ذانكــما [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: ذ ا ن - ذان).
ذانكــما [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: ذ ا ن - ذان).
تفسير ذاك وذلك: التهذيب: قال أَبو الهيثم إِذا بَعُدَ المُشارُ إِليه
من المُخاطَب وكان المُخاطِبُ بَعِيداً ممن يُشِيرُ إِليه زادوا كافاً
فقالوا ذاك أَخُوك، وهذه الكاف ليست في موضع خفض ولا نصب، إِنما أَشبهت كافَ
قولك أَخاك وعصاك فتوهم السامعون أَن قول القائل ذاك أَخوك كأَنها في
موضع خفض لإِشْباهِها كافَ أَخاك، وليس ذلك كذلك، إِنما تلك كاف ضُمت إِلى
ذا لبُعْد ذا من المخاطب، فلما دخل فيها هذا اللبس زادوا فيها لاماً
فقالوا ذلك أَخُوك، وفي الجماعة أُولئك إِخْوَتُك، فإِن اللام إِذا دخلت ذهبت
بمعنى الإِضافة، ويقال: هذا أَخُوك وهذا أَخٌ لك وهذا لك أَخٌ، فإِذا
أَدخلت اللام فلا إِضافة. قال أَبو الهيثم: وقد أَعلمتك أَنَّ الرفع والنصب
والخفض في قوله ذا سواء، تقول: مررت بذا ورأَيت ذا وقام ذا، فلا يكون
فيها علامة رفع الإِعراب ولا خفضه ولا نصبه لأَنه غير متمكن، فلما ثنَّوا
زادوا في التثنية نوناً وأَبْقَوُا الأَلف فقالوا ذانِ أَخَواك وذانِك
أَخَواك؛ قال الله تعالى: فــذانِكَ بُرْهانانِ من رَبِّكَ؛ ومن العرب من
يشدِّد هذه النون فيقول ذانِّكَ أَخَواكَ، قال: وهم الذين يزيدون اللام في
ذلك فيقولون ذلك، فجعلوا هذه التشديدة بدل اللام؛ وأَنشد المبرد في باب ذا
الذي قد مر آنِفاً:
أَمِنْ زَيْنَبَ ذي النارُ،
قُبَيْلَ الصُّبْحِ ما تَخْبُو
إِذا ما خَمَدَتْ يُلقى،
عَلَيها، المَنْدَلُ الرَّطْبُ
قال أَبو العباس: ذي معناه ذِهْ. يقال: ذا عَبْدُ الله وذي أَمَةُ اللهِ
وذِهْ أَمَةُ اللهِ وتِهْ أَمَةُ الله وتا أَمَة اللهِ، قال: ويقال هَذي
هِنْدُ وهاتِه هِندُ وهاتا هِندُ، على زيادة ها التَّنْبيه، قال: وإِذا
صَغَّرْت ذِه قلت تَيّا تَصْغِيرَ تِه أَو تا، ولا تُصَغَّر ذه على لفظها
لأَنك إِذا صغرت ذا قلت ذَيّا، ولو صغرت ذِه لقلت ذَيَّا فالتبس
بالمذكر، فصغروا ما يخالف فيه المؤنث المذكر، قال: والمُبْهَماتُ يُخالِف
تَصْغِيرُها تَصْغيرَ سائر الأَسماء. وقال الأَخفش في قوله تعالى: فَــذانِك
بُرْهانانِ من ربك؛ قال: وقرأَ بعضهم فــذانِّكَ برهانان، قال: وهم الذين قالوا
ذلك أَدخلوا التثقيل للتأْكيد كما أَدخلوا اللام في ذلك، وقال الفراء:
شدَّدوا هذه النون ليُفْرَقَ بينها وبين النون التي تسقط للإِضافة لأَن
هَذانِ وهاتانِ لا تضافان؛ وقال الكسائي: هي من لغة من قال هذا آ قال ذلك،
فزادوا على الأَلف أَلفاً كما زادوا على النون نوناً ليُفْصَل بينهما
وبين الأَسماء المتمكنة؛ وقال الفراء: اجتمع القُراء على تخفيف النون من
ذانِكَ وكثيرٌ من العرب فيقول فــذانِك قائمانِ وهذانِ قائمانِ واللذان قالا
ذلك، وقال أَبو إِسحق: فــذانك تثنية ذاك وذانِّك تثنية ذلك، يكون بدلَ
اللامِ في ذلك تشديدُ النون في ذانِّك. وقال أَبو إِسحق: الاسم من ذلك ذا
والكاف زِيدَت للمخاطبة فلا حَظَّ لها في الإِعراب. قال سيبويه: لو كان لها
حظ في الإِعراب لقلت ذلك نَفْسِكَ زيد، وهذا خَطَأٌ. ولا يجوز إِلاَّ
ذلكَ نَفْسُه زيد، وكذلك ذانك يشهد أَن الكاف لا موضع لها ولو كان لها موضع
لكان جرّاً بالإِضافة، والنون لا تدخل مع الإِضافة واللامُ زِيدَتْ مع
ذلك للتوكيد، تقول: ذلِك الحَقُّ وهَذاكَ الحَقُّ، ويقبح هذالِكَ الحَقُّ
لأَن اللام قد أَكَّدَت مع الإِشارة وكُسِرت لالتقاء الساكنين، أَعني
الأَلف من ذا، واللام التي بعدها كان ينبغي أَن تكون اللام ساكنة ولكنها
كُسِرَت لِما قُلنا، والله أَعلم.
ذا: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن زيد: ذا يكون بمعنى هذا، وم
نه قول الله عز وجل: مَنْ ذا الذي يَشْفَع عِنده إلا بإذنه؛ أَي مَنْ هذا
الذي يَشْفَع عِنده؛ قالا: ويكون ذا بمعنى الذي ، قالا: ويقال هذا دو
صَلاحٍ ورأَيتُ هذا ذا صَلاحٍ ومررت بهذا ذي صَلاحٍ، ومعناه كله صاحِب
صَلاح. وقال أَبو الهيثم: ذا اسمُ كلِّ مُشارٍ إليه مُعايَنٍ يراه المتكلم
والمخاطب، قال: والاسم فيها الذال وحدها مفتوحة، وقالوا الذال وحدها هي
الاسم المشار إليه، وهو اسم مبهم لا يُعرَف ما هو حتى يُفَسِّر ما بعده كقولك
ذا الرَّجلُ، ذا الفرَسُ، فهذا تفسير ذا ونَصْبُه ورفعه وخفصه سواء،
قال: وجعلوا فتحة الذال فرقاً بين التذكير والتأْنيث كما قالوا ذا أَخوك،
وقالوا ذي أُخْتُك فكسروا الذال في الأُنثى وزادوا مع فتحة الذال في المذكر
أَلفاً ومع كسرتها للأُنثى ياء كما قالوا أَنْتَ وأَنْتِ. قال الأَصمعي:
والعرب تقول لا أُكَلِّمُك في ذي السنة وفي هَذِي السنة، ولا يقال في
ذا السَّنةِ، وهو خطأٌ، إِنما يقال في هذه السَّنةِ؛ وفي هذي السنة وفي ذي
السَّنَة، وكذلك لا يقال ادْخُلْ ذا الدارَ ولا الْبَسْ ذا الجُبَّة،
وإنما الصواب ادْخُل ذي الدارَ والْبَس ذي الجُبَّةَ، ولا يكون ذا إلا
للمذكر. يقال: هذه الدارُ وذي المرأَةُ. ويقال: دَخلت تِلْكَ الدَّار وتِيكَ
الدَّار، ولا يقال ذِيك الدَّارَ، وليس في كلام العرب ذِيك البَتَّةَ،
والعامَّة تُخْطِئ فيه فتقول كيف ذِيك المرأَةُ؟ والصواب كيف تِيكَ
المرأَةُ؟ قال الجوهري: ذا اسم يشار به إِلى المذكر، وذي بكسر الذال للمؤنث،
تقول: ذي أَمَةُ اللهِ، فإِن وقفت عليه قلت ذِهْ، بهاء موقوفة، وهي بدل من
الياء، وليست للتأْنيث، وإنما هي صِلةٌ كما أَبدلوا في هُنَيَّةٍ فقالوا
هُنَيْهة؛ قال ابن بري: صوابه وليست للتأْنيث وإنما هي بدل من الياء،
قال: فإِن أَدخلت عليها الهاء للتنبيه قلت هذا زيدٌ وهذي أَمَةٌ اللهِ وهذه
أَيضاً، بتحريك الهاء، وقد اكتفوا به عنه، فإِن صَغَّرْت ذا قلت دَيًّا،
بالفتح والتشديد ، لأَنك تَقْلِب أَلف ذا ياء لمكان الياء قبلها
فتُدْغِمها في الثانية وتزيد في آخره أَلفاً لتَفْرُقَ بين المُبْهَم والمعرب،
وذَيّانِ في التثنية، وتصغير هذا هَذَيًّا، ولا تُصَغَّر ذي للمؤنث وإنما
تصَغَّر تا، وقد اكتفوا به عنه، وإن ثَنَّيْتَ ذا قلت ذانِ لأَنه لا يصح
اجتماعهما لسكونهما فتَسْقُط إحدى الأَلفين، فمن أَسقط أَلف ذا قرأَ إنَّ
هذَينِْ لَساحِرانِ فأَعْرَبَ، ومن أَسقط أَلف التثنية قرأَ إَنَّ هذانِ
لساحِرانِ لأَن أَلف ذا لا يقع فيها إعراب، وقد قيل: إنها على لغة
بَلْحَرِثِ ابن كعب، قال ابن بري عند قول الجوهري: من أَسقط أَلف التثنية قرأَ
إنَّ هذان لساحران، قال: هذا وهم من الجوهري لأَن أَلف التثنية حرف زيد
لمعنى، فلا يسقط وتبقى الأَلف الأَصلية كما لم يَسقُط التنوين في هذا
قاضٍ وتبقى الياء الأَصلية، لأَن التنوين زيدَ لمعنى فلا يصح حذفه، قال:
والجمع أُولاء من غير لفظه، فإن خاطبْتَ جئْتَ بالكاف فقلت ذاكَ وذلك،
فاللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها دليل على أَنَّ ما يُومأُ إِليه بعيد ولا
مَوْضِعَ لها من الإِعراب، وتُدْخِلُ الهاء على ذاك فتقول هذاك زَيدٌ، ولا
تُدْخِلُها على ذلك ولا على أُولئك كما لم تَدْخُل على تلْكَ، ولا
تَدْخُل الكافُ على ذي للمؤنث، وإنما تَدْخُلُ على تا، تقول تِيكَ وتِلْك، ولا
تَقُلْ ذِيك فأِنه خطأٌ، وتقول في التثنية: رأَيت ذَيْنِكَ الرِّجُلين،
وجاءني ذانِكَ الرَّجُلانِ، قال: وربما قالوا ذانِّك، بالتشديد. قال ابن
بري: من النحويين من يقول ذانِّك، بتشديد النون، تَثْنِيةَ ذلك قُلِبَتِ
اللام نوناً وأُدْغِمَت النون في النون، ومنهم من يقول تشديدُ النون
عِوضٌ من الأَلف المحذوفة من ذا، وكذلك يقول في اللذانِّ إِنَّ تشديد النون
عوض من الياء المحذوفة من الذي، قال الجوهري: وإنما شددوا النون في ذلك
تأْكيداً وتكثيراً للاسم لأَنه بقي على حرف واحد كما أَدخلوا اللام على
ذلك، وإنما يفعلون مثل هذا في الأَسماء المُبْهَمة لنقصانها، وتقول للمؤنث
تانِكَ وتانِّك أَيضاً، بالتشديد، والجمع أُولئك، وقد تقدم ذكر حكم الكاف
في تا، وتصغير ذاك ذَيّاك وتصغير ذلك ذَيّالِك؛ وقال بعض العرب وقَدِمَ
من سَفَره فوجد امرأَته قد ولدت غلاماً فأَنكره فقال لها:
لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ
مِنِّي ذي القاذُورةِ المَقْلِيِّ
أَو تَحْلِفِي برَبِّكِ العَلِيِّ
أَنِّي أَبو ذَيّالِكِ الصَّبيِّ
قد رابَني بالنَّظَر التُّرْكِيِّ،
ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِّ
فقالت:
لا والذي رَدَّكَ يا صَفِيِّي،
ما مَسَّني بَعْدَك مِن إنْسِيِّ
غيرِغُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ،
بَعْدَ امرأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِّ
وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ،
وخمسة كانوا على الطَّوِيِّ
وسِتَّةٍ جاؤوا مع العَشِيِّ،
وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِّ
وتصغير تِلْك تَيَّاكَ؛ قال ابن بري: صوابه تَيّالِكَ، فأَما تَيّاك
فتصغير تِيك. وقال ابن سيده في موضع آخر: ذا إِشارة إِلى المذكر، يقال
ذا وذاك، وقد تزاد اللام فيقال ذَلِكَ. وقوله تعالى: ذَلِكَ الكِتابُ؛
قال الزجاج: معناه هَذا الكتابُ، وقد تدخل على ذا ها التي للتَّنْبِيه
فيقال هَذا، قال أَبو علي: وأَصله ذَيْ فأَبدلوا ياءه أَلفاً، وإن كانت
ساكنة ، ولم يقولوا ذَيْ لئلا يشبه كَيْ وأَيْ، فأَبدلوا ياءه أَلفاً
لِيلْحَقَ بباب متى وإذ أَو يخرج من شَبَه الحَرْفِ بعضَ الخُروج. وقوله تعالى:
إنَّ هَذانِ لَساحِرانِ؛ قال الفراء: أَراد ياء النصب ثم حذفها لسكونها
وسكون الأَلف قَبْلَها، وليس ذلك بالقوي، وذلِك أَن الياء هي الطارئة على
الأَلف فيجب أَن تحذف الأَلف لمكانها، فأَما ما أَنشده اللحياني عن
الكسائي لجميل من قوله:
وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذي
مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا
فإِنه أَراد أَذا الَّذِي، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقد استُعْمِلت ذا
مكان الذي كقوله تعالى: ويَسْأَلُونك ماذا يُنْفِقُون قل العَفْوُ؛ أَي ما
الذي ينفقون فيمن رفع الجواب فَرَفْعُ العَفْوِ يدلّ على أَن ما مرفوعة
بالابتداء وذا خبرها ويُنْفِقُون صِلةُ ذا، وأَنه ليس ما وذا جميعاً
كالشيء الواحد، هذا هو الوجه عند سيبويه، وإِن كان قد أَجاز الوجهَ الآخر مع
الرفع. وذي، بكسر الذال، للمؤنث وفيه لُغاتٌ: ذِي وذِهْ، الهاء بدل من
الياء، الدليل على ذلك قولهم في تحقير ذَا ذَيًّا، وذِي إنما هي تأْنيث ذا
ومن لفظه، فكما لا تَجِب الهاء في المذكر أَصلاً فكذلك هي أَيضاً في
المؤنث بَدَلٌ غيرُ أَصْلٍ، وليست الهاء في هَذِه وإن استفيد منها التأْنيث
بمنزلة هاء طَلْحَة وحَمْزَة لأَن الهاء في طلحة وحمزة زائدة، والهاء في
هَذا ليست بزائدة إِنما هي بدل من الياء التي هي عين الفعل في هَذِي،
وأَيضاً فإِنَّ الهاء في حمزة نجدها في الوصل تاء والهاء في هذه ثابِتةٌ في
الوصل ثَباتَها في الوقف. ويقال: ذِهِي، الياء لبيان الهاء شبهها بهاء
الإِضمار في بِهِي وهَذِي وهَذِهِي وهَذِهْ، الهاء في الوصل والوقف ساكنةٌ
إِذا لم يلقها ساكن، وهذه كلها في معنى ذِي؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قُلْتُ لَها: يا هَذِهي هذا إِثِمْ،
هَلْ لَكِ في قاضٍ إِلَيْهِ نَحْتَكِمْ؟
ويوصل ذلك كله بكاف المخاطبة. قال ابن جني: أَسماء الإِشارة هَذا وهذِه
لا يصح تثنية شيء منها من قِبَلِ أَنَّ التثنية لا تلحق إِلا النكرة، فما
لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجْدَرُ، فأَسْماء الإِشارة لا
يجوز أَن تُنَكَّر فلا يجوز أَن يُثَنَّى شيء منها، أَلا تراها بعد
التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك نحو قولك هَذانِ الزَّيْدانِ
قائِمَيْن، فَنَصْبُ قائِمَيْن بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإِشارةُ
والتنبيهُ، كما كنت تقول في الواحد هذا زَيْدٌ قائماً، فَتَجِدُ الحال واحدةً
قبل التثنيةِ وبعدها، وكذلك قولك ضَرَبْتُ اللَّذَيْنِ قاما، تَعرَّفا
بالصلة كما يَتَعَرَّفُ بها الواحد كقولك ضربت الذي قامَ، والأَمر في هذه
الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية، وليس كذلك سائرُ
الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو
بالوضع والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت عندي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثرت
التعريف بالإِضافة أَو باللام فقلت الزَّيْدانِ والعَمْرانِ وزَيْداكَ
وعَمْراكَ، فقد تَعَرَّفا بَعْدَ التثنية من غير وجه تَعَرُّفِهما قبلها
ولَحِقا بالأَجْناسِ وفارَقا ما كانا عليه من تعريف العَلَمِيَّةِ
والوَضْعِ، فإِذا صح ذلك فينبغي أَن تعلمَ أَنَّ هذانِ وهاتانِ إِنما هي أَسماء
موضوعة للتثنية مُخْتَرعة لها، وليست تثنية للواحد على حد زيد وزَيْدانِ،
إِلا أَنها صِيغت على صورة ما هو مُثَنًّى على الحقيقة فقيل هذانِ
وهاتانِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يُحافِظون عليها ما لا يُحافِظون على
الجمع، أَلا ترى أَنك تجد في الأَسماء المتمكنة أَلفاظَ الجُموع من غير
أَلفاظِ الآحاد، وذلك نحو رجل ونَفَرٍ وامرأَةٍ ونِسْوة وبَعير وإِبلٍ
وواحد وجماعةٍ، ولا تجد في التثنية شيئاً من هذا، إنما هي من لفظ الواحد نحو
زيد وزيدين ورجل ورجلين لا يختلف ذلك، وكذلك أَيضاً كثير من المبنيات
على أَنها أَحق بذلك من المتمكنة، وذلك نحو ذا وأُولَى وأُلات وذُو وأُلُو،
ولا تجد ذلك في تثنيتها نحو ذا وذانِ وذُو وذَوانِ، فهذا يدلك على
محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها، أَعني أَن تخرج على صورة واحدة لئلا
تختلف، وأَنهم بها أَشدُّ عِناية منهم بالجمع، وذلك لَمَّا صيغت للتثنية
أَسْماء مُخْتَرَعة غير مُثناة على الحقيقة كانت على أَلفاظ المُثناة
تَثْنِيةً حقيقةً، وذلك ذانِ وتانِ، والقول في اللَّذانِ واللَّتانِ كالقول في
ذانِ وتانِ. قال ابن جني: فأَما قولهم هذانِ وهاتانِ وفــذانك فإِنما تقلب في
هذه المواضع لأَنهم عَوَّضوا من حرف محذوف، وأَما في هذانِ فهي عِوَضٌ
من أَلف ذا، وهي في ذانِك عوض من لام ذلك، وقد يحتمل أَيضاً أَن تكون
عوضاً من أَلف ذلك، ولذلك كتبت في التخفيف بالتاء
(* قوله« ولذلك كتبت في
التخفيف بالتاء إلخ» كذا بالأصل.) لأَنها حينئذ ملحقة بدَعْد، وإِبدال التاء
من الياء قليل، إِنما جاء في قولهم كَيْتَ وكَيْتَ، وفي قولهم ثنتان،
والقول فيهما كالقول في كيت وكيت، وهو مذكور في موضعه. وذكر الأَزهري في
ترجمة حَبَّذا قال: الأَصل حَبُبَ ذا فأُدغمت إِحدى الباءَين في الأُخرى
وشُدِّدت، وذا إِشارة إِلى ما يقرب منك؛ وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيْكَ يَدَيْها
في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارا
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا فقال: هو رَجْعُها يَدَيْها إِلى
حَلّ تِكَّتها أَي ما أَحَبَّه، ويَدا دِرْعِها: كُمَّاها. وفي صفة
المهدي: قُرَشِيٌّ يَمانٍ ليس مِن ذِي ولا ذُو أَي ليس نَسَبُه نَسَبَ أَذْواء
اليمن، وهم مُلوكُ حِمْيَرَ، منهم ذُو يَزَنَ وذُو رُعَيْنٍ؛ وقوله:
قرشيٌّ يَمانٍ أَي قُرَشِيُّ النَّسَب يَمانِي المَنْشإ؛ قال ابن الأَثير:
وهذه الكلمة عينها واو، وقياس لامها أَن تكون ياء لأَن باب طَوَى أَكثر من
باب قَوِيَ؛ ومنه حديث جرير: يَطْلُع عليكم رَجل من ذِي يَمَنٍ على
وجْهِه مَسْحة من ذي مَلَكٍ؛ قال ابن الأَثير: كذا أَورده أَبو عُمَر الزاهد
وقال ذي ههنا صِلة أَي زائدة.
عقق: عَقَّه يَعُقُّه عَقاًّ، فهو مَعْقوقٌ وعَقِيقٌ: شقَّه.
والعَقِيقُ: وادٍ بالحجاز كأَنه عُقَّ أَي شُقّ، غلبت الصفة عليه غلبة الاسم ولزمته
الأَلف واللام، لأَنه جعل الشيء بعينه على ما ذهب إِليه الخليل في
الأَسماء الأَعلام التي أَصلها الصفة كالحرث والعباس. والعَقَيقَان: بلدان في
بلاد بني عامر من ناحية اليمن، فإِذا رأَيت هذه اللفظة مثناة فإِنما
يُعْنى بها ذَانِكَ البلدان، وإِذا رأَيتها مفردة فقد يجوز أَن يُعْنى بها
العَقُِيقُ الذي هو واد بالحجاز، وأَن يُعْنى بها أَحد هذين البلدين لأَن
مثل هذا قد يفرد كأَبَانَيْن؛ قال امرؤ القيس فأفرد اللفظ به:
كأَنّ أَبَاناً، في أَفَانِينِ وَدْقِهِ،
كبيرُ أُناسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلِ
قال ابن سيده: وإِن كانت التثنية في مثل هذا أَكثر من الإِفراد، أَعني
فيما تقع عليه التثنية من أَسماء المواضع لتساويهما في الثبات والخِصْب
والقَحْط، وأَنه لا يشار إِلى أَحدهما دون الآخر، ولهذا ثبت فيه التعريف في
حال تثنيته ولم يجعل كزيدَيْن، فقالوا هذان أَبانَان بَيِّنَيْن
(* قوله
«فقالوا هذان إلخ» فلفظ بينين منصوب على الحال من أَبانان لأنه نكرة وصف
به معرفة، لأن أَبانان وضع ابتداء علماً على الجبلين المشار إليهما، ولم
يوضع أَولاً مفرداً ثم ثني كما وضع لفظ عرفات جمعاً على الموضع المعروف
بخلاف زيدين فإنه لم يجعل علماً على معينين بل لإنسانين يزولان، ويشار
إلى أحدهما دون الآخرفكأنه نكرة فإذا قلت هذان زيدان حسنان رفعت النعت لأنه
نكرة وصفت به نكرة ، أفاده ياقوت)، ونظير هذا إفرادهم لفظ عرفات، فأَما
ثبات الأَلف واللام في العَقِيقَيْن فعلى حدِّ ثباتهما في العَقِيق، وفي
بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العَقِيقَ؛ قال أَبو منصور: ويقال لكل ما
شَقَّه ماء السيل في الأَرض فأَنهره ووسَّعه عَقِيق، والجمع أَعِقَّةٌ
وعَقَائِق، وفي بلاد العرب أَربعةُ أَعِقَّةَ، وهي أَودية شقَّتها السيول،
عادِيَّة: فمنها عَقيقُ عارضِ اليمامةِ وهو وادٍ واسع مما يلي العَرَمة
تتدفق فيه شِعابُ العارِض وفيه عيون عذبة الماء، ومنها عَقِيقٌ بناحية
المدينة فيه عيون ونخيل. وفي الحديث: أَيكم يجب أَن يَغْدُوَ إِلى بُطْحانِ
العَقِيقِ؟ قال ابن الأَثير: هو وادٍ من أَودية المدينة مسيل للماء وهو
الذي ورد ذكره في الحديث أَنه وادٍ مبارك، ومنها عَقِيقٌ آخر يَدْفُق ماؤُه
في غَوْرَي تِهَامةَ، وهو الذي ذكره الشافعي فقال: ولو أَهَلُّوا من
العَقِيقِ كان أَحَبَّ إِليّ؛ وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، وقَّتَ لأَهل العِراق بطن العَقِيقِ؛ قال أَبو منصور: أَراد العَقِيقَ
الذي بالقرب من ذات عِرْقٍ قبلها بمَرْحلة أَو مرحلتين وهو الذي ذكره
الشافعي في المناسك، ومنها عَقِيق القَنَانِ تجري إِليه مياه قُلَلِ نجد
وجباله؛ وأَما قول الفرزدق:
قِفِي ودِّعِينَا، يا هُنَيْدُ، فإِنَّني
أَرى الحيَّ قد شامُوا العَقِيقَ اليمانيا
فإِن بعضهم قال: أَراد شاموا البرق من ناحية اليمن.
والعَقّ: حفر في الأَرض مستطيل سمي بالمصدر. والعَقَّةُ: حفرة عميقة في
الأَرض، وجمعها عَقَّات. وانْعَقَّ الوادي: عَمُقَ. والعقائق: النِّهَاء
والغدرانُ في الأَخاديد المُنْعَقَّةِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لكثير بن
عبد الرحمن الخزاعي يصف امرأَة:
إِذا خرجَتْ من بيتها راق عَيْنَها
مُعَِوِّذه، وأَعْجَبَتْها العَقَائِقُ
يعني أَن هذه المرأَة إِذا خرجت من بيتها راقَها مُعَوَّذ النبت حول
بيتها، والمُعَوَّذ من النبت: ما ينبت في أَصل شجر يستره، وقيل: العقائق هي
الرمال الحمر. ويقال: عَقَّت الريحُ المُزْنَ
تَعُقُّه عَقاًّ إِذا استدَرَّتْه كأَنها تشقه شقّاً؛ قال الهذلي يصف
غيثاً:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الريحُ، وانْـ
ـقَارَ بِهِ العَرْضُ، ولم يُشْمَلِ
حارَ: تحيَّر وتردد واستَدَرَّته ريح الجَنوب ولم تهب به الشَّمال
فتَقْشَعَه، وانْقَارَ به العَرْضُ أَي كأَن عرضَ السحاب انْقارَ
بهِ أَي وقعت منه قطعة وأَصله من قُرْتُ جَيْب القميص فانْقار، وقُرْتُ
عينه إِذا قلعتها. وسحبة مَعْقُوقة إِذا عُقَّت فانْعَقَّت أَي تَبَعَّجت
بالماء. وسحابة عَقَّاقة إِذا دفعت ماءها وقد عَقَّت؛ قال عبدُ
بني الحَسْحاص يصف غيثاً:
فمرَّ على الأَنهاء فانْثَجَّ مُزْنُه،
فَعَقَّ طويلاً يَسْكُبُ الماءَ ساجِيَا
واعْتَقَّت السحابة بمعنى؛ قال أَبو وَجْزة:
واعْتَقَّ مُنْبَعِجٌ بالوَبْل مَبْقُور
ويقال للمُعْتذر إِذا أَفرط في اعتذاره: قد اعْتَقَّ اعْتِقاقاً. ويقال:
سحابة عَقَّاقة منشقة بالماء. وروى شمر أَن المُعَقِّرَ بن حمار
البارِقِيّ قال لبنته وهي تَقُوده وقد كُفَّ بصرُه وسمع صوت رعد: أَيْ بُنَيّةُ
ما تَرَيْنَ؟ قالت: أَرى سحابة سَحْماء عَقَّاقَة، كأَنها حوِلاءُ ناقة،
ذات هَيْدب دَانٍ، وسَيرٍ وان قال: أَيْ
بُنَيّة وائلي إِلى قَفْلةٍ فإِنها لا تَنْبُت إِلا بمنْجَاةٍ من السيل؛
شَبَّه السحابة بِحِوَلاءِ الناقة في تشققها بالماء كتشقق الحِوَلاءِ،
وهو الذي يخرج منه الولد، والقَفَلة الشجرة اليابسة؛ كذلك حكاه ابن
الأَعرابي بفتح الفاء، وأَسكنها سائر أَهل اللغة. وفي نوادر الأعراب: اهْتَلَبَ
السيفَ من غِمْدِه وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛
قال الجرجاني: الأَصل اخْتَرَطَه، وكأَنّ اللام مبدل منه وفيه نظر.
وعَقَّ والدَه يَعُقُّه عَقّاً وعُقُوقاً ومَعَقَّةً: شقَّ عصا طاعته.
وعَقَّ والديه: قطعهما ولم يَصِلْ
رَحِمَه منهما، وقد يُعَمُّ بلفظ العُقُوقِ جميع الرَّحِمِ، فالفعل
كالفعل والمصدر كالمصدر. ورجل عُقَقٌ وعُقُق وعَقُّ: عاقٌّ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي للزَّفَيان:
أَنا أَبو المِقْدَامِ عَقّاًّ فَظّا
بمن أُعادي، مِلْطَساً مِلَظّا،
أَكُظُّهُ حتى يموتَ كَظّا،
ثُمَّتَ أُعْلِي رأْسَه المِلْوَظَّا،
صاعقةً من لَهَبٍ تَلَظَّى
والجمع عَقَقَة مثل كَفَرةٍ، وقيل: أَراد بالعقّ المُرَّ من الماء
العُقَاقِ، وهو القُعَاع، المِلْوَظّ: سوطٌ أَو عصا يُلْزِمُها رأْسَه؛ كذا
حكاه ابن الأَعرابي، والصحيح المِلْوَظُ، وإِنما شدد ضرورة. والمَعَقَّةُ:
العُقُوق؛ قال النابغة:
أَحْلامُ عادٍ وأَجْسادٌ مُطَهَّرَة
من المَعَقَّةِ والآفاتِ والأَثَمِ
وأَعَقَّ
فلانٌ إِذا جاءَ بالعُقوق. وفي المثل: أَعَقِّ من ضَبٍّ؛ قال ابن
الأَعرابي: إِنما يريد به الأُنثى، وعُقُوقُها أَنها تأْكل أَولادها؛ عن غير
ابن الأَعرابي؛ وقال ابن السكيت في قول الأَعشى:
فإِني، وما كَلَّفْتُموني بِجَهْلِكم،
ويَعْلم ربَي من أَعَقَّ وأَحْوَبا
قال: أَعَقَّ جاء بالعُقُوقِ، وأَحْوَبَ جاء بالحُوبِ. وفي الحديث: قال
أَبو سفيان بن حرب لحمزة سيد الشهداء، رضي الله عنه، يوم أُحد حين مرَّ
به وهو مقتول: ذُقْ عُقَقُ
أَي ذق جزاء فعلك يا عاقّ، وذق القتل كما قتلت مَن قتلتَ يوم بدر من
قومك،يعني كفار قريش، وعُقَق: معدول عن عاق للمبالغة كغُدَر من غادرٍ وفُسَق
من فاسقٍ. والعُقُق: البعداء من الأَعداء. والعُقُق أَيضاً: قاطعو
الأَرحام. ويقال: عاقَقْتُ فلاناً أُعَاقُّه عِقاقاً إِذا خالفته. قال ابن بري
عَقَّ والدَه يَعُقُّ عقوقاً ومَعَقَّةً؛ قال هنا: وعَقَاقِ مبنية على
الكسر مثل حَذَامِ ورَقَاشِ؛ قالت عمرة بنت دريد ترثيه:
لَعَمْرُك ما خشيتُ على دُرَيْد،
ببطن سُمَيْرةٍ، جَيْشَ العَنَاقِ
جَزَى عنّا الإِلهُ بني سُلَيْم،
وعَقَّتْهم بما فعلوا عَقَاقِ
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن عُقُوقِ الأُمّهات، وهو
ضد البِرّ، وأَصله من العَقّ الشَّقّ والقطع، وإنما خص الأُمهات وإن كان
عُقوقُ الآباء وغيرهم من ذوي الحقوق عظيماً لأَن لِعُقوقِ الأُمهات مزيّة
في القبح. وفي حديث الكبائر: وعدَّ منها عقوقَ الوالدين. وفي الحديث:
مَثَلُكم ومَثَلُ عائشةَ مَثَلُ العينِ في الرأْس تؤذي صاحبها ولا يستطيع
أن يَعُقَّها إِلا بالذي هو خير لها؛ هو مستعار من عُقُوقِ
الوالدين. وعَقَّ البرقُ وانْعَقَّ: انشق. والانْعِقاق: تشقق البرق،
والتَّبَوُّجُ: تَكَشُّفُ البرقِ، وعَقِيقَتُهُ: شعاعه؛ ومنه قيل للسيف
كالعَقِيقَة، وقيل: العَقِيقَةُ والعُقَقُ البرق إِذا رأَيته في وسط السحاب
كأَنه سيف مسلول. وعَقِيقةُ البرق: ما انْعَقَّ منه أَي تَسَرَّبَ
في السحاب، يقال منه: انْعَقَّ البرقُ، وبه سمي السيف؛ قال عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقةِ، فهو كِمْعِي
سِلاحِي، لا أَفَلَّ ولا فُطَارَا
وانْعَقَّ الغبار: انشق وسطع؛ قال رؤبة:
إِذا العَجاجُ المُسْتَطارُ انْعَقَّا
وانْعَقَّ الثوبُ: انشق؛ عن ثعلب.
والعَقِيقةُ: الشعر الذي يولد به الطفل لأَنه يشق الجلد؛ قال امرؤ
القيس:يا هندُ، لا تَنْكِحي بُوهَةً
عليه عَقِىقَتُه، أَحْسَبَا
وكذلك الوَبَرُ لِذي الوَبَرِ. والعِقَّة: كالعَقِيقةِ، وقيل: العِقَّةُ
في الناس والحمر خاصة ولم تسمع في غيرهما كما قال أَبو عبيدة؛ قال رؤبة:
طَيَّرَ عنها النَّسْرُ حْولِيَّ العِقَق
ويقال للشعر الذي يخرج على رأْس المولود في بطن أُمه عَقِيقةٌ لأَنها
تُحْلق، وجعل الزمخشري الشعرَ أصلاً والشاةَ المذبوحة مشتقة منه. وفي
الحديث: إِن انفرقت عَقِيقَتُه فَرَقَ أَي شعره، سمي عَقيقةً تشبيهاً بشعر
المولود. وأَعَقَّت الحامل: نبتت عَقيقَةُ ولدها في بطنها. وأَعَقَّت الفرس
والأَتان، فهي مُعِقّ وعَقُوق: وذلك إِذا نبتت العَقيقةُ في بطنها على
الولد الذي حملته؛ وأَنشد لرؤبة:
قد عَتَق الأَجْدعُ بعد رِقِّ،
بقارحٍ أَو زَوْلَةٍ مُعِقِّ
وأَنشد أَيضاً في لغة من يقول أَعَقَّتْ فهي عَقُوق وجمعها عُقُق:
سِراًّ وقد أَوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ
(* قوله «سراً إلخ» صدره كما في الصحاح:
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق
أَوَّنَّ: شربن حتى انتفخت بطونهن فصار كل حمار منهن كالأَتان العَقُوق،
وهي التي تكامل حملها وقرب ولادها، ويروى أَوَّنَّ على وزن فَعَّلْنَ
يريد بذلك الجماعة من الحمير، ويروى أَوَّنَّ على وزن فَعَّل، يريد الواحد
منها.
والعَقاقُ، بالفتح: الحَمْل، وكذلك العَقَقُ؛ قال عديّ بن زيد:
وتَرَكْن العَيْر يَدْمَى نَحْرُه،
ونَحُوصاً سَمْحجاً فيها عَقَقْ
وقال أَبو عمرو: أَظهرت الأَتانُ عَقاقاً، بفتح العين، إِذا تبين حملها،
ويقال للجنين عَقاق؛ وقال:
جَوانِحُ يَمْزَعْنَ مَزْعَ الظِّبا
ء، لم يَتَّرِ كْنَ لبطن عَقَاقا
أَي جَنِيناً؛ هكذا قال الشافعي: العَقاق، بهذا المعنى في آخر كتاب
الصرف، وأَما الأَصمعي فإِنه يقول: العقاق مصدر العَقُوقِ، وكان أَبو عمرو
يقول: عَقَّتْ فهي عَقُوق. وأَعَقّعتْ فهي مُعِقّ، واللغة الفصيحة
أَعَقَّتْ فهي عَقُوق.
وعَقَّ عن ابنه يَعِقُّ ويَعُقُّ: حلق عَقِيقَتهُ أَو ذبح عنه شاة، وفي
التهذيب: يوم أُسبوعه، فقيَّده بالسابع، واسم تلك الشاة العَقيقة. وفي
الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: في العَقِيقَةِ عن الغلام
شاتان مثلان، وعن الجارية شاة؛ وفيه: إِنه عَقَّ عن الحسن والحسين،
رضوان الله عليهما، وروي عنه أَنه قال: مع الغلام عَقِيقَتُه فأَهَر يقُوا
عنه دماً وأَميطوا عنه الأَذى. وفي الحديث: الغلام مُرْتَهِنٌ بعَقِيقته؛
قيل: معناه أَن أَباه يُحْرَم شفاعةَ ولده إِذا لم يعُقَّ عنه، وأَصل
العَقِيقةِ الشعر الذي يكون على رأْس الصبي حين يولد، وإِنما سميت تلك الشاةُ
التي تذبح في تلك الحال عَقِيقةً لأَنه يُحْلق عنه ذلك الشعر عند الذبح،
ولهذا قال في الحديث: أَميطوا عنه الأَذى، يعني بالأَذى ذلك الشعر الذي
يحلق عن، وهذا من الأَشياء التي ربما سميت باسم غيرها إِذا كانت معها أَو
من سببها، فسميت الشاة عَقِيقَةٍ لَعَقِيقَةِ الشعر. وفي الحديث: أَنه
سئل عن العَقِيقةِ فقال: لا أُحب العُقُوق، ليس فيه توهين لأَمر
العَقِيقَةِ ولا إِسقاط لها، وإِنما كره الاسم وأَحب أَن تسمى بأَحسن منه كالنسيكة
والذبيحة، جرياً على عادته في تغيير الاسم القبيح. والعَقِيقَةُ: صوف
الجَذَع، والجَنيبَة: صوف الثَّنِيِّ؛ قال أَبو عبيد: وكذلك كل مولود من
البهائم فإِن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عَقِيقَة وعَقِيقٌ وعِقَّةٌ،
بالكسر؛ وأَنشد لابن الرِّقاع يصف العير:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى جديداً بعدما ابْتَقَلا
مُوَلَّع بسوادٍ في أَسافِلِهِ،
منه احْتَذَى، وبِلَوْنٍ مِثلِهِ اكتحلا
فجعل العَقِيقةَ الشعر لا الشاة، يقول: لما تَرَبَّع وأَكل بُقول الربيع
أَنْسَلَ
الشعر المولود معه وأَنبت الآخر، فاجتابه أَي اكتساه، قال أَبو منصور:
ويقال لذلك الشعر عَقِيقٌ، بغير هاء؛ ومنه قول الشماخ:
أَطارَ عَقِيقَةُ عنه نُسَالاً،
وأُدْمِجَ دَمْج ذي شَطَنٍ بدِيعِ
أَراد شعره الذي يولد عليه أَنه أَنْسَله عنه. قال: والعَقُّ في الأَصل
الشق والقطع، وسميت الشعرة التي يخرج المولود من بطن أُمه وهي عليه
عَقِيقةً، لأَِِنها إِن كانت على رأْس الإِنسي حلقت فقطعت، وإِن كانت على
البهيمة فإِنها تُنْسِلُها، وقيل للذبيحة عَقِيقةٌ لأَنَّها تُذبَح فيُشقّ
حلقومُها ومَريثُها وودَجاها قطعاً كما سميت ذبيحة بالذبح، وهو الشق. ويقال
للصبي إِذا نشأَ مع حيّ حتى شَبَّ وقوي فيهم: عُقَّتْ تميمتُه في بني
فلان، والأصل في ذلك أَن الصبي ما دام طفلاً تعلق أُمه عليه التمائم، وهي
الخرز، تُعَوِّذه من العين، فإِذا كَبِرَ قُطعت عنه؛ ومنه قول الشاعر:
بلادٌ بها عَقَّ الشّعبابُ تَمِيمَتي،
وأَوّعلُ أَرضٍ مَسَّ جِلْدي تُرابُها
وقال أَبو عبيدة: عَقِيقةُ الصبيّ عُرْلَتُه إِذا خُتِن. والعَقُوق من
البهائم: الحامل، وقيل: هي من الحافر خاصةً والجمع عُقُقٌ وعِقاق، وقد
أَعَقَّتْ، وهي مُعِقّ وعَقُوق، فمُعِقّ على القياس وعَقوق على غير القياس،
ولا يقال مُعِقّ إِلا في لغة رديئة، وهو من النوادِر. وفرس عَقُوق إِذا
انْعَقّ بطنُها واتسع للولد؛ وكل انشقاق هو انْعِقاقٌ؛ وكلُّ شق وخرق في
الرمل وغيره فهو عَقّ، ومنه قيل للبَرْقِ إِذا انشق عَقِيقةٌ. وقال أَبو
حاتم في الأَضداد: زعم بعض شيوخنا أَن الفرس الحامل يقال لها عَقوق ويقال
أَيضاً للحائل عَقوق؛ وفي الحديث: أَتاه رجل معه فرس عَقوق أَي حائل،
قال: وأَظن هذا على التفاؤل كأَنهم أَرادوا أَنها ستَحْمِلُ إِن شاء الله.
وفي الحديث: من أَطْرَقَ مسلماً فعَقَّتْ
له فرسُه كان كأَجر كذا؛ عَقَّتْ أَي حَمَلت. والإِعْقاقُ بعد
الإِقْصاصِ، فالإِقْصاص في الخيل والحمر أَوَّل ثم الإِعْقاقُ بعد ذلك.
والعَقِيقةُ: المَزادة. والعَقِيقةُ: النهر. والعَقِيقةُ:العِصابةُ
ساعةَ تشق من الثوب. والعَقِيقةُ: نَواقٌ رِخْوَةٌ كالعَجْوة تؤكل.
ونَوى العَقوقِ: نَوىً هَشّ لَيِّنٌ رِخْو المَمْضغة تأْكله العجوز أَو
تَلوكه تُعْلَفُه الناقة العَقوق إلْطافاً لها، فلذلك أُضيف إِليها، وهو
من كلام أَهل البصرة ولا تعرفه الأَعراب في باديتها. وفي المثل: أَعَزُّ
من الأَبْلِق العَقوقِ؛ يضرب لما لا يكون، وذلك أَن الأَبْلق من صفات
الذكور، والعَقُوق الحامل، والذور لا يكون حاملاً، وإِذا طلب الإِنسان فوق
ما يستحق قالوا: طَلَب الأَبْلَق العَقوق، فكأَنه طلب أَمراً لا يكون
أَبداً؛ ويقال: إِن رجلاً سأَل معاوية أَن يزوجّه أمَّه هنداً فقال: أَمْرُها
إِليها وقد قَعَدَتْ عن الولد وأَبَتْ أَن تتزوج، فقال: فولني مكان كذا،
فقال معاوية متمثلاً:
طَلَبَ الأَبْلَقَ العَقوقَ، فلمَّا
لم يَنَلْهُ أَراد بَيْضَ الأَنُوقِ
والأَنوق: طائر يبيض في قُنَنِ
الجبال فبيضه في حِرْزٍ إِلا أَنه مما لا يُطْمَع فيه، فمعناه أَنه طَلب
ما لا يكون، فلما لم يجد ذلك طلب ما يطمع في الوصول إِليه، وهو مع ذلك
بعيد. ومن أَمثال العرب السائرة في الرجل يسأَل ما لا يكون وما لا يُقْدر
عليه: كَلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقوق، ومثله: كَلَّفْتَني بَيْضَ
الأَنوق؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فلو قَبِلوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ
بأَلْفٍ أُؤَدِّيه من المالِ أَقْرَعا
يقول: لو أَتيتهم بالأَبْلَق العَقوقِ
ما قبلوني، وقال ثعلب: لو قبلوني بالأَبيض العَقوق لأَتيتهم بأَلف،
وقيل: العَقوق موضع، وأَنشد ابن السكيت هذا البيت الذي أَنشده ابن الأَعرابي
وقال: يريد أَلف بعير. والعَقِيقةُ: سهم الاعتذار؛ قالت الأَعراب: إِن
أَصل هذا أَن يُقْتَلَ رجلٌ من القبيلة فيُطالَب القاتلُ بدمه، فتجتمع
جماعة من الرؤساء إِلى أَولياء القَتِيل ويَعْرضون عليهم الدِّيةَ ويسأَلون
العفو عن الدم، فإِن كان وَلِيّهُ
قويّاً حَمِياًّ أَبي أَخذ الدية، وإِن كان ضعيفاً شاوَرَ أَهل قبيلته
فيقول للطالبين: إِن بيننا وبين خالقنا علامة للأَمر والنهي، فيقول لهم
الآخرون:ما علامتكم؟ فيقولون: نأْخذ سهماً فنركبه على قَوْس ثم نرمي به
نحْوَ السماء، فإِن رجع إلينا ملطخاً بالدم فقد نُهِينا عن أَخذ الدية، ولم
يرضوا إِلا بالقَوَدِ، وإِن رجع نِقياًّ كما صعد فقد أُمِرْنا بأَخذ
الدية، وصالحوا، قال: فما رجع هذا السهمُ
قطّ إِلا نَقِياًّ ولكن لهم بهذا غُذْرٌ عند جُهَّالهم؛ وقال شاعر من
أَهل القَتِيل وقيل من هُذَيْلٍ، وقال ابن بري: هو للأَشْعَر الجُعْفي وكان
غائباً من هذا الصلح:
عَقُّوا بِسَهْمٍ ثم قالوا: صالِحُوا
يا ليتَني في القَوْمِ، إِذ مَسَحوا اللِّحى
قال: وعلامة الصلح مسح اللِّحى؛ قال أَبو منصور: وأَنشد الشافعي للمتنخل
الهذلي:
عَقُّوا بسَهْم، ولم يَشْعُرْ بِه أَحَدٌ،
ثم اسْتَفاؤوا وقالوا: حَبَّذا الوَضَحُ
أَخبر أَنهم آثروا إِبل الدية وأَلبانها على دم قاتل صاحبهم، والوَضَحُ
ههنا اللبن، ويروى: عَقَّوْا بسهم، بفتح القاف، وهو من باب المعتل.
وعَقَّ بالسهم: رَمى به نحو السماء.
وماء عُقّ مثل قُعٍّ وعُقاقٌ: شديد المرارة، الواحد والجمع فيه سواء.
وأَعَقَّتِ الأَرضُ الماء: أَمَرَّتْه؛ وقول الجعدي:
بَحْرُكَ بَحْرُ الجودِ، ما أَعَقَّهُ
ربُّكَ، والمَحْرومُ مَنْ لم يُسْقَهُ
معناه ما أَمَرَّه، وأَما ابن الأَعرابي فقال: أَراد ما أَقَعَّهُ من
الماء القُعِّ وهو المُرُّ أَو الملح فقلب، وأَراه لم يعرف ماءً عُقاًّ
لأَنه لو عرفه لحَمَلَ الفعلَ عليه ولم يحتج إِلى القلب. ويقال: ماءٌ قُعاعٌ
وعُقاق إِذا كان مراًّ غليظاً، وقد أَقَعَّهُ اللهُ وأَعَقَّه.
والعَقِيقُ: خرز أَحمر يتخذ منه الفُصوص، الواحدة عَقِيقةٌ؛ ورأَيت في
حاشية بعض نسخ التهذيب الموثوق بها: قال أَبو القاسم سئل إِبراهيم الحربي
عن الحديث لا تَخَتَّمُوا بالعَقِيقِ فقال: هذا تصحيف إِما هو لا
تُخَيِّمُوا بالعَقِيق أَي لا تقيموا به لأَنه كان خراباً والعُقَّةُ: التي يلعب
بها الصبيان.
وعَقْعَقَ الطائر بصوته: جاء وذهب. والعَقْعَقُ: طائر معروف من ذلك
وصوته العَقْعَقةُ. قال ابن بري: وروى ثعلب عن إِسحق الموصلي أَن العَقْعَقَ
يقال له الشِّجَجَى. وفي حديث النخعي: يقتل المُحْرِمُ العَقْعَقَ؛ قال
ابن الأَثير: هو طائر معروف ذو لونين أَبيض وأَسود طويل الذَّنَب، قال:
وإِنما أَجاز قتله لأَنه نوع من الغربان.
وعَقَّهُ: بطن من النِّمِر بن قاسِطٍ؛ قال الأَخطل:
ومُوَقَّع أَثَرُ السِّفارِ بِخَطْمِهِ،
من سُود عَقَّةَ أَو بني الجَوَّالِ
المُوقَّع: الذي أَثَّر القَتَبُ في ظهره، وبنو الجَوَّال: في بني
تَغْلِب. ويقال للدَّلو إِذا طلعت من البئر ملأَى: قد عَقَّتْ عَقّاً، ومن
العرب من يقول: عَقَّتْ تَعْقِيةً، وأَصلها عَقَّقَتْ، فلما اجتمعت ثلاث
قافات قلبوا إِحداها ياء كما قالوا تَظَنَّيْتُ
من الظن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
عَقَّتْ كما عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ
شبه الدلو وهي تشق هواءَ البئر طالعةً بسرعة بالعُقاب تَدْلِفُ في
طَيَرانها نحوَ الصيد.
وعِقَّانُ النخيل والكُروم: ما يخرج من أُصولها، وإِذا لم تُقطع
العِقَّانُ فَسَدت الأُصول. وقد أَعَقَّتِ النخلة والكَرْمة: أَخرجت
عِقَّانها.وفي ترجمة قعع: القَعْقَعةُ والعَقْعَقَةُ حركة القرطاس والثوب
الجديد.