Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: غاد

وهى

وهى:
استوهى: صعب عليه التحقيق أو التثبت (المقدمة 2:197:2).
واه: هش (بقطر).
واه: خفيف، قليل الأهمية، قليل الاعتبار (بقطر). حكاية تافهة (المقدمة 25:1 و 10:27).
ثمن واه: سعر باهظ Prix exorbitant ( بقطر).
(وهى) الرجل (يهي) وهيا ووهيا حمق وَضعف والحائط تشقق وهم بالسقوط وَالثَّوْب تخرق وَانْشَقَّ ورباط الشَّيْء استرخى والسحاب انفجر شَدِيدا بالمطر فَهُوَ واه (ج) للعاقل وهاة وَلغيره وَهِي
وهى
الوَهْيُ: شقّ في الأديم والثّوب ونحوهما، ومنه يقال: وَهَتْ عَزَالَيِ السّحابِ بمائها ، قال تعالى: وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ
[الحاقة/ 16] وكلُّ شيءٍ استرخى رباطه فقد وَهِيَ.
[وهى] وَهى السِقاءُ يَهي وَهْياً، إذا تخرَّقَ وانشقَّ. وفي السقاءِ وَهْيٌ بالتسكين، ووُهَيَّةٌ أيضاً على التصغير، وهو خرقٌ قليلٌ. وفي المثل: خَلِّ سبيلَ مَنْ وَهى سقاؤه * ومَنْ هُريقَ بالفلاة ماؤه يضرب لمن لا يستقيم أمره. ووهى الحائط، إذا ضعف وهم بالسقوط.قال: ضربَه فأوْهَى يدَه، أي أصابها كسرٌ أو ما أشبه ذلك. ووهت عزالى السماء بمائها، وكذلك كل شئ استرخى رِباطه. وأَوْهَيْتُ السقاءَ فوَهى، وهو أن يَتَهَيَّأَ للتخرُّق. يقال: أَوْهَيْتَ وَهْياً فارْقَعْهُ. وقولهم: " غادَــرَ وَهْيَةً لا تُرْقَعُ "، أي فَتْقاً لا يقدر على رتقه.
(وه ى)

الوَهْىُ: الشق فِي الشَّيْء، وَجمعه وُهِىٌّ، وَقيل: الوُهِىُّ: مصدر مَبْنِيّ على فعول، وَحكى ابْن الْأَعرَابِي فِي جمع وهى أوْهِيَة، وَهُوَ نَادِر، وَأنْشد:

حَمَّالُ ألْوِيَةٍ شَهَّادُ أنْجِيَةٍ ... سَدَّادُ أوْهِيَةٍ فَتَّاحُ أسْدادِ

ووَهَى الشَّيْء ووَهِىَ يَهِي فيهمَا جَمِيعًا، وَهْياً فَهُوَ واهٍ: ضعف، قَالَ ابْن هرمة:

فإنَّ الغيثَ قَدْ وَهِيَتْ كُلاهُ ... بِبَطْحاءِ السَّيالَةِ فالنَّظيمِ

وَالْجمع وُهِىٌّ.

وأوْهاهُ: أضعفه.

وكل مَا استرخى رباطه فقد وَهَى، وَيُقَال للسحاب إِذا انبثق انبثاقا شَدِيدا: قد وَهَتْ عزاليه قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

وَهَى خَرْجُه واستُجِيلَ الرَّبا ... بُ منهُ وغَرِّمَ مَاء صَريحا والوَهِيَّةُ: الدُّرَّةُ، سميت بذلك لثقبها، لِأَن الثقب مِمَّا يضعفها، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَأنْشد:

فَحَطَّتْ كَمَا حَطَّتْ وَهِيَّةُ تاجِرٍ ... وَهَى نَظْمُها فارفَضَّ مِنها الطَّوائفُ

قَالَ: ويروى: " وَنِيَّة تَاجر " وَهِي درة أَيْضا، وَسَيَأْتِي ذكرهَا فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله.

وه

ى1 وَهَى

It was, or became, much slit, or rent. (Msb.) b2: It was, or became, lax, flaccid, or flabby: (Msb:) or weak; said of a rope, (Mgh,) or other thing: or it fell. (Msb.) See وَاهٍ. b3: وَهَِىَ It was, or became, uncompact, unsound, or weak. b4: وَهَى أَمْرُهُ [His affair, or case, was, or became, in a weak, or an unsound, state]. (TA, art.نغض, &c.) وَاهٍ

Lax; weak: frail; wanting in strength, compactness, firmness, or toughness; unsubstantial; unsound. See an ex. in the S, voce أُنْشُوطَةٌ, where it is applied to love, or affection. b2: وَاهًا: see an ex. voce نُغْبَةٌ; and see آهِ, in art. اوه, in two places.

ثَبَرَ 

(ثَبَرَ) الثَّاءُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ السُّهُولَةُ، وَالثَّانِي الْهَلَاكُ، وَالثَّالِثُ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ.

فَالْأَرْضُ السَّهْلَةُ هِيَ الثَّبْرَةُ. فَأَمَّا ثَبْرَةُ فَمَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ الرَّاجِزُ:

نَجَّيْتُ نَفْسِي وَتَرَكْتُ حَزْرَهُ ... نِعْمَ الْفَتَى غَادَــرْتُهُ بِثَبْرَهْ

لَنْ يُسْلِمَ الْحُرُّ الْكَرِيمُ بِكْرَهْ

قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَالثَّبْرَةُ تُرَابٌ شَبِيهٌ بِالنُّورَةِ إِذَا بَلَغَ عِرْقُ النَّخْلَةِ إِلَيْهِ وَقَفَ، فَيَقُولُونَ:

بَلَغَتِ النَّخْلَةُ ثَبْرَةً مِنَ الْأَرْضِ. وَثَبِيرٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ. وَمَثْبِرُ النَّاقَةِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَطْرَحُ فِيهِ وَلَدَهَا. وَثَبَرَ الْبَحْرُ جَزَرَ، وَذَلِكَ يُبْدِي عَنْ مَكَانٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ.

وَأَمَّا الْهَلَاكُ فَالثُّبُورُ، وَرَجُلٌ مَثْبُورٌ هَالِكٌ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13] .

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَيُقَالُ: ثَابَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ، أَيْ وَاظَبْتُ. وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ: تَثَابَرَتِ الرِّجَالُ فِي الْحَرْبِ إِذَا تَوَاثَبَتْ. وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْأَخِيرِ.

حَلَّ 

(حَلَّ) الْحَاءُ وَاللَّامُ لَهُ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَمَسَائِلُ، وَأَصْلُهَا كُلُّهَا عِنْدِي فَتْحُ الشَّيْءِ، لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ.

يُقَالُ حَلَلْتُ الْعُقْدَةَ أَحُلُّهَا حَلًّا. وَيَقُولُ الْعَرَبُ: " يَا عَاقِدُ اذْكُرْ حَلًّا ". وَالْحَلَالُ: ضِدُّ الْحَرَامِ، وَهُوَ مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، كَأَنَّهُ مِنْ حَلَلْتُ الشَّيْءَ، إِذَا أَبَحْتَهُ وَأَوْسَعْتَهُ لِأَمْرٍ فِيهِ.

وَحَلَّ: نَزَلَ. وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَشُدُّ وَيَعْقِدُ، فَإِذَا نَزَلَ حَلَّ ; يُقَالُ حَلَلْتُ بِالْقَوْمِ. وَحَلِيلُ الْمَرْأَةِ: بَعْلُهَا ; وَحَلِيلَةُ الْمَرْءِ: زَوْجُهُ. وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحُلُّ عِنْدَ صَاحِبِهِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كُلُّ مَنْ نَازَلَكَ وَجَاوَرَكَ فَهُوَ حَلِيلٌ. قَالَ:

وَلَسْتُ بِأَطْلَسِ الثَّوْبَيْنِ يُصْبِي ... حَلِيلَتَهُ إِذَا هَدَأَ النِّيَامُ

أَرَادَ جَارَتَهُ. وَيُقَالُ سُمِّيَتِ الزَّوْجَةُ حَلِيلَةً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحُلُّ إِزَارَ الْآخَرِ. وَالْحُلَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا ثَوْبَيْنِ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يلَ عَلَى الْبَابِ فَيُقَالُ لَمَّا كَانَا اثْنَيْنِ كَانَتْ فِيهِمَا فُرْجَةٌ.

وَمِنَ الْبَابِ الْإِحْلِيلُ، وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ، وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْعِ.

وَمِنَ الْبَابِ تَحَلْحَلَ عَنْ مَكَانِهِ، إِذَا زَالَ. قَالَ:

ثَهْلَانُ ذُو الْهَضَبَاتِ لَا يَتَحَلْحَلُ وَالْحُلَاحِلُ: السَّيِّدُ، وَهُوَ مِنَ الْبَابِ لَيْسَ بِمُنْغَلِقٍ مُحَرَّمٍ كَالْبَخِيلِ الْمُحْكَمِ الْيَابِسِ. وَالْحِلَّةُ: الْحَيُّ النَّزُولُ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ الْأَعْشَى:

لَقَدْ كَانَ فِي شَيْبَانَ لَوْ كُنْتُ عَالِمًا ... قِبَابٌ وَحَيٌّ حِلَّةٌ وَقَبَائِلُ

وَالْمَحَلَّةُ: الْمَكَانُ يَنْزِلُ بِهِ الْقَوْمُ. وَحَيٌّ حِلَالٌ نَازِلُونَ. وَحَلَّ الدَّيْنُ وَجَبَ. وَالْحِلُّ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ. وَرَجُلٌ مُحِلٌّ مِنَ الْإِحْلَالِ، وَمُحْرِمٌ مِنَ الْإِحْرَامِ. وَحِلٌّ وَحَلَالٌ بِمَعْنًى ; وَكَذَلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ حِرْمٌ وَحَرَامٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُمَا حَلَالَانِ» ". وَرَجُلٌ مُحِلٌّ لَا عَهْدَ لَهُ، وَمُحْرِمٌ ذُو عَهْدٍ. قَالَ:

جَعَلْنَ الْقَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَهُ ... وَكَمْ بَالْقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْرِمِ

وَقَالَ قَوْمٌ: مِنْ مُحِلٍّ يَرَى دَمِي حَلَالًا، وَمُحْرِمٍ يَرَاهُ حَرَامًا.

وَالْحُلَّانُ: الْجَدْيُ يُشَقُّ لَهُ عَنْ بَطْنِ أُمِّهِ. قَالَ:

يُهْدِي إِلَيْهِ ذِرَاعَ الْجَفْرِ تَكْرِمَةً ... إِمَّا ذَبِيحًا وَإِمَّا كَانَ حُلَّانَا

وَهُوَ مِنَ الْبَابِ. وَحَلَّلْتُ الْيَمِينَ أُحَلِّلُهَا تَحْلِيلًا. وَفَعَلْتُ هَذَا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ، أَيْ لَمْ أَفْعَلْ إِلَّا بِقَدْرِ مَا حَلَّلْتُ بِهِ قَسَمِي أَنْ أَفْعَلَهُ وَلَمْ أُبَالِغْ. وَمِنْهُ: «لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» . يَقُولُ: بِقَدْرِ مَا يَبَرُّ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمَهُ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، أَيْ لَا يَرِدُهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُحَلِّلُ الْقَسَمَ، ثُمَّ كَثُرَ هَذَا فِي الْكَلَامِ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ شَيْءٍ لَمْ يُبَالَغْ فِيهِ تَحْلِيلٌ ; يُقَالُ ضَرَبْتُهُ تَحْلِيلًا، وَوَقَعَتْ مَنَاسِمُ هَذِهِ النَّاقَةِ تَحْلِيلًا، إِذَا لَمْ تُبَالِغْ فِي الْوَقْعِ بِالْأَرْضِ. وَهُوَ فِي قَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

وَقْعُهُنَّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ

فَأَمَّا قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

كَبِكْرِ الْمُقَانَاةِ الْبَيَاضَ بِصُفْرَةٍ ... غَذَاهَا نَمِيرُ الْمَاءِ غَيْرَ مُحَلَّلِ

فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ، وَهُوَ نَحْوُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّحِلَّةِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَنْزُولٍ عَلَيْهِ فَيَفْسُدُ وَيُكَدَّرُ.

وَيُقَالُ أَحَلَّتِ الشَّاةُ، إِذَا نَزَلَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا مِنْ غَيْرِ نَتَاجٍ. وَالْحِلَالُ: مَتَاعُ الرَّحْلِ. قَالَ الْأَعْشَى:

وَكَأَنَّهَا لَمْ تَلْقَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ... ضُرًّا إِذَا وَضَعَتْ إِلَيْكَ حِلَالَهَا

كَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بِالْجِيمِ.

وَالْحِلَالُ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ. قَالَ:

بَعِيرَ حِلَالٍ غَادَــرَتْهُ مُجَعْفَلِ

وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ سِيبَوَيْهِ: هُوَ حِلَّةَ الْغَوْرِ، أَيْ قَصْدَهُ. وَأَنْشَدَ: سَرَى بَعْدَمَا غَارَ النُّجُومُ وَبَعْدَمَا ... كَأَنَّ الثُّرَيَّا حِلَّةَ الْغَوْرِ مُنْخُلُ

أَيْ قَصْدَهُ.

رَدَمَ 

(رَدَمَ) الرَّاءُ وَالدَّالُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى سَدِّ ثُلْمَةٍ. يُقَالُ رَدَمْتُ الْبَابَ وَالثُّلْمَةُ. وَالرَّدْمُ: مَصْدَرٌ، وَالرَّدْمُ اسْمٌ. وَالثَّوْبُ الْمُرَدَّمُ هُوَ الْخَلَقُ الْمُرَقَّعُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ:

هَلْ غَادَــرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ

عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ كَذَا، فَإِنَّهُ فِيمَا يُقَالُ الْكَلَامُ يُلْصَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَمِنَ الْبَابِ: أَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الْحُمَّى: دَامَتْ وَأَطْبَقَتْ، يُقَالُ وِرْدٌ مُرْدِمٌ، وَسَحَابٌ مُرْدِمٌ.

شَعَرَ 

(شَعَرَ) الشِّينُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ مَعْرُوفَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى ثَبَاتٍ، وَالْآخَرُ عَلَى عِلْمٍ وَعَلَمٍ.

فَالْأَوَّلُ الشَّعَْرُ، مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَشْعَارٌ، وَهُوَ جَمْعُ جَمْعٍ، وَالْوَاحِدَةُ شَعَْرَةٌ. وَرَجُلٌ أَشْعَرُ: طَوِيلُ شَعَْرِ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ. وَالشَّعَارُ: الشَّجَرُ، يُقَالُ أَرْضٌ كَثِيرَةُ الشَّعَارِ. وَيُقَالُ لِمَا اسْتَدَارَ بِالْحَافِرِ مِنْ مُنْتَهَى الْجِلْدِ حَيْثُ يَنْبُتُ الشَّعْرُ حَوَالَيِ الْحَافِرِ: أَشْعَرٌ، وَالْجَمْعُ الْأَشَاعِرُ. وَالشَّعْرَاءُ مِنَ الْفَاكِهَةِ: جِنْسٌ مِنَ الْخَوْخِ، وَسُمِّي بِذَلِكَ لِشَيْءٍ يَعْلُوهَا كَالزَّغَبِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ثَمَّ جِنْسًا لَيْسَ عَلَيْهِ زَغَبٌ يُسَمُّونَهُ: الْقَرْعَاءَ. وَالشَّعْرَاءُ: ذُبَابَةٌ كَأَنَّ عَلَى يَدَيْهَا زَغَبًا.

وَمِنَ الْبَابِ: دَاهِيَةٌ شَعْرَاءُ، وَدَاهِيَةٌ وَبْرَاءُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ بِمَا اسْتُعْظِمَ: " جِئْتُ بِهَا شَعْرَاءَ ذَاتَ وَبَرٍ ". وَرَوْضَةٌ شَعْرَاءُ: كَثِيرَةُ النَّبْتِ. وَرَمَلَةٌ شَعْرَاءُ: تُنْبِتُ النَّصِيَّ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَالشَّعْرَاءُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ.

وَمِمَّا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الشَّعِيرِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، فَأَمَّا الشَّعِيرَةُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ مِسَاكًا لِنَصْلِ السِّكِّينِ إِذَا رُكِّبَ، فَإِنَّمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِحَبَّةِ الشَّعِيرِ. وَالشَّعَارِيرُ: صِغَارُ الْقِثَّاءِ. وَالشِّعَارُ: مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنَ الثِّيَابِ ; لِأَنَّهُ يَمَسُّ الشَّعْرَ الَّذِي عَلَى الْبَشَرَةِ. وَالْبَابُ الْآخَرُ: الشِّعَارُ: الَّذِي يَتَنَادَى بِهِ الْقَوْمُ فِي الْحَرْبِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَالْأَصْلُ قَوْلُهُمْ شَعُرْتُ بِالشَّيْءِ، إِذَا عَلِمْتَهُ وَفَطِنْتَ لَهُ. وَلَيْتَ شِعْرِي، أَيْ لَيْتَنِي عَلِمْتُ. قَالَ قَوْمٌ: أَصْلُهُ مِنَ الشَّعْرَةِ كَالدُّرْبَةِ وَالْفِطْنَةِ، يُقَالُ شَعَرَتْ شَُِعْرَةً. قَالُوا: وَسُمِّي الشَّاعِرُ لِأَنَّهُ يَفْطِنُ لِمَا لَا يَفْطِنُ لَهُ غَيْرُهُ. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

هَلْ غَادَــرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ

يَقُولُ: إِنَّ الشُّعَرَاءَ لَمْ يُــغَادِــرُوا شَيْئًا إِلَّا فَطِنُوا لَهُ. وَمَشَاعِرُ الْحَجِّ: مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَالِمُ الْحَجِّ. وَالشَّعِيرَةُ: وَاحِدَةُ الشَّعَائِرِ، وَهِيَ أَعْلَامُ الْحَجِّ وَأَعْمَالُهُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] . وَيُقَالُ الشُّعَيْرَةُ أَيْضًا: الْبَدَنَةُ تُهْدَى. وَيُقَالُ إِشْعَارُهَا أَنْ يُجَزَّ أَصْلُ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ فَيُعْلَمُ أَنَّهَا هَدْيٌ. وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ لِلْخَلِيفَةِ إِنْ قُتِلَ: قَدْ أُشْعِرَ، يُخْتَصُّ بِهَذَا مِنْ دُونِ كُلِّ قَتِيلٍ. وَالشِّعْرَى: كَوْكَبٌ، وَهِيَ مُشْتَهِرَةٌ. وَيُقَالُ أَشْعَرَ فُلَانٌ فُلَانًا شَرًّا، إِذَا غَشِيَهُ بِهِ.

وَأَشْعَرَهُ الْحُبُّ مَرَضًا، فَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْعَلَمِ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ شِعَارًا.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: تَفَرَّقَ الْقَوْمُ شَعَارِيرَ، فَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ شَعَالِيلُ، وَقَدْ مَضَى. 

عَرَصَ 

(عَرَصَ) الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالصَّادُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى إِظْلَالِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ، وَالْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى الِاضْطِرَابِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخَلِيلُ الْقِيَاسَيْنِ جَمِيعًا.

قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرْصُ: خَشَبَةٌ تُوضَعُ عَلَى الْبَيْتا إِذَا أُرِيدَ تَسْقِيفُهُ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا أَطْرَافُ الْخَشَبِ. تَقُولُ عَرَّصْتُ السَّقْفَ تَعْرِيصًا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ الْعَرْصَ إِنَّمَا هُوَ السَّقْفُ بِتِلْكَ الْخَشَبَةِ وَسَائِرِ مَا يَتِمُّ بِهِ التَّسْقِيفُ.

وَقَالَ الْخَلِيلُ أَيْضًا: الْعَرَّاصُ مِنَ السَّحَابِ: مَا أَظَلَّ مِنْ فَوْقٍ فَقَرُبَ حَتَّى صَارَ كَالسَّقْفِ، لَا يَكُونُ إِلَّا ذَا رَعْدٍ وَبَرْقٍ. فَقَدْ قَاسَ الْخَلِيلُ قِيَاسَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِظْلَالِ فِي السَّقْفِ وَالسَّحَابِ. وَأَنْشَدَ:

يَرْقَدُّ فِي ظِلِّ عَرَّاصٍ وَيَطْرُدُهُ ... حَفِيفُ نَافِجَةٍ عُثْنُونُهَا حَصِبُ

أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ لَهُ ظِلًّا.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الدَّالُّ عَلَى الِاضْطِرَابِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرَّاصُ أَيْضًا مِنَ السَّحَابِ: مَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ وَجَاءَتْ. قَالَ: وَأَصْلُ التَّعْرِيصِ الِاضْطِرَابُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رُمْحٌ عَرَّاصٌ، لِاضْطِرَابِهِ إِذَا هُزَّ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِبَرِيقِهِ وَلَمَعَانِهِ. وَرُمْحٌ عَرَّاصُ الْمِهَزَّةِ، وَبَرْقٌ عَرَّاصٌ. قَالَ:

وَكُلُّ غَادٍ عَرِصِ التَّبَوُّجِ

وَمِنَ الْبَابِ: عَرْصَةُ الدَّارِ، وَهِيَ وَسْطُهَا، وَالْجَمْعُ عَرَصَاتٌ وَعِرَاصٌ. قَالَ جَمِيلٌ:

وَمَا يُبْكِيكَ مِنْ عَرَصَاتِ دَارٍ ... تَقَادَمَ عَهْدُهَا وَدَنَا بِلَاهَا

وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ عَرْصَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ مَلْعَبًا لِلصِّبْيَانِ وَمُخْتَلَفًا لَهُمْ يَضْطَرِبُونَ فِيهِ كَيْفَ شَاءُوا. وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: كُلُّ جَوْبَةٍ مُنْفَتِقَةٍ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ فَهِيَ عَرْصَةٌ. وَمِنَ الْبَابِ: الْعَرَصُ، وَهُوَ النَّشَاطُ، يُقَالُ: عَرِصَ، إِذَا أَشِرَ. قَالَ: وَتَقُولُ: حَلَبْتُهَا حَلَبًا كَعَرَصِ الْهِرَّةِ، وَهُوَ أَشَرُهَا وَنَشَاطُهَا وَلَعِبُهَا بِيَدَيْهَا. وَاعْتَرَصَ مِثْلُ عَرَصَ. قَالَ:

إِذَا اعْتَرَصْتَ كَاعْتِرَاصِ الْهِرَّهْ ... أَوْشَكْتَ أَنْ تَسْقُطَ فِي أُفُرَّهْ

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَرَصَتِ السَّمَاءُ تَعْرِصُ عَرْصًا، إِذَا دَامَ بَرْقُهَا. وَبَاتَتِ السَّمَاءُ عَرَّاصَةً. وَيُقَالُ: غَيْثٌ عَرَّاصٌ، أَيْ لَا يَسْكُنُ بَرْقُهُ.

وَمِنَ الْبَابِ: عَرِصَ الْبَيْتُ. قَالَ: هُوَ مِنْ خُبْثِ الرِّيحِ. وَهَذَا مَعَ خُبْثِ رِيحِهِ فَإِنَّ الرَّائِحَةَ لَا تَثْبُتُ بِمَكَانٍ، بَلْ هِيَ تَضْطَرِبُ. وَمِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ مُعَرَّصٌ، قَالَ قَوْمٌ: هُوَ الَّذِي فِيهِ نُهُوءَةٌ لَمْ يَنْضَجْ. وَأَنْشَدَ:

سَيَكْفِيكَ صَرْبَ الْقَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّصٌ ... وَمَاءُ قُدُورٍ فِي الْقِصَاعِ مَشُوبُ

لَغَدَ 

(لَغَدَ) اللَّامُ وَالْغَيْنُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. اللَّــغَادِــيدُ: لَحَمَاتٌ تَكُونُ فِي اللَّهَوَاتِ، وَاحِدُهَا لُغْدُودٌ ; وَيُقَالُ لُغْدٌ وَأَلْــغَادٌ. وَجَاءَ فُلَانٌ مُتَلَغِّدًا، أَيْ مُتَغَيِّظًا ; وَهَذَا كَأَنَّهُ بَلَغَ الْغَيْظُ أَلْــغَادَــهُ.

هوي

(هوي) فلَان فلَانا هوى أحبه فَهُوَ هُوَ وَهِي هوية
هـ و ي

هويه يهواه، وهوَ هوٍ، وهي هويةٌ. قال:

أراك إذا لم أهو أمراً هويته ... ولست لما أهوى من الأمر بالهوي وهو من أهل الأهواء " ولا تتّبع الهوى " ومن هويَ هوَى. وهوى من الجبل. وهوت الدلو في البئر هوياص بالفتح. وهوى إلى الجبل، وهوى الجبل: صعده هوياً. قال:

يهوي مخارمها هويّ الأجدل

وقال الشماخ:

على طريق كظهر الأيم مطّردٍ ... يهوي إلى قنّة في منهل عالي

والناقة تهوي براكبها: تسرع به. وطاح في المهواة والهاوية وهي ما بين الجبلين. وتهاووا فيها: تساقطوا. وأهوى بيده إلى الشيء ليأخه. وهذه هوّةٌ عميقة وهوًى. وهوى الرجل: مات، وهوت أمّه، و" أمُّهُ هاويةٌ " وجلست عنده هويّاً: مليّاً. ومضى هويٌّ من الليل. و" استهوته الشياطين ".

ومن المجاز: قولهم للجبان: إنه لهواء: خالي القلب عن الجرأة. " وأفئدتهم هواء " والأصل الجوّ.

هوي


هَوِيَ(n. ac. هَوًى [ ])
a. Loved, liked; desired.

هَوَّيَ
a. [ coll. ]
see I (b)b. [ coll. ], Aired, exposed to the
air.
هَاْوَيَa. loved tenderly.
b. Caressed, fondled; flattered.
c. Strode along.

أَهْوَيَa. see I (c)b. [Ila & Bi], Stretched out towards.
c. Fell down.
d. [La & Bi]. Fell upon with ( the sword ).
e. ['Ala
or
Ila], Rushed against.
تَهَاْوَيَ
a. [Fī], Fell down.
إِنْهَوَيَa. Fell; was thrown down.

إِهْتَوَيَa. see VII
إِسْتَهْوَيَa. Fascinated, captivated.

هَوّa. Side.
b. Window.

هُوَّةa. Precipice, chasm; abyss. —
b. Air.

هَوًى (pl.
أَهْوَآء [] )
a. Love, passion; desire; fondness.
b. Beloved; desired.

هَوٍa. Enamoured; fond.

هَوِيَة []
a. fem. of
هَوِي
أَهْوَى []
a. Dearer; preferred.

مَهْوًى []
مَهْوَاة [] (pl.
مَهَاْوِيُ)
a. see 3t
هَوٍa. Falling.
b. Rising; setting.
c. Grass-hopper.

هَاوِيَة []
a. fem. of
هَاْوِيb. see 22 (a)c. Bereaved (mother).
d. [art.], The Abyss; hell.
هَوَآء [] (pl.
أَهْوِيَة [] )
a. Air, atmosphere; mid-air, firmament.
b. Empty space, void, vacuum.
c. Timid.

هَوَائِيّ []
a. Atmospheric; aerial; airy.

هِوَآء []
a. Love, fondness; affection, passion.

هَوِيّa. Tingling (ears).
b. Part, watch ( of the night ).
c. Ascent.

هَوِيَّة [] (pl.
هَوَايَا)
a. Deep well.
b. Desire & c.

هُوَّآءَة []
a. Chasm, ravine.

تَهْوَآء []
a. see 25 (b)
هُوِيّ
a. see 25 (b)b. Descent.

أُهْوِيَّة
a. see 3t (a) & 22A
(a).
أَهْل الْأَهْوَآء
a. Voluptuaries.

هِيَ (pl.
هُنَّ)
a. She.
(هـ و ي) : (هَوَى) مِنْ الْجَبَلِ وَفِي الْبِئْرِ سَقَطَ هَوِيًّا بِالْفَتْحِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَيُقَالُ مَضَى مِنْ اللَّيْلِ (هَوِيٌّ) بِالْفَتْحِ أَيْ طَائِفَةٌ مِنْهُ (وَعَلَيْهِ الْحَدِيثُ) «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ هَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ» وَمِنْهُ فَأَقْبَلَ (يَهْوِي) حَتَّى وَقَعَ فِي الْحِصْنِ أَيْ يَذْهَبُ فِي انْحِدَارٍ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يُكَبِّرُ حَتَّى يَهْوِي إلَى الرُّكُوعِ» أَيْ يَذْهَبُ وَيَنْحَطُّ (وَالْمَهْوَاةُ) مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَقِيلَ الْهُوَّةُ وَهِيَ الْحُفْرَةُ وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَدَبِ الْقَاضِي دَفَعَهُ فِي (مَهْوَاةِ) أَرْبَعِينَ خَرِيفًا عَلَى الْإِضَافَةِ يَعْنِي فِي حُفْرَةٍ عُمْقُهَا مَسَافَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

(وَالْإِهْوَاءُ) التَّنَاوُلُ بِالْيَدِ (وَمِنْهُ) حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَهْوَى بِيَدِهِ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ أَيْ جَافَى يَدَهُ وَرَفَعَهَا إلَى الْهَوَاءِ وَمَدَّهَا حَتَّى بَقِيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَنْبِ هَوَاءٌ أَيْ خَلَاءٌ وَمِثْلُهُ (أَهْوَى) بِخَشَبَةٍ فَضَرَبَهَا (وَالْهَوَى) مَصْدَرُ (هَوِيَهُ) إذَا أَحَبَّهُ وَاشْتَهَاهُ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَهْوِيُّ الْمُشْتَهَى مَحْمُودًا كَانَ أَوْ مَذْمُومًا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْمُودِ فَقِيلَ فُلَانٌ اتَّبَعَ هَوَاهُ إذَا أُرِيدَ ذَمُّهُ (وَفِي) التَّنْزِيلِ {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} {وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ} [المائدة: 77] وَمِنْهُ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لِمَنْ زَاغَ عَنْ الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَالْجَبْرِيَّةِ وَالْحَشْوِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَمِنْ سَارَ بِسِيرَتِهِمْ.
هـ و ي : هَوَى يَهْوِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ هُوِيًّا بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ هَوَاءً بِالْمَدِّ سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّاعِرُ
هُوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَهَا الرِّشَاءُ
يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَاقْتَصَرَ الْأَزْهَرِيُّ عَلَى الْفَتْحِ وَهَوَى يَهْوِي أَيْضًا هُوِيًّا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ إذَا ارْتَفَعَ قَالَ الشَّاعِرُ
يَهْوِي مَخَارِمَهَا هُوِيَّ الْأَجْدَلِ
وَقَالَ الْآخَرَ
وَالدَّلْوُ فِي إصْعَادِهَا عَجْلَى الْهُوِيِّ.

وَهَوَتْ الْعُقَابُ وَتَهْوِي هَوِيًّا وَهُوِيًّا انْقَضَّتْ عَلَى صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مَا لَمْ تُرِغْهُ فَإِذَا أَرَاغَتْهُ قِيلَ أَهْوَتْ لَهُ بِالْأَلِفِ وَالْإِرَاغَةُ ذَهَابُ الصَّيْدِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهِيَ تَتْبَعُهُ وَهَوَى يَهْوِي مَاتَ أَوْ سَقَطَ فِي مَهْوَاةٍ مِنْ شَرَفٍ هَوِيًّا وَهُوِيًّا وَهَوَاءً بِالْمَدِّ.

وَالْمَهْوَاةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَقِيلَ الْحُفْرَةُ.

وَالْهُوَّةُ الْحُفْرَةُ وَقِيلَ الْوَهْدَةُ الْعَمِيقَةُ وَتَهَاوَى الْقَوْمُ سَقَطُوا فِي الْمَهْوَاةِ بَعْضُهُمْ فِي إثْرِ بَعْضٍ.

وَالْهَوَى مَقْصُورٌ مَصْدَرُ هَوِيَّتُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا أَحْبَبْتَهُ وَعَلِقْتَ بِهِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَيْلِ النَّفْسِ وَانْحِرَافِهَا نَحْوَ الشَّيْءِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي مَيْلٍ مَذْمُومٍ فَيُقَالُ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.

وَالْهَوَاءُ مَمْدُودٌ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْجَمْعُ أَهْوِيَةٌ.

وَالْهَوَاءُ أَيْضًا الشَّيْءُ الْخَالِي.

وَأَهْوَى إلَى سَيْفِهِ بِالْأَلِفِ تَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ وَأَهْوَى إلَى الشَّيْءِ بِيَدِهِ مَدَّهَا لِيَأْخُذَهُ إذَا
كَانَ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ بُعْدٍ قِيلَ هَوَى إلَيْهِ بِغَيْرِ أَلِفٍ.

وَأَهْوَيْتُ بِالشَّيْءِ بِالْأَلِفِ أَوْمَأْتُ بِهِ وَالْهَاءُ الَّتِي لِلتَّأْنِيثِ نَحْوُ تَمْرَةٍ وَطَلْحَةَ تَبْقَى هَاءً فِي الْوَقْفِ وَفِي لُغَةِ حِمْيَرٍ تُقْلَبُ فِي الْوَقْفِ تَاءً فَيُقَالُ تَمْرَتْ وَطَلْحَتْ.
وَفِي الْحَدِيثِ إلَّا هَاءْ وَهَاءْ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ عَلَى إرَادَةِ الْوَقْفِ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ وَالْمُوَلَّدُونَ يُنَوِّنُونَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَإِذَا كَانَ لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ قِيلَ هَاءَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى مَعْنَى خُذْ قَالَ الشَّاعِر
تَمْزُجُ لِي مِنْ بُغْضِهَا السِّقَاءَ ... ثُمَّ تَقُولُ مِنْ بَعِيدٍ هَاءَ
وَمَكْسُورَةٍ عَلَى مَعْنَى هَاتِ قَالَ الشَّاعِرُ
مُولَعَاتٌ بِهَاءٍ هَاءِ فَإِنْ شَفَرَ ... رَ مَالٌ طَلَبْنَ مِنْكَ الْخَلَاعَا
وَلِلِاثْنَيْنِ هَاءَا وَلِلْجَمْعِ هَاءُوا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ وَوَاوِ الْجَمْعِ وَلِلْمُؤَنَّثَةِ هَاءِ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ.
وَفِي لُغَةٍ أُخْرَى لِلْمُؤَنَّثَةِ هَائِي بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى هَاتِي وَهَاءَ بِهَمْزَةٍ بِمَعْنَى هَاكَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْكَافِ دَخَلَتْ الْمِيمُ فَتَقُولُ لِلِاثْنَيْنِ هَاؤُمَا وَلِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ هَاؤُمْ وَلِلْمُؤَنَّثِ هَأْنَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَإِذَا دَخَلَتْ التَّاءُ وَالْكَافُ تَعَيَّنَ الْقَصْرُ فَيُقَالُ لِلْمُذَكَّرِ هَاتِ وَلِلْمُؤَنَّثَةِ هَاتِي وَهَاتِيَا وَهَاتُوا وَهَاتِينَ وَهَاكَ بِفَتْحِ الْكَافِ لِلْمُذَكَّرِ وَبِكَسْرِهَا لِلْمُؤَنَّثَةِ وَهَاكُمَا وَهَاكُمُ وَهَاكُنَّ فَمَعْنَى التَّاءِ أَعْطِنِي وَمَعْنَى الْكَافِ خُذْ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ هَاءِ أَيْ هَاتِ مَا فِي يَدِكَ فَيَقُولُ لَهُ هَاءَ أَيْ خُذْهُ وَيُعْطِيهِ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِلْمُنَاوَلَةِ.

وَفِي لَاهَا اللَّهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ إحْدَاهَا الْمَدُّ مَعَ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ حَرْفِ الْقَسَمِ فَيَجِبُ إثْبَاتُ الْأَلِفِ كَمَا لَوْ قِيلَ هَا وَاَللَّهِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ بِجَعْلِهَا كَأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ حَرْفِ الْقَسَمِ. 
الْهَاء وَالْوَاو وَالْيَاء

الهَواءُ: الجو، وكل فارغ هَوَاء.

والهَواءُ: الجبان، لِأَنَّهُ لَا قلب لَهُ، فَكَأَنَّهُ فارغ، الْوَاحِد والجميع فِي ذَلِك سَوَاء.

وقَلْبٌ هَواءٌ: فارغ، وَكَذَلِكَ الْجَمِيع، وَفِي التَّنْزِيل: (وأفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) .

والمَهْواةُ، والهُوَّةُ، والأهْوِيَّةٌ، والهاوِيَةُ: كالهَواء.

وهَوَتِ الطعنة، فتحت فاها، قَالَ أَبُو النَّجْم:

فاخْتاضَ أُخْرَى فَهَوَتْ رُجُوحا

لِلشِّقّ يَهْوِى جُرْحُها مَفْتُوحا

وَقَالَ ذُو الرمة:

هَوَى بَينَ الكُلَى والكَراكِرِ

أَي خلا وَانْفَتح وهَوَى وأهْوَى وانْهَوَى: سقط، قَالَ يزِيد ابْن الحكم: وكَمْ مَنزِلٍ لَوْلايَ طِحْتَ كَمَا هَوَى ... بأجرامهِ منْ قُلَّةِ النِّيقِ مُنْهَوِي

وهَوَتِ العُقابُ هُوِيًّا: إِذا انقضَّت على صيد أَو غَيره مَا لم ترغه، فَإِذا أراغته قيل: أهْوَتْ لَهُ، قَالَ زُهَيْر:

أهْوَى لَها أسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُطَّرِقٌ ... ريشَ القَوادِمِ لم يُنْصَبْ لَهُ الشَّبَكُ

والإهْواءُ والاهْتِواء: الضَّرْب بِالْيَدِ والتناول.

وهَوَتْ يَدي للشَّيْء، وأهْوَت: امتدت وَارْتَفَعت، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَوَى إِلَيْهِ من بُعد، وأهْوَى إِلَيْهِ من قرب.

وأهْوَى إِلَيْهِ بِسَهْم، واهْتَوى إِلَيْهِ بِهِ.

والهَاوِي من الْحُرُوف وَاحِد، وَهُوَ الْألف سمى بذلك لشدَّة امتداده، وسعة مخرجه.

وهَوَت الرّيح هُوِياًّ: هبت. قَالَ:

كأنَّ دَلْوِي فِي هُوِىِّ رِيحِ

وهَوَى يَهْوِى هَوِياًّ، وهُوِياًّ وهَوَياناً، وانهَوى: سقط من فَوق إِلَى أَسْفَل، وأهْواهُ هُوَ.

وهَوَى السهْم هُوِياًّ: سقط من علو إِلَى سفل.

وهَوا هَوِياًّ وهاوَى: سَار سيرا شَدِيدا، قَالَ ذُو الرمة:

فَلَمْ تَسْتَطعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى ... وَلَا لَيْلَ عِيسٍ فِي البُرِينَ خَواضعِ

وَمضى هَوِىٌّ من اللَّيْل وهُوِىٌّ وتَهْواءٌ، أَي سَاعَة مِنْهُ.

والهَوَى: الْعِشْق يكون فِي مدَاخِل الْخَيْر وَالشَّر.

والهَوِىُّ: المَهْوِيُّ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

فَهُنَّ عُكوفٌ كَنَوْحِ الكَري ... مِ قَدْ شَفَّ أكْبادَهُنَّ الهَوِىُّ أَي فقد المَهْوِيِّ.

وهَوَى النَّفْسِ: أرادتها، وَقَول أبي ذُؤَيْب:

سَبَقوا هَوَىَّ وأعْنَقوا لِهَواهُمُ ... فَتُخِّرمُوا ولِكُلِّ جَنْبٍ مَصرعُ

قَالَ ابْن حبيب قَالَ: هَوَىَّ لُغَة هُذَيْل، قَالَ الْأَصْمَعِي: أَي مَاتُوا قبلي وَلم يَلْبَثُوا لِهَوايَ، وَكنت أُحِبُّ أَن أَمُوت قبلهم " وأعنقوا لهواهم " جعلهم كَأَنَّهُمْ هَوُوا الذّهاب إِلَى الْمنية لتسرعهم إِلَيْهَا، وهم لم يهووها فِي الْحَقِيقَة.

وَأثبت سِيبَوَيْهٍ الهَوَى لله عز وَجل، فَقَالَ: فَإِذا فعل ذَلِك فقد تقرب إِلَى الله عز وَجل بهَواه.

وَقَوله عز وَجل: (فاجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوَي إِلَيْهِم) فِيمَن قَرَأَ بِهِ إِنَّمَا عداهُ بالى لِأَن فِيهِ معنى تميل، وَالْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة " تَهْوِي إِلَيْهِم " أَي ترْتَفع.

وَالْجمع أهواء.

وَقد هَوِيَهُ هَوىً، فَهُوَ هَوٍ.

والهَوَى أَيْضا: المَهْوِيُّ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

زجَرْتُ لَها طَيرَ السَّنيحِ فإنْ تَكُنْ ... هَواكَ يُصِبْكَ اجْتِنابُها

واستهوته الشَّيَاطِين: ذهبت بِهَواهُ وعقله، وَفِي التَّنْزِيل: (كَالَّذي استَهْوتْهُ الشياطينُ) وَقيل: استَهوَتْهُ: استهامته وحيرته، وَقيل: زينت لَهُ هَواهُ.

وهَوَى الرجل: مَاتَ، قَالَ النَّابِغَة:

وقالَ الشَّامِتُونَ هَوَى زِيادٌ ... لِكُلِّ مَنِيَّة سَبَبٌ مَتينُ

وهاوِيَةُ، والهاوِيَةُ: من أَسمَاء جَهَنَّم، وَقَوله عز وَجل: (فَأمُّهُ هاوِيَهٌ) أَي مَسْكَنه جَهَنَّم، أَي إِن الَّذِي لَهُ بدل مَا يسكن إِلَيْهِ نَار حامية.

وَقَالُوا: إِذا اجدب النَّاس أَتَى الهاوِي والعاوِي، فالهاوِي: الْجَرَاد، والعاوِي: الذِّئْب، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّمَا هُوَ الغاوي، بالغين مُعْجمَة، والهاوِي، فالغاوي: الْجَرَاد، والهاوِي: الذِّئْب، لِأَن الذئاب تأتى إِلَى الخصب.

وأهْوَى، وسوقه أهْوَى، ودارة أهْوَى: مَوضِع أَو مَوَاضِع.

وَالْهَاء: حرف هجاء، وَهُوَ حرف مهموس يكون أصلا وبدلا وزائدا، فالاصل نَحْو: هِنْد وفهد وَشبه، وتبدل من خَمْسَة أحرف، وَهِي: الْهمزَة، والالف، وَالْيَاء، وَالْوَاو، وَالتَّاء، وَإِنَّمَا قضيت على إِنَّهَا من " هـ وى " لما قَدمته فِي الْحَاء، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْهَاء وَأَخَوَاتهَا من الثنائي كالباء والحاء والطاء وَالْيَاء، إِنَّمَا تهجيت مَقْصُورَة لِأَنَّهَا لَيست باسماء، وَإِنَّمَا جَاءَت فِي التهجي، على الْوَقْف، قَالَ: ويدلك على ذَلِك أَن الْقَاف وَالدَّال وَالصَّاد مَوْقُوفَة الاواخر، فَلَولَا إِنَّهَا على الْوَقْف لحركت اواخرهن، وَنَظِير الْوَقْف هُنَا الْحَذف فِي الْهَاء والحاء وَأَخَوَاتهَا، وَإِذا أردْت أَن تلفظ بحروف المعجم قصرت واسكنت، لِأَنَّك لست تُرِيدُ أَن تجعلها أَسمَاء، وَلَكِنَّك أردْت أَن تقطع حُرُوف الِاسْم، فَجَاءَت كَأَنَّهَا أصوات يصوت بهَا إِلَّا انك تقف عِنْدهَا، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة عه.
هـوي
هوَى1/ هوَى إلى/ هوَى على/ هوَى في يَهوِي، اهْوِ، هُوِيًّا وهَوَيانًا، فهو هاوٍ، والمفعول مَهوِيّ إليه
• هوَى الشَّخصُ أو الشَّيءُ: سقط من عُلوٍ إلى سُفْل "هوتِ الحجارةُ من الجبل- {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} ".
• هوَى إلى المكان/ هوَى الشَّخصُ في سيره:
1 - مضى وأسرع " {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} ".
2 - مال وحنَّ.
• هوَى النِّسْرُ على العصفور: انقضَّ. 

هوَى2 يَهوِي، اهْوِ، هَوِيًّا وهَوَاءً، فهو هاوٍ
• هوَى الشَّخصُ: هلَك.
• هوَتِ المرأةُ: فقدت ولدَها. 

هوِيَ يَهوَى، اهْوَ، هَوًى، فهو هَوٍ، والمفعول مَهْوِيّ
• هوِي فلانٌ فلانةَ: أحبَّها "يَهوَى القراءةَ- {إِنْ يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ} ". 

أهوى/ أهوى بـ/ أهوى لـ يُهوِي، أَهْوِ، إهواءً، فهو مُهْوٍ، والمفعول مُهوًى (للمتعدِّي)
• أهوى الحجرُ: سقَط "أهوتِ الصَّخرةُ من أعلى الجبل".
• أهوى الشَّخصُ الحجرَ: ألقاه من فوق " {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} ".
• أهوى الشَّخصُ بالعصا: أومأ بها "أهوى لهم بعصاه الصَّغيرة أنِ ادخلوا الدَّارَ".
• أهوتِ العقابُ للصَّيد: انقضَّت عليه. 

استهوى يستهوِي، اسْتَهْوِ، استهواءً، فهو مُستهوٍ، والمفعول مُستهوًى
• استهواه جمالُ الطَّبيعة: فتنه، أعجبه وشغل هواه.
• استهوى الكاتبُ قُرَّاءَه: استمالهم، أثَّر فيهم حتَّى جعلهم يتقبَّلون رأيَه بدون تفكّر.
• استهواه الشَّيطانُ: أغواه وأضلَّه " {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ} ". 

تهاوى يتهاوَى، تَهاوَ، تهاويًا، فهو مُتهاوٍ
• تهاوى القومُ: سقطوا الواحد تلو الآخر "تهاوت حُجَجُ الخَصْم- تهاوى الرَّجلُ من الإعياء- تهاوى البُرْجُ". 

هوَّى يهوِّي، هَوِّ، تهويةً، فهو مُهوٍّ، والمفعول مُهوًّى
• هوَّى الشَّخصُ المكانَ: أدخل إليه الهواءَ النقيَّ.
• هوَّى الكيميائيّ الغازَ: (كم) أذابه في سائل كالماء. 

إهواء [مفرد]: مصدر أهوى/ أهوى بـ/ أهوى لـ. 

استهواء [مفرد]: مصدر استهوى. 

استهوائيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى استهواء.
• شخصيَّة استهوائيَّة: شخصيّة ميَّالة للتَّصرُّف بطلاقة والعيش بحرّيّة، والتّخفُّف من جميع القيود والالتزامات. 

تَهْوية [مفرد]:
1 - مصدر هوَّى.
2 - (جو) تجديد الهواء في الأبنية والمساكن. 

مَهْوًى [مفرد]: ج مهاوٍ:
1 - اسم مكان من هوَى1/ هوَى إلى/ هوَى على/ هوَى في ° بَعيدةُ مَهْوى القُرط: كناية عن طول العنق.
2 - ما بين الجبلين ونحو ذلك. 

مُهويَّة [مفرد]: آلة لتهوية التُّربة، أو جهاز لإشباع السَّوائل بالغازات. 

هاوٍ [مفرد]: ج هاوُون وهُواة:
1 - اسم فاعل من هوَى1/ هوَى إلى/ هوَى على/ هوَى في وهوَى2.
2 - مَنْ يحب نوعًا من الرِّياضة أو العمل يزاوله على غير احتراف "ملاكم هاوٍ". 

هاوية [مفرد]:
1 - مؤنَّث هاوٍ: "فتاة هاوية للتزحلق على الماء/ الجليد".
2 - (جو) أخدود؛ شرخ عميق في القشرة الأرضيّة.
3 - اسم من أسماء جهنّم أو أسفل جزء فيها " {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ. فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}: النّار له كالأمّ يأوي إليها".
4 - هوّة، أو حُفْرة غامضة بعيدة القرار "وقع الحجرُ في الهاوية- تدفع إسرائيل بالمنطقة بأكملها إلى الهاوية" ° على حافَّة الهاوية: على وشك السّقوط فيها، في وضع خطير أو قريب من الهلاك.
5 - أمّ فقدت ولدها. 

هَوٍ [مفرد]: مؤ هَوِيَة: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من هوِيَ. 

هَواء [مفرد]: ج أَهْوية (لغير المصدر):
1 - مصدر هوَى2 ° الهَواء الأصفر: مرض الكوليرا.
2 - (كم) خليط من عدَّة غازات، أهمّها الأكسجين والنتروجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وجميعها يغلِّف الكرة الأرضيّة، وهو لازم لحياة الكائن الحيّ "جدِّدَ هواءَ الغرفة- جلس في الهواء الطَّلْق" ° الهواء الطَّلْق: العراء، خارج البناء- في الهواء: خياليّ، وَهْمِيّ- هواء البلد: مناخه- يبني قصورًا في الهواء: يعيش على الأوهام، يسعى في غير طائل.
3 - جوّ "طارت الرِّيشة في الهواء" ° الإرسال على الهواء: توصيل الصوت أو الصورة عن طريق مجموعة موصِّلات بدون سابق تسجيل.
4 - فارغ، خالٍ " {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}: فارغة؛ يصفهم بأنّهم جبناء أو لا عقول لهم، أو أنّها خالية وفارغة من كُلِّ خير" ° قَلْبٌ هواء: جبانٌ، لخلوِّه من الجرأة.
• الهَواء السَّائل: (كم) هواء يضغط بشدَّة ويبرد بالتَّمدُّد فيتحوَّل إلى سائل شفّاف شديد البرودة.
• مُكيِّف الهواء: جهاز تديره القوَّة الكهربائيّة لخفض الحرارة صيفًا أو رفعها شتاءً، يثبَّت في الحجرات أو السَّيّارات ونحوها.
• تكييف الهواء: تغيير درجة حرارة غرفة ما بواسطة مُكيِّف الهواء. 

هوائيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى هَواء.
2 - شخص متقلِّب كثير النَّزوات "لا تعتمد عليه لأنّه هوائيّ".
3 - سلك يُوصَّل بجهاز الإذاعة أو التلفاز ثم يُشدّ إلى سارية فوق مكان عالٍ لتقوية الصَّوت وتجلية الصُّورة، لاقط للبثِّ الإذاعيِّ أو التلفزيونيّ.
4 - جهاز لإرسال واستقبال الأمواج الكهرومغنطيسيّة.
5 - (حي) وصف لكائن حيّ يوجد أو ينمو في الهواء.
• لا هوائيّ:
1 - (حي) وصف لكائن حيّ لا يعتمد في تنفّسه على الأكسجين.
2 - صفة ما يتمّ بدون هواء "تنفُّس لا هوائيّ: عن طريق الأكسجين فقط".
• النَّفق الهوائيّ: (فز) تجويف نفقيّ يتمّ دفع الهواء فيه لتقدير أثر ضغط الرياح على طائرة أو قذيفة موجَّهة.
• تلقيح لا هوائيّ: (نت) نقل حبوب اللِّقاح بين النباتات والأشجار يدويًّا بدون الهواء.
• إنبات لا هوائيّ: (نت) نموُّ بعض أنواع النباتات تحت سطح التربة بدون التعرُّض المباشر للهواء. 

هوائيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى هَواء.
• مثانة هوائيَّة: (حي) تكوين مليء بالهواء في العديد من أنواع السمك يعمل على بقاء السمك طافيًا أو على مساعدته على التنفس.
• القَصَبة الهوائيَّة: (شر) القصبة الرِّئويّة، أنبوبة مدعَّمة بحلقات غضروفيّة لتظلّ مفتوحة دائمًا، تمتدّ من الحنجرة إلى الشُّعبتين الرِّئويَّتين، يسلكها هواء الشّهيق إلى الرِّئتين، ويخرج منها هواء الزَّفير إلى الخارج. 

هِواية [مفرد]: ممارسة المرء فنًّا أو رياضة، بحيث يقضي أوقات فراغه في مزاولتها بدون أن يحترفها "هوايته جمع الطَّوابع البريديَّة". 

هوّاية [مفرد]: جهاز لتجديد هواء الحُجُرات. 

هُوَّة [مفرد]: ج هوّات وهُوّ وهُوًى:
1 - حفرة بعيدة القعر "تفصل بينهم هُوَّة عميقة".
2 - (جو) أحد أعماق المحيط التَّي تزيد على ألفيْ متر.
• الهُوَّة: الجوّ بين السّماء والأرض.
• الهُوَّة الثَّقافيَّة: اختلال التَّوازن في سرعة النُّمو بين عناصر الثَّقافة، بحيث يتغيَّر كلُّ عنصر بسرعة متفاوتة عن العنصر الآخر. 

هَوًى [مفرد]: ج أهواء (لغير المصدر):
1 - مصدر هوِيَ ° الهوى العُذْريّ: العفيف المتَّسم بطابع مثاليّ صِرْف.
2 - ميل النَّفس إلى الشَّهوة "تصرَّف على هواه- {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} " ° أصحاب الأهواء: أصحاب الفِرق المنحرفة- بناتُ الهَوَى: النّسوة السّاقطات- ركِب هواه: ساء خلقُه، انقاد لشهواته- سار على هواه: فعل ما أراد، عمل ما أحبّ- فلانٌ مالك لهواه: ضابط لنفسه.
3 - ضلال، ميل النَّفس في الاعتقاد وغيره إلى ما يجانب الحقّ
 والصّواب " {وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا} ". 

هَوَيان [مفرد]: مصدر هوَى1/ هوَى إلى/ هوَى على/ هوَى في. 

هَوِيّ [مفرد]:
1 - مصدر هوَى2.
2 - دَوِيّ في الأذن. 

هُوِيّ [مفرد]: مصدر هوَى1/ هوَى إلى/ هوَى على/ هوَى في. 
هوي
: (ي (} الهَواءُ) ، بالمدِّ: (الجَوُّ) مَا بينَ السَّماءِ والأرْضِ؛ وأَنْشَدَ القالِي:
ويلمها من {هواءِ الجوِّ طالبة
وَلَا كَهَذا الَّذِي فِي الأَرْض مَطْلُوب ُوالجَمْعُ} الأَهْوِيةُ. يقالُ: أَرضٌ طيِّبَةُ الهَواءِ {والأَهْوِيةِ (} كالمَهْواةِ {والهُوَّةِ) ، بِالضَّمِّ، (} والأُهْوِيَّةِ) ، بِالضَّمِّ وتَشْديدِ الياءِ على أُفْعُولةٍ، ( {والهاوِيَةِ) .
وَقَالَ الأزْهري:} المَهْواةُ مَوْضِع فِي الهَواءِ مُشْرِفٌ على مَا دُونَه مِن جَبَلٍ وغيرِهِ، والجمْعُ {المَهاوِي.
وَقَالَ الجَوْهرِي:} المَهْوَى {والمَهْواةُ مَا بينَ الجَبَلَيْنِ ونَحْو ذَلِك، انتَهَى.
} والهاوِيَةُ: كُلُّ {مَهْواةٍ لَا يُدْرَكُ قَعْرُها؛ قالَ عَمْرُو بنُ مِلْقَط الطائِيُّ:
يَا عَمْرُو لَو نالَتْك أَرْماحُنا
كنتَ كمَنْ} تَهْوي بِهِ {الهاوِيَهْ (وكُلُّ فارِغٍ) } هَواءٌ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهري لزهيرٍ:
كأَنَّ الرَّحْل مِنها فَوْق صَعْلٍ
من الظِّلْمانِ جُؤْجُؤه! هَواءُ وأَنْشَدَد ابنُ برِّي:
ولاتَكُ مِنْ أَخْدانِ كُلِّ يَراعةٍ
{هَواءُ كسَقْبِ البانِ جُوفٍ مَكاسِرُهْوبه فُسِّر قولهُ تَعَالَى: {وأَفْئِدَتُهم} هَواءُ} ، أَي فارِغَةٌ.
(و) {الهَواءُ: (الجَبانُ) لخلوِّ قَلْبِه مِن الجرأَةِ؛ وَهُوَ مجازٌ؛ وأَنْشَدَ القالِي:
أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي
فأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ} هَواءٌ (و) {الهَوَى، (بالقَصْرِ: العِشْقُ) .
وَقَالَ اللّيْثُ:} هَوَى الضَّميرِ.
وقالَ الأزْهري: هُوَ محبَّةُ الإِنْسانِ للشيءِ وغَلَبَتُه على قَلْبِه؛ وَمِنْه قولهُ تَعَالَى: {ونَهَى النَّفْسَ عَن الهَوَى} ، أَي عَن شَهَواتِها وَمَا تَدْعو إِلَيْهِ مِن المَعاصِي.
قَالَ ابنُ سِيدَه: (يكونُ فِي) مَداخِلِ (الخَيْرِ والشَّرِّ) .
وَقَالَ غيرُهُ: مَنْ تَكَلَّم {بالهَوَى مُطْلقاً لم يَكنْ إلاَّ مَذْموماً حَتَّى يُنْعَتَ بِمَا يُخرجُ مَعْناهُ كقَوْلهم هَوًى حَسَنٌ} وهَوًى مُوافِقٌ للصَّوابِ.
(و) {الهَوَى: (إرادَةُ النَّفْسِ) ، والجَمْعُ} الأَهْواءُ.
(و) {الهَوَى: (} المَهْوِيُّ) ؛ وَمِنْه قولُ أَبي ذُؤَيْب:
زَجَرْتُ لَهَا طَيْرَ السَّنِيح فإنْ يَكُنْ
{هَواكَ الَّذِي} تَهْوى يُصِبْكَ اجْتِنابُها.
( {وهَوَتِ الطّعْنَةُ) } تَهْوِي: (فَتَحَتْ فاها) بالدَّم؛ قَالَ أَبُو النَجْمِ: فاخْتاضَ أُخْرَى {فَهَوَتْ رُجُوحا
للشِّقِّ} يَهْوِي جُرْحُها مَفْتُوحا (و) {هَوَتِ (العُقابُ) } تَهْوِي ( {هُوِيّاً) ، كصُلِيَ: (انْقَضَّتْ على صيدٍ أَو وغيرِهِ) مَا لم تُرِغْه، فَإِذا أراغَتْه قيلَ:} أَهْوَتْ لَهُ {إهْواءً.
(و) } هَوَى (الشَّيءُ) {يَهْوِي: (سَقَطَ) مِن فَوْق إِلَى أَسْفَل كسُقُوطِ السَّهْم وغيرِهِ، (} كأَهْوَى {وانْهَوَى) ؛ قَالَ
يزيدُ بنُ الحَكَم الثَّقفي:
وكَمْ مَنْزِل لَوْلايَ طِحْتَ كَمَا هَوَى
بأَجْرامِهِ مِن قُلَّةِ النِّيقِ} مُنْهَوِي فجمَعَ بينَ اللُّغَتَيْن.
(و) {هَوَتْ (يَدِي لَهُ: امْتَدَّتْ، وارْتَفَعَتْ،} كأَهْوَتْ) .
وَقَالَ ابنْ الأَعْرابي: {هَوَى إِلَيْهِ من بُعْدٍ،} وأَهْوَى إِلَيْهِ من قُرْبٍ. وَفِي الحديثِ: ( {فأَهْوَى بيدِه إِلَيْهِ) أَي مَدَّها نَحْوَه وأمالَها إِلَيْهِ ليأْخُذَه.
قَالَ ابنُ برِّي: الأَصْمعي يُنْكرُ أَن يأْتيَ} أَهوَى بمعْنَى {هَوَى؛ وَقد أَجازَهُ غيرُه.
(و) } هَوَتِ (الرِّيحُ) {هَوِيًّا: (هَبَّتْ) ؛ قالَ:
كأَنَّ دَلْوي فِي} هَوِيِّ رِيحِ (و) {هَوَى (فلانٌ: ماتَ) ؛ قَالَ النابغَةُ:
وَقَالَ الشَّامِتُونَ هَوى زِيادٌ
لكُلِّ مَنِيَّةٍ سَببٌ مَتِينُ (و) } هَوَى {يَهْوِي (} هُوِيًّا، بالفَتْح وَالضَّم) ، أَي كغَنِيَ وصُلِيَ، ( {وهَوَياناً) ، محرَّكةً: (سَقَطَ من عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ) ، كسُقُوطِ السَّهْمِ وغيرِهِ، (} كانْهَوَى) ؛ وَهَذَا قد تقدَّمَ قرِيباً ففيهِ تِكْرارٌ.
(و) {هَوَى (الرَّجُلُ) } يَهْوِي ( {هُوَّةً، بِالضَّمِّ صَعِدَ وارْتَفَعَ. أَو} الهَوِيُّ، بِالْفَتْح) أَي كغَنِيَ، (للإصْعادِ؛ {والهُوِيُّ، بِالضَّمِّ) أَي كصُلِيَ، (للإنْحِدارِ) ؛ قالَهُ أَبو زيْدٍ.
وَفِي صفَتِه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كأَنّما} يَهْوِي مِن صَبَبٍ، أَي يَنْحَطُّ، وَذَلِكَ مِشْيَة القَوِيِّ مِن الرِّجالِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَه مِن الفَرْقِ هُوَ سِياقُ ابنِ الأعْرابي فِي النوادِرِ.
قَالَ ابنُ برِّي: وذكَرَ الرّياشي عَن أبي زيْدٍ أنَّ الهَوِيَّ، بالفَتْح، إِلَى أَسْفَل، وبضمِّها إِلَى فَوْق، وأنْشَدَ:
والدَّلْوُ فِي إصْعادِها عَجْلَى {الهُوِيّ وأَنْشَدَ:
} هُوِيَّ الدَّلْو أَسْلَمَها الرِّشاء فَهَذَا إِلَى أَسْفَل.
( {وهَوِيَهُ، كرَضِيَهُ) ،} يَهْوَى ( {هَوًى فَهُوَ} هَوٍ) ، كعَمٍ: (أَحَبَّهُ) . وَفِي حديثِ بَيْعٍ الخِيارِ: (يأْخُذُ كلُّ واحِدٍ مِن البَيْعِ مَا {هَويَ) . أَي مَا أَحَبَّ.
وقولهُ تَعَالَى: {فأجْعَلْ أَفْئِدَةً مِن الناسِ} تَهْوَى إِلَيْهِم} ، فيمَنْ قَرَأَ هَكَذَا، إنَّما عَدَّاهُ بإلى لأَنَّ فِيهِ مَعْنى تمِيلُ، والقِراءَةُ المَشْهورَة: {تَهْوِي، بكسْر الواوِ، أَي تَرْتفِعُ إِلَيْهِم.
وقالَ الفرَّاء: أَي تُرِيدُهم. ومَنْ فَتَح الْوَاو قالَ المَعْنى} تَهْوَاهُم، كَمَا قَالَ: رَدِفَ لكُم ورَدِفَكم؛ وقالَ الأخْفَش: {تَهْوى إِلَيْهِم زَعَمُوا أنَّه فِي التَّفْسِيرِ تَهْواهم.
(و) قولهُ تَعَالَى: {كَالَّذي (} اسْتَهْوَتْه الشَّياطِينُ) فِي الأرضِ حَيْران} ، أَي (ذَهَبَتْ {بهَواهُ وعَقْلِهِ) .
وقالَ القتيبيُّ: أَي} هَوَتْ بِهِ وأَذْهَبَتْه، جَعَلَه مِن {هَوَى} يَهْوِي.
(أَو {اسْتَهَامَتْه وحَيَّرَتْه، أَو زَيَّنَتْ لَهُ} هَواهُ) ؛ وَهَذَا قولُ الزجَّاج جَعَلَهُ مِن {هَوِيَ} يَهْوَى.
(و) قَالُوا إِذا أَجْدَبَ الناسُ: أَتَى ( {الهاوي) والعاوِي،} فالهاوِي: (الجَرادُ) ، والعاوِي: الذئْبُ.
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: إنّما هُوَ الغاوِي، بالغَيْنِ مُعْجمة، وَهُوَ الجَرادُ، وَهُوَ الغَوْغاءُ، {والهاوِي: الذئْبُ لأنَّ الذِّئابَ} تَهْوِي إِلَى الخِصْب؛ قالَ: وَقَالُوا إِذا أَخْصَبَ الزَّمانُ جاءَ الغاوِي {والهاوِي: قَالَ: وَقَالُوا: إِذا جاءَت السَّنَةُ جاءَ مَعهَا أعْوانُها، يَعْني الجَرادَ والذِّئابَ والأمْراضَ، وتقدَّمَ لَهُ فِي عوي على مَا ذَكَرَه ابنُ الأعْرابي.
(} وهَاوِيَةُ) ، بِلا لامٍ مَعْرفةٌ، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي؛ ( {والهاوِيَةُ) أَيْضاً بِلام، نقلَهُ ابنُ سِيدَه؛ اسْمٌ مِن أَسْماءِ (جَهَنَّمَ، أَعاذَنا اللهاُ مِنْهَا) آمِين.
وَفِي الصِّحاح: اسْمٌ مِن أَسْماءِ النَّارِ، وَهِي مَعْرفَةٌ، بِغَيْر أَلفٍ ولامٍ.
قَالَ ابنُ برِّي: لَو كانتْ} هاوِيَةُ اسْماً عَلَماً للنارِ لم يَنْصرِفْ فِي الآيةِ؛ وقولهُ تَعَالَى: {فأُمُّه {هاوِيَةٌ} ، أَي مَسْكَنُه جَهَنَّم، وقيلَ مَعْناهُ: أُمُّ رأْسِه} تَهْوي فِي النارِ؛ وَهَذَا قد تقدَّمَ فِي الميمِ.
وَقَالَ الفرَّاء عَن بعضِهم: هُوَ دُعاءٌ عَلَيْهِ كَمَا يَقُولُونَ {هَوَتْ أُمُّه؛ وأنْشَدَ لكَعْبِ بنِ سعْدٍ الغَنَويَّ يَرْثي أخاهُ:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِــياً
وماذا يُؤَدِّي الليلُ حينَ يَؤُوبُأَي هَلَكَتْ أُمُّه حَتَّى لَا تأْتي بمثْلِه؛ نقلَهُ الجَوْهرِي عَن ثَعْلب.
ويقالُ: هَوَتْ أُمُّه فَهِيَ هاوِيَةٌ أَي ثاكِلَةٌ.
وَقَالَ بعضُهم: أَي صارَتْ} هاوِيَةٌ مَأْواهُ.
(و) مَضَى ( {هَوِيٌّ) مِن الَّليْلِ، (كغَنِيَ ويُضَمُّ؛ و) كَذَا (} تَهْواءٌ من اللَّيْلِ) ، أَي (ساعَةٌ) مُمْتدَّة مِنْهُ. ويقالُ: {الهَوِيُّ الحِينُ الطَّويلُ، أَو هَزِيعٌ مِن اللّيْلِ، أَو مِن الزَّمان، أَو مُخْتَصّ باللّيْلِ؛ كلُّ ذلكَ أَقْوالٌ.
(} وأَهْوى، وسُوقَةُ {أَهْوَى، ودارَةُ} أَهْوى: مَوَاضِعُ) .
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{الهَواءُ: كلُّ شيءٍ مُنْخَرِقُ الأسْفَل لَا يَعِي شَيْئا كالجرابِ المُنْخَرِق الأسْفْل وَمَا أَشْبَهه؛ وَبِه فُسِّر قولهُ تَعَالَى: {وأَفْئِدَتُهم} هَواءٌ} ؛ قالَهُ الزجَّاج والقالِي.
{وهَوَى صَدْرُه} يَهْوِي! هَواءً: خَلا؛ قالَ جريرٌ: ومُجاشِعٌ قَصَبٌ {هَوَتْ أَجْوافُهم
لَوْ يَنْفَخُونَ مِنَ الخُؤُورةِ طارُوا} والمَهْوَى: هُوَ {المَهْواةُ.
} وتَهاوَوا فِي {المَهْواةِ: سَقَطَ بعضُهم فِي إثْرِ بعضٍ.
} وأَهْوَتِ العُقابُ: انْقَضَّتْ على الصَّيْدِ فأَراغَتْه، وذلكَ إِذا ذَهَبَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهِي تَتْبَعُه.
{والإهْواءُ} والاهْتِواءُ: الضَّرْبُ باليَدِ والتناوُلُ.
{وأَهْوَى بالشيءِ: أَوْمَأَ بِهِ.
وأَهْوَى إِلَيْهِ بسَهْمٍ} واهْتَوَى إِلَيْهِ بِهِ.
{والهاوِي من الحُرُوفِ سُمِّي بِهِ لشدَّةِ امْتِدادِه وسَعَةِ مَخْرَجِه.
} وأَهْواهُ: أَلْقاهُ مِن فَوْق؛ وَمِنْه قولهُ تَعَالَى: {والمُؤْتَفِكَةُ {أَهْوَى} ، أَي أَسْقَطَها} فهَوَتْ.
{وهَوَى الشيءُ} هَوِيًّا وَهَى.
{وهَوَتِ الناقَةُ} تَهْوِي {هُوِيًّا، فَهِيَ} هاوِيَةٌ: عَدَتْ عَدْواً شَديداً؛ قالَ:
فَشَذَّ بهَا الأماعِز وهْيَ تَهْوي
{هُوِيَّ الدَّلْوِ أسْلَمها الرِّشاء} ُوالمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ وأَيْضاً شِدَّةُ السَّيْرِ.
{وتَهاوَى: سارَ شَديداً؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
فَلم تَسْتَطِعْ مَيُّ} مُهاوَاتَنا السُّرَى
وَلَا لَيْلَ عِيسٍ فِي البُرِينَ سَوامِوأَنْشَدَ ابنُ برِّي لأبي صَخْر: إيَّاكَ فِي أَمْرِك والمُهاواهْ
وكَثْرَة التَّسْويفِ والمُماناهْ {والهَوِيُّ، كغَنِيَ:} المَهْوِيُّ، قالَ أَبو ذؤَيْبٍ:
فهُنَّ عُكُوفٌ كنَوْحِ الكَرِي
مِ قدْ شَفّ أَكْبادَهُنَّ {الهَوِيّ أَي فَقْدُ} المَهْويِّ.
قَالَ ابنُ برِّي: وَقد جاءَ {هَوَى النَّفْس مَمْدوداً فِي الشِّعْر؛ قَالَ:
وهانَ على أَسْماءَ إنْ شَطَّتِ النَّوى
نَحِنُّ إِلَيْهَا} والهَواء يَتُوقُ ورجُلٌ {هَوٍ: ذُو} هَوًى مُخامِرُه.
وامْرأَةٌ {هَوِيَةٌ، كفَرِحَةٍ: لَا تَزالُ} تَهْوى، فَإِذا بُنيَ مِنْهُ فَعْلةٌ، بسكونِ العَيْن، تقولُ {هَيَّة مِثْل طَيَّة، وَإِذا أَضَفْتَ} الهَوَى إِلَى النَّفْس تقولُ {هَوَاي إلاَّ هُذَيْلاً فإنَّهم يقولونَ} هَوَيَّ كقَفَيَّ وعَصَيَّ؛ وأَنْشَدَ ابنُ حَبيبٍ لأبي ذُؤَيْبٍ:
سَبَقوا {هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَواهُم
فتُخُرِّمُوا ولكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُوهذا الشيءُ} أَهْوَى إليَّ مِن كَذَا: أَي أَحَبُّ إليَّ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لأبي صَخْرٍ الهُذَلي:
ولَلَيْلةٌ مِنها تَعُودُ لنا
فِي غَيْرِ مَا رَفَثٍ وَلَا إثْمِأَهْوى إِلَى نَفْسِي ولَوْ نَزَحَتْ
ممَّا مَلَكْتُ ومِنْ بَني سَهْم! ِوالمَهْواةُ: البِئْرُ العَمِيقَةُ، وَمِنْه قولُ عائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رضِيَ الله عَنْهُمَا: (وامْتاحَ من {المَهْواةِ) ، أَي أَنه تَحَمَّل مَا لم يَتَحَمَّل غَيْرُه.
وَهُوَ: كِنايَةٌ عَن الواحِدِ المذَكَّر، وَفِي التَّثْنيةِ: هُما، وللجماعَةِ: هُم، وَقد تُسَكَّنُ الهاءُ إِذا جاءَتْ بَعْدَ الواوِ أَو الفاءِ أَو اللَّام، وسَيَأْتي لَهُ مَزيدُ بيَانٍ فِي الحُرُوفِ.
} والهُوِيَّةُ: {الأُهْوِيَّةُ؛ وَبِه فَسَّر ابنُ الأعْرابي قولَ الشمَّاخ:
فلمَّا رأَيْتُ الأَمْرَ عَرْشَ} هُوِيَّةٍ قَالَ: أَرادَ {أُهْوِيَّة، فلمَّا سَقَطَتِ الهَمْزةُ رُدَّتِ الضمَّةُ إِلَى الهاءِ.
} والهُويَّةُ عنْدَ أَهْلِ الحقِّ هِيَ الحَقيقَةُ المُطْلقَةُ المُشْتملَةُ على الحَقائِقِ اشْتِمال النَّواة على الشَّجَرةِ فِي الغَيْبِ المُطْلَقِ.
{وأَهْوى: اسْمُ ماءٍ لبَني حمَّان، واسْمُه السُّبَيْلَةُ، أَتاهُمُ الرَّاعي فمنَعُوه الورْدَ فقالَ:
إنَّ على} الأَهْوَى لأَلأَمَ حاضِرٍ
حَسَباً وأَقْبَحَ مَجْلسٍ أَلْواناقَبَحَ الإلهُ وَلَا أُحاشِي غَيْرَهُمْ
أَهْلَ السُّبَيْلةِ من بَنِي حِمَّانا {وإهْوَى، كذِكْرَى: قَرْيةٌ بالصَّعِيدِ.

رخَم

(ر خَ م)

أرْخَمت النَّعامة والدَّجاجةُ على بَيضها، ورَخَمت عَلَيْهِ، ورَخَمَتْه، تَرْخَمهُ رخْماً ورَخَماً، هِيَ مُرْخِمٌ، وراخِمٌ: حَضَنته.

ورَخَّمها أهلُها: ألْزموها إيّاها. وَألقى عَلَيْهِ رَخْمَته، أَي: محبتَّه ومَودّته.

ورَخَمت الْمَرْأَة وَلَدهَا، تَرْخَمه وتَرْخَمه، رَخْماً: لاعَبتْه.

وَحكى اللِّحيانيّ: رَخِمَه يَرْخَمُه رَخْمةً، وَإنَّهُ لرَاخمٌ لَهُ.

وألْقت عَلَيْهِ رَخَمها ورَخْمَتها، أَي: عَطفتها.

واستعاره عَمرو ذُو الْكَلْب للشاة، فَقَالَ:

يَا لَيْت شِعْري عَنك والأمْر عَمَمْ مَا فَعَلَ اليومَ أُوَيسٌ فِي الغَنَمْ

صَبَّ لَهَا فِي الرِّيح مِرِّيخُ أشمْ فاجْتَال مِنْهَا لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ

حاشِكَةَ الدرَّة وَرْهاءَ الرَّخمْ ورَخِمه رَخْمةً، لُغَة فِي: رَحمه رَحْمة.

ورَخَم الكلامُ والصوتُ، ورَخُم. رَخامة. فَهُوَ رَخيم: لانَ وسَهُل.

ورَخُمت الجاريةُ رَخامةً، فَهِيَ رَخيمة ورَخِيمٌ، إِذا كَانَت سهَلة المَنطِق، قَالَ قيسُ بن ذَريح:

رَبْعاً لواضحِة الجَبينِ غَرِيرةٍ كالشَّمس إِذْ طلعت رَخيمِ الَمْنطِق

وَمِنْه: التَّرخيم، فِي الاسماء، لأَنهم إِنَّمَا يحذفون اواخرها ليُسهِّلُوا النُّطْق بهَا.

قَالَ الْأَصْمَعِي: أَخذ عني الخليلُ معنى التَّرخيم، وَذَلِكَ انه لَقِيَنِي فَقَالَ: مَا تُسمى العربُ السَّهْل من الْكَلَام؟ فقلتُ لَهُ: الْعَرَب تَقول جَارِيَة رخيمة، إِذا كَانَت سهلةَ المَنطق، فعَمِل بابَ التَّرْخِيم على هَذَا.

والرُّخام: حجرٌ ابيض سَهل رِخْو.

والرُّخْمة: بياضٌ فِي رَأس الشَّاة وغُبرة فِي وَجههَا، وسائُرها أَي لون كَانَ، يُقال: شَاة رَخْماء. والرَّخامَي: ضَربٌ من الخِلْفة.

قَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ غبراء الخُضرة لَهَا زَهرة بيضاءُ نَقيّة، وَلها عِرْقُ أَبيض تحفره الحُمُر بحوافرها، والوَحشُ كلّه يَأْكُل ذَلِك العِرْقَ، لحلاَوته وطيبه.

قَالَ: وَقَالَ بعضُ الرُّواة: تَنبت فِي الرَّمل، وَهِي من الجَنْبة، قَالَ عَبيدٌ:

أَو شَبَبٌ يَحْفِر الرُّخامَي تلُفُّه شَمْألٌ هَبوبُ

والرُّخامَي: بَقلة غَبراء تَضرب إِلَى الْبيَاض، وَهِي حلُوْة، لَهَا أصلٌ أَبيض كَأَنَّهُ العُنْقُر، إِذا انتُزع حَلَب لَبَنًا.

والرُّخامة، بِالْهَاءِ: نَبْتٌ، حَكَاهُ أَبُو حنيفَة.

والرَّخَمة: طائرٌ على شَكل النَّسر إِلَّا انه مُبقَّع بسواد وَبَيَاض، وَالْجمع: رَخَمٌ ورُخمٌ، قَالَ الهُذلي:

فلَعْمر جدِّك ذِي العواقب حتّ ى أَنْت عنْد جوالب الرُّخْمِ

ولَعمرُ عَرْفك ذِي الصُّماخ كَمَا عَصَب الشِّفارُ بَغضْبَة اللِّهْمِ

وخَص اللِّحيانيّ بالرّخَم: الْكثير، وَلَا أَدْرِي كَيفَ هَذَا، إِلَّا أَن يَعني الجِنس.

واليَرْخُوم: ذكَر الرَّخم، عَن كُراع.

وَمَا أَدْرِي أَي تُرْخَم هُوَ؟ وَقد تضم الْخَاء مَعَ التَّاء، وَقد تفتح التَّاء وتضم الْخَاء، أَي: أَي النَّاس هُوَ؟ ورَخْمانُ: موضعٌ.
رخَم

(الرَّخْم، مُحَرَّكَة: اللَّبَنُ الغَلِيظُ) ، عَن ابنِ الأعرابيّ.
(و) الرَّخَمُ أَيْضا: (العَطْف. و) أَيْضا: (المَحَبَّة واللّين. يُقَال: أَلْقَى) اللهُ تَعالى (عَلَيْه رَخْمَتَه ورَخَمه) أَي: مَحَبَّتَه ولِينَه، وحَكَى اللِّحيانِيّ: رَخِمَه يَرْخَمُه رَخْمًة، وإنّه لراخِمٌ لَهُ، وألقَتْ عَلَيْهِ رَخَمَها ورَخْمَتَها أَي عَطْفَتَها. وَأَنْشَدَ لأَبِي النَّجْمِ:
(مُدَلَّلٌ يَشْتِمنا ونَرخَمُه ... )

(أطيَبُ شَيْءٍ نَسْمُه ومَلْثَمُه ... )

وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(كأَنَّها أُمُّ سَاجِي الطَّرْف أَخْدَرَها ... مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ مَرْخُومُ)

قَالَ الأصمَعِيّ: مَرْخُوم: أُلْقِيَت عَلَيْهِ رَخْمَةُ أُمّه أَي: حُبّها لَهُ وأُلْفَتُها إِيَّاه.
وَفِي الأساس: " ألقَى عَلَيْهِ رَخَمته: [إِذا] أشفَق عَلَيْهِ ولَهِج بِهِ؛ لِأَن الرَّخْمَة بهَا نَهَمٌ شَدِيد وتَولُّعٌ بالوُقوع على الجِيَف، فشُّبِّهَت مَحَبَّتُه الوَاقِعة عَلَيْهِ وشَفَقتُه بالرَّخَمَة ".
(و) الرَّخَمُ: (ع) وَقَالَ نَصْر: أَرض (بَيْن الشَّامِ و) بَيْن (نَجْد) ، قَالَ: (و) الرَّخَمُ (شِعْبٌ بِمَكَّة) بَين ثَبِير غيني وَبَين القَرْن المَعْرُوف بالرَّباب، قُلتُ: وَقد جَاءَ لَهُ ذِكْر فِي الحَدِيث.
(و) الرَّخَم: (طَائِر، م) مَعْرُوف، (الواحِدةُ بهاء) . وَهُوَ طائِر أبقَعُ على شَكْل النِّسر خِلْقَة إِلاَّ أَنه مُبَقَّع بِسَوادٍ وبَياضٍ يُقَال لَهُ: الأنًوقُ، وخَصَّ اللِّحْياني بالرَّخَم الكَثِير. قَالَ ابنُ سِيدَه: وَلَا أدرِي كَيْفَ هَذَا إِلاَّ أَن يَعْنِي الجِنْس، قَالَ الأَعْشَى:
(يَا رَخَمًا قاظَ على مَطْلُوبِ ... يُعجلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ)

وَفِي حَدِيث الشّعبيّ، وذَكّر الرَّافِضَة فَقَالَ: " لَو كَانُوا من الطَّير لكانوا رَخَمًا "، وَهُوَ مَوْصُوف بالغَدْر والمُوقِ، وَقيل: بالقذر، وَمن الخَواصّ أَنَّه (يُطْلَى بمَرَارته لسَمّ الحَيَّة وغَيرِها، و) أَن (التَّبْخِير بجَفِيف لَحْمِه مَخْلُوطًا بخَرْدَل سَبْعَ مَرّات يَحُلُّ المَعْقُود عَن النّساء، وَوَضْع رِشَة من أَيْمَنِها بَين رِجْلَي المَرْأة) الَّتِي أخَذَها الطّلق (يُسَهِّل وِلادَها، ويُبَخَّر بِزِبْلِه لطَرِدِ الهَوامّ، ويُدافُ بَخلّ خَمْر، ويُطْلَى بِهِ البَرَصُ فيَغَيِّره، وكَبِدُه تُشْوَى وتُسْحَق وتُدافُ بخَمْر، وتُسْقَى المَجْنُونَ ثَلَاثَة أيَّام كُلَّ يَوْم ثَلَاث مَرَّات فتُبْرِئه) .
(والرُّخُمُ، بِضَمَّتَيْن: كُتَلُ اللِّبَأ) ، عَن ابنِ الأَعرابيّ.
(وأَرْخَمَت) النَّعامةُ (والدَّجَاجَة على بَيْضِها، ورَخَمَتْه) من حَدِّ نَصَر، (و) رَخَمت (عَلَيْهِ) تَرخُمه (رَخْمًا) بالفَتْح (ورَخَمًا ورَخَمَةً، مُحَرَّكَتين، وَهِي مُرخِمٌ وراخِمٌ) ومرخمة: (حَضَنَتْها) ، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسخ، والصَّواب حَضَنْته؛ لِأَن الضّميرَ عائدٌ إِلَى البِيض، (ورَخَّمَها أَهلُها تَرْخِيمًا: أَلزَمُوها إِيَّاها) ، هَكَذَا وجد أَيْضا فِي نُسَخ المُحْكم، وَالْأولَى: إِيّاه، نبّه عَلَيْهِ شَيخُنا رَحِمه الله تَعالى.
(ورَخَمَت المَرْأَةُ ولدَها، كَنَصَر، ومَنَعَ) تَرْخُمه وتَرخَمه: (لاعَبَتْه) . وَفِي نوادِر الْأَعْرَاب: امْرَأَة تَرَخُّمُ صَبيَّها، وتَرَخَّمُ عَلَيْهِ وتَربَّخُهُ وتَربَّخُ عَليه: إِذا رَحِمَتْه.
(و) رَخَمْتُ (الشيءَ) رَخْمةً مثل (رَحِمْتُه) رَحْمَةً. قَالَ أَبُو زيد: وهما سَواء، نَقله الجَوْهَرِيُّ، وَهِي لُغَة لبَعْضِ أهل اليَمَن كَمَا زَعَمَه أَبُو زَيْد رَحمَه الله تَعالى، وَهُوَ مجَاز.
(و) من المَجازِ: (رَخُم الكَلامُ، كَكَرُم) ، وَكَذَلِكَ الصَّوت رَخَامةً، (فَهُوَ رَخِيم: لأنَ وسَهُل) ورَقَّ. وَمِنْه حَدِيثُ مالكِ بنِ دِينار: " بَلَغَنا أنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعَالَى يَقُول لداودَ عَلَيْهِ السّلام يَوْم القيامةِ: " يَا داودُ، مَجِّدْني بِذلِك الصّوتِ الحَسنِ الرَّخِيم "، هُوَ الرَّقِيق الشجِيّ الطيِّب النّغمة.
والرَّخَامةُ: [لِينٌ] فِي المَنْطِق حَسَنٌ فِي النِّسَاء (كَرَخَم كَنَصَر. و) رَخُمَت (الجَارِيَة) رَخامَةً: (صَارَت سَهْلَة المَنْطِق فَهِيَ رَخِيمَة ورَخِيم) ، وَكَذَلِكَ الخِشْف، قَالَ قَيسُ بنُ ذَرِيح:
(رَبْعا لواضِحةِ الجَبِين غَرِيرةٍ ... كالشَّمس إِذْ طلعت رَخِيم المَنْطِقِ)

(و) التَّرْخِيمُ: التَلْيِين. و (مِنْهُ التَّرْخِيم فِي الأَسْماء؛ لأنَّه تَسْهِيل للنُّطْق بهَا) أَي: لأنّهم إِنَّمَا يحذفون أواخرها ليسهِّلوا النُّطْق بهَا، وَهُوَ أَن يحذف من آخِره حَرف أَو أَكْثر كَقولك إِذا نادَيت حارِثًا: يَا حارِ، ومالكًا يَا مالِ، سُمِّي تَرْخِيمًا لِتَلْيِين المُنادِي صوْتَه بَحَذْف الحَرْف. قَالَ الأصمعيّ: " أخذَ عَنّي الخَلِيلُ مَعْنَى التَّرخِيم؛ وَذَلِكَ أنّه لَقِيني فَقَالَ لي: مَا تُسَمِّي العربُ السهلَ من الْكَلَام؟ ، فَقلت لَهُ: الْعَرَب تَقول: جاريةٌ رَخِيمَة إِذا كَانَت سَهلةَ المَنْطِق، فعَمِل بَاب التّرخيم على هَذَا ". وَالَّذِي نَقله الزمخشريُّ فِي الأَساس أَنَّ ترخيمَ الْأَسْمَاء مَأْخُوذ من تَرخِيم الدّجاجة، لأنّها لَا تُرَخِّمُ إِلا عِنْد قطع الْبيض.
(والرُّخَامَى، والرُّخَامة، بِضَمِّهِما: نَبْتَانِ) ، حَكَاهُمَا أَبُو حَنِيفة. قَالَ فِي الرُّخَامى: هِيَ غَبْراء الخُضْرة لَهَا زهرَة بَيْضَاء نَقِيّة، وَلها عِرق أبيضُ تَحْفِره الحُمُر بحوافِرَها والوَحِشُ كلّه تَأْكُله لحَلاوتِه وطِيبَتَه، ومَنابِتُها الرَّمل. وَقيل: هُوَ شَجَر مثل الضّال. وَقَالَ مُضرِّس:
(أُصولُ الرُّخامى لَا يُفَزَّع طائِرهُ ... )

(و) الرُّخَام (كَغُراب: حَجَر أبيضُ رِخْوٌ) سَهْل، (مَا كَانَ مِنْهُ خَمْرِيًّا أَو أَصْفَر أَو زُرْزُورِيًّا، فَمن أَصْناف الحِجارة) ، أَي: وَلَيْس من الرُّخام. (وذَرُّ سَحِيقِ مَحْرُوقِهِ على الجِرَاحة يَقْطَعَ دَمَها وَحِيًّا) أَي: سَرِيعاً. (وشَرْبُ مِثْقالٍ من سَحِيقه بَعَسَلٍ ثلاثَةَ أيّام يُبْرِئُ من الدَّمامِيل. (وَمَا كَانَ مِنْهُ لَوْحاً على قَبْر فشُرْبُ سَحِيقه على اسْم المَعْشُوقِ يُسَلِّي العاشِقَ) ، مُجرَّب.
(ورَخْمان: ع قُتِل فِيهِ تَأبَّطَ شَرًّا) ، وَهُوَ غارٌ بِبِلاد هُذَيل رُمِي فِيهِ تَأبَّط شَرًّا بعد قَتلَه، قَالَت أُختُه تَرْثِيه:
(نِعْمَ الفَتى غادرتُمُ بِرَخْمان ... )

(بثابِتِ بنِ جابرِ بنِ سُفيانْ ... )

(مَنْ يَقتُل القِرْن وَيَروي النَّدْمانْ ... )

(وأَرخُمان، بِضَمّ الخَاءِ) مَعَ فَتْح الأول: (د، بِفَارِس) من كُورَة اصْطَخْر.
(و) رَخِيمٌ (كَأَمِيرٍ: وادٍ) .
(و) رُخَيْمٌ (كَزُبَيْرٍ: اسْم) رَجُل.
(و) رُخَيْمَةُ (كَجُهَيْنَة: مَاء) .
(و) رَخِيمَة (كَسَفِينة: ماءٌ باليَمامة لبَنِي وَعْلَةَ) .
(و) رَخْمَة (كَحَمْزَة: ع بِبِلاد هُذَيْل) ، وَضَبطه نَصْر بالضَّمَ، وَقَالَ: ويُمْكِن أَن يُرادَ بِهِ رُخْمان، وَهُوَ الْموضع الَّذِي قُتِل فِيهِ تأبَّط شَرًّا، فغُيِّر للشِّعر.
(واليَرْخُمُ) بِضَمّ الْخَاء، (واليَرْخُومُ والتَّرخُوم بالمُثَنَّاة من فَوْق وَمن تَحْت) ، الأَخِيرة عَن كُراع: (الذَّكَرُ من الرَّخَمِ) .
(و) يُقَال: (مَا أَدْرِي أَيُّ تُرْخُم هُوَ) بِضَمِّ التَّاء والخَاءِ مَصْرُوفاً، (وتُرْخُمُ) مَمْنُوعًا و (تُرْخَم) بِفَتْح الخَاءِ مَصْرُوفاً ومَمْنُوعاً، (وتُرْخُمَة) بضَمِّ الخَاءِ (وتُرْخَمَة) بِفَتْح الخَاءِ، هَكَذَا هُوَ مَضْبُوط فِي سَائِر النُّسَخ، ودلّ على ذَلِك سِياقُه، وَالَّذِي فِي المُحْكَم وغَيْره: وَمَا أَدْرِي أيّ تُرْخَمٍ هُوَ، وَقد تُضَمّ الخَاءُ مَعَ التَّاءِ، وَقد تُفْتَح التَّاء وتُضَمُّ الخَاءُ (أَيْ: أَيّ النَّاس هُوَ) ، وَمثل جُنْدَب وجُنْدُب وطُحْلَب وطُحْلُب وعُنْصَر وَعُنْصُر. وَفِي الصّحّاح مثل ذَلِك. قَالَ ابنُ بَرِّيّ: تُرخُم تُفْعُل مثل تُرتُب، وتُرخَم مثل تُرتَبِ.
(والرُّخَامَى، بالضَّمّ: الرِّيحُ اللَّيِّنَة) ، وَهِي الرُّخاء أَيْضا.
(وكَأَمِير، أَو زُبَيْر: خَالِدُ بنُ رَخَيْم البَصْرِي) ، شَيْخ للتّبوذكي رُوِي بالوَجْهَين. (و) كَذَا أَبُو عَلِيّ (الحَسَن بنُ رُخَيْم) ، رَوى عَن هَارُون بن أبي الهَيْذام، سَمِع مِنْهُ عبدُ الْكَرِيم بنُ أحمدَ بنِ أبي خَرَّاز المِصْريّ (مُحْدِّثان) .
(وشاةٌ رَخْماءُ) : إِذا (ابيضَّ رَأْسُها واسوَدَّ سَائِرُها) ، وَفِي بَعْضِ نُسَخ الصّحاح: سائِرُ جَسَدِها، وَكَذَلِكَ المُخَمَّرة، وَلَا تقل مُرخَّمَة.
(وفَرسٌ أَرْخَمُ) ، كَذَا فِي الصّحَاح. وَقيل: الرُّخْمة بالضَّمّ: بَيَاض فِي رأسِ الشّاة وغُبرَةٌ فِي وَجْهِها، وسائرُها أيّ لَوْن كَانَ.
(وتُرْخُم بالضَّمّ: حَيٌّ) من حِمْيَر. وَقَالَ الحافِظُ: بَطْنُ من يَحْصُب، وضَبَطه ابنُ السَّمْعانِيّ بفَتْح التّاء وضَمّ الخاءِ قَالَ الأَعْشى:
(عَجِبْتُ لآلِ الحُرقَتَيْن كَأَنَّما ... رَأَوْنِي نَفِيًّا من إِيّادٍ وتُرخُمِ)

(وَذُو تُرخُم بنُ وائِل بنِ الغَوْثِ) ابنِ قَطَن بن عَرِيب بن زَهَيْر بن أَيْمَن بنِ الهَمَيْسع. قَالَ ابْن الكَلْبِيُّ: هم أَشرافُ اليَمَن.
(ومُحَمّدُ بنُ سَعِيد) بنِ مُحمّدٍ الحِمْصِيّ، عَن محمدِ بنِ عَمرِو بنِ يُونُسَ السوسيّ، وَعنهُ أحمدُ بن محمدِ بنِ عمرِ الفَرضِيّ. (وعَمْرُو ابنُ أزْهر) ، وَفِي نُسْخَة: أَبْهَر بن مُحَمَّد وَهُوَ الصَّحيح، شَهِد فَتْحَ مِصْر، ذَكَره ابْن يُونُسَ، وَله أخٌ يُقَال لَهُ: عُمَير، حَدَّث أَيْضا. (التُّرْخُمِيَّان: مُحَدِّثانِ) .
[] وَمِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
شَاة وَرْهاءُ الرّخَم، مُحرَّكةً أَي: رخْوة كَأَنَّهَا مَجْنُونَة، قَالَ عَمرُو ذُو الكَلْب:
(فامتاس مِنْهَا لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ ... حاشِكَةَ الدِّرَّة وَرْهاءَ الرَّخَم)

وَيُقَال: رَخْمان ورَحْمان بِمَعْنى وَاحِد، وَبِه رُوِي قَولُ جَرِير:
(ومَسْحَكم صُلْبَهُم رَخْمَانَ قُرْبَانَا ... وارتَخَمت النّاقةُ فَصِيلَها إِذا رَئِمَتْه)

ورَخَمت الغَزالةُ: صاحَتْ.
ورَخِم السّقاءُ: كفَرِح: إِذا أَنْتَن.
وَهُوَ رَخِيمُ الحَواشِي أَي: رَقِقُها.
وفرسٌ ناتِئُ الرّخمة، وَهِي كالرَّبلة من الْإِنْسَان.
ورخمة أَيْضا: اسْم رجل عَلِق الحجرَ الْأسود حِين جَاءَ بِهِ القَرامِطَةُ من الكُوفَة، ذَكَره الأَمِير.
ويَقُولُ أهلُ اليَمَن: أَنْت تَترخَّم علينا أَي: تتعَظَّم، كأنّهم يعنون أَي: تتشَبَّه بِذِي تُرْخُم.
ورُخَام، كَغُراب: بَلدٌ فِي دِيار طَيِّئ. وَقيل: بإِقْبال الحِجاز أَي: الأَماكِن الَّتِي تَلِي مُطْلَع الشَّمْس. قَالَ لَبِيد:
(بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْن أَو بمُحَجِّرٍ ... فتَضّمَّنَتْها فَردةٌ فرُخَامُها)

ورَخَمَة، محركة،: هَضْبة أُراها بالحِجاز، قَالَه نَصْر. وكَأَمِير، أَبُو رَخِيم مُوسَى بنُ الْحسن، روى عَن الحَسَن بنِ رِشيق، وسَمَّاه الخطيبُ تَبَعًا للطَّحَّان مُحَمَّدًا.
وعُمرُ بنُ محمدِ بنِ رَخِيم إمامُ جَامع تِنِّيس، نَقله الْحَافِظ؟ .
وتُجمَع الرَّخَمَة للطَّائر على الرُّخْم بالضّم، وَقد جَاءَ هَكَذَا فِي قولِ الهُذَلِيّ:
(عِنْدَ جَوالِبِ الرُّخْمِ ... )

خَوص

خَوص
. {الخَوَصُ، محَرَّكَةً: غُؤُورُ العَيْنِ، وضِيقُهَا وصِغَرُهَا، وقَدْ} خَوِصَ، كفَرِحَ، فَهُوَ {أَخْوَصُ بَيِّنُ} الخَوَصِ، أَيْ غائِرُ العَيْنِ، وَهِي {خَوْصَاءُ. وقِيلَ: الخَوَصُ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَى العَيْنَيْنِ أَصْغَرَ من الأُخْرَى. وقِيل: هُوَ ضِيقُ مَشَقَّهَا خِلْقَةً أَوْ دَاءً.} والأَخْوَصُ. هُوَ: زَيْدُ بنُ عَمْرو بنِ قَيْسِ بنِ عَتّابٍ التَّمِيميُّ وشاعِرٌ فارِسٌ، هكذَا بواو العَطْفِ فِي النُّسَخِ، والصَّوَاب إِسْقَاطُهَا، كَمَا فِي التَّكْمِلَةِ والتَّبْصِيرِ، ذكره ابنُ الكَْلِبّي. {والخَوْصاءُ: رِيحٌ حارَّةٌ تَكْسِرُ العَيْنَ حَرّاً، نَقَلَه ابنُ شُمَيْلٍ، أَيْ يَكْسِرُ الإِنْسَانُ عَيْنَه مِنْ حَرِّهَا، ويَتَخَاوَصُ لَهَا، وَهُوَ مَجَازٌ. و} الخَوْصَاءُ: البِئْر القَعِيرَةُ، أَيِ البَعِيدَةُ القَعْرِ لَا يُرْوِى ماؤُهَا المَالَ، قَالَ ذُو الرُّمّةِ:
(ومَنْهَلٍ {أَخْوَصَ طامٍ خالِ ... وَرَدْتُه قَبْلَ القَطَا الأَرْسالِ)
ويُقَال: رَكِيَّةٌ خَوْصَاءُ: أَي غائِرَةٌ، وهوَ مَجَازٌ. و} الخَوْصَاءُ: القَارَةُ المرْتَفِعَةُ، قَالَ:
(رَباَ بَيْنَ نِيقَىْ صَفْصَفٍ ورَتَائجٍ ... بخَوْصاءَ مِنْ زَلاّءَ ذاتِ لُصُوبِ)
وهوَ مَجَازٌ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لأَنَّ الناظِرَ يَتَخَاوَصُ لَهُمَا، أَيْ للبِئْرِ والقَارَةِ. ونَعْجَةٌ خَوْصاءُ: اسْوَدَّتْ إِحْدَى عَيْنَيْهَا وابْيَضَّتِ الأُخْرَى، وقَدْ {خَوِصَتْ} خَوَصاً، {واخْوَاصَّت} اخْوِيصَاصاً، قالَهُ أَبو زَيْدٍ، وَقَالَ غَيْره: {الخَوْصَاءُ مِن الضَّأْنِ: السَّوْدَاءُ إِحْدَى العَيْنَيْنِ، البَيْضاءُ الأُخْرَى مَعَ سائِرِ الجَسَدِ. و} الخَوْصَاءُ: فَرَسُ سَبْرَةَ بن عَمْروٍ الأَسَدِيِّ، وَهُوَ القائِلُ فِيهَا:
(لَعَمْرُكَ لَوْلاَ أَنّ فِيْهِمْ هَوَادَةً ... لَمَا شَوَتِ {الخَوْصَاءُ صَدْرَ المُقَنّعِ)
وأَيْضاً فَرسُ تَوْبَةَ بنِ الحُمَيِّرِ الخَفَاجِيّ، نَقَلَهُمَا الصّاغَانِيُّ. والظَهِيرَةُ الخَوْصَاءُ: أَشَدُّ الظَّهَائِرِ حَرّاً، لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُحِدَّ طَرْفَكَ إِلاّ} مُتَخاوِصاً، قَالَ: حِينَ لاحَ الظَّهِيرَةُ الخَوْصاءُ.
{والخُوصُ، بالضّمِّ: وَرَقُ النَّخْلِ والمُقْلِ والنارَجِيلِ، وَمَا أَشْبَهَها، الواحِدَةُ بِهَاءٍ.} والخَوّاصُ، ككَتّانٍ: بائِعُه، وناسِجُه. {والخِيَاصَةُ: صَنْعَتُه.} وأَخْوَصَتِ النَّخْلَةُ: أَخْرَجَتْهُ. وَفِي الأَسَاسِ: {خَوَّصَتْ: أَوْرَقَتْ.} وأَخْوَصَت {الخُوصَةُ: بَدَتْ. و} أَخْوَصَ العَرْفَجُ والرّمْثُ: تَفَطَّرَ بوَرَقٍ، وعَمّ بَعْضُهم بهِ الشَّجَرَ، قَالَتْ غَادِــيَةُ الدَّبَيْرِيَّةُ:
(وَلِيتُه فِي الشَّوْكِ قَدْ تَقَرْمَصَا ... على نَوَاحِي شَجَرٍ قَدْ {أَخْوَصَا)
وقالَ أَبو حَنِيفَةَ:} أَخاصَ الشَّجَرُ {إِخْواصاً كذلِكَ، قالَ ابنُ سِيدَه وَهَذَا ظَرِيفٌ، أَعْنِي أَنْ يَجِيءَ)
الفِعْلُ منْ هَذَا الضّرْبِ مُعْتَلاً والمَصْدَرُ صَحِيحاً، وكُلُّ الشَّجَرِ يُخِيصُ إِلاَّ أَنْ يكونَ شَجَرَ الشّوْكِ أَو البَقْلِ.} وخَوِّصْ مَا أَعْطَاكَ، وتَخَوَّصْ: خُذْهُ وإِنْ قَلَّ، وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيُّ: وقَوْلُهُمْ: {تَخَوَّصْ مِنْهُ، أَي خُذْ مِنْهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ،} وخَوِّصْ مَا أَعْطَاك، أَيْ خُذْه وإِنْ قَلّ، وَفِي الأَسَاس: ولَو ْ كانَ فِي قِلَّةِ {الخُوصَةِ. وَفِي اللِسَانِ: ويُقَال: إِنّه} لَيُخَوِّصُ مِنْ مالِهِ، إِذا كانَ يُعْطِي الشَّيْءَ المُقَارَبَ، وكُلُّ هَذَا مِنْ {تَخْوِيصِ الشَّجَرِ إِذا أَوْرَقَ قَلِيلاً قَلِيلاً، قالَ ابنُ بَرِّيّ: وَفِي كِتَابِ أَبِي عَمْروٍ الشِّيْبَانِيِّ: والتَّخْوِيسُ بالسِّين: النَّقْصُ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وعَطَائِه أَنَّه كانَ يَزْعَبُ لِقَوْمٍ} ويُخَوِّصُ لِقَوْمٍ: أَيْ يُكْثِرُ ويُقِلُّ، وقَوْلُ أَبِي النَّجْمِ:
(يَا ذَائِدَيْهَا {خَوِّصَا بِأَرْسَالْ ... وَلَا تَذُودَاهَا ذِيَادَ الضُّلاَّلْ)
أَيْ قَرِّبَا إِبِلَكُمَا شَيْئا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَا تَدَعَاهَا تَزْدَحِمُ على الحَوْضِ، والأَرْسَالُ: جَمْع رَسَلٍ، وهُو القَطِيعُ من الإِبِلِ، وقالَ زِيَادُ العَنْبَرِيُّ:
(أَقُولُ للذّائِدِ} خَوِّصِ برَسَلْ ... إِنّي أَخافُ النّائِبَاتِ بالأُوَلْ)
وقَدْ ذَكَرَ المُصَنِّفُ هَذَا المَعْنَى فِي التَّخْوِيسِ بالسِّينِ فرَاجِعْه. قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: وسَمِعْتُ أَرْبَابَ النَّعَمِ يَقُولُونَ للرُّكْبَانِ إِذا أَورَدُوا الإِبِلَ والسَّاقِيَانِ يُجِيلانِ الدَّلاَءَ فِي الحَوْضِ: أَلاَ {وخَوِّصُوهَا أَرْسالاً، وَلَا تُورِدُوهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فتَبَاكّ عَلَى الحَوْضِ وتَهْدِم أَعْضَادَه. فيُرْسِلُونَ مِنْهَا ذَوْداً بَعْدَ ذَوْدٍ، ويَكُونُ ذلِكَ أَرْوَى للنَّعَمِ، وأَهْوَنَ عَلَى السُّقَاةِ. وفِي الحَدِيثِ: مَثَلُ المَرْأَةِ الصّالِحَةِ مَثَلُ التّاجِ} المُخَوَّصِ بالذَّهَبِ، ومَثَلُ المَرْأَةِ السُّوءِ كالحِمْلِ الثَّقِيلِ عَلَى الشَّيْخِ الكَبِيرِ، {تَخْوِيصُ التّاجِ مَأْخُوذٌ من} خُوصِ النَّخْلِ، وَهُوَ تَزْيِينُه بصَفَائِحِ الذَّهَبِ على قَدْرِ عَرْضِ {الخُوصِ. وقالَ ابنُ عَيَّاشٍ الضَّبِّيُّ: أَرْضٌ} مَخَوِّصَةٌ، بالكَسْرِ، هِي الَّتِي بِهَا {خُوصُ الأَرْطِي والأَلاَءِ والعَرْفَجِ والسَّبَطِ، قالَ:} وخُوصَةُ
الأَرْطَي مِثْلُ هُدْبِ الأَثْلِ، {وخُوصَةُ الأَلاءِ عَلَى خِلْقَةِ آذَانِ الغَنَمِ،} وخُوصَةُ العَرْفَجِ كَأَنَّهَا وَرَقُ الحِنّاءِ، {وخُوصَةُ السَّبَطِ عَلَى خِلْقَةِ الحَلْفَاءِ. قالَ أَبو مَنْصُورٍ:} الخُوصَةُ {خُوصَةُ النَّخْلِ والمُقْلِ والعَرْفَجِ، ولِلثُّمامِ خَوصَةٌ أَيْضاً، وأَمّا البُقُولُ الَّتِي يَتَنَاثَرُ وَرَقُهَا وَقْتَ الهَيْجِ فَلَا خُوصَةَ لهَا. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:} خَوَّصَ الرَّجُلُ {تَخْوِيصاً، إِذا ابْتَدَأَ بإِكْرَامِ الكِرَامِ ثُمَّ اللِّئَامِ، وأَنْشَد: يَا صَاحِبَيَّ} خَوِّصَا بسَلِّ مِنْ كُلِّ ذَاتِ ذَنَبٍ رِفَلِّ) حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فَلِّ وفَسَّرَهُ قالَ: ابْدَأَا بخيَارهَا وكِرَامِهَا، قَالَ: وَلَا يَكُونُ طُولُ شَعرِ الذَّنَبِ إِلاَّ فِي خِيَارِهَا، يَقُول: قَدِّمَا خِيَارَهَا وجِلَّتَها لِتَشْرَبَ، فإِنْ كَانَ هُنَاك قِلَّةُ ماءٍ كَانَ لشِرَارِهَا، وقدْ شَرِبَت الخِيَارُ صَفْوَتَه، قَالَ ابنُ سِيدَه: هَذَا مَعْنى قَوْلِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ، وقَدْ لَطَّفْتُ أَنَا تَفْسِيرَه، ومَعْنَى بسَلِّ أَنَّ النّاقَةَ الكَرِيمَةَ تَنْسَلُّ إِذا شَرِبَتْ فَتَدْخُلُ بينَ ناقَتَيْنِ. و {خَوَّصَ الشَّيْبُ فُلاناً} وخَوَّصَهُ القَتِيرُ: بَدَا فِيهِ، وَفِي الأَساسِ: بَدَتْ رَوَائِعُه، وَفِي اللِّسَانِ: وقَعَ فِيهِ مِنْه شيْءٌ بَعْدَ شَئٍ. وقِيلَ: هُوَ إِذا اسْتَوَى سَوَادُ الشَّعرِ وبَيَاضُه. {وخَاوَصْتُه البَيْعَ} مُخاوَصَةً: عَارَضْتُه بِهِ، قالَ أَبو زيْدٍ: {خَاوَصْتُه} مُخَاوَصَةً، وغايَرْتُه مُغايَرَةً، وقَايَضْتُه مُقَايَضةً، كُلُّ هَذَا إِذا عَارَضْتَه بالبَيْعِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الحَرْفِ، وَقد نُقِلَ عَن أَبِي عُبَيْدٍ مِثْلُ ذلِكَ، وصَحَّفَه المُصَنِّفُ تَبَعاً لابْنِ عَبّادٍ، فذَكَرَه أَيْضاً فِي خَ ر ص. ويُقَال: هُوَ {يُخَاوِصُ} ويَتَخَاوَصُ فِي نَظَرِه، إِذا غَضَّ مِنْ بَصَرِهِ شَيْئاً، وَهُوَ فِي كُلِّ ذلِكَ
يُحَدِّقُ النّظَرَ كأَنَّهُ يُقَوِّمُ قِدْحاً، أَيْ سَهْماً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كُلُّ مَا حُكِى فِي الخَوَصِ صَحِيحٌ غَيْرَ ضِيقِ العَيْنِ، فإِنَّ العَرَبَ إِذا أَرادَتْ ضِيْقَهَا جَعَلُوه الحَوَصَ، بالحَاء، ورَجُلٌ أَحْوَصُ، وامْرَأَةٌ حَوْصَاءُ، إِذا كَانَا ضَيِّقَيِ العَيْنِ، وإِذَا أَرَادُوا غُؤُورَ العَيْنِ فَهُوَ {الخَوَصُ، بِالْخَاءِ المُعْجَمَة.
ورَوَى أَبُو عُبَيْدٍ عنْ أَصْحَابِه:} خَوِصَتْ عَيْنُه، ودَنَّقَتْ وقَدَّحَتْ، إِذا غارَتْ. والقَاسِمُ ابنُ أَبِي {الخَوْصاءِ مُحَدِّثٌ حمْصِيٌّ، نقَلَهُ الصّاغَانِيُّ والحَافِظُ. قُلْتُ: ويُقَالُ لَهُ:} - الخُوصِيُّ، نِسْبَةً إِلَى أَبِيهِ، كَذَا ذَكَرَه مَحْمُودُ بنُ إِبرَاهِيمَ بنِ سميعٍ فِي كِتَابِ التّارِيخِ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: إِنَاءٌ {مُخَوَّصٌ: فِيهِ عَلى أَشْكَالِ الخُوصِ.} وتَخَاوَصَتِ النُّجُومُ: صَغُرَت للغُرُوبِ، وَهُوَ مَجَازٌ. {والخُوصَةُ من الجَنْبَةِ، وَهُوَ من نَبَاتِ الصّيْفِ، وقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ على أُرُومَةٍ، وقِيلَ: إِذا ظهرَ أَخْضَرُ العَرْفجِ عَلى أَبْيَضِه فتِلْك} الخُوْصَةُ ودِيبَاجٌ {مُخوَّصٌ بالذَّهَبِ، أَيْ مَنْسُوجٌ بِهِ كهيْئضةِ الخُوصِ.} وخَوَّصَ العَطَاءَ، {وخَاصَهُ: قَلَّلهُ، الأَخِيرَةُ عَنْ ابنِ الأَعْرَابِيّ. ويُقال: نِلْتُ مِنْ فُلانِ خَوْصاً خَائصاً، أَيْ مَنالةً يَسِيرَةً.} وخُصْتُ الرَّجُلَ: غَضَضْتُ مِنْه. {وخُصْتُه عَنْ حاجَتِه: حَبَسْتُه عَنْها.} والخَوْصُ: البُعْدُ.! والخَوْصَاءُ: مَوْضِعٌ، وَقيل: نَاحِيَةٌ بالبَحْرَيْنِ. 

بَغْدَادُ

بَغْدَادُ:
أم الدنيا وسيدة البلاد، قال ابن الأنباري:
أصل بغداد للأعاجم، والعرب تختلف في لفظها إذ لم يكن أصلها من كلامهم ولا اشتقاقها من لغاتهم، قال بعض الأعاجم: تفسيره بستان رجل، فباغ بستان وداد اسم رجل، وبعضهم يقول: بغ اسم للصنم، فذكر أنه أهدي إلى كسرى خصيّ من المشرق فأقطعه إياها، وكان الخصيّ من عباد الأصنام ببلده فقال: بغ داد أي الصنم أعطاني، وقيل: بغ هو البستان وداد أعطى، وكان كسرى قد وهب لهذا الخصي هذا البستان فقال: بغ داد فسميت به، وقال حمزة بن الحسن: بغداد اسم فارسي معرّب عن باغ داذويه، لأن بعض رقعة مدينة المنصور كان باغا لرجل من الفرس اسمه داذويه، وبعضها أثر مدينة دارسة كان بعض ملوك الفرس اختطّها فاعتل فقالوا:
ما الذي يأمر الملك أن تسمى به هذه المدينة؟ فقال:
هلدوه وروز أي خلّوها بسلام، فحكي ذلك للمنصور فقال: سميتها مدينة السلام، وفي بغداد سبع لغات:
بغداد وبغدان، ويأبى أهل البصرة ولا يجيزون بغداذ في آخره الذال المعجمة، وقالوا: لأنه ليس في كلام العرب كلمة فيها دال بعدها ذال، قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق: فقلت لأبي إسحاق إبراهيم بن السري فما تقول في قولهم خرداد؟ فقال: هو فارسي ليس من كلام العرب، قلت أنا: وهذا حجة من قال بغداد فإنه ليس من كلام العرب، وأجاز الكسائي بغداد على الأصل، وحكى أيضا مغداذ ومغداد ومغدان، وحكى الخارزنجي: بغداد بدالين مهملتين، وهي في اللغات كلها تذكّر وتؤنث، وتسمى مدينة السلام أيضا، فأما الزوراء: فمدينة المنصور خاصة، وسميت مدينة السلام لأن دجلة يقال لها وادي السلام، وقال موسى بن عبد الحميد النسائي:
كنت جالسا عند عبد العزيز بن أبي روّاد فأتاه رجل فقال له: من أين أنت؟ فقال له: من بغداد، فقال:
لا تقل بغداد فإن بغ صنم وداد أعطى، ولكن قل مدينة السلام، فإن الله هو السلام والمدن كلها له، وقيل: إن بغداد كانت قبل سوقا يقصدها تجار أهل الصين بتجاراتهم فيربحون الرّبح الواسع، وكان اسم ملك الصين بغ فكانوا إذا انصرفوا إلى بلادهم قالوا:
بغ داد أي إن هذا الربح الذي ربحناه من عطية
الملك، وقيل إنما سميت مدينة السلام لأن السلام هو الله فأرادوا مدينة الله، وأما طولها فذكر بطلميوس في كتاب الملحمة المنسوب إليه أن مدينة بغداد طولها خمس وسبعون درجة وعرضها أربع وثلاثون درجة داخلة في الإقليم الرابع، وقال أبو عون وغيره: إنها في الإقليم الثالث، قال: طالعها السماك الأعزل، بيت حياتها القوس، لها شركة في الكف الخضيب ولها أربعة أجزاء من سرّة الجوزاء تحت عشر درج من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي عاشرها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان، قلت أنا: ولا شك أن بغداد أحدثت بعد بطليموس بأكثر من ألف سنة ولكني أظنّ أن مفسري كلامه قاسوا وقالوا، وقال صاحب الزيج: طول بغداد سبعون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلث، وتعديل نهارها ست عشرة درجة وثلثا درجة، وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وخمس دقائق، وغاية ارتفاع الشمس بها ثمانون درجة وثلث، وظلّ الظهر بها درجتان، وظل العصر أربع عشرة درجة، وسمت القبلة ثلاث عشرة درجة ونصف، وجهها عن مكة مائة وسبع عشرة درجة، في الوجود ثلاثمائة درجة، هذا كله نقلته من كتب المنجمين ولا أعرفه ولا هو من صناعتي، وقال أحمد ابن حنبل: بغداد من الصّراة إلى باب التبن، وهو مشهد موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد ابن الإمام علي ابن أبي طالب، ثم زيد فيها حتى بلغت كلواذى والمخرّم وقطربّل، قال أهل السير: ولما أهلك الله مهران بأرض الحيرة ومن كان معه من العجم استمكن المسلمون من الغارة على السواد وانتقضت مسالح الفرس وتشتت أمرهم واجترأ المسلمون عليهم وشنوا الغارات ما بين سورا وكسكر والصراة والفلاليج والأستانات، قال أهل الحيرة للمثنى: إن بالقرب منا قرية تقوم فيها سوق عظيمة في كل شهر مرة فيأتيها تجار فارس والأهواز وسائر البلاد، يقال لها بغداد، وكذا كانت إذ ذاك، فأخذ المثنى على البرّ حتى أتى الأنبار، فتحصّن فيها أهلها منه، فأرسل إلى سفروخ مرزبانها ليسير إليه فيكلّمه بما يريد وجعل له الأمان، فعبر المرزبان إليه، فخلا به المثنى وقال له: أريد أن أغير على سوق بغداد وأريد أن تبعث معي أدلّاء فيدلّوني الطريق وتعقد لي الجسر لأعبر عليه الفرات، ففعل المرزبان ذلك، وقد كان قطع الجسر قبل ذلك لئلا تعبر العرب عليه، فعبر المثنى مع أصحابه وبعث معه المرزبان الأدلاء، فسار حتى وافى السوق صحوة، فهرب الناس وتركوا أموالهم فأخذ المسلمون من الذهب والفضة وسائر الأمتعة ما قدروا على حمله ثم رجعوا إلى الأنبار، ووافى معسكره غانما موفورا، وذلك في سنة 13 للهجرة، فهذا خبر بغداد قبل أن يمصّرها المنصور، لم يبلغني غير ذلك.

فصل
في بدء عمارة بغداد، كان أول من مصّرها وجعلها مدينة المنصور بالله أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ثاني الخلفاء، وانتقل إليها من الهاشمية، وهي مدينة كان قد اختطّها أخوه أبو العباس السّفّاح قرب الكوفة وشرع في عمارتها سنة 145 ونزلها سنة 149، وكان سبب عمارتها أن أهل الكوفة كانوا يفسدون جنده فبلغه ذلك من فعلهم، فانتقل عنهم يرتاد موضعا، وقال ابن عيّاش: بعث المنصور روّادا وهو بالهاشمية يرتادون له موضعا يبني فيه مدينة ويكون الموضع واسطا رافقا بالعامة والجند، فنعت له موضع قريب من
بارمّا، وذكر له غذاؤه وطيب هوائه، فخرج إليه بنفسه حتى نظر إليه وبات فيه، فرأى موضعا طيبا فقال لجماعة، منهم سليمان بن مجالد وأبو أيوب المرزباني وعبد الملك بن حميد الكاتب: ما رأيكم في هذا الموضع؟ قالوا: طيب موافق، فقال: صدقتم ولكن لا مرفق فيه للرعية، وقد مررت في طريقي بموضع تجلب إليه الميرة والامتعة في البرّ والبحر وأنا راجع إليه وبائت فيه، فإن اجتمع لي ما أريد من طيب الليل فهو موافق لما أريده لي وللناس، قال: فأتى موضع بغداد وعبر موضع قصر السلام ثم صلى العصر، وذلك في صيف وحرّ شديد، وكان في ذلك الموضع بيعة فبات أطيب مبيت وأقام يومه فلم ير إلا خيرا فقال: هذا موضع صالح للبناء، فإن المادة تأتيه من الفرات ودجلة وجماعة الأنهار، ولا يحمل الجند والرعية إلا مثله، فخطّ البناء وقدّر المدينة ووضع أول لبنة بيده فقال: بسم الله والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، ثم قال: ابنوا على بركة الله، وذكر سليمان بن مختار أن المنصور استشار دهقان بغداد، وكانت قرية في المربّعة المعروفة بأبي العباس الفضل بن سليمان الطوسي، وما زالت داره قائمة على بنائها إلى أن خرب كثير مما يجاورها في البناء، فقال: الذي أراه يا أمير المؤمنين أن تنزل في نفس بغداد، فإنك تصير بين أربعة طساسيج: طسّوجان في الجانب الغربي وطسّوجان في الجانب الشرقي، فاللذان في الغربي قطربل وبادوريا، واللذان في الشرقي نهر بوق وكلواذى، فإن تأخرت عمارة طسوج منها كان الآخر عامرا، وأنت يا أمير المؤمنين على الصّراة ودجلة، تجيئك بالميرة من القرب وفي الفرات من الشام والجزيرة ومصر وتلك البلدان، وتحمل إليك طرائف الهند والسند والصين والبصرة وواسط في دجلة، وتجيئك ميرة أرمينية وأذربيجان وما يتصل بها في تامرّا، وتجيئك ميرة الموصل وديار بكر وربيعة وأنت بين أنهار لا يصل إليك عدوك إلا على جسر أو قنطرة، فإذا قطعت الجسر والقنطرة لم يصل إليك عدوك، وأنت قريب من البرّ والبحر والجبل، فأعجب المنصور هذا القول وشرع في البناء، ووجه المنصور في حشر الصّنّاع والفعلة من الشام والموصل والجبل والكوفة وواسط فأحضروا، وأمر باختيار قوم من أهل الفضل والعدالة والفقه والأمانة والمعرفة بالهندسة، فجمعهم وتقدم إليهم أن يشرفوا على البناء، وكان ممن حضر الحجاج بن أرطاة وأبو حنيفة الإمام، وكان أول العمل في سنة 145، وأمر أن يجعل عرض السور من أسفله خمسين ذراعا ومن أعلاه عشرين ذراعا، وأن يجعل في البناء جرز القصب مكان الخشب، فلما بلغ السور مقدار قامة اتّصل به خروج محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، فقطع البناء حتى فرغ من أمره وأمر أخيه إبراهيم بن عبد الله بن حسن ابن حسن.
وعن علي بن يقطين قال: كنت في عسكر أبي جعفر المنصور حين سار إلى الصراة يلتمس موضعا لبناء مدينة، قال: فنزل الدير الذي على الصراة في العتيقة فما زال على دابته ذاهبا جائيا منفردا عن الناس يفكر، قال: وكان في الدير راهب عالم فقال لي: لم يذهب الملك ويجيء؟ قلت: إنه يريد أن يبني مدينة، قال: فما اسمه؟ قلت: عبد الله بن محمد، قال: أبو من؟ قلت: أبو جعفر، قال:
هل يلقب بشيء؟ قلت: المنصور، قال: ليس هذا الذي يبنيها، قلت: ولم؟ قال: لأنا قد وجدنا في كتاب عندنا نتوارثه قرنا عن قرن أن الذي يبني
هذا المكان رجل يقال له مقلاص، قال: فركبت من وقتي حتى دخلت على المنصور ودنوت منه، فقال لي: ما وراءك؟ قلت: خير ألقيه إلى أمير المؤمنين وأريحه من هذا العناء، فقال: قل، قلت:
أمير المؤمنين يعلم أن هؤلاء معهم علم، وقد أخبرني راهب هذا الدير بكذا وكذا، فلما ذكرت له مقلاص ضحك واستبشر ونزل عن دابته فسجد وأخذ سوطه وأقبل يذرع به، فقلت في نفسي: لحقه اللجاج، ثم دعا المهندسين من وقته وأمرهم بخط الرماد، فقلت له: أظنّك يا أمير المؤمنين أردت معاندة الراهب وتكذيبه، فقال: لا والله ولكني كنت ملقّبا بمقلاص وما ظننت أن أحدا عرف ذلك غيري، وذاك أننا كنا بناحية السراة في زمان بني أمية على الحال التي تعلم، فكنت أنا ومن كان في مقدار سنّي من عمومتي وإخوتي نتداعى ونتعاشر، فبلغت النوبة إليّ يوما من الأيام وما أملك درهما واحدا فلم أزل أفكر وأعمل الحيلة إلى أن أصبت غزلا لداية كانت لهم، فسرقته ثم وجّهت به فبيع لي واشتري لي بثمنه ما احتجت إليه، وجئت إلى الداية وقلت لها:
افعلي كذا واصنعي كذا، قالت: من أين لك ما أرى؟ قلت: اقترضت دراهم من بعض أهلي، ففعلت ما أمرتها به، فلما فرغنا من الأكل وجلسنا للحديث طلبت الداية الغزل فلم تجده فعلمت أني صاحبه، وكان في تلك الناحية لص يقال له مقلاص مشهور بالسرقة، فجاءت إلى باب البيت الذي كنا فيه فدعتني فلم أخرج إليها لعلمي أنها وقفت على ما صنعت، فلما ألحّت وأنا لا أخرج قالت: اخرج يا مقلاص، الناس يتحذّرون من مقلاصهم وأنا مقلاصي معي في البيت، فمزح معي إخوتي وعمومتي بهذا اللقب ساعة ثم لم أسمع به إلا منك الساعة فعلمت أن أمر هذه المدينة يتم على يدي لصحة ما وقفت عليه، ثم وضع أساس المدينة مدوّرا وجعل قصره في وسطها وجعل لها أربعة أبواب وأحكم سورها وفصيلها، فكان القاصد إليها من الشرق يدخل من باب خراسان والقاصد من الحجاز يدخل من باب الكوفة والقاصد من المغرب يدخل من باب الشام والقاصد من فارس والأهواز وواسط والبصرة واليمامة والبحرين يدخل من باب البصرة.
قالوا: فأنفق المنصور على عمارة بغداد ثمانية عشر ألف ألف دينار، وقال الخطيب في رواية: إنه أنفق على مدينته وجامعها وقصر الذهب فيها والأبواب والأسواق إلى أن فرغ من بنائها أربعة آلاف ألف وثمانمائة وثلاثة وثمانين ألف درهم، وذاك أن الأستاذ من الصّنّاع كان يعمل في كل يوم بقيراط إلى خمس حبّات والروزجاري بحبتين إلى ثلاث حبات، وكان الكبش بدرهم والحمل بأربعة دوانيق والتمر ستون رطلا بدرهم، قال الفضل بن دكين: كان ينادى على لحم البقر في جبانة كندة تسعون رطلا بدرهم، ولحم الغنم ستون رطلا بدرهم، والعسل عشرة أرطال بدرهم، قال: وكان بين كل باب من أبواب المدينة والباب الآخر ميل، وفي كل ساف من أسواف البناء مائة ألف لبنة واثنان وستون ألف لبنة من اللبن الجعفري، وعن ابن الشّروي قال: هدمنا من السور الذي يلي باب المحوّل قطعة فوجدنا فيها لبنة مكتوبا عليها بمغرة:
وزنها مائة وسبعة عشر رطلا، فوزناها فوجدناها كذلك.
وكان المنصور كما ذكرنا بنى مدينته مدوّرة وجعل داره وجامعها في وسطها، وبنى القبة الخضراء فوق إيوان، وكان علوّها ثمانين ذراعا، وعلى رأس القبة صنم على صورة فارس في يده رمح، وكان السلطان إذا رأى أن ذلك الصنم قد استقبل بعض الجهات ومدّ
الرمح نحوها علم أن بعض الخوارج يظهر من تلك الجهة، فلا يطول عليه الوقت حتى ترد عليه الأخبار بأن خارجيّا قد هجم من تلك الناحية، قلت أنا:
هكذا ذكر الخطيب وهو من المستحيل والكذب الفاحش، وإنما يحكى مثل هذا عن سحرة مصر وطلسمات بليناس التي أوهم الأغمار صحتها تطاول الأزمان والتخيل أن المتقدّمين ما كانوا بني آدم، فأما الملة الإسلامية فإنها تجلّ عن مثل هذه الخرافات، فإن من المعلوم أن الحيوان الناطق مكلف الصنائع لهذا التمثال لا يعلم شيئا مما ينسب إلى هذا الجماد ولو كان نبيّا مرسلا، وأيضا لو كان كلما توجهت إلى جهة خرج منها خارجيّ لوجب أن لا يزال خارجيّ يخرج في كل وقت لأنها لا بدّ أن تتوجه إلى وجه من الوجوه، والله أعلم، قال: وسقط رأس هذه القبة سنة 329، وكان يوم مطر عظيم ورعد هائل، وكانت هذه القبة تاج البلد وعلم بغداد ومأثرة من مآثر بني العباس، وكان بين بنائها وسقوطها مائة ونيف وثمانون سنة، ونقل المنصور أبوابها من واسط، وهي أبواب الحجّاج، وكان الحجاج أخذها من مدينة بإزاء واسط تعرف بزندورد، يزعمون أنها من بناء سليمان بن داود، عليه السلام، وأقام على باب خراسان بابا جيء به من الشام من عمل الفراعنة وعلى باب الكوفة بابا جيء به من الكوفة من عمل خالد القسري وعمل هو بابا لباب الشام، وهو أضعفها، وكان لا يدخل أحد من عمومة المنصور ولا غيرهم من شيء من الأبواب إلّا راجلا إلا داود بن عليّ عمه، فإنه كان متفرّسا وكان يحمل في محفّة، وكذلك محمد المهدي ابنه، وكانت تكنس الرحاب في كل يوم ويحمل التراب إلى خارج، فقال له عمه عبد الصمد: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير فلو أذنت لي أن أنزل داخل الأبواب، فلم يأذن له، فقال: يا أمير المؤمنين عدني بعض بغال الرّوايا التي تصل إلى الرّحاب، فقال: يا ربيع بغال الروايا تصل إلى رحابي تتخذ الساعة قنيّ بالساج من باب خراسان حتى تصل إلى قصري، ففعل ومدّ المنصور قناة من نهر دجيل الآخذ من دجلة وقناة من نهر كرخايا الآخذ من الفرات وجرّهما إلى مدينته في عقود وثيقة، من أسفلها محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها، فكانت كل قناة منها تدخل المدينة وتنفذ في الشوارع والدروب والأرباض، تجري صيفا وشتاء لا ينقطع ماؤها في شيء من الأوقات، ثم أقطع المنصور أصحابه القطائع فعمّروها وسميت بأسمائهم، وقد ذكرت من ذلك ما بلغني في مواضعه حسب ما قضى به ترتيب الحروف، وقد صنّف في بغداد وسعتها وعظم رفعتها وسعة بقعتها وذكر أبو بكر الخطيب في صدر كتابه من ذلك ما فيه كفاية لطالبه.

فلنذكر الآن ما ورد في مدح بغداد
ومن عجيب ذلك ما ذكره أبو سهل بن نوبخت قال:
أمرني المنصور لما أراد بناء بغداد بأخذ الطالع، ففعلت فإذا الطالع في الشمس وهي في القوس، فخبّرته بما تدلّ النجوم عليه من طول بقائها وكثرة عمارتها وفقر الناس إلى ما فيها ثم قلت: وأخبرك خلّة أخرى أسرك بها يا أمير المؤمنين، قال: وما هي؟ قلت: نجد في أدلة النجوم أنه لا يموت بها خليفة أبدا حتف أنفه، قال: فتبسم وقال الحمد لله على ذلك، هذا من فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ولذلك يقول عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن الخطفى:
أعاينت في طول من الأرض أو عرض، ... كبغداد من دار بها مسكن الخفض
صفا العيش في بغداد واخضرّ عوده، ... وعيش سواها غير خفض ولا غضّ
تطول بها الأعمار، إنّ غذاءها ... مريء، وبعض الأرض أمرأ من بعض
قضى ربّها أن لا يموت خليفة ... بها، إنه ما شاء في خلقه يقضي
تنام بها عين الغريب، ولا ترى ... غريبا بأرض الشام يطمع في الغمض
فإن جزيت بغداد منهم بقرضها، ... فما أسلفت إلّا الجميل من القرض
وإن رميت بالهجر منهم وبالقلى، ... فما أصبحت أهلا لهجر ولا بغض
وكان من أعجب العجب أن المنصور مات وهو حاجّ، والمهدي ابنه خرج إلى نواحي الجبل فمات بما سبذان بموضع يقال له الرّذّ، والهادي ابنه مات بعيساباد قرية أو محلّة بالجانب الشرقي من بغداد، والرشيد مات بطوس، والأمين أخذ في شبارته وقتل بالجانب الشرقي، والمأمون مات بالبذندون من نواحي المصّيصة بالشام، والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر وباقي الخلفاء ماتوا بسامرّا، ثم انتقل الخلفاء إلى التاج من شرقي بغداد كما ذكرناه في التاج، وتعطّلت مدينة المنصور منهم.
وفي مدح بغداد قال بعض الفضلاء: بغداد جنة الأرض ومدينة السلام وقبة الإسلام ومجمع الرافدين وغرّة البلاد وعين العراق ودار الخلافة ومجمع المحاسن والطيبات ومعدن الظرائف واللطائف، وبها أرباب الغايات في كل فنّ، وآحاد الدهر في كل نوع، وكان أبو إسحاق الزّجّاج يقول: بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية، وكان أبو الفرج الببغا يقول: هي مدينة السلام بل مدينة الإسلام، فإنّ الدولة النبوية والخلافة الإسلامية بها عشّشتا وفرّختا وضربتا بعروقهما وبسقتا بفروعهما، وإنّ هواءها أغذى من كل هواء وماءها أعذب من كل ماء، وإنّ نسيمها أرقّ من كل نسيم، وهي من الإقليم الاعتدالي بمنزلة المركز من الدائرة، ولم تزل بغداد موطن الأكاسرة في سالف الأزمان ومنزل الخلفاء في دولة الإسلام، وكان ابن العميد إذا طرأ عليه أحد من منتحلي العلوم والآداب وأراد امتحان عقله سأله عن بغداد، فإن فطن بخواصّها وتنبّه على محاسنها وأثنى عليها جعل ذلك مقدّمة فضله وعنوان عقله، ثم سأله عن الجاحظ، فإن وجد أثرا لمطالعة كتبه والاقتباس من نوره والاغتراف من بحره وبعض القيام بمسائله قضى له بأنه غرّة شادخة في أهل العلم والآداب، وإن وجده ذامّا لبغداد غفلا عما يحب أن يكون موسوما به من الانتساب إلى المعارف التي يختص بها الجاحظ لم ينفعه بعد ذلك شيء من المحاسن، ولما رجع الصاحب عن بغداد سأله ابن العميد عنها، فقال: بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد، فجعلها مثلا في الغاية في الفضل، وقال ابن زريق الكاتب الكوفي:
سافرت أبغي لبغداد وساكنها ... مثلا، قد اخترت شيئا دونه الياس
هيهات بغداد، والدنيا بأجمعها ... عندي، وسكان بغداد هم الناس
وقال آخر:
بغداد يا دار الملوك ومجتنى ... صوف المنى، يا مستقرّ المنابر
ويا جنّة الدنيا ويا مجتنى الغنى، ... ومنبسط الآمال عند المتاجر
وقال أبو يعلى محمد بن الهبّارية: سمعت الشيخ الزاهد أبا إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآباذي يقول: من دخل بغداد وهو ذو عقل صحيح وطبع معتدل مات بها أو بحسرتها، وقال عمارة بن عقيل ابن بلال بن جرير:
ما مثل بغداد في الدنيا ولا الدين، ... على تقلّبها في كلّ ما حين
ما بين قطربّل فالكرخ نرجسة ... تندى، ومنبت خيريّ ونسرين
تحيا النفوس بريّاها، إذا نفحت، ... وخرّشت بين أوراق الرّياحين
سقيا لتلك القصور الشاهقات وما ... تخفي من البقر الإنسيّة العين
تستنّ دجلة فيما بينها، فترى ... دهم السّفين تعالى كالبراذين
مناظر ذات أبواب مفتّحة، ... أنيقة بزخاريف وتزيين
فيها القصور التي تهوي، بأجنحة، ... بالزائرين إلى القوم المزورين
من كلّ حرّاقة تعلو فقارتها، ... قصر من الساج عال ذو أساطين
وقدم عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس إلى بغداد فرأى كثرة الناس بها فقال: ما مررت بطريق من طرق هذه المدينة إلّا ظننت أن الناس قد نودي فيهم، ووجد على بعض الأميال بطريق مكة مكتوبا:
أيا بغداد يا أسفي عليك! ... متى يقضى الرجوع لنا إليك؟
قنعنا سالمين بكلّ خير، ... وينعم عيشنا في جانبيك
ووجد على حائط بجزيرة قبرص مكتوبا:
فهل نحو بغداد مزار، فيلتقي ... مشوق ويحظى بالزيارة زائر
إلى الله أشكو، لا إلى الناس، إنه ... على كشف ما ألقى من الهمّ قادر
وكان القاضي أبو محمد عبد الوهّاب بن علي بن نصر المالكي قد نبا به المقام ببغداد فرحل إلى مصر، فخرج البغداديون يودّعونه وجعلوا يتوجعون لفراقه، فقال: والله لو وجدت عندكم في كل يوم مدّا من الباقلّى ما فارقتكم، ثم قال:
سلام على بغداد من كلّ منزل، ... وحقّ لها منّي السلام المضاعف
فو الله ما فارقتها عن قلى لها، ... وإني بشطّي جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت عليّ برحبها، ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
وكانت كخلّ كنت أهوى دنوّه، ... وأخلاقه تنأى به وتخالف
ولما حج الرشيد وبلغ زرود التفت إلى ناحية العراق وقال:
أقول وقد جزنا زرود عشيّة، ... وكادت مطايانا تجوز بنا نجدا
على أهل بغداد السلام، فإنني ... أزيد بسيري عن ديارهم بعدا
وقال ابن مجاهد المقري: رأيت أبا عمرو بن العلاء في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: دعني مما فعل الله بي، من أقام ببغداد على السّنّة والجماعة ومات نقل من جنة إلى جنة، وعن يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه: أيا يونس دخلت بغداد؟ فقلت: لا، فقال: أيا يونس ما رأيت الدنيا ولا الناس، وقال طاهر بن المظفّر بن طاهر الخازن:
سقى الله صوب الــغاديات محلّة ... ببغداد، بين الخلد والكرخ والجسر
هي البلدة الحسناء، خصّت لأهلها ... بأشياء لم يجمعن مذ كنّ في مصر
هواء رقيق في اعتدال وصحّة، ... وماء له طعم ألذّ من الخمر
ودجلتها شطّان قد نظما لنا ... بتاج إلى تاج، وقصر إلى قصر
ثراها كمسك، والمياه كفضّة، ... وحصباؤها مثل اليواقيت والدّر
قال أبو بكر الخطيب: أنشدني أبو محمد الباقي قول الشاعر:
دخلنا كارهين لها، فلما ... ألفناها خرجنا مكرهينا
فقال يوشك هذا أن يكون في بغداد، قيل وأنشد لنفسه في المعنى وضمنه البيت:
على بغداد معدن كلّ طيب، ... ومغنى نزهة المتنزّهينا:
سلام كلما جرحت بلحظ ... عيون المشتهين المشتهينا
دخلنا كارهين لها، فلما ... ألفناها خرجنا مكرهينا
وما حبّ الديار بنا، ولكن ... أمرّ العيش فرقة من هوينا
قال محمد بن عليّ بن حبيب الماوردي: كتب إليّ أخي من البصرة وأنا ببغداد:
طيب الهواء ببغداد يشوّقني ... قدما إليها، وإن عاقت معاذير
وكيف صبري عنها، بعد ما جمعت ... طيب الهواءين ممدود ومقصور؟
وقلّد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر اليمن، فلما أراد الخروج قال:
أيرحل آلف ويقيم إلف، ... وتحيا لوعة ويموت قصف؟
على بغداد دار اللهو منّي ... سلام ما سجا للعين طرف
وما فارقتها لقلى، ولكن ... تناولني من الحدثان صرف
ألا روح ألا فرج قريب، ... ألا جار من الحدثان كهف
لعلّ زماننا سيعود يوما، ... فيرجع آلف ويسر إلف
فبلغ الوزير هذا الشعر فأعفاه، وقال شاعر يتشوق بغداد:
ولما تجاوزت المدائن سائرا، ... وأيقنت يا بغداد أني على بعد
علمت بأنّ الله بالغ أمره، وأن قضاء الله ينفذ في العبد وقلت، وقلبي فيه ما فيه من جوى، ودمعي جار كالجمان على خدّي: ترى الله يا بغداد يجمع بيننا فألقى الذي خلّفت فيك على العهد؟
وقال محمد بن عليّ بن خلف النيرماني:
فدى لك يا بغداد كل مدينة ... من الأرض، حتى خطّتي ودياريا
فقد طفت في شرق البلاد وغربها، ... وسيّرت خيلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلا، ... ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرقّ شمائلا، ... وأعذب ألفاظا، وأحلى معانيا
وقائلة: لو كان ودّك صادقا ... لبغداد لم ترحل، فقلت جوابيا:
يقيم الرجال الموسرون بأرضهم، ... وترمي النوى بالمقترين المراميا

في ذمّ بغداد
قد ذكره جماعة من أهل الورع والصلاح والزهّاد والعبّاد، ووردت فيها أحاديث خبيثة، وعلّتهم في الكراهية ما عاينوه بها من الفجور والظلم والعسف، وكان الناس وقت كراهيتهم للمقام ببغداد غير ناس زماننا، فأما أهل عصرنا فأجلس خيارهم في الحشّ وأعطهم فلسا فما يبالون بعد تحصيل الحطام أين كان المقام، وقد ذكر الحافظ أبو بكر أحمد بن عليّ من ذلك قدرا كافيا، وكان بعض الصالحين إذا ذكرت عنده بغداد يتمثل:
قل لمن أظهر التنسّك في النا ... س وأمسى يعدّ في الزّهّاد:
الزم الثغر والتواضع فيه، ... ليس بغداد منزل العبّاد
إن بغداد للملوك محلّ، ... ومناخ للقارئ الصياد
ومن شائع الشعر في ذلك:
بغداد أرض لأهل المال طيّبة، ... وللمفاليس دار الضّنك والضيق
أصبحت فيها مضاعا بين أظهرهم، ... كأنني مصحف في بيت زنديق
ويروى للطاهر بن الحسين قال:
زعم الناس أن ليلك يا بغ ... داد ليل يطيب فيه النسيم
ولعمري ما ذاك إلّا لأن خا ... لفها، بالنهار، منك السّموم
وقليل الرّخاء يتّبع الش ... دة، عند الأنام، خطب عظيم
وكتب عبد الله بن المعتز إلى صديق له يمدح سرّ من رأى ويصف خرابها ويذم بغداد: كتبت من بلدة قد أنهض الله سكانها وأقعد حيطانها، فشاهد اليأس فيها ينطق وحبل الرجاء فيها يقصر، فكأن عمرانها يطوى وخرابها ينشر، وقد تمزقت بأهلها الديار، فما يجب فيها حقّ جوار، فحالها تصف للعيون الشكوى، وتشير إلى ذم الدنيا، على أنها وإن جفيت معشوقة السّكنى، وحبيبة المثوى،
كوكبها يقظان، وجوّها عريان، وحصباؤها جوهر، ونسيمها معطّر، وترابها أذفر، ويومها غداة، وليلها سحر، وطعامها هنيء، وشرابها مريء، لا كبلدتكم الوسخة السماء، الومدة الماء والهواء، جوها غبار، وأرضها خبار، وماؤها طين، وترابها سرجين، وحيطانها نزوز، وتشرينها تموز، فكم من شمسها من محترق، وفي ظلّها من عرق، صيقة الديار، وسيئة الجوار، أهلها ذئاب، وكلامهم سباب، وسائلهم محروم، وما لهم مكتوم، ولا يجوز إنفاقه، ولا يحل خناقه، حشوشهم مسايل، وطرقهم مزابل، وحيطانهم أخصاص، وبيوتهم أقفاص، ولكل مكروه أجل، وللبقاع دول، والدهر يسير بالمقيم، ويمزج البؤس بالنعيم، وله من قصيدة:
كيف نومي وقد حللت ببغ ... داد، مقيما في أرضها، لا أريم
ببلاد فيها الركايا، علي ... هن أكاليل من بعوض تحوم
جوها في الشتاء والصيف دخّا ... ن كثيف، وماؤها محموم
ويح دار الملك التي تنفح المس ... ك، إذا ما جرى عليه النسيم
كيف قد أقفرت وحاربها الدّه ... ر، وعين الحياة فيها البوم
نحن كنا سكانها، فانقضى ذا ... لك عنا، وأي شيء يدوم
وقال أيضا:
أطال الهمّ في بغداد ليلي، ... وقد يشقى المسافر أو يفوز
ظللت بها، على رغمي، مقيما ... كعنّين تعانقه عجوز
وقال محمد بن أحمد بن شميعة البغدادي شاعر عصري فيها:
ودّ أهل الزوراء زور، فلا ... تغترر بالوداد من ساكنيها
هي دار السلام حسب، فلا يط ... مع منها، إلّا بما قيل فيها
وكان المعتصم قد سأل أبا العيناء عن بغداد وكان سيّء الرأي فيها، فقال: هي يا أمير المؤمنين كما قال عمارة بن عقيل:
ما أنت يا بغداد إلّا سلح، ... إذا اعتراك مطر أو نفح،
وإن جففت فتراب برح
وكما قال آخر:
هل الله من بغداد، يا صاح، مخرجي، ... فأصبح لا تبدو لعيني قصورها
وميدانها المذري علينا ترابها ... إذا شحجت أبغالها وحميرها
وقال آخر:
أذمّ بغداد والمقام بها، ... من بعد ما خبرة وتجريب
ما عند سكّانها لمختبط ... خير، ولا فرجة لمكروب
يحتاج باغي المقام بينهم ... إلى ثلاث من بعد تثريب:
كنوز قارون أن تكون له، ... وعمر نوح وصبر أيوب
قوم مواعيدهم مزخرفة ... بزخرف القول والأكاذيب
خلّوا سبيل العلى لغيرهم، ... ونافسوا في الفسوق والحوب
وقال بعض الأعراب:
لقد طال في بغداد ليلي، ومن يبت ... ببغداد يصبح ليله غير راقد
بلاد، إذا ولّى النهار، تنافرت ... براغيثها من بين مثنى وواحد
ديازجة شهب البطون، كأنها ... بغال بريد أرسلت في مذاود
وقرأت بخط عبيد الله بن أحمد بن جخجخ قال أبو العالية:
ترحّل فما بغداد دار إقامة، ... ولا عند من يرجى ببغداد طائل
محلّ ملوك سمتهم في أديمهم، ... فكلهم من حلية المجد عاطل
سوى معشر جلّوا، وجلّ قليلهم ... يضاف إلى بذل النّدى، وهو باخل
ولا غروان شلّت يد الجود والندى ... وقلّ سماح من رجال ونائل
إذا غطمط البحر الغطامط ماؤه ... فليس عجيبا أن تفيض الجداول
وقال آخر:
كفى حزنا، والحمد لله أنّني ... ببغداد قد أعيت عليّ مذاهبي
أصاحب قوما لا ألذّ صحابهم، ... وآلف قوما لست فيهم براغب
ولم أثو في بغداد حبّا لأهلها، ... ولا أنّ فيها مستفادا لطالب
سأرحل عنها قاليا لسراتها، ... وأتركها ترك الملول المجانب
فإن ألجأتني الحادثات إليهم ... فأير حمار في حرامّ النوائب
وقال بعضهم يمدح بغداد ويذمّ أهلها:
سقيا لبغداد ورعيا لها، ... ولا سقى صوب الحيا أهلها
يا عجبا من سفل مثلهم، ... كيف أبيحوا جنّة مثلها
وقال آخر:
اخلع ببغداد العذارا، ... ودع التنسّك والوقارا
فلقد بليت بعصبة ... ما إن يرون العار عارا
لا مسلمين ولا يهو ... د ولا مجوس ولا نصارى
وقدم بعض الهجريّين بغداد فاستوبأها وقال:
أرى الريف يدنو كل يوم وليلة، ... وأزداد من نجد وساكنه بعدا
ألا إن بغدادا بلاد بغيضة ... إليّ، وإن أمست معيشتها رغدا
بلاد ترى الأرواح فيها مريضة، ... وتزداد نتنا حين تمطر أو تندى
وقال أعرابيّ مثل ذلك:
ألا يا غراب البين ما لك ثاويا ... ببغداد لا تمضي، وأنت صحيح؟
ألا إنما بغداد دار بليّة، ... هل الله من سجن البلاد مريح؟
وقال أبو يعلى بن الهبّارية أنشدني جدّي أبو الفضل محمد بن محمد لنفسه:
إذا سقى الله أرضا صوب غادية، ... فلا سقى الله غيثا أرض بغداد
أرض بها الحرّ معدوم، كأنّ لها ... قد قيل في مثل: لا حرّ بالوادي
بل كلّ ما شئت من علق وزانية ... ومستحدّ وصفعان وقوّاد
وقال أيضا أبو يعلى بن الهبارية: أنشدني معدان التغلبي لنفسه:
بغداد دار، طيبها آخذ ... نسيمه مني بأنفاسي
تصلح للموسر لا لامرئ ... يبيت في فقر وإفلاس
لو حلّها قارون ربّ الغنى، ... أصبح ذا همّ ووسواس
هي التي توعد، لكنها ... عاجلة للطاعم الكاسي
حور وولدان ومن كلّ ما ... تطلبه فيها، سوى الناس

وَهِي

وَهِي
: (ي ( {الوَهْيُ) ، بِالْفَتْح: (الشَّقُّ فِي الشَّيءِ) . يقالُ: فِي السِّقاءِ} وَهْيٌ، أَي تَخرّقٌ وانْشِقاقٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ برِّي:
وَلَا مِنَّا {لوَهْيكِ راقِعُ.
(ج} وُهِيٌّ) ، كصُلِيَ، وقيلَ.! الوُهِيُّ مَصْدَرٌ مَبْنيٌّ على فُعُولٍ.
(و) حكَى ابنُ الأعْرابي فِي جَمْع {وَهْيٍ (} أَوْهِيَةً) ، وَهُوَ نادِرٌ، وأنْشَدَ:
حَمَّالُ أَلْوِيةٍ شَهَّادُ أَنْجِيةٍ
سَدَّادُ أَوْهِيةٍ فَتَّاحُ أَسْدادِوقد ( {وَهَى) الشَّيءُ والسِّقاءُ (كوَعَى ووَلِيَ) } يَهِي، فيهمَا جمِيعاً، {وَهْياً: (تَخَرَّقَ وانْشَقَّ) ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي واقْتَصَرَ على البابِ الأوَّل.
(و) يقالُ:} وَهَى الشَّيءُ (اسْتَرْخَى رِباطُه) ، قَالَ الشَّاعرُ:
أَمِ الحَبْل {واهٍ بهَا مُنْجذِمْ (ومِن المجازِ:} وَهَى (السَّحابُ) إِذا تَبَعَّقَ بالمَطَرِ تَبَعُّقاً، أَو (انْبَثَقَ) انْبِثاقاً (شَديداً) ؛ وَقد {وهَتْ عَزالِيه؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب:
} وهَي خَرْجُه واسْتُجِيلَ الرَّبا
بُ مِنْهُ وغُرِّمَ مَاء صَريحا {ووهَتْ عَزالي السَّماء بمائِها.
(و) قَالَ ابنُ الأعْرابي:} وَهِيَ (الرَّجُلُ) إِذا (حَمُقَ) ؛ وَهُوَ مِن حَدِّ رَضِيَ كَمَا ضَبَطَه الصَّاغاني.
(و) أَيْضاً (سَقَطَ) وضَعُفَ، وَهُوَ مِن حَدِّ رَمَى، فَهُوَ {واهٍ؛ وَمِنْه الحديثُ: (المُؤْمِنُ واهٍ راقِعٌ) أَي مُذْنبٌ تائِبٌ؛ شُبِّه بِمَا} يَهِي {وَهْياً إِذا بَلِي وتَخَرَّقَ، والمُرادُ بالوَاهِي ذُو} الوَهْي.
وَفِي حديثِ عليَ: (وَلَا {واهِياً فِي عَزْمٍ) ؛ ويُرْوى: (وَلَا} وَهْي فِي عَزْمٍ) أَي ضَعِيف أَو ضَعْف.
(! والوَهِيَّةُ) ، كغَنِيَّةٍ: (الدُّرَّةُ) ، سُمِّيَتْ بذلكَ لثَقْبِها لأنَّ الثَّقْبَ ممَّا يُضْعِفُها؛ عَن ابنِ الأعْرابي وأنْشَدَ لأوْس:
فحطَّتْ كَمَا حَطَّتْ {وَهِيَّةُ تاجِرٍ
وهَى نَظْمُها فارْفَضَّ مِنْهَا الطَّوائِفُويُرْوَى: وَنِيَّةُ تاجِرٍ، وَقد تقدَّمَ.
(و) } الوَهِيَّةُ أَيْضاً: (الجَزُورُ الضَّخْمةُ) السَّمِينَةُ.
( {والأُوهِيَّةُ، كرُومِيَّةٍ: النَّفْنفُ، وَمَا بينَ أَعْلى الجَبَلِ إِلى مُسَتَقَرِّ الوادِي) ؛ نقلَهُ الصَّاغاني.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} وَهَى الشيءُ {وَهِياً، كصُلِيَ: بَلِيَ.
} وَأوْهاهُ: أَضْعَفَه.
ويقالُ: ضَرَبَهُ {فأَوْهَى يَدَه، أَي أَصابَها كَسْرٌ أَو مَا أَشْبَه ذلكَ.
} وأَوْهَيْتُ السِّقاءَ {فوَهَى: وَهُوَ أَن يَتَهَيَّأَ للتَّخرُّقِ.
وَفِي السِّقاءِ} وُهَيَّةٌ، على التَّصْغيرِ، أَي خَرْق قَليلٌ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
ويُرْوَى: (المُؤْمِنُ {مُوهٍ راقِعٌ) ، كأنَّه} يُوهِي دينَه بمعَصِيتِه ويَرْقَعُه بتَوْبتِه؛ وَفِي المَثَلِ:
خَلِّ سَبِيلَ مَنْ {وَهَى سِقاؤُه
ومَنْ هُرِيقَ بالفَلاةِ مَاؤُهيُضْرَبُ لمَنْ لَا يَسْتَقِيم أَمْرُه.
} ووَهَى الحائِطُ {يَهِي: إِذا تَقَزَّرَ واسْتَرْخَى؛ وكذَلكَ الثَّوْبُ والحَبْلُ.
وقيلَ:} وَهَى الحائِطُ إِذا ضَعُفَ وَهَمَّ بالسُّقوطِ.
ويقالُ: {أَوْهَيْتَ} وَهْياً فارْقَعْه.
وَيَقُولُونَ: غادَــرَ! وَهْيَةً لَا تُرْقَعُ أَي فَتْقاً لَا يُقدَرُ على رَتْقِه. {ووَهِيَ السّقاءُ، كوَليَ، لُغَةٌ فِي} وَهَى، كوَعَى؛ قالَ ابنُ هَرْمة:
فإنَّ الغَيْثَ قد {وَهِيَتْ كُلاهُ
ببَطْحَاء السَّيالةِ فالنَّظِيمِوقولُهم: رجُلٌ} واهٍ، وحديثٌ واهٍ: أَي ساقِطٌ أَو ضَعِيفٌ.

طَرَابُلُسُ

طَرَابُلُسُ:
بفتح أوله، وبعد الألف باء موحدة مضمومة، ولام أيضا مضمومة، وسين مهملة، ويقال أطرابلس، وقال ابن بشير البكري، طرابلس بالرومية والإغريقية ثلاث مدن، وسماها اليونانيون طرابليطة وذلك بلغتهم أيضا ثلاث مدن، لأن طرا معناه ثلاث وبليطة مدينة، وقد ذكر أن أشباروس قيصر أول من بناها، وتسمى أيضا مدينة إياس، وعلى مدينة طرابلس سور صخر جليل البنيان، وهي على شاطئ البحر، ومبنى جامعها أحسن مبنى، وبها أسواق حافلة جامعة وبها مسجد يعرف بمسجد الشعاب مقصود وحولها أنباط، وفي بربرها من كلامه بالنبطية، في قرارات في شرقيها وغربيها مسيرة ثلاثة أيام إلى موضع يعرف ببني السابري وفي القبلة مسيرة يومين إلى حدّ هوارة، وفيها رباطات كثيرة يأوي إليها الصالحون أعمرها وأشهرها مسجد الشعاب، ومرساها مأمون من أكثر الرياح، وهي كثيرة الثمار والخيرات، ولها بساتين جليلة في شرقيها وتتصل بالمدينة سبخة كبيرة يرفع منها الملح الكثير، وداخل مدينتها بئر تعرف ببئر أبي الكنود يعيّرون بها ويحمق من شرب منها فيقال للرجل منهم إذا أتى بما يلام: لا يعتب عليك لأنك شربت من بئر أبي الكنود، وأعذب آبارها بئر القبّة، نذكرها في طرابلس فانه لم تكتب الألف وقد ذكر في باب الألف ما فيه كفاية، وذكر الليث بن سعد قال: غزا عمرو بن العاص طرابلس سنة 23 حتى نزل القبة التي على الشرف من شرقيها فحاصرها شهرين لا يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو بن العاص متصيّدا مع سبعة نفر فجمعوا غربي المدينة واشتدّ عليهم الحرّ فأخذوا راجعين على ضفة البحر وكان البحر لاصقا بالمدينة ولم يكن في ما بين المدينة والبحر سور وكانت سفن البحر شارعة في مرساها إلى بيوتهم ففطن المدلجي وأصحابه وإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة وكبّروا فلم يكن للروم مفزع إلا سفنهم وأقبل عمرو بجيشه حتى دخل عليهم فلم تفلت الروم إلا بما خفّ في مراكبهم وغنم عمرو ما كان في المدينة، وإنما بنى سورها مما يلي البحر هرثمة بن أعين حين ولايته على القيروان، ومن طرابلس إلى نفوسة مسيرة ثلاثة أيام، وفي كتاب ابن عبد الحكم: أن عمرو ابن العاص نزل على مدينة طرابلس في سنة 23 من الهجرة فملكها عنوة واستولى على ما فيها، قال:
وكان من بسبرت متحصنين فلما بلغتهم محاصرة عمرو طرابلس واسمها نبارة، وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة 31 فهذا يدلّ على أن طرابلس اسم الكورة وأن نبارة قصبتها، وقد ذكرنا أن طرابلس معناه الثلاث مدن وهذا يدل على أنها ليست بمدينة بعينها وأنها كورة، وينسب إلى طرابلس الغرب عمر بن عبد العزيز بن عبيد بن يوسف الطرابلسي المالكي، لقيه السلفي وأثنى عليه، وهو القائل في كتب الغزّالي:
هذّب المذهب حبر ... أحسن الله خلاصة
ببسيط ووسيط ... ووجيز وخلاصه
وسافر إلى بغداد ومات بها في سنة 510، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن مخلوف الطرابلسي، كان له اهتمام بالتواريخ وصنّف تاريخا لطرابلس، وكان فاضلا في فنون شتى، أخذ عنه السلفي وسافر إلى الحج فأدركته المنية بمكة في ذي الحجة سنة 522، وقال أبو الطيب يمدح عبيد الله بن خراسان الطرابلسي:
لو كان فيض يديه ماء غادية عزّ القطا في الفيافي موضع اليبس أكارم حسد الأرض السماء بهم، وقصّرت كلّ مصر عن طرابلس أيّ الملوك، وهم قصدي، أحاذره، وأيّ قرن وهم سيفي وهم ترسي وقال أحمد بن الحسين بن حيدرة يعرف بابن خراسان الطرابلسي:
أحبابنا! غير زهد في محبتكم ... كوني بمصر وأنتم في طرابلس
إن زرتكم فالمنايا في زيارتكم، ... وإن هجرتكم فالهجر مفترسي
ولست أرجو نجاحا في زيارتكم ... إلا إذا خاض بحرا من دم فرسي
وأنثني ورماح الخط قد حطمت ... في كل أروع لا وان ولا نكس
حتى يظلّ عميد الجيش ينشدنا ... نظما يضيء كضوء الفجر في الغلس
يفدي بنيك عبيد الله حاسدكم، ... بجبهة العير يفدى حافر الفرس

دَير سُلَيمانَ

دَير سُلَيمانَ:
بالثغر قرب دلوك مطلّ على مرج العين، وهو غاية في النزاهة، قال أبو الفرج: أخبرني جعفر بن قدامة قال: ولي إبراهيم بن المدبر عقيب نكبته وزوالها عنه الثغور الجزريّة وكان أكثر مقامه بمنبج، فخرج في بعض ولايته إلى نواحي دلوك برعبان وخلّف بمنبج جارية كان يتحظاها يقال لها غادر فنزل بدلوك على جبل من جبالها بدير يعرف بدير سليمان من أحسن بلاد الله وأنزهها ودعا بطعام خفيف فأكل وشرب ثم دعا بدواة وقرطاس فكتب:
أيا ساقيينا وسط دير سليمان ... أديرا الكؤوس فانهلاني وعلّاني
وخصّا بصافيها أبا جعفر أخي، ... فذا ثقتي دون الأنام وخلصاني
وميلا بها نحو ابن سلّام الذي ... أودّ وعودا بعد ذاك لنعمان
وعمّا بها النعمان والصحب، إنني ... تنكّرت عيشي بعد صحبي وإخواني
ولا تتركا نفسي تمت بسقامها ... لذكرى حبيب قد سقاني وغنّاني
ترحّلت عنه عن صدود وهجرة، ... فأقبل نحوي وهو باك فأبكاني
وفارقته، والله يجمع شملنا، ... بلوعة محزون وغلّة حرّان
وليلة عين المرج زار خياله ... فهيّج لي شوقا وجدّد أحزاني
فأشرفت أعلى الدير أنظر طامحا ... بألمح آماق وأنظر إنسان
لعلِّي أرى أبيات منبج رؤية ... تسكّن من وجدي وتكشف أشجاني
فقصّر طرفي واستهلّ بعبرة، ... وفدّيت من لو كان يدري لفدّاني
ومثّله شوقي إليه مقابلي، ... وناجاه عني بالضمير وناجاني

رامَةُ

رامَةُ:
قد ذكرت لغتها في رام: وهي منزل بينه وبين الرّمّادة ليلة في طريق البصرة إلى مكّة ومنه إلى إمّرة، وهي آخر بلاد بني تميم، وبين رامة وبين البصرة اثنتا عشرة مرحلة، وفيها جاء المثل:
تسألني برامتين سلجما وقيل: رامة هضبة، وقيل: جبل لبني دارم، قال جرير:
حيّ الغداة برامة الأطلالا ... رسما تحمّل أهله فأحالا
إنّ السّواري والغوادي غادرت ... للريح مخترقا به ومجالا
لم ألق مثلك بعد عهدك منزلا، ... فسقيت من سبل السّماك سجالا
أصبحت بعد جميع أهلك دمنة ... قفرا وكنت مربّة محلالا
ورامة أيضا: من قرى البيت المقدس، بها مقام إبراهيم الخليل، عليه السلام، وقال بشر بن أبي خازم:
عفت من سليمى رامة فكثيبها، ... وشطّت بها عنك النّوى وشعوبها
وغيّرها ما غيّر النّاس قبلها، ... فبانت وحاجات النّفوس نصيبها
وقال الحرمازي: سألت امرأة من أهل البادية زوجها فقالت: أطعمني سلجما، فقال: من أين سلجم هناك؟ وأنشأ يقول:
تسألني برامتين سلجما ... يا هند لو سألت شيئا أمما
جاء به الكريّ أو تيمّما
فنمى هذا الكلام إلى محمد بن سليمان فأمر بالرامتين فزرعتا عن آخرهما سلجما.

رَخْمانُ

رَخْمانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
موضع في ديار هذيل عنده قتل تأبّط شرّا، فقالت أمّه تبكيه:
نعم الفتى غادرتم برخمان ... من ثابت بن جابر بن سفيان
يجدّل القرن ويروي النّدمان ... ذو مأقط يحمي وراء الإخوان
وهو فعلان من الرّخم اسم طائر أو من الرّخمة، وذكره العمراني بالزاي.

الرَّقيمُ

الرَّقيمُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وهو الذي جاء ذكره في القرآن، والرّقم والترقيم: تعجيم الكتاب ونقطة وتبين حروفه، وكتاب رقيم أي مرقوم، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر:
سأرقم في الماء القراح إليكم، ... على بعدكم، إن كان للماء راقم
وبقرب البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف، والصحيح أنّهم ببلاد الروم كما نذكره، وهذا الرقيم أراد كثيّر بقوله، وكان يزيد بن عبد الملك ينزله، وقد ذكرته الشعراء:
أمير المؤمنين إليك نهوي ... على البخت الصّلادم والعجوم
إذا اتخذت وجوه القوم نصبا ... أجيج الواهجات من السّموم
فكم غادرن دونك من جهيض ... ومن نعل مطرّحة جذيم
يزرن، على تنائيه، يزيدا ... بأكناف الموقّر والرّقيم
تهنّئه الوفود إذا أتوه ... بنصر الله والملك العظيم
قال الفرّاء في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا من آياتِنا عَجَباً 18: 9، قالوا: هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا، وقيل: الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها، وقيل: إنّه اسم الجبل الذي فيه الكهف، وروى عكرمة عن ابن عبّاس، رضي الله عنه، أنّه قال: ما أدري ما الرقيم أكتاب أم بنيان، وروى غيره عن ابن عبّاس: أصحاب الرقيم سبعة، وأسماؤهم:
يمليخا، مكسملينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس، واسم كلبهم قطمير، واسم ملكهم دقيانوس، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرّسّ، واسم الكهف الرقيم، وكان فوقهم القبطيّ دون الكرديّ، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقية، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما، وكان الواثق قد وجّه محمد بن موسى المنجّم إلى بلاد الرّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم، قال: فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقلّ من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدّة أبيات، منها: بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيّان، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتّشهم ويزعم أنّه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه، يريد التمويه ليدوم كسبه، فقلت: دعني أنظر إليهم وأنت بريء، فصعدت بمشقّة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر والمرّ والكافور ليحفظها، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه، ثمّ أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه، فلمّا أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوّعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنّه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصرفنا، قال غيرهم: إن بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنّه الكهف والرقيم قرب عمّان، وذكروا أن عمّان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر عليّ ابن يحيى أنّه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه، وروي عن عبادة بن الصامت قال:
بعثني أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم فلمّا دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل
إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنّا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئا، فوهبنا لهم دينارا، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلّا أنّها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبّان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنّه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنّهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أيّاما من غير أن يمسّهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلّم أظافيرهم ونقصّ شواربهم ثمّ نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان، فذكروا أنّهم يجدون في كتبهم أنّهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح، عليه السلام، بأربعمائة سنة وأنّهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنّهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا، قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته.

رُوذه

رُوذه:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وآخره هاء: محلة بالريّ. وروذه أيضا: قرية بالرّي، قالوا: وبروذه مات عمرو بن معدي كرب منصرفا عن الريّ، فدل على أن روذه ليست محلّة إنّما هي قرية من قراها، قالوا: ودفن في موضع يقال له كرمانشاه، وكذا قال أبو عبيدة:
روذه من قرى الري، وقالت امرأة عمرو:
لقد غادر الركبان حين تحمّلوا ... بروذة شخصا لا ضعيفا ولا غمرا
والمتواتر عن العلماء أنّه مات في الطريق ودفن بروذه على قارعة الطريق، وقد نسب إلى هذه القرية الحارث ابن مسلم الروذي الرازي، روى عنه الحسين بن علي ابن مرداس الخرّاز، قال أبو سعد: روذه محلّة بالريّ، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن المظفر بن إبراهيم الرازي الروذي، روى عن أبي سهل موسى ابن نصر الرازي، روى عنه أبو بكر المقري.

رَوْضَةُ الأجْداد

رَوْضَةُ الأجْداد:
ببلاد غطفان، وهي جمع جدّ، وهي البئر الجيدة الموضع من الكلإ، قال ابن الأعرابي:
الأجداد حدائق تكون فيها المياه أو آبار ممّا حوت عاد، قال مرداس بن حشيش التغلبي:
إن الدّيار بروضة الأجداد ... عفّت سوار رسمها وغواد
من كلّ سارية وغاد مدجن ... حنق البوارق مونق الرّوّاد
وقال لي الصاحب الوزير الأكرم: أنا رأيتها وهي قريبة من وادي القصيبة قبلي عرض خيبر وشرقي وادي عصر، قال الهيثم بن عدي: خرج عروة الصعاليك العبسي وأصحابه إلى خيبر يمتارون منها فعشّروا وهو أنّهم يرون أنّهم إذا خافوا وباء مدينة وأرادوا دخولها وقفوا على بابها وعشّروا كما تعشّر الحمير، والتعشير: نهاق الحمير، فيرون أنّه يصرف
عنهم وباءها، قال: فعشروا خوفا من وباء خيبر وأبى عروة أن يعشر، فقال:
وقالوا أحب وانهق لا تضرّك خيبر، ... وذلك من دين اليهود ولوع
لعمري لئن عشّرت من خشية الرّدى ... نهاق الحمير إنّني لجزوع
فلا وألت تلك النّفوس ولا أتت ... على روضة الأجداد وهي جميع
فكيف وقد ذكّيت واشتدّ جانبي ... سليمى وعندي سامع ومطيع
لسان وسيف صارم وحفيظة، ... ورأي لآراء الرّجال صروع
تخوّفني ريب المنون وقد مضى ... لنا سلف قيس معا وربيع
قال: فدخلوا وامتازوا ورجعوا، فلمّا بلغوا إلى روضة الأجداد ماتوا إلّا عروة، انتهى.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.