Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: معتبر

فَسَاد الْوَضع

فَسَاد الْوَضع: فِي أصُول الْفِقْه عبارَة عَن كَون الْجَامِع فِي الْقيَاس بِحَيْثُ قد ثَبت اعْتِبَاره بِنَصّ أَو إِجْمَاع فِي نقيض الحكم الَّذِي أثْبته الْمُعَلل - وَعبارَة بَعضهم فَسَاد الْوَضع أَن لَا يكون الْقيَاس على الْهَيْئَة الصَّالِحَة لاعتباره فِي ترَتّب الحكم كتلقي التَّضْيِيق من التوسيع يَعْنِي أَن يكون الْمقَام مقتضيا للتوسيع والمعلل أثبت بتعليله التَّضْيِيق - وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فَسَاد الْوَضع عبارَة عَن كَون الْعلَّة مُعْتَبرَــة فِي نقيض الحكم بِالنَّصِّ أَو الْإِجْمَاع مثل تَعْلِيل أَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لإِيجَاب الْفرْقَة بِإِسْلَام أحد الزَّوْجَيْنِ.

الْقَضِيَّة

الْقَضِيَّة: عِنْد المنطقيين قَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وَهِي ترادف الْخَبَر فتعريفه تَعْرِيفهَا وَلِهَذَا يعْتَرض بِأَن الصدْق وَالْكذب مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَعدم مطابقته لَهُ فَيلْزم الدّور لِأَن الْخَبَر مَأْخُوذ فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب وهما مأخوذان فِي تَعْرِيف الْقَضِيَّة الَّتِي هِيَ الْخَبَر فتوقف معرفَة الْخَبَر على الْخَبَر وَيُجَاب بِأَن الصدْق هُوَ الْمُطَابقَة للْوَاقِع وَالْكذب هُوَ اللامطابقة للْوَاقِع وهما بِهَذَا الْمَعْنى لَا يتوقفان على الْخَبَر والقضية فَلَا يلْزم الدّور. فَإِن قيل فَاعل الْمُطَابقَة لَيْسَ إِلَّا الْخَبَر فتعريف الصدْق وَالْكذب بالمطابقة للْوَاقِع واللامطابقة لَهُ بِحَذْف الْخَبَر لَا يدْفع الدّور قُلْنَا الْحصْر مَمْنُوع فَإِن غير الْخَبَر أَيْضا يَتَّصِف بِالصّدقِ وَالْكذب كَمَا فصلنا فِي تَحْقِيق الصدْق وَإِن سلمنَا فَنَقُول إِن فَاعل الْمُطَابقَة وَإِن كَانَ هُوَ الْخَبَر بِحَسب الظَّاهِر لكنه النِّسْبَة فِي نفس الْأَمر وَإِن سلمنَا أَنه الْخَبَر يكْسب الظَّاهِر وَفِي نفس الْأَمر لَكِن نفس مَفْهُوم الْمُطَابقَة للْوَاقِع واللامطابقة لَهُ بحقي فِي معرفَة الصدْق وَالْكذب من غير نظر والتفات إِلَى فاعلها وَالصَّوَاب أَن يُفَسر الصدْق وَالْكذب بمطابقة النِّسْبَة الإيقاعية أَو الانتزاعية للْوَاقِع وَالْكذب بِعَدَمِ مطابقتها لَهُ فَلَا دور وَلَا مَحْذُور.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور وَهُوَ أَن تَعْرِيف الْخَبَر بِمَا ذكر لَيْسَ بِجَامِع بِحَيْثُ لَا يصدق على شَيْء من أَفْرَاده لِأَن كل خبر لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مطابقا للْوَاقِع أَو لَا فعلى الأول يكون صَادِقا فَقَط - وعَلى الثَّانِي كَاذِبًا فَحسب فضلا عَن الِاحْتِمَال مَعَ أَن الْعقل بالبديهيات الأوليات وبخبر الْمخبر الصَّادِق الْبَارِي عز شَأْنه وَرَسُوله جلّ برهانه جازم بصدقها فَلَا احْتِمَال للكذب فِيهَا - وَالْجَوَاب بِأَن الْوَاو العاطفة فِي تَعْرِيف الْخَبَر بِمَعْنى أَو الَّتِي لأحد الْأَمريْنِ فَمَعْنَى التَّعْرِيف أَن الْخَبَر والقضية مَا يحْتَمل الصدْق أَو الْكَذِب لَيْسَ بسديد لِأَنَّهُ لَا معنى حِينَئِذٍ للاحتمال الْمشعر بِجَوَاز أَمر آخر. وَالْجَوَاب الصَّوَاب أَن المُرَاد بِاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب مَعًا أَن الْخَبَر بِمُجَرَّد النّظر إِلَى مَفْهُومه وَقطع النّظر إِلَى خُصُوصِيَّة متكلمه وخصوصية مَفْهُومه مُحْتَمل لَهما. فَالْمَعْنى أَن الْخَبَر مَا إِذا جرد النّظر إِلَى مُحَصل مَفْهُومه وَهُوَ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ وَقطع النّظر إِلَى خُصُوصِيَّة متكلمه وخصوصية مَفْهُومه يكون مُحْتملا للصدق وَالْكذب وَخبر الله تَعَالَى وَكَذَا خبر رَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا قَطعنَا النّظر عَن خُصُوصِيَّة متكلمه ولاحظنا مَفْهُومه وَجَدْنَاهُ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ - وَذَلِكَ يحْتَمل الصدْق وَالْكذب عِنْد الْعقل وَكَذَا البديهيات الأوليات مثل الْكل أعظم من الْجُزْء فَإنَّا إِذا قَطعنَا النّظر عَن خُصُوصِيَّة تِلْكَ المفهومات البديهيات ونظرنا إِلَى مُحَصل مفهوماتها وماهياتها وَجَدْنَاهُ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ - وَذَلِكَ يحْتَمل الصدْق وَالْكذب عِنْد الْعقل بِلَا اشْتِبَاه.
وَإِن أردْت الْفرق بَين الْقَضِيَّة والتصديق فَاعْلَم أَن الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الْمركب من الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَبِه وَالْحكم بِمَعْنى وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا من حَيْثُ إِنَّه حَاصِل فِي الذِّهْن يُسمى قَضِيَّة وَالْعلم بِهِ يُسمى تَصْدِيقًا عِنْد الإِمَام - وَأما عِنْد الْحُكَمَاء فالتصديق هُوَ الْعلم أَي الإذعان بالمعلوم الْوَاحِد الْخَاص أَعنِي وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا - فالقضية مَعْلُوم والتصديق علم.
وَعَلَيْك أَن تعلم أَيْضا أَن حُصُول الْمَعْلُوم حُصُول ظِلِّي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بهَا وَحُصُول الْعلم أصيلي فَلَا يرد أَنه إِذا اعْتبر الْحُصُول فِي الذِّهْن فِي الْقَضِيَّة يلْزم اتِّحَاد التَّصْدِيق والقضية إِذْ لَا فرق بَين الْمَعْلُوم وَالْعلم عِنْد الْقَائِل بِحُصُول الْأَشْيَاء أَنْفسهَا فِي الذِّهْن إِلَّا بِاعْتِبَار الْقيام بالذهن وَعدم الْقيام بِهِ.
ثمَّ إِن لفظ الْقَضِيَّة يُطلق تَارَة على الملفوظ وَتارَة على الْمَعْقُول فَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الْإِطْلَاق إِمَّا بالاشتراك اللَّفْظِيّ بِأَن يكون لفظ الْقَضِيَّة مَوْضُوعا لكل وَاحِد من الملفوظ والمعقول بِوَضْع على حِدة أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز بِأَن يكون مَوْضُوعا لأَحَدهمَا دون الآخر وَالثَّانِي أولى لِأَن الْــمُعْتَبر هُوَ الْقَضِيَّة المعقولة وَإِنَّمَا اعْتبر الملفوظة لدلالتها على المعقولة تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول وَقس على لفظ الْقَضِيَّة لفظ القَوْل الْوَاقِع فِي تَعْرِيفهَا وَلذَا اشْتهر أَن القَوْل عِنْدهم هُوَ الْمركب سَوَاء كَانَ معقولا أَو ملفوظا كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فَإِن كَانَ ملفوظا فالقضية ملفوظة وَإِن كَانَ معقولا فالقضية معقولة.
ثمَّ اعْلَم أَن للمركب التَّام أَسمَاء شَتَّى بِحَسب الاعتبارات كَمَا ستعلم فِي الْمركب التَّام إِن شَاءَ الله تَعَالَى فانتظر أَنِّي مَعَ المنتظرين. الْقَضِيَّة الحملية: هِيَ الْقَضِيَّة الَّتِي حكم فِيهَا بِثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو نَفْيه عَنهُ مثل كل إِنْسَان حَيَوَان وَلَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر وَإِن لم يكن الحكم فِيهَا كَذَلِك.
(الْقَضِيَّة) الحكم وَمَسْأَلَة يتنازع فِيهَا وَتعرض على القَاضِي أَو الْقُضَاة للبحث والفصل (مو) و (فِي الْمنطق) قَول مكون من مَوْضُوع ومحمول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب لذاته وَيصِح أَن يكون مَوْضُوعا للبرهنة (ج) قضايا

الْقيَاس

(الْقيَاس) من عمله قِيَاس الأَرْض أَو غَيرهَا
(الْقيَاس) (فِي اللُّغَة) رد الشَّيْء إِلَى نَظِيره و (فِي علم النَّفس) عمل عَقْلِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ انْتِقَال الذِّهْن من الْكُلِّي إِلَى الجزئي المندرج تَحْتَهُ كَمَا إِذا انْتقل الذِّهْن من مَفْهُوم أَن زَوَايَا كل مثلث تَسَاوِي زاويتين قائمتين إِلَى أَن زَوَايَا هَذَا المثلث المرسوم أَمَامِي الْآن تَسَاوِي زاويتين قائمتين و (فِي الْمنطق) قَول مركب من قضيتين أَو أَكثر مَتى سلم لزم عَنهُ لذاته قَول آخر كَمَا إِذا قُلْنَا كل ذِي أذن من الْحَيَوَان يلد والسلحفاة ذَات أذن فَإِن هَذَا يسْتَلْزم القَوْل بِأَن السلحفاة تَلد و (فِي الْفِقْه) حمل فرع على أصل لعِلَّة مُشْتَركَة بَينهمَا كَالْحكمِ بِتَحْرِيم شراب مُسكر حملا على الْخمر لاشْتِرَاكهمَا فِي عِلّة التَّحْرِيم وَهُوَ الْإِسْكَار
الْقيَاس: فِي اللُّغَة التَّقْدِير يُقَال قست الأَرْض بالقصبة إِذا قدرتها بهَا والمساواة يُقَال قَاس النَّعْل بالنعل إِذا حاذاه فساواه. وتعديته بعلى بتضمين معنى الْبناء فَإِن انْتِقَال الصِّلَة للتضمين.
وَعند المنطقين الْقيَاس قَول مؤلف من قضايا إِذا سلم يلْزم لذاته قَول آخر. اعْلَم أَن المُرَاد بالْقَوْل الأول الْمركب ملفوظا أَو معقولا وَالْقَوْل الثَّانِي مُخْتَصّ بالمعقول إِذْ لَا يجب تلفظ الْمَدْلُول من تلفظ الدَّلِيل وَلَا من تعقله والمؤلف لكَونه من الألفة أَعم من الْمركب بِعَدَمِ اعْتِبَار الألفة والمناسبة بَين أَجْزَائِهِ فَفِي ذكر الْمُؤلف بعد القَوْل إِشَارَة إِلَى أَن التَّأْلِيف مُعْتَبر فِي الْقيَاس دون التَّرْكِيب مُطلقًا وَإِن كَانَ جِنْسا لَهُ على أَنه لَو قيل الْقيَاس قَول من قضايا لما تعلق من قضايا بالْقَوْل لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الاصطلاحي اسْم جامد كَمَا مر فِي القَوْل فَلَا بُد من ذكر الْمُؤلف بعده ليَصِح التَّعَلُّق وَأَيْضًا لَو لم يذكر لتوهم أَن كلمة من للتَّبْعِيض فَلَا يكون تَعْرِيف الْقيَاس مَانِعا لصدقه على قَضِيَّة مستلزمة لعكسها المستوي وَعكس النقيض فَإِن قلت: إِن القَوْل لما كَانَ أَعم فَيكون تَعْرِيف الْقيَاس شَامِلًا للملفوظ والمعقول فالاستلزام مَمْنُوع فَإِن تلفظ الدَّلِيل لَا يسْتَلْزم بالمدلول أَي الْمَطْلُوب قُلْنَا إِذا أُرِيد بالْقَوْل الملفوظ فَالْمُرَاد بالاستلزام الاستلزام عِنْد الْعَالم بِالْوَضْعِ. فَمَعْنَى التَّعْرِيف الْمَذْكُور أَنه كلما تلفظ بِهِ الْعَالم بِالْوَضْعِ لزمَه الْعلم بمطلوب جزئي فالاستلزام لَيْسَ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض الْأَشْخَاص وَهُوَ لَا يضرنا إِذْ لَا ندعي الْكُلية.
وَاعْلَم أَن الْقيَاس لَا يتألف إِلَّا من مقدمتين إِمَّا الْمُقدمَات فقياسات محصلة لقياس ينْتج الْمَطْلُوب - فَإِن صرح بنتائجها فموصولة النتائج وَإِلَّا فمفصولة النتائج. وَالْقِيَاس عِنْد الْأُصُولِيِّينَ مُسَاوَاة فرع الأَصْل فِي عِلّة حكمه. وَبِعِبَارَة أُخْرَى هُوَ إِثْبَات مثل حكم مَعْلُوم فِي مَعْلُوم آخر لاشْتِرَاكهمَا فِي عِلّة الحكم عِنْد الْمُثبت وَهَذِه الْمُسَاوَاة أَو الْإِثْبَات الْمَذْكُور يُسمى عِنْد المنطقيين بالتمثيل الْمُعَرّف عِنْدهم بِأَنَّهُ مُشَاركَة جزئي لآخر فِي عِلّة الحكم لإِثْبَات حكم كلي. وَفِي التَّحْقِيق شرح الحسامي والمعول عَلَيْهِ أَي الْمُعْتَمد عَلَيْهِ فِي تَحْدِيد الْقيَاس مَا نقل عَن الشَّيْخ أبي مَنْصُور أَنه إبانة مثل حكم أحد الْمَذْكُورين بِمثل علته فِي الآخر. وَاخْتَارَ لفظ الْإِبَانَة أَي الْإِظْهَار دون الْإِثْبَات لِأَن الْقيَاس مظهر لَا مُثبت فَإِن الْمُثبت هُوَ الله تَعَالَى. وَذكر مثل الحكم وَمثل الْعلَّة احْتِرَازًا عَن لُزُوم القَوْل بانتقال الْأَوْصَاف فَإِنَّهُ لَو لم يذكر لفظ الْمثل للَزِمَ ذَلِك. وَذكر لفظ الْمَذْكُورين ليشْمل الْقيَاس بَين الْمَوْجُودين والمعدومين كقياس عديم الْعقل بِسَبَب الْجُنُون على عديم الْعقل بِسَبَب الصغر فِي سُقُوط خطاب الْإِدْرَاك عِنْده بِالْعَجزِ عَن فهم الْخطاب وَأَدَاء الْوَاجِب - وَحكم الْقيَاس تَعديَة حكم النَّص إِلَى مَا لَا نَص فِيهِ ليثبت مثل حكمه فِيمَا لَا نَص فِيهِ بغالب الرَّأْي على احْتِمَال الخطاء وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْقيَاس لَا يُفِيد الْقطع وَالْيَقِين.
وَاعْلَم أَن الْقيَاس وَالتَّعْلِيل مُتَرَادِفَانِ عندنَا فَالْحكم بِأَن التَّعْدِيَة حكم لَازم للْقِيَاس حكم بِأَنَّهَا لَازِمَة للتَّعْلِيل وَبِالْعَكْسِ عندنَا لِأَنَّهُ لَا يجوز التَّعْلِيل بِدُونِ التَّعْدِيَة عندنَا وَعند الشَّافِعِي يجوز التَّعْلِيل بِدُونِهَا فَإِن التَّعْلِيل بِالْعِلَّةِ القاصرة جَائِز عِنْده لَا عندنَا وَالتَّفْصِيل أَن الحكم فِي النَّص إِمَّا مَنْصُوص الْعلَّة أَو لَا وعَلى الأول لَا حَاجَة إِلَى التَّعْلِيل وعَلى الثَّانِي يُعلل لَكِن عندنَا لغَرَض إِثْبَات ذَلِك الحكم وتعديته إِلَى مَا لَا نَص فِيهِ لَا لإِثْبَات ذَلِك الحكم لِأَن النَّص مُثبت لَهُ فَلَا حَاجَة إِلَى إثْبَاته إِلَى أَمر آخر وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يجوز التَّعْلِيل لإِثْبَات الحكم نَفسه لَا للتعدية وَفَائِدَته أَن يصير الحكم أقرب إِلَى الْقبُول فالتعليل عِنْده قد يكون للتعدية كالقياس وَقد لَا يكون فالتعليل عِنْده عَام وَالْقِيَاس خَاص عَنهُ وَنَوع مِنْهُ فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ ينفعك فِي الْأُصُول الحسامي.

الْكُلِّي

الْكُلِّي: عِنْد المنطقيين مَا لَا يمْنَع نفس تصَوره من وُقُوع الشّركَة فِيهِ كالحيوان. وَإِنَّمَا سمي كليا لِأَن كُلية الشَّيْء إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجزئي. والكلي يكون جُزْء الجزئي غَالِبا فَيكون ذَلِك الشَّيْء مَنْسُوبا إِلَى الْكل والمنسوب إِلَى الْكل كلي كَمَا فصلنا هَذَا المرام فِي الجزئي. وَمعنى اشْتِرَاك الْمَاهِيّة بَين كثيرين أَن صورتهَا الْعَقْلِيَّة مُطَابقَة لكل وَاحِد من جزئياتها. وَمعنى الْمُطَابقَة مُنَاسبَة مَخْصُوصَة لَا تكون لسَائِر الصُّور الْعَقْلِيَّة. فَإنَّا إِذا تعقلنا زيدا حصل فِي عقلنا أثر لَيْسَ ذَلِك الْأَثر هُوَ بِعَيْنِه الْأَثر الَّذِي يحصل فِي الْعقل عِنْد تعقلنا فرسا معينا. وَمعنى الْمُطَابقَة لكثيرين أَنه لَا يحصل من تعقل كل وَاحِد مِنْهَا أثر متجدد بل يكون الْحَاصِل فِي الْعقل من تعقل كل هُوَ الصُّورَة الْوَاحِدَة على تِلْكَ النِّسْبَة الْمَخْصُوصَة. فَإنَّا إِذا رَأينَا زيدا حصل مِنْهُ فِي أذهاننا الصُّورَة الإنسانية المعراة عَن المشخصات واللواحق. وَإِذا أبصرنا بعد ذَلِك خَالِدا لم تقع مِنْهُ صُورَة أُخْرَى بل الصُّورَة الْحَاصِلَة الأولى بِعَينهَا. بِخِلَاف مَا إِذا رَأينَا فرسا معينا فَافْهَم.
فَإِن قيل تَعْرِيف الْكُلِّي لَيْسَ بمانع لصدقه على الصُّورَة الخيالية من الْبَيْضَة الْمعينَة تنطبق على كل من البيضات بِحَيْثُ يجوز الْعقل أَن يكون هِيَ هِيَ. وَأَن ضَعِيف الْبَصَر يرى شبحا من بعيد وَيجوز عقله أَن يكون زيدا وعمرا إِلَى غير ذَلِك. وَأَن الطِّفْل فِي مبدأ الْولادَة لنُقْصَان الْحس الْمُشْتَرك لَا يَأْخُذ الصُّورَة عَمَّا هُوَ فِي الْخَارِج بِخُصُوصِهِ. وَلَا يفرق بَين أمه عَن غَيرهَا وَأَبِيهِ عَن غَيره بل يدْرك شبحا وَاحِدًا لَا يتَمَيَّز فِيهِ أَبَاهُ وَأمه عَن الْغَيْر. فَيلْزم أَن تكون هَذِه الصُّور كُلية مَعَ أَنهم عدوها من الجزئيات.
قُلْنَا المُرَاد وُقُوع الشّركَة على سَبِيل الِاجْتِمَاع لَا على الْبَدَلِيَّة والترديد وَصدق تِلْكَ الصُّور على الْكَثْرَة واشتراكها فِيهَا لَيْسَ على سَبِيل الِاجْتِمَاع بل على سَبِيل الْبَدَلِيَّة كَمَا لَا يخفى. فَإِن قيل إِن الصُّورَة الخارجية لزيد مثلا جزئي حَقِيقِيّ وَيصدق عَلَيْهَا تَعْرِيف الْكُلِّي لِأَنَّهَا تصدق وتطابق على سَبِيل الِاجْتِمَاع على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا كَمَا أَن كل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي تِلْكَ الأذهان تطابق لتِلْك الصُّورَة الخارجية. فَإِن الْمُطَابقَة من الْجَانِبَيْنِ - وَالْعقل يجوز الْمُطَابقَة فِيمَا بَينهمَا على سَبِيل الِاجْتِمَاع. فَإِن التَّحْقِيق أَن حُصُول الْأَشْيَاء بأنفسها فِي الذِّهْن لَا بأشباحها وإظلالها. فَإِن الدَّلَائِل الدَّالَّة على الْوُجُود الذهْنِي للأشياء إِنَّمَا تدل على وجودهَا حَقِيقَة لَا بِاعْتِبَار الشبح والمثال الَّذِي هُوَ وجودهَا مجَازًا. وَأَيْضًا أَن الصُّورَة الذهنية لزيد جزئي حَقِيقِيّ وَتصدق على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا وتطابقها.
قُلْنَا لَا نسلم صدق الجزئي الْحَقِيقِيّ على شَيْء فضلا عَن أَن تصدق الصُّورَة الخارجية الْجُزْئِيَّة على الذهنية كَيفَ فَإِن الْحمل الْــمُعْتَبر فِي حمل الْكُلِّي على جزئياته هُوَ الْحمل بالمواطأة - وَهُوَ أَن المتغايرين مفهوما متحدان ذاتا. وَهَذَا الْحمل بَين الصُّورَة الخارجية والذهنية مُنْتَفٍ. وَإِن سلمنَا فَنَقُول إِن الْكُلِّي والجزئي قِسْمَانِ للمفهوم الْعقلِيّ لأَنهم قَالُوا إِن الْمَفْهُوم أَي مَا حصل فِي الْعقل إِمَّا كلي وَإِمَّا جزئي. فالكلي على هَذَا هُوَ الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الَّذِي لَا يمْنَع نفس تصَوره عَن وُقُوع الشّركَة فِيهِ وَالْمرَاد بِالشّركَةِ لَيست هِيَ الْمُطَابقَة مُطلقًا بل مُطَابقَة الْحَاصِل فِي الْعقل لكثيرين بِحَسب الْخَارِج بِأَنوَهُوَ محَال. قُلْنَا كُلية الْكُلِّي وَكَونه صَادِقا على نَفسه وعارضا لَهَا بِاعْتِبَار الْإِطْلَاق. وَكَونه فَردا لنَفسِهِ ومعروضا لَهَا بِاعْتِبَار الخصوصية. وَاعْتِبَار المعروضية غير اعْتِبَار العارضية ويتفاوت الِاعْتِبَار بتفاوت الْأَحْكَام. أما سَمِعت لَوْلَا الاعتبارات لبطلت الْحِكْمَة لِأَن أَكثر مسائلها مَبْنِيّ على الْأُمُور الاعتبارية فَافْهَم.

الْمَوْجُود فِي نفس الْأَمر

الْمَوْجُود فِي نفس الْأَمر: اعْلَم أَن معنى كَون الشَّيْء مَوْجُودا فِي نفس الْأَمر أَنه مَوْجُود فِي نَفسه فَالْأَمْر هُوَ الشَّيْء. ومحصله أَن وجوده لَيْسَ مُتَعَلقا بِفَرْض فارض وَاعْتِبَار مُعْتَبر مثلا الْمُلَازمَة بَين طُلُوع الشَّمْس وَوُجُود النَّهَار متحققة قطعا فِي ذَاتهَا سَوَاء وجد فارض أَو لم يُوجد وَسَوَاء فَرضهَا أَو لم يفرضها. وَمعنى الْوَاقِع وَنَفس الْأَمر فِي الْوَاقِع وَالْمَوْجُود فِي نفس الْأَمر أَعم من الْمَوْجُود فِي الْخَارِج مُطلقًا فَكل مَوْجُود فِي الْخَارِج يكون مَوْجُودا فِي نفس الْأَمر بِلَا عكس كلي وأعم من الْمَوْجُود فِي الذِّهْن من وَجه لاجتماعهما فِي زوجية الْأَرْبَع المتصورة فَإِنَّهَا مَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر وَفِي الذِّهْن أَيْضا. وافتراق الأول عَن الثَّانِي فِي الْحَقَائِق الْغَيْر المتصورة. وافتراق الثَّانِي عَن الأول فِي الكواذب المتصورة كزوجية الْخَمْسَة فَإِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الذِّهْن لَا فِي نفس الْأَمر - وَذهب الشَّيْخ الرئيس إِلَى أَن كل مَوْجُود فِي الذِّهْن حَقِيقَة مَوْجُود فِي نفس الْأَمر فَمَا قَالُوا إِن الْمَوْجُود فِي نفس الْأَمر أَعم من وَجه من الْمَوْجُود لَا فِي نفس الْأَمر. تَأْوِيله أَن الكواذب كَالْعلمِ بزوجية الثَّلَاثَة مثلا لما كَانَ تحققها بالاختراع الْمَحْض لم تكن مَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر مَعَ قطع النّظر عَن ذَلِك الاختراع بِخِلَاف الصوادق لوُجُود منشأ انتزاعها مَعَ قطع النّظر عَن الاختراع.

المَاء الْجَارِي

المَاء الْجَارِي: شرعا هُوَ المَاء الَّذِي يذهب بتبنة وَهُوَ المَاء الْجَارِي حَقِيقَة. وَأما المَاء الْجَارِي حكما فَهُوَ المَاء الَّذِي يكون عشرا فِي عشر. وعمقه أَن يكون بِحَيْثُ لَا ينْكَشف أرضه بالغرف أَي بِرَفْع المَاء بالكفين. وَالْــمُعْتَبر ذِرَاع الكرباس وَهُوَ ذِرَاع الْعَامَّة سِتّ قبضات فَصَارَت أَرْبعا وَعشْرين اصبعا. وَإِن كَانَ الْحَوْض مدورا يعْتَبر ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ وَهُوَ الْأَحْوَط. وَالْمَاء إِذا كَانَ لَهُ طول وَلَيْسَ لَهُ عرض وَهُوَ بِحَال لَو جمع وَقدر يصير عشرا فِي عشر لَا بَأْس بِالْوضُوءِ تيسيرا على الْمُسلمين كَذَا فِي السِّرَاجِيَّة.

المتقابلان بِالْإِيجَابِ وَالسَّلب

المتقابلان بِالْإِيجَابِ وَالسَّلب: كالفرسية واللافرسية. فَإِن قيل لم لَا يجوز أَن يَكُونَا عدميين - قُلْنَا لِأَن العدميين إِمَّا مطلقان أَو مقيدان أَي مضافان أَو أَحدهمَا مُطلق وَالْآخر مُقَيّد - والعدم الْمُطلق لَا يُقَابل نَفسه لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر لَهُ مَحل يقوم بِهِ. وَلَو فَرضنَا شَيْئا هُوَ عدم مُطلق يجْتَمع فِيهِ عدمان مطلقان فَإِن زيد الْقَائِم قَائِم. وَكَذَا الْعَدَم الْمُطلق يُجَامع الْعَدَم الْمُقَيد لِاجْتِمَاع الْمُطلق مَعَ الْمُقَيد بِالضَّرُورَةِ. وَكَذَا العدمان المقيدان لاجتماعهما فِي كل مَوْجُود مُغَاير لما أضيف إِلَيْهِ العدمان -.
أَلا ترى إِلَى اجْتِمَاع عدم زيد وَعدم عَمْرو فِي بكر -. قيل يتَصَوَّر التقابل بَين العدمين المقيدين إِذا كَانَ أَحدهمَا مُضَافا إِلَى الآخر كالعمى وَعدم الْعَمى فَإِنَّهُمَا عدمان مقيدان يمْتَنع اجْتِمَاعهمَا فِي مَحل وَاحِد - وَأجِيب عَنهُ بِأَن المُرَاد بامتناع الِاجْتِمَاع الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيف التقابل هُوَ الِامْتِنَاع الْمسند إِلَى ذاتهما وَلَيْسَ الِاجْتِمَاع فِي مثل الْعَمى وَعدم الْعَمى بذاتهما بل لاستلزامهما المتقابلين بِالذَّاتِ. وَبِهَذَا الْجَواب ينْدَفع أَيْضا مَا قيل إِنَّه يجوز أَن لَا يكون بَين مَا أضيف إِلَيْهِ العدمان وَاسِطَة كَعَدم الْقيام بِالنَّفسِ وَعدم الْقيام بِالْغَيْر. فَإِن عدم اجْتِمَاعهمَا لَيْسَ لذاتهما بل بِاعْتِبَار مَا أضيف إِلَيْهِ العدمان وَهُوَ الْقيام بِالنَّفسِ وَالْقِيَام بِالْغَيْر الَّذِي بِمَعْنى عدم الْقيام بِالنَّفسِ عَمَّا من شَأْنه الْقيام فَلَا يدخلَانِ فِي المتقابلين بِالذَّاتِ المنحصرين فِي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة.
وَاعْترض على دَلِيل الْحصْر الْمَذْكُور بِأَن انحصار المتقابلين فِي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة مَمْنُوع بِسَنَدَيْنِ: أَحدهمَا: أَن العدمين إِذا أضيفا إِلَى المفهومين اللَّذين بَينهمَا وَاسِطَة كَعَدم الْحول عَمَّا من شَأْنه أَن يكون أَحول وَعدم قابلية الْبَصَر لَا يَجْتَمِعَانِ على شَيْء وَاحِد مَعَ أَنَّهُمَا خارجان عَن الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة. وَأَيْضًا يلْزم مِنْهُ جَوَاز التقابل بَين العدمين المضافين وَقد مر أَنهم قَالُوا إِنَّه لَا يكون بَينهمَا - وَثَانِيهمَا: أَن وجود الْمَلْزُوم بِمحل يُقَابل انْتِفَاء اللَّازِم عَن ذَلِك الْمحل كوجود الْحَرَكَة للجسم مَعَ انْتِفَاء السخونة اللَّازِمَة لَهَا عَنهُ. وَلَيْسَ دَاخِلا فِي الْعَدَم والملكة وَلَا فِي السَّلب والإيجاب. إِذْ الْــمُعْتَبر فيهمَا أَن يكون العدمي عدما للوجودي.
وَيُمكن الْجَواب عَن الأول بِأَن الْحول مُسْتَلْزم لقابلية الْبَصَر فَبين عدم الْحول عَمَّا من شَأْنه أَن يكون أَحول وَبَين عدم قابلية الْبَصَر لَيْسَ امْتنَاع الِاجْتِمَاع بِالذَّاتِ. وَعَن الثَّانِي أَيْضا بِمثل ذَلِك لِأَن امْتنَاع وجود الْمَلْزُوم بِمحل وَاحِد وَانْتِفَاء اللَّازِم عَنهُ لَيْسَ لذاته بل لاستدعاء وجود الْمَلْزُوم وجود اللَّازِم فَلَا يدخلَانِ فِي المتقابلين بِالذَّاتِ المنحصرين فِي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة. وَالْأَحْسَن فِي التفصي عَن الْجَمِيع أَن يُجَاب أَنهم لَا يدعونَ الْحصْر فِي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة فَلَا يضر خُرُوج تقَابل مثل هَذِه الْأَشْيَاء عَن تِلْكَ الْأَقْسَام - كَمَا قَالَ الشَّارِح الْقَدِيم لحكمة الْعين أَن الْحُكَمَاء مَا ادعوا انحصار التقابل فِي أَرْبَعَة إِذْ لَيْسَ لَهُم دَلِيل يدل على ذَلِك بل اصْطَلحُوا على أَنَّهَا أَرْبَعَة لاحتياجهم إِلَيْهَا فِي الْعُلُوم.

الْمُحَاذَاة

الْمُحَاذَاة: كَون الشَّيْئَيْنِ فِي مكانين بِحَيْثُ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْجِهَات. وَالْــمُعْتَبر فِي الْمُحَاذَاة فِي مسئلة الْمُحَاذَاة السَّاق والكعب على الصَّحِيح. وبمحاذاة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة تفْسد صَلَاة أحد عَن يَمِينهَا وَآخر عَن يسارها وَآخر عَن خلفهَا وَلَا تفْسد صَلَاة أَكثر من ذَلِك كَذَا فِي التَّبْيِين والينابيع وَعَلِيهِ الْفَتْوَى.

البارع، في أحكام النجوم

البارع، في أحكام النجوم
للشيخ: علي بن أبي الرحال الشيباني، الكاتب.
وهو كتاب كبير، مشهور، معتبر.
أوله: (الحمد لله الواحد القهار... الخ).
جمع فيه: معاني علم النجوم، وغرائب أسرارها، من كتب علمائها.
وأضاف إليه: ما انتخبته فكرته، وأتت عليه تجربته، فذكر: البروج وطبائعها، والكواكب وأحوالها، ثم المسائل، ثم المواليد، ثم تحويل سني المواليد مع الاختبارات، ثم تحويل سني العالم.
في جزء.
فيكون جميع ذلك: ثمانية أجزاء.
ثم لخصه:
الشهاب: أحمد بن تمر بغا.
وسماه: (البرق الساطع).
ورتب على: مقدمة، ومقالة، وخاتمة.
أوله: (الحمد لله على ما علمنا من العلوم... الخ).

الْمَعْدُوم الْمُطلق

الْمَعْدُوم الْمُطلق: مَا لَيْسَ لَهُ ثُبُوت بِوَجْه من الْوُجُوه لَا ذهنا وَلَا خَارِجا. وَعَلَيْك قِيَاسه على الْمَجْهُول الْمُطلق سؤالا وجوابا.
ثمَّ اعْلَم أَن الْمَعْدُوم الْمُطلق لكَونه مَقْصُورا بعنوان المعدومية ثَابت فِي الذِّهْن متصف بالوجود الذهْنِي بِحَسب نفس الْأَمر وَقس الثَّابِت بِحَسب فرض الْعقل ومحض اعْتِبَاره لِأَن الْعقل فَرْضه مَعْدُوما مُطلقًا ولاحظه بعنوان المعدومية وَلَيْسَ هَذَا يجمع بَين النقيضين. وتوضيحه أَنه قد يجْتَمع الْمَوْجُود الْمُطلق والمعدوم الْمُطلق فِي مَحل وَاحِد لَكِن لَا بِاعْتِبَار التقابل بِاعْتِبَار لَا يقْدَح فِي تقابلهما. فَإنَّا إِذا قُلْنَا كل مَعْدُوم مُطلق يمْتَنع الحكم عَلَيْهِ فَإِن ذَات الْمَوْضُوع فِي هَذِه الْقَضِيَّة يكون مَوْصُوفا بِالْعدمِ الْمُطلق لكَونه عنوانا لوُجُود الْمُطلق لِأَنَّهُ مُتَصَوّر مَوْجُود فِي الذِّهْن لَكِن هَذَا الِاجْتِمَاع لَا يقْدَح فِي تقابلهما إِذْ الْــمُعْتَبر فِي التقابل أَن لَا يجْتَمع المتقابلان فِي مَحل وَاحِد بِحَسب نفس الْأَمر أَي لَا يَتَّصِف بِكُل مِنْهُمَا فِي نفس الْأَمر. وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِك فَإِن اتصاف ذَات الْمَوْضُوع بالوجود وَإِن كَانَ فِي نفس الْأَمر لَكِن اتصافه بِالْعدمِ لَيْسَ بِحَسب نفس الْأَمر بل بِحَسب فرض الْعقل فَإِن الْعقل يفْرض ذاتا مَوْصُوفَة بالوجود والعدم وَلَيْسَ ذَلِك من اجْتِمَاع المتقابلين. وَتَحْقِيق هَذَا الْمقَام بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فِي الْمُوجبَة. الْمَعْرُوف: ضد الْمُنكر. وَعند أهل الْعَرَبيَّة فعل ذكر فَاعله أَي أسْند إِلَى فَاعله ضد الْمَجْهُول.

الْملك

الْملك: بِالضَّمِّ وَسُكُون اللَّام السلطنة - وبفتح الأول وَكسر الثَّانِي السُّلْطَان وَجمعه الْمُلُوك - وَقد يُطلق على عدَّة بقاع وبلاد وأمصار وقريات وأراضيها - وَجَمعهَا الممالك. وَعند أهل الْحَقَائِق عَالم الشَّهَادَة من المحسوسات الْغَيْر العنصرية كالعرش والكرسي وَغير ذَلِك. والعنصرية وَهِي كل جسم يتركب من الاسطقسات الْأَرْبَعَة - (وبالفتحتين) فرشته وَهُوَ جسم لطيف نوارني يتشكل بأشكال مُخْتَلفَة وَكَانَ فِي الأَصْل مألك بِسُكُون الْهمزَة من الألوك بِالْفَتْح أَي الرسَالَة - قدم اللَّام على الْهمزَة فَصَارَ ملئكا وحذفت الْهمزَة للتَّخْفِيف فَصَارَ ملكا. وَإِنَّمَا سمي الْملك ملكا لِأَن الْملك يَأْتِي بالألوك أَي الرسَالَة وَجمعه الْمَلَائِكَة - وبكسر الْمِيم وَسُكُون اللَّام مَالك شدن وَجَاء بِمَعْنى الْمَمْلُوك أَيْضا وَفِي الْفِقْه الْملك بِالْكَسْرِ مَا من شَأْنه أَن يتَصَرَّف بِوَصْف الِاخْتِصَاص بِأَن يتَصَرَّف هُوَ دون غَيره. وَأَيْضًا فِي اصْطِلَاح الْفِقْه الْملك اتِّصَال شَرْعِي بَين الْإِنْسَان وَبَين شَيْء يكون سَببا لتصرفه فِيهِ ومانعا عَن تصرف غَيره فِيهِ كَمَا مر فِي المَال. وَعند الْحُكَمَاء الْملك بِالْكَسْرِ مقولة من المقولات التِّسْعَة للعرض وعرفوه بالهيئة الْحَاصِلَة للجسم بِسَبَب إحاطة جسم آخر ينْتَقل بانتقال الْجِسْم المحاط كالهيئة الْحَاصِلَة للجسم بِسَبَب التعمم والتقمص - وَيُقَال للْملك جدة أَيْضا.
وَإِن أردْت دراية نور الْهِدَايَة لينكشف عَنْك ظلمَة التَّعَارُض وظلام التَّنَاقُض ويتضح لَك صِرَاط مُسْتَقِيم وَطَرِيق قويم إِلَى أَن النِّسْبَة بَين الرّقّ وَالْملك من النّسَب الْأَرْبَع مَا هُوَ فاستمع لما أَقُول إِن أول مَا يُوصف بِهِ الماسور الرّقّ وَلَا يُوصف بِالْملكِ إِلَّا بعد الْإِخْرَاج من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِن الْكفَّار فِي دَارهم قبل الْإِحْرَاز والإخراج أرقاء وَإِن لم يكن عَلَيْهِم ملك لأحد فهم حِينَئِذٍ أرقاء لَا مماليك. وَلِهَذَا قَالَ صَاحب جَامع الرموز شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة عِنْد شرح ونملك بهما حرهم أَي ونملك نَحن بِالِاسْتِيلَاءِ والإحراز حرهم. وَفِيه إِشْعَار بِأَن الْكفَّار فِي دَارهم أَحْرَار وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُم أرقاء فِيهَا. وَإِن لم يكن ملك عَلَيْهِم لأحد على مَا فِي عتاق الْمُسْتَصْفى انْتهى. وَإِن الرّقّ خَاص بالإنسان بِخِلَاف الْملك فَإِنَّهُ يُوجد فِيهِ وَفِيمَا سواهُ من سَائِر الْحَيَوَانَات والجمادات كالعروض وَالْعَقار وَهَذِه مُقَدمَات يتَوَقَّف عَلَيْهَا معرفَة النِّسْبَة بَينهمَا فَاعْلَم أَن الْجُمْهُور مِنْهُم صَاحب غَايَة الْبَيَان ذَهَبُوا إِلَى أَن بَينهمَا عُمُوما من وَجه وشارح الْوِقَايَة الَّذِي هُوَ مصَارِع الْعلمَاء خَالف الْجُمْهُور وَتفرد عَنْهُم كَمَا هُوَ دأبه حَيْثُ صرح بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَينهمَا.
وتوضيح هَذَا الْمُجْمل أَن حَاصِل عِبَارَات الْجُمْهُور فِي تعريفي الرّقّ وَالْملك أَن الرّقّ هُوَ الذل الَّذِي رَكبه الله تَعَالَى على عباده جَزَاء استنكافهم عَن طَاعَته تَعَالَى. وَالْملك هُوَ تمكن الْإِنْسَان من التَّصَرُّف فِي غَيره. وَقَالَ الْفَاضِل الْكَامِل أَبُو المكارم فِي شرح النقاية أما الْملك فَهُوَ حَالَة شَرْعِيَّة مقتضية لإِطْلَاق التَّصَرُّف فِي محلهَا لَوْلَا الْمَانِع من إِطْلَاقه كملك الْخمر - وَأما الرّقّ فَهُوَ ضعف شَرْعِي فِي الْإِنْسَان يُوجب عَجزه عَن دفع تملك الْغَيْر إِيَّاه وَعَن الْولَايَة كَالشَّهَادَةِ والمالكية. وَفِي مَوضِع آخر وَقد نبهناك أَن الرّقّ أَعم من الْملك من وَجه.
وَقَالَ صَاحب غَايَة الْبَيَان وَاعْلَم أَن بَين الْملك وَالرّق مُغَايرَة لِأَن الرّقّ ضعف حكمي يصير بِهِ الشَّخْص عرضة للتَّمْلِيك والابتذال شرع جَزَاء للكفر الْأَصْلِيّ. وَالْملك عبارَة من الْمُطلق الحاجز أَي الْمُطلق للتَّصَرُّف لمن قَامَ بِهِ الْملك الحاجز عَن التَّصَرُّف لغير من قَامَ بِهِ. وَقد يُوجد الرّقّ وَلَا ملك ثمه كَمَا فِي الْكَافِر الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَار الْإِسْلَام لأَنهم خلقُوا أرقاء جَزَاء للكفر وَلَكِن لَا ملك لأحد عَلَيْهِم. وَقد يُوجد الْملك وَلَا رق كَمَا فِي الْعرُوض والبهائم لِأَن الرّقّ مُخْتَصّ ببني آدم وَقد يَجْتَمِعَانِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرك انْتهى.
فَظهر من هَذَا الْمَذْكُور أَن النِّسْبَة بَينهمَا عِنْدهم الْعُمُوم من وَجه - ومادة الِافْتِرَاق من قبل الرّقّ الْكَافِر الْمُسْتَأْمن فِي دَار الْإِسْلَام وَالْكَافِر فِي دَار الْحَرْب سَوَاء لم يكن مسبيا أَو كَانَ مسبيا لَكِن لم يخرج من دَار الْحَرْب وَلم ينْقل إِلَى دَار الْإِسْلَام لتحَقّق الذل الَّذِي هُوَ جَزَاء الاستنكاف وَوُجُود الضعْف الْحكمِي الَّذِي يَقْتَضِي الْعَجز أَو يصير بِسَبَبِهِ عرضة للْبيع وَلَا ملك لأحد فيهمَا لعدم تملك التَّصَرُّف وَعدم الْمُطلق الحاجز على كلا التفسيرين المتحدين فِي الْمَآل لما مر - وَلِهَذَا لَا يجوز التَّصَرُّف فِي السبايا فِي دَار الْحَرْب بالوطي وَالْبيع أَو غَيرهمَا كَمَا هُوَ مُصَرح فِي مَوْضِعه. ومادة الِافْتِرَاق من جَانب الْملك البهايم وَالْعرُوض مثلا فَإِنَّهَا مَمْلُوكَة لَا مرقوقة لاخْتِصَاص الرّقّ بالإنسان كَمَا علمت - ومادة الِاجْتِمَاع والتصادق السبايا بعد انتقالهم من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام لما مر. أَلا ترى أَنهم صَرَّحُوا بتحقق الْملك فيهم وَالرّق أَيْضا وَلذَا قَالُوا إِن الرّقّ بَاقٍ إِلَى الْعتْق وَالْعِتْق لَا يكون إِلَّا بعد الِانْتِقَال.
فَإِن قيل صَاحب غَايَة الْبَيَان مثل لمادة الِاجْتِمَاع بِالْعَبدِ الْمُشْتَرك وَخص هَذَا الْمِثَال بِالذكر وَاخْتَارَهُ من الْأَمْثِلَة لَهَا مَعَ خفائه وجلاء مَا سواهُ فِي التطبيق بالممثل فَلَا بُد من مُرَجّح قُلْنَا لما كَانَ فِي الْمِثَال الْمَذْكُور خَفَاء ومظنة أَن لَا يكون مندرجا تَحت الممثل مثله بِهِ ليَكُون متضمنا لدفع تِلْكَ المظنة الَّتِي تنشأ من وَجْهَيْن.

أَحدهمَا: أَنهم صَرَّحُوا بِأَن الرّقّ حق الله تَعَالَى وَالْملك حق العَبْد وَأَن الْملك يتجزى وَالرّق لَا يتجزى فَالْعَبْد الْمُشْتَرك كُله رَقِيق لحقه تَعَالَى وَلَيْسَ بمملوك لأحد الشَّرِيكَيْنِ وَالْملك الْمُضَاف إِلَى الْمَجْمُوع يُرَاد بِهِ ملك الْمَجْمُوع أَلا ترى أَنه تقرر فِي الْأُصُول أَن رجلا إِذا قَالَ إِن ملكت عبدا فَهُوَ حر فَاشْترى نصفه ثمَّ بَاعه ثمَّ اشْترى نصفه الآخر لَا يعْتق عَلَيْهِ هَذَا النّصْف فَلَو اشْتَمَل الْملك الْمُضَاف إِلَى العَبْد على ملك شقصه لعتق هَذَا النّصْف لتحَقّق الشَّرْط فَفِي الْمِثَال الْمَذْكُور أَعنِي العَبْد الْمُشْتَرك يصدق أَنه لَيْسَ بمملوك لأحد فَإِن كل وَاحِد لَا يملكهُ مَعَ أَنه مرقوق فيظن أَنه لَا يصلح لِأَن يكون مَادَّة الِاجْتِمَاع ومثالا لَهَا.
وَدفع هَذِه المظنة بِأَن يُقَال لَا يلْزم من أَن لَا يكون مَمْلُوكا. لأَحَدهمَا: أَن لَا يكون مَمْلُوكا لكليهما فمجموعه مَمْلُوك لمجموعهما فتحقق الْملك أَيْضا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَجْمُوع فيصلح لِأَن يكون مَادَّة الِاجْتِمَاع ومثالا لَهَا.

وَثَانِيهمَا: أَنه يُمكن أَن يُقَاس العَبْد الْمُشْتَرك على الْغَنِيمَة بعلة الِاشْتِرَاك فَإِن الِاشْتِرَاك مِمَّا هُوَ مَانع عَن الْملك فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة. كَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون مَانِعا فِي العَبْد الْمُشْتَرك فَلَا يكون مَمْلُوكا لأحد فَلَا يصطلح مثلا لمادة اجْتِمَاع الْملك وَالرّق. وَدفعه بِأَنَّهُ قِيَاس مَعَ الْفَارِق فَإِن الِاشْتِرَاك فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة اشْتِرَاك تعلق الْحُقُوق وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْملك وَفِي العَبْد الْمُشْتَرك اشْتِرَاك الْملك وَهُوَ يَقْتَضِي الْملك فضلا عَن أَن يكون مَانِعا عَن الْملك.
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن شَارِح الْوِقَايَة صرح بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَين الرّقّ وَالْملك لِأَنَّهُ قَالَ فِي شرح الْوِقَايَة وَاعْلَم أَن الرّقّ هُوَ عجز شَرْعِي يثبت فِي الْإِنْسَان أثرا للكفر وَهُوَ حق الله تَعَالَى. وَأما الْملك فَهُوَ اتِّصَال شَرْعِي بَين الْإِنْسَان وَبَين شَيْء يكون مُطلقًا لتصرفه فِيهِ وحاجزا عَن تصرف الْغَيْر. فالشيء يكون مَمْلُوكا وَلَا يكون مرقوقا لَكِن لَا يكون مرقوقا إِلَّا وَأَن يكون مَمْلُوكا انْتهى.
وَإِنَّمَا نشأت الْمُخَالفَة بتفسيره الرّقّ بِالْعَجزِ الشَّرْعِيّ وَأَنَّهُمْ فسروه بالذل الْمَذْكُور أَو الضعْف المسطور. فالكافر فِي دَار الْحَرْب مسبيا كَانَ أَو لَا عِنْدهم مرقوق لوُجُود الذل والضعف الْحكمِي لَا مماليك لما مر. وَعِنْده الْكَافِر الْغَيْر المسبي فِي دَار الْحَرْب حر لعدم الْعَجز الشَّرْعِيّ فِيهِ لتملكه الشَّهَادَة والمالكية شرعا ولقدرته على دفع تملك الْغَيْر إِيَّاه - فَإِن أحدا لَا يقدر شرعا أَن يَتَمَلَّكهُ فِي ذَلِك الْحِين فَلَا يتَحَقَّق الْعَجز عَن ذَلِك الدّفع الْمَذْكُور إِلَّا بعد الْإِحْرَاز فَحِينَئِذٍ يتَحَقَّق الْملك أَيْضا فَثَبت على مَا عرف الرّقّ بِهِ أَن كل رَقِيق مَمْلُوك وَلَا عكس.
وَلَكِن يرد عَلَيْهِ منع هَذِه الْكُلية بِسَنَد أَن العَبْد الْمَبِيع بِشَرْط خِيَار المُشْتَرِي دون البَائِع رَقِيق وَلَيْسَ بمملوك عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يخرج عَن ملك البَائِع وَلَا يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي عِنْده خلافًا لَهما. وَأَن العَبْد الَّذِي اشْتَرَاهُ مُتَوَلِّي الْوَقْف لخدمة الْوَقْف فَإِنَّهُ خرج عَن ملك البَائِع للْبيع وَلم يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ من مَال الْوَقْف. وَأَن العَبْد من التَّرِكَة المستغرقة بِالدّينِ رَقِيق وَلَيْسَ بمملوك أَيْضا لِأَنَّهُ خرج عَن ملك الْمَيِّت وَلم يدْخل فِي ملك الْوَرَثَة وَلَا للْغُرَمَاء كَمَا فِي بَحر الرَّائِق وَغَيره.
فَهَذِهِ العبيد الثَّلَاثَة أرقاء وَلَيْسوا بمماليك فَقَوله لَا يكون مرقوقا إِلَّا وَأَن يكون مَمْلُوكا لَيْسَ بِصَحِيح فَلَا يثبت الْعُمُوم الْمُطلق بَين الرّقّ وَالْملك على مَا عرفهما بِهِ. إِلَّا أَن يُقَال إِنَّه اخْتَار أَن التصادق الْــمُعْتَبر فِي النّسَب إِيجَابا وسلبا لَيْسَ بمشروط بِأَن يكون فِي زمَان وَاحِد بل يَكْفِي أَن يصدق كلي فِي زمَان على مَا يصدق عَلَيْهِ الْكُلِّي الآخر وَإِن كَانَ فِي زمَان آخر فَكَمَا أَن بَين النَّائِم والمستيقظ تَسَاويا كَذَلِك بَين النَّائِم المستلقي والمستيقظ عُمُوما مُطلقًا كَمَا ذكرنَا فِي تَحْقِيق التَّسَاوِي فَحِينَئِذٍ يصدق أَن كل مَا هُوَ رَقِيق فَهُوَ مَمْلُوك وَأَن تغاير زَمَانا الصدْق كَمَا يصدق كل نَائِم مستلق فَهُوَ مستيقظ وَإِن كَانَ نَائِما فِي زمَان ومستيقظا فِي زمَان آخر.
فَإِن قيل إِن النزاع بَينه وَبَين الْجُمْهُور لَفْظِي أَو معنوي. قُلْنَا لَفْظِي مَنُوط باخْتلَاف التفسيرين كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا بقولنَا وَإِنَّمَا نشأت الْمُخَالفَة بتفسيره الرّقّ إِلَى آخِره. فَإِن قلت اعْترض صَاحب جَامع الرموز شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة على شَارِح الْوِقَايَة المُصَنّف لمختصر الْوِقَايَة بقوله فَمَا ذكره المُصَنّف وَغَيره أَن الرّقّ لم يُوجد بِلَا ملك فَلَا يَخْلُو عَن شَيْء فالرق عجز شَرْعِي لأثر الْكفْر انْتهى. فَهُوَ فسر الرّقّ بِمَا فسره بِهِ شَارِح الْوِقَايَة مَعَ أَنه قَائِل بِالْعُمُومِ من وَجه بَينهمَا.
فَيعلم من هَا هُنَا أَن النزاع معنوي قُلْنَا أَرَادَ صَاحب جَامع الرموز بِالْعَجزِ الشَّرْعِيّ مَا هُوَ بِالْقُوَّةِ فَيتَحَقَّق حِينَئِذٍ فِي الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَارنَا. وَصَاحب شرح الْوِقَايَة الْقَائِل بِالْعُمُومِ الْمُطلق يُرِيد بِهِ مَا هُوَ فِي الْحَال فَافْتَرقَا. فَإِن قيل أَي شَيْء حمل صَاحب شرح الْوِقَايَة على تَفْسِير الرّقّ بِمَا ذكر وَالْقَوْل بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَينه وَبَين الْملك حَتَّى لَزِمته الْمُخَالفَة مَعَ الْجُمْهُور. قُلْنَا لَعَلَّ منشأ ذَلِك التَّفْسِير وَالْقَوْل الْمَذْكُور المستلزم للمخالفة المسطورة مَا رأى من أَنهم جعلُوا اخْتِلَاف الدَّاريْنِ سَببا مُسْتقِلّا من الْمَوَانِع الْخَمْسَة للإرث مَعَ جعلهم الرّقّ أَيْضا سَببا للْمَنْع الْمَذْكُور. فَلَو كَانَ الرّقّ متحققا فِي الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَار الْإِسْلَام للغات اعْتِبَار اخْتِلَاف الدَّاريْنِ فَإِن اخْتِلَاف الدَّاريْنِ حَقِيقَة أَو حكما إِمَّا بِأَن يكون بَين مُسلمين بِأَن مَاتَ مُسلم فِي دَار الْإِسْلَام وورثته فِي دَار الْكفْر أَو بِالْعَكْسِ وَهُوَ لَا يمْنَع التَّوَارُث لتصريحهم بجري التَّوَارُث بَينهمَا لاخْتِصَاص منع الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور بالكفار كَمَا مر فِي مَوْضُوعه. أَو بَين الذِّمِّيّ وَالْحَرْبِيّ أَو بَين الذِّمِّيّ والمستأمن أَو بَين الْحَرْبِيين فِي دارين أَو المستأمنين من دارين فعلى تَحْقِيق الرّقّ فِي الْحَرْبِيّ والمستأمن ثَبت الْمَنْع عَن الْإِرْث بعلة الرّقّ فَلَا حَاجَة إِلَى عد اخْتِلَاف الدَّاريْنِ سَببا بِرَأْسِهِ وَجعله مَانِعا مُسْتقِلّا من مَوَانِع الْإِرْث.

فَإِن قيل: مَا حَال الْقَائِلين بِالْعُمُومِ من وَجه قُلْنَا الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ من وَجه يوجهونه بِأَنَّهُم أَرَادوا بِالرّقِّ هُنَاكَ الْملك بطرِيق التَّجَوُّز وينادي على هَذِه الْإِرَادَة استدلالهم على سَبَبِيَّة الرّقّ للْمَنْع عَن الْإِرْث بقَوْلهمْ لِأَن الرَّقِيق مُطلقًا لَا يملك المَال بِسَائِر أَسبَاب الْملك فَلَا يملكهُ أَيْضا بِالْإِرْثِ وَلِأَن جَمِيع مَا فِي يَده من المَال فَهُوَ لمَوْلَاهُ إِلَى آخر مَا ذكره السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي شرح السراجي.
وَأَنت تعلم أَن الْحَرْبِيّ والمستأمن يملكَانِ بِسَائِر أَسبَاب الْملك وَلَيْسَ لَهما مولى يملك مَا فِي أَيْدِيهِمَا على أَنا لَا نسلم جري التَّوَارُث بَين الْمُسلمين الْمُخْتَلِفين بداري الْكفْر وَالْإِسْلَام مُطلقًا لتصريح صَاحب الْبَسِيط وشارحه بِعَدَمِ التَّوَارُث بَين الْمُسلم المُهَاجر وَالَّذِي لم يُهَاجر فلعلهم عدوا ختلاف الدَّاريْنِ سَببا مُسْتقِلّا لذَلِك.
هَذَا خُلَاصَة مَا كتبني بعد استفساري السَّيِّد الْأَجَل الْعَالم الْعَامِل المتوحد فِي التَّقْرِير. المتفرد فِي التَّحْرِير. علم الْهدى عَلامَة الورى سيد نور الْهدى ابْن أستاذ الْكل فِي الْكل زبدة الْمُحَقِّقين عُمْدَة المدققين ركن الْإِسْلَام وملاذ الْمُسلمين سيد قمر الدّين الْحُسَيْنِي النقشبندي الخجندي البالابوري خلد الله ظلالهما وأفاض على الْعَالمين برهما ونوالهما.
(الْملك) وَاحِد الْمَلَائِكَة أَصله مألك من الألوكة ثمَّ تصرفوا فِي لَفظه لتخفيفه فَقَالُوا ملأك ثمَّ نقلوا حَرَكَة الْهمزَة إِلَى اللَّام وحذفوا الْهمزَة فَقَالُوا ملك (ج) ملائك وملائكة
(الْملك) الْملك (ج) مُلُوك وَمَا ملكت الْيَد من مَال وخول والإرادة الْحرَّة وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {قَالُوا مَا أخلفنا موعدك بملكنا}

(الْملك) مَا يملك ويتصرف فِيهِ (يذكر وَيُؤَنث) (ج) أَمْلَاك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَللَّه ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَالتَّمْلِيك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن آيَة ملكه أَن يأتيكم التابوت}

(الْملك) وَاحِد الْمَلَائِكَة وَالْمَلَائِكَة

(الْملك) الله تَعَالَى وَهُوَ الْمَالِك الْمُطلق وَمَالك الْمُلُوك وَمَالك يَوْم الدّين وَذُو الْملك وَصَاحب الْأَمر والسلطة على أمة أَو قَبيلَة ة أَو بِلَاد (ج) أَمْلَاك وملوك

فهرس كتب التاريخ (حرف الميم)

فهرس كتب التاريخ (حرف الميم)
المآثر والمفاخر
....
المبدأ والمآل
....
مثير الغرام
....
مجالس العشاق
....
مجالس النفائس
....
مجاني العصر
....
مجلي الحزن
....
مجمع آثار الملوك
....
مجمع الأخبار
....
مجمع الآداب
....
مجمع الخواص
....
مجمع المؤسس
....
محاسن تواريخ الخلائق
....
محايز الحصر
....
محرك همم القاصرين
....
المختار، في مناقب الأبرار
....
المختصر، في أخبار البشر
....
المختصر لمحدثي العصر
....
مخدرات القصور
....
المذهب، في شيوخ المذهب
....
مخزن البلاغة
....
مرآة الأدوار
....
مرآة الجنان
....
مرآة الزمان
....
مرآة الصفا
....
مرآة الكائنات
....
مرقاة الأرفعية
....
المرقاة الوفية
....
المرقص والمطرب
....
مروج الذهب
....
مرج الزهور
....
مسالك الأبصار
....
مسالك الممالك
....
مسامرة الملوك
....
المسهب، في تاريخ المغرب
....
مشارب التجارب
....
مشاعر الشعراء
....
المشرق، في أخبار أهل المشرق
....
المشيخة البغدادية
....
المشيخة الجرجانية
....
المشيخة السراجية
....
مشيخة: ابن رافع
....
مشيخة: ابن الساعي
....
المضبوط، تاريخ سيوط
....
مضمار الحقائق
....
مطلاب القصير
....
مطلع السعدين
....
معادن الذهب
....
معارف ابن قتيبة
....
معالم العترة
....
الــمعتبر، في أنباء من عبر
....
المعجب، تاريخ المغرب
....
معجم الأدباء
....
معجم الشعراء
....
معجم الشيوخ
....
المعجم، في آثار ملوك العجم
....
معلم الأتابكي
....
المغازي، والسير
متعدد.
مفرج الكروب
....
المفيد، تاريخ زبيد والصعيد
....
المقتبس، تاريخ الأندلس
....
مقدمة ابن خلدون
....
المكنون، في ترجمة ذي النون
....
مناقب الأبرار
....
مناقب الأئمة
....
مناقب الأشعرية
....
مناقب: أحمد بن حنبل
....
مناقب: الإمام الأعظم
....
مناقب الشافعي
....
مناقب مالك
....
مناقب الأمير
....
مناقب الخلفاء
....
مناقب العباس
....
مناقب الكيلاني
....
مناقب: علي المرتضي
....
مناقب: عمر الفاروق
....
مناقب فاطمة
....
مناقب مولانا
....
مناقب النقشبندية
....
مناقب هنروران
....
المنتظم، في تاريخ الأمم
....
المنصف النفيس
....
منهاج السلوك
....
المنهل الصافي
....
المواعظ والاعتبار
....
مورد اللطافة
....
مواهب إلهي
....
ميزان الاعتدال
....
ميزان العمل
....
ميمون التصريح
....

الأنوار، لعمل الأبرار

الأنوار، لعمل الأبرار
في فقه الشافعي.
للشيخ، الإمام، جمال الدين: يوسف بن إبراهيم الأردبيلي، الشافعي.
المتوفى: سنة تسع وتسعين وسبعمائة.
وهو: كتاب معتبر، متداول.
جمع فيه: ما يعم به البلوى، من المسائل المهمة، غير المذكورة في الــمعتبرات.
أوله: (الحمد لله، الحميد، المجيد، المحصي... الخ).
ذكر أنه: اعتمد -على الأكثر -على الكتب السبعة: (الكبير)، و(الصغير) للرافعي، و(الروضة)، و(شرح اللباب)، و(التعليقة)، و(الحاوي)، و(المحرر).
وعليه تعليقات، منها:
تعليقة: العلامة، جلال الدين: محمد بن أسعد الصديقي، الدواني، الشافعي.
المتوفى: سنة سبع وتسعمائة.
وتعليقة: الشيخ، نور الدين: علي بن محمد الأشموني، الشافعي.
المتوفى: سنة تسعمائة.
و (شرح الأنوار).
لنور الدين: علي بن أحمد البوشي، الشافعي.
المتوفى: سنة ست وخمسين وثمانمائة.
وأفرد الشيخ، السراج: عمر بن محمد اليمني.
المتوفى: سنة 887.
زوائد.
وسماه: (أنوار الأنوار).

سَوَاءِ الْجَحِيمِ

{سَوَاءِ الْجَحِيمِ}
وسأل نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}
فقال ابن عباس: في وسط الجحيم. سأله ابن الأزرق: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
رماها بسهمٍ فاستوى في سَوائِها. . . وكان قبولاً للهوادى الطوارقِ
(نق، ك، ط)
= الكلمة من آية الصافات 55، في عباد الله المخلصين، في الجنة:
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}
ويأتي معها لفظ سواء في ست وعشرين آية، سياقها في معنى التساوي والتسوية والعدل. وسبقت المسألة (55) في {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}
وتفسير الكلمة في آية الصافات بالوسط، قريب من أصل دلالة الكلمة على الموضع الوسَط بين الأطراف. والعربية تستعمل المساواة في المعادلة الــمعتبر فيها بالموازين والمقادير والمقاييس، ملحوظاً فيها التساوي بين مقدارين، كما تستعمل سواء في المكان المتوسط بين مكانين. وينقل ذاك مجازياً إلى المعنويات، في مثل {كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} أي عدل، و {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} ، أي يستوى الأمران.
وفي آية الصافات، ذهب الراغب كذلك إلى أن {سَوَاءِ الْجَحِيمِ} بمعنى وسط الجحيم، وقال: ومكان سوى وسواء، وسط أي يستوي طرفاه. ويستعمل ذلك وصفاً وظرفاً، واصل ذلك مصدر (المفردات) وبالوسط فسرها الفراء في المعاني. والأصمعي وابن السكيت وابن الأنباري، في (الأضداد) لهم. وقال ابن الأثير في (النهاية) : "وسواء الشيء وسطه، لاستواء المسافة إليه من الأطراف"
والوسط المكاني هو المعنى القريب، ولعله ليس مراداً، بل هو من الكناية المراد بها: صميم الجحيم.
والشاهد من بيت الشاعر يَقوى أيضاً بحمله على الكناية. وكذلك حديث أبي بكر - رضي الله عنه -: "أمكنت من سواء الثغرة" قال ابن الأثير في النهاية: "أي وسط ثغرة البحر" وأطمئن فيه إلى دلالة الكناية فيه، على معنى صميم الثغرة. والله أعلم.

اللزوجة

(اللزوجة) تماسك أَجزَاء الْمَادَّة بَعْضهَا بِبَعْض بِحَيْثُ لَا يتَغَيَّر شكلها بسهولة كالقطران وَالْعَسَل وَغَيرهمَا (مج)
اللزوجة:
[في الانكليزية] Viscosity
[ في الفرنسية] Viscosite
بالزاء المعجمة هي كيفية ملموسة تقتضي سهولة التشكّل وعسر التفرّق والشيء بها يمتدّ متصلا ويقابلها الهشاشة والملاسة كذا قال الشيخ في الشفاء. فاللزج هو الذي يسهل تشكّله بأيّ شكل أريد ويعسر تفريقه بل يمتد متصلا، فهو مركّب من رطب ويابس شديدي الامتزاج، فإذعانه من الرطب واستمساكه من اليابس. فإنّا لو أخذنا ترابا وماء وجهدنا في جمعهما وامتزاجهما بالدقّ والتخمير حتى يشتدّ امتزاجهما حدث جسم لزج، فإذن اللزوجة كيفية مزاجية لا بسيطة، والوحش يقابل اللزج، فهو الذي يصعب تشكيله ويسهل تفريقه وذلك لغلبة اليابس وقلّة الرطب مع ضعف الامتزاج، كذا في شرح المواقف وشرح حكمة العين. وقال الأطباء دواء لا ينقطع عند الامتداد عند فعل الحرارة الغريزية فيه كالعسل، فعدم الانقطاع عندهم معتبر وقت تأثير الحرارة الغريزية كذا في الآقسرائي.

اللّزوم

اللّزوم:
[في الانكليزية] Necessity ،exigency ،implication
[ في الفرنسية] Necessite ،consequence ،suite
بالضم وتخفيف الزاء المعجمة عند أهل البديع هو ما وقع في مجمع الصنائع قال:
اللزوم هو أن يتقيّد الشاعر بإيراد شيء في كلّ بيت أو مصراع كما فعل السّيفي بالتزامه إيراد كلمة سيم (فضة) وسنك (حجر) في كلّ مصراع من البيتين وترجمتهما:
أيها المحبوب قاسي القلب، ويا دمية فضية العذار محبتك ثابتة في قلبي كالفضة على الحجر الحبيب القاسي القلب والفضّة على الدّمية مثل نقش الحجر والفضة ثابتة في قلبي وهكذا في جامع الصنائع. وعند أهل المناظرة ويسمّى بالملازمة والتلازم والاستلزام أيضا كون الحكم مقتضيا لحكم آخر بأن يكون إذا وجد المقتضي وجد المقتضى وقت وجوده ككون الشمس طالعة وكون النهار موجودا، فإنّ الحكم بالأول مقتض للحكم بالآخر، ولا يصدق معنى الاقتضاء على المتفقين في الوجود ككون الإنسان ناطقا وكون الحمار ناهقا فلا حاجة إلى تقييد الاقتضاء بالضروري. ثم إنّه خصّ اللزوم بالأحكام وإن كانت قد تتحقق بين المفردات أيضا إمّا لأنّ اللزوم مختصّ في الاصطلاح بالقضايا وما يقع بين المفردات فليس بــمعتبر عندهم لأنّ المنع وغيره جار في الاستلزام بين الأحكام فتأمّل، وإمّا لأنّه لا ينفكّ التلازم بين المفردات عن التلازم بين الأحكام فكأنّهم إنّما تعرّضوا لما هو محطّ الفائدة من أطراف الملازمات وأحالوا ما يعلم منه بالمقايسة على المقايسة، والحكم الأول يعني المقتضي على صيغة اسم الفاعل يسمّى ملزوما والحكم الثاني يعني المقتضى على صيغة اسم المفعول يسمّى لازما وقد يكون الاستلزام من الجانبين، فأيّ يتصوّر مقتضيا يسمّى ملزوما وأيّ يتصوّر مقتضى يسمّى لازما هكذا يستفاد من الرشيدية وشرح آداب المسعودي وحواشيه.
وعند المنطقيين عبارة عن امتناع الانفكاك عن الشيء وما يمتنع انفكاكه عن الشيء يسمّى لازما وذلك الشيء ملزوما. والتلازم عبارة عن عدم الانفكاك من الجانبين والاستلزام عن عدمه من جانب واحد، وعدم الاستلزام من الجانبين عبارة عن الانفكاك بينهما كذا قال السّيّد السّند في حاشية شرح المطالع. وستعرف توضيح المقام عن قريب. وقد يستعمل اللزوم مجازا بمعنى الاستعقاب كما مرّ في لفظ القياس.
وعند الأصوليين عبارة عن كون التصرّف بحيث لا يمكن رفعه كذا في التوضيح في باب الحكم وقد سبق.

شُبْهَة الْملك

شُبْهَة الْملك: أَن يظنّ الْوَاطِئ الْمَوْطُوءَة امْرَأَته أَو جَارِيَته. وَقد تطلق على الشُّبْهَة فِي الْمحل كَمَا مر وبهذه الشُّبْهَة لَا يسْقط الْحَد فَيحد الْوَاطِئ بوطئ أَجْنَبِيَّة وجدهَا فِي فرَاشه وَإِن قَالَ ظننتها امْرَأَتي إِذْ الظَّاهِر عدم الِاشْتِبَاه بَين امْرَأَته الَّتِي صَاحبهَا ومسها مرَارًا وَبَين غَيرهَا. وَأما إِن وطئ أَجْنَبِيَّة زفت إِلَيْهِ وقلن هِيَ زَوجتك فَلَا يحد لِأَنَّهُ اعْتمد دَلِيلا مُعْتَبرا وَهُوَ الْأَخْبَار فِي مَوضِع الِاشْتِبَاه كالأخبار بِجِهَة الْقبْلَة وطهارة المَاء. وعَلى الْوَاطِئ حِينَئِذٍ مهر الْمثل وَعَلَيْهَا الْعدة. وَفِي الْخُلَاصَة لَو كَانَ الْوَاطِئ أعمى ودعا امْرَأَته فَجَاءَتْهُ غَيرهَا فجامعها يحد وَلَو قَالَت إِنِّي فُلَانَة أَي امْرَأَته.

علم آداب الكسب والمعاش

علم آداب الكسب والمعاش
وهي أن لا يغابن صاحبه فيما يتغابن فيه وأن يحتمل الغبن إن اشترى من ضعيف أو فقير. وأن يسامح في طلب الثمن وأن يحط فيه وأن لا يتقاضى المديون وأن يحتمل أذى الدائن وأن يقيل من يستقيله وأن يعلم مراتب الحلال والحرام والشبهات. أما مراتب الحرام فأربع.
إحداها: ورع العدول وهو أن يترك ما يحرمه فتاوى الفقهاء.
وثانيتها: ورع الصالحين وهو الامتناع عما يتطرق إليه احتمال التحريم.
وثالثتها: أن يترك ما لا بأس به مخافة أن يقع فيما فيه بأس.
ورابعتها: ورع الصديقين وهو ترك ما لا بأس به أصلا ولكن يخاف أن يكون لغير الله أولا على نية التقوى وعبادة الله أو يتطرق إلى أسبابه المسهلة له كراهية أو معصية.
وأما مراتب الشبهات: فمعرفتها موقوفة على معرفة مراتب الحرام وقد مر ذكرها وعلى معرفة مراتب الحلال.
وهي أن الحلال المطلق ما لا تتطرق إليه أسباب التحريم والكراهة ويقابله الحرام المحض وهذان العرفان ظاهران ليس فيهما شبهة وهو قوله عليه الصلاة والسلام: الحلال بين والحرام بين
وإنما مثار الشبهة خمسة:
الأول: الشك في السبب المحلل والمحرم فهذه أربعة أقسام.
الأول: أن يعلم المحلل قبل ويقع الشك في التحريم.
والثاني: أن يعرف الحل من قبل ويشك في التحريم.
الثالث: أن يكون الأصل التحريم وطرأ عليه سبب التحليل.
الرابع: أن يكون الحل معلوما ولكن يغلب على الظن طريان محرم بسبب معتبر في غلبة الظن شرعا.
والمثار الثاني: الشبهة شك منشأ الاختلاط بين الحلال والحرام.
والمثار الثالث: المشبهة أن يتصل بالسبب المحلل معصية.
المثار الرابعة: للشبهة الاختلاط في الأدلة وهذا كالاختلاط في السبب ثم إنه إذا وقع الحرام في ذمة أحد فإن وجد مالكه يدفعه إليه وإلا يرده وارثه وإن كان صاحب الحق غائبا ينتظر إليه وإن انقطع الرجاء عنه ولم يكن له وارث أو كان المال لم يمكن رده لكثرة الملاك كالغلول في مال الغنيمة فحكم هذا المال أن يتصدق به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهديت له شاة مصلية فكلمته الشاة بأنها حرام قال: "أطعموها الأسارى" وكذلك ورد في ذلك الأثر عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين إلى يوم الدين.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.