Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سلاح

الحُولَةُ

الحُولَةُ:
بالضم ثم السكون: اسم لناحيتين بالشام، إحداهما من أعمال حمص ثم من أعمال بارين بين حمص وطرابلس، والأخرى كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة، من إحداهما كان الحارث الكذاب الذي ادعى النبوة أيام عبد الملك بن مروان، قال أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا محمد بن مبارك حدثنا الوليد بن مسلمة عن عبد الرحمن بن حسان قال: كان الحارث الكذاب من أهل دمشق وكان مولى لابن الجلاس وكان له أب بالحولة، فعرض له إبليس، وكان رجلا متعبدا زاهدا لو لبس جبة من ذهب لرأيت عليه زهادة، قال: وكان إذا أخذ في التحميد لم يستمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه، قال:
فكتب إلى أبيه وهو بالحولة: يا أبتاه اعجل عليّ فإني رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان عرض لي، قال: فزاره أبوه غبّا وكتب إليه: يا بنيّ أقبل على ما أمرت به فإن الله تعالى يقول: عَلى من تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ 26: 221- 222، ولست بأفاك ولا أثيم فامض لما أمرت به، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو رأى ما يرضى قبل وإلا كتم عليه، قال: وكان يريهم الأعاجيب، كان يأتي رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبّح، وكان يطعمهم فواكه الصيف في الشتاء، وكان يقول لهم اخرجوا حتى أريكم الليلة فيخرجهم إلى دير مرّان فيريهم رجالا على خيل، فتبعه بشر كثير وفشا الأمر في المسجد وكثر أصحابه حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة، فعرض على القاسم وأخذ عليه العهد والميثاق إن رضي أمرا قبله وإن كره كتم عليه، فقال له: إني نبيّ، فقال له القاسم: كذبت يا عدوّ الله ما أنت نبي ولا لك عهد ولا ميثاق! فقال له أبو إدريس: ما صنعت شيئا إذ لم يبين حتى نأخذه الآن يفر، قال: وقام من مجلسه حتى دخل على عبد الملك فأعلمه بأمر حادث من الحارث، فأمر عبد الملك بطلبه فلم يقدر عليه، وخرج عبد الملك فنزل الصّبيرة، قال:
واتهم عامة عسكره، يعني بالحارث، أن يكونوا يرون رأيه، وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس فاختفى فيه، وكان أصحابه يخرجون فيلتمسون الرجال فيدخلونهم عليه، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس فأتاه رجل من أصحاب الحارث فقال له:
ههنا رجل يتكلم فهل لك أن تسمع من كلامه؟
قال: نعم، فانطلق معه حتى دخل على الحارث فأخذ في التحميد، فسمع البصريّ كلاما حسنا، قال: ثم أخبره
بأمره وأنه نبي مبعوث مرسل، فقال له: إن كلامك لحسن ولكن في هذا نظر فانظر، فخرج البصري ثم عاد إليه فرد كلامه فقال: إن كلامك لحسن وقد وقع في قلبي وقد آمنت بك وهذا الدين المستقيم، قال: فأمر أن لا يحجب، قال: فأقبل البصري يتردد ويعرف مداخله ومخارجه وأين يذهب وأين يهرب حتى صار من أخص الناس به، ثم قال له:
ائذن لي، فقال: إلى أين؟ فقال: إلى البصرة أكون أول داعية لك بها، قال: فأذن له فخرج البصري مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصّبيرة، فلما دنا من سرادقه صاح النصيحة النصيحة! فقال أهل العسكر: وما نصيحتك؟
قال: هي نصيحة لأمير المؤمنين، قال: فأمر عبد الملك أن يأذنوا له فدخل وعنده أصحابه، قال:
فصاح النصيحة النصيحة! فقال: وما نصيحتك؟
قال: اخلني لا يكن عندك أحد، قال: فأخرج من كان عنده، وكان عبد الملك قد اتهم أهل عسكره أن يكون هواهم معه، ثم قال له: ادنني، فأدناه وعبد الملك على السرير، فقال: ما عندك؟ فقال:
عندي أخبار الحارث، فلما سمع عبد الملك بذكر الحارث طرد نفسه من السرير ثم قال: أين هو؟
قال: يا أمير المؤمنين هو بالبيت المقدس وقد عرفت مداخله، وقص عليه قصته وكيف صنع به، فقال له:
أنت صاحبه وأنت أمير بيت المقدس وأميرها ههنا فمرني بما شئت، فقال: ابعث معي قوما لا يفقهون الكلام، فأمر أربعين رجلا من أهل فرغانة وقال لهم:
انطلقوا مع هذا فما أمركم به من شيء فأطيعوه، قال: وكتب إلى صاحب بيت المقدس إن فلانا لأمير عليك حتى تخرج فأطعه فيما يأمرك به، فلما قدم البيت المقدس أعطاه الكتاب فقال له: مرني بما شئت، فقال له: اجمع لي إن قدرت كل شمعة تقدر عليها ببيت المقدس وادفع كل شمعة إلى رجل ورتبهم على أزقة بيت المقدس فإذا قلت أسرجوا فليسرجوا جميعا، قال: فرتبهم في أزقة بيت المقدس وفي زواياها بالشمع، فأقبل البصري وحده إلى منزل الحارث فأتى الباب وقال للحاجب: استأذن لي على نبي الله، قال: في هذه الساعة ما يؤذن عليه حتى تصبح! قال: أعلمه إنما رجعت شوقا إليه قبل أن أصل، قال: فدخل عليه فأعلمه كلامه ففتح الباب ثم صاح البصري أسرجوا فأسرجت الشموع حتى كان بيت المقدس كأنه نهار، ثم قال: كل من مرّ بكم فاضبطوه، قال: ودخل هو إلى الموضع الذي يعرفه فنظره فلم يجده فقال أصحابه: هيهات تريدون أن تقتلوا نبي الله وقد رفعه الله إلى السماء! قال: فطلبه في شقّ كان هيأه سربا فأدخل البصري يده في ذلك السرب فإذا بثوبه فاجتره فأخرجه إلى خارج ثم قال للفرغانيين: اربطوه فربطوه، فبينما هم كذلك يسيرون به على البريد إذ قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟
فقال أهل فرغانة أولئك العجم: هذا كراننا فهات كرانك أنت، فسار به حتى أتى عبد الملك، فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت فصلبه وأمر بحربة وأمر رجلا فطعنه فأصاب ضلعا من أضلاعه فكاعت الحربة، فجعل الناس يصيحون: الأنبياء لا يجوز فيهم الــسلاح! فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ثم مشى بها إليه ثم أقبل يتجسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بها فأنفذها فقتله، فقال الوليد: ولقد بلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال: لو حضرتك ما أمرتك بقتله! قال: ولم؟ قال: إنما كان به المذهب فلو جوعته لذهب عنه ذلك، والمذهب الوسوسة، ومنه المذهب وهو وسوسة الوضوء ونحوه. قال القاضي عبد الصمد بن سعيد في تاريخ حمص: كان
العرباض بن سارية السّلمي يسكن حولة حمص.

الرَّيّ

الرَّيّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الراوية أروي ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء، قال أبو منصور:
أنشدني أعرابي وهو يعاكمني:
ريّا تميميّا على المزايد
وحكى الجوهري: رويت من الماء، بالكسر، أروى ريّا وريّا وروى مثل رضى: وهي مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة الريّ طولها خمس وثمانون درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة، وارتفاعها سبع وسبعون تحت ثماني عشرة درجة من السرطان خارجة من الإقليم الرابع داخلة في الإقليم الخامس، يقابلها مثلها من الجدي في قسمة النسر الطائر ولها شركة في الشعرى والغميصاء رأس الغول من قسمة سعد بلع، ووجدت في بعض تواريخ الفرس أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ثمّ ألقته فوقع في بحر جرجان، فلمّا قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل، فلمّا وصل إلى موضع الريّ قال الناس: بريّ آمد كيخسرو، واسم العجلة بالفارسيّة ريّ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسميت الريّ بذلك، قال العمراني: الرّي بلد بناه فيروز ابن يزدجرد وسمّاه رام فيروز، ثمّ ذكر الرّي المشهورة بعدها وجعلهما بلدتين، ولا أعرف الأخرى، فأمّا الرّي المشهورة فإنّي رأيتها، وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمق المحكم الملمع بالزرقة
مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة 617 وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنفية، يجيئون إلى البلد بالــسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي فيها أحد، وقال الشاعر يهجو أهلها:
الرّيّ دار فارغه ... لها ظلال سابغة
على تيوس ما لهم ... في المكرمات بازغه
لا ينفق الشّعر بها ... ولو أتاها النّابغه
وقال إسماعيل الشاشي يذمّ أهل الرّيّ:
تنكّب حدّة الأحد ... ولا تركن إلى أحد
فما بالرّيّ من أحد ... يؤهل لاسم الأحد
وقد حكى الاصطخري أنّها كانت أكبر من أصبهان لأنّه قال: وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من أصبهان، ثمّ قال: والرّيّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها وإن كانت نيسابور أكبر عوصة منها، وأمّا اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر، وهي مدينة مقدارها فرسخ ونصف في مثله، والغالب على بنائها الخشب والطين، قال: وللرّيّ قرى كبار كلّ واحدة أكبر من مدينة، وعدّد منها قوهذ والسّدّ ومرجبى وغير ذلك من القرى التي بلغني أنها تخرج من أهلها ما يزيد على عشرة آلاف رجل، قال: ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسن وبشاويه ودنباوند، وقال ابن الكلبي: سميت الريّ بريّ رجل من بني شيلان ابن أصبهان بن فلوج، قال: وكان في المدينة بستان فخرجت بنت ريّ يوما إليه فإذا هي بدرّاجة تأكل تينا، فقالت: بور انجير يعني أن الدّرّاجة تأكل تينا، فاسم المدينة في القديم بورانجير ويغيره أهل الرّيّ فيقولون بهورند، وقال لوط بن يحيى:
كتب عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، إلى عمار بن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح
نهاوند يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائي إلى الرّيّ ودستبى في ثمانية آلاف، ففعل وسار عروة لذلك فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الرّيّ وقاتلوه فأظهره الله عليهم فقتلهم واستباحهم، وذلك في سنة 20 وقيل في سنة 19، وقال أبو نجيد وكان مع المسلمين في هذه الوقائع:
دعانا إلى جرجان والرّيّ دونها ... سواد فأرضت من بها من عشائر
رضينا بريف الرّيّ والرّيّ بلدة ... لها زينة في عيشها المتواتر
لها نشز في كلّ آخر ليلة ... تذكّر أعراس الملوك الأكابر
قال جعفر بن محمد الرازي: لما قدم المهديّ الرّيّ في خلافة المنصور بنى مدينة الرّيّ التي بها الناس اليوم وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا، وجرى ذلك على يد عمار بن أبي الخصيب، وكتب اسمه على حائطها، وتمّ عملها سنة 158، وجعل لها فصيلا يطيف به فارقين آجر، والفارقين: الخندق، وسمّاها المحمديّة، فأهل الرّيّ يدعون المدينة الداخلة المدينة ويسمون الفصيل المدينة الخارجة والحصن المعروف بالزينبدى في داخل المدينة المعروفة بالمحمدية، وقد كان المهدي أمر بمرمّته ونزله أيّام مقامه بالرّيّ، وهو مطلّ على المسجد الجامع ودار الإمارة، ويقال: الذي تولّى مرمّته وإصلاحه ميسرة التغلبي أحد وجوه قواد المهدي، ثمّ جعل بعد ذلك سجنا ثمّ خرب فعمره رافع بن هرثمة في سنة 278 ثمّ خرّبه أهل الرّيّ بعد خروج رافع عنها، قال:
وكانت الرّيّ تدعى في الجاهليّة أزارى فيقال إنّه خسف بها، وهي على اثني عشر فرسخا من موضع الرّيّ اليوم على طريق الخوار بين المحمدية وهاشمية الرّيّ، وفيها أبنية قائمة تدل على أنّها كانت مدينة عظيمة، وهناك أيضا خراب في رستاق من رساتيق الرّيّ يقال له البهزان، بينه وبين الرّيّ ستة فراسخ يقال إن الرّيّ كانت هناك، والناس يمضون إلى هناك فيجدون قطع الذهب وربّما وجدوا لؤلؤا وفصوص ياقوت وغير ذلك من هذا النوع، وبالرّيّ قلعة الفرّخان، تذكر في موضعها، ولم تزل قطيعة الرّيّ اثني عشر ألف ألف درهم حتى اجتاز بها المأمون عند منصرفه من خراسان يريد مدينة السلام فلقيه أهلها وشكوا إليه أمرهم وغلظ قطيعتهم فأسقط عنهم منها ألفي ألف درهم وأسجل بذلك لأهلها، وحكى ابن الفقيه عن بعض العلماء قال: في التوراة مكتوب الرّيّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الخلق، وقال الأصمعي: الرّيّ عروس الدنيا وإليه متجر الناس، وهو أحد بلدان الأرض، وكان عبيد الله ابن زياد قد جعل لعمر بن سعد بن أبي وقاص ولاية الرّيّ إن خرج على الجيش الذي توجّه لقتال الحسين ابن عليّ، رضي الله عنه، فأقبل يميل بين الخروج وولاية الرّيّ والقعود، وقال:
أأترك ملك الرّيّ والرّيّ رغبة، ... أم ارجع مذموما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الرّيّ قرّة عين
فغلبه حبّ الدنيا والرياسة حتى خرج فكان من قتل الحسين، رضي الله عنه، ما كان. وروي عن جعفر الصادق، رضي الله عنه، أنّه قال: الرّيّ وقزوين وساوة ملعونات مشؤومات، وقال إسحاق بن سليمان: ما رأيت بلدا أرفع للخسيس من الرّيّ،
وفي أخبارهم: الريّ ملعونة وتربتها تربة ملعونة ديلمية وهي على بحر عجاج تأبى أن تقبل الحق، والرّيّ سبعة عشر رستاقا منها دنباوند وويمة وشلمبة، حدث أبو عبد الله بن خالويه عن نفطويه قال: قال رجل من بني ضبّة وقال المدائني:
فرض لأعرابي من جديلة فضرب عليه البعث إلى الري وكانوا في حرب وحصار، فلمّا طال المقام واشتدّ الحصار قال الأعرابي: ما كان أغناني عن هذا! وأنشأ يقول:
لعمري لجوّ من جواء سويقة ... أسافله ميث وأعلاه أجرع
به العفر والظّلمان والعين ترتعي ... وأمّ رئال والظّليم الهجنّع
وأسفع ذو رمحين يضحي كأنّه ... إذا ما علا نشزا، حصان مبرقع
أحبّ إلينا أن نجاور أهلنا ... ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع
من الجوسق الملعون بالرّيّ كلّما ... رأيت به داعي المنيّة يلمع
يقولون: صبرا واحتسب! قلت: طالما ... صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع
فليت عطائي كان قسّم بينهم ... وظلّت بي الوجناء بالدّوّ تضبع
كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها ... يدا سابح في غمرة يتبوّع
أأجعل نفسي وزن علج كأنّما ... يموت به كلب إذا مات أجمع؟
والجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفرّخان، وحدث أبو المحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال: كانت لي وفادة على عبد الله بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الريّ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبد الله بن طاهر ورشانا في بعض الأغصان يصيح، فأنشد عبد الله بن طاهر متمثلا بقول أبي كبير الهذلي:
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر، ... وغصنك ميّاد، ففيم تنوح؟
أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح
ولوعا فشطّت غربة دار زينب، ... فها أنا أبكي والفؤاد جريح
ثمّ قال: يا عوف أجز هذا، فقلت في الحال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح؟ ... أما للنّوى من ونية فنريح؟
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي، ... فهل أرينّ البين وهو طليح؟
وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة، ... فنحت وذو الشجو القديم ينوح
على أنّها ناحت ولم تذر دمعة، ... ونحت وأسراب الدّموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما، ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فتضحي عصا الأسفار وهي طريح
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه، ... وعدم الغنى بالمقترين نزوح
فأخرج رأسه من العمارية وقال: يا سائق ألق زمام البعير، فألقاه فوقف ووقف الخارج ثمّ دعا بصاحب
بيت ماله فقال: كم يضمّ ملكنا في هذا الوقت؟
فقال: ستين ألف دينار، فقال: ادفعها إلى عوف، ثمّ قال: يا عوف لقد ألقيت عصا تطوافك فارجع من حيث جئت، قال: فأقبل خاصة عبد الله عليه يلومونه ويقولون أتجيز أيّها الأمير شاعرا في مثل هذا الموضع المنقطع بستين ألف دينار ولم تملك سواها! قال: إليكم عني فإنّي قد استحييت من الكرم أن يسير بي جملي وعوف يقول: عسى جود عبد الله، وفي ملكي شيء لا ينفرد به، ورجع عوف إلى وطنه فسئل عن حاله فقال: رجعت من عند عبد الله بالغنى والراحة من النوى، وقال معن بن زائدة الشيباني:
تمطّى بنيسابور ليلي وربّما ... يرى بجنوب الرّيّ وهو قصير
ليالي إذ كلّ الأحبّة حاضر، ... وما كحضور من تحب سرور
فأصبحت أمّا من أحبّ فنازح ... وأمّا الألى أقليهم فحضور
أراعي نجوم اللّيل حتى كأنّني ... بأيدي عداة سائرين أسير
لعلّ الذي لا يجمع الشمل غيره ... يدير رحى جمع الهوى فتدور
فتسكن أشجان ونلقى أحبّة، ... ويورق غصن للشّباب نضير
ومن أعيان من ينسب إليها أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم صاحب الكتب المصنفة، مات بالرّيّ بعد منصرفه من بغداد في سنة 311، عن ابن شيراز، ومحمد بن عمر بن هشام أبو بكر الرازي الحافظ المعروف بالقماطري، سمع وروى وجمع، قال أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني أبو بكر محمد بن عمير الرازي الحافظ الصدوق بجرجان، وربّما قال الثقة المأمون، سكن مرو ومات بها في سنة نيف وتسعين ومائتين، وعبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي أحد الحفّاظ، صنف الجرح والتعديل فأكثر فائدته، رحل في طلب العلم والحديث فسمع بالعراق ومصر ودمشق، فسمع من يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة وأبيه أبي حاتم وأبي زرعة الرازي وعبد الله وصالح ابني أحمد بن حنبل وخلق سواهم، وروى عنه جماعة أخرى كثيرة، وعن أبي عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا أحمد محمد بن محمد ابن أحمد بن إسحاق الحاكم الحافظ يقول: كنت بالرّيّ فرأيتهم يوما يقرؤون على محمد بن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل، فلمّا فرغوا قلت لابن عبدويه الورّاق: ما هذه الضحكة؟ أراكم تقرؤون كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري عن شيخكم على هذا الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم! فقال: يا أبا محمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا هذا علم حسن لا يستغنى عنه ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا أبا محمد عبد الرحمن الرازي حتى سألهما عن رجل معه رجل وزادا فيه ونقصا منه، ونسبه عبد الرحمن الرازي، وقال أحمد بن يعقوب الرازي: سمعت عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي يقول: كنت مع أبي في الشام في الرحلة فدخلنا مدينة فرأيت رجلا واقفا على الطريق يلعب بحيّة ويقول: من يهب لي درهما حتى أبلع هذه الحيّة؟ فالتفت إليّ أبي وقال: يا بني احفظ دراهمك فمن أجلها تبلع الحيّات! وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الرحمن بن أحمد الحافظ القزويني: أخذ عبد الرحمن بن أبي حاتم علم أبيه وعلم أبي زرعة وصنّف
منه التصانيف المشهورة في الفقه والتواريخ واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وكان من الأبدال ولد سنة 240، ومات سنة 327، وقد ذكرته في حنظلة وذكرت من خبره هناك زيادة عمّا ههنا، وإسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي المعروف بالسمّان الحافظ، كان من المكثرين الجوّالين، سمع من نحو أربعة آلاف شيخ، سمع ببغداد أبا طاهر المخلص ومحمد بن بكران بن عمران، روى عنه أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد الأصبهاني وغيرهما، مات في الرابع والعشرين من شعبان سنة 445، وكان معتزليّا، وصنف كتبا كثيرة ولم يتأهّل قط، وكان فيه دين وورع، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد أبو الحسين الرازي والد تمام بن محمد الرازي الحافظان ويعرف في الرّيّ بأبي الرستاقي، سمع ببلده وغيره وأقام بدمشق وصنف، وكان حافظا ثقة مكثرا، مات سنة 347، وابنه تمام بن محمد الحافظ، ولد بدمشق وسمع بها من أبيه ومن خلق كثير وروى عنه خلق، وقال أبو محمد بن الأكفاني: أنبأنا عبد العزيز الكناني قال: توفي شيخنا وأستاذنا تمام الرازي لثلاث خلون من المحرم سنة 414، وكان ثقة مأمونا حافظا لم أر أحفظ منه لحديث الشاميّين، ذكر أن مولده سنة 303، وقال أبو بكر الحداد: ما لقينا مثله في الحفظ والخبر، وقال أبو علي الأهوازي:
كان عالما بالحديث ومعرفة الرجال ما رأيت مثله في معناه، وأبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن الحكم بن عبد الله الحافظ الرازي، قال الحافظ أبو القاسم: قدم دمشق سنة 347 فسمع بها أبا الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد الرازي والد تمام، وبنيسابور أبا حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال وأبا الحسن علي بن أحمد الفارسي ببلخ وأبا عبد الله بن مخلد ببغداد وأبا الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين الصابوني بمصر وعمر بن إبراهيم بن الحدّاد بتنّيس وأبا عبد الله المحاملي وأبا العباس الأصمّ، وحدث بدمشق في تلك السنة فروى عنه تمام وعبد الرحمن بن عمر بن نصر والقاضيان أبو عبد الله الحسين بن محمد الفلّاكي الزّنجاني وأبو القاسم التنوخي وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الجارودي الحافظ وحمزة بن يوسف الخرقاني وأبو محمد إبراهيم بن محمد بن عبد الله الزنجاني الهمداني وعبد الغني بن سعيد والحاكم أبو عبد الله وأبو العلاء عمر بن علي الواسطي وأبو زرعة روح بن محمد الرازي ورضوان بن محمد الدّينوري، وفقد بطريق مكّة سنة 375، وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة إلى أن تغلب أحمد بن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله وقرّبهم فتقرّب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك فصنف له عبد الرحمن بن أبي حاتم كتابا في فضائل أهل البيت وغيره، وكان ذلك في أيّام المعتمد وتغلبه عليها في سنة 275، وكان قبل ذلك في خدمة كوتكين ابن ساتكين التركي، وتغلب على الرّيّ وأظهر التشيع بها واستمرّ إلى الآن، وكان أحمد بن هارون قد عصى على أحمد بن إسماعيل الساماني بعد أن كان من أعيان قواده وهو الذي قتل محمد بن زيد الراعي فتبعه أحمد بن إسماعيل إلى قزوين فدخل أحمد بن هارون بلاد الديلم وأيس منه أحمد بن إسماعيل فرجع فنزل بظاهر الري ولم يدخلها، فخرج إليه أهلها وسألوه أن يتولّى عليهم ويكاتب الخليفة في ذلك ويخطب ولاية الرّيّ، فامتنع وقال: لا أريدها لأنّها
مشؤومة قتل بسببها الحسين بن علي، رضي الله عنهما، وتربتها ديلمية تأبى قبول الحقّ وطالعها العقرب، وارتحل عائدا إلى خراسان في ذي الحجة سنة 289، ثمّ جاء عهده بولاية الرّيّ من المكتفي وهو بخراسان، فاستعمل على الرّيّ من قبله ابن أخيه أبا صالح منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد فوليها ستّ سنين، وهو الذي صنف له أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم كتاب المنصوري في الطبّ، وهو الكنّاشة، وكان قدوم منصور إليها في سنة 290، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

دَارُ البُنُود

دَارُ البُنُود:
دار الــسلاح بمصر للذين كانوا يزعمون أنهم خلفاء علويّون، وكان يحبس فيها من يراد قتله، وحبس فيها علي بن محمد التهامي، فقال وهو محبوس فيها:
طرقت خيالا بعد طول صدودها، ... وفرت إليه السجن ليلة عيدها
أنّى اهتدت، لا التّيه منشأها ولا ... سفح المقطّم من مجرّ برودها؟
أسرت إليه من وراء تهامة، ... وجفاه داني الدار غير بعيدها
مستوطنا دار البنود، وقلبه ... للرعب يخفق مثل خفق بنودها
دار تحطّ بها المنون سنانها، ... فتروح، والمهجات جلّ صيودها

دارة الدُّورِ

دارة الدُّورِ:
وضبطها الهنائي في كتاب المنضّد بتشديد الواو، ورأيتها بخط يده، وما أراه صنع شيئا، وكان بين حجر بن عقبة وبين أخيه شيء فأراد أن ينتقل فأتى أخاه يسلم عليه، فخرج إليه في الــسلاح، فقال له: ليس لهذا جئت، فبكى أخوه، فقال حجر:
ألم يأت قيسا كلها أنّ عزّها، ... غداة غد، من دارة الدّور ظاعن
هنالك جادت بالدموع موانع ال ... عيون، وشلّت للفراق الظعائن

دَبا

دَبا:
بفتح أوله، والقصر، والدّبا: الجراد قبل أن يطير، قال الأصمعي: سوق من أسواق العرب بعمان وهي غير دما، ودما أيضا من أسواق العرب، كلاهما عن الأصمعي، وبعمان مدينة قديمة مشهورة لها ذكر في أيام العرب وأخبارها وأشعارها، وكانت قديما قصبة عمان، ولعلّ هذه السوق المذكورة فتحها المسلمون في أيام أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، عنوة سنة 11 وأميرهم حذيفة بن محصن فقتل وسبى، قال الواقدي: قدم وفد الأزد من دبا مقرّين بالإسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبعث عليهم مصدقا منهم يقال له حذيفة بن محصن البارقي ثم الأزدي من أهل دبا، فكان يأخذ صدقات أغنيائهم ويردها إلى فقرائهم، وبعث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بفرائض لم يجد لها موضعا، فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارتدّوا فدعاهم إلى النزوع فأبوا وأسمعوه شتما لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، فكتب حذيفة بذلك إلى أبي بكر، رضي الله عنه، فكتب أبو بكر إلى
عكرمة بن أبي جهل وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، استعمله على صدقات عامر، فلما مات النبي، صلى الله عليه وسلم، انحاز عكرمة إلى تبالة أن سر فيمن قبلك من المسلمين، وكان رئيس أهل الردّة لقيط بن مالك الأزدي، فجهز لقيط إليهم جيشا فالتقوا فهزمهم الله وقتل منهم نحو مائة حتى دخلوا مدينة دبا فتحصنوا بها وحاصرهم المسلمون شهرا أو نحوه ولم يكونوا استعدوا للحصار، فأرسلوا إلى حذيفة يسألونه الصلح، فقال: لا أصالح إلا على حكمي، فاضطروا إلى النزول على حكمه، فقال:
اخرجوا من مدينتكم عزلا لا سلاح معكم، فدخل المسلمون حصنهم، فقال: إني قد حكمت فيكم أن أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم، فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وقدم بسبيهم المدينة فاختلف المسلمون فيهم، وكان فيهم أبو صفرة أبو المهلّب غلام لم يبلغ، فأراد أبو بكر، رضي الله عنه، قتل من بقي من المقاتلة، فقال عمر، رضي الله عنه:
يا خليفة رسول الله هم مسلمون إنما شحّوا بأموالهم والقوم يقولون ما رجعنا عن الإسلام، فلم يزالوا موقوفين حتى توفي أبو بكر فأطلقهم عمر، رضي الله عنه، فرجع بعضهم إلى بلاده وخرج أبو المهلّب حتى نزل البصرة وأقام عكرمة بدبا عاملا لأبي بكر، رضي الله عنه.

دُومَةُ الجندَل

دُومَةُ الجندَل:
بضم أوله وفتحه، وقد أنكر ابن دريد الفتح وعدّه من أغلاط المحدّثين، وقد جاء في حديث الواقدي دوماء الجندل، وعدّها ابن الفقيه من أعمال المدينة، سمّيت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم، وقال الزّجاجي: دومان بن إسماعيل، وقيل: كان لإسماعيل ولد اسمه دما ولعله مغير منه، وقال ابن الكلبي: دوماء بن إسماعيل، قال:
ولما كثر ولد إسماعيل، عليه السلام، بتهامة خرج دوماء بن إسماعيل حتى نزل موضع دومة وبنى به حصنا فقيل دوماء ونسب الحصن إليه، وهي على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلّم، وقال أبو سعد: دومة الجندل في غائط من الأرض خمسة فراسخ، قال: ومن قبل مغربه عين تثجّ فتسقي ما به من النخل والزرع، وحصنها مارد، وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبنيّ بالجندل، وقال أبو عبيد السكوني: دومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيّء كانت به بنو كنانة من كلب، قال: ودومة من القريات، من وادي القرى إلى تيماء أربع ليال، والقريات: دومة وسكاكة وذو القارة، فأما دومة فعليها سور يتحصن به، وفي داخل السور حصن منيع يقال له مارد، وهو حصن أكيدر الملك بن عبد الملك بن عبد الحيّ بن أعيا بن الحارث بن معاوية بن خلاوة بن أبامة بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن ثور بن عفير وهو كندة السكوني الكندي، وكان النبي، صلى الله عليه وسلّم، وجّه إليه خالد بن الوليد من تبوك وقال له ستلقاه يصيد الوحش، وجاءت بقرة وحشية فحكّكت قرونها بحصنه فنزل إليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فأسره وقتل أخاه حسان بن عبد الملك وافتتحها خالد عنوة، وذلك في سنة تسع للهجرة، ثم إن النبي، صلى الله عليه وسلّم، صالح أكيدر على دومة وآمنه وقرّر عليه وعلى أهله الجزية، وكان نصرانيّا فأسلم أخوه حريث فأقرّه النبي، صلى الله عليه وسلّم، على ما في يده ونقض أكيدر الصلح بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، فأجلاه عمر، رضي الله عنه، من دومة فيمن أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى به منازل وسمّاها دومة، وقيل: دوماء باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائم يعرف إلا أنه خراب، قال: وفي إجلاء عمر، رضي الله عنه، أكيدر يقول الشاعر:
يا من رأى ظعنا تحمّل غدوة ... من ال أكدر، شجوه يعنيني
قد بدّلت ظعنا بدار إقامة، ... والسير من حصن أشمّ حصين
وأهل كتب الفتوح مجمعون على أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، غزا دومة أيام أبي بكر، رضي الله عنه، عند كونه بالعراق في سنة 12، وقتل أكيدر لأنه كان نقض وارتدّ، وعلى هذا لا يصح أن عمر، رضي الله عنه، أجلاه وقد غزي وقتل في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، وأحسن ما ورد في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر في كتاب الفتوح له وأنا حاك جميع ما قاله على الوجه، قال: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، خالد بن الوليد، رضي الله عنه، سنة تسع إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل فأخذه أسيرا وقتل أخاه وقدم بأكيدر على النبي، صلى الله عليه وسلّم، وعليه قباء ديباج بالذهب، فأسلم أكيدر وصالح النبي، صلى الله عليه وسلّم، على أرضه وكتب له ولأهل دومة كتابا، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب محمد رسول الله لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام وخلع الأنداد والأصنام، ولأهل دومة. إن لنا الضاحية من الضّحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة والــسلاح والحافر والحصن، ولكم الضامنة من النخل والمعين من المعمور لا تعدل سارحتكم ولا تعدّ فاردتكم ولا يحظر النبات، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة لحقها، عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء، شهد الله ومن حضر من المسلمين، قيل: الضاحي البارز، والضّحل الماء القليل، والبور الأرض التي لم تستخرج، والمعامي الأرض المجهولة، والأغفال التي لا آثار فيها، والحلقة الدروع، والحافر الخيل والبراذين والبغال والحمير، والحصن دومة الجندل، والضامنة النخل الذي معهم في الحصن، والمعين الظاهر من الماء الدائم، وقوله: لا تعدل سارحتكم أي لا يصدّقها المصدّق إلا في مراعيها ومواضعها ولا يحشرها، وقوله: لا تعد فاردتكم أي لا تضم الفاردة إلى غيرها ثم يصدق الجميع فيجمع بين متفرّق الصدقة، ثم عاد أكيدر إلى دومة، فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، منع أكيدر الصدقة وخرج من دومة الجندل ولحق بنواحي الحيرة وابتنى قرب عين التمر بناء وسماه دومة، وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما في يده فسلم له ذلك، فقال سويد بن الكلبي:
فلا يأمنن قوم زوال جدودهم ... كما زال عن خبث ظعائن أكدرا
وتزوّج يزيد بن معاوية ابنة حريث، وقيل إن خالدا لما انصرف من العراق إلى الشام مرّ بدومة الجندل التي غزاها أولا بعينها وفتحها وقتل أكيدر، قال: وقد روي أن أكيدر كان منزله أولا بدومة الحيرة، وهي كانت منازله، وكان يزورون أخوالهم من كلب، وإنه لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينة متهدّمة لم يبق إلا حيطانها وهي مبنية بالجندل فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره وسموها دومة الجندل تفرقة بينها وبين دومة الحيرة، وكان أكيدر يتردد بينها وبين دومة الحيرة، فهذا يزيل الاختلاف، وقد ذهب بعض الرواة إلى أن التحكيم بين عليّ ومعاوية كان بدومة الجندل، وأكثر الرواة على أنه كان بأذرح، وقد أكثر الشعراء في ذكر أذرح وأن التحكيم كان بها، ولم يبلغني شيء من الشعر في دومة إلا قول الأعور الشنّيّ وإن كان الوزن يستقيم بأذرح، وهو هذا:
رضينا بحكم الله في كل موطن، ... وعمرو وعبد الله مختلفان
وليس بهادي أمّة من ضلالة، ... بدومة، شيخا فتنة عميان
بكت عين من يبكى ابن عفّان، بعد ما ... نفا ورق الفرقان كلّ مكان
ثوى تاركا للحقّ متّبع الهوى، ... وأورث حزنا لاحقا بطعان
كلا الفتنتين كان حيّا وميّتا، ... يكادان لولا القتل يشتبهان
وقال أعشى بني ضور من عنزة:
أباح لنا، ما بين بصرى ودومة، ... كتائب منا يلبسون السّنورا
إذا هو سامانا، من الناس، واحد ... له الملك خلّا ملكه وتفطّرا
نفت مضر الحمراء عنا سيوفنا، ... كما طرد الليل النهار فأدبرا
وقال ضرار بن الأزور يذكر أهل الرّدة:
عصيتم ذوي ألبابكم وأطعتم ... ضجيما، وأمر ابن اللّقيطة أشأم
وقد يمّموا جيشا إلى أرض دومة، ... فقبّح من وفد وما قد تيمّموا
وقرأت في كتاب الخوارج: قال حدثنا محمد بن قلامة بن إسماعيل عن محمد بن زياد قال حدثنا محمد ابن عون قال حدثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال مررت مع أبي موسى بدومة الجندل فقال: حدثني حبيبي أنه حكم في بني إسرائيل في هذا الموضع حكمان بالجور وأنه يحكم في أمتي في هذا المكان حكمان بالجور، قال: فما ذهبت إلا أيام حتى حكم هو وعمرو بن العاص بما حكما، قال:
فلقيته فقلت له يا أبا موسى قد حدثتني عن رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، بما حدثتني، فقال: والله المستعان.

البَرابي

البَرابي:
لفتح، وبعد الألف باء أخرى، وهو جمع بربا، كلمة قبطيّة، وأظنّه اسما لموضع العبادة أو البناء المحكم أو موضع السحر، قيل: لما فرغت دلوكة ملكة مصر بعد فرعون من بناء حائطها، كما ذكرته في حائط العجوز، كانت بمصر عجوز يقال لها تدورة ساحرة، وكان السحرة يقدمونها في العلم والسحر، فبعثت إليها دلوكة الملكة وقالت: إنّا قد احتجنا إلى سحرك وفزعنا إليك في شيء تصنعينه يكون حرزا لبلدنا ممن يرومه من الملوك إذ كنا بغير رجال، فأجابتها إلى ما أرادت وصنعت البربا، بنته بحجارة في وسط مدينة منف، وجعلت له أربعة أبواب إلى أربع جهات وصورت فيه الخيل والبغال والحمير والسفن والرجال، وقالت: قد عملت شيئا يهلك به كل من أراد البلد بسوء، وهو يغنيكم عن الحصون والــسلاح ويقطع عنكم مؤونة من أتاكم من أي جهة كان، فإنهم إن كانوا من البرّ راكبين خيلا أو بغالا أو حميرا أو إبلا أو كانوا رجّالة أو كانوا في السفن تحركت الصور التي تشاكلهم وأومأت إلى الجهة التي يجيئون منها فما فعلتم بالصور أصابهم مثل ذلك في أنفسهم على ما تفعلونه بالصور. ولما بلغ الملوك الذين حولهم أن أمرهم قد صار إلى النّساء طمعوا فيهم وتوجهوا إليهم، فلما قربوا منهم تحركت تلك الصور التي في البرابي وأومأت إلى الجهات التي كان منها من يريدهم، فلما رأوا ذلك أقبلوا يقطعون رؤوس الدوابّ وسوقها وأقفاءها وعيونها وبقروا بطونها وفعلوا بالرجال أيضا ذلك فلم يفعلوا بتلك الصور شيئا إلا نال مثله القاصدين لهم، فلما تسامعت الأمم بذلك تركوا قصدهم والتعرّض لهم. قلت:
وبيوت هذه البرابي في عدة مواضع من صعيد مصر في إخميم وأنصنا وغيرهما باقية إلى الآن والصور الثابتة في الحجارة موجودة، وهذه القصة المذكورة قلّ أن يخلو منها كتاب في أخبار مصر فلذلك ذكرت وإن كانت بالخرافة أشبه، وقد ذكر في إخميم ما فيها من ذلك، والله أعلم.

بَتيلَة

بَتيلَة:
مثل الذي قبله، وزيادة هاء: ماء لبني عمرو ابن ربيعة بن عبد الله رواء ببطن السّرّ وهو إلى جنب بتيل المذكور قبله، وفي كتاب نصر: بتيلة قليب عند بتيل في ديار بني كلاب، وقال ابن دريد:
البتيلة ماء لهم رواء ببطن السرّ إلى جنب بتيل، وبتيل جبل أحمر يناوح دمخا من ورائه، وقال أبو زياد: خاصم عبيد الله بن ربيع قوم من بني أبي بكر في ماء لهم يقال له بتيل فأطالوا لهم الخصومة، وعلى المدينة رجل من قريش يقال له خالد، واستعمل خالد رجلا يقال له عثمان على ضرية فكان عبيد الله وأصحابه يختصمون إلى عثمان فجعل البكريون لعثمان
مالا على أن يقضي لهم على عبيد الله، فلما تخوّف عبيد الله ذلك ارتحل حتى وقع بين يدي خالد بالمدينة، فقال:
إلى الله أشكو أنّ عثمان جائر ... عليّ، ولم يعلم بذلك خالد
أبيت، كأني من حذار قضائه ... بحرّة عبّاد، سليم الأساود
تكلّفت أجواز الفيافي وبعدها ... إليك، وعظمي خشية الظلم بارد
وبيضاء إمليس، إذا بتّ ليلة ... بها، زارني عاري الذراعين مارد
عوى، عند نضوي، يستغيث أليفه ... بمنزلة لا تعتفيها العوائد
فلما رآني قد حنست لقتله ... مبارزة، واشتدّ بالسيف ساعدي
فولّى فتى شاكي الــسلاح، لو انه ... أخي لم أبعه من معدّ بواحد
فتى يكسب المعدوم، حتى رقيقه ... مدلّ بشدّات الكميّ المناجد
إلى خالد، إمّا أموت فهيّن، ... وإما طريد مستجير بخالد
فهل أنت من أهل البتيلة منقذي؟ ... فقد كدت عن لحمي بسيفي أجالد
أرادوا جلائي عن بلاد ورثتها ... أبي، وإمام الناس والدين واحد
أما بعد أن يرموا بدلوي عن التي ... ضربت بروميّ حديد الحدائد
فأمكنتها من منحر غير قاطع، ... له نفيان طيّب الطعم بارد
فإنكما يا ابني عليّة كنتما ... يدا، وأخي يرجى قليل الفوائد [1]
وقال ذروة بن جحفة الكلابي:
شهد البتيل على البتيلة أنها ... زوراء فانية على الأوراد
منع البتيلة، لا يجوز بمائها ... قمر تثور جحاشها بشراد
قبح الإله وخصّهم بملامة ... نفرا، يقال لهم بنو روّاد
نفرا يقيم اللؤم وسط بيوتهم ... والمخزيات كما يقيم نضاد

راهِصٌ

راهِصٌ:
قال أبو زياد الكلابي: راهص من جبال أبي بكر بن كلاب، وأنشد أبو الندى:
رويت جريرا يوم أذرعة الهوى ... وبصرى وقادتك الرياح الجنائب
سقى الله نجدا من ربيع وصيّف، ... وخصّ بها أشرافها فالجوانب
إلى أجلى فالمطلبين فراهص، ... هناك الهوى لو أنّ شيئا يقارب
وفي كتاب الأصمعي: ولبني قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب راهص أيضا، وهي حرّة سوداء، وهي آكام منقادة تسمّى نعل راهص ثمّ الجفر جفر البعر.
راهِطٌ:
بكسر الهاء، وطاء مهملة: موضع في الغوطة من دمشق في شرقيه بعد مرج عذراء إذا كنت في القصير طالبا لثنية العقاب تلقاء حمص فهو عن يمينك، وسمّاها كثيّر نقعاء راهط، قال:
أبوكم تلاقى يوم نقعاء راهط ... بني عبد شمس وهي تنفى وتقتل
راهط: اسم رجل من قضاعة، ويقال له مرج راهط، كانت به وقعة مشهورة بين قيس وتغلب، ولما كان سنة 65 مات يزيد بن معاوية وولي ابنه معاوية بن يزيد مائة يوم ثمّ ترك الأمر واعتزل وبايع الناس عبد الله بن الزبير، وكان مروان بن الحكم بن أبي العاصي بالشام فهمّ بالمسير إلى المدينة ومبايعة عبد الله ابن الزبير، فقدم عليه عبيد الله بن زياد فقال له:
استحييت لك من هذا الفعل إذ أصبحت شيخ قريش المشار إليه وتبايع عبد الله بن الزبير وأنت أولى بهذا الأمر منه؟ فقال له: لم يفت شيء، فبايعه وبايعه أهل الشام وخالف عليه الضحاك بن قيس الفهري وصار أهل الشام حزبين: حزب اجتمع إلى الضحاك بمرج راهط بغوطة دمشق كما ذكرنا، وحزب مع مروان بن الحكم ووقعت بينهما الواقعة المشهورة بمرج راهط قتل فيها الضحاك بن قيس واستقام الأمر لمروان، وقال زفر بن الحارث الكلابي وكان فرّ يومئذ عن ثلاثة بنين له وغلام فقتلوا:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيننا متنائيا
أريني سلاحــي، لا أبا لك! إنّني ... أرى الحرب لا تزداد إلّا تماديا
أبعد ابن عمرو وابن معن تتابعا ... ومقتل همّام أمنّى الأمانيا
وتذهب كلب لم تنلها رماحنا، ... وتترك قتلى راهط هي ما هيا
فلم تر مني نبوة قبل هذه، ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أجرى بالقرينين لا أرى ... من النّاس إلّا من عليّ ولا ليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيّامي وحسن بلائيا؟
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلب نسائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثّرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
قال ابن السكيت: فراقد هضبة حمراء بالحرة بواد يقال له راهط.

الخمس

الخمس:
فخمس غنائم أهل الحرب، والركاز العاديّ، وما كان من عرض، أو معدن، فهو الذي اختلف فيه أهل العلم، فقال بعضهم: هو للأصناف الخمسة المسمّين في الكتاب لما قال عمر، رضي الله عنه، وهذه لهؤلاء، وقال بعضهم: سبيل الخمس سبيل الفيء، يكون حكمه إلى الإمام، إن رأى أن يجعله فيمن سمّى الله جعله، وإن رأى أن الأفضل للمسلمين والأوفر لحظهم أن يضعه في بيت مالهم لنائبة تنوبهم ومصلحة تعنّ لهم، مثل سدّ ثغر، وإعداد سلاح وخيل وأرزاق أهل الفيء من المقاتلين والقضاة وغيرهم ممن يجري مجراهم، فعل.

طَرَسُوسُ

طَرَسُوسُ:
بفتح أوله وثانيه، وسينين مهملتين بينهما واو ساكنة، بوزن قربوس، كلمة عجمية رومية، ولا يجوز سكون الراء إلا في ضرورة الشعر لأن فعلول ليس من أبنيتهم، قال صاحب الزيج: طول طرسوس ثمان وخمسون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة وربع، وهي في الإقليم الرابع، وقالوا: سميت بطرسوس بن الروم بن اليفز بن سام ابن نوح، عليه السلام، وقيل: إن مدينة طرسوس أحدثها سليمان كان خادما للرشيد في سنة نيف وتسعين ومائة، قاله أحمد بن محمد الهمذاني، وهي مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم، قال أحمد بن الطيّب السّرخسي: رحلنا من المصيصة نريد العراق إلى أذنة ومن أذنة إلى طرسوس، وبينها وبين أذنة ستة فرسخ، وبين أذنة وطرسوس فندق بغا والفندق الجديد، وعلى طرسوس سوران وخندق واسع ولها ستة أبواب ويشقها نهر البردان وبها قبر المأمون عبد الله بن الرشيد جاءها غازيا فأدركته منيته فمات، فقال الشاعر:
هل رأيت النجوم أغنت عن المأ ... مون في عزّ ملكه المأسوس؟
غادروه بعرصتي طرسوس ... مثل ما غادروا أباه بطوس
وما زالت موطنا للصالحين والزهّاد يقصدونها لأنها من ثغور المسلمين ثم لم تزل مع المسلمين في أحسن حال وخرج منها جماعة من أهل الفضل إلى أن كان سنة 354 فان نقفور ملك الروم استولى على الثغور وفتح المصيصة، كما نذكره في موضعه، ثم رحل عنها ونزل على طرسوس وكان بها من قبل سيف الدولة رجل يقال له ابن الزّيّات ورشيق النسيمي مولاه فسلّما إليه المدينة على الأمان والصلح على أن من خرج منها من المسلمين وهو يحمل من ماله مهما قدر عليه لا يعترض من عين وورق أو خرثيّ وما لم يطق حمله فهو لهم مع الدور والضياع، واشترط تخريب الجامع والمساجد، وأنه من أراد المقام في البلد على الذمّة وأداء الجزية فعل وإن تنصّر فله الحباء والكرامة وتقرّ عليه نعمته، قال: فتنصّر خلق فأقرّت نعمهم عليهم وأقام نفر يسير على الجزية وخرج أكثر الناس يقصدون بلاد الإسلام وتفرّقوا فيها، وملك نقفور البلد فأحرق المصاحف وخرّب المساجد وأخذ من خزائن الــسلاح ما لم يسمع بمثله مما كان جمع من أيام بني أميّة إلى هذه الغاية، وحدث أبو القاسم التنوخي قال: أخبرني جماعة ممن جلا عن ذلك الثغر أن نقفور لما فتح طرسوس نصب في ظاهرها علمين ونادى مناديه: من أراد بلاد الملك الرحيم وأحبّ العدل والنّصفة والأمن على المال والأهل والنفس والولد وأمن السبل وصحة الأحكام والإحسان في المعاملة وحفظ الفروج وكذا وكذا، وعد أشياء جميلة، فليصر تحت هذا العلم ليقفل مع الملك إلى بلاد الروم، ومن أراد الزنا واللواط والجور في الأحكام والأعمال وأخذ الضرائب وتملّك الضياع عليه وغصب الأموال، وعد أشياء من هذا النوع غير جميلة، فليحصل تحت هذا العلم إلى بلاد
الإسلام، فصار تحت علم الروم خلق من المسلمين ممن تنصّر وممن صبر على الجزية، ودخل الروم إلى طرسوس فأخذ كلّ واحد من الروم دار رجل من المسلمين بما فيها ثم يتوكل ببابها ولا يطلق لصاحبها إلا حمل الخفّ فان رآه قد تجاوز منعه حتى إذا خرج منها صاحبها دخلها النصراني فاحتوى على ما فيها، وتقاعد بالمسلمين أمهات أولادهم لما رأين أهاليهنّ وقالت: أنا الآن حرّة لا حاجة لي في صحبتك، فمنهنّ من رمت بولدها على أبيه ومنهنّ من منعت الأب من ولده فنشأ نصرانيّا، فكان الإنسان يجيء إلى عسكر الروم فيودع ولده ويبكي ويصرخ وينصرف على أقبح صورة حتى بكى الروم رقّة لهم وطلبوا من يحملهم فلم يجدوا غير الروم فلم يكروهم إلا بثلث ما أخذوه على أكتافهم أجرة حتى سيروهم إلى أنطاكية، هذا وسيف الدولة حيّ يرزق بميّافارقين والملوك كلّ واحد مشغول بمحاربة جاره من المسلمين وعطّلوا هذا الفرض، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان ونسأله الكفاية من عنده، ولم تزل طرسوس وتلك البلاد بيد الروم والأرمن إلى هذه الغاية، وقد نسب إليها جماعة يفوت حصرهم، وأما أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي فانه بغداديّ أقام بها إلى أن مات سنة 273 فنسب إليها، وممن نسب إليها من الحفّاظ محمد بن عيسى ابن يزيد الطرسوسي التميمي ثم السعدي، رحّال من أهل المعرفة، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن وصفوان بن صالح وسمع بحمص ومكة، وسمع عيسى بن قالون المقري بالمدينة، وبالكوفة أبا نعيم، وبالبصرة سليمان بن حرب، وبميافارقين مسلما ومحمد ابن حميد الرازي، روى عنه أبو بكر بن خزيمة وأبو العباس الدّغولي وأبو عوانة الأسفراييني وهو غير متهم، قال الحافظ أبو عبد الله: وكان من المشهورين بالطلب في الرحلة والكثرة والفهم والثبت، ورد خراسان بعد 250 ونزل نيسابور وأقام بها وكتب عنه من كان في عصره ثم خرج إلى مرو فأقام بها مدة وأكثر أهل مرو عنه بعد الستين ثم دخل بلخ فتوفي بها سنة 276.

باهلي

باهلي
عن الأوردية بهلا وبهلي بمعنى جيد وجميل ولطيف؛ أو عن التركية بهالي بمعنى غالي الثمن.
باهلي
من (ب ه ل) نسبة إلى باهل: المتردد بلا عمل، ومن لا سلاح معه، والإبل التي لا صرار عليها، والمرأة التي خلت من الزوج وليس لها ولد.

ابو

ابو

1 أَبَوْتُ, [third Pers\. أَبَا,] (T, S, M, K,) and أَبَيْتُ, [third Pers\. أَبَى,] (T, M, K,) the latter accord. to Yz, (T,) aor. ـو (TK,) inf. n. أُبُوَّةٌ, (Yz, T, S, Msb,) or this is a simple subst., (M,) I became a father. (T, * S, * M, K.) b2: أَبَوْتُهُ, (ISk, T, M, K,) aor. ـو (IAar, ISk, T,) inf. n. إِبَاوَةٌ, (M, K,) I was, (IAar, ISk, T,) or became, (M, K,) a father to him. (IAar, ISk, T, M, K.) b3: [Hence, I fed him, or nourished him; and reared him, or brought him up.] You say, فُلَانٌ يَأْبُو هٰذَا اليَتِيمَ, inf. n. إِبَاوَةٌ, Such a one feeds, or nourishes, this orphan, like as the father does his children. (Lth, T.) And مَالَهُ أَبٌ يَأْبُوهُ (ISk, T, S) He has not a father to feed him, or nourish him, and to rear him, or bring him up. (S.) 2 أَبَّيْتُهُ, inf. n. تَأْبِيَةٌ, I said to him بِأَبِى [meaning فُدِيَتِ بِأَبِى Mayest thou be ransomed with my father! or the like: see أَبٌ, below]. (K, TA. [In the CK, erroneously, يا اَبِى.]) 5 تأبّاهُ He adopted him as a father; (M, K, TA;) as also ↓ استأباهُ; (M in art. اب;) and so تأبّاهُ أَبًا, accord. to A'Obeyd: (TA:) [or,] accord. to A'Obeyd, you say, تَأَبَّيْتُ أَبًا I adopted a father: (T:) and you say also, اِسْتَأَبَّ أَبًا and اِسْتَأْبَبَ أَبًا he adopted a father. (TA.) 10 إِسْتَاْبَوَ see 5.

أَبٌ is originally أَبَوٌ, (S, Msb, K,) as is shown by the first of its dual forms and of its pl. forms mentioned below; (S, Msb;) and signifies A father [in the ordinary sense: and also as meaning (assumed tropical:) an ancestor]: (M:) as also ↓ أَبًا, a dial. var., (M, K,) the same in the nom. and accus. and gen. cases, like قَفًا: (M:) and أَبٌّ is a dial. var. of the same, [the second letter being doubled to compensate for the و suppressed, as is the case in أَخٌّ, (TA voce أَخٌ)] but is rare. (Msb.) Accord. to the dial. commonly obtaining, when you use it as a prefixed noun, you decline it with the letters و and ا and ى, saying, هٰذَاأَبُوهُ [This is his father], (Msb,) and أَبُوكَ [thy father]; (M;) and رَأَيْتُ أَبَاهُ [I saw his father]; and مَرَرْتُ بِأَبِيهِ [I passed by his father]: (Msb:) but accord. to one dial., you say, هٰذَا أَبَاهُ, (Msb:) and أَبَاكَ; (M;) and رَأَيْتُ أَبَاهُ; and مَرَرْتُ بِأَبَاهُ: (Msb:) and accord. to one dial., which is the rarest of all, it is defective in every case, like يَدٌ and دَمٌ; (Msb;) and [thus] you say, هٰذَا أَبُوكَ [&c.]. (M.) The dual is أَبَوَانِ, (S, M, Msb,) meaning [two fathers, and] father and mother; and some say أَبَانِ: (S, M:) you say, هُمَاأَبَوَاهُ, meaning They two are his father and mother; and in poetry you may say, هُمَا أَبَاهُ; and in like manner, رَأَيْتُ أَبَيْهِ [I saw his father and mother], (T,) and أَبَيْكَ [thy father and mother]; (S;) but the usual, or chaste, form is رَأَيْتُ أَبَوَيْهِ. (T.) The pl. is آبَآءٌ, (T, S, M, Msb, K,) the best form, (T,) and أَبُونَ, (T, S, M, K,) and أُبُوٌّ (M, K, [in the CK الاَبْوٌ is erroneously put for الأُبُوٌّ,]) and أُبُوَّةٌ, (Lh, T, S, M, K, *) like عُمُومَةٌ and خُؤُولَةٌ: (T, S:) you say, هٰؤُلَآءِ أَبُوكُمْ, meaning آبَاؤُكُمْ [These are your fathers]; (T;) and hence, in the Kur [ii. 127], accord. to one reading, وَإِلٰهَ أَبِيكَ إِبرٰهِيمَ وَإِسْمٰعِيلَ وَإِسْحٰقَ [and the God of thy fathers, Abraham and Ishmael and Isaac], meaning the pl. of أبٌ, i. e. أَبِينَكَ, of which the ن is suppressed because the noun is prefixed [to the pronoun]; (S;) and some of the Arabs say, أَبُوَّتُنَا أَكْرَمُ الآبَآءِ [Our fathers are the most generous of fathers]. (T.) The dim. is ↓ أُبَّىٌّ; originally أُبَيْوٌ, with the final radical letter restored. (Msb.) b2: مَا يَدْرِى لَهُ مِنْ أَبٍ, and مَا أَبٌ, mean-ing He knows not who is his father, and what is his father, are sayings mentioned by Lh on the authority of Ks. (M.) b3: لَا أَبَا لِكَ, (T, S, M, K, &c.,) [accord. to the dial. of him who says أَبًا instead of أَبٌ,] as also لَا أَبَ لَكَ, and لَا أَبَاكَ, (S, K,) [the last, accord. to J, because the ل (meaning the ل in لك in the preceding phrases) is as though it were redundant, but he seems not to have known the dial. var. أَبًا, and I rather think that لَا أَبَاكَ, is for لَا أَبْقَى اللّٰهُ أَبَاكَ, or the like,] and لَا أَبَكَ, (Mbr, Sgh, K,) and لَابَ لَكَ, (K,) which is for لَا أَبَ لَكَ, (M,) means Thou art, in my estimation, one deserving of its being said to him, Mayest thou have no father! it is used in the manner of a proverb, is of frequent occurrence in poetry, (M,) is said to him who has a father and to him who has not a father, and is an imprecation as to the meaning, of necessity, though enunciative as to the letter; (M, K;) and hence the saying of Jereer, يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِىٍّ لَا أَبَا لَكُمْ [O Teym, Teym of 'Ades, may ye have no father!]; which is the strongest evidence of its being a proverb, and not having a literal meaning; for all of [the tribe of] Teym could not have one father, but all of them were fit objects of imprecation and rough speech: (M:) it is an expression of praise: (S:) [i. e.] it is an imprecation against him to whom it is addressed, not, however, said with the desire of its having effect, but on an occasion of intense love, like لَا أُمَّ لَكَ, &c.: (Har p. 165:) and sometimes in dispraise, like لَا أُمَّ لَكَ: and in wonder, like لِلّهِ دَرُّكَ: (TA:) or, as A Heyth says, on the authority of Aboo-Sa'eed Ed-Dareer, it expresses the utmost degree of reviling; [meaning Thou hast no known father;] and لَا أُمَّ لَكَ expresses reviling also, but means Thou hast no free, or ingenuous, mother: (Meyd in Har p. 165: [see أُمَّ:]) sometimes it means Strive, or exert thyself, in thine affair; for he who has a father relies upon him in some circumstances of his case: (TA:) accord. to Kh, it means Thou hast none to stand thee in stead of thyself: (ISh, TA:) Fr says that it is a phrase used by the Arabs [parenthetically, i.e.,] to divide their speech: (TA:) [thus, for instance,] Zufar Ibn-El-Hárith says, أَرِينِى سِلَاحِــى لَا أَبَا لَكَ إِنَّنِى أَرَى الحَرْبَ لَا تَزْدَادُ إِلَّا تَمَادِيَا [Show thou me my weapons: (mayest thou have no father! or thou hast no father: &c.:) verily I see the war, or battle, increases not save in perseverance]. (TA.) [Aboo-'Alee, as cited in the M, observes that the ا (meaning the final ا) in أَبَا, in the phrase لَا أَبَا لَكَ, indicates that it is a prefixed noun, and determinate; whereas the ل in لك together with the government exercised upon the noun by لا indicates that it is, on the contrary, indeterminate, and separate from what follows it: but it seems that he was unacquainted with the dial. var. أَبَّا; for لَا أَبَا لَكَ in the dial. of him who uses the form أَبَّا instead of أَبٌ is the same grammatically as لَا أَبَ لَكَ in the dial. of him who uses the form أَبٌ.] Suleymán Ibn-'Abd-El-Melik heard an Arab of the desert, in a year of drought, say, أَنْزِلْ عَلَيْنَا الغَيْثَ لَا أَبَا لَكَ, and Suleymán put the best construction upon it, [as though it meant, Send down upon us rain: Thou hast no father], and said, I testify that He hath no father nor female companion nor offspring. (TA.) They say also, in paying honour [to a person], لَا أَبَ لِشَانِئِكَ, and لَا أَبَ لِشَانِئِكَ, (TA,) i. e. May thy hater have no father! or, accord. to ISk, each is a metonymical expression for لَا أَبَا لَكَ. (S in art. شنأ, q. v.) b4: One also says, on the occasion of an occurrence that is approved and commended, by way of expressing wonder and praise, لَلِّهِ أَبُوكَ, meaning To God, purely, is attributable [the excellence of] thy father, seeing that he begat thee a generous son, and produced the like of thee! (TA;) [or to God be attributed (the excellence of) thy father!] it means that to God [alone] belongs the power to create the like of this man [to whom it relates], from whom has proceeded this wonderful action. (Har p. 44.) b5: and هِىَ بِنْتُ أَبِيهَا, meaning She resembles her father in strength of mind, or spirit, and sharpness of disposition, and in hastening, or striving to be first, to do things: said of Hafsah, by 'Áïsheh. (TA.) b6: بِأَبِى, (TA,) or بِأَبِى أَنْتَ, (T in art. بأ,) [said to a person,] means [فُدِيتَ بِأَبِى Mayest thou be ransomed with my father! (see the next sentence but one;) or] أَفْدِيكَ بِأَبِى [I will ransom thee with my father]; (T ubi suprà;) or أَنْتَ مَفْدِىٌّ بِأَبِى Thou art, or shalt be, ransomed with my father]; or فَدَيُتُكَ بِأَبِى [I have in my heart ransomed thee, or I would ransom thee, with my father]; the ب being dependent upon a word suppressed, which, accord. to some, is a [pass. participial] noun, and accord. to others, a verb; and this word is suppressed because of the frequent usage of the phrase. (TA.) You say also, بِأَبِى أَنْتَ وَ أُمِّى [With my father mayest thou be ransomed, and with my mother!]. (TA.) and بِأَبِى مَنْ وَدَدتُّهُ, i. e. فُدِىَ بِأَبِى مَنْ وَدَدتُّهُ [May he whom I love be ransomed with my father!], meaning may he [my father] be made a ransom for him [whom I love]! (El-Wáhidee on the Deewán of El-Mutanebbee, in De Sacy's Chrest. Arabe, sec. ed. vol. iii. p. 35 of the Arabic text.) Sometimes they change the ى into ا: a poet says, وَقَدْ زَعَمُوا أَنِّى جَزِعْتُ عَلَيْهِمَا وَهَلْ جَزَعٌ أَنْ قُلْتُ وَا بِأَبَا هُمَا [And they have asserted that I have become impatient on account of them two: but is it an evidence of impatience that I said, Alas, with my father may they two be ransomed?]; meaning وَا بِأَبِى هُمَا. (S.) And some of the Arabs used to say, وَا بِأَبَا أَنْتَ [Alas, with my father mayest thou be ransomed!]: this, says AM, being like يَا وَيْلَتَا for يَا وَيْلَتِى; as also يَا بَيْبَا, with the hemzeh changed into ى, originally يَا بِأَبَا, meaning يَابِأَبِى: and hence what is related, in a trad., of Umm-'Ateeyeh; that she used not to mention the Prophet without saying, بِيَبَا [for بِأَبِ هُوَ]. (TA in art. بأ.) A woman said, يَا بِأَبِى أَنْتَ وَ يَا فَوْقَ البِيَبْ [O thou to whom I would say, With my father mayest thou be ransomed! and O thou who art above him to whom I would address the saying, With my father mayest thou be ransomed!]; respecting which Fr observes that the two words [بِ and أَب] are made as one [by prefixing the article] because of their frequent occurrence; (S;) and Aboo-'Alee says that the ى in بِيَب is substituted for ء, not necessarily; but ISk quotes the words as commencing with يَا بِيَبَا, which is the right reading, in order that this expression may agree with البِئَبْ, which is derived from it: EtTebreezee, however, relates Abu-l-'Alà's reciting the words as ending with البِئَبْ; saying that this is compounded from the phrase بِأَبِي, and that therefore the ء is preserved. (TA.) [See also the first paragraph in art. بأ.] b7: You say also, يَا أَبَتِ [meaning O my father], (S, M, K,) as in يَا أَبَتِ افْعَلْ [O my father, do thou such a thing]; (S;) and يَا أَبَتَ; (S, M, K;) and يَاأَبَتُ; (Z in the Ksh xii. 4;) and يَا أَبَهْ (S, M, K) when you pause after it. (S, M.) The ة, [here written ت,] (Kh, M,) the sign of the fem. gender, (S, Z,) is substituted for the [pronominal] affix ى, (Kh, S, M, Z,) as in يَاأُمَّتِ; (S;) and is like the ة in عَمَةٌ and خَالَةٌ, as is shown by your saying, in pausing, يَا أَبَهٌ, like as you say, يَا خَالَةٌ: (Kh, M:) the annexing of the fem. ت to a masc. noun in this case is allowable, like as it is in حَمَامَةٌ ذَكَرٌ and شَاةٌ ذَكَرٌ and رَجُلٌ رَبْعَةٌ and غَلَامٌ يَفَعَةٌ: its being made a substitute for the affix ى is allowable because each of these is an augmentative added at the end of a noun: and the kesreh is the same that is in the phrase يَا أَبِى: (Z ubi suprà:) the ت does not fall from اب in the phrase يَا أَبَتِ when there is no pause after it, though it [sometimes] does from أُمّ in the like phrase in that case, because the former word, being of [only] two letters, is as though it were defective. (S.) يَا أَبَتَ is for يَا أَبَتَا, (Aboo-'Othmán El-Mázinee, S, * M, [the latter expression mentioned also in the K, but not as being the original of the former,]) the ا [and ه] being suppressed; (the same Aboo-'Othmán and M;) or for يَا أَبَتَا, the ا being suppressed, like as the ى is in يَا غُلَامِ; or it may be after the manner of يَاأَبِىَ. (Z ubi suprà.) يَا أَبَتُ is thus pronounced after the usual manner of a noun ending with the fem. ة, without regard to the fact that the ت is in the former a substitute for the suffix ى. (Z ubi suprà.) يَا أَبَهْ is said in a case of pause, except in the Kur-án, in which, in this case, you say, يَا أَبَهْ, following the written text; and some of the Arabs pronounce the fem. ة, in a case of pause, ت [in other instances], thus saying, يَا طَلْحَتُ. (S.) يَا أَبَاهُ is also said; (M, K;) though scarcely ever. (M.) A poet uses the expression يَا أَبَاتَ, for يَا أَبَتَاهْ: (S, M:) IB says that this is used only by poetic license, in a case of necessity in verse. (TA.) b8: أَبٌ is tropically applied to signify (tropical:) A grandfather, or any ancestor. (Msb.) b9: It is also applied to signify (assumed tropical:) A paternal uncle; as in the Kur ii. 127, quoted before. (M.) b10: [It is also (like أُمّ and اِبْن and بِنْت) prefixed to nouns of various significations. Most of the compounds thus formed will be found explained in the arts. to which belong the nouns that occupy the second place. The following are among the more common, and are therefore here mentioned, as exs. of different kinds.] b11: أَبُو المَرْأَةِ (assumed tropical:) The woman's husband: (Ibn-Habeeb, M:) it is said in the TS that الأَبُ, in certain of the dials., signifies the husband: MF deems this meaning strange. (TA.) أَبُو المَثْوَى (assumed tropical:) The master of the dwelling, or of the place of abode: (TA:) and (assumed tropical:) the guest. (K in art. ثوى.) أَبُو الأَضْيَافِ (assumed tropical:) The very hospitable man. (TA.) b12: أَبُو الحَارِثِ (assumed tropical:) The lion. (TA.) أَبُو جَعْدَةَ (assumed tropical:) The wolf. (TA.) أَبُو الحُصَيْنِ (assumed tropical:) The fox. (TA.) b13: أَبُو جَابِر (assumed tropical:) Bread. (S and K in art. جبر.) b14: أَبُو مَالِكٍ (assumed tropical:) Extreme old age: (TA:) and (assumed tropical:) hunger. (MF in art. جبر.) أَبَّا: seeأَبٌ.

إِبْوَآءٌ or أَبْوَآءٌ: see أُبُوَةٌ.

أَبَوِىٌّ Of, or relating or belonging to, a father; paternal. (S, TA.) أَبَىٌّ dim, of أَبٌ, q. v. (Msb.) أُبُوَةٌ [in copies of the K ↓ إِبْوَآء, and in the CK ↓ اَبْواء, both app. mistranscriptions for أُبُوَّة, which is well known,] Fathership; paternity; the relation of a father. [S, * M.) You say, بَيْنِي و بَيْنَ فَلَانٍ أُبُوَةٌ [Between me and such a one is a tie of fathership]. (S.)

تحرير الأحكام، في تدبير أهل الإسلام

تحرير الأحكام، في تدبير أهل الإسلام
للقاضي، بدر الدين، أبي عبد الله: محمد بن أبي بكر ابن جماعة الكناني، الحموي، الشافعي.
المتوفى: سنة تسع عشرة وثمانمائة. (733)
وهو مجلد.
على: سبعة عشر بابا.
الأول: في وجوب الإمامة.
الثاني: فيما للإمام، وما عليه.
الثالث: في الوزارة.
الرابع: في الأمراء.
الخامس: في حفظ الأوضاع الشرعية.
السادس: في الأجناد.
السابع: في العطاء.
الثامن: في الوظائف.
التاسع: في الخيل، والــسلاح.
العاشر: في الديوان.
الحادي عشر: في الجهاد.
الثاني عشر: في كيفيته.
الثالث عشر: في الغنيمة.
الرابع عشر: في قسمتها.
الخامس عشر: في الهدنة، والأمان.
السادس عشر: في قتال البغاة.
السابع عشر: في عقد الذمة، وأحكامه، وما يجب بالتزامه.

الأخماس

الأخماس:
فمنها: خمس الغنيمة التي كان يأخذها النبي، صلى الله عليه وسلم، ومنها أخماس المعدن واشتقاقه من عدن بالمكان، إذا أقام به وثبت، وكان ذلك لازما له كمعدن الذهب والفضّة والحديد والصفر وما يستخرج من تراب الأرض بالحيلة أبدا، ففيه الخمس، ومنها سيب البحر، وهو ما يلقيه، كالعنبر وما أشبهه، فكأنه عطاء البحر، فيه الخمس، ومنها: ما يأخذه العاشر من أموال المسلمين وأهل الذّمة والحرب، التي يتردّد بها في التجارات. ثم نقول الآن: قال أهل العلم: أيما أهل حصن أعطوا الفدية، من حصنهم، ليكفّ عنهم، ورأى الإمام ذلك حظّا للدين والإسلام، فتلك المدينة للمسلمين، فإذا ورد الجند على حصن، وهم في منعة لم يظهر عليهم بغلبة، لم تكن تلك الفدية غنيمة للذين حضروا دون جماعة المسلمين.
وكل ما أخذ من أهل الحرب من فدية، فهي عامّة وليست بخاصّة من حضر. وقال يحيى بن آدم: سمعت شريكا يقول: إنما أرض الخراج ما كان صلحا على الخراج يؤدّونه إلى المسلمين. قال يحيى: فقلت لشريك: فما حال السواد؟ قال: هذا أخذ عنوة فهو فيء، ولكنّهم تركوا فيه، فوضع عليهم شيء يؤدّونه. قال: وما دون ذلك من السواد فيء، وما وراءه صلح. وأبو حنيفة، رضي الله عنه، يقول: ما صولح عليه المسلمون، فسبيله سبيل الفيء. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لعلّكم تقاتلون قوما، فيدفعونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم، ويصالحونكم على صلح، فلا تأخذوا فوق ذلك، فإنه لا يحلّ لكم. ورخّص بعض الفقهاء في الازدياد على ما يحتمل الزيادة، وفي يده الفضل من أهل الصلح، واتّبعوا في ذلك سننا وآثارا ممن سلف، إلا أن الفرق بين الصلح والعنوة، وإن كانا جميعا من العشر والخراج. إلا أنه وقع في ملك أهل العنوة خلاف، ولم يقع في ملك أهل الصلح. وكره بعض أهل النظر شراء أرض أهل العنوة، واجتمع الكل على جواز شراء أرض أهل الصلح، لأنهم، إذا صولحوا قبل القدرة عليهم والغلبة لهم، فأرضوهم، ملك في أيديهم. وقال الشافعي، رضي الله عنه: إن مكث أهل الصلح أعواما لا يؤدّون ما صولحوا عليه من فاقة أو جهد، كان ذلك عليهم إذا أيسروا. وقال أبو حنيفة، رضي الله عنه: يؤخذون بأداء ما وجب عليهم مستأنفا ولا شيء عليهم فيما مضى. وهو قول سفيان الثوري. وقال مالك وأهل الحجاز: إذا أسلم الرجل من أهل الصلح أخذ من أرضه العشر وسقطت حصّته من الصلح، فإن أهل قبرس لو أسلموا جميعا، كانت أرضهم عشريّة، لأنها لم تؤخذ منهم، وإنما أعطوا الفدية عن القتل. وأبو حنيفة وسفيان وأهل العراق يجرون الصلح مجرى الفيء، فإن أسلم أهله أجروا على أمرهم الأول في الصلح، إلا أنه لا يزداد عليهم في شيء، وإن نقضوا، إذا كان مال الصلح محتاجا لمعايشهم، فلا بأس به.
الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان
قال الحجّاج لزادان فرّوخ: أخبرني عن العرب والأمصار. فقال: أصلح الله الأمير، أنا بالعجم أبصر منّي بالعرب. قال: لتخبرني. قال: سلني عمّا بدا لك. قال: أخبرني عن أهل الكوفة. قال:
نزلوا بحضرة أهل السواد، فأخذوا من مناقبهم ومن سماحتهم. قال: فأهل البصرة؟ قال: نزلوا بحضرة الخوز فأخذوا من مكرهم وبخلهم. قال: فأهل الحجاز؟ قال: نزلوا بحضرة السّودان فأخذوا من خفّة عقولهم وطربهم. فغضب الحجاج، فقال: أعزّك الله، لست منهم حجازيّا، أنت رجل من أهل الشام. قال: أخبرني عن أهل الشام. قال: نزلوا بحضرة أهل الروم فأخذوا من ترفّقهم وصناعتهم وشجاعتهم. وسأل معاوية ابن الكوّاء عن أهل الكوفة، فقال: أبحث الناس عن صغيرة، وأضيعهم لكبيرة. قال: فأهل البصرة؟ قال: غنم وردن جميعا وصدرن شتّى. قال: فأهل الحجاز؟
قال: أسرع الناس إلى فتنة وأضعفهم فيها. قال: فأهل مصر؟ قال: أجدّاء أحدّاء أشدّاء أكلة من غلب. قال: فأهل الموصل؟ قال: قلادة أمّة فيها من كل خرزة. قال: فأهل الجزيرة؟
قال: كناسة بين المصرين. ثم سكت. قال ابن الكوّاء: سلني. فسكت. قال: لتسأل أو لأخبرك عمّا عنه تحيد. قال: أخبرني عن أهل الشام. قال: أطوع الناس لمخلوق، وأعصاهم لخالق.
وقد جعلت القدماء ملوك الأرض طبقات، فأقرّت، فيما زعموا، جميع الملوك لملك بابل بالتعظيم، وأنه أول ملوك العالم، ومنزلته فيها كمنزلة القمر في الكواكب، لأن إقليمه أشرف الأقاليم، ولأنه أكثر الملوك مالا، وأحسنهم طبعا، وأكثرهم سياسة وحزما، وكانت ملوكه يلقّبونه بشاهنشاه، ومعناه ملك الملوك، ومنزلته من العالم كمنزلة القلب من الجسد والواسطة من القلادة.
ثم يتلوه في العظمة، ملك الهند، وهو ملك الحكمة، وملك الغلبة، لأن عند الملوك الأكابر:
الحكمة من الهند. ثم يتلوا ملك الهند في الرتبة، ملك الصين، وهو ملك الرعاية والسياسة وإتقان الصنعة، وليس في ملوك العالم أكثر رعاية وتفقّدا من ملك الصين في رعيّته وجنده وأعوانه، وهو ذو بأس شديد، وقوّة ومنعة، له الجنود المستعدّة، والكراع والــسلاح، وجنده ذو أرزاق مثل ملك بابل. ثم يتلوه ملك الترك، صاحب مدينة كوشان، وهو ملك التغزغز، ويدعى ملك السباع، وملك الخيل، إذ ليس في ملوك العالم أشدّ من رجاله، ولا أجرأ منه على سفك الدماء، ولا أكثر
خيلا منه، ومملكته ما بين بلاد الصين ومفاوز خراسان، ويدعى بالاسم الأعمّ، وهو إيرخان. وكان للترك ملوك كثيرة وأجناس مختلفة أولو بأس وشدّة، لا يدينون لأحد من الملوك، إلا أنه ليس فيهم من يداري ملكه. ثم ملك الروم، ويدعى ملك الرجال، وليس في ملوك العالم أصبح من رجاله.
ثم تتساوى الملوك بعد هؤلاء في الترتيب، وقال بعض الشعراء:
الدار داران: إيوان، وغمدان، ... والملك ملكان: ساسان وقحطان
والأرض فارس، والإقليم بابل، وال ... إسلام مكّة، والدنيا خراسان
والجانبان العلندان اللّذا حسنا ... منها: بخارا، وبلخ الشاه، توران
والبيلقان، وطبرستان، فأزرهما، ... واللّكز شروانها، والجيل جيلان
قد رتّب الناس جمّ في مراتبهم: ... فمرزبان، وبطريق، وطرخان
في الفرس كسرى، وفي الروم القياصر، وا ... حبش النّجاشيّ، والأَتراك خاقان
روي أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سأل كعب الأحبار عن البلاد وأحوالها، فقال:
يا أمير المؤمنين، لما خلق الله، سبحانه وتعالى، الأشياء ألحق كلّ شيء بشيء، فقال العقل: أنا لاحق بالعراق، فقال العلم: أنا معك. فقال المال: أنا لاحق بالشام، فقالت الفتن: وأنا معك. فقال الفقر: أنا لاحق بالحجاز، فقال القنوع: وأنا معك. فقالت القساوة: أنا لاحقة بالمغرب، فقال سوء الخلق: وأنا معك. فقالت الصباحة: أنا لاحقه بالمشرق، فقال حسن الخلق: وأنا معك. فقال الشقاء: أنا لاحق بالبداوي، فقالت الصحّة: وأنا معك. انتهى كلام كعب الأحبار، والله الموفّق للصواب وإليه المرجع والمآب.

بَاشْغِرْد

بَاشْغِرْد:
بسكون الشين، والغين معجمة، وبعضهم يقول: باشجرد، بالجيم، وبعضهم يقول: باشقرد، بالقاف: بلاد بين القسطنطينية وبلغار، وكان المقتدر بالله قد أرسل أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد ابن حمّاد مولى أمير المؤمنين ثم مولى محمد بن سليمان إلى ملك الصقالبة، وكان قد أسلم وأهل بلاده ليفيض عليهم الخلع ويعلمهم الشرائع الإسلامية فحكى جميع ما شاهد منذ خرج من بغداد إلى أن عاد، وكان انفصاله في صفر سنة 309، فقال عند ذكر الباشغرد: ووقعنا في بلاد قوم من الأتراك يقال لهم الباشقرد، فحذرناهم أشدّ الحذر، وذاك لأنهم شرّ الأتراك وأقذرهم وأشدهم إقداما على القتل، يلقى الرجل الرجل فيفرز هامته فيأخذها ويتركه، وهم يحلقون لحاهم ويأكلون القمل، يتتبع الواحد منهم دروز قرطقه فيقرص القمل بأسنانه، ولقد كان معنا رجل منهم قد أسلم، وكان يخدمنا فرأيته يوما وقد أخذ قملة من ثوبه فقصعها بظفره ثم لحسها، وقال لما رآني: جيّد، وكل واحد منهم قد نحت خشبة
على قدر الإكليل ويعلقها عليه فإذا أراد سفرا أو لقاء عدوّ قبّلها وسجد لها وقال: يا رب افعل بي كذا وكذا، فقلت للترجمان: سل بعضهم ما حجتهم في هذا ولم جعله ربّه؟ فقال: لأني خرجت من مثله فلست أعرف لنفسي موجدا غيره، ومنهم من يزعم أن له ثلاثة عشر ربّا: للشتاء رب وللصيف رب وللمطر رب وللريح رب وللشجر رب وللناس رب وللدواب رب وللماء رب ولليل رب وللنهار رب وللموت رب وللحياة رب وللأرض رب، والرب الذي في السماء هو أكبرهم إلا أنه يجتمع مع هؤلاء باتفاق ويرضى كل واحد منهم ما يعمل شريكه، جلّ ربّنا عما يقول الظالمون والجاحدون علوّا كبيرا، قال:
ورأينا طائفة منهم تعبد الحيات وطائفة تعبد السمك وطائفة تعبد الكراكي فعرفوني أنهم كانوا يحاربون قوما من أعدائهم فهزموهم، وأن الكراكي صاحت وراءهم فانهزموا بعد ما هزموا، فعبدوا الكراكي لذلك، وقالوا: هذه ربنا لأنها هزمت أعداءنا فعبدوها لذلك، هذا ما حكاه عن هؤلاء، وأما أنا فإني وجدت بمدينة حلب طائفة كثيرة يقال لهم الباشغردية، شقر الشعور والوجوه جدا يتفقهون على مذهب أبي حنيفة، رضي الله عنه، فسألت رجلا منهم استعقلته عن بلادهم وحالهم، فقال: أما بلادنا فمن وراء القسطنطينية في مملكة أمة من الأفرنج يقال لهم الهنكر، ونحن مسلمون رعية لملكهم في طرف بلاده نحو ثلاثين قرية، كل واحدة تكاد أن تكون بليدة، إلا أن ملك الهنكر لا يمكّننا أن نعمل على شيء منها سورا خوفا من أن نعصى عليه، ونحن في وسط بلاد النصرانية، فشماليّنا بلاد الصقالبة وقبليّنا بلاد البابا يعني رومية، والبابا رئيس الأفرنج، هو عندهم نائب المسيح، كما هو أمير المؤمنين عند المسلمين، ينفذ أمره في جميع ما يتعلق بالدين في جميعهم، قال: وفي غربيّنا الأندلس وفي شرقينا بلاد الروم قسطنطينية وأعمالها، قال: ولساننا لسان الأفرنج وزيّنا زيهم ونخدم معهم في الجندية ونغزو معهم كل طائفة لأنهم لا يقاتلون إلا مخالفي الإسلام، فسألته عن سبب إسلامهم مع كونهم في وسط بلاد الكفر؟ فقال: سمعت جماعة من أسلافنا يتحدّثون أنه قدم إلى بلادنا منذ دهر طويل سبعة نفر من المسلمين من بلاد بلغار، وسكنوا بيننا وتلطّفوا في تعريفنا ما نحن عليه من الضلال، وأرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام، فهدانا الله، والحمد لله، فأسلمنا جميعا وشرح الله صدورنا للإيمان، ونحن نقدم إلى هذه البلاد ونتفقّه، فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها وولونا أمور دينهم، فسألته: لم تحلقون لحاكم كما تفعل الأفرنج؟ فقال: يحلقها منا المتجندون ويلبسون لبسة الــسلاح مثل الأفرنج، أما غيرهم فلا، قلت: فكم مسافة ما بيننا وبين بلادكم؟ فقال: من هاهنا إلى القسطنطينية نحو شهرين ونصف ومن القسطنطينية إلى بلادنا نحو ذلك، وأما الإصطخري فقد ذكر في كتابه: من باشجرد إلى بلغار خمس وعشرون مرحلة، ومن باشجرد إلى البجناك، وهم صنف من الأتراك، عشرة أيام.

أَجْيَادٌ

أَجْيَادٌ:
بفتح أوله وسكون ثانيه، كأنه جمع جيد، وهو العنق. وأجياد أيضا جمع جواد من الخيل، يقال للذكر والأنثى، وجياد وأجاويد، حكاه أبو نصر إسماعيل بن حمّاد، وقد قيل في اسم هذا الموضع جياد، أيضا، وقد ذكر في موضعه، وقال الأعشى ميمون بن قيس:
فما أنت من أهل الحجون ولا الصّفا، ... ولا لك حقّ الشّرب من ماء زمزم
ولا جعل الرحمن بيتك، في العلا، ... بأجياد غربيّ الصفا والمحرّم
وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة:
هيهات من أمّة الوهّاب منزلنا، ... لما نزلنا بسيف البحر من عدن
وجاورت أهل أجياد، فليس لنا ... منها، سوى الشّوق أو حظّ من الحزن
وذكره في الشعر كثير. واختلف في سبب تسميته بهذا الاسم، فقيل: سمّي بذلك لأن تبّعا لما قدم مكّة ربط خيله فيه، فسمّي بذلك، وهما أجيادان: أجياد الكبير وأجياد الصغير. وقال أبو القاسم الخوارزمي: أجياد موضع بمكة يلي الصفا.
وقال أبو سعيد السّيرافي في كتاب جزيرة العرب، من تأليفه: هو موضع خروج دابّة الأرض.
وقرأت فيما أملاه أبو الحسين أحمد بن فارس، على بديع بن عبد الله الهمذاني باسناد له: إن الخيل العتاق كانت محرّمة كسائر الوحش، لا يطمع في ركوبها طامع، ولا يخطر ارتباطها للناس على بال، ولم تكن ترى إلا في أرض العرب، وكانت مكرمة ادّخرها الله لنبيه وابن خليله إسماعيل بن إبراهيم، عليهم السلام، وكان إسماعيل أول من ذلّلت له الخيل العتاق، وأول من ركبها وارتبطها، فذكر أهل العلم أن الله، عزّ وجلّ، أوحى إلى إسماعيل، عليه السلام:
إني ادّخرت لك كنزا لم أعطه أحدا قبلك، فاخرج فناد بالكنز، فأتى أجيادا، فألهمه الله تعالى الدّعاء بالخيل، فلم يبق في بلاد الله فرس إلا أتاه، فارتبطها بأجياد، فبذلك سمّي المكان أجيادا، ويؤيد هذا ما قاله الأصمعي، في تفسير قول بشر بن أبي خازم:
حلفت بربّ الداميات نحورها، ... وما ضمّ أجياد المصلّى ومذهب
لئن شبّت الحرب العوان التي أرى، ... وقد طال إبعاد بها وترهّب
لتحتملن بالليل منكم ظعينة، ... إلى غير موثوق من العزّ تهرب
قال أبو عبيدة المصلّى: المسجد. والمذهب: بيت الله الحرام. وأجياد، قال الأصمعي: هو الموضع الذي كانت به الخيل التي سخرها الله لإسماعيل، عليه السلام.
وقال ابن إسحاق: لما وقعت الحرب بين الحارث بن مضاض الجرهمي وبين السّميدع بن حوثر، بالثاء المثلثة، خرج ابن مضاض من قعيقعان فتقعقع سلاحــه فسمي قعيقعان. وخرج السميدع ومعه الخيل والرجال من أجياد. فيقال إنه ما سمي أجياد أجيادا إلا بخروج الخيل الجياد منه مع السميدع. وقال السّهيلي: وأما أجياد فلم يسمّ بأجياد الخيل كما ذكر ابن إسحاق، لأن جياد الخيل لا يقال فيها: أجياد، وإنما أجياد جمع جيد. وذكر أصحاب الأخبار أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة، فسمي ذلك الموضع بأجياد، لذلك قال: وكذا ذكر ابن إسحاق في غير كتاب السيرة.
قلت أنا: وقد قدمنا أن الجوهري حكى أن العرب تجمع الجواد من الخيل على أجياد، ولا شكّ أن ذلك لم يبلغ السّهيليّ فأنكره، ومما يؤيد أن هذا الموضع مسمى بالخيل، أنه يقال فيه: أجواد وجياد، ثم اتفاق الرّواة أنها سميت بجياد الخيل، لا تدفعه الرواية المحمولة من جهة السهيلي. وحدّث أبو المنذر قال: كثرت إياد بتهامة وبنو معدّ بها حلول، ولم يتفرّقوا عنها، فبغوا على بني نزار، وكانت منازلهم بأجياد من مكة، وذلك قول الأعشى:
وبيداء تحسب آرامها ... رجال إياد بأجيادها
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.