Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: دعي

الدعي

(الــدعي) الْمُتَّهم فِي نسبه والمنسوب إِلَى غير أَبِيه والمتبنى (ج) أدعيــاء وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَمَا جعل أدعيــاءكم أبناءكم} والمدعو إِلَى الطَّعَام

الطلاق البِدعِي

الطلاق البِــدعِي: هو أن يطلقِّها ثلاثاً بكلمة واحدة في الطهر أو الحيض، وكذا واحداً أو اثنين في الحيض، أو واحداً في الطهر الذي جامعها فيه، وكذا ثلاثاً في طهر واحد، وكذا ثلاثاً أو اثنين بتكرار اللفظ.

الدَّعِي

الــدَّعِي: المتَّهم في نسبه والذي يــدعي غيرَ أبيه ويطلق على المتبنَّى.
الدُّفُّ: بالضم وقد يفتح آلة الطرب يضرب بها والكبيرُ المدورَّ يقال له: المزِهر.

الْمُدَّعِي

(الْمُــدَّعِي) (فِي الْقَضَاء) المخاصم
الْمُــدَّعِي: اسْم الْفَاعِل من إِذا ترك دَعْوَاهُ ترك أَي لَا يجْبر على الْخُصُومَة إِذا تَركهَا لِأَن لَهُ حق الطّلب فَإِذا ترك لَا سَبِيل عَلَيْهِ. وَاسم الْمَفْعُول هُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ رجل فيطلب الدَّلِيل عَلَيْهِ وَلذَا يُسمى مَطْلُوبا. وَالْمُــدَّعِي وَالْمَطْلُوب والنتيجة متحدة بِالذَّاتِ ومتغائرة بِالِاعْتِبَارِ.

الطَّلَاق البدعي

الطَّلَاق البــدعي: أَن يطلقهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَات متفرقات فِي طهر وَاحِد أَو بِكَلِمَة وَاحِدَة فِي طهر وَاحِد فَإِذا فعل ذَلِك وَقع الطَّلَاق وَكَانَ عَاصِيا وَكَذَا إِيقَاع الثِّنْتَيْنِ بِمرَّة أَو مرَّتَيْنِ فِي طهر وَاحِد لَا رَجْعَة فِيهِ أَو وَاحِدَة فِي طهر وطِئت أَو فِي حيض وَهِي مَوْطُوءَة وَهَذَا الطَّلَاق سني من حَيْثُ الْعدَد بــدعي من حَيْثُ الْوَقْت. وَالطَّلَاق الْمَذْكُور أَعنِي تطليقها ثَلَاثًا بِكَلِمَات متفرقات فِي طهر وَاحِد أَو بِكَلِمَة وَاحِدَة فِي طهر وَاحِد لَا وطئ فِيهِ سني من حَيْثُ الْوَقْت وبــدعي من حَيْثُ الْعدَد لما ذكرنَا فِي الطَّلَاق.
وَفِي شرح الْوِقَايَة اعْلَم أَن الطَّلَاق أبْغض الْمُبَاحَات فَلَا بُد وَأَن يكون بِقدر الضَّرُورَة فأحسنه الْوَاحِد فِي طهر لَا وطئ فِيهِ - أما الْوَاحِدَة فَلِأَنَّهَا أقل - وَأما فِي الطُّهْر فَلِأَنَّهُ إِن كَانَ فِي الْحيض يُمكن أَن يكون لنفرة الطَّبْع لَا لأجل الْمصلحَة - وَأما عدم الوطئ فلئلا يكون شُبْهَة الْعلُوق انْتهى.

دعو

دعو
رجُلٌ مَدْعُوٌّ ومَــدْعِيٌّ، جَميعاً. وهو داعِي قَوْمٍ وداعِيَتُهم: أي
يَدْعُوْهم إِلى هُدىً أو ضَلالٍ. والمُؤذِّنُ: داعِيْ الله. والدِّعَاوَةُ والدِّعوَةُ - بالكَسْر -: في النَّسَبِ. والدَّعْوَةُ - بالفَتْحِ - في الطَّعام. وعَدِيُّ الرِّبَابِ يَفْتَحُونَها في النَّسَب ويكسِرُونهَا في الطَّعام.
وادَّعى فُلاناً: صَيَّرَه يُدْعى إِلى غيرِ أبيه. ودَعَوْتُه كَذا: سَمَّيْتَه. والتَّــدَعِّي: تَطْرِيْبُ النّائحَةِ في نِيَاحَتِها. والتَّــدَعِّي والتَّــدَعِّي: أنْ يَدْعُو بعضُهم بعضاً. وادَّعى في الحَرْبِ وتَدَاعى: اعْتَزى. ويُقال: دَعْ في الضَّرْع داعِيَةَ لَبَنٍ: أي لا تَأْفِنْه. والدّاعِيَة: صَرِيْخُ الخَيْل. ودَعَاهُ اللهُ بما يَكْرَه: أنْزَلَه به. وتَدَاعى عليه القَوْمُ والأعْداءُ: أقْبَلُوا عليه. وتَدَاعَتِ الحِيْطانُ: انقَاضَتْ.
وقَوْلُهُ تعالى: " تَدْعُوْ مَنْ أدْبَرَ وتَوَلّى " يُريدُ به فِعْلَها بهم لا الدُّعاء. وما بها دُعْوِيٌّ: أي أحَدٌ، وهو من الدُّعَاء. والأُــدْعِيَّــةُ: الأُحْجِيَّةُ، يُقال: أُدَاعِيْكَ ما كَذا وكذا، ويُقال: الأُدْعُوَّة، أيضاً.
(د ع و) : (دَعَوْتُ) فُلَانًا نَادَيْتُهُ وَهُوَ دَاعٍ وَهُمْ دُعَاةٌ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّا بَعَثْنَاكَ دَاعِيًا لَا رَاعِيًا أَيْ لِلْأَذَانِ وَإِعْلَامِ النَّاسِ لَا حَافِظًا لِلْأَمْوَالِ وَقَوْلُ النَّهْدِيِّ كُنَّا نَدْعُو وَنَدَعُ أَيْ نَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ مَرَّةً وَمَرَّةً نَدَعُ أَيْ وَنَتْرُكُ الدَّعْوَةَ أُخْرَى وَادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مَالًا فَزَيْدٌ الْمُــدَّعِي وَعَمْرٌو الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَالُ الْمُدَّعَى وَالْمُدَّعَى بِهِ لَغْوٌ وَالْمَصْدَرُ الِادِّعَاءُ (وَالِاسْمُ الدَّعْوَى) وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ فَلَا تُنَوَّنُ يُقَالُ دَعْوَى بَاطِلَةٌ أَوْ صَحِيحَةٌ وَجَمْعُهَا دَعَاوَى بِالْفَتْحِ كَفَتْوَى وَفَتَاوَى (وَالتَّدَاعِي) أَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَدْ تَدَاعَوْا الشَّيْءَ إذَا ادَّعَوْهُ (وَمِنْهُ) بَابُ الرَّجُلَانِ يَتَدَاعَيَانِ الشَّيْءَ بِالْأَيْدِي وَمِثْلُهُ تَبَايَعَاهُ وَتَرَاءَوْا الْهِلَالَ وَيُقَالُ تَدَاعَتْ الْحِيطَانُ وَتَدَاعَى الْبُنْيَانُ إذَا بَلِيَ وَتَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْقُطَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِنْ تَدَاعَتْ حَوَائِطُ الْمَقْبَرَةِ إلَى الْخَرَابِ فَعَامِّيٌّ غَيْرُ عَرَبِيٍّ (وَفُلَانٌ دَعِيٌّ) مِنْ الدَّعْوَةِ بِالْكَسْرِ إذَا ادَّعَى غَيْرَ أَبِيهِ وَدَاعِيَةُ اللَّبَنِ مَا يُتْرَكُ فِي الضَّرْعِ لِيَدْعُوَ مَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ بِغَيْرِ هَاءٍ (وَمِنْهُ الْحَدِيثُ) «دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ لَا تُجْهِدْهُ» أَيْ لَا تَسْتَقْصِ الدَّعَةَ مَوْضِعُهَا فِي (ود) .

دعو


دَعَا(n. ac. دُعَآء [] )
a. Cried, called out.
b. Cried out to, called, summoned; convoked; invoked
called upon (God).
c. [La], Prayed for, blessed.
d. ['Ala], Imprecated, invoked curses upon.
e. [acc. & Ila], Urged, called upon to; summoned to.
f. [Bi], Called for, desired; needed, required.
g.(n. ac. دَعْوَة [] مَدْعَاة [مَدْعَو]), Invited.
h. [acc.
or
Bi], Called, named; called by name.
دَاْعَوَa. Contested with.
b. Was at variance with.
c. Proposed enigmas, riddles to.
d. Pulled down a wall.

أَدْعَوَa. Made a son to attribute himself to one who was not his
father.

تَدَعَّوَa. Cried; lamented, wailed ( wailing woman ).

تَدَاْعَوَa. Called, summoned one another.
b. Threatened to fall (wall).
c. Claimed.
d. [ 'Ala ], Agreed upon.
e. Were at strife, at variance.

إِنْدَعَوَ
a. [La], Answered, responded to ( invitation
call ).
إِدْتَعَوَ
(د)
a. [Bi], Claimed.
b. ['Ala], Preferred a claim against, summoned, brought an
action against; went to law with.
c. Asserted, pretended that he was ( of such a
race ).
إِسْتَدْعَوَa. Called, made to come.
b. Called for, desired; required.
c. Called upon, invoked.

دَعْوَة []
a. Call; invocation; invitation.
b. Banquet.
c. Affair, matter.
d. see 22t
دَعْوَى [] (pl.
دَعَاوِي)
a. Claim, demand, pretension.
b. Lawsuit, action.

دِعْوَة []
a. Claim to relationship; kinship.

دَاعِي دَاعٍ []
a. Summoner, caller, inviter.
b. (pl.
دَوَاعٍ)
see 21t
دَاعِيَة []
a. A cause, motive, means.

دَعَاوَة []
دِعَاوَة []
a. Claim, pretension.

دُعَآء [] (pl.
أَــدْعِيَــة [] )
a. Invocation, prayer; appeal, request, demand.
b. ['Ala], Imprecation, curse.
دَوَاعِي الدَّهْر
a. Circumstances, requirements or exigencies of the
time.

مُدَّعَى
a. Pretending to, claiming; claimant, plaintiff.

مُدَّعَى
a. Claimed, made the subject of litigation (
property ).
مُدَّعَى عَلَيْهِ
a. Defendant.

إِدَّعَآء
a. see 22tb. Law-suit, action.

الدَّاعِي لِذَلِك
a. The motive of this is ....

الدَّاعِي (a. for
الدَّاعِي لَكُم ) Your well wisher:
yours truly.
د ع و

دعوت فلاناً وبفلان: ناديته وصحت به. وما بالدار داع ولا مجيب. والنادبة تدعو الميت: ندبه. تقول: وازيداه. ودعاه إلى الوليمة، ودعاه إلى القتال. ودعا الله له وعليه، ودعا الله بالعافية والمغفرة. والنبي داعي الله. وهم دعاة الحق، ودعاة الباطل والضلالة. وتداعوا للرحيل. وما بالدار دعويٌ أي أحد يدعو. وأجيبوا داعية الخيل وهي صريخهم. وتداعوا في الحرب: اعتزوا. وبينهم دعوى، وادّعى فلان دعوى باطلة. وشهدنا دعوة فلان. وهو دعيٌّ بين الدعوة.


ومن المجاز: دعاه الله بما يكره: أنزله به. قال:

دعاك الله من رجل بأفعى ... إذا نام العيون سرت عليكا

ودعوته زيداً: سمّيته. وما تدعون هذا الشيء بينكم؟. ودع داعيَ اللبن وداعية اللبن: ما يترك في الضرع ليدعو ما بعده. والداعية تدعو المادّة. وأصابتهم دواعي الدهر: صروفه. وأنا أداعيك: أحاجيك. وبينهم أدعيــةً يتداعون بها. ودعا بالكتاب: استحضره " يدعون فيها بفاكهة " وما دعاك إلى أن فعلت كذا. ودعا أنفه الطّيب إذا وجد رائحته فطلبه. قال ذو الرمة:

أمسى بوهبين مجتازالأ لمرتعه ... من ذي الفوارس تدعو أنفه الربب

وتداعت عليهم القبائل من كل جانب: اجتمعت عليه وتألبت بالعداوة. وفلان يــدعي بكرم فعاله: يخبر عن نفسه بذلك. قال:

فلم يبق إلا كلّ خوصاء تدعى ... بذي شرفات كالفنيق المخاطر

أي بهاديها وما أشرف منها إذا رؤيت عرفت بذلك فكأنها تخبر عن نفسها به. وما يدعو فلان باسم فلان أي ما يذكره باسمه من بغضه له ولكن يلقبه بلقب. قال أوس:

لعمرك ما تدعو ربيعة باسمنا ... جميعاً ولم تنبيء بإحساننا مضر

وإنه لذو مساعٍ ومداع وهي المناقب في الحرب خاصة. قال أبو وجزة:

وهم الحواريون قد قسمت لهم ... إن المداعي والمساعي تقسم

وتداعت عليهم الحيطان، وتداعينا عليهم الحيطان من جوانبها: هدمناها عليهم.

ومن مجاز المجاز: تداعت إبل بني فلان: هزلت أو هلكت. قال ذو الرمة:

تباعد مني أن رأيت حمولتي ... تداعت وأن أحيا عليك قطيع
د ع و : دَعَوْتُ اللَّهَ أَدْعُوهُ دُعَاءً ابْتَهَلْتُ إلَيْهِ بِالسُّؤَالِ وَرَغِبْتُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْخَيْرِ وَدَعَوْتُ زَيْدًا نَادَيْتُهُ وَطَلَبْتُ إقْبَالَهُ وَدَعَا الْمُؤَذِّنُ النَّاسَ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ دَاعِي اللَّهِ وَالْجَمْعُ دُعَاةٌ وَدَاعُونَ مِثْلُ: قَاضٍ وَقُضَاةٌ وَقَاضُونَ وَالنَّبِيُّ دَاعِي الْخَلْقِ إلَى التَّوْحِيدِ وَدَعَوْتُ الْوَلَدَ زَيْدًا وَبِزَيْدٍ إذَا سَمَّيْتَهُ بِهَذَا الِاسْمِ
وَالدَّعْوَةُ بِالْكَسْرِ فِي النِّسْبَةِ يُقَالُ دَعَوْتُهُ بِابْنِ زَيْدٍ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الدَّعْوَةُ بِالْكَسْرِ ادِّعَاءُ الْوَلَدِ الــدَّعِيِّ غَيْرَ أَبِيهِ يُقَالُ هُوَ دَعِيٌّ بَيِّنُ الدَّعْوَةِ بِالْكَسْرِ إذَا كَانَ يَــدَّعِي إلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يَــدَّعِيــهِ غَيْرُ أَبِيهِ فَهُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ الثَّانِي وَالدَّعْوَى وَالدَّعَاوَةُ بِالْفَتْحِ وَالِادِّعَاءُ مِثْلُ: ذَلِكَ وَعَنْ الْكِسَائِيّ لِي فِي الْقَوْمِ دَعْوَةٌ بِالْكَسْرِ أَيْ قَرَابَةٌ وَإِخَاءٌ وَالدَّعْوَةُ بِالْفَتْحِ فِي الطَّعَامِ اسْمٌ مِنْ دَعَوْتُ النَّاسَ إذَا طَلَبْتَهُمْ لِيَأْكُلُوا عِنْدَكَ يُقَالُ نَحْنُ فِي دَعْوَةِ فُلَانٍ وَمَدْعَاتِهِ وَدُعَائِهِ بِمَعْنًى قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا كَلَامُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ إلَّا عَدِيَّ الرِّبَابِ فَإِنَّهُمْ يَعْكِسُونَ وَيَجْعَلُونَ الْفَتْحَ فِي النَّسَبِ وَالْكَسْرَ فِي الطَّعَامِ وَدَعْوَى فُلَانٍ كَذَا أَيْ قَوْلُهُ.

وَادَّعَيْــتُ الشَّيْءَ تَمَنَّيْتُهُ وَادَّعَيْــتُهُ طَلَبْتُهُ لِنَفْسِي وَالِاسْمُ الدَّعْوَى قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُؤَنِّثُهَا بِالْأَلِفِ فَيَقُولُ الدَّعْوَى وَقَدْ يَتَضَمَّنُ الِادِّعَاءُ مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَتَدْخُلُ الْبَاءُ جَوَازًا يُقَالُ فُلَانٌ يَــدَّعِي بِكَرَمِ فِعَالِهِ أَيْ يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَجَمْعُ الدَّعْوَى الدَّعَاوَى بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ الْفَتْحُ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَرَبَ آثَرَتْ التَّخْفِيفَ فَفَتَحَتْ وَحَافَظَتْ عَلَى أَلِفِ التَّأْنِيثِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْمُفْرَدُ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ وَلَّادٍ وَلَفْظُهُ وَمَا كَانَ عَلَى فُعْلَى بِالضَّمِّ أَوْ الْفَتْحِ أَوْ الْكَسْرِ فَجَمْعُهُ الْغَالِبُ الْأَكْثَرُ فَعَالَى بِالْفَتْحِ وَقَدْ يَكْسِرُونَ اللَّامَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْكَسْرُ أَوْلَى وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ مَا بَعْدَ أَلِفِ الْجَمْعِ لَا يَكُونُ إلَّا مَكْسُورًا وَمَا فُتِحَ مِنْهُ فَمَسْمُوعٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ قَالَ ابْنُ جِنِّي قَالُوا حُبْلَى وَحَبَالَى بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْأَصْلُ حَبَالٍ بِالْكَسْرِ مِثْلُ: دَعْوَى وَدَعَاوٍ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ قَالُوا يَتَامَى وَالْأَصْلُ يَتَائِمُ فَقُلِبَ ثُمَّ فُتِحَ لِلتَّخْفِيفِ وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَإِنْ كَانَتْ فِعْلَى بِكَسْرِ الْفَاءِ لَيْسَ لَهَا أَفْعَلُ مِثْلُ: ذِفْرَى إذَا كُسِرَتْ حُذِفَتْ الزِّيَادَةُ الَّتِي لِلتَّأْنِيثِ ثُمَّ بُنِيَتْ عَلَى فَعَالٍ وَتُبْدَلُ مِنْ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ أَلِفٌ أَيْضًا فَيُقَالُ ذَفَارُ وَذَفَارَى وَفَعْلَى بِالْفَتْحِ مِثْلُ: فِعْلَى سَوَاءٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِيَّةِ وَكَوْنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَهَا أَفْعَلُ وَعَلَى هَذَا فَالْفَتْحُ وَالْكَسْرُ فِي الدَّعَاوَى سَوَاءٌ وَمِثْلُهُ الْفَتْوَى وَالْفَتَاوَى وَالْفَتَاوِي ثُمَّ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ يَعْنَى سِيبَوَيْهِ قَوْلُهُمْ ذَفَارٍ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُمْ جَمَعُوا هَذَا الْبَابَ عَلَى فَعَالٍ إذْ جَاءَ عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ قَلَبُوا الْيَاءَ أَلِفًا أَيْ لِلتَّخْفِيفِ لِأَنَّ الْأَلِفَ أَخَفُّ مِنْ الْيَاءِ وَلِعَدَمِ اللَّبْسِ لِفَقْدِ فَعَالِلْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ قَالَ
الْيَزِيدِيُّ يُقَالُ لِي فِي هَذَا الْأَمْرِ دَعْوَى وَدَعَاوَى أَيْ مَطَالِبُ وَهِيَ مَضْبُوطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا مَعًا وَفِي حَدِيثٍ «لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ» وَهَذَا مَنْقُولٌ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ خَالٍ عَنْ التَّأْوِيلِ بَعِيدٌ عَنْ التَّصْحِيفِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَقَدْ قَاسَ عَلَيْهِ ابْنُ جِنِّي كَمَا تَقَدَّمَ.

وَتَدَاعَى الْبُنْيَانُ تَصَدَّعَ مِنْ جَوَانِبِهِ وَآذَنَ بِالِانْهِدَامِ وَالسُّقُوطِ وَتَدَاعَى الْكَثِيبُ مِنْ الرَّمَلِ إذَا هِيلَ فَانْهَالَ وَتَدَاعَى النَّاسُ عَلَى فُلَانٍ تَأَلَّبُوا عَلَيْهِ وَتَدَاعَوْا بِالْأَلْقَابِ دَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِذَلِكَ.
(د ع و)

الدُّعاءُ: الرَّغْبَة إِلَى الله عز وَجل. دَعَاهُ دُعاءً ودَعْوَى، حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ فِي المصادر الَّتِي فِي آخرهَا ألف التانيث، وَأنْشد لبشير بن النكث:

وَلَّتْ ودَعْوَاها شَديدٌ صَخبُهْ

ذكر على معنى الدُّعَاء، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمن كَلَامهم اللَّهُمَّ أشركنا فِي دَعْوَى الْمُسلمين. وَقَالَ: دَعَوْتُ لَهُ بِخَير، وَعَلِيهِ بشر.

والدَّعَّاءَةُ: الأُنملة، يدعى بهَا، كَقَوْلِهِم السبابَة، كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَدْعُو، كَمَا أَن السبابَة هِيَ الَّتِي كَأَنَّهَا تسب، وَقَوله تَعَالَى (لَهُ دَعْوَةُ الحقّ) قَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّهَا شَهَادَة أَن لَا اله إِلَّا الله. وَجَائِز أَن تكون - وَالله أعلم - دعْوَةُ الْحق أَنه: من دَعَا الله موحدا اسْتُجِيبَ لَهُ دعاؤه.

ودَعا الرجل دَعْواً ودُعاءً: ناداه، وَالِاسْم الدَّعْوُة، فَأَما قَوْله تَعَالَى (يَدْعُو لمَنْ ضَرُّه أقْرَبُ مِنْ نَفْعِه) فَإِن أَبَا إِسْحَاق ذهب إِلَى أَن يَدْعُو بِمَنْزِلَة يَقُول، وَلمن مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَمَعْنَاهُ: يَقُول: لمن ضره أقرب من نَفعه إِلَه وربٌّ، وَكَذَلِكَ قَول عنترة: يَدْعُون عَنْتَر والرّماحُ كأنَّها ... أشْطانُ بِئْرٍ فِي لَبانِ الأدْهَمِ

مَعْنَاهُ: يَقُولُونَ: يَا عنتر، فدَلَّتْ يدعونَ عَلَيْهَا.

وَهُوَ مني دَعْوَةُ الرجل ودَعْوَةَ الرجل أَي قدر مَا بيني وَبَينه ذَلِك. ينصب على انه ظرف وَيرْفَع على انه اسْم.

ولبني فلَان الدَّعْوةُ على قَومهمْ أَي يبْدَأ بهم فِي الدُّعَاء.

وتداعَى الْقَوْم على بني فلَان إِذا دَعَا بَعضهم بَعْضًا حَتَّى يجتمعوا، عَن اللحياني.

وَمَا بهَا دُعْوِىّ أَي أحدٌ يَدْعو.

والتَّداعي والادّعاءُ: الاعتزاء فِي الْحَرْب لأَنهم يتدَاعَوْن بِأَسْمَائِهِمْ.

وَدعَاهُ إِلَى الْأَمِير: سَاقه، وَقَوله تَعَالَى (ودَاعيا إِلَى الله بإذْنِهِ وسِرَاجا مُنِيراً) مَعْنَاهُ دَاعيا إِلَى تَوْحِيد الله وَمَا يُقَرِّب مِنْهُ.

ودَعاه الماءُ والكلأُ، كَذَلِك، على الْمثل.

وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ داعى الله عز وَجل وَكَذَلِكَ المُوَذِّنُ.

والدَّاعِيَةُ: صريخ الْخَيل فِي الحروب لدُعائِه من يستصرخه.

وداعية اللَّبن: بقيَّته الَّتِي تَدْعُو سائره.

ودَعَّى فِي الضَّرع. أبقى فِيهِ دَاعِيَة اللَّبن.

ودَعا الْمَيِّت: نَدبه كَأَنَّهُ ناداه.

والتَّــدَعَّي: تطريب النائحة وَهُوَ من ذَلِك. هَذِه عَن اللحياني.

والدَّعْوَةُ والدِّعْوَةُ والمَدْعاةُ: مَا دعَوْتَ إِلَيْهِ من طَعَام وشراب، الْكسر فِي الدّعْوَةِ لعَدِىّ الربَاب، وَسَائِر الْعَرَب يفتحون، وَخص اللحياني بالدَّعْوَةِ الْوَلِيمَة.

وَفُلَان فِي خير مَا ادّعَى أَي مَا تمنى، وَفِي التَّنْزِيل (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) مَعْنَاهُ مَا يتمنون وَهُوَ رَاجع إِلَى معنى الدُّعاءِ أَي مَا يَــدَّعِيــه أهل الْجنَّة.

وَدعَاهُ الله بِمَا يكره: أنزلهُ بِهِ قَالَ:

دَعاكَ اللهُ مِنْ قَيْسٍ بِأفْعَى ... إِذا نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكا الْقَيْس هُنَا من أَسمَاء الذّكر.

ودَوَاعي الدَّهر: صُروفهُ. وَقَوله تَعَالَى: (تَدْعُو مَن أدْبَرَ وتَوَلَّى) من ذَلِك أَي تفعل بهم الأفاعيلَ الْمَكْرُوهَة، وَقيل: هُوَ من الدُّعاءِ الَّذِي هُوَ النداء، وَلَيْسَ بِقَوي.

ودَعَوْتُه بزيد ودعوته إِيَّاه: سميته بِهِ تَعَدَّى الفِعْلُ بعد إِسْقَاط الْحَرْف، قَالَ ابْن أَحْمَر:

أهْوَى لَهَا مِشْقَصاً حَشْراً فَشَبْرَقَها ... وكُنتُ أدْعُو قَذَاها الإْثمدَ القَرِدا

أَي سميته، وَأَرَادَ: أَهْوى لَهَا بمشقص، فَحذف الْحَرْف وأوصل.

وادَّعَيْــتُ الشَّيْء: زعمته لي، حَقًا كَانَ أَو بَاطِلا، وَقَوله تَعَالَى (هَذا الَّذي كُنتمْ بِهِ تَدَّعُون) جَاءَ فِي التَّفْسِير: تكذبون. وتأويله فِي اللُّغَة: هَذَا الَّذِي كُنْتُم من اجله تَدَّعُون الأباطيل والأكاذيب. وَمن قَرَأَ تَدْعُونَ بِالتَّخْفِيفِ، فَالْمَعْنى: هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُون وتدعون الله، فِي قَوْلهم (اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ منْ عِنْدِك فأمْطِرْ علينا حِجَارَة من السماءِ) وَيجوز أَن يكون يَدَّعُون يَفْتَعِلُون من الدُّعاءِ وَمن الدِّعْوَى. وَالِاسْم الدَّعْوَى والدِّعْوةُ.

والــدَّعِيُّ: الْمَنْسُوب إِلَى غير أَبِيه، وَإنَّهُ لبيَّن الدِّعْوَةِ والدَّعْوَةِ، الْفَتْح لعدى الربَاب وَسَائِر الْعَرَب يكسرها بِخِلَاف مَا تقدم فِي الطَّعَام. وَحَكَاهُ اللحياني: انه لبيِّن الدِّعاوَةِ والدَّعاوِةِ.

والدَّّعْوَةُ: الْحلف يُقَال: دَعْوةُ بني فلَان فِي بني فلَان.

وتداعَتِ الْحِيطَان: انقاضت.

ودَاعَيْناها عَلَيْهِم: هدَمْناها.

وتَدَاعى عَلَيْهِ العَدُوُّ من كل جَانب: أقبل، من ذَلِك.

ودَاعاه: حاجاه وفاطنه.

والتَّدَاعي: التَّحاجي.

والأُــدْعِيَّــةُ والأُدْعُوَّةُ: مَا يَتَدَاعونَ بِهِ. سِيبَوَيْهٍ: صحت الْوَاو فِي أُدْعوَّةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يقلبها، وَمن قَالَ أُــدْعِيَّــةٌ فلخفَّة الْيَاء على حد مسنية. 
دعو
دعا1/ دعا إلى/ دعا بـ/ دعا على/ دعا لـ يَدعُو، ادْعُ، دُعاءً، فهو داعٍ، والمفعول مَدْعُوّ ودعيّ
• دعا إلى الأمر: حثَّ على اعتقاده، نادى به " {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} - {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} " ° دعا إلى نفسه/ دعا لنفسه: أراد أن يُعترف به سلطانًا.
• دعا الشَّيءُ إلى كذا: احتاج إليه "هذا الأمر يدعو إلى التريّث".
• دعا بالشَّيءِ: طلب إحضارَه "لما حضر الضيوفُ دعَا بالطَّعام- دعَا بالكتاب".
• دعا اللهَ: سأَله حاجَتَه واستغاث به وتضرَّع إليه "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ .. ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ [حديث]- {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} - {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}: سأل وتضرّع واستغاث".
• دعا الشَّخصَ:
1 - استعانَ به " {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ".
2 - طلبه ليأكل عنده.
3 - نصحه وأرشده " {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا} - {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ".
• دعا فلانًا/ دعا بفلانٍ: ناداه وصاحَ به، أهاب به " {وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}: نودوا وسُئلوا- {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ".
• دعا ابنَه زيدًا/ دعا ابنَه بزيدٍ: سَمّاه بهذا الاسم "دُعِيَ حَسَّانًا".
• دعاه إلى الأمرِ: ساقَه إليه.
 • دعا على فلانٍ: طلبَ له الشَّرَّ "دعَا المظلومُ على الظَّالم".
• دعا لفلانٍ بالخير: طلبه له "دعَت لابنها بالنجاح". 

دعا2 يَدعُو، ادْعُ، دُعاءً ودَعْوةً ومَدْعاةً، فهو داعٍ، والمفعول مَدعُوّ
• دعا الشَّخصَ إلى وليمةٍ: استضافه، طلبَه ليأكُلَ عنده " {إِذَا دُعِيــتُمْ فَادْخُلُوا}: إذا سُمح لكم بدخول البيت".
• دعاه إلى القتال: حَثَّه على قَصْده "دعاه إلى الإسلام: حثَّه على اعتقاده واعتناقه- مدعاة للتَّفاؤل/ للتَّشاؤم/ للجدل/ للغضب" ° دَعَتِ الحاجةُ إلى ذلك: اقتضَتْ، تطلَّبت- دُعِيَ فأجابَ: تُوفِّي- شيءٌ يدعُو إلى الإِعجاب: يستحِقُّ الإعجاب- ما الذي دعاك إلى هذا الأمر؟: ما الذي جَرَّك إليه؟ واضطرَّك. 

دعَا3 يَدعُو، ادْعُ، دَعْوَى، فهو دَاعٍ، والمفعول مَدْعُوّ
• دعا لفلان المهارةَ: نسبها إليه " {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} ". 

ادَّعى/ ادَّعى إلى/ ادَّعى بـ يــدَّعي، ادَّعِ، ادِّعاءً ودعوى، فهو مُدَّعٍ، والمفعول مُدَّعًى
• ادَّعى الشَّيءَ: تمنّاه " {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} ".
• ادَّعى كرمَ فعالِه/ ادَّعى بكرم فِعاله: نسبه إلى نفسه زاعما أنّه له حقّا كان أو باطلاً "فواعجبًا كم يــدّعي الفضل ناقصٌ ... وواأسفًا كم يظهر النَّقص فاضلُ- {إِنَّ الَّذِينَ تَدَّعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [ق] ".
• ادَّعى إلى غير أبيه: انتسب "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ [حديث]- {وَهُوَ يَــدَّعِي إِلَى الإِسْلاَمِ} [ق] ".
• ادَّعى على شخص شيئًا: نسبه إليه وخاصمه فيه عند القاضي، أقام الدعوى عليه، قاضاه "ادّعى على جاره سرقة بيته- الَبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ [حديث] ". 

استدعى يستَــدْعي، اسْتَدْعِ، اسْتِدْعاءً، فهو مُسْتَدْعٍ، والمفعول مُسْتَدْعًى
• استدعى الشَّخصَ: طلبَ حُضُورَه مناداةً أو مُراسلةً، طلب منه المجيء "استدعى القاضِي الشاهدَ- استدعاء للتَّجنيد".
• استدعى الأمرُ ذلك: استلزمه، اقتضاه، تطلَّبه "أمرٌ يستــدعي الانتباه". 

تداعى/ تداعى على يتداعَى، تَداعَ، تداعيًا، فهو مُتداعٍ، والمفعول مُتَداعًى عليه
• تداعى القومُ:
1 - دعَا بعضُهم بعضًا حتى يجتمعوا "تداعوا للاجتماع- كمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى [حديث] ".
2 - احتشدوا وتجمَّعوا بالعداوة.
• تداعى البناءُ: تَصَدَّعَ وآذن بالانهيار والسّقوط، تقوَّض، تساقط "تداعى الحائطُ".
• تداعتِ الأفكارُ: تواردت، تواترت واستدعى بعضُها بعضًا "تداعتِ الذكرياتُ/ المعانِي".
• تداعى القومُ على فلان: اجتمعوا عليه وتناصروا "يُوشِك أنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا [حديث]: تجتمع عليكم وتتألّب بالعداوة". 

ادِّعاء [مفرد]: ج ادِّعاءات (لغير المصدر):
1 - مصدر ادَّعى/ ادَّعى إلى/ ادَّعى بـ.
2 - (قن) توجيه الطّلب ضدّ الخَصْم أمام القضاء، إقامة الدَّعْوى.
• ممثِّل الادِّعاء: (قن) من يتحدّث أمام القضاء باسم المــدَّعي، سواءٌ أكان الدَّولة أو المجنيّ عليه. 

ادِّعائيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى ادِّعاء.
• حقٌّ ادِّعائيّ: (قن) مطالبة بشيء بصورة رسميّة أو قانونيّة. 

استدعاء [مفرد]: ج اسْتِدْعاءات (لغير المصدر):
1 - مصدر استدعى.
2 - (نف) عمليّة استرجاع الذِّكريات مع ما يصاحبها من ظروف المكان والزَّمان وبه تنتقل عمليّة التذكُّر من عالم المدركات الخارجيّة إلى عالم التصوّرات الذهنيّة.
 • الاستدعاء: (قن) كتاب يتضمَّن شكوًى أو طلبًا.
• كتاب الاستدعاء: وثيقة تأذن بإنهاء مُهمّة مبعوث سياسيّ. 

تداعٍ [مفرد]: مصدر تداعى/ تداعى على.
• تداعي الأفكار: (نف) الارتباط أو التداعيّ، وهو العمليّة التي تكون بها علاقات وظيفيّة بين ضروب مختلفة من النشاط الفنِّيّ.
• تداعي المعاني: (نف) إحداث علاقة بين مُدركتين لاقترانهما في الذِّهن بسببٍ ما. 

داعٍ [مفرد]: ج داعون ودُعاة ودواعٍ (لغير العاقل):
1 - اسم فاعل من دعا1/ دعا إلى/ دعا بـ/ دعا على/ دعا لـ ودعا2 ودعَا3.
2 - داعيَةٌ، مَنْ يدعُو إلى دين أو فكرةٍ " {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ} ".
3 - سببٌ، باعثٌ، مَدْعاة "لا داعي إلى الغضب- من دواعي سروري فهمك للأمر على حقيقته- ما هو الدَّاعي لمجيئك؟ - دواعٍ صحِّيّة".
• الدَّاعِي إلى الصَّلاة: المُؤَذِّنُ. 

داعية [مفرد]: ج دُعاة ودواعٍ (لغير العاقل): مَنْ يَدْعُو ويعلِّم ويرشد إلى دينٍ أو فكرة (التاءُ للمبالغة) "داعيةُ حَرْبٍ/ سلامٍ- داعية إسلاميّ".
• دواعي الدَّهر: صُروفه ومصائبه ° دواعي الصَّدر: همومه. 

دُعاء [مفرد]: ج أَــدعيــة (لغير المصدر):
1 - مصدر دعا1/ دعا إلى/ دعا بـ/ دعا على/ دعا لـ ودعا2.
2 - ما يُبْتَهَل ويُتَضَرَّع به إلى الله من القول، أو ما يُتَوَسَّل به إلى كبير أو عظيم "الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ [حديث]- {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِِ} ".
3 - صوت مجرّد دون المعنى الذي يقتضيه الكلام " {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} ". 

دِعائيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى دِعاية: "أسلوبك دِعائِيّ- مجلّة دِعائِيّة". 

دِعاية [مفرد]:
1 - منهج أو طريقة لخلق اتِّجاه مشايع أو معادٍ نحو سلعة أو فكرة أو مذهب بالكتابة أو الإعلان أو الخطابة أو نحوِها "دِعاية انتخابيّة- وسائل الدّعاية".
2 - وسائل مستعملة للتعريف بمشاريع اقتصاديّة وصناعيّة ونحوها أو للتنويه بإنتاجٍ ما وترويجه.
3 - دَعْوةٌ "أَدْعوك بدِعاية الإسلام [من كتاب الرسول إلى هرقل] ". 

دَعْوة [مفرد]: ج دَعْوات (لغير المصدر) ودَعَوات (لغير المصدر):
1 - مصدر دعا2 ° لهم الدَّعوة على غيرهم: يُبدأ بهم في الدُّعاء.
2 - اسم مرَّة من دعا1/ دعا إلى/ دعا بـ/ دعا على/ دعا لـ: "َاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ [حديث] ".
3 - ضيافة، ما يُدْعى إليه من طعامٍ أو شرابٍ "هم في دَعْوةِ فلانٍ: في ضيافته- دعوة على العَشَاء" ° صاحِبُ الدَّعوة: المُضيفُ- وجّه إليه دَعْوة: استضافه.
• الدَّعوة الإسلاميَّة: نشر الإسلام وشهادة أنَّ لا إله إلاّ الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله "قام الرسول بتبليغ الدعوة على خير وجه- {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} "? الجَهْرُ بالدَّعوة: إخراج الرسول دعوته من باب السّريّة إلى العلانية- الدَّعوة المُحمَّديَّة: دعوة النّبيّ مُحمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى الإسلام.
• الدَّعوة الانتخابيَّة: أمر قضائيّ يصدره الحاكمُ أو أيَّة سلطة تنفيذيّة أخرى تطلب عقد الانتخابات خاصَّة لملء مقعد شاغر. 

دَعْوَى [مفرد]: ج دعَاوَى (لغير المصدر) ودَعَاوٍ (لغير المصدر):
1 - مصدر دعَا3.
2 - دعاء " {وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ".
3 - (سف) قضيّة تشتمل على الحكم المقصود إثباته بالدليل أو إظهاره بالتنبيه.
4 - (قن) إجراء قانونيّ يقدّمه شخصٌ إلى المحكمة يطلب فيه الانتصاف من شخص آخر أو استرداد حقٍّ له "أقام دَعْوَى على فلانٍ- خَسِر دَعْواه ضِدّ فلانٍ" ° إعلان دعوى.
• أمر تحويل الدَّعوى: (قن) أمر قضائيّ من محكمة عليا إلى أخرى أدنى تطلب نسخة من إجراءات قضيّة لمراجعتها.
• ردُّ الدَّعوى: (قن) إبطال الدَّعوى إذا عجز المــدَّعي عن

إثباتها أو تقديم أدلَّة كافية.
• قانون الدَّعوى: (قن) مجموعة السَّابقات القانونيّة باعتبارها مرجعًا فقهيًّا للدعاوى المماثلة يصحّ التَّمسُّك بما قامت عليه أحكامها من مبادئ وقواعد.
• سقوط الدَّعوى: (قن) محو آثار كلّ إجراء في الدَّعوى يتذرّع به المدَّعى عليه بعد انقضاء مُدَّة معلومة.
• شطْب الدَّعوى: (قن) قيام القاضي بحذف الدَّعوى من جدول القضايا بلا حكم فيها لسبب قانونيّ.
• عريضة الدَّعوى: (قن) مُذكّرة قانونيّة مكتوبة عادة تَعْرض أسبابَ الدَّعْوى أو الدِّفاع في قضيّة. 

دَعِيّ [مفرد]: ج أَــدْعيــاءُ:
1 - صفة ثابتة للمفعول من دعا1/ دعا إلى/ دعا بـ/ دعا على/ دعا لـ: مدعوّ، منسوب إلى غير أبيه " {وَمَا جَعَلَ أَــدْعِيَــاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ".
2 - مُتَّهَمٌ في نسبه. 

مُدَّعٍ [مفرد]: اسم فاعل من ادَّعى/ ادَّعى إلى/ ادَّعى بـ.
• المُــدَّعِي: (قن) المخاصِمُ، أحد المتقاضيين وهو الذي رفع دعواه إلى القضاء "لقد حضَر المــدَّعِي فأين المدَّعَى عليه؟ ".
• المــدَّعِي العامّ/ المــدَّعي العُمُوميّ: (قن) قاضٍ في الاستئناف يمثِّل النِّظام العامّ، من يقيم الدَّعوى باسم الأمّة ممثِّلا للنِّظام العامّ، النَّائب العامّ.
• المــدَّعِي العامّ الاشتراكيّ: (قن) وظيفة قضائيّة مستحدثة في مصر مهمَّةُ شاغِلها حمايةُ المكاسِب الاشتراكيّة. 

مُدَّعًى [مفرد]:
1 - اسم مفعول من ادَّعى/ ادَّعى إلى/ ادَّعى بـ.
2 - (قن) شيء موضع الخصُومة.
• المُدَّعَى عليه: (قن) المخاصَم الذي تُرفَع عليه دَعوى إلى القضاء. 

مَدْعاة [مفرد]: مصدر دعا2 ° مَدْعاةٌ لكذا: مثيرٌ ومُسَبّبٌ له. 
دعو
: (و ( {الدُّعاءُ) ، بالضَّمِّ مَمْدوداً؛ (الرَّغْبَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى) فيمَا عنْدَه مِن الخيْرِ والابْتِهال إِلَيْهِ بالسُّؤَالِ؛ وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: {} ادعوا رَبَّكم تَضَرُّعاً وخفْيَة} .
( {دَعا) } يَدْعُو ( {دُعاءً} ودَعْوَى) ؛ وأَلِفُها للتَّأْنِيثِ.
وقالَ ابنُ فارِسَ: وبعضُ العَرَبِ يُؤَنِّثُ الدَّعْوَة بالأَلِفِ فيقولُ {الدَّعْوَى.
ومِن} دعائِهم: اللهُمَّ أَشْرِكْنا فِي {دَعْوَى المُسْلمين، أَي فِي} دُعائِهم، وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: { {دَعْواهُم فِيهَا سُبْحانَك اللهُمَّ} .
وَفِي الصِّحاحِ: الدُّعاءُ واحِدُ} الأدْعِيَــةِ، وأَصْلُه دُعاءٌ لأنَّه مِن {دَعَوْت إلاَّ أنَّ الواوَ لمَّا جاءَتْ بَعْد الألِف هُمِزَتْ.
وتقولُ للمَرْأَةِ: أَنت} تَــدعِيــنَ؛ ولُغَةٌ ثانِيَة: أَنْتِ {تَدْعُوِينَ؛ ولُغَةٌ ثالِثَة: أَنتِ تَــدْعُيــنَ باضمام العَيْنِ الضمَّة؛ وللجَمَاعَة أَنْتُنَّ} تَدْعُونَ مثْلِ الرِّجالِ سَواءً.
( {والدَّعَّاءَةُ) ، بالتَّشْديدِ: الأَنْمُلَةُ} يُدْعَى بهَا كقَوْلهم: (السَّبَّابَةُ) هِيَ الَّتِي كأَنَّها تَسُبُّ.
(و) يقالُ: (هُوَ مِنِّي {دَعْوَةُ الرَّجُلِ) ،} ودَعْوَةَ الرَّجُلِ بالنَّصْبِ والرَّفْعِ، فالنَّصْب على الظَّرْف، والرَّفْع على الاسْمِ، (أَي قَدْرَ مَا بَيْنِي وبَيْنَه ذاكَ.

(و) يقالُ: (لَهُمُ {الدَّعْوَةُ على غيرِهم) ؛ ونَصَّ المُحْكَم: على قَومِهم؛ (أَي يُبْدَأُ بهم فِي} الدُّعاءِ) ؛ ونَصّ التهْذِيبِ: فِي العَطاءِ عَلَيْهمِ.
وَفِي النِّهايَةِ: إِذا قدمُوا فِي العَطاءِ عليهِمِ. وَفِي حدِيثِ عُمَر: (كانَ يُقَدِّمُ الناسَ على سابِقتِهم فِي أَعْطِياتِهم، فَإِذا انْتَهَتْ {الدَّعْوة إِلَيْهِ كَبَّر) أَي النِّداءُ والتَّسْمِيةُ وَأَن يقالَ دونكَ أَمِيرَ المُؤْمِنِين.
(و) مِن المجازِ: (} تَداعَوْا عَلَيْهِ: تَجَمَّعُوا) .
وَفِي المُحْكَم: {تَدَاعَى القَوْمُ على بَنِي فلانٍ إِذا} دَعا بعضُهم بَعْضًا حَتَّى يَجْتَمِعوا.
وَفِي التَّهْذِيبِ: {تَدَاعَتِ القَبائِلُ على بَني فلانٍ إِذا تَأَلَّبُوا} ودَعا بعضُهم بَعْضًا إِلَى التَّناصرِ عَلَيْهِم.
( {ودَعاهُ) إِلَى الأميرِ: (ساقَهُ.
(والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} داعِي اللَّهِ) ؛ وَهِي مِن قوْلِه تَعَالَى: { {ودَاعِياً إِلَى اللَّهِ بإِذْنِهِ وسِراجاً مُنِيراً} ، أَي إِلَى تَوْحيدِهِ وَمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ.
(ويُطْلَقُ) الدَّاعِي (على المُؤَذِّنِ) أَيْضاً، لأنَّه} يَدْعُو إِلَى مَا يُقَرِّبُ مِن اللَّهِ. وَقد {دَعا فَهُوَ} داعٍ، والجَمْعُ {دُعاةٌ} ودَاعُونَ كقُضاةٍ وقَاضُونَ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (الخلافَةُ فِي قُرَيْش والحُكْم فِي الأنْصارِ {والدَّعْوَة فِي الحَبَشَةِ) ؛ أَرادَ بالدَّعْوَةِ الأذانَ.
(} والَّداعِيَةُ: صَرِيخُ الخَيْلِ فِي الحُروبِ) لدعائِهِ مَنْ يَسْتَصرِخُه.
( {وداعِيَةُ اللَّبَنِ) } ودَاعِيه: (بَقِيَّتُه الَّتِي {تَدْعُو سائِرَهُ) .
وَفِي الصِّحاحِ: مَا يُتْرَكُ فِي الضَّرْعِ ليَدْعُو مَا بَعْده؛ وَمِنْه الحدِيثُ: أنَّه أَمَرَ ضِرارَ بنَ الأَزْوَر أَنْ يَحْلُبَ ناقَةً وَقَالَ لَهُ: (دَعْ} داعِيَ اللَّبَن لَا تُجْهِدْه) ، أَي أبْقِ فِي الضَّرْعِ قَلِيلاً مِن اللَّبَنِ وَلَا تَسْتَوْعِبه كُلَّه؛ فإنَّ الَّذِي تبْقِيه مِنْهُ يَدْعُو مَا وَراءَهُ مِن اللَّبَنِ فيُنْزله وَإِذا اسْتُقْصِيَ كلُّ مَا فِي الضَّرْعِ أَبْطَأَ دَرُّه على حالِبِه؛ كَذَا فِي النِّهايةِ، وَهُوَ مَجازٌ.
(! ودَعا فِي الضَّرْعِ: أَبْقاها فِيهِ) . ونَصّ المُحْكَم: أَبْقَى فِيهِ {دَاعِيَة.
قالَ ابنُ الأثيرِ} والدَّاعِيَةُ مَصْدَرٌ كالعاقِبَةِ والعافِيَةِ.
(و) مِن المجازِ: ( {دَعاهُ اللَّهُ بمَكْرُوهٍ) ، أَي (أَنْزَلَهُ بِهِ) ؛ نَقَلَهُ الزَّمَخْشريُّ وابنُ سِيدَه، وأَنْشَدَ الأَخير:
دَعاكَ اللَّهُ مِن قَيْسٍ بأَفْعَى
إِذا نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكاالقَيْسُ هُنَا مِن أَسْماءِ الذَّكَرِ.
(و) مِن المجازِ: (دَعَوْتُه زَيْداً و) } دَعَوْتُه (بزَيْدٍ) إِذا (سَمَّيْتُه بِهِ) ، الأوَّلُ مُتعدّياً بإسْقاطِ الحَرْف.
( {وادَّعَى) زَيْدٌ (كَذَا) } يَــدَّعي {ادِّعاءً: (زَعَمَ أنَّه لَهُ حَقّاً) كانَ (أَو باطِلاً) ؛ وقوْلُه تَعَالَى: {كُنْتُم بِهِ} تَدَّعُونَ} ، تَأْوِيلُه الَّذِي كُنْتُم مِن أَجْلِهِ تَدَّعُون الأَباطِيلَ والأَكاذيبَ.
وقيلَ فِي تَفْسِيرِه تَكْذبُون.
وقالَ الفرَّاءُ: يَجوزُ أنْ يكونَ تَدَّعُون بمعْنَى {تَدْعُون، والمعْنى كُنْتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُون} وتَدْعُونَ اللَّهَ فِي قَوْله: اللهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقّ الخ؛ ويَجوزُ أنْ يكونَ تَفْتَعِلونَ مِن الدُّعاءِ ومِن الدَّعْوَى؛ (والاسْمُ الدَّعْوَةُ {والدَّعاوَةُ، ويُكْسَرانِ) .
الَّذِي فِي المحْكَم: والاسْمُ الدَّعْوَى والدَّعْوَة.
وَفِي المِصْباح: ادَّعَيْــت الشيءَ: طَلَبْته لنَفْسِي، والاسْمُ الدَّعْوى.
ثمَّ قالَ فِي المُحْكَم: وإِنه لبَيِّنُ} الدَّعْوَةِ! والدِّعْوَة بالفَتْحِ لعَدِيِّ الرِّيابِ وسائِرُ العَرَبِ يَكْسرُها بِخلافِ مَا فِي الطَّعامِ.
ثمَّ قالَ: وَحكى إنَّه لبَيِّنُ الدَّعاوَة {والدِّعاوَة} والدَّعْوَى.
وَفِي التَّهْذيبِ: قالَ اليَزِيديُّ لي فِي هَذَا الأَمْرِ {دَعاوَى} ودَعْوَى {ودِعاوَةٌ؛ وأَنْشَدَ:
تَأْبَى قُضاعَةُ أَن تَرْضى دِعاوَتَكم
وابْنا نِزارٍ فأَنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِونَصْب} دَعاوَة أَجْوَدُ، انتَهَى.
فانْظُرْ هَذِه السِّيَاقات مَعَ سياقِ المصنِّف وتَقْصِيره عَن ذِكْرِ {الدَّعْوَى الَّذِي هُوَ أَشْهَر مِن الشَّمْس، وَعَن ذِكْر جَمْعه على مَا يَأْتي الاخْتِلاف فِيهِ فِي المُسْتَدْرَكات تَفْصيلاً.
(} والدَّعْوَةُ: الحَلِفُ) . يقالُ: {دَعْوَةُ فلانٍ فِي بَني فلانٍ.
(و) } الدَّعْوَةُ: ( {الدُّعاءُ إِلَى الطَّعامِ) والشَّرابِ.
وخَصَّ اللّحْيانيُّ بِهِ الوَلِيمَة.
وَفِي المِصْباحِ:} والدَّعْوَةُ؛ بالفتْحِ، فِي الطَّعامِ اسْمٌ مِن {دَعَوْت الناسَ إِذا طَلَبْتهم ليَأْكُلُوا عنْدَكَ. يقالُ: نحنُ فِي} دَعْوَة فلانٍ؛ ومِثْلُه فِي الصِّحاحِ.
(ويُضَمُّ) ، نَسَبَه فِي التَّوْشِيح إِلَى قطرب وغَلَّطُوه، وكأَنَّهُ يُريدُ قَوْله فِي مُثَلّثِه:
وَقلت عِنْدِي {دَعْوَة
إِن زرتم فِي رَجَب (} كالمَدْعاةِ) ، كمَرْماةٍ.
قالَ الجَوهرِيُّ: {الدَّعْوَةُ إِلَى الطَّعامِ، بالفتْحِ. يقالُ: كنَّا فِي} دَعْوَةِ فلانٍ، ومَدْعاةِ فلانٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ يُريدُونَ الدُّعاءَ إِلَى الطَّعامِ.
(و) {الدِّعْوَةُ، (بالكسْرِ:} الادِّعاءُ فِي النَّسَبِ) . يقالُ: فلانٌ {دَعِيٌّ بَيِّنُ} الدِّعْوَة! وَالدَّعْوَى فِي النَّسَبِ.
قالَ: هَذَا أَكْثَر كَلام العَرَبِ إلاَّ عَدِيّ الرِّباب فإنَّهم يَفْتَحونَ الدَّالَ فِي النَّسَبِ ويَكْسرُونها فِي الطَّعامِ.
وَفِي المُحْكَم: الكَسْر لعَدِيّ الرِّباب، والفَتْح لسائِر العَرَبَ.
فانْظُر إِلَى قُصُورِ المصنِّفِ كيفَ تَرَكَ ذِكْرَ الكَسْرِ فِي {دعْوَةِ الطَّعامِ لعَدِيّ الرِّباب، وأَتَى بالغَرِيبِ الَّذِي هُوَ الضمُّ.
(} والــدَّعِيُّ، كغَنِيَ: من تَبَنَّيْتَهُ) ، أَي اتَّخَذْته ابْناً لكَ؛ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ {أَــدْعِيــاءَكم أبْناءَكم} .
(و) أَيْضاً: (المُتَّهَمُ فِي نَسَبِه) ، والجَمْعُ} الأَــدْعيــاءُ.
( {وادَّعاهُ) : أَي (صَيَّرَهُ} يُدْعَى إِلَى غيرِ أَبيهِ) كاسْتَلْحَقَه واسْتَلاطَه.
(و) مِن المجازِ: ( {الأُــدْعِيَّــةُ} والأُدْعُوَّةُ، مَضْمُومَتَيْنِ: مَا {يَتَداعَوْنَ بِهِ) ، وَهِي كالأُغْلُوطات والأَلْغازِ مِن الشِّعْر.
(} والمُداعاةُ: المُحاجاةُ) ، وَقد {دَاعَيْتُه} أُدَاعِيه؛ ومِن ذلكَ قَوْل بعضِهم يَصِفُ القَلَم:
حاجَيْتُك يَا حَسْنا
ءُ فِي بيْتٍ من الشِّعْرِبشيءٍ طُولُه شِبْرٌ
وَقد يُوفِي على الشِّبْرِله فِي رَأْسِهِ شَقٌّ
نَظُوفٌ ماؤُه يَجْرِيأَبِينِي لَمْ أَقُلْ هُجْراً
ورَبِّ البَيْتِ والحِجْرِ ( {وتَداَعى) عَلَيْهِ (العَدُوُّ) مِن كلِّ جانِبَ: أَي (أَقْبَلَ.
(و) } تَداعَتِ (الحِيطانُ) : أَي (انْقَاضَتْ) .
وَفِي الصِّحاحِ: تَدَاعَتْ للخَرابِ تَهادَمَتْ.
وقيلَ: {تَدَاعَى البِناءُ والحائِطُ: تَكَسَّرَ وآذَنَ بانْهِدَامٍ.
(} ودَاعْيناهُ) ، أَي الحَائِط عَلَيهم: أَي (هَدَمْناهُ) مِن جوانِبِه، وَهُوَ مَجازٌ.
(و) مِن المجازِ: ( {دَواعِي الدَّهْرِ: صُروفُه) ، واحِدُها} دَاعِيَةٌ.
(و) يقالُ: (مَا بِهِ {دُعْوِيٌّ) ، بالضَّمِّ، (كتُرْكِيَ) : أَي (أَحَدٌ) .
قالَ الكِسائي: هُوَ مِن} دَعَوْت، أَي ليسَ فِيهِ مَنْ {يَدْعُو وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إلاَّ مَعَ الجَحْد؛ نَقَلَهُ الجوهريُّ (} وانْدَعَى: أَجابَ) .
قالَ الأَخْفَش: سَمِعْتُ مِن العَرَبِ مَنْ يقولُ: لَو {دَعَوْنا} لانْــدَعَيْــنا أَي لأَجَبْنا كَمَا تقولُ لَو بَعَثُونا لانْبَعَثْنا، حَكَاها عَنهُ أَبو بكْرٍ بنُ السَّرَّاج؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{الدَّعْوَةُ: المرَّةُ الواحِدَةُ.
} ودَعَوْتُ لَهُ بخَيْرٍ وَعَلِيهِ بشَرِّ.
ودَعْوَةُ الحَقِّ: شهادَةُ أَن لَا إلَه إلاَّ الله.
{ودَعا الرَّجُلُ} دَعْواً: نادَاهُ وصاحَ بِهِ.
{والتَّداعِي} والادِّعاءُ: الاعْتِزاءُ فِي الحَرْبِ لأنَّهم {يَتَداعَوْن بأسْمائِهم.
} وتَداعَى الكَثِيبُ: إِذا هِيلَ فانْهالَ.
{ودَعا الميِّتَ: نَدَبَه كأنَّه نادَاهُ.
} والتَّــدَعِّي: تَطْرِيبُ النائِحَةِ على الميِّتِ.
{والادّعاءُ: التَّمنِّي؛ وَبِه فُسِّر قَوْلُه تَعَالَى: {وَلَهُم مَا} يَدَّعُون} ، أَي مَا يَتَمَنَّوْنَ، وَهُوَ راجِعٌ إِلَى مَعْنى الدُّعاءِ أَي مَا {يَــدَّعِيــه أَهْلُ الجنَّةِ.
وقَوْلُه:} تَدْعُو مَنْ أَدْبَر وتَوَلَّى، أَي تَفْعل بهم الأَفاعِيل المُنْكَرَة والمَكْرُوهَة.
{والدُّعاءُ: العِبادَةُ والاسْتِغاثَةُ، ومِن الثَّانِي: {} وَادْعوا شُهداءَكُم} ، أَي اسْتَغِيثُوا بهم.
وَيَقُولُونَ: {دَعانا غَيْثٌ وَقَعَ ببَلَدٍ قد أَمرَعَ، أَي كَانَ سَبَباً لانْتِجاعِنا إيَّاهُ.
} والدُّعاةُ: قَوْمٌ {يَدْعُونَ إِلَى بَيْعةِ هُدىً أَو ضلالَةٍ، واحِدُهم} داعٍ.
وَقد يتَضمَّنُ {الادّعاءُ مَعْنى الإخْبَار فتَدْخلُ الْبَاء جَوَازًا، يُقَال: فلانٌ} يَــدَّعي بكَرَم فِعالة، أَي يُخْبرُ بذلكَ عَن نَفْسِه.
وَله مَساعٍ {ومَداعٍ، أَي مَناقِبُ فِي الحَرْبِ خاصَّةً، وَهُوَ مَجازٌ.
ومِن مَجازِ المَجازِ:} تَدَاعَتْ إبِلُ بنِي فلانٍ، إِذا تَحَطَّمَتْ هُزالاً.
وَمَا {دَعاكَ إِلَى هَذَا الأَمْرِ: أَي مَا الَّذِي جَرَّك إِلَيْهِ واضْطَرَّك.
} وتَداعَتِ السَّحابَةُ بالبَرْقِ والرَّعْدِ من كلِّ جانِبٍ: إِذا رَعَدَتْ وبَرَقَتْ مِن كلِّ جهَةٍ.
وقالَ أَبو عَدْنان: كلُّ شيءٍ فِي الأرْضِ إِذا احْتَاجَ إِلَى شيءٍ فقد دَعَا بِهِ؛ لمَنْ أَخْلَقَتْ ثيابُه: قد {دَعَتْ ثِيابُكَ، أَي احَتَجْتَ إِلَى أَن تَلْبَسَ غَيْرها.
} والمُدَّعَى: المُتَّهَمُ فِي نَسَبِه.
{والدَّاعِي: المُعَذِّبُ.
دَعاهُ اللَّهُ: عَذَّبَهُ.
} وتَداعَوْا للحَرْبِ: اعْتَدّوا.
{ودَعا بالكِتابِ: اسْتَحْضَرَه} ودَعا أَنْفَه الطَّيبُ: وجَدَ رِيحَه فطَلَبَه.
وَفِي المِصْباح: جَمْعُ {الدّعْوَى} دَعاوِيَ، بكسْرِ الواوِ وفتْحها.
قالَ بعضُهم: الفَتْح أَوْلى لأنَّ العَرَبَ آثَرَتِ التَّخْفيفَ ففَتَحَتْ وحافَظَتْ على أَلِفِ التَّأنِيث الَّتِي بُنِي عَلَيْهَا المُفْردُ، وَهُوَ المَفْهومُ مِن كَلامِ أَبي العبَّاس أَحْمَد بن وَلاَّد؛
وقالَ بعضُهم: الكَسْرُ أَوْلى وَهُوَ المَفْهومُ مِن كَلامِ سِيْبَوَيْه.
وقالَ ابنُ جنِّي: قَالُوا حبْلَى وحَبالَى بفتْحِ اللامِ، والأَصْلُ حِبالى بالكسْرِ، مثْل {دَعْوَى} ودَعاوِي.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قالَ اليَزِيديّ: فِي هَذَا الأمْر {دَعْوى} ودَعاوَى، أَي مَطالِب، وَهِي مَضْبوطَة فِي بعضِ النسخِ بفتْحِ الواوِ وكسْرِها مَعاً.
{والدَّعَّاءُ، ككَّتانٍ: الكَثيرُ} الدُّعاءِ؛ واشْتَهَرَ بِهِ أَبو جَعْفرٍ محمدُ بنُ مُصعب البَغْدادِيُّ عَن ابنِ المُبارَك، وأَثْنَى عَلَيْهِ ابنُ حَنْبَل.
وسَمّوا {دَعْوان.
} ودِعايَةُ الإسْلامِ، بالكسْرِ، {ودَاعِيَته:} دَعْوَته.
{والدَّاعِيَةُ أَيْضاً:} الدّعْوَى.
! والدّعاءُ: الإيمانُ، ذَكَرَه شرَّاحُ البُخارِي.
وقالَ الفرَّاءُ: يقالُ عنْدَه {دُعَوَاء كَكُرَمَاءَ دعاهم إِلَى طعامٍ، الواحِدُ} دَعِيٌّ، كغَنِيَ.

دعو

1 دَعَوْتُ and دَعَيْــتُ signify the same: (Fr, K and TA in art. دعى:) the aor. of the former is أَدْعُو, (TA in that art.,) sec. Pers\. fem. sing.

تَــدْعِيــنَ and تَدْعُوِينَ and تَــدٌعُيْــنَ, the last with an inclination to the sound of a dammeh in the vowel of the ع [so that it is between a kesreh and a dammeh], and sec. Pers\. masc. and fem. pl. تَدْعُونَ: (S, TA:) aor. of the latter verb أَدْعِى: inf. n. دُعَآءٌ. (TA in art. دعى.) دُعَآءٌ [generally] signifies [or implies] The act of seeking, desiring, asking, or demanding. (KT.) b2: You say, دَعَا اللّٰهَ, (K,) first Pers\. دَعَوْتُ, aor. ـْ (Msb,) inf. n. دُعَآءٌ (Msb, K) and دَعْوَى, (K,) in which latter the alif [written ى] is to denote the fem. gender, [and therefore the word is without tenween,] (TA,) He prayed to God, supplicated Him, or petitioned Him humbly, (Msb, K, TA,) desiring to obtain some good that He had to bestow. (Msb, TA.) And دَعَوْتُ اللّٰهَ لَهُ [I prayed to God for him]; and عَلَيْهِ [against him]; inf. n. دُعَآءٌ: (S:) [and دَعَوْتُ لَهُ I prayed for him, or blessed him; and دَعَوْتُ عَلَيْهِ I prayed against him, or cursed him:] and دَعَوْتُ لَهُ بِخَيْرٍ [I supplicated for him good]; and دَعَوْتُ عَلَيْهِ بِشَرٍّ [I imprecated upon him evil]. (TA.) b3: دَعَا بِالكِتَابِ He desired, or required, or requested, that the writing, or book, should be brought. (TA.) And دَعَا أَنْفُهُ الطِّيبَ His nose, perceiving its odour, desired the perfume. (TA.) b4: [Hence,] دَعَا بِهِ, said of anything in the earth, means It needed it; or required it: [and so دَعَا إِلَيْهِ: one says of a wall, دَعَا إِلَى إِصْلَاحِهِ It needed, or required, its being repaired: (see 10 in art. رم:) and] one says to him whose clothes have become old and worn out, قَدْ دَعَتْ ثِيَابُكَ [Thy clothes have become such as to need thy putting on others; or] thou hast become in need of putting on other clothes. (Aboo-'Adnán, TA.) [See also 10.] b5: دَعَوْتُهُ, (S, MA, Mgh, Msb,) and دَعَوْتُ بِهِ, (MA, [and of frequent occurrence,]) inf. n. [دُعَآءٌ and] دَعْوٌ, (TA, [but the former is more common,]) also signify I called him, called out to him, or summoned him, (S, MA, Mgh, Msb,) syn. نَادَيْتُهُ, (Mgh, Msb,) or الدُّعَآءُ is to the near and النِّدَآءُ is to the distant, (Kull p. 184,) and desired him to come, to come forward, or to advance; (Msb;) and ↓ اِسْتَــدْعَيْــتُهُ signifies the same, (S, MA,) [i. e.] I called him to myself. (MA.) One says, دَعَا المُؤَذِّنُ النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ [The مؤذّن called the people to prayer]. (Msb.) And the saying of En-Nahdee كُنَّا نَدْعُو وَنَدَعُ means We used to call, or invite, them to ElIslám at one time, and to leave doing so at another time. (Mgh.) And دَعَوْتُ النَّاسَ, (Msb,) inf. n. دُعَآءٌ and دَعْوَةٌ, (S,) or the latter is a simple subst., (Msb,) and مَدْعَاةٌ, (S, [app. there mentioned as an inf. n., agreeably with many other instances,]) means also I invited people to eat with me, or at my abode. (Msb.) b6: [Hence,] مَا دَعَاكَ إِلَى هٰذَا الأَمْرِ What drew, led, induced, or caused, and constrained, or drove, thee to do this thing? (TA.) And دَعَانَا غَيْثٌ وَقَعَ بِبَلَدٍ قَدْ أَمْرَعَ, i. e. [Rain that fell in a region which had become abundant in herbage invited us thither, or] was the cause of our seeking its herbage. (TA.) And يَدْعُومَا بَعْدَهُ, (S, Mgh, K, *) or يَدْعُومَا وَرَآءَهُ مِنَ اللَّبَنِ, (Nh, TA,) [It draws, or attracts, what is to come after it, of the milk,] said of some milk left in the udder. (S, Nh, Mgh, K, TA.) And دَعَاهُ إِلَى الأَمِيرِ He drove him, or urged him to go, [but more commonly meaning he summoned him,] to the prince, or commander. (K, * TA. [In the TK, الى الأَمْرِ to the thing, or affair.]) b7: [Hence likewise,] الدُّعَآءُ signifies also The calling to one's aid: thus, [in the Kur ii. 21,] وَادْعُوا شُهَدَآءَكُمْ meansAnd call ye to your aid [your helpers]. (TA.) b8: And دَعَا المَيِّتَ He called upon the dead, praising him, and saying, Alas for such a one! or he wailed for, wept for, or deplored the loss of, the dead, and enumerated his good qualities and actions; as though he called him. (TA. [See also 5.]) b9: And دَعَوْتُهُ زَيْدًا and بِزَيْدٍ (tropical:) I called him, i. e. named him, Zeyd. (Msb, K, TA.) And دَعَوْتُهُ بِابْنِ زَيْدٍ (assumed tropical:) I called him, i. e. asserted him to be, the son of Zeyd. (Msb.) b10: دَعَاهُ اللّٰهُ (assumed tropical:) God destroyed him: [as though He called him away:] whence تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى, in the Kur lxx. 17, [describing the fire of Hell,] (assumed tropical:) It shall destroy him who shall have gone back from the truth and turned away from obedience: or this means (tropical:) it shall draw, and bring, &c.: or it refers to the زَبَانِيَة of Hell [i. e. the tormentors of the damned]: (Bd:) or it means (assumed tropical:) it will do to them hateful deeds. (TA.) [Also] God punished him, or tormented him. (TA.) and دَعَاهُ اللّٰهُ بِمَكْرُوهٍ (tropical:) God caused an evil, or abominable, event to befall him. (ISd, Z, K.) b11: دَعَا فِى الضَّرْعِ (tropical:) He left some milk, such as is termed دَاعِيَة, in the udder. (M, K, TA.) Accord. to IAth, دَاعِيَةٌ is an inf. n., like عَاقِبَةٌ and عَافِيَةٌ. (TA.) 3 مُدَاعَاةٌ signifies (tropical:) The proposing an enigma or enigmas to a person; or the contending with another in doing so; syn. مُحَاجَاةٌ. (S, K, TA.) You say, دَاعَيْتُهُ (tropical:) I proposed to him an enigma or enigmas; &c. (TA.) A poet says, أُدَاعِيكَ مَا مُسْتَصْحَبَاتٌ مَعَ السُّرَى حِسَانٌ وَمَا آثَارُهَا بِحِسَانِ [(assumed tropical:) I propose to thee an enigma: What are things that are taken as companions in night-journeying, good, and the effects whereof are not good?]: meaning swords. (S.) b2: And The asking a thing of one much, so as to weary; as also مُحَاجَاةٌ. (K.) b3: دَاعَيْنَا الحَائِطَ عَلَيْهِمْ (tropical:) We pulled down, or demolished, the wall upon them, from the sides [or foundations] thereof. (K, * TA.) b4: [Golius assigns other significations to دَاعَى, for which I find no authority: namely, “Convocavit ad Deum propheta, præco sacer,” followed by an accus.: and “ Contendit contra alium: Provocavit: pecul. rem vindicans sibi vel arrogans. ”]4 أَدْعَاهُ [so in some copies of the K; in other copies ↓ اِدَّعَاهُ; the former of which I regard as the right reading;] He made him to assert his relationship as a son [for يُدْعَى, in my copies of the K, I read ↓ يَدَّعِى, syn. with يَعْتَزِى,] to one who was not his father. (K.) [SM, who appears to have read ↓ اِدَّعَاهُ, says that it is like اِسْتَلْحَقَهُ and اِسْتَلَاطَهُ.]5 التَّدَعِّى [inf. n. of تَدَعَّتْ] signifies The تَطْرِيب [or singing, or quavering or trilling and prolonging of the voice, or prolonging and modulating of the voice,] of a woman wailing for the dead. (TA. [See دَعَا المَيِّتَ, above.]) 6 التَّدَاعِى signifies The calling, summoning, or convoking, one another. (Mgh.) You say, تَدَاعَوْ لِلْحَرْبِ [They called, summoned, or convoked, one another for war: and hence,] (assumed tropical:) they prepared themselves for war. (TA.) And تَدَاعَوْا عَلَيْهِ, (Msb, K,) or عَلَى بَنِى فُلَانٍ, (T, M,) They collected themselves together, (K,) or called one another so that they assembled together, (M,) or leagued together, and called one another to mutual aid, (T, Msb, *) against him, (Msb, K,) or against the sons of such a one. (T, M.) and تَدَاعَى عَلَيْهِ العَدُوُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (assumed tropical:) The enemy advanced against him from every side. (K, * TA.) b2: [Hence,] تَدَاعَتِ السَّحَابَةُ بِالبَرْقِ وَالرَّعْدِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (assumed tropical:) The cloud lightened and thundered from every quarter. (TA.) And تَدَاعَى البُنْيَانُ, (Mgh, Msb,) or البِنَآءُ, (TA,) (tropical:) The building cracked in its sides, (Msb,) or became much broken, (TA,) and gave notice of falling to ruin: (Msb, TA:) or cracked in several places, without falling; and in like manner, تَدَاعَتِ الحِيطَانُ, (Mgh,) the walls cracked in several places, without falling: (Mgh, K: *) and تَدَاعَتِ الحِيطَانُ لِلْخَرَابِ the walls fell to ruin by degrees; syn. تَهَادَمَت: (S:) [but Mtr says,] تَدَاعَتْ إِلَى الخَرَابِ is a vulgar phrase; not [genuine] Arabic. (Mgh.) And تداعى said of a sand-hill, (assumed tropical:) It, being put in notion, or shaken in its lower part, poured down. (Msb.) And [hence,] تَدَاعَتْ إِبِلُ بَنِى فُلَانٍ (tropical:) (tropical:) The camels of such a one became broken by emaciation. (TA.) b3: تَدَاعَوْ بِالأَلْقَابِ They called one another by surnames, or nicknames. (Msb.) b4: التَّدَاعِى also signifies (assumed tropical:) The trying one another with an enigma or enigmas; or contending, one with another, in proposing an enigma or enigmas; syn. التَّحَاجِى. (TA in art. حجو.) You say, بَيْنَهُمْ أُــدْعِيَّــةٌ يَتَدَاعُوْنَ بِهَا (assumed tropical:) [Between them is an enigma with which they try one another; or by proposing which they contend, one with another]. (S, K. *) b5: يَتَدَاعَوْنَ فَصْلَ الخِطَابِ (assumed tropical:) They compete, one with another, [as though each one challenged the others,] in discoursing of the science of chasteness of speech, and eloquence. (Har p. 446.) b6: See also 8, in two places.

A2: [It is also used transitively:] you say, تَدَاعَوُا القَوْمَ They [together] called the people. (Mgh in art. نقض. [See 6 in that art.]) 7 اندعى i. q. أَجَابَ. (K.) Akh heard one or more of the Arabs say, لَوْدَعَوْنَا لَانْــدَعَيْــنَا, meaning لَأَجُبْنَا [i. e. Had they called us, &c., we had certainly answered, or replied, or assented, or consented]. (S.) 8 اِدَّعَى He asserted a thing to be his, or to belong to him, or to be due to him, either truly or falsely: (K, * TA:) he claimed a thing; laid claim to it; or demanded it for himself: and he desired a thing; or wished for it. (Msb.) and اِدَّعَوُا الشَّىْءَ and الشىء ↓ تَدَاعَوُا signify the same [i. e. They claimed the thing, every one of them for himself]. (Mgh.) You say, اِــدَّعَيْــتُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا [I asserted myself to have a claim upon such a one for such a thing; preferred a claim against such a one for such a thing; or claimed of such a one such a thing]. (S.) And اِدَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرو مَالًا [Zeyd asserted himself to have a claim upon 'Amr for property; or preferred a claim against 'Amr &c.]. (Mgh.) And اِــدَّعَيْــتَ عَلَىَّ مَا لَمْ أَفْعَلْ [Thou hast asserted against me, or charged against me, or accused me of, that which I have not done]. (S and K in art. شرب, and S in art. اكل.) هٰذَا الَّذِى كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ, in the Kur [lxvii. 27], means This is that on account of which ye used to assert vain and false things: or which ye used to deny, or disbelieve: or, accord. to Fr, the latter verb may here be used in the sense of تَدْعُونَ; and the meaning may be, this is that which ye desired to hasten, and for which ye prayed to God in the words of the Kur [viii. 32], “O God, if this be the truth from Thee, then rain Thou upon us stones from Heaven, or bring upon us some [other] painful punishment: ” it may be from الدُّعَآءُ: and it may be from الدَّعْوَى: (TA:) [i. e.] it means this is that which ye used to demand, and desire to hasten; from الدُّعَآءُ: or that which ye used to assert, [namely,] that there will be no raising to life; from الدَّعْوَى. (Bd.) And وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ, in the Kur [xxxvi. 57], is explained as meaning and they shall have what they desire, or wish for; which is referrible to the meaning of الدُّعَآءُ. (TA.) b2: You say also, اِدَّعَى غَيْرَ أَبِيهِ [He asserted the relationship of father to him of one who was not his father; or claimed as his father one who was not his father]. (T, Mgh, Msb.) And يَدَّعِى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ [He asserts his relationship as a son, or claims the relationship of a son, to one who is not his father]. (T, Msb. See 4, in three places.) And يَــدَّعِيــهِ غَيْرُ أَبِيهِ [One who is not his father asserts him to be his son; or claims him as his son]. (T, Msb.) الاِدِّعَآءُ in war signifies The asserting one's relationship; syn. الاِعْتِزَآءُ; (S, TA;) as also ↓ التَّدَاعِى; (TA;) i. e. the saying “ I am such a one the son of such a one. ” (S.) And [hence] sometimes it includes the meaning of Informing, or telling; and therefore بِ may be prefixed to its objective complement; so that one says, فُلَانٌ يَدَّعِى بِكَرَمِ فِعَالِهِ, i. e. Such a one informs of the generosity of his deeds. (Msb.) 10 إِسْتَدْعَوَ see 1, near the middle of the paragraph. b2: [Hence, استدعى signifies also It called for, demanded, required, or invited, a thing. See also دَعَابِهِ.]

دَعْوَةٌ [as an inf. n. of un.] signifies A single time or act (S, Msb) [of prayer and of imprecation, as is indicated in the S, and also, though less plainly, in the TA]. See دُعَآءٌ. b2: [Also, as such, A call.] You say, هُوَمِنِّى دَعْوَةُ الرَّجُلَ (K, TA) and الكَلْبِ, and دَعْوَةَ الرَّجُلِ and الكَلْبِ, in the former case دعوة being used as a simple subst., and in the latter case as an adv. n., (TA,) meaning قَدْرُ مَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ ذَاكَ [i. e. He, or it, is distant from me the space of the call of the man and of the dog]. (K, TA.) And لَهُمُ الدَّعْوَةُ عَلَى

غَيْرِهِمْ The call is to them before the others of them: (K, TA: [يَبْدَأُ in the CK is a mistake for يُبْدَأُ:]) accord. to the T and the Nh, in the case of gifts, or pay, or salary. (TA.) b3: The call to prayer: whence, in a trad., الدَّعُوَةُ فِى الحَبَشَةِ [meaning The office of calling to prayer rests among the Abyssinians]; (JM, TA;) said by the Prophet in preference of his مُؤَذِّن Bilál. (JM.) b4: A call, or an invitation, to El-Islám. (Mgh.) Yousay, أَدْعُوكَ بِدَعْوَةِ الإِسْلَامِ and السلام ↓ دِعَايَةِ and الاسلام ↓ دَاعِيَةِ, meaning I call thee, or invite thee, by the declaration of the faith whereby the people of false religions are called: دَاعِيَةٌ being an inf. n. syn. with دَعْوَةٌ, like عَافِيَةٌ and عَاقِبَةٌ: (JM:) دَعْوَةُ الإِسْلَامِ and ↓ دَعايَتُهُ and ↓ دَاعِيَتُهُ signify the same: and دَعْوَةُ الحَقِّ [in like manner] means the declaration that there is no deity but God. (TA.) b5: An invitation to food, (S, M, Msb, K, TA,) and to beverage; or, accord. to Lh, specially a repast, feast, or banquet, on the occasion of a wedding or the like: (TA:) thus pronounced by most of the Arabs, except 'Adee of Er-Rabáb, who pronounce it, in this sense, ↓ دِعْوَةٌ: (A 'Obeyd, S, M, Msb:) it is an inf. n. in this sense, (S,) or a simple subst.: (Msb:) and ↓ دُعْوَةٌ signifies the same; (K;) or, as some say, this, which is given as on the authority of Ktr, is a mistake: (TA:) and so does ↓ مَدْعَاةٌ [app. an inf. n.]. (S, Msb, K.) You say, كُنَّافِى

دَعْوَةِ فُلَانٍ and ↓ مَدْعَاتِهِ, meaning [We were included in] the invitation (دُعَآء [see 1]) of such a one to food: (S, Msb: [but in the latter, نَحْنُ, in the place of كُنَّا:]) [or we were at the repast, or feast, or banquet, of such a one; for] you say [also] دَعَاهُ إِلَى الدَّعْوَةِ and ↓ الى المَدْعَاةِ [He invited him to the repast, or feast, or banquet: and in this sense دَعْوَة is commonly used in the present day]. (MA.) b6: See also دِعْوَةٌ: b7: and دَعْوَى. b8: Also i. q. حَلِفٌ or حَلْفٌ (accord. to different copies of the K) [both in the sense of Confederation to aid or assist]: (K, TA:) [whence] one says, دَعْوَةٌ فُلَانٍ فِى بَنِى فُلَانٍ

[meaning The confederation of such a one is with the sons of such a one]. (TA.) دُعْوَةٌ: see the next preceding paragraph.

دِعْوَةٌ respects relationship, (S, Msb,) like ↓ دَعْوَى or دَعْوَى فِى النَّسَبِ; (S;) meaning A claim in respect of relationship; (K;) [i. e.] one's claiming as his father a person who is not his father; (Az, Mgh, Msb;) [in other words,] one's claiming the relationship of a son to a person who is not his father: or one's being claimed as a son by a person who is not his father: (Az, Msb:) thus pronounced by most of the Arabs, except 'Adee of Er-Rabáb, who pronounce it, in this sense, ↓ دَعْوَةٌ. (S, Msb.) See also دَعْوَى. b2: Also Kindred, or relationship, and brotherhood: so in the saying, لِى فِىالقَوْمِ دِعْوَةٌ [I have in, or among, the people, or company of men, kindred, or relationship, and brotherhood]. (Ks, Msb.) b3: See also دَعْوَةٌ.

دَعْوَى: see دُعَآءٌ, in five places. b2: Also a subst. from 8; (S, M, Mgh, Msb, TA;) omitted in the K, though better known than the sun; (TA;) and so ↓ دَعَاوَةٌ (M, Msb, K) and ↓ دِعَاوَةٌ and ↓ دِعْوَةٌ, (M, K,) accord. to the general pronunciation, (M, TA,) and ↓ دَعْوَةٌ, (M, K,) accord. to the pronunciation of 'Adee of Er-Rabáb, (M, TA,) and ↓ دَاعِيَةٌ; (TA, there said to be syn. with دَعْوَى;) [meaning An assertion that a thing belongs to one, or is due to one; a claim; as is indicated in the S and Mgh and K &c.;] a demand; a suit; (Yz, Az, Msb;) whether true or false: (Mgh, K, TA:) the pl. of دَعْوَى is دَعَاوٍ and دَعَاوَى; the former of which is preferable accord. to some, being, as IJ says, the original form; but some say that the latter is preferable: (Msb:) [the latter only is mentioned in the Mgh:] the alif in the sing. [written ى] is a sign of the fem. gender; and therefore the word is without tenween. (Mgh.) Yz mentions the sayings, لِى فِى هٰذَا الأَمْرِ دَعْوَى I have, in respect of this thing, [a claim or] a demand, and دَعَاوَى or دَعَاوٍ [claims or] demands, as written in different copies. (Az, Msb.) And لَوْ أُعْطِىَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ [If men were given according to their claims, or demands,] occurs in a trad. (Msb.) b3: See also دِعْوَةٌ.

دُعْوِىٌّ is a word used only in negative sentences: (S:) you say, مَا بِالدَّارِ دُعْوِىٌّ There is not in the house any one: (S, K: *) Ks says that it is from دَعَوْتُ, and [properly] means لَيْسَ فِيهَا مَنْ يَدْعُو [there is not in it one who calls, &c.]. (S.) دُعَآءٌ is an inf. n. of 1; (Msb, K;) as also ↓ دَعْوَى: (K:) the former is originally دُعَاوٌ: (S:) [both, used as simple substs., signify A prayer, or supplication, to God:] and the pl. of the former is أَــدْعِيَــةٌ. (S.) IF says that some of the Arabs, for ↓ دَعْوَةٌ, say ↓ دَعْوَى, with the fem. alif [written ى]. (Msb, TA.) One says, اَللّٰهُمَّ المُسْلِمِينَ ↓ أَشْرِكْنَا فِى دَعْوَى, meaning [O God, make us to share] in the prayer (دُعَآء) of the Muslims. (TA.) And hence, in the Kur [x. 10], فِيهَا سُبْحَانَك اللّٰهُمَّ ↓ دَعْوَاهُمْ [Their prayer in it shall be سبحانك اللّٰهمّ]. (TA.) [دُعَآءٌ followed by لِ signifies An invocation of good, a blessing, or a benediction: followed by عَلَى, an imprecation of evil, a curse, or a malediction.] سُورَهُ الدُّعَآءِ is a title of The first chapter of the Kurn. (Bd.) b2: [Hence,] دُعَآءٌ signifies also Adoration, worship, or religious service. (TA.) b3: And i. q. إِيمَانٌ [i. e. Belief; particularly in God, and in his word and apostles &c.: faith: &c.]: a meaning mentioned by the Expositors of El-Bukháree. (TA.) b4: [Also A call, or cry; and so ↓ دَعْوَى, as in the Kur vii. 4 (where the latter is explained by Bd as syn. with the former) and xxi. 15.] b5: And [particularly] A calling, or crying, for aid or succour. (TA.) دَعِىٌّ One invited to a repast: pl. دُعَوَآءُ; as in the saying عِنْدَهُ دُعَوَآءُ [With him, or at his abode, are guests invited to a repast]. (TA.) b2: One who makes a claim in respect of relationship; (S;) [i. e.] one who claims as his father a person who is not his father; (Az, Mgh, Msb;) [in other words,] one who claims the relationship of a son to a person who is not his father: or one who is claimed as a son by a person who is not his father; (Az, Msb;) an adopted son: (S, K:) pl. أَدْئِيَآءُ, (S,) which is anomalous; (Bd in xxxiii. 4;) occurring in the Kur [in the verse just referred to], where it is said, وَمَاجَعَلَ أَدْئِيَاءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ (S) Nor hath He made your adopted sons to be your sons in reality. (Jel.) b3: And One whose origin, or lineage, or parentage, is suspected; (K, TA;) as also ↓ مَدْعِىٌّ: pl. of the former as in the next preceding sentence. (TA.) دَعَاوَةٌ and دِعَاوَةٌ: see دَعْوَى.

دِعَايَةٌ: see دَعْوَةٌ, in two places.

دَعَّآءٌ One who prays, or supplicates God, or who calls, &c., much, or often. (TA.) الدَّعَّآءَةُ [an epithet in which the quality of a subst. predominates;] The سَبَّابَة [or fore finger]; (K;) i. e. the finger with which one calls [or beckons]. [TA.) دَاعٍ [Praying, or supplicating God:] calling, or summoning: (Mgh:) [inviting:] and particularly, [as an epithet in which the quality of a subst. predominates,] one who calls, or summons, or invites, to obey a right or a wrong religion: (TA:) pl. دُعَاةٌ (Mgh, Msb, TA) and دَاعُونَ. (Msb, TA.) [Hence,] دَاعِى اللّٰهِ [God's summoner, or inviter; i. e.] the prophet: (K:) and also, (Msb, K,) or simply الدَّاعِى, (TA,) The مُؤَذِّن [or summoner to prayer]. (Msb, K, TA.) [Hence also, دَاعِى المَنَايَا The summoner of death, lit. of deaths; like طَارِقُ المَنَايَا] b2: See also the next paragraph, in two places. b3: Also A punisher. (TA.) دَاعِيَةٌ: see دَعْوَةٌ, in two places: b2: and see also دَعْوَى. b3: دَاعِيَّةٌ اللَّبَنِ The remainder of the milk, (K,) or what is left, of the milk, in the udder, (S, Mgh,) that draws, or attracts, (K,) or in order that it may draw, or attract, (S, Mgh,) what is to come after it; (S, Mgh, K; *) as also اللَّبَنِ ↓ دَاعِى, occurring in a trad., where it is said, دَعْ دَاعِىَ اللَّبَنِ [Leave thou the remainder of the milk, in the udder, that is to draw, or attract, what is to come after it]; (S, Mgh;) i. e. do not exhaust it entirely. (Mgh.) b4: Hence, دَاعِيَةٌ is metaphorically applied to signify (tropical:) A mean, or means; a cause; or a motive; (Har p. 306;) [as also ↓ دَاعٍ, often used in these senses in the present day;] and so, in an intensive sense, ↓ مَدْعَاةٌ [properly signifying a cause of drawing, attracting, or inducing, &c., originally مَدْعَوَةٌ, being a noun of the same class as مَبْخَلَةٌ and مَجْبَنَةٌ]: (Idem p. 86:) [the pl. of the first is دَوَاعٍ.] b5: Also (assumed tropical:) The cry of horsemen in battle; (K;) as being a call to him who will aid, or succour. (TA.) b6: دَوَاعِى الصَّدْرِ (assumed tropical:) The anxiety [or rather anxieties] of the bosom. (Ham p. 509.) b7: دَوَاعِى الدَّهْرِ (tropical:) The vicissitudes of fortune: (K, TA:) sing. دَاعِيَةٌ. (TA.) أُدْعُوَّةٌ: see what next follows.

أُــدْعِيَّــةٌ (S, K) and ↓ أُدْعُوَّةٌ (K) An enigma; a riddle; (S, K; *) like أُحْجِيَّةٌ [and أُحْجُوَّةٌ]; and including such as is in verse, like that quoted above, in the second paragraph of this article. (S.) مَدْعَاةٌ: see دَعْوَةٌ, latter part, in three places: b2: and see also دَاعِيَةٌ: [pl. مَدَاعٍ. b3: Hence the saying,] لَهُ مَسَاعٍ وَمَدَاعٍ, i. e. (tropical:) [He possesses means of attaining honour and elevation, and] causes of glorying, or memorable and generous qualities, especially in war. (TA.) مَدْعُوٌّ pass. part. n. of 1; as also ↓ مَدْعِىٌّ.]

مَدْعِىٌّ: see what next precedes: b2: and see also دَعِىٌّ, last sentence.

مُدَّعًى Claimed property [&c.]: مُدَّعًى بِهِ is nought. (Mgh.) b2: مُدَّعًى عَلَيْهِ One upon whom a claim is made for property [&c.]. (Mgh.) [A defendant in a law-suit.]

مُدَّعٍ Claiming property [&c.]; a claimant. (Mgh.) [A plaintiff in a law-suit.]

دعا

د ع ا: (الدَّعْوَةُ) إِلَى الطَّعَامِ بِالْفَتْحِ. يُقَالُ: كُنَّا فِي دَعْوَةِ فُلَانٍ وَمَدْعَاةِ فُلَانٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الدُّعَاءُ إِلَى الطَّعَامِ. وَ (الدِّعْوَةُ) بِالْكَسْرِ فِي النَّسَبِ وَ (الدَّعْوَى) أَيْضًا هَذَا أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَعْدِيُّ الرَّبَابِ يَفْتَحُونَ الدَّالَ فِي النَّسَبِ وَيَكْسِرُونَهَا فِي الطَّعَامِ. وَ (الــدَّعِيُّ) مَنْ تَبَنَّيْتَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ أَــدْعِيَــاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] . وَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا، وَالِاسْمُ (الدَّعْوَى) . وَ (تَدَاعَتِ) الْحِيطَانُ لِلْخَرَابِ تَهَادَمَتْ. وَ (دَعَاهُ) صَاحَ بِهِ وَ (اسْتَدْعَاهُ) أَيْضًا. وَ (دَعَوْتُ) اللَّهَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَدْعُوهُ (دُعَاءً) . وَ (الدَّعْوَةُ) الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَ (الدُّعَاءُ) أَيْضًا وَاحِدُ الْأَــدْعِيَــةِ وَتَقُولُ لِلْمَرْأَةِ: أَنْتِ تَــدْعِيــنَ وَتَدْعُوِينَ وَتَــدْعُيْــنَ بِإِشْمَامِ الْعَيْنِ الضَّمَّةَ وَلِلْجَمَاعَةِ أَنْتُنَّ تَدْعُونَ مِثْلُ الرِّجَالِ سَوَاءٌ. وَ (دَاعِيَةُ) اللَّبَنِ مَا يُتْرَكُ فِي الضَّرْعِ لِيَدْعُوَ مَا بَعْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ» . 
(دعا) - في حديث عُمَيْر بن أَفصَى، رضي الله عنه: "لَيْس في الخَيْل داعِيةٌ لعامِل".
: أي لا دَعوَى للمُصَدِّق فيه، ولا حَقَّ يدعو إلى قَضائِه. لأنه تَجِب فيه الزَّكاة.
- في الحديث: "لا دِعْوةَ في الإِسلام ". الدَّعوة، بالكِسْر: ادِّعاء وَلَدِ الغَيْر، كما كانوا في الجاهِلِيَّة يَتَبَنّون أَولادَ الغَيْر، فإنَّ حُكمَ الِإسلام أنَّ الوَلد للفِراش.
- في كتاب هِرَقْل: "أَدعُوكَ بدِعايَةِ الإِسلام" .
: أي بدَعْوَتِه، وهي كلمة الشِّعار التي يُدعَى إليها أَهلُ المِلَل الكَافِرة.
وفي رواية: "بِدَاعِيَة الإِسلام". وهي بمعنى الدَّعو أيضًا، مَصْدَر كالعَافِيَة والعَاقِبة.
- في الحَدِيث: "كَمَثل الجَسَد إِذَا اشْتَكَى بَعضُه تَداعَى سَائِرُه بالسَّهَر والحُمَّى" .
- وفي حَديثٍ آخَرَ: "تَداعَتْ عليكم الأُمَمُ" .
يقال: تَداعَى عليه القَوُم: أي أقْبَلُوا وتداعَت الحِيطان: تَساقَطَت أو كَادَت
- وفي حدِيث ثَوْبَان: "يوُشِكُ أَنْ تَداعَى عليكم الأُممُ كما تَدَاعَى الأَكلَةُ على قَصْعَتِها ".
- في حديث ضِرَارِ بنِ الأَزْور : "دَعْ دَاعِىَ اللَّبَن" .
قال الطَّحاوِىُّ: من أَخْلاقِ العَرَب إذا حَلَبُوا النَّاقةَ أن يُبقُوا في ضَرْعِها شَيئًا، فإذا احتَاجوا إلى اللَّبنِ لِضَيفٍ نَزَل، أو لغَيْره احتَلَبُوا ما بَقَّوه وإن قَلَّ، ثم خَلَطوه بالماءِ البَارِد، ثم ضَربُوا به ضَرعَها وأَدنَوْا منها حُوارَها أو جِلدَه فتَلْحَسه وتَدُرّ عليه من اللَّبَن مِلءَ ضَرْعِها فيَصرِفُونَه في حَوائِجِهم.
- في الحَدِيثِ: "فإنَّ دَعوتَهم تُحِيطُ من وَرائِهم" .
: أي تَحوطُهُم وتَكْنُفهُم وتَحفَظُهم، يُرِيدُ أَهلَ السُّنَّة دُونَ أهل البِدْعَة، والدَّعوةُ: المَرَّة الوَاحِدَةُ من الدُّعاءِ.
[دعا] الدَعْوَةُ إلى الطعام بالفتح. يقال: كنا في دَعْوَةِ فلان ومَدْعاةِ فلان، وهو في الأصل مصدرٌ، يريدون الدُعَاءَ إلى الطعام. والدِعْوَةُ بالكسر في النسب، يقال: فلان دَعيٌّ بيّن الدِعْوَةِ والدَعْوى في النسب. هذا أكثر كلام العرب إلا عدى الرباب فإنهم يفتحون الدال في النسب ويكسرونها في الطعام. والدعى أيضا: من تَبَنَّيْتَهُ. قال تعالى: (وما جَعَلَ أدْعِيــاءَكُمْ أبناءكم) . وادَّعيــتُ على فلانٍ كذا. والاسم الدَعْوى. والادِّعاءُ في الحرب: الاعتزاء، وهو أن يقول: أنا فلان بن فلان. وتَداعَتِ الحِيطانُ للخراب، أي تهادمتْ. والأُــدْعِيَــةُ مثل الا حجية. والمداعاة: المحاجاة. يقال: بينهم أدعيــة يتداعون بها. وهي مثل الأغلوطات. حتَّى الألغاز من الشعر أُــدْعِيَّــةٌ، مثل قول الشاعر: أُداعِيك ما مُسْتَصْحَباتٌ مع السُرى * حسانٌ وما آثارُها بِحسانِ يعنى السيوف. وقال آخر يصف القلم: حاجيتك يا خنسا * ء في جنس من الشعر وفيما طوله شبر * وقد يوفى على الشبر له في رأسه شق * نطوف ماؤه يجرى (*) أبينى لم أقل هجرا * ورب البيت والحجر ودعوت فلانا، أي صِحْتُ به واسْتَــدْعَيْــتُهُ، ودَعَوْتُ الله له وعليه دُعاءً. والدَعْوَةُ المرَّةُ الواحدة. والدُعاءُ: واحد الأدْعِيَــةِ، وأصله دعاؤ، لانه من دعوت إلا أن الواو لما جاءت بعد الالف همزت. وتقول للمراة: أنت تــدعيــن، وفيه لغة ثانية: أنت تدعوين، وفيه لغة ثالثة أنت تــدعيــن بإشمام العين الضمة، وللجماعة: أنتن تدعون مثل الرجال سواء. وداعية اللبن: ما يترك في الضرع ليَدْعُوَ ما بعده. وفي الحديث: " دَعْ داعِيَ اللبن ". ودَواعي الدهر: صروفه. وقولهم: ما بالدار دُعْويٌّ بالضم، أي أحد. قال الكسائي: هو من دَعَوْتُ، أي ليس فيها من يَدْعُو، لا يتكلَّم به إلا مع الجحد. وقول العجاج:

إنى لا أسعى إلى داعيه * مشددة الياء، والهاء للعماد مثل التى في سلطانيه وماليه. قال الاخفش: سمعت من العرب من يقول: لو دعونا لا نــدعيــنا، أي لاجبنا ; كما تقول: لو بعثونا لانبعثنا. حكاه عنه أبو بكر ابن السراج.
دعا
الدُّعَاء كالنّداء، إلّا أنّ النّداء قد يقال بيا، أو أيا، ونحو ذلك من غير أن يضمّ إليه الاسم، والدُّعَاء لا يكاد يقال إلّا إذا كان معه الاسم، نحو: يا فلان، وقد يستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر. قال تعالى: كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً [البقرة/ 171] ، ويستعمل استعمال التسمية، نحو: دَعَوْتُ ابني زيدا، أي: سمّيته، قال تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور/ 63] ، حثّا على تعظيمه، وذلك مخاطبة من كان يقول: يا محمد، ودَعَوْتَهُ: إذا سألته، وإذا استغثته، قال تعالى: قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ
[البقرة/ 68] ، أي: سله، وقال: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
[الأنعام/ 40- 41] ، تنبيها أنّكم إذا أصابتكم شدّة لم تفزعوا إلّا إليه، وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً [الأعراف/ 56] ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [البقرة/ 23] ، وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ [الزمر/ 8] ، وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ [يونس/ 12] ، وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ [يونس/ 106] ، وقوله: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً [الفرقان/ 14] ، هو أن يقول: يا لهفاه، ويا حسرتاه، ونحو ذلك من ألفاظ التأسّف، والمعنى: يحصل لكم غموم كثيرة. وقوله: ادْعُ لَنا رَبَّكَ [البقرة/ 68] ، أي: سله. والدُّعاءُ إلى الشيء: الحثّ على قصده قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف/ 33] ، وقال: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ [يونس/ 25] ، وقال:
يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ [غافر/ 41- 42] ، وقوله: لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ [غافر/ 43] ، أي: رفعة وتنويه.
والدَّعْوَةُ مختصّة بادّعاء النّسبة ، وأصلها للحالة التي عليها الإنسان، نحو: القعدة والجلسة. وقولهم: «دَعْ دَاعِي اللّبن» أي: غُبْرَةً تجلب منها اللّبن. والادِّعاءُ: أن يــدّعي شيئا أنّه له، وفي الحرب الاعتزاء، قال تعالى: وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا
[فصلت/ 31- 32] ، أي: ما تطلبون، والدَّعْوَى: الادّعاء، قال: فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا [الأعراف/ 5] ، والدَّعْوَى: الدّعاء، قال: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس/ 10] .
[دعا] فيه أمر بحلب ناقة وقال: دع "داعي" اللبن، أبق في الضرع قليلًا من اللبن فنه يدعو ما وراءه من اللبن فينزله، وإذا استقصى كل ما في الضرع أبطأ دره. وفيه: ما يال "دعوى" الجاهلية؟ هو يال فلان! كانوا يدعون بعضهم بعضًا عند الأمر الحادث الشديد. ومنه ح فقال قوم: يال الأنصار! وقال قوم: يال المهاجرين! فقال صلى الله عليه وسلم دعوها فنها منتنة. ك: ليس منا من "دعا بدعوى" الجاهلية، نحو أن يتكلم بكلمة الكفر عند النياحة أو يحل حرامًا. ط: دعوى الجاهلية أني نادي من غلب عليه خصمه يا آل فلان! فيبتدرون إلى نصره ظالمًا أو مظلومًا جهلًا منهم وعصبية. غ: الدعوى الادعاء"فما كان "دعواهم"" والدعاء "وأخر "دعواهم"" و"له "دعوة" الحق" وهي شهادة أن لا إله إلا الله، والدعاء الغوث. ومنه: ""ادعوني" استجب لكم" أي استغيثوا ذا نزل بكم ضر. ومنه "أن "تدع" مثقلة" وكلما اشتهى أهل الجنة شيئًا قالوا: سبحانك اللهم! فيجيئهم فإذا طعموا قالوا: الحمد لله رب العالمين، فلذل "أخر "دعواهم"". "ولهم ما "يدعون"" أي يتمنون، وادع ما شئت تمنه. و"هذا الذي كنتم به "تدعون"" أي تستبطؤنه فتدعون به. "و"تدعوا" من أدبر" تعذب أو تنادي أو كقولهم: دعانا غيث وقع بناحية كذا، أي كان سببًا لانتجاعنا، يقال: ما الذي دعاك غليه، أي حملك عليه، و"لا تجعلوا "دعاء" الرسول بينكم" أي ادعوه في لين وتواضع، أو سارعوا على ما يأمركم به. قا: أو دعاؤه ربه مستجاب، أو دعاؤهالمظلوم، وفي الأولين حذف دعوة لقرينة عطف الثالث، ويرفعها حال من ضمير الدعوة، والأولى أنه خبر قوله: ودعوة المظلوم. وفيه: أفضل "الدعاء" الحمد لله، لأنه سؤال لطيف يدق مسلكه ومنه قول أمية:
إذا أثنى عليك المرء يوما ... كفاء من تعرضه الثناء
ويمكن أن يراد به "اهدنا الصراط". وح: لا يخص نفسه "بالدعاء" مر في خ. وفيه: "لا تدعوا" على أنفسكم، أي لا تقولوا شرًّا وويلًا وما أشبهه، أو أنهم إذا تكلموا في حق الميت بما لا يرضى به الله يرجع تبعته إليهم فكأنهم دعوا على أنفسهم بشر، أو المعنى كقوله تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم" أي بعضكم بعضًا. وفيه: لا يرد القضاء إلا "الدعاء" أراد بالقضاء ما نخافه من نزول مكروه ونتوقاه ويُدفع بالدعاء، وتسميته قضاء مجاز أو يراد به حقيقة القضاء، ومعنى رده تسهيله وتيسيره حتى كان القضاء النازل كأنه أنه لم ينزل، ويؤيده ح: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، أما نفعه مما نزل فصبره عليه وتحمله له ورضاؤه به، وأما نفعه مما لم ينزل فبصرفهباب الدال مع الغين

دعا: قال الله تعالى: وادْعوا شُهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين؛

قال أَبو إسحق: يقول ادْعوا من اسْتَــدعَيــتُم طاعتَه ورجَوْتم مَعونتَه في

الإتيان بسورة مثله، وقال الفراء: وادعوا شهداءكم من دون الله، يقول:

آلِهَتَكم، يقول اسْتَغِيثوا بهم، وهو كقولك للرجل إذا لَقِيتَ العدوّ

خالياً فادْعُ المسلمين، ومعناه استغث بالمسلمين، فالدعاء ههنا بمعنى

الاستغاثة، وقد يكون الدُّعاءُ عِبادةً: إم الذين تَدْعون من دون الله عِبادٌ

أَمثالُكم، وقوله بعد ذلك: فادْعُوهم فلْيَسْتجيبوا لكم، يقول: ادعوهم في

النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة كما تقولون يُجيبوا دعاءكم، فإن

دَعَوْتُموهم فلم يُجيبوكم فأَنتم كاذبون أَنهم آلهةٌ. وقال أَبو إسحق في

قوله: أُجِيبُ دعوة الدَّاعِ إذا دَعانِ؛ معنى الدعاء لله على ثلاثة أَوجه:

فضربٌ منها توحيدهُ والثناءُ عليه كقولك: يا اللهُ لا إله إلا أَنت،

وكقولك: ربَّنا لكَ الحمدُ، إذا قُلْتَه فقدَ دعَوْته بقولك ربَّنا، ثم

أَتيتَ بالثناء والتوحيد، ومثله قوله: وقال ربُّكم ادعوني أَسْتَجِبْ لكم

إنَّ الذين يَسْتَكبرون عن عِبادتي؛ فهذا ضَرْبٌ من الدعاء، والضرب الثاني

مسأَلة الله العفوَ والرحمة وما يُقَرِّب منه كقولك: اللهم اغفر لنا،

والضرب الثالث مسأَلة الحَظِّ من الدنيا كقولك: اللهم ارزقني مالاً وولداً،

وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأَن الإنسان يُصَدّر في هذه الأَشياء بقوله

يا الله يا ربّ يا رحمنُ، فلذلك سُمِّي دعاءً. وفي حديث عرَفة: أَكثر

دُعائي ودعاء الأَنبياء قَبْلي بعَرفات لا إله إلا اللهُ وحدهَ لا شريك

له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، وإنما سمي التهليلُ

والتحميدُ والتمجيدُ دعاءً لأَنه بمنزلته في استِيجاب ثوابِ الله وجزائه

كالحديث الآخر: إذا شَغَلَ عَبْدي ثناؤه عليَّ عن مسأَلتي أَعْطَيْتُه

أَفْضَلَ ما أُعْطِي السائِلين، وأَما قوله عز وجل: فما كان دَعْواهُمْ إذ

جاءَهم بأْسُنا إلا أَن قالوا إنا كنا ظالمين؛ المعنى أَنهم لم يَحْصُلوا

مما كانوا ينْتَحِلونه من المذْهب والدِّينِ وما يَدَّعونه إلا على

الاعْتِرافِ بأَنهم كانوا ظالمين؛ هذا قول أَبي إسحق.

قال: والدَّعْوَى اسمٌ لما يَــدَّعيــه، والدَّعْوى تَصْلُح أَن تكون في

معنى الدُّعاء، لو قلت اللهم أَشْرِكْنا في صالحِ دُعاءِ المُسْلمين أَو

دَعْوَى المسلمين جاز؛ حكى ذلك سيبويه؛ وأَنشد:

قالت ودَعْواها كثِيرٌ صَخَبُهْ

وأَما قوله تعالى: وآخِرُ دَعْواهم أَنِ الحمدُ لله ربّ العالمين؛ يعني

أَنَّ دُعاءَ أَهلِ الجَنَّة تَنْزيهُ اللهِ وتَعْظِيمُه، وهو قوله:

دَعْواهم فيها سُبْحانكَ اللهمَّ، ثم قال: وآخرُ دَعْواهم أَن الحمدُ لله ربّ

العالمين؛ أَخبرَ أَنهم يبْتَدِئُون دُعاءَهم بتَعْظيم الله وتَنزيهه

ويَخْتِمُونه بشُكْره والثناء عليه، فجَعل تنزيهه دعاءً وتحميدَهُ دعاءً،

والدَّعوى هنا معناها الدُّعاء. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه

قال: الدُّعاءُ هو العِبادَة، ثم قرأَ: وقال ربُّكم ادْعوني أَسْتَجِبْ

لكم إنَّ الذين يسْتَكْبرون عن عِبادتي؛ وقال مجاهد في قوله: واصْبِرْ

نفْسَكَ مع الذين يَدْعُون رَبَّهم بالغَداةِ والعَشِيّ، قال: يُصَلُّونَ

الصَّلَواتِ الخمسَ، ورُوِي مثل ذلك عن سعيد بن المسيب في قوله: لن

نَدْعُوَ من دونه إلهاً؛ أَي لن نَعْبُد إلهاً دُونَه. وقال الله عز وجل:

أَتَدْعُون بَعْلاً؛ أَي أَتَعْبُدون رَبّاً سِوَى الله، وقال: ولا تَدْعُ معَ

اللهِ إلهاً آخرَ؛ أَي لا تَعْبُدْ. والدُّعاءُ: الرَّغْبَةُ إلى الله

عز وجل، دَعاهُ دُعاءً ودَعْوَى؛ حكاه سيبويه في المصادر التي آخرها أَلف

التأْنيث؛ وأَنشد لبُشَيْر بن النِّكْثِ:

وَلَّت ودَعْواها شَديدٌ صَخَبُهْ

ذكَّرَ على معنى الدعاء. وفي الحديث: لولا دَعْوَةُ أَخِينا سُلْيمانَ

لأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ به وِلْدانُ أَهلِ المدينة؛ يعني الشَّيْطان

الذي عَرَضَ له في صلاته، وأَراد بدَعْوَةِ سُلْىمانَ، عليه السلام،

قوله: وهَبْ لي مُلْكاً لا ينبغي لأَحَدٍ من بَعْدي، ومن جملة مُلكه تسخير

الشياطين وانقِيادُهم له؛ ومنه الحديث: سأُخْبِرُكم بأَوَّل أَمري

دَعْوةُ أَبي إبراهيم وبِشارةُ عِيسى؛ دَعْوةُ إبراهيم، عليه السلام، قولهُ

تعالى: رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم يَتْلُو عليهم آياتِكَ؛

وبِشارَةُ عيسى، عليه السلام، قوله تعالى: ومُبَشِّراً برَسُولٍ يأْتي من

بَعْدي اسْمهُ أَحْمَدُ.وفي حديث معاذ، رضي الله عنه، لما أَصابَهُ الطاعون

قال: ليْسَ بِرِجْزٍ ولا طاعونٍ ولكنه رَحْمةُ رَبِّكم ودَْوَةُ

نبِيِّكُم، صلى الله عليه وسلم؛ أَراد قوله: اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي

بالطَّعْن والطاعونِ، وفي هذا الحديث نَظَر، وذلك أَنه قال لما أَصابَهُ

الطاعون فأَثبَتَ أَنه طاعونٌ، ثم قال: ليسَ برِجْزٍ ولا طاعونٍ فنَفَى أَنه

طاعونٌ، ثم فسَّر قوله ولكنَّه رحمةٌ من ربِّكم ودَعوةُ نبِيِّكم فقال

أَراد قوله: اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن والطاعون، وهذا فيه

قَلَق. ويقال: دَعَوْت الله له بخَيْرٍ وعَليْه بِشَرٍّ. والدَّعوة: المَرَّة

الواحدةَ من الدُّعاء؛ ومنه الحديث: فإن دَعْوتَهم تُحِيطُ من ورائهم

أَي تحُوطُهم وتكْنُفُهم وتَحْفَظُهم؛ يريد أهلَ السُّنّة دون البِدْعة.

والدعاءُ: واحد الأَــدْعيــة، وأَصله دُعاو لأنه من دَعَوْت، إلا أن الواو

لمَّا جاءت بعد الأَلف هُمِزتْ. وتقول للمرأَة: أَنتِ تَــدْعِيــنَ، وفيه لغة

ثانية: أَنت تَدْعُوِينَ، وفيه لغة ثالثة: أَنتِ تَــدْعُيــنَ، بإشمام

العين الضمة، والجماعة أَنْتُنِّ تَدْعُونَ مثل الرجال سواءً؛ قال ابن بري:

قوله في اللغة الثانية أَنتِ تَدْعُوِينَ لغة غير معروفة.

والدَّعَّاءةُ: الأَنْمُلَةُ يُدْعى بها كقولهم السِّبَّابة كأنها هي

التي تَدْعُو، كما أَن السبابة هي التي كأَنها تَسُبُّ. وقوله تعالى: له

دَعْوةُ الحقّ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها شهادة أَن لاإله إلا

الله، وجائزٌ أَن تكون، والله أََعلم، دعوةُ الحقِّ أَنه مَن دَعا الله

مُوَحِّداً اسْتُجيب له دعاؤه. وفي كتابه، صلى الله عليه وسلم، إلى

هِرَقْلَ: أَدْعُوكَ بِدِعايةِ الإسْلام أَي بِدَعْوَتِه، وهي كلمة

الشهادة التي يُدْعى إليها أَهلُ المِلَلِ الكافرة، وفي رواية: بداعيةِ

الإسْلامِ، وهو مصدر بمعنى الدَّعْوةِ كالعافية والعاقبة. ومنه حديث عُمَيْر

بن أَفْصى: ليس في الخْيلِ داعِيةٌ لِعاملٍ أَي لا دَعْوى لعاملِ الزكاة

فيها ولا حَقَّ يَدْعُو إلى قضائه لأَنها لا تَجب فيها الزكاة. ودَعا

الرجلَ دَعْواً ودُعاءً: ناداه، والاسم الدعْوة. ودَعَوْت فلاناً أَي صِحْت

به واسْتَــدْعَيْــته. فأَما قوله تعالى: يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّه أَقْرَبُ

من نَفْعِه؛ فإن أَبا إسحق ذهب إلى أَن يَدْعُو بمنزلة يقول، ولَمَنْ

مرفوعٌ بالابتداء ومعناه يقولُ لَمَنْ ضَرُّه أَقربُ من نَفْعه إلهٌ وربٌّ؛

وكذلك قول عنترة:

يَدْعُونَ عَنْتَرَ، والرِّماحُ كأَنها

أَشْطانُ بئرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ

معناه يقولون: يا عَنْتَر، فدلَّت يَدْعُون عليها. وهو مِنِّي

دَعْوَةَ الرجلِ ودَعْوةُ الرجُلِ، أَي قدرُ ما بيني وبينه، ذلك يُنْصَبُ على

أَنه ظرف ويُرفع على أَنه اسمٌ. ولبني فلانٍ الدَّعْوةُ على قومِهم أَي

يُبْدأُ بهم في الدعاء إلى أَعْطِياتِهم، وقد انتهت الدَّعْوة إلى بني

فلانٍ. وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يُقدِّمُ الناسَ في

أَعطِياتِهِم على سابِقتِهم، فإذا انتهت الدَّعْوة إليه كَبَّر أَي النداءُ

والتسميةُ وأَن يقال دونكَ يا أَميرَ المؤمنين.

وتَداعى القومُ: دعا بعضُهم بعضاً حتى يَجتمعوا؛ عن اللحياني، وهو

التَّداعي. والتَّداعي والادِّعاءُ: الاعْتِزاء في الحرب، وهو أَن يقول أنا

فلانُ بنُ فلان، لأنهم يَتداعَوْن بأَسمائهم.

وفي الحديث: ما بالُ دَعْوى الجاهلية؟ هو قولُهم: يا لَفُلانٍ، كانوا

يَدْعُون بعضُهم بعضاً عند الأَمر الحادث الشديد. ومنه حديث زيدِ بنِ

أَرْقَمَ: فقال قومٌ يا للأَنْصارِ وقال قومٌ: يا للْمُهاجِرين فقال،

عليه السلام: دَعُوها فإنها مُنْتِنةٌ.

وقولهم: ما بالدَّارِ دُعْوِيٌّ، بالضم، أَي أَحد. قال الكسائي: هو مِنْ

دَعَوْت أَي ليس فيها من يَدعُو لا يُتكَلَّمُ به إلاَّ مع الجَحْد؛

وقول العجاج:

إنِّي لا أَسْعى إلى داعِيَّهْ

مشددة الياء، والهاءُ للعِمادِ مثل الذي في سُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ؛

وبعد هذا البيت:

إلا ارْتِعاصاً كارْتِعاص الحَيَّهْ

ودَعاه إلى الأَمِير: ساقَه. وقوله تعالى: وداعِياً إلى الله بإذْنهِ

وسِراجاً مُنيراً؛ معناه داعياً إلى توحيد الله وما يُقَرِّبُ منه، ودعاهُ

الماءُ والكَلأُ كذلك على المَثَل. والعربُ تقول: دعانا غَيْثٌ وقع

ببَلدٍ فأَمْرَعَ أَي كان ذلك سبباً لانْتِجاعنا إيَّاه؛ ومنه قول ذي

الرمة:تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّيَبُ

والدُّعاةُ: قومٌ يَدْعُونَ إلى بيعة هُدىً أَو ضلالة، واحدُهم داعٍ.

ورجل داعِيةٌ إذا كان يَدْعُو الناس إلى بِدْعة أَو دينٍ، أُدْخِلَت

الهاءُ فيه للمبالغة. والنبي، صلى الله عليه وسلم، داعي الله تعالى، وكذلك

المُؤَذِّنُ. وفي التهذيب: المُؤَذِّنُ داعي الله والنبيّ، صلى الله عليه

وسلم، داعي الأُمَّةِ إلى توحيدِ الله وطاعتهِ. قال الله عز وجل مخبراً عن

الجنّ الذين اسْتَمعوا القرآن: وولَّوْا إلى قومهم مُنْذِرِين قالوا يا

قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ. ويقال لكلّ من مات دُعِيَ فأَجاب.

ويقال: دعاني إلى الإحسان إليك إحسانُك إليّ. وفي الحديث: الخلافة في

قُرَيْشٍ والحُكْمُ في الأَنْصارِ والدَّعْوة في الحَبَشة؛ أَرادَ بالدعوة

الأَذانَ جَعله فيهم تفضيلاً لمؤذِّنِهِ بلالٍ. والداعية: صرِيخُ الخيل في

الحروب لدعائه مَنْ يَسْتَصْرِخُه. يقال: أَجِيبُوا داعيةَ الخيل. وداعية

اللِّبَنِ: ما يُترك في الضَّرْع ليَدْعُو ما بعده. ودَعَّى في

الضَّرْعِ: أَبْقى فيه داعيةَ اللَّبنِ. وفي الحديث: أَنه أَمر ضِرارَ بنَ

الأَزْوَر أَن يَحْلُبَ ناقةً وقال له دَعْ داعِيَ اللبنِ لا تُجهِده أي أَبْق

في الضرع قليلاً من اللبن ولا تستوعبه كله، فإن الذي تبقيه فيه يَدْعُو ما

وراءه من اللبن فيُنْزله، وإذا استُقْصِيَ كلُّ ما في الضرع أَبطأَ

دَرُّه على حالبه؛ قال الأَزهري: ومعناه عندي دَعْ ما يكون سَبباً لنزول

الدِّرَّة، وذلك أَن الحالبَ إذا ترك في الضرع لأَوْلادِ الحلائبِ لُبَيْنةً

تَرضَعُها طابت أَنفُسُها فكان أَسرَع لإفاقتِها. ودعا الميتَ: نَدَبه

كأَنه ناداه. والتَّــدَعِّي: تَطْريبُ النائحة في نِياحتِها على مَيِّتِها

إذا نَدَبَتْ؛ عن اللحياني. والنادبةُ تَدْعُو الميّت إذا نَدَبَتْه،

والحمامة تَدْعو إذا ناحَتْ؛ وقول بِشْرٍ:

أَجَبْنا بَني سَعْد بن ضَبَّة إذْ دَعَوْا،

وللهِ مَوْلى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها

يريد: لله وليُّ دَعْوةٍ يُجيب إليها ثم يُدْعى فلا يُجيب؛ وقال

النابغة فجعَل صوتَ القطا دعاءً:

تَدْعُو قَطاً، وبه تُدْعى إذا نُسِبَتْ،

يا صِدْقَها حين تَدْعُوها فتَنْتَسِب

أَي صوْتُها قَطاً وهي قَطا، ومعنى تدعو تُصوْت قَطَا قَطَا. ويقال: ما

الذي دعاك إلى هذا الأَمْرِ أَي ما الذي جَرَّكَ إليه واضْطَرَّك. وفي

الحديث: لو دُعِيــتُ إلى ما دُعُِيَ إليه يوسفُ، عليه السلام، لأَجَبْتُ؛

يريد حي دُعِيَ للخروج من الحَبْسِ فلم يَخْرُجْ وقال: ارْجِعْ إلى ربّك

فاسْأَلْه؛ يصفه، صلى الله عليه وسلم، بالصبر والثبات أَي لو كنت مكانه

لخرجت ولم أَلْبَث. قال ابن الأَثير: وهذا من جنس تواضعه في قوله لا

تُفَضِّلوني على يونُسَ بنِ مَتَّى. وفي الحديث: أَنه سَمِع رجُلاً يقول في

المَسجِدِ من دَعا إلى الجَمَلِ الأَحمر فقال لا وجَدْتَ؛ يريد مَنْ وجَدَه

فدَعا إليه صاحِبَه، وإنما دعا عليه لأَنه نهى أَن تُنْشَدَ الضالَّةُ في

المسجد. وقال الكلبي في قوله عز وجل: ادْعُ لنا ربَّك يُبَيِّن لنا ما

لَوْنُها، قال: سَلْ لنا رَبّك. والدَّعْوة والدِّعْوة والمَدْعاة

والمدْعاةُ: ما دَعَوتَ إليه من طعام وشراب، الكسر في الدِّعْوة

(* قوله «الكسر

في الدعوة إلخ» قال في التكملة: وقال قطرب الدعوة بالضم في الطعام

خاصة). لعَدِي بن الرِّباب وسائر العرب يفتحون، وخص اللحياني بالدَّعْوة

الوليمة. قال الجوهري: كُنا في مَدْعاةِ فلان وهو مصدر يريدون الدُّعاءَ إلى

الطعام. وقول الله عز وجل: والله يَدْعُو إلى دار السلام ويَهْدي مَنْ

يشاء إلى صراط مستقيم؛ دارُ السلامِ هي الجَنَّة، والسلام هو الله، ويجوز

أَن تكون الجنة دار السلام أَي دار السلامة والبقاء، ودعاءُ اللهِ

خَلْقَه إليها كما يَدْعُو الرجلُ الناسَ إلى مَدْعاةٍ أَي إلى مَأْدُبَةٍ

يتَّخِذُها وطعامٍ يدعو الناسَ إليه.

وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال إذا دُعيَ أَحَدُكم إلى

طعام فلْيُجِبْ فإن كان مُفْطِراً فلْيَأْكُلْ وإن كان صائماً فلْيُصَلِّ.

وفي العُرْسِ دَعْوة أَيضاً. وهو في مَدْعاتِهِم: كما تقول في عُرْسِهِم.

وفلان يَــدَّعي بكَرَم فِعالهِ أَي يُخْبِر عن نفسه بذلك. والمَداعي: نحو

المَساعي والمكارمِ، يقال: إنه لذُو مَداعٍ ومَساعٍ. وفلان في خير ما

ادَّعَى أَي ما تَمَنَّى. وفي التنزيل: ولهم ما يَدَّعُون؛ معناه ما

يتَمَنَّوْنَ وهو راجع إلى معنى الدُّعاء أَي ما يَــدَّعِيــه أَهلُ الجنة يأْتيهم.

وتقول العرب: ادَّعِ عليَّ ما شئتَ. وقال اليزيدي: يقا لي في هذا الأَمر

دَعْوى ودَعاوَى ودَعاوةٌ ودِعاوةٌ؛ وأَنشد:

تأْبَى قُضاعَةُ أَنْ تَرْضى دِعاوَتَكم

وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ

قال: والنصب في دَعاوة أَجْوَدُ. وقال الكسائي: يقال لي فيهم دِعْوة أَي

قَرابة وإخاءٌ. وادَّعَيْــتُ على فلان كذا، والاسم الدَّعْوى. ودعاهُ

اللهُ بما يَكْرَه: أَنْزَلَه به؛ قال:

دَعاكَ اللهُ من قَيْسٍ بأَفْعَى،

إذا نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكا

(* وفي الأساس: دعاك الله من رجلٍ إلخ).

القَيْسُ هنا من أَسماء الذَّكَر. ودَواعي الدَّهْرِ: صُرُوفُه. وقوله

تعالى في ذِكْرِ لَظَى، نعوذ بالله منها: تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ

وتَوَلَّى؛ من ذلك أَي تَفْعل بهم الأَفاعيل المَكْرُوهَة، وقيل: هو من الدعاء

الذي هو النداء، وليس بقَوِيّ. وروى الأَزهري عن المفسرين: تدعو الكافر

باسمه والمنافق باسمه، وقيل: ليست كالدعاءِ تَعالَ، ولكن دَعْوَتها إياهم ما

تَفْعَل بهم من الأَفاعيل المكروهة، وقال محمد بن يزيد: تَدْعُو من

أَدبر وتوَلَّى أَي تُعَذِّبُ، وقال ثعلب: تُنادي من أَدْبر وتوَلَّى.

ودَعَوْته بزيدٍ ودَعَوْتُه إياهُ: سَمَّيته به، تَعَدَّى الفعلُ بعد إسقاط

الحرف؛ قال ابن أَحمرَ الباهلي:

أَهْوَى لها مِشْقَصاً جَشْراً فشَبْرَقَها،

وكنتُ أَدْعُو قَذَاها الإثْمِدَ القَرِدا

أَي أُسَمِّيه، وأَراد أَهْوَى لما بِمِشْقَصٍ فحذف الحرف وأَوصل. وقوله

عز وجل: أَنْ دَعَوْا للرحمن وَلَداً؛ أَي جعَلوا، وأَنشد بيت ابن أَحمر

أَيضاً وقال أَي كنت أَجعل وأُسَمِّي؛ ومثله قول الشاعر:

أَلا رُبَّ مَن تَدْعُو نَصِيحاً، وإنْ تَغِبْ

تَجِدْهُ بغَيْبٍ غيرَ مُنْتَصِحِ الصَّدْرِ

وادَّعيــت الشيءَ: زَعَمْتُهِ لي حَقّاً كان أَو باطلاً. وقول الله عز

وجل في سورة المُلْك: وقيل هذا الذي كُنْتُم به تَدَّعُون؛ قرأَ أَبو عمرو

تَدَّعُون، مثقلة، وفسره الحسن تَكْذبون من قولك تَــدَّعي الباطل

وتَــدَّعي ما لا يكون، تأْويله في اللغة هذا الذي كنتم من أَجله تَدَّعُونَ

الأَباطيلَ والأَكاذيبَ، وقال الفراء: يجوز أَن يكون تَدَّعُون بمعنى

تَدْعُون، ومن قرأَ تَدْعُون، مخففة، فهو من دَعَوْت أَدْعُو، والمعنى هذا الذي

كنتم به تستعجلون وتَدْعُون الله بتَعْجيله، يعني قولهم: اللهم إن كان

هذا هوالحَقَّ من عندك فأَمْطِر علينا حجارةً من السماء، قال: ويجوز أَن

يكون تَدَّعُون في الآية تَفْتَعِلُونَ من الدعاء وتَفْتَعِلون من

الدَّعْوَى، والاسم الدَّعْوى والدِّعْوة، قال الليث: دَعا يَدْعُو دَعْوَةً

ودُعاءً وادَّعَى يَــدَّعي ادِّعاءً ودَعْوَى. وفي نسبه دَعْوة أَي دَعْوَى.

والدِّعْوة، بكسر الدال: ادِّعاءُ الوَلدِ الــدَّعِيِّ غير أَبيه. يقال:

دَعِيٌّ بيِّنُ الدِّعْوة والدِّعاوَة. وقال ابن شميل: الدَّعْوة في

الطعام والدِّعْوة في النسب. ابن الأَعرابي: المدَّعَى المُتَّهَمُ في نسبَه،

وهو الــدَّعِيُّ. والــدَّعِيُّ أَيضاً: المُتَبَنَّى الذي تَبَنَّاه رجلٌ

فدعاه ابنَه ونسبُه إلى غيره، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، تَبَنَّى

زيدَ بنَ حارثةَ فأَمَرَ اللهُ عز وجل أَن يُنْسَب الناسُ إلى آبائهم

وأَن لا يُنْسَبُوا إلى مَن تَبَنَّاهم فقال: ادْعُوهم لآبائهم هو

أَقْسَطُ عند الله فإن لم تَعْلَموا آباءَهم فإخوانُكم في الدِّينِ

ومَوالِيكمْ، وقال: وما جعلَ أَــدْعِيــاءَكم أَبْناءَكم ذلِكم قَوْلُكمْ بأَفْواهِكم.

أَبو عمرو عن أَبيه: والداعي المُعَذِّب، دَعاهُ الله أَي عَذَّبَه

الله. والــدَّعِيُّ: المنسوب إلى غير أَبيه. وإنه لَبَيِّنُ الدَّعْوَة

والدِّعْوةِ، الفتح لعَدِيِّ بن الرِّباب، وسائرُ العرب تَكْسِرُها بخلاف ما

تقدم في الطعام. وحكى اللحياني: إنه لبيِّنُ الدَّعاوة والدِّعاوة. وفي

الحديث: لا دِعْوة في الإسلام؛ الدِّعْوة في النسب، بالكسر: وهو أَن

ينْتَسب الإنسان إلى غير أََبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه فنهى عنه وجعَل

الوَلَدَ للفراش. وفي الحديث: ليس من رجل ادَّعَى إلى غير أَبيه وهو

يَعْلمه إلا كَفَر، وفي حديث آخر: فالجَنَّة عليه حرام، وفي حديث آخر: فعليه

لعنة الله، وقد تكرَّرَت الأَحاديث في ذلك، والادِّعاءُ إلى غيرِ الأَبِ مع

العِلْم به حرام، فمن اعتقد إباحة ذلك فقد كفر لمخالفته الإجماع، ومن لم

يعتقد إباحته ففي معنى كفره وجهان: أَحدهما أَنه قدأَشبه فعلُه فعلَ

الكفار، والثاني أَنه كافر بنعمة الله والإسلام عليه؛ وكذلك الحديث الآخر:

فليس منا أَي إن اعْتَقَد جوازَه خرج من الإسلام، وإن لم يعتقده فالمعنى

لم يَتَخَلَّق بأَخلاقنا؛ ومنه حديث علي بن الحسين: المُسْتَلاطُ لا

يَرِثُ ويُدْعَى له ويُدْعَى به؛ المُسْتَلاطُ المُسْتَلْحَق في النسب،

ويُدَعى له أَي يُنْسَبُ إليه فيقال: فلان بن فلان، ويُدْعَى به أَي يُكَنَّى

فيقال: هو أَبو فلان، وهو مع ذلك لا يرث لأَنه ليس بولد حقيقي.

والدَّعْوة: الحِلْفُ، وفي التهذيب: الدَّعوةُ الحِلْف. يقال: دَعْوة بني فلان

في بني فلان.

وتَداعَى البناءُ والحائط للخَراب إذا تكسَّر وآذَنَ بانْهِدامٍ.

وداعَيْناها عليهم من جَوانِبِها: هَدَمْناها عليهم. وتَداعَى الكثيب من الرمل

إذا هِيلَ فانْهالَ. وفي الحديث: كَمَثَلِ الجَسدَ إذا اشْتَكَى بعضهُ

تَداعَى سائرهُ بالسَّهَر والحُمَّى كأَن بعضه دعا بعضاً من قولهم

تَداعَت الحيطان أَي تساقطت أَو كادت، وتَداعَى عليه العدوّ من كل جانب:

أَقْبَلَ، من ذلك. وتَداعَت القبائلُ على بني فلان إذا تأَلَّبوا ودعا بعضهم

بعضاً إلى التَّناصُر عليهم. وفي الحديث: تَداعَتْ عليكم الأُمَم أَي

اجتمعوا ودعا بعضهم بعضاً. وفي حديث ثَوْبانَ: يُوشكُ أَن تَداعَى عليكم

الأُمَمُ كما تَداعَى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها. وتَداعَتْ إبلُ فلان فهي

مُتدَاعِيةٌ إذا تَحَطَّمت هُزالاً؛ وقال ذو الرمة:

تَباعَدْتَ مِنِّي أَن رأَيتَ حَمُولَتي

تَداعَتْ، وأَن أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ

والتَّداعِي في الثوب إذا أَخْلَقَ، وفي الدار إذا تصدَّع من نواحيها،

والبرقُ يَتَداعَى في جوانب الغَيْم؛ قال ابن أَحمر:

ولا بَيْضاءَ في نَضَدٍ تَداعَى

ببَرْقٍ في عَوارِضَ قد شَرِينا

ويقال: تَداعَت السحابةُ بالبرق والرَّعْد من كل جانب إذا أَرْعَدَت

وبَرَقَت من كل جهة. قال أَبو عَدْنان: كلُّ شيء في الأَرض إذا احتاجَ إلى

شيء فقد دَعا به. ويقال للرجل إذا أَخْلَقَت ثيابُه: قد دعَتْ ثِيابُكَ

أَي احْتَجْتَ إلى أَن تَلْبَسَ غيرها من الثياب. وقال الأَخفش: يقال لو

دُعيــنا إلى أَمر لانْــدَعَيــنا مثل قولك بَعَثْتُه فانْبَعَثَ، وروى

الجوهريّ هذا الحرف عن الأَخفش، قال: سمعت من العرب من يقول لو دَعَوْنا

لانْــدَعَيْــنا أَي لأَجَبْنا كما تقول لو بَعَثُونا لانْبَعَثْنا؛ حكاها عنه

أَبو بكر ابن السَّرَّاج. والتَّداعي: التَّحاجِي. وداعاهُ: حاجاهُ

وفاطَنَه.

والأُــدْعِيَّــةُ والأُدْعُوّةُ: ما يَتَداعَوْنَ به. سيبويه: صَحَّت

الواو في أُدْعُوّة لأَنه ليس هناك ما يَقْلِبُها، ومن قال أُــدْعِيَّــة

فلخِفَّةِ الياء على حَدِّ مَسْنِيَّة، والأُــدْعِيَّــة مِثْل الأُحْجِيَّة.

والمُداعاة: المُحاجاة. يقال: بينهم أُــدْعِيَّــة يَتَداعَوْنَ بها

وأُحْجِيَّة يَتَحاجَوْنَ بها، وهي الأُلْقِيَّة أَيضاً، وهي مِثْلُ الأُغْلُوطات

حتى الأَلْغازُ من الشعر أُــدْعِيَّــة مثل قول الشاعر:

أُداعِيكَ ما مُسْتَحْقَباتٌ مع السُّرَى

حِسانٌ، وما آثارُها بحِسانِ

أَي أُحاجِيكَ، وأَراد بالمُسْتَحْقَباتِ السُّيوفَ، وقد دَاعَيْتُه

أُدَاعِيهِ؛ وقال آخر يصف القَلَم:

حاجَيْتُك يا خَنْسا

ءُ، في جِنْسٍ من الشِّعْرِ

وفيما طُولُه شِبْرٌ،

وقد يُوفِي على الشِّبْرِ

له في رَأْسِهِ شَقٌّ

نَطُوفٌ، ماؤُه يَجْرِي

أَبِيِني، لَمْ أَقُلْ هُجْراً

ورَبِّ البَيْتِ والحِجْرِ

المغالطات الْعَامَّة الْوُرُود

المغالطات الْعَامَّة الْوُرُود: هِيَ الَّتِي يُمكن بهَا إِثْبَات الْمَطْلُوب وَإِثْبَات نقيضه. كَمَا يُقَال الْمُــدَّعِي ثَابت لِأَنَّهُ لَو لم يكن ثَابتا لَكَانَ نقيضه ثَابتا. وعَلى تَقْدِير أَن يكون نقيضه ثَابتا لَكَانَ شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا. فَلَزِمَ من هَذِه الْمُقدمَات هَذِه الشّرطِيَّة إِن لم يكن الْمُــدَّعِي ثَابتا لَكَانَ شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا. وينعكس بعكس النقيض إِلَى هَذَا إِن لم يكن شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا لَكَانَ الْمُــدَّعِي ثَابتا هَذَا خلف ضَرُورَة أَن الْمُــدَّعِي شَيْء من الْأَشْيَاء فعلى تَقْدِير أَن لَا يكون شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا لَو كَانَ الْمُــدَّعِي ثَابتا. لزم ثُبُوت الشَّيْء على تَقْدِير نَفْيه.
وللفضلاء الْمُحَقِّقين فِي حلهَا جوابات تركتهَا مَخَافَة الإطناب. وَالَّذِي خطر فِي خاطري الكليل. وذهني العليل. أَو أَن التعليقات على الرشيدية شرح الشريفية فِي آدَاب المناظرة أَن الشَّيْء فِي قَوْله لَكَانَ شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا وَإِن وَقع نكرَة لَكِن المُرَاد مِنْهُ نقيض الْمُــدَّعِي لَا مُطلق الشَّيْء كَمَا لَا يخفى. فعكس النقيض حِينَئِذٍ هَكَذَا إِن لم يكن نقيض الْمُــدَّعِي الَّذِي هُوَ شَيْء من الْأَشْيَاء ثَابتا لَكَانَ الْمُــدَّعِي ثَابتا. وَلَا مَحْذُور فِيهِ فَافْهَم.
ثمَّ لما نظرت فِي الْآدَاب الْبَاقِيَة وجدت فِي حل تِلْكَ المغالطة مَا هُوَ مُنَاسِب لذَلِك الْمَحْظُور. وَهُوَ أَن يُقَال لَا نسلم أَن تِلْكَ الشّرطِيَّة تنعكس بذلك الْعَكْس إِلَى هَذِه الشّرطِيَّة حَتَّى يلْزم الْخلف. كَيفَ والشيئان فِي الأَصْل وَالْعَكْس مُخْتَلِفَانِ بالخصوص والعموم بل تِلْكَ الشّرطِيَّة إِنَّمَا تنعكس بذلك الْعَكْس إِلَى قَوْلنَا إِن لم يكن ذَلِك الشَّيْء ثَابتا كَانَ الْمُــدَّعِي ثَابتا. وَبَين أَن هَذَا لَيْسَ بخلف فَتعين أَن مَوضِع الْغَلَط فِي المغالطة إِنَّمَا هُوَ الانعكاس إِلَى تِلْكَ الشّرطِيَّة فَتدبر انْتهى. أَقُول لَو سلمنَا أَنَّهَا تنعكس بذلك الْعَكْس لَا يلْزم الْمحَال أَيْضا لِأَن الشَّيْء هَا هُنَا لَيْسَ إِلَّا النقيض فَيكون الْمَعْنى كلما لم يكن نقيض من نقائض الشَّيْء ثَابتا كَانَ الْمُــدَّعِي ثَابتا وَهُوَ حق لَا ريب فِيهِ.

الدّعوى

الدّعوى:
[في الانكليزية] Law -suit ،suit ،trial ،claim
[ في الفرنسية] Proces ،poursuite ،reclamation
في اللغة قول يقصد به الإنسان إيجاب حقّه على غيره والإقرار عكسه يعني إخبار حقّ الغير على نفسه، والشهادة إخبار حقّ الغير على الغير. وعند الفقهاء هي إخبار عند القاضي أو الحكم يحق له أي للمخبر على غيره بحضوره أي بحضور ذلك الغير، فلو لم يكن هذا الإخبار عند القاضي أو الحكم أو لم يكن بحضور ذلك الغير لا يسمّى دعوى، والوصي والولي والوكيل نائبون عن الأصيل فيمكن أن يضاف الحق إلى هؤلاء فلا ينتقض الحدّ بدعوى هؤلاء، والمخبر بالكسر يسمّى مــدّعيــا وذلك الغير يسمّى مدّعى عليه. وبعضهم عرفهما بالحكم فقال المــدّعي من لا يجبر على المخاصمة أي لا يكره على طلب الحقّ لو تركها والمدّعى عليه من يجبر على هذه الخصومة، والجواب عنها فلا يشكل بوصي اليتيم فإنّه مدّعى عليه معنى فيما إذا أجبره القاضي على الخصومة لليتيم، وهذا معنى ما قيل من أنّ المــدّعي من إذا ترك ترك، والمدّعى عليه من يجبر إذا ترك. وقيل المــدّعي من يشتمل كلامه على الإثبات ولا يصير خصما بالتكلم بالنفي، والمدّعى عليه من يشتمل كلامه على النفي، فإذا قال الخارج لذي اليد هذا الشيء ليس لك لا يكون خصما ما لم يقل هو لي، وإذا قال ذو اليد ليس هذا لك كان خصما.
وقيل المــدّعي من لا يستحق إلّا بحجة كالخارج والمدّعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة؛ فإنّ ذا اليد إذا قال هولي كان مستحقا له ما لم يثبت الغير استحقاقه. وقيل المــدّعي من يلتمس غير الظاهر والمدّعى عليه من يتمسّك بالظاهر، فإذا ادّعى دينا على آخر فإنّه يلتمس أمرا غير ظاهر عارضا، والمدّعى عليه إذا أنكر كان متمسّكا بالأصل وهو براءة ذمته. وقيل المدّعى عليه هو المنكر، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي وغيرهما، وهذا يوافق الحديث المشهور أعني «البيّنة على المــدّعي واليمين على من أنكر» والفرق بين المــدعي والمدعى عليه من أهم مسائل كتاب الدعوى وربّما يصعب الفرق بين المــدّعي والمنكر لأنّه قد يكون شخص مــدّعيــا في الظاهر ومنكرا في الواقع، كما إذا قال المودع للمالك رددت الوديعة فإنّه وإن كان في الظاهر مــدّعيــا للرد لكنه منكر للضمان حقيقة، كذا في الهداية وغيرها.
وعند أهل المناظرة قضية تشتمل على الحكم المقصود إثباته بالدليل أو إظهاره بالتنبيه، والقاصد والمتصدي لذلك أي لإثبات الحكم أو لإظهاره يسمّى مــدّعيــا. فبقيد المقصود خرج قول الناقض بالنقض الإجمالي والمعارض فإنّه لا يسمّى بدعوى لأنهما ليسا مــدعيــين في عرفهم، لأنّهما لم يتصدّيا لإثبات الحكم أو لإظهاره من حيث إنّه إثبات أو إظهار، بل من حيث إنّه نفي لإثبات الحكم أو إظهاره تصدّى به المــدّعي، ومن حيث إنّه معارضة لدليله وإنّما لم يقل المقصود إثباته بالدليل أو التنبيه كما قيل من أنّ المــدّعي من نصب نفسه لإثبات الحكم بالدليل أو التنبيه لئلّا يرد أن التنبيه لا يفيد الإثبات. ثم المــدّعي إن شرع في الدليل اللّمّي يسمّى معللا بالكسر، وإن شرع في الدليل الإنّي يسمّى مستدلا. وقد يستعمل كل منهما مقام الآخر بمعنى المتمسك بالدليل مطلقا. اعلم أنّ الدعوى من حيث إنّه يرد عليه أو على دليله السؤال أو البحث يسمّى مسئلة ومبحثا، ومن حيث إنه يستفاد من الدليل نتيجة، ومن حيث إنه يقام عليه دليل مدّعى، ومن حيث إنه يحتمل الصدق والكذب يسمّى قضية وخبرا، ومن حيث إنّه إخبار عن الواقع حكاية، ومن حيث إنّه قد يكون كليا قاعدة وقانونا، هكذا يستفاد من الرشيدية وغيره.

الرب

الرَّبُّ: هو المالك أصله التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام. والربُّ مطلقاً لا يطلق إلى على الله سبحانه وتعالى، وعلى غيره بالإضافة نحو ربِّ الدار.
الرب
التحقيق اللغوي
مادة كلمة (الرب) : الراء والباء المضعَّفة
قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) 2/381: - 382 مادة (رب) : "الراء والياء يدل على أصول، فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه، فالرب: المالك، والخالق، والصاحب، والرب: المصلح للشيء..
والأصل الآخر: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول..،
والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء وهو أيضاً مناسب لما قبله: ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياساً واحداً.." اهـ، ومعناها الأصلي الأساسي: التربية، ثم تتشعب عنه معاني التصرف والتعهد والاستصلاح والإتمام والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني العلو والرئاسة والتملك والسيادة. ودونك أمثلة لاستعمال الكلمة في لغة العرب بتلك المعاني المختلفة: (1)
(1) التربية والتنشئة والإنماء:
يقولون (ربَّ الولد) أي ربّاه حتى أدرك فـ (الرّبيب) هو الصبي الذي تربيه و (الربيبة) الصبية. وكذلك تطلق الكلمتان على الطفل الذي يربى في بيت زوج أمه و (الربيبة) أيضاً الحاضنة ويقال (الرّابة) لامرأة الأب غير الأم، فإنها وإن لم تكن أم الولد، تقوم بتربيته وتنشئته. و (الراب) كذلك زوج الأم. (المربب) أو (المربى) هو الدواء الذي يختزن ويدّخر. و (رَبَّ يُربُّ ربَّاً) من باب نصر معناه الإضافة والزيادة والإتمام، فيقولون (ربَّ النعمة) : أي زاد في الإحسان وأمعن فيه.
(2) الجمع والحشد والتهيئة:
يقولون: (فلان يرب الناس) أي يجمعهم أو يجتمع عليه الناس، ويسمون مكان جمعهم (بالمرّبّ) و (التربُّب) هو الانضمام والتجمّع.
(3) التعهد والاستصلاح والرعاية والكفالة:
يقولون (رب ضيعة) أي تعهدّها وراقب أمرها. قال صفوان بن أمية لأبي سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، أي يكفلني ويجعلني تحت رعايته وعنايته. وقال علقمة بن عبدة:
وكنت امرءاً أفضت إليك ربابتي ... ... وقبلك ربتني فضيعت ربوب (2)
أي انتهى إليك الآن أمر ربابتي وكفالتي بعد أن رباني قبلك ربوب فلم يتعهدوني ولم يصلحوا شأني. ويقول الفرزدق:
كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنت ... ... سلاءها في أديم غير مربوب (3) أي الأديم الذي لم يليّن ولم يدبغ. ويقال (فلان يربب صنعته عند فلان) أي يشتغل عنده بصناعته ويتمرن عليها ويكسب على يده المهارة فيها.
(4) العلاء والسيادة والرئاسة وتنفيذ الأمر والتصرف:
يقولون (قد ربّ فلان قومه) : أي ساسهم وجعلهم ينقادون له. و (ربيت القوم) أي حكمتهم وسدتهم، ويقول لبيد بن ربيعة:
وأهلكن يوماً رب كندة وابنه ... وربَّ معد بين خبث وعرعر (1)
والمراد برب كندة ههنا سيد كندة ورئيسهم. وفي هذا المعنى يقول النابغة الذبياني:
تخُبٌّ إلى لانعمان حتى تناله ... فدىً لك من ربٍ تليدي وطارفي (2)
(5) التملك:
قد جاء في الحديث أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً "أرب غنم أم رب ابل؟، أي أمالك غنم أنت أم مالك ابل؟ وفي هذا المعنى يقال لصاحب البيت (رب الدار) وصاحب الناقة: (رب الناقة) ومالك الضيعة: (رب الضيعة) وتأتي كلمة الرب بمعنى السيد أيضاً فتستعمل بمعنى ضد العبد أو الخادم.
هذا بيان ما يتشعب من كلمة (الرب) من المعاني. وقد أخطأوا لعمر الله حين حصروا هذه الكلمة في معنى المربي والمنشئ، ورددوا في تفسير (الربوبية) هذه الجملة (هو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام) . والحق أن ذلك إنما هو معنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة. وبإنعام النظر في سعة هذه الكلمة واستعراض معانيها المتشعبة يتبين أن كلمة (الرب) مشتملة على جميع ما يأتي بيانه من المعاني:
المربي الكفيل بقضاء الحاجات، والقائم بأمر التربية والتنشئة.
الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال.
السيد الرئيس الذي يكون في قومه كالقطب يجتمعون حوله. السيد المطاع، والرئيس وصاحب السلطة النافذ الحكم، والمعترف له بالعلاء والسيادة، والمالك لصلاحيات التصرف.
الملك والسيد.



استعمال كلمة (الرب) في القرآن
وقد جاءت كلمة (الرب) في القرآن بجميع ما ذكرناه آنفاً من معانيها. ففي بعض المواضع أريد بها معنى أو معنيان من تلك المعاني. وفي الأخرى أريد بها أكثر من ذلك. وفي الثالثة جاءت الكلمة مشتملة على المعاني الخمسة بأجمعها في آن واحد. وها نحن نبين ذلك بأمثلة من آي الذكر الحكيم.

بالمعنى الأول
(قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) (1) (يوسف: 23)

بالمعنى الثاني وباشتراك شيء من تصور المعنى الأول.
(فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين. الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين) (الشعراء: 77-80)
(وما بكم من نعمة فمن الله، ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون، ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) (النحل: 53-54)
(قل أغير الله أبغي رباً وهو ربُّ كل شيء) (الأنعام: 164)
(ربُّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً) (المزمل: 9)

بالمعنى الثالث (هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
(ثم إلى ربكم مرجعكم) (الزمر: 7)
(قل يجمع بيننا ربنا) (سبأ: 26)
(وما من دابةً في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربّهم يُحشرون) (الأنعام: 38)
(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون) (يس: 51)

بالمعنى الرابع وباشتراك بعض تصور المعنى الثالث.
(اتّخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة: 31)
(ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
والمراد بالأرباب في كلتا الآيتين الذين تتخذهم الأمم والطوائف هداتها ومرشديها على الإطلاق. فتذعن لأمرهم ونهيهم، وتتبع شرعهم وقانونهم، وتؤمن بما يحلون وما يحرمون بغير أن يكون قد أنزل الله تعالى به من سلطان، وتحسبهم فوق ذلك أحقاء بأن يأمروا وينهوا من عند أنفسهم.
(أما أحدكما فيسقي ربه خمراً) .. (وقال للذي ظنّ أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه) .. (فلما جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربي بكيدهنّ عليم) (يوسف: 41، 42، 50)
قد كرر يوسف عليه السلام في خطابه لأهل مصر في هذه الآيات تسمية عزيز مصر بكلمة (ربهم) فذلك لأن أهل مصر بما كانوا يؤمنون بمكانته المركزية وبسلطته العليا، ويعتقدون أنه مالك الأمر والنهي، فقد كان هو ربهم في واقع الأمر، وبخلاف ذلك لم يُرد يوسف عليه السلام بكلمة (الرب) عندما تكلم بها بالنسبة لنفسه إلا الله تعالى فإنه لم يكن يعتقد فرعون، بل الله وحده المسيطر القاهر ومالك الأمر والنهي.

بالمعنى الخامس:
(فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ) (قريش: 3-4)
(سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون) (الصافات: 180)
(فسبحان الله ربِّ العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22)
(قل من ربُّ السماوات السبع وربُّ العرش العظيم) (المؤمنون: 86) (رب السماوات والأرض وما بينهما وربُّ المشارق) (الصافات: 5)
(وأنه هو رب الشِّعرى) (النجم: 49)



تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية
ومما تقدم من شواهد آيات القرآن، تتجلى معاني كلمة (الرب) كالشمس ليس دونهما غمام. فالآن يجمل بنا أن ننظر ماذا كانت تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية، ولماذا جاء القرآن ينقضها ويرفضها، وما الذي يدعو إليه القرآن الكريم؟ ولعل من الأجدر بنا في هذا الصدد أن نتناول كل أمة من الأمم الضالة التي ذكرها القرآن منفصلة بعضها عن بعض، فنبحث في عقائدها وأفكارها حتى يستبين الأمر ويخلص من كل لبس أو إبهام.

قوم نوح عليه السلام
إن أقدم أمة في التاريخ يذكرها القرآن هي أمة نوح عليه السلام، ويتضح مما جاء فيه عن هؤلاء القوم أنهم لم يكونوا جاحدين بوجود الله تعالى، فقد روى القرآن نفسه قولهم الآتي في ردّهم على دعوة نوح عليه السلام:
(ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يريدُ أن يتفضل عليكم، ولو شاء الله لأنزل ملائكة) ... (المؤمنون: 24)
وكذلك لم يكونوا يجحدون كون الله تعالى خالق هذا العالم، وبكونه رباً بالمعنى الأول والثاني، فإنه لما قال لهم نوح عليه السلام
(هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
و (استغفروا ربكم إنه، كان غفاراً) و (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً والله أنبتكم من الأرض نباتاً) (نوح: 10، 15، 16، 17)
لم يقم أحد منهم يرد على نوح قوله ويقول: ليس الله بربنا، أوليس الله بخالق الأرض والسماء ولا بخالقنا نحن، أو ليس هو الذي يقوم بتدبير الأمر في السماوات والأرض.
ثم إنهم لم يكونوا جاحدين أن الله إلهٌ لهم. ولذلك دعاهم نوح عليه السلام بقوله: (ما لكم من إله غيره) فإن القوم لو كانوا كافرين بألوهية الله تعالى، إذاً لكانت دعوة نوح إياهم غير تلك الدعوة وكان قوله عليه السلام حينئذ من مثل "يا قوم! اتخذوا الله إلهاً) . فالسؤال الذي يخالج نفس الباحث في هذا المقام هو: أي شيء كان إذاً موضوع النزاع بينهم وبين نبيهم نوح عليه السلام. وإننا إذاً أرسلنا النظر لأجل ذلك في آيات القرآن وتتبعناها، تبين لنا أنه لم يكن موضوع النزاع بين الجانبين إلا أمرين اثنين: أولهما أن نوحاً عليه السلام كان يقول لقومه: إن الله الذي هو رب العالمين والذي تؤمنون بأنه هو الذي قد خلقكم وخلق هذا العالم جميعاً، وهو الذي يقضي حاجاتكم، هو في الحقيقة إلهكم الواحد الأحد ولا إله إلا هو، وليس لأحد من دونه أن يقضي لكم الحاجات ويكشف عنكم الضر ويسمع دعواكم ويغيثكم، ومن ثم يجب عليكم ألا تعبدوا إلا إياه ولا تخضعوا إلا له وحده.
(يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 59)
(ولكني رسولٌ من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي) (الأعراف: 61-62)
وكان قومه بخلاف ذلك مصرين على قولهم بأن الله هو رب العالمين دون ريب. إلا أن هناك آلهة أخرى لها أيضاً بعض الدخل في تدبير نظام هذا العالم، وتتعلق بهم حاجاتنا، فلا بد أن نؤمن بهم كذلك آلهة لنا مع الله:
(وقالوا لا تذرنُّ آلهتكم ولا تذرنّ وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) (نوح: 23) وثانيهما أن القوم لم يكونوا يؤمنون بربوبية الله تعالى إلا من حيث إنه خالقهم، جميعاً ومالك الأرض والسماوات، ومدبر أمر هذا العالم، ولم يكونوا يقولون بأنه وحده هو الحقيق – كذلك- بأن يكون له الحكم والسلطة القاهرة في أمور الأخلاق والاجتماع والمدنية والسياسة وسائر شؤون الحياة الإنسانية، وبأنه وحده أيضاً هادي السبيل وواضع الشرع ومالك الأمر والنهي، وبأنه وحده يجب كذلك أن يتبع. بل كانوا قد اتخذوا رؤساءهم وأحبارهم أرباباً من دون اله في جميع تلك الشؤون. وكان يدعوهم نوح عليه السلام – بخلاف ذلك إلى ألا يجعلوا الربوبية يتقسمها أرباب متفرقة بل عليهم أن يتخذوا الله تعالى وحده رباً بجميع ما تشتمل عليه كلمة (الرب) من المعاني وأن يتبعوه ويطيعوه فيما يبلغهم من أوامر الله تعالى وشيعته نائباً عنهن فكان يقول لهم:
(إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله واطيعون) (الشعراء: 107- 108)

عاد قوم هود
ويذكر القرآن بعد قوم نوح عاداً قوم هود عليه السلام. ومعلوم أن هذه الأمة أيضاً لم تكن جاحدة بوجود الله تعالى، وكذلك لم تكن تكفر بكونه إلهاً. بل كانت تؤمن بربوبية الله تعالى بالمعاني التي كان يؤمن بها قوم نوح عليه السلام. أما النزاع بينها وبين نبيها هود عله السلام فلم يكن إلا حول الأمرين الاثنين اللذين كان حولهما نزاع بين نوح عليه السلام وقومه يدل على ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية دلالة واضحة:
(وإلى عادٍ أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 65)
(قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا) (الأعراف: 70)
(قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكةً) ... (فصلت: 11)
(وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمرَ كل جبّارٍ عنيد) (هود: 59)

ثمود قوم صالح ويأتي بعد ذلك ثمود الذين كانوا أطغى الأمم وأعصاها بعد عاد وهذه الأمة أيضاً كان ضلالها كضلال قومي نوح وهود من حيث الأصل والمبدأ فما كانوا جاحدين بوجود الله تعالى ولا كافرين بكونه إلهاً ورباً للخلق أجمعين. وكذلك ما كانوا يستنكفون عن عبادته والخضوع بين يديه، بل الذي كانوا يجحدونه هو أن الله تعالى هو الإله الواحد، وأنه لا يستحق العبادة إلا هو، وأن الربوبية خاصة له دون غيره بجميع معانيها. فإنهم كانوا مصرين على إيمانهم بآلهة أخرى مع الله وعلى اعتقادهم أن أولئك يسمعون الدعاء، ويكشفون الضر ويقضون الحاجات، وكانوا يأبون إلا أن يتبعوا رؤساءهم وأحبارهم في حياتهم الخلقية والمدنية، ويستمدوا منهم بدلاً من الله تعالى شرعهم وقانون حياتهم. وهذا هو الذي أفضى بهم في آخر الأمر إلى أن يصبحوا أمة مفسدة، فأخذهم من الله عذاب أليم ويبين كل ذلك ما يأتي من آيات القرآن الحكيم.
(فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون) (حم: السجدة 13-14)
(وإلى ثمود أخاهم صالحاً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (هود: 61)
(قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّاً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا)
(إذ قال لهم أخوهم صالحٌ ألا تتقون. إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله وأطيعون) (الشعراء: 151-144)
(ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) (الشعراء: 151-152)

قوم إبراهيم ونمورد ويتلو ثمود قوم إبراهيم عليه السلام. ومما يجعل أمر هذه الأمة أخطر وأجدر بالبحث، أن قد شاع خطأ بين الناس عن ملكها نمرود، أنه كان يكفر بالله تعالى ويــدعي الألوهية. والحق أنه كان يؤمن بوجود الله تعالى ويعتقد بأنه خالق هذا العالم ومدبر أمره، ولم يكن يــدعي الربوبية إلا بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وكذلك قد فشا بين الناس خطأ أن قوم إبراهيم عليه السلام هؤلاء ما كانوا يعرفون الله ولا يؤمنون بألوهيته وربوبيته. إنما الواقع أن أمر هؤلاء القوم لم يكن يختلف في شيء عن أمر قوم نوح وعاد وثمود. فقد كانوا يؤمنون بالله ويعرفون أنه هو الرب وخالق الأرض والسماوات ومدبر أمر هذا العالم، وما كانوا يستنكفون عن عبادته كذلك. وأما غيّهم وضلالهم فهو أنهم كانوا يعتقدون أن الأجرام الفلكية شريكة مع الله في الربوبية بالمعنى الأول والثاني ولذلك كانوا يشركونها بالله تعالى في الألوهية. وأما الربوبية بالمعنى الثالث والرابع والخامس فكانوا قد جعلوها خاصة لملوكهم وجبابرتهم. وقد جاءت نصوص القرآن في ذلك من الوضوح والجلاء بحيث يتعجب المرء: كيف لم يدرك الناس هذه الحقيقة وقصروا عن فهمها؟. وهيا بنا ننظر قبل كل شيء في الحادث الذي حدث لإبراهيم – عليه السلام- عند أول ما بلغ الرشد؛ والذي يصف فيه القرآن كيفية سعي إبراهيم وراء الوصول إلى الحق:
(فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، قال هذا ربي؛ فلما أفل، قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغاً، قال هذا ربي، فلما أفلَ قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة، قال هذا ربي، هذا أكبر؛ فلما أفلت قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون. إني وجهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين) (الأنعام: 76-79)
فيتبين واضحاً من الآيات المخطوط تحتها أن المجتمع الذي نشأ فيه إبراهيم عليه السلام، كان يوجد عنده تصور فاطر السماوات والأرض وتصوُّر كونه رباً منفصلاً عن تصوّر ربوبية السيارات السماوية. ولا عجب في ذلك، فقد كان القوم من ذرية المسلمين الذين كانوا قد آمنوا بنوح عليه السلام، وكان الدين الإسلامي لم يزل يحيا وُيجدد فيمن داناهم في القرب والقرابة من أمم عاد وثمود، على أيدي الرسل الكرام الذين توالوا عليها كما قال عزّ وجل: (جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) . فعلى ذلك كان إبراهيم عليه السلام أخذ تصور كون الله رباً وفاطراً للسماوات والأرض عن بيئته التي نشأ فيها. وأما التساؤل الذي كان يخالج نفسه فهو عن مبلغ الحق والصحة فيما شاع بين قومه من تصوّر كون الشمس والقمر والسيارات الأخرى شريكة مع الله في نظام الربوبية حتى أشركوها بالله تعالى في العبادة (1) .فجدّ إبراهيم عليه السلام في البحث عن جوابه قبل أن يصطفيه الله تعالى للنبوة، حتى أصبح نظام طلوع السيارات السماوية وأفولها هادياً له إلى الحق الواقع وهو أنه لا رب إلا فاطر السماوات والأرض. ولأجل ذلك تراه يقول عند أفول القمر: لئن لم يهدني ربي لأخافنَّ أن أبقى عاجزاً عن الوصول إلى الحق وانخدع بهذه المظاهر التي لا يزال ينخدع بها ملايين من الناس من حولي. ثم لما اصطفاه الله تعالى لمنصب النبوة
أخذ في دعوة قومه إلى الله، فإنك ترى بالتأمل في الكلمات التي كان يعرض بها دعوته على قومه أن ما قلناه آنفاً يزداد وضوحاً وتبياناً:
(وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً) (الأنعام – 81)
(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) (مريم – 48)
(قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهنّ) (الأنبياء – 56)
(قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم) (الأنبياء – 66)
(إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون. أأفكاً آلهةً دون الله تريدون. فما ظنّكم بربِّ العالمين) (الصافات: 85- 87)
(إنّا بُرآءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) (الممتحنة: 4)
فيتجلى من جميع الأقوال لإبراهيم عليه السلام أنه ما كان يخاطب بها قوماً لا يعرفون الله تعالى ويجحدون بكونه إله الناس ورب العالمين أو أذهانهم خالية من كل ذلك، بل كان بين يديه قوم يشركون بالله تعالى آلهة أخرى في الربوبية بمعناها الأول والثاني وفي الألوهية. ولذلك لا ترى في القرآن الكريم قولاً واحداً لإبراهيم عليه السلام قد قصد به إقناع أمته بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً للعالمين، بل الذي تراه يدعو أمته إليه في كل ما يقول هو أن الله سبحانه وتعالى هو وحده الرب والإله.
ثم لنستعرض أمر نمرود. فالذي جرى بينه وبين إبراهيم عليه السلام من الحوار، قصه القرآن في ما يأتي من الآيات:
(ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر) (البقرة – 258)
أنه ليتضح جلياً من هذا الحوار بين النبي وبين نمرود أنه لم يكن النزاع بينهما في وجود الله تعالى أو عدمه وإنما كان في أنه من ذا يعتقده إبراهيم عليه السلام رباً؟ كان نمرود من أمة كانت تؤمن بوجود لله تعالى، ثم لم يكن مصاباً بالجنون واختلال العقل حتى يقول هذا القول السخيف البين الحمق: "إني فاطر السماوات والأرض ومدبر سير الشمس والقمر" فالحق أنه لم تكن دعواه أنه هو الله ورب السماوات والأرض وغنما كانت أنه رب المملكة التي كان إبراهيم –عليه السلام- أحد أفراد رعيتها. ثم أنه لم يكن يــدعي الربوبية لتلك المملكة بمعناها الأول والثاني، فإنه كان يعتقد بربوبية الشمس والقمر وسائر السيارات بهذين المعنيين، بل كان يــدعي الربوبية لمملكته بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وبعبارة أخرى كانت دعواه أنه مالك تلك المملكة، وأن جميع أهاليها عبيد له، وأن سلطته المركزية أساس لاجتماعهم، وأمره قانون حياتهم. وتدل كلمات (أن آتاه الله الملك) دلالة صريحة على أن دعواه للربوبية كان أساسها التبجح بالملكية. فلما بلغه أن قد ظهر بين رعيته رجل يقال له إبراهيم، لا يقول بربوبية الشمس والقمر ولا السيارات الأخرى في دائرة ما فوق الطبيعة، ولا هو يؤمن بربوبية صاحب العرش في دائرة السياسة والمدنية، استغرب الأمر جداً فدعا إبراهيم عليه السلام فسأله: من ذا الذي تعتقده رباً؟ فقال إبراهيم عليه السلام بادئ ذي بدء: "ربي الذي يحيي ويميت يقدر على إماتة الناس وإحيائهم! " فلم يدرك نمرود غور الأمر فحاول أن يبرهن على ربوبيته بقوله: "وأنا أيضاً أملك الموت والحياة، فأقتل من أشاء وأحقن دم من أريد! .." هنالك بين له إبراهيم عليه السلام أنه لا رب عنده إلا الله الذي لا رب سواه بجميع معاني الكلمة، وأنى يكون لأحد غيره شرك في الربوبية وهو لا سلطان له على الشمس في طلوعها وغروبها؟! وكان نمرود رجلاً فطناً، فما أن سمع من إبراهيم عليه السلام هذا الدليل القاطع
حتى تجلت له الحقيقة، وتفطن لأن دعواه للربوبية في ملكوت الله تعالى بين السموات والأرض إن هي إلا زعم باطل وادعاء فارغ فبهت ولم ينبس ببنت شفة. إلا انه قد كان بلغ منه حب الذات واتباع هوى النفس وإيثار مصالح العشيرة، مبلغاً لم يسمح له بأن ينزل عن ملكيته المستبدة ويئوب إلى طاعة الله ورسوله، مع أنه قد تبين له الحق والرشد. فعلى ذلك قد أعقب الله تعالى هذا الحوار بين النبي ونمرود بقوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين) والمراد أن نمرود لما لم يرض أن يتخذ الطريق الذي كان ينبغي له أن يتخذه بعدما تبين له الحق، بل آثر أن يظلم الخلق ويظلم نفسه معهم، بالإصرار على ملكيته المستبدة الغاشمة لم يؤته الله تعالى نوراً من هدايته، ولم يكن من سنة الله أن يهدي إلى سبيل الرشد من كان لا يطلب الهداية من تلقاء نفسه.

قوم لوط عليه السلام
ويعقب قوم إبراهيم في القرآن قوم لوط، الذين بعث لهدايتهم وإصلاح فسادهم لوط بن أخي إبراهيم عليهما السلام -. ويدلنا القرآن الكريم أن هؤلاء أيضاً ما كانوا متنكرين لوجود الله تعالى ولا كانوا يجحدون بأنه هو الخالق والرب بالمعنى الأول والثاني. أما الذي كانوا يأبونه ولا يقبلونه فهو الاعتقاد بأن الله هو الرب المعنى الثالث والرابع والخامس، والإذعان لسلطة النبي من حيث كونه نائباً من عند الله أميناً. ذلك بأنهم كانوا يبتغون أن يكونوا أحراراً مطلقي الحرية يتبعون ما يشاؤون من أهوائهم ورغباتهم وتلك كانت جريمتهم الكبيرة التي ذاقوا من جرائها أليم العذاب. ويؤيد ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية:
(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسولٌ أمينٌ. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إنْ أجري إلا على رب العالمين. أتأتون الذُّكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون) (الشعراء: 161 – 166) وبديهي أن مثل هذا القول لم يكن ليخاطب به إلا قوم لا يجدون بوجود الله تعالى وبكونه خالقاً ورباً لهذا العالم؟ فأنت ترى أنهم لا يجيبون لوطاً عليه السلام بقول من مثل: "ما الله؟ " من أين له أن يكون خالقاً للعالم؟ " أو "أنى له أن يكون ربنا ورب الخلق أجمعين؟ " بل تراهم يقولون:
(لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين) (الشعراء: 167)
وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحديث في موضع آخر بالكلمات الآتية:
(ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) (العنكبوت: 28-29)
أفيجوز أن يكون هذا جواب قوم ينكرون وجود الله تعالى؟. لا والله ومن ذلك يتبين أن جريمتهم الحقيقية لم تكن إنكار ألوهية الله تعالى وربوبيته، بل كانت جريمتهم أنهم على إيمانهم بالله تعالى إلهاً ورباً فيما فوق العالم الطبيعي، كانوا يأبون أن يطيعوه ويتبعوا قانونه في شؤونه الخلقية والمدنية والاجتماعية، يمتنعون من أن يهتدوا بهدي نبيه لوط عليه السلام.

قوم شعيب عليه السلام ولنذكر في الكتاب بعد ذلك أهل مدين وأصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب عليه السلام. ومما نعرف عن أمرهم أنهم كانوا من ذرية إبراهيم عليه السلام. إذن لا حاجة إلى أن نبحث فيهم: هل كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً أم لا؟ إنهم كانوا في حقيقة الأمر أمة نشأت على الإسلام في بداية أمرها، ثم أخذت بالفساد بما أصاب عقائدها من الانحلال وأعمالها من السوء. ويبدو مما جاء عنهم في القرآن كأن القوم كانوا بعد ذلك كله يدّعون لأنفسهم الإيمان، فإنك ترى شعيباً عليه السلام يكرر لهم القول: يا قوم اعملوا كذا وكذا إن كنتم مؤمنين وفي خطاب شعيب عليه السلام لقومه وأجوبة القوم له دلالة واضحة على أنهم كانوا قوماً يؤمنون بالله وينزلونه منزلة الرب والمعبود. ولكنهم كانوا قد تورطوا في نوعين من الضلال: أحدهما أنهم كانوا أصبحوا يعتقدون الألوهية والربوبية في آلهة أخرى مع الله تعالى، فلم تعد عبادتهم خالصة لوجه الله، والآخر أنهم كانوا يعتقدون أن ربوبية الله لا مدخل لها في شؤون الحياة الإنسانية من الأخلاق والاجتماع والاقتصاد والمدنية والسياسة، وعلى ذلك كانوا يزعمون أنهم مطلقوا العنان في حياتهم المدنية ولم أن يتصرفوا في شؤونهم كيف يشاؤون، ويصدق ذلك ما يأتي من الآيات:
(وإلى مدين أخاهم شعيباً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينةٌ من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين) (الأعراف: 85)
(وإنْ كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلتُ به وطائفةٌ لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خيرُ الحاكمين) (الأعراف: 87) (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ. قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاءُ إنكَ لأنت الحليم الرشيد) (هود: 85-87)
والعبارات الأخيرة المخطوط تحتها خصوصية الدلالة على ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية والألوهية.

فرعون وآله
وهيا بنا ننظر الآن في قصة فرعون وآله، فمن قد شاع عنهم في الناس من الأخطاء والأكاذيب أكثر مما شاع فيهم عن نمرود وقومه. فالظن الشائع أن فرعون لم يكن منكراً لوجود الله تعالى فحسب، بل كان يــدعي الألوهية لنفسه أيضاً. ومعناه أن قد بلغت منه السفاهة أنه كان يجاهر على رؤوس الناس بدعوى أنه فاطر السماوات والأرض، وكانت أمته من البله والحماقة أنها كانت تؤمن بدعواه تلك. والحق الواقع الذي يشهد به القرآن والتاريخ هو أن فرعون لم يكن يختلف ضلاله في باب الألوهية والربوبية عن ضلال نمرود، ولا كان يختلف ضلال آله عن ضلال قوم نمرود. وإنما الفرق بين هؤلاء وأولئك أنه قد كان نشأ في آل فرعون لبعض الأسباب السياسية عناد وتعصب وطني شديد على بني إسرائيل، فكانوا لمجرد هذا العناد يمتنعون من الإيمان بألوهية الله وربوبيته، وإن كانت قلوبهم تعترف بها شأن أكثر الملحدين الماديين في عصرنا هذا.
وبيان هذا الإجمال أنه لما استتبت ليوسف عليه السلام السلطة على مصر، استفرغ جهده في نشر الإسلام وتعاليمه بينهم. ورسم على أرضه من ذلك أثراً محكماً لم يقدر على محوه أحد إلى القرون. وأهل مصر وإن لم يكونوا إذ ذاك قد آمنوا بدين الله عن بكرة أبيهم، إلا أنه لا يمكن أن يكون قد بقي فيهم من لم يعرف وجود الله تعالى ولم يعلم أنه هو فاطر السماوات والأرض. وليس الأمر يقف عند هذا بل الحق أن كان تم للتعاليم الإسلامية من النفوذ والتأثير في كل مصري ما جعله – على الأقل – يعتقد بأن الله إله الآلهة رب الأرباب فيما فوق العالم الطبيعي ولم يبق في تلك الأرض من يكفر بألوهية الله تعالى. وأما الذين كانوا قد أقاموا على الكفر، فكانوا يجعلون مع الله شركاء في الألوهية والربوبية. وكانت تأثيرات الإسلام المختلفة هذه في نفوس أهل مصر باقية إلى الزمن الذي بعث فيه موسى عليه السلام (1) . والدليل على ذلك تلك الخطبة التي ألقاها أمير من الأقباط في مجلس فرعون. وذلك أن
فرعون حينما أبدى إرادته في قتل موسى عليه السلام، لم يصبر عليه هذا الأمير القبطي من أمراء مجلسه، وكان قد أسلم وأخفى إسلامه، ولم يلبث أن قام يخطب:
(أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذاب. يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) .
(يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب. مثل داب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم) .
(ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً) .. (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار) . (غافر – 28 – 31 – 34 – 41- 42)
وتشهد هذه الخطبة من أولها إلى آخرها بأنه لم يزل أثر شخصية النبي يوسف عليه السلام باقياً في نفوس القوم إلى ذلك الحين، وقد مضت على عهده قرون متعددة. وبفضل ما علمهم هذا النبي الجليل، لم يكونوا قد بلغوا من الجهالة ألا يعلموا شيئاً عن وجود الله تعالى، أو ألا يعرفوا أنه الرب والإله، وأن سيطرته وسلطته غالبة على قوى الطبية في هذا العالم، وأن غضبه مما يخاف ويتقى. ويتضح أيضاً من آخر هذه الخطبة أن أمة فرعون لم تكن تجحد بألوهية الله وربوبيته جحوداً باتاً، وإنما كان ضلالها كضلال الأمم الأخرى مما ذكرناه آنفاً – أي كانت هذه الأمة أيضاً تشرك بالله تعالى في صفتي الألوهية والربوبية وتجعل له فيهما أنداداً.
أما مثار الشبهة في أمر فرعون فهو سؤاله لموسى عليه السلام (وما رب العالمين) حينما سمع منه: (إنا رسول رب العالمين!) ثم قوله لصاحبه هامان: (ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى) ووعيده لموسى عليه السلام: (لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) ، وإعلانه لقومه: (أنا ربكم الأعلى) وقوله لملئه: (لا أعلم لكم من إله غيري) . – فمثل هذه الكلمات التي قالها فرعون قد خيلت إلى الناس أنه كان ينكر وجود الله تعالى وكان فارغ الذهن من تصور رب العالمين، ويزعم لنفسه أنه الإله الواحد، ولكن الواقع الحق أنه لم يكن يــدعي ذلك كله إلا بدافع من العصبية الوطنية. وذلك أنه لم يكن الأمر في زمن النبي يوسف عليه السلام قد وقف على أن شاعت تعاليم الإسلام في ربوع مصر بفضل شخصيته القوية الجليلة، بل جاوز ذلك إلى أن تمكن لبني إسرائيل نفوذ بالغ في الأرض مصر تبعاً لما تهيأ ليوسف عليه السلام من السلطة والكلمة النافذة في حكومة مصر. فبقيت سلطة بني إسرائيل مخيمة على القطر المصري إلى ثلاثمائة سنة أو أربعمائة. ثم أخذ يخالج صدور المصريين من العواطف الوطنية والقومية ما جعلهم يتعصبون على بني إسرائيل، واشتد الأمر حتى الغوا سلطة الإسرائيليين ونفوذهم إلغاء. فتولى الأمر بعدهم الأسر المصرية الوطنية وتتابعت في الحكم. وهؤلاء الملوك الجدد لما أمسكوا زمام الأمر لم يقتصروا على إخضاع بني إسرائيل وكسر شوكتهم، بل تعدوه إلى أن حاولوا محو كل أثر من آثار العهد اليوسفي في مصر وإحياء تقاليد ديانتهم الجاهلية. فلما بعث إليهم في تلك الآونة موسى عليه السلام، خافوا على غلبتهم وسلطتهم أن تنتقل من أيديهم إلى أيدي بني إسرائيل مرة أخرى. فلم يكن يبعث فرعون إلا هذا العناد واللجاج على أن يسأل موسى عليه السلام ساخطاً متبرماً: وما رب العالمين؟ ومن يمكن أن يكون إلهاً غيري؟ وهو في الحقيقة لم يكن جاهلاً وجود رب العالمين. وتتضح هذه
الحقيقة كأوضح ما يكون مما جاء في القرآن الكريم من أحاديثه وأحاديث ملئه وخطب موسى عليه السلام. فيقول فرعون – مثلا – تأكيداً لقوله إن موسى عليه السلام ليس برسول الله.
(فلولا ألقي عليه أسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين) (الزخرف: 53)
أفكان لرجل فارغ الذهن من وجود الله تعالى والملائكة أن يقول هذا القول وفي موضع آخر يقص القرآن الحوار الآتي بين فرعون وبين النبي موسى عليه السلام:
(فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحوراً. قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مبثوراً) (بني إسرائيل: 101-102)
وفي محل آخر يظهر الله تعالى ما في صدور قوم فرعون بقوله:
(فلما جاءتهم آياتنا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبينٌ وجحدوا واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) (النمل: 13-14)
ويصور لنا القرآن نادياً آخر جمع موسى عليه السلام وآل فرعون بهذه الآية:
(قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذابٍ وقد خاب من افترى. فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما بطريقتكم المثلى) (طه: 61-63)
والظاهر أنه لم يكن قام النزاع ونشأ الأخذ والرد بينهم وبين نبيهم موسى عليه السلام حين أنذرهم عذاب الله ونبههم على سوء مآل ما كانوا يفترون، إلا لأنهم قد كان في قلوبهم ولاشك بقية من أثر عظمة الله تعالى وجلاله وهيبته ولكن حاكمهم الوطنيين لما أنذروهم بخطر الانقلاب السياسي العظيم، وحذروهم عاقبة اتباعهم لموسى وهارون، وهي عودة غلبة الإسرائيليين على أبناء مصر، قست قلوبهم واتفقوا جميعاً على مقاومة النبيين. وبعد ما قد تبين لنا من هذه الحقيقة، من السهل علينا أن نبحث: ماذا كان مثار النزاع بين موسى عليه السلام وفرعون، وماذا كانت حقيقة ضلاله وضلال قومهن وبأي معاني كلمة (الرب) كان فرعون يــدعي لنفسه الألوهية والربوبية. فتعال نتأمل لهذا الغرض ما يأتي من الآيات بالتدريج.
1- إن الذين كانوا يلحون من ملأ فرعون على حسم دعوة موسى عليه الصلاة والسلام واستئصالها من أرض مصر، يخاطبون فرعون لبعض المناسبات ويسألونه:
(أتذرُ موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذركم وآلهتكَ) (الأعراف: 127)
وبخلاف ذلك يناديهم الذي كان قد آمن بموسى عليه السلام:
(تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ) (المؤمن: 42)
فإذا نظرنا في هاتين الآيتين وأضفنا إليهما ما قد زودنا به التاريخ وآثار الأمم القديمة أخيراً من المعلومات عن أهالي مصر زمن فرعون، يتجلى لنا أن كلاً من فرعون وآله كانوا يشركون بالله تعالى في المعنى الأول والثاني لكلمة (الرب) ويجعلون معه شركاء من الأصنام ويعبدونها. والظاهر أن فرعون لو كان يــدعي لنفسه الربوبية فيما فوق العالم الطبيعي، أي لو كان يــدعي أنه هو الغالب المتصرف في نظام الأسباب في هذا العالم، وأنه لا إله ولا رب غيره في السماوات والأرض، ولم يعبد الآلهة الأخرى أبداً (1)
(2) أما كلمات فرعون هذه التي قد وردت في القرآن:
(يا أيها الملأ ما علمتُ لكم من إله غيري) (القصص: 38)
(لئن اتّخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 29)
فليس المراد بذلك أن فرعون كان ينفي جميع ما سواه من الآلهة. وإنما كان غرضه الحقيقي من ذلك رد دعوة موسى عليها لسلام وإبطالها. ولما كان موسى عليه السلام – يدعو إلى إله لا تنحصر ربوبيته في دائرة ما فوق الطبيعة فحسب، بل هو كذلك مالك الأمر والنهي، وذو القوة والسلطة القاهرة بالمعاني السياسية والمدنية، قال فرعون لقومه: يا قوم لا أعلم لكم مثل ذلك الإله غيري، وتهدد موسى عليه السلام، أنه إن اتخذ من دونه إلهاً ليلقينّه في السجن.
ومما يعلم كذلك من هذه الآيات، وتؤيده شواهد التاريخ وآثار الأمم القديمة، أن فراعنة مصر لم يكونوا يدعون لأنفسهم مجرد الحاكمية المطلقة، بل كانوا يدعون كذلك نوعاً من القداسة والتنزه بانتسابهم إلى الآلهة والأصنام، حرصاً منهم على أن يتغلغل نفوذهم في نفوس الرعية ويستحكم استيلاؤهم على أرواحهم. ولم تكن الفراعنة منفردة بهذا الادعاء، بل الحق أن الأسر الملكية ما زالت في أكثر أقطار العالم تحاول الشركة – قليلاً أو كثيراً – في الألوهية والربوبية في دائرة ما فوق الطبيعة، علاوة على ما كانت تتولاه من الحاكمية السياسية، وما زالت لأجل ذلك تفرض على الرعية أن تقوم بين يديها بشيء من شعائر العبودية، على أن دعواهم تلك للألوهية السماوية لم تكن هي المقصودة بذاتها في الحقيقة، وإنما كانوا يتذرعون بها إلى تأثيل حاكميتهم السياسية. ومن ذلك نرى أنه ما زالت الأسر الملكية في مصر وغيرها من الأقطار الجاهلية تذهب ألوهيتها بذهاب سلطانها السياسي، وقد بقيت الألوهية تتبع العرش في تنقله من أيد إلى أخرى. (3) ولم تكن دعوى فرعون الأصلية الغالبة المتصرفة في نظام السنن الطبيعية، بل بالألوهية السياسية! فكان يزعم أنه الرب الأعلى لأرض مصر ومن فيها بالمعنى الثالث والرابع والخامس لكلمة (الرَّب) ويقول إني أنا مالك القطر المصري وما فيه من الغنى والثروة وأنا الحقيق بالحاكمية المطلقة فيه، وشخصيتي المركزية هي الأساس لمدينة مصر واجتماعها، وإذن لا يجرينَّ فيها إلاّ شريعتي وقانوني. وكان أساس دعوى فرعون بعبارة القرآن:
(ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) (الزخرف – 51)
وهذا الأساس نفسه هو الذي كانت تقوم عليه دعوى نمرود للربوبية.
و (حاجَّ إبراهيم في ربّه أن آتاه الله الملك) (البقرة: 258)
وهو كذلك الأساس الذي رفع عليه فرعون المعاصر ليوسف عليه السلام بنيان ربوبيته على أهل مملكته.
(4) أمّا دعوة موسى عليه السلام التي كانت سبب النزاع بينه وبين فرعون وآله، فهي في الحقيقة أنه لا إله ولا ربَّ بجميع معاني كلمة (الرب) إلا الله رب العالمين، وهو وحده الإله والرّب فيما فوق العالم الطبيعي، كما أنه هو الإله والرب بالمعاني السياسية والاجتماعية، لأجل ذلك يجب ألا نخلص العبادة إلا له، ولا نتبع في شؤون الحياة المختلفة إلا شرعه وقانونه، وانه – أي موسى عليه السلام – قد بعثه الله تعالى بالآيات البينات وسيُنزل الله تعالى أمره ونهيه لعباده بما يوحي إليه؛ لذلك يجب أن تكون أزمّة أمور عباده بيده، لا بيد فرعون. ومن هنا كان فرعون ورؤساء حكومته يُعلون أصواتهم المرّة بعد المرّة بأن موسى وهارون – عليهما السلام – قد جاءا يسلبان أرض مصر. وأرادا أن يذهبا بنظمنا الدينية والمدنية ليستبدلا بها ما يشاءان من النظم والقواعد.
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد) (هود: 96-97) (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريم. أن أدُّوا إليَّ عبادَ الله إني لكم رسول أمين. وان لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين) (الدخان: 17-19)
(إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فأذناه أخذاً وبيلاً) (المزملَّ: 15-16)
(قال فمن ربكما يا موسى. قال ربّنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) (طه: 49-50)
(قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين. قال لمنّ حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين. قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون. قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون. قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 23-29)
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى) (طه: 57)
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26)
(قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) ... (طه – 63)
وبإنعام النظر في هذه الآيات بالتدريج الذي قد سردناها به، يتجلى أن الضلال الذي تعاقبت فيه الأمم المختلفة من أقدم العصور، كان هو عينه قد غشت وادي النيل ظلماته، وأن الدعوة التي قام بها جميع الأنبياء منذ الأبد، كانت هي نفسها يدعو بها موسى وهارون عليهما السلام.

اليهود والنصارى وتطلع علينا بعد آل فرعون بنو إسرائيل والأمم الأخرى التي دانت باليهودية والنصرانية. وهؤلاء لا مجال للظن فيهم أن يكونوا منكرين لوجود إله العالم، أو يكونوا لا يعتقدون بألوهيته وربوبيّته فإن القرآن نفسه يشهد بكونهم أهل الكتاب. وأما السؤال الذي ينشأ في ذهن الباحث عن أمرهم فهو أنه ما هو على التحديد الخطأ في عقيدتهم ومنهج عملهم في باب الربوبية – الذي قد عدهم القرآن من أجله من القوم الضالين؟ والجواب المجمل على السؤال تجده في القرآن نفسه في آيته الكريمة:
(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبلُ وأضلوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل) (المائدة – 77)
فيعلم من هذه الآية أن ضلال اليهود والنصارى هو من حيث الأصل والأساس نفس الضلال الذي ارتطمت فيه الأمم المتقدمة، وتدلنا هذه الآية أيضاً أن ضلالهم هذا كان آتياً من غلوّهم في الدين. وها نحن نرى بعد ذلك كيف يفصل القرآن هذا الإجمال:
(وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) (التوبة: 30)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) (المائدة – 72)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) . (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق) (المائدة: 73، 116)
(ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. ولا يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) (آل عمران: 79-80) فكان ضلال أهل الكتاب حسب ما تجل عليه هذه الآيات: أولاً أنهم بالغوا في تعظيم النفوس المقدسة كالأنبياء والأولياء والملائكة التي تستحق التكريم والتعظيم لمكانتها الدينية، فرفعوها من مكانتها الحقيقية إلى مقام الألوهية وجعلوها شركاء مع الله ودخلاء في تدبير أمر هذا العالم، ثم عبدوها واستغاثوا بها واعتقدوا أن لها نصيباً في الألوهية والربوبية الميمنتين على ما فوق العالم الطبيعي، وزعموا أنها تملك لهم المغفرة والإعانة والحفظ. وثانياً أنهم:
(اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة – 31)
أي أن الذين لم تكن وظيفتهم في الدين سوى أن يعلموا الناس أحكام الشريعة الإلهية، ويزكوهم حسب مرضاة الله، تدرج بهم هؤلاء حتى أنزلوهم بحيث يحلون لهم ما يشاؤون ويحرمون عليهم ما يشاؤون، ويأمرونهم وينهونهم حسب ما تشاء أهواؤهم بدون سند من كتاب الله، ويسنون لهم من السنن ما تشتهي أنفسهم. كذلك وقع هؤلاء في نفس النوعين من الضلال الأساسي الخطير اللذين قد وقع فيهما قبلهم أمم نوح وإبراهيم وعاد وثمود وأهل مدين وغيرهم من الأمم، فأشركوا بالله الملائكة وعبادة المقربين – كما أشرك أولئك – في الربوبية المهيمنة على ما فوق العالم الطبيعي، وجعلوا الربوبية بمعانيها السياسية والمدنية – كما جعل أولئك – للإنسان بدلاً من الله رب السماوات. وراحوا يستمدون مبادئ المدنية والاجتماع والأخلاق والسياسة وأحكامها جميعاً من بني آدم، مستغنيين في ذلك عن السلطان المنزل من عند الله تعالى. وأفضى بهم الغي إلى أن قال فيهم القرآن:
(ألم تر إلى الذين أتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) (النساء: 51)
(قل هل أنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنهُ الله وغضبَ عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت. أولئك شرٌّ مكاناً وأضل عن سواء السبيل) (المائدة: 60) (الجبتُ) كلمة جامعة شاملة لجميع أنواع الأوهام والخرافات من السحر والتمائم والشعوذة والتكهّن واستكشاف الغيب والتشاؤم والتفاؤل والتأثيرات الخارجة عن القوانين الطبيعية. والمراد من (الطاغوت) كل فرد أو طائفة أو إدارة تبغي وتتمرد على الله، وتجاوز حدود العبودية وتــدعي لنفسها الألوهية والربوبية. فلما وقعت اليهود والنصارى في ما تقدم ذكره من النوعين من الضلال، كانت نتيجة أولها أن أخذت جميع أنواع الأوهام مأخذها من قلوبهم وعقولهم، وأما الثاني فاستدرجهم من عبادة العلماء والمشايخ والصوفية والزهاد إلى عبادة الجبابرة وطاعة الظالمين الذين كانوا قد بغوا على الله علانية!

المشركون العرب
هذا ولنبحث الآن في المشركين العرب الذين بعث فيهم خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، والذين كانوا أول من خاطبهم القرآن، من أي نوع كان ضلالهم في باب الألوهية والربوبية، هل كانوا يجهلون الله رب العالمين، أو كانوا ينكرون وجوده، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ليبث في قلوبهم الإيمان بوجود الذات الإلهية! وهل كانوا لا يعتقدون الله عز وجل إلهاً للعالمين ورباً، فأنزل الله القرآن ليقنعهم بألوهيته وربوبيته؟ وهل كانوا يأبون عبادة الله والخضوع له؟ أو كانوا لا يعتقدونه سميع الدعاء وقاضي الحاجة؟ وهل كانوا يزعمون أن اللات والعزّى ومناة وهبل والآلهة الأخرى هي في الحقيقة فاطرة هذا الكون ومالكته والرازقة فيه والقائمة على تدبيره وإدارته؟ أو كانوا يؤمنون بأن آلهتهم تلك مرجع القانون ومصدر الهداية والإرشاد في شؤون المدنية والأخلاق؟ كل واحد من هذه الأسئلة إذا راجعنا فيه القرآن فإنه يجيب عليه بالنفي؛ ويبين لنا أن المشركين العرب لم يكونوا قائلين بوجود الله تعالى فحسب، بل كانوا يعتقدونه مع ذلك خالق هذا العالم كله – حتى آلهتهم – ومالكه وربه الأعلى، وكانوا يذعنون له بالألوهية والربوبية. وكان الله هو الجناب الأعلى الأرفع الذي كانوا يدعونه ويبتهلون إليه في مآل الأمر عندما يمسهم الضر أو تصيبهم المصائب، ثم كانوا لا يمتنعون عن عبادته والخضوع له، ولم تكن عقيدتهم في آلهتهم وأصنامهم أنها قد خلقتهم وخلقت هذا الكون، وترزقهم جميعاً، ولا أنها تهديهم وترشدهم في شؤون حياتهم الخلقية والمدنية، فالآيات الآتية تشهد بما تقول:
(قلن لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل أفلا تذكرون. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم. سيقولن الله، قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل فأنى تسحرون، بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) (المؤمنون: 84-90)
(هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكانٍ وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) (يونس: 22-23)
(وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) (الإسراء: 67)
ويروي القرآن عقائدهم في آلهتهم بعبارتهم أنفسهم فيما يأتي:
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (الزمر: 3)
(ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: 18) ثم إنهم لم يكونوا يزعمون لآلهتهم شيئاً من مثل أنها تهديهم في شؤون حياتهم، فالله تعالى يأمر رسوله صلى الله لعيه وسلم في سورة يونس (قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) الآية: 35 فيرميهم سؤاله هذا بالسكات، ولا يجيب أحد منهم عليه بنعم! عن اللات والعزى ومناة والآلهة الأخرى تهدينا سواء السبيل في العقيدة والعمل، وتعلمنا مبادئ العدالة والأمن والسلام في حياتنا الدنيا، وإننا نستمد من منبع علمها معرفة حقائق الكون الأساسية، فعند ذلك يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(قل الله يهدي للحق. أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يُهدى فمالكم كيف تحكمون) (يونس: 35)
ويبقى بعد هذه النصوص القرآنية أن نطلب جواب هذا السؤال: ماذا كان ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية الذي بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم نرده إلى الصواب، وأنزل كتابه المجيد ليخرجهم من ظلماته إلى نور الهداية؟ وإذا تأملنا القرآن للتحقيق في هذه المسألة، نقف في عقائدهم وأعمالهم كذلك على النوعين من الضلال اللذين مازالا يلازمان الأمم الضالة منذ القدم.
فكانوا بجانب يشركون بالله آلهة وأرباباً من دونه في الألوهية والربوبية فيما فوق الطبيعة، ويعتقدون بأن الملائكة والنفوس الإنسانية المقدسة والسيارات السماوية – كل أولئك دخيلة بوجه من الوجوه في صلاحيات الحكم القائم فوق نظام العلل والأسباب. ولذلك لم يكونوا يرجعون إلى الله تعالى وحده في الدعاء والاستعانة وأداء شعائر العبودية، بل كانوا يرجعون كذلك في تلك الأمور كلها إلى آلهتهم المصنوعة الملفقة. وكانوا بجانب آخر يكادون لا يتصورون في باب الربوبية المدنية والسياسية أن الله تعالى هو الرب بهذه المعاني أيضاً. فكانوا قد اتخذوا أئمتهم الدينيين ورؤساءهم وكبراء عشائرهم أرباباً بتلك المعاني، ومنهم كانوا يتلقون القوانين لحياتهم.
أما النوع الأول من ضلالهم فيشهد به القرآن فيما يلي من الآيات: (ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فان أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه، ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير) (الحج: 11-13) ...
(ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في (1) ، سبحانه وتعالى عما يشركون) (يونس: 18)
(قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً) (حم السجدة: 9)
(قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً والله هو السميع العليم) (المائدة: 76)
(وإذا مسَّ الإنسان ضرٌ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً (2) ليضل عنه سبيله) (الزمر: 8)
(وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسّكم الضرّ فإليه تجأرون. ثم إذا كشف الضرّ عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون. ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون. ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً (3) مما رزقناهم، تالله لتسئلنّ عما كنتم تفترون) (النحل: 53 –56)
وأما الآخر فشهادة القرآن ما يأتي:
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
ومن الظاهر أنه ليس المراد بـ (شركاء) في هذه الآية: الآلهة والأصنام، بل المراد بهم أولئك القادة والزعماء الذين زينوا للعرب قتل أولادهم وجعلوه في أعينهم مكرمة. فأدخلوا تلك البدعة الشنعاء على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. وظاهر كذلك أن أولئك الزعماء لم يكن القوم قد اتخذوهم شركاء من حيث كانوا يعتقدون أن لهم السلطان فوق نظام الأسباب في هذا العالم، أو كانوا يعبدونهم ويدعونهم، بل كانوا قد جعلوهم شركاء مع الله في الألوهية والربوبية من حيث كانوا يسلمون بحقهم في أن يشرعوا لهم ما يشاؤون من النظم والقوانين لشؤونهم المدنية والاجتماعية، وأمورهم الخلقية والدينية.
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
وسيأتي تفصيل معاني كلمة (الدين) في موضعه من هذه الرسالة، وهناك سنتبين سعة معاني هذه الآية وشمولها. على أنه يتضح في هذا المقام أن ما كان يتولاه أولئك الزعماء والرؤساء من وضع الحدود والقواعد التي هي بمثابة الدين بغير إذن من الله تعالى، وأن اعتقاد العرب بكونها مما يجب اتباعه والعمل به، كان هو عينه شركة مع الله من أولئك في ألوهيته وربوبيته، وإيماناً من هؤلاء بشركتهم تلك!

دعوة القرآن: أن هذا البحث الذي قد خضنا غماره في الصفحات السابقة بصدد تصورات الأمم الضالة وعقائدها، ليكشف القناع عن حقيقة أن جميع الأمم التي قد وصمها القرآن بالظلم والضلال وفساد العقيدة من لدن أعرق العصور في القدم إلى زمن نزول القرآن، لم تكن منها جاحدة بوجود الله تعالى ولا كانت تنكر كون الله رباً وإلهاً بالإطلاق. بل كان ضلالها الأصلي المشترك بين جميعها أنها كانت قد قسمت المعاني الخمسة لكلمة (الرب) التي قد حددناها في بداية هذا الباب – مستشهدين باللغة والقرآن – قسمين متباينين:
فأما المعاني التي تدل على أن (الرب) هو الكفيل بتربية الخلق وتعهده وقضاء حاجته وحفظه ورعايته بالطرق الخارجة عن النظام الطبيعي، فكانت لها عندهم دلالة أخرى مختلفة، وهم وإن كانوا لا يعتقدون إلا الله تعالى ربهم الأعلى بموجبها، إلا أنهم كانوا يشركون به في الربوبية الملائكة والجن والقوى الغيبية والنجوم والسيارات والأنبياء والأولياء والأئمة الروحانيين.
وأما المعنى الذي يدل على أن (الرب) هو مالك الأمر والنهي وصاحب السلطة العليا، ومصدر الهداية والإرشاد، ومرجع القانون والتشريع، وحاكم الدولة والمملكة وقطب الاجتماع والمدنية، فكانت له عندهم دلالة أخرى متباينة: وبموجب هذا المفهوم كانوا إما يعتقدون أن النفوس الإنسانية وحدهم رباً من دون الله، وإما يستسلمون لربوبية تلك النفوس في شؤون الأخلاق والمدنية والسياسة مع كونهم يؤمنون إيماناً نظرياً بأن الله هو الرب، هذا هو الضلال الذي مازالت تبعث لحسمه الرسل عليهم اللام من لدن فجر التاريخ، ولأجل ذلك بعث الله أخيراً محمداً صلى الله عليه وسلم. وكانت دعوتهم جميعاً أن الرب بجميع معاني الكلمة واحد ليس غير، وهو الله تقدست أسماؤه. والربوبية ما كانت لتقبل التجزئة ولم يكن جزء من أجزائها ليرجع إلى أحد من دون الله بوجه من الوجوه، وأن نظام هذا الكون مرتبط بأصله ومركزه وثيق الارتباط، قد خلفه الله الواحد الأحد، ويحكمه الفرد الصمد، ويملك كل السلطة والصلاحيات فيه الإله الفذّ الموحد! فلا يد لأحد غير الله في خلق هذا النظام ولا شريك مع الله في إدارته وتدبيره ولا قسيم له في ملكوته. وبما أن الله تعالى هو مالك السلطة المركزية، فإنه هو وحده ربكم في دائرة ما فوق الطبيعة، وربكم في شؤون المدنية والسياسة والأخلاق، ومعبودكم ووجهة ركوعكم وسجودكم، ومرجع دعائكم وعماد توكلكم، والمتكفل بقضاء حاجاتكم، وكذلك هو الملك، ومالك الملك، وهو الشارع والمقنن، وهو الآمر والناهي. وكل هاتين الدلالتين للربوبية اللتين قد فصلتم إحداهما عن الأخرى لجاهليتكم، هي في حقيقة الأمر قوام الألوهية وعمادها وخاصة إلهية الإله. لذلك لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، كما لا يجوز أن يشرك مع الله أحد من خلقه باعتبار أيهما. وأما الأسلوب الذي يدعو به القرآن دعوته هذه فها هو ذا بعبارته:
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين) ... (الأعراف: 54)
(قل من يرزقكم من السماء والأرض، أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق، فما بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) ... (يونس: 31-32)
(خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) .. (ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) (الزمر: 5،6)
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً)
(ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) … (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) (غافر: 61، 62، 64، 65)
(والله خلقكم من تراب) … (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل مسمى، ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) (فاطر: 11 و 13-14)
(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) ..
(ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يعقلون. بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) ..
(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28 – 29،30) (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشركون) (الزمر: 67)
(فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياءُ في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الجاثية: 36-37)
(رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) (مريم: 65)
(ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) (هود: 123)
(رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) (المزمل: 9)
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) (الأنبياء: 92-93)
(اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) (الأعراف: 3)
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
(قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس) (الناس: 1-3)
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف:110)
فبقراءة هذه الآيات بالترتيب الذي سردناها به، يتبين للقارئ أن القرآن يجعل (الربوبية) مترادفة مع الحاكمية والملكية (Sovereignty) ويصف لنا (الرب) بأنه الحاكم المطلق لهذا الكون ومالكه وآمره الوحيد لا شريك له.
وبهذا الاعتبار هو ربنا ورب العالم بأجمعه ومريبنا وقاضي حاجاتنا.
وبهذا الاعتبار هو كفيلنا وحافظنا ووكلينا.
وطاعته بهذا الاعتبار هي الأساس الفطري الصحيح الذي يقوم عليه بنيان حياتنا الاجتماعية على الوجه الصحيح المرضي، والصلة بشخصيته المركزية تسلك شتى الأفراد والجماعات في نظام الأمة.
وبهذا الاعتبار هو حري بأن نعبده نحن وجميع خلائفه، ونطيعه ونقنت له.
وبهذا الاعتبار هو مالكنا ومالك كل شيء وسيدنا وحاكمنا. لقد كان العرب والشعوب الجاهلية في كل زمان اخطأوا - ولا يزالون يخطئون إلى هذا اليوم - بأنهم وزعوا هذا المفهوم الجامع الشامل للربوبية على خمسة أنواع من الربوبية، ثم ذهب بهم الظن والوهم أن تلك الأنواع المختلفة للربوبية قد ترجع إلى ذوات مختلفة ونفوس شتى، بل ذهبوا إلى أنها راجعة إليها بالفعل. فجاء القرآن فأثبت باستدلاله القوي المقنع أنه لا مجال أبداً في هذا النظام المركزي لأن يكون أمر من أمور الربوبية راجعاً - في قليل أو كثير- إلى غير من بيده السلطة العليا، وأن مركزية هذا النظام نفسها هي الدليل البيّن على أن جميع أنواع الربوبية مختصة بالله الواحد الأحد الذي أعطى هذا النظام خلقه.
ولذلك فإن من يظن جزءاً من أجزاء الربوبية راجعاً إلى أحد من دون الله، أو يرجعه إليه، بأي وجه من الوجوه، وهو يعيش في هذا النظام، فإنه يحارب الحقيقة ويصدف عن المواقع ويبغي على الحق، وباقي بيديه إلى التهلكة والخسران بما يتعب نفسه في مقاومة الحق الواقع.
(الرب) اسْم الله تَعَالَى وَلَا يُقَال الرب فِي غير الله إِلَّا بِالْإِضَافَة وَالْمَالِك وَالسَّيِّد والمربي والقيم والمنعم وَالْمُدبر والمصلح (ج) أَرْبَاب وربوب

(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.