Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=20644#ca9b06
(فَيَأَ)قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الفَيْء» فِي الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِلَافِ تَصَرُّفه، وَهُوَ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ حَرْب وَلَا جِهاد. وأصْل الفَيْء: الرُّجُوعُ. يُقَالُ: فَاءَ يَفِيءُ فِئَةً وفُيُوءاً، كَأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ لَهُمْ فرَجَع إِلَيْهِمْ. وَمِنْهُ قِيلَ للظِّل الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ: فَيْء، لِأَنَّهُ يَرْجع مِنْ جَانِبِ الغَرْب إِلَى جَانِبِ الشَّرق.(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بابْنَتين لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَاتَانِ ابْنَتَا فُلَانٍ، قُتل مَعَكَ يَوْمَ أحُد، وَقَدِ اسْتَفَاءَ عمُّهما مَالَهُمَا وميراثَــهُما» أَيِ اسْتَرْجَع حَقَّهما مِنَ الْــمِيرَاثِ وجَعله فَيْئاً لَهُ. وَهُوَ اسْتَفْعَلَ، مِنَ الفَيْء.(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فَلَقَدْ رأيْتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانهما» أَيْ نأخُذها لأنفُسِنا ونَقْتسم بِهَا.(س) وَفِيهِ «الفَيْء عَلَى ذِي الرَّحم» أَيِ العَطْف عَلَيْهِ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ بالْبِّر.(هـ) وَفِيهِ «لَا يَلِيَنَّ مُفَاءٌ عَلَى مُفِيء» المُفَاء: الَّذِي افتْتُحِتَ بَلْدَتُهُ وكُورَته فَصَارَتْ فَيْئاً لِلْمُسْلِمِينَ. يُقَالُ: أَفَأْتُ كَذَا: أَيْ صَيَّرْتُه فَيْئاً، فَأَنَا مُفِيء، وَذَلِكَ الشيءُ مُفَاء، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَلِيَنَّ أحدٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ افْتَتَحُوه عَنْوة.وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَتْ عَنْ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا عَدا سَوْرَةً مِنْ حَدٍّ تُسْرِع مِنْهَا الفِيئَة» الفِيئَة، بوَزن الْفِيعَةِ: الْحَالَةُ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يَكُونُ قَدْ لَابَسَهُ الْإِنْسَانُ وباشَره.
وَفِيهِ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْع، مِنْ حَيْثُ أتَتها الريحُ تُفَيِّئُها» أَيْ تحَرّكها وتُمِيُلها يَمِينًا وشِمالا.
(س) وفيه «إذا رأيتم الفَيْء على رؤوسهنّ، يَعْنِي النِّسَاءَ، مثلَ أسْنمة البُخْت فأعْلِموهنّ أَنَّ الله لا يَقْبل لهن صلاة» شَبَّه رؤوسَهن بأسْنِمة البُخت، لِكَثْرَةِ مَا وصلْنَ بِهِ شُعُورَهُنَّ حَتَّى صَارَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُفَيِّئُها: أَيْ يُحَرّكها خُيَلاءَ وعُجْبا.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكلَّمه، ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى تَفْيِئَة ذَلِكَ» أَيْ عَلَى أثَره. وَمِثْلُهُ: تَئِيفَةِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ، وَتَاؤُهُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَزِيدَةً أَوْ أصْلية.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «فَلَا تَكُونُ مَزِيدَةً والْبِنْية كَمَا هِيَ مِنْ غَيْرِ قَلْب ، فَلَوْ كَانَتِ التَّفْيِئَة تَفْعلةً مِنَ الفَيْء لخَرجتْ عَلَى وَزْن تَهْنِئة ، فَهِيَ إِذًا لَوْلا القلبُ: فَعِيلة، وَلَكِنَّ الْقَلْبَ عَنِ التّئِيفة هُوَ الْقَاضِي بِزِيَادَةِ التَّاءِ» ، فَتَكُونُ تَفْعِلة. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا أَيْضًا فِي حَرْفِ التَّاءِ.