Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رباني

الدَّهْر

(الدَّهْر) مُدَّة الْحَيَاة الدُّنْيَا كلهَا وَالزَّمَان الطَّوِيل وَالزَّمَان قل أَو كثر وَألف سنة وَمِائَة ألف سنة والنازلة والهمة والإرادة والغاية وَيُقَال مَا دهري بِكَذَا وَمَا دهري كَذَا مَا همي وغايتي وَالْعَادَة وَالْغَلَبَة (ج) أدهر ودهور وَيُقَال كَانَ ذَلِك دهر النَّجْم حِين خلق الله النُّجُوم أول الزَّمَان وَفِي الْقَدِيم

(الدَّهْر) الدَّهْر (ج) أدهار
الدَّهْر: وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت سرمد، وَكَون الزَّمَان بكله مَوْجُود فِي الدَّهْر والسرمد من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال مستبعد عِنْد المبتدئين. فلتوضيحه يَكْفِي مَا قَالَه جلال الْعلمَاء والمدققين الدواني رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي شرح رباعياته فِي تَحْقِيق علم الله تَعَالَى وَكَلَامه وَالْإِشَارَة إِلَى حل الإشكالات الَّتِي تتراءى فِي قدمهَا:
(فِي علم الْحق سُبْحَانَهُ وَكَلَامه يَا أهل الْكَمَال ... )
(إِذا أَحْسَنت وامعنت النّظر فَإنَّك لَا تَجِد إشْكَالًا ... )
(هُنَا كل الْمَاضِي والمستقبل وَالْحَال وَهنا حَيْثُ ... )
(جَمِيع الْكَوْن فَكيف يكون الْعَدَم ... )
وَفِي الْعلم الإلهي وَالْكَلَام الــرباني فَإِن السالكين المسالك النظرية والشهورية يشتبهون حِين يقررون الشّبَه فِي علم اللدني، معتبرين أَن علمه قديم ومتعلق بالحوادث الْأَمر الَّذِي يُوجب التَّغَيُّر فِي علمه فَإِذا كَانَ زيد قَائِما وَهُوَ عَالم بقيامه وَإِذا تبدل هَذَا الْقيام إِلَى الْقعُود، فَإِذا بَقِي علمه وَاقِفًا على الْقيام يصبح الْعلم الإلهي جهلا، وَإِذا تغير وتحول إِلَى الْعلم بالقعود فَإِن تبدلا قد حدث فِي علم الله، تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَأَيْضًا إِن الله عَالم بالحوادث الآتيه مُنْذُ الْأَزَل. فَإِذا كَانَ الْعلم على هَذَا الْوَجْه إِلَى أَنهم موجودون، فَهَذَا خلاف الْوَاقِع، وَإِذا كَانَ على وَجه أَنهم سيوجدون بعد وجود الْحَادِث فَإِذا بَقِي الْعلم على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ الْجَهْل، وَإِذا ارْتَفع علمه وَأصْبح علمه بِمَا هُوَ مَوْجُود فَإِن هَذَا يَسْتَدْعِي زَوَال علمه الأول وحدوث علمه الثَّانِي وَكِلَاهُمَا محالين لَدَى ذَات الله تَعَالَى. وَبِنَاء على ذَلِك قَالَ بعض الحشوية أَن علم الله تَعَالَى بالحوادث فِي وَقت حُصُولهَا لَا غير، تَعَالَى عَن ذَلِك.
والمتكلمين المتقصين قَالُوا عَن أساس الشّبَه أَن الْعلم الإلهي قديم وَأَن تبدل الْعلم الْحَادِث وتعلقه يَقع فِي متعلقاته وَلَيْسَ فِي نفس الْعلم. وَهَذَا كَلَام واه. فَكيف يعلم أَن لَا يتَعَلَّق بِشَيْء وَلم يعلم هَذَا الشَّيْء، إِذا يجب أَن يكون الله تَعَالَى لَيْسَ عَالم بالحوادث مُنْذُ الْأَزَل وَهَذَا يعيدنا إِلَى كَلَام الحشوية. أما وَجه التَّقَصِّي فِيهِ فَهُوَ أَن الذَّات الإلهية لَيست زمانية وَلكنهَا مُحِيطَة وعالية عَن زمَان علمه تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَيْسَ زمانيا لكنه مُحِيط بِجَمِيعِ الْأَزْمِنَة دفْعَة وَاحِدَة، وكل جُزْء مَفْرُوض من أَجزَاء الزَّمَان والحوادث الْوَاقِعَة فِيهِ وعَلى الْكَيْفِيَّة الْوَاقِعَة فَهِيَ فِي مشاهديه. مثلا فَإِن زمَان بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام على هَذَا الْوَجْه هُوَ مَاض نِسْبَة إِلَى بعثة الْأَنْبِيَاء الْمُتَأَخِّرين عَنهُ وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبل بِالنِّسْبَةِ لبعثة آدم والأنبياء الآخرين الْمُتَقَدِّمين عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضر بِالنِّسْبَةِ للحوادث الْمُقَارنَة لَهُ. وعَلى هَذَا الْوَجْه فَإِن جَمِيع وَسَائِر الْأَزْمِنَة والحوادث لَا تَتَغَيَّر. وَلَا يُمكن أَن تكون بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام خَالِيَة فِي هَذِه الصِّفَات. والماضي والمستقبل فِيهَا نِسْبَة للأمور الْأُخْرَى وَلَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لله تَعَالَى. وأساس هَذَا الْمَعْنى أَن الذَّات الإلهية فالأمور السَّابِقَة أَو الْمُتَقَدّمَة على الزَّمَان الْمُطلق غير محاطة بِالزَّمَانِ لَكِنَّهَا مُحِيطَة بِالزَّمَانِ، إِذا الْمَاضِي والمستقبل لَا يُوجد بِالنِّسْبَةِ لَهُ ولكنهما موجودان بِالنِّسْبَةِ للزمنين المتساوين فِي أقدمية الْحُضُور وعَلى الرغم من أَن ثُبُوت الْمَاضِي والاستقبال حَاصِل من الْعَدَم وَذَلِكَ لِأَن الْمَاضِي والاستقبال هما الزَّمَان، وَالزَّمَان فرع من الْحَرَكَة وَالْحَرَكَة ناشئة من الْقُوَّة وَالْقُوَّة تَسْتَلْزِم الْعَدَم بِالْقُوَّةِ والعدم لَيْسَ لَهُ طَرِيق فِي ساحة الْوُجُود الْحَقِيقِيّ، بل فِي المجردات: والمثال على هَذَا الْوَجْه من الْمَعْنى أَن يعرض شخص مَا على آخر دفْعَة وَاحِدَة، ثمَّ يعمد إِلَى عرض هَذَا الْخط على حَيَوَان ضيق الحدقة بالتدريج بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْإِحَاطَة بهَا كليا.
وَبِمَا أَن هَذَا الْحَيَوَان سيرى أَن اللَّوْن يتبدل بَين لَحْظَة وَأُخْرَى، فَإِنَّهُ يعْتَقد أَن الأول صَار مَعْدُوما وَأَن الثَّانِي إِن وجد وَذَلِكَ بِسَبَب تبدل علمه بالألوان، وَهَذَا بِمَعْنى غياب آحَاد الألوان عَن ناظريه وتعاقب الْحُضُور عِنْده ...
وَمَا ينْقل عَن أساطين الْحِكْمَة السَّابِقين أَن نِسْبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت هُوَ السرمد، وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الدَّهْر، وَنسبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الزَّمَان، وَيَا أَيهَا الذكي الْعَالم بالدقائق إِلَيْك التَّنْبِيه على هَذَا الْمَعْنى. إِذا أزيلت غشاوة الامتراء وسبل الْجِدَال عَن أعين أهل البصيرة وألقوا من يدهم عَصا تَقْلِيد المصطلحات واتجهوا إِلَى وَادي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الْمُقَدّس وينير لَهُم الْهَادِي نور الطَّرِيق فَيجب أَن يعلمُوا أَنه من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد هُوَ مجَال الْعلم الإلهي ودفعة وَاحِدَة. وَلَا يُمكن لأي شَيْء أَن يغيب عَن خطّ شُهُوده مَاضِيا كَانَ أم اسْتِقْبَالًا. وبنظري الْقَاصِر، فَإِن الْعَالم إِمْكَان ممزوج بِثَوْب الْعَدَم، وَلَا طَرِيق لغبار الْعَدَم إِلَى الساحة المقدسة للكمال والوجود الْمَحْض. وَلَا وجود بعْدهَا للماضي والاستقبال، وَقد أورد بعض أَصْحَاب الْحِكْمَة هَذَا الْمَعْنى شعرًا فَقَالَ:
(الْمَاضِي والمستقبل والحاضر فِي علم الله ... للَّذي يعلم أَنه لَا يعلم ذَلِك)
(وهم جَمِيعًا فِي سجن الزَّمَان ... وَمن ضيق الْمقَال اطلق سراحهم)
الدَّهْر: قد يعد من الْأَسْمَاء الْحسنى. وَلذَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الدَّهْر هُوَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الدَّهْر الزَّمَان الطَّوِيل فَمَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تسبوا الدَّهْر. فَإِن خَالق الدَّهْر هُوَ الله. وَقيل الدَّهْر ألف سنة. وَقيل الدَّهْر الْأَبَد. وَقيل الدَّهْر منشأ الْأَزَل وَإِلَّا بَدَلا ابْتِدَاء لَهُ وَلَا انْتِهَاء لَهُ كل ذِي ابْتِدَاء وَذي انْتِهَاء فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي غَيره. وَهَذَا هُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ أساطين الْحُكَمَاء كَمَا سنبين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا أَدْرِي مَا الدَّهْر فَإِنَّهُ رَحمَه الله توقف فِي الدَّهْر كَمَا توقف فِي وَقت الْخِتَان وَفِي أَحْوَال أَطْفَال الْمُشْركين يَوْم الْقِيَامَة. وَيعلم من كتب الْفِقْه أَن الدَّهْر الْمُنكر أَي الْمُجَرّد عَن لَام التَّعْرِيف مُجمل والمعرف بهَا الْعُمر فَلَو قَالَ إِن صمت الدَّهْر فَعَبْدي حر فَهُوَ على الْعُمر. وَفِي تَحْقِيق الزَّمَان والدهر والسرمد كَلَام طَوِيل للحكماء الْمُحَقِّقين. وَهَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة يُرِيد إِيرَاد خُلَاصَة بيانهم. وتبيان زبدة مرامهم. فَأَقُول إِن السرمد وعَاء الدَّهْر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء المتغيرات تدريجية أَولا. وَبَيَان هَذَا أَن الْمَوْجُود إِذا كَانَ لَهُ هوية وَوُجُود اتصافي غير قار الْأَجْزَاء كالحركة كَانَ مُشْتَمِلًا على أَجزَاء بَعْضهَا مُتَقَدم على بعض وَبَعضهَا مُتَأَخّر عَن بعض لَا يَجْتَمِعَانِ فَلذَلِك الْمَوْجُود بِهَذَا الِاعْتِبَار مِقْدَار وامتداد غير قار ينطبق ذَلِك الْمَوْجُود الاتصالي على ذَلِك الْمِقْدَار بِحَيْثُ يكون كل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوُجُود الاتصالي مطابقا بِكُل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْمِقْدَار الْمُقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر وَهَذَا الْمِقْدَار الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار الْمَنْسُوب إِلَيْهِ ذَلِك الْمَوْجُود الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار هُوَ الزَّمَان وَمثل هَذَا الْمَوْجُود يُسمى متغيرا تدريجيا لَا يُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان والمتغيرات الدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ طرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان فالزمان وعَاء المتغيرات وظرفها وَلذَا قَالَ الشَّيْخ الرئيس الْكَوْن فِي الزَّمَان مَتى الْأَشْيَاء المتغيرة انْتهى.
والماضي وَالْحَال والاستقبال إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتغيرات التدريجية أَو الدفعية الَّتِي منطبقة بأجزاء ذَلِك الامتداد الْغَيْر القار الَّذِي هُوَ الزَّمَان. وَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت سَوَاء كَانَ ثُبُوته بِالذَّاتِ كالواجب تَعَالَى شَأْنه أَو بعلته كالجواهر الْمُجَرَّدَة والأفلاك إِلَى الزَّمَان وَلَا يُمكن نسبته إِلَيْهِ إِلَّا بالمعية فِي الْحُصُول والكون يَعْنِي أَنه مَوْجُود مَعَ الزَّمَان كَمَا أَن الزَّمَان مَوْجُود وَلَا يُمكن نسبته إِلَى الزَّمَان بالحصول يَعْنِي كَون الزَّمَان ظرفا لذَلِك الْأَمر الثَّابِت لِأَن كَون الزَّمَان ظرفا لشَيْء مَوْقُوف على كَون ذَلِك الشَّيْء ذِي أَجزَاء وعَلى انطباق تِلْكَ الْأَجْزَاء على أَجزَاء الزَّمَان وَهَذَا الانطباق مَوْقُوف على التَّغَيُّر والتقضي فِي الْأَجْزَاء حَتَّى تنطبق تِلْكَ الْأَجْزَاء الْغَيْر القارة بأجزاء الزَّمَان الْغَيْر القارة حَتَّى يكون الزَّمَان متناه وَلَيْسَ كل مَا يُوجد مَعَ الشَّيْء كَانَ حَاصِلا فِيهِ ومظروفا لَهُ وَذَلِكَ الشَّيْء ظرفا لَهُ.
أَلا ترى أَن الأفلاك مَوْجُودَة مَعَ الخردلة وَلَيْسَت هِيَ فِيهَا فَيكون ذَلِك الْأَمر الثَّابِت فِي حد نَفسه مستغنيا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذَاته يُمكن أَن يكون مَوْجُودا بِلَا زمَان. فَلذَلِك الْأَمر الثَّابِت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان حُصُول صرف وَكَون مَحْض مُجَرّد عَن كَونه فِيهِ ووعاء هَذَا الْكَوْن والحصول هُوَ الدَّهْر. وَقد علم مِمَّا ذكرنَا أَن الْأَمر الثَّابِت نَوْعَانِ ثَابت بِالذَّاتِ وثابت بِالْغَيْر أَي بعلته فَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ إِلَى الثَّابِت بِالْغَيْر بالمعية أَيْضا لما مر يحصل لَهُ حُصُول وَكَون أرفع من الْحُصُول والكون الَّذِي لِلْأَمْرِ الثَّابِت بِالْغَيْر لِأَنَّهُ حِين النّظر فِي ذَات الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ أَي الْوَاجِب تَعَالَى شَأْنه يغرق جَمِيع مَا سواهُ تَعَالَى فِي بَحر الْهَلَاك والبطلان فِي حد نَفسه وَلَا تهب ريح مِنْهَا إِلَى ساحة جنابه الْمُقَدّس وحضرة وجوده الأقدس فِي هَذَا اللحاظ وَالنَّظَر ووعاء هَذَا الْكَوْن إِلَّا رفع وظرفه هُوَ السرمد. قيل الْحق أَن يخص السرمد والوجود السرمدي بالقيوم الْوَاجِب بِالذَّاتِ جلّ جَلَاله انْتهى.
فالسرمد وعَاء الْكَوْن الْكَوْن إِلَّا رفع للْوَاجِب تَعَالَى ووعاء الدَّهْر أَيْضا وللجواهر الْمُجَرَّدَة وَسَائِر الْأُمُور الثَّابِتَة بِالْغَيْر كَون دهري لَا سرمدي لاختصاصه بِالْوَاحِدِ الْأَحَد الصَّمد عز شَأْنه. والكون الدهري فِي نَفسه وباللحاظ إِلَى ذَاته هَالك كَمَا مر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء التغيرات التدريجية والدفعية وَسَائِر الزمانيات الَّتِي يتَعَلَّق تقررها ووجودها بأزمنة وآنات متعينة. فَجَمِيع الأكوان والأزمان وأجزاء الزَّمَان والحوادث الزمانية والآنية حَاضر مَوْجُود دفْعَة فِي الدَّهْر من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال وعروض انْتِقَال وَزَوَال إِذْ جملَة الزَّمَان وإبعاضه وحدوده لَا يخْتَلف انْقِضَاء أَو حصولا بِالْقِيَاسِ إِلَى الثَّابِت الْمَحْض أصلا فَأذن بعض الزَّمَان وَكله يكونَانِ مَعًا بِحَسب الْحُصُول فِي الدَّهْر وَإِلَّا لَكَانَ فِي الدَّهْر انقضاءات وتجددات فَيلْزم فِيهِ امتداد فينقلب الدَّهْر حِينَئِذٍ بِالزَّمَانِ وَهَذَا خلف محَال فحصول حُصُول الأكوان والأزمان كَذَلِك فِي السرمد بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَإِذ قد علمت أَن المتغيرات التدريجية لَا تُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان. والدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ ظرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان وَأما الْأُمُور الثَّابِتَة الَّتِي لَا تغير فِيهَا أصلا لَا تدريجيا وَلَا دفعيا فَهِيَ وَإِن كَانَت مَعَ الزَّمَان إِلَّا أَنَّهَا مستغنية فِي حد أَنْفسهَا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذواتها يُمكن أَن تكون مَوْجُودَة بِلَا زمَان. فَاعْلَم أَنه إِذا نسب متغير إِلَى متغير بالمعية أَو الْقبلية فَلَا بُد هُنَاكَ من زمَان فِي كلا الْجَانِبَيْنِ وَإِذا نسب بهما ثَابت إِلَى متغير فَلَا بُد من الزَّمَان فِي أحد جانبيه دون الآخر. وَإِذا نسب ثَابت إِلَى ثَابت بالمعية كَانَ الجانبان مستغنيين عَن الزَّمَان وَإِن كَانَا مقارنين. والحكماء الْمُحَقِّقُونَ أشاروا إِلَى مَا فصلنا فِي بَيَان الزَّمَان والدهر والسرمد بِمَا قَالُوا. إِن نِسْبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر (زمَان) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر (دهر) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت (سرمد) .
ف (45) :

الاجتباء

الاجتباء: الجمع على طريق الاصطفاء، واجتباء الله العبد تخليصه إياه بفيض إلهي يتحصل له أنواع من النعم بلا سعي منه وذلك للأنبياء وبعض من قاربهم من نحو صديق وشهيد.
الاجتباء:
[في الانكليزية] Election .illumination
[ في الفرنسية] Election ،illumination
بباى موحده مصدر است از باب افتعال بمعنى بركزيدن- الانتخاب- كما في المنتخب. وهو في اصطلاح أهل السّلوك من الصوفية عبارة عن فيوضات ربّانيــة خاصة لبعض عباده. فتحصل لهم النعم بدون اجتهاد منهم.
وذلك فقط للأنبياء والرسل والشهداء والصدّيقين لا غير. والاصطفاء الخالص هو الاجتباء الخالي من أي شائبة، كذا ورد في مجمع السلوك في بيان التوكّل.

الْخَفي

الْخَفي: فِي اصْطِلَاح أصُول الْفِقْه مَا خَفِي المُرَاد مِنْهُ بِعَارِض فِي غير الصّفة لَا ينَال إِلَّا بِالطَّلَبِ كآية السّرقَة فَإِنَّهَا ظَاهِرَة فِي من أَخذ مَال الْغَيْر من الْحِرْز على سَبِيل الاستتار خُفْيَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى من اخْتصَّ باسم آخر يعرف بِهِ كالطرار والنباش وَذَلِكَ لِأَن فعل كل وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن كَانَ مشابها لفعل السَّارِق لَكِن اخْتِلَاف الِاسْم يدل على اخْتِلَاف الْمُسَمّى ظَاهرا فَاشْتَبَهَ الْأَمر بِأَنَّهُمَا داخلان تَحت لفظ السَّارِق حَتَّى يقطعا كالسارق أَولا. والخفي عِنْد الطَّائِفَة الْعلية الصُّوفِيَّة لَطِيفَة ربانيــة مودوعة فِي الرّوح بِالْقُوَّةِ فَلَا يحصل بِالْفِعْلِ إِلَّا بعد غليان أنوار الذَّات الــربانيــة ليَكُون وَاسِطَة بَين الحضرات وَالروح فِي قبُول تجلي الصِّفَات الربوبية وإفاضة تجلي الْفَيْض الإلهي.

القلب

القلب: لطيفة ربانيــة لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان، ويسميها الحكيم النفس الناطقة، والروح باطنه، والنفس الحيوانية مركبة وهي المدركة العالمة من الإنسان والمخاطب والمطالب والمعاتب. والمعاقب. وقال الراغب. قلب الشيء: تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه آخر. وقلب الإنسان سمي به لكثرة تقلبه، ويعبر بالقلب عن المعاني المختصة به من روح وعلم وشجاعة. وتقليب الشيء: تغييره من حال إلى حال. وتقليب الأمور: تدبيرها والنظر فيها. وتقليب اليد: عبارة عن الندم.القلب عند أهل الأصول: دعوى المعترض أن ما استدل به المستدل في المسألة المتنازع فيها على ذلك الوجه عليه لا له إذا صح.
القلب:
[في الانكليزية] Heart ،bottom ،courage ،metathesis
[ في الفرنسية] Coeur ،fond ،bravoure ،metathese
بالفتح وسكون اللام هو يطلق على معان.
منها ما هو مصطلح الصوفية، قالوا للقلب معنيان: أحدهما اللحم الصنوبري الشّكل المودع في الجانب الأيسر من الصّدر، وهذا القلب يكون للبهائم أيضا، بل للميت أيضا. وثانيهما لطيفة ربّانيــة روحانية لها تعلّق بالقلب الجسماني كتعلّق الأعراض بالأجسام والأوصاف بالموصوفات، وهي حقيقة الإنسان، وهذا هو المراد من القلب حيث وقع في القرآن أو السّنّة.التحقيق بأسمائه وصفاته حتى أن يرى أنّ ذاته ذاته فتكون هويّة العبد عين هويّة الحقّ وإنيّته عين إنيّته واسمه اسمه وصفته صفته وذاته ذاته، فيتصرّف في الوجود تصرّف الخليفة في ملك المستخلف وهذا وسع المحقّقين، وهذا الوسع قد يسمّى وسع الاستيفاء.
واعلم أنّ الحق تعالى لا يمكن دركه على الحيطة والاستيفاء أبدا أبدا، لا لقديم ولا لحديث. أمّا القديم فلأنّ ذاته لا تدخل تحت صفة من صفاته وهي العلم فلا يحيط بها وإلّا لزم منه وجود الكلّ في الجزء، تعالى الله عن الكلّ والجزء، فلا يستوفيها العلم من كلّ الوجوه، بل يقال إنّه سبحانه لا يجهل نفسه لكن يعلمها حقّ المعرفة، ولا يقال إنّ ذاته تدخل تحت حيطة صفة العلمية ولا تحت صفة القدرة، وكذلك المخلوق فإنّه بالأولى لكن هذا الوسع الكمالي الاستيفائي إنّما هو استيفاء كمال ما علمه المخلوق من الحقّ لاكمال ما هو الحقّ عليه، فإنّ ذلك لا نهاية له، فهذا معنى قوله وسعني قلب عبدي المؤمن. ولمّا خلق الله العالم جميعه من نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان المحلّ المخلوق من إسرافيل قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا كان لإسرافيل عليه السلام هذا التوسع والقوة حتى إنّه يحيي جميع الخلائق بنفخة واحدة بعد أن يميتهم بنفخة واحدة للقوة الإلهية التي خلقها الله تعالى في ذات إسرافيل لأنّه محتده القلب والقلب أوسع لما فيه من القوة الذاتية الإلهية فكان إسرافيل عليه السلام أقوى الملائكة وأقربهم من الحقّ أعني من العنصريين من الملائكة، انتهى ما في الإنسان الكامل، ويجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ الهم.
ومنها ما هو مصطلح الصّرفيين وهو إبدال حروف العلة والهمزة بعضها مع بعض فهو أخصّ من الإبدال. ويطلق أيضا عندهم على تقديم بعض حروف الكلمة على بعض ويسمّى قلبا مكانيا نحو آرام فإنّ أصله أرام كما في الشافية وشرحه للرضي. وعلامة صحة القلب المكاني أن يكون تصاريف الأصل تامة بأن يصاغ منه فعل ومصدر وصفة ويكون الآخر ليس كذلك فيعلم من عدم تكميل تصاريفه أنّه ليس بناء أصليا، كذا ذكر الخفاجي في تفسير قوله تعالى يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ. ومنها ما هو مصطلح أهل المعاني وهو جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر والآخر مكانه، ولا ينتقض بقولنا في الدار زيد وضرب عمروا زيد لأنّ المراد بالجعل مكان الآخر أن يجعل متّصفا بصفة لا مجرّد أن يوضع موضعه فدخل في جعل أجزاء أحد الكلام مكان الآخر ضرب زيد، حيث جعل المفعول مكان الفاعل، وخرج بقولنا والآخر مكانه. ولا بد في الحكم بالقلب من داع لفظي أو معنوي فهو ضربان: أحدهما أن يكون الداعي إلى اعتباره من جهة اللفظ بأن يتوقّف صحة اللفظ عليه ويكون المعنى تابعا للّفظ بأن يكون معنى التركيب القلبي معنى التركيب الغير القلبي، كما إذا وقع ما هو في موقع المبتدأ نكرة وما هو موقع الخبر معرفة، كقوله تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ وكقول الشاعر:
قفي قبل التفرّق يا ضباعا ولا يك موقفا منك الوداعا أي لا يكون موقف الوداع موقفا منك.
وثانيهما أن يكون الدّاعي إليه من جهة المعنى لتوقّف صحّة المعنى عليه ويكون المعنى تابعا على اللفظ بأن يكون معنى هذا اللفظ في التركيب القلبي معنى التركيب الغير القلبي نحو أدخلت القلنسوة في الرأس والخاتم في الأصبع، ونحو عرضت الناقة على الحوض، إذ المعنى عرضت الحوض على الناقة، فإنّ عرض الشيء على الشيء إراءته إيّاه على ما في القاموس ولا رؤية للحوض. ولعلّ النكتة في القلب في هذه الأمور أنّ العادة تحرّك المظروف نحو الظرف والمعروض نحو المعروض إليه.
قال السّكّاكي، القلب مقبول مطلقا وهو ممّا يورث الكلام حسنا وملاحة ويسجع عليه كمال البلاغة وأمن الإلباس، ويأتي في المحاورات والأشعار والتنزيل، وردّه البعض مطلقا. والحقّ أنّه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل وإلّا ردّ لأنّ نفس القلب من اللطائف كما جعله السّكّاكي كقول الشاعر:
ومهمة مغبرة أرجاؤه كأنّ لون أرضه سماؤه أي لون سمائه على حذف المضاف، فالمصراع الأخير من باب القلب، والمعنى كأنّ لون سمائه لغبرتها لون أرضه، والاعتبار اللطيف فيه ما شاع في كلّ تشبيه مقلوب من المبالغة في كمال المشبّه إلى أنّه استحقّ جعله مشبّها به، يعني أنّ لون السماء قد بلغ من الغبرة إلى حيث يشبه به لون الأرض في الغبرة، هكذا يستفاد من المطول والأطول. وفي الاتقان من أنواع المجاز اللغوي القلب وهو إمّا قلب إسناد نحو لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أي لكلّ كتاب أجل، ونحو وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ أي حرّمناه على المراضع. وإمّا قلب عطف نحو ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ أي فانظر ثم تولّ عنهم ونحو ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى
أي تدلّى فدنى لأنّه بالتدلّي مال إلى الدنو، أو قلب تشبيه وسيأتي في نوع التشبيه انتهى. ومنها نوع من السرقة الغير الظاهرة وقد سبق. ومنها كون الكلام بحيث إذا قلبته وابتدأت من حرفه الأخير إلى الحرف الأول كان الحاصل بعينه هو هذا الكلام ويسمّى أيضا بالعكس والمقلوب المستوي، وما لا يستحيل بالانعكاس كما سبق وعليه اصطلاح أهل البديع، والمعتبر الحروف المكتوبة، فالمشدّد في حكم المخفّف، وهو قد يكون في النظم وقد يكون في النثر. أما في النظم فقد يكون بحيث يكون كلّ من المصراعين قلبا للآخر كقوله:
أرانا الإله هلالا أنارا وقد يكون كذلك بل يكون مجموع البيت قلبا لمجموعه كقول القاضي:
مودّته تدوم لكلّ هول وهل كلّ مودّته تدوم وأما في النثر فكقوله تعالى: كُلٌّ فِي فَلَكٍ وقوله وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ولا ثالث لهما في القرآن، كذا في المطوّل.

ويقول في جامع الصنائع: المقلوب هو أن تعاد الحروف الملفوظة، ثم من هذا القلب يستنبط لفظ آخر أو نفس التركيب أو تركيب آخر. وقد ذكر الأقدمون بأنّ هذا النوع ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
المقلوب الكلّي والمقلوب الجزئي والمقلوب المستوي. وزاد بعضهم نوعا رابعا فقالوا: مقلوب مجنّح. وهذا من أنواع ردّ العجز على الصدر. وفي هذه الصيغة البديعية توجد تصرّفات لطيفة واستنباطات بديعة وبيان هذا يشتمل عدة أنواع:

القسم الأول شائع وهو نوعان:

أحدهما: أن يؤتى بلفظين بسيطين بحيث لو قلب كلّ منهما لكان عين الثاني. وهذا أيضا ينقسم إلى قسمين: أحدهما ساكت والآخر ناطق. والسّاكت هو: الإتيان بألفاظ تكون عند القلب هي عينها. وليس ثمة قرينة على القلب بحيث يطلع عليها السامع أو الناظر. مثاله في البيت الآتي وترجمته:
اليوم لطف الخواجة عظيم وإنني أنا العبد هذا هو مرادي فالقلب بين مراد ودارم. ولا توجد قرينة تدلّ على ذلك.
والناطق هو أن يكتشف قرينة القلب، وذلك أيضا نوعان: صريح وكناية. ومثال الصريح البيت التالي وترجمته:
أيّها المغرور من أجل ماذا عندك إقبال أنظر الإقبال بصنعة المقلوب (لا بقا) يكون ومثال الكناية البيت التالي وترجمته:
أنا (العبد) منك أرجو (تحقيق) مرادي وقد قلت طرفة مقلوبة فلفظة (بازگونه) أي مقلوب قرينة على أنّ لفظة مراد ودارم مقلوبتان، ولكن القرينة هنا بطريق الكناية الناطقة، لأنّه لو لم تكن كلمة بازگونه لا تشير إلى المقلوب لصار الكلام قدحا وينتفي بذلك مقصود الشاعر إلّا إذا كان الكلام يحتمل الضدين.

وثمة نوع: يركّبون فيه الألفاظ بحيث لو قلبت فإنّ نفس التركيب يعود تماما وهذا معروف لدى المتقدّمين (كقولهم: دام علا العماد). بينما الشاعر الأمير خسرو الدهلوى اخترع نوعا من القلب بحيث نحصل على بيت شعر عربي من مقلوب شعر فارسي واسم هذا النوع قلب اللسانين. ومثاله: ما معناه:
أنظر الحبيب العطوف المبارك في شهر (مهر) من شهور الخريف لا يلمع الوجه في كلّ زمان والبيت الثاني مقلوب الأول ولا معنى لا والله أعلم:

والقسم الثاني: المستوي: أي أنّه من مقلوب الفارسي نحصل على لفظ هندي.

والقرينة على القلب موجودة ومثاله: وترجمته:

بالأمس قلت:

هذا هو الليل الذي يسمّيه الهنود: ظلاما هذا صحيح وإن يكن هنا لا بدّ من القلب فلفظة بازگونه قرينة على أنّ مقصود الشاعر هو مقلوب تار يعني رات. أمّا مقلوب البعض فهو عبارة عن قلب بعض حروف الكلمة مثل عورت وروعت ولا لطافة فيها، انتهى.

ويورد في مجمع الصنائع: المقلوب المجنّح هو أن يقع لفظان في بيت أو بيتين أو مصراع في الأول والآخر ويكون كلّ منهما مقلوب الآخر، ومثاله في المصراع التالي وترجمته، كنز الدولة يعطي خبر الحرب. (گنج- جنگ). والمقلوب الموصل هو قسم من المقلوب المستوي. وهو أنّه عند ما يعيدون البيت فيحصل نفس البيت.

وأمّا الجزئي: فهو وصل حروف مصراع بمصراع آخر. مثاله البيت التالي وترجمته:
يا سكرية الفم، أنت جالبة للغم؟ تأخّري وتجرّعي خمر (مغانه) وما يتعلّق بهذا مرّ في لفظ الجناس. ومنها ما هو مصطلح الأصوليين وأهل النّظر وهو قسم من المعارضة التي فيها مناقضة كما يستفاد من التوضيح. والمفهوم من كلام فخر الإسلام وأتباعه أنّه مرادف لها. وفي نور الأنوار شرح المنار المعارضة التي فيها المناقضة هي القلب في اصطلاح الأصول والمناظرة معا وهو نوعان: قلب العلّة حكما والحكم علّة وقلب الوصف شاهدا على الخصم بعد أن كان شاهدا للخصم، وهذا هو الذي يسمّيه أهل المناظرة بالمعارضة بالقلب، وجعل من القلب العكس وسمّاه قلب التسوية وقلب الاستواء.
ومنها ما هو مصطلح المحدّثين وهو قلب إسناد حديث بإسناد حديث آخر إمّا بكلّه أو بعضه أو قلب متن حديث بمتن حديث آخر، والاول هو الأكثر. فمن الأول ما يكون اسم أحد الراويين اسم أبي الآخر مع كونهما من طبقة واحدة فيجعل الراوي سهوا ما هو لأحدهما للآخر، كمرّة بن كعب وكعب بن مرة لأنّ اسم أحدهما اسم أب الآخر، وللخطيب فيه كتاب مضخّم سمّاه رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب. ومنه أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه راو آخر في طبقته ليصير بذلك غريبا ليرغب فيه، كحديث مشهور لسالم فجعل مكانه نافع. ومنه قلب سند تام لمتن آخر يروى بسند آخر لقصد امتحان حفظ المحدّث، كقلب أهل بغداد على البخاري رحمه الله تعالى مائة حديث امتحانا فردّها على وجوهها. وأمّا الثاني وهو مقلوب المتن فقد جعله بعض المتأخّرين نوعا مستقلا سمّاه المنقلب وعرّفه بأنّه الذي ينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغيّر معناه، كحديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظلّ عرشه، ففيه (ورجل تصدّق بصدقة أخفاها حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله) فهذا مما انقلب على أخذ الرواة وإنّما هو حتى لا يعلم شماله ما ينفق يمينه كما في الصحيحين. اعلم أنّ قيد السهو معتبر في المقلوب فلو وقع الإبدال عمدا لمصلحة فشرطه أن لا يستمرّ عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة، أو لا لمصلحة بل للإغراب فهو كالموضوع. ولو وقع بتوهّم الراوي فهو من المعلّل، ولو وقع غلطا فهو من المقلوب. ولذا جعل البعض القلب لقصد الامتحان من أقسام الإبدال، هكذا يستفاد من شرح النخبة وشرحه والإرشاد الساري.
القلب:
* جعل حرف مكان آخر.
* يطلق القلب على بعض أحكام تسهيل الهمزة.

الصعق

الصعق: شدة الصوت، وقد يطلق على كل هائل مسموع أو مشاهد.

وعند أهل الحقيقة: الفناء في الله عند التجلي الذاتي. وعبارة ابن عربي: الصعق، الفناء عند التجلي الــرباني.

الزكاة

الزكاة: لغة: الزيادة، وشرعا: قدر من المال في مال مخصوص لمالك مخصوص، ذكره ابن الكمال. وقال الراغب: أصل الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله، ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية ومنه الزكاة لما يخرج للفقراء سميت بذلك لما فيها من رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنميتها بالخير أو لهما جميعا.
الزكاة
[ما ينفقونه في سبيل الله، وهو الصدقة، ثم خصّت بما كتبه الله في الأموال. وتسميته بالزكاة من زَكَا يَزْكو: طهر، كما في القرآن:
{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} .
أي طاهرة عن الذنب.
وأيضاً زكَا الزرعُ: طال ونما. ووجه التسمية أنها طهارة للنفس والمال، وبركة ونَماء له، فجمعت المعنيين. قال تعالى:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} . وقال تعالى:
{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} .
فنبّه على كلتا الجهتين لتسمية الزكاة باسمها] .
لها جهات: فمنها كونها ذكراً للمعاد. فإنما نعطي أموالنا، فنردّها إلى الرب، وهكذا نرد أنفسنا، ولهذا وجب الخضوع فيها:
{وهم راكعون} .
{وقلوبهم وَجِلَةٌ} .
فصارت كالصلاة من جهة أخرى، أي الخشوع والخوف.
الزكاة: في اللغة الطهارةُ والزيادة. وفي الشرع: تمليك جزء مال عيَّنه الشارع من مسلم فقير غيرِ هاشمي ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المُملَّك من كل وجه لِلَّه تعالى. وفي البدائع: "ركن الزكاة هو إخراج جزء من النصاب إلى الله تعالى وتسليم ذلك إليه يقطع المالك يده عنه بتمليكه من الفقير، وتسليمه إليه أو إلى يدِ مَن هو نائبٌ عنه وهو المُصَدِّق".
الزكاة:
[في الانكليزية] Charity tax ،tithe ،purety
[ في الفرنسية] Taxe aumoniere ،dime ،purete
كالصلاة وزنا وكتابة اسم من التزكية، وكلاهما مستعملان. وفي المفردات إنها في اللغة النموّ الحاصل من بركة الله تعالى. وفي الشريعة قدر معين من النّصاب الحولي يخرجه الحرّ المسلم المكلّف لله تعالى إلى الفقير المسلم الغير الهاشمي ولا مولاه مع قطع المنفعة عنه من كلّ وجه. فالقدر يتناول الصدقة أيضا. وقولنا معيّن يخرج الصدقة إذ لا تعيّن فيها. وقولنا يخرجه الحرّ المسلم المكلّف لأنّ شرط وجوبها الحرية والإسلام والعقل والبلوغ.
وقولنا إلى الفقير المسلم الغير الهاشمي ولا مولاه أي مولى الهاشمي يخرج الغني والكافر الهاشمي ومولاه، فإنّ دفع الزكاة إليهم مع العلم لا يجوز. وقولنا مع قطع المنفعة عنه احتراز عن الدفع إلى فروعه وإن سفلوا وأصوله وإن علوا، ومكاتبه ودفع أحد الزوجين إلى الآخر. ومعنى قوله من كلّ وجه أي شرعا وعادة فإنّ انتفاع الأب بمال الابن عند الحاجة جائز شرعا، وانتفاع الابن بمال الأب أو أحد الزوجين بمال الآخر جار عادة. وقيد لله تعالى لأنّ الزكاة عبادة فلا بد فيها من الإخلاص هكذا يستفاد من الدرر. وفي جامع الرموز أنّ الزكاة في الشريعة القدر الذي يخرجه إلى الفقير. وفي الكرماني أنّها في القدر مجاز شرعا فإنّها إيتاء ذلك القدر، وعليه المحقّقون كما في المضمرات انتهى. ويؤيّده أنّها توصف بالوجوب وهو من صفات الأفعال ويؤيّد الأول قوله تعالى وَآتُوا الزَّكاةَ إذ إيتاء الإيتاء محال.
والأظهر أنّ الزكاة في الشرع يجيء بكلا المعنيين كذا في البرجندي. وهكذا لفظ الصلاة فإنّها في الأفعال المعهودة مجاز شرعا ولغة إتيانها وأداؤها.
وقد تطلق الزكاة شاملة للعشر وصدقة الفطر والكفارة والنذر وغير ذلك من الصدقات الواجبة كما يستفاد من جامع الرموز في فصل مصرف الزكاة. وقد تطلق الزكاة على التزكية كما ستعرف. وفي شرح القصيدة الفارضية الزكاة لغة الطهارة والنمو وشرعا طهارة مال بلغ النصاب بإخراج ما فضل عن الحاجة لانسداد خلّة المحتاجين به. وفي الحقيقة طهارة نفس بلغت حدّ الكمال بإفاضة ما فضل عن حاجتها من الفيض الــربّاني على المحتاجين إليه انتهى.
وفي الإنسان الكامل وأمّا الزكاة فعبارة عن التزكّي بإيثار الحقّ على الخلق، أعني يؤثر شهادة الحقّ في الوجود على شهود الخلق ويؤيّده ما في بعض الرسائل قال: الزّكاة: في اصطلاح الصوفية: ترك الدنيا، وتطهير النّفس من خطرات الغير. 

الخفي

الخفي: ما خفي المراد منه لعارض في غير الصيغة كآية السرقة ظاهرة فيمن أخذ مال غيره من حرز سرا خفية بالنسبة لمن اختص فعله باسم آخر كالطرار والنباش لأن فعلهما وإن أشبه فعل السارق لكن اختلاف الاسم يدل على اختلاف المسمى ظاهرا فاشتبه الأمر: أهما داخلان تحت لفظ السارق حتى يقطعا أم لا.

والخفي في اصطلاح أهل الله: لطيفة ربانيــة مودعة في الروح بالقوة فلا تحصل بالفعل إلا بعد غلبات الواردات الــربانيــة لتكون واسطة بين الحضرة والروح في قبول تجلي صفات الربوبية، وإفاضة الفيض الإلهي على الروح. الخفوف: السرعة وأصله من الخفة. 
الخفي:
[في الانكليزية] Secret ،hidden ،occult ،esoteric
[ في الفرنسية] Secret ،cache ،occulte ،esoterique
لغة المستتر. وعند الأصوليين من الحنفية لفظ استتر المراد منه لا لنفس الصيغة بل لعارض. والقيد الأخير احتراز عن المشكل والمجمل والمتشابه كآية السرقة خفيت في حقّ الطّرار والنباش، فإنّ معنى السارق لغة هو آخذ مال الغير على سبيل الخفية، وهو اشتبه في حقّهما لاختصاصهما باسم آخر لأنّ اختلاف الاسم يدلّ على اختلاف المسمّى كما هو الأصل، كذا في التلويح وغيره من كتب الأصول. والروح الخفي ويسمّى بالأخفى أيضا يجيء في لفظ الروح.

الخاطر

(الخاطر) مَا يخْطر بِالْقَلْبِ من أَمر أَو رَأْي أَو معنى وَالْقلب أَو النَّفس (على الْمجَاز) (ج) خواطر
الخاطر: مَا يرد على الْقلب من الْخطاب الْوَارِد الَّذِي لَا تعمد للْعَبد فِيهِ وَمَا كَانَ خطابا فَهُوَ أَرْبَعَة أَقسَام. (زماني) وَهُوَ أول الخواطر وَهُوَ لَا يخطي أبدا وَقد يعرف بِالْقُوَّةِ والتسلط وَعدم الاندفاع، و (ملكي) وَهُوَ الْبَاعِث على مَنْدُوب أَو مَفْرُوض وَيُسمى إلهاما، و (نفساني) وَهُوَ مَا فِيهِ حَظّ النَّفس وَيُسمى هاجسا، و (شيطاني) وَهُوَ مَا يَدْعُو إِلَيّ مُخَالفَة الْحق. قَالَ الله تَعَالَى {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} .
الخاطر: اسم لما يتحرك في القلب من رأي أو معنى ثم سمي محله باسم ذلك. وهو في الصفات الغالبة، يقال: خطر ببالي، وعلى بالي أمر. وأصل تركيبه يدل على الاضطراب والحركة، ذكره المطرزي.

الخاطر عند الصوفية: ما يرد على القلب من الخطاب من غير إقامة دليل. وقيل كل وارد لا تعمد لك فيه.

والخاطر أربعة أقسام: رباني وهو أول الخواطر ولا يخطىء أبدا، وقد يعرف بالقوة والتسلط وعدم الاندفاع. وملكي وهو الباعث على مندوب أو مفروض، ويسمى إلهاما. ونفسي وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا. وشيطاني وهو ما يدعو إلى مخالفة الحق: 
الخاطر: ما يرد على القلب من الخطاب الواردِ الذي لا تعمَّد للعبد فيه وقالوا: الخاطرُ اسمٌ لما يخطر ببالك ولا يكون له استقرارٌ في الباطن، فإن استقرَّ فهو الهاجسُ وإن استقر ولم يخرج ولكن لم يترجَّح أحدُ جانبي الفعل أو الترك فهو حديثُ النفس، فإن ترجَّح وترددتْ فيه النفسُ فهو همٌّ، وإن أجمعتَ عليه فهو عزمٌ. ثم إن الثلاثةَ الأُوَل عفوٌ في طرفي الطاعة والمعصية، أما الهمُّ فهو عفوٌ في جانب المعصية ومعتبر في جهة الطاعة والعزمُ معتبر في الجبهتين فهذه الخمسةُ من مراتب القصد ضبطها بعضُهم في هذين البيتين:
مراتبُ القصد خمسُ هاجسٌ ذكروا . .. فخاطرٌ فحديثُ النفس فاستمعا
يليه همٍّ فعزم كلُّها رفعت . .. سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا

رَتاهُ

رَتاهُ: شَدَّه، وأرْخاهُ، ضِدٌّ،
وـ القلبَ: قَوَّاهُ،
وـ الدَّلْوَ: جَذَبَها رَفيقاً،
وـ برَأْسِه رَتْواً ورُتُوًّا: أشارَ، وضم، وخَطَا.
والرَّتْوَةُ: الخَطْوَةُ، وشَرَفٌ من الأرضِ، وسُوَيْعَةٌ من الزَّمانِ، والدَّعْوَةُ، والقَطْرَةُ، ورَمْيَةٌ بسَهْمٍ، أو نحوُ مِيلٍ، أو مَدَى البَصَرِ.
والرَّاتِي: العالِمُ الــرَّبانِيُّ المُتَبَحِّرُ.
ورُتِيَ في ذَرْعِهِ: فُتَّ في عَضُدِهِ.

رتو

ر ت و

الحساء يرتو فؤاد الحزين: يشدّه ويسكنه. وبيننا وبينهم رتوة: مسافة بعيدة قدر مدّ البصر. ودنوت منه رتوة: خطوة. 
قال:

إن تدن مني للوصال دنوه ... أدن إليك للوفاء رتوه
رتو وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي الحساء: إِنَّه يَرتُو فؤاد الحزين وي

رتو


رَتَا(n. ac. رَتْو)
a. Tied up.
b. Untied, undid.
c. Drew up slowly (bucket).
d. Stepped; stepped forward.
e.(n. ac. رَتْو
رُتُوّ) [Bi], Nodded ( the head ).
f. [acc. & Ila], Joined, united to.
رَتْوَةa. Step.
b. Hill.
c. Instant, moment.
رتو
الرتْوُ: المَشْيُ والخَطْوُ. وكُلُّ خَطْوَةٍ: رَتْوَةٌ. وهويَتَرَتّى في مِشْيَتِه. والرَّتَأنُ: كالرتَكَانِ. والرَّتْوَةُ: المَرْحَلَةُ أيضاً. والفَضَاءُ من الأرْضِ. والمُشْرِفُ منها. والمَنْزِلَةُ عِنْدَ السُلْطَانِ. والرَّمْيةُ.
ومَشى رَتْوَةً: أي قَلِيْلاً.
والرَّتْوُ: شَدّ الشَّيْءِ بالشَّيْءِ. ورَتَا في ذَرْعِه: كقَوْلهم فَتَّ في عَضُدِه. ولا يَرْتُو لَبَنَه شَيْء: أي لا يَمْلاصَدْرَه.
ورَتَوْتُ القَوْسَ: شَدَدْت وَتَرَها. وكذلك إذا أرْخَيْتها، وهو من الأضْدَادِ. ورَتَا الدَّلْوُ يَرْتُو رَتْواً: أي مُدَّ مَدّاً رَفِيْقاً. ورَتَا برأسِه: أوْمَأ به. وقَوْلُه: تُرْتى بالعُرى تُشَذُ. وُيرْوى: تَرْتو: تَقْطُرُ. والرَّتْوَةُ: القَطْرَةُ. ورَتَوْتُ الشَّيْءَ: أصْلَحْته. وقَوْلُه - صلى الله عليه وسلم - في الحَسَاء: " يَرْتُو فُؤادَ الحَزِيْنِ " أي يُقَوَيْه وُيسَكَنُه. وما رَتَا شَيْئاً من الطَعَامِ: أي ما أكَلَه.
وأرْتَأتُ الضحِكَ إرْتَاءً: إذا ضَحِكْتَ ضحكاً في فُتُوْرٍ.
رتو
: (و ( {رَتاهُ) } يَرْتُوهُ {رَتْواً: (شَدَّهُ) ؛ أَنْشَدَ الجوهريُّ للبيدٍ يَصِفُ درْعاً:
فَخْمةٌ ذَفْراءُ} تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْأَي تُشَدُّ إِلَى فَوْقُ لتشمرَ عَن لابِسِها.
(و) أَيْضاً: (أَرْخاهُ) وأَدْهاهُ؛ أَنْشَدَ الجوهريُّ للحارِثِ يَذْكُرُ جَبَلاً وارْتِفاعَه:
مُكْفَهِرّاً على الحَوادِثِ لَا يَرْ
تُوهُ للدَّهْرِ مُؤيِدٌ صَمَّاءُأَي لَا تُدْهِيِه دَاهِيَة وَلَا تُغَيِّرُه؛ (ضِدٌّ) ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
(و) {رَتا (القَلْبَ) } يَرْتُوهُ رَتْواً: (قوَّاهُ) ؛ وَمِنْه الحديثُ: (إنَّ الخَزِيرَةَ {تَرْتُو فُؤَادَ المَرِيضِ) أَي تَشُدُّه وتُقَوِّيه، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وَفِي النِّهايَةِ: (الحَسَا} يَرْتُو فُؤَادَ الحَزِينِ) ، بمَعْناه.
(و) رَتا (الدَّلْوَ) ، وبالدَّلْوِ كَمَا هُوَ نَصُّ الأُمَويّ، يَرْتُوهُ رَتْواً: (جَذَبَها) ؛ ونَصّ الأُمويّ: مَدَّها مَدّاً؛ (رَفِيقاً) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) رَتا (برأْسِه رَتْواً) ، بالفتْحِ، ( {ورُتُوّاً) كعُلُوَ: (أَشارَ) .
وَفِي الصِّحاح: هُوَ مثْلُ الإِيماءِ؛ حكَاهُ أَبو عبيدٍ.
(} والرَّتْوَةُ: الخَطْوَةُ) ؛ وَمِنْه حدِيثُ فاطِمَةَ، رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (فَدَنَتْ! رَتْوَة) ، أَي بخَطْوَةٍ.
وَقد رَتَا يَرْتُو: إِذا خَطَا.
(و) {الرَّتْوَةُ: (شَرَفٌ مِن الأرْضِ) ، كالرَّبْوَةِ.
(و) أَيْضاً: (سُوَيْعَةٌ من الزَّمانِ) ، وَهِي الدَّرَجَة، وَبِه فُسِّر حدِيثُ مُعاذٍ الْآتِي.
(و) أَيْضاً: (الدَّعْوَةُ) ، عَن ابنِ الأعرابيِّ.
(و) أَيْضاً: (القَطْرَةُ.
(و) أَيْضاً: (رَمْيَةٌ بسَهْمٍ) ، وَبِه فُسِّرَ حَدِيثُ مُعاذٍ، رضِيَ الله عَنهُ: (أنَّه يتقدَّمُ العُلماءُ يوْمَ القِيامَةِ} برتْوَةٍ) .
(أَو نحوُ مِيلٍ) ؛ عَن أَبي عبيدٍ، وَبِه فسرَ حدِيْث مُعاذٍ أَيْضاً.
(أَو مَدَى البَصَرِ) ، وَبِه فُسِّر حدِيثُ مُعاذٍ أَيْضاً، وقيلَ: الرَّتْوَةُ هُنَا الخَطْوَةُ.
( {والرَّاتِي: العالِمُ الــرَّبَّانِيُّ المُتَبَحِّرُ) فِي العلومِ.
وَفِي التَّهذيبِ: هُوَ العالِمُ العامِلُ المُعَلِّم.
(و) يقالُ: (} رُتِيَ فِي ذَرْعِهِ) ، كعُنِي: (فُتَّ فِي عَضُدِهِ) ، عَن ابنِ سِيدَه.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{رَتَوْتُ} أَرْتُو: خَطَوْتُ.
{والرَّاتِي: الزَّائِدُ على غيرِهِ فِي العَمَلِ؛ نقلَهُ الأَزهريُّ، وَفِي التَكْملَةِ: فِي العِلْمِ.
} والرَّتْيَةُ {والرُّتْيَةُ، بالفتْحِ والضمِّ: الخَطْوَةُ؛ عَن اللَّحْيانيّ.
قالَ ابنُ سِيدَه: ولسْتُ مِنْهَا على ثِقَةٍ.
} والرَّتْوَةُ: الشَّرَفُ والمَنْزِلَةُ عنْدَ السُّلْطانِ.
وأَيْضاً: البَسْطَة.
وأَيْضاً: الزِّيادَةُ فِي الشَّرَفِ وغيرِهِ.
وأَيْضاً: العُقْدةُ الشَّديدَةُ، والعُقْدَةُ المُسْتَرْخِيَة.
{ورَتَوْتُه: ضَمَمْتُه؛ وأَيْضاً رَمَيْتُه.

العَلَقُ

العَلَقُ، مُحرَّكةً: الدَّمُ عامَّةً، أو الشَّديدُ الحُمْرَةِ، أو الغَليظُ، أو الجامِدُ، القِطْعَةُ منه: بهاءٍ، وكلُّ ما عُلِّقَ، والطينُ الذي يَعْلَقُ باليَدِ، والخُصومَةُ والمَحَبَّةُ اللازِمَتَانِ.
وذو عَلَقٍ: جَبَلٌ لِبَني أسَدٍ،
لهُمْ فيهِ يَوْمٌ م على رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ، ودُوَيْبَّةٌ في الماءِ تَمُصُّ الدَّمَ، وما تَتَبَلَّغُ به الماشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ،
كالعُلْقَةِ، بالضمِّ، وكسَحابٍ وسَحابَةٍ،
و=: مُعْظَمُ الطَّريقِ،
و=: الذي تُعَلَّقُ به البَكَرَةُ، والبَكَرَةُ نَفْسُها، أوِ الرِّشاءُ والغَرْبُ والمِحْوَرُ جَميعاً، أو الحَبْل المُعَلَّقُ بالبَكَرَةِ، والهَوَى والحُبُّ، وقَدْ عَلِقَهُ، كفَرِحَ، وبه، عُلوقاً وعِلْقاً، بالكَسْرِ وبالتَّحْريكِ، وعَلاَقَةً،
وـ مِنَ القِرْبَةِ: كعَرَقِها.
وعَلِقَ يَفْعَلُ كذا: طَفِقَ،
وـ أمْرَهُ: عَلِمَهُ.
و"عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ": في الراءِ.
وعَلِقَت المرْأةُ: حَبِلَتْ،
وـ الإِبِلُ العِضاهَ، كنَصَرَ وسَمِعَ: رَعَتْها مِن أعْلاها،
وـ الدابَّةُ، كفَرِحَ: شَرِبَتِ الماءَ فَعَلِقَتْ بها العَلَقَةُ، أي: تَعَلَّقَتْ.
والعُلْقَةُ، بالضمِّ: كُلُّ ما يُتَبَلَّغُ به مِنَ العَيْشِ، وشَجَرٌ يَبْقَى في الشِتاءِ تَعَلَّقُ به الإِبِلُ حتى تُدْرِكَ الرَّبيعَ، واللُّمْجَة،
كالعَلاقِ، كسَحابٍ.
ولم يَبْقَ عِنْدَهُ عُلْقَةٌ: شَيْءٌ. وعَلَقَةُ، مُحرَّكةً: ابنُ عَبْقَرِ بنِ أنْمارٍ مِنْ بَجيلَةَ، ومِنْ وَلَدِهِ: جُنْدَبُ بنُ عَبْدِ الله العَلَقِيُّ الصَّحابِيُّ. وعَلَقَةُ بنُ عُبَيْدٍ في الأزْدِ، وابنُ قَيْسٍ: أبو بَطْنٍ، وأمَّا محمدُ بنُ عِلْقَةَ التَّيْمِيُّ الأَديبُ، فَالكَسْرِ. وكقُبَّرَةٍ: عُلَّقَةُ بنُ الحَارِثِ في قَيْسٍ، وعُقَيْلُ بنُ عُلَّقَةَ: شاعِرٌ، وهِلالُ بنُ عُلَّقَةَ: قاتِلُ رُسْتَمَ بالقادِسِيَّةِ.
وعُلِقَ، كعُنِيَ: نَشِبَ العَلَقُ بِحَلْقِهِ، فهو مَعْلوقٌ. وكقَطامِ: أمْرٌ، أي: تَعَلَّقْ.
وجاءَ بِعُلَقَ فُلَقَ، كَصُرَدٍ، غَيْرَ مَصْرُوفَيْنِ، أي: بالداهِيَةِ.
والعُلَقُ، أيضاً: الجَمْعُ الكَثيرُ.
ورَجُلٌ ذو مَعْلَقَةٍ، كمَرْحَلَةٍ: يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ ما أصابَهُ.
والمِعْلاقانِ: مِعْلاقَا الدَّلْوِ وشِبْهِها.
ورَجُلٌ مِعْلاقٌ وذو مِعْلاقٍ: خَصِمٌ يَتَعَلَّقُ بالحُجَج.
والمِعْلاقُ: اللِسانُ، وكلُّ ما عُلِّقَ به شَيْءٌ،
كالمُعْلوقِ، بالضم.
ومَعاليقُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ.
والعَلْقَى، كَسَكْرَى: نَبْتٌ يَكونُ واحِداً وجمعاً، قُضْبانُهُ دِقاقٌ، عَسِرٌ رَضُّها، يُتَّخَذُ منه المَكانِسُ، ويُشْرَبُ طَبيخُهُ للاسْتِسْقاءِ.
والعالِقُ: بَعيرٌ يَرْعاهُ، وبَعيرٌ يَتَعَلَّقُ بالعِضاهِ.
والعُلَّيْقُ، كقُبَّيْطٍ وقُبَّيْطَى: نَبْتٌ يَتَعَلَّقُ بالشَّجَرِ، مَضْغُهُ يَشُدُّ اللِّثَةَ، ويُبْرِئُ القُلاعَ، وضِمادُهُ يُبْرِئُ بَياضَ العَيْنِ ونُتُوَّها والبَواسيرَ، وأصْلُهُ يُفَتِّتُ الحَصا في الكُلْيَةِ.
وعُلَّيْقُ الجَبَلِ،
وعُلَّيْقُ الكَلْبِ: نَبْتانِ.
والعَوْلَقُ، كجَوْهرٍ: الغُولُ، والكَلْبَةُ الحَرِيصَةُ، (والذَّنَبُ) ، والذِئْبُ، والجوعُ.
والعَوالِقُ: قَوْمٌ باليَمَنِ بوادي الحَنَكِ.
والعَلاقَةُ، ويُكْسَرُ: الحُبُّ اللازِمُ للقَلْبِ، أو بالفَتْحِ: في المَحَبَّةِ ونَحْوِها، وبالكَسْرِ: في السَّوْطِ ونَحْوِه.
ورَجُلٌ عَلاقِيَةٌ، كثَمانِيَةٍ: إذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأصابَ ثَوبَهُ عَلْقٌ، بالفتح وبالتحريكِ: خَرْقٌ من شيءٍ عَلِقَه.
والعَلْقُ، بالفتح: ع، وشجرٌ للدِباغِ، والشَّتْمُ.
وعَلَقَهُ بلِسانِهِ: سَلَقَه.
والعَلْقَةُ: الجَذْبَةُ تكونُ في الثَّوبِ.
ولي في هذا المالِ عُلْقَةٌ، بالضم،
وعِلْقٌ، بالكسر،
وعُلوقٌ وعَلاَقَةٌ ومُتَعَلَّقٌ، بالفتح: بمعنًى. وكأميرٍ: القَضيمُ. وحِبَّانُ بنُ عُلَيْقٍ، كزُبَيْرٍ: طائِيُّ. وكسفينةٍ وسحابةٍ: البعيرُ تُوَجِّهُهُ مع قومٍ ليَمْتاروا لك عليه. وكسحابةٍ: الصَّداقَةُ، والخُصومةُ، ضِدٌّ، وما تَعَلَّقَ به الرجُلُ من صِناعَةٍ وغيرِها، وما يُتَبَلَّغُ به من عَيْشٍ،
وـ من المَهْر: ما يَتَعَلَّقونَ به على المُتَزَوِّجِ، ج: عَلائِقُ، ووالدُ زِيادٍ التابعيِّ، والمَنِيَّةُ،
كالعَلوقِ، كصبُورٍ.
والعِلْقُ، بالكسر: النَّفيسُ من كلِّ شيءٍ، ج: أعْلاقٌ وعُلوقٌ، والجِرابُ، ويُفْتَحُ فيهما، والخَمْرُ، أو عَتيقُها، والثوبُ الكَريمُ، أو التُّرْسُ، أو السَّيْفُ.
وعِلْقُ عِلْمٍ، أي: يُحِبُّهُ ويَتْبَعُه.
وعِلْقُ شَرٍّ: كذلك، وبهاءٍ: أوَّل ثَوْبٍ يُتَّخَذُ للصَبِيِّ، أو قَميصٌ بِلا كُمَّيْنِ، أو ثَوْبٌ يُجابُ ولا يُخاطُ جانِباهُ، تَلْبَسُهُ الجارِيَةُ، وهو إلى الحُجْزَةِ، أو الثوبُ النَّفيسُ، وشَجَرَةٌ يُدْبَغُ بها، وبِلا لامٍ: اسمٌ.
واسْتأصَلَ عَلَقاتِهِم: لُغَةٌ في عَرَقَاتِهِم.
والعُلاَّقُ، كزُنَّارٍ: نَبْتٌ. وكصَبورٍ: الغولُ، والداهِيَةُ، والمَنِيَّةُ، وما تَرْعاهُ الإِبِلُ، وشَجَرٌ تأكُلُهُ الإِبِلُ العِشارُ، وما يَعْلَقُ بالإِنْسانِ، والناقَةُ التي تَعْطِفُ على غيرِ ولَدِها فلا تَرْأمُهُ، وإنما تَشَمُّهُ بأنْفِها وتَمْنَعُ لَبَنَها، والمرأةُ لا تُحِبُّ غيرَ زَوْجِها، وناقَةٌ لا تألَفُ الفَحْلَ ولا تَرْأمُ الولَدَ، والمرأةُ تُرْضِعُ ولَدَ غَيرِها.
و"عامَلَنا مُعامَلَةَ العَلوقِ": يقالُ لِمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامٍ لا فِعْلَ معه.
(والعُلَقُ، كصُرَدٍ: المَنايا، والأشْغالُ) ، والجَمْعُ الكَثيرُ.
والعَلاَّقِيُّ، كــرَبَّانِيٍّ: حِصْنٌ جَنوبِيَّ مِصْرَ.
والعَلاقَى، كسَكارَى: الألْقابُ، واحِدَتُها: عَلاقِيَةٌ، وهي أيضاً العَلائِقُ، واحِدَتُها: عِلاقَةٌ، ككِتَابَةٍ، لأنها تُعَلَّقُ على الناسِ،
وـ مِنَ الصَّيْدِ: ما عَلِقَ الحَبْلُ بِرِجْلِها.
وأعْلَقَ: أرْسَلَ العَلَقَ لتَمُصَّ، وصادَفَ عِلْقاً مِنَ المالِ، وجاءَ بالداهِيَةِ،
وـ بالغَربِ بَعِيرَيْنِ: قَرَنَهُما بطَرَفِ رِشائِهِ،
وـ القَوْسَ: جَعَلَ لها عِلاقَةً،
وـ الصائِدُ: عَلِقَ الصَّيْدُ في حِبالَتِهِ.
وعَلَّقَهُ تَعْليقاً: جَعَلَهُ مُعَلَّقاً،
كَتَعَلَّقَه،
وـ البابَ: أرْتَجَهُ.
وعُلِّقَ فلانٌ، بالضم، امرأةً: أحَبَّها،
وتَعَلَّقَها، وبها: بمعنًى،
كاعْتَلَقَ.
و"ليسَ المُتَعَلِّقُ، كالمُتَأنِّقِ"، أي: ليسَ من يَقْتَنِعُ باليَسيرِ كَمَنْ يَتَأَنَّقُ يأكُلُ ما يَشاءُ.
وعَلاَّقٌ، كشدَّادٍ، ابنُ أبي مُسْلِمٍ، وعثمانُ بنُ حُسَيْنِ بنِ عُبَيْدَةَ بنِ عَلاَّقٍ: مُحدِّثانِ، وابنُ شِهابِ بنِ سعْدِ بنِ زَيْدِ مَناةَ.

الشَّريعَةُ

الشَّريعَةُ: ما شَرَعَ اللهُ تعالى لعبادِهِ، والظاهرُ المُسْتَقيمُ من المَذاهِبِ،
كالشِّرْعَةِ، بالكسر فيهما، والعَتَبَةُ، ومَوْرِدُ الشارِبَةِ،
كالمَشْرَعَةِ، (وتُضَمُّ راؤُها) .
والشِّرْعُ، بالكسر: ع، وشِراكُ النَّعْلِ، وأوتارُ البَرْبَطِ، وبهاءٍ: حِبالَةٌ للقَطا، والوَتَرُ، ويُفْتَحُ، ومِثْلُ الشيءِ،
كالشِّرْعِ، ج: شِرْعٌ أيضاً، ويُفْتَحُ، وشِرَعٌ، كعِنَبٍ،
جج: شِراعٌ. وككِتابٍ: الوَتَرُ ما دامَ مَشْدوداً على القَوْسِ،
وـ من البَعيرِ: عُنُقُهُ، وكالمُلاءَة الواسِعَةِ فَوْقَ خَشَبَةٍ، تُصَفِّقُهُ الرِيحُ فَيَمْضي بالسَّفينَةِ، ج: أشْرِعَةٌ وشُرُعٌ، بضمتين. وكغُرابٍ: رجُلٌ كان يَعْمَلُ الأسِنَّةَ والرِّماحَ،
وـ من النَّبْتِ: المعْتَمُّ.
والشُّراعِيَّةُ، بالضم ويُكسرُ: الناقةُ الطَّويلَةُ العُنُقِ.
وشَرَعَ لهم، كمنَعَ: سَنَّ،
وـ المنْزِلُ: صارَ على طَريقٍ نافِذٍ، وهي دارٌ شارِعَةٌ، ومَنْزِلٌ شارِعٌ،
وـ الدَّوابُّ في الماءِ شَرْعاً وشُروعاً: دَخَلَتْ، وهي إِبلٌ شُروعٌ، بالضم، وشُرَّعٌ، كركَّعٍ،
وـ في الأَمْرِ: خاضَ،
وـ الْحَبْلَ: أنْشَطَه وأدخَلَ قُطْرَيْهِ في العُرْوَةِ،
وـ الإِهابَ: سَلَخَهُ،
وـ الشيءَ: رَفَعه جدّاً،
وـ الرِّماحُ: تَسَدّدَتْ، فهي شارِعَةٌ وشَوارِعُ، وشَرَعْناها وأشْرعْناها فهي مَشْروعَةٌ ومُشْرَعَةٌ.
و"شَرْعُكَ ما بَلَّغَكَ المَحَلَّ"، أي: حَسْبُكَ من الزادِ ما بَلَّغَكَ مَقْصِدَكَ؛ يُضْرَبُ في التَّبَلُّغ باليَسيرِ.
ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ شَرْعُكَ من رَجُلٍ، أي: حَسْبكَ، يَسْتَوِي فيه الواحِدُ والجَميعُ.
والناسُ شَرْعٌ واحِدٌ، ويُحَرَّكُ، أي: باجٌ واحدٌ.
والناسُ في هذا شَرْعٌ، ويُحَرَّكُ، أي: سواءٌ.
وحِيتانٌ شُرَّعٌ، كرُكَّعٍ: رافِعَةٌ رُؤوُسَها.
والشارِعُ: العالِمُ الــرَّبَّانِيُّ العامِلُ المُعَلِّمُ، وكلُّ قَريبٍ.
وشارِعٌ: جَبَلٌ بالدَّهْناءِ،
وة.
وشارِعُ الأنْبارِ والْمَيْدانِ: مَحلَّتانِ ببغْدَادَ.
والشَّوارِعُ من النُّجومِ: الدانِيَةُ من المغيبِ. وكأَميرٍ: الشُّجاعُ بَيِّنُ الشَّراعَةٍ، كسحابةٍ، والكَتَّانُ الجَيِّدُ، وكشَدّادٍ: بائِعهُ.
والأشْرَعُ: الأنْفُ الذي امْتَدّتْ أرْنَبَتهُ.
وشُراعةُ، كثُمامةٍ: د لهُذَيْلٍ، ورجلٌ.
والشَّرَعةُ، محرَّكةً: السَّقيفَةُ، ج: أشْراعٌ.
وأشْرَعَ باباً إلى الطريقِ: فَتَحَه،
وـ الطريقَ: بَيَّنه،
كشَرَّعهُ تَشْريعاً.
والتَّشْريعُ: إيرادُ الإِبِلِ شَريعَةً لا يُحْتاجُ مَعَها إلى نَزْعٍ بالعَلَقِ، ولا سَقْيٍ في الحَوْضِ، وفي حَديثِ عَلِيٍّ رضي الله تعالى عنه: أنَّ رَجُلاً سافَرَ في صَحْبٍ له، فَلَمْ يَرْجِعْ بِرُجوعِهِم، فاتُّهِمَ أصْحابُهُ، فَرُفِعُوا إلى شُرَيْحٍ، فَسَألَ أولياءَ المَقْتولِ البَيِّنَةَ، فَلَمَّا عَجَزُوا، ألْزَمَ القَوْمَ الأَيْمانَ، فأَخْبَروا عَلِيّاً بِحُكْم شُرَيْحٍ، فقال:
أوْرَدَها سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ ... ياسَعْدُ لا تَرْوَى بهذاكَ الإِبِل
ويُرْوَى: ما هكذا تورَدُ يا سَعْدُ الإِبِلُ، ثُمَّ قال: إنَّ أهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْريعُ، ثُم فَرَّقَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ وسأَلَهُمْ، فأَقَرّوا فَقَتَلَهُم، أي: ما فَعَلَهُ شُرَيْحٌ كان هَيِّناً، وكان نَوْلُهُ أنْ يَحْتاطَ ويَسْتَبْرِئَ الحالَ بأَيْسرِ ما يُحْتاطُ بِمثْلِهِ في الدِّماءِ.

خفيّ

الخفيّ: هو ما خفي المراد منه بعارضٍ في غير الصيغة، لا ينال إلا بالطلب، كآية السرقة؛ فإنها ظاهرة فيمن أخذ مال الغير من الحزر على سبيل الاستتار خفية، بالنسبة إلى من اختص باسم آخر يعرف به كالطرار والنباش؛ وذلك لأن فعل كل منهما، وإن كان يشبه فعل السارق، لكن اختلاف الاسم يدل على اختلاف المسمى ظاهرًا، فاشتبه الأمر في أنهما داخلان تحت لفظ: السارق، حتى يقطعا كالسارق أو لا، والخفاء في اصطلاح أهل الله: هو لطيفة ربانيــة مودعة في الروح بالقوة، فلا يحصل بالفعل إلا بعد غلبات الواردات الــربانيــة، ليكون واسطة بين الحضرة والروح في قبول تجلي صفات الربوبية وإفاضة الفيض الإلهي على الروح.

طيأ

[ط ي أ] طَيِّيءٌ: قَبيلةُ، والنَّسَبُ إليها طائِيُّ، على غَيرِ قِياس، وقِياسُه طَيْئيُّ، كما قِيلَ في النَّسَبِ إلى طَيِّبٍ: طَيْبِيُّ، كَراهِيَةَ الكَسْراتِ والياءات، وأََبْدَلَوا الأَلِفَ من الياء، كما أَبْدَلُوها منها في رَبَّانيٍّ: ونَظِيرُه: لاهِ أَبُوك، في قَوْلِ بَعضِهم، فَأَمَّا قَوْلُ من قَالَ: إنَّه سُمِّيَ، طَيِّئاً لأَنَّه أَوَّلُ مَنْ طَوَى المَناهِلَ، فَغَيْرُ صَحيحِ في التَّصْريِفِ.

عَرَبَ 

(عَرَبَ) الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْإِنَابَةُ وَالْإِفْصَاحُ، وَالْآخَرُ النَّشَاطُ وَطِيبُ النَّفْسِ، وَالثَّالِثُ فَسَادٌ فِي جِسْمٍ أَوْ عُضْوٍ.

فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: أَعْرَبَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ، إِذَا بَيَّنَ وَأَوْضَحَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ 0 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «الثَّيِّبُ يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا» وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «يُسْتَحَبُّ حِينَ يُعْرِبُ الصَّبِيُّ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. سَبْعَ مَرَّاتٍ» "، أَيْ حِينِ يُبِينُ عَنْ نَفْسِهِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ إِعْرَابِ الْكَلَامِ. وَإِعْرَابُ الْكَلَامِ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ، لِأَنَّ بِالْإِعْرَابِ يُفْرَقُ بَيْنَ الْمَعَانِي فِي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَالنَّفْيِ وَالتَّعَجُّبِ وَالِاسْتِفْهَامِ، وَسَائِرِ أَبْوَابِ هَذَا النَّحْوِ مِنَ الْعِلْمِ.

فَأَمَّا الْأُمَّةُ الَّتِي تُسَمَّى الْعَرَبُ فَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَتْ عَرَبًا مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ لِأَنَّ لِسَانَهَا أَعْرَبُ الْأَلْسِنَةِ، وَبَيَانُهَا أَجْوَدُ الْبَيَانِ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ: " «إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بَابًا وَاحِدًا، لَكِنَّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ» ". وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُ الْعَرَبِ: مَا بِهَا عَرِيبٌ، أَيْ مَا بِهَا أَحَدٌ، كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ، مَا بِهَا أَنِيسٌ يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ هُمُ الصَّرِيحُ. وَالْأَعَارِيبُ: جَمَاعَةُ الْأَعْرَابِ. وَرَجُلٌ عَرَبِيٌّ. قَالَ: وَأَعْرَبَ الرَّجُلُ، إِذَا أَفَصَحَ الْقَوْلَ، وَهُوَ عَــرَبَانِيُّ اللِّسَانِ: فَصِيحٌ. وَأَعْرَبَ الْفَرَسُ: خَلَصَتْ عَرَبِيَّتُهُ وَفَاتَتْهُ الْقِرْفَةُ. وَالْإِبِلُ الْعِرَابُ، هِيَ الْعَرَبِيَّةُ. وَالْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ هُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا بَعْدُ فَاسْتَعْرَبُوا وَتَعَرَّبُوا.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: الْمَرْأَةُ الْعَرُوبُ: الضَّحَّاكَةُ الطَّيِّبَةُ النَّفْسِ، وَهُنَّ الْعُرُبُ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 36] ، قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: هُنَّ الْمُتَحَبِّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَالْعَرْبُ، بِسُكُونِ الرَّاءِ: النَّشَاطُ. قَالَ:

وَالْخَيْلُ تَنْزِعُ عَرْبًا فِي أَعِنَّتِهَا

وَالْعَرَبُ: الْأَثَرُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ. يُقَالُ مِنْهُ: عَرِبَ يَعْرَبُ عَرَبًا.

وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ قَوْلُهُمْ: [عَرِبَتْ] مِعْدَتُهُ، إِذَا فَسَدَتْ، تَعْرَبُ عَرَبًا. وَيُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: امْرَأَةٌ عَرُوبٌ، أَيْ فَاسِدَةٌ. أَنْشَدَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:

وَمَا خَلَفٌ مِنْ أُمِّ عِمْرَانَ سَلْفَعٌ ... مِنَ السُّودِ وَرْهَاءُ الْعِنَانِ عَرُوبُ

فَأَمَّا يَوْمُ الْجُمْعَةِ فَإِنَّهُ يُدْعَى الْعَرُوبَةَ، وَهُوَ اسْمٌ عِنْدَنَا مَوْضُوعٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقِيَاسِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ كَانَ يُسَمَّى فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ الْعَرُوبَةَ. وَكِتَابُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجِئْ إِلَّا بِذِكْرِ الْجُمْعَةِ. عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ أَنْشَدُوا:

يَوْمُ الْعَرُوبَةِ أَوْرَادًا بِأَوْرَادِ

وَأَنْشَدُوا أَيْضًا:

يَا حُسْنَهُ عِنْدَ الْعَزِيزِ إِذَا بَدَا ... يَوْمَ الْعَرُوبَةِ وَاسْتَقَرَّ الْمِنْبَرُ

وَكُلُّ هَذَا عِنْدَنَا مِمَّا لَا يُعَوَّلُ عَلَى صِحَّتِهِ. 

هدى

هدى: {هدى}: رشدا. و {الهدي}: ما أهدي إلى البيت الحرام واحدها: هَدِيَّة، وهَدْيَة.
(هدى) الْعَرُوس إِلَى بَعْلهَا أهداها والهدية إِلَى فلَان وَله أتحفه بهَا وَيُقَال فلَان يهدي للنَّاس إِذا كَانَ كثير الْهَدَايَا
(هدى)
فلَان هدى وهديا وهداية استرشد وَيُقَال هدى فلَان هدي فلَان سَار سيره وَفُلَانًا أرشده ودله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {ووجدك ضَالًّا فهدى} وَفُلَانًا الطَّرِيق وَله وَإِلَيْهِ عرفه وَبَينه لَهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وهديناه النجدين} وَفِيه أَيْضا {واهدنا إِلَى سَوَاء الصِّرَاط}
هدى وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه خرج فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يهادى بَين اثْنَيْنِ حَتَّى أُدخِل الْمَسْجِد. يَعْنِي أَنه كَانَ يعْتَمد عَلَيْهِمَا من ضعفه وتمايُله وَكَذَلِكَ كل من فعل ذَلِك بِأحد فَهُوَ يهاديه / قَالَ ذُو الرمة يصف امْرَأَة تمشي بَين نسَاء 61 / الف يماشينها: [الطَّوِيل]

يهادين جماء الْمرَافِق وَعْثةً ... كليلة حجم الكعب ريا المخلخلِ

فَإِذا فعلت الْمَرْأَة ذَلِك فتمايلت فِي مِشيتها من غير أَن يماشيها أحد قيل: هِيَ تهادي قَالَه الْأَصْمَعِي وَغَيره وَمن ذَلِك قَول الْأَعْشَى:

[المتقارب]

إِذا مَا تأتّي تُرِيدُ الْقيام ... تهادى كَمَا قد رَأَيْت البهيرا عَنَّا هدى وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: اتَّقوا اللَّه فِي النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عنْدكُمْ عوانٍ. قَوْله: عوان واحدتها عانية وَهِي الْأَسِيرَة يَقُول: إِنَّمَا هن عنْدكُمْ بِمَنْزِلَة الأسرى وَيُقَال للرجل من ذَلِك: هُوَ عانٍ وَجمعه 
(هدى) - في حديث علىّ - رضي الله عنه -: "قل: اللَّهُمَّ اهْدِنى وسَدِّدْنىِ واذكُرْ بالهُدَى هِدَايَتَك الطّرِيقَ، وبالسَّدَادِ تَسدِيدَكَ السَّهْمَ"
: أي إنّ سَالِكَ الطريقِ في الفَلاَة إنَّما يَؤُمُّ سَمْتَ الطريقِ، ولا يَكاد يُفارِق الجادَّة، ولا يَعدِلُ عنها يُمْنَةً ولا يَسْرةً، خوفاً من الضَّلال، وبذلك يُصِيب الهِدايةَ، وينَال السَّلامةَ.
يَقولُ: إذَا سَألت الله - عزّ وجلّ - الهُدَى، فأخْطِرْ بِقلْبِك هِدايةَ الطَّرِيق، وسَلِ الله تعالى الهُدَى والاسْتِقَامَة، كما تَتَحرَّاه في هِدَاية الطَّريق إذَا سلَكتها، وكذلك الرَّامِى إذِا رَمَى غرَضًا سَدَّدَ السَّهَم نحوَهُ لِيُصِيبَه، فأخطِرْ بقَلْبِكَ؛ ليَكُون ما تَنْوِيه من ذلك على شَاكِلَة ما تَسْتَعْمِلُه في الرَّمْى.
- في الحديث: "طَلَعَت هَوَادِى الخَيْل"
يعنى أوَائلَها، والهَادِى: العُنُقُ؛ لَأنّها تتقدّم صاحبَها وكلُّ شىءٍ قَادَ شَيئاً فهو هَادِيه.
- في الحديث: "من هَدَى زُقاقًا"
: أي هِدَاية الطريق.  ويُروى بتَشْدِيد الدّال : أي أَهدَى وتَصَدَّق بزُقَاقٍ من النَّخْل، وهي السِّكَّةُ، والصَّفُّ من أشْجارِه.
هدى وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حِين بعث إِلَى ضُباعة وذَبَحت شَاة فَطلب مِنْهَا فَقَالَت: مَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا الرَّقَبَة وَإِنِّي لأستحيي أَن أبْعث إِلَيّ رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم بِالرَّقَبَةِ فَبعث إِلَيْهَا أَن أرسلي بهَا فَإِنَّهَا هادِية الشَّاة وَهِي أبعد الشَّاة من الْأَذَى. قَالَ الْأَصْمَعِي وَغير وَاحِد: الْهَادِي من كل شَيْء أَوله ومَا تقدم مِنْهُ. وَلِهَذَا قيل: أَقبلت هوادي الْخَيل - إِذا بَدَت أعناقها لِأَنَّهَا أول شَيْء يتقدمها من أجسادها وَقد تكون الهوادي أول رعيل يطلع مِنْهَا لِأَنَّهَا الْمُتَقَدّمَة يُقَال مِنْهُ: قد هَدَتْ تهِدي - إِذا تقدّمت قَالَ عُبَيْد بْن الأبرص يذكر الْخَيل: [الْكَامِل]

وغداةَ صَبَّحن الجفار عوابسا ... تهدي أوائلهن شعث شُزَّبُ

أَي يتقدمهن وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر عَشاه ومشيه بالعصا: [المتقارب]

إِذا كَانَ هادي الفتي فِي البلا ... د صَدْرَ الْقَنَاة أطَاع الأميرَا

قد يكون أَنه إِنَّمَا سمى الْعَصَا هاديًا لِأَنَّهُ يُمسكها بِيَدِهِ فَهِيَ تهديه تتقدمه وَقد يكون من الهِداية - أَي أَنَّهَا تدله على الطَّرِيق وَكَذَلِكَ الدَّلِيل يُسمى هاديًا لِأَنَّهُ يقدم الْقَوْم ويتبعونه وَيكون أَن يهْدِيهم للطريق.
هدى
هو اسم الحِدْثان من: هَدَى يَهْدِي. ويأتي -حسب أصل معلوم في إطلاق أسماء الحِدثان- على وجوه:
فالأول أنه النور والبصيرة في الفؤاد، كما قال قُسّ بن ساعِدَة :
والَّذي قد ذكرتُ دلَّ على اللهِ ... م نفوساً لها هُدىً وَاعتبارُ
وكما قال تعالى:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} .
وأيضاً:
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} .
والثاني هو الدليل والبينة وما تهتدي به، كما في قوله تعالى:
{أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} .
أيضاً:
{وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} . أيضاً:
{بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} .
والثالث: الطريق الواضح الموصل، كما قال امرؤ القيس:
وَمِنَ الطريقةِ جائرٌ وهُدىً ... قصدُ السبيلِ ومنه دْو دَخلِ
وفي القرآن:
{إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} .
ومنه: للسنّة والشريعة، كما قال تعالى:
{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} .
و {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} .
والرابع: اسم لفعل الهداية، كما قال تعالى:
{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} . أيضاً:
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .
أيضاً:
{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} .
وهذه الوجوه كلّها من جهة العربية.
ثم العرب تسمي الأشياء ببعض وصفها الظاهر. فعلى هذا الأسلوب سمى الله تعالى كتابه "هدى" من جهة هذه الوجوه كلّها، لكونه جامعاً لها. والشيء الواحد يسمى بأسماء عديدة، فالهدى من أسماء كتاب الله، كما قال تعالى ذكراً لقيل مؤمني الجن:
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ} .
وأيضاً:
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} .
وأيضاً:
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} .
أي يأتينكم وَحْيٌ مني. فهذا هو المعنى الخامس للهدى. وهو جامع للوجوه السابقة .

هد

ى1 هَدَاهُ He directed him, or guided him, to the way; (K, * TA;) directed him aright; or caused him to take, or follow, a right way or course or direction. (K, TA.) See 8. b2: هَدَى العَرُوسَ He sent [or conducted] the bride (MA, KL) to her husband, (MA,) or to the house of her husband: (KL;) i. q. زَفَّهَا, (K in art. زف,) and so ↓ أَهْدَاهَا. (Msb in that art.) b3: يَهْدِى meaning يُؤَدِّى: see an ex. in a verse cited voce طَبَعٌ.4 أَهْدَىَ see 1.6 تَهَادَنَا They (two parties who had been at war) made a truce, each with the other. (T, art. نبذ.) 8 اِهْتَدَى He became rightly directed; followed a right direction; (K;) went aright; as also ↓ هَدَى. (S.) b2: He guided himself. b3: He went a right way: went aright. b4: لَا يَهْتَدِى إِلَى جِهَةٍ He cannot go aright: or knows not the way that he would pursue; or knows not in what direction to go: sometimes said of a drunken man. b5: لَا يَهْتَدِى لِأَمْرِهِ means He does not, or cannot, find the way to accomplish, or perform, his affair. b6: اِهْتَدَى He found, (MA,) or took (KL,) the right way or road. (MA, KL.) b7: دَاهِيَةُ لاَ يُهْتَدَى لَهَا, by which دَاهِيَةُ الغَبَرِ is expl. in the S and O, means لَا يُهْتَدَى للَّنَّجَآءِ مِنْهَا, by which the same phrase is expl. in the JK: or it may be well rendered A calamity in relation to which one knows not the right course to pursue. b8: اِهْتَدَى also signifies He continued to be rightly directed, or to follow a right dirertion: and he sought to be rightly directed, or to follow a right direction. (TA.) b9: اِهَدَّى and اِهِدِّى, for اِهْتَدَى; like اِعَذَّرَ and اِعِذِّرَ, for اِعْتَذَرَ.

هَدْىٌ A way, course, method, mode, or manner, of acting, or conduct, or proceeding, or the like; (Msb, K;) as also ↓ هِدْيَةٌ and ↓ هَدْيَةٌ: (K:) or to the second and third: and the first is pl. [or coll. gen. n.] of the last: (S:) and a god way, &c.: and calm, or placid, deportment; or calmness, or placidity, of deportment: (TA:) see also دَلٌ. b2: هَدْىٌ [Conduct, mode of life; manners].

A2: See هَدِىٌّ.

هُوَ عَلَى هُدًى He is following, or he follows, a right direction. b2: الهُدَى

The Kurn. (Bd, Jel in lxxii. 13, &c.) هِدْيَةٌ and هَدْيَةٌ: see هَدْيٌ.

هَدِيَّةٌ [n. un. of هَدِىٌّ] A present; i. e. a thing sent to another in token of courtesy or honour: (Msb;) such as is termed طَرِيفٌ and لَطَفٌ. (JK.) b2: ↓ هَدْىٌ and هَدِىٌّ [coll. gen. ns.] What one brings as an offering to Mekkeh, (K,) or to the Kaabeh, (Beyd, v. 2,) or to the Haram, (S, Mgh,) consisting of camels (Lth, S, Mgh, Msb) or other beasts, (Lth,) namely kine or sheep or goats, (Mgh,) to be sacrificed, (TA,) and of goods or commodities: (Lth:) n. un. with ة. (S, &c.) b3: Also, Camels, absolutely. (TA.) b4: هَدِىٌّ also One who is entitled to respect, or honour, or protection: so in a verse cited voce اِسْتَبَآءَ. (ISk in T in art. بوأ.) هَادٍ

: see an ex. of its pl. هَوَادِى meaning Necks of horses, voce تَالٍ. b2: هَادِيَةٌ The fore part of the neck of a horse. (K in art. سلف.) b3: أَخَذَ هَادِىَ الرَّحَى فَجَعَلَ يُدِيرُهَا [He took the handle of the mill, and begun to turn it]. (K, art. خبز.) أَهْدَى مِنْ دُعَيْمِيصِ الرَّمْلِ More expert, &c: see art. دعمص.

المَهْدِىُّ

, meaning The directed by God to the truth, is a proper name, and the name of him of whose coming at the end of time the happy tidings have been announced. (TA.) [It is always so pronounced by the Arabs in the present day: not المُهْدِى.]
[هدى] الهُدى: الرشادُ والدلالةُ، يؤنَّث ويذكَّر. يقال: هَداهُ الله للدين هدى. وقوله تعالى: (أولم يَهْدِ لَهُمْ) قال أبو عمرو بن العلاء: أولم يبين لهم. وهَدَيْتُهُ الطريق والبيت هِدايَةً، أي عرفته (*) هذه لغة أهل الحجاز، وغيرهم يقول: هَدَيْتُهُ إلى الطريق وإلى الدار ، حكاها الاخفش. وهدى واهتدى بمعنًى. وقوله تعالى: (فإنَّ الله لا يَهْدي من يُضِلّ) قال الفراء: يريد لا يَهْتَدي. والهِداءُ: مصدر قولك: هَدَيْتُ المرأةَ إلى زوجها هِداءً، وقد هُدِيَتْ إليه. قال زهير: فإنْ كان النساءُ مُخَبَّآتٍ * فَحَقّ لكلِّ مُحْصَنَةٍ هِداءُ وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أيضاً على فَعيلٍ. والهَدْيُ: ما يُهدى إلى الحرم من النعم. يقال: مالى هَدْيٌ إن كان كذا وكذا! وهو يمينٌ. والهَدِيُّ أيضاً على فَعيلٍ مثله، وقرئ: (حتَّى يبلغ الهُدى مَحِلَّه) بالتخفيف والتشديد. الواحدة هُدْيَةٌ وهَدِيَّةٌ. وأمَّا قول زهير فلم أرَ معشراً أسروا هَدِيًّا * ولم أرَ جارَ بيتٍ يُسْتَباءُ قال الأصمعيّ: هو الرجل الذي له حُرْمَةٌ كحرمة هَدِيِّ البيت. قال أبو عبيد: ويقال للأسير أيضاً هَدِيٌّ. وأنشد للمتلمِّس يذكر طرفة ومقتل عمرو بن هندٍ إيَّاه: كطُريفةَ بنِ العبد كان هَدِيُّهُم * ضربوا صميمَ قَذالِهِ بمُهَنَّدِ أبو زيد: يقال خُذْ في هديتك بالسكر، أي فيما كنت فيه من الحديث أو العمل ولا تعدلْ عنه. ويقال أيضاً: نظر فلانٌ هِدْيَةَ أمره وما أحسن هِدْيَتَهُ وهَدْيَتَهُ أيضاً بالفتح، أي سيرته. والجمع هدى مثل تمرة وتمر ويقال أيضاً: هَدى هَدْيَ فلانٍ، أي سار سيرته. وفى الحديث: " واهدوا هدى عمار ". وهداه، أي تقدمه. قال طرفة: للفتى عقلٌ يعيشُ به * حيث تَهْدي ساقَهُ قدَمُهْ وهادِي السهم: نصلُهُ. والهادي: الراكِسُ، وهو الثور في وسط البيدر تدور عليه الثيران في الدِياسَةِ. والهادي: العنقُ. وأقبلتْ هَوادي الخيل، إذا بدتْ أعناقُها ; ويقال أوَّل رعيل منها. وقول امرئ القيس: كأنَّ دماَء الهادِياتِ بنَحْرِهِ * عُصارَةُ حِنَّاءٍ بشيبٍ مُرَجَّلِ يعنى به أوائل الوحش. والهَدِيَّةُ: واحدة الهدايا. يقال: أهْدَيْتُ له وإليه. والمِهْدى بكسر الميم: ما يُهْدى فيه، مثل الطَبق ونحوه. قال ابن الأعرابي: ولا يسمَّى الطَبَقُ مِهْدًى إلا وفيه ما يُهْدى. والمِهْداءُ بالمد: الذي من عادته أن يُهْدِيَ. والتَهادي: أن يُهْدِيَ بعضهم إلى بعض. وفي الحديث: " تَهادَوْا تحابُّوا ". وجاء فلانٌ يُهادي بين اثنين، إذا كان يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايُله. قال ذو الرمّة: يُهادينَ جَمَّاَء المَرافِقِ وَعْثَةً * كلِيلَةَ حجمِ الكعبِ ريَّا المُخَلْخَلِ وكذلك المرأة، إذا تمايلت في مِشيتها من غير أن يماشيها أحد قيل: تهادى. عن الاصمعي. قال الأعشى: إذا ما تأتي تريد القيامَ * تَهادى كما قد رأيتَ البهيرا أبو زيد: يقال لك عندي هُدَيَّاها، أي مثلها. ويقال رميتُ بسهمٍ ثم رميتُ بآخر هدياه، أي قصده.
هدى:
هدى ل: الإيمان، على سبيل المثال، أرشد إليه، Predeterminer، حرّك الله الإرادة البشرية قسراً، سبق فقضى (بقطر).
هدى ل: (انظر معجم بدرون 3:53).
هدى شياً ل: قدّم له هدية (بقطر).
هدأ: أنظرها في (محيط المحيط) في هَدَأَ (الكامل 8:287 ألف ليلة 103:1): هدت الريح وصفاً البحر وانظر هاديّ في (أماري 11:41).
هدّى: ضحى (الكالا).
هدّى: في (فوك) في مادة diriger أي أرشد إلى. وفي مادة recolere.
هادي: معناها الحقيقي تبادل الهدايا وفي (محيط المحيط) (هاداه مهاداةً أهدى كل منهما إلى صاحبه (دي ساسي كرست 1:97:1): مهاداة من بعضهم لبعض إلا أنها تعني أيضاً: أعطاه أو أهدى له هدايا (روجرز 4:146 و 149).
أهدى: وتصاغ أيضاً مع المفعول به (عباد 4:44:1): أهدى إليه أي قدم له الهدايا (دي ساسي كرست 7:37:2 القلائد مخطوطة 157:1): وأهدى الناسُ في يوم عيد إلى المعتمد واحتفلوا.
أهدى إليه ما وجب ولاق: أبدى له ما يستحق من احترام أو ولاء (بقطر).
أهدى كتاباً: قدّم كتاباً dédier un livre ( بقطر).
أهدّى: ارشد الطريق، قاد (الكالا). تهدّى ل: معناها في (فوك باللاتينية recolere) مرادف ذكر والتهم وبالفرنسية se rappeler؛ في (حيان بسام 140:3) من الواضح إن ذكر شيئا تعني (لام نفسه على)، لأننا نقرأ هنا: ((وقد كان معروفاً بالشطارة في شبابه فأقلع مع شيبه فرُجي فلاحُه لصدق توبته وخلوص طاعته وتهدّية لما فرط من بطالته.
تهدّى أنظر الكلمة في (فوك) في مادة oferre.
تهادوا: في الحديث عن أكثر من شخص واحد: كانوا في سباق للحظوة بهذا الشاعر (عباد 313:1): وكان قد طرأ على الأندلس، في مدة ملوك طوائفها، فتهادته تهادي الرياض للنسيم وتنافسوا فيه تنافس الديار في الأنس المقيم. وفي (القلائد - مخطوطة 141:2): وكان كل ملك من ملوك الأندلس يتهاداه تهادي المقل للكرى، والأذن للبشرة. وفي (5:515 من الطبعة نفسها): فتهادته الدول وتلقته الخيل والخول.
تهادى: في (الشنفري - دي ساسي كرست 2:137:2): تهاداه التنائف أي أن الوحدة كانت تقوده إلى وحدة أخرى وعند (الشارح، ص 363) وتهديه من تنوفه إلى تنوفة.
اهتدى إلى: تخيّل، اخترع، imaginer inrenter ( المقري 232:1).
اهتدى ل: شكّ في قصده (حيان - بسام 122:1): اهتدى لتدبيره استهدى:
طلب هدية (الحريري 16): وترغب عن هاد تستهديه إلى زاد تستهديه حيث تحمل تستهديه الثانية معنى الهدية (القلائد - مخطوطة 155:1): (لقد استنسختُ من هذه الأشعار ما تستهديه النفوس (ابن جبير 14:128): فمن لم يشاهدها بمكة لم يشاهد مرأى يُستهدى ذكره غرابة وعجباً (ويجرز 2:32): واستهدى نسيم عيش طاب له هبوبه.
استهديت فلاناً: التمسنه أن يقودني. وهنا جاءت تستهديه في معناها الأول (أي طلبت أن يهديني هدية) في عبارة (الحريري).
استهدى الله: تضرع إليه أن يقود خطاه إلى الصواب (معجم بدرون).
هدّى. أصحاب الهدى: الراشدون الأرثوذكس في الكنيسة الشرقية (معجم الجغرافيا).
الهدى: من أجناس الحمام (مخطوطة الاسكوريال 893).
هدْيةً: دويبة تهدي حمار قبان (انظر الجزء الثالث من ترجمة هذا المعجم في مادة حميّر جدة) (المستعيني، ابن البيطار 568:2، وانظر 331:1 و295:2). لاحظ إن الحركات التي وضعتها فوق الكلمة هي نفسها في مخطوطتي (المستعيني) ولاحظ أيضاً إنها قد كتبت في المخطوطة A ( لابن البيطار): هُدية ثم تحرفت عند (برجرن863) إلى حِدِية (كذا).
هديَّة: متاع السفر (أماري دبلوماسية 2:204): التاجر الفرنجي - وصحبته فرشه وهديته مثل أرز مبيض وسكر وشراب وقباء وغير ذلك مما هو للأكل فلا يوزن عن ذلك الدرهم الفرد هدْية كتاب: أنظر أهدى كتاباً dedier ( بقطر).
هداية، الهام رباني، شعور باطني يدعوك فيه الله إلى نمط حياة (بقطر).
هداية الله وإلهامه: إلهام خفي مسبق يقود الإنسان إلى الوصول إلى الرشاد والبُعد عن الضلال عن طريق سلطة الخالق على إرادة البشر وقدره المكتوب عليه. (بقطر).
هداية: مذهب (البربرية 6:35:1): ولقي بمصر شيخ الصوفية لعصره وأخذ عنه ولقن طرق هدايته.
هداية: مقام المهدي المنتظر (عبد الواحد 15:150).
هاد والمؤنث هادية: سيدة شابة تمتطي بعيراً، وتسير في طليعة جيش البدو، تتلو أشعاراً تهجو فيها الجبناء، أو تمتدح الشجعان (بالجراف 71:2).
مُهدي: رسالة إهدائية dedicatoire ( بقطر).
[هدى] نه: فيه "الهادي" تعالى، بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى اقروا بربوبيته هدى كل مخلوق إلى ما لابد منه في بقائه ودوام وجوده. وفيه: "الهدى" الصالح والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة، الهدى: السيرة والهيئة والطريقة يعني أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء وجزء معلوم من أجزاء أفعالهم ولايريد أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمعها كان فيه جزء من النبوة، أو معناه أنه مما جاءت به النبوة ودعت إليه، وتخصيص هذا العدد مما يستأثر النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفته. ن: هو بفتح حاء وسكون دال. نه: ومنه ح: و"اهدوا هديء" عمار، أي سيروا بسيرته وتهيأوا بهيئته. وح: إن أحسن "الهدى هدى" محمد. وح: كنا ننظر على "هديه" ودله. وفيه: اللهم "اهدني" وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد تسديدك السهم، الهدى: الرشاد والدلالة. ويؤنث ويذكرن هداه الله للدين هدى وهديتهباب هذ
هدى
الهداية دلالة بلطف، ومنه: الهديّة، وهوادي الوحش. أي: متقدّماتها الهادية لغيرها، وخصّ ما كان دلالة بهديت، وما كان إعطاء بأهديت.
نحو: أهديت الهديّة، وهديت إلى البيت. إن قيل: كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال الله تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ
[الصافات/ 23] ، وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ
[الحج/ 4] . قيل: ذلك استعمل فيه استعمال اللّفظ على التّهكّم مبالغة في المعنى كقوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران/ 21] وقول الشاعر:
تحيّة بينهم ضرب وجيع
وهداية الله تعالى للإنسان على أربعة أوجه:
الأوّل: الهداية التي عمّ بجنسها كلّ مكلّف من العقل، والفطنة، والمعارف الضّروريّة التي أعمّ منها كلّ شيء بقدر فيه حسب احتماله كما قال: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى
[طه/ 50] .
الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إيّاهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا
[الأنبياء/ 73] .
الثالث: التّوفيق الذي يختصّ به من اهتدى، وهو المعنيّ بقوله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً [محمد/ 17] ، وقوله: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن/ 11] ، وقوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ [يونس/ 9] ، وقوله: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [العنكبوت/ 69] ، وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً [مريم/ 76] ، فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة/ 213] ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة/ 213] .
الرّابع: الهداية في الآخرة إلى الجنّة المعنيّ بقوله: سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ [محمد/ 5] ، وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الأعراف/ 43] إلى قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا .
وهذه الهدايات الأربع مترتّبة، فإنّ من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثّانية بل لا يصحّ تكليفه، ومن لم تحصل له الثّانية لا تحصل له الثّالثة والرّابعة، ومن حصل له الرّابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللّذان قبله . ثمّ ينعكس، فقد تحصل الأولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث، والإنسان لا يقدر أن يهدي أحدا إلّا بالدّعاء وتعريف الطّرق دون سائر أنواع الهدايات، وإلى الأوّل أشار بقوله: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى/ 52] ، يَهْدُونَ بِأَمْرِنا [السجدة/ 24] ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد/ 7] أي: داع، وإلى سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص/ 56] وكلّ هداية ذكر الله عزّ وجلّ أنه منع الظالمين والكافرين فهي الهداية الثالثة، وهي التّوفيق الذي يختصّ به المهتدون، والرّابعة التي هي الثّواب في الآخرة، وإدخال الجنّة. نحو قوله عزّ وجلّ: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً إلى قوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [آل عمران/ 86] وكقوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ [النحل/ 107] وكلّ هداية نفاها الله عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم وعن البشر، وذكر أنهم غير قادرين عليها فهي ما عدا المختصّ من الدّعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل، والتّوفيق، وإدخال الجنة، كقوله عزّ ذكره:
لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [البقرة/ 272] ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى [الأنعام/ 35] ، وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ [النمل/ 81] ، إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ [النحل/ 37] ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الزمر/ 36] ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ [الزمر/ 37] ، إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص/ 56] وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس/ 99] ، وقوله: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
[الإسراء/ 97] ، أي: طالب الهدى ومتحرّيه هو الذي يوفّقه ويَهْدِيهِ إلى طريق الجنّة لا من ضادّه، فيتحرّى طريق الضّلال والكفر كقوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ
[التوبة/ 37] ، وفي أخرى الظَّالِمِينَ [التوبة/ 109] ، وقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر/ 3] الكاذب الكفّار: هو الذي لا يقبل هدايته، فإنّ ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك، ومن لم يقبل هِدَايَتَهُ لم يهده، كقولك: من لم يقبل هَدِيَّتِي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيّتي لم أعطه، ومن رغب عنّي لم أرغب فيه، وعلى هذا النحو:
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة/ 109] وفي أخرى: الْفاسِقِينَ [التوبة/ 80] وقوله: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى
[يونس/ 35] ، وقد قرئ: يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى أي: لا يهدي غيره ولكن يهدى. أي: لا يعلم شيئا ولا يعرف أي لا هداية له، ولو هدي أيضا لم يهتد، لأنها موات من حجارة ونحوها، وظاهر اللّفظ أنه إذا هدي اهْتَدَى لإخراج الكلام أنها أمثالكم كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ [الأعراف/ 194] وإنّما هي أموات، وقال في موضع آخر:
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ [النحل/ 73] ، وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ [الإنسان/ 3] ، وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد/ 10] ، وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الصافات/ 118] فذلك إشارة إلى ما عرّف من طريق الخير والشّرّ ، وطريق الثواب والعقاب بالعقل والشرع وكذا قوله: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ
[الأعراف/ 30] ، إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص/ 56] ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن/ 11] فهو إشارة إلى التّوفيق الملقى في الرّوع فيما يتحرّاه الإنسان وإياه عنى بقوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً [محمد/ 17] وعدّي الهِدَايَةُ في مواضع بنفسه، وفي مواضع باللام، وفي مواضع بإلى، قال تعالى:
وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
[آل عمران/ 101] ، وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الأنعام/ 87] وقال: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ
[يونس/ 35] وقال: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى [النازعات/ 18- 19] .
وما عدّي بنفسه نحو: وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً [النساء/ 68] ، وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الصافات/ 118] ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة/ 6] ، أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ [النساء/ 88] ، وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً [النساء/ 168] ، أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ [يونس/ 43] ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً [النساء/ 175] .
ولمّا كانت الهِدَايَةُ والتّعليم يقتضي شيئين:
تعريفا من المعرّف، وتعرّفا من المعرّف، وبهما تمّ الهداية والتّعليم فإنه متى حصل البذل من الهَادِي والمعلم ولم يحصل القبول صحّ أن يقال: لم يَهْدِ ولم يعلّم اعتبارا بعدم القبول، وصحّ أن يقال: هَدَى وعلّم اعتبارا ببذله، فإذا كان كذلك صحّ أن يقال: إنّ الله تعالى لم يهد الكافرين والفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذي هو تمام الهداية والتّعليم، وصحّ أن يقال: هَدَاهُمْ وعلّمهم من حيث إنه حصل البذل الذي هو مبدأ الْهِدَايَةِ. فعلى الاعتبار بالأول يصحّ أن يحمل قوله تعالى: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة/ 109] ، وَالْكافِرِينَ [التوبة/ 37] وعلى الثاني قوله عزّ وجلّ: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى
[فصلت/ 17] والأولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال: هداه الله فلم يهتد، كقوله: وَأَمَّا ثَمُودُ الآية، وقوله: لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى قوله: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة/ 142- 143] فهم الّذين قبلوا هداه واهتدوا به، وقوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة/ 6] ، وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً [النساء/ 68] فقد قيل: عني به الهِدَايَةُ العامّة التي هي العقل، وسنّة الأنبياء، وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول: اللهمّ صلّ على محمد وإن كان قد صلّى عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب/ 56] وقيل: إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة واستهواء الشّهوات، وقيل: هو سؤال للتّوفيق الموعود به في قوله: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً
[محمد/ 17] وقيل: سؤال للهداية إلى الجنّة في الآخرة، وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة/ 143] فإنه يعني به من هداه بالتّوفيق المذكور في قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً.
والهُدَى والهِدَايَةُ في موضوع اللّغة واحد لكن قد خصّ الله عزّ وجلّ لفظة الهدى بما تولّاه وأعطاه، واختصّ هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة/ 2] ، أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة/ 5] ، هُدىً لِلنَّاسِ [البقرة/ 185] ، فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ [البقرة/ 38] ، قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى [الأنعام/ 71] ، وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران/ 138] ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى [الأنعام/ 35] ، إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ [النحل/ 37] ، أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [البقرة/ 16] .
والاهْتِدَاءُ يختصّ بما يتحرّاه الإنسان على طريق الاختيار، إمّا في الأمور الدّنيويّة، أو الأخرويّة قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها [الأنعام/ 97] ، وقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا
[النساء/ 98] ويقال ذلك لطلب الهداية نحو: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
[البقرة/ 53] ، وقال: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [البقرة/ 150] ، فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا [آل عمران/ 20] ، فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا [البقرة/ 137] .
ويقال المُهْتَدِي لمن يقتدي بعالم نحو:
أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ [المائدة/ 104] تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ [النمل/ 92] فإن الِاهْتِدَاءَ هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية، ومن الاقتداء، ومن تحرّيها، وكذا قوله: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ [النمل/ 24] وقوله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى [طه/ 82] فمعناه: ثم أدام طلب الهداية، ولم يفترّ عن تحرّيه، ولم يرجع إلى المعصية. وقوله:
الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ إلى قوله:
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
[البقرة/ 157] أي:
الذين تحرّوا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ
[الزخرف/ 49] .
والهَدْيُ مختصّ بما يُهْدَى إلى البيت. قال الأخفش : والواحدة هَدْيَةٌ، قال: ويقال للأنثى هَدْيٌ كأنه مصدر وصف به، قال الله تعالى:
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة/ 196] ، هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ
[المائدة/ 95] ، وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ [المائدة/ 2] ، وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً [الفتح/ 25] .
والهَدِيَّةُ مختصّة باللُّطَف الذي يُهْدِي بعضنا إلى بعضٍ. قال تعالى: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ [النمل/ 35] ، بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [النمل/ 36] والمِهْدَى الطّبق الذي يهدى عليه، والْمِهْدَاءُ: من يكثر إِهْدَاءَ الهديّة، قال الشاعر:
وإنّك مهداء الخنا نطف الحشا
والْهَدِيُّ يقال في الهدي، وفي العروس يقال:
هَدَيْتُ العروسَ إلى زوجها، وما أحسن هَدِيَّةَ فلان وهَدْيَهُ، أي: طريقته، وفلان يُهَادِي بين اثنين: إذا مشى بينهما معتمدا عليهما، وتَهَادَتِ المرأة: إذا مشت مشي الهدي.

المِيَانُ

المِيَانُ:
بالكسر، وآخره نون، معناه بالفارسية الوسط، وعرّب بدخول الألف واللام عليه: وهي مواضع كانت بنيسابور فيها قصور آل طاهر بن الحسين، روي أنه قدم أبو محلّم عوف بن محلم الشيباني على عبد الله بن طاهر بن الحسين فحادثه فقال له فيما يقول: كم سنك؟
فلم يسمع، فلما أراد أن يقوم قال عبد الله للحاجب:
خذ بيده، فلما توارى عوف قال له الحاجب: إن الأمير سألك كم سنك فلم تجبه، فقال له: لم أسمع، ردّني إلى الأمير، فردّه فوقف بين يديه وقال له:
يا ابن الذي دان له المشرقان ... طرّا وقد دان له المغربان
إن الثمانين وبلّغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وصيّرت بيني وبين الورى ... عنانة من غير جنس العنان
وبدّلتني من نشاط الفتى ... وهمّه همّ الدّثور الهدان
وأبدلتني بالقوام الحنا، ... وكنت كالصّعدة تحت السّنان
فهمت من أوطار وجدي بها ... لا بالغواني، أين مني الغوان؟
وما بقي في لمستمتع ... إلا لساني وبحسبي لسان
أدعو إلى الله وأثني به ... على الأمير المصعبيّ الهجان
فقــرّباني، بأبي أنتما، ... من وطني قبل اصفرار البنان
وقبل منعاي إلى نسوة ... أوطانها حمران والمرقبان
سقى قصور الشاذياخ الحيا ... قبل وداعي وقصور الميان
فكم وكم من دعوة لي بها ... ما إن تخطّاها صروف الزمان
فأمره بالانصراف إلى وطنه وقال له: جائزتك ورزقك يأتيك في كل عام فلا تتعبن بتكلف المجيء.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.