Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سعود

شَطَطَ

(شَطَطَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ تَميم الدَّارِي «أنَّ رجُلا كَلَّمَهُ فِي كَثْرة العِباَدةِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كنتُ مؤمِناً ضَعِيفًا، وَأَنْتَ مؤمنٌ قَوِى إِنَّكَ لَشَاطِّي حَتَّى أحْمِلَ قُوَّتك عَلَى ضَعْفي، فَلَا أسْتطيعَ فأنْبَتَّ» أَيْ إِذَا كلَّفْتَني مِثْلَ عَملك مَعَ قُوَّتك وضَعْفِى فَهُوَ جَورٌ مِنْكَ، وقوله إنك لَشَاطِّي: أى أَيْ لظالِمٌ لِي، مِنَ الشَّطَطِ وَهُوَ الجوْرُ وَالظُّلْمُ والبُعْدُ عَنِ الحقِّ. وَقِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ شَطَّنِي فُلان يَشُطُّنِي شَطّاً إِذَا شَقَّ عليكَ وظلمَك.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَــسْعُودٍ «لَا وكْسَ وَلَا شَطَطَ» .
(هـ) وَفِيهِ «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضِّبْنةِ وكآبةِ الشِّطَّةِ» : الشِّطَّةُ بِالْكَسْرِ: بُعْدُ المَسَافة، مِنْ شَطَّتِ الدارُ إِذَا بَعُدت.

شَزَبَ

(شَزَبَ)
[هـ] فِيهِ «وَقَدْ تَوَشَّح بِشَزْبَةٍ كَانَتْ مَعَهُ» الشَّزْبَةُ مِنْ أسْماءِ القَوس، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بجَدِيد وَلَا خَلَقٍ، كأنَّها الَّتِي شَزَبَ قَضِيبُها: أَيْ ذَبَل. وَهِيَ الشَّزِيبُ أَيْضًا .
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «يَرْثِى عُرْوة بْنَ مَــسْعُودٍ الثَّقَفي:
بالخَيلِ عاَبِسةً زُوراً مَناكِبُها ... تَعدُو شَوَازِبَ بالشُّعْثِ الصَّنادِيد
الشَّوَازِبُ: المُضَمَّرَاتُ، جَمْعُ شَازِبٍ، ويُجمع عَلَى شُزَّبٍ أَيْضًا.

شَرَقَ

(شَرَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْحَجِّ ذَكَرَ «أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي غَير مَوضِع» وَهِيَ ثلاثةُ أَيَّامٍ تَليِ عِيدَ النَّحْرِ، سُمِّيت بِذَلِكَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ، وَهُوَ تَقديدُه وبَسْطه فِي الشَّمْسِ ليَجِفّ، لأنَّ لُحوم الأضاَحِى كَانَتْ تُشَرَّقُ فِيهَا بمنٌى. وَقِيلَ سُمِّيت بِهِ لِأَنَّ الهَدْي والضَّحايا لَا تُنحَرُ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ: أَيْ تَطْلُع.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ المْشركين كَانُوا يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِير كَيْمَا نُغيِر» ثَبير: جَبَل بِمِنًى، أَيِ ادْخُل أَيُّهَا الجَبَل فِي الشُّرُوقِ، وَهُوَ ضوءُ الشَّمْسِ. كَيْمَا نُغير: أَيْ نَدْفَعُ للنَّحر. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِهَذَا سُمِّيَتْ.
وَفِيهِ «مَنْ ذَبح قَبْلَ التَّشْرِيقِ فليُعِد» أَيْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ صلاةَ العيدِ، وَهُوَ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا جُمْعة وَلَا تَشْرِيقَ إلاَّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» أَرَادَ صلاةَ العِيدِ، وَيُقَالُ لِمَوْضِعِهَا المُشَرَّقُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَسْرُوقٍ «انطَلِقْ بِنَا إِلَى مُشَرَّقِكُمْ» يَعْنِي المُصَلَّى. وَسَأَلَ أَعْرَابِيٌّ رجُلا فَقَالَ: أَيْنَ مَنْزِل الْمُشَرَّقِ، يَعْنِي الَّذِي يُصَلَّي فِيهِ الْعِيدُ. وَيُقَالُ لَمسْجد الخَيْف الْمُشَرَّقُ، وَكَذَلِكَ لسُوق الطَّائِفِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «نَهى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُق الشَّمْسُ» يُقَالُ شَرَقَتِ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأَشْرَقَتْ إِذَا أضاءَت. فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَدِيثِ الطُّلُوعَ فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ حَتَّى تطلُع الشَّمْسُ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِضَاءَةَ فَقَدْ جاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ حَتَّى تَرتَفِع الشمسُ، والإضاءةُ مَعَ الِارْتِفَاعِ.
(هـ) وَفِيهِ «كَأَنَّهُمَا ظُلَّتان سَوْدَاوَان بَيْنَهُمَا شَرْقٌ» الشَّرْقُ هَاهُنَا: الضَّوءُ، وَهُوَ الشَّمْسُ، والشَّقُّ أَيْضًا.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي السَّمَاءِ بابٌ للتَّوبة يُقَالُ لَهُ الْمِشْرِيقُ، وَقَدْ رُدَّ حَتَّى مَا بَقِيَ إِلَّا شَرْقُهُ» أَيِ الضوءُ الَّذِي يَدْخُل مِنْ شقِّ الْبَابِ. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ وَهْب «إِذَا كَانَ الرجُل لَا يُنْكرُ عَمَل السُّوء عَلَى أهْله جَاءَ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الْقَرْقَفَنَّةُ فَيَقَعُ عَلَى مِشْرِيقِ بَابِهِ فيمكثُ أربعينَ يَوْمًا، فَإِنْ أنكَر طارَ، وَإِنْ لَمْ يُنْكر مَسح بجَناَحَيه عَلَى عَينَيه فَصَارَ قُنْذُعاً ديُّوثا» .
(س) وَفِيهِ «لَا تَسْتَقْبلوا القِبلةَ وَلَا تَستَدبرُوها، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبوا» هَذَا أمرٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَتْ قِبْلتُه عَلَى ذَلِكَ السَّمْت ممَّن هُو فِي جِهَتَى الشَّمال والجَنُوب، فأمَّا مَن كَانَتْ قِبْلته فِي جِهَةِ الشَّرْقِ أَوِ الغَرْب، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَرِّقَ وَلَا يُغرِّب، إِنَّمَا يَجْتَنِب أَوْ يَشْتمِل.
وَفِيهِ «أناَخَتْ بِكُمُ الشُّرُقُ الجُونُ» يَعْنِي الفِتَن الَّتِي تَجِيءُ مِنْ جهَةِ الْمَشْرِقِ، جَمْعُ شَارِقٍ.
ويُروى بِالْفَاءِ. وَقَدْ تقدَّم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ: إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا كَشَرَقِ الْمَوْتَى» لَهُ مَعْنَيَانِ: أحدُهما أَنَّهُ أرادَ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الشمسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا تَلْبَثُ قَلِيلًا ثُمَّ تَغِيب، فشبَّه مَا بَقِىَ مِنَ الدُّنْيَا ببقاءِ الشَّمس تِلْكَ السَّاعَةَ، والآخَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَرِق الميِّت بِرِيقِهِ إِذَا غَصَّ بِهِ، فَشَبَّهَ قِلَّة مَا بَقِيَ مِنَ الدنياَ بِمَا بَقِيَ مِنْ حيَاةِ الشَّرِقِ بريقِه إِلَى أَنْ تَخْرُجَ نفْسُه. وسُئل الحسنُ بن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ فَقَالَ:
أَلَمْ تَر إِلَى الشَّمْسِ إِذَا ارْتَفَعت عَنِ الْحِيطَانِ فصارَت بَيْنَ القُبُور كَأَنَّهَا لُجَّة، فَذَلِكَ شَرَقُ الْمَوْتَى. يُقَالُ شَرِقَتِ الشمسُ شَرَقاً إِذَا ضَعُفَ ضَوْءُهَا .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَــسْعُودٍ «ستُدرِكُون أَقْوَامًا يُؤَخِّرون الصَّلَاةَ إِلَى شَرَقِ الموتَى» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قرأَ سُورَة المُؤْمِنين فِي الصَّلاة، فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ عِيسَى وأمِّه أخَذَته شَرْقَةٌ فركَعَ» الشَّرْقَةُ: المرَّة مِنَ الشَّرَقِ: أَيْ شَرِقَ بدَمْعه فعَيِىَ بِالْقِرَاءَةِ. وَقِيلَ أرادَ أَنَّهُ شَرِقَ بِرِيقِهِ فتَرك القِراءة وَرَكَعَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الحَرَق والشَّرَقُ شهادةٌ» هُوَ الَّذِي يَشْرَقُ بِالْمَاءِ فَيَمُوتُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَأْكُلِ الشَّرِيقَةَ فإِنها ذَبيحةُ الشَّيْطَانُ» فَعِيله بِمَعْنَى مَفعولة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ أُبَيٍّ «اصطَلحوا عَلَى أَنْ يُعصِّبُوه فَشَرِقَ بِذَلِكَ» أَيْ غَصَّ به. وهو مجاز فيما نالَ مِنْ أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحَلَّ بِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَقْدِر عَلَى إساغَتِه وابتلاعِه فغصَّ بِهِ.
(هـ) وَفِيهِ «نَهى أَنْ يُضحَّى بِشَرْقَاءَ» هِيَ المشْقوقةُ الأذُن باثْنَتَين. شَرَق أذُنَها يَشْرُقُهَا شَرْقاً إِذَا شقَّها. واسْم السِّمَة الشَّرَقَةُ بِالتَّحْرِيكِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ فِي النَّاقة المُنكَسِرة: وَلَا هِيَ بفَقِىءٍ فَتَشْرَقُ عُروقُها» أَيْ تَمْتَلِئُ دَمًا مِنْ مَرضٍ يَعْرِض لَهَا فِي جَوفِها. يُقَالُ شَرِقَ الدَّمُ بِجَسَدِهِ شَرَقاً إِذَا ظَهَر ولَم يَسِل.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَهُمَا مُتَفلِّقتَان قَدْ شَرِقَ بَيْنَهُمَا الدَّم» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عِكْرمة «رأيتُ ابْنَينِ لساَلمٍ عَلَيْهِمَا ثِيابٌ مُشْرَقَة» أَيْ مُحمرّة.
يُقَالُ شَرِقَ الشَّيْءُ إِذَا اشتدَّت حُمْرَته، وأَشْرَقْتُهُ بالصِّبغ إِذَا بالَغْتَ فِي حُمْرته.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الشَّعْبي «سُئل عَنْ رجلٍ لَطَم عَيْنَ آخَرَ فَشَرِقَتْ بِالدَّمِ ولَمَّا يَذْهبْ ضَوْءها، فَقَالَ:
لَهَا أمْرُها حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ ... بأخْفافها مَأْوًى تَبَوَّاَ مَضْجَعا
الضميرُ فِي لهاَ للإْبل يُهْمِلُها الرَّاعِي، حَتَّى إِذَا جاءْت إِلَى الموضِع الَّذِي أعْجَبَها فَأَقَامَتْ فِيهِ مالْ الرَّاعِي إِلَى مَضْجَعِه. ضَرَبَهُ مَثَلا لِلْعَيْنِ: أَيْ لَا يُحْكَم فِيهَا بشيءٍ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى آخِر أمْرِها وما تَؤُول إِلَيْهِ، فَمَعْنَى شَرِقَتْ بِالدَّمِ: أَيْ ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يَجْر مِنْهَا.

شَرَفَ

(شَرَفَ)
(س) فِيهِ «لَا يَنْتَهبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَهُوَ مؤمنٌ» أَيْ ذاتَ قَدْر وقِيمة وَرِفْعَةٍ يَرْفعُ النَّاسُ أبصارَهُم للنَّظر إِلَيْهَا، ويَسْتَشْرِفُونَهَا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَن الرَّمى، فكان إذا رَمَى اسْتَشْرَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَنْظُرَ إِلَى مَواقِع نَبْله» أَيْ يُحَقَّق نَظَرَهُ ويطَّلِع عَلَيْهِ. وَأَصْلُ الِاسْتِشْرَافِ:
أَنْ تضَع يدَك عَلَى حاجِبك وَتَنْظُرَ، كَالَّذِي يستَظِلُّ مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى يَستَبين الشَّيْءَ. وأصلُه مِنَ الشَّرَفِ: العُلُوّ، كَأَنَّهُ ينظرُ إِلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ مُرْتَفِع فَيَكُونُ أَكْثَرَ لإدْراكِه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَضَاحِي «أُمِرْنا أَنْ نَسْتَشْرِفَ العَينَ والأذُن» أَيْ نَتأمَّل سًلاَمَتهما مِنْ آفَةٍ تَكُونُ بِهِمَا. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الشُّرْفَةِ، وَهِيَ خيارُ الْمَالِ. أَيْ أُمِرْنا أَنْ نتخيَّرها.
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ «قَالَ لعُمَر لمَّا قدِم الشامَ وَخَرَجَ أهلُه يَسْتَقْبِلُونَهُ:
مَا يَسُرُّني أَنَّ أَهْلَ البَلَد اسْتَشْرَفُوكَ» أَيْ خرجْوا إِلَى لِقاَئِك. وإِنما قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لمَّا قَدِم الشَّامَ مَا تَزَيَّا بِزِىّ الأمَراء، فَخشِى أَنْ لَا يَسْتَعظِمُوه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الفتَن «مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا اسْتَشْرَفَتْ لَهُ» أَيْ مَنْ تطلَّع إِلَيْهَا وتعرَّض لَهَا واتَتْه فوقَعَ فِيهَا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَتَشَرَّفُوا للبْلاءِ» أَيْ لَا تَتطلَّعوا إِليه وتَتوقَّعُوه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا جاءَك مِنْ هذَا الْمَالِ وأنتَ غيرُ مُشْرِفٍ لَهُ فُخْذه» يُقَالُ أَشْرَفْتُ الشيءَ أَيْ عَلَوتُه. وأَشْرَفْتُ عَلَيْهِ: اطَّلعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَوق. أَرَادَ مَا جاءَك مِنْهُ وأنتَ غيرُ مُتَطَلِّعٍ إِلَيْهِ وَلَا طَامِعٍ فِيهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَشَرَّفْ يُصِبْك سَهْمٌ» أَيْ لَا تَتَشَرَّفْ مِنْ أعْلى الموضِع. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتها» أَيْ قَرُبت مِنْهَا وأَشْرَفَتْ عَلَيْهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ زِمْل «وَإِذَا أَمَامَ ذَلِكَ ناقةٌ عَجْفاءُ شَارِفٌ» الشَّارِفُ:
النَّاقَةُ المُسِنَّة .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
ألاَ يَا حَمزُ لِلشُّرُفِ النِّواءِ ... وهُنَّ مُعقَّلات بالفِناء هِيَ جمعُ شَارِفٍ، وتُضم راؤُها وتُسكَّن تَخْفِيفًا. ويُرْوى «ذَا الشَّرَفِ النِّواء» بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ: أَيْ ذَا الْعَلَاءِ والرِّفْعة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تخْرُج بِكُمُ الشُّرْفُ الجُونُ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الشُّرْفُ الْجُونُ؟
فَقَالَ: فِتَن كقِطَع اللَّيْلِ المُظْلِم» شَبَّه الفِتَن فِي اتِّصالها وامتِدَادِ أوقاتِها بالنُّوق المُسِنة السُّود، هَكَذَا يُرْوَى بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ جَمْعٌ قَلِيلٌ فِي جَمْع فاعِل، لَمْ يَرِد إِلَّا فِي أسْماَء مَعْدُودة. قَالُوا: بازِلٌ وبُزْل، وَهُوَ فِي المُعْتلّ الْعَيْنِ كثيرٌ نَحْوَ عَائِذٍ وَعُوذٍ، وَيُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ بِالْقَافِ وسيجئ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَطِيح «يَسْكُن مَشَارِفَ الشامِ» الْمَشَارِفُ: القُرَى الَّتِي تَقْرُب مِنَ المُدُن. وَقِيلَ القُرَى الَّتِي بَيْنَ بِلَادِ الرِّيفِ وَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ. قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا أَشْرَفَتْ عَلَى السَّواد.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «يُوشِك أَنْ لَا يكونَ بَيْنَ شَرَافٍ وأرضِ كَذَا جَمَّاءُ وَلَا ذاتُ قَرْن» شَرَاف: مَوْضِعٌ. وَقِيلَ ماءٌ لبَنِي أسَد.
وَفِيهِ «أنَّ عُمر حَمى الشَّرَف والرَّبَذَة» كَذَا رُوِيَ بالشينَ وَفَتْحِ الرَّاءِ. وبعضُهم يَرْويه بِالْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا أحِبُّ أَنْ أنفُخَ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ لِي مَمَرَّ الشَّرَف» .
(س) وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «فاستَنَّت شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ» أَيْ عَدَت شَوْطاً أَوْ شَوْطَين.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أُمِرنا أَنْ نبْني المَدَائنَ شُرَفاً والمساجِد جُمًّا» الشُّرَفُ الَّتِي طُوِّلت أبنِيَتُها بِالشُّرَفِ، وَاحِدَتُهَا شُرْفَةٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهَا سُئِلَت عَنِ الخِماَر يُصْبَغ بِالشَّرَفِ فَلَمْ تَرَ بِه بَأْسًا» الشَّرَفُ:
شَجَرٌ أحمرُ يُصْبَغ بِهِ الثِّياب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبىّ «قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: لِمَ لَم تستَكْثِرْ مِنَ الشعْبى؟ فَقَالَ: كَانَ يحتَقِرُني، كُنْتُ آتِيه مَعَ إِبْرَاهِيمَ فيُرَحِّبُ بِهِ وَيَقُولُ لِي: اقْعُد ثَمَّ أيُّها العبْد، ثُمَّ يَقُولُ:
لَا نَرْفَعُ العَبْدَ فوقَ سُنَّتِهِ ... مَا دامَ فِيناَ بأرْضِناَ شرَف أَيْ شَرِيفٌ. يُقَالُ هُوَ شَرَفُ قَوْمِهِ وكَرَمُهم: أَيْ شَرِيفُهُمْ وَكَرِيمُهُمْ.

شَرَطَ

(شَرَطَ)
فِيهِ «لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْع» هُوَ كَقَوْلِكَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِدِينَارٍ، وَنَسِيئَةً بدينارَين، وَهُوَ كالبَيْعَتَين فِي بَيْعةٍ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَكْثَرِ الفُقَهاء فِي عَقْدِ البَيع بَيْنَ شَرْطٍ واحدٍ أَوْ شَرْطَيْنِ. وفرَّق بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ، عَمَلًا بظاهِرِ الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «نَهى عَنْ بَيْعٍ وشَرْطٍ» وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُلازماً فِي العَقْد لَا قَبله وَلَا بَعده.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَريرة «شَرْطُ اللَّهِ أحقُّ» يُرِيدُ مَا أَظْهَرَهُ وبينَّه مِنْ حُكم اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ «الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتق» وَقِيلَ هُوَ إشارةٌ إِلَى قَوْلِهِ تعالى فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ. (هـ) وَفِيهِ ذِكْرُ «أَشْرَاطِ السَّاعَةِ» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. الْأَشْرَاطُ: العَلاَماتُ، واحدُها شَرَطٌ بِالتَّحْرِيكِ. وَبِهِ سُمِّيَتْ شُرَط السُّلْطَانِ، لِأَنَّهُمْ جَعَلوا لأنُفسهم عَلاَمات يُعرَفون بِهَا. هَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ.
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَقَالَ: أَشْرَاطُ السَّاعَةِ: مَا يُنكِرُه الناسُ مِنْ صِغار أمُورها قَبْلَ أَنْ تقُوم السَّاعَةُ. وشُرَطُ السُّلْطَانِ: نُخْبة أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُقدِّمهم عَلَى غَيرهم مِنْ جُنْده. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هُمُ الشُّرَطُ، والنِّسبةُ إِلَيْهِمْ شُرَطِيٌّ. والشُّرْطَةُ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِمْ شُرْطِيٌّ (هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «وتُشْرَطُ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا يَرجعُون إلاَّ غالِبين» الشُّرْطَةُ أوّلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ تَشْهد الوَقْعة.
وَفِيهِ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَأْخُذَ اللَّهُ شَرِيطَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لَا يَعرفُون معرُوفا، وَلَا يُنْكِرون مُنْكراً» يَعْنِي أهلَ الخَير والدِّين. والْأَشْرَاطُ مِنَ الأضْداد يقعُ عَلَى الأشْرَاف والأرْذَال. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أظنُّه شَرَطَتَهُ: أَيِ الخيارَ، إلاَّ أَنْ شَمِرا كَذَا روَاه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «وَلَا الشَّرَط اللَّئيمةَ» أَيْ رُذَال المالِ. وَقِيلَ صِغاره وشِرَاره.
(هـ) وَفِيهِ «نَهى عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ» قِيلَ هِيَ الذَّبيحة الَّتِي لَا تُقْطَع أوْداجُها ويُسْتْقصَى ذبحُها، وَهُوَ مِنْ شَرْطِ الْحَجَّامِ. وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يقطعُون بَعْضَ حَلْقِها ويتركُونَها حَتَّى تموتَ.
وَإِنَّمَا أضافَها إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَمَلهم عَلَى ذَلِكَ، وحسَّن هَذَا الفعلَ لَديْهم، وسوَّلَه لَهُمْ.

شَحَبَ

شَحَبَ لَوْنُهُ، كَجَمَعَ وَنَصَرَ وَكَرُمَ وعُنِيَ، شُحُوباً وشُحُوبَةً: تَغَيَّرَ مِنْ هُزالٍ أو جُوعٍ أو سَفَرٍ،
وـ الأرضَ، كَمَنَعَ: قَشَرَها بِمِسْحاةٍ.
(شَحَبَ)
فِيهِ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ ينظرَ إليَّ فلينظُر إِلَى أشْعَثَ شَاحِبٍ» الشَّاحِبُ:
الْمُتَغَيِّرُ اللونِ والجِسْم لعارضٍ مِنْ سفَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِمَا. وَقَدْ شَحَبَ يَشْحَبُ شُحُوباً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْأَكْوَعِ «رَآنِي رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِباً شَاكِيًا» .
وحديثَ ابْنِ مَــسْعُودٍ «يَلقَى شيطانُ الْكَافِرِ شيطانَ الْمُؤْمِنِ شَاحِباً» .
وَحَدِيثُ الْحَسَنِ «لَا تَلْقَى المؤمنَ إَّلا شَاحِباً» لأنَّ الشُّحُوبَ مِنْ آثَارِ الخَوف وقِلَّة المأكَلِ والتَّنعُّم.

سَيَدَ

(سَيَدَ)
(س) فِي حَدِيثِ مَــسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو «لَكَأَنِّي بِجُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو أَقْبَلَ كَالسِّيدِ» أَيِ الذّئبِ. وَقَدْ يُسمَّى بِهِ الأسَدُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أحاديثُ السَّيّد وَالسِّيَادَةِ فِي السِّينِ وَالْوَاوِ لِأَنَّهُ موضِعُها.

سَوَدَ

(سَوَدَ)
(هـ س) فِيهِ «أَنَّهُ جَاءَهُ رجُلٌ فَقَالَ: أنتَ سَيِّدُ قُرَيش، فَقَالَ: السَّيِّدُ اللهُ» أَيْ هُوَ الَّذِي تَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ. كأنَّه كَره أَنْ يُحْمَد فِي وَجْهِهِ، وأحَبَّ التَّواضُع.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لمَّا قَالُوا لَهُ أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ: قُولُوا بقَولِكم» أَيِ ادْعُوني نَبِيًّا وَرَسُولًا كَمَا سمَّاني اللهُ، وَلَا تُسمُّوني سيِّدا كَمَا تُسمُّون رُؤساءَكم، فَإِنِّي لسْتُ كأحَدِهم مِمَّنْ يَسُودُكُمْ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَا سَيِّدُ وَلدِ آدَم وَلَا فَخْرَ» قَالَهُ إِخْبَارًا عَمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْفَضْلِ والسُّودَد، وتحدُّثاً بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُ، وَإِعْلَامًا لأمُّته لِيَكُونَ إيمانُهم بِهِ عَلَى حَسَبه ومُوجَبه.
وَلِهَذَا أتْبَعه بِقَوْلِهِ وَلَا فَخْر: أَيْ أنَّ هَذِهِ الفَضِيلة الَّتِي نِلْتها كَرامةٌ مِنَ اللَّهِ لَمْ أنَلْها مِنْ قِبَل نَفْسي، وَلَا بَلْغتُها بقُوَّتي، فَلَيْسَ لِي أَنْ أفْتَخِر بِهَا.
(س) وَفِيهِ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ السَّيِّدُ؟ قَالَ: يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالُوا: فَمَا فِي أُمَّتِك مِنْ سَيِّد؟ قَالَ: بَلَى، مَنْ آتاَه اللهُ مَالًا، ورُزِقَ سَمَاحَةً فأدَّى شُكْرَهُ، وقَلَّت شكاَيتُه فِي النَّاسِ» .
(س) وَمِنْهُ «كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فالرجُل سَيِّدُ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ أَهْلِ بَيْتِهَا» .
(س) وَفِي حَدِيثِهِ لِلْأَنْصَارِ «قَالَ: مَن سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: الجَدُّ بنُ قَيسٍ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُه. قَالَ وَأَيُّ داءٍ أدْوَي مِنَ البُخْل» .
(هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّد» قِيلَ أَرَادَ بِهِ الحليمَ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَمَامِهِ «وإنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المسْلمين».
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: قومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» يَعْنِي سعْدَ بْنَ مُعاَذ. أَرَادَ أَفْضَلَكُمْ رَجُلاً.
(س) وَمِنْهُ «أَنَّهُ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: انْظُروا إِلَى سَيِّدِنَا هَذَا مَا يَقُولُ» هكذا رَواه الخطَّابي، وقال يُريدُ: انظروا إلى مَنْ سَوَّدْنَاهُ عَلَى قَومه ورَأَّسْناَه عَلَيْهِمْ، كَمَا يَقُولُ السلطانُ الأَعظم:
فُلان أميرُنا وقائدُنا: أَيْ مَنْ أمَّرناه عَلَى النَّاس ورتَّبناه لقَوْد الجُيُوش. وَفِي رِوَايَةٍ «انْظُرُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أَيْ مُقَدَّمِكم. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «إِنَّ امْرأةً سألتْها عَنِ الخِضاَب فَقَالَتْ: كَانَ سَيِّدِي رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرَهُ رِيحَه» أرادَت مَعْنى السِّيَادَةِ تَعْظِيمًا لَهُ، أَوْ مِلْك الزَّوجيَّة، مِنْ قوله تعالى وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ «قَالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرداء» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تفقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا» أَيْ تعلموا العلم مادمتم صِغَارًا، قَبْلَ أَنْ تَصِيرُوا سَادَةً مَنْظُورًا إِلَيْكُمْ فَتَسْتَحْيُوا أَنْ تَتَعَلَّمُوهُ بَعْدَ الْكِبَرِ فَتَبْقَوْا جُهَّالًا.
وَقِيلَ: أَرَادَ قَبْلَ أَنْ تتزوَّجُوا وتَشْتِغلوا بِالزَّوَاجِ عَنِ العِلْم، مِنْ قَوْلِهِمْ: اسْتَادَ الرجلُ إِذَا تزوَّج فِي سَادَةٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «اتَّقَوُا اللَّهَ وسَوِّدُوا أكبْرَكُم» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مَا رأيتُ بعدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدَ مِنْ مُعاَوية، قِيلَ: وَلَا عُمر! قَالَ: كَانَ عُمرُ خَيْرًا مِنْهُ، وَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ مِنْ عُمر» قِيلَ أرادَ أسْخَى وأعْطى لِلْمَالِ.
وَقِيلَ أحْلَم مِنْهُ. والسَّيِّدُ يُطْلق عَلَى الربِّ والمالِك، والشَّرِيف، والفاَضِل، والكَرِيم، والحَليِم، ومُتَحمِّل أذَى قَومِه، والزَّوج، وَالرَّئِيسِ، والمقدَّم. وَأَصْلُهُ مِنْ سَادَ يَسُودُ فَهُوَ سَيْوِد، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً لأجْل الياءِ السَّاكِنَة قَبْلَهَا ثُمَّ أُدْغِمَتْ.
(س) وَفِيهِ «لَا تَقُولُوا للمُناَفِق سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ سَيِّدَكُمْ وَهُوَ مُناَفِق فحالُكُم دُونَ حَالِهِ، واللهُ لَا يرْضَى لَكُمْ ذَلِكَ» .
(س) وَفِيهِ «ثَنِىُّ الضأنٍ خيرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ المَعَز» هُوَ المُسِنّ. وَقِيلَ الْجَلِيلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسِنّاً.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: انْظُرْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَسَاوِدِ حَوْلَكَ» أَيِ الجماعةِ المُتَفرِّقة. يُقَالُ:
مَرَّت بِنَا أَسَاوِدُ مِنَ النَّاس وأَسْوِدَاتٌ، كَأَنَّهَا جَمْعُ أَسْوِدَةٍ، وأَسْوِدَةٌ جَمْعُ قِلة لِسَوَادٍ، وَهُوَ الشخصُ؛ لِأَنَّهُ يُرى مِنْ بَعيدٍ أَسْوَدَ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ «دَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يعُودُه فَجَعَلَ يَبْكي ويقولُ:
لَا أَبْكِي جَزَعا مِنَ الْمَوْتِ أَوْ حُزنا عَلَى الدُّنيا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِد إلينا ليَكْفِ أحدَكم مثلُ زَادِ الرَّاكب، وَهَذِهِ الْأَسَاوِدُ حَوْلي، وَمَا حوْلَه إَّلا مِطْهَرَةٌ وإجَّانَة، وجَفْنَة» يُرِيدُ الشُّخوصَ مِنَ المَتاَع الَّذِي كَانَ عِنْدَه. وكُلُّ شخْصٍ مِنْ إنْسانٍ أَوْ مَتاَع أَوْ غَيْرِهِ سَوادٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يُريد بِالْأَسَاوِدِ الحيَّاتِ، جمعُ أَسْوَدَ، شبهَّهَا بِهَا لاسْتِضْرارِه بمكانِها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ، وَذَكَرَ الفِتَن «لتعُودُنّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبّاً» والْأَسْوَدُ أخبثُ الحيَّات وأعظمُها، وَهُوَ مِنَ الصِّفَةِ الغَالبَةِ، حَتَّى استُعْمِل اسْتْعمال الأسْماَء وجُمِع جَمعَها .
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أمَر بقَتْل الْأَسْوَدَيْنِ» أَيِ الحيَّة والعَقْرب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «لقد رأيتنا ومالنا طعامٌ إَّلا الأَسْوَدَانِ» هُما التَّمرُ والماءُ. أَمَّا التَّمْرُ فَأَسْوَدُ وَهُوَ الغالبُ عَلَى تَمْر الْمَدِينَةِ، فأُضيف الماءُ إِلَيْهِ ونُعِت بِنَعْته إِتْبَاعًا. والعَرَب تَفْعل ذَلِكَ فِي الشيئَين يصْطَحبان فيُسَمَّيان مَعاً باسْم الأشْهرَ مِنْهُمَا، كالقَمرين والعُمَرين.
(هـ) وَفِي حديث أبى مجاز «أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَفِي الطَّريق عَذِرَات يَابِسَةٌ، فَجَعَلَ يَتَخطَّاها وَيَقُولُ: مَا هَذِهِ الْأَسْوِدَاتُ» هِيَ جَمْعُ سَوْدَاتٍ، وسَوْدَاتٌ جَمْعُ سَوْدَةٍ، وَهِيَ القِطْعة مِنَ الْأَرْضِ فِيهَا حِجاَرة سُودٌ خَشِنَة، شَبَّه العَذِرة الْيَابِسَةَ بِالْحِجَارَةِ السُّودِ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا فِي الحبَّة السَّوْدَاءِ لَهُ شِفاء إِلَّا السَّام» أرادَ الشُّونِيز .
(هـ) وَفِيهِ «فأمَرَ بِسَوَادِ البَطْن فشُوِى لَهُ» أَيِ الكَبد.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ ضحَّى بِكَبْشٍ يَطَؤُ فِي سَوَادٍ، وينْظُر فِي سَوَادٍ، ويبْرُكُ فِي سَوَادٍ» أَيْ أَسْوَد القَوائم والمرَابِض والمَحاَجِر.
(هـ) وَفِيهِ «عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأعْظَم» أَيْ جُمْلة النَّاس ومُعْظَمهم الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى طَاعَةِ السُّلطان وسُلُوك النَّهج المُسْتقيم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ لَهُ: إذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الحِجاَبَ وتستَمِع سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ» السِّوَادُ بالكسر : السِّرارُ. يقال سَاوَدْتُ الرَّجُل مُسَاوَدَةً إِذَا ساَرَرْتَه. قِيلَ هُوَ مِنْ إدْناءِ سَوَادِكَ مِنْ سَوَادِهِ: أَيْ شَخصِك مِنْ شَخْصه.
(هـ) وَفِيهِ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ سَوَاداً بلَيْل فَلَا يَكُنْ أجْبَنَ السَّوَادَيْنِ» أَيْ شَخْصا.
(هـ) وَفِيهِ «فَجَاءَ بِعُودٍ وَجَاءَ بِبَعْرَةٍ حَتَّى رَكَمُوا فَصَارَ سَوَاداً» أَيْ شخْصاً يبَين مِنْ بُعْد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَجَعَلُوا سَوَاداً حَيساً» أَيْ شَيْئًا مُجْتَمِعًا، يَعْنِي الأزْوِدَةَ.

طَوُلَ

(طَوُلَ)
(س) فِيهِ «أُوتيتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ» الطُّوَل، بِالضَّمِّ: جمعُ الطُّولَى، مِثْلَ الكُبَر فِي الكُبْرى.
وَهَذَا البنَاءُ يلزمُه الْأَلِفُ واللامُ والإضافةُ. والسَّبع الطُّوَل هِيَ البَقَرة، وَآلُ عِمران، والنِّساء، والمَائِدة، والأنْعَام، والأعْراف، والتَّوبة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمة «أَنَّهُ كَانَ يقرأُ فِي المَغْرب بِطُولَى الطُّولَيَيْن» الطُّولَيَيْن: تَثْنِية الطُّولَى، ومُذكَّرُها الأَطْوَل: أَيْ أَنَّهُ كَانَ يقْرأ فِيهَا بأَطْوَل السُّوَرَتين الطَّوِيلَتَيْن. تَعْني الأنْعَام والأعْرَافَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ اسْتِسْقَاءِ عُمَرَ «فطَالَ العبَّاسُ عَمَر» أَيْ غَلَبه فِي طُول القَامة، وَكَانَ عُمَرُ طَوِيلا مِنَ الرِّجال، وَكَانَ العبَّاس أشدَّ طُولًا مِنْهُ.
ورُوَي أَنَّ امْرأًة قالَت: رأيتُ عبَّاساً يَطُوف بالبيتِ كأَنَّه فُسْطَاط أبْيَضُ، وكانَت رَأتْ علىّ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ فَرَعَ الناسَ طُولا، كَأَنَّهُ رَاكبٌ مَعَ مُشَاة، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا فأُعْلِمْتَ، فَقَالَتْ: إنَّ النَّاسَ ليَرْذُلُونَ. وَكَانَ رَأْسُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَنْكِب أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، ورَأسُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَنْكِب العبَّاس، ورأسُ العبَّاس إِلَى مَنكب عَبْدِ المطلب. (س) وَفِيهِ «اللَّهُمَّ بِكَ أُحاول وَبِكَ أُطَاوِل» أُطَاوِلُ: مُفاعَلة مِنَ الطَّوْل بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الفَضْل والعُلُوّ عَلَى الأعْداء.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الرَّبُّ بفَضْله» أَيْ تَطَوَّلَ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ: طارَقْتُ النَّعْل، فِي إطْلاقها عَلَى الوَاحد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لأزْواجه: أوَّلُكُنَّ لُحوقاً بِي أَطْوَلُكُنَّ يَداً، فاجْتَمَعْن يَتَطَاوَلْنَ، فَطَالَتْهُنَّ سودةُ، فماتَت زينَبُ أوَّلَهُنّ» أرادَ أمَدَّكُنَّ يَدًا بالعَطاء، مِنَ الطَّوْل، فظَنَنَّه مِنَ الطَّوْل. وكانَت زينَبُ تَعْمَلُ بيدِها وتَتَصدقَّ بِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَانَا يَتَطَاوَلَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَاوُلَ الفَحْلَين» أَيْ يَسْتَطِيلَان عَلَى عَدوّه ويتَبارَيان فِي ذَلِكَ ليكونَ كُلُّ واحدٍ منهُمَا أبْلَغ فِي نُصْرَته مِنْ صَاحِبه، فشُبّه ذَلِكَ التَّبَارِي والتَّغَالب بتَطَاوُلِ الفَحْلَين عَلَى الْإِبِلِ، يَذُبُّ كلُّ وَاحِدٍ منهُما الفُحُولَ عَنْ إِبِلِهِ ليَظْهر أيُّهما أكثرُ ذَبًّا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «فتَفرَّق الناسُ فِرَقاً ثَلَاثًا: فصامِتٌ صَمْتُهُ أنفذُ مِنْ طَوْلِ غَيره» ويُروى «مِنْ صَوْل غَيْرِهِ» أَيْ إمْسَاكه أشدُّ مِنْ تَطَاوُلِ غَيره. يُقَالُ: طَالَ عليه، واسْتَطَالَ، وتَطَاوَلَ، إذا علاوه وتَرْفَّعَ عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أرْبَى الرِّبا الاسْتِطَالَة فِي عِرْضِ النَّاسِ» أَيِ اسْتِحْقَارُهُمْ، وَالتَّرَفُّعُ عَلَيْهِمْ، والوَقيعةُ فِيهِمْ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «ورجلٌ طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْج فقَطَعَتْ طِوَلَها» .
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فأَطَالَ لَهَا فقَطعت طِيَلَها» الطِّوَل والطِّيَل بِالْكَسْرِ: الحبْل الطَّوِيل يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيه فِي وتِد أَوْ غَيره والطَّرَف الْآخَرُ فِي يَد الفَرس ليَدُورَ فِيهِ ويَرْعَى وَلَا يَذْهَب لوجْهِه. وطَوَّلَ وأَطَالَ بِمَعْنًى: أَيْ شدّها في الحبل. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لِطِوَلِ الفَرسِ حِمًى» أَيْ لصَاحِب الفَرَس أَنْ يَحْمِيَ الموضعَ الَّذِي يَدُورُ فِيهِ فَرَسُه المشدُودُ فِي الطِّوَل إِذَا كانَ مبُاحا لاَ مالِكَ لَهُ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ رجُلا مِنْ أصْحابه قُبِض فكُفِّن فِي كَفَنٍ غيِر طَائِل» أَيْ غَيرِ رَفِيع وَلَا نَفِيس. وأصلُ الطَّائِل: النَّفْع والفائِدة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَــسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَتْل أَبِي جَهْلٍ «ضَرْبْتُه بسَيفٍ غَيرِ طَائِل» أَيْ غَيْرِ ماضٍ وَلَا قَاطِع، كَأَنَّهُ كَانَ سَيفاً دُوناً بينَ السُّيوف.

عَتَكَ

(عَتَكَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابنُ العَوَاتِك مِنْ سُلَيم» العَوَاتِك: جمعُ عَاتِكَة.
وأصلُ العَاتِكَة المُتَضمِّخَة بالطِّيب. ونخلة عَاتِكَة: لا تَأْتَبِر. والعَوَاتِك: ثلاثُ نِسْوة كُنَّ مِنْ أُمَّهات النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إحْدَاهُنَّ: عَاتِكَة بنتُ هِلَالِ بْنِ فالِج بْنِ ذَكْوان، وَهِيَ أُمّ عبدِ مَنَاف بْنِ قُصيّ. والثانيةُ: عَاتِكَة بنتُ مرّة بن هلال ابن فالِج بْنِ ذَكْوان، وَهِيَ أُمّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف، والثالثةُ: عَاتِكَة بِنْتُ الأوْقَص بْنِ مُرَّة بْنِ هِلال، وَهِيَ أُمُّ وهْب أَبِي آمِنةُ أُمّ النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فالأولَى مِنَ العَوَاتِك عَمَّة الثَّانِيَةِ، والثانيةُ عَمَّة الثَّالثة. وبنُو سُلَيم تَفْخَر بِهَذِهِ الوِلادة.
ولِبَنِي سُلَيم مَفَاخرُ أخْرى: مِنْهَا أنَّها ألَّفَتْ مَعَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: أَيْ شَهِدَه مِنْهُمْ ألفٌ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدّم لِوَاءَهم يومئذٍ عَلَى الألْوية، وكانَ أحْمَر. وَمِنْهَا أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَب إِلَى أهْل الكُوفَة والبَصْرة وَمِصْرَ والشَّام: أنِ ابْعَثُوا إليَّ مِنْ كُلِّ بَلدٍ أفْضَلَه رجُلا، فَبَعَثَ أَهْلُ الْكُوفَةِ عُتْبَةَ بْنَ فَرقَد السُّلَمي، وبعثَ أهلُ البَصْرة مُجَاشِع بْنَ مَــسْعُودٍ السُّلَمي، وبعثَ أَهْلُ مِصْرَ مَعْنَ بْنَ يَزيد السُّلَمي، وبعثَ أهلُ الشَّام أَبَا الأعْور السُّلَمي.

فَتَرَ

(فَتَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ كلِّ مُسْكر ومُفْتِر» المُفْتِر: الَّذِي إِذَا شُرِب أحْمَى الْجَسَدَ وَصَارَ فِيهِ فُتُور، وَهُوَ ضَعْف وانكِسار. يُقال: أَفْتَرَ الرجُل فَهُوَ مُفْتِر: إِذَا ضَعُفَت جُفُونُهُ وَانْكَسَرَ طَرْفُه. فَإِمَّا أنْ يَكُونَ أَفْتَرَه بمعْنى فَتَرَه: أَيْ جَعله فَاتِراً، وَإِمَّا أنْ يَكُونَ أَفْتَرَ الشَّرابُ إِذَا فَتَرَ شارِبه، كأقْطَف الرجلُ إِذَا قطَفَت دابَّتُه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «أَنَّهُ مِرِض فَبَكى فَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكي لِأَنَّهُ أَصَابَنِي عَلَى حَالِ فَتْرَة وَلَمْ يُصِبْنِي فِي حَالِ اجتِهاد» أَيْ فِي حَالِ سُكُونٍ وتَقْليل مِنَ العِبادات والمُجاهَدات. والفَتْرَة فِي غَير هَذَا: مَا بَيْنَ الرَّسولَين مِن رُسل اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الزَّمان الَّذِي انْقَطَعت فِيهِ الرِّسَالَةُ.
وَمِنْهُ «فَتْرَة مَا بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» .
فَتَرَ يَفْتُرُ ويَفْتِرُ فُتُوراً وفُتاراً: سَكَنَ بعدَ حِدَّةٍ، ولانَ بعدَ شِدَّةٍ. وفَتَّرَهُ تَفْتِيراً.
وفَتَرَ الماءُ: سَكَنَ حَرُّهُ فهو فاتِرٌ وفاتورٌ،
وـ الشيءَ: كالَهُ بِفِتْرِهِ،
وـ جِسْمُهُ فُتُوراً: لانَتْ مَفاصِلُهُ، وضَعُفَ.
والفَتَرُ، محرَّكةً: الضَّعْفُ، والعَضَلُ من اللَّحْمِ، ومقْدارٌ معلومٌ من الطعامِ.
وأفْتَرَهُ الدَّاءُ: أضْعَفَه.
والفُتارُ، كغُرابٍ: ابتداءُ النَّشْوَةِ.
وطَرْفٌ فاتِرٌ: ليسَ بِحادِّ النَّظَرِ.
والفِتْرُ، بالكسر: ما بَيْنَ طَرَفِ الإِبْهامِ وطَرَفِ المُشيرَةِ، وبالضم: كالسُّفْرَةِ من الخُوصِ، يُنْخَلُ عليها الدقيقُ.
والفَتْرَةُ: ما بَيْنَ كُلِّ نَبِيَّيْنِ، وسَمَكَةٌ إذا وطِئْتَها، أخَذَتْكَ فَتْرَةٌ في الرِّجْلَيْن حتى تَعْرَقَ،
كالفِتَّرِ، كقِنَّبٍ.
وأفْتَرَ: ضَعُفَتْ جُفونُهُ، فانْكَسَرَ طَرْفُهُ،
وـ الشَّرابُ: فَتَرَ شارِبُهُ.
وفَتَّرَ السَّحابُ تَفْتيراً: تَحَيَّرَ، وسَكَنَ، وتَهَيَّأ لِلمَطَرِ.
وـ؟؟ الفَرَسُ: اسْتَجَرَّ.
والتَّفْتَرُ: الدَّفْتَرُ. وفَتْرٌ، بالفتح: اسمُ امرأةٍ، ووَهِم الجوهريُّ.

عَمِدَ

عَمِدَ
الجذر: ع م د

مثال: عَمِدَ إلى إرضائه
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ في ضبط عين الفعل الماضي.
المعنى: قصد ذلك

الصواب والرتبة: -عَمَدَ إلى إرضائه [فصيحة]
التعليق: ذكرت المعاجم أن الفعل «عَمَد» بمعنى «قَصَد» من باب «ضَرَب»، ومن ثمَّ تكون عينه «الميم» مفتوحة في الماضي.
(عَمِدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «زَوْجِي رَفِيعُ العِمَاد» أرَادَت عِمَاد بَيْتِ شَرَفه، والعَرب تَضَع البَيْت مَوْضِعَ الشَّرَف فِي النَّسَب والحسَب. والعِمَاد والعَمُود: الخشَبة الَّتِي يَقُوم عَلَيْهَا البيْتُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «يأتِي بِهِ أحَدُهُم عَلَى عَمُود بطْنه» أرادَ بِهِ ظَهْرَه، لِأَنَّهُ يُمْسِك الْبَطْنَ ويُقَوِّيه، فَصَارَ كالعَمُود لَهُ. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى تَعَب ومَشَقَّة، وَإِنْ لَمْ يكُن ذَلِكَ الشيءُ عَلَى ظَهْره، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَل.
وَقِيلَ: عَمُود البطْنِ: عرْق يَمْتَدُّ مِنَ الرَّهَابة إِلَى دُوَيْن السُّرَّة، فكأنَّما حَمله عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «إنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لمَّا قَتَله: أَعْمَدُ مِن رَجُل قَتله قومُه» أَيْ هَلْ زادَ عَلَى رَجُلٍ قَتَلَهُ قومُه، وَهَلْ كَانَ إلاَّ هذا؟ أي إنَّه ليس بعَار. وَقِيلَ: أَعْمَدُ بِمَعْنَى أعْجَبُ، أَيْ أعْجَبُ مِنْ رَجُلٍ قَتله قومُه. تَقُولُ: أَنَا أَعْمَدُ مِنْ كَذَا: أَيْ أعْجَبُ مِنْهُ.
وَقِيلَ: أَعْمَدُ بِمَعْنَى أَغْضَبُ، مِنْ قَولهم: عَمِدَ عَلَيْهِ إِذَا غَضِب.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أتَوَجَّع وأشْتَكِي، مِنْ قَوْلِهِمْ: عَمِدَنِي الأمْر فَعَمِدْتُ: أَيْ أوْجَعَني فوَجِعْتُ.
والمرادُ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُهَوِّن عَلَى نفْسه مَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بعارٍ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَه قَوْمُهُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إنّ نادبته قالت: وا عمراه.! أَقَامَ الأوَدَ وَشَفَى العَمَد» العَمَد بالتَّحريك: وَرَمٌ ودَبَرٌ يَكُونُ فِي الظَّهر، أرادتْ أَنَّهُ أحْسَن السّياسَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لِلّهِ بَلاءُ فُلان فلَقَد قَوَّم الأوَدَ وَدَاوَى العَمَد» .
وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ «كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدارَى البِكَار العَمِدَة» البِكَارُ: جَمْع بَكْر، وهُو الفتيُّ مِن الْإِبِلِ، والعَمِدَة مِنَ العَمَد: الوَرَم والدَّبَر. وَقِيلَ: العَمِدَة الَّتِي كَسَرها ثِقلُ حَمْلِها.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَذِكْرِ طَالِب العلْم «وأَعْمَدَتَاه رجْلاه» أَيْ صَيَّرتَاهُ عَمِيداً، وَهُو المَريض الَّذِي لَا يَسْتَطيع أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْمَكَانِ حتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوانِبه، لطُول اعْتِمَادِه فِي القِيام عَلَيْهِمَا.
يُقَالُ: عَمَدْتُ الشيءَ: أقمتُه، وأَعْمَدْتُه: جَعَلْت تَحْتَه عِمَاداً. وَقَوْلُهُ: «أَعْمَدَتَاه رجْلاه» عَلَى لُغَة مَنْ قَالَ: أَكَلُونِي البراغيثُ، وَهِيَ لُغَةُ طَيٍّ.

غَيَرَ

(غَيَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لرجُل طَلَب القَوَد بِدَم قَتِيلٍ لَهُ: أَلَا تَقْبَل الغِيَر» وَفِي رِوَايَةٍ «أَلَا الغِيَر تُريد» الغِيَر: جَمْعُ الغِيرَة، وَهِيَ الدِّيَةُ، وَجَمْعُ الغِيَر: أَغْيَار. وَقِيلَ: الغِيَر: الدِّيَة، وَجَمْعُهَا أَغْيَار، مِثْل ضِلَع وَأَضْلَاعٍ. وغَيَّرَه إِذَا أَعْطَاهُ الدِّية، وَأَصْلُهَا مِنَ المُغَايَرَة وَهِيَ المُبَادَلة: لِأَنَّهَا بَدَل مِنَ القَتْل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُحلِّم بْنِ جَثَّامة «إِنِّي لَمْ أجِد لِمَا فَعَل هَذَا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ مَثَلًا إِلَّا غَنَمًا وَرَدَتْ، فرُمِيَ أَوَّلُهَا فنَفَر آخِرُهَا، اسْنُنِ الْيَوْمَ وغَيِّرْ غَداً» مَعْنَاهُ أنَّ مَثَل مُحلِّم فِي قَتْله الرَّجُلَ وطَلَبه أَنْ لَا يُقْتَصَّ مِنْهُ وتُؤخَذ مِنْهُ الدِّيَةُ، والوقْتُ أوَل الْإِسْلَامِ وصَدْره كمَثَل هَذِهِ الغَنَم النَّافِرَةِ، يَعْنِي إِنْ جَرَى الأمرُ مَعَ أَوْلِيَاءَ هَذَا الْقَتِيلِ عَلَى مَا يُريد مُحَلِّم ثَبَّط الناسَ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ مَعْرِفَتُهم أَنَّ القَوَد يُغَيَّرُ بالدِّية، والعرَب خُصُوصًا وَهُمُ الحُرَّاص عَلَى دَرْك الأوْتار، وَفِيهِمُ الأنَفَة مِنْ قَبُول الدِّيات، ثُمَّ حَثَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِفَادَةِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: «اسْنُنِ الْيَوْمَ وغَيِّرْ غَداً» يُريد إِنْ لَمْ تَقْتَصَّ مِنْهُ غَيَّرْتَ سُنَّتك، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامُ عَلَى الوجْه الَّذِي يُهَيّج المُخاطَبَ ويَحُثّه عَلَى الإقْدام والجُرْأة عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَــسْعُودٍ «قَالَ لِعُمَرَ فِي رجُل قَتَل امْرَأة وَلَهَا أوْلِياءُ فعَفا بعضُهم، وَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُقِيد لِمَنْ لَمْ يَعْفُ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ غَيَّرْتَ بالدِّية كَانَ فِي ذَلِكَ وَفَاءٌ لِهَذَا الَّذِي لَمْ يَعْفُ، وكنتَ قَدْ أتْمَمْت للعَافِي عَفْوَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ كَرِه تَغْيِير الشَّيْب» يَعْنِي نَتْفَه، فَإِنَّ تَغْيِير لَوْنه قَدْ أمَرَ بِهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «إِنَّ لِي بِنْتا وَأَنَا غَيُور» هُوَ فَعُول، مِنَ الغَيْرَة وَهِيَ الحِمَّية والأنَفَة.
يُقَالُ: رَجُلٌ غَيُور وامرأة غَيُور بلاهاء، لِأَنَّ فَعُولا يَشْتَرك فِيهِ الذَّكر وَالْأُنْثَى.
وَفِي رِوَايَةٍ «إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى» وَهِيَ فَعْلَى مِنَ الغَيْرَة. يُقَالُ: غِرْتُ عَلَى أَهْلِي أَغَار غَيْرَة، فَأَنَا غَائِر وغَيُور لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا عَلَى اخْتِلَافِ تصَرُّفه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «مَن يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَر» أَيْ تَغَيُّر الْحَالِ وانْتِقالَها عَنِ الصَّلَاحِ إِلَى الفَساد. والغِيَر: الاسْم، مِنْ قَوْلِكَ: غَيَّرْت الشَّيْءَ فتَغَيَّرَ.

غَنَا

غَنَا
من (غ ن ي) مقصور غَنَاء.
(غَنَا)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الغَنِيّ» هُوَ الَّذِي لَا يَحْتاج إِلَى أحَد فِي شَيْءٍ، وكُلّ أحَدٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الغَنِيُّ المُطْلَق، وَلَا يشارِك اللهَ تَعَالَى فِيهِ غَيْرُهُ.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ «المُغْنِي» وَهُوَ الَّذِي يُغْنِي مَن يَشَاءُ مِنْ عبِادِه.
(هـ) وَفِيهِ «خَيْرُ الصَّدَقة مَا أبقَت غِنًى» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أي مَا فَضَل عَنْ قُوت العِيال وكِفايَتِهم، فَإِذَا أعْطَيَتها غَيْرَكَ أبقَت بَعْدها لَكَ ولَهُم غِنًى، وَكَانَتْ عَنِ اسْتِغْنَاء مِنْكَ وَمِنْهُمْ عَنْهَا.
وَقِيلَ: خَير الصَّدقة مَا أَغْنَيْتَ بِهِ مَن أعْطَيْتَه عَنِ الْمَسْأَلَةِ.
وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «رجُل رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفا» أَيِ اسْتِغْنَاء بِهَا عَنِ الطَّلَب مِنَ النَّاسِ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ الْقُرْآنِ «مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا» أَيْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ.
يُقَالُ: تَغَنَّيْت، وتَغَانَيْت، واسْتَغْنَيْت.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ لَمْ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ مِنَّا. وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرا.
(هـ س) وفي حَدِيثٍ آخَرَ «مَا أذِنَ اللَّهُ لشيءٍ كأذَنِه لنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ يَجْهُر بِهِ» قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ «يَجْهَر بِهِ» تَفْسير لِقَوْلِهِ «يَتَغَنَّى بِهِ» .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ تَحْسِين الْقِرَاءَةِ وتَرْقِيقُها، ويَشْهد لَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «زَيِّنُوا القرآنَ بأصْواتِكم» وَكُلُّ مَنْ رَفَع صَوْته ووالاَه فصَوْته عِنْدَ الْعَرَبِ غِنَاء.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَتَغَنَّى بالرّكبانيِّ إِذَا رَكِبَت وَإِذَا جَلَستْ فِي الأفْنِيَة.
وَعَلَى أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أحَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ تَكُونَ هِجِّيراهُم بِالْقُرْآنِ مَكَانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ.
وَأَوَّلُ مَنْ قَرأ بِالْأَلْحَانِ عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرة، فَورِثَه عَنْهُ عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عُمَر، وَلِذَلِكَ يُقال:
قِراءة العُمَرِيّ . وَأَخَذَ ذَلِكَ عنه سَعِيد العَلَّاف بالإباضيّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «مَن اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَو تجارةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَميد» أَيِ اطَّرَحَه اللَّهُ ورَمَى بِهِ مِنْ عَيْنه، فِعْل مَن اسْتَغْنَى عَنِ الشَّيْءِ فَلَمْ يَلْتَفت إِلَيْهِ.
وَقِيلَ: جَزاه جَزَاءَ اسْتِغْنَائِه عَنْهَا، كقوله تعالى: «نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» . (س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَان بِغِنَاء بُعَاث» أَيْ تُنْشِدان الأشْعار الَّتِي قِيلت يَوْمَ بُعاث، وَهُوَ حَرْب كَانَتْ بَيْنَ الْأَنْصَارِ، وَلَمْ تُرِد الغِنَاء الْمَعْرُوفَ بَيْنَ أهْل اللَّهو واللَّعِب. وَقَدْ رخَّص عُمَرُ فِي غِنَاء الْأَعْرَابِ، وَهُوَ صَوْتٌ كالحُداء.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّ غُلاما لأناسٍ فُقراء قطعَ أُذُن غُلَامٍ لأَغْنِيَاء، فأتى أهلُه النبي صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَجْعل عَلَيْهِ شَيْئًا» . قَالَ الخطَّابي: كَان الْغُلَامُ الْجَانِي حُرّاً، وَكَانَتْ جِنَايته خَطأ، وَكَانَتْ عاقِلتُهُ فُقَراء فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لِفَقْرِهِمْ.
ويُشْبه أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرّاً أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عبداَ لَمْ يَكُنْ لاعْتذار أَهْلِ الْجَانِي بالفقْر مَعْنىً، لَأَنَّ العاقِلة لَا تَحْمِلُ عَبْدًا، كَمَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا اعترِافا. فَأَمَّا الْمَمْلُوكُ إِذَا جَنَى عَلَى عَبدٍ أَوْ حُرٍّ فجِنايَتُه فِي رقَبَتِه. وللفُقهاء فِي اسْتيفائها منْه خِلَافٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أَنَّ عَلِيًّا بَعَث إِلَيْهِ بصَحيفَة فَقَالَ للرَّسول: أَغْنِهَا عَنَّا» أَيِ اصْرِفْهَا وكُفَّها كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
أَيْ يَكُفُّهُ وَيَكْفِيهِ. يُقَالُ:
أَغْنِ عَنِّي شَرَّكَ: أَيِ اصْرِفْهُ وكُفَّه. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَــسْعُودٍ «وَأَنَا لَا أُغْنِي لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَة» أَيْ لَوْ كَانَ مَعي مَنْ يَمنَعُني لَكَفَيْتُ شَرَّهم وصَرَفْتُهم.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «ورَجُلٌ سَماه النَّاسُ عَالمِاً وَلَمْ يَغْنَ فِي العلْمِ يَوْمًا سَالِمًا» أَيْ لَمْ يَلْبث فِي الْعِلْمِ يَوْمًا تامَّا، مِنْ قَوْلِكَ: غَنِيتُ بِالْمَكَانِ أَغْنَى: إِذَا أَقَمْتَ بِهِ.

غَمَمَ

(غَمَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الصَّوم «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فأكْمِلوا العِدّة» يُقَالُ: غُمَّ عَلَيْنَا الهلالُ إِذَا حالَ دُون رُؤيته غَيْم أَوْ نَحْوُه، مِنْ غَمَمْتُ الشيءَ إِذَا غطَّيْتَه.
وَفِي «غُمَّ» ضَمِيرُ الْهِلَالِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «غُمَّ» مُسْنداً إِلَى الظَّرف: أَيْ فإنْ كُنتم مَغْمُوماً عَلَيْكُمْ فأكْملوا، وتَرَكَ ذِكْرَ الْهِلَالِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْر «وَلَا غُمَّةَ فِي فَرَائِضِ اللَّهِ» أَيْ لَا تُسْتر وتُخْفَى فرائضُه، وَإِنَّمَا تُظْهَر وتُعْلَن ويُجْهَر بِهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «لمَّا نُزِل بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم طَفِق يَطْرِح خَمِيصةً عَلَى وجْهه فَإِذَا اغْتَمَّ كشَفَها» أَيْ إِذَا احْتَبس نَفَسه عَنِ الخُروج، وَهُوَ افْتَعَل، مِنَ الغَمِّ:
التَّغْطِية والسَّتْر.
(س) وَفِي حَدِيثِ المِعْراج فِي رِوَاية ابْنِ مَــسْعُودٍ «كُنَّا نَسِير فِي أَرْضٍ غُمَّة» الغُمَّة: الضَّيِّقة. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «عَتَبُوا عَلَى عُثْمَانَ مَوضِعَ الغَمَامَة المُحْماة» الغَمَامَة: السَّحابة، وجَمْعُها:
الغَمَام، وَأَرَادَتْ بِهَا العُشْبَ والكَلأ الَّذِي حمَاه فسَمَّتْه بالغَمَامَة كَمَا يُسَمَّى بِالسَّمَاءِ، أَرَادَتْ أَنَّهُ حَمَى الكَلأ وَهُوَ حَقُّ جَمِيعِ النَّاسِ.

غَلَطَ

(غَلَطَ يَغْلِطُ) غَلَطَ يَغْلِطُ: لغة في غَلُطَ يَغْلِطُ) ، وقرأَ نُبَيْح، وأَبو واقِدٍ، والجَرَّاح (واغْلِطْ عَلَيْهم) . 
غَلَطَ
الجذر: غ ل ط

مثال: غَلَطَ في المسألة
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ في ضبط عين الفعل بالفتح

الصواب والرتبة: -غَلِطَ في المسألة [فصيحة]
التعليق: الثابت في المعاجم أن الفعل «غَلِطَ» من باب «فَرِحَ» فتكون عينه «اللام» مكسورة في الماضي.
(غَلَطَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنِ الغُلُوطَات فِي المَسائل» وَفِي رِوَايَةٍ «الأُغْلُوطَات» قَالَ الْهَرَوِيُّ:
الغُلُوطَات تُركتْ مِنْهَا الْهَمْزَةُ، كَمَا تَقُولُ: جَاءَ الأحْمَر وَجاء الحَمْرُ بِطَرْح الْهَمْزَةِ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا جَمْع غَلُوطَة.
وَقَالَ الخطَّابي: يُقَالُ: مَسْئلةٌ غَلُوط: إِذَا كَانَ يُغْلَطُ فِيهَا، كَمَا يُقَالُ: شَاة حَلُوب، وفَرَس رَكُوب، فَإِذَا جَعَلْتها اسْماً زِدْت فيها الهاء فقُلْت: غَلُوطَة، كَمَا يُقَالُ: حَلُوبة ورَكُوبَة. وَأَرَادَ المَسائلَ الَّتِي يُغَالَط بِهَا العُلَماء ليَزِلُّوا فِيهَا فيهِيجُ بِذَلِكَ شَرٌّ وَفِتْنة. وَإِنَّمَا نَهى عَنْهَا لِأَنَّهَا غيْر نَافِعَةٍ فِي الدِّين، وَلَا تَكاد تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَقع.
ومِثْله قَوْلُ ابْنِ مَــسْعُودٍ: «أنْذَرْتُكم صِعَابَ المَنْطِق» يُريد المَسائل الدَّقِيقَةَ الغامِضة.
فَأَمَّا الأُغْلُوطَات فَهِيَ جَمْعُ أُغْلُوطَة، أُفْعُولة، مِنَ الغَلَط، كالأُحْدُوثة والاعْجُوبة.

غَلَتَ

(غَلَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «لَا غَلَتَ فِي الْإِسْلَامِ» الغَلَت فِي الْحِسَابِ ــكَالْغَلَطِ فِي الْكَلَامِ. وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ.
وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيْحٍ «كَانَ لَا يُجِيزُ الغَلَت» هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ يَجِدُهُ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ إِلَى الْحَقِّ وَيَتْرُكُ الغَلَت.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِيِّ «لَا يَجُوزُ التَّغَلُّت» هُوَ تَفَعَّلٌ، مِنَ الغَلَت.

غَلَبَ

(غَلَبَ)
(س) فِيهِ «أَهْلُ الجَنَّة الضُّعَفاء المُغَلَّبُون» المُغَلَّب: الَّذِي يُغْلَب كَثِيرًا.
وَشَاعِرٌ مُغَلَّب: أَيْ كَثِيرًا مَا يُغْلَب. والمُغَلَّب أَيْضًا: الَّذِي يُحْكم لَهُ بالغَلَبَة، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَــسْعُودٍ «مَا اجْتَمع حَلال وَحَرَامٌ إلاَّ غَلَبَ الحرامُ الحلالَ» أَيْ إِذَا امْتَزج الحرامُ بِالْحَلَالِ وتَعَّذر تَمييزُهُما كَالْمَاءِ وَالْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ صار الجميع حراما. وَفِيهِ «إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى سِعَةِ الرَّحْمَةِ وَشُمُولِهَا الْخَلْقَ كَمَا يُقَالُ:
غَلَبَ عَلَى فُلَانٍ الْكَرَمُ: أَيْ هُوَ أَكْثَرُ خِصَالِهِ، وَإِلَّا فَرَحْمَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ صِفَتَانِ رَاجِعَتَانِ إِلَى إِرَادَتِهِ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَصِفَاتُهُ لَا تُوصَفُ بغَلَبَة إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ المجاز للمبالغة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَنَ:
بِيضٌ مَرَازِبَةٌ غُلْبٌ جَحَاجِحَةٌ هُوَ جَمْعُ أَغْلَب، وَهُوَ الْغَلِيظُ الْعُنُقِ، وَهُمْ يَصِفُونَ أَبَدًا السَّادَةَ بِغِلَظِ الرَّقَبَةِ وَطُولِهَا، وَالْأُنْثَى غَلْبَاء.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
غَلْبَاء وَجْنَاءُ عُلْكُومٌ مُذَكَّرَةٌ

غَدَرَ

(غَدَرَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ صَلَّى العِشاء فِي جَمَاعة فِي اللَّيلة المُغْدِرَة فقد أوجب» المُغْدِرَة: الشّديد الظُّلْمة التَّي تُغْدِر النَّاسَ فِي بيُوتهم: أَيْ تَتْركُهم. والغَدْرَاء:
الظُّلمة .
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبٍ «لَوْ أَنَّ امْرأة مِنَ الحُور العِين اطَّلَعت إِلَى الْأَرْضِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَة لأضَاءتْ مَا عَلَى الْأَرْضِ» .
(هـ) وَفِيهِ «يَا لَيْتَنِي غُودِرْت مَعَ أَصْحَابِ نُحْص الجَبل» النُّحْصُ: أصْل الجَبل وسَفْحُه.
وَأَرَادَ بِأَصْحَابِ نُحْص الْجَبَلِ قَتْلى أُحُد أوْ غَيْرَهُمْ مِنَ الشُهداء: أَيْ يَا لَيْتَنِي اسْتُشْهِدتُ مَعَهُمْ.
والمُغَادَرَة: التَّرك.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَدْرٍ «فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ فأَغْدَرُوه» أَيْ تركوهُ وخَلَّفُوه، وَهُوَ مَوْضع.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَذَكَرَ حُسْنَ سِيَاسَتِهِ فَقَالَ: «وَلَوْلَا ذَلِكَ لأَغْدَرْتُ بعضَ مَا أسُوق» أَيْ لَخَلَّفْتُ. شَبَّهَ نَفْسَهُ بالرَّاعِي، ورَعِيَّتَهُ بالسَّرْحِ.
ورُوي «لَغَدَّرْتُ» أَيْ لألْقَيْتُ النَّاسَ فِي الغَدَر، وَهُوَ مَكَانٌ كثير الحجارة. (هـ) وَفِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَدِم مكَّة وَلَهُ أربعُ غَدَائِر» هِيَ الذَّوائب، واحِدَتُها: غَدِيرَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ضِمام «كَانَ رَجُلاً جَلْداً أشْعَر ذَا غَدِيرَتَيْنِ» .
(س) وَفِيهِ «بَيْنَ يَدَيِ السَّاعةِ سِنُونَ غَدَّارَة، يَكْثُر المَطر ويَقِلُّ النَّبَاتُ» هِيَ فَعَّالَةٌ مِنَ الغَدْر: أَيْ تُطْمِعُهُمْ فِي الخِصْب بالمَطر ثُمَّ تُخْلِف، فَجعَل ذَلِكَ غَدْراً مِنْهَا.
وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِيَة «قَالَ عُروة بْنُ مَــسْعُودٍ للمُغيِرة: يَا غُدَرُ وَهَل غَسَلْت غَدْرَتَك إلَّا بالأمْسِ» غُدَر: مَعْدُول عَنْ غَادِر لِلْمُبَالَغَةِ. يُقَالُ للذَّكَر غُدَرُ، وَلِلْأُنْثَى غَدَارِ كقَطام، وَهُمَا مُخْتَصَّان بالنَّداء فِي الْغَالِبِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «قَالَتْ لِلْقَاسِمِ: اجْلِسْ غُدَرُ» أَيْ يَا غُدَرُ، فَحَذَفَتْ حَرْف النَّدَاء.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاتِكَةَ «يا لَغُدَرُ ويا لَفُجَرُ» .
(س) وَفِيهِ «إنَّه مرَّ بأرضٍ يُقَالُ لَهَا غَدِرَة فسَمَّاها خَضِرَة» كَأَنَّهَا كَانَتْ لَا تَسْمَح بالنَّبَات، أَوْ تُنْبِتُ ثُمَّ تُسْرِع إِلَيْهِ الآفةَ، فشُبَّهَت بالغَادِر لِأَنَّهُ لَا يَفي.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الغَدْر» عَلَى اخْتلاف تَصرُّفه فِي الْحَدِيثِ.

عَهِدَ

(عَهِدَ)
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وَأَنَا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتطعتُ» أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى مَا عَاهَدْتُك عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِكَ وَالْإِقْرَارِ بِوَحْدانِيَّتك، لَا أزُول عَنْهُ، واسْتَثْنى بِقَوْلِهِ «مَا اسْتَطَعَت» موضِع القَدَر السَّابق فِي أمْرِه: أَيْ إِنْ كَانَ قَدْ جَرَى الْقَضَاءُ أنْ أنْقُضَ العَهْد يَوْمًا مَا، فَإِنِّي أُخْلِدُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى التَّنَصُّل والاعْتِذَار لِعَدم الاسْتِطاعة فِي دَفْع مَا قَضَيْتَه عليَّ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنِّي مُتَمسّك بِمَا عَهِدْتَه إليَّ مِنْ أمْرك ونَهْيك، ومُبْليِ العُذْر فِي الْوَفَاءِ بِهِ قَدْرَ الوُسْع والطَّاقة، وَإِنْ كنْتُ لَا أقْدِرُ أَنْ أبلغ كنه الواجب فيه. (هـ س) وَفِيهِ «لَا يُقْتَل مُؤمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْدِهِ- أَيْ وَلَا ذُو ذِمّة فِي ذِمّته- وَلَا مُشْرِكٌ أُعْطِي أَمَانًا فدَخل دارَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَل حَتَّى يَعُود إِلَى مأْمَنه» .
وَلِهَذَا الْحَدِيثِ تَأْوِيلَانِ بمُقْتَضى مَذهب الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَا يُقْتل المسْلمُ بِالْكَافِرِ مُطلقا، مُعَاهَداً كَانَ أَوْ غيرَ مُعَاهَدٍ، حَرْبيَّا كَانَ أَوْ ذِمِّيّاً، مُشْرِكاً [كَانَ ] أَوْ كِتابِياً، فأجْرى اللَّفظ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يُضْمِر لَهُ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُ نَهَى عَنْ قتل المسلم بالكافر، وَعَنْ قَتْل المُعَاهَد، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَل مسْلم بِكَافِرٍ» لئلَّا يتَوهَّم مُتوهِّم أَنَّهُ قَدْ نُفِيَ عَنْهُ القَوَدُ بقَتْله الْكَافِرَ فَيَظنُّ أَنَّ المُعَاهَد لَوْ قَتَلَهُ كَانَ حُكمه كَذَلِكَ، فَقَالَ: «وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْدِه» وَيَكُونُ الْكَلَامُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، مُنْتَظِما فِي سِلْكه مِنْ غَيْرِ تَقْدِير شَيْءٍ مَحْذُوفٍ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فإنَّه خَصَّص الْكَافِرَ فِي الْحَدِيثِ بالحرْبِي دُون الذِّمِّي، وَهُوَ بِخِلَافِ الْإِطْلَاقِ، لأنَّ مِن مَذهبه أَنَّ المسلمَ يُقْتل بالذِّمِّي، فَاحْتَاجَ أَنْ يُضْمر فِي الْكَلَامِ شَيْئًا مُقدَّراً، ويَجعل فِيهِ تقَدْيماً وَتَأْخِيرًا، فَيَكُونُ التقَّدير: لَا يُقْتل مسْلمٌ وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْده بِكَافِرٍ: أَيْ لَا يُقْتَل مُسْلِمٌ وَلَا كافِرٌ مُعَاهَد بِكَافِرٍ، فَإِنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ مُعَاهَدا وغيرَ مُعَاهَد.
(هـ) وَفِيهِ «مَنْ قَتل مُعَاهَداً لَمْ يَقْبَل اللهُ مِنْهُ صَرْفا وَلَا عَدْلا» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ بِالْفَتْحِ أَشْهَرُ وأكثرَ.
والمُعَاهَد: مَن كَانَ بَيْنك وبَيْنَه عَهْد، وأكثرُ مَا يُطْلَق فِي الْحَدِيثِ عَلَى أهْل الذِّمة، وَقَدْ يُطلق عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الكُفَّار إِذَا صُولحوا عَلَى تَرْك الحَرْب مُدّةً مَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَحِلُّ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا، وَلَا لقطةُ مُعَاهَدٍ» أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَملَّك لُقَطَتُه الْمَوْجُودَةُ مِنْ مَالِهِ، لِأَنَّهُ مَعْصُوم الْمَالِ، يَجْري حُكْمُه مَجْرى حُكم الذِّمِّي.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «العَهْد» فِي الْحَدِيثِ. وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ، وَالْأَمَانِ، وَالذِّمَّةِ، والحِفَاظ، وَرِعَايَةِ الحُرْمَة، والوَصَّية. وَلَا تَخْرج الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِيهِ عَنْ أحَد هَذِهِ المَعَانِي.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «حُسْنُ العَهْد من الإيمان» يريد الحفاظ ورعاية الحرمة. (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَمَسَّكُوا بعَهْدِ ابنْ أُمِّ عَبْدٍ» أَيْ مَا يُوصِيكُمْ بِهِ وَيَأْمُرُكُمْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ حديثُه الْآخَرُ «رَضِيتُ لأمَّتي مَا رَضِيَ لَهَا ابنُ أُمِّ عَبْدِ» لمَعرِفته بشَفقته عَلَيْهِمْ ونَصِيحتِهِ لَهُمْ.
وابنُ أُمِّ عَبْدِ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَــسْعُودٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «عَهِدَ إليَّ النبيُّ الْأُمِّيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ أوْصَى.
وَحَدِيثُ عَبْد بْنِ زَمْعةَ «هُوَ ابْنُ أَخِي عَهِدَ إليَّ فِيهِ أخِي» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «وَلَا يَسْألُ عمَّا عَهِدَ» أَيْ عَمَّا كَانَ يَعْرِفه فِي البيْت مِنْ طعَام وشَراب وَنَحْوِهِمَا، لِسَخائه وسَعَة نَفْسِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «قَالَتْ لِعَائِشَةَ: وتَرَكْتِ عُهَّيْدَاه» العُهَّيْدَى- بِالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ- فُعَّيْلَى، مِنَ العَهْد، كالجُهَّيْدَى مِنَ الْجَهْد، والعُجَّيْلَى مِنَ العَجَلَة.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُقْبة بْنِ عَامِرٍ «عُهْدَة الرَّقيق ثلاثةُ أَيَّامٍ» هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرقيقَ وَلَا يَشْتَرِط البائعُ البَراءةَ مِنَ العَيْب، فَمَا أَصَابَ المُشْتَرِي مِنْ عَيْب فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ، ويُرد إنْ شاءَ بِلَا بَيِّنة، فَإِنْ وَجَد بِهِ عَيْبا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا يُردّ إلَّا بِبِّينة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.