Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سني

حَمُرَ

(حَمُرَ)
(هـ س) فِيهِ «بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمِرِ والأسْود» أَيِ العَجم والعَرب؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى ألْوان العَجم الْحُمْرَةُ وَالْبَيَاضُ، وَعَلَى أَلْوَانِ الْعَرَبِ الْأُدْمَةُ وَالسُّمْرَةُ. وَقِيلَ أَرَادَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ. وَقِيلَ أَرَادَ بالأَحْمَرِ الْأَبْيَضَ مُطلقا، فَإِنَّ العرَب تَقُولُ امْرأة حَمْرَاء أَيْ بَيْضَاءُ. وسُئل ثَعْلَبٌ: لِمَ خَصَّ الأَحْمَر دُون الْأَبْيَضِ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ رَجُلٌ أبْيَض؛ مِن بَيَاضِ اللَّون، وإنَّما الْأَبْيَضُ عِنْدَهُمُ الطَّاهِر النَّقِيّ مِنَ العُيوب، فَإِذَا أَرَادُوا الْأَبْيَضَ مِنَ اللَّون قَالُوا الأَحْمَر. وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَر، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتَعْمَلوا الْأَبْيَضَ فِي أَلْوَانِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أُعْطِيتُ الكَنْزَين الأَحْمَر والأبيضَ» هيَ مَا أفَاء اللَّهُ عَلَى أمَتِه مِنْ كُنُوز الْمُلُوكِ، فالأَحْمَر الذَّهَبُ، وَالْأَبْيَضُ الفِضة. والذَّهَب كُنوز الرُّوم لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى نُقودهم، والفِضَّة كُنُوزُ الأكاسِرة لِأَنَّهَا الْغَالِبُ عَلَى نُقُودهم. وَقِيلَ: أَرَادَ العَرب والعَجم جَمعَهم اللَّهُ عَلَى دِينِهِ ومِلته.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «قِيلَ لَهُ: غَلَبَتْنا عَلَيْكَ هَذِهِ الحَمْرَاء» يَعْنُون العَجم والرُّوم، والعَربُ تُسَمّي الموَاليَ الحَمْرَاء.
(هـ) وَفِيهِ «أهْلَكَهُنّ الأَحْمَرَانِ» يَعْنِي الذهَب وَالزَّعْفَرَانَ. والضَّمير للنِّساء: أَيْ أهلكَهُنّ حُب الحُلِيّ والطِّيب. وَيُقَالُ للَّحْم والشَّراب أَيْضًا الأَحْمَرَانِ، وَلِلذَّهَبِ وَالزَّعْفَرَانِ الأصْفَران، وللْماء واللّبن الأبيضان، وللتَّمر والماء الأسْودَان.
(س) وَفِيهِ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الموْت الأَحْمَر» يَعْنِي القَتْلَ لِمَا فِيهِ مِنْ حُمْرة الدَّمِ، أَوْ لِشدّتِه، يُقَالُ مَوت أَحْمَرُ: أَيْ شَدِيدٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ البأسُ اتَّقَيْنا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ إِذَا اشْتَدَّت الحرْب اسْتَقْبَلْنا العدُوّ بِهِ وجَعَلْناه لَنا وِقَايَةً. وَقِيلَ أَرَادَ إِذَا اضْطَرمَت نَارُ الحرْب وتَسَعَّرت، كَمَا يُقَالُ فِي الشَّرّ بيْن الْقَوْمِ: اضْطَرمَت نارُهم، تَشْبيها بحُمْرَةِ النَّار. وَكَثِيرًا مَا يُطْلقون الحُمْرَة عَلَى الشِّدَّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفَة «أصابَتْنا سَنةٌ حَمْرَاء» أَيْ شَدِيدَةُ الجَدْب؛ لِأَنَّ آفَاقَ السَّمَاءِ تَحْمرُّ فِي سِنِي الجدْب والقَحْط.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ حَلِيمة «أَنَّهَا خرَجت فِي سَنَة حَمْرَاء قَدْ بَرَت المالَ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «خُذُوا شَطْر دِينِكم مِنَ الحُمَيْرَاء» يَعْنِي عَائِشَةَ، كَانَ يَقُولُ لَهَا أَحْيَانًا يَا حُمَيْرَاء تَصْغير الحَمْرَاء، يُرِيدُ البَيْضاء. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الحديث. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ «أَرَاكَ أَحْمَرَ قَرِفاً، قَالَ: الحُسن أَحْمَر» ، يَعْنِي أَنَّ الحُسن فِي الحُمْرَة، ومنه قول الشاعر:
فإذا ظهرت تتنّعي ... بالحُمْر إِنَّ الحُسْنَ أَحْمَر
وَقِيلَ كَنَى بالأَحْمَرِ عَنِ المَشَقَّة والشِّدة: أَيْ مَنْ أَرَادَ الحُسْن صَبَر عَلَى أَشْيَاءَ يكْرَهُها.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فوضَعته عَلَى حِمَارَة مِنْ جَريد» هِيَ ثَلَاثَةُ أعْواد يُشَدّ بعضُ أَطْرَافِهَا إِلَى بَعْضٍ، ويُخالَف بَيْنَ أرْجُلها وتُعَلَّق عَلَيْهَا الْإِدَاوَةُ لِيَبْرُد الْمَاءُ، وتُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ سَهْبَايْ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَدِمْنا رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة جَمْعٍ عَلَى حُمُرَات» هِيَ جَمْعُ صِحَّة لحُمُر، وحُمُر جَمْعُ حِمَار.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ شُريح «أَنَّهُ كَانَ يَرُدّ الحَمَّارَة مِنَ الْخَيْلِ» الحَمَّارَة: أَصْحَابُ الحَمِير: أَيْ لَمْ يُلْحِقْهم بِأَصْحَابِ الْخَيْلِ فِي السِّهَامِ مِنَ الغَنيمة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فِيهِ [أَيْضًا] أَنَّهُ أَرَادَ بالحَمَّارَة الْخَيْلَ الَّتِي تعْدُو عَدْوَ الحَمِير.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «كَانَتْ لَنَا داجِنٌ فَحَمِرَتْ مِنْ عَجين» الحَمَرُ بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ يَعْتَري الدَّابَّةَ مِنْ أَكْلِ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ حَمِرَتْ تَحْمَرُ حَمَرًا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «يُقْطَع السَّارِقُ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَم» هِيَ مَا أشْرَف بَيْنَ مَفْصِلِهَا وَأَصَابِعِهَا مِنْ فَوْقُ.
وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ «أَنَّهُ كَانَ يغسِل رِجْلَيْهِ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَم» وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «فِي حَمَارَّة القَيْظ» أَيْ شِدّة الْحَرِّ، وَقَدْ تُخَفِّفُ الرَّاءُ.
وَفِيهِ «نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْ حُمَّرَةُ» الحُمَّرَةُ- بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ: طَائِرٌ صغير كالعصفور. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «مَا تَذْكُر مِنْ عَجُوزٍ حَمْرَاء الشِدْقَيْن» وَصَفَتْها بالدَّرَد، وَهُوَ سُقوط الْأَسْنَانِ مِنَ الكِبَرِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حُمْرة اللّثَاة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «عارَضَه رجُل مِنَ المَوالِي فَقَالَ: اسْكُتْ يَا ابْنَ حَمْرَاء العِجَانِ» أى أَيْ يَا ابْنَ الأمَة، والعِجان مَا بَيْنَ القُبُل والدُّبر، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فِي السَبّ والذَّم.

خَلَا

(خَلَا)
(س) فِي حَدِيثِ الرُّؤْيا «ألَيْس كُلُّكم يرَى القمرَ مُخْلِياً بِهِ» يُقال خَلَوْتُ بِهِ ومَعه وَإِلَيْهِ. وأَخْلَيْتُ بِهِ إِذَا انْفَرَدْت بِهِ: أَيْ كُلٌّكم يرَاهُ مُنْفرِداً لنَفْسِه، كَقَوْلِهِ: لا تُضَارُّون في رُؤيته.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَة «قَالَتْ لَهُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ» أَيْ لَمْ أجِدْك خَالِياً مِنَ الزَّوْجات غَيْري. وَلَيْسَ مِنْ قَوْلِهم امْرَأة مُخْلِيَةٌ إِذَا خَلَتْ مِنَ الزَّوْج.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «تَزَوَّجْتُ امْرأة قَدْ خَلَا مِنْها» أَيْ كَبِرَت ومَضَى مُعْظم عُمرِها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فلمَّا خَلَا سِنِّي ونَثَرتُ لَهُ ذَا بَطْنِي» تُرِيد أنَّها كَبِرَتْ وأَوْلَدَتْ لَهُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ القُشَيري «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا آيَاتُ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: أنْ تَقُولَ أسْلَمْتُ وجْهي إِلَى اللَّهِ وتَخَلَّيْتُ» التَّخَلِّيُّ: التَّفَرُّغ. يُقَالُ تَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ، وَهُوَ تَفَعّل، مِنَ الْخُلُوِّ.
وَالْمُرَادُ التَّبَرُّؤ مِنَ الشّرْك، وعَقْدُ القَلْب عَلَى الْإِيمَانِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «أنْتَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِي» الخِلْوُ بالكَسْر: الفَارِغ البَالِ مِنَ الهمُوم. والخِلْوُ أَيْضًا: المنْفَرد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا كٌنتَ إمَاماً أَوْ خِلْواً» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا أدْرَكْتَ مِنَ الجُمُعَة رَكْعَةً، فَإِذَا سَلَّم الْإِمَامُ فَأَخْلِ وجْهَك وضُمَّ إِلَيْهَا رَكْعَةً» يُقال أَخْلِ أَمْرَك، واخْلُ بِأَمْرِكَ. أَيْ تَفَرَّغْ لَهُ وتَفَرّد به. وورد في تَفْسِيره اسْتَتِرْ بإنْسَان أَوْ بِشَيْءٍ وصَلِّ رَكْعَةً أخْرَى، ويُحْمَل الاسْتِتَار عَلَى أنْ لَا يَراه الناسُ مُصَلِّيا مَا فاتَه فيَعْرِفُوا تَقْصيرَه فِي الصَّلَاةِ، أوْ لِأَنَّ النَّاس إِذَا فَرغُوا مِنَ الصَّلاَة انْتَشَرُوا رَاجِعِين فأمرَه أَنْ يَسْتَتِر بِشَيْءٍ لِئَلَّا يَمُرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: في قوله تعالى «لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ» قَالَ فَخَلَّى عَنْهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا، ثُمَّ قَالَ: «اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» أَيْ تركَهُم وأعْرَض عَنُهم.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ أُنَاسٌ يَسْتَحْيُون أنْ يَتَخَلَّوْا فيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ» يَتَخَلَّوْا مِنَ الْخَلَاءِ وَهُوَ قَضَاء الْحَاجَةِ، يَعْنِي يَسْتَحْيُون أَنْ يَنْكَشفُوا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ تحْتَ السَّمَاءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ مَكَّةَ «لَا يُخْتَلَى خَلَاها» الْخَلَا مَقْصُورٌ: النَّبَاتُ الرَّطْبُ الرَّقِيقُ مَا دَامَ رَطْبًا، واخْتِلَاؤُهُ: قَطْعه. وأَخْلَتِ الْأَرْضُ: كَثُرَ خَلَاهَا، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ حَشِيشٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ يَخْتَلِي لِفَرسه» أَيْ يَقْطَع لَه الخَلاَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرّة:
إِذَا اخْتُلِيَتْ فِي الحرْبِ هامُ الأكابر أي قُطِعتْ رُؤوسُهم.
وَفِي حَدِيثِ مُعْتَمِرٍ «سُئل مَالِكٌ عَنْ عَجِين يًعْجَن بِدُرْدِيٍّ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُسْكر فَلا، فَحدَّث الأصمعيّ به مُعْتَمِراً فقال: أوَ كَان كَمَا قَالَ:
رَأى فِي كَفِّ صَاحِبه خَلَاةً ... فَتُعْجِبُهُ ويُفْزِعُه الجَرِيرُ
الْخَلَاةُ: الطَّائِفة مِنَ الْخَلَا، ومَعْنَاه أَنَّ الرجُل يَنِدُّ بَعيرُه فَيَأْخُذُ بإِحْدَى يَدَيْهِ عُشْبا وبالأخْرى حَبْلاً، فَيَنْظُر الْبَعِيرُ إِلَيْهِمَا فَلَا يَدْرِي مَا يُصْنَع، وَذَلِكَ أَنَّهُ أعْجَبَتْه فَتْوَى مَالِكٍ، وَخَافَ التَّحْريم لاخْتِلاف النَّاسِ فِي المُسْكِر، فَتَوَقَّفَ وتَمثل بالبَيْت.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «الْخَلِيَّةُ ثَلَاثٌ» كَانَ الرجُل فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُول لزَوْجَته: أنتِ خَلِيَّةٌ فَكَانَتْ تَطْلُق مِنْهُ، وَهِيَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلاَق، فَإِذَا نَوى بِهَا الطَّلاَق وَقع. يُقَالُ رَجُلٌ خَلِيٌّ لَا زَوْجة لَهُ، وامْرأة خَلِيَّةٌ لَا زَوْجَ لَهَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ رُفع إِلَيْهِ رجُل قَالَتْ لَهُ امْرِأته شَبِّهني، فَقَالَ كأنَّك ظَبْيَة، كَأَنَّكِ حَمامة، فَقَالَتْ لَا أرْضَى حتَّى تَقُولَ خَلِيَّة طَالِق، فقَال ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَر: خُذْ بِيَدِهَا فَإِنَّهَا امْرَأَتُكَ» . أَرَادَ بِالْخَلِيَّةِ هَاهُنَا النَّاقّةّ تُخَلَّى مِنْ عِقَالِها، وطلَقَتْ مِنَ العِقَال تَطْلُق طَلْقاً فَهِيَ طَالِقٌ.
وَقِيلَ أَرَادَ بِالْخَلِيَّةِ الْغَزِيرَةَ يُؤْخَذُ وَلَدُهَا فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وتُخَلَّى للْحَيِّ يَشْرَبون لَبَنَها. وَالطَّالِقُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا خِطَام عَلَيْهَا، وَأَرَادَتْ هِيَ مُخَادَعَته بِهَذَا القَول ليَلْفِظَ بِهِ فيقَع عَلَيْهَا الطَّلاق، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: خُذْ بِيَدِهَا فَإِنَّهَا امْرَأتُك، وَلَمْ يُوقِعْ عَلَيْهَا الطلاق لأنه لم ينوبه الطَّلَاقَ، وَكَانَ ذَلِكَ خدَاعاً مِنْهَا.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ فِي الْأُلْفَةِ وَالرِّفَاءِ لَا فِي الْفُرْقَةِ والخَلَاء» يَعْنِي أَنَّه طَلَّقها وَأَنَا لَا أطَلّقُك.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إنَّ عَامِلًا لَهُ عَلَى الطَّائف كَتب إِلَيْهِ: إنَّ رِجالا مِنْ فَهْم كَلّمُوني فِي خَلَايَا لَهُم أسْلَموا عَلَيْهَا وَسَأَلُونِي أنْ أحْمِيها لَهُم» الخَلَايَا جَمْعُ خَلِيَّة وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُعسِّل فِيهِ النَّحْل، وكأنَّها الْمَوْضِعُ الَّتِي تُخْلِي فِيهِ أجوافَها.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «فِي خَلَايَا العَسل العُشْر» .
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وخَلَاكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا» يُقالُ افْعَلْ ذَلِكَ وخَلَاكَ ذَمَّ، أَيْ أُعذِرْت وسَقَط عَنْكَ الذَّمُّ.
وَفِي حَدِيثِ بَهْز بْنِ حَكِيمٍ «إِنَّهُمْ لَيَزْعُمُونَ أنَّك تَنْهَى عَنِ الغَيِّ وتَسْتَخْلَى بِهِ» أَيْ تَسْتَقلُّ بِهِ وتَنْفرِد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أحدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلاَّ لَمْ يُوافِقاه» يَعْنِي الْمَاءَ واللَّحم: أَيْ يَنْفردُ بِهِمَا. يُقَالُ خَلَا وأَخْلَى. وَقِيلَ يَخْلُو يَعْتَمِد، وأَخْلَى إِذَا انْفَرد.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَاسْتَخْلَاهُ البُكاء» أَيِ انْفَرد بِهِ. وَمِنْهُ قولُهم: أَخْلَى فُلانٌ عَلَى شُرْب اللَّبَنِ إِذَا لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَهُ. قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: هو بالخاء المعجمة، وبالحاء لا شيء. 

سَنَعَ

(سَنَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ هِشَامٍ يَصِف نَاقَةً «إِنَّهَا لَمِسْنَاعٌ» أَيْ حَسَنةُ الخَلْق. والسَّنَعُ:
الجمَال. ورجُل سَنِيــعٌ، ويُرْوى بِالْيَاءِ. وَسَيَجِيءُ.

ضوء

ض و ء : وَأَضَاءَ الْقَمَرُ إضَاءَةً أَنَارَ وَأَشْرَقَ وَالِاسْمُ الضِّيَاءُ وَقَدْ تُهْمَزُ الْيَاءُ وَضَاءَ ضَوْءًا مِنْ بَابِ قَالَ لُغَةٌ فِيهِ وَيَكُونُ أَضَاءَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ أَضَاءَ الشَّيْءُ وَأَضَاءَهُ غَيْرُهُ. 
[ضوء] لا "تستضيؤا" بنار المشركين، أي لا تستشيروهم ولا تأخذوا آراءهم، جعل الضوء مثلًا للرأي عند الحيرة. وفي ح بدء الوحي: يسمع الصوت ويرى "الضوء"، أي ما كان يسمع من صوت الملك ويراه من نوره وأنوار آيات ربه ومر في شيئًا من ش. وفي شعر العباس:
وأنت لما ولدت أشرفت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق
ضاءت وأضاءت أي استنارت. ش: الأفق بضم فاء وسكونها وضمت للوزن أي النواحي، وضاء يضوء كأضاء. ط: "أضاءت" له النور ما بين الجمعتين، هو إما لازم فما بين ظرف فيكون إشراق ضوء النور فيما بين الجمعتين بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة، أو متعد فهو مفعول به. وكذا "فلما "أضاءت" ما حوله"، أي حول المستوقد، ورواية البخاري: حولها- أي حول النار، وما حوله فاعله على عدم التعدي، أو الظرف والضمير فاعله. غ: "يكاد زيتها" يضيء""، مثل له صلى الله عليه وسلم، أي يكاد منظره يدل على نبوته وإن لم يتل قرآنًا. ن: "تضيء" أعناق الإبل، بالنصب مفعوله. ط: وفي قصة المعراج: من "أضوئهم" شك من الراوي وهو صفة لرجل، وعلى سقوط "من" مستأنفة أي هو أضوءهم، ولا يراد أن سائر الأنبياء دونه بل يريد بيان جمعه بين النبوة والملك نحوهم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاه.
[ضوء] ط: كان صلى الله عليه وسلم يرى "الضوء" سبع سنيــن ولا يرى شيئًا، أي سوى الضوء ليستأنس أولًا بالضوء المجرد ولا يدهش عند رؤية الملك ولا يذهب عقله فأنه أمر خطير.

سَنَنَ

(سَنَنَ)
قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «السُّنَّة» وَمَا تصرَّف مِنْهَا. وَالْأَصْلُ فِيهَا الطَّرِيقَةُ والسِّيرة. وَإِذَا أُطْلِقَت فِي الشَّرع فَإِنَّمَا يُرادُ بِهَا مَا أمَر بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَى عَنْهُ ونَدَب إِلَيْهِ قَوْلًا وفِعْلا، مِمَّا لَمْ يَنْطق بِهِ الكِتابُ العزيزُ. وَلِهَذَا يُقَالُ فِي أدِلَّة الشَّرع الكِتابُ والسُّنَّة، أَيِ الْقُرْآنُ والحديث. (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّمَا أُنَسَّى لِأَسُنَّ» أَيْ إِنَّمَا أُدْفَعُ إِلَى النِّسيان لأَسُوق النَّاسَ بالهِدَاية إِلَى الطَّرِيق المُسْتَقيم، وأُبِّينَ لَهُمْ مَا يَحْتاَجُون أَنْ يَفْعَلُوا إِذَا عَرَض لَهُمُ النّسيانُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَنَنْتُ الإبلَ إِذَا أحْسنت رِعْيتهاَ والقيامَ عَلَيْهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ «أَنَّهُ نَزَل المُحصَّب وَلَمْ يَسُنَّه» أَيْ لَمْ يَجْعَلْهُ سُنَّة يُعْمل بِهَا. وَقَدْ يَفْعلُ الشَّيْءَ لِسَبَبٍ خاصٍّ فَلَا يعُمّ غَيره. وَقَدْ يَفْعل لِمَعْنَى فَيزُول ذَلِكَ المَعْنى وَيَبْقَى الْفِعْلُ عَلَى حَالِهِ مُتَّبعاً، كقَصْر الصَّلَاةِ فِي السَّفر لِلْخَوْفِ، ثُمَّ استمرَّ القَصْر مَعَ عَدَم الخَوف.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «رَمَل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ» أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَسُنَّ فِعْلَه لِكاَفَّة الأمَّة، وَلَكِنْ لسَبب خاصٍّ، وَهُوَ أَنْ يُرِى المُشْركين قُوَّة أَصْحَابِهِ، وَهَذَا مذهبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وغَيرُه يَرَى أَنَّ الرَّمَل فِي طَوَاف القُدوم سُنَّة.
وَفِي حَدِيثِ مُحَلِّم بْنِ جَثَّامة «اسْنُنِ اليومِ وغَيِّر غَدًا» أَيِ أعْمَل بسُنَّتك الَّتِي سَنَنْتَهَا فِي القِصاَص، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا شِئْتَ أَنْ تُغَير فَغيَّر: أَيْ تُغَير مَا سَنَنْت. وَقِيلَ تُغَير: مِنْ أخذِ الغِيَر، وَهِيَ الدِّية.
وَفِيهِ «إِنَّ أكبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ تُقاَتِل أَهْلَ صَفْقَتك، وتُبدِّل سُنَّتَك» أَرَادَ بتَبْديل السُّنة أَنْ يَرْجِعَ أعْرابيا بَعْدَ هِجْرته.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمَجُوسِ «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهلِ الْكِتَابِ» أَيْ خْذُوهم عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وأجْرُوهم فِي قَبُول الجِزْية مِنْهُمْ مُجْراهُم.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يُنْقض عهدُهم عَنْ سُنَّةِ ما حل» أَيْ لَا يُنْقض بسَعْى ساعْ بالنَّمِيمة وَالْإِفْسَادِ، كَمَا يُقَالُ: لَا أُفْسِد مَا بَيْني وَبَيْنَكَ بِمَذَاهِبِ الْأَشْرَارِ وطُرُقِهم فِي الفَسادِ. والسُّنَّةُ الطَريقة، والسَّنَنُ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَلَا رجُلٌ يَرُدّ عنَّا مِنْ سَنَنِ هَؤُلَاءِ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «اسْتَنَّتْ شَرَفا أَوْ شَرَفَين» اسْتَنَّ الفَرَس يَسْتَنُّ اسْتِنَاناً: أَيْ عَدَا لِمَرَحِه ونشاَطِه شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ وَلَا رَاكِب عَلَيْهِ. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فَرَس الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَله» .
(س) وَحَدِيثُ عُمَرَ «رأيتُ أَبَاهُ يَسْتَنُّ بسَيْفه كَمَا يَسْتَنُّ الْجَمَلُ» أَيْ يَمْرحُ ويَخْطُر بِهِ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ السِّواك «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنُّ بِعُودٍ مِنْ أرَاك» الِاسْتِنَانُ: اسْتعمال السِّواك، وَهُوَ افْتِعاَل مِنَ الْأَسْنَانِ: أَيْ يُمِرُّه عَلَيْهَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجُمُعَةِ «وَأَنْ يَدَّهِن ويَسْتَنَّ» .
(س) وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فأخذتُ الجَريدَة فَسَنَنْتُهُ بِهَا» أَيْ سَوّكْته بِهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «أعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَهَا» قَالَ أَبُو عُبيد : إِنْ كَانَتِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةً فَكَأَنَّهَا جَمْعُ الْأَسْنَانِ. يُقَالُ لِمَا تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ وتَرعاه مِنَ العُشْب سِنٌّ وجَمْعه أَسْنَانٌ، ثُمَّ أَسِنَّةٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ : الْأَسِنَّةُ جَمْعُ السِّنَانِ لَا جَمْع الأسْنان، تَقُولُ الْعَرَبُ: الحَمْضُ يَسُنَّ الْإِبِلَ عَلَى الخُلَّة: أَيْ يُقوّيها كَمَا يُقوىّ السَّنُّ حَدّ السِّكين. فالحمْض سِنَانٌ لَهَا عَلَى رَعْى الخُلَّة. والسِّنَانُ الِاسْمُ، وَهُوَ القُوّة.
واسْتَصوب الْأَزْهَرِيُّ القَوْلين مَعًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السِّنُّ الْأَكْلُ الشَّدِيدُ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَصَابَتِ الإبلُ سِنّاً مِنَ الرِّعْى إِذَا مَشَقت مِنْهُ مَشقا صَالحا. ويُجمع السِّنُّ بِهَذَا الْمَعْنَى أَسْنَاناً [ثُمَّ تُجْمع الْأَسْنَانُ أَسِنَّة ] . مِثْلُ كِنٍّ وأكْناَن وأكنَّة .
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «الْمَعْنَى أعْطُوها مَا تَمْتَنع بِهِ من النّحر؛ لأن صاحبها إذا أحسن رعيتها سمنَت وحَسُنت فِي عَيْنِهِ فيَبْخَل بِهَا مِنْ أَنْ تُنْحر، فشَبه ذَلِكَ بالأسِنَّة فِي وُقُوعِ الامتناع بها» . هَذَا عَلَى أنَّ المُراد بِالْأَسِنَّةِ جمعْ سِنَانٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا جَمْعُ سِنٍّ فَالْمَعْنَى أمْكنوها مِنَ الرِّعي.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أعْطُوا السِّنَّ حظَّها مِنَ السِّنِّ» أَيْ أعْطُوا ذَوَات السِّنِّ وَهِيَ الدَّوابُّ حظَّها مِنَ السِّن وَهُوَ الرِّعي.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فأمْكِنوا الرِّكاب أَسْنَاناً» أَيْ تَرْعى أسْناَنا.
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «أمَرَني أَنْ آخُذ مِنْ كُل ثَلَاثِينَ مِنَ البقَر تِبيعاً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّة» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: البقرة والشاة يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ المُسِنِّ إِذَا أثْنَيا، وتُثْنَيان فِي السَّنَة الثَّالِثَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَى إِسْنَانِهَا كِبَرها كالرجُل المُسِنِّ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ طُلوع سِنّها فِي السَّنة الثَّالِثَةِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «يُنْفَى مِنَ الضَّحَايَا الَّتِي لَمْ تُسْنَنْ» رَوَاهُ القُتَيْبي بِفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَنْبُت أسْنانها، كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا، كَمَا يُقَالُ لَمْ يُلْبَن فُلَانٌ إِذَا لَمْ يُعْط لَبناً. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهِمَ فِي الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا المحفوظُ عَنْ أَهْلِ الثَّبْت والضبْط بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الْعَرَبِيَّةِ. يُقَالُ لَمْ تُسْنِنْ وَلَمْ تُسِنَّ. وَأَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُضَحَّى بِأُضْحِيَّةٍ لَمْ تُثْنِ:
أَيْ لَمْ تَصِرْ تَنَّية، فَإِذَا أثْنَت فَقَدْ أَسَنَّتْ. وَأَدْنَى الأسْناَن الإثْناَءُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ خَطب فذَكر الرِّبا فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ أَبْوَابًا لَا تَخْفى عَلَى أحدٍ مِنْهَا السَّلّم فِي السِّنِّ» يَعْنِي الرقيقَ والدوابَّ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْحَيَوَانِ. أرادَ ذواتَ السِّنِّ. وسِنُّ الْجَارِحَةِ مُؤَنَّثة. ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ للعُمْر استدِلاَلاً بِهَا عَلَى طُوله وقِصَره. وبَقيَتْ عَلَى التأنيْث.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ:
باَزِلُ عَامَيْن حَدِيثٌ سِنِّي أَيْ أَنَا شابٌ حَدَثٌ فِي العُمر، كَبِير قَوِىٌّ فِي العَقْل والعِلمْ.
(هـ) وَحَدِيثُ عُثْمَانَ «وجاوزتُ أَسْنَانَ أَهْلِ بَيْتِي» أَيْ أعْمارهم. يُقَالُ فُلَانٌ سِنُّ فلانَ، إِذَا كَانَ مثْله في السّنّ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن «لأُوطِئَنَّ أَسْنَانَ العرَب كَعْبَة» يُرِيد ذَوِي أسْناَنهم، وَهُمُ الأكَابِر والأشْرَاف.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «صَدَقني سِنَّ بَكْرِه» هَذَا مَثَلٌ يُضرب للصَّادِق فِي خبَره، وَيَقُولُهُ الإنسانُ عَلَى نَفْسه وَإِنْ كَانَ ضَارًّا لَهُ. وأصلهُ أَنَّ رجُلا ساَوَمَ رَجلا فِي بَكْرٍ ليشْتَريه، فَسَأَلَ صَاحِبَهُ عَنْ سِنِّهِ فَأَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ، فَقَالَ المُشْتَري: صَدَقَني سِنَّ بَكْره.
وَفِي حديثُ بَوْل الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ «فدعاَ بدَلْو مِنْ مَاءٍ فَسَنَّهُ عَلَيْهِ» أَيْ صَبَّه. والسَّنُّ الصَّبُّ فِي سُهُولة. وَيُرْوَى بِالشِّينِ. وَسَيَجِيءُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْخَمْرِ «سَنَّهَا فِي الْبَطْحَاءِ» .
(هـ) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ يَسُنُّ المْاءَ عَلَى وجْهه وَلَا يَشُنُّه» أَيْ كَانَ يَصُبُّه وَلَا يُفَرِّقه عَلَيْهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مَوْتِهِ «فَسُنُّوا عَلىَّ التُّرابــَ سَنّاً» أَيْ ضَعُوه وضْعا سَهْلا.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ حضَّ عَلَى الصَّدَقة، فَقَامَ رَجل قَبِيحُ السُّنَّة» : السُّنَّةُ: الصُّورةُ، وَمَا أقْبل عَلَيْكَ مِنَ الْوَجْهِ. وَقِيلَ سُنَّةُ الْخَدِّ: صَفْحته.
(س) وَفِي حَدِيثِ بَرْوَعَ بنْتِ واشِقٍ «وَكَانَ زوجُها سُنَّ فِي بِئْرٍ» أَيْ تَغيَّر وأنْتَن، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: «مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ» *
أَيْ مُتَغَيّر. وَقِيلَ أَرَادَ بسُنَّ أَسِنَ بِوَزْنِ سَمِعَ، وَهُوَ أَنْ يَدُورَ رأسُه مِنْ رِيح كَرِيهة شَمَّها ويُغْشَى عَلَيْهِ.

عَذِرَ

(عَذِرَ)
(س) فِيهِ «الوليمةُ فِي الإِعْذَارِ حقٌّ» الإِعْذَار: الخِتَان. يُقَالُ: عَذَرْتُه وأَعْذَرْته فَهُوَ مَعْذُور ومُعْذَر، ثُمَّ قِيلَ للطَّعام الَّذِي يُطْعم فِي الخِتان: إِعْذَار.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كُنَّا إِعْذَارَ عامٍ واحدٍ» أَيْ خُتِنَّا فِي عامٍ وَاحِدٍ. وَكَانُوا يُخْتَنُون لِسِنّ مَعْلُومة فِيمَا بَيْن عَشْرِ سِنِيــنَ وخَمسَ عَشْرَةَ. والإِعْذَار بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ:
مَصْدَرُ أَعْذَرَه، فسمَّوا بِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْذُوراً مَسْروراً» أَيْ مَخْتُونا مَقْطوعَ السُّرَّة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ صَيَّاد «أَنَّهُ وَلَدته أمُّه وَهُوَ مَعْذُور مَسْرُور» .
(س) وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ «إنَّ الرَّجُلَ ليُفضي فِي الغَدَاة الوَاحِدَة إِلَى مِائَةِ عَذْرَاء» العَذْرَاء:
الجَارِيةُ الَّتِي لَمْ يمسَّها رَجُلٌ، وَهِيَ البِكْر، وَالَّذِي يَفْتَضُّها أَبُو عُذْرِها وَأَبُو عُذْرَتِها. والعُذْرَة:
مَا لِلبكْر مِنَ الالْتِحَام قَبْلَ الافْتِضاضِ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ:
أتَينَاكَ والعَذْرَاء يَدْمىَ لَبانُها أَيْ يَدْمَى صَدْرُها مِنْ شدَّة الجدْب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النّخَعِيّ «فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَجِد امْرَأتَه عَذْرَاء، قَالَ: لَا شيءَ عَلَيْهِ» لأنَّ العَذْرَة قَدْ تُذْهِبُها الحَيْضَةُ والوثْبَة وطُولُ التَّعْنِيس. وَجَمْعُ العَذْرَاء: عَذَارَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «مَا لَكَ وللعَذَارَى ولِعَابِهنَّ» أَيْ مُلاَعَبَتهنَّ، ويُجمع عَلَى عَذَارِى، كصحارَى وصحارِي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذَارَى وَفِيهِ «لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ مَنْ بَلَغَ مِنَ العمْر سِتِّين سَنَة» أَيْ لَمْ يُبْق فيه موضعا للاعْتِذَار حيث أمهله طول هذه المُدَّة وَلَمْ يَعْتَذِر. يُقَالُ: أَعْذَرَ الرَّجُل إِذَا بَلَغ أقْصَى الغَايَة مِنَ العُذْر. وَقَدْ يكونُ أَعْذَرَ بِمَعْنَى عَذَرَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ المِقْداد «لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْكَ» أَيْ عَذَرَك وجَعَلك موضعَ العُذْر وأسْقَط عَنْكَ الجهَاد ورَخَّص لَكَ فِي تَرْكه، لِأَنَّهُ كانَ قَدْ تَناهى فِي السِّمَن وعَجزَ عَنِ القِتَالِ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لن يهلك النّاس حتى يُعْذِوُرا مِنْ أنْفُسهم» يُقَالُ: أَعْذَرَ فلانٌ مِنْ نَفْسه إِذَا أمْكَن مِنْهَا، يَعْني أنَّهم لَا يَهْلِكُون حَتَّى تَكْثُرَ ذُنُوبهم وعُيُوبهم فيستَوجبُون العُقُوبة وَيَكُونُ لِمَنْ يُعَذِّبُهم عُذْر، كَأَنَّهُمْ قامُوا بعُذْرِه فِي ذَلِكَ. ويُروى بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ عَذَرْتُه وَهُوَ بمعنَاه.
وَحَقِيقَةُ عَذَرْتُ: مَحَوتُ الإساءَة وطمَسْتها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ استَعْذَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عَائِشَةَ كَانَ عَتَبَ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: كُنْ عَذِيرِي منْها إِن أدّبتُها» أَيْ قُمْ بعُذْرِى فِي ذَلِكَ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الْإِفْكِ «فاستَعْذَرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ أُبَيّ، فَقَالَ وهُو عَلَى المِنْبر: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ رجُل قَدْ بَلَغني عَنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا أَعْذِرُك مِنْهُ» أَيْ مَن يَقوم بعُذْرِي إِنْ كَافَأْتُه عَلَى سُوءِ صَنِيعه فَلَا يَلُومُني؟
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْداء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «مَنْ يَعْذِرُني مِنْ مُعاوِية؟ أَنَا أُخْبره عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «مَنْ يَعْذِرُني مِنْ هَؤُلَاءِ الضَّياطِرَة» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «قَالَ وَهُوَ يَنْظر إِلَى ابْنِ مُلْجَم:
عَذِيرَك مِنْ خَلِيلِك مِنْ مُرَادِ» يُقَالُ: عَذِيرَك مِنْ فُلَانٍ بالنَّصْب: أَيْ هَاتِ مَنْ يَعْذِرُك فِيهِ، فَعيلٌ بِمَعْنَى فاعل.
(هـ) وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «قَالَ لِمَنِ اعْتَذَر إِلَيْهِ: عَذَرْتُك غَيرَ مُعْتَذِر» أَيْ مِنْ غَيْر أَنْ تَعْتَذِر، لِأَنَّ المُعْتَذِر يكونُ مُحِقًّا وغَيرَ محقّ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «إِذَا وُضِعَت المائدَة فلْيأكُل الرجُل مِمَّا عنْدَه، وَلَا يَرْفَع يَدَه وَإِنْ شَبع، وليُعْذِرْ، فإنَّ ذَلِكَ يُخْجل جَليسَه» الإِعْذَار: المُبَالغةُ فِي الأمْرِ: أَيْ ليُبالِغ فِي الأكْل، مثْل الْحَدِيثِ الْآخَرِ «أَنَّهُ كَانَ إذَا أَكل مَعَ قَوْم كَانَ آخرَهم أكْلاً» .
وَقِيلَ: إنَّما هُوَ «وليُعَذِّرْ» مِنَ التَّعْذِير: التَّقْصِير. أَيْ ليُقَصِّر فِي الأكْل ليَتَوفَّر عَلَى البَاقِين ولْيُرِ أَنَّهُ يُبَالِغُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «جَاءَنَا بطَعَامٍ جَشِبٍ فكُنَّا نُعَذِّر» أَيْ نُقَصِّر ونُرِي أنَّنا مُجْتَهِدُون.
(هـ س) وَمِنْهُ حَدِيثُ بَنِي إِسْرَائِيلَ «كَانُوا إِذَا عُمِل فِيهِمْ بالمَعَاصِي نَهَوْهم تَعْذِيرا» أَيْ نَهْياً قَصَّرُوا فِيهِ وَلَمْ يُبَالِغُوا، وُضع المصْدر مَوْضِعَ اسْم الْفَاعِلِ حَالًا، كَقَوْلِهِمْ: جَاءَ مَشْياً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «وتَعاطى مَا نَهَيْتُ عَنْهُ تَعْذِيرا» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَتَعَذَّر فِي مَرَضه» أَيْ يتمنَّع ويتعسَّر. وتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ إِذَا صَعُب.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عَاذِر» أَيْ أثرٌ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ رَأَى صَبيًّا أُعْلِق عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَة» العُذْرَة بِالضَّمِّ. وجَعٌ فِي الحَلْق يَهيجُ مِنَ الدَّم. وَقِيلَ: هِيَ قُرْحَة تخرُج فِي الخَرْم الَّذِي بَيْنَ الأنْف والحَلْق تَعْرِض للصَّبيانِ عِنْدَ طُلُوع العُذْرَة، فتَعْمِد المرأةُ إِلَى خِرْقة فتَفْتلها فَتْلاً شَدِيدًا وتُدْخِلُها فِي أنفِه فتَطْعُنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فيتفجَّر مِنْهُ دَمٌ أسودُ، ورُبَّما أقْرَحَه، وَذَلِكَ الطَّعنُ يُسَمَّى الدَّغْر. يُقَالُ: عَذَرَت المرأةُ الصّبيَّ إِذَا غَمزَتْ حَلْقه مِنَ العُذْرَة، أَوْ فعلت به ذلك، وكانو بَعْدَ ذَلك يُعَلِّقُون عَلَيْهِ عِلاقاً كالعُوذَةِ. وَقَوْلُهُ «عِنْدَ طُلُوع العُذْرَة» هِيَ خَمْسَةُ كَواكِب تَحْت الشِّعْرَى العَبُور وتسمَّى العَذَارَى، وَتَطْلُعُ فِي وسَط الْحَرِّ.
وَقَوْلُهُ: «مِنَ العُذْرَة» : أَيْ مِنْ أجْلِها.
(س) وَفِيهِ «لَلْفقْرُ أَزْينُ للمؤْمِن مِنْ عِذَار حَسَنٍ عَلَى خَدِّ فَرس» العِذَارَان مِنَ الفَرَس كالعارِضَين مِنْ وَجْهِ الإنْسان، ثُمَّ سُمِّي السَّير الَّذِي يكونُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّجامِ عِذَارا بَاسِمِ موضعه. وَمِنْهُ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ «اسْتَعملتك عَلَى الْعِرَاقَيْنِ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمَا كميشَ الْإِزَارِ شَدِيدَ العِذَار» يُقَالُ للرجُل إذَا عَزَم عَلَى الْأَمْرِ: هُوَ شَديدُ العِذَار، كَمَا يُقَالُ فِي خلاِفه: فُلانٌ خَلِيعُ العِذَار، كَالْفَرَسِ الَّذِي لَا لِجَامَ عَلَيْهِ، فَهُوَ يَعير عَلَى وجْهه، لِأَنَّ اللِّجام يُمْسِكه.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «خَلَع عِذَارَه» إِذَا خَرج عَنِ الطَّاعَة وانْهَمَك فِي الغَيِّ.
(س) وَفِيهِ «اليهودُ أنْتَنُ خَلْق اللَّهِ عَذِرَة» العَذِرَة: فِناء الدَّار وناحِيَتُها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ اللَّهَ نظيفٌ يُحب النَّظافة، فنَظّفوا عَذِرَاتِكم وَلَا تَشَبَّهوا باليَهود» .
وَحَدِيثُ رُقَيقة «وَهَذِهِ عِبِدَّاؤك بعَذِرَاتِ حَرَمِك» (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «عاتَبَ قَوْما فَقَالَ: مَا لَكم لَا تُنَظِّفون عَذِرَاتِكم» أَيْ أفْنِيتَكم.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَرِه السُّلْت الَّذِي يُزْرَع بالعَذِرَة» يُريد الغَائِطَ الَّذِي يُلْقيه الإنْسانُ. وسُمّيت بالعَذِرَة، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُلْقُونها فِي أفْنِيَةِ الدُّورِ.

عَرَهَ

(عَرَهَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُروة بْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ: وَاللَّهِ مَا كلَّمْت مَسْعُودَ بْنَ عَمْرو مُنْذ عَشْر سِنِيــنَ، والليلَةَ أُكَلِّمُهُ! فخَرج فنَادَاه، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُرْوَةُ، فأقْبَلَ مسعودٌ وَهُوَ يقولُ: أطَرَقْتَ عَرَاهِيَه، أَمْ طَرَقْتَ بِدَاهيه؟» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا حرفٌ مُشْكل. وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهِ إِلَى الْأَزْهَرِيِّ، وَكَانَ مِنْ جَوابه أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ فِي كَلَامِ العَرَب. وَالصَّوَابُ عِنْدَه «عَتَاهِيهْ» وَهِيَ الغَفْلَةُ والدّهَشُ: أَيْ أطرقْتَ غَفْلَةً بِلا رَوِيّةٍ، أَوْ دَهَشاً؟.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ لَاحَ لِي فِي هَذَا شَيءٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الكلِمةُ مُرَكَّبَةً مِنِ اسْمَين: ظاهرٍ ومَكْنِيٍّ وَأَبَدَلَ فِيهِمَا حرْفاً، وأصْلُها إمَّا مِنَ العَرَاء وَهُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَإِمَّا مِنَ العَرَا مقْصُوراً، وَهُوَ النَّاحِية، كَأَنَّهُ قَالَ: أطَرَقْتَ عَرَائي: أَيْ فِنائي زَائِرًا وَضيفاً، أَمْ أصَابَتْك دَاهِيةٌ فجئْتَ مسْتَغِيثاً، فالهاءُ الْأُولَى مِنْ عَرَاهِيَه مُبْدلةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَالثَّانِيَةُ هاءُ السَّكْتِ زيدَت لبَيانِ الحَركةِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «يَحتمل أَنْ تَكُونَ بِالزَّايِ، مَصْدَرُ عَزِه يعْزَه فَهُوَ عَزِهٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أرَبٌ فِي الطَّرْق. فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أطَرَقتَ بِلَا أربٍ وحاجَةٍ. أَمْ أصَابَتْك داهيةٌ أحوجَتْك إِلَى الاسْتغاثة» .

قَرَنَ

(قَرَنَ)
(هـ) فِيهِ «خيرُكم قَرْني، ثُمَّ الَّذِينَ يَلونهم» يَعْنِي الصَّحَابَةَ ثُمَّ التَّابِعِينَ.
والقرْن: أَهْلُ كُلِّ زَمَانٍ، وَهُوَ مِقْدار التَّوَسُّط فِي أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ. مَأْخُوذٌ مِنَ الاقْتران، وَكَأَنَّهُ المِقدار الَّذِي يَقْتَرِن فِيهِ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ.
وَقِيلَ: القَرْن: أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: ثَمَانُونَ. وَقِيلَ: مِائَة. وَقِيلَ: هُوَ مُطلَقٌ مِنَ الزَّمَانِ. وَهُوَ مَصْدَرُ: قَرَن يَقْرِن.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ غُلام وَقَالَ: عِشْ قَرْناً، فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فارسُ نَطْحَةً أَوْ نَطْحَتين»
، ثُمَّ لَا فارِسَ بَعْدَهَا أَبَدًا، والرومُ ذَاتُ القُرُون، كُلَّمَا هَلَكَ قرْن خَلَفَه قرْن» فالقُرُون جَمْعُ قرْن.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ طاعةَ قَوْم، وَلَا فارسَ الأكارِم، وَلَا الرُّوم ذَاتَ القُرُون» وَقِيلَ: أَرَادَ بالقُرون فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ: الشُّعور ، وَكُلُّ ضَفيرة مِنْ ضَفائر الشَّعْرِ: قَرْن.
وَمِنْهُ حَدِيثُ غُسل الْمَيِّتِ «ومَشَطناها ثَلَاثَةَ قُرُون» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «قَالَ لأسْماء: لَتَأتِينِّي، أَوْ لأبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبك بقُرونك» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَرْدَم «وبقَرْنِ أيِّ النِساء هِيَ؟» أَيْ بِسِنَّ أيِّهنّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ قَيْلة «فَأَصَابَتْ ظُبَتُه طَائِفَةً مِنْ قُرُون راسِيَة» أَيْ بَعْضِ نَواحي رَأْسِي.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَليٍّ: إِنَّ لَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّكَ ذُو قرْنَيها» أي طَرَفي الجنة وجانِبْيها. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَنَا أحْسِبُ أَنَّهُ أَرَادَ ذُو قَرْنَيِ الأمَّة، فأضْمر.
وَقِيلَ: أَرَادَ الْحَسَنَ والحُسين.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَذَكَرَ قصَّة ذِي القَرْنين ثُمَّ قَالَ: وَفِيكُمْ مِثْلُه» فيُرَى أَنَّهُ إِنَّمَا عَني نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ ضُرِب عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَالْأُخْرَى ضَرْبَةُ ابْنِ مُلْجَمٍ.
وَذُو القَرْنين: هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ، سُمّي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَلَك الشَّرق وَالْغَرْبَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ فِي رأسِه شِبْه قَرْنَيْن. وَقِيلَ: رَأَى فِي النَّوم أَنَّهُ أخَذَ بقَرْنَي الشَّمْسِ.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «الشَّمْسُ تَطْلُع بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ» أَيْ ناحِيَتَي رأسِه وجانِبَيْه. وَقِيلَ:
القَرْن: القٌوّة: أَيْ حِينَ تَطْلُع يَتَحَرَّك الشَّيْطَانُ ويَتَسلَّط، فَيَكُونُ كالمُعِين لَهَا.
وَقِيلَ: بَيْنَ قَرْنَيْه: أَيْ أمَّتَيْه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. وَكُلُّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِمَنْ يَسْجد لِلشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا، فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ سَوّل لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا سجَد لَهَا كَانَ كَأَنَّ الشَّيْطَانَ مُقْتَرِنٌ بِهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ خَبَّاب «هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلع» أَرَادَ قَوْماً أحْداثاً نَبَغوا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونُوا. يَعْنِي القُصَّاص.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِدْعةً حَدَثَت لَمْ تَكُنْ فِي عَهْد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «فوجَده الرَّسُولُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القرْنَيْن» هُمَا قَرْنا الْبِئْرِ المَبْنِيَّان عَلَى جانِبَيها، فَإِنْ كَانَتَا مِنْ خَشَب فهُما زُرْنُوقان.
وَفِيهِ «أَنَّهُ قَرَن بَيْنَ الْحَجِّ والعُمْرة» أَيْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِنَّية وَاحِدَةٍ، وتَلْبِية وَاحِدَةٍ، وإحْرام واحدٍ، وَطَوَافٍ وَاحِدٍ، وسَعْي وَاحِدٍ، فَيَقُولُ: لَبَّيْك بحَجَّة وعُمْرة. يُقَالُ: قَرَن بَيْنَهُمَا يَقْرِن قِرانا، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أفْضل مِنَ الْإِفْرَادِ والتَّمَتُّع.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ القِران، إلاَّ أنْ يَسْتأذِن أحدُكم صاحبَه» ويُرْوَى «الإِقْران» وَالْأَوَّلُ أصحُّ. وَهُوَ أَنْ يَقْرُن بَيْنَ التَّمْرَتَين فِي الْأَكْلِ. وَإِنَّمَا نَهى عَنْهُ لأنَّ فِيهِ شَرهاً وَذَلِكَ يُزْري بِصَاحِبِهِ، أَوْ لأنَّ فِيهِ غَبْناً بِرَفيقه.
وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهى عَنْهُ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ شِدة الْعَيْشِ وقِلَّة الطَّعام، وَكَانُوا مَعَ هَذَا يُواسون مِنَ الْقَلِيلِ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى الْأَكْلِ آثَرَ بعضُهم بَعْضًا عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي القَوْم مَنْ قَدِ اشْتَدَّ جوعُه، فربَّما قَرَنَ بَيْنَ التمْرَتَيْن، أَوْ عَظَّم اللُّقْمة. فأرْشَدهم إِلَى الإذْن فِيهِ، لِتَطيبَ بِهِ أنْفُس الْبَاقِينَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَبَلة «قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْث العِراق، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقنا التَّمر، وَكَانَ ابْنُ عُمر يَمُرّ فَيَقُولُ: لَا تُقَارِنوا إِلَّا أَنْ يَسْتأذِنَ الرجُل أَخَاهُ» هَذَا لأجْل مَا فِيهِ مِنَ الغَبْن، ولأنَّ مِلْكهم فِيهِ سَواء. ورُوِي نحوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّة.
وَفِيهِ «قَارِنوا بَيْنَ أبنائِكم» أَيْ سَوُّوا بَيْنَهُمْ وَلَا تُفَضِّلوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
ورُوِي بِالْبَاءِ الموحَّدة، مِنَ الْمُقَارَبَةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَرَّ برَجُلَين مُقْتَرِنَيْن، فَقَالَ: مَا بالُ القِران؟ قَالَا:
نَذَرْنا» أَيْ مَشْدُودَيْن أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ بحَبل. والقَرَن بِالتَّحْرِيكِ: الحْبل الَّذِي يُشَدّانِ بِهِ. وَالْجَمْعُ نفسُه: قَرَن أَيْضًا. والقِرانُ: الْمَصْدَرُ والحَبْل.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ فِي قَرَن» أَيْ مجْمُوعان فِي حَبْل، أَوْ قِرَان.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الضالَّة «إِذَا كَتَمها آخِذُها فَفِيهَا قَرِينَتُها مِثْلُها» أَيْ إِذَا وَجَد الرجُل ضالَّة مِنَ الْحَيَوَانِ وكتَمها وَلَمْ يُنْشِدْها، ثُمَّ تُوجَد عِنْدَهُ فَإِنَّ صاحبَها يَأْخُذُهَا ومِثْلَها مَعَهَا مِنْ كاتِمِها.
وَلَعَلَّ هَذَا قَدْ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسخ، أَوْ هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّأْدِيبِ حَيْثُ لَمْ يُعرِّفها.
وَقِيلَ: هُوَ فِي الْحَيَوَانِ خاصَّة كَالْعُقُوبَةِ لَهُ.
وَهُوَ كَحَدِيثِ مانِع الزَّكَاةِ «إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه» والقَرِينة: فَعيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِنَ الاقْتِرَان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى «فَلَمَّا أتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: خُذْ هَذيْنِ القَرِينَين» أَيِ الجَمَلْين المَشْدُودَيْن أحدُهما إِلَى الآخَر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وطَلحة يُقَالُ لَهُمَا: القَرِينان» لأنَّ عُثْمَانَ أَخَا طَلْحة أخَذَهما فقَرَنَهما بحَبْل . (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا مِن أحدٍ إلاَّ وُكّلَ بِهِ قَرِينُه» أَيْ مُصاحِبُه مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ.
وكُلُّ إِنْسَانٍ فَإِنَّ مَعَهُ قَرِيناً مِنْهُمَا، فقَرِينُه مِنَ الْمَلَائِكَةِ يأمُره بِالْخَيْرِ ويَحُثُّه عَلَيْهِ، وقَرِينه مِنَ الشَّيَاطِينِ يأمُرُه بالشَّرّ ويَحُثُّه عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فقاتِلْه فإنَّ مَعَهُ القَرِين» وَالْقَرِينُ: يَكُونُ فِي الْخَيْرِ والشَّر.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قُرِنَ بِنُبُوّتِه عَلَيْهِ السَّلَامُ إسْرافيل ثلاثَ سِنِيــنَ، ثُمَّ قُرِنَ بِهِ جِبْرِيلُ» أَيْ كَانَ يَأْتِيهِ بالوَحْي.
(هـ) وَفِي صِفَته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «سَوابغَ فِي غَيْرِ قَرَن» القَرَن- بِالتَّحْرِيكِ- الْتِقاء الحاجِبَين. وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَت أُمُّ مَعْبَد، فَإِنَّهَا قَالَتْ فِي صِفَته «أزَجّ أَقْرَن» أَيْ مَقْرُون الحاجبَيْن، وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ فِي صِفته.
وَ «سَوابِغ» حالٌ مِنَ المْجرور وَهُوَ الحَواجِب: أَيْ أَنَّهَا دَقّت فِي حَالِ سُبوغها، ووُضع الحَواجِب مَوْضِعَ الحاجِبَين، لأنَّ التَّثنِية جَمْع.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ «أَنَّهُ وَقتَ لأهْل نَجْد قَرْناً» وَفِي رِوَايَةٍ «قَرْنَ المَنازل» هُوَ اسْمُ موضعٍ يُحرِم مِنْهُ أَهْلُ نَجْد. وَكَثِيرٌ ممَّن لَا يَعْرف يَفْتَح رَاءَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالسُّكُونِ، ويُسَمَّى أَيْضًا «قَرْن الثَّعالب» . وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ احتَجَم عَلَى رَأْسِهِ بقَرْنٍ حِينَ طُبَّ» وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ، فَإِمَّا هُوَ المِيقاتُ أَوْ غَيْرُهُ. وَقِيلَ: هُوَ قَرْن ثَوْر جُعِل كالمحْجَمة.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِذَا تَزَوَّجَ المرأةَ وَبِهَا قَرْنٌ فَإِنْ شَاءَ أمْسَك وَإِنْ شَاءَ طَلّق» القَرْن بِسُكُونِ الرَّاءِ: شَيْءٌ يَكُونُ فِي فَرْج الْمَرْأَةِ كالِسنّ يَمنع مِنَ الوَطْء، وَيُقَالُ لَهُ: العَفَلة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «فِي جاريةٍ بِهَا قَرْن، قَالَ: أقْعِدوها، فَإِنْ أَصَابَ الأرضَ فَهُوَ عَيْب، وَإِنْ لَمْ يُصِبْها فَلَيْسَ بعَيْب» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ وَقَف عَلَى طَرَف القَرْن الأسْود» هُوَ بِالسُّكُونِ: جُبَيْل صَغِيرٌ. (س) وَفِيهِ «أنَّ رجُلاً أَتَاهُ فَقَالَ: عَلَّمني دُعاءً، ثُمَّ أَتَاهُ عِنْدَ قَرْن الحَوْل» أَيْ عِنْدَ آخِرِ الحوْل [الْأَوَّلِ] وَأَوَّلِ الثَّانِي.
وَفِي حَدِيثِ عُمر وَالأُسقُفّ «قَالَ: أجِدُك قَرْنا، قَالَ: قَرْن مَهْ؟ قَالَ: قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ» القَرْن بِفَتْحِ الْقَافِ: الحَصْن، وجَمْعُه قُرون، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا صَياصِي.
وَفِي قَصِيدُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
إِذَا يُسَاوِرُ قِرْناً لَا يَحِلُّ لَهُ ... أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إِلَّا وهْو مَجْدُولُ
القِرْن بِالْكَسْرِ: الكُفْء والنَّظير فِي الشَّجاعة والحَرْب، ويُجْمَع عَلَى: أَقْران. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ مُفْرداً وَمَجْمُوعًا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ «بِئْسَ مَا عَوَّدْتم أَقْرَانَكُم» أَيْ نُظَراءكم وَأَكْفَاءَكُمْ فِي الْقِتَالِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ «سَأَلَ رسولَ اللَّهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي القَوس والقَرَن، فَقَالَ:
صَلّ فِي القَوْس واطْرَح القَرَن» القَرَن بِالتَّحْرِيكِ: جَعْبَة مِنْ جُلود تُشَقّ ويَجْعل فِيهَا النُّشَّاب، وَإِنَّمَا أمَرَه بَنَزْعِه، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ جِلْد غَيْرِ ذَكِيٍّ وَلَا مَدْبُوغ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كالنَّبْل فِي القَرَن» أَيْ مَجْتَمِعون مِثْلَها.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُميَر بْنِ الْحَمَّامِ «فأخْرَج تَمْراً مِنْ قَرَنه» أَيْ جَعْبَته، ويُجْمَع عَلَى:
أَقْرُن، وأَقْرَان، كجَبَل وأجْبُل وَأَجْبَالٍ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَعاهَدوا أَقْرَانكم» أَيِ انْظُروا هَلْ هِيَ مِنْ ذَكِيَّة أَوْ مَيِّتة، لأجْل حَمْلِها فِي الصَّلَاةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لرجَل: مَا مالُك؟ قَالَ: أَقْرُنٌ لِي وآدِمَةٌ فِي المَنِيئة، فَقَالَ:
قَوِّمْها وزَكِّها» .
وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسار «أَمَّا أَنَا فإنِّي لِهَذِهِ مُقْرِن» أَيْ مُطِيق قادِرٌ عَلَيْهَا، يَعْنِي ناقَتَه.
يقال: أَقْرَنْت للشيء فأنا مُقْرِن: أي أطاقَه وقَوِيَ عليه. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى «وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» .

كَبَسَ

(كَبَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَقِيل «إِنَّ قُريشاً قَالَتْ لِأَبِي طَالِبٍ: إِنَّ ابنَ أخِيك قَدْ آذَانَا فانْهَهُ، فَقَالَ: يَا عَقِيل ائْتِنِي بمُحَمَّد، قَالَ: فانْطَلَقْت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاسْتَخْرَجْتُه مِنْ كِبْسٍ» الكِبْسُ بِالْكَسْرِ: بَيْت صَغِيرٌ.
ويُرْوَى بالنُّون، مِنَ الكِناس، وَهُوَ بَيْت الظَّبْيِ.
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «فوجَدوا رجَالاً قَدْ أكَلَتْهُم النارُ إلاَّ صُورة أحَدِهم يُعْرف بها، فاكْتَبَسوا، فأُلْقُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ» أَيْ أدْخَلوا رُءُوسَهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ. يُقَالُ: كَبَس الرجُلُ رَأْسَهُ في ثوبه إذا أخْفاه.
[هُـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقْتل حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ وَحْشٍي: فكمِنْتُ لَهُ إِلَى صَخْرة وَهُوَ مُكَبِّسٌ، لَهُ كَتِيتٌ» أَيْ يَقْتحم النَّاسَ فَيُكَبِّسُهم.
وَفِيهِ «أَنَّ رجُلاً جَاءَ بكَبَائِسَ مِنْ هَذِهِ النَّخل» هِيَ جَمْع كِبَاسَة، وَهُوَ العِذْق التَّام بشَماريخه وَرُطَبه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «كبائسُ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ» .
كَبَسَ البِئْرَ والنَّهْرَ يَكْبِسُهما: طَمَّهُما بالتُّرابِ،
وذلك التُّرابُ: كِبْسٌ، بالكسر،
وـ رأسَهُ في ثَوْبِهِ: أخْفَاهُ، وأدْخَلَهُ فيه، وغارٌّ في أصْلِ الجبَلِ،
وـ دارَهُ: هَجَمَ عليه، واحْتَاطَ.
والكِبْسُ، بالكسر: الرأسُ الكبيرُ، وبيتٌ من طينٍ، والأصْلُ.
وهو في كِبْسِ غِنًى: في أصلِهِ.
والأكْبَسُ: الفَرْجُ الناتِئُ، ومن أقْبَلَتْ هامَتُهُ وأدْبَرَتْ جَبْهَتُهُ. وكغُرَابٍ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ، والعظيمُ الرأسِ، ومن يَكْبِسُ رأسَهُ في ثِيَابِهِ ويَنَامُ، وابنُ جعفَرِ بنِ ثَعْلَبَةَ. وعليُّ بنُ قُسَيْمِ بنِ كُباسٍ: محدِّثٌ.
والكِبَاسَةُ، بالكسر: العِذْقُ الكبيرُ.
والكَبيسُ: ضَرْبٌ من التَّمْرِ، وحَلْيٌ مُجَوَّفٌ مَحْشُوٌّ طِيباً.
والسَّنَةُ الكَبِيسَةُ: التي يُسْتَرَقُ منها يومٌ، وذلك في كل أربعِ سِنِيــنَ.
وكزُبَيْرٍ: ع. وكجُهَيْنَةَ: عَيْنٌ في طَرَفِ بَرِّيَّةِ السَّماوَةِ قُرْبَ هِيْتَ.
والكابوسُ: ما يَقَعُ على الإِنسانِ بالليل، لا يَقْدِرُ معه أن يَتَحَرَّكَ، مُقَدِّمَةٌ للصَّرْعِ، وضَرْبٌ من الجماعِ.
وقد كَبَسَهَا يَكْبِسُهَا: جامَعَهَا مرَّةً.
والأرْنَبَةُ الكابِسَةُ: المُقْبِلَةُ على الشَّفَةِ العُلْيَا.
وجاء كابِساً، أي: شادّاً. وعابِسٌ كابِسٌ: إتْبَاعٌ.
والجِبالُ الكُبَّسُ، كرُكَّعٍ: الصِّلابُ الشِّدَادُ.
والمُكَبِّسُ، كمُحَدِّثٍ: المُطْرِقُ، أو من يَقْتَحِمُ الناسَ فَيَكْبِسُهُمْ، وفرسُ عُتَيْبَةَ بنِ الحارِثِ، وفرسُ عَمْرِو بنِ صُحارٍ. وكابِسُ بنُ ربيعَةَ: تابِعِيٌّ، وكان يُشَبَّهُ برسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم.

كَيَسَ

(كَيَسَ)
- فِيهِ «الكَيِّسُ مَن دانَ نَفْسَه وعَمِل لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ» أَيِ الْعَاقِلُ. وَقَدْ كاسَ يَكِيسُ كَيْساً. والكَيْس: الْعَقْلُ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ» أَيْ أعْقَل.
(هـ) وَفِيهِ «فَإِذَا قَدِمْتُم فالكَيْسَ الكَيْسَ» قِيلَ: أَرَادَ الْجِمَاعَ فجَعل طَلَب الوَلَد عَقْلاً.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي رِوَايَةِ «أتُراني إِنَّمَا كِسْتُك لآِخُذَ جَملك» أَيْ غَلَبْتُك بالكَيْس.
يُقَالُ: كَايَــسَنِي فكِسْتُه: أَيْ كنتُ أَكْيَس مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ اغِتسال الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ «إِذَا كَانَتْ كَيِّسَة» أَرَادَ بِهِ حُسْنَ الْأَدَبِ فِي استِعمال الماء مع الرجل. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَكَانَ كيَّسَ الفِعْل» أَيْ حَسَنَه. والكَيْسُ فِي الْأُمُورِ يَجْرِي مَجْرَى الرِّفْق فِيهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَمَا تَرانِي كيِّساً مُكَيَّساً
المُكيَّس: الْمَعْرُوفُ بالكَيْس.
وَفِيهِ «هَذَا مِنْ كِيس أَبِي هُرَيْرَةَ» أَيْ مِمَّا عِنْدَهُ مِنَ العِلم المُقْتَنَى فِي قَلبْه، كَمَا يُقْتَنَى الْمَالُ فِي الكِيس.
ورَواه بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْكَافِ: أَيْ مِنْ فِقْهِه وفِطْنَتهِ، لَا مِنْ روايِته.

مَلَأَ

(مَلَأَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «المَلَإِ» فِي الْحَدِيثِ. والمَلأ: أشرافُ النَّاسِ ورؤَساؤُهم، ومُقَدَّموهم الَّذِينَ يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِمْ. وجمعُه: أَمْلَاء.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ سمِع رجُلاً، مُنْصَرَفَهُم مِنْ غَزْوةِ بدْرٍ، يَقُولُ: مَا قتَلْنا إلاَّ عَجائِزَ صُلْعاً، فَقَالَ: أُولَئِكَ المَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ حضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ» أَيْ أشرافُ قُرَيْشٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «هَلْ تَدْري فيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الْأَعْلَى؟» يُرِيدُ الملائكةَ المقرَّبين.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ «أَكَانَ هَذَا عَنْ مَلَإٍ مِنْكُمْ؟» أَيْ تَشاوُر مِنْ أشرافِكم وجماعتِكم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتادة «لَّما ازْدَحَمَ الناسُ عَلَى المِيضَأة قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحْسِنوا المَلَأَ فكلُّكم سَيَرْوَى» المَلَأُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَالْهَمْزَةِ كَالْأَوَّلِ: الخُلُقُ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
تَنَادَوْا يَا لبهثة إذا رَأَوْنا ... فَقُلْنا: أحْــسِنِي مَلَأ جُهَيْنا
وأكثرُ قُرَّاءِ الحديث يَقْرَأونها «أحسِنوا المِلْءَ» بكَسر الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ، مِنْ مِلْءِ الْإِنَاءِ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أحسِنوا أَمْلَاءَكم» أَيْ أخلاقَكم.
وَفِي حَدِيثِ الأعرابيِّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ «فَصَاحَ بِهِ أصحابهُ، فقال: أحسِنوا مَلَأً» أي خُلُقاً. وَفِي غَرِيبِ أَبِي عُبَيْدَةَ «مَلَأً: أَيْ غَلَبَةً» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «أَنَّهُمُ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: أحسنوا مَلَأَكُم أيها المَرْؤُون» .
(س) وَفِي دُعَاءِ الصَّلَاةِ «لَكَ الحمدُ مِلْءَ السموات وَالْأَرْضِ» هَذَا تمثيلٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَسَعُ الأماكنَ. وَالْمُرَادُ بِهِ كثرةُ الْعَدَدِ.
يَقُولُ: لَوْ قُدِّر أَنْ تَكُونَ كلماتُ الحمدِ أجْساماً، لَبَلَغَت من كثرتِها أن تَملَأَ السموات وَالْأَرْضَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ تفخيمَ شَأْنِ كلمةِ الْحَمْدِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أجرَها وثوابَها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ إِسْلَامِ أَبِي ذرٍّ «قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الفَم» أَيْ أَنَّهَا عظيمةٌ شَنِيعَةٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ تُحكى وتُقال، فَكَأَنَّ الفمَ مَلآنُ بِهَا، لَا يَقْدر عَلَى النطقِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «امْلَئُوا أَفْوَاهَكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «مِلْءُ كِسَائها، وغَيْظ جَارَتِها» أَرَادَتْ أَنَّهَا سَمينةٌ، فَإِذَا تَغَطَّت بكِسائها مَلَأَتْهُ.
وَفِي حَدِيثِ عِمرانَ ومَزادةِ الْمَاءِ «إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أشدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتُدِىءَ فِيهَا» أَيْ أشدُّ امتِلَاءً. يُقَالُ: مَلَأْتُ الإناءَ أَمْلَؤُهُ مَلْأً. والمِلْءُ: الاسمُ. والمِلْأَة أخَصُّ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «فرأيتُ السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كَأَنَّهُ المُلَاءُ حِينَ تُطْوَى» المُلَاءُ، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ: جَمْعُ مُلاءةٍ، وَهِيَ الْإِزَارُ وَالرَّيْطَةُ.
وَقَالَ بعضُهم: إنَّ الْجَمْعَ مُلَأٌ، بِغَيْرِ مدٍّ. والواحدُ مَمْدُودٌ. والأوّلُ أثبتُ.
شَبَّهَ تَفَرُّقَ الغَيم وَاجْتِمَاعَ بعضِه إِلَى بَعْضٍ فِي أَطْرَافِ السَّمَاءِ بِالْإِزَارِ، إِذَا جُمِعَت أطرافهُ وطُوِيَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْلة «وَعَلَيْهِ أسمالُ مُلَيَّتْين» هِيَ تَصْغِيرُ مُلَاءَةٍ، مُثَنَّاةً مخففةَ الْهَمْزِ.
وَفِي حَدِيثِ الدَّيْن «إِذَا أُتْبِع أحدُكم عَلَى مَلِىءٍ فلْيَتْبَعْ » المَلِىءُ بِالْهَمْزِ: الثِقةُ الغنيُّ.
وَقَدْ مَلُؤَ، فَهُوَ مَلِىءٌ بيَّن المَلَاءِ والمَلاءةِ بِالْمَدِّ. وَقَدْ أُولِعَ الناسُ فِيهِ بِتَرْكِ الْهَمْزِ وتشديدِ الياء. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا مَلِىءٌ وَاللَّهِ بإصْدار مَا ورَد عَلَيْهِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «لَوْ تَمالَأَ عَلَيْهِ أهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم بِهِ» أَيْ تَساعَدوا وَاجْتَمَعُوا وَتَعَاوَنُوا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «واللهِ مَا قتلتُ عثمانَ وَلَا مَالَأْتُ فِي قَتْلِه» أَيْ مَا ساعدتُ وَلَا عاوَنْتُ.

نَثَرَ

نَثَرَ الشيءَ يَنْثُرُهُ ويَنْثِرُه نَثْراً ونِثاراً: رَماهُ مُتَفَرِّقاً.
كَنَثَّرَهُ فانْتَثَرَ وتَنَثَّرَ وتَنَاثَرَ.
والنُّثَارَةُ، بالضم، والنَّثَرُ، بالتحريك: ما تَناثَرَ منه، أو الأُولَى تُخَصُّ بما يَنْتَثِرُ من المائِدَة فَيُؤْكَلُ للثَّوابِ.
وتَنَاثَروا: مَرِضوا فَماتوا.
والنَّثورُ: الكثيرَةُ الوَلَدِ، والشاةُ تَطْرَحُ من أنْفها كالدُّودِ،
كالناثِرِ، والواسِعَةُ الإِحْليلِ.
والنَّيْثُرانُ، كرَيْهُقانٍ وككتِفٍ ومِنْبَرٍ: الكثيرُ الكلامِ.
ونَثَرَ الكلاَمَ والوَلَدَ: أكثَرَه.
والنَّثْرَةُ: الخَيْشومُ وما والاهُ، أو الفُرْجَةُ بَيْنَ الشارِبَيْنِ حِيالَ وَتَرَةِ الأَنْفِ، وكَوْكَبانِ بينهما قدرُ شِبْرٍ، وفيهما لَطْخُ بَياضٍ كأنه قِطْعَةُ سَحابٍ، وهي أنفُ الأَسَدِ، والدِّرْعُ السَّلِسَةُ المَلْبَسِ، أو الواسِعَةُ، والعَطْسَةُ.
والنَّثيرُ للدَّوابِّ: كالعُطاسِ لنا، نَثَرَ يَنْثِرُ نَثيراً.
واسْتَنْثَرَ: اسْتَنْشَقَ الماءَ، ثم اسْتَخْرَجَ ذَلك بِنَفَسِ الأَنْفِ،
كانْتَثَرَ.
والمِنْثارُ: نَخْلَةٌ يَتَنَاثَرُ بُسْرُها.
وأنْثَرَهُ: أرْعَفَه، وألْقاهُ على خَيْشومه،
وـ الرَّجُلُ: أخْرَجَ ما في أنْفِهِ، أو أخْرَجَ نَفَسَه من أنْفِهِ، وأدْخَلَ الماءَ في أنْفِهِ،
كانْتَثَرَ واسْتَنْثَرَ.
والمُنَثَّرُ، كمُعَظَّمٍ: الضَّعيفُ لا خَيْرَ فيه.
(نَثَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ «إِذَا تَوضَّأتَ فَانْثِرْ » .
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فَاسْتَنْثِرْ» .
وَفِي آخَرَ «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَنْثِرْ» .
وَفِي آخَرَ «كَانَ يَسْتنشِقُ ثَلَاثًا، فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَنْثِرُ» .
نَثَرَ يَنْثِرُ، بِالْكَسْرِ، إِذَا امْتَخَطَ. واسْتَنْثَرَ: اسْتَفْعَل مِنْهُ. أَيِ اسْتَنْشَق الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرج مَا فِي الْأَنْفِ فَيَنْثِرُهُ.
وَقِيلَ: هُوَ مِنْ تَحْرِيكِ النَّثْرَة،، وَهِيَ طَرَف الْأَنْفِ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُروَى «فَأَنْثِرْ» بألِفٍ مَقْطُوعَةٍ. وَأَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُجيزونه. وَالصَّوَابُ بِأَلْفِ الْوَصْلِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وحُذَيفة فِي الْقِرَاءَةِ «هذَّا كهَذِّ الشِّعْر، ونَثْراً كَنَثْرِ الدَّقَل» أَيْ كَمَا يَتَسَاقَطُ الرُّطَب الْيَابِسُ مِنَ العِذْق إِذَا هُزَّ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فلمَّا خَلاَ سِنِّي، ونَثَرتُ لَهُ ذَا بَطْنى» أَرَادَتْ أَنَّهَا كَانَتْ شَابَّةً تَلِدُ الْأَوْلَادَ عِنْدَهُ. وامرأةٌ نَثُورٌ: كثيرةُ الوَلَد.
(هـ) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «أيُواقِفُكم العدُوُّ حَلْبَ شاةٍ نَثُورٍ؟» هِيَ الواسِعة الإحْليل، كَأَنَّهَا تَنْثُر اللَّبَنَ نَثْراً.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «الجَرادُ نَثْرَةُ الْحُوتِ» أَيْ عَطْسَتُه.
وَحَدِيثِ كَعْبٍ «إِنَّمَا هُوَ نَثْرَة حُوتٍ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «ويَمِيسُ فِي حَلَقِ النَّثْرَةِ» هِيَ مَا لَطُفَ مِنَ الدُّروع: أَيْ يَتَبَخْتر فِي حَلَقِ الدِّرْع.

نَجَذَ

(نَجَذَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ ضَحِك حَتَّى بدَت نَواجِذُه» النَّوَاجِذُ مِنَ الأسْنان: الضَّواحِك، وَهِيَ الَّتِي تَبْدو عِنْدَ الضَّحك. وَالْأَكْثَرُ الأشْهَر أَنَّهَا أقْصى الأسْنان. وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَبْلُغ بِهِ الضَّحِك حَتَّى تِبْدُوَ أَوَاخِرُ أضْراسه، كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِي صِفَةِ ضَحكه: «جُلُّ ضَحِكه التَّبَسُّم» .
وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الأواخِرُ، فالوجْه فِيهِ أَنْ يُرادَ مُبالغةُ مِثِله فِي ضَحِكه، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرادَ ظُهور نَواجِذه فِي الضحِك، وَهُوَ أقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ؛ لاشْتهارِ النَّواجذ بأواخِر الْأَسْنَانِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ العِرباض «عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجذ» أَيْ تمسَّكوا بِهَا، كَمَا يَتَمَسَّك العاضُّ بِجَمِيعِ أضراسِه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «ولَن يَليَ الناسَ كقُرشيٍ عَضَّ عَلَى نَاجِذِهِ» أَيْ صَبَر وتَصَلَّب.
فِي الْأُمُورِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إنَّ المَلَكَين قاعِدان عَلَى ناجِذيِ الْعَبْدِ يَكْتُبان» يَعْنِي سِنَّيــه الضاحِكين، وَهُمَا اللَّذان بَيْنَ النَّابِ وَالْأَضْرَاسِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ النابَيْن. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. 

نَفَسَ

(نَفَسَ)
[هـ] فِيهِ «إِنِّي لأَجِدُ نَفَسَ الرحمنِ مِن قِبَلِ اليَمَن» وَفِي رِوَايَةٍ «أجِدُ نفَسَ رَبِّكم» قِيلَ: عَنَى بِهِ الْأَنْصَارَ؛ لأنَّ اللَّه نَفَّسَ بِهِمُ الكَرْبَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، وهُم يَمَانُون؛ لأنَّهم مِنَ الأزْد. وَهُوَ مُسْتَعارٌ مِنْ نَفَسِ الْهَوَاءِ الَّذِي يَرُدّه التَّنَفُّس إِلَى الجَوف فَيُبْرِدُ مِنْ حَرارته ويُعَدِّلُها، أَوْ مِن نَفَسِ الرِّيح الَّذِي يَتَنَسَّمه فيَسْتَروِح إِلَيْهِ، أَوْ مِن نَفَسِ الرَّوضة، وَهُوَ طِيبُ رَوائحها، فَيَتَفرّج بِهِ عَنْهُ. يُقَالُ: أَنْتَ فِي نَفَسٍ مِنْ أمْرِك، وَاعْمَلْ وَأَنْتَ فِي نَفَسٍ مِنْ عُمْرك: أَيْ فِي سَعَة وفُسْحة، قَبْل المرَض والهَرَمِ ونَحْوِهما. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَسُبُّوا الرِّيح، فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ» يُريد بِهَا أنَّها تُفَرِّج الكَرْب، وتُنْشِىء السَّحاب، وتَنْشُر الغَيْث، وتُذْهِب الجَدْب.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: النَّفَسُ فِي هَذيْن الحَديثَين اسْمٌ وُضِعَ مَوْضعَ المصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، مِنْ نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً، كَمَا يقالُ: فَرّج يُفَرِّجُ تَفْريجا وفَرَجاً، كَأَنَّهُ قَالَ: أجِدُ تَنْفيسَ ربِّكُم مِنْ قِبَلِ اليَمنِ، وإنَّ الرِّيح مِنْ تَنْفِيسِ الرَّحْمَنِ بِهَا عَنِ الْمَكْرُوبِينَ.
قَالَ العُتْبي: هَجَمْتُ عَلَى وَادٍ خَصِيبٍ وَأَهْلُهُ مُصْفَرَّةٌ ألوانُهم، فسألتُهم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ شَيْخ مِنْهُمْ: لَيْسَ لَنا رِيحٌ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن نَفَّسَ عَنْ مُؤمنٍ كُرْبة» أَيْ فرَّج.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثُمَّ يَمشي أَنْفَسَ مِنْهُ» أَيْ أفسَحَ وأبْعَدَ قَلِيلًا.
وَالْحَدِيثُ الآخَر «مَن نَفَّسَ عَنْ غَريمه» أَيْ أخَّر مُطالَبَته.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عمَّار «لَقَدْ أبْلَغْتَ وأوْجَزْت، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ» أَيْ أطَلْتَ. وَأَصْلُهُ أَنَّ المُتكَلم إِذَا تَنَفَّسَ اسْتَأْنَفَ القَولَ، وسَهُلَت عَلَيْهِ الْإِطَالَةُ.
(س) وَفِيهِ «بُعِثْتُ فِي نَفَسِ السَّاعَةِ» أَيْ بُعِثْتُ وَقَدْ حَانَ قِيامُها وقَرُب، إِلَّا أنَّ اللَّه أخَّرها قَلِيلًا، فبَعَثَني فِي ذَلِكَ النَّفَس، فَأَطْلَقَ النَّفَس عَلَى القُرْبِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَعل لِلسَّاعَةِ نَفَساً كَنَفَسِ الْإِنْسَانِ، أرادَ إنِّي بُعِثْتُ فِي وَقْتٍ قَرِيب مِنْهَا أحُسُّ فِيهِ بنَفَسها، كَمَا يُحسُّ بنَفَسِ الْإِنْسَانِ إِذَا قَرُب مِنْهُ. يَعْنِي بُعِثْت فِي وقْتٍ بانَت أشراطُها فِيهِ وظَهَرت علاماتُها.
ويُروَى «فِي نَسَم السَّاعَةِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّنَفُّس فِي الْإِنَاءِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا» يَعْنِي فِي الشُّرْب. الحَديثان صَحِيحَانِ، وهُما باخْتِلاف تَقْديريْن: أحدُهما أَنْ يَشْرَب وَهُوَ يَتَنَفَّس فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبينَه عَنْ فِيه، وَهُوَ مَكْرُوهٌ. والآخَرُ أَنْ يَشْرَب مِنَ الْإِنَاءِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ يَفْصِل فِيهَا فَاهُ عَنِ الْإِنَاءِ. يُقَالُ:
أكْرعَ فِي الْإِنَاءِ نَفَساً أَوْ نَفَسَيْنِ، أَيْ جُرْعةً أو جرعتين. (س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «كُنَّا عِنْدَهُ فَتَنَفَّسَ رجُل» أَيْ خَرج مِنْ تَحْتهِ ريحٌ. شبَّه خروجَ الرِّيح مِنَ الدُّبُر بخُروج النَّفَس مِنَ الفَمِ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ رِزقُها وأجَلُها» أَيْ مَولُودة. يُقال:
نُفِسَتِ المرأةُ ونَفِسَتْ، فَهِيَ مَنْفوسة ونُفَسَاءُ، إِذَا وَلَدَت. فَأَمَّا الحَيْضُ فَلَا يُقال فِيهِ إِلَّا نَفِسَتْ، بِالْفَتْحِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ أسماءَ بنتَ عُمَيس نَفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ» والنِّفَاسُ: وِلَادُ الْمَرْأَةِ إِذَا وَضَعَتْ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَلَمَّا تَعَلَّت مِنْ نِفاسِها تَجَمَّلَت للخُطَّاب» أَيْ خَرَجَت مِنْ أيَّام وِلادَتِها.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ أجْبَر بَنِي عَمّ عَلَى مَنْفُوس» أَيْ ألزَمَهُم إرضاعَه وتَرْبِيَتَه.
(س) وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ [صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] صَلّى عَلَى مَنْفُوسٍ» أَيْ طِفْل حِينَ وُلِدَ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْمَل ذَنْبا.
(هـ) وَحَدِيثُ ابْنِ المسيَّب «لَا يَرِثُ المَنْفوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخا» أَيْ حَتَّى يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلمة «قَالَتْ: حِضْتُ فانْسَلَلتُ، فَقَالَ: مَا لَكِ، أَنَفِسْتِ؟» أَيْ أحضتِ. وَقَدْ نَفِسَت المرأةُ تَنْفَسُ، بِالْفَتْحِ، إِذَا حاضَتْ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكْرُها بِمَعْنَى الوِلادة والحَيْض.
وَفِيهِ «أخْشَى أَنْ تُبْسَط الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَت عَلَى مَن كَانَ قَبْلَكم، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوها» التَّنَافُسُ مِنَ الْمُنَافَسَةِ، وَهِيَ الرّغْبةُ فِي الشَّيْءِ والانْفِرادُ بِهِ، وَهُوَ مِنَ الشَّيءِ النَّفِيسِ الجَيّد فِي نَوْعِه. ونَافَسْتُ فِي الشيءِ مُنَافَسَةً ونِفَاساً، إِذَا رَغِبْتَ فِيهِ. ونَفُسَ بِالضَّمِّ نَفَاسَةً:
أَيْ صَارَ مَرْغوبا فِيهِ. ونَفِسْتُ بِهِ، بِالْكَسْرِ: أَيْ بَخِلْتُ بِهِ. ونَفِسْتُ عَلَيْهِ الشيءَ نَفَاسَةً، إِذَا لَمْ تَره لَهُ أهْلا. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَقَدْ نِلْتَ صِهْر رسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ» .
(س) وَحَدِيثُ السَّقِيفة «لَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ» أَيْ لَمْ نَبْخَل.
(س) وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «سَقِيم النِّفَاسِ» أَيْ أسقَمَتْه المَنافَسةُ والمُغالَبة عَلَى الشَّيْءِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَنَّهُ تَعَلَّم العَرِبيَّةَ وأَنْفَسَهُمْ» أَيْ أعْجَبَهم.
وَصَارَ عندهُم نَفِيساً. يُقَالُ: أَنْفَــسَنِي فِي كَذَا: أَيْ رَغّبَني فِيهِ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الرُّقْيَة إِلَّا فِي النَّمْلة والحُمَة والنَّفْسِ» النَّفْسُ: الْعَيْنُ. يُقَالُ:
أصابَت فُلَانًا نَفْسٌ: أَيْ عَيْن. جعَله القُتيبيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سيرينَ وَهُوَ حديثٌ مَرفوعٌ إِلَى النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنَسٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَسَح بَطْنَ رافِع، فألْقى شَحْمَةً خَضْراء، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهَا أنْفُسُ سَبْعَةٍ» يُريدُ عُيُونَهم. وَيُقَالُ للعَائن: نَافِسٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «الكِلاب مِنَ الجِنّ، فَإِنْ غَشِيَتْكم عِنْدَ طَعامِكم فألْقُوا لَهُنّ؛ فإنَّ لَهُنَّ أنْفُساً وأعْيُنا» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ النَّخعَي «كُلُّ شيءٍ لَيست لَهُ نَفْسٌ سَائلة، فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّس الْمَاءَ إِذَا سَقَط فِيهِ» أَيْ دَمٌ سَائلٌ.

وَسُمَ

(وَسُمَ)
(س) فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَسِيمٌ قَسِيمٌ» الْوَسَامَةُ: الحُسْنُ الوَضِيءُ الثَّابِت. وَقَدْ وَسُمَ يَوْسُمُ وَسَامَةً فَهُوَ وَسِيمٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لحَفْصَة: لَا يَغُرُّك أنْ كانَت جارتُك أَوْسَمَ مِنْك» أَيْ أحْسَن، يَعْنِي عَائِشَةَ. والضَّرّة تُسَمَّى جارَةً.
(س) وَفِي حَدِيثِ الحَسن وَالْحُسَيْنِ «أَنَّهُمَا كَانَا يَخْضِبَانِ بِالْوَسْمَةِ» هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَقَدْ تُسَكَّن: نَبْتٌ. وَقِيلَ: شَجَرٌ باليمَن يُخْضَب بوَرَقِه الشَّعر، أسْوَدُ. (س) وَفِيهِ «أَنَّهُ لَبِثَ عَشْرَ سِنيــن يَتْبَعُ الحاجَّ بِالْمَوَاسِمِ» هِيَ جَمْعُ مَوْسِم، وَهُوَ الوَقْت الَّذِي يَجْتَمِع فِيهِ الحاجُّ كلَّ سَنَة، كَأَنَّهُ وُسِمَ بِذَلِكَ الْوَسْم، وَهُوَ مَفْعِل مِنْهُ، اسْمٌ لِلزَّمَانِ، لِأَنَّهُ مَعْلَمٌ لَهُمْ. يُقَالُ: وَسَمَهُ يَسِمُهُ سِمَةً ووَسْماً، إِذَا أثَّر فِيهِ بكَيّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدقة» أَيْ يُعَلّمُ عَلَيْهَا بالكَيّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَفِي يَدِهِ الْمِيسَمُ» ، هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُكْوَى بِهَا. وأصْلُه: مِوْسَم، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، لكَسْرة الْمِيمِ.
(س) وَفِيهِ «عَلَى كُلِّ مِيسَمٍ مِنَ الْإِنْسَانِ صَدَقة» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَالْمُرَادُ بِهِ أنَّ عَلَى كُلِّ عُضوٍ مَوْسُومٌ بصُنْع اللَّه صَدَقة. هَكَذَا فُسِّر.
(هـ) وَفِيهِ «بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ عَمَلُ الشَّيْخِ الْمُتَوَسِّمِ، وَالشَّابِّ المُتَلَوِّم» الْمُتَوَسِّمُ: المُتَحلِّي بِسمَة الشَّباب .

هَدَفَ

(هَدَفَ)
(هـ) فِيهِ «كانَ إذَا مَرَّ بِهَدَفٍ مائِلٍ أسْرَع المَشْيَ» الْهَدَفُ: كلُّ بِناء مُرْتَفِع مُشْرِف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «قَالَ لَهُ ابْنُه عبدُ الرَّحْمَنِ. لَقَدْ أَهْدَفْتَ لِي يَوْمَ بدْر فَضِفْتُ عنكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَكِنَّك لَوْ أهْدَفْتَ لِي لَمْ أضِفْ عَنْكَ» يُقَالُ: أَهْدَفَ لَهُ الشيءُ واسْتَهْدَفَ، إِذَا دَنَا مِنْهُ وانْتَصَب لَهُ مُسْتَقبِلا. وضِفْتُ عَنْك: أَيْ عَدَلْتُ ومِلْتُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ «قَالَ لَعَمْرو بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ كُنْتَ أَهْدَفْتَ لِي يَومَ بَدْرٍ، ولكنِّي اسْتَبْقَيْتُك لِمثل هَذَا اليَوْم» وَكَانَ عبدُ الرَّحْمَنِ وعَمْرو يوْمَ بَدْر مَعَ الْمُشْرِكِينَ.
هَدَفَ
الجذر: هـ د ف

مثال: هَدَف إلى إصلاح شأنه
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنها لم ترد بهذا المعنى في المعاجم.
المعنى: رَمَى وقَصَد، أو جعل الشيءَ هَدَفًا له

الصواب والرتبة: -هَدَف إلى إصلاح شأنه [صحيحة]
التعليق: الوارد في المعاجم القديمة: هدف إلى الشيء بمعنى دَخَلَ فيه، وهدف للخمسين من سنيــه أي قاربها، وهدف: أسرع. ولكن المعنى الجديد يصح بضربٍ من المجاز ذلك أن جعْل الشيء هدفًا للشخص أو القصْد إليه يكون سببًا في الدخول فيه وفي مقاربته، وقد يكون سببًا في الإسراع إليه، فيكون هذا من إطلاق المسبب على السبب، وقد ذكرته المعاجم الحديثة بهذا المعنى، ونصَّ الوسيط على أنها مُوَلّدة.

رعرع

(ر ع ر ع) : (صَبِيٌّ مُتَرَعْرِعٌ) إذَا كَادَ يُجَاوِزُ عَشْرَ سِنِيــنَ أَوْ قَدْ جَاوَزَهَا.
[رعرع] نه فيه: لو يمى القصب "الرعراع" لم يسمع صوته، هو الطويل، من ترعرع الصبي إذا نشأ وكبر.
(رعرع)
الشَّيْء حركه وزعزعه وَالله الْغُلَام أَنْبَتَهُ وأنشأه وَالدَّابَّة ركبهَا ليروضها

رعرع


رَعْرَعَ
a. Rippled (water).
b. Made to shoot up, grow.

تَرَعْرَعَa. Shot up, grew up.
b. Was loose, rickety, wabbled about.
رَعْرَاْع رَعْرَع
رُعْرُع
(pl.
رَعَاْرِعُ), Wellmade, goodly, graceful, handsome, tall.
رعرع: برّد، سكّن، وتستعمل مجازاً بمعنى سرّ وأفرح وأزال همّه (بوشر).
رَعْرَعَة: استعادة الصحة، شفاء، متعاف (بوشر).
رعرعة: نضارة، نضرة، بهاء، سناء (بوشر).
رعراع، رعراع أيوب: نبات اسمه العلمي inuba Arabica، وقد سمي هذا النبات بهذا الاسم لأن النبي أيوب (عليه السلام) فيما يقال فرك جسمه ليشفى مما به (لين عادات 2: 282).
تَرَعْرُع: شفاء، تعافٍ، استعادة القوى.
رعرع
رعرعَ يُرعرع، رَعْرَعةً، فهو مُرَعرِع، والمفعول مُرعرَع
• رعرع الغذاءُ الغلامَ: جعله ينمو "رعرعت المياهُ النباتَ- رعرعت الأمطارُ الأرضَ".
• رعرع اللهُ الزَّرْعَ: أنبته ونَشَّأه "رعرعه الله في أسرة كريمة". 
2132 - 
ترعرعَ يترعرع، تَرَعْرُعًا، فهو مُترعرِع
• ترعرع الصَّبيُّ: نشأ وشبَّ ونما "ترعرع النبات- ترعرع في بيت علم وفضل". 

رَعْراع [جمع]: جج رَعارِع: (نت) جنس نباتات عشبيَّة برِّيَّة من فصيلة المركَّبات، أزهارها صفراء اللون. 
رعرع
الرَّعْراعُ: اليافِعُ الحَسَنُ الاعْتِدالِ، وَلَا يكونُ إلاّ مَعَ حُسْنِ شَبابٍ، وَقيل: هُوَ المُراهِقُ المُحْتَلِمُ.
وَقيل: قد تحرَّكَ وكَبِرَ، كالرَّعْرَعِ، كفَدْفَدٍ، ذكرَهما الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيّ، وانفرَدَ ابنُ جِنِّي بالأَوَّل. قَالَ ابنُ عَبّاد: غُلامٌ رُعْرُعٌ، مثل هُدْهُدٍ. وَقَالَ كُراع: شابٌّ رُعْرُعٌ ورُعْرُعَةٌ. والرَّعْرَعَةُ: حُسْنُ شَباب الغُلامِ وتحَرُّكه. قَالَ المُؤَرِّجُ: الرَّعراعُ: الجَبانُ. الرَّعْراعُ: القَصَبُ الطَّويل فِي مَنبِتِه وَهُوَ رَطْبٌ، نَقله الأَزْهَرِيُّ سَماعاً من العَرَبِ، قيل: وَمِنْه يُقال للغلام إِذا شَبَّ واسْتَوَتْ قامَتُه: رَعراعٌ، ورَعْرَعٌ. وَفِي حَدِيث وَهْبٍ: لَو يَمُرُّ على القصَبِ الرَّعراعِ لم يُسْمَعْ صَوتُه. والرَّعاعُ، كسَحابٍ: الأَحداثُ الطَّغامُ، وَفِي حَدِيث عُمَرَ: إنَّ المَوسِمَ يَجمَعُ رَعاعَ النّاسِ. أَي غَوغاءَهُم وسُقَّاطَهُم وأَخلاطَهم، الواحِدَةُ: رَعاعَة، وَفِي حَدِيث عليٍّ: وَسَائِر النّاسِ هَمَجٌ رَعاعٌ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: قرأْتُ بخَطِّ شَمِرٍ. والرُّعاعُ كالزُّجاجِ، من النّاسِ: وهُمُ الرُّذالُ الضُّعفاءُ، وهم الذينَ إِذا فُزِّعوا طاروا. الرَّعاعَةُ، كسَحابَةٍ: النَّعامَةُ، لأَنَّها أبدا كأَنَّها مَنخُوبَةٌ فَزِعَةٌ، قَالَه أَبو العَمَيْثَلِ. قَالَ أَبو عَمْروٍ: الرَّعاعَةُ والهَجاجَةُ: مَنْ لَا فُؤادَ لهُ وَلَا عقلَ. قَالَ ابنُ الأَعرابيِّ: الرَّعُّ: السُّكونُ. قَالَ ابنُ دُرَيد: الرَّعْرَعَةُ: اضْطِرابُ المَاء الصَّافي الرَّقيق على وَجه الأَرضِ، قِيلَ: ومنهُ قِيل: غُلامٌ رَعْرَعٌ. يُقَال: رَعْرَعَهُ اللهُ، أَي أَنْبَتَهُ، نَقله الجَوْهَرِيّ والزَّمخشريُّ. رَعْرَعَ الفارِسُ دابَّتَه، إِذا كَانَت رَيِّضاً، هَكَذَا هُوَ فِي العُبابِ والتَّكملة، وَفِي اللِّسَان: إِذا لم تكنْ رَيِّضاً فرَكِبَها لِيَرُوضَها، قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
(تَرِعاً يُرَعْرِعُه الغُلامُ كَأَنَّه ... صَدَعٌ يُنازِعُ هِزَّةً ومِراحا)
وتَرَعرَعَ الصَّبيُّ: تحرَّكَ ونشأَ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، زادَ غيرُه: وكَبِرَ. وغُلامٌ مُتَرَعْرِعٌ، أَي مُتَحَرِّكٌ. تَرَعْرَعَت السِّنُّ وتَزَعْزَعَت: قلِقَتْ وتَحَرَّكَتْ. وَمِمَّا يُستدرَكُ عَلَيْهِ: شابٌّ رُعْرُعَةٌ، بالضَّمِّ، عَن كُراع: مَراهِقٌ. وجَمْعُ الرَّعْرَعِ، والرَّعْراعِ: الرَّعارِعُ، وأَنشدَ الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيّ لِلَبيدٍ رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ابنُ بَرِّيّ، وقيلَ: هُوَ للبَعيثِ:
(تُبَكِّي على إثْرِ الشَّباب الَّذِي مَضَى ... إِلَّا إنَّ أَخْدانَ الشَّباب الرَّعارِعُ)
وتَرَعرَعَ السَّرابُ: تحرَّكَ واضْطَرَبَ، على التَّشْبِيه بالماءِ. والرَّعْراعُ: نَبْتُ، وَيُقَال: هُوَ مَقلوبُ عَرْعارٍ.

ي

ي
1 [كلمة وظيفيَّة]: الحرف الثَّامن والعشرون من حروف الهجاء، وهو صوتٌ غاريّ (من الغار ومقدّم اللّسان)، بين الشِّدَّة والرَّخاوة، مُرقَّق. 

ي2 [كلمة وظيفيَّة]:
1 - ضمير رفع متَّصل للمفردة المؤنَّثة المخاطبة "تكتبين- اكتبي".
2 - ضمير نصب للمفرد المتكلِّم، وغالبا ما يسبقه نون الوقاية، وقد يأتي بدونها "أعلمني- {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} ".
3 - ضمير جرّ للمفرد المتكلِّم "بي- قلمي في جيبي- *ليلاي منكن أم ليلى من البشر*: قصدَ بالإضافة إلى المعرفة إزالة الغموض".
4 - حرف مضارعة للغائب، يُفتح وجوبا إن كان الفعل غير رباعي، ويضمّ إن كان رباعيًّا "يَحْدُث: مضارع حدَث الثلاثيّ- يُحدِث: مضارع أحدث الثلاثيّ المزيد بالهمزة".
5 - حرف يكون علامة على التثنية في النصب والجرِّ، ويفتح ما قبله وجوبا "قرأت الكتابَيْنِ- احتفظت بالكتابَيْنِ".
6 - حرف يكون علامة على جمع المذكَّر السالم في حالتي النصب والجرِّ، ويكسر ما قبله وجوبا "ترتقي المدرسة بالمعلِّمِينَ- رأيت المعلِّمينَ".
7 - حرف يدلّ على التصغير "قُلَيم: تصغير قَلَم".
8 - حرف يكون للنِّسبة إذا كان مشدّدًا "مصرِيّ".
9 - حرف للإطلاق والإشباع.
10 - حرف يكون علامة على الجرّ في الأسماء الخمسة "تحدثت مع أخيك". 
ي:
ي: تحريف يا (الملابس عند العرب، 26، عدد 2).
الياء: حرف ينبه به من يكون بمسمع من المنبه ليقبل على الخطاب. وقال ابن الكمال. أصله لنداء البعيد، وأما نداء الداعي المتضرع لربه يقوله يا رب مع علمه بأنه أقرب إليه من حبل الوريد فلهضم نفسه استحقارا لها، واستبعادا من مظان القربى والزلفى.

ي


ي
a. Ya . The twenty-eighth letter of the alphabet. Its numerical value is Ten
(يُ2ُ3).
ي
a. My ( contracted in the vocative into
( يَ2ِ3َ).
b. ( after verbs or preps. ), Me.
يَا (a. vocative particle ), Ho! Oh!
يَا زَيْدُ أَقْبِل
a. Oh, Zaid come here!

يَا لَهُ رَجُلًا
a. omicron, what a man!

يَا لَيْتَ
a. Would that!
الياءُ: حرفُ هِجاءٍ من المَهْموسةِ، وهي التي بين الشَّديدةِ والرِخْوةِ، ومن المُنْفَتِحةِ، ومن المُنْخَفِضَةِ، ومن المُصْمَتَةِ،
يقال: يَيَّيْتُ ياءً: كتَبْتُها، وتأتي على ثلاثةِ أوْجُهٍ: تكونُ ضميرَاً للمُؤَنَّثَةِ: كتَقُومِينَ وقُومِي، وحَرْفَ إنْكارٍ، نحوُ: أزَيْدَنِيهِ، وحَرْفَ تَذْكارٍ، نحوُ: قَدِي.
(الْيَاءُ) حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. وَهِيَ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ وَمِنْ حَرْفِ الْمَدِّ اللَّيِّنِ. وَقَدْ يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْرُورِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَقَوْلِكَ: ثَوْبِي وَغُلَامِي. إِنْ شِئْتَ فَتَحْتَهَا وَإِنْ شِئْتَ سَكَّنْتَهَا. وَلَكَ أَنْ تَحْذِفَهَا فِي النِّدَاءِ خَاصَّةً، تَقُولُ: يَا قَوْمِ وَيَا عِبَادِ بِالْكَسْرِ فَإِنْ جَاءَتْ بَعْدَ الْأَلِفِ فَتَحْتَ لَا غَيْرُ نَحْوُ عَصَايَ وَرَحَايَ وَكَذَا إِنْ جَاءَتْ بَعْدَ يَاءِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22] وَكَسَرَهَا بَعْضُ الْقُرَّاءِ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ. وَقَدْ يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَنْصُوبِ مِثْلُ نَصَرَنِي وَأَكْرَمَنِي وَنَحْوِهِمَا. وَقَدْ تَكُونُ عَلَامَةً لِلتَّأْنِيثِ كَقَوْلِكَ: افْعَلِي وَأَنْتِ تَفْعَلِينَ. وَتُنْسَبُ الْقَصِيدَةُ الَّتِي قَوَافِيهَا عَلَى الْيَاءِ يَاوِيَّةً. وَ (يَا) حَرْفٌ يُنَادَى بِهِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

يَا لَكَ مِنْ قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ
هِيَ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: «أَلَا يَا اسْجُدُوا لِلَّهِ» بِالتَّخْفِيفِ مَعْنَاهُ ألَا يَا هَؤُلَاءِ اسْجُدُوا فَحَذَفَ فِيهِ الْمُنَادَى اكْتِفَاءً بِحَرْفِ النِّدَاءِ كَمَا حَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ اكْتِفَاءً بِالْمُنَادَى فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] لِأَنَّ الْمُرَادَ مَعْلُومٌ. وَقِيلَ: إِنَّ يَا هَاهُنَا لِلتَّنْبِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَلَا اسْجُدُوا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ يَا لِلتَّنْبِيهِ سَقَطَتْ أَلِفُ اسْجُدُوا لِأَنَّهَا أَلِفُ وَصْلٍ وَسَقَطَتْ أَلِفُ يَا لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ الْأَلِفِ وَالسِّينِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

ألَا يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبِلَى ... وَلَازَالَ مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ 
الياءُ: حرفُ هِجاءٍ من المَهْموسَةِ وَهِي الَّتِي بينَ الشَّديدةِ والرِّخْوةِ) ؛
قولُه: مِن المَهْموسَةِ سَهْوٌ مِن قَلَم النَّاسخِ نَبَّه عَلَيْهِ غَالب المحشين؛ ولكنْ هَكَذَا وُجِدَ فِي التكملةِ.
ثمَّ قالَ:) (ومِن المُنْفَتِحةِ ومِن المُنْخَفِضَةِ (ومِن المُصْمَتَةِ) ، قالَ: وَقد ذَكَرَ الجَوْهرِي المَهْموسَة، وذَكَرْت بَقِيّتَها فِي مواضِعِها.
وَفِي البصائِرِ للمصنِّفِ: الياءُ حَرفُ هِجاءٍ شَجَريّ مَخْرجُه مِن مفْتَتَحِ الفمِ جِوَار مَخْرجِ الصَّادِ، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ يائِيٌّ وياوِيٌّ ويَوِيٌّ.
(يقالُ: يَيّت يَاء) حَسَنَةً وحَسْناءَ: أَي (كَتَبْتُها) .
(وَفِي البصائِرِ للمصنِّفِ: الفِعْلُ مِنْهُ يابَيْتُ، والأصْلُ يَيَّيْتُ اجْتَمَعَتْ أَرْبعُ يَاءَاتٍ مُتَوالِيَة قَلَبُوا الياءَيْن المُتَوسِّطَتَيْن أَلَفاً وهَمْزةً طَلَباً للتَّخْفيفِ. (قُلْتُ: ومَشَى المصنِّفُ فِي كتابِه هَذَا على رأْيِ الكِسائي فإنَّه أَجازَ يَيَّيْتُ يَاء.
(وتأْتي على ثلاثَةِ أَوْجُهٍ:
(تكونُ ضَميراً للمُؤَنَّثِ كتَقُومِينَ) ، للمُخاطبَةِ، (وقُومِي) للأَمْرِ. وَفِي الصِّحاحِ: وَقد تكونُ عَلامَةَ التَّأْنيثِ كقولِكَ: إفْعَلي وأَنتِ تَفْعَلِينَ.
وسَيَأتي للمصنِّفِ تِكْرارَ ذِكْر هَذَا الوَجْه.
(وحَرْفَ إنْكارٍ: نَحْو أَزَيْدَنِيهِ) ؛ وَفِي التهذيبِ: وَمِنْهَا يَاء الاستنكار، كقولِكَ: مَرَرْتُ بالحَسَن، فيقولُ المُجِيبُ مُسْتَنْكِراً لقولهِ: ألحَــسَنِيــهْ، مدَّ النونِ بياءٍ وأَلْحَقَ بهَا هاءَ الوَقْفِ.
(وحَرْفَ تَذْكارٍ نحوُ: قَدِي) ، وَمِنْه قَوْله:
قدني من نصرالخبيبين قدي وق مَرَّ فِي الَّدالِ.
(يَا: (وَيَا: حَرْفٌ لنِداءِ البَعِيدِ) ؛ وإيَّاه أَلغَزَ الحَرِيرِي فِي مَقامَاتِه فَقَالَ: وَمَا العَامِل الَّذِي يَتَّصِل آخِرُه بأَوَّلِه ويَعْمَل مَعْكوسُه مِثْلَ عَمَل وَهُوَ يَاء ومَعْكوسُها، أَي وكِلْتاهُما مِن حُروفِ النِّداءِ، وعَمَلُها فِي الاسمِ المُنادَى على حُكْمٍ واحِدٍ، وَإِن كانتْ يَا أَجْمَل فِي الكَلامِ وأَكْثَر فِي الاسْتِعمالِ، وَقد اخْتارَ بعضُهم أَن يُنادِي بأَي القَرِيب فَقَط كالهَمْزةِ انتَهَى؛ وَقَالَ ابنُ الحاجِبِ فِي الكافِيَةِ: حُروفُ النِّداءِ خَمْسةٌ: يَا وأيا وهيا وأَي والهَمْز للقَرِيبِ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشري فِي المُفَصَّل: يَا وأَيا وهيا للبَعِيدِ أَو لمَنْ هُوَ بمنْزِلَةِ البَعيدِ مِن نائِمٍ أَو ساهٍ؛ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْل المصنِّفِ؛ (حَقِيقَةً أَوْ حُكماً وَقد يُنادَى بهَا القَرِيبُ تَوْكيداً) ؛ ومِن ذلكَ قولُ الدَّاعِي: يَا الله يَا رَبّ، وَقد يكونُ ذلكَ هضماً لنَفْسِ الدَّاعِي لكَمالِ تَقْصِيرِه وبُعْده عَن مَظانَّ القبولِ، وَهَذَا لَا يَتَمَخض إلاَّ على مَا مَشَى عَلَيْهِ المصنِّفُ، كَوْنه لنِداءِ البَعِيدِ. وأَمَّا على قوْلِ ابنِ الحاجبِ القَائِل بالأعميّةِ فَلَا يحتاجُ إِلَى ذلِكَ؛ (وَهِي مُشْتَرَكةٌ بينَهما) ، أَي بينَ البَعِيدِ والقرِيبِ، (أَو بَيْنَهما وبينَ المُتَوسِّطِ) ؛ وَقَالَ ابنُ كَيْسان: فِي حُروفِ النِّداءِ ثمانِيَةُ أَوْجُهٍ: يَا زَيْدُ ووا زَيْدُ وأَزَيْدُ وأَيا زَيْدُ وهَيا زَيْدُ وأَيْ زَيْدُ وآزَيْدُ وآي زَيْدُ، ولكلَ شواهِدُ مَرَّ ذِكْرُها؛
(وَهِي أَكْثَرُ حُروفِ النِّداءِ اسْتِعْمالاً، وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ عنْدَ الحذْفِ سِواها، نحوُ) قَوْله تَعَالَى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا} ، أَي يَا يُوسُفُ.
قالَ الأزْهرِي: ورُبَّما قَالُوا: فلانٌ بِلا حَرْفِ النِّداءِ، أَي يَا فُلانِ.
(وَلَا يُنادَى اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، والاسْمُ المُستغاثُ، وأَيُّها وأَيَّتُها إلاَّ بهَا وَلَا المَنْدوبُ إلاَّ بهَا أَوْ بِوَا) ، كَمَا تقدَّمَ.
وَفِي اللُّبابِ: وَلَا يجوزُ حَذْف حَرْف النِّداءِ إلاَّ مِن اسْم الجِنْسِ واسْمِ الإشارَةِ والمُسْتغاثِ والمَنْدوبِ لمَا فِي الأوَّلَيْنِ مِن وُجُوهِ الحَذْفِ، وَفِي الثانيين مِن التَّخْفِيفِ المُنافى لمقْتَضاهُما نحوُ: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا، وأَيُّها الرَّجُلُ، ومِثْل أَصْبح لَيْل، وافْتَد مَخْنُوق، وأَعْور عَيْنك، وَالْحجر شَاذ وَالْتزم حَذْفه فِي اللَّهُمَّ لوُقُوعِ الميمِ خَلَفاً عَنهُ.
(وَإِذا وَلِيَ يَا مَا ليسَ بمُضافٍ كالفِعْلِ فِي) قَوْله تَعَالَى: {أَلاَ يَا اسْجُدوا} ، بالتَّخْفِيفِ فِي قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ لَهُ؛ (وقولُه) ، أَي الشمَّاخ:
(أَلاَ يَا اسْقِياني قبلَ غارةِ سِنْجالِ) وَقبل منا غادياتٍ وأوجالِ ويُرْوَى أَلاَ يَا اصْبِحاني، ويُرْوَى: وآجالِ وسِنْجالِ، مَوْضِع؛ ذُكِرَ فِي مَوْضِعه؛
(والحَرْفِ فِي نحوِ) قَوْله تَعَالَى: 2 {يَا لَيْتَني كُنْتُ مَعَهم} ، والْحَدِيث: ((يَا رُبَّ كاسِيَةٍ فِي الدُّنْيا عاريَةٌ يومَ القِيامَةِ) ؛ قد ذُكِرَ فِي المُعْتل.
(والجُمْلَةِ الإسْمِيَّةِ نحوُ) قولِ الشَّاعرِ:
(يَا لَعْنَةُ اللَّهِ والأَقْوامِ كُلِّهِمِ (والصالِحِينَ على سَمْعانَ مِنْ جارِ) (فَهِيَ) فِي كلِّ مَا ذُكِرَ (للنِّداءِ، والمُنادَى مَحْذوفٌ) عنْدَ الدَّلالةِ.
قَالَ الجَوْهري: وأَمَّا قولُه تَعَالَى: {ألاَ يَا اسْجُدوا للَّهِ} بالتَّخْفيفِ، فالمَعْنى أَلا يَا هَؤُلاء اسْجُدوا، فحُذِفَ المُنادَى اكْتِفاء بحرّفِ النِّداءِ كَمَا حُذِفَ حِرْفُ النِّداءِ اكْتِفاءً بالمُنادَى فِي قولِه تَعَالَى: {يُوسَفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا} إِذْ كانَ المُرادُ مَعْلوماً؛ وَقَالَ بعضُهم: إنَّ يَا فِي هَذَا المَوْضِعِ إنَّما هُوَ للتَّنْبيهِ كأَنَّه قَالَ: أَلاَ اسْجُدُوا، فلمَّا أُدْخل عَلَيْهِ يَا للتَّنْبيهِ سَقَطَتِ الألفُ الَّتِي فِي اسْجُدُوا لأنَّها أَلفُ وَصْلٍ، وذَهَبتِ الألفُ الَّتِي فِي يَا لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْنِ لأنَّها والسِّين ساكِنَتانِ، انتَهَى.
وكَذلكَ القَوْلُ فِي بَقِيَّة الأَمْثِلةِ الَّتِي ذَكَرَها المصنِّفُ من تَقْديرِ المُنادَى: أَلا يَا خَلِيليَّ اسْقِياني، وَيَا قَوْم لَيْتَني، ورُبّ.
(أَو لمُجَرَّدِ التَّنْبيهِ لٍ ئَلاَّ يَلْزَمَ الإجْحافُ بحَذْفِ الجُملٍ ةِ كُلِّها) ؛ وَهُوَ إشارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرَه الجَوْهرِي مِن القولِ الثَّانِي فِي الآيةِ.
(أَو إنْ وَلِيَها دُعاءٌ أَو أَمْرٌ فللنِّداءِ) ؛ كَقَوْل ذِي الرُّمَّة:
ألاَ أيا اسْلَمِي يَا دارَ مَيَّ على البِلى (وإلاَّ فللتَّنْبيهِ) . قَالَ شيْخُنا: وَهَذَا القَوْلُ هُوَ المُختارُ مِن الثلاثَةِ لوُجُوهٍ ذَكَرَها شُرَّاح التَّسْهيل. ثمَّ اعْلَم أنَّ المصنِّفٍ ذَكَرَ حَرْفَ النِّداءِ واسْتَطْرَدَ لبعضِ أَحْكامِ المُنادَى مَعَ إخْلالٍ بِأَكْثَرَها وَنحن نلمُّ بهَا بالقَوْلِ المُوجَزِ.
قَالَ صاحِبُ اللّبابِ: إِذا قلْتَ يَا عبْدَ اللَّهِ، فالأصْلُ: يَا إيَّاك أَعْنِي، نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ، فأُقِيم المُظْهَر مَقام المُضْمَر تَنْبيهاً للمُخاطَبِ أنَّ القَصْدَ يتوجَّه إِلَيْهِ لَا غَيْر، ثمَّ حَذْف الفِعْلِ لازِماً لِنيابَةِ يَا عَنهُ، ولمَا فِي الحذْفِ من رَفْعِ اللّبْسِ بالخَبَرِ؛ وحُكِي يَا إيَّاك، وَقد قَالُوا أَيْضاً يَا أَنْتَ نَظَرٌ إِلَى اللّفْظِ؛ قالَ الشاعرُ:
يَا أَقْرَع بن جابِسِ يَا أَنْتاأَنْتَ الَّذِي طعلَّقْتَ عامَ جِعْتاوقيل: إنَّما نصبَ أيا لأنَّه مُضافٌ وَلَا يَجوزُ نَصْبُ أَنتَ لأنَّه مُفْردٌ ثمَّ إنَّه يَنْتَصِب لَفْظاً كالمُضافِ والمُضارِعِ لَهُ، وَهُوَ مَا تَعَلَّق بشيءٍ هُوَ مِن تمامِ مَعْناه نَحْو: يَا خَيْراً مَن زَيْدٍ وَيَا ضارِباً زَيْداً وَيَا مَضْرُوباً غُلامُه وَيَا حَسَناً وَجْهَ الأخِ وَيَا ثلاثَةَ وثَلاثِيْن اسْمِ رَجُلٍ، وانْتَصَب الأوَّل للنِّداءِ وَالثَّانِي ثباتاً على المِنْهاج الأوَّل الَّذِي قَبْل التَّسْميةِ، أَعْنِي مُتابَعَةَ المَعْطوفِ عَلَيْهِ فِي الإعْرابِ وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَعْنى عَطْفٍ على الحَقِيقَةِ؛ والنَّكِرَةُ إمَّا مَوْصُوفَة نَحْو: يَا رَجُلاً صالِحاً، وعَوْد الضَّميرِ مِن الوَصْفِ على لَفْظِ الغيبةِ لَا غَيْر نَحْو:

يَا لَيْلة سَرَقْتها من عُمْري أَو غَيْر مَوْصوفَةٍ كقَوْلِ الأعْمى لمَنْ لَا يَضْبِطه: يَا بَصيراً خُذْ بِيَدِي، ءَو مَحلاًّ كالمُفْردِ المَعْرفَةِ مُبْهماً أَو غَيْرَ مُبْهمٍ فإنَّه يُبْنى على مَا يُرْفَعُ بِهِ نَحْو: يَا زَيْد، وَيَا رَجُلَ، وَيَا أَيّها الرَّجُل، وَيَا زَيْدَانِ، وَيَا زَيْدُونَ، لوُقُوعِه مَوْقِع ضَمِيرِ الخِطابِ، وَلم يُبْنَ المُضافُ لأنَّه إنَّما وَقَعَ مَوْقِعَه مَعَ قَيْدِ الإضافَةِ، فَلَو بُنيْ وَحْدُه كانَ تَقْديماً للحُكْم على العِلَّةِ ونِدَاء العَلَم بَعْد تَنْكِيرِه على رأْيٍ، وأمَّا قولُه
سَلامُ اللَّهِ يَا مَطَر عَلَيْهَا فقَبِيحٌ بَعِيدٌ عَن القِياسِ شَبَّهه ببابِ مَا لَا يَنْصرفُ أَو الدَّاخِل عَلَيْهِ اللاّم الجارَّة للاسْتِغاثَةِ أَو التَّعَجُّبِ، واللاّم مَفْتوحَة بخِلافِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَرْقاً بينَ المَدْعُوِّ والمَدْعُو إِلَيْهِ، والفَتْحة بِهِ أَوْلى مِنْهَا بالمُدْعُو إِلَيْهِ كَقَوْل عُمَر بنِ الخطَّابِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنهُ: (يَا للَّهِ للمُسْلِمِين وَيَا للْعَجَبِ) ، وقولُهم يَا للبَهِيتَةِ وَيَا للفَلِيتَةِ وَيَا للعَضِيهَةِ على تَرْكِ المَدْعُوِّ، ويَدْخلُ الضَّمِير نحوُ: فيَا لَكَ مِن لَيْلٍ. و:
يَا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ أَو الألِف للاستغَاثَةِ فلالام أَو النُّدْبَة فإنَّه يُفْتَح نَحْو يَا زَيْداهْ والهاءُ للوَقْفِ خاصَّةً وَلَا يَجوزُ تَحْرِيكُه إِلَّا لضَرُورَةٍ نَحْو:
يَا رَبّ يَا رَبَّاه إيَّاك أَسَلْ أَو مَا كانَ مَبْنيّاً قَبْل النِّداءِ تحْقِيقاً أَو تَقْديراً نَحْو: يَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَا حذامَ وَيَا لكَاعَ، ويجوزُ وَصْفُ المُنادَى المَعْرِفَة مُطْلقاً على الأعْرفِ خِلافاً للأصْمعي لأنَّه وَإِن وَقَعَ مَوْقِعَ مَا لَا يُوصَفُ لم يَجْرِ مَجْراه فِي كلِّ حالٍ وَلم يَصْرِفُوه عَن حُكْمِ الغيبةِ رأْساً لجوازِ عَوْدِ الضَّميرِ إِلَيْهِ بلَفْظِ الغَيبةِ واسْتَثْنى بعضُهم النَّكِرَةَ المُتَعرفَةَ بالنِّداءِ مِثْلُ يَا رَجُلُ فإنَّه ليسَ ممَّا يُوصَفُ. وَقد حَكَى يُونُس: يَا فَاسِق الخَبِيث، وليسَ بقِياسٍ، والعِلَّة اسْتِطالَتهم إيَّاه بوَصْفِه مَعَ مَا ذُكِرَ فِي امْتِناعِ بِناءِ المُضافِ، وأمَّا الْعلم فَلَمَّا لم يَكُنْ مُفِيدا مِن الألْفاظِ وَلَا مَعْنى لَهُ إلاَّ الإشَارَة لم يُسْتَطَل، فَإِذا انْتَهَيْتَ إِلَى الظَّرِيفِ مِن قولِكَ يَا زَيْد الظَّرِيف كأنَّك قلْتَ يَا ظَرِيفُ، فالمُفْرد مِنْهُ أَو مَا هُوَ فِي حُكْم المُفْردِ إِذا كانَ جارِياً على مَضْمومٍ غَيْر مُبْهمٍ جازَ فِيهِ النَّصْبُ حَمْلاً على المَوْضِعِ؛ مِنْهُ قولُه:
فَمَا كَعْب بن مَامَةَ وَابْن سُعْدى
بأَكْرَم مِنْكَ يَا عمر الجَوادَافالرَّفْعُ حَمْلاً على اللَّفْظِ لأنَّ الضمَّ لاطِّردِه هُنَا أَشْبَه الرَّفْع؛ وعَلى هَذَا: زَيْد الكَرِيم الخيم، رَفْعاً ونَصْباً، وَإِذا كانَ مُضافاً أَو لمُضافٍ فالنّصْب ليسَ إلاَّ، نَحْو: يَا زَيْد ذَا الجمةِ وَيَا عَبْدُ اللَّهِ الظَّريف، وَكَذَا سائِرُ التَّوابِعِ إلاَّ البَدَل، وَنَحْو: زَيْد وعَمْرو مِن المَعْطوفاتِ، فإنَّ حُكْمَهما حُكْمُ المُنادَى بعَيْنهِ مُطْلقاً كسائِرِ التَّوابِعِ مُضافَةً، تَقول: يَا زَيْد زَيْد، وَيَا زَيْدُ صاحِب عَمْرو، إِذا أبْدَلْتَ، وَيَا زَيْد وعَمرٍ و، وَيَا زَيْد وعَبْد الله، تَقول: يَا تَمِيم أَجْمَعِين وأَجْمَعُون وكُلّهم أَو كُلّكم، وَيَا غُلام بِشْر أَو بِشْر وأَبا عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاز فِي قولِه:
إنِّي وأَسْطارٍ سُطرنَ سطراً
لقائِلٍ يَا نصرُ نصرٌ نصراأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، وَيَا عَمْرو والْحَارث. ويختارُ الخَليلُ فِي المَعْطوفِ الرَّفْعَ، وأَبو عَمْرٍ والنَّصْبَ، وأَبو العبَّاس الرَّفْعَ فيمَا يصحُّ نَزْع اللاَّمِ عَنهُ كالحَسَنِ والنَّصْبَ فيمَا لَا يصحُّ كالنجم والصّعْق، وكَذلكَ الرَّجُل حيثُ لم يسوغوا يَا زَيْد ورَجُل، كأَنَّهم كَرِهوا بِناءَهُ مِن غَيْرِ عَلامَة تَعْريفٍ بخِلافِ العلمِ. وَإِذا وُصِفَ المَضْمومُ بابنٍ وَهُوَ بَيْنَ عَلَمَيْن بُني المُنادَى مَعَه على الفَتْح إتْباعاً لحَرَكَةِ الأوَّل حَرَكَة الثَّانِي، وتَنْزِيلاً لَهُما مَنْزلَة كلمةٍ واحِدَةٍ بِخلافِ مَا إِذا لم يَقَعْ، وَكَذَا فِي غَيْرِ النِّداءِ فيُحْذَفُ التَّنْوين مِن المَوْصُوفِ بابنٍ بينَ عَلَمَيْن نَحْو يَا زَيْد بن عَمْرو وَيَا زَيْد ابْن أَخِي، وَهَذَا زَيْد بن عَمْرو وزَيْد ابْن أَخِي، وجَوَّزُوا فِي الوَصْفِ التَّنْوين فِي الضَّرُورَةِ نَحْو:
جَارِيَة من قيس بن ثَعْلَبَة وَلَا يُنادَى مَا فِيهِ الألِف واللاّم كَراهَة اجْتِماع عَلامَتي التَّعْريفِ، بل يتَوَسَّل إِلَيْهِ بالمُبْهم نَحْو: يَا أَيّها الرَّجُل، وَيَا هَذَا الرَّجُل، وأَيّهذا الرّجُل، وَلَا يسوغُ فِي الوصْفِ هُنَا إلاَّ الرَّفْع لأنَّه المَقْصودُ بالنِّداءِ، وَكَذَا فِي تَوابِعِه لأنَّها تَوابِعُ مُعْربٍ، ويدلُّ على إعْرابِه نَحْو:
يَا أَيُّها الجاهِلُ ذُو التنزي وَلِهَذَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أنْ يكونَ بمنْزِلَةِ غَيْرِه مِن الأسْماءِ المُسْتَقلّةِ بأَنْفُسِها فجازَ فِي وَصْفِه النَّصْب نَحْو: يَا هَذَا الطَّوِيل، وَيَنْبَغي أَنْ لَا يكون الوَصْفُ فِي هَذَا اسْمَ جِنْسٍ وَلَكِن مُشْتَقّاً لأنَّه لَا يُوصَفُ باسْمِ الجِنْسِ إلاَّ وَهُوَ غيْرُ مَعْلومٍ بتَمامِه وَلَا مُسْتقلٌّ بِنَفْسِه، وَقَالُوا: يَا ألله خاصَّةً حيثُ تَمحضت اللاَّمُ للتَّعْوِيضِ مُضْمحلاً عَنْهَا مَعْنى التَّعْريفِ اسْتِغْناءً بالتَّعْريفِ النُّدائِي، وَقد شَذَّ:
مِن أجْلِكِ يَا الَّتِي تَيَّمَتِ قَلْبي
وأَنتِ بَخِيْلةٌ بالوَصْلِ عَنِّيوأَبْعد مِنْهُ قَوْله:
فيا الغُلامانِ اللَّذَان فَرَّا
إيَّا كُما أَنْ تَكْسَبا ناشِراوإذا كُرِّر المُنادَى فِي حالِ الإضافَةِ جازَ فِيهِ نَصْب الاسْمَيْن على حَذْفِ المُضاف إِلَيْهِ مِن الأوَّل، أَو على إقْحامِ الثَّانِي بينَ المُضافِ والمُضافِ إِلَيْهِ وضَمّ الأوَّل، نَحْو:
يَا تَيْم تَيْم عَدِيّ لَا أَبَا لَكُم وَإِذا أُضِيفَ المُنادَى إِلَى ياءِ المُتَكلِّم جازَ إسْكانُ الياءِ وفَتْحُه كَمَا فِي غَيْرِ النِّداءِ وحذفه اجْتِزاء بالكسْرةِ إِذا كانَ قَبْله كَسْرة، وَهُوَ فِي غَيْر النِّداءِ قَليلٌ، وإبْدالُه أَلفاً وَلَا يَكادُ يُوجَدُ فِي غَيْر النِّداءِ نَحْو: يَا رَبًّا تَجاوَز عنِّي، وَعَلِيهِ يُحْمَلُ الحديثُ أنْفِقْ بِلالاً، فيمَنَ رَوَى) ، وتاء تَأْنِيث فِي يَا أَبَتِ وَيَا أَمَتِ خاصَّةً، وجازَ فِيهِ الحَرَكات الثَّلاث، وحَكَى يُونُسُ يَا أَب وَيَا أُم، والوَقْف عَلَيْهِ بالهاءِ عنْد أَصْحابِنا، وجازَ الألفَ دونَ الياءِ نَحْو:
يَا أَبا عَلَّكَ أَو عَساكَا وقولُها:
يَا أَمتا أبصرني راكبٌ
يَسيرُ فِي مُسْحَنْفرٍ لاحبِويا ابنَ أُمِّ وَيَا ابنَ عَمِّ خاصَّةً مِثْلُ بابِ يَا غُلام. وجازَ الفَتْح كخَمْسَةَ عَشَرَ تَجْعَلُ الاسْمَيْن اسْماً واحِداً. انتَهَى مَا أَوْرَدَه صاحِبُ اللُّبابِ. وإنَّما ذَكَرْته بكَمالِه لتَمامِ الفائِدَةِ؛ وَهُوَ تاجُ الدِّيْن محمدُ بنُ محمدِ ين أَحمدَ المَعْروفُ بالفاضِلِ، رَحِمَه الله تَعَالَى، وعَلى كتابِه هَذَا شُرُوحٌ عِدَّة.
وَقَالَ الجَوْهري: الياءُ مِن حُروفِ الزِّياداتِ، وَهِي مِن حُروفِ المَدِّ واللِّينِ، وَقد يُكنى بهَا عَن المُتَكلِّمِ المَجْرورِ، ذكرا كانَ أَو أُنْثى، نَحْو قولِكَ ثَوْبي وغُلامِي، وإنْ شِئتَ فَتَحْتَها، وإنْ شِئْتَ سَكَّنْت، ولكَ أَن تَحْذِفَها فِي النِّداءِ خاصَّةً، تَقول: يَا قوْمكِ وَيَا عِبادِ، بالكسْر، فإنْ جاءَتْ بعْدَ الألفِ فتحْتَ لَا غَيْرُ نَحْو عَصايَ ورَحايَ، وكَذلكَ إِن جاءَتْ بعْدَ ياءِ الجَمْعِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا أَنتُم بمُصْرِخيّ} ، وأَصْلُه بمُصْرِخِيني، سقطَتِ النونُ للإضافَةِ، فاجْتَمَعَ السَّاكنانِ فحرِّكَتِ الثانيةُ بالفَتْح لأنَّها ياءُ المُتَكلِّم رُدَّتْ إِلَى أَصْلِها، وكَسَرَها بعضُ القُرَّاءِ تَوَهُّماً أَنَّ السَّاكنَ إِذا حُرِّكَ حُرِّك إِلَى الكَسْر، وليسَ بالوَجْه، وَقد يُكْنى بهَا عَن المُتَكلِّم المَنْصوبِ إلاَّ أنَّه لَا بُدَّ مِن أَنْ تُزادَ قَبْلها نُونُ وِقايَةٍ للفِعْلِ ليَسْلَم مِن الجَرِّ، كقولِكَ: ضَرَبَني، وَقد زِيدَتْ فِي المَجْرورِ فِي أَسْماءٍ مَخْصُوصةٍ لَا يُقاسُ عليا نَحْو مِنِّي وعَنِّي ولَدُنِّي وقَطْني، وإنَّما فَعَلُوا ذلكَ ليَسْلَم السُّكون الَّذِي بُنيَ الاسْمُ عَلَيْهِ، انتَهَى.كذلكَ حرفُ الاسْتفهام وحرفُ النَّفْي، وإنَّما تُدْخِلُها على الجُمْلةِ المُسْتَقلةِ، فَتَقول: مَا قامَ زَيْدٌ وَهل زيدٌ أَخُوكَ، فَلَمَّا قَوِيَتْ يَا فِي نَفْسِها وأَوْغَلَتْ فِي شَبَهِ الفِعْل تولَّتْ بنفْسِها العَمَلَ، انتَهَى.
وَفِي التهذيبِ: (ولِليَاءاتِ أَلْقابٌ تُعْرَفُ بهَا) كأَلْقابِ الألِفاتِ، فَمِنْهَا:
(ياءُ التَّأْنيثِ) : تكونُ فِي الأفْعالِ وَفِي الأسْماءِ، فَفِي الأفْعالِ (كاضْرِبي) وتَضْرِبينَ وَلم تَضْرِبي، وَهَذَا القسْمُ قد ذَكَرَه المصنِّفُ فِي أَوَّلِ التَّرْكيبِ ومَثَّلَ هُنا بتَقُومِين وقومِي وهُما واحِدٌ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبولٍ عنْدَ أَرْبابِ التَّصْنيفِ لَا سيَّما عنْدَ مُراعاةِ الاخْتِصارِ مِنْهُم؛ (و) فِي الأسماءِ مِثْل (يَا حُبْلَى وعَطْشَى وجمادى) ، يقالُ: هُما حُبْلَيانِ وَعطْشَيانِ وجُمادَيانِ وَمَا أَشْبهها؛ (و) مِن هَذَا القسْم ياءُ (ذِكْرَى وَيُسمى.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّثْنيةِ وياءُ الجَمْعِ) ، كَقَوْلِك: رأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ والزَّيدِيَن، ورأَيْتُ الصالِحَيْن والصَّالِحِينَ والمُسْلِمَيْن والمُسْلِمِين.
(و) مِنْهَا:) ياءُ (الصِّلَةِ فِي القَوافِي) ، كَقَوْلِه:
يَا دَارَ مَيَّة بالعَلْياءِ فالسَّنَدِي فوَصَلَ كَسْرة الَّدالِ بالياءِ، والخليلُ يُسَمِّيها ياءَ التَّرنُّم يَمْدُّ بهَا القوافِي، والعربُ تَصِلُ الكَسْرةَ بالياءِ، أَنْشَدَ الفرَّاء:
لَا عَهْدَ لي بنِيضالِ
أَصْبَحْتُ كالشَّنِّ البالِي أَرادَ: بنِضالِ؛ وقالَ:
على عَجَلٍ منِّي أُطَأْطِيءُ شِيمالي أَرَادَ شِمالي فَوَصَلَ الكَسْرةَ بالياءِ.
(و) مِنْهَا:) (ياءُ المُحَوَّلَةِ كالمِيزانِ) والميعادِ وقيلَ: ودُعِيَ ومُحِيَ فِي الأصْلِ واوٌ فقُلِبَتْ يَاء لكَسْرةِ مَا قبْلَها.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الاسْتِنْكارِ: كقولِ المُسْتَنْكِرِ: أَبِحَــسَنيــهِ) ؛ كَذَا فِي النسخِ وَفِي بعضِها ألْحَــسَنيــهِ؛ (للقائِلِ مَرَرْتُ بالحَسَنِ) ، فمدَّ النونَ بياءٍ وأَلْحَقَ بهَا هاءَ الوَقْفِ؛ وَهَذَا القسْمُ أَيْضاً قد مَرَّ للمصنِّفِ فِي أَوَّلِ التركيبِ وجَعَلَه هُنَاكَ حَرْفَ إنْكارٍ ومثَّلَه بأَزَيْدنِيهِ وهُما واحِدٌ فَفِيهِ تِكْرارٌ لَا يِخْفى.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّعابِي) ، كَقَوْلِك: مَرَرْتُ بالحَــسَني ثمَّ تقولُ أَخي بَني فلانٍ، وَقد فُسِّرتْ فِي الألفاتِ.
(و) مِنْهَا: (ياءُ المُنادَى) ، كنِدائِهم: يَا بِّشْر، يمدُّونَ أَلفَ يَا ويُشَدِّدونَ باءَ بشْر وَمِنْهُم مَنْ يمدُّ الكَسْرةَ حَتَّى تَصِيرَ يَاء فيقولُ يَا بيشْر فيَجْمَع بينَ ساكِنَيْن، وَيَقُولُونَ: يَا مُنْذير ويُريدُون يَا مُنْذِر، وَمِنْهُم مَنْ يقولُ يَا بِشِير بِكَسْرِ الشِّين ويتبعُها الياءَ يمدُّها بهَا، كلُّ ذلكَ قد يقالُ.
(و) مِنْهَا: (الياءُ الفاصِلَةُ فِي الأبْنِيةِ) ، مثلُ يَاء صَيْقَلٍ، وياء بَيْطارٍ وعَيْهرةٍ وَمَا أَشْبَهها. (و) مِنْهَا: (ياءُ الهَمْزةِ فِي الخَطِّ) مَرَّةً، (وَفِي اللّفْظِ) أُخْرى؛ فأَمَّا الخَطّ فمِثْلُ يَاء قائِمٍ وسائِلٍ صُوِّرَتِ الهَمْزةُ يَاء وكذلكَ مِن شُرَكائِهم وأُولئِكَ وَمَا أَشْبهها؛ وأَمَّا اللّفْظ فقولُهم فِي جَمْع الخَطِيئةِ خَطَايا، وَفِي جَمْع المِرآةِ مَرَايا، اجْتَمَعَتْ لَهُم هَمْزتانِ فكَتَبُوهُما وجَعَلوا إحْدَاهما أَلفاً.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّصْغيرِ) ، كَقَوْلِك فِي تَصْغيرِ عمر عُمَيْر، وَفِي تَصْغيرِ رَجُل رُيْل، وَفِي تَصْغيرِ ذَاذَيَّا، وَفِي تَصْغيرِ شَيْخ شُوَيْخ.
(و) مِنْهَا: (الياءُ المُبْدلَةُ مِن لامِ الفِعْل كالخامِي والسادِي فِي الخامِسِ والسادِسِ) ، يفصلون ذلكَ فِي القوافِي وغَيْرِ القوافِي؛ قَالَ الشاعرُ:
إِذا مَا عُدَّ أَرْبعةٌ فِسالٌ
فزَوْجُكِ خامِسٌ وأَبُوك سادِي (و) مِن ذَلِك: (ياءُ الثَّعالِي) والضَّفادِي، (أَي الثَّعالِب والضَّفادِع؛ قالَ:
ولِضَفادِي جَمّة نَقانِقُ (و) مِنْهَا: (الياءُ السَّاكِنَةُ تُتْرَكُ على حالِها فِي مَوْضِعِ الجَزْمِ) ، فِي بعضِ اللّغاتِ؛ وأَنْشَدَ الفرَّاء:
(أَلم يأْتِيكَ والأنبْاءُ تَنْميبما لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ؟ فأَثْبَتَ الياءَ فِي يأْتِيكَ وَهِي فِي موضِعِ جَزْمٍ؛ ومثْلُه قَوْله:
هُزِّي إِلَيْك الجِذْعَ يَجْنِيكِ الجَنَى كَانَ الوَجْهُ أَنْ يقولَ يَجْنِكِ بِلا ياءٍ، وَقد فَعَلُوا مثلَ ذلكَ فِي الواوِ؛ وأنْشَدَ الفرَّاء:
هَجَوْتَ زَبَّانَ ثمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً من هَجْو زَبَّانَ لم تَهْجُو وَلم تَدَع (و) مِنْهَا: (ياءُ نِداءِ مَا لَا يُجيبُ تَشْبِيها بِمَنْ يَعْقِلُ) ؛ ونَصّ التّهْذيبِ: تَنْبيهاً لمَنْ يَعْقِلُ مِن ذلكَ وَهُوَ الصَّوابُ؛ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا حَسْرَةً على العِبادِ} ؛ وَقَوله تَعَالَى: {يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وأَنا عَجوزٌ} ، والمَعْنى أَنَّ اسْتِهْزاءَ العِبادِ بالرُّسُلِ صارَ حَسْرةً عَلَيْهِم فنُودِيَتْ تلْكَ الحَسْرةُ تَنْبيهاً للمُتَحَسِّرينَ، المَعْنى يَا حَسْرَةً على العِبادِ أَينَ أَنتِ فَهَذَا أَوانُكِ، وكذلكَ مَا أَشْبَهه.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الجَزْمِ المُرْسَلِ) ، كَقَوْلِك: (أقْصِ الأمْرَ، وتُحْذَفُ لأنَّ قَبْلَها كَسْرةً تَخْلُفُها) ، أَي تخلُفُ مِنْهَا.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الجَزْمِ المُنْبَسِطِ) ، كَقَوْلِك: (رأَيْتُ عَبْدَيِ اللَّهِ) ، ومَرَرْتُ بِعَبْدَيِ اللَّهِ، (لم تَسْقُطْ لأنَّه لَا خَلَفَ عَنْهَا) ، أَي لم تَكُنْ قَبْل الياءِ كَسْرَة وتكونُ عِوَضاً مِنْهَا فَلم تَسْقُط وكُسِرتْ لإلْتِقاءِ الساكنين.
وَقد خَتَمَ المصنِّفُ كتابَهُ بقولِه: لَا خَلَفَ عَنْهَا؛ والظاهِرُ أنَّه قَصَدَ بذلكَ التَّفاؤُل كَمَا فَعَلَه الجَوْهرِي، رَحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، حيثُ خَتَم كتابَه بقولِ ذِي الرُّمَّة:
أَلا يَا أسْلَمِي يَا دارَ مَيَّ على البلى
وَلَا زالَ مُنْهلاًّ بجَرْعائِكِ القَطْرُفإنَّه قَصَدَ ذلكَ تَقُاؤلاً بِهِ. وتَبِعَه صاحِبُ اللِّسانِ فختَمَ كتابَهُ أَيْضاً بِمَا خَتَم بِهِ الجَوْهرِي رَجاءَ ذلكَ التَّفاؤُل، وَقد خَتَمْنا نحنُ أَيْضاً كتابَنا تَفاؤُلاً. والحمدُ للَّهِ رَبّ العالمينَ حَمْداً يفوقُ حَمْد الحامدِين، وصلَّى الله على سيِّدنا ومَوْلانا محمدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمعين.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
ياءُ الإشْباعِ فِي المَصادِرِ والنُّعوتِ، كَقَوْلِك: كاذَبْتُه كِيذَاباً وضارَبْتُه ضِيرَاباً، أَرادَ كِذاباً وضِراباً. وَقَالَ الفرَّاء: أَرادُوا الألِفَ الَّتِي فِي ضارَبْتُه فِي المصْدرِ فجعَلُوها يَاء لكَسْرةِ مَا قَبْلها.
وَمِنْهَا: ياءُ الإعْرابِ فِي الأسْماءِ نَحْو: رعبِّ اغْفِر لي ولأَبي، وَلَا أَمْلِك إلاَّ نَفْسِي وأَخِي.
وَمِنْهَا: ياءُ الاسْتِقْبالِ فِي حالِ الإخْبارِ، نَحْو يَدْخُلُ ويَخْرجُ.
وَمِنْهَا: ياءُ الإضافَةِ: كغُلامِي، وتكونُ مُخَّفَّفةً.
وَمِنْهَا: ياءُ النَّسَبِ، وتكونُ مُشدّدةً كقُرَشِيَ وعربيَ. وَمِنْهَا: الياءُ المُبَدَلَةُ، قد تكونُ عَن أَلِفٍ كحملاقٍ وحمليقٍ، أَو عَن ثاءٍ كالثالِي فِي الثالِثِ، أَو عَن راءٍ كقِيراطٍ فِي قرّاطٍ، أَو عَن صادٍ كقَصَّيتُ أَظْفارِي والأصْلُ قَصعصْت، أَو عَن ضادٍ كتَقَضّي البازِي والأصْل تَقَضَّض، أَو عَن كافٍ كالمكاكِي فِي جَمْع مَكّوكٍ، أَو عَن لامٍ نَحْو أَمْلَيت فِي أَمْلَلْت، أَو عَن ميمٍ نَحْو دِيماسٍ فِي دِمّاسٍ، أَو عَن نونٍ كدِينارٍ فِي دِنارٍ، أَو عَن هاءٍ كدَهْدَيْت الحَجعر فِي دَهْدَهْته.
وَمِنْهَا: ياآتٌ تدلُّ على أَفْعالٍ، بَعْدها فِي أَوائِلِها ياآتٌ؛ وأَنْشَدَ بَعضُهم:
مَا للظَّلِيمِ عَال كيفَ لايا
يَنْقَدُّ عَنهُ جِلْدُه إذايا يُذْرى التُّرابُ خَلْفَه إذْرايا أَرادَ: كيفَ لَا يَنْقُدُّ جِلْدُه إِذا يخذْى الترابُ خَلْفَه.
وَقَالَ ابنُ السّكِّيت: إِذا كانتِ الياءُ زائِدَةً فِي حرفٍ رُباعيَ أَو خُماسيَ أَو ثلاثيَ، فالرُّباعيُّ كالقَهْقَري لخَوْزلي وثَوْرٌ جَعلْبَى، فَإِذا ثَنَّتْه العربُ أَسقَطَتِ الياءُ فَقَالُوا: الخَوْزلانِ والقَهْقَرانِ، وَلم يُثْبِتوا الياءَ اسْتِثْقالاً، وَفِي الثلاثيِّ إِذا حُرِّكَتْ حُروفُه كُلّها مثل الجَمَزَى والوَثَبَى، ثمَّ ثَنَّوْه فَقَالُوا: الجَمَزانِ والوَثَبانِ، ورأَيْتُ الجَمَزَيْن والوَثَبَيْن.
قَالَ الفرَّاءُ: مَا لم تَجْتَمعْ فِيهِ ياآنِ كُتِبَ بالياءِ للتّأْنيثِ، فَإِذا اجْتَمَعَ الياآنِ كُتِبَتْ إحْدَاهما أَلفاً لثِقِلهما.
(سقط: من منتصف الصفحة (572) حَتَّى نِهَايَة الْكتاب.)

القص

(القص) عظم الصَّدْر المغروز فِيهِ أَطْرَاف الأضلاع من الْجَانِبَيْنِ وَمَا قصّ من صوف وَنَحْوه والجص
القص: تتبع الأثر. والقصص: الأخبار المتتابعة. والقصاص: تتبع الدم بالقود، ذكره الراغب. وقال الحرالي: القصص تتبع الوقائع بالإخبار عنها شيئا بعد شيء على ترتيبها في معنى قص الأثر وهو اتباعه حتى ينتهي إلى محل ذي الأثر.
القص: الْقطع وَمِنْه قصّ الشّعْر وَالظفر وَقَالَ مقرب حضرت الْبَارِي ملا عَليّ الْقَارِي رَحمَه الله تَعَالَى وقص الْأَظْفَار أَي تقليمها وَيحصل سنيــتها بِأَيّ كَيْفيَّة كَانَت وَالْأولَى أَن يبْدَأ بقصها فِي الْيَدَيْنِ بمسبحة الْيَد الْيُمْنَى ثمَّ بالوسطى ثمَّ بالبنصر ثمَّ بالخنصر ثمَّ بالإبهام ثمَّ بخنصر الْيُمْنَى وَيخْتم بخنصر الْيُسْرَى.

أَو

أَو: من الْحُرُوف العاطفة إِذا اسْتعْمل فِي النَّفْي فَهُوَ لنفي كل وَاحِد من الْأَمريْنِ إِلَّا إِذا قَامَت قرينَة حَالية أَو مقالية على نفي الْمَجْمُوع. وَإِذا اسْتعْمل الْوَاو العاطفة فِي النَّفْي فلنفي الْمَجْمُوع إِلَّا أَن تدل قرينَة حَالية أَو مقالية على أَنه لشمُول النَّفْي وعمومه. فَالْحَاصِل أَنه إِن قَامَت الْقَرِينَة فِي الْوَاو على شُمُول النَّفْي فَذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ لعدم الشُّمُول و (أَو) بِالْعَكْسِ وَانْظُر إِلَى التَّلْوِيح، ليحصل لَك التَّوْضِيح.
(أَو)
حرف يَجِيء للشَّكّ نَحْو {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} وللإبهام نَحْو {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} وللتخيير نَحْو خُذ السّلْعَة أَو ثمنهَا ولمطلق الْجمع كالواو نَحْو
(جَاءَ الْخلَافَة أَو كَانَت لَهُ قدرا )
وللإضراب بِمَعْنى بل نَحْو {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} وللتقسيم نَحْو الْكَلِمَة اسْم أَو فعل أَو حرف وَبِمَعْنى إِلَى نَحْو
(لأستسهلن الصعب أَو أدْرك المنى )
وَبِمَعْنى إِلَّا نَحْو لأعاقبنه أَو يُطِيع أَمْرِي
أَو
: (! أَوْ: حرفُ عطفٍ، و) يكونُ (للشَكِّ والتَّخْيير والإِبْهامِ) .
قالَ الجَوْهرِيُّ: إِذا دَخَلَ الخَبَرَ دَلَّ على الشَّكِّ والإبْهامِ، وَإِذا دَخَلَ الأَمْرَ والنَّهْيَ دَلَّ على التَّخْييرِ والإِباحَةِ؛ فأَمَّا الشَّك فكقَوْلِكَ: رأَيْت زيدا أَو عَمْراً؛ والإِبْهام كقَوْلِه تَعَالَى: {وأَنا أَو إِياكُم لعَلَى هُدىً أَو فِي ضلالٍ مُبينٍ} ؛والتّخْيير: كُلِ السَّمكَ أَو اشْرَبِ اللّبَنَ، أَي لَا تَجْمَع بَيْنهما؛ انتَهَى.
وقالَ المبرِّدُ: أَو يكونُ لأحَدِ أَمْرَيْن عنْدَ شَكِّ المُتَكلِّم أَو قَصْده أَحَدَهما، وكَذلِكَ قَوْله: أَتَيْت زيدا أَو عَمْراً، وجاءَني رَجُلٌ أَو امْرَأَة، فَهَذَا شَكٌّ، وأَمَّا إِذا قَصَد أَحَدَهما فكقَوْلك: كُل السَّمَكَ أَو اشْرَبِ اللبنَ أَي لَا تَجْمَعهما ولكنِ اخْتَر أَيَّهما شِئْتَ، وأَعْطِني دِيناراً أَو اكْــسُنِي ثَوْباً؛ انتَهَى.
وقالَ الأزْهرِيُّ فِي قَوْلِه تَعَالَى: {إِن كُنْتُم مَرْضَى أَو على سَفَرٍ} ، أَو هُنَا للتَّخْيير (و) يكونُ بمعْنَى (مُطْلَقِ الجَمْعِ) ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أَو جاءَ أَحَد منْكُمْ مِنَ الغائِطِ} فإنَّه بمعْنعى الواوِ، وَبِه فُسِّرَ أَيْضاً قَوْله تَعَالَى: {أَو يَزيدُونَ} ؛ عَن أَبي زيْدٍ: وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {أَو أَنْ نَفْعلَ فِي أَمْوالِنا مَا نَشَاءُ} ، وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ:
وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ
لنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُهامعْناهُ: وعَليها فُجُورها وأَنْشَدَ الفرَّاءُ:
إنَّ بهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا
خُوَيْرِ بانٍ يَنْقُفان الْهامَا (و) يكونُ بمعْنَى (التَّقْسِيم؛ و) أَيْضاً بمعْنَى (التَّقْرِيبِ) كقَوْلِهم: (مَا أَدْرِي أَسَلَّمَ أَو وَدّعَ) ، فِيهِ إشارَة إِلَى تقريبِ زمَانِ اللقاءِ.
(و) يكونُ (بمعْنَى إِلَى) أَنْ: تقولُ: لأضْرِبنَّه أَو يَتُوبَ، أَي إِلَى أَنْ يَتُوبَ، كَمَا فِي الصِّحاح.
(و) يكونُ (للإِباحَةِ) ، كقَوْلِكَ: جالِسِ الحَسَن أَو ابنَ سِيرِينَ، كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ ومثْلُه المبرِّد بقَوْله: ائتِ المسْجِدَ أَو السّوقَ، أَي أذَنْت لَكَ فِي هَذَا الضَّرْب مِن الناسِ، قالَ: فَإِن نَهَيْته عَن هَذَا قُلْت لَا تُجالِس زيْداً أَو عَمْراً، أَي لَا تُجالِس هَذَا الضَّرْبَ مِن الناسِ؛ قالَ: وعَلى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُم آثِما أَو كَفُوراً} ، أَي لَا تُطِع أَحداً مِنْهُمَا.
وقالَ الزجَّاجُ: أَو هُنَا أَوْكَد منَ الواوِ، لأنَّ الواوَ إِذا قُلْتَ: لَا تُطِع زيْداً وعَمْراً فأَطَاعَ أَحَدَهما كانَ غَيْر عاصٍ، لأنَّه أَمَرَه أَنْ لَا يُطِيعَ الاثْنَيْن، فَإِذا قالَ: وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفوراً،! فأَو ْدَلَّتْ على أَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا أَهْلٌ أَنْ يُعْصَى.
(و) يكونُ (بمعْنَى إلاَّ فِي الاسْتِثْناءِ، وَهَذِه يَنْتَصِبُ المُضارِعُ بَعْدَها بإضْمارِ أَنْ،) كقَوْله:
وكُنْت إِذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ
(كَسَرْتُ كُعُوبَها أَو تَسْتَقِيمَاأَي إلاَّ أَنْ تَسْتَقِيمَا. وَمِنْه قَوْلُهم: لأضْربنَّك أَو تَسْبقَني، أَي إلاَّ أَنْ تَسْبقَني؛ وَمِنْه أَيْضاً قَوْلُه تَعَالَى: {أَو يَتُوبَ عَلَيْهِم} ، أَي إلاَّ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم؛ وَمِنْهُم قَوْلُ امْرىءِ القَيْس: نُحاوِلُ مُلْكاً أَو نَموتَ فنُعْذَرا مَعْناهُ: إلاَّ أَنْ نَموتَ.
(وتَجِيءُ شَرْطِيَّةً) ، عَن الكِسائي وَحْده، (نَحْو: لأَضْرِبَنَّهُ عاشَ أَو ماتَ.
(و) تكونُ (للتَّبْعِيضِ، نَحْو) قَوْله تَعَالَى {و (قَالُوا كُونُوا هُوداً أَو نَصارى} ، أَي بَعْضًا مِن إحْدَى الطائِفَتَيْن.
(و) قد تكونُ (بمعْنَى بَلْ) فِي توسُّعِ الكَلامِ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لذِي الرُّمَّة:
بَدَتْ مَثلَ قَرْنِ الشمسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى
وصُورتِها أَو أَنتِ فِي العَينِ أَمْلَحُيريدُ: بل أَنْتَ، وَمِنْه قَوْلَهُ تَعَالَى {أَو يَرِيدُونَ} .
قالَ ثَعْلَب: قالَ الفرَّاءُ: بَلْ يَزِيدُونَ.
وقيلَ: أَو هُنَا للشكِّ على حِكَايَةِ قَوْل المَخْلُوقِين، ورَجَّحه بعضُهم.
وقالَ ابنُ بَرِّي: أَو هُنَا للإِبْهامِ على حَدِّ قَوْلِ الشاعِرِ:
وهَلْ أَنا إلاَّ من ربيعَةَ أَو مُضَرْ (و) تكونُ (بمعْنَى حَتَّى) ، كقَوْلكَ: لأَضْربنَّك أَو تَقُومَ، أَي حتَّى تَقُومَ؛ وَبِه فُسِّر أَيْضاً قَوْلُه تَعَالَى: {أَو يَتُوبَ عَلَيْهِم} .
(و) تكونُ (بمعْنَى إذَنْ و) قالَ النّحويُّون: (إِذا جَعَلْتَها اسْماً ثَقَّلْتَ الواوَ) فقُلْتَ:! أَوٌّ حَسَنَةَ؛ و (يقالُ: دَعِ الأُءَوَّ جانباً) ، تقولُ ذلِكَ لمَنْ يَسْتَعْمل فِي كَلامِه افْعَل كَذَا أَو كَذَا؛ وكَذلِكَ يثقَّلُ لَوَّ إِذا جَعَلْتَه اسْماً؛ قالَ أَبو زبيدٍ:
إنَّ لَوّاً وإنَّ ليتاً عَناء
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.