Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: كوكب

الكوكب

الــكوكب:
[في الانكليزية] Star ،planet
[ في الفرنسية] Etoile ،astre ،planete
لغة ستاره وعرفه أهل الهيئة بأنّه جرم كري مركوز في الفلك منير في الجملة. واحترز بقيد المركوز عن كرة الأرض فإنّ نصف سطحها منير أبدا كما في القمر. وبقيد المنير عن التداوير والحوامل. وقولهم في الجملة يعني أعمّ من أن يكون الإنارة بالعرض كما في القمر أو بالذات كما في سائر الكواكب، أو أعمّ من أن يكون بعضه منيرا كالقمر أو كلّه كغيره من الكواكب.
قالوا الكواكب كلّها شفّافة لا لون لها مضيئة بذواتها إلّا القمر فإنّه كمد في نفسه تظهر كمودته أعني قتمته القريبة من السواد عند الخسوف، فالقمر ليس منيرا بذاته بل نوره مستفاد من نور الشمس لاختلاف أشكاله النورية بحسب قربه وبعده منها، فقيل هو على سبيل الانعكاس من غير أن يصير جوهر القمر مستنيرا كما في المرآة. وقيل يستنير جوهره. قال الإمام الرازي والأشبه هو الأخير إذ على الوجه الأول لا يكون جميع أجزائه مستنيرا لكنه كذلك كما يظهر من اعتبار حاله عند الطلوع والغروب.
ومنهم من قال كسف بعض الكواكب لبعضها يدلّ على أنّ لها لونا وإن كان ضعيفا، فلعطارد صفرة وللزهرة بياض صاف وللمريخ حمرة وللمشتري بياض غير خالص وللزحل قتمة مع كدورة وللقمر كمودة. ثم الكواكب على قسمين: سيّارة وهي سبع الشمس والقمر ويسمّيان بالنّيّرين، ويقال للشمس نير أعظم وللقمر نير أصغر والزحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد وتسمّى هذه خمسة متحيّرة لتحيرها في السّير رجعة واستقامة ونحوهما، ويسمّى الزحل والمشتري والمريخ بالعلوية، والأوّلان أي الزحل والمشتري بالعلويين، والأول أي الزحل بالثاقب لأنّ نوره يثقب سبع سماوات إلى أن يبلغ أبصارنا، ويسمّى الزهرة وعطارد بالسفليين، وقد يسمّى الزهرة وعطارد والقمر بالسفلية أيضا كما في شرح التذكرة للعلي البرجندي. وثوابت وهي ما عدا هذه السبع سمّي بها إمّا لثبات أوضاع بعضها مع بعض ومع منطقة البروج، وإمّا لعدم إحساس القدماء لحركاتها الخاصة البطيئة جدا، وتسمّى بالبيابانية أيضا لأنه تهتدي بها في الفلاة وهي البيابان بالعجمية. اعلم أنّهم رتّبوا الكواكب الثوابت على ستّ مراتب وسمّوها أقدارا متزايدة لكونها على تزايد سدس سدس حتى كان ما في القدر الأول ستة أمثال ما في القدر السادس، وجعلوا كلّ قدر على ثلاث مراتب أعظم وأوسط وأصغر، فتكون المراتب ثماني عشر، فكلّ مرتبة تسمّى قدرا كما تسمّى شرفا وعظما أيضا كما في شرح بيست باب، وما دون السادس من المرصودة لم يثبتوه في مراتب الأقدار بل إن كان كقطعة سحاب سمّوه سحابيا وإلّا مظلما. ثم إنّ في شمال ذنب الأسد جملة من الكواكب الصغيرة المجتمعة ويسمّيها العرب بالهلبة وهي في الأصل الشعرات التي تكون على طرف ذنب اليربوع زعما منهم أنّهم رأس ذنب الأسد، فإنّه يخرج من الكواكب الصرفة التي على ذنب الأسد سطر مقوّس من كواكب تتصل بالهلبة فشبّهت العرب هذا السطر بذنب الأسد، والكواكب المجتمعة بالشعرات التي تكون على طرف الذنب يسمّونها بالسّنبلة. ومن كواكب الهلبة ثلاث كواكب مرصودة مظلمة عند بطليموس. ومن القدر الخامس عند ابن الصوفي ويسمّي الكواكب الهلبة بالصغيرة ولم يعدها بطليموس في المرصودة، ولذا قال المرصودة من الثوابت ألف واثنان وعشرون.
وأمّا ابن الصوفي فلما رأى أنها مرصودة ولم ير في إخراجها من المرصودة وجها قال إنّها ألف وخمسة وعشرون وهو الصواب.
فائدة:
في ظهور الكواكب وخفائها وجد حدود ظهور السيارات الستة وخفائها حيث يكون الارتفاع عند طلوع الشمس أو غروبها للزحل أحد عشر جزءا وللمشتري عشرة أجزاء وللمريخ أحد عشر جزءا ونصفا وللزهرة خمسة أجزاء ولعطارد عشرة أجزاء، وحدود ظهور الثوابت القريبة من المنطقة وخفائها حيث يكون ارتفاعها عند وصول الشمس إلى الأفق لما في القدر الأول منها اثنا عشر جزءا ولما في الثاني بزيادة درجتين، وهكذا حتى يكون لما في القدر السادس اثنان وعشرون جزءا، ولما بعد منها عن المنطقة ينتقص لكل عشرين درجة من العرض جزء واحد من الارتفاع.

رباط كوكب

رباط كوكب:
[في الانكليزية] Residence of a planet
[ في الفرنسية] Domification ،domicile d ،une planete
هو عند أهل الهيئة حد إقامة الــكوكب، وقد سبق في لفظ الإقامة.

حَيِّزُ الْكَوْكَب

حَيِّزُ الْــكَوْكَب: كَونه إِذا كَانَ ذكريا نهاريا فَوق الأَرْض بِالنَّهَارِ، وَإِذا كَانَ ليليا مؤنثا تَحت الأَرْض بِاللَّيْلِ.

الكَوْكَبُ

الــكَوْكَبُ: النَّجمُ،
كالــكَوْكَبَــة، وبياضٌ في العَيْنِ، وما طالَ من النَّباتِ، وسَيِّدُ القَوْمِ، وفارِسُهُمْ، وشِدَّةُ الحَرِّ، والسَّيْفُ، والماءُ، والمحْبِسُ، والمِسْمارُ، والخِطِّةُ يُخالِفُ لَوْنُها لَوْنَ أرْضِهَا، والطَّلْقُ من الأَوْدِيَةِ، والرَّجُلُ بِسِلاحِهِ، والجَبَلُ، والغُلامُ المُراهِقُ، والفُطْرُ: لِنَباتٍ م،
وـ من الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ،
وـ من الرَّوْضَةِ: نَوْرُها،
وـ من الحَديدِ: بَرِيقُهُ وتَوَقُّدُهُ،
وـ من البِئْرِ: عَيْنُها، وقَلْعَةٌ مُطِلَّةٌ على طَبَرِيَّة، وعَلَمُ امْرَأةٍ، وقَطَراتٌ تَقَعُ باللَّيْلِ على الحَشِيشِ.
والــكَوْكَبَــةُ: الجماعَةُ.
وكَوْكَبــانُ: حِصْنٌ باليَمَنِ ط رُصِّعَ دَاخِلُهُ بالياقوتِ، فكانَ يَلْمَعُ كالــكَوْكَبِ ط.
وكُواكِبٌ، بالضم: جَبَلٌ تُنْحتُ منهُ الأَرْحِيَةُ.
والــكَوْكَبِــيَّةُ: ة ظَلَمَ أهلَها عامِلٌ بها، فَدعَوْا عليه دَعْوَةً، فماتَ عَقِبَها، ومنه المَثَلُ: "دَعَوْا دَعْوَةً كَوْكَبِــيَّةً".
وكَوْكَبــى، كخَوْزَلى: ع.
وكُوَيْكِبٌ: مَسْجِدٌ بينَ تَبوكَ والمدينةِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وكَوْكَبَ الحديدُ كَوْكَبَــةً: بَرَقَ وتَوَقَّدَ.
ويَوْمٌ ذُو كَواكِبَ: ذُو شَدائِدَ.
و"ذَهَبوا تَحْتَ كلِّ كَوْكَبٍ": تَفَرَّقُوا.

حَشُّ كَوْكَب

حَشُّ كَوْكَب:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، ويضم أوله أيضا، والحشّ في اللغة: البستان، وبه سمّي المخرج حشّا لأنهم كانوا إذا أرادوا الحاجة خرجوا إلى البساتين، وكوكب الذي أضيف إليه اسم رجل من الأنصار: وهو عند بقيع الغرقد، اشتراه عثمان ابن عفان، رضي الله عنه، وزاده في البقيع، ولما قتل ألقي فيه ثم دفن في جنبه. وحشّ طلحة: موضع آخر في المدينة.

الاتصال

الاتصال: اتحاد الأشياء بعضها ببعض، كاتصال طرفي الدائرة، ويضاده الانفصال. اتصال التربيع اتصال جدار بجدار بحيث تتداخل لبنات أحدهما في الآخر، سمي به لأنهما إنما يبنيان ليحيطا مع جدارين آخرين بمكان مربع.
الاتصال:
[في الانكليزية] Junction ،communication
[ في الفرنسية] Jonction ،communication
في اللغة پيوستن ضد الانفصال وهو أمر إضافي يوصف به الشيء بالقياس إلى غيره.

ويطلق على أمرين: أحدهما اتحاد النهايات بأن يكون المقدار متّحد النهاية بمقدار آخر سواء كانا موجودين أو موهومين، ويقال لذلك المقدار إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وثانيهما كون الشيء بحيث يتحرّك بحركة شيء آخر ويقال لذلك الشيء إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وهذا المعنى من عوارض الكمّ المنفصل مطلقا أو من جهة ما هو في مادة كاتّصال خطّي الزاوية واتّصال الأعضاء بعضها ببعض واتصال اللحوم بالرباطات ونحوها. هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى.
وعند السالكين هو مرادف للوصال والوصول كما عرفت. وعند المحدّثين هو عدم سقوط راو من رواة الحديث ومجيء إسناده متّصلا، ويسمّى ذلك الحديث متّصلا وموصولا، هكذا في ترجمة المشكاة، وهو يشتمل المرفوع والموقوف والمقطوع وما بعده. وقال القسطلاني والموصول ويسمّى المتّصل هو ما اتّصل سنده رفعا أو وقفا، لا ما اتّصل للتابعي.
نعم يسوغ أن يقال متّصل إلى سعيد بن المسيّب أو إلى الزهري مثلا انتهى. فلا يشتمل حينئذ المقطوع وما بعده. وسيجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ المسند.
وعند المنطقيين هو ثبوت قضية على تقدير قضية أخرى كما وقع في شرح المطالع.
فالمتصلة عندهم قضية شرطية حكم فيها بوقوع الاتصال أو بلا وقوعه، أي حكم فيها بوقوع اتصال قضية بقضية أخرى وهي الموجبة، أو نفيه بلا وقوع ذلك الاتصال وهي السّالبة.
ويقابل الاتصال الانفصال وهو عدم ثبوت قضية على تقدير أخرى. وسيجيء في لفظ الشرطية.
وعند الحكماء هو كون الشيء بحيث يمكن أن يفرض له أجزاء مشتركة في الحدود.
والحدّ المشترك بين الشيئين هو ذو وضع يكون نهاية لأحدهما وبداية لآخر كما مرّ في محله.
ومعنى الكلام أنه يكون بحيث إذا فرض انقسامه يحدث حدّ مشترك بين القسمين كما إذا فرض انقسام الجسم يحدث سطح هو حدّ مشترك بين قسميه. والمتّصل بهذا المعنى يطلق على ثلاثة أمور. الأول فصل الكمّ يفصله من الكم المنفصل الذي هو العدد. الثاني الصورة الجسمية لأنها مستلزمة للجسم التعليمي المتّصل فسمّيت به تسمية للملزوم باسم اللّازم. الثالث الجسم الطبعي وإنما يطلق عليه المتّصل لأنه لمّا أطلق المتّصل على الصورة الجسمية والمتصل معناه ذو الاتصال، وكانت الصورة ذات الجسم التعليمي، أطلق الاتصال على الجسم التعليمي.
وإذا أطلق الاتصال على الجسم التعليمي أطلق الاتصال على الصورة أيضا إطلاقا لاسم اللّازم على الملزوم. ولما أطلق الاتصال على الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية أطلق المتّصل على الجسم الطبيعي لأنه ذو الاتصال حينئذ.
هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى. وبالجملة فالمتّصل في اصطلاحهم يطلق على فصل الكمّ وعلى الصورة الجسمية وعلى الجسم الطبيعي، والاتصال على كون الشيء بحيث يمكن إلخ وعلى الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية.
ثم قال في المحاكمات وهاهنا معنى آخر للاتصال وهو كون الشيء ذا أجزاء بالقوّة. لكن هذا المعنى يلازم المعنى الأول ملازمة مساوية، وكلا المعنيين غير إضافيين انتهى. وبالنظر إلى هذا المعنى يقال هذا الجسم متّصل واحد أي لا مفصل فيه بالفعل.
وعند المنجّمين كون الــكوكبــين على وضع مخصوص من النّظر أو التّناظر. والأول يسمّى باتصال النّظر وهو الذي يذكر هو مع أقسامه هنا. والثاني يسمّى بالاتصال الطبيعي والتناظر.

وباتصال المحلّ أيضا. قالوا: إذا كان كوكب متوجها نحو كوكب آخر من باب النظر أو التناظر وتبيّن أنّ بعده عنه بمقدار جرمه فذلك التوجّه يسمى اتصالا. وهذا الــكوكب متّصلا.
وجرم الــكوكب هو عبارة عن نوره في الفلك من أمام ووراء. وهذا جعلوه معينا. وعليه، فنور جرم الشمس خمس عشرة درجة، ونور كرة القمر اثنتا عشرة درجة، ونور كلّ من زحل والمشتري تسع درجات، والمريخ ثمان درجات، ونور الزهرة وعطارد كلّ منهما سبع درجات، وعقدة الرأس والذنب كلّ منهما عشرة درجات.

والاتصال له ثلاث أحوال: متى وصل نور كوكب إلى كوكب آخر فهذا ابتداء الاتصال.

ويقال له: الاتّصال الأول. ومتى وصل النور إلى بعد بينهما بنصف جرمين فهو بداية اتصال القوة، وهو ما يقال له وساطة اتّصال، ومتى وصل المركز إلى المركز فهو اتصال تام وهو الغاية في قوة الاتصال. وإذا كان كوكب بطيء الحركة وآخر سريع الحركة يعبران فهو بداية الانصراف. وحين يصل إلى نصف الجرمين فهو نهاية قوة الاتصال، ومتى انقطع جرم من جرم آخر فهذا نهاية تمام الاتصال وانتهاء الانصراف.
أمّا اعتبار نصف الجرمين فجائر في جميع الاتصالات. وبعضهم يقول: قلّما يفيد نصف الجرم ومثاله: إنّ جرم المشتري تسع درجات، وجرم القمر اثنتا عشرة درجة، فيكون المجموع اثنا عشر+ تسع واحد وعشرون. ونصف هذا الرقم هو عشرة ونصف. إذا كلما كانت المسافة بين المشتري والقمر إحدى وعشرين درجة فإنّ نور كلّ منهما يتّصل بالآخر. وهذا بداية الاتصال، وحين يصير عشر درجات ونصف فهو بداية القوة، وحينما يبتعد القمر إحدى وعشرين درجة فهو منصرف.
وأمّا إذا كان اعتبار نصف الجرم أقلّ مثل أربع درجات ونصف فذلك البعد هو بداية القوة. وهذا القول أكثر إحكاما. وهذا مثال على اتصال المقارنة. وعلى هذا المنوال ينبغي أن تقاس بقية الأقسام، مثل اتصال التسديس والتربيع والتثليث. اعلم أن أنواع الاتصال كثيرة، والمشهور أنها اثنا عشر نوعا.

أولها: القبول. وتفسيره: أن يكون كوكب في حظوظ كوكبــية. وذلك هو: البيت أو الشرف أو المثلثة أو الحد أو الوجه، وأن يتّصل بصاحب الحظ. وعندئذ (الــكوكب) صاحب الحظ يقبله، لأنه يراه في حظّه. وهذا دليل على جواز (قضاء) الحاجة وتمام المحبة بين شخصين.

ثانيها: السرد؛ وذلك مثل حال كوكب ضعيف كأن يكون في الوبال أو الهبوط أو راجعا أو محترقا فهو يبعد عنه نظر كوكب آخر متّصل به لعدم وجود قابلية القبول لديه. وهذا الحكم هو ضد القبول.

ثالثها: دفع القوة. وهو أن يكون كوكب في حظوظه ويرى كوكبــا آخر صاحب حظّ فيعطيه قوة، فإذا كان كلّ منهما في حظوظه.
فكلّ واحد منهما يعطي لصاحبه قوّته، كما في حال القمر في برج السرطان والزهرة في برج الثور وهذا غاية في الدفع. وهو دليل على الصداقة بين شخصين من الطرفين وانتهاء الأعمال من الجد والجهد.

رابعها: دفع الطبيعة. وذلك بأن يكون كوكب في الحظوظ وأن يكون كوكب آخر في أحد حظوظ الــكوكب الأول، وكوكب ثالث بالتسديس يتبادل طبيعته مع الآخرين. ويسمّي بعضهم هذا النور: دفع القوة، وهو أقوى من دفع القوة وهو من حيث السعادة وبلوغ الآمال الكليّة أزيد من أوضاع ذاتها الأخرى.

خامسها: الإنكار، وذلك بأن يرى كوكب كوكبــا آخر في الوبال والهبوط لذلك فإنّ الــكوكب ينكر هذا لأنّه يراه في وباله وهبوطه.
وهذا ضد دفع الطبيعة.

سادسها: نقل النور؛ وهو عبارة عن رؤية كوكب خفيف الحركة لــكوكب ثقيل الحركة، ولم ينصرف عنه تماما، بحيث يرى كلّ منهما الآخر؛ ومن ثمّ فإنّ نور الــكوكب الأول يعطي للثاني مع أن كلا منهما ساقط بالنسبة للآخر.
وهذا بمثابة الاتصال بين كلا الــكوكبــين. ومثال ذلك: أن يكون كوكب في الحمل وآخر في العقرب وكوكب ثالث أسرع منهما في السرطان.
فالأول يرى ذلك الــكوكب الذي في الحمل، وقبل انصرافه يتّصل بــكوكب آخر في العقرب، فحينئذ ينتقل النور من الأول إلى الثاني. وفي هذا دليل على حالة الوسط في الأعمال.

سابعها: الانتكاث: وهو أن يكون كوكب خفيف الحركة يرغب أن يرى كوكبــا ثقيل الحركة. ثم قبل الوصول المركز للمركز يرجع الــكوكب الخفيف ويودّ الاتصال بثقيل الحركة.
ويصير مستقيما ولا يتم الاتصال. وفي هذا دلالة على نقض العهود والندم واليأس من الأعمال.

ثامنها: بعيد الاتصال: وذلك بأن يكون كوكب في برج وفي أوائل البرج لا يرى أي كوكب، ثم يرى في آخر البرج كوكبــا في حال ضعيفة.

تاسعها: خالي السّير: وهو أن يرى في أول البرج كوكبــا. ولا يتصل بأي كوكب آخر في ذلك البرج، وأن يكون الــكوكب في هذا الوقت ضعيفا، وأسوأ من ذلك أن يكون ذلك الــكوكب كوكبــا منحوسا.

عاشرها: وحشي السّير: وهو أن يأتي كوكب إلى برج ثم يخرج منه دون أن يتّصل به كوكب ما. وهذه الحال تتجه نحو القمر وهو نحس. وأسوأ منه أن يظهر في القوس.
وفي هذا دلالة على عدم حصول المراد ونقصان المال والكسب، وهذا كله بحسب بيوت الطوالع ونظرات المودّة أو العداوة.

الحادي عشر: التربيع الطبيعي: وهو أن يكون عطارد في برج الجوزاء وأن يرى كوكبــا آخر في السنبلة، أو أن يكون هو نفسه في السنبلة ويرى كوكبــا آخر في الجوزاء، وهذا التربيع هو بقوة التثليث. وتكون هذه الحالة للمشتري أيضا في برجي القوس والحوت.

ثاني عشر: دستورية: وذلك أربعة أنواع:
أحدها: جيّد بعيد، والثاني جيد ضعيف.
والجيّد البعيد هو ما ذكره صاحب المجمل. ثم إن النوعين الآخرين اللذين هما أقرب فأحدهما أن يقع صاحب الطالع في العاشر وصاحب العاشر في الطالع. والثاني: هو أن يكون كوكب في وتد، وذلك الوتد شرف أو بيت وأن يرى كوكبــا آخر في وتده، وذلك البيت أو الشرف له، وهذا كمال القوة.
وهو دليل على السعادات الكبرى وحكم السلطنة والسعادات الداخلية والخارجية. وهذه الدستورية منقولة بكاملها من شجرة الثمرة.

ككب

(ك ك ب) : (رَجُلٌ مُــكَوْكَبُ) الْعَيْنِ بِالْفَتْحِ فِيهَا كَوْكَبٌ أَيْ نُقْطَةٌ بَيْضَاءُ.
ك ك ب: (الْــكَوْكَبُ) النَّجْمُ يُقَالُ: (كَوْكَبٌ) وَ (كَوْكَبَــةٌ) ، كَمَا قَالُوا: بَيَاضٌ وَبَيَاضَةٌ وَعَجُوزٌ وَعَجُوزَةٌ. وَ (كَوْكَبُ) الرَّوْضَةِ نُورُهَا. وَــكَوْكَبُ الشَّيْءِ مُعْظَمُهُ. 
[ككب] الــكوكب: النجم. يقال: كوكب وكوكبــة، كما قالوا: بياض وبياضة، وعجوز وعجوزة. وكوكب الشئ: معظمه. وكوكب الروضَة: نَوْرُها. وكوكب الحديد: بريقه وتوقُّده. وقد كَوْكَبَ. قال الأعشى يذكر ناقته: تَقْطَعُ الأمْعَزَ المُــكَوْكِبَ وخَدا * بنَواج سريعةِ الإِيغالِ أبو عبيدة: ذهب القوم تحت كلّ كوكب، أي تفرقوا.

ككب



Q. Q. 1 كَوْكَبَ, (S, K,) inf. n. كَوْكَبَــةٌ (K) It (iron) glistened; was lustrous, or bright. (S, K.) See also مُــكَوْكِبٌ.

كَوْكَبٌ i. q.نَجْمٌ, A star; an asterism; a constellation: as also ↓ كَوْكَبَــةٌ: (S, K:) or الــكوكبــة is an appellation given to the planet Venus; and for the rest of the stars, the masc. word كوكب is used: (Az:) but Venus is called also الــكوكب. (MF.) [Pl. كَوَاكِبُ.] b2: Accord. to Lth, كوكب is a quadriliteral-radical word; the و being a radical letter: it is also said to be from وكب, or from كوب; though ك is not one of the letters of augmentation; so that here it must be augmentative contrary to rule. (TA.) [But I rather think that it is an arabicized word, from the Hebrew כוֹכָב; and that ignorance of its being so has caused the Arabs to dispute respecting its formation.] b3: ذَهَبُوا تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ They became dispersed [as though under every tract of heaven]. (AO, S, K.) b4: كَوْكَبٌ (assumed tropical:) Drops [of dew] that fall upon herbage in the night, (K,) and become like stars. (TA.) b5: The source, or spring, of a well. (K.) b6: Water. (El-Muärrij, K.) b7: (assumed tropical:) The lustre, or brightness, or glistening, of iron. (S, K.) b8: (assumed tropical:) A sword. (K.) b9: A nail: (K:) [or more probably, (assumed tropical:) its head, as in Golius]

b10: كَوْكَبٌ (Az, K) and ↓ كَوْكَبَــةٌ (TA) (assumed tropical:) A whiteness in the eye: (K:) a whiteness in the black part of the eye, whether the sight be gone in consequence thereof, or not. (Az.) b11: كَوْكَبٌ A tract, such as is termed خِطَّة, differing in colour from the land in which it lies. (K.) b12: (assumed tropical:) A youth nearly of the age of puberty: (K:) a youth who has attained the period of adolescence, and whose face has become beautiful, is called كَوْكَبٌ مُمْتَلِئٌ (a full star), like as he is called بَدْرٌ. (TA.) [See شَادِخٌ, and مُطَبِّخُ.]

b13: (assumed tropical:) The chief, lord, or prince, and horseman, or cavalier, of a people. (K.) b14: (assumed tropical:) A man with his arms; an armed man. (K.) b15: (assumed tropical:) What is tall of plants. (K.) b16: A mountain: (K [but Freytag mentions, that in some copies, for جَبَلٌ, is read خَيْلٌ, horses and horsemen, or a troop of horse:]) or the main part thereof. (TA.) b17: The greater part, chief part, main, gross, mass, or bulk, of a thing: (S, K:) as of herbage, water, an army. (TA.) b18: (tropical:) The flower, or flowers, of a garden, or meadow. (TS, K.) b19: The فُطْر [toadstool, or mushroom], a well-known plant: (AHn, K:) I do not mention it, says AHn, from a learned man: but كوكب is [explained by lexicologists only as] the name of a well-known plant, called كوكبُ الأَرْضِ: (L:) perhaps a species of the فُطْر. (El-Mak- disee, cited by MF.) A2: Vehemence of heat: (K:) the greater part of the heat. (TA.) b2: The medicament called طَلْق, q. v., [which defends the person who is anointed therewith from the burning of fire]. (K: explained by the words الطَّلْقُ مِنَ الأَدْوِيَةِ: in some copies of the K, من الأَوْدِيَةِ. [This is wrong: كَوْكَبُ الأَرْضِ means Talc: see طَلَقٌ.]) A3: يَوْمٌ ذُو كَوَاكِبَ A day of difficulties, distresses, or calamities. (K.) A4: كَوْكَبٌ A place of con-finement. (K.) كَوْكَبَــةٌ see كَوْكَبٌ.

A2: An assembly; a company; a congregated body. (K.) Said by some to be figurative in this sense.

دَعَوْا دَعْوَةً كَوْكَبِــيَّةً [They uttered an imprecation like that of Kowkebeeyeh]: a proverb.

الــكَوْكَبِــيَّةُ was a town the people of which were oppressed by its governor, wherefore they uttered an imprecation against him, and he died immediately after it. (K.) أَمْعَزُ مُــكَوْكِبٌ (assumed tropical:) A hard tract with glistening pebbles: also called ضُحًى مُــكَوْكِبٌ. (TA.)
ككب
: (الــكَوْكَبُ) : ذكره اللَّيْثُ فِي بَاب الرُّباعيّ، ذَهَبَ إِلى أَنَّ الْوَاو أَصْلِيَّةٌ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وَهُوَ عِنْد حُذّاقِ النَّحْوِيِّينَ من بَاب وكب صُدِّر بكافٍ زَائِدَة، والأَصلُ: وَكَب، أَو: كَوَبَ، وَنَقله الصّاغانيُّ أَيضاً هَكَذَا، وسلَّمَهُ.
قلتُ: الكافُ لَيست من حُرُوف الزِّيادة، وَلذَا صرّحَ جماعةٌ بأَصالته، فَلَا بُدَّ من تَقْيِيدِ أَنّها زائِدَةٌ على خِلافِ الأَصْل.
ثُمَّ قَالَ الصّاغانيُّ: إِلاّ أَني تَبِعْتُ الجَوْهَرِيَّ فِي إِيرَاده هُنَا غيرَ راضٍ بِهِ، ولعلَّهُ تَبِعَ فِيهِ اللَّيْثَ فإِنّه ذكرهَا فِي الرُّباعيّ، ذاهِباً إِلى أَنّ الواوَ أَصليّة. فتأَمَّلْ.
وَهُوَ معروفٌ من كواكِب السَّمَاءِ. وَفِي الصَّحاح والمُحْكَمِ: الــكَوْكَبُ: (النَّجْمُ) ، اللاّم فِيهِ للجنْس، وَكَذَا لامُ الــكَوْكَبِ، أَي: كلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ على الآخَرِ. وكونُ الــكوكبِ عَلَماً بالغَلَبة على الزُّهَرَةِ، غيرُ مُعْتَدَ بِهِ، وإِنّما هِيَ الــكَوْكَبَــةُ، كَمَا يأْتي، فَلَا يَرِدُ البحثُ الَّذِي قوَّاه شيخُنا وعَضَّدَه (كالــكَوْكَبَــةِ) ، كَمَا قالُوا: عجوزٌ وعَجُوزَةٌ، وبَيَاضٌ وبَيَاضَةٌ.
قَالَ الأَزهريُّ: وسَمِعْتُ غيرَ وَاحِد يقولُ: الزُّهَرَةُ من بَيْنِ النُّجُومِ الــكَوْكَبَــةُ، يُؤنّثونها، وسائِرُ الْكَوَاكِب تُذَكَّرُ، فتقولُ: هاذا كَوْكَبُ كَذَا وكَذَا.
(و) الــكَوْكَبُ، والــكَوْكَبَــةُ: (بَيَاض فِي العَيْنِ) ، وَعَن أَبي زَيْد: الــكَوْكَبُ: البياضُ فِي سوادِ العينِ، ذَهَب البَصَرُ لَهُ أَو لم يَذْهَبْ.
(و) الــكَوْكَب: (سَيِّدُ القَوْم وفَارِسُهُم) .
(و) الــكَوْكَبُ: (شِدَّةُ الحَرِّ) ومُعْظَمُهُ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَيَوْمٍ يَظَلُّ الفَرْخُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ
لَهُ كَوْكَبٌ فَوْقَ الحِدابِ الظَّواهِرِ (و) الــكَوْكَبُ: (السَّيْف) .
(و) الــكَوْكَبُ: (الماءُ) ، وهاذانِ عَن المُؤرِّج..
(و) الــكَوْكَبُ: (المَحْبِسُ) كمَجْلِس.
(و) الــكَوْكَبُ: (المِسْمَارُ) .
(و) الــكَوْكَبُ: (الخِطَّةُ) بِالْكَسْرِ (يُخَالِفُ لَوْنُها لَوْنَ أَرْضِها) ، وَلَو قَالَ: تُخَالِفُ لَوْنَ أَرْضِها، كَانَ أَخصرَ.
(والطَّلْقُ من الأَوْدِيَة) : كَوْكَبُ الأَرض. وَهَذِه الأَربعة نقلَها الصّاغانيُّ.
(و) الــكَوْكَبُ: (الرَّجُلُ بسِلاحِه) .
(و) الــكَوْكَبُ: (الجَبَلُ) ، أَو مُعْظَمُهُ.
(و) الــكَوْكَبُ: (الغُلامُ المُرَاهِقُ) ، يُقَال: غلامٌ كَوْكَبٌ: ممتلىء إِذا تَرَعْرَع وحَسُنَ وَجْهُه، وهاذا كَقَوْلِهِم لَهُ: بَدْرٌ.
(و) الــكَوْكَبُ: (الفُطْرُ) بالضَّمّ، عَن أَبي حنيفةَ قَالَ: وَلَا أَذْكُره عَن عالِمٍ، إِنّما الــكَوْكَب اسْمٌ (لِنَبَاتٍ م) ، أَي: مَعْرُوف، ولَمْ يُحَلَّ، يُقَال لَهُ: كوْكبُ الأَرْضِ. كَذَا فِي لِسَان العربِ. وَنقل شيخُنا عَن المَقْدَسِيّ فِي حواشيهِ ويُمْكِنُ التَّوفيقُ بأَنّه نَوعٌ من الفُطْرِ، فتأَمَّلْ. انْتهى.
(و) الــكَوْكَبُ (مِنَ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ) مثلُ: كَوْكَبِ العُشْبِ، وكَوْكَبِ الماءِ، وكَوْكَبِ الجَيش؛ قَالَ الشّاعرُ يَصفُ كَتِيبَةً:
وَمَلْمُومَة لَا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَها
لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمٌ شَدِيدٌ وُضُوحُهَا
(و) الــكَوْكَبُ، (مِنَ الرَّوْضَةِ: نَوْرُهَا) ، بِالْفَتْح. وَفِي التَّهذيب: ويُشَبَّهُ بِهِ النَّوْرُ، فيُسَمَّى كَوْكَبــاً قَالَ الأَعْشَى:
يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
(و) الــكَوْكَبُ (مِنَ الحَدِيدِ: بَرِيقُه، وتَوَقُّدُهُ) . وَقد كَوْكَبَ. قالَ الأَعْشَى يذكُرُ ناقَتَهُ:
نَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُــكَوْكِبَ وَخْداً
بِنَوَاجٍ سَرِيعَةِ الإِيغالِ ويُقَالُ لِلأَمْعَزِ إِذا توقَّد حَصَاهُ ضُحًى: مُــكَوْكِبٌ.
(و) الــكَوْكَبُ (مِنَ البِئرِ: عَيْنُها) الّذي يَنبُعُ الماءُ مِنْهُ.
(و) الــكَوْكَبُ: (قَلْعَةٌ مُطِلَّةٌ على طَبَرِيَّةَ) ، تُعرف بقَلْعَةِ الــكَوْكَب.
(و) كَوْكَبُ: (عَلَمُ امرَأَةٍ) .
(و) الــكَوْكَبُ: (قَطَرَاتٌ) من الجَلِيدِ (تَقَعُ باللَّيْلِ على الحَشِيشِ) ، فتصيرُ مِثْلَ الكَوَاكِب.
(والــكَوْكَبَــةُ: الجَمَاعةُ) من النّاس.
قَالَ ابْنُ جِنِّي: لم يُسْتَعْمَلْ كُلُّ ذالك إِلاَّ مَزِيداً؛ لاِءَنَّا لَا نَعْرِفُ فِي الْكَلَام مثلَ كَبْكَبَةٍ. وَقَالَ الخَفَاجيُّ فِي الْعِنَايَة: هُوَ مجازٌ من قَوْلهم: كَوْكَبُ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ وأَكْثَرُهُ، وحَمَلَه غيرُه على الْحَقِيقَة والاشتراك، وآخَرُونَ على المَجَازِ من الــكَوكَبِ للنَّباتِ، ولكُلَ وَجْهٌ. قَالَه شيخُنا.
كَوْكَبَــانُ: حِصْنٌ) على جبل قريبٍ من صنعاءَ (باليَمَنِ) ، فِيهِ قصرٌ كَانَ (رُصِّعَ دَاخِلُه بالياقُوتِ) والجَوْهرِ، وخارِجُهُ بالفِضَّةِ والحِجارةِ، (فَكَانَ يَلْمَعُ) ذالك الياقُوتُ والجَوهرُ باللَّيْلِ (كالــكَوْكَبِ) ، فسُمِّيَ بذالك. كَذَا فِي المَرَاصد والمُعْجَم.
(و) قولُ الشّاعرِ:
بِئْسَ طَعَامُ الصِّبْيَةِ السَّواغِبِ
كَبْدَاءُ جاءَت مِن ذُرَى كُوَاكِبِ
أَراد بالكَبْداءِ: رَحًى تُدَارُ باليَد، نُحِتَتْ من (كُوَاكِبَ) ، وَهُوَ (بالضَّمِّ جَبَلٌ) بعَينِهِ، (تُنْحَتُ مِنْهُ الأَرْحِيَةُ) ، وَهُوَ جمعُ رَحًى، وسيأْتي فِي المعتلّ: أَنَّ الأَرْحِيَةَ نادرةٌ.
(والــكَوْكَبِــيَّةُ: ة ظَلَمَ أَهْلَهَا عامِلٌ بهَا، فَدَعَوْا عَلَيْه دَعْوَةً، ف) لم يَلْبَثْ أَن (ماتَ عَقِبَهَا. وَمِنْه المَثَلُ: دَعْوَةً) ، ولفْظُ المَثَلِ: دَعَا دَعْوَةً (كَوْكَبِــيَّةٌ) ؛ وَقَالَ الشّاعر:
فيا رَبَّ سَعْدِ دَعْوَةً كَوْكَبِــيَّةً
تُصادِفُ سَعْداً أَوْ يُصَادِفُهَا سَعْدُ (و) كَوْكَبٌ: اسْمُ مَوْضِع، قَالَ الأَخْطَلُ:
شَوْقاً إِليهمْ وَوجْداً يومَ أُتْبِعُهُمْ
طَرْفي ومِنْهُمْ بجَنْبَيْ كَوْكَبٍ زُمَرُ
والَّذِي فِي التَّهْذِيب: (كَوْكَبَــى) ، على فَوْعَلَى، (كَخَوْزَلَى: ع) ، وأَنشدَ:
بِجَنْبَيْ كَوْكَبَــى زُمَرُ
(وكُوَيْكِبٌ) ، مُصَغَّراً: (مَسْجِدٌ بَيْنَ تَبُوكَ والمَدِينَةِ) المُشَرَّفَةِ (للنَّبِيّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
(و) يقالُ: (كَوْكَبَ الحَدِيدُ كَوْكَبَــةً: بَرَقَ، وتَوَقَّدَ) . وَقد تقدَّم ذكرُ مصدرِه آنِفاً. والفرقُ بَين المصدرِ والفعلِ فِي الذِّكْر تَشتِيتٌ للذِّهْن.
(و) يقالُ (يَوْمٌ ذُو كَوَاكِبَ) بِالْفَتْح: أَي (ذُو شَدَائِدَ) ، كأَنَّهُ أَظْلَمَ بِمَا فِيهِ من الشَّدَائِد، حَتَّى رُئِيَ كَواكِبُ السَّمَاءِ، قالَ:
تُرِيهِ الكَوَاكِبَ ظُهْراً وَبِيصَاً
(و) عَن أَبي عُبَيْدَةَ: (ذَهَبُوا تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ) ، أَي: (تَفَرَّقُوا) .
والّذِي فَاتَ المُصَنِّفَ من هاذه المادّة:
كَوْكَبٌ: اسْمُ رَجُلٍ، أُضيفَ إِليه الحُشْ، وَهُوَ البُسْتَان. وَمِنْه الحديثُ: (إِنَّ عُثْمَانَ دُفِنَ بِحُشِّ كَوْكَبٍ) .
وكَوكَبٌ أَيضاً: اسْمُ فَرَسٍ لرَجُلٍ جاءَ يطوفُ عَلَيْهِ بالبَيْتِ، فكُتِبَ فِيهِ إِلى عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنهُ، فقالَ: امنَعُوهُ.
والــكَوْكَبَــة: موضعٌ فِي رأْسِ جَبَلٍ، كَانَ منقُوباً لبني نُمَيْرٍ، فِيهِ مَعْدِنٌ وفِضَّةٌ.
والقَاسِمُ الــكَوْكَبِــيُّ، من آلِ البَيْتِ.
وأَبو الكَوَاكِبِ، زُهْرَةُ، من بَنِي الحُسَيْنِ.

الارتفاع

الارتفاع:
[في الانكليزية] Height
[ في الفرنسية] Hauteut
عند المهندسين يطلق على عمود من رأس الشيء على سطح الأفق أو على سطح مواز للأفق بشرط أن يكون قاعدة الشيء على ذلك السطح، ولذا قيل: ارتفاع الشكل هو العمود الخارج من أعلى الشكل مسطّحا كان ذلك الشكل أو مجسّما على قاعدة ذلك الشكل. ومسقط الحجر قد يطلق على الارتفاع مجازا كما يجيء، كذا في شرح خلاصة الحساب.

وعند أهل الهيئة يطلق على معنيين:
أحدهما ما يسمّى ارتفاعا حقيقيا وهو قوس من دائرة الارتفاع محصورة بين الــكوكب وبين الأفق من جانب، لا أقرب منه إذا كان الــكوكب فوق الأفق. ودائرة الارتفاع دائرة عظيمة تمرّ بقطبي الأفق وبــكوكب ما، والمراد بالــكوكب رأس خط يخرج من مركز العالم مارا بمركز الــكوكب إلى سطح الفلك الأعلى. وقيل المراد بالــكوكب مركز الــكوكب، والأمر فيه سهل، وقيد الــكوكب إنما هو باعتبار الأغلب، وإلّا فقد تعتبر نقطة أخرى غير مركز الــكوكب كالقطب، والمراد من جانب لا أقرب منه وهو الجانب الذي ليس فيه قطب الأفق. والقيد الأخير احتراز عن الانحطاط فإنه قوس من دائرة الارتفاع بين الــكوكب والأفق من جانب، لا أقرب منه إذا كان الــكوكب تحت الأفق. ثم القوس المذكورة إن كانت من جانب الأفق الشرقي فهي ارتفاعه الشرقي، وإن كانت من جانب الأفق الغربي فهي ارتفاعه الغربي، وعلى هذا القياس، الانحطاط الشرقي والغربي يعني أنّ القوس من دائرة الارتفاع بين الــكوكب والأفق تحت الأرض من جانب الشرق هو الانحطاط الشرقي، ومن جانب الغرب هو الانحطاط الغربي. ثم إنّ الارتفاع الشرقي قد يخصّ باسم الارتفاع ويسمّى الغربي حينئذ انحطاطا، وهذا اصطلاح آخر مذكور في كثير من كتب هذا الفن. وبالنظر إلى هذا قال صاحب المواقف: والقوس الواقعة من دائرة الارتفاع بين الأفق والــكوكب الذي فوق الأرض من جانب المشرق ارتفاعه ومن جانب المغرب انحطاطه، فلا يرد عليه تخطئة المحقق الشريف في شرحه.
ثم القوس من دائرة الارتفاع بين الــكوكب وبين سمت الرأس تسمّى تمام ارتفاع الــكوكب، فإن انطبقت دائرة الارتفاع على نصف النهار والــكوكب فوق الأفق فتلك القوس المحصورة من دائرة الارتفاع بين الأفق والــكوكب هي غاية ارتفاع الــكوكب، فإن مرّ الــكوكب بسمت الرأس فارتفاعه في ربع الدور، وليس هناك تمام ارتفاع، وإن لم يمرّ به كان ارتفاعه أقلّ من الربع، وكان له تمام ارتفاع، وعلى هذا القياس تمام الانحطاط فإنه قوس منها بين الــكوكب وبين سمت القدم، فإن انطبقت دائرة ارتفاعه على نصف النهار والــكوكب تحت الأفق، فتلك القوس منها بين الأفق وبين الــكوكب، فإنه انحطاطه إلى آخر ما عرفت. فالــكوكب إذا طلع من الأفق يتزايد ارتفاعه شيئا فشيئا إلى أن يبلغ نصف النهار، فهناك غاية ارتفاعه عن الأفق وإذا انحطّ منها يتناقص ارتفاعه إلى غروبه، وإذا غرب ينحطّ عن الأفق متزايدا انحطاطه إلى أن يبلغ نصف النهار تحت الأرض، فهناك غاية انحطاطه عنه؛ ثم إنّه يأخذ في التّقارب منه متناقصا انحطاطه إلى أن يبلغ الأفق من جهة الشرق ثانيا.
ثم الظاهر أنّ المراد بالأفق الأفق الحقيقي لأنهم صرّحوا بأن تمام الارتفاع قوس أقل من تسعين درجة دائما، فلو كان المعتبر الأفق الحسيّ بالمعنى الثاني لزم أن يكون تمام الارتفاع أكثر من تسعين فيما إذا رأي الــكوكب فوق تلك الأفق وتحت الأفق الحقيقي، لكن لا يخفى أنه إذا رأى الــكوكب تحت الأفق الحقيقي وفوق الأفق الحسّي فإطلاق الانحطاط عليه مستبعد. والتحقيق أنّ عند أهل الهيئة المعتبر في الارتفاع أن يكون فوق الأفق الحقيقي، وعند العامّة أن يكون فوق الأفق الحسّي بالمعنى الثاني. واعلم أيضا أنه إذا كان الــكوكب على الأفق فلا ارتفاع له ولا انحطاط. وثانيهما ما يسمّى بالارتفاع المرئي وهو قوس من دائرة الارتفاع بين الأفق وبين طرف خطّ خارج من بصر النّاظر إلى سطح الفلك الأعلى مارّا بمركز الــكوكب من جانب لا أقرب منه. والارتفاع المرئي أبدا يكون أقل من الارتفاع الحقيقي، إلّا إذا كان الــكوكب على سمت الرأس، فانهما حينئذ يتساويان، وعلى هذا فقس حال الانحطاط المرئي.
اعلم أنّ الارتفاع والانحطاط بالحقيقة هو بعد نقطة مفروضة على سطح الفلك الأعلى عن الأفق، وذلك البعد هو خطّ مستقيم في سطح دائرة الارتفاع يصل بين تلك النقطة ومحيط الأفق، إن كان المراد بدائرة الأفق محيطها، أو عمود يخرج من تلك النقطة على سطح الأفق إن كان المراد سطحها، وهذا ارتفاع النقطة وانحطاطها. وأما ارتفاع مركز الــكوكب وانحطاطه فهو خطّ مستقيم خارج من مركز الــكوكب، إمّا واصل إلى محيط الأفق وسطح دائرة الارتفاع، أو عمود على سطح الأفق، لكن القوم اصطلحوا على أخذ الارتفاع والانحطاط من الخطوط المفروضة على سطح الفلك الأعلى؛ ولا يمكن فرض الخطّ المستقيم على سطحه، ولم تكن في سطحه قوس تصل بين تلك النقطة والأفق أقصر من قوس الارتفاع والانحطاط، فلذلك أقامهما أهل الصناعة مقام البعد. هذا كله خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في تصانيفه كشرح التذكرة وشرح بيست باب - عشرين باب- وحاشية الجغميني.

الإقامة

الإقامة: هي الإعلام بشروع في الصلاة بألفاظ عيَّنها الشارع، وامتازت عن الأذان بلفظ الإقامة.
الإقامة:
[في الانكليزية] Accomplishing the prayer ،installation
[ في الفرنسية] Accomplissement de la priere ،installation
عند أهل الشرع هي الإعلام بالشروع في الصلاة بألفاظ عيّنها الشارع، وامتازت عن الأذان بلفظ الشروع، كذا في الكرماني شرح صحيح البخاري. وفي البرجندي الإقامة في الأصل مصدر سمّي بها في الشرع الأذان الثاني لما أنها سبب لقيام الناس إلى الصلاة، وألفاظه هي ألفاظ الأذان بعينها إلّا أنه يزاد فيها: قد قامت الصلاة مرتين بعد الحيعلتين. وعند أهل الهيئة عبارة عن كون الــكوكب في موضع من فلك البروج واقفا غير متحرّك. قالوا مما يعرض للكواكب المتحيّرة الرجوع وهو حركتها إلى خلاف التوالي، والاستقامة وهي حركتها إلى التوالي، والإقامة وهي كونها أياما في موضع واحد من فلك البروج. وفي كفاية التعليم إذا رجع كوكب لآخر أو وصل إلى الاستقامة فإنّه يقع في حدّ الإقامة. ويقال لحدّ الإقامة رباط الــكوكب انتهى كلامه.
بيان ذلك أن الــكوكب إذا كان في أعلى التدوير أي فوق البعدين الأوسطين بحسب المسير لا بحسب المسافة كانت حركة مركزه موافقة في الجهة لحركة مركز تدويره، فيرى الــكوكب مستقيما سريع الحركة إلى التوالي لأن مركز الــكوكب يتحرك حينئذ إلى التوالي بمجموع حركتي الحامل والتدوير، فإذا قرب الــكوكب من أسفل التدوير أي من الحضيض وما يقرب منه جعل يميل إلى خلاف التوالي لما تقرر أن حركة التدوير على مركزه، وأن حركة أسفله تخالف في الجهة حركة أعلاه قطعا لعدم شموله للأرض، لكنه ما دام حركة مركز الــكوكب على أسفل محيط التدوير إلى خلاف التوالي يكون أقل من حركة التدوير إلى التوالي يرى الــكوكب مستقيما لكن بطيء السير في الاستقامة، فإذا تساوت الحركتان يرى الــكوكب مقيما في موضع معيّن إذ بمقدار ما يحركه الحامل إلى التوالي يرده التدوير إلى خلافه فيرى في مقامه واقفا ولا يحسّ بحركته، فإذا زادت حركة مركز الــكوكب على حركة مركز التدوير يرى الــكوكب راجعا متحركا إلى خلاف التوالي بمقدار فضل حركة التدوير على حركة الحامل ثم الــكوكب بعد الرجعة يقيم ثانيا في الجانب الآخر من التدوير إذا تساوت الحركتان، ويستقيم بعد الوقوف إذا اتفقت الحركتان في الجهة. فالــكوكب في أعلى التدوير مستقيم وفي غاية سرعة الحركة إلى التوالي، ثم يبطئ في الاستقامة حتى يقيم، ثم يرجع متدرجا من البطء في الرجوع إلى السرعة فيه؛ وغاية سرعته في الرجوع في حضيض التدوير، ومن هناك يتدرج من السرعة إلى البطء فيه حتى يقيم ثانيا ثم يستقيم متدرجا من البطء في الاستقامة إلى السرعة فيها، وغاية السرعة في الاستقامة في ذروة التدوير التي فرضناها مبدأ في حركة مركز الــكوكب على محيط التدوير، فظهر أنّ الــكوكب يتم دورة في فلكه من غير إختلاف يقع له بالنسبة إلى فلكه فليس له في الحركة إسراع ولا إبطاء ولا رجوع ولا وقوف في نفس الأمر، بل كل ذلك بحسب رؤيتنا لتركّب في الحركات وإختلاف الأوضاع.
ولما كانت حركة مركز القمر على منطقة التدوير أقل من حركة مركز تدويره على منطقة الحامل لا يرى القمر راجعا ولا واقفا إذ لا تساوي حركة التدوير حركة الحامل في الرؤية حتى يرى القمر واقفا فضلا عن أن تزيد على حركة الحامل حتى يرى راجعا، بل قد يرى بطيء السير إذا خالفت حركة مركز جرمه في الجهة حركة مركز تدويره، وذلك إذا كان القمر في أعلى التدوير. وإذا توافقت الحركتان في الجهة يرى سريعا في الاستقامة وذلك إذا كان القمر في أسفل التدوير. هكذا في شروح الملخص وتصانيف عبد العلي البرجندي.

الأفق

الأفق: نواحي السماء والأرض. ويقال في النسبة إليه أفقي. وأفق فلان ذهب في الآفاق. والآفق بالمد من بلغ النهاية في الكرم تشبيها بالآفق الذاهب في الآفاق.
الأفق:
[في الانكليزية] Horizon
[ في الفرنسية] Horizon
بضمتين وسكون الثاني أيضا في اللغة الطرف، والآفاق الجمع على ما في الصراح.
وعند أهل الهيئة وأهل الأحكام من المنجّمين يطلق بالاشتراك على أشياء. فأهل الهيئة يطلقونه على ثلاث دوائر ثابتة. وأهل الأحكام يطلقونه على دائرة ثابتة أخرى أيضا. الأولى الأفق الحقيقي وهي دائرة عظيمة ثابتة حادثة في الفلك الأعلى مارّة بمركز العالم، يقوم الخطّ الواصل بين قطبيها وهما سمتا سمت الرأس، والقدم عمودا عليها أي على تلك الدائرة. وقيد الثابتة احتراز عن معدل النهار في عرض تسعين فإنه لا يسمّى أفقا. نعم يقال له أنه منطبق على الأفق، والثانية الأفق الحسّي ويسمّى أيضا بالأفق المرئي والشعاعي؛ وأفق الرؤية وهي دائرة صغيرة ثابتة حادثة في الفلك الأعلى تماسّ الأرض عن فوق، أي تماسّها من موضع قدم الناظر موازية للأفق الحقيقي. ولما كان الخط الواصل بين سمتي الرأس والقدم أعني الخط الذي على استقامة قامة الناظر عمودا على الأفق الحقيقي كان عمودا على الأفق الحسّي أيضا فإن العمود على أحد المتوازيين عمود على الآخر. والثالثة الأفق الحسّي ويسمّى بالأفق المرئي أيضا، وهي دائرة ثابتة يرتسم محيطها في سطح الفلك الأعلى من طرف خطّ يخرج من البصر إلى سطح الفلك الأعلى مماسّا للأرض، إذا أدير ذلك الخطّ مع ثبات طرفه الذي في البصر ومماسّة للأرض دورة تامة، وقطبا هذين الأفقين أيضا سمتا الرأس والقدم.
وفائدة قيد الثابتة فيهما سلامة تعريفهما من الانتقاض ببعض المدارات اليومية في عرض تسعين. وهذه الدائرة الثالثة قد تكون عظيمة وقد تكون صغيرة، إذ ربما تنطبق على الأولى، وربما تقع تحتها أو فوقها، وربما تقع تحت الثانية، بحسب إختلاف قامة الناظر، وهي الفاصلة بين ما يرى من الفلك وما لا يرى منه حقيقة. وأما الثانية فلا تفصل أصلا. وأما الأولى فقد تفصل وقد لا تفصل، والتفاوت بين مركزي الحقيقي والحسّي بالمعنى الثاني بقدر نصف قطر الأرض، وهذا القدر من التفاوت غير محسوس في فلك ما إلّا في فلك القمر، ولذا كان الظاهر من فلك القمر دائما أصغر من الحقيقي بمقدار معتدّ به. وهكذا التفاوت بين مركزي الحقيقي والحسّي بالمعنى الأول.
واعلم أنّ المنجمين يقيسون الطلوع والغروب بالنسبة إلى الأفق الحقيقي والعامة بالنسبة إلى الحسّي بالمعنى الثاني. واعلم أيضا أنّ الأفق رحوي إن انطبقت معدل النهار عليها وهو أفق عرض تسعين، ودور الفلك الأعظم هناك رحوي، أي يتحرك كحركة الرحى، والأفق استوائي إن قامت عليها على قوائم، ويسمّى بالأفق المستقيم وأفق الإستواء أيضا وهو أفق خط الإستواء، ودور الفلك الأعظم هناك دولابي والأفق مائل إن مالت عليها، وهذا الأفق هو أفق المواضع التي يكون لها عرض.
وقد يسمّى نفس تلك المواضع بالآفاق المائلة تجوّزا ودور الفلك الأعظم فيه حمائلي.
وقيل قطبا الأفق إن وقعا على المعدل فاستوائي، وإن وقعا على قطبي المعدل فرحوي، وإن وقعا على غير هذين الموضعين فمائل.
أقول هذه العبارة الثانية في التقسيم أشمل من العبارة الأولى لاقتضائها شمول هذا التقسيم للأفق الحقيقي والحسّي بالمعنيين بخلاف العبارة الأولى فإنها تقتضي اختصاص هذا التقسيم بالأفق الحقيقي إذ لا ينطبق معدّل النهار على الأفق الحسّي بالمعنى الأول أصلا، ولا على الأفق الحسّي بالمعنى الثاني في بعض الأوقات، فلا يوجد أفق رحوي على مقتضى العبارة الأولى إلّا من الأفق الحقيقي، وهذا التقسيم بالقياس إلى حركة المعدل.
واعلم أيضا أنّ الآفاق باعتبار الإظلال والعروض ثلاثة أقسام لأنها إما ذوات ظلّين وهي آفاق خط الإستواء والمواضع التي عروضها أقل من الميل الكلي، وإما ذوات ظلّ واحد وهي آفاق المواضع التي عروضها لا تكون أقل من الميل الكلّي ولا أزيد من تمام الميل الكلي، وإما ذوات ظلّ دائر وهي آفاق المواضع التي عروضها لا تكون أقلّ من تمام الميل الكلّي، ففي هذه الآفاق إن كانت الشمس في جزء ذي طلوع وغروب فظلّ نصف النهار يكون في جهة القطب الظاهر، وإن كانت في جزء أبدي الظهور فظل نصف النهار يدور حول المقياس دورة تامة. واعلم أيضا أنّ الأفق ينقسم بنقطتي المشرق والمغرب أرباعا. فالربع الذي بين نقطتي الشمال والمشرق شرقي شمالي ومقابله غربي جنوبي والذي بين نقطتي الجنوب والمشرق شرقي جنوبي ومقابله غربي شمالي.
والرابعة الأفق الحادث وهي دائرة عظيمة تمرّ بنقطتي الشمال والجنوب وبمركز الــكوكب أو الجزء المفروض من فلك البروج ونصفها المتحدد بأفق البلد الذي يمرّ بالــكوكب أو الجزء يسمّى النصف الشرقي والآخر النصف الغربي، فإن كان على نصف النهار فلا عرض لأفقه الحادث، وإن كان على نصف الأفق الشرقي فأفقه الحادث أفق البلد، وإن كان على نصفه الغربي فأفقه الحادث أفق عرضه في خلاف جهة عرض البلد مثله. والقوس الواقعة من أول السموات بين الأفق الحادث ونصف النهار من الجانب الأقرب يسمّى ميل الأفق الحادث.
والعظيمة المارّة بقطبي المعدل وقطبي الأفق الحادث هي نصف نهار الأفق الحادث.
والقوس الواقعة منها بين قطب المعدل والأفق الحادث من الجانب الأقرب هي عرض الأفق الحادث، هكذا ذكر الفاضل عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة.

وذكر في حاشية الچغمني فقال: اعلم أنّ أهل الأحكام يعتبرون دائرة تمرّ بنقطتي الشمال والجنوب وبمركز كوكب معين عند ولادة شخص، ويسمّونها بالأفق الحادث لذلك الــكوكب، ويفرضونها ثابتة غير متحركة بحركة الفلك كأفق البلد ويسمون تقاطع الأفق مع دائرة أول السموات بنقطة عديمة السمت. وقد يحتاج إلى معرفة ارتفاع تلك النقطة في الأعمال، فهذه النقطة ثابتة فرضا ودائرة ارتفاعها أبدا منطبقة على أول السموات انتهى.

ويقول في الزيج الإيلخاني: إنّ معرفة الآفاق الحادثة للكواكب ضرورية في مطلبين:

الأول، مطارح أشعّة الكواكب. والثاني: في مسارات الكواكب. وعليه أقول: إذا كان الــكوكب في صورة طالع نصف شرقي الأفق، ويعبر بمركز جرم تلك الكواكب، فإنّه أفق ولادة أفق ذلك الــكوكب بحسب موضعه.
وكلّ كوكب الذي يمر نصف غربي الأفق بمركز جرمه نظير أفق الولادة فهو أفق ذلك الــكوكب بحسب موضعه. وكلّ كوكب تمر دائرة نصف النهار بمركز جرمه سواء فوق الأرض أو تحت الأرض، فإنّ أفق ذلك الــكوكب هو دائرة نصف النهار بحسب موضعه. ولمّا كانت دائرة نصف النهار واحدة من آفاق خط الإستواء فإنّ أفق ذلك الــكوكب لا عرض له. وكلّ كوكب يقع بين وتدين فيجب تصوّر دائرة بمركز جرم ذلك الــكوكب، وبه نقطتان: شمالية وجنوبية، يعني نقطتان هما تقاطع نصف النهار والأفق في كلا الجهتين، وتلك هي دائرة أفق ذلك الــكوكب بحسب موضعه.
إذا، إذا كان الــكوكب في النصف الصاعد، يعني ما بين العاشر والطالع أو ما بين الرابع والطالع، يكون عرض أفقه أقلّ من عرض أفق ولادته في جانب الشمال. وإن يكن في النصف الهابط يعني في واحد من ربعين آخرين فعرض أفقه أقلّ من عرض أفق ولادته ولكن من جهة الجنوب.

العرض

العرض: بالتحريك، الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى موضع أي محل يقوم به كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يحله ويقوم هو به.
العرض: بالسكون: خلاف الطول، وأصله أن يقال في الأجسام، ثم استعمل في غيرها. والعارض: البادي عرضه، فتارة يختص بالسحاب نحو {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ، وتارة بما يعرض من السقم فيقال: به عارض من سقم، وتارة بالسن، ومنه قيل للثنايا التي تظهر عند الضحك: العوارض. وفلان شديد العارضة كناية عن جودة بيانه. وعرضت الكتاب عرضا: قرأته عن ظهر قلب. وعرضت المتاع للبيع: أظهرته لذوي الرغبة ليشتروه. وعرض له في الطريق العارض أي مانع يمنع من المضي، واعترض له بمعناه، ومنه اعتراضات الفقهاء لأنها تمنع من التمسك بالدليل. وتعارض البينات لأن كل واحدة تعترض الأخرى وتمنع نفوذها، ذكره كله الراغب. وقال الحرالي: العرض بالسكون: إظهار الشيء بحيث يرى للتوقيف على حاله.
العرض:
[في الانكليزية] Accident
[ في الفرنسية] Accident
بفتحتين عند المتكلّمين والحكماء وغيرهم هو ما يقابل الجوهر كما عرفت. ويطلق أيضا على الكلّي المحمول على الشيء الخارج عنه ويسمّى عرضيا أيضا، ويقابله الذاتي وقد سبق، فإن كان لحوقه للشيء لذاته أو لجزئه الأعمّ أو المساوي أو للخارج المساوي يسمّى عرضا ذاتيا. وإن كان لحوقه له بواسطة أمر خارج أخصّ أو أعمّ مطلقا أو من وجه أو بواسطة أمر مباين يسمّى عرضا غريبا. وقيل العرض الذاتي هو ما يلحق الشيء لذاته أو لما يساويه سواء كان جزءا لها أو خارجا عنها. وقيل هذا هو العرض الأولى وقد سبق ذلك في المقدمة في بيان الموضوع. وأيضا هو أي العرض بالمعنى الثاني إمّا أن يختصّ بطبيعة واحدة أي حقيقة واحدة وهو الخاصة المطلقة وإمّا أن لا يختص بها وهو العرض العام كالماشي للإنسان. وعرف العرض العام بأنّه المقول على ما تحت أكثر من طبيعة واحدة. فبقيد الأكثر خرج الخاصة، والكلّيات الثلاثة الباقية من الكلّيات الخمس غير داخلة في المقول لكون المعرّف من أقسام العرضي وتلك من أقسام الذاتي. وأيضا العرض بهذا المعنى إمّا لازم أو غير لازم، واللازم ما يمتنع انفكاكه عن الماهية كالضّحك بالقوة للإنسان، وغير اللازم ما لا يمتنع انفكاكه عن الماهية بل يمكن سواء كان دائم الثبوت أو مفارقا بالفعل ويسمّى عرضا مفارقا كالضحك بالفعل للإنسان. قيل غير اللازم لا يكون دائم الثبوت لأنّ الدوام لا ينفك عن الضرورة التي هي اللزوم، فلا يصحّ تقسيمه إليه وإلى المفارق بالفعل كما ذكرتم. وأجيب بأنّ ذلك التقسيم إنّما هو بالنظر إلى المفهوم، فإنّ العقل إذا لاحظ دوام الثبوت جوّز انفكاكه عن امتناع الانفكاك مطلقا بدون العكس. ثم العرض المفارق إمّا أن لا يزول بل يدوم بدوام الموضوع أو يزول. والأوّل المفارق بالقوّة ككون الشخص أمّيا بالنسبة إلى الشخص الذي مات على الأمية والثاني المفارق بالفعل وهو إمّا سهل الزوال كالقيام أو غيره كالعشق وأيضا إمّا سريع الزوال كحمرة الخجل أو بطيئ الزوال كالشباب والكهولة. وذكر لفظ العرض مع المفارق وتركه مع اللازم بناء على الاصطلاح، ولا مناقشة فيه، صرّح به في بديع الميزان. ثم كلّ من الخاصة والعرض العام إمّا شامل لجميع أفراد المعروض وهو إمّا لازم أو مفارق وإمّا غير شامل وقد سبق في لفظ الخاصة.
فائدة:
هذا العرض ليس العرض القسيم للجوهر كما زعم البعض لأنّ هذا قد يكون محمولا على الجوهر مواطأة كالماشي المحمول على الإنسان مواطاة. وقد يكون جوهرا كالحيوان فإنّه عرض عام للناطق مع أنّه جوهر بخلاف العرض القسيم للجوهر أي المقابل له فإنّه يمتنع أن يكون محمولا على الجوهر بالمواطأة، إذ لا يقال الإنسان بياض بل ذو بياض، ويمتنع أن يكون جوهرا لكونه مقابلا له. هذا كله خلاصة ما في كتب المنطق. وللعرض معان أخر قد سبقت في لفظ الذاتي.
تقسيم
العرض المقابل للجوهر.
فقال المتكلمون العرض إمّا أن يختصّ بالحيّ وهو الحياة وما يتبعها من الإدراكات بالحوس وبغيرها كالعلم والقدرة ونحوهما وحصرها في العشرة وهي الحياة والقدرة والاعتقاد والظّنّ وكلام النفس والإرادة والكراهة والشّهوة والنّفرة والألم، كما حصرها صاحب الصحائف باطل لخروج التعجّب والضّحك والفرح والغمّ ونحو ذلك، وإمّا أن لا يختصّ به وهو الأكوان والمحسوسات بإحدى الحواس الظاهرة الخمس. وقيل الأكوان محسوسة بالبصر بالضرورة، ومن أنكر الأكوان فقد كابر حسّه ومقتضى عقله. ولا يخفى أنّ منشأ هذا القول عدم الفرق بين المحسوس بالذات والمحسوس بالواسطة فإنّا لا نشاهد إلّا المتحرك والساكن والمجتمعين والمفترقين، وأمّا وصف الحركة والسكون والاجتماع والافتراق فلا. ولذا اختلف في كون الأكوان وجودية، ولو كانت محسوسة لما وقع الخلاف.
اعلم أنّ أنواع كل واحد من هذه الأقسام متناهية بحسب الوجود بدليل برهان التطبيق وهل يمكن أن يوجد من العرض أنواع غير متناهية بأن يكون في الإمكان وجود أعراض نوعية مغايرة للأعراض المعهودة إلى غير النهاية وإن لم يخرج منها إلى الوجود إلّا ما هو متناه، أو لا يمكن ذلك؟ فمنعه أكثر المعتزلة وكثير من الأشاعرة، وجوّزه الجبّائي وأتباعه والقاضي منّا، والحقّ عند المحقّقين هو التوقّف. وقال الحكماء أقسامه تسعة الكم والكيف والأين والوضع والملك والإضافة ومتى والفعل والانفعال، وتسمّى هذه مقولات تسعا، وادّعوا الحصر فيها. قيل الوحدة والنقطة خارجة عنها فبطل الحصر. فقالوا لا نسلّم أنّهما عرضان إذ لا وجود لهما في الخارج وإن سلّمنا ذلك فنحن لا نحصر الأعراض بأسرها في التسع بل حصرنا المقولات فيها وهي الأجناس العالية، على معنى أن كلما هو جنس عال للأعراض فهو إحدى هذه التسع. اعلم أنّ حصر المقولات في العشر أي الجوهر والأعراض التسع من المشهورات فيما بينهم وهم معترفون بأنّه لا سبيل لهم إليه سوى الاستقراء المفيد للظّنّ.

ولذا خالف بعضهم فجعل المقولات أربعا:
الجوهر والكم والكيف والنّسبة الشاملة للسّبعة الباقية. والشيخ المقتول جعلها خمسة فعدّ الحركة مقولة برأسها، وقال العرض إن لم يكن قارّا فهو الحركة، وإن كان قارا فإمّا أن لا يعقل إلّا مع الغير فهو النسبة والإضافة أو يعقل بدون الغير، وحينئذ إمّا يكون يقتضي لذاته القسمة فهو الكم وإلّا فهو الكيف. وقد صرّحوا بأنّ المقولات أجناس عالية للموجودات، وأنّ المفهومات الاعتبارية من الأمور العامّة وغيرها سواء كانت ثابتة أو عدمية كالوجود والشيئية والإمكان والعمي والجهل ليست مندرجة فيها، وكذلك مفهومات المشتقات كالأبيض والأسود خارجة عنها لأنّها أجناس الماهيات لها وحدة نوعية كالسواد والبياض، وكون الشيء ذا بياض لا يتحصّل به ماهية نوعية. قالوا وأمّا الحركة فالحقّ أنّها من مقولة الفعل. وذهب بعضهم إلى أنّ مقولتي الفعل والانفعال اعتباريتان فلا تندرج الحركة فيهما.
فائدة:
العرض لم ينكر وجوده إلّا ابن كيسان فإنّه قال: العالم كلّه جواهر والقائلون بوجوده اتفقوا على أنّه لا يقوم بنفسه إلّا شرذمة قليلة لا يعبأ بهم كأبي الهذيل فإنّه جوّز إرادة عرضية تحدث لا في محلّ، وجعل البارئ مريدا بتلك الإرادة.
فائدة:
العرض لا ينتقل من محل إلى محل باتفاق العقلاء. أما عند المتكلمين فلأن الانتقال لا يتصور إلا في المتحيّز والعرض ليس بمتحيّز.
وأمّا عند الحكماء فلأنّ تشخّصه ليس لذاته وإلّا انحصر نوعه في شخصه ولا لما يحلّ فيه وإلّا دار لأنّ حلوله في العرض متوقّف على تشخّصه، ولا لمنفصل لا يكون حالا فيه ولا محلّا له لأنّ نسبته إلى الكلّ سواء. فكونه علّة لتشخّص هذا الفرد دون غيره ترجيح بلا مرجّح، فتشخّصه لمحلّه فالحاصل في المحل الثاني هوية أخرى والانتقال لا يتصور إلا مع بقاء الهوية.
فائدة: لا يجوز قيام العرض بالعرض عند أكثر العقلاء خلافا للفلاسفة. وجه عدم الجواز أنّ قيام الصّفة بالموصوف معناه أن يكون تحيّز الصفة تبعا لتحيّز الموصوف، وهذا لا يتصوّر إلّا في المتحيّز، والعرض ليس بمتحيّز.
فائدة:
ذهب الأشعري ومتّبعوه من محقّقي الأشاعرة إلى أنّ العرض لا يبقى زمانين، ويعبّر عن هذا بتجدّد الأمثال كما في شرح المثنوي. فالأعراض جملتها غير باقية عندهم بل هي على التقضي والتجدّد فينقضي واحد منها ويتجدّد آخر مثله وتخصيص كلّ من الآحاد المنقضية المتجدّدة بوقته الذي وجد فيه إنّما هو للقادر المختار. وإنّما ذهبوا إلى ذلك لأنّهم قالوا بأنّ السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث، فلزمهم استغناء العالم حال بقائه عن الصّانع بحيث لو جاز عليه العدم تعالى عن ذلك لما ضرّ عدمه في وجوده، فدفعوا ذلك بأنّ شرط بقاء الجوهر هو العرض؛ ولمّا كان هو متجدّدا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه، فلا استغناء أصلا وذلك لأنّ الأعراض لو بقيت في الزمان الثاني من وجودها امتنع زوالها في الزمان الثالث وما بعده، واللازم وهو امتناع الزوال باطل بالإجماع وشهادة الحسّ، فيكون الملزوم الذي هو بقاء الأعراض باطلا أيضا والتوضيح في شرح المواقف. ووافقهم النّظّام والكعبي من قدماء المعتزلة. وقال النّظّام والصوفية الأجسام أيضا غير باقية كالأعراض. وقالت الفلاسفة وجمهور المعتزلة ببقاء الأعراض سوى الأزمنة والحركات والأصوات. وذهب أبو علي الجبّائي وابنه وأبو الهذيل إلى بقاء الألوان والطّعوم والروائح دون العلوم والإرادات والأصوات وأنواع الكلام. وللمعتزلة في بقاء الحركة والسكون خلاف.
فائدة:
العرض الواحد بالشخص لا يقوم بمحلّين بالضرورة، ولذلك نجزم بأنّ السواد القائم بهذا المحلّ غير السواد القائم بالمحلّ الآخر ولم يوجد له مخالف؛ إلّا أنّ قدماء الفلاسفة القائلين بوجود الإضافات جوّزوا قيام نحو الجوار والقرب والأخوّة وغيره من الإضافات المتشابهة بالطرفين، والحقّ أنّهما مثلان، فقرب هذا من ذلك مخالف بالشخص لقرب ذلك من هذا وإن شاركه في الحقيقة النوعية، ويوضّحه المتخالفان من الإضافات كالأبوّة والبنوّة إذ لا يشتبه على ذي مسكة أنّهما متغايران بالشخص بل بالنوع أيضا. وقال أبو هاشم التأليف عرض وأنّه يقوم بجوهرين لا أكثر. اعلم أنّ العرض الواحد بالشخص يجوز قيامه بمحلّ منقسم بحيث ينقسم ذلك العرض بانقسامه حتى يوجد كلّ جزء منه في جزء من محلّه فهذا مما لا نزاع فيه، وقيامه بمحلّ منقسم على وجه لا ينقسم بانقسام محلّ مختلف فيه. وأمّا قيامه بمحلّ مع قيامه بعينه بمحل آخر فهو باطل. وما نقل من أبي هاشم في التأليف أنّ حمل على القسم الأول فلا منازعة معه إلّا في انقسام التأليف وكونه وجوديا، وإن حمل على القسم الثاني فبعد تسليم جوازه يبقى المناقشة في وجودية التأليف. والمشهور أنّ مراده القسم الثالث الذي بطلانه بديهي. وتوضيح جميع ذلك يطلب من شرح المواقف.
العرض:
[في الانكليزية] Goods ،extent ،wideness ،offer Iatitude
[ في الفرنسية] Marchandise ،ampleur ،largeur ،offre ،latitude
بالفتح وسكون الراء في اللغة المتاع وهو الذي لا يدخله كيل ولا وزن ولا يكون حيوانا ولا عقارا كذا في الصحاح. وفي جامع الرموز وباع الأب عرض ابنه بسكون الراء وفتحها أي ما عدا النقدين والمأكول والملبوس من المنقولات وهو في الأصل غير النقدين من المال كما في المغرب والمقاييس وغيرهما انتهى. والمراد به في باب النفقة المنقول كذا في الشمني. والعروض الجمع وقد وردت كلمة العرض لمعاني أخرى: مثل السّعة والمنبسط ووجه الجبل، وللجراد الكثير، وللجبل ولطرف الجبل، وغير ذلك، كما هو مذكور في المنتخب. وعرض الإنسان هو البعد الآخذ من يمين الإنسان إلى يساره. وعرض الحيوان أيضا كذلك كما في شرح المواقف في مبحث الكم. لكن في شرح الطوالع البعد الآخذ من رأس الحيوان إلى ذنبه عرض الحيوان. والعرض عند أهل العربية هو طلب الفعل بلين وتأدّب نحو ألا تنزل بنا فتصيب خيرا كذا في مغني اللبيب في بحث ألا. والمراد أنّه كلام دالّ على طلب الفعل الخ لأنّه قسم من الإنشاء على قياس ما عرفت في الترجّي. وعند المحدّثين هو قراءة الحديث على الشيخ. وإنّما سمّيت القراءة عرضا لعرضه على الشيخ سواء قرأ هو أو غيره وهو يسمع. واختلف في نسبتها إلى السّماع فالمنقول عن مالك وأكثر أصحاب الحديث المساواة، وعن أبي حنيفة وأصحابه ترجيح القراءة، وعن الجمهور ترجيح السّماع كذا في خلاصة الخلاصة. وفي شرح النخبة وشرحه يطلق العرض عندهم أيضا على قسم من المناولة وهو أن يحضر الطالب كتاب الشيخ، أمّا أصله أو فرعه المقابل به فيعرضه على الشيخ فهذا القسم يسمّيه غير واحد من أئمة الحديث عرضا. وقال النووي هذا عرض المناولة وأمّا ما تقدّم فيسمّى عرض القراءة ليتميّز أحدهما عن الآخر انتهى. وعند الحكماء يطلق على معان أحدها السطح وهو ماله امتدادان، وبهذا المعنى قيل إنّ كلّ سطح فهو في نفسه عريض. وثانيها الامتداد المفروض ثانيا المقاطع للامتداد المفروض أولا على قوائم وهو ثاني الأبعاد الثلاثة الجسمية. وثالثها الامتداد الأقصر كذا في شرح المواقف في مبحث الكم. وعند أهل الهيئة يطلق على أشياء منها عرض البلد وهو بعد سمت رأس أهله أي سكّانه عن معدّل النهار من جانب لا أقرب منه وهو إنّما يتصوّر في الآفاق المائلة لا في أفق خطّ الإستواء، إذ في المواضع الكائنة على خط الاستواء يمرّ المعدّل بسمت رءوس أهله. وأمّا المواضع التي على أحد جانبي خط الإستواء شمالا أو جنوبا فلسمت رءوس أهلها بعد عن المعدّل، أمّا في جانب الشمال ويسمّى عرضا شماليا أو في جانب الجنوب ويسمّى عرضا جنوبيا. وإنّما يتحقّق هذا البعد بدائرة تمرّ بسمت الرأس وقطبي المعدّل وهي دائرة نصف النهار. ولذا قيل عرض البلد قوس من دائرة نصف النهار فيما بين معدّل النهار وسمت الرأس أي من جانب لا أقرب منه، وهي مساوية لقوس من دائرة نصف النهار فيما بين المعدّل وسمت القدم من جانب لا أقرب منه بناء على أنّ نصف النهار قد تنصّف بقطبي الأفق وبمعدّل النهار.
وأيضا هي مساوية لارتفاع قطب المعدّل وانحطاطه فإنّ البعد بين قطب دائرة ومحيط الأخرى كالبعد بين محيط الأولى وقطب الأخرى. ولهذا أطلق على كلّ واحدة منهما أنّها عرض البلد. فعرض البلد كما يفسّر بما سبق كذلك يفسّر بقوس منها فيما بين المعدّل وسمت القدم من جانب لا أقرب منه، وبقوس منها بين الأفق وقطب المعدّل من جانب لا أقرب منه. والقوس التي بين القطبين أو المنطقتين تسمّى تمام عرض البلد. ومنها عرض إقليم الرؤية ويسمّى بالعرض المحكّم أيضا كما في شرح التذكرة وهو بعد سمت الرأس عن منطقة البروج من جانب لا أقرب منه فهو قوس من دائرة عرض إقليم الرؤية بين قطب الأفق والمنطقة، أو بين الأفق وقطب المنطقة من جانب لا أقرب منه، ودائرة عرض إقليم الرؤية هي دائرة السّمت. ومنها عرض الأفق الحادث وهو قوس من دائرة نصف النهار الحادث بين قطب الأفق الحادث ومعدّل النهار من جانب لا أقرب منه. ومنها عرض جزء من المنطقة ويسمّى بالميل الثاني كما يجيء وبعرض معدّل النهار أيضا كما في القانون المسعودي وهو قوس من دائرة العرض بين جزء من المنطقة وبين المعدّل من جانب لا أقرب منه. ومنها عرض الــكوكب وهو بعده عن المنطقة وهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة وبين الــكوكب من جانب لا أقرب منه. والمراد بالــكوكب رأس الخطّ الخارج من مركز العالم المارّ بمركز الــكوكب المنتهي إلى الفلك الأعظم. فالــكوكب إذا كان على نفس المنطقة فلا عرض له وإلّا فله عرض إمّا شمالي أو جنوبي، وهذا هو العرض الحقيقي للــكوكب. وأمّا العرض المرئي له فهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة وبين المكان المرئي للــكوكب. ومنها عرض مركز التدوير وهو بعد مركز التدوير عن المنطقة وهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة ومركز التدوير من جانب لا أقرب منه. ولو قيل عرض نقطة قوس من دائرة العرض بين تلك النقطة والمنطقة من جانب لا أقرب منه يتناول عرض الــكوكب وعرض مركز التدوير ويسمّى هذا العرض أي عرض مركز التدوير بعرض الخارج المركز، وهو ميل الفلك المائل أي بعده عن المنطقة يسمّى به لأنّ ميل الفلك المائل قوس من دائرة العرض التي تمرّ بقطبي الممثّل ما بين الفلك المائل والممثّل من جانب لا أقرب منه، وسطح الفلك الخارج في سطح الفلك المائل فميل الفلك المائل عن الممثّل الذي هو عرضه يكون عرض الفلك الخارج المركز.
اعلم أنّه لا عرض للشمس أصلا لكون خارجه في سطح منطقة البروج بخلاف السيارات الأخر وأنّه لا عرض للقمر سوى هذا العرض لأنّ أفلاكه المائل والحامل والتدوير في سطح واحد لا ميل لبعضها عن بعض. ثم إنّ ميل الفلك المائل في العلوية والقمر ثابت وفي السفليين غير ثابت، بل كلما بلغ مركز تدوير الزهرة أو عطارد إحدى العقدتين انطبق المائل على المنطقة وصار في سطحها. فإذا جاوز مركز التدوير تلك العقدة التي بلعها افترق المائل عن المنطقة وصار مقاطعا لها على التّناصف. وابتداء نصف المائل الذي عليه مركز التدوير في الميل عن المنطقة إمّا للزهرة فإلى الشمال وإمّا لعطارد فإلى الجنوب، ونصفه الآخر بالخلاف. ثم هذا الميل يزداد شيئا فشيئا حتى ينتهي مركز التدوير إلى منتصف ما بين العقدتين، فهناك غاية الميل، ثم يأخذ الميل في الانتقاص شيئا فشيئا ويتوجّه المائل نحو الانطباق على المنطقة حتى ينطبق عليه ثانيا عند بلوغ مركز التدوير العقدة الأخرى، فإذا جاوز مركز التدوير هذه العقدة عادت الحالة الأولى أي يصير النصف الذي عليه المركز الآن. أما في الزهرة فشماليا وكان قبل وصول المركز إليه جنوبيا، والنصف الذي كان شماليا كان جنوبيا.
وأمّا في عطارد فبالعكس. فعلى هذا يكون مائل كلّ منهما متحركا في العرض إلى الجنوب وبالعكس إلى غاية ما من غير إتمام الدورة، ويكون مركز تدوير الزهرة إمّا شماليا عن المنطقة أو منطبقا عليها، لا يصير جنوبيا عنها قطعا، ويكون مركز تدوير عطارد إمّا جنوبيا عنها أو منطبقا عليها، لا يصير شماليا عنها أصلا. ومنها عرض التدوير ويسمّى بالميل وبميل ذروة التدوير وحضيضه أيضا وهو ميل القطر المار بالذروة والحضيض عن سطح الفلك المائل، ولا يكون القطر المذكور في سطح المائل إلّا في وقتين. بيانه أنّ ميل هذا القطر غير ثابت أيضا بل يصير هذا القطر في العلوية منطبقا على المنطقة والمائل عند كون مركز التدوير في إحدى العقدتين أي الرأس أو الذنب، ثم إذا جاوز عن الرأس إلى الشمال أخذت الذروة في الميل إلى الجنوب عن المائل متقاربة إلى منطقة البروج، وأخذ الحضيض في الميل إلى الشمال عنه متباعدا عن المنطقة، ويزداد شيئا فشيئا حتى يبلغ الغاية عند بلوغ المركز منتصف ما بين العقدتين، ثم يأخذ في الانتقاص شيئا فشيئا إلى أن ينطبق القطر المذكور ثانيا على المائل والمنطقة عند بلوغ المركز الذنب. فإذا جاوز الذنب إلى الجنوب أخذت الذروة في الميل عن المائل إلى الشمال متقاربة إلى المنطقة، وأخذ الحضيض في الميل عنه إلى الجنوب متباعدا عن المنطقة وهكذا على الرسم المذكور؛ أي يزداد الميل شيئا فشيئا حتى يبلغ الغاية في منتصف العقدتين، ثم ينتقص حتى يبلغ المركز إلى الرأس وتعود الحالة الأولى. ويلزم من هذا أن يكون ميل الذروة في العلوية أبدا إلى جانب المنطقة وميل الحضيض أبدا إلى خلاف جانب المنطقة. فلو كان الــكوكب على الذروة أو الحضيض ومركز التدوير في إحدى العقدتين لم يكن للــكوكب عرض وإلّا فله عرض. وميل الذروة إذا اجتمع مع ميل المائل ينقص الأول عن الثاني فالباقي عرض الــكوكب. وإذا اجتمع ميل الحضيض مع ميل المائل يزيد الأول على الثاني فالمجموع عرض الــكوكب. وأمّا في السفليين فالقطر المذكور إنّما ينطبق على المائل عند بلوغ مركز التدوير منتصف ما بين العقدتين، وهناك غاية ميل المائل عن المنطقة. ولمّا كان أوجا السفليين وحضيضاهما على منتصف العقدتين كان انطباق القطر على المائل في المنتصف إمّا عند الأوج أو الحضيض. فعند الأوج تبتدئ الذروة في الميل أمّا في الزهرة فإلى الشمال عن المائل متباعدة عن المنطقة، ويلزمه ميل الحضيض إلى الجنوب متقاربا إليها في الابتداء، ويزداد الميل شيئا فشيئا حتى يصل المركز إلى العقدة وينطبق المائل على المنطقة، فهناك الذروة في غاية الميل عن المائل والمنطقة شمالا والحضيض في غاية الميل عنهما جنوبا.
فلو كان الزهرة على الحضيض كان جنوبيا عن المنطقة، فإذا جاوز المركز العقدة انتقص الميل على التدريج، فإذا وصل إلى المنتصف وهناك حضيض الحامل انطبق القطر على المائل ثانيا.
ومن هاهنا تبتدئ الذروة في الميل عن المائل إلى الجنوب متوجّهة نحو المنطقة والحضيض في الميل عنه إلى الشمال متباعدا عن المنطقة، فإذا وصل المركز العقدة الأخرى وانطبق المائل على المنطقة كانا في غاية الميل عنهما. أمّا الذروة ففي الجنوب وأمّا الحضيض ففي الشمال. فلو كان الزهرة حينئذ على الذروة كان جنوبيا عن المنطقة. وأمّا في عطارد فعند الأوج تبتدئ الذروة في الميل عن المائل إلى الجنوب متباعدة عن المنطقة وميل الحضيض عنه حينئذ إلى الشمال متوجها نحو المنطقة. فإذا بلغ المركز العقدة وانطبق المائل على المنطقة فهناك ميل الذروة عنهما إلى الجنوب يبلغ الغاية، وكذا ميل الحضيض عنهما إلى الشمال. فلو كان عطارد حينئذ على الحضيض كان شماليا عن المنطقة. فإذا جاوز المركز العقدة انتقص الميل شيئا فشيئا حتى إذا وصل إلى المنتصف كان ميل المائل عن المنطقة في الغاية وانطبق القطر على المائل ثانيا، وهناك حضيض الحامل ومنه تبتدئ الذروة في الميل عن المائل شمالا متوجّهة نحو المنطقة في الابتداء، والحضيض بالعكس. فإذا انتهى المركز إلى العقدة الأخرى كان الذروة في غاية الميل الشمالي عنهما والحضيض في غاية الميل الجنوبي. فلو كان عطارد حينئذ على الذروة يصير شماليا عن المنطقة. وتبيّن من ذلك أنّ المائل في السفليين إذا كان في غاية الميل عن المنطقة لم يكن للقطر المذكور ميل عن المائل. وإذا كان المائل عديم الميل عن المنطقة كان القطر في غاية الميل عن المائل، بل عن المنطقة أيضا. ومنها عرض الوراب ويسمّى أيضا بالانحراف والالتواء والالتفاف وهو ميل القطر المارّ بالبعدين الأوسطين من التدوير عن سطح الفلك المائل، وهذا مختصّ بالسفليين، بخلاف عرض الخارج المركز فإنّه يعمّ الخمسة المتحيّرة والقمر، وبخلاف عرض التدوير فإنّه يعمّ الخمسة المتحيّرة. اعلم أنّ ابتداء الانحراف إنّما هو عند بلوغ مركز التدوير إحدى العقدتين على معنى أنّ القطر المذكور في سطح المائل ومنطبق عليه هنا. وحين جاوز المركز العقدة يبتدئ القطر في الانحراف عن سطح المائل ويزيد على التدريج ويبلغ غايته عند منتصف العقدتين. فإن كان المنتصف الذي بلغه المركز هو الأوج كان الطرف الشرقي من القطر المذكور أي المارّ بالبعدين الأوسطين المسمّى بالطرف المسائي في غاية ميله عن سطح المائل. أمّا في الزهرة فإلى الشمال وأمّا في عطارد فإلى الجنوب، وكان الطرف الغربي المسمّى بالطرف الصّباحي في غاية الميل أيضا. ففي الزهرة إلى الجنوب وفي عطارد إلى الشمال. وإن كان المنتصف الذي بلغه المركز هو الحضيض فعلى الخلاف فيهما، أي كان الطرف المسائي في غاية الميل في الزهرة إلى الجنوب وفي عطارد إلى الشمال والطرف الصّباحي بالعكس، فعلم أنّ الانحراف يبلغ غايته حيث ينعدم فيه ميل الذروة والحضيض، أعني عند المنتصفين وأنّه ينعدم بالكلية حيث يكون ميل الذروة والحضيض في الغاية وذلك عند العقدتين. وقد ظهر من هذا المذكور كلّه أي من تفصيل حال القطر المارّ بالذروة والحضيض من تدوير الخمسة المتحيّرة ومن تفصيل حال القطر المارّ بالبعدين الأوسطين في السفليين في ميلهما عن المائل أنّ مدّة دور الفلك الحامل ومدّة دور القطرين المذكورين متساويتان، وكذا أزمان أرباع دوراتها أيضا متساوية. كلّ ذلك بتقدير العزيز العليم الحكيم.
فائدة:
اعلم أنّ أهل العمل يسمّون عرض مركز التدوير عن منطقة الممثل في السفليين العرض الأول، والعرض الذي يحصل للــكوكب بسبب الميل العرض الثاني، وبسبب الانحراف العرض الثالث. هذا كلّه خلاصة ما ذكر السيّد السّند في شرح الملخّص وعبد العلي البرجندي في تصانيفه.

المطلع

(المطلع) مطلع القصيد أول بَيت فِيهَا وَمَكَان الطُّلُوع وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {حَتَّى إِذا بلغ مطلع الشَّمْس} وزمان الطُّلُوع وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} ومطلع الْأَمر مأتاه وَوَجهه الَّذِي يُؤْتى إِلَيْهِ والمصعد وَيُقَال هَذَا لَك مطلع الأكمة أَي حَاضر بَين (ج) مطالع ومطالع الشَّمْس مشارقها يُقَال للشمس مطالع ومغارب
المطلع:
[في الانكليزية] Rise ،place where planets rise ،manifestation
[ في الفرنسية] Lever ،endroit ou se levent les etoiles ،manifestations
بفتح الميم واللام أو كسرها لغة هو زمان الطلوع، وعند الشعراء هو المصرّع بتشديد الراء وقد سبق. ومطلع الاعتدال عند أهل الهيئة هو نقطة تقاطع المعدّل والأفق سمّيت به لأنّ الاعتدالين يطلعان منها أبدا، كذا ذكر السّيّد في شرح الملخص. والمطلع عند الصوفية هو شهود المتكلّم عند تلاوة الكلام، أو كما قال الإمام جعفر الصادق لقد تجلّى الله لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون، كذا نقل من عبد الرزاق الكاشي. المطالع جمع مطلع بمعنى زمان الطلوع، وكذا المغارب جمع مغرب بمعنى زمان الغروب، وقد جرت عادة أهل الهيئة بتسمية أجزاء معدّل النهار أزمانا على التجوّز بناء على أنّ الزمان مقدار حركتها وقد يسمّى جزء واحد منها مطالع توسّعا، وقس على ذلك المغارب وكذا الحال في مطالع القوس ومغاربه. اعلم أنّه لا شكّ أنّه إذا كان جزء من منطقة البروج على الأفق الشرقي في غير عرض تسعين كانت بإزائه نقطة من معدّل النهار عليه وتسمّى نقطة المطالع، فالقوس من معدّل النهار بين الاعتدال الربيعي وبين تلك النقطة تسمّى مطالع ذلك الجزء بشرط مرورها على الأفق الشرقي مع قوس من البروج من أول الحمل إلى ذلك الجزء على التوالي إن كان الطلوع مستويا، ومن ذلك الجزء إلى أول الحمل على خلاف التوالي إن كان الطلوع معكوسا. مثلا إذا طلع الثور والحمل معكوسين وبلغ أول الحمل إلى الأفق كان مطالع رأس الجوزاء قوسا من المعدّل مبتدئة من النقطة الطالعة مع رأس الجوزاء إلى أول الحمل، وإن أخذ الأفق الغربي مكان الشرقي تسمّى تلك القوس مغارب ذلك الجزء، فالمطالع أو المغارب من أول الحمل تكون على التوالي إن كان طلوع البروج وغروبه مستويا، وعلى خلافه إن كان معكوسا وكان المناسب أن يجعل مبدأ المطالع والمغارب في الآفاق الجنوبية أول الميزان، إلّا أنّ أهل العمل أخذوا مبدأهما هناك أوّل الحمل أيضا. وبعضهم يأخذ مبدأ المطالع والمغارب بخط الاستواء نظيره الانقلاب الشتوي لأنّ بعض الأعمال يسهّل بذلك كمعرفة ساعات نصف النهار وتسوية البيوت وغير ذلك مما لا يحصى. هذا الذي ذكرنا مطالع الجزء وتسمّى بمطالع البروج أيضا.
وأمّا مطالع القوس فهي قوس من معدّل النهار التي تطلع مع قوس مفروضة من فلك البروج، فإنّه إذا طلع من الأفق قوس من فلك البروج فلا بد أن يطلع معها قوس أخرى من المعدّل سواء كانت أزيد من القوس الأولى أو أنقص منها أو مساويا لها، والقوس التي تغرب معها يقال لها مغارب. ولو قيل المعدّل بتمامه أو بعض منه إذا طلع مع قوس مفروضة الخ لكان أولى ليشتمل ما إذا كان مطالع ستة بروج تمام المعدّل ومطالع ستة أخرى نقطة منه، ويقال للقوس من فلك البروج درج السواء لأنّها تحسب متساوية أولا، وينسب إليها مطالعها فتختلف بالزيادة والنقصان، فإنّ وضع المعدل والمنطقة بالنسبة إلى الأفق يختلف، فأيتهما تحسب أجزاؤها أولا متساوية يختلف أجزاء الأخرى بالنسبة إليها وتسمّى درج السواء التي بإزاء المطالع طوالع والتي بإزاء المغارب غوارب. ثم المطالع سواء كانت مطالع الجزء أو مطالع القوس كما في شرح بيست باب تختلف بحسب اختلاف الآفاق في العروض، لأنّ المعدّل تختلف أوضاعه بالنسبة إلى الآفاق المختلفة العرض انتصابا واضطجاعا، فإن كان الأفق عديم العرض يسمّى مطالع خط الاستواء ومطالع الفلك المستقيم ومطالع الكرة المنتصبة ويخصّ باسم المطالع بالقبة إذا كان مبدأها نظيرة الانقلاب الشتوي، وإن كان ذا عرض يسمّى مطالع البلد ومطالع الأفق المائل ومطالع الفلك المائل. هذا الذي ذكر إنّما هو إذا أخذ المطالع من الآفاق الغير الحادثة. وأمّا المطالع المأخوذة من الآفاق الحادثة فتسمّى مطالع مصحّحة، فهي قوس من معدّل النهار ما بين الاعتدال الربيعي وبين تقاطع المعدّل مع ربع من أرباع الأفق الحادث الذي يكون فيه الــكوكب، وعلى هذا القياس المغارب. وأمّا مطالع طلوع الــكوكب فقوس من معدّل النهار على التوالي من أوّل الحمل إلى الأفق الشرقي حين طلوع ذلك الــكوكب، ومطالع غروب الــكوكب قوس منه على التوالي من أول الحمل إلى الأفق الشرقي حين غروب ذلك الــكوكب، ويسمّى بمطالع نظير درجة الغروب أيضا. والدرجة من منطقة البروج التي على الأفق الشرقي مع ذلك الــكوكب تسمّى درجة طلوع الــكوكب والتي معه على الأفق الغربي تسمّى درجة غروبه. ومطالع طلوع الــكوكب بأفق الاستواء تسمّى مطالع الممر، كما أنّ درجة طلوع الــكوكب بأفق الاستواء تسمّى درجة الممر إذ لا اختلاف هناك إذ أفق الاستواء دائرة من دوائر الميول، فمطالع الممر مطلقا هي مطالع درجة ممر الــكوكب وهي قوس من معدل النهار من أول الحمل إلى نقطة منه فوق نصف النهار حين بلوغ ذلك الــكوكب نصف النهار. هكذا يستفاد مما ذكره عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة وشرح بيست باب وحاشية الجغميني.

الميل

الميل: العدول عن الوسط إلى أحد الجانبين. والمال سمي به لكونه مائلا أبدا وزائلا ولذلك سمي عرضا. وعليه دل من قال: المال قحبة تكون يوما في بيت عطار، ويوما في دار بيطار.
الميل:
فقال بطليموس في المجسطي: الميل ثلاثة آلاف ذراع بذراع الملك، والذراع ثلاثة أشبار، والشبر ست وثلاثون إصبعا، والإصبع خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها إلى بعض.
قال: والميل جزء من ثلاثة أجزاء من الفرسخ. وقيل: الميل ألفا خطوة وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وأما أهل اللغة فالميل عندهم مدى البصر ومنتهاه.
قال ابن السّكيّت: وقيل للاعلام المبنية في طريق مكة أميال، لأنها بنيت على مقادير مدى البصر من الميل إلى الميل، ولا نعني بمدى البصر كل مرئيّ فإنّا نرى الجبل من مسيرة أيام، إنما نعني أن ينظر الصحيح البصر ما مقداره ميل، وهي بنية ارتفاعها عشر أذرع أو قريبا من ذلك، وغلظها مناسب لطولها، وهذا عندي أحسن ما قيل فيه.
الميل:
[في الانكليزية]
Mile( unity of measure for distances which varies according to epochs)
[ في الفرنسية]
Mille )unite de mesure pour les distances tres variable selon les epoques (
بالكسر وسكون المثناة الفوقانية في الأصل مقدار مدّ البصر من الأرض ثم سمّي به علم مبني في الطريق، ثم كلّ ثلث فرسخ حيث قدّر حدّه صلى الله عليه وسلم طريق البادية وبنى على كلّ ثلث ميلا، ولهذا قيل الميل الهاشمي. واختلف في مقداره على الاختلاف في مقدار الفرسخ، فقيل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. وقيل الفان وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وقيل ثلاث آلاف خطوة، والأول أيسر فإنّ الخطوة ذراع ونصف والذراع أربعة وعشرون إصبعا، كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي قيل الفرسخ ثمانية عشر ألف ذراع، والمشهور أنّه اثنا عشر ألف ذراع. وفي المغرب الميل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. ولعلّ هذا إشارة إلى الخلاف الواقع بين أهل المساحة، فذهب قدماؤهم إلى أنّ الميل ثلاثة آلاف ذراع، والمتأخّرون منهم إلى أنّه أربعة آلاف. لكن الاختلاف لفظي لأنّهم صرّحوا بأنّ الذراع عند القدماء اثنان وثلاثون إصبعا. وعند المتأخّرين أربعة وعشرون إصبعا.
وعلى التقديرين كلّ ميل ستة وتسعون ألف إصبع كما لا يخفى على المحاسب انتهى. وينبغي أن ينقسم الميل على قياس الفرسخ إلى الطولي والسطحي والجسمي كما لا يخفى. 
الميل:
[في الانكليزية] Inclination ،tendency ،disposition
[ في الفرنسية] Inclination tendance ،disposition
بالفتح والسكون عند الحكماء هو الذي تسميه المتكلّمون اعتمادا. وعرّفه الشيخ بأنّه ما يوجب للجسم المدافعة لا يمنعه الحركة إلى جهة من الجهات. فعلى هذا هو علّة للمدافعة.
وقيل هو نفس المدافعة المذكورة، فعلى هذا هو من الكيفيات الملموسة. وقد اختلف في وجوده المتكلّمون فنفاه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني وأتباعه وأثبته المعتزلة وكثير من أصحابنا كالقاضي بالضرورة، ومنعه مكابرة للحسّ، فإنّ من حمل حجرا ثقيلا أحسّ منه ميلا إلى جهة السفل، ومن وضع يده على زقّ منفوخ فيه تحت الماء أحسّ ميله إلى جهة العلوّ، وهذا إذا فسّر الميل بالمدافعة. وأمّا على التفسير الأول فلأنّه لولا ذلك الأمر الموجب لم يختلف في السرعة والبطء الحجران المرميان من يد واحدة في مسافة بقوة واحدة إذا اختلف الحجران في الصغر والكبر إذ ليس فيهما مدافعة إلى خلاف جهة الحركة ولا مبدأها على ذلك التقدير فيجب أن لا يختلف حركتاهما أصلا لأنّ هذا الاختلاف لا يكون باعتبار الفاعل لأنّه متّحد فرضا، ولا باعتبار معاوق خارجي في المسافة لاتحادها فرضا، ولا باعتبار معاوق داخلي إذ ليس فيهما مدافعة، ولا مبدأها ولا معاوقا داخليا غيرهما، فوجب تساويهما في السرعة والبطء. وأجاب عنه الامام الرازي بأنّ الطبيعة مقاومة للحركة القسرية. ولا شكّ أنّ طبيعة الأكبر أقوى لأنّها قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه، فلذلك كانت حركته أبطأ فلم يلزم مما ذكر أن يكون للمدافعة مبدأ مغاير الطبيعة حتى يسمّى بالميل والاعتماد. وأمّا تسميتها بهما فبعيدة جدا. واعلم أنّ المدافعة غير الحركة لأنّها توجد عند السكون فإنّا نجد في الحجر المسكن في الهواء قسرا مدافعة نازلة وفي الزّقّ المنفوخ فيه المسكن في الماء قسرا مدافعة صاعدة.

التقسيم:
الحكيم يقسم الميل إلى طبعي وقسري ونفساني، لأنّ الميل إمّا أن يكون بسبب خارج عن المحل أي بسبب ممتاز عن محل الميل في الوضع والإشارة وهو الميل القسري كميل الحجر المرمي إلى فوق، أو لا يكون بسبب خارج، فإمّا مقرون بالشعور وصادر عن الإرادة وهو الميل النفساني كميل الإنسان في حركته الإرادية أو لا، وهو الميل الطبعي كميل الحجر بطبعه إلى السفل. فالميل الصادر عن النفس الناطقة في بدنها عند القائل بتجرّدها نفساني لا قسري لأنّها ليست خارجة عن البدن ممتازة عنه في الإشارة الحسّية. والميل المقارن للشعور إذا لم يكن صادرا عن الإرادة لا يكون نفسانيا كما إذا سقط الإنسان عن السطح. أمّا الميل الطبعي فأثبتوا له حكمين الأول أنّ العادم للميل الطبعي لا يتحرّك بالطبع ولا بالقسر والإرادة، والثاني أنّ الميل الطبعي إلى جهة واحدة فإنّ الحجر المرمي إلى أسفل يكون أسرع نزولا من الذي ينزل بنفسه، ويجوز أن يقال إنّ الطبيعة وحدها تحدث مرتبة من مراتب الميل، وكذلك القاسر، فلما اجتمعا أحدثا مرتبة أشدّ مما يقتضيه كلّ واحد منهما على حدة فلا يكون هناك الأصل واحدا مستندا إلى الطبيعة والقاسر معا. وهل يجتمعان إلى جهتين؟ فالحقّ أنّه إن أريد به المدافعة نفسها فلا يجتمعان لامتناع المدافعة إلى جهتين في حالة بالضرورة، وإن أريد به مبدأها فيجوز اجتماعهما، فإنّ الحجرين المرميين إلى فوق بقوة واحدة إذا اختلفا صغرا وكبرا تفاوتا في الحركة وفيهما مبدأ المدافعة قطعا، فلولاه لما تفاوتا. وبالجملة فالميل الطبعي على هذا أعمّ سواء اقتضته الطبيعة على وتيرة واحدة أبدا كميل الحجر المسكن في الجو إلى السفل، أو اقتضته على وتيرة مختلفة كميل النبات إلى التبزر والتزيّد. ومنهم من يجعل النفساني أعم من الإرادي ومن أحد قسمي الطبعي، أعني ما لا يكون على وتيرة واحدة لاختصاصه بذوات الأنفس، وبهذا الاعتبار يسمّى ميل النبات نفسانيا ويختصّ لطبيعة بما يصدر عنه الحركات على نهج واحد دون شعور وإرادة. وأيضا الميل إمّا ذاتي أو عرضي لأنّه إن قام حقيقة بما وصف فهو ذاتي، وإن لم يقم به حقيقة بل لما يجاوره فهو عرضي على قياس الحركة الذاتية والعرضية. وأيضا الميل إمّا مستقيم وهو الذي يكون إلى جانب المركز وإمّا مستدير هو ما يكون سببا لحركة جسم حول نقطة كما في الأفلاك، ومبدأ الميل قوة في الجسم يقتضي ذلك الميل. فالميل في قولهم مبدأ الميل بمعنى نفس المدافعة.
فائدة:
أنواع الاعتماد متعدّدة بحسب أنواع الحركة، فقد يكون إلى السفل والعلو وإلى سائر الجهات. وهل أنواعه كلّها متضادة أو لا؟ فقد اختلف فيه. فمن لا يشترط غاية الخلاف بين الضدين جعل كلّ نوعين متضادين، ومن اشترطها قال إنّ كلّ نوعين بينهما غاية التنافي متضادان كميل الصاعدة والهابطة، وما ليس كذلك فلا تضاد بينهما كالميل الصاعد والميل للحركة يمنة ويسرة فهو نزاع لفظي. والقاضي جعل الاعتمادات بحسب الجهات أمرا واحدا فقال: الاختلاف في التسمية فقط وهي كيفية واحدة بالحقيقة فيسمّى بالنسبة إلى السفل ثقلا وإلى العلو خفّة، وهكذا سائر الجهات. وقد يجتمع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد. قال الآمدي القائلون بوجود الاعتماد من أصحابنا اختلفوا. فقيل الاعتماد في كلّ جهة غير الاعتماد في جهة أخرى. فالاعتمادات إمّا متضادة أو متماثلة فلا يتصوّر اعتمادان في جسم واحد إلى جهتين لعدم اجتماع الضدين والمثلين. وقال آخرون الاعتماد في كلّ جسم واحد والتعدّد في التسمية دون المسمّى، وعلى هذا يجوز اجتماع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد من غير تضاد، وهو اختيار القاضي أبي بكر. ثم قال: ولو قلنا بالتعدّد من غير تضاد فيكون لاعتمادات متعدّدة جائزة الاجتماع ولم يكن أبعد من القول بالاتحاد، فصارت الأقوال في الاعتمادات ثلاثة: الاتحاد والتعدّد مع التضاد وبدونه.
فائدة:
قد تقرّر أنّ الجهة الحقيقية العلو والسفل فتكون المدافعة الطبيعية نحو أحدهما، فالموجب للصاعدة الخفّة والموجب للهابطة الثّقل، وكلّ من الخفّة والثقل عرض زائد على نفس الجوهرية وبه قال القاضي وأتباعه والمعتزلة والفلاسفة أيضا، ومنعه طائفة من أصحابنا منهم الاستاذ أبو إسحاق فإنّه قال لا يتصوّر أن يكون جوهر من الجواهر الفردة ثقيلا وآخر منها خفيفا لأنّها متجانسة، بل الثّقل عائد إلى كثرة أعداد الجواهر والخفّة إلى قلتها فليس في الأجسام عرض يسمّى ثقلا وخفة. اعلم أنّ للمعتزلة في الاعتمادات اختلافات فمنها أنّهم بعد اتفاقهم على انقسام الاعتمادات إلى لازم طبعي وهو الثّقل والخفّة وإلى مجتلب أي مفارق وهو ما عداهما كاعتماد الثقيل إلى العلوّ إذا رمي إليه، والخفيف إلى السفل، أو كاعتمادهما إلى سائر الجهات من القدّام والخلف واليمين والشمال قد اختلفوا في أنّها هل فيها تضاد أو لا؟ فقال أبو علي الجبائي نعم. وقال أبو هاشم لا تضاد للاعتمادات اللازمة مع المجتلبة. وهل يتضاد الاعتمادان اللازمان أو المجتلبان؟ تردّد فيه. فقال تارة بالتضاد وتارة بعدمه. ومنها أنّ الاعتمادات هل تبقى؟ فمنعه الجبائي ووافقه ابنه في المجتلبة دون اللازمة فإنّها باقية عنده. ومنها أنّه قال الجبائي موجب الثّقل الرطوبة وموجب الخفّة اليبوسة، ومنعه أبو هاشم وقال هما كيفيتان حقيقيتان غير معلّلتين بالرطوبة واليبوسة.
ومنها أنّه قال الجبائي الجسم الذي يطفو على الماء كالخشب إنّما يطفو عليه للهواء المتشبّث به فإنّ أجزاء الخشب متخلخلة فيدخل الهواء فيما بينها ويتعلّق بها ويمنعها من النزول، وإذا غمست صعّدها الهواء الصاعد بخلاف الحديد فإنّ أجزاءه مندمجة لم يتشبّث بها الهواء فلذلك يرسب في الماء. قال الآمدي يلزم على الجبائي أنّ بعض الأشياء يرسب في الزئبق والفضّة تطفو عليه مع أنّ أجزاءها غير متخلخلة. وقال ابنه أبو هاشم إنّه للثقل والخفة ولا أثر للهواء في ذلك أصلا. وللحكماء هاهنا كلام يناسب مذهبه وهو أنّ الجسم إن كان أثقل من الماء على تقدير تساويهما في الحجم رسب ذلك الجسم فيه إلى تحت، وإن كان مثله في الثقل ينزل فيه بحيث يماس سطحه السطح الأعلى من الماء فلا يكون طافيا ولا راسبا، وإن كان أخفّ منه في الثّقل نزل فيه بعضه وذلك بقدر ما لو ملئ مكانه ماء كان ذلك الماء موازنا في الثّقل لذلك الجسم كلّه، وتكون نسبة القدر النازل منه في الماء إلى القدر الباقي منه في خارجه كنسبة ثقل ذلك الجسم إلى فضل ثقل الماء. والحق المختار عند الأشاعرة أنّ الطّفو والرّسوب إنّما يكونان بخلق الله تعالى. ومنها أنّه قال للهواء اعتماد صاعد لازم ومنعه ابنه وقال ليس للهواء اعتماد لازم لا علوي ولا سفلي بل اعتماده مجتلب بسبب محرّك. ومنها أنّه قال لا يولد الاعتماد شيئا آخر لا حركة ولا سكونا بل المولّد لهما هو الحركة. وقال ابنه المولّد لهما الاعتماد. وقال ابن عياش بتولّدهما من الحركة تارة ومن الاعتماد أخرى. ومنها أنّه قال الحجر المرمي إلى فوق إذا عاد نازلا أنّ حركته الهابطة متولّدة من حركته الصاعدة بناء على أصله من أنّ الحركة إنّما تتولّد من الحركة لا من الاعتماد. وقال ابنه بل من الاعتماد الهابط. ومنها أنّه قال كثير من المعتزلة ليس بين الحركة الصاعدة والهابطة سكون إذ لا يوجب السكون الاعتماد لا اللازم ولا المجتلب. وقال الجبائي لا أستبعد ذلك أي أن يكون بينهما سكون وتوضيح المباحث يطلب من شرح المواقف وشرح التجريد. والميل عند الصوفية هو الرجوع إلى الأصل مع الشعور بأنّه أصله ومقصده لا الرجوع الطبيعي كما في الجمادات فإنّها تميل إلى المركز طبعا، كذا في كشف اللغات. والميل عند أهل الهيئة قوس من دائرة الميل بين معدّل النهار ودائرة البروج بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل، ودائرة الميل عظيمة تمرّ تارة بقطبي المعدّل وبجزء ما من منطقة البروج أو بــكوكب من الكواكب، ويسمّى دائرة الميل الأول أيضا لأنّه يعرف بها. اعلم أنّ من دائرة الميل يعرف بعد الــكوكب عن المعدّل لأنّه إن كان الخط الخارج من مركز العالم المارّ بمركز الــكوكب الواصل إلى سطح الفلك الأعلى واقعا على المعدّل فحينئذ لا يكون للــكوكب بعد عن المعدّل وإن وقع ذلك الخط في أحد جانبي المعدّل إما شمالا أو جنوبا، فللــكوكب حينئذ بعد عنه شمالي أو جنوبي. فبعد الــكوكب قوس من دائرة الميل بين موقع ذلك الخط ومعدّل النهار بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل وقد يسمّى بعد الــكوكب بميل الــكوكب أيضا، صرّح بذلك العلّامة كما في شرح التذكرة. ويعرف أيضا بعد أجزاء فلك البروج عن المعدّل فإنّ أجزاءه بأسرها سوى الاعتدالين مائلة عن المعدّل بعيدة عنه، وذلك البعد يسمّى ميلا أوّلا. وإذا أخذ بعد جزء من فلك البروج من الانقلاب الأقرب منه فالميل الأول لهذا الجزء حينئذ يسمّى ميلا منكوسا كما في الزيجات، وبعد الــكوكب عنه يخصّ باسم البعد. ثم الميل إذا أطلق يراد به الأول، ولذا سمّاه البعض بالميل المطلق في الزيج الإيلخاني سمّي بالأول لأنّه ميل عن منطقة الحركة الأولى. والتقييد بالأول لإخراج الميل الثاني لأجزاء فلك البروج عن المعدّل، إذ الميل الثاني قوس من دائرة العرض محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب.
ودائرة العرض كما مرّ عظيمة تمرّ بقطبي البروج وبجزء ما من المعدّل أو بــكوكب ما وتسمّى بدائرة الميل الثاني أيضا، لأنّ الميل الثاني إنّما يعرف بتلك الدائرة. وإنّما سمّي ميلا ثانيا لأنّ دائرة العرض إنّما تقاطع منطقة البروج على قوائم فالقوس المحصورة منها بين جزء من أجزاء المعدّل وبين منطقة البروج هي ميل ذلك الجزء وبعده عن منطقة البروج كما عرفت إلّا أنّ الاستقامة أي عدم الميل لمّا كانت منسوبة إلى المعدّل كأنّه الأصل في هذه الدائرة نسب هذا الميل إلى أجزاء فلك البروج عن المعدّل، وإن كان الأمر بالعكس حقيقة كما عرفت ويميّز عن الميل الأول بتقييده بالثاني. هذا ثم إنّه لمّا كان أجزاء فلك البروج متباعدة عن المعدّل في جانبي الشمال أو الجنوب إلى حدّ ما ثم متقاربة إليه فيهما فهناك غاية الميل لبعض أجزائها أعني الانقلابين، ويقال لها الميل الكلّي. والميل الأعظم وهو قوس من الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب. فغاية الميل تدخل تحت حدّ الميل الأول والثاني لأنّ الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة يصدق عليها أنّها دائرة الميل لمرورها بقطبي العالم، وأنّها دائرة العرض لمرورها بقطبي البروج. فغاية الميل هي نهاية ميل أجزاء دائرة البروج عن المعدّل، ومقدارها عند الأكثرين ثلاثة وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة وما وراها أي ما وراء غاية الميل يسمّى بالميول الجزئية. كما في شرح التذكرة للعلي البرجندي وغيره من تصانيفه. وميل الأفق الحادث وهو القوس الواقعة من أوّل السموات بين الأفق الحادث ونصف النهار من الجانب الأقرب، كذا ذكر العلي البرجندي في شرح التذكرة. وميل ذروة التدوير وحضيضه هو عرض التدوير وقد سبق. وقد يعرف بالميل كما في التذكرة. وميل الفلك المائل هو عرض مركز التدوير كما سبق هناك.

الحركة

الحركة: الخروج من القوة إلى الفعل تدريجا، وقيل هي شغل حيز بعد أن كان في حيز آخر، وقيل هي كونان في آنين في مكانين كما أن السكون كونان في آنين في مكان واحد.
الحركة:
نصف الألف، وبها تقدّر -عند المتأخرين- مقادير المدود، وهي بمقدار نصف المد الطبيعي، ويقدر زمنها بمعدل قبض الإصبع أو بسطه، من غير سرعة ولا بطء، وُيعبر عنه بـ (فويق) و (فوق)، يقال: قرأ بـ (فويق القصر) و (فوق القصر) أي بمقدار ثلاث حركات، وقرأ بـ (فويق التوسط) و (فوق التوسط) أي بمقدار خمس حركات.
الحركة:
[في الانكليزية] Movement ،motion
[ في الفرنسية] Mouvement
بفتح الحاء والراء المهملة في العرف العام النقل من مكان إلى مكان، هكذا ذكر العلمي في حاشية شرح هداية الحكمة، وهذا هو الحركة الأينية المسماة بالنقلة. قال صاحب الأطول: لا تطلق الحركة عند المتكلمين إلّا على هذه الحركة الأينية وهي المتبادرة في استعمالات أهل اللغة. وقد تطلق عند أهل اللغة على الوضعية دون الكميّة والكيفية انتهى.
وهكذا في شرح المواقف. ويؤيد الإطلاقين ما وقع في شرح الصحائف من أنّ الحركة في العرف العام انتقال الجسم من مكان إلى مكان آخر، أو انتقال أجزائه كما في حركة الرّحى انتهى.
وعند الصوفية الحركة السلوك في سبيل الله تعالى، كذا في لطائف اللغات:
ثم المتكلمون عرّفوا الحركة بحصول جوهر في مكان بعد حصوله في مكان آخر أي مجموع الحصولين لا الحصول في الحيز الثاني المقيّد بكونه بعد الحصول في الحيز الأول، وإن كان متبادرا من ظاهر التعريف. ولذا قيل الحركة كونان في آنين في مكانين، والسكون كونان في آنين في مكان واحد. ويرد عليه أنّ ما أحدث في مكان واستقر فيه آنين وانتقل منه في الآن الثالث إلى مكان آخر لزم أن يكون كون ذلك الحادث في الآن الثاني جزءا من الحركة والسكون، فإنّ هذا الكون مع الكون الأول يكون سكونا، ومع الثالث يكون حركة، فلا تمتاز الحركة عن السكون بالذات، بمعنى أنّه يكون الساكن في آن سكونه أعني الآن الثاني شارعا في الحركة. فالحق هو المعنى المتبادر من التعريف. ولذا قيل الحركة كون أول في مكان ثان، والسكون كون ثان في مكان أول.
ويرد عليه وعلى القول الأول أيضا أنّ الكون في أول زمان الحدوث لا يكون حركة ولا سكونا.
اعلم أنّ الأشاعرة على أنّ الأكوان وسائر الأعراض متجدّدة في كل آن. والمعتزلة قد اتفقوا على أنّ السكون كون باق غير متجدّد، واختلفوا في الحركة هل هي باقية أم لا؟ فعلى القول ببقاء الأكوان يردّ على كلا الفريقين أنه لا معنى للكونين ولا لكون الكون أولا، وثانيا لعدم تعدّده اللهم إلّا أن يفرض التجدّد فرضا.
وعلى القول بعدم بقائها يرد أن لا يكون الحركة والسكون موجودين لعدم اجتماع الكونين في الوجود، اللهم إلّا أن يقال يكفي في وجود الكل وجود أجزائه ولو على سبيل التعاقب.
وقيل الحق أنّ السكون مجموع الكونين في مكان واحد، والحركة كون أول في مكان ثان.
ومما يجب أن يعلم أنّ المراد بكونين في مكان أنّ أقل السكون ذلك وبالكون الثاني في مكان أول ما يعمّ الكون الثالث. وعلى هذا قس سائر التعاريف.
واعلم أيضا أنّ جميع التعاريف لا يشتمل الحركة الوضعية لأنّه لا كون للمتحرك بها إلّا في المكان الأول، هكذا يستفاد مما ذكره المولوي عصام الدين والمولوي عبد الحكيم في حواشيهما على شرح العقائد النسفية. ويجيء ما يدفع بعض الشكوك في لفظ الكون.
وأمّا الحكماء فقد اختلفوا في تعريف الحركة. فقال بعض القدماء هي خروج ما بالقوة إلى الفعل على التدريج. بيانه أنّ الشيء الموجود لا يجوز أن يكون بالقوة من جميع الوجوه وإلّا لكان وجوده أيضا بالقوة، فيلزم أن لا يكون موجودا، فهو إمّا بالفعل من جميع الوجوه وهو البارئ تعالى، والعقول على رأيهم أو بالفعل، من بعضها وبالقوة من بعض. فمن حيث إنّه موجود بالقوة لو خرج ذلك البعض من القوة إلى الفعل فهو إمّا دفعة وهو الكون والفساد فتبدل الصورة النارية بالهوائية انتقال دفعي، ولا يسمّونه حركة بل كونا وفسادا، وإمّا على التدريج وهو الحركة. فحقيقة الحركة هو الحدوث أو الحصول أو الخروج من القوة إلى الفعل إمّا يسيرا يسيرا أو لا دفعة أو بالتدريج.
وكل من هذه العبارات صالحة لإفادة تصوّر الحركة. لكن المتأخّرين عدلوا عن ذلك لأنّ التدريج هو وقوع الشيء في زمان بعد زمان، فيقع الزمان في تعريفه، والزمان مفسّر بأنّه مقدار الحركة، فيلزم الدور. وكذا الحال في اللادفعة، وكذا معنى يسيرا يسيرا. فقالوا الحركة كمال أول لما هو بالقوة من جهة ما هو بالقوة.
وهكذا قال أرسطو. وتوضيحه أنّ الجسم إذا كان في مكان مثلا وأمكن حصوله في مكان آخر فله [هناك] إمكانان، إمكان الحصول في المكان الثاني، وإمكان التوجّه إليه. وكلّ ما هو ممكن الحصول له فإنه إذا حصل كان كمالا له، فكل من التوجه إلى المكان الثاني والحصول فيه كمال، إلّا أنّ التوجّه متقدّم على الحصول لا محالة، فوجب أن يكون الحصول بالقوة ما دام التوجّه بالفعل. فالتوجّه كمال أول للجسم الذي يجب أن يكون بالقوة في كماله الثاني الذي هو الحصول. ثم إنّ التوجّه ما دام موجودا فقد بقي منه شيء بالقوة. فالحركة تفارق سائر الكمالات بخاصتين: إحداهما أنها من حيث إنّ حقيقتها هي التأدّي إلى الغير، والسلوك إليه تستلزم أن يكون هناك مطلوب ممكن الحصول غير حاصل معها بالفعل ليكون التأدّي تأدّيا إليه، وليس شيء من سائر الكمالات بهذه الصفة، إذ ليست ماهيتها التأدّي إلى الغير ولا يحصل فيها واحد من هذين الوصفين. فإنّ الشيء مثلا إذا كان مربعا بالقوة ثم صار مربعا بالفعل فحصول المربعية من حيث هو هو لا يستعقب شيئا ولا يبقى عند حصولها شيء منها بالقوة. وأما الإمكان الاستعدادي وإن كان يستلزم أن لا يكون المقبول غير حاصل معه بالفعل فإنّ التحقيق أنّ الاستعداد يبطل مع الفعل لكن حقيقتها ليس التأدّي. وثانيتهما أنها تقتضي أن يكون شيء منها بالقوة فإنّ المتحرّك إنما يكون متحركا إذا لم يصل إلى المقصد، فإنّه إذا وصل إليه فقد انقطع حركته، وما دام لم يصل فقد بقي من الحركة شيء بالقوة. فهوية الحركة مستلزمة لأن يكون محلها حال اتصافه بها يكون مشتملا على قوتين، قوة بالقياس إليها وقوة أخرى بالقياس إلى ما هو المقصود بها. أما القوة التي بالنسبة إلى المقصد فمشتركة بلا تفاوت بين الحركة، بمعنى القطع والحركة بمعنى التوسط. فإنّ الجسم ما دام في المسافة لم يكن واصلا إلى المنتهى، وإذا وصل إليه لم تبق الحركة أصلا. وأما القوة الأخرى ففيها تفاوت بينهما، فإنّ الحركة بمعنى القطع حال اتصاف المتحرّك بها يكون بعض أجزائها بالقوة وبعضها بالفعل. فالقوة والفعل في ذات شيء واحد. والحركة بمعنى التوسّط إذا حصلت كانت بالفعل، ولم تكن هناك قوة متعلّقة بذاتها، بل بنسبتها إلى حدود المسافة. وتلك النسبة خارجة عن ذاتها عارضة لها كما ستعرف. فقد ظهر أنّ الحركة كمال بالمعنى المذكور للجسم الذي هو بالقوة في ذلك الكمال وفيما يتأدّى إليه ذلك الكمال. وبقيد الأول تخرج الكمالات الثانية، وبقيد الحيثية المتعلّقة بالأول تخرج الكمالات الأولى على الإطلاق، أعني الصورة النوعية لأنواع الأجسام والصور الجسمية للجسم المطلق فإنّها كمالات أولى لما بالقوة، لكن لا من هذه الحيثية بل مطلقا، لأنّ تحصيل هذه الأنواع والجسم المطلق في نفسه إنّما هو بهذه الصور وما عداها من أحوالها تابعة لها، بخلاف الحركة فإنّها كمال أول من هذه الحيثية فقط، وذلك لأنّ الحركة في الحقيقة من الكمالات الثانية بالقياس إلى الصور النوعية.
وإنّما اتصفت بالأولية لاستلزامها ترتّب كمال آخر عليها بحيث يجب كونه بالقوة معها فهي أول بالقياس إلى ذلك الكمال، وكونه بالقوة معها لا مطلقا. فالحاصل أنّ الحركة كمال أول للجسم الذي هو بالقوة في كماله الثاني بحيث يكون أوليته من جهة الأمر الذي هو له بالقوة بأن تكون أولية هذا الكمال بالنسبة إليه.
وهاهنا توجيهان آخران. الأول أن يكون قولهم من جهة ما هو بالقوة متعلّقا بما يتعلّق به قولهم لما هو بالقوة كالثابت والحاصل، فيكون المعنى كمال أول حاصل للجسم الذي يجب كونه معه بالقوة في كماله الثاني، ومتعلّق به من جهة كونه بالقوة، وذلك لأنّ الحركة كمال بالنسبة إلى الوصول أو بقية الحركة للجسم الذي يجب كونه معه بالقوة في كماله الثاني، وحصوله له من جهة كونه بالقوة إذ على تقدير الوصول أو بقية الحركة بالفعل تكون الحركة منقطعة غير حاصلة للجسم. وبيان فائدة القيود مثل ما مرّ، لكن بقي انتقاض تعريف الحركة بالإمكان الاستعدادي إذ يصدق أنّه كمال بالنسبة إلى ما يترتب عليه سواء كان قريبا أو بعيدا للجسم الذي يجب كونه معه بالقوة في الكمال الثاني، من جهة كونه بالقوة، فإنّه إذا حصل ما يترتّب عليه بطل استعداده، وكذلك أولية الاستعداد بالنسبة إلى ما يترتب. والثاني أن يكون متعلّقا بلفظ الكمال ويكون المعنى أنّ الحركة كمال أول للجسم الذي هو بالقوة في كماله الثاني من جهة المعنى الذي هو به بالقوة، بأن يكون ذلك المعنى سببا لكماليته، وذلك فإنّ الحركة ليست كمالا له من جهة كونه جسما أو حيوانا بل إنما هي كمال من الجهة التي باعتبارها كان بالقوة، أعني حصوله في أين مخصوص أو وضع مخصوص أو غير ذلك؛ وفيه نظر، وهو أنّ الحركة ليست كمالا من جهة حصوله في أين أو وضع أو غير ذلك، فإنّ كماليتها إنما هو باعتبار حصولها بعد ما كان بالقوة.
ويردّ على التوجيهات الثلاثة أنه يخرج من التعريف الحركة المستديرة الأزلية الأبدية الفلكية على زعمهم، إذ لا منتهى لها إلّا بالوهم، فليس هناك كمالان أول هو الحركة وثان هو الوصول إلى المنتهى إلّا إذا اعتبر وضع معين واعتبر ما قبله دون ما بعده؛ إلّا أنّ هذا منتهى بحسب الوهم دون الواقع المتبادر من التعريف. وفي الملخص أنّ تصور الحركة أسهل مما ذكر فإنّ كل عاقل يدرك التفرقة بين كون الجسم متحركا وبين كونه ساكنا. وأمّا الأمور المذكورة فمما لا يتصورها إلّا الأذكياء من الناس.
وقد أجيب عنه بأنّ ما أورده يدلّ على تصورها بوجه والتصديق بحصولها للأجسام لا على تصوّر حقيقتها.
اعلم انهم اختلفوا في وجود الحركة.
فقيل بوجوده وقيل بعدم وجوده. وحاكم بينهم ارسطو، فقال: الحركة يقال بالاشتراك اللفظي لمعنيين. الأول التوجّه نحو المقصد وهو كيفية بها يكون الجسم أبدا متوسطا بين المبدأ والمنتهى، أي مبدأ المسافة ومنتهاها، ولا يكون في حيّز آنين بل يكون في كل آن في حيّز آخر، وتسمّى الحركة بمعنى التوسط. وقد يعبر عنها بأنها كون الجسم بحيث أي حدّ من حدود المسافة يفرض لا يكون هو قبل الوصول إليه ولا بعده حاصلا فيه، وبأنها كون الجسم فيما بين المبدأ والمنتهى بحيث أي آن يفرض يكون حاله في ذلك الآن مخالفا لحاله في آنين يحيطان به، والحركة بهذا المعنى أمر موجود في الخارج، فإنّا نعلم بمعاونة الحسّ أنّ للمتحرك حالة مخصوصة ليست ثابتة له في المبدأ ولا في المنتهى، بل فيما بينهما، وتستمر تلك الحالة إلى المنتهى وتوجد دفعة. ويستلزم اختلاف نسب المتحرك إلى حدود المسافة فهي باعتبار ذاتها مستمرة وباعتبار نسبتها إلى تلك الحدود سيالة وبواسطة استمرارها وسيلانها تفعل في الخيال أمرا ممتدا غير قارّ هو الحركة بمعنى القطع. فالحركة بمعنى التوسّط تنافي استقرار المتحرّك في حيّز واحد سواء كان منتقلا عنه أو منتقلا إليه، فتكون ضدا للسكون في الحيّز المنتقل عنه وإليه، بخلاف من جعل الحركة الكون في الحيّز الثاني كما يجيء في لفظ الكون. الثاني الأمر الممتد من أول المسافة إلى آخرها ويسمّى الحركة بمعنى القطع ولا وجود لها إلّا في التوهم، إذ عند الحصول في الجزء الثاني بطل نسبته إلى الجزء الأول منها ضرورة، فلا يوجد هناك أمر ممتد من مبدأها إلى منتهاها. نعم لما ارتسم نسبة المتحرك إلى الجزء الثاني الذي أدركه في الخيال قبل أن يزول نسبته إلى الجزء الأول الذي تركه عنه، أي عن الخيال، يخيّل أمر ممتد، كما يحصل من القطرة النازلة والشعلة المدارة أمر ممتد في الحسّ المشترك فيرى لذلك خطّا ودائرة.
التقسيم
الحركة إمّا سريعة أو بطيئة. فالسريعة هي التي تقطع مسافة مساوية لمسافة أخرى في زمان أقلّ من زمانها، ويلزمها أن تقطع الأكثر من المسافة في الزمان المساوي. أعني إذا فرض تساوي الحركتين في المسافة كان زمان السريعة أقلّ، وإذا فرض تساويهما في الزمان كانت مسافة السريعة أكثر. فهذان الوصفان لا زمان للسريعة مساويان لها. ولذلك عرفت بكلّ واحد منهما.
وأمّا قطعها لمسافة أطول في زمان أقصر فخاصة قاصرة. والبطيئة عكسها فتقطع المساوي من المسافة في الزمان الأكثر أو تقطع الأقل من المسافة في الزمان المساوي، وربما قطعت مسافة أقل في زمان أكثر لكنه غير شامل لها. والاختلاف بالسرعة والبطء ليس اختلافا بالنوع إذ الحركة الواحدة سريعة بالنسبة إلى حركة والبطيئة بالنسبة إلى أخرى، ولأنهما قابلان للاشتداد والنقص.
فائدة:
قالوا علّة البطء في الطبيعة ممانعة المخروق الذي في المسافة، فكلما كان قوامه أغلظ كان أشدّ ممانعة للطبيعة وأقوى في اقتضاء بطء الحركة كالماء مع الهواء، فنزول الحجر إلى الأرض في الماء أبطأ من نزوله إليها في الهواء.
وأمّا في الحركات القسرية والإرادية فممانعة الطبيعة إمّا وحدها لأنه كلما كان الجسم أكبر أو كانت الطبيعة السارية فيه أكبر كان ذلك الجسم بطبيعته أشدّ ممانعة للقاسر، والمحرك بالإرادة وأقوى في اقتضاء البطء وإن اتحد المخروق والقاسر والمحرّك الإرادي. ومن ثمّ كان حركة الحجر الكبير أبطأ من حركة الصغير في مسافة واحدة من قاسر واحد، أو ممانعة الطبيعة مع ممانعة المخروق كالسهم المرمي بقوة واحدة تارة في الهواء، وكالشخص السائر فيهما بالإرادة، وربّما عاوق أحدهما أكثر والآخر أقل فتعادلا، مثل أن يحرك قاسر واحد الجسم الكبير في الهواء والصغير في الماء الذي يزيد معاوقة الهواء بمقدار الزيادة التي في طبيعته. وأيضا الحركة إمّا أينية وهي الانتقال من مكان إلى مكان تدريجا وتسمّى النقلة، وإمّا كمية وهي الانتقال من كم إلى كم آخر تدريجا وهو أولى مما ذكره الشارح القديم من أنّها انتقال الجسم من كمّ إلى كمّ على التدريج، إذ قد ينتقل الهيولى والصورة أيضا من كم إلى كم، وهذه الحركة تقع على وجوه التخلخل والتكاثف والنمو والذبول والسّمن والهزال، وإمّا كيفية وهي الانتقال من كيفية إلى أخرى تدريجا وتسمّى بالاستحالة أيضا، وإمّا وضعية وهي أن يكون للشيء حركة على الاستدارة، فإنّ كلّ واحد من أجزاء المتحرّك يفارق كلّ واحد من أجزاء مكانه لو كان له مكان، ويلازم كله مكانه، فقد اختلفت نسبة أجزائه إلى أجزاء مكانه على التدريج. وقولهم لو كان له مكان ليشمل التعريف فلك الأفلاك.
والمراد بالحركة المستديرة ما هو المصطلح وهو ما لا يخرج المتحرّك بها عن مكانه لا اللغوي فإنّ معناها اللغوي أعمّ من ذلك، فإنّ الجسم إذا تحرك على محيط دائرة يقال إنه متحرك بحركة مستديرة، فعلى هذا حركة الرحى وضعية وكذا حركة الجسم الآخر الذي يدور حول نفسه من غير أن تخرج عن مكانه حركة وضعية. وقيل الحركة الوضعية منحصرة في حركة الكرة في مكانها وليس بشيء إذ الحركة في الوضع هي الانتقال من وضع إلى وضع آخر تدريجا. وقيل حصر الوضعية في الحركة المستديرة أيضا ليس بشيء على ما عرفت من معنى الحركة في الوضع، كيف والقائم إذا قعد فقد انتقل من وضع إلى وضع آخر مع أنّه لا يتحرك على الاستدارة وثبوت الحركة الأينية لا ينافي ذلك.
نعم لا توجد الوضعية هناك على الانفراد.
وبالجملة فالحق أنّ الحركة الوضعية هي الانتقال من وضع إلى وضع كما عرفت، فكان الحصر المذكور بناء على إرادة الحركة الوضعية على الانفراد. ولذا قيل الحركة الوضعية تبدل وضع المتحرك دون مكانه على سبيل التدريج، وتسمّى حركة دورية أيضا انتهى.
وهذا التقسيم بناء على أنّ الحركة عند الحكماء لا تقع إلّا في هذه المقولات الأربع، وأما باقي المقولات فلا تقع فيها حركة لا في الجوهر لأنّ حصوله دفعي ويسمّى بالكون والفساد، ولا في باقي مقولات العرض لأنها تابعة لمعروضاتها، فإن كانت معروضاتها مما تقع فيه الحركة تقع في تلك المقولة الحركة أيضا وإلّا فلا. ومعنى وقوع الحركة في مقولة عند جماعة هو أنّ تلك المقولة مع بقائها بعينها تتغير من حال إلى حال على سبيل التدريج، فتكون تلك المقولة هي الموضوع الحقيقي لتلك الحركة، سواء قلنا إنّ الجوهر الذي هو موضوع لتلك المقولة موصوف بتلك الحركة بالعرض وعلى سبيل التبع أو لم نقل وهو باطل، لأنّ التسود مثلا ليس هو أنّ ذات السواد يشتدّ لأنّ ذلك السواد إن عدم عند الاشتداد فليس فيه اشتداد قطعا، وإن بقي ولم تحدث فيه صفة زائدة فلا اشتداد فيه أيضا، وإن حدثت فيه صفة زائدة فلا تبدل ولا اشتداد قطعا ولا حركة في ذات السواد، بل في صفة والمفروض خلافه.
وعند جماعة معناه أنّ تلك المقولة جنس لتلك الحركة، قاموا إنّ من الأين ما هو قارّ ومنه ما هو سيّال، وكذا الحال في الكم والكيف والوضع. فالسيّال من كل جنس من هذه الأجناس هو الحركة فتكون الحركة نوعا من ذلك الجنس وهو باطل أيضا إذ لا معنى للحركة إلّا تغيّر الموضوع في صفاته على سبيل التدريج، ولا شك أنّ التغيّر ليس من جنس المتغيّر والمتبدّل لأنّ التبدّل حالة نسبية إضافية والمتبدّل ليس كذلك، فإذا كان المتبدّل في الحركة هذه المقولات لم يكن شيء منها جنسا للتبدل الواقع فيها. والصواب أنّ معنى ذلك هو أنّ الموضوع يتحرك من نوع لتلك المقولة إلى نوع آخر من صنف إلى صنف آخر أو من فرد إلى فرد آخر.
وأيضا الحركة إمّا ذاتية أو عرضية. قالوا ما يوصف بالحركة إمّا أن تكون الحركة حاصلة فيه بالحقيقة بأن تكون الحركة عارضة له بلا توسط عروضها لشيء آخر أو لا تكون، بأن تكون الحركة حاصلة في شيء آخر يقارنه فيوصف بالحركة تبعا لذلك، والثاني يقال له إنّه متحرك بالعرض وبالتبع وتسمّى حركته حركة عرضية وتبعية كراكب السفينة، والأول يقال له إنّه متحرك بالذات وتسمّى حركته حركة ذاتية.
والحركة الذاتية ثلاثة أقسام لأنه إمّا أن يكون مبدأ الحركة في غيره وهي الحركة القسرية أو يكون [مبدأ] الحركة فيه إمّا مع الشعور أي شعور مبدأ الحركة بتلك الحركة، وهي الحركة الإرادية أو لا مع الشعور وهي الحركة الطبعية.
فالحركة النباتية طبعية وكذلك حركة النّبض لأنّ مبدأ هاتين الحركتين موجود في المتحرّك ولا شعور له بالحركة الصادرة عنه. وقد أخطأ من جعل الحركة الطبعية هي الصاعدة والهابطة وحصرها فيهما إذ تخرج عنها حينئذ هاتان الحركتان، وكذا أخطأ من جعل الحركة الطبعية هي التي على وتيرة واحدة من غير شعور بخروج هاتين الحركتين. ومنهم من قسّم الحركة إلى ذاتية وعرضية، والذاتية إلى ستة أقسام، لأنّ القوة المحركة إن كانت خارجة عن المتحرك فالحركة قسرية، وإن لم تكن خارجة عنه فإمّا أن تكون الحركة بسيطة أي على نهج واحد وإمّا أن تكون مركّبة أي لا على نهج واحد.
والبسيطة إمّا أن تكون بإرادة وهي الحركة الفلكية أو لا بإرادة وهي الحركة الطبعية.
والمركّبة إمّا أن يكون مصدرها القوة الحيوانية أو لا. الثانية الحركة النباتية. والاولى إمّا أن تكون مع شعور بها وهي الحركة الإرادية الحيوانية أو مع عدم شعور وهي الحركة التسخيرية كحركة النبض.
فائدة:
الحركة تقتضي أمورا ستة. الأول ما به الحركة أي السبب الفاعلي. الثاني ما له الحركة أي محلها. الثالث ما فيه الحركة أي إحدى المقولات الأربع. الرابع ما منه الحركة أي المبدأ. والخامس ما إليه الحركة أي المنتهى وهما أي المبدأ والمنتهى بالفعل في الحركة المستقيمة وبالفرض في الحركة المستديرة.
السادس المقدار أي الزمان فإنّ كل حركة في زمان بالضرورة فوحدتها متعلّقة بوحدة هذه الأمور، فوحدتها الشخصية بوحدة موضوعها وزمانها وما هي فيه ويتبع هذا وحدة ما منه وما إليه، ولا يعتبر وحدة المحرك وتعدده، ووحدتها النوعية بوحدة ما فيه وما منه وما إليه ووحدتها الجنسية بوحدة ما فيه فقط. فالحركة الواقعة في كل جنس جنس من الحركة، فالحركات الأينية كلّها متحدة في الجنس العالي، وكذا الحركات الكمية والكيفية. ويترتّب أجناس الحركات بترتب الأجناس التي تقع تلك الحركة فيها فالحركة في الكيف جنس هي فوق الحركة في الكيفيات المحسوسة وهي فوق الحركة في المبصرات وهي [جنس] فوق الحركة في الألوان، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الحركات النوعية المنتهية إلى الحركات الشخصية. وتضاد الحركتين ليس لتضاد المحرّك والزمان وما فيه بل لتضاد ما منه وما إليه إمّا بالذات كالتسوّد والتبيّض أو بالعرض كالصعود والهبوط، فإنّ مبدأهما ومنتهاهما نقطتان متماثلتان عرض لهما تضاد من حيث إنّ إحداهما صارت مبدأ والأخرى منتهى، فالتضاد إنّما هو بين الحركات المتجانسة المتشاركة في الجنس الأخير. ففي الاستحالة كالتسوّد والتبيّض وفي الكم كالنمو والذبول وفي النقلة كالصاعدة والهابطة وأمّا الحركات الوضعية فلا تضاد فيها.
فائدة:
انقسام الحركة ليس بالذات بل بانقسام الزمان والمسافة والمتحرك؛ فإنّ الجسم إذا تحرّك تحركت أجزاؤه المفروضة فيه، والحركة القائمة بكل جزء غير القائمة بالجزء الآخر، فقد انقسمت الحركة بانقسام محلها.
فائدة:
ذهب بعض الحكماء كأرسطو وأتباعه والجبّائي من المعتزلة إلى أنّ بين كل حركتين مستقيمتين كصاعدة وهابطة سكونا، فالحجر إذا صعد قسرا ثم رجع فلا بد أن يسكن فيما بينهما فإنّ كل حركة مستقيمة لا بدّ أن تنتهي إلى سكون لأنها لا تذهب على الاستقامة إلى غير النهاية، ومنعه غيرهم كأفلاطون وأكثر المتكلّمين من المعتزلة. وإن شئت تحقيق المباحث فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع والعلمي وغيرها.
تذنيب
الحركة كما تطلق على ما مرّ كذلك تطلق على كيفية عارضية للصوت وهي الضم والفتح الكسر ويقابلها السكون. قال الإمام الرازي الحركات أبعاض المصوّتات. أمّا أولا فلأنّ الحروف المصوتة قابلة للزيادة والنقصان، وكلّما كان كذلك فله طرفان ولا طرف في النقصان للمصوّتة إلّا بهذه الحركات بشهادة الاستقراء.
وأمّا ثانيا فلأنّ الحركات لو لم تكن أبعاض المصوّتات لما حصلت المصوتات بتمديدها، فإن الحركة إذا كانت مخالفة لها ومددتها لم يمكنك أن تذكر المصوّت إلّا باستئناف صامت آخر يجعل المصوّت تبعا له، لكن الحسّ شاهد بحصول المصوتة بمجرّد تمديد الحركات، كذا في شرح المواقف في بحث المسموعات.
حركات الأفلاك وما في أجرامها لها أسماء
الحركة البسيطة وتسمّى متشابهة وبالحركة حول المركز أيضا، وبالحركة حول النقطة أيضا، وهي حركة تحدث بها عند مركز الفلك في أزمنة متساوية زوايا متساوية. وبعبارة أخرى تحدث بها عند المركز في أزمنة متساوية قسي متساوية. والحركة المختلفة وهي ما لا تكون كذلك. والحركة المفردة وهي الحركة الصادرة عن فلك واحد وقد تسمّى بسيطة، لكن المشهور أنّ البسيطة هي المتشابهة. والحركة المركّبة وهي الصادرة عن أكثر من فلك واحد. وكل حركة مفردة بسيطة وكل مختلفة مركبة وليس كل بسيطة مفردة وليس كل مركّبة مختلفة. والحركة الشرقية وهي الحركة من المشرق إلى المغرب سمّيت بها بظهور الــكوكب بها من الشرق، وتسمّى أيضا حركة إلى خلاف التوالي لأنّها على خلاف توالي البروج، والبعض يسمّيها بالغربية لكونها إلى جهة الغرب. والحركات الشرقية أربع: الأولى الحركة الأولى وهي حركة الفلك الأعظم حول مركز العالم سمّيت بها لأنها أول ما يعرف من الحركات السماوية بلا إقامة دليل، وتسمّى بحركة الكلّ أيضا إذ الفلك الأعظم يسمّى أيضا بفلك الكل لأنّ باقي الأجرام في جوفه وتسمّى أيضا بالحركة اليومية، لأنّ دورة الفلك الأعظم تتم في قريب من يوم بليلته على اصطلاح الحساب، وتسمّى أيضا بالحركة السريعة لأنّ هذه الحركة أسرع الحركات. الثانية حركة مدير عطارد حول مركزه وتسمّى حركة الأوج إذ في المدير الأوج الثاني لعطارد فيتحرك هذا الأوج بحركة المدير ضرورة. الثالثة حركة جوزهر القمر حول مركزه وتسمّى بحركة الرأس والذنب لتحركهما بهذه الحركة. الرابعة حركة مائل القمر حول مركزه وتسمّى حركة أوج القمر لتحركه بحركته. ولما كان الأوج كما يتحرك بهذه الحركة كذلك يتحرك بحركة الجوزهر أيضا. ويسمّى البعض مجموع حركتي الجوزهر والمائل بحركة الأوج صرّح به العلّامة في النهاية. والحركة الغربية كحركة فلك الثوابت وهي الحركة من المغرب إلى المشرق وتسمّى أيضا بالحركة إلى التوالي لأنها على توالي البروج والبعض يسميها شرقية أيضا لكونها إلى جهة الشرق، وتسمّى أيضا بالحركة البطيئة لأنها أبطأ من الحركة الأولى، وبالحركة الثانية لأنها لا تعرف أولا بلا إقامة دليل. وحركات السبعة السيارة أيضا تسمّى بالحركة الثانية والبطيئة وإلى التوالي والغربية أو الشرقية. فمن الحركات الغربية حركة فلك الثوابت. ومنها حركات الممثلات سوى ممثل القمر حول مراكزها وتسمّى حركات الأوجات والجوزهرات، وحركات العقدة. ومنها حركات الأفلاك الخارجة المراكز حول مراكزها. وحركة خارج مركز كل كوكب يسمّى بحركة مركز ذلك الــكوكب اصطلاحا ولا تسمّى حركة مركز التدوير كما زعم البعض وإن كانت يطلق عليها بحسب اللغة. وحركة مركز القمر تسمّى بالبعد المضعف أيضا.
اعلم أنّ خارج مركز ما سوى الشمس يسمّى حاملا فحركة حامل كل كوكب كما تسمّى بحركة المركز كذلك تسمّى بحركة العرض لأنّ عرض مركز التداوير إنّما حصل بها فلهذه الحركة دخل في عرض الــكوكب وهي أي حركة العرض هي حركة الطول بعينها إذا أضيفت وقيست إلى فلك البروج.
اعلم أنّ مركز التدوير إذا سار قوسا من منطقة الحامل في زمان مثلا تحدث زاوية عند مركز معدّل المسير ويعتبر مقدارها من منطقة معدل المسير، وبهذا الاعتبار يقال لهذه الحركة حركة المركز المعدّل الوسطى وتحدث أيضا زاوية عند مركز العالم ويعتبر مقدارها من منطقة البروج. وبهذا الاعتبار يقال لهذه الحركة حركة المركز المعدل. وإذا أضيفت إلى حركة المركز المعدّل حركة الأوج حصل الوسط المعدّل فإذا زيد التعديل الثاني على الوسط المعدّل أو نقص منه يحصل التقويم المسمّى بالطول وهذا في المتحيرة، ويعلم من ذلك الحال في النيرين.
فلهذا سميت بهذه الحركة المضافة إلى فلك البروج بحركة الطول. ومعنى الإضافة إلى فلك البروج أن تعتبر هذه الحركة بالنسبة إلى مركز فلك البروج الذي هو مركز العالم.
اعلم أنّ مجموع حركة الخارج والممثل في الشمس والمتحيّرة تسمّى حركة الوسط وقد تسمّى حركة المركز فقط بحركة الوسط وأهل العمل يسمّون مجموع حركة الممثل وفضل حركة الحامل على المدير في عطارد بالوسط، فإنهم لما سمّوا فضل حركة الحامل على حركة المدير في عطارد بحركة المركز سمّوا مجموع حركة الممثل والفضل المذكور بحركة الوسط.
وأما الوسط في القمر فهو فضل حركة المركز على مجموع حركتي الجوزهر والمائل، وتسمّى حركة مركز القمر في الطول أيضا وقد يسمّى جميع الحركات المستوية وسطا.
وحركة الاختلاف وهي حركة تدوير كل كوكب سمّيت بها لأنّ تقويم الــكوكب يختلف بها، فتارة تزاد تلك الحركة على الوسط وتارة تنقص منه ليحصل التقويم وتسمّى أيضا حركة خاصة الــكوكب لأنّ مركزه يتحرك بها بلا واسطة وهذه الحركة ليست من الشرقية والغربية لأنّ حركات أعالي التداوير لا محالة مخالفة في الجهة لحركات أسافلها لكونها غير شاملة للأرض فإن كانت حركة أعلى التدوير إلى التوالي أي من المغرب إلى المشرق كانت حركة الأسفل إلى خلافه، وإن كانت بالعكس فبالعكس. هذا كله مما يستفاد مما ذكره الفاضل عبد العلي البرجندي في تصانيفه في علم الهيئة والسيّد السّند في شرح الملخص.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.