قال الزبير: موضع باليمن، قال أبو دهبل:
متى دفعنا إلى ذي ميعة نتق ... كالذيب فارقه السلطان والروح
وواجهتنا من الأنقور مشيخة ... كأنهم حين لاقونا الربابيح
دلا: الدَّلْوُ: معروفة واحدة الدَّلاءِ التي يُسْتَقَى بها، تذكَّر
وتؤنَّث؛ قال رؤبة:
تَمْشي بِدَلْوٍ مُكْرَبِ العَراقي
والتأْنيث أَعلى وأَكثر، والجمع أَدْلٍ في أَقل العدد، وهو أَفْعُلٌ،
قلبت الواو ياء لوقوعها طرفاً بعد ضمة، والكثير دِلاءٌ
ودُليٌّ، على فُعولٍ، وهي الدَّلاةُ والدَّلا بالفتح والقصر، الواحدة
دَلاةٌ؛ قال الجُمَيح:
طامي الجِمامِ لَمْ تُمَخِّجْه الدَّلا
وأَنشد ابن بري هذا البيت ونسبه للشماخ؛ وأَنشد لآخر:
إنَّ لَنا قَلَيْذَماً هَمُوما،
يَزِيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما
(* قوله «مخج الدلا» ضبط الدلا هنا بالفتح، وضبط في غير موضع من اللسان
وغيره بكسر الدال).
وأَنشد لآخر في المفرد:
دَلْوَكَ إني رافعٌ دَلاتي
وأَنشد لآخر:
أَيُّ دَلاةِ نَهَلٍ دَلاتي
وقوله في حديث عثمان، رضي الله عنه: تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ
الدُّلاة؛ قال ابن الأَثير: هو جَمْع دالٍ كقاضٍ وقُضاةٍ، وهو النازِعُ في
الدَّلْوِ المُسْتَقِي بها الماءَ من البئر. يقال: أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ
ودَليْتُها إذا أَرسلتها في البئر، ودَلَوْتها أَدْلُوها فأَنا دالٍ إذا
أَخرجْتها، ومعنى الحديث تواضعت لكم وتَطامَنْتُ كما يَفْعَل المُستقي
بالدَّلْوِ. ومنه حديث ابن الزبير: أَن حبَشِيّاً وقع في بئرِ زمزم فأَمرَهُم
أَن يَدْلُوا ماءَها أَي يَسْتَقُوه، وقيل: الدَّلا جمعُ دَلاةٍ كفَلاً جمع
فَلاةٍ. والدَّلاة أَيضاً: الدَّلْوُ الصغيرة؛ وقول الشاعر:
آلَيْتُ لا أُعْطِي غُلاماً أَبَدَا
دَلاتَهُ، إني أُحِبُّ الأَسْوَدا
يريد بِدَلاتِه سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدِّ، والأَسْوَدُ اسمُ ابنِه.
ودَلَوْتُها وأَدْلَيْتُها إذا أَرْسَلْتها في البئر لِتَسْتَقِيَ بها
أُدْليها إدلاءً، وقيل: أَدْلاها أَلْقاها لِيَسْتَقِيَ بها، ودَلاها
جَبَذها ليُخْرِجَها، تقول دَلَوْتها أَدْلُوها دَلْواً إذا أَخرجَتها
وجَذَبْتَها من البئر مَلأى؛ قال الراجز العجاج:
يَنْزِعُ من جَمَّاتِها دَلْوُ الدَّال
أََي نَزْعُ النازعِ. ودَلَوْتُ الدَّلْوَ: نَزَعْتُها. قال الجوهري:
وقد جاء في الشعر الدَّالي بمعنى المُدْلي؛ وهو قول العجاج:
يَكْشِفُ، عن جَمَّاتِه، دَلْوُ الدَّالْ
عَباءةً غَبْراءَ من أَجْنٍ طالْ
يعني المُدْليَ؛ قال ابن بري: ومثله لرؤبة:
يَخْرُجْنَ من أَجْوازِ لَيْلٍ غاضي
أي مُغْضٍ، قال: وقال عليّ بن حمزة قد غلط جماعة من الرُّواة في تفسير
بيت العجاج آخرهم ثعلب، قال: يعني كونهم قَدَّرُوا الدَّاليَ بمعنى
المُدْلي؛ قال ابن حمزة: وإنما المعنى فيه أَنه لما كان المُدْلي إذا أَدْلى
دَلْوَه عادَ فَدَلاها أَي أَخرجها مَلأَى قال دَلْوُ الدَّالْ كما قال
النابغة:
مِثْل الإماء الغَوادِي تَحْمِلُ الحُزُما
وإنما تحملها عند الرَّواح، فلما كُنَّ إذا غَدَوْنَ رُحْنَ قال: مثل
الإماء الغَوادِي. ويقال: دَلَوْتُها وأَنا أَدْلُوها وأَدْلَوْتُها. وفي
قصة يوسف: فأَدْلَى دَلْوَهُ قال يا بُشْرَى. ودَلَوْتُ بفلان إليك أَي
اسْتَشْفَعْتُ به إليك. قال عمر لما اسْتَسْقَى بالعباس، رضي الله عنهما:
اللهم إنا نَتَقَــرَّبُ إليك بعَمِّ النبي، صلى الله عليه وسلم، وقَفِيَّةِ
آبائِه وكُبْرِ رِجالهِ دَلَوْنا به إليكَ مُسْتَشْفِعين؛ قال الهروي:
معناه مَتَتْنا وتَوَسَّلْنا؛ قال ابن سيده: وأُرَى معناه أَنهم
تَوَسَّلُوا بالعباس إلى رَحْمةِ الله وغِياثِه كما يُتَوَسَّل بالدَّلْوِ إلى
الماء؛ قال ابن الأَثير: هو من الدَّلْوِ لأَنه يُتَوَصَّلُ به إلى الماء،
وقيل: أَراد به أَقْبَلْنا وسُقْنَا، من الدَّلْوِ وهو السَّيْرُ
الرَّفِيقُ. وهو يُدْلي برَحِمِه أَي يَمُتُّ بها. والدَّلْوُ: سِمَةٌ
للإبل. وقولهم: جاء فلانٌ بالدَّلْوِ أَي بالدَّاهِيةِ؛ قال الراجز:
يَحْمِلْنَ عَنْقَاءَ وعَنْقَفِيرَا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَم والزَّفِيرَ
(* قوله «يحملن عنقاء إلخ» كذا أنشده الجوهري وقال في التكملة: الإنشاد
فاسد والرواية:
أنعت أعياراً رعين كيرا * يحملن عنقاء وعنقفيرا
وأم خشاف وخشفيرا * والدلو والديلم والزفيرا
ثم قال: والكيراسم موضع بعينه).
والدَّلْوُ: بُرْجٌ من بُرُوج السماء معروف، سمي به تشبيهاً بالدَّلْو.
والدَّاليةُ: شيءٌ
يُتَّخذُ من خُوصٍ وخَشَبٍ يُسْتَقَى به بحِبالٍ تشد في رأْس جِذْعٍ
طويل؛ قال مِسْكِين الدارمي:
بأَيْدِيهِمْ مَغارِفُ من حَديدٍ
يُشَبِّهُها مُقَيَّرَةَ الدَّوَالِي
والدَّالِيَةُ: المَنْجَنُون، وقيل: المَنْجَنُون تُدِيرُها البَقَرَةُ،
والناعُورَة
يُديرُها الماء. ابن سيده: والدَّالِيَةُ الأَرض تُسْقَى بالدَّلْو
والمَنْجَنُون. والدَّوَالِي: عِنَبٌ أَسْوَدُ غيرُ حالِكٍ وعَناقِيدُه
أَعْظَم العناقِيدِ كُلِّها تَرَاها كأَنَّها تُيُوس معلَّقة، وعِنَبه
جافٌّيتَكَسَّر في الفم مُدَحْرَج ويُزَبَّبُ؛ حكاه ابن سيده عن أَبي
حنيفة:وأَدْلَى الفَرَسُ وغيرُه: أَخرج جُرْدانَه ليَبُولَ أَو يَضْرِبَ،
وكذلك أَدْلَى العَيْرُ ودَلَّى؛ قيل لابْنَةِ الخُسِّ: مَا مائَةٌ منَ
الحُمُر؟ قالت: عازِبَةُ اللَّيْل وخِزْيُ المَجْلِس، لا لَبَنَ فَتُحْلَبَ
ولا صُوفَ فَتُجَزِّ، إنْ رُبِطَ عَيْرُها دَلَّى وإن أَرْسَلْتَه وَلَّى.
والإنسانُ يُدْلِي شيئاً في مَهْوَاةٍ ويَتَدَلَّى هو نَفْسُه. ودَلَّى
الشيءَ في المَهْواةِ: أَرْسَلَهُ فيها؛ قال:
مَنْ شَاءَ دَلَّى النَّفْسَ في هُوَّةٍ
ضَنْكٍ، ولَكِنْ مَنْ لَهُ بِالمَضِيقْ
أَي بالخروج من المَضِيق، وتَدَلَّيْتُ فيها وعليها؛ قال لبيد يصف
فرساً:فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلاً،
وعلى الأَرضِ غَياياتُ الطَّفَلْ
أَراد أَنه نَزَل من مِرْبائه وهو عَلَى فَرَسِه راكبٌ. ولا يكون
التَّدَلِّي إلا من عُلْوٍ إلى اسْتِفَال، تَدَلَّى من الشجرة. ويقال: تَدَلَّى
فلانٌ علينا من أَرض كذا وكذا أي أَتانا. يقال: من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ
علينا؛ قال أُسامة الهذلي:
تَدَلَّي عَلَيه وهُوَ زَرْقُ حَمامَةٍ،
لَهُ طِحْلِبٌ، في مُنْتَهَى القيضِ، هامِدُ
وقوله تعالى: فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ. قال أَبو إسحق: دلاَّهُما في
المَعْصِيَة بأَن غَرَّهُما، وقال غيره: فَدلاَّهُما فأطْمَعَهُما؛ ومنه قول
أَبي جُنْدُب الهذلي:
أَحُصُِّ فلا أُجِيرُ، ومَنْ أُجِرْهُ،
فَلَيْسَ كَمَنْ يُدَلَّى بالغُرُورِ
أَحُصُّ: أَمْنَع، وقيل: أَحُصُّ أَقْطَع ذلك، وقوله: كَمَنْ يُدَلَّى
أَي يُطْمَع؛ قال أَبو منصور: وأَصله الرجل العَطْشانُ يُدَلَّى في البئر
ليَرْوَى من مَائِها فلا يجدُ فيها ماءً فيكون مُدَليِّاً فيها
بالغُرورِ، فوُضِعَت التَّدْلِيَة موضع الإطْمَاع فيما لا يُجْدِي نَفْعاً؛ وفيه
قول ثالث: فَدَلاَّهُما بغرور، أَي جَرَّأهما إبليس على أَكْلِ الشجرة
بغُرره، والأَصلُ فيه دَلَّلهما، والدَّالُ والدَّالَّةُ: الجُرْأَة.
الجوهري: ودلاَّه بغُرُورٍ أَي أَوْقَعَه فيما أَراد من تَغْرِيره وهو من
إدْلاءِ الدَّلْو. وأَما قوله عز وجل: ثم دَنَا فَتَدَلَّى؛ قال الفراء: ثم
دَنَا جبريل من محمد فتَدَلَّى كأَنَّ المعنى ثم تَدَلَّى فَدَنا، قال:
وهذا جائز إذا كان المَعْنى في الفعلين واحداً. وقال الزجاج: معنى دَنَا
فَتَدَلَّى واحد لأَن المعنى أَنه قرب فَتَدَلَّى أَي زاد في القُرْب، كما
تقول قدْ دَنَا فلان مني وقرُبَ. قال الجوهري: ثم دَنَا فَتَدَلَّى، أَي
تَدَلَّل كقوله: ثم ذهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى؛ أَي يَتَمَطَّطُ. وفي
حديث الإسْراء: فَتَدَلَّى فكان قَابَ قَوْسَيْنِ؛ التَّدَلِّي: النزولُ
من العُلْو؛ قال ابن الأَثير: والضميرُ لجبريل، عيه الصلاة والسلام.
وأَدْلَى بحُجَّتِه: أَحْضَرَها واحْتجَّ بها. وأَدْلَى إليه بِمالِه:
دَفَعه. التهذيب: وأَدْلَى بمالِ فلان إلى الحاكِمِ إذا دَفَعَه إليه؛ ومنه
قوله تعالى: وتُدْلُوا بها إلى الحكام؛ يعني الرِّشْوَةَ. قال أَبو إسحق:
معنى تُدْلُوا في الأَصل من أَدْلَيْت الدَّلْوَ إذا أَرْسَلْتها لتملأَها،
قال: ومعنى أَدْلَى فلان بحُجَّته أَي أَرْسَلَها وأَتَى بها على صحة،
قال: فمعنى قوله وتُدْلُوا بها إلى الحُكَّام أَي تَعْمَلون على ما
يوجِبُه الإدْلاءُ بالحُجة وتَخُونُون في الأَمانة لِتَأْكِلِوا فَريقاً من
أَمْوالِ الناسِ بالإثْمِ، كأَنه قال تَعْمَلون على ما يوجِبُه ظاهِرُ
الحُكْمِ وتَتْرُكُونَ
ما قَدْ عَلِمْتُم أَنه الحَقّ؛ وقال الفراء: معناه لا تأْكُلوا
أَمْوالكم بينكم بالباطل ولا تُدْلُوا بها إلى الحُكَّام، وإن شئتَ جَعلْتَ نصبَ
وتُدْلُوا بها إذا أَلْقَيْتَ منها لا على الظَّرْفِ، والمعنى لا
تُصانِعُوا بأَمْوالِكُم الحُكَّام ليَقْتَطِعُوا لكم حقّاً لغيركم وأَنتم
تعلمون أَنه لا يحل لكم؛ قال أَبو منصور: وهذا عندي أَصح القولين لأَن الهاء
في قوله وتُدْلوا بها للأَموال وهي، على قول الزجاج، للحُجّة ولا ذكر
لها في أَول الكلام ولا في آخره. وأَدْلَيْت فيه: قلت قولاً قبيحاً؛
قال:ولو شئتُ أَدْلَى فِيكُمَا غَيْرُ واحِدٍ
عَلانِيَةً، أَو قالَ عِنْدِيَ في السِّرِّ
ودَلَوْتُ الناقَةَ والإبِلَ دَلْواً: سُقْتُها سَوْقاً رَفيقاً
رُوَيْداً؛ قال:
لا تَقْلُواهَا وادْلُوَاهَا دَلْوَا،
إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا
وقال الشاعر:
لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وادْلُواها،
لَبِئْسما بُطْءٌ ولا نَرْعاها
وادْلَوْلى أَي أَسْرَع، وهي افْعَوْعَلَ. ودَلَوْت الرجلَ ودالَيْته
إذا رَفَقْتَ به ودارَيْته. قال ابن بري: المُدالاةُ المُصانَعة مثلُ
المُداجاةِ؛ قال كثير:
أَلا يا لَقَوْمي، للنِّوى وانْفِتَالِها
وللصَّرْمِ مِنْ أَسْماءَ ما لَمْ نُدالِها
وقول الشاعر:
كأَنَّ راكِبَها غُصْنٌ بَمَرْوَحَة،
إذا تَدَلَّت بِهِ، أَو شارِبٌ ثَمِلُ
يجوز أَن يكون تَفَعَّلَتْ من الدَّلْوِ الذي هو السَّوْق الرَّفِيقُ
كأَنَّه دَلاَّها فَتَدَلَّت، قال: ويجوز أَن يكون أَراد تَدَلَّلَت من
الإدْلالِ، فكره التضعيف فحوّل إحدى اللامين ياء كما قالو تظنيت في تظننت.
ابن الأَعرابي: دَلِيَ إذا ساقَ ودَلِيَ إذا تَحَيَّر، وقال: تَدَلَّى إذا
قَرُب بَعْدَ عُلْوٍ، وتَدَلَّى تواضَعَ. ودالَيْتُه أَي دارَيْتُه.
لدن: اللَّدْنُ: اللّيِّنُ من كل شيء من عُودٍ أَو حبل أَو خُلُقٍ،
والأُنثى لَدْنة، والجمع لِدانٌ ولُدْن وقد لَدُنَ لَدانةً ولُدُونةً.
ولَدَّنه هو: لَيَّنه. وقناة لَدْنة: ليِّنة المهَزَّةِ، ورمح لَدْنٌ ورِماحٌ
لُدْنٌ، بالضم، وامرأَة لَدْنة: ريّا الشّبابِ ناعمةٌ، وكلُّ رَطْبٍ مأْدٍ
لَدْنٌ.
وتَلدَّنَ في الأَمر: تَلبَّثَ وتمكَّثَ، ولدَّنه هو. وفي الحديث: أَن
رجلاً من الأَنصار أَناخَ ناضِحاً فركبه، ثم بعثه فتَلَدَّنَ عليه بعضَ
التَّلدُّن، فقال: شَأْ لعَنك الله فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
لا تَصْحبْنا بملعون؛ التَّلدُّن: التَّمكُّثُ، معنى قوله تَلدَّنَ أَي
تَلَكَّأَ وتمكَّثَ وتَلبَّثَ ولم يَثُرْ ولم يَنبَعِث. يقال: تَلدَّنَ
عليه إِذا تَلكَّأَ عليه؛ قال أَبو عمرو: تَلدَّنْتُ تَلدُّناً وتَلبَّثْتُ
تَلبُّثاً وتمكَّثْتُ. وفي حديث عائشة: فأَرسلَ إِليَّ ناقةً مُحَرَّمةً
فتَلدَّنتْ عليَّ فلعنتها.
ولَدُنْ ولُدْنٌ ولَدْنٌ ولَدِنٌ ولَدُ محذوفة منها ولَدَى مُحَوَّلة،
كله: ظرف زماني ومكاني معناه عند؛ قال سيبويه: لَدُنْ جُزمَتْ ولم تجعل
كعِنْدَ لأَنها لم تَمَكَّنْ في الكلام تَمَكُّنَ عند، واعْتَقَبَ النونُ
وحرفُ العلة على هذه اللفظة لاماً، كما اعتقبَ الهاءُ والواو في سنَةٍ
لاماً وكما اعتقبت في عِضاهٍ. قال أَبو إِسحق: لَدُنْ لا تَمَكَّنُ
تَمَكُّنَ عند لأَنك تقول هذا القول عندي صوابٌ، ولا تقول هو لَدُني صواب، وتقول
عندي مال عظيم والمال غائب عنك، ولَدُنْ لما يليك لا غير. قال أَبو علي:
نظير لَدُنْ ولَدَى ولَدُ، في استعمال اللام تارة نوناً، وتارة حرف علة،
وتارة محذوفة، دَدَنْ ودَدَى ودَدٌ، وهو مذكور في موضعه. ووقع في تذكرة
أَبي علي لَدَى في معنى هل عن المفضَّل؛ وأَنشد:
لَدَى من شبابٍ يُشْترَى بمَشِيبِ؟
وكيف شَبابُ المرْء بعدَ دَبيبِ؟
وقوله تعالى: قد بَلَغْتَ من لَدُنِّي عُذْراً؛ قال الزجاج: وقرئ من
لَدُني، بتخفيف النون، ويجوز من لَدْني، بتسكين الدال، وأَجودها بتشديد
النون، لأَن أَصل لَدُنْ الإِسكانُ، فإِذا أَضفتها إِلى نفسك زِدْتَ نوناً
ليَسْلَم سكونُ النونِ الأُولى، تقول من لَدُنْ زيد، فتسكن النون، ثم تضيف
إِلى نفسك فتقول لَدْني كما تقول عن زيد وعني، ومن حذف النونَ فلأَنَّ
لَدُنْ اسم غير متمكن، والدليل على أَن الأَسماء يجوز فيها حذف النون
قولهم قَدْني في معنى حَسْبي، ويجوز قَدِي بحذف النون لأَن قد اسم غير متمكن؛
قال الشاعر:
قَدْنَي من نصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
فجاء باللغتين. قال: وأَما إِسكان دال لَدُنٍ فهو كقولهم في عَضُدٍ
عَضْد، فيحذفون الضمة. وحكى أَبو عمرو عن أَحمد بن يحيى والمبرّد أَنهما
قالا: العرب تقول لَدُنْ غُدْوَةٌ ولَدُنْ غُدْوَةً ولَدُنْ غُدْوَةٍ، فمن
رفع أَراد لَدُنْ كانت غُدْوةٌ، ومن نصب أَراد لَدُنْ كان الوقتُ غُدْوةً،
ومن خفض أَراد من عِنْد غُدْوةِ. وقال ابنُ كيسانَ: لَدُنْ حرف يَخْفِضُ،
وربما نُصِبَ بها. قال: وحكى البصريون أَنها تنصب غُدْوة خاصّةً من بين
الكلام ؛ وأَنشدوا:
ما زالَ مُهْري مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ،
لَدُنْ غُدْوَةً حتى دَنَتْ لغُروبِ
وأَجاز الفراء في غُدْوةٍ الرفع والنصب والخفض؛ قال ابن كيسانَ؛ من خفض
بها أَجراها مُجْرَى من وعن، ومن رفع أَجراها مُجْرى مذ، ومن نصب جعلها
وقتاً وجعل ما بعدها ترجمة عنها؛ وإِن شئت أَضمرت كان كما قال:
مُذْ لَدُ شَوْلاً وإِلى إِتْلائِها
أَراد: أَن كانت شَوْلاً. وقال الليث: لَدُنْ في معنى من عند، تقول: وقف
الناسُ له من لَدُنْ كذا إِلى المسجد ونحو ذلك إِذا اتصل ما بين
الشيئين، وكذلك في الزمان من لَدُنْ طلوع الشمس إِلى غروبها أَي من حين. وفي
حديث الصَّدَقة: عليهما جُنَّتانِ من حديد من لَدُنْ ثُدِيِّهما إِلى
ترَاقيهما؛ لَدُنْ؛ ظرف مكان بمعنى عند إِلا أَنه أَقرب مكاناً من عند وأَخصُّ
منه، فإِن عند تقع على المكان وغيره، تقول: لي عند فلانٍ مال أَي في
ذمته، ولا يقال ذلك في لَدُنْ. أَبو زيد عن الكلابيين أَجمعين: هذا من
لَدُنِهِ، ضموا الدال وفتحوا اللام وكسروا النون. الجوهري: لَدُنْ الموضع الذي
هو الغاية، وهو ظرف غير متمكن بمنزلة عند، وقد أَدخلوا عليها من وحدها من
حروف الجرّ، قال تعالى: من لَدُنَّا، وجاءت مضافة تخفض ما بعدها؛ وأَنشد
في لَدُ لغَيْلانَ بن حُرَيث:
يَسْتَوْعِبُ النَّوْعينِ من خَريرِه،
من لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه
قال ابن بري: وأَنشده سيبويه إِلى مَنْخُوره أَي مَنْخَره. قال: قال وقد
حمل حذف النون بعضهم إِلى أَن قال لَدُنْ غُدْوَةً، فنصب غدوة بالتنوين؛
قال ذو الرمة:
لَدُنْ غُدْوَةً، حتى إِذا امتَدَّتِ الضُّحَى،
وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ
لأَنه توهم أَن هذه النون زائدة تقوم مقام التنوين فنصب، كما تقول
ضارِبٌ زيداً، قال: ولم يُعْمِلوا لَدُنْ إِلا في غُدْوة خاصة. قال ابن بري:
ذكر أَبو علي في لَدُنْ بالنون أَربع لغات: لَدُنْ ولَدْنٌ، بإِسكان
الدال، حذف الضمة منها كحذفها من عَضُد، ولُدْنُ بإِلقاء ضمة الدال على اللام،
ولَدَنْ بحذف الضمة من الدال، فلما التقى ساكنان فتحت الدال لالتقاء
الساكنين، ولم يذكر أَبوعلي تحريك النون بكسر ولا فتح فيمن أَسكن الدال،
قال: وينبغي أَن تكون مكسورة، قال: وكذا حكاها الحَوْفيُّ لَدْنِ، ولم يذكر
لُدْن التي حكاها أَبوعلي، والقياس يوجب أَن تكون لَدْنِ، ولَدْنِ على
حدِّ لم يَلْدَهُ أَبوان، وحكى ابن خالويه في البديع: وهَبْ لنا من لدُنك،
بضم الدال، قال ابن بري: ويقال لي إِليه لُدُنَّةٌ أَي حاجة، والله
أَعلم.
لجن: لَجَنَ الورَقَ يَلْجُنُه لَجْناً، فهو مَلْجُونٌ ولَجِينٌ: خبَطه
وخلَطه بدقيق أَو شعير.وكلُّ ما حِيسَ في الماء فقد لُجِنَ.
وتَلجَّنَ الشيءُ: تَلزَّجَ. وتلجَّنَ رأْسُه: اتَّسَخَ، وهو منه. وتلجَّنَ
ورقُ السِّدْرِ إِذا لُجِنَ مدقوقاً؛ وأَنشد الشمّاخ:
وماءٍ قد ورَدْتُ لوَصْلِ أَرْوَى،
عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجينِ
وهو ورقُ الخِطْمِيِّ إِذا أُوخِفَ. أَبوعبيدة: لَجَّنْتُ الخِطْمِيّ
ونحوه تَلْجيناً وأَوخَفْتُه إِذا ضربته بيدك ليَثْخُنَ، وقيل:تلجَّنَ
الشيءُ إِذا غُسِلَ فلم يَــنتَقِ من وسَخه. وشيء لَجِنٌ: وسِخ؛ قال ابن
مقبل:
يَعْلونَ بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحِيةً
على سَعابيب ماء الضّالةِ اللَّجِنِ
الليث: اللَّجينُ ورقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثم يُخْلطُ بدقيق أَو شعير
فيُعْلفُ للإبل، وكل ورق أَو نحوه فهومَلْجُون لجِينٌ حتى آسُ الغِسْلَةِ.
الجوهري: واللَّجِينُ الخَبَطُ، وهو ما سقط من الورق عند الخَبْطِ،
وأَنشد بيت الشمّاخ. وتَلجَّنَ القومُ إِذا أَخذوا الورقَ ودقوه وخلطوه
بالنوى للإِبل. وفي حديث جرير: إِذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً؛ اللَّجينُ، بفتح
اللام وكسر الجيم: الخَبَطُ، وذلك أَن ورق الأَراك والسَّلَم يُخْبَطُ
حتى يسقُط ويَجِفَّ ثم يُدَقُّ
(* قوله «حتى يسقط ويجف ثم يدق إلخ» كذا
بالأصل والنهاية، وكتب بهامشها: هذا لا يصح فإنه لا يتلزج إلا إذا كان
رطباً اه. أي فالصواب حذف يجف). حتى يتَلجَّن أَي يتلزج ويصيركالخِطْمِي.
وكل شيء تلزج فقد تَلجَّنَ، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وناقة لَجُون: حَرُون؛ قال أَوس:
ولقد أَرِبْتُ على الهُمومِ بجَسْرَةٍ
عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ، غير لَجُونِ
قال ابن سيده: اللِّجانُ في الإِبل كالحِرَانِ في الخيل.وقد لَجَنَ
لِجاناً ولُجوناً وهي ناقة لَجُونٌ، وناقة لَجُون أَيضاً: ثقيلة المشي، وفي
الصحاح: ثقيلة في السير، وجمَلٌ لَجُونٌ كذلك.قال بعضهم: لا يقال
وجمَلٌ لَجُونٌ إِنما تُخَصُّ به الإِناثُ، وقيل: اللِّجانُ واللُّجُون في
جميع الدواب كالحِرَانِ في ذوات الحافر منها. غيره: الحِرانُ في الحافر
خاصةً، والخِلاء في الإِبل، وقد لَجَنت تَلْجُنُ لُجُوناً ولِجاناً.
واللُّجَيْنُ: الفضة، لا مكبرله جاء مُصغَّراً مثل الثُّرَيّا
والكُمَيْتِ؛ قال ابن جني: ينبغي أَن يكون إِنما أَلزموا التحقير هذا الاسم
لاستصغار معناه ما دام في تُرابِ مَعْدِنه فلزمه التخليص. وفي حديث العِرْباض:
بِعْتُ من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بَكْراً فأَتيته أَتقاضاه
ثمَنَه فقال: لا أَقضيكها إََِلا لُجَيْنِيَّةً؛ قال ابن الأَثير: الضمير في
أَقضيكها إِلى الدراهم، واللُّجَيْنِيَّة منسوبة إِلى اللُّجَينِ، وهو
الفضة. واللَّجِينُ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ قال أَبو وجزة:
كأَنَّ الناصعاتِ الغُرَّ منها،
إِذا صَرَفَتْ وقَطَّعَتِ اللَّجِينا
شبَّه لُغامها بلَجِين الخَطْمِيّ، وأَراد بالناصعات الغر أَنيابها.
لوط: لاط الحوْضَ بالطين لَوْطاً: طَيَّنه، والتاطَه: لاطَه لنفسه
خاصّة. وقال اللحياني: لاط فلان بالحوْض أَي طَلاه بالطِّين وملَّسه به، فعدّى
لاط بالباء؛ قال ابن سيده: وهذا نادِر لا أَعرفه لغيره إِلا أَن يكون من
باب مَدَّه ومَدَّ به؛ ومنه حديث ابن عباس في الذي سأَله عن مال يَتِيم
وهو والِيه أَيُصِيب من لبن إِبله؟ فقال: إِن كنت تَلُوط حَوْضَها
وتَهْنَأُ جَرْباها فأَصِبْ من رِسْلها؛ قوله تلُوط حوضَها أَراد باللَّوْطِ
تطيين الحوض وإِصْلاحَه وهو من اللُّصُوق؛ ومنه حيث أَشْراطِ الساعةِ:
ولتَقُومَن وهو يَلُوط حوضَه، وفي رواية: يَلِيطُ حوضَه. وفي حديث قتادة:
كانت بنو إِسرائيل يشربون في التِّيه ما لاطُوا أَي لم يصيبوا ماء سَيْحاً
إِنما كانوا يشربون مما يجمعونه في الحِياض من الآبار. وفي خُطبة علي، رضي
اللّه عنه: ولاطَها بالبِلَّةِ حتى لزَبَتْ. واسْتَلاطُوه أَي أَلزَقُوه
بأَنفسهم. وفي حديث عائشةَ في نكاح الجاهِليةِ: فالتاطَ به ودُعِيَ
ابنَه أَي التَصَق به. وفي الحديث: مَنْ أَحَبّ الدنيا التاطَ منها بثلاثٍ:
شُغُلٍ لا يَنْقَضي، وأَملٍ لا يُدْرَك، وحِرصٍ لا ينْقَطِع. وفي حديث
العباس: أَنه لاطَ لفلان بأَربعةِ آلافٍ فبعثه إِلى بَدْرٍ مكان نفسه أَي
أَلصَق به أَربعة آلاف.
ومنه حديث علي بن الحسين، رضي اللّه عنهما، في المُسْتَلاط: أَنه لا
يَرِثُ، يعني المُلْصَقَ بالرجل في النَّسب الذي وُلد لغير رِشْدةٍ. ويقال:
اسْتَلاطَ القومُ والطوه
(* قوله «والطوه» كذا بالأصل ولعله محرف عن
والتاطوا أَي التصق بهم الذنب.) إِذا أَذنبوا ذنوباً تكون لمن عاقبهم عذراً،
وكذلك أَعْذَروا. وفي الحديث: أَن الأَقْرعَ ابن حابِسٍ قال لعُيَيْنةَ
بن حِصْنٍ: بِمَ اسْتَلَطْتُم دَمَ هذا الرجل؟ قال: أَقْسَمَ منا خمسون
أَنَّ صاحبنا قتل وهو مُؤمن، فقال الأَقرع: فسأَلكم رسولُ اللّه، صلّى اللّ
عليه وسلّم، أَن تقبلوا الدِّيةَ وتَعْفُوا فلم تَقْبلوا وليُقْسِمنَّ
مائةٌ من تميم أَنه قتل وهو كافر؛ قوله بِمَ اسْتَلَطْتُم أَي استوجبتم
واسْتَحْققم، وذلك أَنهم لما استحقوا الدَّمَ وصار لهم كأَنهم أَلصقوه
بأَنفسهم. ابن الأَعرابي: يقال اسْتَلاطَ القوْمُ واستحَقُّوا وأَوْجَبُوا
وأَعذَروا ودنوا
(* قوله «ودنوا» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله ذبوا أي
دفعوا عمن يعاقبهم اللوم.) إِذا أَذْنَبُوا ذنموباً يكون لمن يعاقبهم
عُذر في ذلك لاستحقاقهم.
ولَوَّطَه بالطِّيب: لطَّخه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مُفَرَّكة أَزْرَى بها عندَ زوجِها،
ولوْ لَوَّطَتْه، هَيِّبانٌ مُخالِفُ
يعني بالهَيِّبانِ المُخالِف ولَده منها، ويروى عند أَهلها، فإِن كان
ذلك فهو من صفة الزوج كأَنه يقول أَزْرَى بها عند أَهلها منها هَيِّبانٌ.
ولاط الشيءَ لوطاً: أَخفاه وأَلصَقه. وشيء لَوْط: لازق وصف بالمصدر؛ أَنشد
ثعلب:
رَمَتْنِيَ مَيٌّ بالهَوَى رَمْيَ مُمْضَع
من الوَحْشِ لَوْطٍ، لم تَعُقْه الأَوالِس
(* قوله «الاوالس» سيأتي في
مضع الاوانس بالنون، وهي التي في شرح القاموس.)
الكسائي: لاطَ الشيءُ بقلبي يَلوطُ ويَلِيطُ. ويقال: هو أَلوطُ بقلبي
وأَليَطُ، وإِني لأَجد له في قلبي لَوْطاً ولَيْطاً، يعني الحُبَّ اللازِقَ
بالقلب. ولاط حُبُّه بقلبي يَلوط لَوْطاً: لَزِقَ. وفي حديث أَبي بكر،
رضي اللّه عنه، أَنه قال: إِنَّ عمر لأَحَبُّ الناس إِليَّ، ثم قال: اللهم
أَعَزُّ والولَدُ أَلْوَطُ؛ قال أَبو عبيد: قوله والولد أَلوطُ أَي
أَلصَقُ بالقلب، وكذلك كل شيء لَصِق بشيء، فقد لاطَ به يَلوط لَوْطاً،
ويَليطُ لَيْطاً ولِياطاً إِذا لَصِق به أَي الولد أَلصق بالقلب، والكلمة واوية
ويائية. وإِني لأَجِدُ له لَوْطاً ولَوْطةً ولُوطةً؛ الضمّ عن كراع
واللحياني، ولِيطاً، بالكسر، وقد لاطَ حُبُّه بقلبي يَلوطُ ويَلِيطُ أَي
لصِق. وفي حديث أَبي البَخْتَريّ: ما أَزْعُمُ أَنَّ عليّاً أَفضلُ من أَبي
بكر وعمر ولكن أَجد له من اللَّوْطِ ما لا أَجد لأَحد بعد النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم. ويقال للشيء إِذا لم يُوافِق صاحبَه: ما يَلْتاطُ؛ ولا
يَلْتاطُ هذا الأَمرُ بصَفَري أَي لا يَلْزَقُ بقلبي، وهو يَفْتَعِلُ من
اللَّوْطِ. ولاطَه بسهم وعين: أَصابه بهما، والهمز لغة. والْتاطَ ولداً
واسْتَلاطَه: اسْتَلْحَقَه؛ قال:
فهل كُنْتَ إِلاَّ بُهْثَةً إِسْتَلاطَها
شَقِيٌّ، من الأَقوامِ، وَغْدٌ مُلَحَّقُ؟
قطع أَلف الوصل للضرورة، وروي فاسْتَلاطَها. ولاط بحقه: ذهب به.
واللَّوْطُ: الرِّداء. يقال: انْتُقْ لَوْطَك في الغَزالةِ حتى يَجِفّ.
ولَوْطُه رِداؤه، ونَتْقُــه بَسْطُه. ويقال: لَبِسَ لَوْطَيْه.
واللَّوِيطةُ من الطعام: ما اختلط بعضه ببعض.
ولُوط: اسم النبي، صلّى اللّه على سيدنا محمد نبينا وعليه وسلّم. ولاطَ
الرجلُ لِواطاً ولاوطَ أَي عَمِل عَمَل قومِ لُوطٍ. قال الليث: لُوط كان
نبيّاً بعثه اللّه إِلى قومه فكذبوه وأَحدثوا ما أَحدثوا فاشتق الناس من
اسمه فعلاً لمن فَعَل فِعْلَ قومِه، ولوط اسم ينصرف مع العُجْمة
والتعريف، وكذلك نُوح: قال الجوهري: وإِنما أَلزموهما الصرف لأَن الاسم على ثلاثة
أَحرف أَوسطه ساكن وهو على غاية الخِفة فقاومت خِفَّتُه أَحد السببين،
وكذلك القياس في هِنْد ودَعْد إِلاَّ أَنهم لم يلزموا الصرف في المؤنث
وخيَّروك فيه بين الصرف وتركه.
واللِّياطُ: الرِّبا، وجمعه لِيطٌ، وهو مذكور في ليط، وذكرناه ههنا
لأَنهم قالوا إِنَّ أَصله لوط.
قفا: الأَزهري: القَفا ، مقصور ، مؤخر العُنق ، أَلفها واو والعرب
تؤنثها ، والتذكير أَعم . ابن سيده: القَفا وراء العنق أُنثى ؛ قال :
فَما المَوْلَى ، وإن عَرُضَت قَفاه ،
بأَحْمَل للمَلاوِمِ مِن حِمار
ويروى: للمَحامِد، يقول: ليس المولى وإن أَتَى بما يُحمَد عليه بأَكثر
من الحِمار مَحامِد. وقال اللحياني: القَفا يذكر ويؤنث ، وحَكَى عن
عُكْلٍ هذه قَفاً، بالتأْنيث، وحكى ابن جني المدّ في القَفا وليست بالفاشية؛
قال ابن بري: قال ابن جني المدّ في القفا لغة ولهذا جمع على أَقفِية؛
وأَنشد :
حتى إذا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ ،
سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه
فأَما قوله :
يا ابنَ الزُّبَير طالَ ما عَصَيْكا ،
وطالَ ما عَنَّيْتَنا إلَيْكا ،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
أَراد قَفاك ، فأَبدل الأَلف ياء للقافية ، وكذلك أَراد عَصَيْتَ ،
فأَبدل من التاء كافاً لأَنها أُختها في الهمس ، والجمع أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛
الأَخيرة عن ابن الأعرابي ، وهو على غير قياس لأنه جمعُ الممدود مثل سَماء
وأَسْمِيَةٍ، وأَقفاءٌ مثل رَحاً وأَرْحاء ؛ وقال الجوهري: هو جمع
القلة، والكثير قُفِيٌّ على فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛
الأَخيرة نادرة لا يوجبها القياس .
والقافِيَةُ: كالقَفا ، وهي أَقلهما . ويقال: ثلاثة أَقْفاء، ومن قال
أَقْفِية فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وقال أَبو حاتم: جمع القَفا
أَقْفاء، ومن قال أَقْفِية فقد أَخطأَ. ويقال للشيخ إذا هَرِمَ: رُدَّ على
قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قال الشاعر :
إن تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً ،
لا أَبْكِ مِنْكَ على دِينٍ ولا حَسَبِ
وفي حديث مرفوع: يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيةِ رأْس أَحدكم ثلاث
عُقَد، فإذا قام من الليل فَتَوَضَّأَ انحلت عُقْدة ؛ قال أَبو عبيدة: يعني
بالقافية القَفا. ويقولون :القَفَنُّ في موضع القَفا ، وقال: هي قافية
الرأْس .وقافِيةُ كل شيء: آخره، ومنه قافية بيت الشِّعْر ، وقيل قافية
الرأْس مؤخره، وقيل: وسطه؛ أَراد تَثْقِيلَه في النوم وإطالته فكأنه قد
شَدَّ عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد.
وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه
ولَصَيْتُه: رميته بالزنا. وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه ، وهو بالواو. ويقال:
قَفاً وقَفوان، قال: ولم أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بالعصا
واسْتَقْفَيْته: ضربت قفاه بها . وتَقَفَّيت فلاناً بعصا فضربته: جِئته من خَلْف
. وفي حديث ابن عمر: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فضربه بها حتى
قتله أَي أَتاه من قِبَل قفاه. وفي حديث طلحة: فوضعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ
أَي وضَعوا السيف على قَفاي ، قال: وهي لغة طائِية يشددون ياء المتكلم .
وفي حديث عمر ، رضي الله عنه، كتب إليه صحيفة فيها:
فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ
قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ
سَلْعٌ: جبل، وقَفاه: وراءه وخَلْفه.
وشاة قَفِيَّة: مذبوحة من قفاها، ومنهم من يقول قَفِينةٌ، والأَصل
قَفِيَّة، والنون زائدة؛ قال ابن بري: النون بدل من الياء التي هي لام الكلمة.
وفي حديث النخعي: سئل عمن ذبح فأَبان الرأْس، قال: تلك القَفِينة لا
بأْس بها؛ هي المذبوحة من قِبَل القَفا، قال: ويقال للقَفا القَفَنُ، فهي
فَعِيلة بمعنى مَفْعولة. يقال: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وقال أَبو
عبيدة
(* قوله« أَبو عبيدة» كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو
عبيد بدون هاء التأنيث.): هي التي يبان رأْسها بالذبح، قال: ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: ثم أَكون على قَفّانِه، عند من جعل النون أَصلية.
ويقال: لا أَفعله قَفا الدهر أَي أَبداً أَي طول الدهر وهو قَفا
الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها. والقَفَيُّ: القَفا.
وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. الليث:
القَفْوُ مصدر قولك قَفا يَقْفُو قَفْواً وقُفُوّاً، وهو أَن يتبع الشيء. قال
الله تعالى: ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلم؛ قال الفراء: أَكثر القراء
يجعلونها من قَفَوْت كما تقول لا تدع من دعوت، قال: وقرأَ بعضهم ولا تَقُفْ
مثل ولا تَقُلْ، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم؛
أَي لا تَتَّبِع ما لا تعلم، وقيل: ولا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأَيت ولم
تر، ولا علمت ولم تعلم، إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه
مسؤولاً. أَبو عبيد: هو يَقْفُو ويَقُوفُ ويَقْتافُ أَي يتبع الأَثر. وقال
مجاهد: ولا تقف ما ليس لك به علم لا تَرُمْ؛ وقال ابن الحنفية: معناه لا
تشهد بالزور. وقال أَبو عبيد: الأَصل في القَفْوِ والتَّقافي البُهْتان
يَرمي به الرجل صاحبه، والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْته مثل قاعَ الجمل
الناقة وقَعاها إِذا ركبها، ومثل عاثَ وعَثا. ابن الأَعرابي: يقال قَفَوْت
فلاناً اتبعت أَثره، وقَفَوْته أَقْفُوه رميته بأَمر قبيح. وفي نوادر
الأَعراب: قَفا أَثره أَي تَبِعَه، وضدُّه في الدعاء: قَفا الله أَثَره مثل
عَفا الله أَثَره. قال أَبو بكر: قولهم قد قَفا فلان فلاناً، قال أَبو
عبيد: معناه أَتْبَعه كلاماً قبيحاً. واقْتَفى أَثَره وتَقَفَّاه: اتبعه.
وقَفَّيْت على أَثره بفلان أَي أَتْبَعْته إِياه. ابن سيده: وقَفَّيْته
غيري وبغيري أَتْبَعْته إِياه. وفي التنزيل العزيز: ثم قَفَّينا على
آثارهم برُسُلنا؛ أَي أَتبعنا نوحاً وإِبراهيم رُسُلاً بعدهم؛ قال امرؤ القيس:
وقَفَّى على آثارِهِنَّ بحاصِبِ
أَي أَتْبَع آثارَهن حاصباً. وقال الحوفي: اسْتَقْفاه إِذا قَفا أَثره
ليَسْلُبَه؛ وقال ابن مقبل في قَفَّى بمعنى أَتى:
كَمْ دُونَها من فَلاةٍ ذاتِ مُطَّرَدٍ،
قَفَّى عليها سَرابٌ راسِبٌ جاري
أَي أَتى عليها وغَشِيَها. ابن الأَعرابي: قَفَّى عليه أَي ذهب به؛
وأَنشد:
ومَأْرِبُ قَفًى عليه العَرِمْ
والاسم القِفْوةُ، ومنه الكلام المُقَفَّى. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لي خمسة أَسماء منها كذا وأَنا المُقَفِّي، وفي حديث آخر: وأَنا
العاقب؛ قال شمر: المُقَفِّي نحو العاقب وهو المُوَلِّي الذاهب.
يقال: قَفَّى عليه أَي ذهبَ به، وقد قَفَّى يُقَفِّي فهو مُقَفٍّ،
فكأَنَّ المعنى أَنه آخِر الأَنبياءَ المُتَّبِع لهم، فإِذا قَفَّى فلا نبيَّ
بعده، قال: والمُقَفِّي المتَّبع للنبيين. وفي الحديث: فلما قَفَّى قال
كذا أَي ذهب مُوَلِّياً، وكأَنه من القَفا أَي أَعطاه قفاه وظهره؛ ومنه
الحديث: أَلا أُخبركم بأَشدَّ حرّاً منه يوم القيامة هَذَيْنِكَ الرجلين
المُقَفِّيَيْن أَي المُوَلِّيَين، والحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال: أَنا محمد وأَحمد والمُقَفِّي والحاشِر ونبيّ الرحْمة ونبي
المَلْحَمة؛ وقال ابن أَحمر:
لا تَقْتَفِي بهمُ الشمالُ إِذا
هَبَّتْ، ولا آفاقُها الغُبْرُ
أَي لا تُقِيم الشمال عليهم، يريد تُجاوِزهم إِلى غيرهم ولا تَستَبِين
عليهم لخِصْبهم وكثرة خَيرهم؛ ومثله قوله:
إِذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَومٍ،
تَجَنَّبَ دارَ بيتِهمُ الشِّتاءُ
أَي لا يظهر أَثر الشتاء بجارهم. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه، في الاسْتسقاءِ: اللهم إِنا نتقــرب إِليك بعمِّ نبيك وقَفِيَّةِ
آبائه وكُبْر رجاله؛ يعني العباس. يقال: هذا قَفِيُّ الأَشياخ وقَفِيَّتُهم
إِذا كان الخَلَف منهم، مأْخوذ من قَفَوْت الرجل إِذا تَبِعْتَه، يعني
أَنه خَلَفُ آبائه وتِلْوهم وتابعهم كأَنه ذهب إِلى استسقاء أَبيه عبد
المطلب لأَهل الحرمَين حين أَجْدَبوا فسقاهم الله به، وقيل: القَفِيَّةُ
المختار. واقْتفاه إِذا اختاره. وهو القِفْوةُ: كالصِّفْوة من اصْطَفى، وقد
تكرر ذلك القَفْو والاقْتفاء في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً. ابن سيده:
وفلان قَفِيُّ أَهله وقَفِيَّتُهم أَي الخلف منهم لأَنه يَقْفُو آثارهم في
الخير. والقافية من الشعر: الذي يقفو البيت، وسميت قافية لأَنها تقفو
البيت، وفي الصحاح: لأَن بعضها يتبع أَثر بعض. وقال الأَخفش: القافية آخر
كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأَنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم
قافية دليل على أَنها ليست بحرف لأَن القافية مؤنثة والحرف مذكر، وإن
كانوا قد يؤنثون المذكر، قال: وهذا قد سمع من العرب، وليست تؤخذ الأَسماء
بالقياس، أَلا ترى أَن رجلاً وحائطاً وأَشباه ذلك لا تؤخذ بالقياس إِنما
ينظر ما سمته العرب، والعرب لا تعرف الحروف؟ قال ابن سيده: أَخبرني من أَثق
به أَنهم قالوا لعربي فصيح أَنشدنا قصيدة على الذال فقال: وما الذال؟
قال: وسئل بعض العرب عن الذال وغيرها من الحروف فإِذا هم لا يعرفون الحروف؛
وسئل أَحدهم عن قافية:
لا يَشْتَكينَ عَمَلاً ما أَنْقَيْنْ
فقال: أَنقين؛ وقالوا لأَبي حية: أَنشدنا قصيدة على القاف فقال:
كَفى بالنَّأْيِ من أَسماء كاف
فلم يعرف القاف. قال محمد بن المكرّم: أَبو حية، على جهله بالقاف في هذا
كما ذكر، أَفصح منه على معرفتها، وذلك لأَنه راعى لفظة قاف فحملها على
الظاهر وأَتاه بما هو على وزن قاف من كاف ومثلها، وهذا نهاية العلم
بالأَلفاظ وإِن دق عليه ما قصد منه من قافية القاف، ولو أَنشده شعراً على غير
هذا الروي مثل قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ
ومثل قوله:
لِخَوْلةَ أَطْلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ
(* قوله« ببرقة» هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في تمهد بالفتح خطأ.)
كان يعد جاهلاً وإِنما هو أَنشده على وزن القاف، وهذه معذرة لطيفة عن
أَبي حية، والله أَعلم. وقال الخليل: القافية من آخر حرف في البيت إِلى
أَوّل ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن، ويقال مع المتحرك الذي قبل
الساكن كأَن القافية على قوله من قول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
من فتحة القاف إِلى آخر البيت، وعلى الحكاية الثانية من القاف نفسها
إِلى آخر البيت؛ وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو
المسمى رَوِيّاً؛ وقال ابن كيسان: القافية كل شيء لزمت إِعادته في آخر البيت،
وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه؛ قال ابن جني: والذي يثبت
عندي صحته من هذه الأَقوال هو قول الخليل؛ قال ابن سيده: وهذه الأَقوال
إِنما يخص بتحقيقها صناعة القافية، وأَما نحن فليس من غرضنا هنا إِلا أَن
نعرّف ما القافية على مذهب هؤلاء من غير إسهاب ولا إطناب؛ وأَما ما حكاه
الأَخفش من أَنه سأَل من أَنشد:
لا يشتكين عملاً ما أَنقين
فلا دلالة فيه على أَن القافية عندهم الكلمة، وذلك أَنه نحا نحو ما
يريده الخليل، فلَطُف عليه أَن يقول هي من فتحة القاف إِلى آخر البيت فجاء
بما هو عليه أَسهل وبه آنَس وعليه أَقْدَر، فذكر الكلمة المنطوية على
القافية في الحقيقة مجازاً، وإِذا جاز لهم أَن يسموا البيت كله قافية لأَن في
آخره قافية، فتسميتهم الكلمة التي فيها القافية نفسها قافية أَجدر
بالجواز، وذلك قول حسان:
فَنُحْكِمُ بالقَوافي مَن هَجانا،
ونَضْرِبُ حينَ تخْتَلِطُ الدِّماءُ
وذهب الأَخفش إِلى أَنه أَراد هنا بالقوافي الأَبيات؛ قال ابن جني: لا
يمتنع عندي أَن يقال في هذا إِنه أَراد القصائد كقول الخنساء:
وقافِيةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا
نِ تَبْقى، ويَهْلِك مَن قالَها
تعني قصيدة والقافية القصيدة؛ وقال:
نُبِّئْتُ قافِيةً قيلَتْ، تَناشَدَها
قَوْمٌ سأَتْرُك في أَعْراضِهِمْ نَدَبا
وإِذا جاز أَن تسمى القصيدة كلها قافية كانت تسمية الكلمة التي فيها
القافية قافية أجدر، قال: وعندي أَن تسمية الكلمة والبيت والقصيدة قافية
إِنما هي على إِرادة ذو القافية، وبذلك خَتَم ابن جني رأْيه في تسميتهم
الكلمة أَو البيت أَو القصيدة قافية. قال الأَزهري: العرب تسمي البيت من
الشِّعر قافية وربما سموا القصيدة قافية. ويقولون: رويت لفلان كذا وكذا
قافية. وقَفَّيْتُ الشِّعر تَقْفِية أَي جعلت له قافية.
وقَفاه قَفْواً: قَدَفه أَو قَرَفَه، وهي القِفْوةُ، بالكسر. وأَنا له
قَفِيٌّ: قاذف. والقَفْوُ القَذْف، والقَوْفُ مثل القفْو. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: نحن بنو النضر بن كِنانة لا نَقْذِفُ أَبانا ولا نقْفُو
أُمنا؛ معنى نقفو: نقذف، وفي رواية: لا نَنْتَفي عن أَبينا ولا نَقْفُو
أُمنا أَي لا نتهمها ولا نقذفها. يقال: قَفا فلان فلاناً إِذا قذفه بما
ليس فيه، وقيل: معناه لا نترك النَّسَب إِلى الآباءِ ونَنْتَسب إِلى
الأُمهات. وقَفَوْت الرجل إِذا قذفته بفُجور صريحاً. وفي حديث القاسم بن محمد:
لا حَدَّ إِلا في القَفْوِ البيّن أَي القذف الظاهر. وحديث حسان بن
عطية: من قَفا مؤمناً بما ليس فيه وقَفَه الله في رَدْغةِ الخَبال. وقَفَوْت
الرجل أَقْفُوه قَفْواً إِذا رميته بأَمر قبيح. والقِفْوةُ: الذنب. وفي
المثل: رُبَّ سامع عِذْرَتي لم يَسمَع قِفْوتي؛ العِذْرةُ: المَعْذِرةُ،
أَي رب سامع عُذْري لم يَسمع ذَنبي أَي ربما اعتذرت إِلى من لم يعرف ذنبي
ولا سمع به وكنت أَظنه قد علم به. وقال غيره: يقول ربما اعتذرت إِلى رجل
من شيء قد كان مني إِلى مَنْ لم يبْلُغه ذنبي. وفي المحكم: ربما اعتذرت
إِلى رجل من شيء قد كان مني وأَنا أَظن أَنه قد بلغه ذلك الشيء ولم يكن
بلغه؛ يضرب مثلاً لمن لا يحفظ سره ولا يعرف عيبه، وقيل: القِفْوة أَن تقول
في الرجل ما فيه وما ليس فيه.
وأَقفى الرجلَ على صاحبه: فضَّله؛ قال غيلان الربعي يصف فرساً:
مُقْفًى على الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء
والقَفِيَّةُ: المَزِيَّة تكون للإِنسان على غيره، تقول: له عندي
قَفِيَّةٌ ومزية إِذا كانت له منزلة ليست لغيره. ويقال: أَقْفَيته ولا يقال
أَمْزَيته، وقد أَقْفاه. وأَنا قَفِيٌّ به أَي حَفِيٌّ، وقد تَقَفَّى به.
والقَفِيُّ: الضَّيْف المُكْرَم. والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: الشيء الذي
يُكْرَم به الضيْفُ من الطعام، وفي التهذيب: الذي يكرم به الرجل من الطعام،
تقول: قَفَوْته، وقيل: هو الذي يُؤثر به الضيف والصبي؛ قال سلامة بن جندل
يصف فرساً:
ليس بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ،
يُسْقى دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب
وإِنما جُعِل اللبنُ دواء لأَنهم يُضَمِّرون الخيل بسَقْي اللبن
والحَنْذ، وكذلك القَفاوة، يقال منه: قَفَوْته به قَفْواً وأَقْفَيته به أَيضاً
إِذا آثَرْته به. يقال: هو مُقْتَفًى به إِذا كان مُكْرَماً، والاسم
القِفْوة، بالكسر، وروى بعضهم هذا البيت دِواء، بكسر الدال، مصدر داويته،
والاسم القَفاوة. قال أَبو عبيد: اللبن ليس باسم القَفِيِّ، ولكنه كان
رُفِعَ لإِنسان خص به يقول فآثرت به الفرس. وقال الليث: قَفِيُّ السَّكْنِ
ضَيْفُ أَهل البيت. ويقال: فلان قَفِيٌّ بفلان إِذا كان له مُكْرِماً. وهو
مُقْتَفٍ به أَي ذو لُطْف وبِرّ، وقيل: القَفِيُّ الضَّيف لأَنه يُقْفَى
بالبِر واللطف، فيكون على هذا قَفِيّ بمعنى مَقْفُوّ، والفعل منه قَفَوته
أَقْفُوه. وقال الجعدي: لا يُشِعْن التَّقافِيا؛ ويروى بيت الكميت:
وباتَ وَلِيدُ الحَيِّ طَيَّانَ ساغِباً،
وكاعِبُهمْ ذاتُ القَفاوَةِ أَسْغَبُ
أَي ذات الأُثْرَة والقَفِيَّةِ؛ وشاهد أَقْفَيْتُه قول الشاعر:
ونُقْفِي وَلِيدَ الحيّ إِن كان جائعاً،
ونُحْسِبُه إِن كان ليس بجائعِ
اي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي. ويقال: أَعطيته القَفاوة، وهي حسن
الغِذاء. واقْتَفى بالشيء: خَص نفسه به؛ قال:
ولا أَتَحَرَّى وِدَّ مَن لا يَودُّني،
ولا أَقْتَفِي بالزادِ دُون زَمِيلِي
والقَفِيَّة: الطعام يُخص به الرجل. وأَقفاه به: اخْتصَّه. واقْتَفَى
الشيءَ وتَقَفَّاه: اختاره، وهي القِفْوةُ، والقِفْوةُ: ما اخترت من شيء.
وقد اقْتَفَيْت أَي اخترت. وفلان قِفْوَتي أَي خيرتي ممن أُوثره. وفلان
قِفْوَتي أَي تُهَمَتي، كأَنه من الأَضداد، وقال بعضهم: قِرْفتي.
والقَفْوة: رَهْجة تثور عند أَوّل المطر.
أَبو عمرو: القَفْو أَن يُصيب النبتَ المطرُ ثم يركبه التراب فيَفْسُد.
أَبو زيد: قَفِئَت الأَرضُ قَفْأً إِذا مُطِرت وفيها نبت فجعل المطرُ على
النبت الغُبارَ فلا تأْكله الماشية حتى يَجْلُوه الندى. قال الأَزهري:
وسمعت بعض العرب يقول قُفِيَ العُشب فهو مَقْفُوٌّ، وقد قفاه السَّيل،
وذلك إِذا حَمل الماءُ الترابَ عليه فصار مُوبِئاً.
وعُوَيْفُ القَوافي: اسم شاعر، وهو عُوَيْفُ بنُ معاوية بن عُقْبة بن
حِصْن بن حذيفة بن بدر.
والقِفْيةُ: العيب؛ عن كراع. والقُفْية: الزُّبْيةُ، وقيل: هي مثل
الزبية إِلا أَن فوقها شجراً، وقال اللحياني: هي القُفْيةُ والغُفْيةُ.
والقَفِيَّةُ: الناحية؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأَقْبَلْتُ حتى كنتُ عند قَفِيَّةٍ
من الجالِ، والأَنُفاسُ مِنِّي أَصُونُها
أَي في ناحية من الجال وأَصون أَنفاسِي لئلا يُشعَر بي.
نتم: الانْتِتامُ: الانْفِجارُ بالقبيح والسبِّ. وانْتَتَمَ فلانٌ على
فلانٍ بقولِ سوءٍ أَي انفَجَرَ بالقول القبيح، كأَنه افْتَعَل من نَتَم،
كما تقول مِنْ نَتَل انتَتَل، ومِن نَتَقَ انتَتَقَ، على افتعل؛ وأَنشد
أَبو عمرو لمنظور الأَسدي:
قد انتَتَمتْ علَيَّ بقَوْلِ سُوءٍ
بُهَيْصِلةٌ، لها وَجْهٌ ذَمِيمُ
حَليلةُ فاحِشٍ وأْنٍ بَئِيلٍ،
مُزَوْزِكَةٌ، لها حَسَبٌ لَئِيمُ
يقال: ضَئيلٌ بَئِيلٌ أَي قَبيح، والمُزَوْزِكة: التي إِذا مشَتْ
أَسْرَعت وحركت أَلْيَتَيْها، قال أَبو منصور: لا أَدري انتَثَمتْ، بالثاء، أَو
انتَتَمتْ، بتاءَين، قال: والأَقرب أَنه مِن نَثَمَ يَنْثِمُ لأَنه
أَشبه بالصواب، قال: ولا أَعرفُ واحداً منهما. وقال الأَصمعي: امرأَة
وَأْنَةٌ إِذا كانت مقاربة الخَلْق.