Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مفروض

السّير

(السّير) من الْجلد وَنَحْوه مَا يقد مِنْهُ مستطيلا (ج) سيور وأسيار وسيورة
السّير: بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي جمع السِّيرَة وَهِي الْحَالة من السّير كالجلسة وَالركبَة للجلوس وَالرُّكُوب ثمَّ نقلت إِلَى معنى الطَّرِيقَة وَالْمذهب ثمَّ غلبت فِي الشَّرْع على أُمُور الْمَغَازِي - وَقَالَ الْفُقَهَاء كتاب السّير وَإِنَّمَا سموا الْكتاب بذلك لِأَنَّهُ يجمع سير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وطرقه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي مغازيه وسير أَصْحَابه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَمَا نقل عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذَلِك.
السّير:
[في الانكليزية] Biographies ،conducts ،manner of dealing with others ،life of the prophet Mohammed
[ في الفرنسية] Biograplies ،conduites ،maniere de traiter les autres ،vie du prophete Mahomet
بكسر الأول وفتح الثاني جمع سيرة.
والسيرة هي اسم من السير ثم نقلت إلى الطريقة ثم غلبت في الشرع على طريقة المسلمين في المعاملة مع الكافرين والباغين وغيرهما من المستأمنين والمرتدّين وأهل الذّمة كذا في البرجندي وجامع الرموز. وفي فتح القدير السّير غلب في عرف الشرع على الطريق المأمور به في غزو الكفار. وفي الكفاية السّير جمع سيرة وهي الطريقة في الأمور، في الشرع يختصّ بسير النبي عليه السلام في المغازي. وفي المنشور السير جمع سيرة. وقد يراد بها قطع الطريق، وقد يراد بها السّنّة في المعاملات. يقال سار أبو بكر رضي الله عنها بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وسمّيت المغازي سيرا لأنّ أول أمورها السّير إلى الغزو، وأنّ المراد بها في قولنا كتاب السّير سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة والأنصار والكفار. وذكر في المغرب أنّها غلبت في الشرع على أمور المغازي وما يتعلّق بها كالمناسك على أمور الحج انتهى.
السّير:
[في الانكليزية] Itinerary ،path ،walk ،progression
[ في الفرنسية] Itineraire ،route ،marche ،cheminement
بالفتح وسكون الياء عند أهل التصوّف وأهل الوحدة يطلق بالاشتراك على معنيين:
وأورد في مجمع السّلوك في بيان معنى السّلوك قال: السّير نوعان: سير إلى الله وسير في الله.
فالسّير إلى الله له نهاية. وأهل التصوف يقولون:
السّير إلى الله هو أن يسير السّالك حتى يعرف الله، وإذ ذاك يتمّ السّير. ثم يبتدئ السّير في الله، وعليه فالسّير إلى الله له غاية ونهاية. وأمّا السّير في الله فلا نهاية له. وأهل الوحدة يقولون: السّير إلى الله هو أن يسير السّالك إلى أن يدرك درجة اليقين بأنّ الوجود واحد ليس أكثر. وليس ثمّة وجود إلّا لله، وهذا لا يحصل إلّا بعد الفناء وفناء الفناء. والسّير في الله عند أهل التصوف هو أنّ السّالك بعد معرفته لربه يسير مدّة حتى يدرك بأنّ جميع صفات الله وأسمائه وعلمه وحكمته كثيرة جدا، بل هي بلا نهاية، وما دام حيا فهو دائم في هذا العمل.
وأمّا لدى أهل الوحدة فهو أنّ السّالك بعد إتمام سيره إلى الله يستمرّ في سيره مدّة حتى يدرك جميع الحكم في جواهر الأشياء كما هي ويراها.

ويقول بعضهم: السّير في الله غير ممكن.
ذلك لأنّ العمر قليل، بينما علم الله وحكمته لا تحصى، وبعضهم يقول: بل هو ممكن، وذلك أنّ البشر متفاوتون من حيث استعدادهم، فبعضهم لمّا كان قويا فيمكنه أن يدرك جميعها، انتهى.
وفي حاشية جدي على حاشية البيضاوي في تفسير سورة الفاتحة: اعلم أنّ المحققين قالوا إنّ السفر سفران: سفر إلى الله وهو متناه لأنّه عبارة عن العبور على ما سوى الله، وإذا كان ما سوى الله متناهيا فالعبور عليه متناه.
وسفر في الله وهو غير متناه لأنّ نعوت جماله وجلاله غير متناهية لا يزال العبد يترقّى من بعضها إلى بعض. وهذا أول مرتبة حقّ اليقين كذا قال الفاضل. وفي توضيح المذاهب يقول:
ينتهي السّير إلى الله حينما يقطع السّالك بادية الوجود بقدم الصّدق مرّة واحدة، وحينئذ يتحقّق السّير في الله حيث إنّ الله سبحانه يتفضّل على عبده به بعد ما فني فناء مطلقا عن ذاته، وتطهّر من زخارف الدنيا، حتى يترقّى بعد ذلك إلى عالم الاتصاف بالأوصاف الإلهية، ويتخلّق بالأخلاق الرّبّانيّة.
وعند الأصوليين وأهل النظر هو من مسالك إثبات العلّة ويسمّى بالسير والتقسيم أيضا وبالتقسيم أيضا وبالترديد أيضا. فالتسمية بالسير فقط أو بالتقسيم فقط أو بالترديد فقط إمّا تسمية الكلّ باسم الجزء وإمّا اكتفاء عن التعبير عن الكلّ بذكر الجزء، كما تقول قرأت ألم وتريد سورة مسماة بذلك، ويفسّر بأنّه حصر الأوصاف الموجودة في الأصل الصالحة للعليّة في عدد ثم إبطال علّية بعضها لتثبت علّية الباقي. وعند التحقيق الحصر راجع إلى التقسيم والسّير إلى الإبطال. وحاصله أن تتفحّص أولا أوصاف الأصل أي المقيس عليه. ويردّد بأنّ علّة الحكم فيه هل هذه الصفة أو تلك أو غير ذلك ثم تبطل ثانيا علّة كلّ صفة من تلك الصفات حتى يبقى وصف واحد، فيستقر ويتعيّن للعلّية.
فيستفاد من تفحّص أوصاف الأصل وترديدها لعلّية الحكم وبطلان الكلّ دون واحد منها أنّ هذا الوصف علّة للحكم دون الأوصاف الباقية، كما يقال علّة حرمة الخمر إمّا الاتخاذ من العنب، أو الميعان، أو اللون المخصوص، أو الطعم المخصوص، أو الريح المخصوص، أو الإسكار. لكنّ الأول ليس بعلّة لوجوده في الدّبس بدون الحرمة، وكذلك البواقي ما سوى الإسكار، فتعيّن الإسكار لعلّية الحرمة في الخمر، هكذا في شرح التهذيب لعبد الله اليزدي.
فإن قيل الــمفروض أنّ الأوصاف كلّها صالحة لعلّية ذلك الحكم والإبطال نفي لذلك، لأنّ معناه بيان عدم صلوح البعض فتناقض. قلنا المراد بصلوح الكلّ صلوحه في بادئ الرأي وبعدم صلوح البعض عدمه بعد التأمّل والتفكّر فلا تناقض. وبالجملة فالسير والتقسيم هو حصر الأوصاف الصالحة للعلّية في بادئ الرأي ثم إبطال بعضها بعد النظر والتأمّل، كما تقول في قياس الذرة على البرّ في الربوية بحثت عن أوصاف البرّ فما وجدت ثمة علّة للربوية في بادئ الرأي إلّا الطّعم أو القوت أو الكيل، لكن الطّعم أو القوت لا يصلح لذلك عند التأمّل فتعيّن الكيل، لأنّ الأشياء التي يوجد فيها الطعم والتي يحصل منها القوت من أعظم وجوه المنافع لأنها أسباب بقاء الحيوان ووسائل حياة النفوس، فالسبيل في أمثالها الإطلاق بأبلغ الوجوه والإباحة بأوسع طرائق التحصيل لشدة الاحتياج إليها وكثرة المعاملات فيها دون التضييق فيها، لقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقوله تعالى وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقوله عليه السلام لعليّ ومعاذ حين أرسلهما إلى اليمن:
«يسّرا ولا تعسّرا»، والقول المجتهدين والمشقّة تجلب التيسير، هكذا في الهداية وحواشيه. وهناك مقامان أحدهما بيان الحصر ويكفي في ذلك أن يقول بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف ويصدّق لأنّ عدالته وتدينه مما يغلب ظنّ عدم غيره، إذ لو وجد لما خفي عليه، أو لأصن الأصل عدم الغير، وحينئذ للمعترض أن يبين وصفا آخر، وعلى المستدل أن يبطل علّيته، وإلّا لما ثبت الحصر الذي ادّعاه، وثانيهما إبطال علية بعض الأوصاف ويكفي في ذلك أيضا الظنّ وذلك بوجوه: الأول الإلغاء وهو بيان أنّ الحكم بدون هذا الوصف موجود في الصورة الفلانية فلو استقلّ بالعلّية لانتفى الحكم بانتفائه. والثاني كون الوصف طرديا أي من جنس ما علم إلغاؤه مطلقا في الشرع كالاختلاف الطول والقصر، أو بالنسبة إلى الحكم المبحوث عنه كالاختلاف بالمذكورة والأنوثة في العتق. والثالث عدم ظهور المناسبة فيكفي للمستدلّ أن يقول بحثت فلم أجد له مناسبة ويصدّق في ذلك لعدالته. والحنفية لا يتمسّكون بهذا المسلك ويقولون الترديد إن لم يكن حاصرا لا يقبل وإن كان حاصرا بأن يثبت عدم علّية غير هذه الأشياء التي ورد فيها بالإجماع مثلا بعد ما ثبت تعليل هذا النص يقبل كإجماعهم عل أنّ العلّة للولاية إمّا الصّغر أو البكارة، فهذا إجماع على نفي ما عداهما. هذا كله خلاصة ما في التلويح والعضدي وحواشيهما.

صرف الْقُدْرَة

صرف الْقُدْرَة: هُوَ الَّذِي يُفَسر بِهِ الْكسْب وَصرف العَبْد قدرته عبارَة عَن جعل العَبْد قدرته مُتَعَلقَة بصدور الْفِعْل وَهَذَا الصّرْف يحصل بِسَبَب تعلق إِرَادَة العَبْد بِالْفِعْلِ لَا بِمَعْنى أَنه سَبَب مُؤثر فِي حُصُول ذَلِك الصّرْف إِذْ لَا مُؤثر إِلَّا الله تَعَالَى بل بِمَعْنى أَن تعلق الْإِرَادَة يصير سَببا عاديا لِأَن يخلق الله تَعَالَى فِي العَبْد قدرَة مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ لَو كَانَت مُسْتَقلَّة فِي التَّأْثِير لَا وجد الْفِعْل. وَمن هَا هُنَا علم أَن صرف الْقُدْرَة عبارَة عَن الْجعل الْمَذْكُور وَإِن صرف الْقُدْرَة مغائر لصرف الْإِرَادَة. وَقيل إِن صرف الْقُدْرَة عبارَة عَن قصد اسْتِعْمَالهَا وَذَلِكَ الْقَصْد غير صرف الْإِرَادَة الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الْقَصْد الَّذِي تحدث عِنْده الْقُدْرَة كَمَا قَالُوا فِي بَيَان الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل من أَن الْقُدْرَة صفة يخلقها الله تَعَالَى عِنْد قصد اكْتِسَاب الْفِعْل وَهَذَا الْقَائِل اسْتدلَّ على الْمُغَايرَة بَينهمَا بِأَن صرف الْقُدْرَة مُتَأَخّر بِالذَّاتِ عَن وجودهَا لِأَن قصد اسْتِعْمَالهَا فرع كَونهَا مَوْجُودَة وَوُجُود الْقُدْرَة مُتَأَخّر بِالذَّاتِ عَن قصد الِاكْتِسَاب لِأَنَّهُ سَبَب عادي لخلق الْقُدْرَة والمتقدم غير الْمُتَأَخر إِذْ لَو كَانَ عينه لزم تقدم الشَّيْء على نَفسه. وَلَا يخفى أَن مَا ذكره صَاحب القيل من معنى صرف الْقُدْرَة ومغايرته لصرف الْإِرَادَة لَيْسَ بِصَحِيح - أما عدم صِحَة كَون صرف الْقُدْرَة بِمَعْنى قصد اسْتِعْمَالهَا فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن يُوجد الْقُدْرَة فِي العَبْد وَلَا يكون مُسْتَعْملا لِأَن اسْتِعْمَالهَا مَوْقُوف على وفاسق وَقد يسْتَعْمل مرادفا للنعت الْمَذْكُور فِي مَحَله.
وَاعْلَم أَن الْمحل إِذا كَانَ وَاحِدًا من جَمِيع الْجِهَات تكون صِفَاته المتعددة متنوعة ضَرُورَة أَن اخْتِلَاف أشخاص نوع وَاحِد من الصِّفَات إِنَّمَا هُوَ باخْتلَاف الْمحَال والــمفروض أَن الْمحل وَاحِد من جَمِيع الْجِهَات. وَقد يُرَاد بِصفة الشَّيْء مَا هُوَ دَاخل فِيهِ وركنه أَلا ترى أَن صَاحب كنز الدقائق قَالَ بَاب صفة الصَّلَاة وَذكر فِيهِ التَّحْرِيمَة وَالْقِيَام وَالْقِرَاءَة وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ دَاخل فِي الصَّلَاة. وَالْفرق بَين شُرُوط الصَّلَاة وصفاتها مَعَ أَنَّهَا مَوْقُوفَة عَلَيْهِمَا أَن شُرُوطهَا خَارِجَة عَنْهَا وصفاتها داخلية فِيهَا. فَإِن قيل إِن التَّحْرِيمَة خَارِجَة عَنْهَا، قُلْنَا نعم، لَكِن إِنَّمَا عدت التَّحْرِيمَة من فَرَائض الصَّلَاة أَي صفاتها وأركانها لِأَنَّهَا مُتَّصِلَة بالأركان فألحقت بهَا على أَنَّهَا عِنْد بعض أَصْحَابنَا دَاخِلَة فِيهَا وركن من أَرْكَانهَا حَقِيقَة فَافْهَم واحفظ.

الدَّهْر

(الدَّهْر) مُدَّة الْحَيَاة الدُّنْيَا كلهَا وَالزَّمَان الطَّوِيل وَالزَّمَان قل أَو كثر وَألف سنة وَمِائَة ألف سنة والنازلة والهمة والإرادة والغاية وَيُقَال مَا دهري بِكَذَا وَمَا دهري كَذَا مَا همي وغايتي وَالْعَادَة وَالْغَلَبَة (ج) أدهر ودهور وَيُقَال كَانَ ذَلِك دهر النَّجْم حِين خلق الله النُّجُوم أول الزَّمَان وَفِي الْقَدِيم

(الدَّهْر) الدَّهْر (ج) أدهار
الدَّهْر: وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت سرمد، وَكَون الزَّمَان بكله مَوْجُود فِي الدَّهْر والسرمد من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال مستبعد عِنْد المبتدئين. فلتوضيحه يَكْفِي مَا قَالَه جلال الْعلمَاء والمدققين الدواني رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي شرح رباعياته فِي تَحْقِيق علم الله تَعَالَى وَكَلَامه وَالْإِشَارَة إِلَى حل الإشكالات الَّتِي تتراءى فِي قدمهَا:
(فِي علم الْحق سُبْحَانَهُ وَكَلَامه يَا أهل الْكَمَال ... )
(إِذا أَحْسَنت وامعنت النّظر فَإنَّك لَا تَجِد إشْكَالًا ... )
(هُنَا كل الْمَاضِي والمستقبل وَالْحَال وَهنا حَيْثُ ... )
(جَمِيع الْكَوْن فَكيف يكون الْعَدَم ... )
وَفِي الْعلم الإلهي وَالْكَلَام الرباني فَإِن السالكين المسالك النظرية والشهورية يشتبهون حِين يقررون الشّبَه فِي علم اللدني، معتبرين أَن علمه قديم ومتعلق بالحوادث الْأَمر الَّذِي يُوجب التَّغَيُّر فِي علمه فَإِذا كَانَ زيد قَائِما وَهُوَ عَالم بقيامه وَإِذا تبدل هَذَا الْقيام إِلَى الْقعُود، فَإِذا بَقِي علمه وَاقِفًا على الْقيام يصبح الْعلم الإلهي جهلا، وَإِذا تغير وتحول إِلَى الْعلم بالقعود فَإِن تبدلا قد حدث فِي علم الله، تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَأَيْضًا إِن الله عَالم بالحوادث الآتيه مُنْذُ الْأَزَل. فَإِذا كَانَ الْعلم على هَذَا الْوَجْه إِلَى أَنهم موجودون، فَهَذَا خلاف الْوَاقِع، وَإِذا كَانَ على وَجه أَنهم سيوجدون بعد وجود الْحَادِث فَإِذا بَقِي الْعلم على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ الْجَهْل، وَإِذا ارْتَفع علمه وَأصْبح علمه بِمَا هُوَ مَوْجُود فَإِن هَذَا يَسْتَدْعِي زَوَال علمه الأول وحدوث علمه الثَّانِي وَكِلَاهُمَا محالين لَدَى ذَات الله تَعَالَى. وَبِنَاء على ذَلِك قَالَ بعض الحشوية أَن علم الله تَعَالَى بالحوادث فِي وَقت حُصُولهَا لَا غير، تَعَالَى عَن ذَلِك.
والمتكلمين المتقصين قَالُوا عَن أساس الشّبَه أَن الْعلم الإلهي قديم وَأَن تبدل الْعلم الْحَادِث وتعلقه يَقع فِي متعلقاته وَلَيْسَ فِي نفس الْعلم. وَهَذَا كَلَام واه. فَكيف يعلم أَن لَا يتَعَلَّق بِشَيْء وَلم يعلم هَذَا الشَّيْء، إِذا يجب أَن يكون الله تَعَالَى لَيْسَ عَالم بالحوادث مُنْذُ الْأَزَل وَهَذَا يعيدنا إِلَى كَلَام الحشوية. أما وَجه التَّقَصِّي فِيهِ فَهُوَ أَن الذَّات الإلهية لَيست زمانية وَلكنهَا مُحِيطَة وعالية عَن زمَان علمه تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَيْسَ زمانيا لكنه مُحِيط بِجَمِيعِ الْأَزْمِنَة دفْعَة وَاحِدَة، وكل جُزْء مَفْرُوض من أَجزَاء الزَّمَان والحوادث الْوَاقِعَة فِيهِ وعَلى الْكَيْفِيَّة الْوَاقِعَة فَهِيَ فِي مشاهديه. مثلا فَإِن زمَان بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام على هَذَا الْوَجْه هُوَ مَاض نِسْبَة إِلَى بعثة الْأَنْبِيَاء الْمُتَأَخِّرين عَنهُ وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبل بِالنِّسْبَةِ لبعثة آدم والأنبياء الآخرين الْمُتَقَدِّمين عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضر بِالنِّسْبَةِ للحوادث الْمُقَارنَة لَهُ. وعَلى هَذَا الْوَجْه فَإِن جَمِيع وَسَائِر الْأَزْمِنَة والحوادث لَا تَتَغَيَّر. وَلَا يُمكن أَن تكون بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام خَالِيَة فِي هَذِه الصِّفَات. والماضي والمستقبل فِيهَا نِسْبَة للأمور الْأُخْرَى وَلَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لله تَعَالَى. وأساس هَذَا الْمَعْنى أَن الذَّات الإلهية فالأمور السَّابِقَة أَو الْمُتَقَدّمَة على الزَّمَان الْمُطلق غير محاطة بِالزَّمَانِ لَكِنَّهَا مُحِيطَة بِالزَّمَانِ، إِذا الْمَاضِي والمستقبل لَا يُوجد بِالنِّسْبَةِ لَهُ ولكنهما موجودان بِالنِّسْبَةِ للزمنين المتساوين فِي أقدمية الْحُضُور وعَلى الرغم من أَن ثُبُوت الْمَاضِي والاستقبال حَاصِل من الْعَدَم وَذَلِكَ لِأَن الْمَاضِي والاستقبال هما الزَّمَان، وَالزَّمَان فرع من الْحَرَكَة وَالْحَرَكَة ناشئة من الْقُوَّة وَالْقُوَّة تَسْتَلْزِم الْعَدَم بِالْقُوَّةِ والعدم لَيْسَ لَهُ طَرِيق فِي ساحة الْوُجُود الْحَقِيقِيّ، بل فِي المجردات: والمثال على هَذَا الْوَجْه من الْمَعْنى أَن يعرض شخص مَا على آخر دفْعَة وَاحِدَة، ثمَّ يعمد إِلَى عرض هَذَا الْخط على حَيَوَان ضيق الحدقة بالتدريج بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْإِحَاطَة بهَا كليا.
وَبِمَا أَن هَذَا الْحَيَوَان سيرى أَن اللَّوْن يتبدل بَين لَحْظَة وَأُخْرَى، فَإِنَّهُ يعْتَقد أَن الأول صَار مَعْدُوما وَأَن الثَّانِي إِن وجد وَذَلِكَ بِسَبَب تبدل علمه بالألوان، وَهَذَا بِمَعْنى غياب آحَاد الألوان عَن ناظريه وتعاقب الْحُضُور عِنْده ...
وَمَا ينْقل عَن أساطين الْحِكْمَة السَّابِقين أَن نِسْبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت هُوَ السرمد، وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الدَّهْر، وَنسبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الزَّمَان، وَيَا أَيهَا الذكي الْعَالم بالدقائق إِلَيْك التَّنْبِيه على هَذَا الْمَعْنى. إِذا أزيلت غشاوة الامتراء وسبل الْجِدَال عَن أعين أهل البصيرة وألقوا من يدهم عَصا تَقْلِيد المصطلحات واتجهوا إِلَى وَادي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الْمُقَدّس وينير لَهُم الْهَادِي نور الطَّرِيق فَيجب أَن يعلمُوا أَنه من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد هُوَ مجَال الْعلم الإلهي ودفعة وَاحِدَة. وَلَا يُمكن لأي شَيْء أَن يغيب عَن خطّ شُهُوده مَاضِيا كَانَ أم اسْتِقْبَالًا. وبنظري الْقَاصِر، فَإِن الْعَالم إِمْكَان ممزوج بِثَوْب الْعَدَم، وَلَا طَرِيق لغبار الْعَدَم إِلَى الساحة المقدسة للكمال والوجود الْمَحْض. وَلَا وجود بعْدهَا للماضي والاستقبال، وَقد أورد بعض أَصْحَاب الْحِكْمَة هَذَا الْمَعْنى شعرًا فَقَالَ:
(الْمَاضِي والمستقبل والحاضر فِي علم الله ... للَّذي يعلم أَنه لَا يعلم ذَلِك)
(وهم جَمِيعًا فِي سجن الزَّمَان ... وَمن ضيق الْمقَال اطلق سراحهم)
الدَّهْر: قد يعد من الْأَسْمَاء الْحسنى. وَلذَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الدَّهْر هُوَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الدَّهْر الزَّمَان الطَّوِيل فَمَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تسبوا الدَّهْر. فَإِن خَالق الدَّهْر هُوَ الله. وَقيل الدَّهْر ألف سنة. وَقيل الدَّهْر الْأَبَد. وَقيل الدَّهْر منشأ الْأَزَل وَإِلَّا بَدَلا ابْتِدَاء لَهُ وَلَا انْتِهَاء لَهُ كل ذِي ابْتِدَاء وَذي انْتِهَاء فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي غَيره. وَهَذَا هُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ أساطين الْحُكَمَاء كَمَا سنبين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا أَدْرِي مَا الدَّهْر فَإِنَّهُ رَحمَه الله توقف فِي الدَّهْر كَمَا توقف فِي وَقت الْخِتَان وَفِي أَحْوَال أَطْفَال الْمُشْركين يَوْم الْقِيَامَة. وَيعلم من كتب الْفِقْه أَن الدَّهْر الْمُنكر أَي الْمُجَرّد عَن لَام التَّعْرِيف مُجمل والمعرف بهَا الْعُمر فَلَو قَالَ إِن صمت الدَّهْر فَعَبْدي حر فَهُوَ على الْعُمر. وَفِي تَحْقِيق الزَّمَان والدهر والسرمد كَلَام طَوِيل للحكماء الْمُحَقِّقين. وَهَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة يُرِيد إِيرَاد خُلَاصَة بيانهم. وتبيان زبدة مرامهم. فَأَقُول إِن السرمد وعَاء الدَّهْر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء المتغيرات تدريجية أَولا. وَبَيَان هَذَا أَن الْمَوْجُود إِذا كَانَ لَهُ هوية وَوُجُود اتصافي غير قار الْأَجْزَاء كالحركة كَانَ مُشْتَمِلًا على أَجزَاء بَعْضهَا مُتَقَدم على بعض وَبَعضهَا مُتَأَخّر عَن بعض لَا يَجْتَمِعَانِ فَلذَلِك الْمَوْجُود بِهَذَا الِاعْتِبَار مِقْدَار وامتداد غير قار ينطبق ذَلِك الْمَوْجُود الاتصالي على ذَلِك الْمِقْدَار بِحَيْثُ يكون كل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوُجُود الاتصالي مطابقا بِكُل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْمِقْدَار الْمُقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر وَهَذَا الْمِقْدَار الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار الْمَنْسُوب إِلَيْهِ ذَلِك الْمَوْجُود الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار هُوَ الزَّمَان وَمثل هَذَا الْمَوْجُود يُسمى متغيرا تدريجيا لَا يُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان والمتغيرات الدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ طرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان فالزمان وعَاء المتغيرات وظرفها وَلذَا قَالَ الشَّيْخ الرئيس الْكَوْن فِي الزَّمَان مَتى الْأَشْيَاء المتغيرة انْتهى.
والماضي وَالْحَال والاستقبال إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتغيرات التدريجية أَو الدفعية الَّتِي منطبقة بأجزاء ذَلِك الامتداد الْغَيْر القار الَّذِي هُوَ الزَّمَان. وَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت سَوَاء كَانَ ثُبُوته بِالذَّاتِ كالواجب تَعَالَى شَأْنه أَو بعلته كالجواهر الْمُجَرَّدَة والأفلاك إِلَى الزَّمَان وَلَا يُمكن نسبته إِلَيْهِ إِلَّا بالمعية فِي الْحُصُول والكون يَعْنِي أَنه مَوْجُود مَعَ الزَّمَان كَمَا أَن الزَّمَان مَوْجُود وَلَا يُمكن نسبته إِلَى الزَّمَان بالحصول يَعْنِي كَون الزَّمَان ظرفا لذَلِك الْأَمر الثَّابِت لِأَن كَون الزَّمَان ظرفا لشَيْء مَوْقُوف على كَون ذَلِك الشَّيْء ذِي أَجزَاء وعَلى انطباق تِلْكَ الْأَجْزَاء على أَجزَاء الزَّمَان وَهَذَا الانطباق مَوْقُوف على التَّغَيُّر والتقضي فِي الْأَجْزَاء حَتَّى تنطبق تِلْكَ الْأَجْزَاء الْغَيْر القارة بأجزاء الزَّمَان الْغَيْر القارة حَتَّى يكون الزَّمَان متناه وَلَيْسَ كل مَا يُوجد مَعَ الشَّيْء كَانَ حَاصِلا فِيهِ ومظروفا لَهُ وَذَلِكَ الشَّيْء ظرفا لَهُ.
أَلا ترى أَن الأفلاك مَوْجُودَة مَعَ الخردلة وَلَيْسَت هِيَ فِيهَا فَيكون ذَلِك الْأَمر الثَّابِت فِي حد نَفسه مستغنيا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذَاته يُمكن أَن يكون مَوْجُودا بِلَا زمَان. فَلذَلِك الْأَمر الثَّابِت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان حُصُول صرف وَكَون مَحْض مُجَرّد عَن كَونه فِيهِ ووعاء هَذَا الْكَوْن والحصول هُوَ الدَّهْر. وَقد علم مِمَّا ذكرنَا أَن الْأَمر الثَّابِت نَوْعَانِ ثَابت بِالذَّاتِ وثابت بِالْغَيْر أَي بعلته فَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ إِلَى الثَّابِت بِالْغَيْر بالمعية أَيْضا لما مر يحصل لَهُ حُصُول وَكَون أرفع من الْحُصُول والكون الَّذِي لِلْأَمْرِ الثَّابِت بِالْغَيْر لِأَنَّهُ حِين النّظر فِي ذَات الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ أَي الْوَاجِب تَعَالَى شَأْنه يغرق جَمِيع مَا سواهُ تَعَالَى فِي بَحر الْهَلَاك والبطلان فِي حد نَفسه وَلَا تهب ريح مِنْهَا إِلَى ساحة جنابه الْمُقَدّس وحضرة وجوده الأقدس فِي هَذَا اللحاظ وَالنَّظَر ووعاء هَذَا الْكَوْن إِلَّا رفع وظرفه هُوَ السرمد. قيل الْحق أَن يخص السرمد والوجود السرمدي بالقيوم الْوَاجِب بِالذَّاتِ جلّ جَلَاله انْتهى.
فالسرمد وعَاء الْكَوْن الْكَوْن إِلَّا رفع للْوَاجِب تَعَالَى ووعاء الدَّهْر أَيْضا وللجواهر الْمُجَرَّدَة وَسَائِر الْأُمُور الثَّابِتَة بِالْغَيْر كَون دهري لَا سرمدي لاختصاصه بِالْوَاحِدِ الْأَحَد الصَّمد عز شَأْنه. والكون الدهري فِي نَفسه وباللحاظ إِلَى ذَاته هَالك كَمَا مر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء التغيرات التدريجية والدفعية وَسَائِر الزمانيات الَّتِي يتَعَلَّق تقررها ووجودها بأزمنة وآنات متعينة. فَجَمِيع الأكوان والأزمان وأجزاء الزَّمَان والحوادث الزمانية والآنية حَاضر مَوْجُود دفْعَة فِي الدَّهْر من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال وعروض انْتِقَال وَزَوَال إِذْ جملَة الزَّمَان وإبعاضه وحدوده لَا يخْتَلف انْقِضَاء أَو حصولا بِالْقِيَاسِ إِلَى الثَّابِت الْمَحْض أصلا فَأذن بعض الزَّمَان وَكله يكونَانِ مَعًا بِحَسب الْحُصُول فِي الدَّهْر وَإِلَّا لَكَانَ فِي الدَّهْر انقضاءات وتجددات فَيلْزم فِيهِ امتداد فينقلب الدَّهْر حِينَئِذٍ بِالزَّمَانِ وَهَذَا خلف محَال فحصول حُصُول الأكوان والأزمان كَذَلِك فِي السرمد بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَإِذ قد علمت أَن المتغيرات التدريجية لَا تُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان. والدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ ظرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان وَأما الْأُمُور الثَّابِتَة الَّتِي لَا تغير فِيهَا أصلا لَا تدريجيا وَلَا دفعيا فَهِيَ وَإِن كَانَت مَعَ الزَّمَان إِلَّا أَنَّهَا مستغنية فِي حد أَنْفسهَا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذواتها يُمكن أَن تكون مَوْجُودَة بِلَا زمَان. فَاعْلَم أَنه إِذا نسب متغير إِلَى متغير بالمعية أَو الْقبلية فَلَا بُد هُنَاكَ من زمَان فِي كلا الْجَانِبَيْنِ وَإِذا نسب بهما ثَابت إِلَى متغير فَلَا بُد من الزَّمَان فِي أحد جانبيه دون الآخر. وَإِذا نسب ثَابت إِلَى ثَابت بالمعية كَانَ الجانبان مستغنيين عَن الزَّمَان وَإِن كَانَا مقارنين. والحكماء الْمُحَقِّقُونَ أشاروا إِلَى مَا فصلنا فِي بَيَان الزَّمَان والدهر والسرمد بِمَا قَالُوا. إِن نِسْبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر (زمَان) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر (دهر) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت (سرمد) .
ف (45) :

التَّقَدُّم

التَّقَدُّم: كَون الشَّيْء أَولا وَهُوَ خَمْسَة لِأَن الْمُتَقَدّم إِمَّا أَن يكون مجامعا للمتأخر أَو لَا - الثَّانِي هُوَ التَّقَدُّم بِالزَّمَانِ كتقدم مُوسَى على عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْأول لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْمُتَأَخر مُحْتَاجا إِلَيْهِ أَو لَا - وَالْأول إِمَّا أَن يكون الْمُتَقَدّم عِلّة تَامَّة للمتأخر أَو لَا. الأول: التَّقَدُّم بالعلية كتقدم طُلُوع الشَّمْس على وجود النَّهَار. وَالثَّانِي: التَّقَدُّم بالطبع كتقدم الْوَاحِد على الِاثْنَيْنِ. وَإِن لم يكن الْمُتَأَخر مُحْتَاجا إِلَى الْمُتَقَدّم فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون التَّقَدُّم والتأخر بالترتيب بِأَن يكون شَيْء أقرب من غَيره إِلَى مبدأ مَحْدُود لَهما أَو لَا الأول التَّقَدُّم بِالْوَضْعِ فَهُوَ عبارَة عَن تِلْكَ الأقربية وَهُوَ على نَوْعَيْنِ: (طبيعي) إِن لم يكن المبدأ الْمَحْدُود بِحَسب الْوَضع والجعل بل بِحَسب الطَّبْع كتقدم الْجِنْس على النَّوْع (ووضعي) إِن كَانَ المبدأ بِحَسب الْوَضع والجعل كتقدم الصَّفّ الأول بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِحْرَاب على الصَّفّ الثَّانِي مثلا. وَالثَّانِي التَّقَدُّم بالشرف وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الرجحان بالشرف كتقدم أبي بكر الصّديق على عمر الْفَارُوق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَاعْلَم أَن الْمُتَكَلِّمين ذَهَبُوا إِلَى أَن للتقدم قسما آخر سوى الْخَمْسَة الْمَشْهُورَة وسموه بالتقدم الذاتي وَهُوَ تقدم أَجزَاء الزَّمَان بَعْضهَا على بعض وَالَّذِي اضطرهم على ذَلِك أَنهم رَأَوْا أَن تقدم أَجزَاء الزَّمَان بَعْضهَا على بعض لَا يصدق عَلَيْهِ شَيْء من الْأَقْسَام الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة للتقدم. أما عدم صدق مَا وَرَاء التَّقَدُّم بِالزَّمَانِ فَظَاهر لعدم اجْتِمَاع تِلْكَ الْأَجْزَاء. وَأما عدم صدق التَّقَدُّم الزماني عَلَيْهِ فَلِأَن مُقْتَضى التَّقَدُّم الزماني أَن يكون الْمُتَقَدّم فِي زمَان سَابق والمتأخر فِي زمَان لَاحق فَلَو كَانَ ذَلِك التَّقَدُّم زمانيا لزم أَن يكون أمس فِي زمَان مُتَقَدم وَالْيَوْم فِي زمَان مُتَأَخّر عَنهُ وننقل الْكَلَام إِلَى ذَيْنك الزمانين فَيلْزم أَن يكون هُنَاكَ أزمنة غير متناهية ينطبق بَعْضهَا على بعض وَأَنه محَال. فَثَبت أَن تقدم بعض أَجزَاء الزَّمَان على بعض لَيْسَ تقدما زمانيا فاحدثوا تقدما بِالذَّاتِ وعرفوه بالتقدم بِلَا وَاسِطَة الزَّمَان بِأَن يكون الْأَمْرَانِ غير مُجْتَمعين وَيكون أَحدهمَا مقدما على الآخر بِغَيْر وَاسِطَة الزَّمَان. فَإِن قيل تقدم بعض أَجزَاء الزَّمَان على بعض آخر أَي تقدم من الْأَقْسَام الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة عِنْد الْحُكَمَاء. قُلْنَا تقدم زماني لِأَنَّهُ عِنْد الْحُكَمَاء عبارَة عَن كَون الْمُتَقَدّم قبل الْمُتَأَخر قبلية تَقْتَضِي عدم اجْتِمَاعهمَا والجزء الْمُتَقَدّم من الزَّمَان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجُزْء الْمُتَأَخر مِنْهُ كَذَلِك فَلَا يلْزم الْمَحْذُور. وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ أَن يكون كل من الْمُتَقَدّم والمتأخر فِي زمَان على حِدة حَتَّى يلْزم الْمَحْذُور. وَإِنَّمَا سمي هَذَا التَّقَدُّم بِالزَّمَانِ إِمَّا لِأَن فِي أَكثر أَفْرَاده تقدم بِوَاسِطَة الزَّمَان أَو لِأَن هَذَا التَّقَدُّم لَا يُوجد بِدُونِ الزَّمَان لِأَن كلا من الْمُتَقَدّم والمتأخر إِمَّا زمَان أَو زماني. وَقَالَ مولا زَاده رَحمَه الله وَقيل هَذَا التَّقَدُّم طبيعي وَلَيْسَ بِبَعِيد عَن الصَّوَاب فَإِن الْجُزْء السَّابِق من الزَّمَان لكَونه معدا للجزء اللَّاحِق مِنْهُ مقدم عَلَيْهِ طبعا انْتهى.
وَقَالَ الْحَكِيم صَدرا فِي الشواهد الربوبية إِن هَا هُنَا نحوين آخَرين من أَقسَام التَّقَدُّم والتأخر سوى الْخَمْسَة الْمَشْهُورَة أَحدهمَا التَّقَدُّم بِالْحَقِّ وَالْآخر التَّقَدُّم بِالْحَقِيقَةِ وَلكُل من هذَيْن برهَان وَاحِد يحوجان إِلَى كَلَام مفصل لَا يَلِيق بِهَذَا الْمُخْتَصر إِيرَاده وَنحن نشِير إِلَى الأول بِأَن الْحق بِاعْتِبَار تخليته من أَسْمَائِهِ وتنزله فِي مَرَاتِب شؤونه الَّتِي هِيَ أنحاء وجودات الْأَشْيَاء يتَقَدَّم ويتأخر بِذَاتِهِ لَا بِشَيْء آخر فَلَا يتَقَدَّم مُتَقَدم وَلَا يتَأَخَّر مُتَأَخّر إِلَّا بِحَق لَازم وَقَضَاء حتم وَإِلَى الثَّانِي بِأَن الْجَاعِل والمجعول إِذا كَانَ لكل مِنْهُمَا شيئية وَوُجُود فَتقدم الشيئية على الشيئية من جِهَة اتصافهما بالوجود تقدم بِالْحَقِيقَةِ. وَأما تقدم الْوُجُود على الْمَاهِيّة فَلَيْسَ مرجعه إِلَّا إِلَى كَون الْوُجُود مَوْجُودا بِالذَّاتِ والماهية بِالْعرضِ كَحال الشَّخْص وظله أَو عَكسه فِي الْمرْآة. وَإِمَّا التَّأَخُّر فَيعلم بِالْقِيَاسِ على التَّقَدُّم كَمَا لَا يخفى.
وَفِي وجوب تقدم الْعلَّة التَّامَّة على معلولها مغالطة مَشْهُورَة وَهِي أَنه لَا يحب تقدم الْعلَّة التَّامَّة على معلولها. وَبَيَان ذَلِك يُمكن بِوَجْهَيْنِ: الأول: أَنه لَا شكّ فِي أَن مَجْمُوع الْأَشْيَاء من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع مَعْلُول لاحتياجه إِلَى أَجْزَائِهِ فعلته التَّامَّة لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون خَارِجا عَنهُ أَو دَاخِلا فِيهِ أَو نَفسه لَا سَبِيل إِلَى الأول إِذْ لَا شَيْء خَارج عَن هَذَا الْمَعْلُول الْــمَفْرُوض. وَلَا إِلَى الثَّانِي: لاحتياج ذَلِك الْمَعْلُول إِلَى أَمر آخر فَتعين. الثَّالِث: لَا يُقَال يُمكن حلّه بِأَن جَمِيع الْأَشْيَاء الْــمَفْرُوضَــة من حَيْثُ الْإِجْمَال مَعْلُول وَمن حَيْثُ التَّفْصِيل عِلّة فتغاير حيثية عليته بحيثية معلوليته فَلَا يلْزم كَون الْعلَّة التَّامَّة عين الْمَعْلُول وَبِأَن مَجْمُوع الْأَشْيَاء لَو كَانَ عِلّة لنَفسِهِ لَكَانَ وَاجِبا إِذْ الْوَاجِب هُوَ مَا لَا يحْتَاج فِي وجوده إِلَى غَيره لأَنا نقُول من الأول بِأَنا نَأْخُذ جَمِيع الْأَشْيَاء على وَجه لَا يعْتَبر فِيهِ الْهَيْئَة أَو أَمر آخر لَهُ يغاير نَفسه بل على وَجه اعْتبر معلولا بذلك الْوَجْه وَلَا خَفَاء فِي إِمْكَان هَذَا الِاعْتِبَار تَأمل. وَعَن الثَّانِي: فبأن يُقَال الْوَاجِب الْوُجُود هُوَ الْمَوْجُود الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى غَيره وَكَون مَجْمُوع الْأَشْيَاء مَوْجُودا مَحل بحث وحلها أَنهم جوزوا عدم تقدم الْعلَّة التَّامَّة المفسرة بِجَمِيعِ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء فَلَا مغالطة. الثَّانِي من الْوَجْهَيْنِ: أَن الْعلَّة التَّامَّة فِي المعلولات المركبة من الْمَادَّة وَالصُّورَة مُتَأَخِّرَة عَنْهَا تأخرا ذاتيا إِذْ نِسْبَة الْمَعْلُول الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة إِلَى الْعلَّة التَّامَّة نِسْبَة الْجُزْء إِلَى الْكل لِأَن مَجْمُوع الْمَادَّة وَالصُّورَة لَيْسَ عين الْعلَّة التَّامَّة لكَون الْفَاعِل أَيْضا جُزْءا مِنْهَا مَعَ خُرُوجه عَن الْمَعْلُول وَلَيْسَ خَارِجا عَنْهَا أَيْضا إِذْ لَا وَجه لخُرُوج الْمركب عَن شَيْء مَعَ دُخُول كل وَاحِد من أَجزَاء ذَلِك الشَّيْء فَتعين أَن يكون الْمَعْلُول الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة جُزْءا من الْعلَّة التَّامَّة فَتكون الْعلَّة التَّامَّة مُتَأَخِّرَة عَن الْمَعْلُول تأخرا بِالذَّاتِ. وَمن هَا هُنَا يعلم عدم صِحَة تَقْسِيم الْعلَّة الْمُطلقَة المفرقة بِمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء إِلَى التَّامَّة والناقصة وحلها هُوَ منع اسْتِحَالَة كَون الْمَجْمُوع الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة خَارِجا عَن الْعلَّة التَّامَّة مَعَ دُخُول كل من أَجْزَائِهِ كالخمسة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعشْرَة فَإِنَّهَا خَارِجَة عَن الْعشْرَة مَعَ دُخُول كل وَاحِد من الوحدات فِيهَا كَمَا قَالُوا فَافْهَم.
قَالَ الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق فَإِن قلت التَّقَدُّم عِنْد الْقَوْم منحصر فِي التقدمات الْخمس الْمَشْهُورَة وَتقدم المعروض على الْعَارِض لَيْسَ شَيْئا مِنْهَا. أما التَّقَدُّم بِالزَّمَانِ والتقدم بالشرف فَظَاهر. وَأما غَيرهمَا فَلِأَن التَّقَدُّم بالطبع تقدم بِحَسب لوُجُود. والتقدم بالعلية تقدم بِحَسب الْوُجُوب. والتقدم بالرتبة مَا يَصح فِيهِ أَن يكون الْمُتَقَدّم مُتَأَخِّرًا والمتأخر مُتَقَدما قلت هَذَا التَّقَدُّم وَرَاء تِلْكَ التقدمات كَمَا صرح بِهِ الْمُحَقق الطوسي فِي نقد التَّنْزِيل. وَقد عبر الشَّيْخ فِي الهيئات الشِّفَاء عَن هَذَا التَّقَدُّم بالتقدم بِالذَّاتِ. وَبَعْضهمْ عبر عَنهُ بالتقدم بالماهية. وَالْقَوْم إِنَّمَا حصروا التَّقَدُّم الَّذِي هُوَ بِحَسب الْوُجُود انْتهى.
وَقَالَ فِي الْأَسْفَار أَن التَّقَدُّم والتأخر فِي معنى مَا يتَصَوَّر على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون بِنَفس ذَلِك الْمَعْنى حَتَّى يكون مَا فِيهِ التَّقَدُّم وَمَا بِهِ التَّقَدُّم شَيْئا وَاحِدًا كتقدم أَجزَاء الزَّمَان بَعْضهَا على بعض فَإِن القبليات والبعديات فِيهَا بِنَفس هوياتها المتجددة المنقضية لذاتها لَا بِأَمْر عَارض لَهَا كَمَا سَيعْلَمُ فِي مُسْتَأْنف الْكَلَام إِن شَاءَ الله الْعَزِيز العلام. وَالْآخر أَن لَا يكون بِنَفس ذَلِك الْمَعْنى بل بِوَاسِطَة معنى آخر فيفترق عِنْد ذَلِك مَا فِيهِ التَّقَدُّم عَن مَا بِهِ التَّقَدُّم كتقدم الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ الْأَب على الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ الابْن لَا فِي معنى الإنسانية الْمَقُول عَلَيْهِمَا بالتساوي بل فِي معنى آخر هُوَ الْمَوْجُود وَالزَّمَان أَو الزَّمَان فَمَا فِيهِ التَّقَدُّم والتأخر فيهمَا هُوَ الْوُجُود أَو الزَّمَان وَمَا بِهِ التَّقَدُّم والتأخر هُوَ خُصُوص الْأُبُوَّة والبنوة كَمَا أَن تقدم بعض الْأَجْسَام على بعض لَا فِي الجسمية بل فِي الْوُجُود فَكَذَلِك إِذا قيل إِن الْعلَّة مُتَقَدّمَة على الْمَعْلُول فَمَعْنَاه أَن وجودهَا مُتَقَدم على وجوده وَكَذَلِكَ تقدم الِاثْنَيْنِ على الْأَرْبَعَة وأمثالها فَإِن لم يعْتَبر الْوُجُود لم يكن تقدما. والتأخر والكمال وَالنَّقْص وَالْقُوَّة والضعف فِي الوجودات بِنَفس هوياتها لَا بِأَمْر آخر. وَفِي الْأَشْيَاء والماهيات بِنَفس وجوداتها لَا بأنفسها انْتهى.

الارتفاع

الارتفاع:
[في الانكليزية] Height
[ في الفرنسية] Hauteut
عند المهندسين يطلق على عمود من رأس الشيء على سطح الأفق أو على سطح مواز للأفق بشرط أن يكون قاعدة الشيء على ذلك السطح، ولذا قيل: ارتفاع الشكل هو العمود الخارج من أعلى الشكل مسطّحا كان ذلك الشكل أو مجسّما على قاعدة ذلك الشكل. ومسقط الحجر قد يطلق على الارتفاع مجازا كما يجيء، كذا في شرح خلاصة الحساب.

وعند أهل الهيئة يطلق على معنيين:
أحدهما ما يسمّى ارتفاعا حقيقيا وهو قوس من دائرة الارتفاع محصورة بين الكوكب وبين الأفق من جانب، لا أقرب منه إذا كان الكوكب فوق الأفق. ودائرة الارتفاع دائرة عظيمة تمرّ بقطبي الأفق وبكوكب ما، والمراد بالكوكب رأس خط يخرج من مركز العالم مارا بمركز الكوكب إلى سطح الفلك الأعلى. وقيل المراد بالكوكب مركز الكوكب، والأمر فيه سهل، وقيد الكوكب إنما هو باعتبار الأغلب، وإلّا فقد تعتبر نقطة أخرى غير مركز الكوكب كالقطب، والمراد من جانب لا أقرب منه وهو الجانب الذي ليس فيه قطب الأفق. والقيد الأخير احتراز عن الانحطاط فإنه قوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب والأفق من جانب، لا أقرب منه إذا كان الكوكب تحت الأفق. ثم القوس المذكورة إن كانت من جانب الأفق الشرقي فهي ارتفاعه الشرقي، وإن كانت من جانب الأفق الغربي فهي ارتفاعه الغربي، وعلى هذا القياس، الانحطاط الشرقي والغربي يعني أنّ القوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب والأفق تحت الأرض من جانب الشرق هو الانحطاط الشرقي، ومن جانب الغرب هو الانحطاط الغربي. ثم إنّ الارتفاع الشرقي قد يخصّ باسم الارتفاع ويسمّى الغربي حينئذ انحطاطا، وهذا اصطلاح آخر مذكور في كثير من كتب هذا الفن. وبالنظر إلى هذا قال صاحب المواقف: والقوس الواقعة من دائرة الارتفاع بين الأفق والكوكب الذي فوق الأرض من جانب المشرق ارتفاعه ومن جانب المغرب انحطاطه، فلا يرد عليه تخطئة المحقق الشريف في شرحه.
ثم القوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب وبين سمت الرأس تسمّى تمام ارتفاع الكوكب، فإن انطبقت دائرة الارتفاع على نصف النهار والكوكب فوق الأفق فتلك القوس المحصورة من دائرة الارتفاع بين الأفق والكوكب هي غاية ارتفاع الكوكب، فإن مرّ الكوكب بسمت الرأس فارتفاعه في ربع الدور، وليس هناك تمام ارتفاع، وإن لم يمرّ به كان ارتفاعه أقلّ من الربع، وكان له تمام ارتفاع، وعلى هذا القياس تمام الانحطاط فإنه قوس منها بين الكوكب وبين سمت القدم، فإن انطبقت دائرة ارتفاعه على نصف النهار والكوكب تحت الأفق، فتلك القوس منها بين الأفق وبين الكوكب، فإنه انحطاطه إلى آخر ما عرفت. فالكوكب إذا طلع من الأفق يتزايد ارتفاعه شيئا فشيئا إلى أن يبلغ نصف النهار، فهناك غاية ارتفاعه عن الأفق وإذا انحطّ منها يتناقص ارتفاعه إلى غروبه، وإذا غرب ينحطّ عن الأفق متزايدا انحطاطه إلى أن يبلغ نصف النهار تحت الأرض، فهناك غاية انحطاطه عنه؛ ثم إنّه يأخذ في التّقارب منه متناقصا انحطاطه إلى أن يبلغ الأفق من جهة الشرق ثانيا.
ثم الظاهر أنّ المراد بالأفق الأفق الحقيقي لأنهم صرّحوا بأن تمام الارتفاع قوس أقل من تسعين درجة دائما، فلو كان المعتبر الأفق الحسيّ بالمعنى الثاني لزم أن يكون تمام الارتفاع أكثر من تسعين فيما إذا رأي الكوكب فوق تلك الأفق وتحت الأفق الحقيقي، لكن لا يخفى أنه إذا رأى الكوكب تحت الأفق الحقيقي وفوق الأفق الحسّي فإطلاق الانحطاط عليه مستبعد. والتحقيق أنّ عند أهل الهيئة المعتبر في الارتفاع أن يكون فوق الأفق الحقيقي، وعند العامّة أن يكون فوق الأفق الحسّي بالمعنى الثاني. واعلم أيضا أنه إذا كان الكوكب على الأفق فلا ارتفاع له ولا انحطاط. وثانيهما ما يسمّى بالارتفاع المرئي وهو قوس من دائرة الارتفاع بين الأفق وبين طرف خطّ خارج من بصر النّاظر إلى سطح الفلك الأعلى مارّا بمركز الكوكب من جانب لا أقرب منه. والارتفاع المرئي أبدا يكون أقل من الارتفاع الحقيقي، إلّا إذا كان الكوكب على سمت الرأس، فانهما حينئذ يتساويان، وعلى هذا فقس حال الانحطاط المرئي.
اعلم أنّ الارتفاع والانحطاط بالحقيقة هو بعد نقطة مفروضــة على سطح الفلك الأعلى عن الأفق، وذلك البعد هو خطّ مستقيم في سطح دائرة الارتفاع يصل بين تلك النقطة ومحيط الأفق، إن كان المراد بدائرة الأفق محيطها، أو عمود يخرج من تلك النقطة على سطح الأفق إن كان المراد سطحها، وهذا ارتفاع النقطة وانحطاطها. وأما ارتفاع مركز الكوكب وانحطاطه فهو خطّ مستقيم خارج من مركز الكوكب، إمّا واصل إلى محيط الأفق وسطح دائرة الارتفاع، أو عمود على سطح الأفق، لكن القوم اصطلحوا على أخذ الارتفاع والانحطاط من الخطوط الــمفروضــة على سطح الفلك الأعلى؛ ولا يمكن فرض الخطّ المستقيم على سطحه، ولم تكن في سطحه قوس تصل بين تلك النقطة والأفق أقصر من قوس الارتفاع والانحطاط، فلذلك أقامهما أهل الصناعة مقام البعد. هذا كله خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في تصانيفه كشرح التذكرة وشرح بيست باب - عشرين باب- وحاشية الجغميني.

التَّدَاخُل

التَّدَاخُل: (دريكديكر درآمدن) . وَفِي عرف الْحُكَمَاء نُفُوذ بعض الْأَشْيَاء فِي بعض بِحَيْثُ يتحدان فِي الْوَضع والحجم. وَبِعِبَارَة أُخْرَى دُخُول شَيْء فِي شَيْء آخر بِلَا زِيَادَة حجم وَمِقْدَار. والوضع الْإِشَارَة الحسية. ثمَّ التَّدَاخُل فِي الْجَوَاهِر بَاطِل عِنْدهم دون الْأَعْرَاض كَمَا بَين فِي كتب الْحِكْمَة.
وَاعْلَم أَن مَذْهَبنَا التَّدَاخُل فِي الْأَسْبَاب فِي الْعِبَادَات والتداخل فِي الْأَحْكَام فِي الْعُقُوبَات حَتَّى لَو كرر آيَة السَّجْدَة فِي مجْلِس وَاحِد تجب سَجْدَة وَاحِدَة. وَلَو زنى مَرَّات يجب حد وَاحِد. وَفَائِدَته تظهر فِيمَا لَو زنى ثمَّ زنى فحد يحد ثَانِيًا. وَأما لَو تَلا آيَة السَّجْدَة فَسجدَ ثمَّ تَلا فِي ذَلِك الْمجْلس تِلْكَ الْآيَة لَا يجب كَذَا فِي الْكِفَايَة. والسر فِي اعْتِبَار التَّدَاخُل فِي الْأَسْبَاب فِي الْعِبَادَات والتداخل فِي الْأَحْكَام فِي الْعُقُوبَات دون الْعَكْس أَمْرَانِ.

الْأَمر الأول: أَن التَّدَاخُل فِي الْأَسْبَاب فِي الْعِبَادَات أنسب والتداخل فِي الْأَحْكَام فِي الْعُقُوبَات أليق لِأَن التَّدَاخُل فِي الْعِبَادَات إِذا اعْتبر فِي الْأَحْكَام يُفْضِي إِلَى عدم اتِّحَاد الحكم بِالنّظرِ إِلَى التَّدَاخُل وَالْأَحْكَام تَتَعَدَّد بِالنّظرِ إِلَى الْأَسْبَاب المتعددة لِأَن الْــمَفْرُوض عدم التَّدَاخُل فِي الْأَسْبَاب فدارت الْأَحْكَام بَين الِاتِّحَاد والتعدد لَكِن يَنْبَغِي أَن تَتَعَدَّد احْتِيَاطًا فَقُلْنَا بالتداخل فِي الْأَسْبَاب لِئَلَّا يلْزم عدم الاحكام مَعَ وجود الْأَسْبَاب. والعقوبات مَتى دارت بَين الثُّبُوت والسقوط تسْقط فَقُلْنَا بالتداخل فِي الْأَحْكَام لِأَن التَّدَاخُل فِي الْأَحْكَام عِنْد عدم الْمَانِع أليق وأجدر إِذْ الْأَحْكَام أُمُور حكمِيَّة تثبت بِخِلَاف الْقيَاس لَا حَقِيقِيَّة فاعتبارها وَاحِدًا غير مستبعد عِنْد الْعقل بِخِلَاف الْأَسْبَاب فَإِنَّهَا أُمُور مُتعَدِّدَة حسا كتعدد الزِّنَا وَالسَّرِقَة.

وَالْأَمر الثَّانِي: أَن الِاقْتِصَار على السَّجْدَة الْوَاحِدَة بعد وجوب أَكثر مِنْهَا لتَعَدد الْأَسْبَاب تقليل عبَادَة المعبود وَهُوَ غير مُنَاسِب للْعَبد الْمَخْلُوق لِلْعِبَادَةِ لقَوْله تَعَالَى: {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} . فاعتبرنا التَّدَاخُل فِي الْأَسْبَاب فِي الْعِبَادَات كَأَنَّهُ لم يُوجد إِلَّا سَبَب وَاحِد. والاقتصار على الْحَد الْوَاحِد بعد وجوب أَكثر مِنْهُ تقليل الْعقُوبَة وَهُوَ من بَاب الْكَرم وَالْعَفو اللَّائِق بجنابه تَعَالَى فاعتبرنا التَّدَاخُل فِي الْأَحْكَام فِي الْعُقُوبَات ليعلم كَمَال كرم الْكَرِيم وَتَمام عَفْو الْعَفو المنان. مَعَ كَثْرَة الذُّنُوب والعصيان. وتداخل العددين الْمُخْتَلِفين أَن يعد أَي يفني أقلهما الْأَكْثَر يَعْنِي أَنه إِذا ألْقى الْأَقَل من الْأَكْثَر مرَّتَيْنِ أَو أَكثر لم يبْق من الْأَكْثَر شَيْء كالثلاثة والستة فَإنَّك إِذا ألقيت الثَّلَاثَة من السِّتَّة مرَّتَيْنِ فنيت السِّتَّة بِالْكُلِّيَّةِ. وَكَذَا إِذا ألقيتها من التِّسْعَة ثَلَاث مَرَّات انْتَفَت التِّسْعَة بالمرات الثَّلَاث. فهذان العددان يسميان بالمتداخلين اصْطِلَاحا وَالنِّسْبَة بَينهمَا نِسْبَة التَّدَاخُل. والاعتراض الْمَشْهُور هَا هُنَا مَذْكُور فِي التباين مَعَ الْجَواب. ثمَّ اعْلَم أَن المُرَاد من التَّدَاخُل فِي قَول أَرْبَاب التصريف أَن فضل يفضل وَكَاد يكَاد من بَاب التَّدَاخُل أَن فضل يفضل كَمَا جَاءَ من بَاب نصر جَاءَ أَيْضا من بَاب علم وَكَذَا كَاد يكَاد كَمَا جَاءَ من بَاب كرم جَاءَ من بَاب علم أَيْضا. فَأخذ الْمَاضِي من أَحدهمَا والمضارع من الآخر. والتداخل عِنْدهم لَيْسَ مَخْصُوصًا بالكلمتين لِأَنَّهُ جَاءَ فِي كلمة وَاحِدَة أَيْضا كَمَا قَالُوا إِن فعل بِكَسْر الْفَاء وَضم الْعين لم يجِئ فِي الِاسْم وَأما الحبك بِكَسْر الْفَاء وَضم الْعين فَمَحْمُول على التَّدَاخُل يَعْنِي أَنه مَشْهُور بالكسرتين أَو الضمتين. ثمَّ الْمُتَكَلّم لما تلفظ بِالْحَاء الْمَكْسُورَة من اللُّغَة الأولى غفل عَنْهَا وتلفظ بِالْبَاء المضمومة من اللُّغَة الثَّانِيَة. التدقيق: فِي اللُّغَة باريك نمودن. وَفِي الِاصْطِلَاح إِثْبَات الْمَسْأَلَة بِدَلِيل دَقِيق يصل النَّاظر إِلَيْهِ بدقة النّظر لدقة طَرِيقه ولاحتياجه إِلَى دَلِيل آخر.

الْبعد

(الْبعد) اتساع المدى وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء عَلَيْهِ (بعدا لَهُ) هَلَاكًا وَقَالُوا إِنَّه لذُو بعد ذُو رَأْي عميق وحزم وَيُقَال (بعْدك) يحذرهُ شَيْئا من خَلفه
الْبعد: الامتداد موهوما أَو مَوْجُودا لِأَن فِي الْبعد اخْتِلَافا فَإِنَّهُ موهوم أَي لَا شَيْء مَحْض عِنْد الْمُتَكَلِّمين النافين للمقدار. وموجود عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بِوُجُود الْمِقْدَار. ثمَّ للبعد عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بِوُجُود الْخَلَاء نَوْعَانِ: أَحدهمَا: الامتداد الْقَائِم بالجسم التعليمي. وَثَانِيهمَا: الامتداد الْمُجَرّد عَن الْمَادَّة الْقَائِم بِنَفسِهِ بِحَيْثُ لَو لم يشْغلهُ الْجِسْم لَكَانَ خلاء وَهُوَ الْبعد الَّذِي يشْغلهُ الْجِسْم. والخلاء وَإِن كثر إِطْلَاقه على الْمَكَان الْخَالِي عَن الشاغل لَكِن قد يُطلق على هَذَا الْمَعْنى أَيْضا وهم قَائِلُونَ بِوُجُود الْمِقْدَار إِذْ الْقيام إِنَّمَا يتَصَوَّر فِيهِ. وَإِمَّا عِنْد الْحُكَمَاء النافين للخلاء فللبعد عِنْدهم النَّوْع الأول فَقَط أَعنِي الامتداد الْقَائِم بالجسم وهم ينفون وجود الْبعد الْمُجَرّد عَن الْمَادَّة وَإِمَّا تَعْرِيف الْبعد الموهوم الَّذِي لَا شَيْء مَحْض عِنْد الْمُتَكَلِّمين فَيعرف بِالْقِيَاسِ على الْمَذْكُور بِأَن يُقَال الْبعد امتداد موهوم مَفْرُوض فِي الْجِسْم أَو فِي نَفسه صَالح لِأَن يشْغلهُ الْجِسْم وينطبق عَلَيْهِ بعده الموهوم. وَقد يُطلق الْبعد بَين الشَّيْئَيْنِ على أقصر الخطوط الْوَاصِلَة بَينهمَا.

الأبعاد الثلاثة

الأبعاد الثلاثة:
[في الانكليزية] The three dimensions
[ في الفرنسية] Les trois dimensions
هي الطّول والعرض والعمق. والطّول عبارة عن الامتداد الأول الــمفروض في الجسم، والعرض عن الامتداد الثاني فيه، والعمق عن الامتداد الثالث. وإنما عبّر بالأول والثاني والثالث ليشتمل الجسم المربّع وقد يعبّر عنها بالجهات الثلاث.

الكسر

الكسر:
* يُطلق على الحركة المعروفة.
* يُعبر به عند كثير من المتقدمين عن الإمالة، لما حدث في الممال من التقريب إلى الكسر.
الكسر:
[في الانكليزية] Fracture ،fracturing
[ في الفرنسية] Fracture ،fraction
بالفتح وسكون السين لغة فصل الجسم الصلب بمصادمة قوية من غير نفوذ جسم فيه، ويطلق أيضا على نوع من الحركة. وعند الأطباء تفرّق اتصال في العظم بشرط أن يكون التفرّق إلى جزءين أو أجزاء كبار ويسمّى كاسرا أيضا، لأنّه إذا كان التفرّق إلى أجزاء صغار يسمّى تفتّتا متفتتا، هكذا يستفاد من بحر الجواهر والأقسرائي. وذكر في شرح القانونچهـ أنّه يشترط أيضا أن يكون ذلك التفرّق في عرض العظم إذ لو كان في الطول يسمّى صدعا وصادعا. وعند القرّاء الإمالة المحضة.
وعند المحاسبين العدد الذي يكون أقلّ من واحد كالنصف والثلث ويقابله الصحيح. وهو إمّا منطق وهو الكسر الذي يمكن أن ينطق به بغير الجزئية أي بغير الألفاظ الدالة على الجزء مفردا. كان كالنصف والثلث أو مكررا كالثلثين أو مضافا كنصف الثلث أو معطوفا كالنصف والثلث. وإمّا أصم وهو ما لا يمكن التعبير عنه إلّا بجزء من كذا مفردا كان كجزء من أحد عشر أو مكررا كجزءين من أحد عشر أو مضافا كجزء من أحد عشر من جزء من ثلاثة عشر أو معطوفا كجزء من أحد عشر وجزء من ثلاثة عشر. وبالجملة فالكسر سواء كان منطقا أو أصم منحصر في المفرد والمكرّر والمضاف والمعطوف لأنّ العدد المنسوب إليه إمّا أن يعتبر بنسبة نفسه إلى المنسوب إليه أو بنسبة مجتمعة من نسب أقسامه إليه، والأول إمّا أن تعتبر نسبته إلى المنسوب إليه بلا ملاحظة واسطة وتسمّى نسبة بسيطة، وهي نسبة الكسر المفرد كالثلث، أو بملاحظة واسطة وتسمّى نسبة مؤلّفة وهي نسبة الكسر المضاف كثلث النصف، وليس المراد بالمضاف المضاف النحوي بل أعمّ منه والثاني أي الذي يعتبر بنسبته مجتمعة من نسب أقسامه إمّا أن تكون نسب الأقسام متماثلة وهي نسبة الكسر المكرّر المذكور كالثلثين او مختلفة أي غير متّحدة وهي نسبة الكسر المعطوف كالنصف والثلث، هكذا في شرح خلاصة الحساب. وعند أهل الأوقاف عبارة عمّا بقي من قسمة أعداد ضلع واحد منه وفق على عدد بيوت ذلك الضلع، وذلك التقسيم يكون بعد نقصان العدد الطبعي من أعداد ضلع واحد كما تقرّر عندهم. مثلا مجموع أعداد ضلع واحد من المربع 45 نقصنا منه العدد الطبعي للمربع وهو 34 يبقى 11، قسمناه على عدد بيوت ضلع واحد من المربع وهو أربعة، خرج من القسمة اثنان وبقي ثلاثة، فالثلاثة كسر.
وعند الأصوليين وأهل النظر هو أن توجد حكمة العلّة بدون العلة ولا يوجد الحكم وحاصله وجود الحكمة المقصودة من الوصف مع عدم الحكم. مثاله أن يقول الحنفي في المسافر العاصي بسفره مسافر فيترخّص لسفره كغير العاصي، فإذا قيل له ولم قلت إنّ السفر علة الترخّص؟ قال بالمناسبة لما فيه من المشقّة المقتضية للترخّص لأنّه تخفيف، وهو يقع للمرخص فيعترض عليه بصفة شاقة في الحضر كحمل الأثقال ونحوه. فقال البعض الكسر يبطل العلية والمختار أنّه لا يبطلها فإنّ العلّة في المثال المذكور هو السّفر ولم يرد النقض عليه، فوجب العمل به، بيان ذلك أي أنّ العلة هو السفر هو أنّه وإن كان المقصود المشقة لكنها يعتبر ضبطها لاختلاف مراتبها بحسب الأشخاص والأحوال، وليس كلّ قدر منها يوجب الترخّص وإلّا سقطت العبادات، وتعيين القدر منها الذي يوجبه متعذّر فضبطت بوصف ظاهر منضبط هو السّفر، فجعل آثاره لها ولا معنى للعلّية إلّا ذلك. قالوا الحكمة هي المعتبرة قطعا والوصف معتبر تبعا لها، فالنقض وارد على العلة لأنّها إذا وجدت الحكمة المعيّنة ولم يوجد الحكم دلّ ذلك على أنّ تلك الحكمة غير معتبرة، فكذا الوصف المعتبر بتبعيتها فإنّ المقصود إذا لم يعتبر فالوسيلة أجدر، والجواب أنّ قدر الحكمة كالمشقة في مثالها يختلف، ولا بدّ في ورود النقض من وجود حكمة في محلّ النقض مساوية لما يراد نقضه، فإنّ عدم اعتبار الأضعف لا يوجب عدم اعتبار الأقوى، وذلك أي وجود الحكمة المساوية غير متيقّن، فلعله أي ما وجد في صورة النقض أقلّ حكمة، أو لعلّ التخلّف لمعارض يجعل قدر الحكمة ناقصا عديم المساواة أو باطلا بالكلية، فلذلك لم يعتبره الشارع. ووجود العلة في الأصل قطعي وإذا ثبت ذلك وجب اعتبار العلة القطعية ولا يصحّ التخلّف الظنّي معارضا له إذ الظنّ لا يعارض القطع. فإنّ قلت إنّا نفرض النقض في صورة يعلم قطعا وجود قدر الحكمة أو أكثر فيتعارض قطعيان أي وجود العلة قطعا وانتقاضها تبعا لانتقاض حكمتها المساوية أو الزائدة قطعا فيتساقطان فيبطل العلية. قلت إنّ هذا الــمفروض بعيد التحقيق، ولو تحقّق وجب أن يبطل العلية لكن لا في كل صورة بل في صورة لم يثبت حكم آخر أليق بتحصيل تلك الحكمة من ذلك الحكم. وبالجملة فالكسر على المختار إنّما يبطل العلية إذا علم وجود قدر الحكمة أو أكثر ولم يثبت حكم آخر أليق بتحصيل تلك الحكمة منه، وحينئذ هو أي الكسر كالنقض، فجوابه كجوابه.
اعلم أنّه قال في المحصول الكسر في الحقيقة قدح في تمام العلة بعدم التأثير وفي جزئها بالنقض. قال القاضي هو عدم تأثير أحد الجزءين ونقض الآخر، والأكثرون على أنّه إسقاط وصف من أوصاف العلة المركّبة عن درجة الاعتبار ونقض الباقي فلم يفرّقوا بينه وبين النقض المكسور، وذلك لأنّهم قالوا إذا نقض العلة بترك بعض الصفات سمّي نقضا مكسورا، وهو بالحقيقة نقض بعض الصفات وأنّه بين النقض والكسر كأنّه قال الحكمة المعتبرة تحصل باعتبار هذا البعض وقد وجد في المحل ولم يوجد الحكم فيه فهو نقض لما ادعاه علّة باعتبار الحكمة. وقد اختلف في أنّه يبطل العلية والمختار أنّه لا يبطل. مثاله أن يقول الشافعي في منع بيع الغائب إنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلا يصحّ بيعه، فيقول المعترض هذا منقوض بما إذا تزوّج امرأة لم يرها فإنّها مجهول الصفة عند العاقد حال العقد والحال أنّه صحيح، فقد حذف قيد كونه مبيعا ونقض الباقي وهو كونه مجهول الصفة عند العاقد حال العقد. ودليل المذهب المختار أنّ العلّة المجموع فلا نقض عليه إذ لا يلزم من عدم علية البعض عدم علية الكلّ، هذا إذا اقتصر على نقص البعض. وأمّا إذا أضاف إليه إلغاء الوصف المتروك وكونه وصفا طرديا لا مدخل له في العلية بأن يبين عدم تأثير كونه مبيعا وأنّ العلة كونه مجهول الصفة إلى آخره لأنّه مستقل بالمناسبة، فحينئذ يكون وصف كونه مبيعا كالعدم فيصحّ النقض لوروده على ما يصلح علّية، ولا يكون مجرّد ذكره رافعا للنقض خلافا لشرذمة لأنّه بمجرّد ذكره لا يصير جزءا من العلّة إذا قام الدليل على أنّه ليس جزءا، ويتعيّن الباقي لصلوح العلّية فتبطل بالنقض، ويصير حاصله سؤال ترديد وهو أنّ العلّة إمّا المجموع أو الباقي وكلاهما باطل، أمّا المجموع فلإلغاء الملغى وأمّا الباقي فللنقض، هكذا في العضدي وحاشيته للمحقق التفتازاني في مبحث القياس.

إظهار المضمر

إظهار المضمر:
[في الانكليزية] Guessing the missed letters
[ في الفرنسية] Deviner les lettres retranchees
هو عند البلغاء أن يقال شعر على نحو فيضمر أحدهم من ذلك الشعر بعض الحروف، ثم يسأله آخر عن ذلك الحرف الذي أضمره في مصراع البيت الأول والثاني، وهكذا هل يوجد أم لا؟ فيخبر بالإيجاب أو النفي على القاعدة المقرّرة بينهما. ومثال ذلك من كلام مخصوص يعيّن حرفا في خاطره كما في هذا المصراع وهو حرف العين: حديث العشق إلّا مع الحبيب لا تقل فيفترضون واحدا من هذه الحروف، ثم يسألون ويعلم الحرف من هذين البيتين:
لقد بدا ملك الحسن بحسنه وجماله والصولجان الخطي والكرة كأنه نقطة الخال فذهب الوعي من قلبي حين بدا المعشوق وقلت: حفظك الله من خطر الزوال. والقاعدة في هذا هي أن يؤخذ من المصراع الأول عدد واحد من المصراع الثاني اثنين ومن الثالث أربعة ومن الرابع ثمانية، فيصير المجموع لهذه الحروف الأربعة خمسة عشر، وهي مطابقة للمصراع المذكور: فإذا كان الحرف الــمفروض موجودا في المصراع الأوّل فهو السّين وإن كان في الثاني فهو الخاء وإن يكن في الأول والثاني فهو النون لأنّه مجموع واحد واثنين وثلاثة، والثالث من حرف ذلك المصراع هو النون.
وعلى هذا فقس إلى الآخر. وإليك مثالا آخر من الحروف التي تضمر من معنى أبيات للأسترابادي:
إنّ القضاء النازل قد خجلت روحه من الملك الغازي ظل الخالق من المناهي فقل بصراحة وبدون غروض من أجل الذهب عن حظه بالياقوت الأحمر والذّهب الخالص فالسلاح على صفوف فرسانه هو فيض كلي ومن يكون لائقا لمقابلة صف جيشه الثقيل هو ملاذ من حوادث الدهر وعدوّ للفضّة والذّهب وشرب الخمر مائة مرة يصير فورا/ كذا أنظر إلى معانيه اللطيفة وملاءمة أقواله وألفاظه للمعنى إذا، من البيت الأول يحسبون واحدا ومن الثاني اثنين ومن الثالث أربعة ومن الرابع ثمانية ومن الخامس ستة عشر.

فمثلا: إذا كان الحرف المضمر موجودا في البيت الأول وليس موجودا في بقية الأبيات فالحرف الأول هو ألف. وإذا وصل إلى البيت الأول والخامس وليس في الأبيات الأخرى فالحرف السابع هو القاف طبقا للقاعدة المذكورة في المثال الأول. وإنما الفرق بين المثلين أنه يلاحظ في المثال الأول المصراع وفي الثاني البيت، كذا في مجمع الصنائع.

مهما

مهما: مهما أو مهمى: أي شيء: quicquid (Ewald نحو، 388 عباد 243: 1).
مهما: إذا، بعض؛ مهما كان صغيرا للشخص الواحد مهما يكون للشيء الواحد (بوشر). والــمفروض مهما يكن -المترجم.
(مهما)
تكون
اسْم شَرط جَازِمًا لفعلين يسْتَعْمل اسْتِعْمَال (مَا) الَّتِي تدل على غير الْعَاقِل وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَقَالُوا مهما تأتنا بِهِ من آيَة لتسحرنا بهَا فَمَا نَحن لَك بمؤمنين}
وَقد يَجِيء (مهما) اسْم اسْتِفْهَام كَقَوْل الراجز
(مهما لي اللَّيْلَة مهما لية ... أودى بنعلي وسرباليه
مهما لي أَي مَالِي
مهـما
مَهْما [كلمة وظيفيَّة]: اسم شرط لما لا يعقل جازم لفعلين يدُلُّ على الزّمان أو على غير الزّمان "مهما يزرْني أكرِمْهُ: يدلّ على الزّمان- مهما تحدثت فأنت مجيد- ومهما تكُن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تَخْفَى على الناس تُعْلَمِ- {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ ءَايَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}: يدلّ على غير الزّمان". 
مهما
) (} مَهْما: بَسيطَةٌ لَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ مَهْ) ، بمعْنَى أكْفُفْ، (وَمَا) ، صلَةٌ، (وَلَا مِنْ مَا مَا خِلافاً لزاعِمِيهِما) .
وَفِي الصِّحاح: زَعَمَ الخَليلُ أنَّ مَهْما أَصْلُها مَا ضُمَّت إِلَيْهَا مَا لَغْواً وأَبْدَلُوا الألِفَ هَاء. وقالَ سِيبَوَيْهٍ يَجوزُ أَن تكونَ مَهْ كإذْ ضُمّ إِلَيْهَا مَا، انتَهَى.
وَقد أَلْغَزَ الحَرِيرِي فِي مَقامَاتِه عَن مَهْما فقالَ: وَمَا اسْمُ الَّذِي لَا يُفْهم إلاَّ باسْتِفاضَةِ كَلِمَتَيْن، أَو الاقْتِصارُ مِنْهُ على حَرْفَيْن وَهُوَ مَهْما وفيهَا قَولانِ: أَحدُهما: أنَّها مُرَكَّبَةٌ مِن مَهْ ومِن مَا، والقولُ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أنَّ الأصْلَ فِيهَا مَا فزِيدَتْ عَلَيْهَا مَا أُخْرى كَمَا تُزادُ مَا على أَن فصارَ لَفْظُها مَا مَا فثَقُلَ عَلَيْهِم تَوالِي كَلِمَتَيْن بلَفْظٍ واحِدٍ فأبْدلُوا مِن الألِفِ الأُولى هَاء فصارَ تامَهُما، قَالَ! ومَهْما مِن أَدَواتِ الشَّرْطِ والجَزاءُ ومَتى لُفِظَتْ بهَا لم يتمَّ الكَلامُ إلاَّ بإيرادِ كَلِمَتَيْن بَعْدها كقولِكَ: مَهْما تَفْعَلْ أفْعَلْ، ويكونُ حينَئِذٍ مُلْتزماً للفِعْلِ، وَإِن اقْتَصَرْتَ مِنْهَا على حَرْفَين وهُما مَهْ، الَّتِي بمعْنى اكْفُفْ، فُهِمَ المَعْنى، انتَهَى.
(وَلها ثلاثَةُ مَعانٍ:
(الأوَّل: مَا لَا يَعْقِلُ غيرَ الزَّمانِ مَعَ تَضَمُّنِ مَعْنَى الشَّرْطِ) ، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {مَهْما تَأْتِنا بِهِ من آيةٍ} ، قَالَ ابنُ فارِس: هِيَ مَا ضمت إِلَى مِثْلِها ثمَّ جُعِلَتِ الألفُ فِي مَا الأُوْلى هَاء كَراهَةً لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن؛ وقالَ قَوْمٌ: إنَّ مَهْ بمعْنَى اكْفُفْ وتكونُ مَا الثَّانِيَة للشَّرْطِ والجَزاءِ، وتَقْديرُ ذلكَ قَالُوا: مَهْ أَي اكُفُفْ ثمَّ قَالَ مَا تأْتِنا بِهِ مِن آيةٍ.
(الثَّاني: الزَّمانُ والشَّرْطُ، فتكونُ ظَرْفاً لفِعْلِ الشَّرْطِ كقولهِ) ، أَي الشَّاعرِ:
(وإنَّكَ مَهْما تُعْطِ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ (وفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعا) وَفِي اللّبابِ فِي ذِكْرِ الأسْماءِ المُتَضمِّنَةِ مَعْنى إنْ فِي كَوْنِها تَجْزِم المُضارِع وَهِي مَا ويَتَّصِلُ بهَا مَا المَزِيدَة فتَنْقَلِبُ أَلِفُها هَاء نَحْو: مَهْما على الأَصحِّ مِن القَوْلَيْن، وَقد يُسْتَعْمل للظَّرْف نَحْو:
مهما تُصِبْ أفقاً من بارقٍ تشمِ (الثَّالِثُ: الاسْتِفْهامُ) ، نَحْو قولِ الشَّاعرِ:
(مَهْما لِيَ اللَّيْلَةَ مَهْما لِيَهْ (أَوْدَى بنَعْلَيَّ وسِرْبالِيَه) قَالَ ابنُ فارِس: قَالُوا هِيَ مَا الَّتِي للاسْتِفْهامِ أُبْدِلَتْ أَلِفُها هَاء كَمَا ذُكِرَ آنِفاً، وَقَالُوا مَعْناهُ أَي اكْفُفْ، ثمَّ قالَ مالِيَ اللَّيْلَةَ.

علم الإلهي

علم الإلهي
هو علم يبحث فيه عن الحوادث من حيث هي موجودات.
وموضوعه الوجود من حيث هو.
وغايته تحصيل الاعتقادات الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة الأبدية والسيادة السرمدية كذا في: مفتاح السعادة.
وفي كشاف اصطلاحات الفنون: هو علم بأحوال ما يفتقر في الوجودين أي الخارجي والذهني إلى المادة.
ويسمى أيضا بالعلم الأعلى وبالفلسفة الأولى وبالعلم الكلي وبما بعد الطبيعة وبما قبل الطبيعة
والبحث فيه عن الكميات المتصلة والكيفيات المحسوسة والمختصة بالكميات وأمثالها مما يفتقر إلى المادة في الوجود الخارجي استطرادي وكذا البحث عن الصورة مع أن الصورة تحتاج إلى المادة في التشكل كذا في العلمي وفي الصدر أمن الحكمية النظرية ما يتعلق بأمور غير مادية مستغنية القوام في نحوي الوجود العيني والذهني عن اشتراط المادة كالإله الحق والعقول الفعالة والأقسام الأولية للموجود كالواجب والممكن والواحد والكثير والعلة والمعلول والكلي والجزئي وغير ذلك فإن خالط شيء منها المواد الجسمانية فلا يكون على سبيل الافتقار والوجوب.
وسموا هذا القسم: العلم الأعلى فمنه العلم الكلي المشتمل على تقاسيم الوجود المسمى بالفلسفة الأولى ومنه الإلهي الذي هو فن من المفارقات.
وموضوع هذين الفنين: أعم الأشياء وهو الموجود المطلق من حيث هو. انتهى.
وأصول الإلهي خمسة:
الأول: الأمور العامة.
الثاني: إثبات الواجب وما يليق به.
الثالث: إثبات الجواهر الروحانية.
الرابع: بيان ارتباط الأمور الأرضية بالقوى السماوية.
الخامس: بيان نظام الممكنات.
وفروعه قسمان:
الأول: البحث عن كيفية الوحي وصيرورة العقل محسوسا ومنه تعريف الإلهيات ومنه الروح الأمين.
الثاني: العلم بالمعاد الروحاني. انتهى.
وقال صاحب: إرشاد القاصد: يعبر عنه بالإلهي لاشتماله على علم الربوبية.
وبالعلم الكلي لعمومه وشموله لكليات الموجودات.
وبعلم ما بعد الطبيعة لتجرد موضوعه عن المواد ولواحقها.
قال: وأجزاؤه الأصلية خمسة: الأول: النظر في الأمور العامة مثل الوجود والماهية والوجوب والإمكان والقدم والحدوث والوحدة والكثرة.
والثاني: النظر في مبادئ العلوم كلها وتبيين مقدماتها ومراتبها. والثالث: النظر في إثبات وجود الإله ووجوبه والدلالة على وحدته وصفاته.
والرابع: النظر في إثبات الجواهر المجردة من العقول والنفوس والملائكة والجن والشياطين وحقائقها وأحوالها.
والخامس: النظر في أحوال النفوس البشرية بعد مفارقتها وحال المعاد.
ولما اشتدت الحاجة إليه اختلفت الطرق.
فمن الطالبين: من رام إدراكه بالبحث والنظر وهؤلاء زمرة الحكماء الباحثين ورئيسهم أرسطو وهذا الطريق أنفع للتعلم لو وفى بجملة المطالب وقامت عليها براهين يقينية وهيهات.
ومنهم: من سلك طريق تصفية النفس بالرياضة وأكثرهم يصل إلى أمور ذوقية يكشفها له العيان ويجل أن توصف بلسان ومنهم: ابتدأ أمره بالبحث والنظر وانتهى إلى التجريد وتصفية النفس فجمع بين الفضيلتين وينسب مثال هذا الحال إلى سقراط وأفلاطون والسهروردي والبيهقي. انتهى.
وقال أبو الخير: وهذا العلم هو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى لكن لمن وقف على حقائقه واستقام في الإطلاع على دقائقه لأن حظي به فقد فاز فوزا عظيما ومن زلت فيه قدمه أو طغى به قلمه فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا إذ الباطل يشاكل الحق في مأخذه والوهم يعارض العقل في دلائله جل جناب الحق عن أن يكون شريعة الكل وارد أو يطلع على سرائر قدسه إلا واحد بعد واحد وقلما يوجد إنسان يصفو عقله عن كدر الأوهام ويخلص فهمه عن مهاوي الإيهام ويستسلم لما قرره الأعلام.
واعلم أن من النظر رتبة تناظر طريق التصفية ويقرب حدها من حدها وهو طريق الذوق ويسمونه الحكمة الذوقية.
وممن وصل إلى هذه الرتبة في السلف السهروردي وكتاب: حكمة الإشراق له صادر عن هذا المقام برمز أخفى من أن يعلم وفي المتأخرين: الفاضل الكامل مولانا شمس الدين الفناري في بلاد الروم ومولانا جلال الدين الدواني في بلاد العجم ورئيس هؤلاء الشيخ صدر الدين القونوي والعلامة قطب الدين الشيرازي. انتهى. ملخصا أو سيأتي تمام التفصيل في الحكمة عند تحقيق الأقسام إن شاء الله العزيز العلام.
واعلم أن منبع العلوم الحكمية النظرية وأستاذ الكل فيها إدريس عليه السلام آتاه الله الحكمة والنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وعلم النجوم. وأفهمه عدد السنين والحساب وعلمه الألسنة حتى تكلم الناس في زمنه باثنين وتسعين لسانا ولد بمصر وسموه هرمس الهرامس وباليونانية أرمس بمعنى عطارد وعرب بهرمس واسمه الأصلي هنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله تعالى في كتابه العربي المبين إدريس لكثرة دراسة كتاب الله تعالى.
وقيل: إن معلمه غوثاديمون أو أغثاذيمون المصري وتفسيره السعيد الجد قيل: وهو شيث عليه السلام.
ثم إن إدريس عرف الناس صفة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكون بريئا عن المذمات والآفات كلها كاملا في الفضائل الممدوحات لا يقصر عما يسأل عنه مما في الأرض والسماء ومما فيه دواء وشفاء وأنه يكون مستجاب الدعوة في كل ما يطلبه ويكون مذهبه ودينه ما يصلح به العالم.
وكانت قبلة إدريس جهة الجنوب على خط نصف النهار كان رجلا تام الخلقة حسن الوجه أجلح كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العين أكحلها متأنيا في كلامه كثير الصمت وإذا اغتاظ أخذ يحرك سبابته إذا تكلم وكانت مدة مقامه في الأرض اثنتين وثمانين سنة ثم دفعه الله مكانا عليا.
وهو أول من خاط الثياب وحكم بالنجوم وأنذر بالطوفان وأول من بنى الهياكل ومجد الله فيها وأول من نظر في الطب وأول من ألف القصائد والأشعار وهو الذي بنى أهرام بمصر وصور فيها جميع العلوم والصناعات وآلاتها خشية أن يذهب رسمها بالطوفان.
واعلم أيضا أن من أساتذة الحكمة الحكيم أفلاطون أحد الأساطين الخمسة للحكمة من يونان كبير القدر مقبول القول البليغ في مقاصده.
أخذ عن فيثاغورس وشارك مع سقراط في الأخذ عنه وصنف في الحكمة كتبا لكن اختار فيها الرمز والإغلاق وكان يعلم تلاميذه وهو ماش ولهذا سموا المشائين وفوض الدرس في آخر عمره إلى أرشد أصحابه وانقطع هو للعبادة وعاش ثمانين سنة وولد في مدينة أنيس ولازم سقراط خمسين سنة وكان عمره إذ ذاك عشرون سنة وتزوج امرأتين وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج بها علماء اشتهروا من بعده.
ومن جملة أساتذة الحكمة أرسطاطاليس تلميذ أفلاطون لازم خدمته مدة عشرين سنة وكان أفلاطون يؤثر على غيره ويسميه العقل وهو خاتم حكماءهم وسيد علمائهم وأول من استخرج المنطق وله كتب شريفة في الفلسفة وكان معلم الإسكندر بن فيلقوس وبآدابه وسياسته عمل هو فظهر الخير وفاض العدل وبه انقمع الشرك في بلاد اليونانيين.
ومعنى أرسطاطاليس محب الحكمة أو الفاضل الكامل عاش سبعا وستين سنة ومصنفاته تنيف على ثمانين وكان أبيض أجلح حسن القامة عظيم العظام صغير العينين والفم عريض الصدر كث اللحية أشهل العينين أقنى الأنف يسرع في مشيته ناظرا في الكتب دائما يقف عند كل كلمة ويطيل الإطراق عند السؤال قليل الجواب ينتقل في أوقات النهار في الفيافي ونحو الأنهار محبا لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضة وأصحاب الجدل منصفا في نفسه إذا خصم ويعرف بموضع الإصابة والخطأ معتدلا في الملابس والمآكل مات وله ثمان وتسعين سنة ثم إنه تخلف عن خدمة الملوك وبنى موضع التعليم وأقبل على العناية بمصالح الناس.
وكان جليل القدر كثير التلاميذ من الملوك وأبناءهم وكان أهل مدينة أسطا إذا أشكل عليهم أمر يجتمعون إلى قبره حتى يفتح لهم ويزعمون أن قبره يصحح فكرهم ويذكي عقولهم واستيفاء أخباره لا يمكن إلا في مجلد.
ومن جملة أساتذة الحكمة الفارابي وهو أبو نصر محمد بن محمد كان ذكيا حكيما مشهورا صاحب التصانيف في المنطق والمحكمة وغيرهما من العلوم وهو أكبر فلاسفة الإسلاميين لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه وتخرج ابن سينا في كتبه وبعلومه انتفع في تصانيفه كان رجلا تركيا تنقلت به الأسفار إلى أن وصل بغداد وهو يعرف كثيرا من اللغات غير العربي ثم تعلمه وأتقنه.
ثم اشتغل بالحكمة فقرأ على أبي بشر - متى بن يونس الحكيم - من شرح كتاب أرسطو في المنطق سبعين سفرا وكان هو شيخا كبيرا له صيت عظيم يجتمعون في حلقته كل يوم المئون من المنطقيين ثم أخذ طرفا من المنطق من أبي حنا ابن خيلان الحكيم النصراني بمدينة حران ثم نقل إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة وتمهر في كتب أرسطو جميعها يقال وجد كتاب النفس لأرسطو عليه مكتوب بخط الفار أبي: إني قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وقال: قرأت السماع الطبعي لأرسطو أربعين مرة ومع ذلك إني محتاج إلى معاودته وكان يقول: لو أدركت أرسطو لكنت أكبر تلامذته.
ثم سافر إلى دمشق ثم إلى مصر ثم عاد إلى دمشق فأحسن إليه سلطانها1 سيف الدولة بن حمدان وأجرى عليه كل يوم أربعة دراهم لأنه كان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكتسب ولا مسكن لذلك أقتصر على أربعة دراهم وكان منفردا بنفسه لا يكون إلا في مجتمع ماء أو مشبك رياض ويؤلف كتبه هناك وكان أكثر تصانيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا قليلا فلذلك كانت أكثر تصانيفه فصولا وتعليقات وبعضها ناقصا.
يحكى أن الآلات المسماة بالقونون من تركيبه.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق وقد ناهز ثمانين سنة.
وعدد مصنفاته من الكتب والرسالة سبعون كلها نافعة سيما كتابان في العلم الإلهي والمدني لا نظير لهما.
أحدهما: المعروف بالسياسة المدنية.
والأخرى: بالسيرة الفاضلة وصنف كتابا شريفا في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه أحد ولا ذهب أحد مذهبه ولا يستغني عنه أحد من طلاب العلم وكذا كتابه في أغراض أفلاطون وأرسطو أطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما وبين كيفية التدرج من بعضها إليها بعض شيئا فشيئا ثم بدأ بفلسفة أرسطو ووصف أغراضه في تواليفه المنطقية والطبيعية فلا أعلم كتابا أجدى على طلب الفلسفة منه.
وفاراب: إحدى مدن الترك فيما وراء النهر. ومن جملة أساطين الحكمة: أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور وكان أبوه من بلخ ثم انتقل منها إلى بخارا وكان من العمال الكفاة وتولى العمل بقرية من بخارا يقال لها هرمين ثم انتقلوا إلى بخارا وانتقل الرئيس بعد ذلك في البلاد وأشتغل بالعلوم وحصل الفنون ولما بلغ عشر سنين من عمره أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة ثم قرأ كتاب: إيساغوجي علي أبي عبد الله النابلي وأحكم عليه ظواهر المنطق: لأنه لم يكن يعرف دقائقها ثم حل هو نفسه دقائق غفل عنها الأوائل وأحكم عليه إقليدس والمجسطي وفاقه أضعافا كثيرة.
وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد يقرأ ويبحث ويناظرهم ثم اشتغل بتحصيل الطبعي والإلهي وغير ذلك وفتح الله عليه أبواب العلوم ثم فاق في علم الطب الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح عديم القرين فقيد المثيل.
وقرأ عليه فضلاء هذا الفن أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة وسنه إذ ذاك نحو ستة عشر وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولم يشتغل في النهار بشيء سوى العلم والمطالعة وكان إذا أشكلت عليه مسئلة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له فتح الله - تبارك وتعالى – مشكلاتها.
ثم اتصل بخدمة نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان بسبب الطب ودخل إلى خزانة كتبه واطلع على كتب لم تقرع آذان الزمان بمثلها وحصل نخب فوائدها وتحلى بنفائس فرائدها.
ويحكى عنه أنه لم يطلع على مسئلة إلى آخر عمره إلا وكان يعرفها وكان في ثمانية عشر سنين من سنه حتى حكي عنه أنه قال: كل ما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته الآن لم أزد عليه إلى اليوم وهذا أمر عظيم لا يكاد يقبله العقل لولا عرف حد ذكائه.
ثم تنقلت به الأحوال بأمور يطول شرحها حتى استوزر ثم عزل وحبس وبعد هذه الأحوال كلها مرض ثم صلح ثم دخل إلى أن ضعف جدا ثم اغتسل وتاب1 وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات يوم الجمعة من رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة بهمذان وكانت ولادته سنة سبعين وثلاثمائة في شهر صفر وقيل: توفي بأصبهان وفضائله كثيرة شهيرة وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه.
وعدة مؤلفاته ثمانية وستون على الأشهر وقيل: يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر. ورسائله بديعة منها: رسالة حي بن يقظان و: رسالة سلامان و: إبسال و: رسالة الطب و: قصيدة الورقاء يرمز بها عن النفس الناطقة.
ومن جملة أساطين الحكمة الإمام فخر الدين الرازي وممن نحا نحو ابن سينا والرازي:
نصير الدين الطوسي وهو محمد بن محمد سلطان الحكماء المدققين وقدوتهم في زمانه جامع علوم المتقدمين والمتأخرين.
ولد يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة توفي آخر نهار الاثنين ثامن عشر ذي الحجة وقت مغيب الشمس سنة اثنتين وسبعين وستمائة ودفن بالمشهد الكاظمي.
وكان آية في التدقيق والتحقيق وحل المواضع المشكلة سيما: لطف التحرير الذي لم يلتفت إليه المتقدمون بل التفتوا إلى جانب المعنى فقط ثم إن الفاضل الشريف قلده في أمر التحرير والتقرير كما يظهر ذلك بالنظر في تصانيفهما.
وكان1 غاليا في التشيع كما يفصح عنه المقصد السادس من التجريد إلا أن الشيخ أكمل الدين قال: في أواخر شرحه للتجريد سمعت شيخي العلامة قطب الدين الشيرازي قال: كان الناس مختلفين في أن هذا الكتاب يعني التجريد لخواجه نصير الدين أولا فسأل عن ذلك ابنه خواجه أصيل الدين فقال: كان والدي وضعه إلى باب الإمامة وتوفي فكمله ابن المطهر الحلي وكان من الشيعة وهو زائغ زيغا عظيما فعلى هذه الرواية يكون بريئا عن نقيصة التشيع إلا أن المشهور عند الجمهور خلاف.
وبمن يلي هؤلاء في معرفة الحكمة الشيخ شهاب الدين السهروردي بل فاق كثيرا في الحكمة الذوقية.
وممن خرط في سلكهم الشيخ قطب دن الشيرازي والشيخ قطب الدين الرازي وسعد الدين التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني ثم الجلال الدواني.
قال الأرنيقي: بعد ما ذكر في: مدينة العلوم ومن فضلاء بلادنا مولانا مصلح الدين مصطفى الشهير بخواجه زاده ومصلح الدين مصطفى الشهير بالقسطلاني لكن هؤلاء السبعة قد فاقوا على أكثر المتقدمين في الحديث والتفسير والأصول والفروع إلا أن الإمام فخر الدين الرازي فإنه تمهر فيها مع مشاركته لهؤلاء في علوم الحكمة بأقسامها وإن اتقانه أقوى من إتقانهم. انتهى
قلت: وفي قوله فاق على أكثر المتقدمين إلى آخره نظرا لأن العلم المجرد بالحديث والتفسير لا يكفي في صحة الاعتقاد والعمل حتى يستعملها على وجههما ويقول بمقتضاهما ويحقق فحواهما وأنى لهم التناوش من مكان بعيد.
والفخر الرازي أكثر كلاما من هؤلاء في علوم التفسير ولكن قال أهل التحقيق في حق كتابه: مفاتيح الغيب فيه كل شيء إلا التفسير وقد بحث في تفسيره هذا عن كل شيء لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقد أخطأ في مواضع مما يتعلق بفهم القرآن الكريم ويقال: إنه لم يكمل تفسيره بل كمله بعض من جاء بعده والخطأ منه وقد أصاب في مواضع منها: رد التقليد واثبات الاتباع. والله أعلم.
ثم قال في: مدينة العلوم: إن الكتب المؤلفة في العلم الإلهي لما لم يخل عن الرياضي والطبعي أيضا أحببنا أن نذكره بعد الفراغ عن الكل - اللهم إلا نادرا -: كالمباحث المشرقية للإمام فخر الدين الرازي وأمثاله ولا تظن أن العلوم الحكمية مخالفة للعلوم الشرعية مطلقا بل الخلاف في مسائل يسيرة وبعضها مخالف في مسائل قليلة ظاهرا لكن إن حقق يصافح أحدهما الآخر ويعانقه. انتهى.
قال في: كشف الظنون ثم اعلم أن البحث والنظر في هذا العلم لا يخلو إما: أن يكون على طريق النظر أو: على طريق الذوق فالأول: إما على قانون فلاسفة المشائين فالمتكفل له كتب الحكمة أو على قانون المتكلمين فالمتكفل حينئذ كتب الكلام لأفاضل المتأخرين والثاني: إما على قانون فلاسفة الإشراقين فالمتكفل له حكمة الإشراق ونحوه أو على قانون الصوفية واصطلاحهم فكتب التصوف.
وقد علم موضوع هذا الفن ومطالبه فلا تغفل فإن هذا التنبيه والتعليم مما فات عن أصحاب الموضوعات - وفوق كل ذي علم عليم.
وعبارة ابن خلدون في: تاريخه هكذا.
قال: علم الإلهيات: هو علم ينظر في الوجود المطلق.
فأولا: في الأمور العامة للجسمانيات والروحانيات من الماهيات والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان وغير ذلك.
ثم ينظر في مبادئ الموجودات وأنها روحانيات.
ثم في كيفية صدور الموجودات عنها ومراتبها.
ثم في أحوال النفس بعد مفارقة الأجسام وعودها إلى المبدأ.
وهو عندهم: علم شريف يزعمون أنه يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه وإن ذلك عين السعادة في زعمهم وسيأتي الرد عليهم وهو تال للطبيعيات في ترتيبهم ولذلك يسمونه: علم ما وراء الطبيعة وكتب المعلم الأول فيه موجود بين أيدي الناس ولخصه ابن سينا في كتاب: الشفاء والنجاة وكذلك لخصها ابن رشد من حكماء الأندلس.
ولما وضع المتأخرون في علوم القوم ودونوا فيها رد عليهم الغزالي ما رد منها ثم خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لعروضها في مباحثهم وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها فصارت كأنها فن واحد ثم غيروا ترتيب الحكماء في مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فنا واحدا قدموا الكلام في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في: المباحث المشرقية وجميع من بعده من علماء الكلام وصار علم الكلام مختلطا بمسائل الحكمة وكتبه محشوة بها كان الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد والتبس ذلك على الناس وهي غير صواب لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد ملتقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه بمعنى أنها لا تثبت إلا به فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثا عن الحق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن لم يكن معلوما هو شأن الفلسفة بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثيرا ما بين المقامين من التفاوت في ذلك مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها فإذا هدانا الشارع إلى مدرك فينبغي أن نقدمه على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه نعتمد ما أمرنا به اعتقادا وعلما ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه.
والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضاتهم واستدعى ذلك الحجج النظرية والبطلان فليس من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتأليف والحق مغايرة كل منه لصاحبه بالموضوع والمسائل وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتداد بالدليل وليس كذلك بل إنما هو رد على الملحدين
والمطلوب مفروض الصدق معلومه وكذا جاء المتأخرين من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضا فخلطوا مسائل الفنين بفنهم وجعلوا الكلام واحدا فيه كلها مثل كلامهم في النبوات والاتحاد والحلول والوحدة وغير ذلك.
والمدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة مختلفة وأبعدها من جنس الفنون والعلوم مدارك المتصوفة لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها كما بيناه ونبينه - والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم -. انتهى كلامه.

علم الجبر والمقابلة

علم الجبر والمقابلة
وهو: من فروع علم الحساب، لأنه يعرف فيه كيفية استخراج مجهولات عددية من معلومات مخصوصة.
ومعنى الجبر: زيادة قدر ما نقص من الجملة المعادلة بالاستثناء في الجملة الأخرى ليتعادلا.
معنى المقابلة: إسقاط الزائد من إحدى الجملتين للتعادل.
وبيانه: أنهم اصطلحوا على أن يجعلوا للمجهولات مراتب من نسبة تقتضي ذلك:
أولها: العدد، لأنه به يتعين المطلوب المجهول باستخراجه من نسبة المجهول إليه.
وثانيها: الشيء، لأن كل مجهول، فهو من حيث إبهامه شيء، وهو أيضاً جذر لما يلزم من تضعيفه في المرتبة الثانية.
وثالثها: المال، وهو مربع مبهم، فيخرج العمل الــمفروض إلى معادلة بين مختلفين، أو أكثر من هذه الأجناس، فيقابلون بعضها ببعض، ويجبرون ما فيها من الكسر، حتى يصير صحيحاً، ويؤول إلى الثلاثة التي عليها مدار الجبر، وهي العدد، والشيء، والمال.
توضيحه: أن كل عدد يضرب في نفسه، يسمى بالنسبة إلى حاصل ضربه في نفسه شيئاً في هذا العلم، ويفرض هناك كل مجهول يتصرف فيه شيئاً أيضاً، ويسمى الحاصل من الضرب بالقياس إلى العدد المذكور مالاً في العلم.
فإن كان في أحد المتعادلين من الأجناس استثناء كما في قولنا: عشرة إلا شيئاً، يعدل أربعة أشياء.
فالجبر: رفع الاستثناء بأن يزاد مثل المستثنى على المستثنى فيه، فيجعل عشرة كاملة، كأنه يجبر نقصانها، ويزاد مثل المستثنى على عديله كزيادة الشيء في المثال، بعد جبر العشرة على أربعة أشياء حتى تصير خمسة.
وإن كان في الطرفين أجناس من متماثلة، فالمقابلة أن تنقص الأجناس من الطرفين بعدة واحدة.
وقيل: هي تقابل بعض الأشياء ببعض على المساواة، كما في المثال المذكور، إذا قوبلت العشرة بالخمسة على المساواة.
وسمي العلم بهذين العملين: علم الجبر والمقابلة، لكثرة وقوعهما فيه، وأكثر ما انتهت المعادلة عندهم إلى ست مسائل، لأن المعادلة بين عدد وجذر، أي شيء ومال، مفردة أو مركبة، تجيء ستة.
قال ابن خلدون: وقد بلغنا أن بعض أئمة التعاليم من أهل المشرق أنهى المعادلات إلى أكثر من هذه الستة، وبلغها إلى فوق العشرين، واستخرج لها كلها أعمالاً وثيقة ببراهين هندسية. انتهى.
قال الفاضل: عمر بن إبراهيم الخيامي: إن أحد المعاني التعليمية من الرياضي هو: الجبر والمقابلة، وفيه ما يحتاج إلى أصناف من المقدمات معتاصة جداً متعذر حلها.
أما المتقدمون: فلم يصل إلينا منهم كلام فيها لعلهم لم يتفطنوا لها بعد الطلب والنظر، أولم يضطر البحث إلى النظر فيها، أو لم ينقل إلى لساننا كلامهم.
وأما المتأخرون: فقد عنَّ لهم تحليل المقدمة التي استعملها أرخميدس في الرابع من الثانية في الكرة، والأسطوانة بالجبر، فتؤدي إلى كعاب، وأموال، وأعداد متعادلة، فلم يتفق له حلها بعد أن أنكر فيها ملياً، فجزم بأنه ممتنع، حتى تبع أبو جعفر الخازن، وحلها بالقطوع المخروطية، ثم افتقر بعده جماعة من المهندسين إلى عدة أصناف منها فبعضهم حل البعض. انتهى.
قيل: أول من صنف فيه:
الأستاذ، أبو عبد الله: محمد بن موسى الخوارزمي.
وكتابه فيه معروف، مشهور.
وصنف بعده أبو كامل: شجاع بن أسلم كتابه: (الشامل) وهو من أحسن الكتب فيه.
ومن أحسن شروحه، شرح القرشي.
ومن الكتب المؤلفة فيه...
علم الجبر والمقابلة
هو: من فروع علم الحساب لأنه: علم يعرف فيه كيفية استخراج مجهولات عديدية بمعادلتها المعلومات مخصوصة على وجه مخصوص.
ومعنى الجبر: زيادة قدر ما نقص من الجملة المعادلة بالاستثناء في الجملة الأخرى لتتعادلا. ومعنى المقابلة: إسقاط الزائد من إحدى الجملتين للتعادل.
وبيانه: أنهم اصطلحوا على أن يجعلوا للمجهولات مراتب من نسبة تقتضي ذلك بطريق التضعيف بالضرب.
أولها: العدد لأنه به يتعين المطلوب المجهول باستخراجه من نسبة للمجهول إليه.
وثانيها: الشيء لأن كل مجهول فهو من حيث إبهامه: شيء وهو أيضا: جذر لما يلزم من تضعيفه في المرتبة الثانية.
وثالثها: المال وهو: مربع مبهم وما بعد ذلك فعلى نسبة الأس في المضروبين.
ثم يقع العمل للفروض في المسئلة فيخرج العمل الــمفروض إلى معادلة بين مختلفين أو أكثر من هذه الأجناس فيقابلون بعضها ببعض ويجبرون ما فيها من الكسر حتى يصير صحيحا ويحطون المراتب إلى أقل الأسوس إن أمكن حتى يؤول إلى الثلاثة التي عليها مدار الجبر عندهم وهي: العدد والشيء والمال.
توضحيه: أن كل عدد يضرب في تفسير يمسي بالنسبة إلى حاصل ضربه في نفسه شيئا في هذا العلم يفرض هناك كل مجهول يتصرف فيه شيئا أيضا ويسمى الحاصل من الضرب: بالقياس إلى العدد المذكور مالا في هذا العلم فإن كان في أحد المتعادلين من الأجناس استثناء كما في قولنا: عشرة الأشياء يعدل أربعة اشياء.
فالجبر: رفع الإسنثناء: بأن يزاد مثل المستثنى على المستثنى منه فيجعل العشرة كاملة كأنه يجبر نقصانها أو يزاد مثل المستثنى على عديله كزيادة الشيء في المثال بعد جبر العشرة على أربعة أشياء حتى تصير خمسة.
وإن كان في الطرفين أجناس متماثلة: فالمقابلة أن تنقص الأجناس من الطرفين بعدة واحدة
وقيل: هي تقابل بعض الأشياء ببعض على المساواة كما في المثال المذكور إذا قوبلت العشرة بالخمسة على المساواة.
وسمي العلم بهذين العملين: علم الجبر والمقابلة لكثرة وقعهما فيه.
قال ابن خلدون: فإن كانت المعادلة بين واحد وواحد تعين فالمال والجذر يزول إبهامه بمعادلة العدد ويتعين.
والمال وإن عادل الجذور يتعين بعدتها وإن كانت المعادلة بين واحد واثنين أخرجه العمل الهندسي من طريق تفضيل الصرف في الاثنين.
وأكثر ما انتهت المعادلة عندهم إلى ست مسائل لأن المعادلة بين عدد وجزر أي شيء ومال مفردة أو مركبة تجيء ستة.
ومنفعته: استعلام المجهولات العددية إذا كانت معلومة العوارض ورياضة الذهن.
وأول من كتب هذا الفن أبو عبد الله الخوارزمي وبعده أبو كامل شجاع بن أسلم وجاء الناس على أثره فيه وكتابه في مسائله الست من أحسن الكتب الموضوعة فيه وشرحه كثير من أهل الأندلس فأجادوا.
ومن أحسن شروحه كتاب: القرشي وقد بلغنا أن بعض أئمة التعاليم من أهل المشرق أنهى المعادلات إلى أكثر من هذه الستة الأجناس وبلغها إلى فوق العشرين واستخرج لها كلها أعمالا وأتبعه ببراهين هندسية - والله يزيد في الخلق ما يشاء سبحانه وتعالى -. انتهى.
قال الشيخ عمر بن إبراهيم الخيامي: إن أحد المعاني التعليمية من الرياضي هو: الجبر والمقابلة وفيه ما يحتاج إلى أصناف من المقدمات معتاصة جدا متعذر حلها أما المتقدمون: فلم يصل إلينا منهم كلام فيها العلم لم يتفطنوا لها بعد الطلب والنظر أو لم يضطر البحث إلى النظر فيها ولم ينقل إلى لساننا كلامهم.
وأما المتأخرون: فقد عن لهم تحليل المقدمة استعملها أرخميدس في الرابعة من الثانية في الكرة والأسطوانة بالجبر فنادى إلى كتاب وأموال وأعداد متعادلة فلم يتفق له حلها بعد أن أنكر فيها مليا فجزم بأنه ممتنع حتى تبعه أبو جعفر الخازن وحلها بالقطوع المخروطية ثم افتقر بعده جماعة من المهندسين إلى عدة أصناف منها فبعضهم حل البعض. انتهى.
قال في: مدينة العلوم: ومن الكتب المختصرة فيه: نصاب الجبر لابن فلوس المارديني و: المفيد لابن المحلي الموصلي.
ومن المتوسطة: كتاب: الظفر للطوسي.
ومن المبسوطة: جامع الأصول لابن المحلي و: الكامل لأبي شجاع بن أسلم وبرهن السموك على مسائله بالبراهين العددية والهندسية و: أرجوزة ابن الياسمين و: شرحه مختصر نافع أورد فيه ما لا بد منه.
ومن الرسائل الوافية بالمقصود: رسالة شرف الدين محمد بن مسعود بن محمد المسعودي.

علم الأزياج

علم الأزياج
من فروع علم الهيئة وهي صناعة حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريق حركته وما أدى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطؤ واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة ولهذه الصناعة قوانين كالمقدمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية وأصول متقررة من معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات واستخراج بعضها من بعض يضعونها في جداول مرتبة تسهيلا على المتعلمين وتسمى الأزياج.
ويسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت الــمفروض لهذه الصناعة تعديلا وتقويما وللناس فيه تآليف كثيرة من المتقدمين والمتأخرين مثل البناني وابن الكماد.
وقد عول المتأخرون لهذا العهد بالمغرب على زيج منسوب لابن إسحاق من منجمي تونس في أول المائة السابعة ويزعمون أن ابن إسحاق عول فيه على الرصد وأن يهوديا كان بصقلبة ماهرا في الهيئة والتعاليم وكان قد عنى بالرصد وكان يبعث إليه بما يقع في ذلك من أحوال الكواكب وحركاتها فكان أهل المغرب عنوا به لوثاقه مبناه على ما يزعمون ولخصه ابن البناء في جزء سماه المنهاج فولع به الناس لما سهل من الأعمال فيه وإنما يحتاج إلى مواضع الكواكب من الفلك لتبتنى عليها الأحكام النجومية وهي معرفة الآثار التي تحدث عنها بأوضاعها في عالم الإنسان من الملك والدول والمواليد البشرية والله الموفق لما يحبه ويرضاه لا معبود سواه.

فَارِضٌ

{فَارِضٌ}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {لَا فَارِضٌ}
فقال ابن عباس: الهرمة. ولما سأله نافع: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
لَعمرى لقد أعطيت ضيفَك فارِضاً. . . تُساق إليه ما تقومُ على رِجْل
(تق) وزاد في (ك، ط) الكبيرة المسنة
الكلمة من آية البقرة 68 في قوم موسى:
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ}
وحيدة الصيغة والاستعمال في القرآن. وسائر ما فيه من المادة، إنما هو في الفرْضِ، والفريضة، والــمفروض.

معناها عند الفراء: ليست بهرمة ولا شابة. والفارض قد فرضَتْ وبعضهم يقول فرُضت (1 / 44) .
وهي المسنة في شرح شواهد الكشاف. وردها الراغب إلى معنى القطع، قال: ورجل فارض: بصير بحكم الفرائض - الحجج القاطعة - منقولاً إليه من الفارض: بصير بحكم الفرائض - الحجج القاطعة - منقولاً إليه من الفارض، المسنّ من البقر. وقيل إنما سمي فارضاً لكونه فارضاً للأرض أي قاطعاً، أو فارضاً لما يحمل من المشاق. وقيل: بل لأن فريضة البقر اثنتان: تبيعة ومُسِنَّة، فالتبيع يجوز في حال دون حال، فسميت الفارضة لذلك، فعل هذا يكون الفارض اسماً إسلامياً (المفردات) . قال في الكشاف: الفارض المسنة التي انقطعت ولادتها من الكبر وكأنها سميت فارضا لأنها فرضت سنها وانقطعت وأنشد الشاهد. والبكر الفتية، والعوان النصف. وفي تفسير القرطبي عن ابن قتبيبة، أن الفارض التي ولدت. وذهب ابن فارس في (المقاييس / فرض) إلى أن الفارض - في الآية. بمعنى المسنة، مما شذ عن الأصل في الفرض، وهو عنده: الحزّ في الشيء. ولا يبعد عن أصله، أن تكون المسنة قد حز فيها الزمن.

دكتاتور

دكتاتور
دِكْتاتور [مفرد]: ديكتاتور؛ حاكِمٌ فردٌ مُسْتَبدٌّ، يحصر في نفسه السّلطات الحكوميّة كلّها، ويملك السّلطة القضائيّة المطلقة على الحكومة وعلى الدَّولة "دِكتاتور يرفض حكم الشّورى". 

دِكْتاتورِيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى دِكْتاتور: "حُكْمٌ دكتاتورِيّ".
2 - مفروض كشكل حكوميّ حيث تمارس السّلطة الحكوميّة سيطرة مطلقة مركزيّة على كلِّ مظاهر الحياة. 

دِكْتاتوريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى دِكْتاتور: "سياسة/ سلطة دكتاتوريّة".
2 - مصدر صناعيّ من دِكْتاتور: ديكتاتوريّة؛ حكم الفرد المستبِدّ الذي لا يلتزم بموافقة المحكومين، حكم الفرد أو الجماعة دون الالتزام بموافقة الآخرين "الدكتاتوريّة من أكبر المعضلات التي تواجهها الشّعوب". 

منّ

منّ: من: منّ عليه ب: في محيط المحيط (من عليه ب أنعم به) (دي ساسي كرست 1: 97) وعلى سبيل المثال: من عليه البقاء أي أبقاه حيا. وإيجازا من عليه (معجم البلاذري). (الــمفروض: من عليه بالبقاء. المترجم).
من عليه: في محيط المحيط (من على فلان منا عدله ما فعله له من الصنائع. مولدة) (فوك، دي ساسي كرست 2: 449 الكامل 397: 9) وفي معجم (مسلم) من عليه ب: صنع له معروفا.
منن (الشجر): في محيط المحيط (منن الشجر علاه الكن).
منن: في محيط المحيط (منن فلان فلانا عدله ما فعله له من صنائع مولدة).
تمنن: عد له ما فعله له من صنائع وتصاغ في معجم (مسلم) بعلى وب.
مَن: (بالفرنسية manne أيضا) والجمع امنان (المقري 1: 123).
مَنّ: في محيط المحيط (المن عند العامة دويبة بقدر البعوض تعلو الشجر فتضر به).
مُن (بالفرنسية manne أيضا) (فوك) (انظر الهامش السابق أي المرقم 264).
مَنة: (بالفرنسية manne أيضا) (باين سميث 1474) (انظر الهامش السابق أي المرقم 264).
مِنة والجمع مِنن: نعمة، فضل (عباد 1، 77، محيط المحيط، فوك في مادة dare) .
مِنة خاصة: امتياز، مزية، هبة طبيعية (بوشر).
مِنة: شكر، حمد، عرفان الجميل (عباد 1: 1).
مِنة: الالتزام الذي يفرضه واجب الإنسان بعرفان الجميل للإحسان والمعروف لمن اصطنع عنده هذه الصنيعة (بوشر).
مُنة (بالفرنسية manne) ( انظر الهامش السابق أي المرقم 264).
منية -منة: التزام، واجب (بوشر).
منيتك علي: أنا مديون لك من إحسانك إلي، لك علي جميل وفضل ومنة واليد البيضاء (بوشر).
كان تحت المنية وحمل منية: مدين (بوشر).
منان: تعداد ما يفعل من صنائع (الكالا). منون: (مؤنثة) المنية (عباد 3: 172 رقم 132، محيط المحيط، أبحاث 2 على أن تقرأ كلمة سلبته في مخطوطة A) ( انظر الهامش السابق أي المرقم 264).
منينة: قطع صغيرة من (البسكويت) تصنع من لباب الدقيق المعجون بالزبد (ألف ليلة 2: 18 ترجمة لين 2: 329 رقم 102).
منان: الذي يمن على الآخرين بما فعله من صنيع (رايت 135 رقم 67، فوك وقد وردت عنده منان على).
المنانة: (في رياض النفوس 31 في الحديث عن امرأة متزوجة): المنانة هي التي تمن بشيء كان منها إليك (انظر الهامش السابق أي المرقم 264).
ممنون: مقر بالفضل. شاكر. عارف الجميل (بوشر، همبرت 234 ممنون ل مدين أكون لك ممنونا بذلك (بوشر، محيط المحيط) (انظر الهامش 264).
ممنونية: شكر، وعرفان الجميل (بوشر) أنا تحت ممنونيتك: أنا مدين لك كثيرا (محيط المحيط، وانظر الهامش 264).

كنّ

كنّ: ومصدرها كنون: في (محيط المحيط ص795): والعامة تقول كنّ الريح وغيره كنوناً سكن.
استكنّ، فتّش عن ملجأ في (فوك) (انظره في مادة apricum؛ وفي مادة كَنّ) أمّا استكن إلى فقد ورد في (تقويم 961م لقرطبة لدوزي ص3: 100): ويستكن النمل إلى الغور.
كن وجمعها أكنان: ملجأ، ملاذ (فوك في مادة apricum لا يستعملها هنا في معناها الذي في اللاتينية القديمة بل فيما يرادف كلمة abrigo, abri و abric في اللغات الرومانية في صيغ لم ترد عند دوكانج).
كَنَّة. الكَنَّة: الجنّة عند العامة في لهجتهم (معجم الطرائف).
كنَّة: تردد. حيرة (بوشر).
كنَّة: اكتفاء، استغناء. تردد، تحفظ (تعليقة بوشر على معاني الكلمة المجازية).
موضع كَنين: موضع آمن وأمين، في حزر من، محمي (من الريح وغيره) (فوك) (محيط المحيط 795 كنين: مستور).
كنينة: دافئة، حارة وباللاتينية calidus ( المعجم اللاتيني).
كانون وجمعها كوانين: الموقد والمصطلى (محيط المحيط، فوك، بوشر، المقري 299:2، 7؛ 324:13) والفرن (شيرب): فرن في الأرض يستخدم بمثابة منقل أو موقد جمر من فقراء الذين يطبخون ويضعون قدور الطبخ عليه ويصفه (بركهات في كتابة الأمثال العربية 23:2) بأنه موقد صغير من الطين مصبوغ بصبغة حمراء وصفراء.
كانون: موقد: وردت في مخطوطة محفوظة في متحف الاسكوريال لابن بشكوال في فقرة تضمنت أخباراً عن ابن سعيد بن كوثر من أهالي طليطلة؛ وذكر (سيمونيه) في كتابه معجم الألفاظ الأبيرية الحكاية التالية: قص علينا أحد تلاميذه إنه ذهب لرؤيته، مع جمع غفير، والإنصات لدروسه في تشرين الثاني وكانون الأول الثاني وكان هناك، في وسط المجلس كانون في طوله قامة الإنسان مملوءاً فحماً يأخذ دف كلُ من المجلس (سسيمونيه).
الــمفروض أن يقال: كانون بطول قامة الإنسان أو طوله طول قامة الإنسان مملوء فحماً يدفئ .. الخ. (المترجم) خبر الكانون: الخبر المصنوع نحت الرمل (شكوري 192): وأمّا خبر الكانون المدفون في الرماد فلا خير فيه؛ انظره في كانونية.
كانونية: الخبز المصنوع تحت الرماد (الكالا): pan cosido la ceniza انظر خبز الكانون.
كينون= كانون (فوك) موقد (الكالا) موقد منزلي، جمعها كوانين.
مِكّن ومكنّة: ملجأ، ملاذ (مزامير سعديا 14، 16، 104).
مُكنّن (صيغت من كنانة): حامل الجعبة، المتسلّح بها (الكالا).
مكنون. زهر مكنون: حديقة الزهور المحاطة بسياج (الكوسج. كرست 8: 75).
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.