الإمكان: عدم اقتضاء الذات الوجودَ والعدمَ.
الإمكان:
[في الانكليزية] Contingency
[ في الفرنسية] Contingence
عند المنطقيين والحكماء يطلق بالاشتراك على معنيين: الأول سلب الضرورة وهو قد يكون بحسب نفس الأمر ويسمّى إمكانا ذاتيا وإمكانا خارجيا وقبولا وهو المستعمل في الموجهات، وقد يكون بحسب الذهن ويسمّى إمكانا ذهنيا وهو ما لا يكون تصور طرفيه كافيا بل يتردد الذهن بالنسبة بينهما. وسيأتي في لفظ الضرورة. الثاني القوة القسيمة للفعل ويسمّى بإمكان الاستعداد وبالإمكان الاستعدادي وبالاستعداد وبالقبول أيضا، وهي كون الشيء من شأنه أن يكون وليس بكائن، كما أنّ الفعل كون الشيء من شأنه أن يكون وهو كائن.

والفرق بين المعنيين بوجوه: الأول أنّ ما بالقوة لا تكون بالفعل لكونها قسيمة له بخلاف الممكن بالمعنى الأول فإنه كثيرا ما يكون بالفعل. والثاني أنّ القوة لا تنعكس إلى الطرف الآخر فلا يكون الشيء بالقوة في طرف وجوده وعدمه بخلاف الممكن بالمعنى الأول فإنه ممكن أن يكون وممكن أن لا يكون. والثالث أنّ ما بالقوة إذا حصل بالفعل فقد يكون بتغيّر الذات كما في قولنا الماء هواء بالقوة، وقد يكون بتغيّر الصفات كما في قولنا الأمّي بالقوة كاتب، بخلاف الممكن بالمعنى الأول، فبين المعنيين عموم من وجه لتصادقهما في الصورة الثانية، وصدق الأول فقط في الصورة الأولى لصدق لا شيء من الماء بهواء بالضرورة، ولصدق الماء هواء بالإمكان، وصدق الثاني فقط حيث يكون النسبة فعلية. هكذا في شرح المطالع. قال السيّد السّند في شرح المواقف ومولانا عبد الحكيم في حاشيته في أبحاث الحدوث: الإمكان الاستعدادي مغاير للإمكان الذاتي لأن الإمكان الذاتي اعتباري، يعقل للشيء عند انتساب ماهيته إلى الوجود وهو لازم لماهية الممكن قائم بها يستحيل انفكاكه عنها، ولا يتصوّر فيه تفاوت بالقوة والضعف والقرب والبعد أصلا، بخلاف الإمكان الاستعدادي فإنه أمر موجود من مقولة الكيف كما ذهب إليه المتأخرون من الحكماء، حيث جعلوا الاستعداد قسما رابعا من الكيفيات، وهو قائم بمحل الشيء الذي ينسب إليه لا به، وغير لازم له.
وتحقيقه أنّ الممكن إن كفى في صدوره عن الواجب تعالى إمكانه الذاتي دام بدوامه إذ الواجب تام لا شرط لتأثيره وفاعليته، وإن لم يكف إمكانه الذاتي في صدوره عنه تعالى احتاج إلى شرط به يفيض الوجود من الواجب عليه، فإن كان ذلك الشرط قديما دام أيضا بدوام الواجب وشرطه القديم، وإن كان حادثا كان الممكن المتوقف عليه حادثا ضرورة لكن ذلك الشرط يحتاج إلى شرط حادث آخر وهلمّ جرا، فيتوقف كل حادث على حادث إلى غير النهاية.
فتلك الحوادث إمّا موجودة معا وهو باطل لاستحالة التسلسل في الأمور المترتبة طبعا أو وضعا مع كونها موجودة معا، وإمّا متعاقبة في الوجود يوجد بعضها عقيب بعض ولا بدّ له أي لذلك المجموع من محل يختص به أي بالحادث المفروض أو لا، وإلّا كان اختصاص مجموع الحوادث بحادث دون آخر ترجيحا بلا مرجّح.
فإذن لذلك المحل استعدادات متعاقبة كلّ واحد منها مسبوق بالآخر لا إلى نهاية، فكل سابق من الاستعدادات شرط للاحق. وإن كانا بحيث لا يجتمعان معا في الوجود ومقرب للعلة الموجودة القديمة إلى المعلول المعين بعد بعدها عنه ومقرب لذلك المعلول إلى الوجود ومبعد له عن العدم فإن المعلول الحادث إذا توقّف على ما لا يتناهى من الحوادث المتعاقبة، فخروج كلّ منها إلى الوجود يقرب الفاعل إلى التأثير في ذلك تقريبا متجددا حتى تصل النوبة إليه فيوجد، فهذا الاستعداد الحاصل بمحل ذلك الحادث هو المسمّى بالإمكان الاستعدادي لذلك الحادث، وأنه أمر موجود لتفاوته بالقرب والبعد والقوة والضعف، إذ استعداد النطفة للانسان أقرب وأقوى من استعداد العناصر له، ولا يتصور التفاوت بالقرب والبعد والقوة والضعف في العدم. فإذن هو أمر موجود في محله الموجود وهو المادة وفيه نظر لأن قبوله لهما ليس إلّا وهميا منتزعا من قرب فيضانه من العلّة وبعده عنها بحسب تحقق الشروط. كيف ولا دليل على أن النطفة كيفية مغايرة للكيفية المزاجية التي هي من جملة الملموسات المقربة إلى قبول الصور المتواردة عليها، بل التحقيق أن الإمكان الاستعدادي هو الإمكان الذاتي مقيسا إلى قرب أحد طرفيه بحسب تحقق الشروط. فالمغايرة بين الإمكانين بالاعتبار وحينئذ يجوز قيام استعداد كل حادث به ولا حاجة إلى المحل. هذا قال شارح المطالع: ثم الإمكان الذاتي يطلق على معان: الأول الإمكان العامي وهو سلب الضرورة المطلقة أي الذاتية عن أحد طرفي الوجود والعدم وهو الطرف المخالف للحكم، وربما يفسّر بما يلازم هذا المعنى وهو سلب الامتناع عن الطرف المــوافق، فإن كان الحكم بالإيجاب فهو سلب ضرورة السلب أو سلب امتناع الإيجاب. فمعنى قولنا كل نار حارة بالإمكان أنّ سلب الحرارة عن النار ليس بضروري، أو ثبوت الحرارة للنار ليس بضروري. ومعنى قولنا لا شيء من الحار ببارد بالإمكان أن إيجاب البرودة للحار ليس بضروري أو سلبها عنه ليس بممتنع وما ليس بممكن ممتنع ولما قوبل سلب ضرورة أحد الطرفين بضرورة ذلك الطرف انحصرت المادة في الضرورة واللاضرورة بحسب هذا الإمكان. فإن قلت الإمكان بهذا المعنى شامل لجميع الموجهات فلو كانت الضرورة مقابلة له كان قسم الشيء قسيما له، قلت له اعتباران من حيث المفهوم، وبهذا الاعتبار يعمّ الموجهات ومن حيث نسبته إلى الإيجاب والسلب متقابلة الضرورة لأنه إذا كان إمكان الإيجاب تقابله ضرورة السلب وإن كان إمكان السلب تقابله ضرورة الإيجاب. الثاني الإمكان الخاصي وهو سلب الضرورة الذاتية عن الطرفين أي الطرف المــوافق للحكم والمخالف جميعا، كقولنا بالإمكان الخاص كل كاتب إنسان ولا شيء من الإنسان بكاتب ومعناهما أن سلب الكتابة عن الإنسان وإيجابها له ليسا بضروريين فهما متّحدان معنى لتركّب كلّ منهما من إمكانين عامين موجب وسالب. والفرق ليس إلّا في اللفظ.
وإنما سمّي خاصا لأنه المستعمل عند الخاصة من الحكماء وهو المعدود في الأمور العامة كما يجيء في لفظ الوجوب مع بيان فوائد اخرى.
ثم إنهم لمّا تأملوا المعنى الأول كان الممكن أن يكون وهو ما ليس بممتنع أن يكون واقعا على الواجب وعلى ما ليس بواجب ولا ممتنع بل ممكن خاص والممكن أن لا يكون وهو ما ليس بممتنع أن لا يكون واقعا على الممتنع وعلى ما ليس بواجب ولا ممتنع فكان وقوعه على ما ليس بواجب ولا ممتنع في حاليه لازما فأطلقوا اسم الإمكان عليه بالطريق الأولى فحصل له قرب إلى الوسط بين طرفي الإيجاب والسلب وصارت المواد بحسبه ثلاثة إذ في مقابلة سلب ضرورة الطرفين سلب ضرورة أحد الطرفين، وهي إما ضرورة الوجود أي الوجوب أو ضرورة العدم أي الامتناع، ولا يمتنع تسمية الأول عاما والثاني خاصا لما بينهما من العموم والخصوص المطلق؛ فإنه متى سلبت الضرورة عن الطرفين كانت مسلوبة عن أحدهما من غير عكس كلي. الثالث الإمكان الأخص وهو سلب الضرورة المطلقة أي الذاتية والوصفية والوقتية عن الطرفين وهو أيضا اعتبار الخواص، وإنما اعتبروه لأن الإمكان لما كان موضوعا بإزاء سلب الضرورة فكلما كان أخلي عن الضرورة كان أولى باسمه فهو أقرب إلى الوسط بين الطرفين، فإنهما إذا كانا خاليين عن الضرورات كانا متساويتي النسبة والاعتبارات بحسبه ستة، إذ في مقابلة سلب هذه الضرورات عن الطرفين ثبوت إحداها في أحد الطرفين وهي ضرورة الوجود بحسب الذات أو بحسب الوصف أو بحسب الوقت، أو ضرورة العدم بحسب الذات أو بحسب الوصف أو بحسب الوقت. الرابع الإمكان الاستقبالي وهو إمكان يعتبر بالقياس إلى الزمان المستقبل فيمكن اعتبار كل من المفهومات الثلاثة بحسبه لأن الظاهر من كلام الكشف والمصنف اعتبار الإمكان الأخص.
فالأول أي الإمكان العام أعم من البواقي. ثم الإمكان الخاص أعم من الباقيين والإمكان الأخص أعم من الإمكان الاستقبالي لأنه متى تحقق سلب الضرورة بحسب جميع الأوقات تحقق سلبها بحسب المستقبل من غير عكس، لجواز تحققها في الماضي والحال. قال الشيخ: الإمكان الاستقبالي هو الغاية في الصرافة فإن الممكن ما لا ضرورة فيه أصلا لا في وجوده ولا في عدمه فهو مباين للمطلق لأن المطلق ما يكون الثبوت أو السلب فيه بالفعل فيكون مشتملا على ضرورة ما، لأن كلّ شيء يوجد فهو محفوف بضرورة سابقة وضرورة لا حقة بشرط المحمول. والبعض شرط في إمكان الوجود في الاستقبال العدم في الحال وبالعكس أي شرط في إمكان العدم في الاستقبال الوجود في الحال، وألحق عدم الالتفات إلى الوجود والعدم في الحال والاقتصار على اعتبار الاستقبال.

التقاء الخاطرين

التقاء الخاطرين:
[في الانكليزية] Telepathy
[ في الفرنسية] Telepathie
هو عند البلغاء أن يتّفق شاعران في المجاوبات على قول مصراع أو بيت من الشعر، إذا يراد معنى أو صفة بحيث لا يتّهم أحدهما بالأخذ من الآخر، وذلك بأن يكون كلاهما في زمان واحد ومكان واحد، فينشئان قولا على ذلك الخط، بحيث لم يطّلع أحدهما على ما يقوله الآخر. وإذا كان هذا الأمر أي طريق المجاوبات يتفقون فيما بينهما على مدة يومين ثم يصنعون شيئا بشرط أن يكون تلاقيهما غير ممكن، فله نفس الحكم. وإذا وافق بيت لأحد المتأخّرين بيت أحد من المتقدمين، وكان القائل من أصحاب القريحة القوية فهذا من هذا القبيل.
كما يقال لذلك أيضا توارد الخواطر.

الإسواريّة

الإسواريّة:
[في الانكليزية] Al -Iswariyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -Iswariyya (secte)
فرقة من المعتزلة أصحاب الأسواري، وافقــوا النّظامية فيما ذهبوا إليه، وزادوا عليهم أن الله لا يقدر على ما أخبر بعدمه أو علم عدمه، والإنسان قادر عليه، لأن قدرة العبد صالحة للضدين على سواء، فإذا قدر على أحدهما قدر على الآخر كذا في شرح المواقف.

فائدة

فائدة:
إطلاق الآلة على العلوم الآليّة كالمنطق مثلا مع أنها من أوصاف النفس إطلاق مجازيّ، وإلّا فالنفس ليست فاعلة للعلوم الغير الآليّة لتكون تلك العلوم واسطة في وصول أثرها إليها. وقد تطلق الآلة مرادفة للشرط كما سيجيء. ثم الآلة عند الصرفيين تطلق على اسم مشتق من فعل لما يستعان به في ذلك الفعل كالمفتاح فإنه اسم لما يفتح به ويسمى اسم آلة أيضا. وهذا معنى قولهم اسم الآلة ما صنع من فعل لآليّته أي لآليّة ذلك الفعل. وقد تطلق عندهم على ما يفعل فيه إذا كان مما يستعان به كالمحلب، هكذا في الأصول الأكبري وشروح الشافية. والفرق بين اسم الآلة والوصف المشتق يجيء في لفظ الوصف.
فائدة
أوردها: تقي الدين في: (طبقاته).
هي: أن المولى، الفاضل: علي بن أمر الله، المعروف: (بابن الحنائي)، القاضي بالشام، حضر مرة درس الشيخ، العلامة: بدر الدين الغزي، لما ختم في الجامع الأموي من التفسير الذي صنفه، وجرى فيه بينهما أبحاث، منها اعتراضات السمين على شيخه.
فقال الشيخ: إن أكثرها غير وارد.
وقال المولى علي: والذي في اعتقادي أن أكثرها وارد؛ وأصرا على ذلك.
ثم إن المولى المذكور كشف عن ترجمة السمين، فرأى أن الحافظ ابن حجر وافقــه فيه، حيث قال في (الدرر) : صنف في حياة شيخه، وناقشه فيه مناقشات كثيرة، غالبها جيدة، فكتب إلى الشيخ أبياتا، يسأله أن يكتب ما عثر الشهاب من أبحاثه؟ فاستخرج عشرة منها، ورجح فيها كلام أبي حيان، وزيف اعتراضات السمين عليها.
وسماه: (بالدر الثمين، في المناقشة بين أبي حيان والسمين).
وأرسلها إلى القاضي، فلما وقف انتصر للسمين، ورجح كلامه على كلام أبي حيان.
وأجاب عن اعتراضات الشيخ: بدر الدين، ورد كلامه في رسالة كبيرة، وقف عليها علماء الشام، ورجحوا كتابته على كتابة البدر، وأقروا له بالفضل والتقدم.
وممن صنف في إعراب القرآن من القدماء:
الإمام، أبو حاتم: سهل بن محمد السجستاني.
المتوفى: سنة ثمان وأربعين ومائتين.
وأبو مروان: عبد الملك بن حبيب المالكي، القرطبي.
المتوفى: سنة تسع وثلاثين ومائتين.
وأبو العباس: محمد بن يزيد، المعروف: بالمبرد، النحوي.
المتوفى: سنة ست وثمانين ومائتين.
وأبو العباس: أحمد بن يحيى، الشهير: بثعلب، النحوي.
المتوفى: سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وأبو جعفر: محمد بن أحمد بن النحاس النحوي.
المتوفى: سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
وأبو طاهر: إسماعيل بن خلف الصقلي، النحوي.
المتوفى: سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
وكتابه: في تسع مجلدات.
والشيخ، أبو زكريا: يحيى بن علي الخطيب، التبريزي.
المتوفى: سنة اثنتين وخمسمائة.
في أربع مجلدات.
والشيخ، أبو البركات: عبد الرحمن بن أبي سعيد محمد الأنباري، النحوي.
المتوفى: سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وسماه: (البيان).
أوله: (الحمد لله منزل الذكر الحكيم... الخ).
والإمام، الحافظ، قوام السنة، أبو القاسم: إسماعيل بن محمد الأصفهاني.
المتوفى: سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
ومنجب الدين: حسين بن أبي العز الهمداني.
المتوفى: سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
وكتابه: تصنيف متوسط، لا بأس به.
وأبو عبد الله: حسين بن أحمد، المعروف: بابن خالويه، النحوي.
المتوفى: سنة سبعين وثلاثمائة.
وكتابه: في إعراب ثلاثين سورة، من الطارق إلى آخر القرآن، والفاتحة، بشرح أصول كل حرف، وتلخيص فروعه.
والشيخ، موفق الدين: عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، الشافعي.
المتوفى: سنة تسع وعشرين وستمائة.
وكتابه: في إعراب الفاتحة.
والشيخ: إسحاق بن محمود بن حمزة، تلميذ ابن الملك.
جمع: إعراب الجزء الأخير من القرآن.
وسماه: (التنبيه).
أوله: (أول البيان المذكور آنفا...).
والمولى: أحمد بن محمد، الشهير: بنشانجي زاده.
المتوفى: سنة ست وثمانين وتسعمائة.
كتب إلى: الأعراف.
ومن الكتب المصنفة في إعراب القرآن:
(تحفة الأقران، فيما قرئ بالتثليث من القرآن).

المنطبعة

المنطبعة: من الانطباع أَي المجبولة والمخلوقة كَمَا يُقَال للفلك نفس منطبعة أَي مجبولة ومخلوقة عَلَيْهَا الْفلك. اعْلَم أَن للفلك محركين قريب وبعيد. الأول: قُوَّة مُجَرّدَة عَن الْمَادَّة. وَالثَّانِي: قُوَّة جسمانية سَارِيَة فِي جرم الْفلك كُله. والمحرك الأول يُحَرك الْفلك بِلَا مُبَاشرَة لِأَنَّهُ يحركه بِوَاسِطَة الثَّانِيَة أَعنِي الْقُوَّة الجسمانية الَّتِي تسمى نفسا منطبعة فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْآلَة للقوة الأولى.
من ترك الصَّلَاة عمدا مُتَعَمدا فقد كفر: وَاحْتج الْخَوَارِج فِي أَن الْفَاسِق كَافِر بالنصوص الظَّاهِرَة. مِنْهَا هَذَا الحَدِيث الشريف. وَالْجَوَاب أَنه مَصْرُوف عَن الظَّاهِر بِحمْل التّرْك على سَبِيل الاستحلال وعده حَلَالا وَلَا نزاع فِي كفر مستحله. أَو بِحمْل الْكفْر على الْمَعْنى اللّغَوِيّ وَهُوَ السّتْر أَي من ترك الصَّلَاة فَهُوَ سَاتِر لنعمة الله تَعَالَى غير شَاكر لَهُ. أَو يُقَال يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى من ترك الصَّلَاة مقصرا مشارك للْكفَّار فِي عدم حُرْمَة دَمه وَمَاله كَمَا ذكره الْفَاضِل الْمُحَقق الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي صَاحب الخيالات اللطيفة على (شرح العقائد النسفية) . وَفِي التَّفْسِير الْحُسَيْنِي: (وَأقِيمُوا الصَّلَاة) (وبياداريد نماز را) وَلَا تَكُونُوا: (ومباشيد) من الْمُشْركين (از شرك آرندكان بترك نماز مُتَعَمدا خطاب بامت است) .
در تيسير (از شيخ محد اسْلَمْ طوسي رَحمَه الله تَعَالَى نقل ميكند كه حَدِيثي بِمن رسيده كه هرجه از من روايت كنند عرض كنيد بر كتاب خداي تَعَالَى اكر مُــوَافق بود قبُول كنيد: بس من ايْنَ حَدِيث راكه من ترك الصَّلَاة عمدا مُتَعَمدا فقد كفر. (خواستم كه بآيتي از قُرْآن مــوافقــت كنم وبيدا سازم. سى سَالَ تامل كردم تا ايْنَ آيَة يافتم) - {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين} . انْتهى. وَحِينَئِذٍ لَا بُد لنا من الْجَواب للخوارج الْقَائِلين بِأَن مرتكب الْكَبِيرَة كَافِر بِأَن مَحل النزاع هُوَ الْكَبِيرَة سوى الْكفْر والإشراك. وَلما دخل ترك الصَّلَاة عمدا فِي الْكفْر عمدا فَلَا ضير. فَإنَّا نقُول إِن الْفَاسِق بِالْفِسْقِ الَّذِي هُوَ كفر كَافِر وَإِنَّمَا النزاع فِي الْفسق الَّذِي سوى الْكفْر.
أَيهَا الإخوان لَا يَغُرنكُمْ تِلْكَ الجوابات. واستقيموا على الصَّلَوَات وتوبوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا واتركوا الْحِيَل والتأويلات فِي الْعِبَادَات. وَللَّه در النَّاظِم. شعر:
(اَوْ سجده بيش آدم واين بيش حق نكرد ... )
(شَيْطَان هزار مرتبه بهتر ز آدَمِيّ ... )

التّوفيق

التّوفيق:
[في الانكليزية] Agreement
[ في الفرنسية] Accord ،concordance
بالفاء لغة جعل الأسباب متــوافقــة للمطلوب أي متــوافقــة الحصول والتأدي إلى المسبّب، وحاصله توجيه الأسباب بأسرها نحو المسبّبات.
وأما في عرف العلماء فعند المعتزلة الدعوة إلى الطاعة. وقيل اللطف لتحصيل الواجب. وعند الأشعري وأكثر أصحابه خلق القدرة على الطاعة، وهو مناسب للوضع اللغوي، إذ خلق القدرة على الطاعة سبب للطاعة. وقال إمام الحرمين خلق الطاعة لا خلق القدرة إذ لا تأثير للقدرة. ولهذا لا يستعمل في العرف والشرع إلّا في الخير. وقيل تسهيل طريق الخير وسدّ طريق الشرّ والخذلان عكسه. وقيل هو درك الأسباب مــوافقــة للصواب. وقيل هو الوقوع على الخير من غير استعداد له. قال الغزالي هو عبارة عن التأليف والتلفيق بين إرادة العبد وقضاء الله وقدره، وهذا يشتمل الخير والشر، لكن جرت العادة بتخصيصه بما يــوافق السعادة من جملة قضاء الله تعالى وقدره. ويقرب من هذا ما قيل هو جعل التدبير مــوافقــا للتقدير، هكذا يستفاد من شرح المواقف والعلمي، ومما ذكر أبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية في الخطبة. وعند أهل البديع هو التناسب وقد مرّ.

المنحرف

(المنحرف) (فِي الرياضة) شكل رباعي لَا يُوجد بِهِ ضلعان متوازيان (وَشبه المنحرف) شكل رباعي يُوجد بِهِ ضلعان متوازيان (مج)
المنحرف: من الانحراف والحرف المنحرف عِنْد أَرْبَاب التصريف هُوَ اللَّام لِأَن اللِّسَان عِنْد النُّطْق بهَا ينحرف إِلَى دَاخل الحنك.
المنحرف:
[في الانكليزية] The letter''l ' ' ،quadrilateral ،trapezium
[ في الفرنسية] La lettre >>l< < ،quadrilatere ،trapeze 2 L هو اسم فاعل من الانحراف عند الصرفيين اسم حرف من حروف الهجاء وهي اللام لأنّ اللسان ينحرف بها عند النطق بها هكذا في الشافية وشروحه في بيان حروف الهجاء. وعند المهندسين اسم شكل مسطّح ذي أربعة أضلاع ولا يكون مربعا ولا مستطيلا ولا معينا ولا شبيها بالمعين، هذا هو المــوافق لما ذكره أقليدس. وقد يقال ما عدا هذه الأشكال الأربعة المذكورة من المربّعات إن كان ضلعان من أضلاعه الأربعة متوازيين يسمّى بالمنحرف، وهو ثلاثة أقسام. أحدها أن تكون زاويتان من زواياه الأربع قائمتين والباقيتان مختلفتين هكذا.
وثانيها ما يكون زاويتاه حادّتين متساويتين والباقيتان منفرجتين متساويتين، سواء كانت حادتاه على أحد المتوازيين ومنفرجتاه على الآخر هكذا، أو كانت إحدى حادتيه مع إحدى منفرجتيه على أحدهما والباقيتان على الآخر هكذا، والأول من هذين القسمين يسمّى بذي الذلقة والقسم الثاني يسمّى بذي الذلقتين. وثالثها ما تكون زاويتاه حادتين مختلفتين والباقيتان منفرجتين مختلفتين هكذا، وإلّا أي وإن لم يكن ضلعان من أضلاعه الأربعة متوازيين يسمّى بالشبيه بالمنحرف، ووجه التسمية ظاهر، هكذا يستفاد من شرح أشكال التأسيس وشرح خلاصة الحساب. والمنحرفة عند المنطقيين هي القضية التي اقترن فيها السّور بالمحمول أو بالموضوع الجزئي، وتحقيقه يطلب من شرح المطالع سمّيت بها لأنّ من حقّ السور أن يقترن بالموضوع الكلّي، فلما لم يقترن به فقد انحرف عن أصله فانحرفت القضية أيضا.

الممكنة الْخَاصَّة

الممكنة الْخَاصَّة: هِيَ الممكنة الْعَامَّة الَّتِي حكم فِيهَا بسلب الضَّرُورَة عَن الْجَانِب الْمُــوَافق أَيْضا. فَهِيَ قَضِيَّة حكم فِيهَا عَن جَانِبي الْإِيجَاب وَالسَّلب - وَلَا فرق بَين موجبتها وسالبتها فِي الْمَعْنى بل فِي اللَّفْظ حَتَّى إِذا عبرت بِعِبَارَة إيجابية فموجبة. وَبِعِبَارَة سلبية فسالبة. مثل كل إِنْسَان كَاتب بالإمكان الْخَاص - وَلَا شَيْء من الْإِنْسَان بكاتب بالإمكان الْخَاص وَهِي من القضايا الموجهات المركبة.

الْمُقَابلَة

الْمُقَابلَة: أدخلها الْخَطِيب الدِّمَشْقِي صَاحب التَّلْخِيص فِي الطباق وَجعلهَا السكاكي قسما بِرَأْسِهِ من المحسنات المعنوية. وَهِي أَن يُؤْتى بمعنيين متــوافقــين أَو بمعان متــوافقــة. ثمَّ يُؤْتى بِمَا يُقَابل الْمَعْنيين المتــوافقــين أَو الْمعَانِي المتــوافقــة على التَّرْتِيب. وَالْمرَاد بالتــوافق خلاف التقابل لَا أَن يَكُونَا مناسبين ومماثلين فَإِن ذَلِك غير مَشْرُوط. وَإِنَّمَا سمي هَذَا الإيتاء بالتقابل بِالنّظرِ إِلَى الْعدَد الَّذِي وَقع عَلَيْهِ الْمُقَابلَة مثل مُقَابلَة الِاثْنَيْنِ بالاثنين وَالثَّلَاثَة بِالثَّلَاثَةِ إِلَى غير ذَلِك.

مِثَال الأول قَوْله تَعَالَى: {فليضحكوا قليلاا وليبكوا كثيرا} . حَيْثُ أَتَى الله تَعَالَى بالضحك والقلة المتــوافقــين ثمَّ بالبكاء وَالْكَثْرَة المتقابلين وَمِثَال مُقَابلَة الْأَرْبَعَة بالأربعة قَوْله تَعَالَى: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى وَأما من بخل وَاسْتغْنى وَكذب بِالْحُسْنَى فسنيسره للعسرى} . وَالْمعْنَى من أعْطى الطَّاعَة وَاتَّقَى الْمعْصِيَة وَصدق بِالْكَلِمَةِ الْحسنى وَهِي مَا دلّت على حق ككلمة التَّوْحِيد فسنيسره لليسرى. أَي فسنهيئه للخلة الَّتِي تُؤدِّي إِلَى يسر وراحة كدخول الْجنَّة. وَإِمَّا من بخل بِمَا أَمر بِهِ وَاسْتغْنى بشهوات الدُّنْيَا عَن نعيم العقبى وَكذب بِالْحُسْنَى بإنكار مدلولها فسنيسره للعسرى. أَي للخصلة المؤدية إِلَى الْعسر والشدة. والمقابلة عِنْد أَصْحَاب النُّجُوم فِي نظرات الْكَوَاكِب.
(الْمُقَابلَة) من الشَّاء والنوق مَا قطعت أذنها قِطْعَة لم تبن وَتركت معلقَة من قدم و (فِي علم البديع) أَن يُؤْتى بمعنيين أَو أَكثر ثمَّ يُؤْتى بِمَا يُقَابل ذَلِك على التَّرْتِيب كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فليضحكوا قَلِيلا وليبكوا كثيرا}

مَفْهُوم الْمُخَالفَة

مَفْهُوم الْمُخَالفَة: مَا يفهم من الْكَلَام بطرِيق الِالْتِزَام وَقيل هُوَ أَن يثبت الحكم فِي الْمَسْكُوت على خلاف مَا ثَبت فِي الْمَنْطُوق - وَفِي التَّحْقِيق شرح الْأُصُول الحسامي وَاعْلَم أَن عَامَّة الْأُصُولِيِّينَ لَيْسَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى قسموا دلَالَة اللَّفْظ إِلَى مَنْطُوق وَمَفْهُوم وَقَالُوا دلَالَة الْمَنْطُوق مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ فِي مَحل النُّطْق وَجعلُوا مَا سميناه عبارَة وَإِشَارَة واقتضاء من هَذَا الْقَبِيل - وَقَالُوا دلَالَة الْمَفْهُوم مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ لَا فِي مَحل النُّطْق. ثمَّ قسموا الْمَفْهُوم. إِلَى مَفْهُوم مُــوَافقَــة وَهُوَ أَن يكون الْمَسْكُوت عَنهُ فِي الحكم مُــوَافقــا للمنطوق ويسمونه فحوى مُــوَافق الْخطاب ولحن الْخطاب أَيْضا وَهُوَ الَّذِي سميناه دلَالَة النَّصْر. وَإِلَى مَفْهُوم مُخَالفَة وَهُوَ أَن يكون الْمَسْكُوت عَنهُ مُخَالفا للمنطوق بِهِ فِي الحكم ويسمونه دَلِيل الْخطاب وَهُوَ الْمعبر عندنَا بتخصيص الشَّيْء بِالذكر. الْمُفَسّر: هُوَ الْكَلَام الَّذِي ازْدَادَ وضوحه على وضوح النَّص على وَجه لَا يبْقى فِيهِ احْتِمَال التَّخْصِيص إِن كَانَ عَاما وَاحْتِمَال التَّأْوِيل إِن كَانَ خَاصّا. وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن النَّص يحْتَمل التَّخْصِيص والتأويل كَالظَّاهِرِ. وَإِن ازْدَادَ وضوحه على الظَّاهِر. وَإِنَّمَا سمي مُفَسرًا لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من التَّفْسِير الَّذِي هُوَ الانكشاف. وَلما لم يبْق فِي ذَلِك الْكَلَام احْتِمَال قريب وَلَا بعيد صَار مُفَسرًا منكشفا خَالِيا عَن الْإِبْهَام نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ} . فَإِن قَوْله تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة} ظَاهر فِي سُجُود جَمِيع الْمَلَائِكَة يحْتَمل التَّخْصِيص وَإِرَادَة الْبَعْض كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم} أَي جِبْرَائِيل. فبقوله تَعَالَى: {كلهم} انْقَطع ذَلِك الِاحْتِمَال وَصَارَ نصا لازدياد وضوحه على الأول لكنه يحْتَمل التَّأْوِيل وَالْحمل على التَّفَرُّق. فبقوله أَجْمَعُونَ انْقَطع ذَلِك الِاحْتِمَال وَصَارَ مُفَسرًا لانْقِطَاع الِاحْتِمَال عَن اللَّفْظ بِالْكُلِّيَّةِ - فَإِن قيل النَّص يُفِيد الْعلم الْقطعِي فَكيف يحْتَمل التَّخْصِيص والتأويل - قُلْنَا النَّص يحتملهما احْتِمَالا غير ناش عَن دَلِيل بل احْتِمَاله لَهما احْتِمَال عَقْلِي وَهُوَ لَا يقْدَح فِي إفادته الْعلم الْقطعِي.
وَاعْلَم أَن الْمُفَسّر يحْتَمل النّسخ - فَإِن قيل قَوْله تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة} لَا يحْتَمل النّسخ لِأَنَّهُ من جملَة الْأَخْبَار وَالْأَخْبَار بأسرها غير قَابِلَة للنسخ وَإِنَّمَا الْقَابِل لَهُ الْأَوَامِر والنواهي فَلَا يصلح مِثَالا للمفسر. قُلْنَا المُرَاد بالْخبر الْمَعْنى الْقَائِم بِصِيغَة الْخَبَر - فَالْمُرَاد بقَوْلهمْ إِن الْأَخْبَار بأسرها لَا تحْتَمل النّسخ أَن مَعَانِيهَا لَا تحتمله لِأَنَّهَا لَو احتملته لَأَدَّى إِلَى كذب الْمخبر أَو غلطه وَهُوَ مُسْتَحِيل على الله تَعَالَى - فإمَّا اللَّفْظ فَيجْرِي فِيهِ النّسخ وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ محكما فَإِنَّهُ يجوز أَن لَا يتَعَلَّق بِهِ جَوَاز الصَّلَاة وَحُرْمَة الْقِرَاءَة على الْجنب وَهُوَ المُرَاد من نسخ اللَّفْظ.

الْمُطلقَة الْعَامَّة

الْمُطلقَة الْعَامَّة: وَإِنَّمَا سميت مُطلقَة لِأَن الْقَضِيَّة إِذا أطلقت وَلم يُقيد بِقَيْد من الدَّوَام أَو الضَّرُورَة. أَو اللادوام أَو اللاضرورة يفهم مِنْهَا فعلية. فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنى مَفْهُوم الْقَضِيَّة الْمُطلقَة سميت بهَا وَإِنَّمَا كَانَت عَامَّة لِأَنَّهَا أَعم من الوجودية اللادائمة والوجودية اللاضرورية لِأَنَّهُمَا المطلقتان العامتان المقيدتان باللادوام واللاضرورية الذاتيتين. وَلَا شكّ أَن غير الْمُقَيد يكون أَعم من الْمُقَيد.
وَاعْلَم أَن تَحت الضَّرُورَة أَربع ضرورات. الضَّرُورَة بِحَسب الذَّات - والضرورة بِحَسب الْوَصْف والضرورة فِي وَقت معِين - والضرورة فِي وَقت منتشر غير معِين. وَإِن تَحت الدَّوَام دوامين الدَّوَام بِحَسب الذَّات. والدوام بِحَسب الْوَصْف. وَإِن اللاضرورة نَوْعَانِ. سلب الضَّرُورَة عَن جَانب مُخَالف وَهُوَ الْإِمْكَان الْعَام. وسلب الضَّرُورَة عَن جانبين مُــوَافق ومخالف وَهُوَ الْإِمْكَان الْخَاص.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.