Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سناد

المعرفة

المعرفة: عند النحاة: ما وضع ليدل على شيء بعينه وهي المضمرات والأعلام والمبهمات، وما عرف باللام، والمضاف إلى أحدهما.وعند أهل النظر: إدراك الشيء على ما هو عليه وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمى الحق تعالى بالعالم دون العارف.المعرفة عند القوم: سمو اليقين. وقيل سقوط الوهم لوضوح الاسم. وقيل زوال البرهان بكمال العيان. وقيل دثور الريب لظهور الغيب. وقيل هجوم الأنوار على الأبرار.
المعرفة:
[في الانكليزية] Knowledge
[ في الفرنسية] Connaissance
هي تطلق على معان. منها العلم بمعنى الإدراك مطلقا تصوّرا كان أو تصديقا. ولهذا قيل كلّ معرفة وعلم فإمّا تصوّر أو تصديق.
ومنها التصوّر كما سبق وعلى هذا يسمّى التصديق علما كما مرّ أيضا. ومنها إدراك البسيط سواء كان تصوّرا للماهية أو تصديقا بأحوالها، وإدراك المركّب سواء كان تصوّرا أو تصديقا، على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، فبين المعرفة والعلم تباين بهذا المعنى، وكلاهما أخصّ من العلم بمعنى الإدراك مطلقا، وكذا الحال في المعنى الثاني للمعرفة والعلم. وبهذا الاعتبار يقال عرفت الله دون علمته. ومناسبة هذا الاصطلاح بما نسمعه من أئمة اللغة من حيث إنّ متعلّق المعرفة في هذا الاصطلاح وهو البسيط واحد ومتعلّق العلم وهو المركّب متعدّد، كما أنّهما كذلك عند أهل اللغة وإن اختلف وجه التعدّد والوحدة، فإنّ وجه التعدّد والوحدة في اللغوي يرجع إلى تقييد الاسم الأول بإسناد أمر إليه وإطلاقه عنه، سواء كان مدخوله مركّبا أو بسيطا، وفي الاصطلاحي إلى نفس المحكوم عليه. فإن كان مركّبا فهو متعلّق العلم وإن كان بسيطا فمتعلّق المعرفة. ومنها إدراك الجزئي سواء كان مفهوما جزئيا أو حكما جزئيا، وإدراك الكلّي مفهوما كلّيا كان أو حكما كلّيا على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، وبالنظر إلى هذا يقال أيضا عرفت الله دون علمته، والمراد بالحكم التصديق، والنسبة بينهما على هذا على قياس المعنى الثاني والثالث، والنسبة بين تلك المعاني الثلاثة للمعرفة هي العموم من وجه، وكذا بين تلك المعاني الثلاثة للعلم، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثاني أي بمعنى التصوّر وبين العلم بالمعنى الثالث الرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثالث والعلم بالمعنى والرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الرابع والعلم بالمعنى الثالث كما لا يخفى. قيل الاصطلاح الثاني والرابع متفرّعان على الثالث لأنّ الجزئي والتصوّر أشبه بالبسيط والكلّي والتصديق بالمركّب، هذا والأقرب أن يجعل استعمال المعرفة في التصوّرات والعلم في التصديقات أصلا لأنّه عين المعنى اللغوي ثم يفرّع عليه المعنيان الآخران، هكذا في شرح المطالع وحواشيه وحواشي المطول. ومنها إدراك الجزئي عن دليل كما في التوضيح في تعريف الفقه ويسمّى معرفة استدلالية أيضا. ومنها الإدراك الأخير من الإدراكين لشيء واحد إذا تخلّل بينهما عدم بأن أدرك أولا ثم ذهل عنه ثم أدرك ثانيا. قيل المراد بالذهول هو ما يفضي إلى نسيان محوج إلى كسب جديد وإلّا فالحاصل بعد الذهول التفات لا إدراك إلّا مجازا. والحقّ أنّ الذهول زوال الصورة عن المدركة فيكون الموجود بعده إدراكا، وإن كان بلا كسب جديد. ومنها الإدراك الذي هو بعد الجهل ويعبّر عنه أيضا بالإدراك المسبوق بالعدم والعلم يقال للإدراك المجرّد من هذين الاعتبارين بمعنى أنّه لم يعتبر فيه شيء من هذين القيدين، وبالنظر إلى هذه المعاني الثلاثة يقال: الله تعالى عالم ولا يقال عارف، إذ ليس إدراكه تعالى استدلاليا ولا مسبوقا بالعدم ولا قابلا للذهول، والنسبة بين المعرفة والعلم بهذين المعنيين هي العموم مطلقا، هكذا في حواشي المطول في تعريف علم المعاني، وباقي النّسب يظهر بأدنى توجّه.
ومنها ما هو مصطلح الصوفية. قال في مجمع السلوك: المعرفة لغة العلم، وعرفا العلم الذي تقدّمه نكرة. وفي عبارة الصوفية العلم الذي لا يقبل الشكّ إذا كان المعلوم ذات الله تعالى وصفاته، ومعرفة الذات أن يعلم أنّه تعالى موجود واحد فرد وذات وشيء وقائم ولا يشبه شيئا ولا يشبهه. وأما معرفة الصفات فأن يعرف الله تعالى حيّا عالما سميعا بصيرا مريدا متكلّما إلى غير ذلك من الصفات. وإنما لا تطلق المعرفة على الله تعالى لأنّها في الأصل اسم لعلم كان بعد أن لم يكن، وعلمه تعالى قديم.
ثم المعرفة إمّا استدلالية، وهو الاستدلال بالآيات على خالقها لأنّ منهم من يرى الأشياء فيراه بالأشياء، وهذه المعرفة على التحقيق إنّما تحصل لمن انكشف له شيء من أمور الغيب حتى استدلّ على الله تعالى بالآيات الظاهرة والغائبة، فمن اقتصر استدلاله بظاهر العالم دون باطنه فلم يستدل بالدليلين فتعطّل استدلاله بالباطن وهي درجة العلماء الراسخين في العلم.
وأمّا شهودية ضرورية وهو الاستدلال بناصب الآيات على الآيات، وهي درجة الصّدّيقين وهم أصحاب المشاهدة. قال بعض المشايخ: رأيت الله قبل كلّ شيء وهو عرفان الإيقان والإحسان، فعرفوا كلّ شيء به لا أنّهم عرفوه بشيء انتهى. ويقرب من هذا ما في شرح القصيدة الفارضية من أنّ المعرفة أخصّ من العلم لأنّها تطلق على معنيين، كلّ منهما نوع من العلم، أحدهما العلم بأمر باطن يستدلّ عليه بأثر ظاهر كما توسّمت شخصا فعلمت باطن أمره بعلامة ظاهرة منه، ومن ذلك ما خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. وثانيهما العلم بمشهود سبق به عهد كما رأيت شخصا رأيته قبل ذلك بمدة فعلمت أنّه ذلك المعهود، فقلت عرفته بعد كذا سنّة عهده، فالمعروف على الأول غائب وعلى الثاني شاهد. وهل التفاوت البعيد بين عارف وعارف إلّا لبعد التفاوت بين المعرفتين؟ فمن العارفين من ليس له طريق إلى معرفة الله تعالى إلّا الاستدلال بفعله على صفته وبصفته على اسمه وباسمه على ذاته، أولئك ينادون من مكان بعيد. ومنهم من يحمله العناية الأزلية فتطرقه إلى حريم الشّهود فيشهد المعروف تعالى جده بعد المشاهدة السابقة في معهد أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ويعرف به أسماءه وصفاته على عكس ما يعرفه العارف الأول، فبين العارفين بون بيّن، إذ الأول لغيبة معروفة كنائم يرى خيالا غير مطابق للواقع، والثاني لشهود معروفه كمستيقظ يرى مشهودا حقيقيا مطابقا للواقع انتهى كلامه.

قال في مجمع السلوك: أوحى الله تعالى لداود عليه السلام يا داود: أتدري ما معرفتي؟ قال:

لا. قال: حياة القلب في مشاهدتي. وقال الواسطي: المعرفة ما شاهدته حسّا والعلم ما شاهدته خبرا أي بخبر الأنبياء عليهم السلام.

وقال البعض: المعرفة اسم لعلم تقدّمه نكرة وغفلة، ولهذا لا يصحّ إطلاقه على الله تعالى.

وقال الشبلي: إذا كنت بالله تعالى متعلّقا لا بأعمالك غير ناظر إلى ما سواه فأنت كامل المعرفة. وقيل الرؤية في الآخرة كالمعرفة في الدنيا كما أنّه تعالى يعرف في الدنيا من غير إدراك كذلك يرى في العقبى من غير إدراك، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.
وقالوا من لم يعرف الله تعالى فالسكوت عليه حتم، ومن عرف الله تعالى فالصّمت له جزم.
ولذلك قيل من عرف الله كلّ لسانه، ولا يعارضه ما قيل: من عرف الله طال لسانه: إذ المعنى من عرف الله بالذات كلّ لسانه ومن عرف الله بالصفات طال لسانه. لأنّ الشّخص الذي له مقام التلوين يكون له معرفة الصفات، وأمّا من كان في مقام التمكين فله معرفة الذات.
وذلك مثل سيدنا موسى عند ما كان في مقام التلوين فتطاول قائلا: ربّ أرني أنظر إليك.

فجاءه الجواب: لن تراني. وأمّا نبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فلكونه في مقام التمكين فلم يتطاول بلسانه ولم يطلب الرؤية لهذا حظي بالرؤية. أو يقال: المعنى من عرف الله بمعرفته الشهودية الضرورية كلّ لسانه، ومن عرف الله بمعرفته الاستدلالية طال لسانه انتهى. وفي خلاصة السلوك: المعرفة ظهور الشيء للنفس عن ثقة، قال به عليّ بن عيسى. وقال عبد الله بن يحيى إذا أراك الاضطراب عن مقام العلم بدوام الصحبة فهو معرفة. وقيل المعرفة إحاطة العلم بالأشياء، قال عليه الصلاة والسلام: «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزال الجبال عن دعائكم». قال أبو يزيد: حقيقة المعرفة الحياة بذكر الله وحقيقة الجهل الغفلة عن الله.
حكى أبو عليّ ثمرة المعرفة إذا ابتلي صبر وإذا أعطي النّعم شكر وإذا أصابه المكروه رضي.

وقال أهل الإشارات: العارف من لا يشغله شاغل طرفة عين. قال الجنيد: العارف الذي نطق الحقّ عن سرّه وهو ساكت. وقيل الذي ضاقت الدنيا عليه بسعتها. وقيل: الناس على أربعة أصناف: الثابت الذي يعمل للدرجات، والمحبّ الذي يعمل للزلفى القريبة، والعارف الذي يعمل لرضاء ربه من غير حفظ لنفسه منه.
ومنها ما هو مصطلح النحاة وهي اسم وضع لشيء بعينه. وقيل اسم وضع ليستعمل في شيء بعينه ويقابلها النكرة. اعلم أنّ التعريف عبارة عن جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مشار بها إلى خارج في الوضع، والمراد بالذات المعنى المستقلّ بالمفهومية الذي يصلح أن يحكم عليه وبه، وهو معنى الاسم فقط، فإنّ معنى الفعل والجملة لدخول النسبة فيه خارج عن تلك الصلاحية، وكذا معنى الحرف. ثم لا يخفى أنّ المشار به إلى خارج إنّما هو اللفظ الدالّ على الذات وإنّما نسب إليها مجازا أو أراد بالذات ما يدلّ عليها مجازا، فالتعريف والتنكير من عوارض الذات أي من عوارض ما يكون مدلوله الذات، فلا يجريان في غير الاسم. فعلى هذا لو بدّل الذات بالاسم لكان أنسب. والمراد بالخارج مقابل الذهن. وإنّما قيل إلى خارج لأنّ كلّ اسم موضوع للدلالة على ما سبق في علم المخاطب بكون ذلك الاسم دالا عليه، ومن ثمّة لا يحسن أن يخاطب بلسان إلّا من سبق معرفته بذلك اللسان، فعلى هذا كلّ لفظ فهو إشارة إلى ما ثبت في ذهن المخاطب أنّ ذلك اللفظ موضوع له، فلو لم يقل إلى خارج لدخل في الحدّ جميع الأسماء معارفها ونكراتها. وتوضيحه أنّ المعرفة يشار بها إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه، ولهذا قيل المعرفة يقصد بها معيّن عند السامع من حيث هو معيّن كأنه إشارة إليه بذلك الاعتبار. وأمّا النكرة فيقصد بها التفات الذهن إلى المعيّن من حيث ذاته ولا يلاحظ فيها تعيينه وإن كان معيّنا في نفسه، لكن بين مصاحبة التعيين وملاحظته فرق جلي. ولا شكّ في أنّ الأمر الحاضر في الذهن وإن كان أمرا ذهنيا إلّا أنه مع قيد الحضور في الذهن أمر خارج عن الذهن لأنّ الموجود في الذهن مجرّد ذاته لا مع قيد الحضور فيه، فالمراد بالخارج المعيّن من حيث هو معيّن، وقد يقيّد الخارج بالمختصّ ويجعل فائدته الاحتراز عن الضمائر العائدة إلى ما لم يختص بشيء قبله نحو: أرجل قائم أبوه، ونحو: ربّه رجلا وربّ رجل وأخيه، ويا لها قصة، فإنّ هذه الضمائر نكرات إذ لم يسبق اختصاص المرجوع إليه بحكم. ولو قلت ربّ رجل كريم وأخيه، وربّ شاة سوداء وسخلتها لم يجز لأنّ الضمير معرفة لرجوعه إلى نكرة مخصصة بالصفة. وفيه بحث لأنّه إن كانت هذه الضمائر إشارة إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه كان الظاهر كونها معرفة لا نكرة، وإن كانت إشارة إليه من حيث ذاته خرجت من قيد خارج فلم يحتج إلى قيد مختص. وأيضا معنى التعريف هو التعيين أي الإشارة إلى معلوم حاضر في ذهن السامع من حيث هو معلوم وإن كان مبهما كما سبق، وهذا المعنى موجود في الضمير العائد إلى النكرة، فلا وجه للحكم بكونه نكرة. وأيضا لمّا اعتبر مجرّد الإشارة إلى الخارج فاعتبار التخصيص الغير الواصل إلى حدّ التعيين مستبعد جدا. ولما كان الحقّ إدخال تلك الضمائر في المعارف لم يقيّد الخارج بالمختص. وإنّما قيل إشارة وضعية ليخرج عن الحدّ النكرات المعيّنة عند المخاطب نحو أتيت رجلا إذا علمه المتكلّم بعينه إذ ليس في رجلا إشارة لا وضعا ولا استعمالا إلى معيّن؛ ويدخل في الحدّ تعريف الأعلام المشتركة إذ يشار بها إلى معيّن بحسب الوضع.
فالمعرفة على هذا ما أشير به إلى خارج إشارة وضيعة. وعند من قيّد الخارج بالمختصّ هي ما أشير به إلى خارج مختصّ إشارة وضعية، والنكرة ما ليس كذلك.
ثم اعلم أنّ الجمهور على أنّ المعتبر في المعرفة التعيين عند الاستعمال دون الوضع، فعرّفوا المعرفة بما وضع ليستعمل في شيء بعينه أي متلبّس بعينه أي في شيء معيّن من حيث إنّه معيّن. وحاصله الإشارة إلى أنّه معهود ومعلوم بوجه ما، وبهذا خرج النكرة لأنّ معاني النكرات وإن أوجبت معلوميتها للسامع لكن ليس في اللفظ إشارة إلى تلك المعلومية. ولمّا اعتبر التعيين عند الاستعمال دخل في الحدّ المضمرات والمبهمات وسائر المعارف، فإنّ لفظ أنا لا يستعمل إلّا في الاشخاص المعيّنة إذ لا يصحّ أن يقال إنا ويراد به متكلّم لا بعينه، وليست موضوعة لواحد منها وإلّا لكانت في غيره مجازا، ولا لكلّ واحد منها وإلّا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد الأفراد. وأيضا لا قدرة على وضعها لأمور متعيّنة لا يمكن ضبطها وملاحظتها حين الوضع، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كلّي شامل لكلّ الأفراد، ويكون الغرض من وضعها له استعمالها في أفراده المعيّنة دونه، فما سوى العلم معارف استعمالية لا وضعية، فالشيء المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع اللفظ المستعمل فيه له كالأعلام وممّا وضع لما يصدق عليه كما في سائر المعارف. وهذا هو الذي اختاره المحقّق التفتازاني. وقال في التلويح بأنّه الأحسن.
وذهب بعض المتأخّرين إلى أنّ المعتبر التعيين عند الوضع وعرّفوها بما وضع لشيء بعينه.
فالموضوع له لا بدّ أن يكون معيّنا سواء كان الوضع خاصا كما في العلم أو عاما كما في غيره من المعارف، ولا يلزم المجاز ولا الاشتراك وتعدّد الأوضاع. ويرد على قولهم لا قدرة على وضعها لأمور الخ أنّه كيف صحّ منكم اشتراط أن لا يستعمل إلّا في واحد معيّن من طائفة من المعيّنات فيما ضبطتم للمستعمل فيه يمكن أن يضبط الموضوع له ويوضع له، ولو صحّ ما ذكرتموه لكانت أنت وأنا وهذا مجازات لا حقائق لها إذ لا تستعمل فيما وضعت هي لها من المفهومات الكلّية، بل لا يصحّ استعمالها فيها أصلا، وهذا مستبعد جدا، كيف لا ولو كانت كذلك لما اختلف أئمّة اللغة في عدم استلزام المجاز الحقيقة ولما احتيج في نفي الاستلزام أن يتمسّك في ذلك بأمثلة نادرة، وهذا هو الذي اختاره السّيّد السّند وصاحب الأطول وغيرهما، وقالوا بأنّه هو الحقّ الحقيق بالتحقيق ويجيء لذلك توضيح في لفظ الوضع.
هذا كلّه خلاصة ما في المطول وحواشيه والأطول في بيان فائدة تعريف المسند إليه.

اعلم أنّ المعارف بحسب الاستقراء ستّ:
المضمرات والأعلام والمبهمات وما عرّف باللام وما عرّف بالنداء والمضاف إلى إحدى هذه الخمسة، ولم يذكر المتقدّمون ما عرّف بالنداء لرجوعه إلى ذي اللام إذ أصل يا رجل يا أيّها الرجل، ويذكر هاهنا المعرّف باللام والإضافة. فأقول اشتهر فيما بينهم أنّ لام التعريف يكون للعهد الخارجي ولتعريف الجنس وللعهد الذهني وللاستغراق وكذلك المعرّف بالإضافة. وذهب المحقّقون إلى أنّ اللام لتعريف العهد والجنس لا غير، إلّا أنّ القوم أخذوا بالحاصل وجعلوه أربعة أقسام: توضيحا وتسهيلا، وجعلوا تعريف الاستغراق من أقسام تعريف الجنس، واختلفوا في المعهود الذهني.
فبعضهم جعله من أقسام العهد الخارجي وقال إذا ذكر بعض أفراد الجنس خارجا أو ذهنا فحمل الفرد على ذلك البعض أولى من حمله على جميع الأفراد ويسمّى المعهود خارجيا أو ذهنيا، وإلى هذا ذهب صاحب التوضيح كما صرّح به الفاضل الچلپي في حاشية التلويح في بيان ألفاظ العموم، وإلى هذا يشير أيضا ما وقع في الاتقان حيث قال: التعريف باللام نوعان:

عهدية وجنسية، وكلّ منهما ثلاثة أقسام:
فالعهدية إمّا أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وضابطته أنّ يسدّ الضمير مسدّها مع مصحوبها أو معهودا ذهنيا نحو إِذْ هُما فِي الْغارِ أو معهودا حضوريا نحو الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي. قال ابن عصفور وكذا كلّ ما وقع بعد اسم الإشارة نحو جاءني هذا الرجل، وبعد أيّ في النداء نحو يا أيّها الرجل، أو إذا الفجائية نحو خرجت فإذا الأسد، أو في اسم الزمان الحاضر نحو الآن انتهى نظرك. والجنسية إمّا لاستغراق الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ حقيقة نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أو وصفه بالجمع نحو أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا وإمّا لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ مجازا نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزّلة وخصائصها. وإمّا لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كلّ لا حقيقة ولا مجازا نحو جعلنا من الماء كل شيء حيّا، ومثل هذا في المغني أيضا. وبعضهم جعله أي المعهود الذهني من أقسام الجنس ولذا حقّق صاحب المفتاح أنّ لام التعريف للإشارة إلى تعيين حصّة من مفهوم مدخوله أو تعيين نفس المفهوم والعهد الذهني والاستغراق من أقسام لام تعريف الجنس. واعلم أنّ معنى التعريف مطلقا هو الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في الذهن فلا فرق بين لام الجنس ولام العهد في الحقيقة إذ كلّ منهما إشارة إلى معهود غايته أنّ المعهود في أحدهما جنس وفي الآخر حصّة منه، فتسمية أحدهما بلام الجنس والآخر بلام العهد اصطلاح عائد إلى معروض التعيين، أي التعريف، لا إلى التعيين نفسه. ولهذا قال أئمة الأصول حقيقة التعريف العهد لا غير، وإلى هذا أشار السّكّاكي واختار في اللام أنّ معناها العهد، أي الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في ذهن السامع. وإذا كانت اللام موضوعة لمعنى العهد مطلقا أي سواء كان الحاضر ماهية أو حصة منها كان تعريف الحقيقة قسما من العهد، كما أنّ ما سمّوه تعريف عهد قسم آخر منه، وهذا كلام حقّ. هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول، وبهذا ظهر فساد ما في بعض شروح المغني أنّ الألف واللام عند السّكّاكي إنّما هي لتعريف العهد الذهني خاصة. وأمّا الجنسية والاستغراقية والعهدية خارجيا فكلّها داخلة في العهد الذهني انتهى. واعلم أيضا أنّه إذا دخلت اللام على اسم الجنس فإمّا أن يشار بها إلى حصّة معيّنة منه فردا كان أو أفرادا مذكورة تحقيقا أو تقديرا، ويسمّى لام العهد الخارجي والأول وهو ما كان مذكورا تحقيقا بأن يذكر سابقا في كلامك أو كلام غيرك صريحا أو غير صريح هو العهد التحقيقي، والثاني وهو ما كان مذكورا تقديرا بأن يكون معلوما حقيقة أو ادعاء لغرض وهو العهد التقديري. وأمّا أن يشار بها إلى الجنس نفسه وحينئذ إمّا أن يقصد الجنس من حيث هو كما في التعريفات وفي نحو قولنا الرجل خير من المرأة ويسمّى لام الحقيقة والطبيعة، وإمّا أن يقصد الجنس من حيث هو موجود في ضمن الأفراد بقرينة الأحكام الجارية عليه الثابتة له في ضمنها، فأمّا في جميعها كما في المقام الخطابي وهو الاستغراق أو في بعضها وهو المعهود الذهني. فإن قلت هلّا جعلت العهد الخارجي كالذهني راجعا إلى الجنس؟ قلت:
لأنّ معرفة الجنس غير كافية في تعيين شيء من أفراده، بل يحتاج فيه إلى معرفة أخرى. ثم الظاهر أنّ الاسم في المعهود الخارجي له وضع آخر بإزاء خصوصية كلّ معهود. ومثله يسمّى وضعا عاما، ولا حاجة إلى ذلك في العهد الذهني والاستغراق، والتعريف الجنسي إذا جعل أسماء الأجناس موضوعة للماهيات من حيث هي. هذا خلاصة ما قال عضد الملّة في الفوائد الغياثية، فهذا صريح في أنّ لام الحقيقة ولام الطبيعة بمعنى واحد، وهو قسم من لام الجنس مقابل للعهد الذهني والاستغراق، والمفهوم من المطول والإيضاح أنّ لام الجنس ولام الحقيقة بمعنى واحد كذا في الأطول.
فائدة:
قولهم لام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة معناه أنّ لام الجنس تشير إلى مطلق المفهوم أي مفهوم المسمّى، سواء كان حقيقيا أو مجازيا، فإنّها كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز أيضا، كقولك الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس، وسواء اقتصر الحكم على المفهوم أو أفضي صرفه إلى الفرد، وليس معناه أنّها تشير إلى نفس المفهوم من غير زيادة كما توهّم، وإلّا لم يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته. وقد تكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء، وجعل منه قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو الذي قصده جار الله حيث قال: إنّ معنى التعريف في «المفلحون» الدلالة على أن المتقين هم الذين إن حصلت صفة المفلحين وتحقّقوا بما هم فيه وتصوّروا بصورتهم الحقيقية فهم هم لا يعدون تلك الحقيقة، كما تقول لصاحبك هل عرفت الأسد وما جبل إليه من فرط الإقدام أنّ زيدا هو هو. وقد يشار بها إلى تعيين الجنس من حيث انتسابه إلى المسند إليه فيرجع التعيين إلى الانتساب كما في بيت حسّان ووالدك العبد أي المعروف بالعبودية، فظهر أنّ تعريف الجنس ليس تعريفا لفظيا لا يحكم به إلّا بضبط أحكام اللفظ من غير حظّ المعنى فيه، كما قال بعض محقّقي النحاة، كلّ لام تعريف سوى لام العهد لا معنى للتعريف فيها، فإنّ الناظرين في المعاني لهم شرب آخر ولا يعتبرون التعريف اللفظي، ولذلك تراهم طووا ذكر علم الجنس بأقسامه في مقام التعرض للعلم وأحكامه؛ فلام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة باعتبار حضورها وتعيّنها وعهديتها في الذهن. ولذا قال السّكّاكي لا بدّ في تعريف الجنس من تنزيله منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إمّا لكون ذلك الشيء محتاجا إليه على طريق التحقيق أو على طريق التحكّم، فهو لذلك حاضر في الذهن، أو لأنّه عظيم الخطر معقود به الهمم لذلك على أحد الطريقين، أو لأنّه لا يغيب عن الجنس على أحد الطريقين، وإمّا لأنّه جار على الألسن كثير الدور في الكلام على أحد الطريقين، فإن قلت لم لم يجعل علم الجنس موضوعا بجوهره لما وضع له المعرّف بلام الجنس؟ قلت: لأنّ اعتبار التعين الذهني تكلّف إذ ليس نظر أرباب وضع اللفظ إلّا على الأمور الخارجية، وذو اللام يدعو إليه لئلّا يلغو اللام، ولا داعي إليه في نحو أسامة كذا في الأطول.
فائدة:
الاستغراق مطلقا باللام كان أو غيره ضربان: حقيقي نحو عالم الغيب والشّهادة وعرفي نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده أو مملكته. وفسّر المحقّق التفتازاني الحقيقي بالشمول لكلّ ما يتناوله اللفظ بحسب اللغة وكأنّه أراد أعم من التناول بحسب المعنى المجازي أو الحقيقي والعرفي بالشمول لما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف. والعرف إذا أطلق يراد به العرف العام فيتّجه أنّه يبقى الشمول شرعا واصطلاحا واسطة وأنّ الظاهر لغوي وعرفي. وفسّر في شرح المفتاح السّيد السند أيضا الحقيقي بما كان شموله للأفراد على سبيل الحقيقة بأن لا يخرج فرد والعرفي مما يعدّ شمولا في عرف الناس، وإن خرج عنه كثير من أفراد المفهوم. هذا ولا يخفى عليك أنّ التقسيم إلى الحقيقي والعرفي لا يختص الاستغراق بل هو تخصيص من غير مخصّص إذ المعرّف باللام أيضا لواحد منها يكون عرفيا وحقيقيا، فنحو أدخل السوق عرفي إذ المراد سوق من أسواق البلد لا أسواق الدنيا، بل الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي أيضا كذلك لأنّك ربما تقول في بلد البطيخ خير من العنب لأنّ بطيخه خير من عنبه، فالإشارة في كلّ من البطيخ والعنب إلى جنس خاص منهما بمعونة العرف. ولذا قد يعكس ذلك في بلد آخر وهذه دقيقة قد أبدعها السّكّاكي واتخذها من جاء بعده مذهبا. والحق أن لا استغراق إلّا حقيقيا والتصرّف في أمثال هذا المثال في الاسم المعرّف حيث خصّ ببعض مفهومه بقرينة التعارف فأريد بالصاغة إحدى الصاغتين، وأدخل اللام فاستفيد العموم كذا في الأطول.
فائدة:
الفرق بين المعرّف بلام الحقيقة والطبيعة وبين أسماء الأجناس التي ليست فيها دلالة على البعضية والكلّية نحو رجعى وذكرى ونحوهما من المصادر لأنّ المصادر ليس فيها القصد إلّا إلى الحقيقة المتحدة بالإجماع هو أنّ المعرّف بلام الحقيقة يقصد فيه الإشارة إلى الحقيقة باعتبار حضورها في الذهن وليس أسماء الأجناس المذكورة كذلك. والفرق بينه وبين علم الجنس هو أنّ علم الجنس يدلّ بجوهره على حضور الماهية في الذهن بخلاف المعرّف باللام فإنّه يدلّ على الحضور بالآلة. ومثل هذا الفرق بين المعهود الخارجي وعلم الشخص. وأيضا المعرّف باللام كثيرا ما لا يدلّ على المعهود بشخصه بخلاف علم الشخص. والفرق بين المعرّف بلام الاستغراق وبين كل مضافا إلى النكرة أنّ المعرّف مستعمل في الماهية بخلاف كلّ مضافا إلى النكرة، وأيضا في المعرّف باللام إشارة إلى حضورها في الذهن دون كلّ مضافا إلى النكرة، هكذا في المطول وأبي القاسم.
والفرق بين المعهود الذهني وبين النكرة هو أنّ النكرة تفيد أنّ ذلك الاسم بعض من جملة الحقيقة نحو أدخل سوقا سواء كانت موضوعة للحقيقة مع وحدة أو كانت موضوعة للحقيقة المتحدة، لأنّها مع التنوين تفيد الماهية مع وحدة لا بعينها، فإطلاقها على الواحد حقيقة بخلاف المعرّف باللام نحو أدخل السوق فإنّ المراد به نفس الحقيقة والبعضية مستفادة من القرينة، فإنّ الدخول أفاد أنّ الحقيقة المتحدة المرادة بالمعرّف باللام متحدة مع معهود، فإطلاقه على الواحد مجاز. وبالجملة قولك أدخل سوقا يأتي لواحد من حاق اللفظ فالنكرة أقوى في الإتيان لواحد، ولذا قالوا المعهود الذهني في المعنى كالنكرة وإن كان في اللفظ معرفة صرفة لوجود اللام وعدم التنوين، ولذا يجري عليه أحكام المعارف تارة من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة ونحو ذلك، وأحكام النكرات تارة أخرى كتوصيفه بالجملة في قول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وفي قوله تعالى كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً. هذا حاصل ما في الأطول. لكن في المطول أنّ إطلاق المعرّف بلام الحقيقة وكذا علم الجنس على الواحد حقيقة إذ لم يستعمل إلّا فيما وضع له، والفرق بين المعرّف والنكرة أنّ إرادة البعض في النكرة بنفس اللفظ، وفي المعرّف بالقرينة. واعترض عليه بأنّ الموضوع له الماهية المطلقة والمستعمل فيه هو الماهية المخلوطة، ولا شك في تغايرهما فينبغي أن يكون مجازا. وأجيب بأن الموضوع له هو الماهية لا بشرط شيء، وهي تتحقّق في ضمن المخلوطة، فالمستعمل فيه ليس إلّا الماهية لا بشرط شيء، والفرد المنتشر إنّما فهم من القرينة، وإنّما سمّي معهودا باعتبار مطابقته للماهية المعهودة فله عهد بهذا الاعتبار فسمّي معهودا ذهنيا. قال صاحب الأطول: لا يخفى أنّ المعرّف في مقام الاستغراق أيضا كالنكرة لأنّه يأتي للوحدات من غير إشارة إلى تعيينها، غايته أنّه متحد مع الماهية المعهودة كالمعهود الذهني، والمعرّف بلام الحقيقة من المصادر كالنكرة منها في المعنى، فلا وجه لتخصيص هذا الحكم بهذا القسم. ويمكن أن يقال يراد أنّ هذا في المعنى كالنكرة في اعتبار البلغاء وليس غيره كذلك. ولذا لم يعامل معه معاملة النكرة، ونظرهم في هذا التخصيص محمود لأنّ مناط الإفادة وهو الفرد في هذا القسم مبهم فلم يعتدّ بتعيين تعلّق بالمفهوم بخلاف ما إذا أريد جميع الأفراد فإنّها لتعيّنها بالعموم نائبة مناب المتعيّن.
فائدة:
اعلم أنّ التعريف باللام والنداء وبالإضافة جاء لمدلول اللفظ من الخارج. وأمّا تعريف باقي المعارف فمن جوهر اللفظ ولوضعه للأمر المأخوذ مع التعيّن. وما ذكره السّيّد السّند ناقلا عن الرّضي أنّ تعريف الموصول واسم الإشارة والضمير من الخارج كالمعرّف باللام والنداء والإضافة والانقسام إلى الخمسة بحسب تفاوت ما يستفاد منه مزيّف لأنّ الخارج في الموصول ونظيريه قرينة المراد من اللفظ لا الإشارة إلى تعيّنه كما قال، ولأنّ تفاوت ما يستفاد منه أزيد من الخمسة كذا في الأطول.

اتَّفَقَ مع

اتَّفَقَ مع
الجذر: و ف ق

مثال: اتَّفَقَ البائع مع المشتري
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال «مع» مع صيغة «افتعل» الدالة على الاشتراك.

الصواب والرتبة: -اتَّفق البائع والمشتري [فصيحة]-اتَّفق البائع مع المشتري [صحيحة]
التعليق: أجاز مجمع اللغة المصري إسناد صيغة «افتعل» الدالة على الاشتراك إلى معموليها باستعمال «مع»؛ بناءً على أنها تفيد معنى المعية والمصاحبة والاشتراك في الحكم مما يُدل عليه بالواو. وقد أجاز الكسائي وأصحابه: اختصم زيد مع عمرو.

سري

سري
عن الفارسية من سر بمعنى رأس ورئيس ونهاية وذروة.

سري


سَرِيَ(n. ac. سَرَاوَة [] )
سَرُوَ(n. ac. سَرْي)
a. Was generour manly, high-souled.

سَرَّيَa. Threw, pulled off (clothes).
تَسَرَّيَa. Was generous &c.

إِسْتَرَيَa. Chose, took the best of.

سَرْوa. Glory, distinction, fame.
b. Cypress.

سَرْوَة []
a. Cypress.
b. see 2t
سُِرْوَة [سِرْيَة], (pl.
سِرَآء [] )
a. Small arrow.

سَرَاة [] (pl.
سَرَوَات)
a. Back; middle.

سَرِىّ [] (pl.
سَرَيسُرًى []
سُرَوَآء []
أَسْرِيَآء [] )
a. Generous, manly, high-souled.

سَرِيَّة [] (pl.
سَرَايَا)
a. fem. of
سَرِيّ
سُرِّيَّة
a. see سَرَّ
سُرْيِيَّة
س ر ي : سَرَيْتُ اللَّيْلَ وَسَرَيْتُ بِهِ سَرْيًا وَالِاسْمُ السِّرَايَةُ إذَا قَطَعْتَهُ بِالسَّيْرِ وَأَسْرَيْتُ بِالْأَلِفِ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ وَيُسْتَعْمَلَانِ مُتَعَدِّيَيْنِ بِالْبَاءِ إلَى مَفْعُولٍ فَيُقَالُ سَرَيْتُ بِزَيْدٍ وَأَسْرَيْتُ بِهِ وَالسُّرْيَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا أَخَصُّ يُقَالُ سَرَيْنَا سُرْيَةً مِنْ اللَّيْلِ وَسَرْيَةً وَالْجَمْعُ السُّرَى مِثْلُ: مُدْيَةٍ وَمُدًى قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَيَكُونُ السُّرَى أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ وَقَدْ اسْتَعْمَلَتْ الْعَرَبُ سَرَى فِي الْمَعَانِي تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَجْسَامِ مَجَازًا وَاتِّسَاعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] وَالْمَعْنَى إذَا يَمْضِي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إذَا سَارَ وَذَهَبَ وَقَالَ جَرِيرٌ
سَرَتْ الْهُمُومُ فَبِتْنَ غَيْرَ نِيَامِ ... وَأَخُو الْهُمُومِ يَرُومُ كُلَّ مَرَامِ
وَقَالَ الْفَارَابِيُّ سَرَى فِيهِ السُّمُّ وَالْخَمْرُ وَنَحْوُهُمَا وَقَالَ السَّرَقُسْطِيّ سَرَى عِرْقُ السُّوءِ فِي الْإِنْسَانِ وَزَادَ ابْنُ الْقَطَّاعِ عَلَى ذَلِكَ وَسَرَى عَلَيْهِ الْهَمُّ أَتَاهُ لَيْلًا وَسَرَى هَمُّهُ ذَهَبَ وَإِــسْنَادُ الْفِعْلِ إلَى الْمَعَانِي كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ نَحْوُ طَافَ الْخَيَالُ وَذَهَبَ الْهَمُّ وَأَخَذَهُ الْكَسَلُ وَالنَّشَاطُ وَعَدَاكَ اللَّوْمُ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ سَرَى الْجُرْحُ إلَى النَّفْسِ مَعْنَاهُ دَامَ أَلَمُهُ حَتَّى حَدَثَ مِنْهُ الْمَوْتُ وَقَطَعَ كَفَّهُ فَسَرَى إلَى سَاعِدِهِ أَيْ تَعَدَّى أَثَرُ الْجُرْحِ وَسَرَى التَّحْرِيمُ وَسَرَى الْعِتْقُ بِمَعْنَى التَّعْدِيَةِ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ جَارِيَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ لَكِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ.

وَالسَّرِيَّةُ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي خُفْيَةٍ وَالْجَمْعُ سَرَايَا وَسَرِيَّاتٌ مِثْلُ: عَطِيَّةٍ وَعَطَايَا وَعَطِيَّاتٍ وَالسَّرِيُّ الْجَدْوَلُ وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ وَالْجَمْعُ سُرْيَانٌ مِثْلُ: رَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ وَالسَّرِيُّ الرَّئِيسُ وَالْجَمْعُ سَرَاةٌ وَهُوَ جَمْعٌ عَزِيزٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ لِأَنَّهُ
لَا يُجْمَعُ فَعِيلٌ عَلَى فَعَلَةٍ وَجَمْعُ السُّرَاةِ سَرَوَاتٌ.

وَالسَّرَاةُ وِزَانُ الْحَصَاةِ جَبَلٌ أَوَّلُهُ قَرِيبٌ مِنْ عَرَفَاتٍ وَيَمْتَدُّ إلَى حَدِّ نَجْرَانِ الْيَمَنِ وَسَرِيُّ الْمَالِ خِيَارُهُ وَسَرَاتُهُ مِثْلُهُ وَسَرَاةُ الطَّرِيقِ وَسَطُهُ وَمُعْظَمُهُ

وَالسَّارِيَةُ السَّحَابَةُ تَأْتِي لَيْلًا وَهِيَ اسْمُ فَاعِلٍ وَالسَّارِيَةُ الْأُسْطُوَانَةُ وَالْجَمْعُ سَوَارٍ مِثْلُ: جَارِيَةٍ وَجَوَارٍ. 
السين والراء والياء س ر ي

السُّرَي سَيْرُ الليلِ عامَّتِه يذكَّرُ ويُؤَنَّثُ ولم يعرف اللِّحيانيُّ إلا التأنيثَ وقول لَبِيدٍ

(قُلْتُ هَجِّدْنا فَقَد طال السُّرَي ... وقَدَرْنَا إنْ جَنَى الدَّهْرُ غَفَلْ)

فقد يكون على لغة من ذكَّر وقد يجوز أن يريد طالَت السُّرَي فحذف علامةَ التأنيثِ لأنه ليس بمُؤَنَّثٍ حقيقيٍّ وقد سَرَى سُرًى وسَرْيَةً وسُرْيةً فهو سارٍ قال

(أَتُوْا نارِي فَقُلْتُ مَنُونَ قالوا ... سُرَاةُ الجِنِّ قُلْتُ عِمُوا ظلاما)

وأسْرَي وفي المثل ذَهَبُوا إسْراءَ قُنْفُذَةٍ وذلك أن القُنْفَذَ يسري لَيْلَهُ كُلَّه لا يَنَامُ قال حَسّان

(أَسْرَتْ إليكَ ولم تَكُنْ تُسْرِي ... )

واسْتَرَى كأَسْرَى قال الهُذَلِيُّ

(وخَفُّوا فأمّا الجامِلُ الجَوْنُ فاسْتَرَى ... بِلَيْلٍ وأما الحَيُّ بعدُ فاصْبَحُوا)

وأنشد ابن الأعرابيِّ قَوْلَ كُثَيِّر

(أَرُوحُ وأَغْدُو من هَواكِ وأَسْتَرِي ... وفي النَّفْسِ مما قد عَلِمْتِ علاقِمُ)

وقد سَرَى به وأسْرَى به وأَسْراه والسارِيةُ السحابةُ التي بين الغادِية والرَّائِحة وقال اللحيانيُّ السارِيةُ المَطْرَةُ التي تكون باللَّيْلِ وقوله

(رأيتُكَ تَغْشَى السارِيان ولم تكن ... لتَرْكَبَ إلا ذا الرَّسُوم المُوقَّعَا)

قيل يعني بالسَّارِيات الحُمُرَ لأنها لا تَقرُّ باللَّيْلِ وتَغْشَى أي تَرْكب هذا قَوْل ابن الأَعْرابيِّ وعندي أنه عنى بغِشْيانِها نِكَاحَها لأن البَيْتَ للفَرَزْدَق يَهْجُو جَرِيراً وكان يَعِيبُه بذلك واسْتعارَ بَعْضُهم السُّرَي للدَّواهِي والحُرُوب والهُمُوم فقال في صِفَةِ الحَرْبِ أَنْشَده ثَعْلَب للحارثِ بن وَعْلَة

(ولكنها تَسْرِي إذا نام أهلُها ... فَتَأتِي على ما لَيْس يَخْطُر في الوَهْمِ)

والسَّرِيَّةُ ما بين خَمْسة أَنْفُسٍ إلى ثلثمائة وقيل هي من الخَيْل نحوُ أربْعَمائَةٍ وإنما قَضَيْنا على لامها ألفاً لما قَدَّمْنا من كَوْنِها لاماً وسَرَى عِرْقُ الشَّجَرةِ دَبَّ تَحْتَ الأرض والسارِيةُ الأسطوانة والسِّرْيَةُ نَصْلٌ صَغِيرٌ قَصِيرٌ مُدَوّرٌ مُدَمْلَكٌ لا عَرْض له وقد تكون هذه الياء واواً لأنهم قد قالوا السِّرْوة فقَلَبُوها ياءً لقُرْبها من الكَسْرة وسَرَى متاعَه يَسرِيه ألقاه على ظَهْر دابَّتِه وسَرَى عَنِّي الثَّوْبَ سَرْياً كَشَفَهُ والواوُ أَعْلَى والسَّرِيُّ النَّهْرُ عن ثعلب وقيل الجَدْوَلُ وقيل النَّهْرُ الصغير يَجْرِي إلى النَّخْل والجمع أَسْرِيَةٌ وسُرْيانٌ حكاه سِيبَوَيْهِ وقوله تعالى {قد جعل ربك تحتك سريا} مريم 24 روى عن الحَسَن أنه كان يقول سَرِيّا من الرِّجَالِ يَعْنِي عيسى عليه السلام فقيل له إن من العَرَب من يُسَمِّي النَّهْرَ سَرِيّا فَرَجَع إلى هذا القَوْل والسَّراءُ شَجَرٌ واحدته سَراءة قال ابنُ مُقْبِل

(رآها فُؤادِي أُمَّ خِشْفٍ خَلاَلَهَا ... بقُورِ الوِرَاقَيْنِ السَّراءُ المُصَنِّفُ)

وقال أبو حَنِيفة وتُتَّخَذُ القِسِيُّ من السَّراءِ وهو من عُتْقِ العيدان وشَجَرِ الجِبالِ قال لَبِيدٌ

(تَشِينُ صِحَاحَ البِيدِ كلَّ عَشِيَّةٍ ... بعُودِ السَّرَاء عِنْدَ بابٍ مُحَجَّبِ)

يقول إنهم حَضَرُوا باب المَلِكِ وهم مُتَنَكِّبو قِسِيِّهِم فتَفَاخَرُوا فكُلَّما ذكر منهم رجلٌ مَأْثُرةً خَطَّ لها في الأَرْض خَطّا فأيُّهُم وُجِدَ أكْثَرَ خُطوطاً كان أكثرَ مآثِرَ فذلك شَيْنُهم صحاح البِيدِ والسَّراةُ جَبَلٌ بناحِية الطَّائِف والسريريات بَنَاتُ عبد الله بن أبي بَكْر بن كُلاَب وإيَّاهُم عَنَى لَبِيدٌ بقوله

(وحَيَّ السَّوَاري لن أَقْول لِجَمْعِهِم ... على النّأْي إلا أنْ يُحَيَّا ويَسْلَمَا)

وإنما قَضَيْنَا بأنّ هذا من الياء لكَوْنِها لاماً
سري
سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على يَسري، اسْرِ، سَرْيًا وسُرًى وسِرايةً، فهو سارٍ، والمفعول مَسْريٌّ (للمتعدِّي)
• سرَى اللَّيلُ: مضى وذهب "سرَى الهمُّ- سرى الدواءُ في البدن- {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ".
• سرَى اللَّيلَ/ سرَى باللَّيلِ: سار فيه، قطعه بالسَّيْر " {سُبْحَانَ الَّذِي سَرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} [ق] ".
• سرَى بالشَّخص ليلاً: جعله يسير فيه.
• سَرى عليه الهمُّ: أتاه ليلاً. 

سرَى2 يَسري، اسْرِ، سَرْيًا وسَرَيانًا، فهو سارٍ
• سرَى الشَّيءُ:
1 - دام، دبَّ، انتشر وفشا "سرَى السُّمُّ في عروقه- سرت القشعريرةُ في جسده- سرَى الوباءُ في البلاد" ° سرَى الجرحُ إلى النَّفْس: أثّر فيها حتّى هلكت- سرَى عرقُ الشّجرة: دبّ تحت الأرض.
2 - صار نافذًا "سرَى عرفٌ أو قانون- هذه الأوامر تسري على الجميع" ° ساري المفعول: قانونيّ، مُلزِم- هذا يَسري على الماضي: له مفعول رجعيّ. 

أسرى/ أسرى بـ يُسرِي، أَسْرِ، إسراءً، فهو مُسْرٍ، والمفعول مُسْرًى
• أسرى اللَّيلَ/ أسرى باللَّيل: سرَى، سار فيه أو قطعه بالسَّيْر "يُسري المسافرون باللَّيل ويرتاحون في النَّهار" ° أسرِ وقَمَرٌ لك: معناه اغتنم طلوعَ القمر وسرْ في ضوئه، ويُضرب في انتهاز الفرصة السَّانحة.
• أسرى بالشَّخص: سار به ليلاً " {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} - {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} ". 

إسْراء [مفرد]: مصدر أسرى/ أسرى بـ.
• الإسراء:
1 - انتقال النَّبيّ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "حدثت معجزة الإسراء والمعراج في شهر رجب".
2 - اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 17 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها إحدى عشرة ومائة آية. 

سارِية [مفرد]: ج ساريات وسوارٍ:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على وسرَى2 ° الأمراض السَّارية: الأمراض المُعْدية- لائحة سارية: لائحة داخليّة تعتبر نافذة المفعول ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها.
2 - عمود ينصب في وسط السفينة يعلَّق عليه الشَّراع "حبل السَّارية: حبل لبَسْط شراع السَّفينة".
3 - عمود يُرفع عليه العَلَم "رفعنا السَّواري تحت العَلَم ... نُباهي به ويُباهي بنا".
4 - سحابة. 

سِرايَة [مفرد]: مصدر سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على. 

سُرًى [مفرد]:
1 - مصدر سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على.
2 - سَيْر عامّة الليل (يُذكّر ويؤنّث) "عند الصباح يحمَد القوم السُّرى [مثل]: يُضرب في تقدير المجهود الذي يؤدّي إلى تحقيق الغاية" ° ابن السُّرَى: المسافر ليلاً. 

سَرْي [مفرد]: مصدر سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على وسرَى2. 

سَرَيان [مفرد]: مصدر سرَى2. 

سَرِيّ [مفرد]: ج أسْرية وسُرْيان: جدول، نهر صغير " {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} ". 

سَرِيّة [مفرد]: ج سَرِيّات وسَرايا: (سك) فرقة من الجيش تضمّ عددًا من الفصائل "سرّية مشاة- هجمت السَّرِيَّة على أحد حصون العَدُوّ" ° سريَّة الخيل: نحو أربعمائةَ منها. 

مَسْرًى [مفرد]: ج مسارٍ:
1 - مصدر ميميّ من سرَى1/ سرَى بـ/ سرَى على وسرَى2.
2 - خطّ سير "كان مَسْرَى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" ° خَطّ المسرى: خطّ مسير القذائف منذ انطلاقها حتى بلوغها الهدف.
3 - مكان السَّرْي، والسَّرْي هو المُضيّ والذَّهاب أو السَّيْر أو الدّبيب "مَسْرَى التّيّار الكهربائيّ". 

مُسْرًى [مفرد]: اسم مفعول من أسرى/ أسرى بـ. 
سري
: (ى ( {السُّرَى، كالهُدَى: سَيْرُ عامَّةِ اللّيْلِ) لَا بَعْضه، كَمَا تَوهَّمه الفناري، قالَهُ شيْخُنا.
وَفِي المِصْباح: قالَ أَبو زيْدٍ: ويكونُ أَوَّلَ الليْلِ وأَوْسَطه وآخِرَه.
وَالَّذِي فِي المُحْكم: سَيْرُ اللّيْل عامَّةً.
وبالتَّأَمُّل يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الفناري ليسَ بوَهْم.
يُؤَنَّثُ (ويُذَكَّرُ) ، وَلم يَعْرفِ اللّحْيانيّ إلاَّ التَّأْنيث، شاهِدُ التَّذْكير قَوْلُ لبيدٍ:
قلتُ هَجِّدْنا فقد طالَ السُّرَى
وقَدَرْنا إِن خَنَى الدَّهْر غَفَلْقال ابنُ سِيدَه ويجوزُ أَن يُزيدَ طالَتِ السُّرَى فحذَفَ علامَةَ التَّأْنِيثِ لأنَّه ليسَ بمُؤَنَّثٍ حَقِيقيَ.
(} سَرَى) فلانٌ ( {يَسْرِي} سُرًى {ومَسْرًى} وسَرْيَةً، ويُضَمُّ) .
قالَ الفيومي: والفتْحُ أَخَصّ.
وَفِي الصِّحاح: يقالُ: {سَرَيْنا} سَرْيةً واحِدَةً، والاسمُ {السُّرْيَةُ، بالضمِّ،} والسُّرَى.
( {وسِرايَةً) ، وقيلَ: هُوَ اسمٌ أَيْضاً، والمَصْدرُ} سَرْى؛ كَمَا فِي المِصْباحِ.
وَفِي الصِّحاحِ: {السِّرايَةُ: سُرَى الليْلِ، وَهُوَ مَصْدرٌ، ويَقلُّ فِي المَصادِرِ أَن تجيءَ على هَذَا البِناءِ لأنَّه مِن أَبْنِيةِ الجَمْعِ، يدلُّ على صحَّةِ ذلكَ أَنَّ بعضَ العَرَبِ يُؤنَّثَ} السُّرَى والهُدَى، وهم بَنُو أَسَدٍ، توهُّماً أنَّهما جَمْعُ. . سُرْيَةٍ وهُدْيَةٍ.
( {وأَسْرَى) } إسْراءً، كِلاهُما بمعْنىً، وبالأَلِفِ لُغَةُ الحِجاز، وجاءَ القُرْآن بهما جَمِيعاً:! فَأسر بأَهْلِكَ بقطعٍ مِن الليْلِ، والليْلُ إِذا {يَسْرِ، سُبْحان الَّذِي} أَسْرَى؛ قالَ حسَّانُ بنُ ثابتٍ:
حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الخِدْرِ
{أَسَرَتْ إليكَ وَلم تكُنْ} تُسْرِي ( {واسْتَرَى) :} كأسْرَى؛ قالَ الهُذَليُّ:
وخَفُّوا فأَمَّا الحابِلُ الجَوْنُ {فاسْتَرى
بلَيلٍ وأَمَّا الحَيُّ بعدُ فأَصْبَحُواوقالَ كثيِّرٌ:
أَرُوحُ وأَغْدُو من هَواكِ} وأَسْتَرِي
وَفِي النَّفْسِ مِمَّا قَدْ عَمِلْتِ عَلاقِمُ ( {وسَرَى بِهِ} وأَسْراهُ و) أَسْرى (بِهِ) : أَي يُسْتَعْملان مُتعدِّيَيْن بالباءِ إِلَى مَفْعول.
(و) أَمَّا قوْلُه تَعَالَى: {سُبْحان الَّذِي ( {أَسْرَى بعَبْدِه لَيْلاً) } ، وَإِن كانَ} السُّرَى لَا يكونُ إلاَّ لَيْلاً أنَّه (تَأْكِيدٌ) كقَوْلِهم: {سِرْتُ أَمْسِ نَهَارا والبارِحَة لَيْلًا؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(أَو مَعْنَاهُ: سَيَّرَه) ؛ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ.
وقالَ عَلَم الدِّيْن السَّخاوِي فِي تَفْسيرِه: إنَّما قالَ لَيْلًا والإِسْراءُ لَا يكونُ إلاَّ باللَّيْل، لأنَّ المدَّةَ الَّتِي} أَسْرى بِهِ فِيهَا لَا تُقْطَعُ فِي أَقَل مِن أَرْبَعِين يَوْماً فقُطِعَتْ بِهِ فِي لَيْلٍ واحِدٍ؛ فكانَ المَعْنى سُبحان الَّذِي {أَسْرَى بعَبْدِه فِي لَيْلٍ واحِدٍ من كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّعجُّبِ، وإنَّما عَدَلَ عَن لَيْلةٍ إِلَى لَيْلٍ لأنَّهم إِذا قَالُوا} سَرَى لَيْلَةً كانَ ذلكَ فِي الغالِبِ لاسْتِيعابِ اللّيْلة {بالسُّرَى، فقيلَ لَيْلاً أَي فِي لَيْلٍ، انتَهى نقلَهُ عبدُ القادِرِ البَغْدادِي فِي حاِشَيَةِ الْكَعْبِيَّة.
وجَعَلَهُ الرَّاغبُ مِن السّراةِ وَهِي الأَرْضُ الواسِعَةُ، وأَصْلُه من الواوِ،} أَسْرَى مِثْلُ أَجْبَل وأَتْهَم، أَي ذَهَبَ بِهِ فِي! سَراةٍ مِن الأرْضِ وَهُوَ غَرِيبٌ. ( {والسَّرَّاءُ، كشَدَّادٍ: الكثيرُ} السُّرَى) باللّيْل؛ نقلَهُ الأزْهريُّ.
( {والسَّارِيَةُ: السَّحابُ} يَسْرِي لَيْلاً) ؛ قالَ النابَغَةُ:
{سَرَتْ عَلَيْهِ من الجَوْزاءِ} سارِيَةٌ
تُزْجِي الشّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البَرَدوقيلَ: هِيَ السَّحابَةُ الَّتِي بينَ الغادِيَةِ والرَّائِحَة.
وقالَ اللَّحْيانيُّ: هِيَ المَطْرَة الَّتِي تكونُ باللَّيْل؛ وقالَ كعبٌ:
تَنْفي الرَّياحُ القَذَى عَنهُ وأَفْرَطَه
من صَوْبِ {ساريةٍ بيضٌ يَعالِيلُ (ج} سَوارٍ.
(و) {السَّارِيَةُ: (الأُسطُوانَةُ) ؛ زادَ صاحِبُ البارِع: من حَجَرٍ أَو آجُرَ، والجَمْعُ} السَّوارِي.
(و) {السَّارِيَةُ: (د بطَبَرِسْتانَ) ، ويُعْرَفُ} بسارِيَةِ مَازَنْدَرَان، (مِنْهُ: بُنْدَارُ بنُ الخَليلِ) الزاهدُ ( {السَّرَوِيُّ) ، بالتَحْرِيكِ، رَوَى عَن مُسْلم بنِ إبراهيمَ، وَعنهُ أحمدُ بنُ سعيدِ بنِ عُثْمان الثَّقفيِّ.
(} وسارِيَةُ بنُ زُنَيمِ) بنِ عَمْروِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ جابِرِ بنِ محميةَ بنِ عبدِ بنِ عدِيِّ بنِ الديلِ الخلجيُّ الكِنانيُّ (الَّذِي نادَاهُ عُمَرُ، رضِي الله عَنهُ على المِنْبَرِ، وسارِيَةُ بنَهاوَنْدَ) فقالَ: يَا! سارِيَة: الجَبَلِ الجَبَل، فسَمِعَ صَوْتَهُ وكانَ يُقاتِلُ العَدُوَّ فانْحازَ بهم إِلَى الجَبَل فسَلِم مِن مَكِيدتِهم، وَهَذِه الكَرامَةُ ذَكَرَها غيرُ واحِدٍ من أَصْحابِ السِّيَرِ، وَقد ذَكَرَه ابنُ سَعْدٍ وأَبو مُوسَى وَلم يَذْكُر مَا يدلُّ لَهُ على صُحْبتِه، لكنَّه أَدْرَك، وذكَرَه ابنُ حبَّانِ فِي ثِقاتِ التابِعين قالَ: رَوَى عَن أَنَسٍ وعنَه أَبو حزَرَةَ يَعْقوبُ بنُ مجاهِدٍ، (وكانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَصْراً) ، هَكَذَا فِي النسخِ، أَي مَحْصوراً، أَو هُوَ بالضَّادِ المُعْجمة أَي عَدْواً وَهُوَ الظاهِرُ.
وفاتَهُ:
سارِيَةُ بنُ أَوْفَى: لَهُ وِفادَةٌ، ويقالُ عَقَدَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على {سرِّيَةٍ.
(و) سارِيَةُ (بنُ عَمْرٍ والحَنَفِيُّ صاحِبُ خالِدِ بنِ الوَليدِ) ، رضِي اللَّهُ عَنهُ، قَالَ لَهُ: إِن كانَتْ لكَ فِي أَهْلِ اليَمامَةِ حاجَةٌ فاسْتَبْق هَذَا، يَعْنِي مَجاعَة بن مرارَةٍ.
(و) سارِيَةُ (بنُ مَسْلَمَةَ بنِ عُبَيْدِ) بن ثَعْلَبَةَ بنِ يَرْبُوعِ بن ثَعْلبَةَ بن الدولِ (الحَنَفيُّ أَيْضاً) ، كِلاهُما مِن حنيفَةَ، ومِن ولدِ الأخيرِ خُلَيْدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ زهيرِ بنِ سارِيَةَ وَلِيَ خُرَاسان، قالَهُ ابنُ الكَلْبي.
وَفِي التّابِعِين: سارِيَةُ بنُ عبدِ اللَّهِ رَوَى عَن ابنِ مَسْعودٍ، وَعنهُ سالِمُ بنُ أَبي الجَعْد.
(} والسَّرِيَّةُ) ، كغَنِيَّةٍ: قِطْعَةٌ مِن الجَيْشِ، فَعِيلَةٌ بمعْنَى فاعِلَةٍ، لأنَّها تَسْري فِي خُفْيَةٍ لَيْلاً لئَلاَّ يَنْذَر بهم العَدُوُّ فيَحْذروا، وَهِي (مِنْ خَمْسةِ أَنْفُسٍ إِلَى ثَلَثمِائَةٍ، أَو) هِيَ مِن الخَيْل نَحْو (أَرْبعمائَةٍ) .
وَفِي النِّهايَةِ يَبْلغُ أَقْصاها أَرْبعمائَة، والجَمْعُ {السَّرايا} والسَّرِيات.
فِي الصَّحاحِ: يقالُ: خَيْرُ {السَّرايا أَرْبُعمائةِ رجُلٍ.
وَفِي فَتْح البارِي:} السَّرِيَّةُ مِن مِائَةٍ إِلَى خَمْسمائةٍ فَمَا زادَ فَمنْسِر، كمَجْلِسٍ، فَإِن زادَ على ثَمانمِائةٍ فجَيْش، فَإِن زادَ على أَرْبعةِ آلافٍ فجيْش جَرَّار.
وَفِي النَّهايةِ: قيلَ: سَرِيَّة لأنَّهم يكونونَ خُلاصَة العَسْكرِ وخِيارَهم مِن الشيءِ! السَّرِيّ وَهُوَ النَّفِيس، وقَوْل مَنْ قالَ لأنَّهم يُنَفِّذُونَ سرّاً وخُفْيَة، ليسَ بالوَجْه لأنَّ لامَ السّر راو، وَهَذِه ياءٌ فتأَمَّل.
( {وسَرَّى) قائِدُ الجيْشِ سَريَّةً (} تَسْرِيَةً: جَرَّدَها) إِلَى العَدُوِّ لَيْلاً (و) {السَّرِيَّةُ: (نَصْلٌ صَغيرٌ) قَصِيرٌ (مُدَوَّرٌ) مُدَمْلَك لَا عَرْضَ لَهُ، وَقد يكونُ تَحْتَ الأرضِ.
ثمَّ إنَّ سِياقَ المصنِّف ظاهِرٌ أنَّه من مَعَاني} السَّرِيَّةِ، كغَنِيَّة، لِكَوْنِه مَعْطوفاً على مَا قَبْلَه، وَهُوَ غَلَطٌ، والصَّوابُ فِيهِ السِّرْية، بالكَسْر، وتَخْفيفِ الياءِ، كَمَا هُوَ نَصُّ المُحْكَم، لأنَّه بَعْد مَا ذَكَرَه قالَ: وَقد تكونُ هَذِه الياءُ واواً لأنَّهم قَالُوا السِّرْوة فقَلَبُوها يَاء لقُرْبها مِن الكَسْرةِ.
وَفِي التكملة: وقالَ الأصْمعيُّ: السِّرْيةُ، بالكَسْرِ، مِن النِّصالِ، لُغَةٌ فِي السِّرْوةِ، فتأَمَّل فإنَّ فِي عِبارَةِ المصنِّفِ سَقْطاً.
( {وسَرَى عِرْق الشَّجَر) } يَسْرِي {سَرْياً: إِذا (دَبَّ تَحْتَ الأرضِ) ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه والأزْهريُّ.
(و) } سَرَى (متاعَهُ) {يَسْرِيه} سَرْياً: (أَلْقاهُ على ظَهْرِ دابَّتِه) ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
(و) {السَّرِيُّ، (كغَنِيَ: نَهْرٌ) ، قالَهُ ثَعْلَب.
وقيلَ: هُوَ الجَدْولُ؛ قالَهُ ابنُ عبَّاس، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ وفَسَّرُوه بأنَّه: (نَهْرٌ (صَغيرٌ يَجْرِي إِلَى النَّخْلِ) ؛ قالَ لبيدٌ يَصِف نَخْلاً على نَهْر:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصّفا} وسَرِيُّهُ
عُمٌّ نَواعِمُ بَيْنهُنَّ كُرومُوبه فُسِّر قوْلُه تَعَالَى: {قد جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ {سَرِيّاً} .
(ج} أَسْرِيَةٌ {وسُرْيانٌ) ، كرَغِيفٍ وأَرْغِفَةٍ ورُغْفان.
قالَ الجوهرِيُّ: وَلم يُسْمَع فِيهِ} بأَسْرِياءَ.
(والَّزاهِدُ السَّقَطِيُّ) ، محرَّكةً: هُوَ السَّرِيُّ بنُ الْمُغلس (م) مَعْروفٌ صحِبَ أَبا مَحْفوظ مَعْروف بن فَيْرُوز الكَرْخيّ، وَعنهُ ابنُ أُخْتِه الجُنَيْد البَغْدادِيّ؛ (وجماعَةٌ) آخَرُون مِنْهُم: {السَّريُّ بنُ سَهْل عَن ابْن عليَّة؛} والسَّريُّ بنُ عبدِ اللَّهِ السّلَميُّ؛ والسَّريُّ بنُ عبد الحميد وغيرُهم.
(وغَنْمُ بنُ {سُرَيَ، كسُمَيَ، فِي) نَسَبِ (الخَزْرَجِ، وَمن ذُرِّيَّتِه: طَلْحَةُ بنُ البَراءِ الصَّحابيُّ) ، وسهيلُ بنُ رافِعٍ صاحِبُ الصَّاع، رضِيَ الله عَنْهُمَا، من ولدِ سُرَيِّ بن سَلَمَة ابنِ أنيفٍ.
(وَفِي بَني حنيفَةَ سُرَيٌّ أَيْضاً) ، وَهُوَ سُرَيُّ بنُ سَلمةَ بنِ عبيدٍ، ومِن ذُرِّيَّتِه: البَعِيثُ الشاعِرُ فِي زَمَنِ الفَرَزْدق.
وفاتَهُ:
} سُرَيُّ بنُ كَعْبٍ الأزْديُّ رَوَى عَنهُ الثَّوْري.
(و) {السَّراءُ، (كسَماءٍ: شَجَرٌ) تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيُّ، (واحِدَتُه بهاءٍ) ؛ وأَنْشَدَ الجوهريُّ لزهيرٍ يَصِفُ وحْشاً:
ثلاثٌ كأَقْواسِ} السَّراءِ وناشِطٌ
قد انحَصَّ من لَسِّ الغَمِير جحافِلُهْ ( {والسَّراةُ: أَعْلى كلِّ شيءٍ) ، وَمِنْه} سَراةُ النهارِ أَعْلاهُ؛ وَكَذَا سَراةُ الجَبَلِ.
ووَقَعَ فِي نسخِ الصِّحاحِ: سَراةُ النهارِ وَسَطُه، ونَبَّهوا أَنَّ الصَّوابَ فِيهِ أَعْلاهُ.
( {وسَراةُ مُضافَةً إِلَى) عدَّةِ قَبائِل ومَواضِع فَمِنْهَا:} سَراةُ (بَجيلَةَ وزَهْرانَ وعَنْزٍ) ، بفَتْحٍ فسكونٍ، (والحِجْرِ) ، بالكسْرِ؛ (و) سَراةُ (بَني القَرْنِ) ، بالفتْحِ، (و) سَراةُ (بَني شَبانَةَ، و) سَراةُ (المَعافِرِ وفيهَا قُرًى وجِبالٌ) ومِياهٌ؛ (و) سَراةُ (الكُراعِ وفيهَا قُرًى أَيْضاً، و) سَراةُ (بَني سَيْفٍ، و) سَراةُ (خَتْلانَ) ؛ بفتْحِ الخاءِ المعْجمةِ وسكونِ المُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّة؛ (و) سَراةُ (أَلْهانَ؛ و) سَراةُ (المَصانِع، و) سَراةُ (قُدُمٍ) ، بضمَّتَيْن؛ (و) سَراةُ (هَتُومٍ) ، كصَبُورٍ؛ (و) سَراةُ (الطَّائِفِ وَهَذِه غَوْرُها مكَّةُ ونَجْدُها دِيارُ هَوازِنَ، مَواضِعُ م) مَعْروفَة.
قالَ الفيومي: السَّراةُ جَبَلٌ أَوَّلَهُ قَرِيبٌ مِن عَرَفات ويَمْتدُّ إِلَى حَدِّ نَجْران اليَمَنِ، والنِّسْبَةُ إِلَى السَّراةِ {سَروِيٌّ بالفتْحِ، وَهُوَ جَبَلُ الأزْدِ.
وضَبَطَه الرشاطيُّ بالتَّحريكِ فِي النِّسْبَةِ.
وقالَ ابنُ السّمعانيُّ: لَا أَدْرِي هَل كانَ فيهم عَالم أم لَا.
وذَكَرَ الرشاطيُّ حدِيثَ ابنِ عُمَر المَوْقُوف: اجْتَمَعَ أَرْبَع رَهْط سَرْويَّ ونَجْديّ وشامِيّ وحِجازيّ، فذَكَر الحِكَايَة؛ قالَهُ الحافِظُ.
قُلْتُ: وَكَثِيرًا مَا يَذْكُر الدّينورِي فِي كتابِ النَّباتِ عَن} السَّرويِّين، أَي مِن أَهْلِ السَّراةِ.
( {وأَسْرَى: صارَ إِلَى السَّراةِ) ، كأَنْجَدَ وأَتْهَمَ.
(} وسِرْيَا، بالكسْرِ: ة بالبَصْرَةِ) .
وقالَ نَصْر: صقْعٌ بسَوادِ العِراقِ قُرْبَ بَغْدادَ وقُرىً وأَنهارٌ مِن طسوج دوريا.
قالَ الصَّاغانيُّ: يُضْرَبُ ببقِّها المَثَلُ.
(وسِرْياقُوسُ) ، بالكْسرِ وضمِّ القافِ: (ة بمِصْرَ) بالشرقيَّةِ على مَقْرُبَةٍ، وَبهَا خانقاه مَشْهورٌ.
ثمَّ إنَّ صَنِيعَ المصنِّفِ يَقْتضي أنَّها مُركَّبَةٌ مِن سْرْيا وقُوس، وَالَّذِي فِي كتبِ التَّوارِيخ والخُطَطِ أنَّها مُركَّبة مِن سِرْ أَمْر مِن سارَ يَسِيرُ وقَوس، بالفتْحِ، وعَلى كلِّ حالٍ المُناسِبُ ذِكْرها فِي بابِ السِّيْن وفَصْلها.
(والسُّرَيَّةُ، كَسُمَيَّة: ة بالشَّامِ) .
قالَ نَصْر: هِيَ مِن أَغْوارِ الشَّامِ.
( {والسَّارِي: ع.
(و) أَيْضاً: (الأَسَدُ} كالمُسارِي {والمُسْتَرِي) لسَيْرِه لَيْلاً.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:} السُّراةُ، بالضمِّ: جَمْعُ {السَّارِي، وهُم الَّذين} يَسْرونَ بالليْلِ؛ وَمِنْه قَوْل الشاعِرِ:
أَتَوْا نارِي فقُلْتُ مَنُونَ؟ قَالُوا
{سَرَاةُ الجِنِّ قلتُ عِمُوا ظَلامَاويُرْوَى بفتْحِ السِّيْن أَيْضاً.
وَفِي أَمْثالِهم:} أَسْرى من قُنْفُذٍ، وذَهَبُوا إسْراءَ قُنْفُذٍ، وذلكَ لأنَّ القُنْفُذَ {يَسْرِي ليلَهُ كُلَّه لَا يَنامُ.
} وسَرَى {يَسْرِي: إِذا مَضَى؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {والليْلُ إِذا} يَسْرِ} ، حذفَ الْيَاء لأنَّها رأْسُ آيَةٍ؛ وقيلَ: مَعْناه إِذا {سرى فِيهِ كَمَا قَالُوا لَيْلٌ نائِمٌ أَي يُنامُ فِيهِ، فَإِذا عَزَمَ الأَمْرُ أَي عُزِمَ عَلَيْهِ.
} والسارِياتُ: حُمُرُ الوَحْشِ لأنَّها تَرْعى لَيْلًا وتَنَفَّش، وَمِنْه قَوْلُ الفَرَزْدَق يَهْجُو جَرِيرًا:
رأَيتُكَ تَغْشَى {السارِياتِ وَلم تكنْ
لتَرْكَبَ إلاَّ ذَا الوشوم المُوَقَّعاوعَنَى بِغِشْيانِها نِكاحَها، وَكَانَ يعيبُه بذلكَ.
} وسَرَى عنِّي الثوبَ سَرْياً: كَشَفَهُ؛ والواوُ أَعْلى، كَمَا فِي المُحْكَم.
وَفِي التَّهْذيبِ: {سَرَيْتُ الثوبَ} وسَرَّيتُه: نَضَوْتَه.
{والسُّوَيْرِيَّات: بَنُو عبدِ اللَّهِ بنِ أَبي بَكْرِ بنِ كلابٍ، ويقالُ لَهُم} السَّوارِي أَيْضاً، وإيَّاهم عَنَى لبيدٌ بقَوْله:
وحَيَّ! السَّوارِي لَنْ أَقُولَ بجَمْعِهم
على النَّأْي إلاَّ أَن يُحَيَّى ويُسْلَماقالَ ابنُ سِيدَه: وإنَّما قَضَيْتُ بأنَّ هَذَا مِن الياءِ لأنَّها لامٌ. {وسَرَّى العَرَق عَن بَدَنِه} تَسْريَةً: نَضَحَهُ، قَالَ:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ {المُسَرَّى وَفِي المِصْباح: قد اسْتَعْملتِ العَرَبُ} سرى فِي المعانِي تَشْبيهاً لَهَا بالأَجْسامِ مجَازًا واتِّساعاً، فَمِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: {واللَّيلُ إِذا يَسْرِ} ، وَقد تقدَّمَ ذِكْرُه.
وقالَ الفارابي: سَرَى فِيهِ السّمُّ والخَمْرُ ونَحْوهما.
وقالَ السَّرقسْطِي: سَرى عرق السّوء فِي الإِنْسانِ. وزادَ ابنُ القطَّاع: سرى عَلَيْهِ الهَمُّ أَتاهُ لَيْلاً. {وسَرَى هَمُّه ذَهَبَ؛ وإسْنادُ الفِعْل إِلَى المعانِي كثيرٌ فِي كَلامِهم.
وقَوْل الفُقهاءِ:} سَرى الجُرْحُ إِلَى النَّفْسِ: أَي دامَ أَلَمُه حَتَّى حَدَثَ مِنْهُ المَوْتُ. وقطعَ كَفّه {فسرى إِلَى ساعِدِه: أَي تعدَّى أَثَر الجُرْح.} وسرى التَّحْريم وسرى العتْق بمعْنَى التَّعْديَّةِ. وَهَذِه الأَلْفاظُ جارِيَةٌ على أَلْسنةِ الفُقهاءِ، وليسَ لَهَا ذِكْر فِي الكُتُبِ المَشْهورَةِ لكنَّها مُوافِقَة لمَا تقدَّمَ، انتَهى.
وَفِي المُحْكَم: واسْتَعارَ بعضُهم السُّرَى {للدَّواهِي والحُرُوبِ والهُمُومِ؛ قالَ الحرِثُ بنُ وعلَةَ فِي صفةِ الحَارْبِ:
ولكنَّها} تَسْري إِذا نامَ أَهْلُها
فتأْتي على مَا ليسَ يَخْطُر فِي الوَهْمِقُلْتُ: وَفِي هَذَا المَعْنى أَنْشَدَنا صاحِبُنا الفَقِيهُ أَبو محمدٍ عبدُ الغنِيّ بنُ محمدٍ الأنْصارِي:
يَا رَاقِد الليْل انْتَبه
إنَّ الخُطُوبَ لَهَا {سُرى ثِقَة الفَتى بزَمانِه
ثِقَة مُحلَّلةُ العُرَى والغالِبُ على مَصادِرِ مَا ذُكِر} السّرايَة {والسَّرَيان.
} والسارِيَةُ: جَبَلٌ بفارِسَ.
وأَيْضاً: القَوْمُ! يسرون بالليْلِ؛ نقَلَهُ الرَّاغبُ. {والمُتَسَرِّي: الَّذِي يَخْرُجُ فِي} السّرِيَّةِ، نقلَهُ ابنُ الْأَثِير.
وجاءَ صَبيحَةَ {سارِيَةٍ: أَي لَيْلةٍ فِيهَا مَطَر.
} وسُرِّي عَنهُ: كُشِفَ وأزِيل، والتّشْديدُ للمُبالَغَة.
{والسِّرْيةُ، بالكسْرِ: دُودَةُ الجَرادِ؛ نقلَهُ الجوهرِيُّ.
ويقالُ: سارَ} بالسَّرِيَّة، إِذا سارَ بالسِّيَرةِ النَّفِيسَة؛ عَن ابنِ الأَثيرِ وَهُوَ مجازٌ.
{وسِرْيا، بالكْسر: قَرْيةٌ من شرقية مِصْر من حُقُوق المورية.
وابنُ إسْرائِيل: شاعِرٌ مَعْروفٌ، هُوَ نجْمُ الدَيْن أَبُو المعَالِي محمدُ بنُ سوارِ بنِ إسْرائيل بنِ الخضرِ بنِ إسرائِيل بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ الشَّيْبانيُّ الدِّمَشْقيُّ ولدَ سَنَة 603، سَمِعَ مِنَ الكِنْدي والشَّهاب السَّهْروردِي، وَعنهُ ابنُ مسدى، تُوفي سَنَة 677.
} والسَّراةُ: مدينَةٌ بأَذَرْبيجان، بهَا قوْمٌ مِن كِنْدَةَ، عَن نَصْر.
{والسّرا، مَقْصوراً: أَحَدُ أَبوابِ هَراةَ، وَمِنْه دَخَلَ يَعْقوبُ ابنُ مالِكِ.

سري


سَرَى(n. ac. سَرْيَة
سُرْيَةسُرًى مَسْرًى [] سَرَيَاْن)
a. Travelled, journeyed by night.
b. Spread, extended; circulated (blood).
c. [Bi], Made to journey by night.
سَرَّيَa. Dispatched; detached ( troops & c. ).
b. ['An], Delivered, freed from.
أَسْرَيَa. see I (a) (c).
إِسْتَرَيَa. see I (a)
سَرْيَة []
a. Night-journey; nighttravelling.

سِرْيَِة []
a. Newly hatched locust.

سُرِْيَة [سُرْيَة], (pl.
سُراى [ ])
a. Night-journey.

مَسْرًى [] (pl.
مَسَارٍ [] )
a. see 3t
سَارِي []
a. [art.], The Lion.
سَارِيَة [] (pl.
سَوَارٍ [] )
a. Night-clouds.
b. Pillar, column.
c. Mast.

سَرَآء []
a. Wood of which bows are made.

سَرَايَة [] ( pl.
reg. )
a. Castle; palace.

سَرِىّ [] (pl.
أَسْرِيَة []
سُرْيَان [] )
a. Rivulet, streamlet, rill.

سَرِيَّة [] (pl.
سَرَايَا)
a. Detachment, squadron.
b. Round lance-head.

سَرَيَان []
a. see 3t
سَرَيَاْنِيّa. Pervasive.

سَرَايَا
a. see 22t
السُّرْيَانِيَّة
a. Syriac.

الكلّي

الكلّي:
[في الانكليزية] Universal ،general
[ في الفرنسية] Universel general
عند المنطقيين يطلق بالاشتراك على معان.
الأول الكلّي الحقيقي وهو المفهوم الذي لا يمنع نفس تصوّره من وقوع شركة كثيرين فيه، ويقابله الجزئي الحقيقي تقابل العدم والملكة، وهو المفهوم الذي يمنع نفس تصوّره من وقوع شركة كثيرين فيه. ولنوضّح تعريف الجزئي لأنّ مفهومه وجودي مستلزم لتصوّر مفهوم الكلّي، فنقول: قولهم يمنع نفس تصوّره أي يمنع من حيث إنّه متصوّر فلا يرد ما يقال إنّا لا نسلّم أنّ المانع للعقل من وقوع الشركة نفس تصوّر المفهوم بل المفهوم نفسه بشرط تصوّره وحصوله عنده لأنّ المانع ما هو في نظره وهو المعلوم دون العلم، وإنّما يدخل العلم في نظره إذا التفت إليه، كيف وأنّ الجزئي بمجرّد تصوّره لا يمنع وقوع الشركة سواء التفت في تصوّره أو لا، فدخل الجزئيات بأسرها في تعريف الكلّي.
وحاصل الرّد أنّ المراد هذا لكن أسند المنع إلى التصوّر مجازا إسناد الفعل إلى الشرط، ومعنى تصوّر المفهوم حصول المفهوم نفسه لا صورته فلا يرد أنّ التصوّر حصول صورة الشيء في العقل فصار معنى تصوّر المفهوم حصول صورة المفهوم، فيلزم أن يكون للمفهوم مفهوم. وقد يقال إنّ مفهوم المفهوم عينه كوجود الوجود، والتقييد بالتصوّر يفيد قطع النظر عن الخارج، والتقييد بالنفس يفيد قطع النظر عن البرهان فلم يغن أحدهما عن الآخر، فيجب التقييد بهما لئلّا ينتقض التعريفان طردا وعكسا إذ لو لم يعتبر في تعريفهما التصوّر لصارت الكلّيات الفرضية التي يمتنع صدقها على شيء من الأشياء بالنظر إلى الخارج لا بالنظر إلى مجرّد تصوّرها مثل اللاشيء واللاوجود جزئية، ولو لم يعتبر النفس فيهما لدخل واجب الوجود في الجزئي لامتناع الشركة فيه بحسب الخارج بالبرهان. ومعنى شركة كثيرين فيه مطابقته لها، ومعنى المطابقة لكثيرين أنّه لا يحصل من تعقل كلّ واحد منها أثر متجدّد، فإنّا إذا رأينا زيدا وجرّدناه عن مشخّصاته حصل منه في أذهاننا الصورة الإنسانية المعراة عن اللواحق، فإذا رأينا بعد ذلك خالدا وجرّدناه لم يحصل منه صورة أخرى في العقل ولو انعكس الأمر في الرؤية كان حصول تلك الصورة من خالد دون زيد، واستوضح ما أشرنا إليه من خواتم منتقشة انتقاشا واحدا، فإنّك إذا ضربت واحدا منها على الشمع انتقش بذلك النقش ولا ينتقش بعد ذلك ينقش آخر إذا ضربت عليه الخواتم الأخر، ولو سبق ضرب المتأخّر لكان الحاصل منه أيضا ذلك النقش بعينه فنسبته إلى تلك الخواتم نسبة الكلّي إلى جزئياته. فإن قيل الصورة الحاصلة من زيد في ذهن واحد من الطائفة الذين تصوّروه مطابقة لباقي الصور الحاصلة في أذهان غيره ضرورة أنّ الأشياء المطابقة لشيء واحد متطابقة فيلزم أن تكون تلك الصورة كلّية. قلت الكلّية مطابقة الحاصل في العقل لكثيرين هو ظلّ لها ومقتض لارتباطها، فإنّ الصور الإدراكية تكون أظلالا إمّا للأمور الخارجية أو لصور أخرى ذهنية. ومن البيّن أنّ الصورة الحاصلة في أذهان تلك الطائفة ليس بعضها فرعا لبعضها بل كلها أظلال لأمر واحد خارجي هو زيد. فإن قيل الصورة العقلية مرتسمة في نفس شخصية ومشخّصة بتشخّصات ذهنية فكيف تكون كلّية؟ قلت للصورة معنيان: الأول كيفية تحصل في العقل هي آلة ومرآة لمشاهدة ذي الصورة والثاني المعلوم التمييز بواسطة تلك الصورة في الذهن، ولا شكّ أنّ الصورة بالمعنى الأول صورة شخصية في نفس شخصية والكلّية ليست عارضة لها بل للصورة الحاصلة بالمعنى الثاني، فإنّ الكلّية لا تعرض لصورة الحيوان التي هي عرض حال في العقل بل للحيوان المتميّز بتلك الصورة. وكما أنّ الصورة الحالة مطابقة لأمور كثيرة كذلك الماهية المتميّزة بها مطابقة لتلك الأمور ومن لوازم هذه المطابقة أنّ الصورة إذا وجدت في الخارج وتشخّصت بتشخّص فرد من أفرادها كانت عينه وإذا وجد فرد منها في الذهن وتجرّد عن مشخّصاته كانت عين الصورة، أعني الماهية، وليس هذا الكلام ثابتا للصورة الحالة في القوة العاقلة لأنّها موجودة في الخارج وعرض، والعرض يستحيل أن يكون عين الأفراد الجوهرية، واختلاف اللوازم يدلّ على اختلاف الملزومات فالمعنيان للصورة مختلفان بالماهية.
هذا الجواب عند من يقول بأنّ المرتسم في العقل صور الأشياء وأشباحها المخالفة في الحقيقة لماهياتها. وأمّا عند من يقول بأنّ المرتسم فيها ماهياتها فجوابه أنّ الصورة الحاصلة في العقل إذا أخذت معراة عن التشخّصات العارضة بسبب حلولها في نفس شخصية كانت مطابقة لكثيرين بحيث لو وجدت في الخارج كانت عين الأفراد، وإذا حصلت الأفراد في الذهن كانت عينها على الوجه الذي صوّرناه. فإن قلت التصوّر حصول صورة الشيء في العقل والصورة العقلية كلّية فاستعمال التصوّر في حدّ الجزئي غير مستقيم. وأيضا المقسم أعني المفهوم الذي هو ما حصل في العقل لا يتناول الجزئي. قلت لا نسلّم أنّ الصورة العقلية كلّية فإنّ ما يحصل في النفس قد يكون بآلة وواسطة وهي الجزئيات وقد لا يكون بآلة وهي الكليات، والمدرك ليس إلّا النفس إلّا أنّه قد يكون إدراكه بواسطة وذلك لا ينافي حصول الصورة المدركة في النفس، وهذا عند من يقول بأنّ صور الجزئيات الجسمانية مرتسمة في النفس الناطقة أيضا. وأمّا عند من يقول بأنّها مرتسمة في آلاتها من الحواس فالجواب عنه أن يقال إنّ التصوّر هو حصول صورة الشيء عند العقل لا في العقل، وكذا المفهوم ما حصل عنده لا فيه، فإن كان كلّيا فصورته في العقل وإن كان جزئيا فصورته في آلته.
فائدة:
المعتبر في الكلّي إمكان فرض صدقه على كثرين سواء كان صادقا أو لم يكن، وسواء فرض العقل صدقه أو لم يفرض قط. لا يقال فلنفرض الجزئي صادقا على أشياء كما نفرض صدق اللاشيء عليها لأنّا نقول فرض صدق اللاشيء فرض ممتنع بالإضافة، فالفرض ممكن والمفروض ممتنع، وفرض الجزئي فرض ممتنع بالوصفية. فالفرض أيضا ممتنع كالمفروض.
والثاني الكلّي الإضافي وهو ما اندرج تحته شيء آخر في نفس الأمر وهو أخصّ من الكلّي الحقيقي بدرجتين: الأولى أنّ الكلّي الحقيقي قد لا يمكن اندراج شيء تحته كما في الكلّيات الفرضية ولا يتصوّر ذلك في الإضافي، والثانية أنّ الكلّي الحقيقي ربما أمكن اندراج شيء تحته ولم يندرج بالفعل لا ذهنا ولا خارجا، ولا بد في الإضافي من الاندراج بالفعل ويقابله تقابل التضايف الجزئي الإضافي. فعلى هذا الجزئي الإضافي ما اندرج بالفعل تحت شيء ولو قلنا الجزئي الإضافي ما أمكن اندراجه تحت شيء، كأنّ الكلّي الإضافي ما أمكن اندراج شيء تحته، ويكون أيضا أخصّ من الكلّي الحقيقي لكن بدرجة واحدة وهي الدرجة الأولى ولا يصحّ أن يقال الجزئي الإضافي ما أمكن فرض اندراجه تحت شيء آخر حتى يلزم أن يكون الكلّي الإضافي ما أمكن فرض اندراج شيء آخر تحته فيرجع إلى معنى الحقيقي لأنّه لا يقال للفرس إنّه جزئي إضافي للإنسان مع إمكان فرض الاندراج. وقيل الكلّي ليس له إلّا مفهوم واحد وهو الحقيقي والجزئي له مفهومان، والحقّ هو الأول. ثم اعلم أنّ البعض شرط في الجزئي الإضافي تحت أعمّ عموما من وجه مطلقا فاندراجه تحت الأعم من وجه لا يسمّى جزئيا إضافيا، وبعضهم أطلق الأعم وقال سواء كان أعم مطلقا أو من وجه وكان المذهب الأول هو الحقّ.
فائدة:
النسبة بين الجزئي الحقيقي والكلّي حقيقيا كان أو إضافيا مباينة كلّية وهو ظاهر وبين الجزئي الحقيقي والجزئي الإضافي أنّ الإضافي أعم مطلقا من الحقيقي لصدقهما على زيد وصدق الإضافي فقط على كلّي مندرج تحت كلّي آخر، كالحيوان بالنسبة إلى الجسم وبين الكلّي الحقيقي والكلّي الإضافي، على عكس هذا أي الحقيقي أعمّ من الإضافي وبين الكلّي حقيقيا كان أو إضافيا وبين الجزئي الإضافي أنّ الجزئي الإضافي أعمّ من الكليين من وجه لصدقهما في الإنسان وصدق الجزئي الإضافي دونهما في زيد وبالعكس في الجنس العالي.
والثالث اللفظ الدال على المفهوم الكلّي فإنّ الكلّي والجزئي كما يطلقان على المفهوم فيقال المفهوم إمّا كلّي أو جزئي كذلك يطلقان على اللفظ الدال على المفهوم الكلّي والجزئي بالتبعية والعرض تسمية للدال باسم المدلول.

التقسيم:
للكلّي تقسيمات الأول الكلّي الحقيقي إمّا أن يكون ممتنع الوجود في الخارج أو ممكن الوجود، الأول كشريك الباري، والثاني إمّا أن لا يوجد منه شيء في الخارج أو يوجد، والأول كالعنقاء، والثاني إمّا يكون الموجود منه واحدا أو كثيرا، والأول إمّا أن يكون غيره ممتنعا كواجب الوجود أو ممكنا كالشمس عند من يجوّز وجود شمس أخرى، والثاني إمّا أن يكون متناهيا كالكواكب السبعة أو غير متناه كالنفوس الناطقة، والمعتبر في حمل الكلّي على جزئياته حمل المواطأة. الثاني الكلّي إمّا جنس أو نوع أو فصل أو خاصة أو عرض عام، وبيان كلّ منها في موضعه الثالث الكلّي إمّا طبيعي أو منطقي أو عقلي فإنّ مفهوم الحيوان مثلا غير كونه كلّيا وإلّا فالنسبة نفس المنتسب وغير المركّب منهما، والأول هو الطبيعي والثاني المنطقي والثالث العقلي. بيان ذلك أنّ مفهوم الحيوان مثلا وهو الجوهر القابل للابعاد الثلاثة النامي الحسّاس المتحرّك بالإرادة معنى في نفسه، ومفهوم الكلّي المسمّى بالكلّي المنطقي وهو ما لا يمنع تصوّره عن فرض الشركة فيه من غير إشارة إلى شيء مخصوص معنى آخر بالضرورة وليس جزءا من المعنى الأول لإمكان تعقّله بالكنه مع الذهول عن الثاني، ولا لازما له من حيث هو هو وإلّا امتنع اتصافه بكونه جزئيا حقيقيا، وكذا مفهوم الجزئي مفهوم خارج عن مفهوم الحيوان وغير لازم من حيث ذاته، وإلّا لم يوجد منه إلّا شخص. ثم إنّ معنى الحيوان لا يتصف في الخارج بأنّه كلّي أي مشترك حتى يكون ذاتا واحدة بالحقيقة في الخارج موجودة في كثيرين لأنّه يلزم حينئذ اتصاف الأمر الواحد الحقيقي بأوصاف متضادة ولا يتصف أيضا في الذهن بالكلّية المفسّرة بالشركة لأنّ المرتسم في نفس شخصية يمتنع أن يكون هو بعينه مشتركا بين أمور متعدّدة. نعم الطبيعة الحيوانية إذا حصلت في الذهن عرض لها نسبة واحدة متشابهة إلى أمور كثيرة بها يحملها العقل على واحد واحد منها، فهذا العارض هو الكلّية ونسبة الحيوان إليه نسبة الثوب إلى الأبيض، فكما أنّ الثوب له معنى والأبيض له معنى آخر فكذلك الحيوان كما عرفت. فالمفهوم الذي يصدق عليه مفهوم الكلّي سمّي كلّيا طبيعيا لأنّه طبيعة ما من الطبائع، ومفهوم الكلّي العارض له يسمّى كلّيا منطقيا لأنّ المنطقي إنّما يبحث عنه والمجموع المركّب من المعروض والعارض يسمّى كلّيا عقليا لعدم تحقّقه إلّا في الذهن والعقل. وإنّما قلنا الحيوان مثلا لأنّ هذه الاعتبارات الثلاثة لا تختص بالحيوان بل تعمّ سائر الطبائع ومفهومات الكلّيات الخمس، فنقول مفهوم الكلّي من حيث هو كلّي طبيعي والكلي العارض للمحمول عليه منطقي والمجموع المركّب منهما عقلي، وعلى هذا فقس الجنس الطبيعي والمنطقي والعقلي والنوع الطبيعي والمنطقي والعقلي إلى غير ذلك.
وهاهنا بحث وهو أنّ الحيوان من حيث هو لو كان كلّيا طبيعيا لكان كلّيته بطبيعة فيلزم كون الأشخاص كلّيات، وأيضا الكلّي الطبيعي إن أريد به طبيعة من الطبائع فلا امتياز بين الطبيعيات، وإن أريد به الطبيعة من حيث إنها معروضة للكلّية فلا يكون الحيوان من حيث هو كلّيا طبيعيا بل لا بدّ من قيد العروض، فالكلّي الطبعي هو الحيوان لا باعتبار الطبيعة بل من حيث إذا حصل في العقل صلح لأن يكون مقولا على كثيرين، وقد نصّ عليه الشيخ في الشفاء. والفرق حينئذ بين الطبيعي والعقلي أنّ هذا العارض في العقلي معتبر بحسب الجزئية وفي الطبيعي بحسب العروض، فالتحقيق أنّا إذا قلنا الحيوان مثلا كلّي أن يكون هناك أربع مفهومات: طبيعة الحيوان من حيث هي هي ومفهوم الكلّي والحيوان من حيث إنّه يعرض له الكلّية والمجموع المركّب منهما، فالحيوان من حيث هو هو ليس بأحد الكلّيات وهو الذي يعطي ما تحته حدّه واسمه.
اعلم أنّ الكلّي المنطقي من المعقولات الثانية ومن ثمّ لم يذهب أحد إلى وجوده في الخارج، وإذا لم يكن المنطقي موجودا لم يكن العقلي موجودا بقي الطبيعي اختلف فيه.
فمذهب المحقّقين ومنهم الشيخ أنّه موجود في الخارج بعين وجود الأفراد فالوجود واحد بالذات والموجود اثنان وهو عارض لهما من حيث الوحدة. ومن ذهب إلى عدمية التعيّن قال بمحسوسيته أيضا، وهو الحقّ. وذهب شرذمة من المتكلّمين والمتفلسفين إلى أنّ الموجود هو الهوية البسيطة والكلّيات منتزعات عقلية كما في السلّم ثم الكلّي الطبيعي الموجود في الخارج لا يخلو إمّا أن يعتبر في وجوده العيني وهو الكلّي مع الكثرة أو في وجوده العلمي، ولا يخلو إمّا أن يكون وجوده العلمي من الجزئيات وهو الكلّي بعد الكثرة أو وجود الجزئيات منه، وهو الكلّي قبل الكثرة، وفسّر الكلّي قبل الكثرة بالصورة المعقولة في المبدأ الفيّاض ويسمّى علما فعليا كمن تعقّل شيئا من الأمور الصناعية ثم يجعله مصنوعا. قال الشيخ: لمّا كان نسبة جميع الأمور الموجودة إلى الله تعالى وإلى الملائكة نسبة المصنوعات التي عندنا إلى النفس الصانعة، كان علم الله والملائكة بها موجودا قبل الكثرة، وفسّر الكلّي مع الكثرة بالطبيعة الموجودة في ضمن الجزئيّات لا بمعنى أنّها جزء لها في الخارج كما يتبادر من العبارة، إذ ليس في الخارج شيء واحد عام بل إنّها جزء لها في العقل متّحدة الوجود معها في الخارج، ولهذا أمكن حملها عليها، وفسّر الكلّي بعد الكثرة بالصورة المنتزعة عن الجزئيات المشخّصات كمن رأى أشخاص الناس واستثبت الصورة الإنسانية في الذهن، ويسمّى علما انفعاليا، وقد سبق ما يتعلّق بهذا في لفظة العلم.
فائدة:
كلّ مفهوم إذا نسب إلى مفهوم آخر سواء كانا كلّيين أو جزئيين أو أحدهما كلّيا والآخر جزئيا، فالنسبة بينهما منحصرة في أربع:
المساواة والعموم مطلقا ومن وجه والمباينة الكلّية، وذلك لأنّهما إن لم يتصادقا على شيء أصلا فهما متباينان تباينا كلّيا، وإن تصادقا فإن تلازما في الصدق فهما متساويان وإلّا فإن استلزم صدق أحدهما صدق الآخر فبينهما عموم وخصوص مطلقا والملزوم أخصّ مطلقا واللازم أعمّ مطلقا، وإن لم يستلزم فبينهما عموم وخصوص من وجه، وكلّ منهما أعمّ من الآخر من وجه، وهو كونه شاملا للآخر ولغيره، وأخصّ منه من وجه وهو كونه مشمولا للآخر.
فالمساواة بينهما أن يصدق كلّ منهما بالفعل على كلّ ما صدق عليه الآخر سواء وجب ذلك الصدق أو لا، فمرجعهما إلى موجبتين كلّيتين مطلقتين عامّتين. ومعنى تلازمهما في الصدق أنّه إذا صدق أحدهما على شيء في الجملة صدق عليه الآخر كذلك. ومعنى استلزام الأخصّ للأعمّ على هذا القياس، فمرجع العموم المطلق إلى موجبة كلّية مطلقة عامة وسالبة جزئية دائمة.
والحاصل أنّ التلازم عبارة عن عدم الانفكاك من الجانبين والاستلزام عن عدمه من جانب واحد، فعدم الاستلزام من الجانبين عبارة عن الانفكاك بينهما، فلا بدّ في العموم من وجه من ثلاث صور، فمرجعه إلى موجبة جزئية مطلقة وسالبتين جزئيتين دائمتين. والمباينة الكلّية بينهما أن لا يتصادقا على شيء واحد أصلا، سواء كان أمكن تصادقهما عليه أو لا، فمرجعهما إلى سالبتين كليّتين دائمتين، وأمّا المباينة الجزئية التي هي عبارة عن صدق كلّ من المفهومين بدون الآخر في الجملة فمندرجة تحت العموم من وجه أو المباينة الكلّية إذ مرجعها إلى سالبتين جزئيتين. فإن لم يتصادقا في صورة أصلا فهو التباين الكلّي وإلّا فعموم من وجه.
واعلم أنّ المعتبر في مفهوم النّسب التحقّق والصدق في نفس الأمر وإلّا لم ينضبط فإنّه إن فسّر التباين بامتناع التصادق كان مرجعه إلى سالبتين كليتين ضروريتين وحينئذ يجب أن يكتفى في سائر الأقسام بعد امتناع التصادق، فيلزم أن يندرج في التساوي مفهومان لم يتصادقا على شيء أصلا، لكن يمكن فرض صدق كلّ منهما على كلّ ما صدق عليه الآخر. وفي العموم المطلق مفهومان يمكن صدق أحدهما على كلّ ما صدق عليه الآخر بدون العكس مع أنّهما لم يتصادقا على شيء. وفي العموم من وجه مفهومان يمكن تصادقهما وانفكاك كلّ منهما عن الآخر، إمّا بدون التصادق أو معه بدون الانفكاك، وكلّ ذلك ظاهر الفساد. وهذا الذي ذكرنا في المفردات. وأمّا في القضايا فالمعتبر في مفهوم النّسب الوجود والتحقّق لا الصدق.
فائدة:
نقيضا المتساويين متساويان ونقيض الأعمّ مطلقا أخصّ من نقيض الأخصّ مطلقا، وبين نقيضي الأعمّ والأخصّ من وجه مباينة جزئية، وكذا بين نقيضي المتباينين، والنّسبة بين أحد المتساويين ونقيض الآخر وبين نقيض الأعمّ وعين الأخصّ مطلقا هي المباينة الكلّية، وبين عين الأعم ونقيض الأخصّ كالحيوان واللاإنسان هي العموم من وجه، وأحد المتباينين أخصّ من نقيض الآخر مطلقا، والأعمّ من وجه ينفكّ عن نقيض صاحبه حيث جامعه، فإمّا أن يكون أعمّ منه مطلقا كالحيوان مع نقيض اللاإنسان أو من وجه كالحيوان مع نقيض الأبيض، كل ذلك ظاهر بأدنى تأمّل.

السّابق

السّابق:
[في الانكليزية] Predecessor
[ في الفرنسية] Predecesseur
عند المحدّثين هو أحد الراويين المشتركين في الرواية عن شيخ الذي تقدّم موته على الراوي الآخر إلى أن يكون بين وفاتيهما تباعد شديد، فحصل بينهما أمر بعيد، وذلك الراوي الآخر الذي تأخّر موته يسمّى لاحقا. وفائدة ذلك الاعتبار الأمن من ظنّ سقوط شيء في إسناد المتأخّر وتفقّه الطالب في معرفة العالي والنّازل، كذا في شرح النخبة وشرحه.

السّحر

السّحر:
[في الانكليزية] Magic ،witchcraft
[ في الفرنسية] Magie ،sorcellerie
بالكسر وسكون الحاء المهملة هو فعل يخفى سببه ويوهم قلب الشيء عن حقيقته، كذا قال ابن مسعود. وفي كشف الكشاف:
السحر في أصل اللغة الصرف حكاه الأزهري عن الفرّاء ويونس، وقال: وسمّي السّحر سحرا لأنّه صرف الشيء عن جهته، فكأنّ الساحر لمّا أري الباطل حقّا أي في صورة الحق وخيّل الشيء على غير حقيقته فقد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه. وذكر عن الليث أنّه عمل يتقرب به إلى الشيطان ومعونة منه.
وكل ذلك الأمر كينونة السّحر، فلم يصل إليّ تعريف يعوّل عليه في كتب الفقه. والمشهور عند الحكماء منه غير المعروف في الشرع والأقرب أنّه الإتيان بخارق عن مزاولة قول أو فعل محرّم في الشرع، أجرى الله سبحانه سنّته بحصوله عنده ابتلاء. فإن كان كفرا في نفسه كعبادة الكواكب أو انضم معه اعتقاد تأثير من غيره تعالى كفر صاحبه وإلّا فسق وبدع.
نقل في الروضة عن كتاب الإرشاد لإمام الحرمين أنّ السحر لا يظهر إلّا على فاسق كما أنّ الكرامة لا تظهر إلّا على متّق، وليس له دليل من العقل إلّا إجماع الأمة. وعلى هذا تعلّمه حرام مطلقا، وهو الصحيح عند أصحابنا لأنّه توسل إلى محظور عنه للغنى انتهى. وفي البيضاوي في تفسير قوله تعالى: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقلّ به الإنسان، وذلك لا يحصل إلّا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإنّ التناسب شرط في التضام والتعاون، وبهذا يميّز الساحر عن النبي والولي. وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم، وتسميته سحرا على التجوّز، أو لما فيه من الدّقّة لأنّ السّحر في الأصل موضوع لما خفي سببه انتهى.

وفي الفتاوى الحمادية: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الجواهر هيكل مخصوص على صورة الشخص المسحور، ويترصّد له وقت مخصوص في المطالع وتقرن به كلمات تتلفظ بها من الكفر والفحش المخالف للشرع، ويتوصّل في تسميتها إلى الاستعانة بالشياطين، وتحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور انتهى. وكونه معدودا من الخوارق مختلف فيه كما عرفت. وقال الحكماء: السّحر مزج قوى الجواهر الأرضية بعضها ببعض.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: اعلم أنّ السحر على أقسام.

القسم الأول: سحر الكلدانيّين والكسدائين الذين كانوا في قديم الدهر وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنّها هي المدبّرة لهذا العالم ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة، وهم الذين بعث الله تعالى عليهم إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالتهم وردّا عليهم في مذاهبهم وعقائدهم.
والقسم الثاني من السحر سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، قالوا اختلف الناس في الإنسان. فأما إذا قلنا بأنّ الإنسان هو هذه البنية فلا شك أنّ هذه البنية مركّبة من الأخلاط الأربعة فلم لا يجوز ان يتفق مزاج من الأمزجة يقتضي القدرة على خلق الجسم والعلم بالأمور الغائبة عنّا. وأما إذا قلنا إنّ الإنسان هو النفس فلم لا يجوز أن يقال إنّ النفوس مختلفة فيتفق في بعض النفوس أن تكون قادرة على هذه الحوادث الغريبة مطلعة على الأسرار الغريبة. ثم الذي يؤكد هذا الاحتمال على وجوه.
الأول أنّ الجذع يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الأرض ولا يمكنه لو كان كالجسر موضوعا على هاوية تحته، وما ذاك إلّا أن يخيل السقوط، ومتى قوي أوجب السقوط.
الثاني أنّه أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران، وما ذاك إلّا لأنّ النفوس خلقت على الأوهام.
الثالث حكي عن أرسطو أنّ الدجاجة إذا تشببت وبلغت واشتاقت إلى الديك ولم تجده فتصورت الديك وتخيّلته وتشبهت بالديك في الصوت والجوارح نبت على ساقها مثل الشيء النابت على ساق الديك، وارتفع على رأسها مثل تاج الديك، وليس هذا إلّا بسبب كثرة التوهّم والتخيّل، وهذا يدل على أنّ الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية. الرابع أجمعت الأمم على أنّ الدعاء مظنة الإجابة. وأجمعوا على أنّ الدعاء اللساني الخالي من الطلب النفساني قليل العمل عديم الأثر. فدلّ ذلك على أنّ للهمم والنفوس آثارا، وهذا الاتفاق غير مختص بمسألة معينة وبحكمة مخصوصة.
الخامس أنّ المبادئ القوية للأفعال النفسانية ليست إلّا التصورات النفسانية لأنّ القوة المحرّكة مودعة في العضلات صالحة للفعل وتركه، ولأن يرجح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح وما ذاك إلّا تصوّر كون الفعل لذيذا أو قبيحا أو مؤلما، بعد أن كانت كذلك بالقوة، فتلك التصورات هي المبادئ لصيرورة القوى العقلية مبادئ بالفعل لوجود الأفعال بعد أن كانت بالقوة، وإذا كانت هذه التصورات هي مباد لمبادئ هذه الأفعال فأيّ استبعاد في كونها مبادئ للأفعال لنفسها وإلغاء الواسطة عن درجة الاعتبار.
السادس أنّ التجربة والعيان لشاهدان بأنّ هذه التصورات مباد قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإنّ الغضبان تشتدّ سخونة مزاجه عند هيجان كيفية الغضب لا سيما عند إرادة الانتقام من المغضوب عليه. وإذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأيّ استبعاد من كونها مبادئ لحوادث في خارج البدن.
السابع أنّ الإصابة بالعين أمر قد اتفق عليه العقلاء ونطقت به الأحاديث والحكايات وذلك أيضا يحقّق إمكان ما قلنا. وإذا عرفت هذا فنقول إنّ النفوس التي تفعل هذه الأفعال قد تكون قوية جدا فتستغني في هذه الأفعال عن الاستعانة بالآلات والأدوات، وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات. وتحقيقه أنّ النفس إن كانت مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات كانت كأنّها روح الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في موارد هذا العالم. وأمّا إذا كانت ضعيفة شديدة التعلّق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرّف البتة إلّا في البدن. فإذا أراد الإنسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها إلى بدن آخر اتّخذ تمثال ذلك الغير ووضعه عند الحسّ واشتغل الحسّ به، فتبعه الخيال عليه وأقبلت النفس الناطقة عليه، فقويت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية. ولذلك أجمعت الأمم على أنّه لا بد لهذه الأعمال من الانقطاع عن المألوفات والمشتهيات وتقليل الغذاء بل الاعتزال عن الخلق. وكلّما كانت هذه الأمور أتمّ كانت هذه التأثيرات أقوى. والسبب فيه أنّ النفس إن اشتغلت بالجانب الواحد اشتغلت جميع قواها في ذلك الفعل. وإذا اشتغلت بالأفعال الكثيرة تفرّقت قواها وتوزّعت على تلك الأفعال. ولهذا من حاول الوقوف على مسألة فإنّه حال تفكّره فيها لا بد أن يفرغ خاطره عما عداها، فإنّه عند تفريغ الخاطر يتوجّه بكليته إليها، فيكون الفعل أحسن وأسهل. وإذا كانت كذلك كان الإنسان المشغول الهمّ والهمّة بقضاء الشهوات وتحصيل اللذات كانت القوة النفسانية مشغولة بها مشغوفة إليها مستغرقة فيها، فلا يكون انجذابها إلى تحصيل ذلك الفعل قويّا شديدا.
والقسم الثالث من السّحر الاستعانة بالأرواح الأرضية، واعلم أنّ القول بالجنّ أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة. أما أكابر الفلاسفة فإنهم ما أنكروا القول به إلّا أنّه سمّوها بالأرواح الأرضية، بعضها خيّرة وبعضها شريرة. فالخيرة هم مؤمنو الجن والشريرة هم الكفار، وهي قادرة عالمة، واتصال النفوس بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية، إلّا أنّ القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضية أضعف من القوة الحاصلة لها بسبب الاتصال بالأرواح السماوية. ثم إنّ أصحاب الصنعة وأرباب التجربة لشاهدوا أنّ الاتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرّقى والتجريد.
والقسم الرابع من السحر التخيّلات والأخذ بالعيون، وهذا النوع مبني على مقدمات. إحداها أنّ أغلاط البصر كثيرة فإنّ راكب السفينة إن نظر إلى الشّط رأى السفينة واقفة والشط متحركا، وذلك يدلّ على أنّ الساكن يرى متحركا والمتحرك ساكنا. والقطرة النازلة ترى خطا مستقيما. والشعلة التي تدار بسرعة ترى دائرة والشخص الصغير يرى في الضباب عظيما ويرى العظيم من البعيد صغيرا، فعلم أنّ القوة الباصرة قد تبصر الشيء على خلاف ما عليه في الجملة لبعض الأسباب العارضة. ثانيتها أنّ القوة الباصرة إنما تقف على المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت المحسوس في زمان له مقدارها. فأمّا إذا أدركته في زمان صغير جدا ثم أدركت محسوسا آخر وهكذا، فإنّه يختلط البعض بالبعض ولا يتميّز بعض المحسوسات عن البعض الآخر. ومثال ذلك أنّ الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها خطوط كثيرة بألوان مختلفة ثم استدارت فإنّ الحسّ يرى لونا واحدا كأنّه مركّب من الألوان. وثالثتها أنّ النفس إذا كانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحسّ شيء آخر فلا يتبعه الحسّ البتّة، كما أنّ الإنسان عند دخوله على السلطان قد يلقاه إنسان ويتكلّم معه فلا يعرفه ولا يفهم كلامه لما أنّ قلبه مشغول بشيء آخر، وكذا الناظر في المرآة فإنّه ربّما قصد أن يرى قذاة في عينه فيراها ولا يرى ما أكثر منها، وربما قصد أن يرى سطح المرآة هل هو مستو أم لا فلا يرى شيئا مما في المرآة.
فإذا عرفت هذه المقدّمات سهل عند ذلك تصوّر كيفية هذا النوع من السّحر وذلك لأنّ المشعبذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أنظار الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه، حتى إذا استفرغهم الشّغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة فيبقى ذلك العمل خفيا وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غير ما انتظروه فيتعجبون منه جدا، ولو أنّه سكت ولم يتكلّم بما يصرف الخواطر إلى ضدّ ما يريد أن يعمله ولم يحرّك الناس والأوهام والأنظار إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون بكلّ ما يفعله، فهذا هو المراد من قولهم إنّ المشعبذ يأخذ بالعيون لأنّه بالحقيقة يأخذ العيون إلى غير الجهة التي يحتال لها.

فإذا عرفت هذه الأقسام فأقول: المعتزلة أنكروا السّحر بجميع أقسامها إلّا التخيل. أما أهل السّنة فقد جوّزوا أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا والحمار إنسانا، إلّا أنهم قالوا إنّ الله تعالى هو الخالق لهذه الأشياء عند ما يقرأ الساحر رقى مخصوصة وكلمات معينة. فأمّا أنّ المؤثّر لذلك هو الفلك أو النجوم فلا. وقد أجمعوا على وقوع السّحر بالقرآن والخبر. أما القرآن فقوله تعالى: وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وأما الأخبار، أحدها ما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم سحر وأنّ السّحر عمل فيه حتى قال: «إنّه ليخيّل إليّ أني أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله» و «أنّ امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك السحر راعوفة البير فلما استخرج ذلك زال عن النبي عليه الصلاة والسلام ذلك العارض» ونزلت المعوّذتان بسببه. وثانيها: «أنّ امرأة أتت عند عائشة رضي الله عنها فقالت: إني ساحرة فهل لي من توبة فقالت وما سحرك؟ فقالت: صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل لطلب علم السّحر، فقالا لي يا أمّة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا فأبيت. فقالا لي: اذهبي فبولي على ذلك الرماد فذهبت لأبول عليه، ففكرت في نفسي، فقلت لا أفعل.

وجئت إليهما فقلت: قد فعلت. فقالا لي: ما رأيت لمّا فعلت؟ فقلت: ما رأيت شيئا. فقالا لي: أنت على رأس أمرك، فاتقي الله ولا تفعلي فأبيت. فقالا لي: اذهبي فافعلي. فذهبت ففعلت. فرأيت كأنّ فارسا مقنعا بالحديد خرج من فرجي فصعد إلى السماء، فجئتهما فأخبرتهما. فقالا: إيمانك خرج عنك، وقد أحسنت السّحر. فقالت: وما هو؟ قالا: ما تريدين شيئا يتصوّر في وهمك إلّا كان فصورت في نفسي حبّا من حنطة فإذا أنا بحبّ أنزع، فخرج من ساعته سنبله. فقلت: انطحن، فانطحن وانخبز وأنا لا أريد شيئا إلّا حصل.

فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس لك توبة». انتهى من التفسير الكبير.
وقال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في مدارج النّبوّة: إنّ السّحر حرام. وقال بعضهم: إنّ تعلّمه بنية دفع السّحر عن نفسه ليس بحرام. والسّاحر الذي ليس في سحره كفر يستتاب، وأمّا إذا اشتمل على الكفر فيقتل. وفي قبول نوبته اختلاف؛ كالزنديق الذي ينكر الدّين والنّبوّة والحشر والنّشر والقيامة.
وأمّا حقيقة السّحر ففيها خلاف؛ فبعضهم يقول: إنّه مجرّد تخييل وإيهام. وهذا ما اختاره كلّ من أبي بكر الأسترآبادي الشافعي وأبي بكر الرازي من الحنفية وطائفة أخرى.
وإنّ جمهور العلماء متفقون على أن السّحر أمر حقيقي، ويدل على ذلك ظاهر الكتاب والأحاديث المشهورة. ولكنهم مختلفون على حقيقة تأثير السّحر فقط في تغيير المزاج، فهو إذن نوع من المرض أو أنّ أثره يصل إلى حدّ التحوّل، يعني انقلاب حقيقة الشيء إلى شيء آخر. مثل الحيوان يصير جمادا، أو بالعكس، والإنسان حمارا أو خروفا أو أسدا وبالعكس.
والجمهور يقولون بذلك.

وأمّا بعضهم فيقول: ليس للسّحر ثبوت ولا وقوع، وهذا كلام باطل ومكابرة لأنّ القرآن والسّنّة يصرّحان بعكس ذلك. والسّحر من الحيل الصناعية الحاصلة بأعمال وأسباب عن طريق الاكتساب (والتعلم). وأكثر العاملين في هذا المجال هم من أهل الفسق والفساد. وإذا كان السّحر في حال الجنابة فتأثيره أشدّ، بل إنّه إذا كانت الجنابة ناشئة عن وطء حرام أو المحارم فإنّه أشدّ تأثيرا. أعاذنا الله من السّحر ومن الساحر.
وقد نقل بإسناد صحيح أنّ اليهود (في المدينة) قد سحروا النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد كان مفعول السّحر ظاهرا كالنسيان وتخيّل بعض الأمور وضعف القوّة الجنسية وأمثال ذلك، وتاريخ وقوع هذا الأمر بعد الرجوع من الحديبية في شهر ذي الحجّة من السنّة السادسة للهجرة، وطول أثر هذه الحادثة استمر أربعين يوما- كما في إحدى الروايات.- وفي أخرى لمدّة ستّة أشهر، وفي رواية منقولة لمدة سنة، إلى أن ذات ليلة كان في صحبة السّيّدة أم المؤمنين عائشة الصّدّيقة، فأخذ يدعو ويتضرّع، ثم قال: يا عائشة: هل تعلمين بأنّ الله قد أجابني عما سألته: لقد نزل شخصان وجلسا، أحدهما عند رأسي والآخر عند قدمي، فسأل أحدهما الآخر:

ما به؟ وما وجعه؟ فقال: مطبوب (مسحور) فقال: من (طبّه) فقال: لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: في ماذا؟ قال: في مشاطة (يعني:
ما يتساقط من شعر بعد استعمال المشط) قي قف نخلة ذكر. قال: أين وضعها؟ قال: في بئر ذروان. وفي رواية بئر أردان. ثم ذهب النبي صلّى الله عليه وسلم مع عدة من الصحابة إلى ذلك البئر واستخرج منه ذلك الشيء الذي مرّ وصفه.
وجاء في رواية أنّهم عثروا على وتر قوس معقود إحدى عشرة عقدة، فنزلت سورتا الفلق والناس، وكلّما قرءوا آية انحلّت عقدة. وعدد آياتهما هي إحدى عشرة آية.
وجاء في رواية أنّهم وجدوا ضلع نخل وفيه مثال لشخص النبي صلّى الله عليه وسلم من الشمع وقد غرزت فيها بعض الإبر، وفيها خيط معقود عليه إحدى عشرة عقدة، ثم قرءوا المعوّذتين، فبدأت تنفكّ العقد، ثم سحبوا الإبر وكلما سحبوا واحدة وجد السكينة والراحة. (پس تر دانستنى است). ومعلوم أنّ تأثير السّحر في ذات النبي المبارك ليس بمدعاة إلى النقص، بل إنّ ذلك من دلائل النبوّة لأنّ الكفار اتهموا النبي بأنّه ساحر، ومعلوم أنّ السّاحر لا يؤثّر فيه السّحر.
ثم معرفة السّحر وأدواته ومكان وجوده بغير سحر آخر من معجزات النّبوّة. والغرض إذن هو تأثير السّحر على النبي صلّى الله عليه وسلم إنّما هو من أجل هذه المصالح والحكم، وقد وردت في هذا الموضوع أحاديث صحيحة غير قابلة للإنكار.

الشّاذ

الشّاذ:
[في الانكليزية] Singular ،strange ،abnormal .irregular
[ في الفرنسية] Singulier ،etrange ،anormal .irregulier
بتشديد الذال لغة المتفرّد. وعند أهل العربية كالصرفيين والنحاة ما يكون مخالف القياس من غير أن ينظر إلى قلّة وجوده وكثرته في الاستعمال نحو قوله: وأمّا ما قلّ وجوده فيسمّى وجوده نادرا سواء خالف القياس أو لا، كخزعال. وما يكون في ثبوته كلام يسمّى ضعيفا كقرطاس بالضم، فإنّ الفصيح بكسر القاف كذا في الجاربردي شرح الشافية في بحث تعبير الزائد بلفظه. وفي بحر المواج في تفسير قوله تعالى: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الكلام الوارد قبل وضع القواعد النحوية إن خالف قاعدة الكلّ أو الجمهور يسمّى شاذا على الصحيح، بخلاف ما ورد بعده فإنّه إن خالف الكلّ يسمّى ممنوعا، وإن خالف الجمهور يسمّى شاذا انتهى. وعند المحدّثين حديث رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، وهذا هو المعتمد، ويقابله المحفوظ وهو ما رواه أولى من ذلك الراوي المقبول، ويقرب منه ما قيل الشّاذ ما خالف الراوي الثقة فيه جماعة الثقات بزيادة أو نقص. وبالجملة فراوي الشّاذ قوي وراوي المحفوظ أقوى منه بمزيد ضبط أو كثرة عدد، لأنّ العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، وبهذا عرّفه الشافعي وجماعة من العلماء. وقال الخليلي: وعليه حفّاظ الحديث الشّاذ ما ليس له إلّا إسناد واحد شذّ به أي تفرّد به شيخ ثقة أو غيره، فما كان من غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة توقّف فيه ولا يحتجّ به، فلم يعتبر المخالفة وكذا لم يقتصر على الثقة. وقال الحاكم: الشاذ هو الحديث الذي يتفرّد به ثقة من الثقات وليس له أصل متابع لذلك الثّقة فلم يعتبر المخالفة ولكن قيّد بالثقة. قال ابن الصلاح أمّا ما حكم عليه بالشذوذ فلا إشكال فيه وأمّا ما ذكراه فمشكل بما يتفرّد به العدل الحافظ الضابط كحديث «إنّما الأعمال بالنيات» هكذا يستفاد من شرح النخبة وشرحه ومقدمة شرح المشكاة والقسطلاني.
اعلم أنّ النسبة بين الشّاذ والمنكر هي العموم من وجه لاجتماعهما في اشتراط المخالفة وافتراق الشّاذ بأنّ راويه ثقة أو صدوق والمنكر راويه ضعيف. وابن الصلاح سوّى بينهما وقال: المنكر بمعنى الشّاذ فغفل عن هذا التحقيق كذا في شرح النخبة. وفي شرحه: اعلم أنّ النسبة تارة تعتبر بحسب الصدق وتارة بحسب الوجود وتارة بحسب المفهوم، والأخير هو المراد هاهنا.
اعلم أنّ في بعض الحواشي المعلّقة على شرح النخبة قال: الشاذ له تفاسير: الأول ما يخالف فيه الراوي لمن هو أرجح منه. والثاني ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، والمقبول أعمّ من أن يكون ثقة أو صدوقا هو دون الثّقة. والثالث ما رواه الثّقة مخالفا لما رواه من هو أوثق منه، وهذا أخصّ من الثاني، كما أنّ الثاني أخصّ من الأول. والرابع ما يكون سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته، فإن كان سوء الحفظ عارضا يسمّى مختلطا. والمراد بسوء الحفظ ترجّح جانب الإصابة على جانب الغلط والخامس ما يتفرّد به شيخ. والسادس ما يتفرّد به ثقة ولا يكون له متابع. والسابع وقد ذكره الشافعي ما رواه الثّقة مخالفا لما رواه النّاس انتهى. وفي الإتقان الشّاذ من القراءة ما لم يصحّ سنده كقراءة ملك يوم الدين بصيغة الماضي ونصب يوم وإياك تعبد بصيغة المخاطب المجهول.

الشّرطية

الشّرطية:
[في الانكليزية] Conditional
[ في الفرنسية] Conditionnel
عند النحاة هي الجملة المصدّرة بآداة الشرط فنحو العدد إمّا زوج أو فرد ليس جملة شرطية عندهم، وقد سبق في لفظ الجملة. فعلى هذا الشرطية هي مجموع الشّرط والجزاء. وقد تطلق الشّرطية على جملة الجزاء وحده فإنّها يصدق عليها أنّها جملة منسوبة إلى الشّرطية، صرّح بهذا الفاضل الچلپي في حاشية المطول.
وعند المنطقيين هي القضية المركّبة من قضيتين إحداهما محكوم عليها والأخرى محكوم بها، ويجيء توضيح ذلك في لفظ القضية. فالحكم في الشّرطية عندهم في المقدّم والتالي بخلاف أهل العربية فإنّ الحكم عندهم في الجزاء فقط والشرط قيد له. فالجزاء إن كان خبرا فالجملة الشّرطية خبرية، نحو إن جئتني أكرمك. وإن كان إنشاء فالجملة [الشرطية] إنشائية، نحو:
إن جاءك زيد فأكرمه، كما في المطول. وقد سبق تحقيقه في لفظ الإسناد. ثم الشّرطية عند المنطقيين على قسمين لأنّها إن أوجبت أو سلبت حصول إحدى القضيّتين عند حصول الأخرى فمتّصلة، وإن أوجبت أو سلبت انفصال إحداهما عن الأخرى فمنفصلة. فالمتّصلة الموجبة هي التي حكم فيها باتّصال تحقّق قضية بتحقّق قضيّة أخرى. والسالبة هي التي يحكم فيها بسلب ذلك الاتصال. والمراد من الحكم بالاتّصال أن يكون مدلوله المطابقي ذلك لئلّا ينتقض تعريف كلّ من المتّصلة والمنفصلة بالأخرى، بناء على تلازم الشرطيات.
ثم المتّصلة ثلاثة أقسام، لأنّها إن اكتفى فيها بمطلق الاتصال إيجابا أو سلبا تسمّى متّصلة مطلقة. وإن قيّد الاتصال بكونه لزوميا سمّيت متصلة لزومية موجبة كانت كقولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود أو سالبة كقولنا ليس إن كانت الشمس طالعة فالليل موجود.
وإن قيّد الاتصال بكونه اتفاقيا سمّيت متّصلة اتفاقية موجبة كانت كقولنا إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق، أو سالبة كقولنا ليس إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق.
اعلم أنّه لا بدّ في اللزومية أن يكون بين طرفيها علاقة توجب ذلك الاتّصال أو سلبه.
والمراد بالعلاقة هاهنا شيء بسببه يستصحب المقدّم التالي، سواء كان موجبة لذلك الاستصحاب أو لا. فقيد توجب ذلك احتراز عمّا لا يوجبه. والعلاقة على ثلاثة أقسام الأوّل. أن يكون المقدّم علّة للتالي كما في قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
والثاني بالعكس كما في قولنا إذا كان النهار موجودا فالشمس طالعة. والثالث أن يكون كلاهما معلولين بعلّة واحدة كما في قولنا إن كان النهار موجودا فالعالم مضيء، فإنّ وجود النهار وإضاءة العالم معلولان لطلوع الشمس.
هكذا في شروح السلم.
وأمّا الاتفاقيات فإنها وإن كانت مشتملة على علاقة باعتبار أنّ المعية في الوجود لا بدّ له من علة لأنّها أمر ممكن إلّا أنّ العلاقة فيها غير موجبة لاستصحاب التالي المقدّم، بخلاف اللزوميات حتى إذا لاحظ العقل المقدّم حكم بامتناع انفكاك التالي بداهة أو نظرا. مثلا إذا لاحظ العقل أنّ طلوع الشمس علّة لوجود النهار يحكم بامتناع انفكاك وجود النهار عند طلوع الشمس. وإذا لاحظ نهيق الحمار عند نطق الإنسان لا يحكم بامتناع الانفكاك بينهما.
وبالجملة فاللزومية ما حكم فيها بوقوع الاتصال بين الطرفين لعلاقة توجب ذلك أو بلا وقوع ذلك الاتصال. والاتفاقية ما حكم فيها بوقوع الاتصال بين الطرفين أو بلا وقوعه لا لعلاقة، أي من غير وجود علاقة تقتضي ذلك، أو من غير اعتبارها. فعلى التوجيه الأوّل لا تجتمع اللزومية والاتفاقية بخلاف التوجيه الثاني.
والمنفصلة الموجبة هي التي يحكم فيها بالتّنافي بين القضيتين، إمّا في الصدق والكذب معا أي في التحقّق والانتفاء معا وتسمّى منفصلة حقيقية كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوجا وإمّا أن يكون فردا. وإمّا في الصدق فقط، أي من غير أن تتنافيا في الكذب بل يمكن اجتماعهما على الكذب وتسمّى مانعة الجمع كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء شجرا وإمّا أن يكون حجرا. وإمّا في الكذب فقط، أي من غير أن تتنافيا في الصدق وتسمّى مانعة الخلوّ كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء لا شجرا وإمّا أن يكون لا حجرا.
والمنفصلة السّالبة هي التي يحكم فيها بسلب ذلك التنافي إمّا فيهما معا، وتسمّى حقيقية كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا الحيوان إنسانا وإمّا أن يكون كاتبا، أو في الصدق فقط وتسمّى مانعة الجمع كقولنا ليس إمّا أن يكون زيد إنسانا أو يكون ناطقا، أو في الكذب فقط وتسمّى مانعة الخلو كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا إنسانا أو يكون فرسا. ثم المنفصلة مطلقا حقيقية كانت أو مانعة الجمع أو مانعة الخلو موجبة كانت أو سالبة إن حكم فيها بالتّنافي أو بسلب التّنافي مطلقا سميّت منفصلة مطلقة. وإن قيّد التنافي أو سلبه بالعناد سمّيت منفصلة عنادية. وإن قيّد بالاتفاق سمّيت منفصلة اتّفاقية.
اعلم أنّ كلّية الشّرطية أي كونها كلّية أن يكون التالي لازما في المتّصلة اللزومية ومعاندا في المنفصلة العنادية على جميع التقادير، أي الأوضاع التي لا تنافي مقدمية المقدّم أي يمكن حصول المقدّم عليها سواء كانت محالة في أنفسها كقولنا كلّما كان الفرس إنسانا كان حيوانا، فإنّ معناه أنّ لزوم حيوانية الفرس ثابت للإنسانية على جميع الأوضاع التي يمكن اجتماعها مع إنسانية الفرس من كونه ضاحكا أو كاتبا أو ناطقا، إلى غير ذلك؛ وهي محالة في أنفسها أو لم تكن محالة كقولنا كلّما كان زيد إنسانا كان حيوانا، فمعناه أنّ لزوم حيوانية زيد للإنسانية ثابت مع كل وضع يمكن أي يجامع إنسانية زيد من كونه قائما أو قاعدا أو كاتبا إلى غير ذلك، وهي ممكنة في أنفسها. وجزئية الشّرطية أن يكون التالي لازما أو معاندا للمقدّم على وضع معيّن، وإهمالها بإهمال الأوضاع، والأمثلة غير خافية.
وبالجملة فالحكم في الشرطية إن كان على تقدير معيّن فالشّرطية مخصوصة وشخصيّة، وإلّا فإن بيّن كمية الحكم بأنّه على جميع التقادير أو بعضها فمحصورة كلّية أو جزئية، وإلّا فمهملة، والطبيعية هاهنا غير معقولة.

الصّحابي

الصّحابي:
[في الانكليزية] Follower of the Prophet
[ في الفرنسية] Compagnon du Prophete بالفتح منسوب إلى الصّحابة وهي مصدر بمعنى الصّحبة، وقد جاءت الصحابة بمعنى الأصحاب، والأصحاب جمع صاحب، فإنّ الفاعل يجمع على أفعال كما صرّح به سيبويه وارتضاه الزمخشري والرّضي. فالقول بأنّه جمع صحب بالسكون اسم جمع كركب أو بالكسر مخفّف صاحب إنّما نشأ من عدم تصفّح كتاب سيبويه، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي. وفي الصّراح أصحاب جمع الصّحب مثل فرخ وأفراخ وجمع الأصحاب الأصاحيب. وفي المنتخب صاحب بمعنى يار جمع أو صحب وجمع صحب أصحاب وجمع أصحاب أصاحيب.
وعند أهل الشرع هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الثّقلين مؤمنا به ومات على الإسلام. والمراد باللقاء، أعمّ من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه، ويدخل فيه رؤية أحدهما الآخر سواء كان ذلك اللقاء بنفسه أو بغيره، كما إذا حمل شخص طفلا وأوصله إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسواء كان ذلك اللقاء مع التمييز والعقل أو لا، فدخل فيه من رآه وهو لا يعقل فهذا هو المختار.
وقيل كلّ من روى عنه حديثا أو كلمة ورآه رؤية فهو من الصّحابة فقد اشترط المكالمة. وقيل كلّ من أدرك الحلم وقد رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعقل أمر الدين فهو من الصّحابة، ولو صحبه عليه السلام ساعة واحدة فقد اشترط العقل والبلوغ. والتعبير باللّقى أولى من قول بعضهم الصّحابي من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّه يخرج به ابن أمّ مكتوم ونحوه من العميان مع كونهم صحابة بلا تردد، والمراد بالرؤية واللقاء ما يكون حال حياته عليه السلام. فلو رأى بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي فليس بصحابي على المشهور. فقولنا من جنس.
وقولنا لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم احتراز عمّن لم يلقه كالمخضرمين فإنّهم على الصحيح من كبار التابعين كما عرفت.
قيل إن ثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فينبغي أن يعدّ من كان مؤمنا به في حياته في هذه الليلة وإن لم يلاقه في الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلّى الله عليه وسلّم. وقيل لا يعدّ في الصّحابة لأنّ إسناد لقي إلى ضمير من دون النبي يخرجه. وقولنا من الثقلين يخرج الملائكة لأنّ الثقلين هما الإنس والجنّ كما في الصراح وغيره. وقولنا مؤمنا به يخرج من لقيه صلّى الله عليه وسلّم حال كونه غير مؤمن به، سواء لم يكن مؤمنا بأحد من الأنبياء كالمشرك، أو يكون مؤمنا بغيره من الأنبياء عليهم السلام كأهل الكتاب. لكن هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنّه سيبعث ولم يدرك البعثة كورقة بن نوفل؟ ففيه تردّد كما قال النووي.
فمن أراد اللقاء حال نبوته عليه السلام فيخرج عنه، ومن أراد أعمّ من ذلك يدخل فيه. وقولنا ومات على الإسلام يخرج من ارتدّ بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الرّدّة مثل عبد الله بن جحش وابن خطل. وأمّا من لقيه مؤمنا به ثم ارتدّ ثم أسلم سواء أسلم حال حياته أو بعد موته، وسواء لقيه ثانيا أم لا فهو صحابي على الأصح، وقيل ليس بصحابي. ويرجّح الأول قصة الاشعث بن قيس فإنّه ممّن ارتدّ وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوّجه أخته، ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
وفي عدم تقييد اللقاء بزمان محدود أو غير محدود قليلا كان أو كثيرا إشارة إلى اختيار مذهب جمهور المحدّثين والشافعي واختاره أحمد بن حنبل ولذا قال: الصّحابي من صحبه عليه السلام صغيرا كان أو كبيرا، سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة، أو رآه. واختاره أيضا ابن الحاجب لأنّ الصّحبة تعمّ القليل والكثير بحسب اللغة، فأهل الحديث نقلوا على وفق اللغة.
وقال سعيد بن المسيب لا يعد صحابيا إلا من أقام مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين.
ووجهه أنّ لصحبته عليه السلام شرفا عظيما فلا ينال إلّا باجتماع يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص، كالغزو المشتمل على السّفر الذي هو قطعة من السّقر. والسنة المشتملة على الفصول الأربع التي بها يختلف المزاج. وعورض بأنّه عليه السلام لشرف منزلته أعطى كلّ من رآه حكم الصّحبة. وأيضا يلزم أن لا يعدّ جوير بن عبد الله ونحوه من الصّحابة، ولا خلاف في أنّهم صحابة.

وقال أصحاب الأصول: الصّحابي من طالت مجالسته له على طريق التّبع له والأخذ عنه فلا يدخل من وفد عليه وانصرف بدون مكث. وقيل الأصوليون يشترطون في الصّحابي ملازمة ستة أشهر فصاعدا. وقيل لا حدّ لتلك الكثرة بتقدير بل بتقريب. ويؤيّده ما قال أبو منصور الشيباني الصحابي من طالت صحبته وكثر مكثه وجلوسه معه مستفيدا منه. قال النووي: مذهب الأصوليين مبني على مقتضى العرف، فإنّ العرف مخصّص اسم الصحبة بمن كثرت صحبته واشتهرت متابعته.
فائدة:
لا خفاء في رجحان رتبة من لازمه صلّى الله عليه وسلّم وقاتل معه أو قتل تحت رايته على من لم يلازمه أو لم يحضر معه مشهدا، وعلى من كلّمه يسيرا أو ماشاه قليلا أو رآه على بعد أو في حال الطفولية، وإن كان شرف الصحبة حاصلا للجميع، ومن ليس [له] منهم سماع من النبي عليه السلام فحديثه مرسل من حيث الرواية، وهم مع ذلك معدودون في الصّحابة لما نالوا من شرف الرؤية.
فائدة:
يعرف كونه صحابيا بالتواتر أو الاستفاضة أو الشهرة أو بإخبار بعض الصحابة أو بعض ثقات التابعين أو بإخباره عن نفسه بأنّه صحابي إذا كانت دعواه تدخل تحت الإمكان بأن لا يكون بعد مائة سنة من وفاته صلّى الله عليه وسلّم. واعلم أنّ الصّحابة كلهم عدول في حقّ رواية الحديث، وإن كان بعضهم غير عدل في أمر آخر. هذا كله خلاصة ما في شرح النخبة وشرحه وجامع الرموز والبرجندي ومجمع السلوك وغيره.

الصّلة

الصّلة:
[في الانكليزية] Relation ،contact ،conjuction
[ في الفرنسية] Relation ،rapport ،conjonction

بكسر الصّاد في اللغة الفارسية بمعنى:
الاتصال، والوصل، والقرابة، والهدية، والعطية، والأجرة، كما في الصراح وكنز اللغات. وفي الكفاية حاشية الهداية في باب الحج عن الغير:
الصلة عبارة عن أداء مال ليس بمقابلة عوض مالي كالزكاة وغيرها من النّذور والكفّارات.
وعند أهل العربية تطلق على حرف زائد في الأطول في باب الإسناد الخبري في شرح قول التلخيص التلخيص استغنى عن مؤكّدات الحكم وحروف الصلة أعني الزوائد. قال الچلپي في حاشية المطول: هناك اصطلح النحاة على تسمية حروف معدودة مقرّرة فيما بينهم مثل إن وأن والباء في مثل كفى بالله شهيدا ونظائرها بحروف الصّلة لإفادتها تأكيد الاتصال الثابت، وبحروف الزيادة لأنّها لا تغيّر أصل المعنى بل لا يزيد بسببها إلّا تأكيد المعنى الثابت وتقويته فكأنّها لم تفد شيئا. ولمّا لم يلزم الاطّراد في وجه التسمية لم يتّجه اعتراض الرضي أنّه يلزم أن يعدّوا على هذا أنّ ولام الابتداء وألفاظ التأكيد أسماء كانت أو لا زوائد، انتهى كلامه. وعلى هذا المعنى يقول أهل اللغة الباء هاهنا صلة زائدة، وتطلق أيضا على حرف جرّ يتعدّى به الفعل وما أشبهه. فمعنى الفعل الذي يحتاج إلى الصلة لا يتمّ بدونها. ولهذا قيل في في قولنا دخلت في الدار صلة لدخلت كما أنّ عن صلة لضدّه أعني خرجت، فيكون في الدار مفعولا به لا مفعولا فيه. هكذا يستفاد من الفوائد الضيائية وحاشيته لمولانا عبد الغفور في بحث المفعول فيه.
وتطلق الصلة أيضا على جملة خبرية أو ما في معناها متصلة باسم لا يتمّ ذلك الاسم جزءا إلّا مع هذه الجملة المشتملة على ضمير عائد إليه، أي إلى ذلك الاسم، ويسمّى حشوا أيضا، وذلك الاسم يسمّى موصولا. فقولنا جزءا تمييز أي متصلة باسم لا يتمّ من حيث جزئيته أي لا يكون جزءا تاما من المركّب. والمراد بالجزء التام ما لا يحتاج في كونه جزءا أوليا ينحلّ إليه المركّب أولا إلى انضمام أمر آخر معه كالمبتدإ والخبر والفاعل والمفعول وغيرها. وإنّما نفي كونه جزءا تاما لا جزءا مطلقا لأنّه إذا كان مجموع الموصول والصلة جزءا من المركّب يكون الموصول وحده أيضا جزءا، لكن لا جزءا تاما أوليا.
قيل هذا إنّما يتمّ لو كان المبتدأ والخبر والمفعول مجموع الصّلة والموصول وليس كذلك، بل هو الموصول والصّلة تفسير مزيل لإبهامه ولا نصيب له من إعراب الموصول، فالأولى أن يقال يتمّ من الأفعال الناقصة وجزءا خبره ومعناه، لا يكون ذلك الاسم جزءا من المركب إلّا مع هذه الجملة. وإنّما قيل من المركّب لأنّه لو قيل من الكلام لم يشتمل الفضلة لأنّ الفضلة ليست جزءا من الكلام. نعم إنّه جزء من المركّب. لا يقال تعريف الصلة يصدق على الجملة الشرطية المتصلة بأسماء الشرط نحو من تضربه أضربه، لأنّا نقول من في قولنا من تضرب أضرب مفعول تضرب، فهو جزء بدون جملة. وقولنا على ضمير الخ يخرج مثل إذ وحيث إذ هما لا يقعان جزءا من التركيب إلّا مع جملة خبرية مضافة إليهما، لكن لا تشتمل تلك الجملة على الضمير العائد إليهما. مثال الجملة الخبرية قولنا الذي ضربته زيد. ومثال ما في معناها كاسم الفاعل واسم المفعول قولنا: الضارب زيدا عمرو والمضروب لزيد عمرو. وهذا التعريف أولى مما قيل الصّلة جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على ضمير عائد إليه، لأخذ الموصول في التعريف فيلزم الدور، ولأنّه لم يقيّد فيه الجملة بالخبرية فيشتمل الإنشائية، ولأنّه لا يشتمل ما في معناها. هذا خلاصة ما في شروح الكافية.
وهذا الموصول هو الموصول الاسمي وعرّف بأنّه اسم لا يتمّ جزءا إلّا مع صلة وعائد. وأمّا الموصول الحرفي فقد عرّف بما أوّل مع ما يليه من الجمل بمصدر كأن الناصبة وما المصدرية، فخرج نحو صه ومه على قول من يؤوّله بمصدر، والفعل الذي أضيف إليه الظرف نحو يوم ينفع الصادقين، لأنّ ذلك مؤول بالمصدر بنفسه لا مع ما يليه، وهذا الموصول لا يحتاج إلى العائد بل لا يجوز أن يعود إليه شيء، ولا يلزم أن تكون صلته جملة خبرية في قول سيبويه وأبي علي، ويلزم ذلك عند غيرهما كما في الموصول الاسمي. ثم الموصول مطلقا لا يتقدّم عليه صلته لا كلّا ولا بعضا لأنّهما كجزئي الاسم ثبت لأحدهما التقدّم لأنّ الصلة لكونها مبنية للموصول يجب تأخيرها عنه، فهما كشيء واحد مرتّب الأجزاء، كذا ذكر مولا زاده في حاشية المختصر.

الطّريق

الطّريق:
[في الانكليزية] Road ،way
[ في الفرنسية] Chemin ،voie
في اللغة بمعني راه. وعند الفقهاء هو قسمان: الطريق العام ويسمّى بالنافذ وبطريق العام أيضا، والطريق الخاص ويسمّى بالطريق الغير النافذ وطريق الخاص أيضا، وقد سبق في لفظ السكّة. وعند أهل القراءة قسم من أحوال الإسناد وقد سبق. وعند الشعراء هو الطرز وقد سبق. وعند المتكلمين والأصوليين هو الذي يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى المطلوب فإن كان المطلوب تصورا سمّي طريقه معرّفا وإن كان تصديقا سمّي طريقه دليلا. وإنما اعتبر إمكان التوصّل لأنّ الطريق لا يخرج عن كونه طريقا بعدم التوصّل بل يكفيه إمكانه، وقيّد النظر بالصحيح لأنّ النظر الفاسد لا يستلزم المطلوب فلا يمكن أن يتوصّل إليه به، إذ ليس في نفسه وسيلة له، وقد سبق توضيح التعريف في لفظ الدليل. وعند أهل الحقيقة عبارة عن مراسم الله تعالى وأحكامه التكليفية المشروعة التي لا رخصة فيها، فإنّ تتبّع الرّخص سبب لتنفيس الطبيعة المقتضية للوقفة والفترة في الطريق، هكذا في الجرجاني. وعند أهل الرمل اسم شكل فيه النقاط فقط هكذا:

الطّلبي

الطّلبي:
[في الانكليزية] Digressive
[ في الفرنسية] Digressif
بياء النسبة عند أهل المعاني هو الكلام الملقى مع المتردّد في الحكم كقولك للمتردد إنّ زيدا قائم، والتأكيد في مثل هذا الكلام حسن، هكذا يستفاد من الأطول في باب الإسناد الخبري.

العالي

(العالي) يُقَال فلَان عالي الكعب شرِيف وأتيته من عَال من فَوق
العالي:
[في الانكليزية] Climax
[ في الفرنسية] Gradation
هو عند المحدّثين عبارة عن الإسناد الذي فيه علوّ ويقابله النازل كما عرفت. وعند البلغاء هو أن يأتي الشاعر. بألفاظ فصيحة ثم يركّبها بأسلوب غاية في الجزالة واللطافة، كأنّما ارتقت درجة درجة في سلم الحسن، وأن تكون أشعاره أعلى من بقية الشعر بحيث يقرّ له الفصحاء بعلوّ مرتبته، كذا في جامع الصنائع.

فعل ما لم يسمّ فاعله

فعل ما لم يسمّ فاعله:
[في الانكليزية] Passive verb
[ في الفرنسية] Verbe au passif
هو عند النحاة فعل حذف فاعله وأقيم المفعول مقامه كضرب ودحرج، ويسمّى فعلا مجهولا أيضا ومبنيا للمفعول أيضا. ولما كان حذف الفاعل جائزا عند البعض كأبي الحسن لم يكتف بقوله حذف فاعله وزيد عليه قوله وأقيم المفعول مقامه ليطّرد الحدّ عند الكلّ، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية. ويقابله الفعل المعروف وهو ما لم يحذف فاعله أو حذف لكن لم يقم المفعول مقامه. ثم اقول كما يجيء الفعل المجهول من المتعدّي كذلك يجيء من اللازم لعدم المنافاة بين مفهوميهما، فإنّ الفعل اللازم ما لا يتجاوز إلى المفعول به والفعل المجهول ما حذف فاعله وأقيم مقامه المفعول، أيّ مفعول كان مما يصحّ إسناده إليه الا ترى أنّهم يقولون جلس الدار وسير سير شديد وسير الليل، ويجعلونها من المجاز العقلي، وسيجيء أنّ سيبويه يجوّز قيم وقعد بالإسناد إلى المصدر المدلول عليه بالفعل. ومعنى قيم وقعد على ما في العباب وقع القيام ووقع القعود ويعبّر عنه بالفارسية:
وقف وجلس ويؤيد، أي هذا التعبير بالفارسية على ما في بعض كتب اللغة: السقوط افتادن.

وقوله تعالى: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ أي ندموا. وأصله أنّه: كلّ من ندم بشدّة عضّ يده، ووضع يده على فمه، فاليد مسقوط فيها.
ومعناه سقط الندم في أيديهم، ولم يذكر الندم.
وقيل سقط على صيغة ما لم يسمّ فاعله كما يقال رغب في فلان انتهى كلامه. ويفهم من قوله: (دست مسقوط فيها شود) أنّ اسم المفعول يجيء من اللازم أيضا بتوسّط حرف الجرّ، ولا شك في صحته وكثرة استعماله، ولا ينافي ذلك تعريف اسم المفعول بما اشتقّ لما وقع عليه الفعل، إذ المراد بالوقوع في عرفهم هو التعلّق المعنوي وإن كان بتوسّط حرف الجرّ كما سيجيء في بيان المفعول به.

القراءة

القراءة: علمٌ يُبحث فيه عن صُوَر نظم القرآن من حيث وجوهُ الاختلافات المتواترةُ، وهو أخصّ من علم التجويد.
القراءة:
* ما اتفقت عليه الرواة عن أحد الأئمة السبعة أو العشرة أو من في منزلتهم من أئمة القراء وأصحاب الاختيارات.
* " قراءة القرآن متتابعاً ".
* " الأخذ عن المشايخ ".
القراءة:
[في الانكليزية] Reading ،recitation
[ في الفرنسية] Lecture ،recitation
بالكسر وتخفيف الراء المهملة هي عند القرّاء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ كما في الدقائق المحكمة. قال في الاتقان في نوع معرفة العالي والنازل: قسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه.
فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه انتهى.

الكلاَم

الكلاَم: ما تضمَّن كلمتين بإسناد قال الراغب: الكلامُ يقع على الألفاظ المنظومة وعلى المعاني التي تحتها مجموعة، وعند النحويين: يقع على الجزء منه اسماً كان أو فعلاً أو أداة، وعند كثير من المتكلمين لا يقع إلا على الجملة المركبة المفيدة، وهو أخصُّ من القول، فإن القول عندهم يطلق على المفردات، والكلمة تقع عندهم على كل واحد من الأنواع الثلاثة.

الثّوبانية

الثّوبانية:
[في الانكليزية] Al -Thaubaniyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -Thaubaniyya (secte)
فرقة من المرجئة أصحاب ثوبان المرجئ، قالوا الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله وبرسوله وبكل ما لا يجوز في العقل أن يعقله. وأما ما جاز في العقل أن يعقله فليس الاعتقاد به من الإيمان، وهؤلاء كلهم على أنّه تعالى لو عفا في القيامة عن عاص لعفا عن كل من هو مثله، وكذا لو أخرج واحدا من النار لأخرج كل من هو مثله، ولم يجزموا بخروج المؤمنين من النار. وقد جمع ابن غيلان منهم بين الإرجاء والقدر أي إسناد أفعال العباد إلى العباد، وقال بالخروج حيث زعم جواز أن لا يكون الإمام قرشيا، كذا في شرح المواقف.

اللّفظ

اللّفظ:
[في الانكليزية] Rejection ،pronounciation ،articulation ،ejection
[ في الفرنسية] Rejet ،prononciation ،articulation ،ejection
بالفتح وسكون الفاء في اللغة الرمي، يقال أكلت التمرة ولفظت النواة أي رميتها، ثم نقل في عرف النحاة ابتداءً أو بعد جعله بمعنى الملفوظ كالخلق بمعنى المخلوق إلى ما يتلفّظ به الإنسان حقيقة كان أو حكما مهملا كان أو موضوعا مفردا كان أو مركّبا. فاللفظ الحقيقي كزيد وضرب والحكمي كالمنوي في زيد ضرب إذ ليس من مقولة الحرف والصوت الذي هو أعمّ منه ولم يوضع له لفظ وإنّما عبّروا عنه باستعارة لفظ المنفصل من نحو هو وأنت وأجروا أحكام اللفظ عليه فكان لفظا حكما لا حقيقة، والمحذوف لفظ حقيقة لأنّه قد يتلفّظ به الإنسان في بعض الأحيان. وتحقيقه أنّه لا شك أنّ ضرب في زيد ضرب يدلّ على الفاعل، ولذا يفيد التقوي بسبب تكرار الإسناد بخلاف ضرب زيد فلا يقال إنّ فاعله هو المقدّم كما ذهب إليه البعض ومنعوا وجوب تأخير الفاعل، فإمّا أن يقال الدال على الفاعل الفعل بنفسه من غير اعتبار أمر آخر معه وهو ظاهر البطلان وإلّا لكان الفعل فقط مفيدا لمعنى الجملة فلا يرتبط بالفاعل في نحو ضرب زيد، فلا بد أن يقال إنّ الواضع اعتبر مع الفعل حين عدم ذكر الظاهر أمرا آخر عبارة عمّا تقدّم كالجزء والتتمة له واكتفى بذكر الفعل عن ذكره كما في الترخيم بجعل ما بقي دليلا على ما ألقي نصّ عليه الرّضي، فيكون كالملفوظ. ولذا قال بعض النحاة إنّ المقدّر في نحو ضرب ينبغي أن يكون أقلّ من ألف ضربا نصفه أو ثلثه ليكون ضمير المفرد أقل من ضمير التثنية. ولمّا لم يتعلّق غرض الواضع في إفادة ما قصده من اعتباره بتعيينه لم يعتبره بخصوصية كونه حرفا أو حركة أو هيئة من هيآت الكلمة بل اعتبره من حيث إنّه عبارة عمّا تقدّم وكالجزء له فلم يكن داخلا في شيء من المقولات ولا يكون من قبيل المحذوف اللازم حذفه لأنّه معتبر بخصوصه، وبما ذكر ظهر دخوله في تعريف الضمير المتصل لكونه لفظا حكميا موضوعا لغائب تقدّم ذكره وكالجزء مما قبله بحيث لا يصحّ التلفظ الحكمي إلّا بما قبله. قال صاحب الإيضاح في الفرق بين المنوي والمحذوف إنّه لمّا كان باب المفعول باعتبار مفعوليته حكمه الحذف من غير تقدير قيل عند عدم التلفّظ به محذوف في كلّ موضع. ولمّا كان الفاعل باعتبار فاعليته حكمه الوجود عند عدم التلفّظ به حكم بأنّه موجود وإلّا فالضمير في قولك زيد ضرب في الاحتياج إليه كالضمير في قوله تعالى: وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وإن كان أحدهما فاعلا والآخر مفعولا انتهى. فقيل مراده إنّ الفرق بينهما مجرّد اصطلاح وإلّا فهما متساويان في كونهما محذوفين من اللفظ معتبرين في المعنى وليس كذلك، بل مراده أنّ عند عدم التلفّظ بالفاعل يحكم بوجوده ويجعل في حكم الملفوظ لدلالة الفعل عليه عند تقدّم المرجع فهو معتبر في الكلام دالّ عليه الفعل فيكون منويا بخلاف المحذوف فإنّه حذف من الكلام استغناء بالقرينة من غير جعله في حكم الملفوظ واعتبار اتصاله بما قبله فيكون محذوفا غير منوي، وإن كانا مشتركين في احتياج صحّة الكلام إلى اعتبارهما. هذا ثم اعلم أنّ قيد الإنسان في التعريف للتقريب إلى الفهم وإلّا فالمراد مطلق التلفّظ بمعنى گفتن، فدخل في التعريف كلمات الله تعالى وكذا كلمات الملائكة والجنّ، واندفع ما قيل إنّ أخذ التلفّظ في الحدّ يوجب الدور.
والباء في قولنا به للتعدية لا للسببية والاستعانة فلا يرد أنّ الحدّ صادق على اللسان. ثم الحروف الهجائية نوع من أنواع اللّفظ، ولذا عرّفه البعض كما يتلفّظ به الإنسان من حرف فصاعدا، ولا يصدق التعريف على الحروف الإعرابية كالواو في أبوك لأنّها في حكم الحركات نائبة منابها. وقيل اللفظ صوت يعتمد على المخارج من حرف فصاعدا. والمراد بالصوت الكيفية الحاصلة من المصدر. والمراد بالاعتماد أن يكون حصول الصوت باستعانة المخارج أي جنس المخارج إذ اللام تبطل الجمعية فلا يرد أنّ الصوت فعل الصائت لأنّه مصدر واللفظ هو الكيفية الحاصلة من المصدر وأنّ الاعتماد من خواص الأعيان والصوت ليس منها، وإنّ أقل الجمع ثلاثة فوجب أن لا يكون اللفظ إلّا من ثلاثة أحرف كلّ منها من مخرج.
بقي أنّ أخذ الحرف في الحدّ يوجب الدور لأنّه نوع من أنواع اللفظ وأجيب بأن المراد من الحرف المأخوذ في الحدّ حرف الهجاء وهو وإن كان نوعا من أنواع اللفظ لكن لا يعرّف بتعريف يؤخذ فيه اللفظ لكون أفرادها معلومة محصورة حتى يعرفه الصبيان مع عدم عرفانهم اللفظ فلا يتوقّف معرفته على معرفة اللفظ فلا دور كذا في غاية التحقيق. وأقول الظاهر إنّ قوله من حرف فصاعدا ليس من الحدّ بل هو بيان لأدنى ما يطلق عليه اللفظ فلا دور، ولذا ترك الفاضل الچلپي هذا القيد في حاشية المطول وذكر في بيان أنّ البلاغة صفة راجعة إلى اللفظ أو إلى المعنى أنّ اللفظ صوت يعتمد على مخارج الحروف، ثم قال والمختار أنّه كيفية عارضة للصوت الذي هو كيفية تحدث في الهواء من تموّجه ولا يلزم قيام العرض بالعرض الممنوع عند المتكلّمين لأنّهم يمنعون كون الحروف أمورا موجودة انتهى.
فائدة:
المشهور أنّ الألفاظ موضوعة للأعيان الخارجية وقيل إنّها موضوعة للصور الذهنية.
وتحقيقه أنّه لا شكّ أنّ ترك الكلمات وتحقّقها على وفق ترتيب المعاني في الذهن فلا بد من تصوّرها وحضورها في الذهن. ثم إنّ تصوّر تلك المعاني على نحوين تصوّر متعلّق بتلك المعاني على ما هي عليه في حدّ ذاتها مع قطع النظر عن تعبيرها بالألفاظ وهو الذي لا يختلف باختلاف العبارات، وتصوّر متعلّق بها من حيث التعبير عنها بالألفاظ وتدلّ عليها دلالة أولية وهو يختلف باختلاف العبارات. والتصوّر الأول مقدّم على التصوّر الثاني مبدأ له كما أنّ التصوّر الثاني مبدأ للمتكلّم. هذا كلّه خلاصة ما في شروح الكافية.

التقسيم:
اللفظ إمّا مهمل وهو الذي لم يوضع لمعنى سواء كان محرفا كديز مقلوب زيد أولا كجسق. وإمّا موضوع لمعنى كزيد. والموضوع إمّا مفرد أو مركّب. اعلم أنّ بعض أهل المعاني يطلق الألفاظ على المعاني الأول أيضا وسيأتي تحقيقه في لفظ المعنى.

المبهم

المبهم:
[في الانكليزية] Equivocal ،ambiguous ،hidden ،abstract ،passive
[ في الفرنسية] Equivoque ،ambigu ،abstrait ،cache ،passif
بالفتح فروبسته- المغلق- وپوشيده- والمستور- على ما في كنز اللغات. وعند النحاة يطلق على أشياء. أحدها لفظ فيه إبهام وضعا ويرفع إبهامه بالتمييز، وبهذا المعنى يستعمل في التمييز. وثانيها أحد قسمي الظرف المقابل للموقّت وسيجيء. وثالثها أحد قسمي المصدر المقابل للموقّت ويجيء في المفعول المطلق. ورابعها اسم كان متضمنا للإشارة إلى غير المتكلّم والمخاطب من غير اشتراط أن يكون سابقا في الذكر البتّة، فلا يرد المضمر الغائب لاعتبار ذلك الاشتراط فيه. ثم المبهم بهذا المعنى على نوعين لأنّه إن كان بحيث يستغني عن قضية فهو اسم الإشارة أو لا يستغني فهو الموصول، والقضية التي بها يتمّ ذلك الموصول تسمّى صلة وحشوا كما في اللباب والضوء شرح المصباح. وعند الأصوليين هو المجمل وسيجيء. وعند المحدّثين هو الراوي الذي لم يذكر اسمه اختصارا، وهذا الفعل أي ترك اسم الراوي يسمّى إبهاما كقولك أخبرني فلان أو شيخ أو رجل أو بعضهم أو ابن فلان. ويستدلّ على معرفة اسم المبهم بوروده من طريق آخر، ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسمّ، وكذا لا يقبل خبره، ولو أبهم بلفظ التعديل كأن يقول الراوي عنه أخبرني ثقة على الأصح كذا في شرح النخبة وحواشيه. وفي الإرشاد الساري شرح البخاري: اعلم أنّه قد يقع المبهم في الإسناد كأن يقول أخبرني فلان، وقد يقع المبهم في المتن كما في حديث أبي سعيد الخدري في ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرّوا بحيّ فلم يضيّفوهم فلدغ سيّدهم فرقاه رجل منهم فإنّ الراقي هو أبو سعيد الراوي المذكور.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.