(هرئ) المَال وَالْقَوْم قَتلهمْ الْبرد وَالْحر فهم مهروءون
(هرئ) المَال وَالْقَوْم قَتلهمْ الْبرد وَالْحر فهم مهروءون
هرأ: هَرَأَ في مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً: أَكثر، وقيل: أَكثر في خَطَإٍ أَو قال الخَنا والقَبِيحَ.
والهُراءُ، مـمدود مهموز: الـمَنْطِقُ الكَثِيرُ، وقيل: الـمَنْطِقُ الفاسِدُ الذي لا نِظامَ له. وقَوْلُ ذي الرُّمَّة:
لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ، ومَنْطِقٌ * رَخِيمُ الحَواشِي، لا هُراءٌ ولا نَزْرُ
يحتملهما جميعاً.
وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثر ولم يُصِب الـمَعْنَى. وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ.
ورَجُلٌ هُراءٌ: كثير الكلام. وأَنشد ابن الأَعرابي:
شَمَرْدَلٍ، غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ
وامْرأَةٌ هُراءة وقوم هُراؤُون.
وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءة وأَهْرَأَه: اشْتَدَّ عليه حتى كاد يَقْتُلُه، أَو قَتَلَه. وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا.وأَهْرَأَ فلان فلاناً إِذا قَتَلَه.
وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ، بالفتح، فَهُم مَهْرُوءُونَ.
قال ابن بري: الذي حكاه أَبو عبيد عن الكسائي: هُرِئَ القوم، بضم الهاءِ، فَهم مَهْرُوءُونَ، إِذا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ. قال: وهذا هو الصحيح، لأَن قوله مَهْرُوءُونَ إِنما يكون جارياً على هُرِئَ.
قال ابن مقبل في الـمَهْرُوءِ، من هَرَأَه البَرْدُ، يَرْثِي عُثمانَ بن
عَفَّانَ، رضي اللّه تعالى عنه:
نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى، * ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ، أَسْنَوْا، فأَجدَبُوا
ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ، يُلْفَى به الحَيا، * إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ
قال ابن بري: ذكره الجوهري ومَلْجَأُ مَهْرُوئين، وصوابه ومَلْجَإِ، بالكسر، معطوف على ما قبله. وكَحْلُ: اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ الـمُجْدِبة.
وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ.
قال أَبو حنيفة: المَهْرُوءُ الذي قد أَنْضَجَه البَرْدُ. وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ: كسَرَها فتَكَسَّرَت. وقِرَّةٌ لها هَرِيئةٌ، على فَعِيلة: يُصِيبُ الناسَ والمالَ منها ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ.
وقد هُرِئَ القومُ والمالُ. والهريئة أَيضاً: الوقت الذي يُصِيبهم فيه
البَرْدُ. والهَرِيئةُ: الوقت الذي يَشْتَدُّ فيه البَرْدُ.
وأَهْرَأْنا في الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا، وذلك بالعشيِّ، وخصَّ بعضُهم
به رَواحَ القَيْظ، وأَنشد لإِهابِ بن عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً:
حتَّى إِذا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ (1)، * وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ
(1 قوله «للأصائل» بلام الجر، رواية ابن سيده ورواية الجوهري بالأصائل بالباء.)
قال: أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ: دَخَلْنَ في الأَصائِلِ، يقول: سِرْنَ في
بَرْدِ الرَّواحِ إِلى الماءِ. وبُلَّةُ الأَوابِلِ: بُلَّةُ الرُّطْبِ، والأَوابِلُ: التي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه، وقيل: هي التي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ.
وأَــهْرِئْ عنك من الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حتى يسكن حَرُّ النهار ويَبْرُدَ.
وأَهْرَأَ الرَّجُلَ: قَتَله. وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه: أَنْضَجَه، فَتَهَرَّأَ حتى سَقَطَ من العظم. وهو لَحْمٌ هَرِيءٌ.
وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذا طَبَخَه حتى يَتَفَسَّخَ. والـمُهَرَّأُ والـمُهَرَّدُ: الـمُنْضَجُ من اللحم.
وهَرَأَتِ الرِّيحُ: اشْتَدَّ بَرْدُها. الأَصمعي: يقال في صغار النخل
أَوَّلَ ما يُقْلَعُ شيءٌ منها من أُمِّه: فهو الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل. والهِراءُ:
فَسِيلُ النخل. قال:
أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً، * مِنَ الـمَرْجُوِّ، ثاقِبةَ الهِراءِ
أَنشده أَبو حنيفة قال: ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ: أَنّ النخل إِذا
اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله.
والهُرَاءُ(1):
(1 قوله «والهراء اسم إلخ» ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه
في النهاية أيضاً في هـ ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور.) اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام.
هرا: الهِراوةُ: العَصا، وقيل: العصا الضَّخمةُ، والجمع هَراوى، بفتح
الواو على القياس مثل المَطايا، كما تقدم في الإِداوةِ، وهُرِيٌّ على غير
قياس، وكأَن هُرِيّاً وهِرِيّاً إِنما هو على طَرْح الزائد، وهي الأَلف في
هِراوة، حتى كأَنه قال هَرْوة ثم جَمَعه على فُعول كقولهم مَأْنةٌ
ومُؤُونٌ وصَخْرة وصُخور؛ قال كثير:
يُنَوَّخُ ثم يُضرَبُ بالهَراوى،
فلا عُرْفٌ لَدَيْه ولا نَكِيرُ
وأَنشد أَبو علي الفارسي:
رأَيتك لا تُغْنِينَ عَنِّي نَقْرةً،
إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوى الدَّمامِكُ
قال: ويروى الهِرِيُّ، بكسر الهاء. وهَراه بالهِراوةِ يَهْرُوه هَرْواً
وتَهَرَّاه: ضرَبه بالهِراوةِ ؛ قال عمرو بن مِلْقَط الطائي:
يَكْسى ولا يَغْرَثُ مَمْلُوكُها،
إِذا تَهَرَّتْ عَبْدَها الهارِيَهْ
وهَرَيْتُه بالعَصا: لغة في هَرَوْتُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال الشاعر:
وإِنْ تَهَرَّاهُ بها العَبْدُ الهارْ
(* قوله« وان تهراه إلخ» قبله كما في التهذيب: لا يلتوي من الوبيل القسبار)
وهَرا اللحمَ هَرْواً: أَنْضَجه؛ حكاه ابن دريد عن أَبي مالك وحده؛ قال:
وخالفه سائر أَهل اللغة فقال هَرَأَ. وفي حديث سَطِيح: وخَرج صاحبُ
الهِراوةِ؛ أَراد به سيدَنا رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، لأَنه كان يُمْسِك
القَضِيب بيده كثيراً، وكان يُمْشى بالعَصا بين يديه وتُغْرَزُ له
فيُصَلِّي إِليها،صلى الله عليه وسلم.وفي الحديث: أَنه قال لحَنِيفةِ
(* قوله
«وفي الحديث انه قال لحنيفة إلخ» نص التكملة: وفي حديث النبي،صلى الله
عليه وسلم: أن حنيفة النعم أتاه فأشهده ليتيم في حجره باربعين من الإبل التي
كانت تسمى المطيبة في الجاهلية فقال النبي،صلى الله عليه وسلم: فأين
يتيمك يا أبا حذيم؟ وكان قد حمله معه، قال: هو ذاك النائم،وكان يشبه
المحتلم. فقال، صلى الله عليه وسلم: لعظمت هذه هراوة يتيم، يريد شخص اليتيم
وشطاطه شبه بالهراوة .) النَّعَمِ، وقد جاء معه بيَتيمٍ يَعْرِضُه عليه، وكان
قد قارَبَ الاحتِلامَ ورآه نائماً فقال: لعَظُمَت هذه هِراوةُ يَتيمٍ
أَي شَخْصُه وجُثَّتُه، شبَّهه بالهِراوة، وهي العَصا، كأَنه حِينَ رآه
عظيم الجُثّة اسْتَبْعَدَ أَن يقال له يتيم لأَنّ اليُتْم في الصِّغَر.
والهُرْيُ: بيت كبير ضَخْم يُجْمَع فيه طَعام السُّلْطانِ، والجمع
أَهْراء؛ قال الأَزهريّ: ولا أَدرِي أَعربي هو أَم دخيل.
وهَراةُ: مَوضِعٌ، النسب إِليه هَرَوِيٌّ، قلبت الياء واواً كراهية
توالي الياءَات؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَنّ لام هراة ياء لأَن
اللام ياء أَكثر منها واواً، وإِذا وقفت عليها وقفت بالهاء، وإِنما قيل مُعاذ
الهَرّاء لأَنه كان يَبِيع الثيابَ الهَرَوِيّة فَعُرِفَ بها ولُقِّب
بها؛ قال شاعر من أَهل هَراةَ لما افتتحها عبد الله بن خازم سنة ؟؟:
عاوِدْ هَراةَ، وإِنْ مَعْمُورُها خَرِبا،
وأَسْعِدِ اليومَ مَشْغُوفاً إِذا طَرِبا
وارْجِعْ بِطَرْفِكَ نَحْوَ الخَنْدَقَيْنَ تَرَى
رُزءاً جَليلاً، وأَمْراً مُفْظِعاً عَجَبا:
هاماً تَزَقَّى وأَوْصالاً مُفَرَّقةً،
ومَنْزِلاً مُقْفِراً مِنْ أَهْلِه خَرِبا
لا تَأْمَنَنْ حَدَثاً قَيْسٌ وقد ظَلَمَتْ،
إِنْ أَحْدَثَ الدَّهْرُ في تَصْرِيفه عُقَبا
مُقَتَّلُون وقَتّالونَ، قد عَلِمُوا
أَنَّا كذلِك نَلْقَى الحَرْبَ والحَرَبا
وهَرَّى فلان عِمامته تَهْرِيةً إذا صَفَّرها؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
رَأَيْتُكَ هَرَّيْتَ العِمامَةَ بَعْدَما
أَراك زماناً فاصِعاً لا تَعَصَّبُ
وفي التهذيب: حاسِراً لا تَعَصَّبُ؛ معناه جعلتها هَرَوِية، وقيل:
صَبَغْتَها وصفَّرتها، ولم يسمع بذلك إِلا في هذا الشعر، وكانت ساداتُ العرب
تَلْبَسُ العمَائم الصُّفر، وكانت تُحمَل من هَراةَ مَصْبوغةً فقيل لمن
لَبِسَ عمامة صفراء: قد هَرَّى عِمامته، يريد أَن السيد هو الذي يتَعمَّم
بالعِمامة الصفراء دون غيره. وقال ابن قتيبة: هَرَّيت العِمامة لبستها
صَفْراء. ابن الأَعرابي: ثوب مُهَرًّى إِذا صبغ بالصَّبِيب، وهو ماء ورق
السمسم، ومُهَرًّى أَيضاً إِذا كان مصبوغاً كلون المِشْمِش والسِّمسم.
ابن الأَعرابي: هاراه إِذا طانَزَه، وراهاه إِذا حامَقَه. والهِراوةُ:
فَرس الرَّيان بن حُوَيْصٍ. قال ابن بري: قال أَبو سعيد السيرافي عند قول
سيبويه عَزَبٌ وأَعْزابٌ في باب تكسير صفة الثلاثي: كان لعبد القيس فرس
يقال لها هِراوةُ الأَعْزاب، يركبها العَزَبُ ويَغْزُو عليها، فإِذا
تأَهَّل أَعْطَوْها عَزَباً آخر؛ ولهذا يقول لبيد:
يَهْدِي أَوائِلَهُنّ كُلُّ طِمِرَّةٍ
جَرْداء مِثْلِ هِراوةِ الأَعْزابِ
قال ابن بري: انقضى كلام أَبي سعيد،قال: والبيت لعامر بن الطفيل لا
للبيد.
وذكر ابن الأثير في هذه الترجمة قال: وفي حديث أَبي سلمة أَنه، عليه
السلام، قال ذاك الهُراء شيطان وُكِّل بالنُّفوس، قيل: لم يسمع الهُراء أَنه
شيطان إِلا في هذا الحديث، قال: والهُراء في اللغة السَّمْحُ الجَوادُ
والهَذَيانُ، والله أَعلم.
هرق: الأَزهري: هَراقتِ السماء ماءها وهي تُهَرِيقُ والماء مُهَراق،
الهاء في ذلك كله متحركة لأَنها ليست بأَصلية إنما هي بدل من همزة أَراق،
قال: وهَرَقْت مثل أَرَقْتُ، قال: ومن قال أَهْرَقْت فهو خطأٌ في القياس،
ومثل العرب يخاطب به الغضبان: هَرِّقْ على جمرك
(* قوله «هرق على جمرك» أي
أصبب ماء على نار غضبك) أَو تَبَيَّنْ أَي تَثَبت، ومثل هَرَقْتُ
والأَصل أَرَقْتُ قولُهم: هَرَحْت الدابة وأَرَحْتُها وهَنَرْتُ النار
وأَنَرْتُها، قال: وأما لغة من قال أَهْرَقْتُ الماء فهي بعيدة؛ قال أَبو زيد:
الهاء منها زائدة كما قالوا أَنهأْت اللحم، والأصل أَنأْته بوزن أَنَعْتهُ.
ويقال هَرِّقْ عنا من الظهيرة وأَــهْرِئْ عنا بمعناه، من قال أَهْرِقْ
عنا من الظهيرة جعل القاف مبدلة من الهمزة في أَــهْرِئْ، قال: وقال بعض
النحويين إنما هو هَراق يُهَرْيقُ لأن الأصل من أَراقَ يُرِيقُ يُأَرْيق،
لأن أَفْعَل يُفْعِلُ كان في الأَصل يُأَفْعِلُ فقلبوا الهمزة التي في
يُأَرْيِقُ هاء فقيل يُهَرْيِق، ولذلك تحركت الهاء. الجوهري: هَراق الماء
يُهَرِيقه، بفتح الهاء، هِراقة أَي صبَّه؛ وأَنشد ابن بري:
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَها، ابنَ لُؤَيّ،
حَذَرَ الموت، لم تكُنْ مُهْراقَهْ
وأَنشد لأَوس بن حجر:
نُبِّئْتُ أَنّ دَماً حراماً نِلْتَهُ،
فهُرِيق في ثوبٍ عليك مُحَبَّر
وأَنشد للنابغة:
وما هُرِيقَ على الأَنْصابِ من جَسَدِ
قال: وأَصل هَراق أَراقَ يُرِيقُ إراقَةً، وأصل أَراقَ أَرْيَقَ، وأَصل
يُرِيِقُ يُرْيِقُ، وأَصل يُرْيِق يُأَرْيِقُ، وإنما قالوا أَنا
أُهَرِيقُه وهم لا يقولون أُأَرِيقُهُ لاستثقالهم الهمزتين، وقد زال ذلك بعد
الإبدال، وفيه لغة أُخرى: أَهْرَقَ الماء يُهْرِقُه إهْراقاً على أَفْعَلَ
يُفْعِلُ؛ قال سيبويه: أَبدلوا من الهمزة الهاء ثم أُلزمت فصارت كأنها من
نفس الحرف، ثم أُدخلت الأَلف بعدُ على الهاء وتركت الهاء عوضاً من حذفهم
حركة العين، لأن أَصل أَهْرَق أَرْيقَ. قال ابن بري: هذه اللغة الثانية
التي حكاها عن سيبوبه هي الثالثة التي يحكيها فيما بعدُ إلاّ أَنه غلط في
التمثيل فقال أَهْرَق يُهْرِق، وهي لغة ثالثة شاذة نادرة ليست بواحدة من
اللغتين المشهورتين؛ يقولون: هَرَقْت الماءَ هَرْقاً وأَهْرَقْتُه
إهْراقاً، فيجعلون الهاء فاء والراء عيناً ولا يجعلونه معتلاً، وأما الثانية
التي حكاها سيبويه فهي أَهْرَاق يُهْرِيق إهْراقةً، فَيَّرها الجوهري وجعلها
ثالثة وجعل مصدرها إهْرِياقاً، أَلا ترى أَنه حكي عن سيبويه في اللغة
الثانية أَن الهاء عوض من حركة العين لأن الأَصل أَرْيَق؟ فهذا يدل أَنه من
أَهْرَاق إهْراقةً بالألف، وكذا حكاه سيبويه في اللغة الثانية الصحيحة،
قال الجوهري: وفيه لغة ثالثة أَهْرَاقُ يُهْرِيق إهْرِياقاً، فهو
مُهْريق، والشيء مُهْراق ومُهَراق أَيضاً، بالتحريك، وهذا شاذ، ونظيره أَسْطَاع
يُسْطيع اسْطِياعاً، بفتح الألف في الماضي وضم الياء في المستقبل، لغة في
أَطاع يُطِيع، فجعلوا السين عوضاً من ذهاب حركة عين الفعل على ما تقدم
ذكره عن الأَخفش في باب العين، قال: وكذلك حكم الهاء عندي. قال ابن بري:
قد ذكرنا أَن هذه اللغة هي الثانية فيما تقدم إلاّ أَنه غَيَّرَ مصدرها
فقال إهْرِياقاً، وصوابه إِهْراقةً، وتاءُ التأْنيث عوض من العين المحذوفة،
وكذلك قال ابن السراج أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْراقةً، وأسْطاع يُسْطيع
إسْطاعةً، قال: وأَما الذي ذكره الجوهري من أَن مصدر أَهْراقَ وأَسْطَاع
إهْرياقاً واسطِياعاً فغلط منه، لأنه غير معروف، والقياس إهْراقةً
وإسْطَاعةً على ما تقدم، وإنما غلَّطه في اسْطِيَاع أَنه أَتى به على وزن
الاسْتِطاعِ مصدر اسْتَطاع، قال: وهذا سهو منه لأن أَسْطاع همزته قطع،
والاسْتِطاع والاسْطِيَاع همزتهما وصل، وقوله: والشيءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضاً،
بالتحريك، غير صحيح لأن مفعول أَهْرَاق مُهْراق لا غير؛ قال: وأَما
مُهَراق، بالفتح، فمفعول هَرَاق وقد تقدم شاهده؛ وشاهد المُهْراق ما أُنشد في
باب الهجاء من الحماسة لعُمارة بن عقيل:
دعَتْهُ، وفي أَثوابِهِ من دِمَائِهَا
خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غير ذَاهِبِ
وقال جرير العِجْلي، ويروى للأخطل وهي في شعره:
إذا ما قُلْتُ: قد صالَحْتُ قَوْمِي،
أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ،
تَبِيدُ المُخْزِياتُ ولا تَبِيدُ
قال: والفاعل من أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وشاهده قول كثيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ
لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ
وقال العُدَيْلُ بن الفَرْخ:
فكنْت كمُهْرِيقِ الذي في سِقائِهِ
لِرَقْرَاقِ آلٍ، فوق رابيةٍ جَلْدِ
وقال آخر:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ
في جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ
وشاهد الإهْرَاقةِ في المصدر قول ذي الرمة:
فلما دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ
لأَعْزِلَةٍ عنها، وفي النفس أَن أُثْني
قال ابن بري عند قول الجوهري: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قال أَراق أَصله
أَرْوَقَ بالواو لأنه يقال رَاقَ الماءُ رَوَقاناً انصبَّ، وأَراقهُ غيره
إذا صَبَّه، قال: وحكى الكسائي رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قال: فعلى
هذا يجوز أن يكون أَصل أَرَاقَ من الياء. وفي الحديث: أُهْرِيقَ دَمُهُ؛
وتقدير يُهَرِيقُ، بفتح الهاء، يُهَفْعِلُ، وتقدير مُهَرَاق، بالتحريك،
مُهَفْعَل؛ وأما تقدير يُهْرِيق، بالتسكين، فلا يمكن النطق به لأن الهاء
والفاء ساكنان، وكذلك تقدير مُهْرَاق، وحكى بعضهم مطر مُهْرَوْرِقٌ. وفي
حديث أُم سلمة: أَن امرأَة كانت تُهَراقُ الدمَ؛ هكذا جاءَ على ما لم
يسمَّ فاعله، والدم منصوب أي تُهَرَاقُ هي الدمَ، وهو منصوب على التمييز، وإن
كان معرفة، وله نظائر، أو يكون قد أُجري تُهَراقُ مجرى نُفِسَت المرأَةُ
غلاماً، ونُتِجَ الفرسُ مُهْراً، ويجوز رفع الدم على تقدير تُهَرَاقُ
دماؤها، وتكون الأَلف واللام بدلاً من الإضافة كقوله تعالى: أو يَعْفُوَ
الذي بيده عُقْدَةُ النكاح؛ أي عُقْدَةُ نكاحِهِ أو نكاحها، والهاء في
هَرَاقَ بدل من همزة أَرَاقَ الماء يُرِيقهُ وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بفتح
الهاء، هَراقةً. ويقال فيه: أَهْرَقْتُ الماءَ أُهْرِقُهُ إهْرَاقاً فيجمع بين
البدل والمبدل. ابن سيده: اهْرَوْرَقَ الدمعُ والمطر جَرَيا، قال: وليس
من لفظ هَرَاق لأن هاء هَرَاق مبدلة والكلمة معتلة، وأما اهْرَوْرَقَ
فإنه وإن لم يتكلم به إلاَّ مَزيداً متوهم من أصل ثلاثي صحيح لا زيادة فيه،
ولا يكون من لفظ أَهْرَاقَ لأن هاء أَهْرَاقَ زائدة عوض من حركة العين
على ما ذهب إليه سيبويه في أَسْطَاعَ.
ويوم التهَارُقِ: يوم المَهْرَجان، وقد تَهَارقُوا فيه أي أَهْرَقَ
الماء بعضُهم على بعضٍ، يعني بالمَهْرَجانِ الذي نسميه النَّوْرُوز.
والمُهْرُقَانُ: البحر لأنه يُهَرِيق ماءَه على الساحل إلاَّ أنه ليس من
ذلك اللفظ؛ أَبو عمرو: هو اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ
والمُهْرُقانُ البحر، بضم الميم والراء؛ قال ابن مقبل:
تَمَشَّى به نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها
جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بالليل سَاحِلهْ
ومُهْرُقان: معرب أَصله ما هي رُويانْ؛ وقال بعضهم: مُهْرُقان مُفْعُلان
من هَرَقْت لأن البحر ماؤُه يفيض على الساحل إذا مَدَّ، فإذا جزر بقي
الوَدَع. أَبو عمرو: يقال للبحر المُهْرَقان والدَّ أْماءُ، خفيف؛ وقيل
المُهْرُقان ساحل البحر حيث فاض فيه الماءُ ثم نَضَب
عنه فبقي الوَدَع، وأَورد بيت ابن مقبل وقال: وجَناهُ ما يبقى من
الوَدَعِ. والمُهْرَقُ: الصحيفة البيضاء يكتب فيها، فارسي معرب، والجمع
المَهارق؛ قال حسان:
كَمْ للمَنازل من شَهْرٍ وأَحوالِ،
لآل أَسْماءَ، مِثْل المُهْرَقِ البالِي
قال ابن بري: والذي في شعره:
كما تَقادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ البالي
قال: وقال الحرث بن حلِّزة:
آياتها كَمَهارِقِ الحَبَشِ
والمَهارق في قول ذي الرمة:
بيَعْمَلة بين الدُّجَى والمَهَارِق
الفَلَواتُ، وقيل الطرق، وقيل: المُهْرَق ثوب حرير أَبيض يُسْقَى الصمغَ
ويُصْقَلُ ثم يكتب فيه، وهو بالفارسية مُهر كَرْد، وقيل: مَهْره لأن
الخَرَزة التي يُصقل بها يقال لها بالفارسية كذلك.
والمُهْرَقُ: الصحراء الملساء. والمَهارق: الصَّحاري، واحدها مُهْرَق،
وهو معرب؛ قال الأزهري: وإنما قيل للصحراء مُهْرق تشبيها بالصحيفة؛ قال
الأعشى:
رَبّي كريم لا يكدِّرُ نِعْمَةً،
فإذا تُنُوشِد في المَهارِق أَنْشَدا
أراد بالمَهارق الصحائف. وقال اللحياني: بلد مَهَارِق وأَرضٌ مَهَارِق
كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه مُهْرَقاً؛ قال:
وخَرْق مَهَارِق ذي لُهْلُهٍ،
أجَدَّ الأُوَامَ به مَظْمَؤُه
قال ابن الأَعرابي: إنما أَراد مثل المَهارق، وأَجَدَّ: جَدَّد،
واللُّهْلُه: الاتساع. قال ابن سيده: وأما ما رواه اللحياني من قولهم هَرِقْتُ
حتى نصف الليل فإنما هو أَرِقْتُ، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقال أَبو زيد:
يقال هَرِيقُوا عنكم أوَّل الليل وفَحْمَةَ الليل أي انزلوا، وهي ساعة
يَشُقُّ فيها السير على الدواب حتى يمضي ذلك الوقت، وهما بين العشاءَين.
فيح: فاحَ الحرُّ يَفِيحُ فَيْحاً: سَطَعَ وهاجَ. وفي الحديث: شدّة
القَيْظ من فَيْح جهنم: الفَيْح: سُطُوع الحرّ وفَوَرانُه، ويقال بالواو، وقد
ذكر قبل هذه الترجمة؛ وفاحت القِدْرُ تَفِيحُ وتَفُوحُ إِذا غَلَتْ، وقد
أَخرجه مَخْرَجَ التشبيه أَي كأَنه نار جهنم في حرِّها.
وأَفِحْ عنك من الظهيرة أَي أَقم حتى يسكن عنك حر النهار ويبرد. ابن
الأَعرابي: يقال أَرِقْ عنك من الظهيرة وأَهْرِقْ وأَــهْرئ وأَنْجِ
وبَخْبِخْ وأَفِحْ إِذا أَمرته بالإِبْرَاد. وفاحَتِ الريح الطيبة خاصة فَيْحاً
وفَيَحاناً: سَطَعَت وأَرِجَتْ، وخص اللحياني به المِسْكَ؛ ولا يقال: فاحت
ريح خبيثة إِنما يقال للطَّيِّبة، فهي تَفِيحُ. وفاحت القِدْرُ
وأَفَحْتُها أَنا: غَلَتْ. وفاحَ الدمُ فَيْحاً وفَيَحاناً، وهو فاحٍ: انْصَبَّ.
وأَفاحَه: هَراقه؛ وقال أَبو حَرْب بن عُقَيْلٍ الأَعْلَمُ جاهِليٌّ:
نَحْنُ قَتَلْنا المَلِكَ الجَحْجاحا،
ولم نَدَعْ لسَارِحٍ مُراحا،
إِلا دِياراً، أَو دَماً مُفاحا
الجَحْجَاح: العظيمُ السُّؤددِ والمُراحُ: الذي تأْوي إِليه النَّعَم؛
أَراد لم نَدَع لهم نَعَماً تحتاج إِلى مُراح. وأَفاحَ الدماءَ أَي
سَفَكَها. وشَجَّةٌ تَفِيحُ بالدم: تَقْذِفُ. وفاحت الشَّجَّةُ، فهي تَفِيحُ
فَيْحاً: نَفَحَتْ بالدم أَيضاً؛ وفي حديث أَبي بكر: مُلْكاً عَضُوضاً
ودَماً مُفاحاً أَي سائلاً؛ مُلْكٌ عَضُوضٌ يَنال الرعِيَّةَ منه ظُلْمٌ
وعَسْفٌ كأَنهم يُعَضُّونَ عَضّاً. وأَفَحْتُ الدم: أَسَلْتُه.
والفَيْحُ والفَيَحُ: السَّعَةُ والانتشار.
والأَفْيَحُ والفَيَّاحُ: كل موضع واسع. بحرٌ أَفْيَحُ بَيِّنُ
الفَيَحِ: واسعٌ، وفَيَّاحٌ، أَيضاً، بالتشديد. وروضة فَيْحاء: واسعة، والفعل من
كل ذلك فاحَ يَفاحُ فَيْحاً، وقياسه فَيِحَ يَفْيَحُ. ودارٌ فَيْحاءُ:
واسعة؛ وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: وبَيتُها فَيَّاحٌ أَي واسعٌ؛ رواه أَبو عبيد
مشدّداً؛ وقال غيره: الصواب التخفيف؛ وفي الحديث: اتَّخَذَ رَبُّك في
الجنة وادياً أَفْيَحَ من مِسْكٍ؛ كلُّ موضع واسع يقال له أَفيَحُ
وفَيَّاح. الليث: الفَيَحُ مصدر الأَفْيَح، وهو كل موضع واسع؛ أَبو زيد: يقال لو
مَلَكْتُ الدنيا لَفَيَّحْتُها في يوم واحد أَي أَنفَقْتُها وفرَّقتها في
يوم واحد. ورجل فَيَّاح نَفَّاح: كثير العطايا؛ وإِنه لَجَواد فَيَّاحٌ
وفَيَّاضٌ بمعنى. وفاحت الغارَةُ تَفِيح: اتَّسَعَتْ.
وفَيَاحِ مثل قطامِ: اسم للغارة.، وكان يقال للغارة في الجاهلية فِيحِي
فَيَاحِ، وذلك إِذا دَفَعَتِ الخيلُ المُغِيرة فاتسعت؛ وقال شَمِرٌ:
فِيحِي أَي اتسعي عليهم وتَفَرَّقي؛ قال غَنِيُّ بن مالك، وقيل هو لأَبي
السَّفَّاح السَّلُوليّ:
دَفَعْنا الخيلَ شائلةً عليهم،
وقُلْنا بالضُّحى: فيحِي فَياحِ
الأَزهري: قولهم للغارة فِيحِي فَيَاحِ؛ الغارة هي الخيل المُغِيرة
تَصْبَح حَيّاً نازلين، فإِذا أَغارت على ناحية من الحَيِّ تَحَرَّزَ عُظْمُ
الحَيِّ، لَجَأُوا إِلى وَزَرٍ يَلُوذون، وإِذا اتسعوا وانتشروا
أَحْرَزوا الحَيَّ أَجمع؛ ومعنى فيحي انتشري أَيتها الخيل المغيرة؛ وقيل: معْناه
اتسعي عليهم يا غارة وخذيهم من كل وجه، وسماها فَيَاحِ لأَنها جماعة
مؤَنثة خُرِّجَتْ مَخْرَج قَطَامِ وحَذَامِ وكَسَابِ وما أَشبهها. والشائلة:
المرتفعة؛ يعني أَن أَذنابها ارتفعت، وإِنما ترتفع أَذنابها إِذا عدت،
وذلك يدل على شدة ظهورها؛ كما قال المُفَضَّلُ البَكْرِي:
تَشُقُّ الأَرضَ شائلةَ الذُّنابَى،
وهادِيها كأَنْ جِذعٌ سَحُوقُ
والفَيْحُ: خِصْبُ الربيع في سَعَةِ البلادِ، والجمع فُيُوحٌ؛ قال:
تَرْعَى السحابَ العَهْدَ والفُيُوحا
قال الأزهري: رواه ابن الأَعرابي: والفُتُوحا، بالتاء؛ والفَتْحُ
والفُتُوح من الأَمطار؛ قال: وهذا هو الصحيح وقد ذكرناه في مكانه
(* قوله «وقد
ذكرناه في مكانه» لكنه قال هناك جمعه فتوح، بفتح الفاء. وكتبنا عليه
بالهامش انكار محشي القاموس عليه، ويؤيده ضبط الفتوح هنا بضم الفاء مع
المثناة الفوقية أو التحتية، وهو القياس. فلعل قوله هناك بفتح الفاء تحريف من
الناسخ عن بضم الفاء.) وناقة فَيَّاحة إِذا كانت ضَخْمَة الضَّرْع غزيرة
اللبن؛ قال:
قد نَمْنَحُ الفَيَّاحةَ الرَّفُودا،
تَحْسِبُها خالِيةً صَعُودا
وفَيْحَانُ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
أَو رَعْلَةٌ من قَطا فَيْحانَ حَلأَّها،
عن ماءِ يَثْرَبَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ
والفَيحَاءُ: حَساءٌ مع تَوَابِلَ.
عصفر: الأَزهري: العُصْفُر نبات سُلافَتُه الجِرْيالُ، وهي معربة. ابن
سيده: العُصْفُر هذا الذي يصبغ به، ومنه رِيفِيٌّ ومنه بَرِّيٌّ، وكلاهما
نبتٌ بأَرض العرب. وقد عَصْفَرْت الثوب فتَعَصْفَرَ.
والعُصْفور: السيِّد. والعُصُفور: طائر ذكر، والأُنثى بالهاء.
والعُصْفور: الذكر من الجراد. والعُصْفور: خشبة في الهودج تجمَع أَطراف خشبات
فيها، وهي كهيئة الإِكاف، وهي أَيضاً الخشبات التي تكون في الرَّحْل يُشَدّ
بها رؤوس الأَحْناء. والعُصْفور: الخشب الذي تشدُّ به رؤوسُ الأَقْتاب.
وعُصْفورُ الإِكاف عند مقدّمه في أَصل الدَّأْيةِ، وهو قطعة خشبة قدر
جُمْعِ الكف أَو أُعَيْظِم منه شيئاً مشدودٌ بين الحِنْوَيْنِ المقدّمين؛ وقال
الطرماح يصف الغَبِيط أَو الهودج:
كلّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه،
قانئ اللَّوْنِ حَدِيث الزِّمام
يعني أَنه شكّ فشدّ العُصْفور من الهودج في مواضع بالمسامير. وعُصْفورُ
الإِكاف: عُرْصُوفُه على القلب. وفي الحديث: قد حرَّمت المدينة أَن
تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلا لِعُصْفورِ قَتَبٍ أَو شَدَّ مَحالةٍ أَو عَصا
حديدةٍ؛ عُصْفورُ القتَبِ: أَحدُ عِيدانِه، وجمعه عَصافِيرُ. قال: وعصافِير
القتب أَربعة أَوْتادٍ يُجْعَلْن بين رؤوس أَحناء القتب في رأْس كل حِنْوٍ
وتدان مشدودان بالعَقَب أَو بجلود الإِبل فيه الظَّلِفات. والعُصْفور:
عظم ناتئ في جَبين الفرس، وهما عُصْفورانِ يَمْنَةً ويَسْرة. قال ابن
سيده: عُصْفور الناصية أَصلُ منبتِها، وقيل: هو العُظيم الذي تحت ناصية الفرس
بين العينين. والعُصْفور: قُطَيْعة من الدماغ تحت فَرْخ الدماغ كأَنه
بائِنٌ، بينها وبين الدماغ جُلَيْدةٌ تَفْصِلها؛ وأَنشد:
ضَرْباً يُزيلُ الهام عن سريره،
عن أُمّ فَرْخ الرَّأْس أَو عُصْفوره
والعُصْفور: الشِّمْراخُ السائل من غُرّة الفرس لا يبلغ الخَطْمَ.
والعَصافِيرُ: ما على السَّناسِن من العصب والعُصْفورُ: الولد، يمانية.
وتَعَصْفَرت عُنُقُه تَعَصْفُراً: الْتَوَتْ. ويقال للرجل إِذا جاع:
نَقَّت عَصافيرُ بَطْنِه، كما يقال: نَقَّت ضفادعُ بطنه. الأَزهري:
العَصافيرُ ضرب من الشجر له صورة كصورة العُصْفور، يسمون هذا الشجر: مَنْ رَأَى
مِثْلي. وأَما ما رُوي أَن النعمان أَمَرَ للنابغة بمائة ناقة من
عَصافِيرِه؛ قال ابن سيده: أَظنّه أَرادَ مِن فَتايا نُوقِه؛ قال الأَزهري: كان
للنعمان بن المنذر نجائبُ يقال لها عَصافير النعمان. أَبو عمرو: يقال
للجمل ذي السنامين عُصْفورِيٌّ. قال الجوهري: عَصافيرُ المُنْذِرِ إِبلٌ كانت
للملوك نجائب؛ قال حسان بن ثابت: فما حَسَدْت أَحداً حَسَدي للنابغة حين
أَمَرَ له النعمانُ بن المنذر بمائة ناقة برِيشِها من عَصافِيرِه
وحُسَامٍ وآنِيةٍ من فضة؛ قوله: بريشها كان عليها رِيشٌ ليعلم أَنها من عطايا
الملوك.
هنف: الإهْنافُ: ضَحِكٌ فيه فُتُور كَضَحِك المستهزئ، وكذلك المُهانَفة
والتَهانُف؛ قال الكميت:
مُهَفْهَفَةُ الكَشْحَينِ بَيْضاءُ كاعِبُ،
تُهانِفُ للجُهَّالِ مِنَّا، وتَلْعَبُ
قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
إذا هُنَّ فَصَّلْن الحَدِيثَ لأَهْلِه،
حَدِيث الرَّنا، فَصَّلْنَه بالتَّهانُف
وقال آخر:
وهُنَّ في تَهانُفٍ وفي قَهٍ
ابن سيده: الهُنُوف والهِنافُ ضَحِك فوق التَّبَسم، وخص بعضهم به ضحك
النساء.
وتهانَفَ به: تَضاحَك؛ قال الفرزدق:
من اللُّفِّ أَفْخاذاً تَهانَفُ للصِّبا،
إذا أَقْبَلَتْ كانت لَطِيفاً هَضِيمُها
وقيل: تَهانَفَ به تَضاحَكَ وتعَجَّب؛ عن ثعلب، وقيل: هو الضحِكُ
الخَفِيُّ. الليث: الهنافُ مُهانَفةُ الجَوارِي بالضحك وهو التبسم؛
وأَنشد:تَغُضُّ الجُفونَ على رِسْلِها
بحُسْنِ الهِنافِ، وخَونِ النَّظَرْ
والمُهانَفَةُ: المُلاعَبة أَيضاً. قيل: أَقبل فلان مُهْنِفاً أَي
مُسْرعاً لينال ما عندي؛ قال: وفي نسخة من كتاب الكامل للمبرد: التَّهانُف
الضحك بالسُّخْرية. والمُهانَفة: المُلاعبة. وأَهْنَف الصبيُّ إهنافاً: مثل
الإجْهاش، وهو التهيّؤ للبكاء. والتهنُّف: البكاء؛ وأَنشد لعَنْتَرة بن
الأَخْرس:
تَكُفُّ وتَسْتَبْقِي حَيَاءً وهَيْبَةً
لنا، ثُم يَعْلُو صَوْتُها بالتهنُّفِ
وأَهنَف الصبيُّ وتَهانفَ: تَهيّأَ للبكاء كأَجْهَشَ، وقد يكون
التَّهانُف بكاء غير الطفل؛ أَنشد ثعلب والشعر لأَعرابي
(* قوله «لاعرابي» في
معجم ياقوت: قال الراعي تهانفت إلخ.) :
تَهانَفْتَ واستبكاكَ رسْمُ المَنازِلِ
بسُوقةِ أَهْوى ، أَو بِقارةِ حائلِ
فهذا ههنا إنما هو للرجال دون الأَطفال لأَنَّ الأَطفال لا تبكي على
المنازل والأطْلال ؛ وقد يكون قوله تهانفت: تشبَّهت بالأَطفال في بكائك كقول
الكميت:
أَشَيخاً، كالوَلِيدِ برَسْم دارٍ،
تُسائلُ ماأَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَصمّ أَي صَمَّ.
هرز: هَرْوَزَ الرجلُ والدابةُ هَرْوَزَةً: ماتا؛ قال الأَزهري: هو
فَعْوَلَةٌ من الهَرْزِ. وروي عن ابن الأَعرابي: هَرِزَ الرجلُ وهُرِئَ إِذا
مات. وفي الحديث: أَنه قضى في سَيْلِ مَهْزُورٍ أَن يُحْبَس حتى يبلغ
الماءُ الكَعْبَين؛ مَهْزُورٌ: وادي قُرَيْظَة بالحجاز، وأَما بتقديم الراء
على الزاي فموضِعُ سُوقِ المدينة تصدّق به سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، على المسلمين.