Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: خليل

عَشَرَ 

(عَشَرَ) الْعَيْنُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا فِي عَدَدٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى مُدَاخَلَةٍ وَمُخَالَطَةٍ.

فَالْأَوَّلُ الْعَشَرَةُ، وَالْعَشْرُ فِي الْمُؤَنَّثِ. وَتَقُولُ: عَشَرْتُ الْقَوْمَ أَعْشِرُهُمْ، إِذَا صِرْتَ عَاشِرَهُمْ. وَكُنْتُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، أَيْ كَانُوا تِسْعَةً فَتُمُّوا بِي عَشَرَةَ رِجَالٍ. وَعَشَرْتُ الْقَوْمَ، إِذَا أَخَذْتَ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ. وَيُقَالُ أَيْضًا: عَشَرْتُهُمْ أُعَشِّرُهُمْ تَعْشِيرًا. وَبِهِ سُمِّي الْعَشَّارُ عَشَّارًا. وَالْعُشْرُ: جُزْءٌ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْعَشْرَةِ، وَهُوَ الْعُشَيْرُ وَالْمِعْشَارُ. فَأَمَّا الْعِشْرُ فَيُقَالُ: هُوَ وِرْدُ الْإِبِلِ يَوْمَ الْعَاشِرِ. وَإِبِلٌ عَوَاشِرُ: وَرَدَتِ الْمَاءُ عِشْرًا. وَيُجْمَعُ وَيُثَنَّى فَيُقَالُ عِشْرَانِ وَعِشْرُونَ، فَكُلُّ عِشْرٍ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ أَيَّامٍ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَقَمْتُ لَهَا أَعْنَاقَ هِيمٍ كَأَنَّهَا ... قَطَا نَشَّ عَنْهَا ذُو جَلَامِيدِ خَامِسُ

يَعْنِي بِالْخَامِسِ: الْقَطَا الَّتِي وَرَدَتِ الْمَاءَ خِمْسًا.

قَالَ الْــخَلِيلُ: تَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ عُشَارَ عُشَارَ، وَمَعْشَرَ مَعْشَرَ، أَيْ عَشَرَةً عَشَرَةً، كَمَا تَقُولُ: جَاءُوا أُحَادَ أُحَادَ، وَمَثْنَى مَثْنَى. وَلَمْ يَذْكُرِ الْــخَلِيلُ مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وَهُوَ صَحِيحٌ. فَأَمَّا تَعْشِيرُ الْحِمَارِ فَلَسْنَا نَقُولُ فِيهِ إِلَّا الَّذِي قَالُوهُ، وَهُوَ فِي قِيَاسِنَا صَحِيحٌ إِنْ كَانَ حَقًّا مَا يُقَالُ. قَالَ الْــخَلِيلُ: الْمُعَشِّرُ: الْحِمَارُ الشَّدِيدُ النَّهِيقِ. قَالَ: وَيُقَالُ نُعِتَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَكُفُّ حَتَّى تَبْلُغَ [عَشْرَ] نَهَقَاتٍ وَتَرْجِيعَاتٍ. قَالَ:

لَعَمْرِي لَئِنْ عَشَّرْتُ مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَى ... نُهَاقُ الْحِمَارِ إِنَّنِي لَجَزُوعُ

قَالَ: وَنَاقَةٌ عُشَرَاءُ، وَهِيَ الَّتِي أَقْرَبَتْ، سُمِّيَتْ عُشَرَاءُ لِتَمَامِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ لِحَمْلِهَا. يُقَالُ: عَشَّرْتُ النَّاقَةَ تُعَشَّرُ تَعْشِيرًا، وَهِيَ عُشَرَاءُ حَتَّى تَلِدَ، وَالْعَدَدُ الْعُشَرَاوَاتُ، وَالْجَمْعُ عِشَارٌ. وَيُقَالُ: بَلْ يَقَعُ اسْمُ الْعِشَارِ عَلَى النُّوقِ الَّتِي نَتَجَ بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا قَدْ أَقْرَبَ يُنْتَظَرُ نِتَاجُهَا. وَقَالَ:

يَا عَامُ إِنَّ لَقَاحَهَا وَعِشَارَهَا ... أَوْدَى بِهَا شَخْتُ الْجُزَارَةِ مُعْلِمُ

وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ ... فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي

وَقَالَ: وَلَيْسَ لِلْعِشَارِ لَبَنٌ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا عِشَارًا لِأَنَّهَا حَدِيثَةُ الْعَهْدِ، وَهِيَ مَطَافِيلُ قَدْ وَضَعَتْ أَوْلَادَهَا. وَالْعُشْرُ: الْقِطْعَةُ تَنْكَسِرُ مِنَ الْقَدَحِ أَوِ الْبُرْمَةِ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ:

كَمَا يَضُمُّ الْمِشْعَبُ الْأَعْشَارَا هَذَا قَدْ حُكِيَ. فَأَمَّا الْــخَلِيلُ فَقَدْ حَكَى وَقَالَ: لَا يَكَادُونَ يُفْرِدُونَ الْعِشْرَ. وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ قُدُورٌ أَعْشَارٌ وَأَعَاشِيرُ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا مُكَسَّرَةٌ عَلَى عَشْرِ قِطَعٍ، وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إِلَّا لِتَضْرِبِي ... بِسَهْمَيْكِ فِي أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلٍ

وَذَكَرَ الْــخَلِيلُ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَالُ لِجَفْنِ السَّيْفِ إِذَا كَانَ مُكَسَّرًا أَعْشَارٌ. وَأَنْشَدَ:

وَقَدْ يَقْطَعُ السَّيْفُ الْيَمَانِي وَجَفْنُهُ ... شَبَارِيقُ أَعْشَارٌ عُثِمْنَ عَلَى كَسْرِ

قَالَ: وَالْعُشَارِيُّ: مَا بَلَغَ طُولُهُ عَشْرَ أَذْرُعٍ. وَعَاشُورَاءُ: الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ.

فَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ الدَّالُّ عَلَى الْمُخَالَطَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ فَالْعِشْرَةُ وَالْمُعَاشَرَةُ. وَعَشِيرُكُ: الَّذِي يُعَاشِرُكَ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ لِلْعَشِيرِ جَمْعًا، لَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ هُمْ عُشَرَاؤُكُ، وَإِذَا جَمَعُوا قَالُوا: هُمْ مُعَاشِرُوكَ. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ عَشِيرَةُ الرَّجُلِ لِمُعَاشَرَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، حَتَّى الزَّوْجُ عَشِيرُ امْرَأَتِهِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ النِّسَاءِ: «إِنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» . وَيُقَالُ عَاشَرَهُ مُعَاشَرَةً جَمِيلَةً. وَقَالَ زُهَيْرٌ:

لَعَمْرُكَ وَالْخُطُوبُ مُغَيِّرَاتٌ ... وَفِي طُولِ الْمُعَاشَرَةِ التَّقَالِي قَالَ: وَالْمَعْشَرُ: كُلُّ جَمَاعَةٌ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ، نَحْوَ مَعْشَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْإِنْسُ مَعْشَرٌ وَالْجِنُّ مَعْشَرٌ، وَالْجَمْعُ مَعَاشِرُ. وَالْعُشَرُ: نَبْتٌ.

عَرَضَ 

(عَرَضَ) الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالضَّادُ بِنَاءٌ تَكْثُرُ فُرُوعُهُ، وَهِيَ مَعَ كَثْرَتِهَا تَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْعَرْضُ الَّذِي يُخَالِفُ الطُّولَ. وَمَنْ حَقَّقَ النَّظَرَ وَدَقَّقَهُ عَلِمَ صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ شَرَحْنَا ذَلِكَ شَرْحًا شَافِيًا.

فَالْعَرْضُ: خِلَافُ الطُّولِ. تَقُولُ مِنْهُ: عَرُضَ الشَّيْءُ يَعْرُضُ عِرَضًا، فَهُوَ عَرِيضٌ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَرُضَ عَرَاضَةً. وَأَنْشَدَ:

إِذَا ابْتَدَرَ الْقَوْمُ الْمَكَارِمَ عَزَّهُمْ ... عَرَاضَةُ أَخْلَاقِ ابْنِ لَيْلَى وَطُولُهَا

وَقَوْسٌ عُرَاضَةٌ: عَرِيضَةٌ. وَأَعْرَضَتِ الْمَرْأَةُ أَوْلَادَهَا: وَلَدَتْهُمْ عِرَاضًا، كَمَا يُقَالُ أَطَالَتْ فِي الطُّولِ.

وَمِنَ الْبَابِ: عَرَضَ الْمَتَاعَ يَعْرِضُهُ عَرْضًا. وَهُوَ كَأَنَّهُ فِي ذَاكَ قَدْ أَرَاهُ عَرْضَهُ. وَعَرَّضَ الشَّيْءَ تَعْرِيضًا: جَعَلَهُ عَرِيضًا.

وَمِنْ ذَلِكَ عَرْضُ الْجُنْدِ: أَنْ تُمِرَّهُمْ عَلَيْكَ، وَذَلِكَ كَأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى الْعَارِضِ مِنْ حَالِهِمْ. وَيُقَالُ لِلْمَعْرُوضِ مِنْ ذَلِكَ: عَرَضٌ مُتَحَرِّكَةٌ، كَمَا يُقَالُ قَبَضَ قَبَضًا، وَقَدْ أَلْقَاهُ فِي الْقَبَضِ. وَعَرَضُوهُمْ عَلَى السَّيْفِ عَرْضًا، كَأَنَّ السَّيْفَ أَخَذَ عَرْضَ الْقَوْمِ فَلَمْ يَفُتْهُ أَحَدٌ. وَعَرَضْتُ الْعُودَ عَلَى الْإِنَاءِ أَعْرُضُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ، إِذَا وَضَعْتَهُ عَلَيْهِ عَرْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ: «هَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ» . وَيُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ: عَرَضَ يَعْرِضُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَمَا عَرَضْتُ لِفُلَانٍ وَلَا تَعْرِضْ لَهُ، وَذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ عَرْضَكَ بِإِزَاءِ عَرْضِهِ. وَيُقَالُ: عَرَضَ الرُّمْحَ يَعَرِضُهُ عَرْضًا. قَالَ النَّابِغَةُ:

لَهُنَّ عَلَيْهِمْ عَادَةٌ قَدْ عَرَفْنَهَا ... إِذَا عَرَضُوا الْخَطِّيَّ فَوْقَ الْكَوَاثِبِ

وَعَرَضَ الْفَرَسُ فِي عَدْوِهِ عَرْضًا، كَأَنَّهُ يُرِي النَّاظِرَ عَرْضَهُ. قَالَ:

يَعْرِضُ حَتَّى يَنْصِبَ الْخَيْشُومَا قَالُوا: إِذَا عَدَا عَارِضًا صَدْرَهُ، أَوْ مَائِلًا بِرَأْسِهِ. وَيُقَالُ: عَرَضَ فُلَانٌ مِنْ سِلْعَتِهِ، إِذَا عَارَضَ بِهَا، أَعْطَى وَاحِدَةً وَأَخَذَ أُخْرَى. وَمِنْهُ:

هَلْ لَكَ وَالْعَارِضُ مِنْكَ عَائِضُ

أَيْ يُعَارِضُكِ فَيَأْخُذُ مِنْكِ شَيْئًا، وَيُعْطِيكَ شَيْئًا. وَيُقَالُ: عَرَضْتُ أَعْوَادًا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَاعْتَرَضَتْ هِيَ. قَالَ أَبُو دُوَادٍ:

تَرَى الرِّيشَ فِي جَوْفِهِ طَامِيًا ... كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصَالٍ نِصَالَا

يَصِفُ الْمَاءَ أَنَّ الرِّيشَ بَعْضُهُ مُعْتَرِضٌ فَوْقَ بَعْضٍ، كَمَا يَعْتَرِضُ النَّصْلُ عَلَى النَّصْلِ كَالصَّلِيبِ. وَيُقَالُ: عَرَضْتُ لَهُ مِنْ حَقِّهِ ثَوْبًا فَأَنَا أَعْرِضُهُ، إِذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا، كَأَنَّهُ جَعَلَ عَرْضَ هَذَا بِإِزَاءِ عَرْضِ حَقِّهِ الَّذِي كَانَ لَهُ. وَيُقَالُ: أَعْيَا فَاعْتَرَضَ عَلَى الْبَعِيرِ.

وَذَكَرَ الْــخَلِيلُ: أَعْرَضْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ عَرِيضًا. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: " أَعْرَضْتَ الْقِرْفَةَ ". وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: " أَعْرَضْتَ الْفُرْقَةَ " وَلَعَلَّهُ أَجْوَدُ، وَذَلِكَ لِلرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ فَيَقُولُ: أَتَّهِمُ بَنِي فُلَانٍ، لِلْقَبِيلَةِ بِأَسْرِهَا. فَيُقَالُ لَهُ: أَعْرَضْتَ الْقِرْفَةَ، أَيْ جِئْتَ بِتُهْمَةٍ عَرِيضَةٍ تَعْتَرِضُ الْقَبِيلَ بِأَسْرِهِ.

وَمِنَ الْبَابِ: أَعْرَضْتُ عَنْ فُلَانٍ، وَأَعْرَضْتُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَا وَلَّاهُ عَرْضَهُ. وَالْعَارِضُ إِنَّمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الطُّولِ. وَيُقَالُ: أَعْرَضَ لَكَ الشَّيْءُ مِنْ بَعِيدٍ، فَهُوَ مُعْرِضٌ، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ لَكَ وَبَدَا. وَالْمَعْنَى أَنَّكَ رَأَيْتَ عَرْضَهُ. قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

وَأَعْرَضَتِ الْيَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ ... كَأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا

[وَ] تَقُولُ: عَارَضْتُ فُلَانًا فِي السَّيْرِ، إِذَا سِرْتَ حِيَالَهُ. وَعَارَضْتُهُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، إِذَا أَتَيْتَ إِلَيْهِ مِثْلَ مَا أَتَى إِلَيْكَ. وَمِنْهُ اشْتُقَّتِ الْمُعَارَضَةُ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، كَأَنَّ عَرْضَ الشَّيْءِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مِثْلُ عَرْضِ الشَّيْءِ الَّذِي أَتَاهُ. وَقَالَ طُفَيْلٌ:

وَعَارَضْتُهَا رَهْوًا عَلَى مُتَتَابِعٍ ... نَبِيلِ الْقُصَيْرَى خَارِجِيٍّ مُحَنَّبِ

وَيُقَالُ: اعْتَرَضَ فِي الْأَمْرِ فُلَانٌ، إِذَا أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِيهِ. وَعَارَضْتُ فُلَانًا فِي الطَّرِيقِ، وَعَارَضْتُهُ بِالْكِتَابِ، وَاعْتَرَضْتُ أُعْطِي مَنْ أَقَبَلَ وَأَدْبَرَ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. وَاعْتَرَضَ فُلَانٌ عِرْضَ فُلَانٍ يَقَعُ فِيهِ، أَيْ يَفْعَلُ فِعْلًا يَأْخُذُ عَرْضَ عِرْضِهِ. وَاعْتَرَضَ الْفَرَسُ، إِذَا لَمْ يَسْتَقِمْ لِقَائِدِهِ. قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

وَأَرَانِي الْمَلِيكُ رُشْدِي وَقَدْ كُنْ ... تُ أَخَا عُنْجُهِيَّةٍ وَاعْتِرَاضِ

وَتَعَرَّضَ لِي فُلَانٌ بِمَا أَكْرَهُ. وَرَجُلٌ عِرِّيضٌ، أَيْ مُتَعَرِّضٌ. وَمِنَ الْبَابِ: اسْتَعْرَضَ الْخَوَارِجُ النَّاسَ، إِذَا لَمْ يُبَالُوا مَنْ قَتَلُوا. وَفِي الْحَدِيثِ: " «كُلِ الْجُبْنَ عُرْضًا» "، أَيِ اعْتَرِضْهُ كَيْفَ كَانَ وَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ. وَهَذَا كَمَا قُلْنَاهُ فِي إِعْرَاضِ الْقِرْفَةِ. وَالْمُعْرِضُ: الَّذِي يَعْتَرِضُ النَّاسَ يَسْتَدِينُ مِمَّنْ أَمْكَنَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: " أَلَا إِنَّ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ ادَّانَ مُعْرِضًا ".

وَمِنَ الْبَابِ الْعِرْضُ: عِرْضُ الْإِنْسَانِ. قَالَ قَوْمٌ: هُوَ حَسَبُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: نَفْسُهُ. وَأَيَّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ مِنَ الْعَرْضِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِرْضَ: رِيحُ الْإِنْسَانِ طَيِّبَةً كَانَتْ أَمْ غَيْرَ طَيِّبَةٍ، فَهَذَا طَرِيقُ الْمُجَاوَزَةِ، لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ عِرْضِهِ سُمِّيَتْ عِرْضًا. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ يَجْرِي مِنْ أَعْرَاضِهِمْ» أَيْ أَبْدَانِهِمْ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْعِرْضَ: النَّفْسُ بِقَوْلِ حَسَّانَ، يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

وَتَقُولُ: هُوَ نَقِيُ الْعِرْضِ، أَيْ بَعِيدٌ مِنْ أَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُعَابَ. وَمِنَ الْبَابِ: مَعَارِيضُ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي مِعْرَضٍ غَيْرِ لَفْظِهِ الظَّاهِرِ، فَيُجْعَلُ هَذَا الْمِعْرَضِ لَهُ كَمِعْرَضِ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ لِبَاسُهَا الَّذِي تُعْرَضُ فِيهِ، وَذَلِكَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَرْضِ. وَقَدْ قُلْنَا فِي قِيَاسِ الْعَرْضِ مَا كَفَى.

وَزَعَمَ نَاسٌ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: عَرَفْتُ ذَاكَ فِي عَرُوضِ كَلَامِهِ، أَيْ فِي مَعَارِيضِ كَلَامِهِ.

وَمِنَ الْبَابِ الْعَرْضُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْعَرْضِ مِنَ السَّحَابِ، وَهُوَ مَا سَدَّ بِعَرْضِهِ الْأُفُقَ. قَالَ:

كُنَّا إِذَا قُدْنَا لِقَوْمٍ عَرْضَا

أَيْ جَيْشًا كَأَنَّهُ جَبَلٌ أَوْ سَحَابٌ يَسُدُّ الْأُفُقَ، وَقَالَ دُرَيْدٌ:

نَعِيَّةُ مِنْسَرٍ أَوْ عَرْضُ جَيْشٍ ... تَضِيقُ بِهِ خُرُوقُ الْأَرْضِ مَجْرِ

وَكَانَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ: الْأَعْرَاضُ: الْجِبَالُ وَالْأَوْدِيَةُ وَالسَّحَابُ، الْوَاحِدُ عِرْضٌ. كَذَا قَالَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا بِالْفَتْحِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرْضُ: سَنَدُ الْجَبَلِ. وَأَنْشَدَ:

أَلَا تَرَى بِكُلِّ عَرْضٍ مُعْرِضِ وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ:

كَمَا تَدَهْدَى مِنَ الْعَرْضِ الْجَلَامِيدُ

وَالْعَرِيضُ: الْجَدْيُ إِذَا نَزَا [أَوْ] يَكَادُ يَنْزُوَ، وَذَلِكَ إِذَا بَلَغَ. وَهَذَا قِيَاسُهُ أَيْضًا قِيَاسُ الْبَابِ، وَهُوَ مِنَ الْعَرْضِ، وَجَمْعُهُ عُرْضَانٌ.

فَأَمَّا عَرُوضُ الشِّعْرِ فَقَالَ قَوْمٌ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَرُوضِ، وَهِيَ النَّاحِيَةُ، كَأَنَّهُ نَاحِيَةٌ مِنَ الْعِلْمِ. وَأَنْشَدَ فِي الْعَرُوضِ:

لِكُلِّ أُنَاسٍ مِنْ مَعَدٍّ عِمَارَةٌ ... عَرُوضٌ إِلَيْهَا يَلْجَئُونَ وَجَانِبُ

وَقَالَ آخَرُونَ: الْعَرِيضُ: الطَّرِيقُ الصَّعْبُ، ذَلِكَ يَكُونُ فِي عَرْضِ جَبَلٍ، فَقَدْ صَارَ بَابُهُ قِيَاسَ سَائِرِ الْبَابِ. قَالُوا: وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ، إِذَا كَانَتْ صَعْبَةً. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهَا لَا تَسْتَقِيمُ فِي السَّيْرِ، بَلْ تَعْتَرِضُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَنَحْتُهَا قَوْلِي عَلَى عُرْضِيَّةٍ ... عُلُطٍ أُدَارِي ضِغْنَهَا بِتَوَدُّدِ

وَمِنَ الْبَابِ: عُرْضُ الْحَائِطِ، وَعُرْضُ الْمَالِ، وَعُرْضُ النَّهْرِ، وَيُرَادُ بِهِ وَسَطُهُ. وَذَلِكَ مِنَ الْعَرْضِ أَيْضًا. وَقَالَ لَبِيدٌ:

فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا ... مَسْجُورَةً مُتَجَاوِرًا قُلَّامُهَا وَعُرْضُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّهُ الْوَسَطُ. وَكَانَ اللِّحْيَانِيُّ يَقُولُ: فُلَانٌ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ، أَيِ النَّاحِيَةِ. وَالْعَرَضُ مِنْ أَحْدَاثِ الدَّهْرِ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، سُمِّيَ عَرَضًا لِأَنَّهُ يَعْتَرِضُ، أَيْ يَأْخُذُهُ فِيمَا عَرَضَ مِنْ جَسَدِهِ. وَالْعَرَضُ: طَمَعُ الدُّنْيَا، قَلِيلًا [كَانَ] أَوْ كَثِيرًا. وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُعْرِضُ، أَيْ يُرِيكَ عُرْضَهُ. وَقَالَ:

مَنْ كَانَ يَرْجُو بَقَاءً لَا نَفَادَ لَهُ ... فَلَا يَكُنْ عَرَضُ الدُّنْيَا لَهُ شَجَنَا

وَيُقَالُ: " الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْخُذُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ". فَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرْضِ» . فَإِنِّمَا سَمِعْنَاهُ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْمَالِ غَيْرَ نَقْدٍ ; وَجَمْعُهُ عُرُوضٌ. فَأَمَّا الْعَرَضُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَمَا يُصِيبُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف: 169] .

وَقَالَ الْــخَلِيلُ: فُلَانٌ عُرْضَةٌ لِلنَّاسِ: لَا يَزَالُونَ يَقَعُونَ فِيهِ. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْتَرِضُونَ عُرْضَهُ. وَالْمِعْرَاضُ: سَهْمٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ دِقَاقٍ، وَإِذَا رُمِيَ بِهِ اعْتَرَضَ. قَالَ الْــخَلِيلُ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي يُرْمَى بِهِ لَا رِيشَ لَهُ يَمْضِي عَرْضًا.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَدِيدُ الْعَارِضَةِ، فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ فِيهِ. وَقَالَ الْــخَلِيلُ: هُوَ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ، أَيْ ذُو جَلَدٍ وَصَرَامَةٍ. وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، أَيْ شَدِيدٌ مَا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنْهُ. وَعَارِضَةُ الْوَجْهِ: مَا يَبْدُو مِنْهُ عِنْدَ الضَّحِكِ. وَزَعَمَ أَنَّ أَسْنَانَ الْمَرْأَةِ تُسَمَّى الْعَوَارِضَ وَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ. قَالَ عَنْتَرَةُ:

وَكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ عَوَارِضُهَا إِلَيْكَ مِنَ الْفَمِ

وَرَجُلٌ خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ، يَعْنِي عَارِضَيِ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ أَبُو لَيْلَى: الْعَوَارِضُ الضَّوَاحِكُ، لِمَكَانِهَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: عَارِضَا الرَّجُلِ: شَعْرُ خَدَّيْهِ، لَا يُقَالُ لِلْأَمْرَدِ: امْسَحْ عَارِضَيْكَ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: يَمْشِي الْعِرَضْنَى، فَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ الَّذِي يَشْتَقُّ فِي عَدْوِهِ مُعْتَرِضًا. قَالَ الْعَجَّاجُ:

تَعْدُو الْعِرَضْنَى خَيْلُهُمْ حَرَاجِلًا

وَامْرَأَةٌ عُرْضَةٌ: ضَخْمَةٌ قَدْ ذَهَبَتْ مِنْ سِمَنِهَا عَرْضًا.

قَالَ الْــخَلِيلُ: الْعَوَارِضُ: سَقَائِفُ الْمَحْمَلِ الْعِرَاضُ الَّتِي أَطْرَافُهَا فِي الْعَارِضَيْنِ، وَذَلِكَ أَجْمَعُ هُوَ سَقْفُ الْمِحْمَلِ. وَكَذَلِكَ عَوَارِضُ سَقْفِ الْبَيْتِ إِذَا وُضِعَتْ عَرْضًا. وَقَالَ أَيْضًا: عَارِضَةُ الْبَابِ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي هِيَ مِسَاكُ الْعِضَادَتَيْنِ مِنْ فَوْقُ. وَالْعَرْضِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَعَلَّ لَهُ عَرْضًا. قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ: هَزَّتْ قَوَامًا يَجْهَدُ الْعَرْضِيَّا ... هَزَّ الْجَنُوبِ النَّخْلَةَ الصَّفِيَّا

وَكُلُّ شَيْءٍ أَمْكَنَكَ مِنْ عَرْضِهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ لَكَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَيُقَالُ: أَعْرَضَ لَكَ الظَّبْيُ فَارْمِهِ، إِذَا أَمْكَنَكَ مِنْ عَرْضِهِ ; مِثْلُ أَفْقَرَ وَأَعْوَرَ.

وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: " فُلَانٌ عَرِيضُ الْبِطَانِ "، إِذَا أَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ عِرَاضًا، إِذَا ضَرَبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَادَ إِلَيْهَا. وَهَذَا مِنْ قَوْلِنَا: اعْتَرَضَ الشَّيْءَ: أَتَاهُ مِنْ عُرْضٍ، كَأَنَّهُ اعْتَرَضَهَا مِنْ سَائِرِ النُّوقِ: قَالَ الرَّاعِي:

نَجَائِبُ لَا يُلْقَحْنَ إِلَّا يَعَارَةً ... عِرَاضًا وَلَا يُبْتَعْنَ إِلَّا غَوَالِيَا

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَقِحَتِ النَّاقَةُ عِرَاضًا، أَيْ ذَهَبَتْ إِلَى فَحْلٍ لَمْ تُقَدْ إِلَيْهِ. وَالْعَارِضُ: السَّحَابُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ قِيَاسِهِ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى: {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] . وَالْعَارِضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا يَسْتَقْبِلُكَ، كَالْعَارِضِ مِنَ السَّحَابِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَارِضُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي يَعْرِضُ فِي قُطْرٍ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاءِ مِنَ الْعَشِيِّ ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ حَبَا وَاسْتَوَى. وَيُقَالُ لَهُ: الْعَانُّ بِالتَّشْدِيدِ.

وَمِنَ الْمُشْتَقِّ مِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: مَرَّ بِي عَارِضٌ مِنْ جَرَادٍ، إِذَا مَلَأَ الْأُفُقَ. وَلِفُلَانٍ عَلَى أَعْدَائِهِ عُرْضِيَّةٌ، أَيْ صُعُوبَةٌ. وَهَذَا مِنْ قَوْلِنَا نَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ قِيَاسُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ التَّعْرِيضَ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْإِبِلِ مِنْ مِيرَةٍ أَوْ زَادٍ. وَهَذَا مُشْتَقٌّ مِنْ أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى مَنْ لَعَلَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: عَرِّضُوا مِنْ مِيرَتِكُمْ، أَيْ أَطْعِمُونَا مِنْهَا. قَالَ: حَمْرَاءَ مِنْ مُعَرِّضَاتِ الْغِرْبَانِ

يَصِفُ نَاقَةً لَهُ عَلَيْهَا الْمِيرَةُ فَهِيَ تَتَقَدَّمُ الْإِبِلَ وَيَنْفَتِحُ مَا عَلَيْهَا لِسُرْعَتِهَا فَتَسْقُطُ الْغِرْبَانُ عَلَى أَحْمَالِهَا، فَكَأَنَّهَا عَرَّضَتْ لِلْغِرْبَانِ مِيرَتَهُمْ. وَيُقَالُ لِلْإِبِلِ الَّتِي تَبْعُدُ آثَارُهَا فِي الْأَرْضِ: الْعُرَاضَاتُ، أَيْ إِنَّهَا تَأْخُذُ فِي الْأَرْضِ عَرْضًا فَتَبِينُ آثَارُهَا. وَيَقُولُونَ: " إِذَا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَرًا، وَلَمْ تَرَ فِيهَا مَطَرًا، فَأَرْسِلِ الْعُرَاضَاتِ أَثَرًا، يَبْغِينَكَ فِي الْأَرْضِ مَعْمَرًا ".

وَيُقَالُ: نَاقَةٌ عُرْضَةٌ لِلسَّفَرِ، أَيْ قَوِيَّةٌ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهَا لِقُوَّتِهَا تُعْرَضُ أَبَدًا لِلسَّفَرِ. فَأَمَّا الْعَارِضَةُ مِنَ النُّوقِ أَوِ الشَّاءِ، فَإِنَّهَا الَّتِي تُذْبَحُ لِشَيْءٍ يَعْتَرِيهَا. وَقَالَ:

مِنْ شِوَاءٍ لَيْسَ مِنْ عَارِضَةٍ ... بِيَدَيْ كُلِّ هَضُومٍ ذِي نَفَلْ

وَهَذَا عِنْدَنَا مِمَّا جُعِلَ فِيهِ الْفَاعِلُ مَكَانَ الْمَفْعُولِ ; لِأَنَّ الْعَارِضَةَ هِيَ الَّتِي عُرِضَ لَهَا بِمَرَضٍ، كَمَا يَقُولُونَ: سِرٌّ كَاتِمٌ. وَمَعْنَى عُرِضَ لَهَا أَنَّ الْمَرَضَ أَعْرَضَهَا، وَتَوَسَّعُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى بَنَوُا الْفِعْلَ مَنْسُوبًا إِلَيْهَا، فَقَالُوا: عَرَضَتْ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا عَرَضَتْ مِنْهَا كَهَاةٌ سَمِينَةٌ ... فَلَا تُهْدِ مِنْهَا وَاتَّشِقْ وَتَجَبْجَبِ

وَالْعِرْضُ: الْوَادِي، وَالْعِرْضُ: وَادٍ بِالْيَمَامَةِ. قَالَ الْأَعْشَى:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُهُ ... نَخِيلًا وَزَرْعًا نَابِتًا وَفَصَافِصَا

وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ:

فَهَذَا أَوَانُ الْعِرْضِ حَيَّ ذُبَابُهُ ... زَنَابِيرُهُ وَالْأَزْرَقُ الْمُتَلَمِّسُ

وَمِنَ الْبَابِ: نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَرْضَ عَيْنٍ، أَيِ اعْتَرَضْتُهُ عَلَى عَيْنِي. وَرَأَيْتُ فُلَانًا عَرْضَ عَيْنٍ، أَيْ لَمْحَةً. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ عَرَضَ لِعَيْنِي، فَرَأَيْتُهُ. وَيُقَالُ: عَلِقْتُ فُلَانًا عَرَضًا، أَيِ اعْتِرَاضًا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ مِنِّي لِذَلِكَ وَلَا إِرَادَةٍ. وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِرَاضِ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ. وَأَنْشَدَ:

عُلِّقْتُهَا عَرَضًا وَأَقْتُلُ قَوْمَهَا ... زَعْمًا لَعَمْرُ أَبِيكِ لَيْسَ بِمَزْعَمِ

وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمُ عَرَضٍ، إِذَا جَاءَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي مَنْ رَمَاهُ. وَهَذَا مِنَ الْبَابِ أَيْضًا كَأَنَّهُ جَاءَهُ عَرَضًا مِنْ حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمِعْرَاضِ مِنَ السِّهَامِ.

وَالْمَعَارِضُ: جَمْعُ مَعْرَضٍ وَهِيَ بِلَادٌ تُعْرَضُ فِيهَا الْمَاشِيَةُ لِلرَّعْيِ. قَالَ: أَقُولُ لِصَاحِبَيَّ وَقَدْ هَبَطْنَا ... وَخَلَّفْنَا الْمَعَارِضَ وَالْهِضَابَا

بكا

بكا: البُكاء يقصر ويمد؛ قاله الفراء وغيره، إذا مَدَدْتَ أَردتَ الصوتَ

الذي يكون مع البكاء، وإذا قَصرت أَردتَ الدموع وخروجها؛ قال حسان بن

ثابت، وزعم ابن إسحق أَنه لعبد الله بن رواحة وأَنشده أَبو زيد لكعب بن

مالك في أَبيات:

بَكَتْ عيني، وحقَّ لها بُكاها،

وما يُغْني البُكاءُ ولا العَويلُ

على أَسَد الإلهِ غَداةَ قالوا:

أَحَمْزَةُ ذاكم الرجلُ القتيلُ؟

أُصِيبَ المسلمون به جميعاً

هناك، وقد أُصيب به الرسولُ

أَبا يَعْلى لك الأَركانُ هُدَّتْ،

وأَنتَ الماجدُ البَرُّ الوصولُ

عليك سلامُ ربك في جِنانٍ،

مُخالطُها نَعيمٌ لا يزولُ

قال ابن بري: وهذه من قصيدة ذكرها النحاس في طبقات الشعراء، قال:

والصحيح أَنها لكعب بن مالك؛ وقالت الخنساء في البكاء الممدود ترثي

أَخاها:دَفَعْتُ بك الخُطوبَ وأَنت حيٌّ،

فمن ذا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَليلا؟

إذا قَبُحَ البُكاء على قَتيل،

رأَيتُ بكاءَك الحَسَنَ الجميلا

وفي الحديث: فإن لم تجدوا بُكاءً فَتَبَاكَوْا أَي تَكَلَّفُوا البُكاء،

وقد بَكَى يَبْكِي بُكاءً وبُكىً؛ قال الــخليل: من قصره ذهب به إلى معنى

الحزن، ومن مدّة ذهب به إلى معنى الصوت، فلم يبالِ الــخليلُ اختلافَ

الحركة التي بين باء البكا وبين حاء الحزن، لأَن ذلك الخَطَر يسير. قال ابن

سيده: ،هذا هو الذي جَرَّأَ سيبويه على أَن قال وقالوا النَّضْرُ، كما

قالوا الحَسَنُ، غير أَن هذا مسكَّن الأَوسط، إلا أَن سيبويه زاد على الــخليل

لأَن الــخليل مَثَّلَ حركة بحركة وإن اختلفتا، وسيبويه مَثَّلَ ساكن

الأَوسط بمتحرك الأَوسط، ولا محالة أَن الحركة أَشبه بالحركة وإن اختلفتا من

الساكن بالمتحرك، فَقَصَّرَ سيبويه عن الــخليل، وحُقَّ له ذلك، إذا الــخليل

فاقد النظير وعادم المثيل؛ وقول طرفة:

وما زال عني ما كَنَنْتُ يَشُوقُني،

وما قُلْتُ حتى ارْفَضَّتِ العينُ باكيا

فإنه ذكَّر باكياً وهي خبر عن العين، والعين أُنثى، لأَنه أَراد حتى

ارفضت العين ذات بكاء، وإن كان أَكثر ذلك إنما هو فيما كان معنى فاعل لا

معنى مفعول، فافهم، وقد يجوز أَن يذكر على إرادة العضو، ومثل هذا يتسع فيه

القول؛ ومثله قول الأَعشى:

أَرَى رَجُلاً منهم أَسِيفاً، كأَنما

يَضُمُّ إلى كَشْحَيْهِ كَفّاً مُخَضَّبا

أَي ذاتَ خضاب، أَو على إرادة العضو كما تقدم؛ قال: وقد يجوز أَن يكون

مخضباً حالاً من الضمير الذي في يضم. وبَكَيْتُه وبَكَيْتُ عليه بمعنى.

قال الأَصمعي: بَكَيْت الرجلَ وبَكَّيْته، بالتشديد، كلاهما إذا بَكَيْتَ

عليه، وأَبْكَيته إذا صنعت به ما يُبْكِيه، قال الشاعر:

الشمسُ طالعة، ليستْ بكاسفةٍ،

تُبْكي عليكَ نُجومَ الليل والقَمرا

(* رواية ديوان جرير: تبكي عليك أَي الشمس، ونصب نجوم الليل والقمر

بكاسفة).

واسْتَبْكَيْتُه وأَبْكَيْتُه بمعنى. والتِّبْكاء: البُكاء؛ عن

اللحياني. وقال اللحياني: قال بعض نساء الأَعراب في تأْخيذ الرجال أَخَّذتُه في

دُبَّاء مُمَلأٍ من الماء مُعَلَّقٍ بتِرْشاء فلا يَزَلْ في تِمْشاء

وعينُه في تِبْكاء، ثم فسره فقال: التِّرشاءُ الحَبْلُ، والتِّمْشاء المَشيُ،

والتِّبْكاءُ البُكاء، وكان حكم هذا أَن يقول تَمْشاء وتَبْكاء لأَنهما

من المصادر المبنية للتكثير كالتَّهْذار في الهَذْر والتَّلْعاب في

اللَّعب، وغير ذلك من المصادر التي حكاها سيبويه، وهذه الأُخْذَة قد يجوز أَن

تكون كلها شعراً، فإذا كان كذلك فهو من مَنْهوك المنسرح؛ وبيته:

صَبْراً بني عَبْد الدارْ

وقال ابن الأَعرابي: التَّبكاء، بالفتح، كثرة البُكاء؛ وأَنشد:

وأقْرَحَ عَيْنَيَّ تَبْكاؤُه،

وأَحدَثَ في السَّمْعِ مِنِّي صَمَمْ

وباكَيْتُ فلاناً فَبَكَيْتُه إذا كنتَ أَكثرَ بُكاءً منه. وتَباكى:

تَكَلَّف البُكاءَ. والبَكِيُّ: الكثير البُكاء، على فعيل. ورجل باك، والجمع

بُكاة وبُكِيٌّ، على فُعُول مثل جالس وجُلُوس، إلاّ أَنهم قلبوا الواو

ياء. وأَبْكَى الرجلَ: صَنَع به ما يُبْكيه. وبَكَّاه على الفَقيدِ:

هَيَّجه للبكاء عليه ودعاه إليه؛ قال الشاعر

صَفيَّةُ قُومي ولا تَقْعُدِي،

وبَكِّي النساءَ على حَمْزه

ويروى: ولا تَعْجزي، هكذا روي بالإسكان، فالزاي على هذا هو الرويّ لا

الهاء لأَنها هاء تأنيث، وهاء التأْنيث لا تكون رويّاً، ومن رواه مطلقاً

قال: على حمزة، جعل التاء هي الرويّ واعتقدها تاء لا هاء لأَن التاء تكون

رويّاً، والهاء لا تكون البتة رويّاً. وبَكَاه بُكاءً وبَكَّاه، كلاهما:

بَكَى عليه ورثاه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

وكنتُ مَتَى أَرى زِقّاً صَريعاً،

يُناحُ على جَنازَتِه، بَكَيْتُ

فسره فقال: أَراد غَنَّيْتُ، فجعل البكاء بمنزلة الغِناء، واستجاز ذلك

لأَن البُكاء كثيراً ما يَصْحَبه الصوت كما يصحب الصوت الغناء.

والبَكَى، مقصور: نبت أَو شجر، واحدته بَكاة. قال أَبو حنيفة: البَكاة

مثلُ البَشامة لا فرق بينهما إلا عند العالم بهما، وهما كثيراً ما تنبتان

معاً، وإذا قطعت البَكاة هُريقت لبناً أَبيض؛ قال ابن سيده: وقضينا على

أَلف البُكَى بالياء لأَنها لام لوجود ب ك ي وعدم ب ك و، والله أَعلم.

عَتَقَ 

(عَتَقَ) الْعَيْنُ وَالتَّاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَجْمَعُ مَعْنَى الْكَرَمِ خِلْقَةً وَخُلُقًا، وَمَعْنَى الْقِدَمِ. وَمَا شَذَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ عَلَى حِدَةٍ.

قَالَ الْــخَلِيلُ: عَتَقَ الْعَبْدُ يَعْتِقُ عَتَاقًا وَعَتَاقَةً وَعُتُوقًا، وَأَعْتَقَهُ صَاحِبُهُ إِعْتَاقًا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: عَتَقَ فُلَانٌ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ، إِذَا صَارَ رَقِيقَ الْخِلْقَةِ بَعْدَ مَا كَانَ جَافِيًا. وَيُقَالُ: حَلَفَ بِالْعَتَاقِ، وَهُوَ مَوْلَى عَتَاقَةٍ. وَصَارَ الْعَبْدُ عَتِيقًا. وَلَا يُقَالُ عَاتِقٌ فِي مَوْضِعِ عَتِيقٍ إِلَّا أَنْ تَنْوِيَ فِعْلَهُ فِي قَابِلٍ، فَتَقُولَ عَاتِقٌ غَدًا. وَامْرَأَةٌ عَتِيقَةٌ حُرَّةٌ مِنَ الْأُمُوَّةِ. وَامْرَأَةٌ عَتِيقَةٌ أَيْضًا، أَيْ جَمِيلَةٌ كَرِيمَةٌ. وَفَرَسٌ عَتِيقٌ: رَائِعٌ بَيِّنُ الْعِتْقِ، وَثَوْبٌ نَاعِمٌ عَتِيقٌ. وَالْعَتِيقُ أَيْضًا: الْكَرِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَدْ عَتَقَ وَعَتُقَ، إِذَا أَتَى عَلَيْهِ زَمَنٌ.

قَالَ الْــخَلِيلُ: جَارِيَةٌ عَاتِقٌ، أَيْ شَابَّةٌ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَتْ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ عَاتِقًا لِأَنَّهَا عَتَقَتْ مِنَ الصِّبَا وَبَلَغَتْ أَنْ تَدَرَّعَ. قَالُوا: وَالْجَوَارِحُ مِنَ الطَّيْرِ عِتَاقٌ لِأَنَّهَا تَصِيدُ وَلَا تُصَادُ، فَهِيَ أَكْرَمُ الطَّيْرِ، وَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ أَنْ تُصَادَ، وَذَلِكَ كَالْبَازِي وَمَا أَشْبَهَهُ. قَالَ لَبِيدٌ:

فَانْتَضَلْنَا وَابْنُ سَلْمَى قَاعِدٌ ... كَعَتِيقِ الطَّيْرِ يُغْضِي وَيُجَلُّ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَعْتَقْتُ الْمَالَ فَعَتَقَ، أَيْ أَصْلَحْتُهُ فَصَلُحَ. وَيُقَالُ: عَتَقَتِ الْفُرْسُ، إِذَا سَبَقَتْ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَكُنْتُ بِالْمِرْبَدِ فَأُجْرِيَ فَرَسَانِ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: هَذَا أَوَانُ عَتَقَتِ الشَّقْرَاءُ، أَيْ سَبَقَتْ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِعْتَاقُ الْوَسِيقَةِ، إِذَا طَرَدَ طَرِيدَةً أَنْجَاهَا وَسَلِمَ بِهَا. وَيُقَالُ: مَا أَبْيَنَ الْعِتْقَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ، أَيِ الْكَرَمَ.

قَالَ الْــخَلِيلُ: الْبَيْتُ الْعَتِيقُ: الْكَعْبَةُ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] . وَيُقَالُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ أَيَّامَ الطُّوفَانِ فَرُفِعَ. وَيُقَالُ أُعْتِقُ مِنَ الْحَبَشَةِ عَامَ الْفِيلِ وَيُقَالُ: أُعْتِقَ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَهُ أَحَدٌ فَهُوَ بَيْتُ اللَّهِ - تَعَالَى.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ أَمْثَالِهِمْ: " لَوْلَا عِتْقُهُ لَقَدْ بَلَى "، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا ثَبَتَ وَدَامَ. وَقَالَ الْــخَلِيلُ: الْعَاتِقُ مِنَ الطَّيْرِ فَوْقَ النَّاهِضِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ أَخَذَ فَرْخَ قَطَاةٍ عَاتِقًا، إِذَا اسْتَقَلَّ وَطَارَ. وَنَرَى أَنَّهُ مَنْ عَتَقَتِ الْفُرْسُ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: طَيْرٌ عَاتِقٌ، إِذَا كَانَ فَوْقَ النَّاهِضِ، لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ حَدٍّ الزَّقِّ. فَأَمَّا الْعَاتِقُ مِنَ الزِّقَاقِ فَهُوَ الْوَاسِعُ الْجَيِّدُ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالشَّيْءِ الْكَرِيمِ. قَالَ لَبِيدٌ:

أُغْلِيَ السِّبَاءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِقٍ ... أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتَامُهَا

وَقَالَ الْــخَلِيلُ: شَرَابٌ عَاتِقٌ، أَيْ عَتِيقٌ. قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:

لَا تَبْعُدَنَّ إِدَاوَةٌ مَطْرُوحَةٌ ... كَانَتْ زَمَانًا لِلشَّرَابِ الْعَاتِقِ

وَيُقَالُ لِلْبِئْرِ الْقَدِيمَةِ عَاتِقَةٌ. وَالْخَمْرُ الْعَتِيقَةُ: الَّتِي عُتِّقَتْ زَمَانًا حَتَّى عَتَقَتْ. قَالَ الْأَعْشَى:

وَسَبِيئَةٍ مِمَّا تُعَتِّقُ بَابِلٌ ... كَدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُهَا جِرْيَالَهَا

قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَاتِقُ فِي وَصْفِ الْخَمْرِ الَّتِي لَمْ تُفَضَّ وَلَمْ تُبْزَلْ، ذَهَبَ إِلَى الْجَارِيَةِ الْعَاتِقِ الَّتِي لَمْ تَبِنْ عَنْ أَبَوَيْهَا. وَيُقَالُ: بَلِ الْخَمْرُ الْعَاتِقُ مِنَ الْقِدَمِ، وَكُلُّ شَيْءٍ تَقَادَمَ فَهُوَ عَاتِقٌ وَعَتِيقٌ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: كُلُّ شَيْءٍ بَلَغَ إِنَاهُ فَقَدْ عَتَقَ، وَسُمِّيَ الْعَبْدُ عَتِيقًا لِأَنَّهُ بَلَغَ غَايَتَهُ. فَأَمَّا قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

كَذَبَ الْعَتِيقُ وَمَاءُ شَنٍّ بَارِدٌ ... إِنْ كُنْتِ سَائِلَتِي غَبُوقًا فَاذْهَبِي فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ الْعَتِيقِ. وَمَعْنَى كَذَبَ، أَيْ عَلَيْكَ بِهَذَا النَّوْعِ. وَيُقَالُ بَلِ الْعَتِيقُ: الْمَاءُ; وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَجَلُّ الْأَشْرِبَةِ، وَفِيهِ الْحَيَاةُ.

وَمِنَ الْقِدَمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُمْ: عَتُقَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ، أَيْ قَدُمَتْ وَوَجَبَتْ. قَالَ:

عَلَيَّ أَلِيَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيمًا ... فَلَيْسَ لَهَا وَإِنْ طُلِبَتْ مَرَامُ

وَيُقَالُ لِكُلِّ كَرِيمٍ عَتِيقٌ.

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ: عَاتِقَا الْإِنْسَانِ، وَهُمَا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَالْعُنُقِ، وَالْجَمْعُ الْعَوَاتِقُ. وَيُقَالُ الْعَاتِقُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ فُلَانٌ أَمْيَلُ الْعَاتِقِ إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنْهُ مُعْوَجًّا. وَقَالَ فِي تَأْنِيثِ الْعَاتِقِ:

لَا صُلْحَ بَيْنِي فَاعْلَمُوهُ وَلَا ... بَيْنَكُمْ مَا حَمَلَتْ عَاتِقِي

سَيَفِي وَمَا كُنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قَرْقَرَ قُمْرُ الْوَادِ بِالشَّاهِقِ

قَالَ

ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ

: الْعَاتِقُ: الْقَوْسُ الَّتِي تَغَيَّرَ لَوْنُهَا وَاسْوَدَّتْ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْقِدَمِ رَاجِعٌ إِلَى الْبَابِ الْأَوَّلِ.

وي

(وي)
كلمة تعجب وَقيل زجر تَقول وي لزيد وَقد يكنى بِهِ عَن الويل وَقد تَلِيهَا كَاف الْخطاب تَقول ويك وَيُقَال وي بك يَا فلَان للتهدي د
وي
وَيْ كلمةٌ تُذْكَرُ للتَّحَسُّر، والتَّنَدُّم، والتَّعَجُّب، تقول: وَيْ لعبد الله، قال تعالى:
وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ
[القصص/ 82] وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ
[القصص/ 82] ، وقيل: وَيْ لِزيدٍ، وقيل: وَيْكَ، كان وَيْلَكَ فحذف منه اللام.
وي
وَيْ [كلمة وظيفيَّة]: اسم فعل مضارع بمعنى (أعجب)،
 وقد يُكنَّى به عن الوَيْل، وقد تتَّصل به كاف الخطاب كما يدخل على كأن المخفَّفة أو المشدَّدة "وَيْ لمحمَّدٍ- ولقد شفَى نفسي وأبرأ سُقْمَها ... قيل الفوارس ويك عنترُ أقدمِ- {وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} ". 
وي: وي: كلمة تكون تعجبّا، ويُكْنَى بها عن الوَيْل، تقول: وَيْك إنّك لا تسمع موعظتي، وقال عنترة: 

[ولقد شَفَى نَفْسي وأَذْهَبَ سُقْمَها ... قيل الفوارس] وَيكَ عَنْتَرَ أَقدمِ

وتقول: وي بك يا فلان، تهديد، وقال: وَيْ لامِّها من دَوِيّ الجوِّ طالبةٍ ... ولا كهذا الذّي في الأرضِ مَطْلوبُ 

وإنّما أراد وي مفصولةً من الّلام فلذلك كسر الّلام. [وقد تدخل (ويْ) على كأَنَّ المخفّفة والمشدّدة، قال الله تعالى: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ . قال الــخليل: هي مفصولة، تقول: (وي) ثم تبتدىء، فتقول: كأنّ] .
[وي] وَيْ حَرْفٌ معناه التَّعَجُّبُ ويُقالُ وَيْكَأَنَّه ويُقالُ وَيْ بِكَ وَوَيْ بعبدِ اللهِ وأَمَّا قَولُهُ تَعالَى {ويكأن الله يبسط الرزق} القصص 82 فَزَعَمَ سيبَوَيْهِ أَنَّها وَيْ مَفْصُولَةٌ مِنْ كأنَّ قالَ والمَعْنَى وقَعَ على أَنَّ القَوْمَ انْتَبَهُوا فَتَكَلَّموا عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِمْ أَوْ نُبِّهوا فَقِيلَ لُهمْ أَمَا يُشْبِهُ أَنْ يكون عندكُمْ هذا كَهَذَا والله تعالى أعلم قالَ وأَمَّا المُفَسِّرونَ فقالوا أَلَمْ تَرَ وأَنْشَدَ

(وَيْكَأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْبَبْ ... ومَنْ يفتقر يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ)

وقال ثَعْلَبٌ بَعْضُهم يقول معناه اعْلَمْ وبَعْضُهم يقولُ معناه وَيْلَكَ وحكى أبو زَيْدٍ عَنِ العَربِ وَيْكَ بمعنى وَيْلَكَ فهذا يُقَوِّي ما رواهُ ثَعْلَبٌ
وي
: ( {وَيْ: (كلمةُ تَعَجُّبٍ تقولُ:} وَيْكَ {ووَيْ لزيدٍ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاح.
وَفِي المُحْكم: وَيْ حَرْفٌ مَعْناهُ التَّعَجُّب؛ وأنْشَدَ الأزْهري:
} وَيْ لامِّها من دوِيِّ الجَوِّ طالِبة
وَلَا كَهَذا الَّذِي فِي الأرضِ مَطْلُوبُقالَ: إنَّما أَرادَ وَيْ مَفْصولَة من اللامِ، ولذلكَ كَسَر اللامَ.
قالَ الجَوْهري: (و) قد (تَدْخُلُ) وَيْ (على كأَنْ المُخَفَّفَةِ والمُشَدَّدةِ) تقولُ: وَيْ ثمَّ تَبْتَدِىءُ فتقولُ كأَنْ؛ قالَهُ الــخَليلُ.
(و) قالَ اللَّيْثُ: (وَيْ يُكَنَّى بهَا عَن الوَيْلِ) ، فيقالُ وَيْكَ اسْتَمِع قَوْلي؛ قالَ عَنْترةُ:
وَلَقَد شَفَى نَفْسي وأَذْهَبَ سُقْمَها
قِيلُ الفَوراِس وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِوقد تقدَّمَ ذلكَ فِي الكافِ.
(وقولهُ تَعَالَى: {وَيْكَ أَنَّ ااَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) لمَنْ يَشاءُ} ، (زَعَمَ سِيبَوَيْه أَنَّها! وَيْ مَفْصولة مِن كأنَّ) ، قالَ: والمعْنى وَقَعَ على أنَّ القَوْمَ انْتَبَهُوا فتَكَلَّموا على قَدْرِ عِلْمِهِم أَو نُبِّهُوا، فقيلَ لَهُم إنَّما يشبه أَن يكونَ عنْدَكُم هَذَا هَكَذَا؛ وأنْشَدَ لزيد بنِ عَمرِو بنِ نُفَيْل، وقيلَ: لنَبِيه بنِ الحجَّاج:
وَيْ كأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ
بَبْ ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ (وقيلَ: مَعْناهُ أَلَمْ تَرَ) ؟ عَزَاهُ سِيبَوَيْه إِلَى بعضِ المُفَسِّرين.
وَقَالَ الفرَّاء فِي تَفْسِيرِ الآيةِ: وَيْكأَنَّ فِي كلامِ العَرَبِ تَقْرِير كقَوْلِ الرَّجُل أَما تَرَى إِلَى صُنْع اللهاِ وإحْسانِه؛ قالَ: وأَخْبَرني شيخٌ مِن أَهْلِ البَصْرةِ أَنَّه سَمِعَ أَعْرابيَّةً تقولُ لزَوْجِها: أَيْنَ ابنُكَ وَيْلَك فقالَ: ويْكَأَنه وَراءَ البَيْتِ؛ مَعْناهُ أَما تَرينَّه وَراء البَيْتِ.
(وقيلَ) : مَعْناهُ (وَيْلَكَ) ، حَكَاهُ ثَعْلَب عَن بعضِهم؛ وَحَكَاهُ أَبو زيْدٍ عَن العَرَبِ.
وَقَالَ الفرَّاء: وَقد يَذْهَبُ بعضُ النَّحويِّين إِلَى أَنَّها كَلِمتانِ يُريدُونَ وَيْكَ كأَنَّهم، أَرادُوا وَيْلَكَ فحذَفُوا اللامَ، ويَجْعَلُ أَن مَفْتوحة بفِعْل مُضْمَر. (وقيلَ: اعْلَمْ) ، حكَاهُ ثَعْلَب أيْضاً عَن بعضِهم.
وَقَالَ الفرَّاء: تَقْديرُه وَيْلَكَ أعْلَمُ أَنَّه فأضْمَر اعْلَم.
قَالَ الفرَّاء: وَلم نَجِدِ العَرَب تُعْمِلُ الظنَّ مُضْمراً وَلَا العِلْم وَلَا أشْبَاهه فِي ذلكَ، وأَمَّا حَذْف اللَّام مِن وَيْلَكَ حَتَّى يَصِيرَ وَيْكَ فقد تَقولهُ العَرَبُ لكثْرتِها.
قَالَ أَبو إِسْحاق: الصَّحيحُ فِي هَذَا مَا ذَكَرَه سِيبَوَيْه عَن الــخليلِ وَيُونُس، قالَ. سأَلْتُ الــخَليلَ عَنْهَا فزَعَمَ أَنَّ وَيْ مَفْصولة مِن كأَنَّ، وأَنَّ القوْمَ تَنَبَّهُوا فَقَالُوا: وَيْ مُتَندِّمِين على مَا سَلَفَ مِنْهُم، وكُلُّ مَن تَنَدَّم أَو نَدِمَ فإظْهارُ نَدامَتِه أَو تَنَدُّمُه أَنْ يقولُ وَيْ، كَمَا يُعاتَب الرَّجُل على مَا سَلَفَ فَيَقُول: كأنَّك قَصَدْت مَكْر وَهِي، فحقِيقَة الوُقُوف عَلَيْهَا وَيْ وَهُوَ أَجْوَد وَفِي كلامِ العَرَبِ: وَيْ مَعْناه التَّنْبِيه والتَّندُّمُ، قالَ: وتَفْسيرُ الــخَليلِ مُشاكِلٌ لمَا جاءَ فِي التَّفْسيرِ لأنَّ قولَ المُفَسِّرين أَما تَرى هُوَ تَنْبِيه.

عظي

باب العين والظاء و (واي) معهما ع ظ ي، وع ظ، مستعملان

عظي: العَظايَةُ على خلقة سام أبرص، أو أُعَيظِم منهُ شيئاً، والذّكر يقال له اللحم غير أنه إذا لم تَرَ قوائمها ظَنَنْتَ أن رأسها رأسُ حيّةٍ. وتجمع: عَظاء، وثلاث عَظايات، والعَظاءَةُ: لغة فيها.

وعظ: العِظَةُ: الموعظة. وَعَظْتُ الرّجلَ أَعِظُهُ عِظَةً وموعظة: واتَّعَظَ: تقبّل العِظَةَ، وهو تذكيرُك إيّاه الخيرَ ونحوَه ممّا يرقُّ له قلبُهُ. ومن أمثالِهم المعروفة: لا تَعِظيني وتَعَظْعَظي، أي: اتَّعظي أنتِ ودَعي موعظتي. 
عظي
: (ي ( {عَظِيَ الجَمَلُ، كرَضِيَ،} عَظًى) ، مَقْصورٌ، (فَهُوَ {عَظٍ) ، مَنْقوصٌ، (} وعَظْيانٌ: انْتَفَخَ بَطْنُهُ من أَكْلِ العُنْظُوانِ) ، اسْمٌ (لشَجَرٍ) ، فَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَجْتَرَّهُ وَلَا أنْ تَبْعَرَه، وقيلَ: أَكْثَر مِن أَكْلِه فتوَلَّد وجْعٌ فِي بَطْنِه.
( {والعَظايَةُ: دُوَيْبَّةٌ كسامِّ أَبْرَصَ) أُعَيْظِمُ مِنْهُ شَيْئا؛} والعَظاءَةُ لُغَةٌ فِيهِ لأَهْلِ العاليَةِ، والأَوْلى لُغَةُ تمِيمٍ؛ (ج {عَظاءٌ) بالمدِّ،} وعَظايا أَيْضاً.
وقالَتْ أَعْرابيَّةٌ وضَرَبَها مَوْلاها؛ رماكَ اللهُ بدَاءٍ لَا دَواءَ لَهُ إلاَّ أَبْوالَ {العَظاءِ، وذلكَ مَا لَا يُوجَدُ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} عَظاهُ {عَظْياً: ساءَهُ بأَمْرٍ يأْتِيهِ إِلَيْهِ.
والعَظاءَةُ: بِئْرٌ بَعِيدَةُ القَعْرِ عَذْبةٌ بالمَضْجَع بينَ رَمْل السُّرَّة وبِيشَة.
وقالَ نَصْر:} العَظاءَةُ ماءٌ مُسْتَوٍ بعضُه لبَني قَيْس بنِ جَزْء وبعضُه لبَني مالِكِ بنِ الأخْرمِ بنِ كَعْب بنِ عَوْفِ بنِ عبدٍ.
الْعين والظاء وَالْيَاء

العَظايَةُ على خلقَة سَام أبرص أُعيظم مِنْهَا شَيْئا، والعظاءة لُغَة، والجميع عظايا وعظاء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِنَّمَا همزت عظاءة وَإِن لم يكن حرف الْعلَّة فِيهَا طرفا لأَنهم جَاءُوا بِالْوَاحِدِ على قَوْلهم فِي الْجَمِيع عظاء. قَالَ ابْن جني وَأما قَوْلهم عظاءة وعباءة وصلاءة فقد كَانَ يَنْبَغِي لما لحقت الْهَاء آخرا وَجرى الْإِعْرَاب عَلَيْهَا وقويت الْيَاء ببعدها عَن الطّرف أَن لَا تهمز وَأَن لَا يُقَال إِلَّا عظاية وعباية وصلاية فَيقْتَصر على التَّصْحِيح دون الإعلال، وَأَن لَا يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ كَمَا اقْتصر فِي نِهَايَة وغباوة وشقاوة وسعاية ورماية على التَّصْحِيح دون الإعلال إِلَّا أَن الْــخَلِيل رَحمَه الله قد علل ذَلِك فَقَالَ: انهم إِنَّمَا بنوا الْوَاحِد على الْجمع فَلَمَّا كَانُوا يَقُولُونَ عظاء وعباء وصلاء فيلزمهم إعلال الْيَاء لوقوعها طرفا أدخلُوا الْهَاء وَقد انقلبت اللَّام همزَة فَبَقيت اللَّام معتلة بعد الْهَاء كَمَا كَانَت معتلة قبلهَا. قَالَ: فَإِن قيل أَو لست تعلم أَن الْوَاحِد أقدم فِي الرُّتْبَة من الْجمع وَأَن الْجمع فرع على الْوَاحِد؟ فَكيف جَازَ للْأَصْل وَهُوَ عظاءة أَن يَبْنِي على الْفَرْع وَهُوَ عظاء؟ وَهل هَذَا إِلَّا كَمَا عابه أَصْحَابك على الْفراء وَقَوله: إِن الْفِعْل الْمَاضِي إِنَّمَا بني على الْفَتْح لِأَنَّهُ حمل على التَّثْنِيَة فَقيل ضرب لقَولهم ضربا؟ فَمن أَيْن جَازَ للــخليل أَن يحمل الْوَاحِد على الْجمع، وَلم يجز للفراء أَن يحمل الْوَاحِد على التَّثْنِيَة؟ فَالْجَوَاب: أَن الِانْفِصَال من هَذِه الزِّيَادَة يكون من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن بَين الْوَاحِد وَالْجمع من المضارعة مَا لَيْسَ بَين الْوَاحِد والتثنية. أَلا تراك تَقول: قصر وقصور وقصراً وقصوراً وَقصر وقصور فتعرب الْجمع إِعْرَاب الْوَاحِد وتجد حرف إِعْرَاب الْجمع حرف إِعْرَاب الْوَاحِد وَلست تَجِد فِي التَّثْنِيَة شَيْئا من ذَلِك إِنَّمَا هُوَ قصران أَو قَصْرَيْنِ. فَهَذَا مَذْهَب غير مَذْهَب قصر وقصور أَو لَا ترى إِلَى الْوَاحِد تخْتَلف مَعَانِيه كاختلاف مَعَاني الْجمع؟ لِأَنَّهُ قد كَون جمع أَكثر من جمع كَمَا يكون الْوَاحِد مُخَالفا للْوَاحِد فِي أَشْيَاء كَثِيرَة وَأَنت لَا تَجِد هَذَا إِذا ثنيت إِنَّمَا تنتظم التَّثْنِيَة مَا فِي الْوَاحِد الْبَتَّةَ وَهِي لضرب من الْعدَد الْبَتَّةَ لَا يكون اثْنَان أَكثر من اثْنَيْنِ كَمَا تكون جمَاعَة أَكثر من جمَاعَة. هَذَا هُوَ الْأَمر الْغَالِب وَإِن كَانَت التَّثْنِيَة قد يُرَاد بهَا فِي بعض الْمَوَاضِع أَكثر من الِاثْنَيْنِ فَإِن ذَلِك قَلِيل لَا يبلغ اخْتِلَاف أَحْوَال الْجمع فِي الْكَثْرَة والقلة فَلَمَّا كَانَت بَين الْوَاحِد وَالْجمع هَذِه النِّسْبَة وَهَذِه المقاربة جَازَ للــخليل أَن يحمل الْوَاحِد على الْجمع، وَلما بعد الْوَاحِد من التَّثْنِيَة فِي مَعَانِيه ومواقعه لم يجز للفراء أَن يحمل الْوَاحِد على التَّثْنِيَة كَمَا حمل الْــخَلِيل الْوَاحِد على الْجَمَاعَة.

وَقَالَت أعرابية لمولاها وَقد ضربهَا: رماك الله بداء لَيْسَ لَهُ دَوَاء إِلَّا أَبْوَال العظاء. وَذَلِكَ مَا لَا يُوجد.

وعظاهُ الشَّيْء: ساءَه. وَمن أمثالهم " طلبت مَا يلهيني فَلَقِيت مَا يعظيني " أَي: مَا يسوءني أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

ثمَّ تُغادِيكِ بِمَا يَعْظِيكِ

وعَظِىَ: هَلَكَ.

والعَظاءَةُ: بِئْر بعيدَة القعر عذبة بالمضجع بَين رمل السُّرَّة وبيشة. عَن الهجري.

عظي: قال ابن سيده: العَظاية على خِلْقة سامِّ أَبْرص أُعَيْظِمُ منها

شيئاً، والعَظاءَة لغة فيها كما يقال امرأَةٌ سَقَّاية وسقَّاءَة، والجمع

عَظايا وعَظاءٌ. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف: كَفِعْلِ الهِرِّ

يَفْتَرِسُ العَظايا؛ قال ابن الأَثير: هي جمع عَظاية دُوَيْبَّة معروفة. قال:

وقيل أَراد بها سامَّ أَبْرَصَ، قال سيبويه: إِنما هُمِزَت عَظاءَة وإِن لم

يكن حرفُ العِلة فيها طَرَفاً لأَنهم جاؤوا بالواحد على قولهم في الجمع

عِظاء. قال ابن جني: وأَما قولهم عَظاءَة وعَباءَةٌ وصَلاءَةٌ فقد كان

ينبغي، لمَّا لَحِقَت الهاءُ آخراً وجَرى الإِعرابُ عليها وقَويت الياءُ

ببعدِها عن الطرَف، أَن لا تُهْمَز، وأَن لا يقال إِلا عَظايةٌ وعَباية

وصَلاية فيُقْتَصَر على التصحيح دون الإِعلال، وأَن لا يجوز فيه الأَمران،

كما اقتُصر في نهاية وغَباوةٍ وشقاوة وسِعاية ورماية على التصحيح دون

الإِعلالِ، إِلا أَنَّ الــخليل، رحمه الله، قد علل ذلك فقال: إِنهم إِنما بَنَوُا

الواحدَ على الجمع، فلما كانوا يقولون عَظاءٌ وعَباءٌ وصَلاءٌ،

فيلزَمُهم إِعلالُ الياءِ لوقوعِها طرَفاً، أَدخلوا الهاء وقد انقَلَبت اللامُ

همزَةً فبَقيت اللامُ معتلَّة بعد الهاء كما كانت معتَلَّة قبلَها، قال:

فإِن قيل أَوَلست تَعْلَم أَن الواحد أَقدَم في الرُّتْبة من الجمع، وأَن

الجمعَ فَرعٌ على الواحد، فكيف جاز للأَصل، وهو عَظاءَةٌ، أَن يبني على

الفرع، وهو عَظاء؛ وهل هذا إِلا كما عابه أَصحابُك على الفراء في قوله: إِن

الفعلَ الماضي إِنما بني على الفتح لأَنه حُمِل على التثنية فقيل ضرَب

لقولهم ضَرَبا، فمن أَين جازَ للــخليل أَن يَحْمِل الواحدَ على الجمع، ولم

يجُزْ للفراء أَن يحمِل الواحِدَ على التثنية؟ فالجواب أَن الانفصال من

هذه الزيادة يكون من وجهين: أَحدهما أَنَّ بين الواحدِ والجمعِ من

المضارعة ما ليس بين الواحِدِ والتثنية، أَلا تَراك تقول قَصْرٌ وقُصُور

وقَصْراً وقُصُوراً وقَصْرٍ وقُصُورٍ، فتُعرب الجمع إعراب الواحد وتجد حرفَ

إِعراب الجمع حرف إِعراب الواحد، ولستَ تجد في التثنية شيئاً من ذلك، إِنما

هو قَصْران أَو قَصْرَيْن، فهذا مذهب غير مذهب قَصْرٍ وقُصُورٍ، أَوَ لا

ترى إِلى الواحد تختلف معانيه كاختلاف معاني الجمع، لأَنه قد يكونُ جمعٌ

أَكثرَ من جَمْعٍ، كما يكون الواحدُ مخالفاً للواحد في أَشياءَ كثيرة،

وأَنت لا تجدُ هذا إِذا ثَنَّيْت إِنما تَنْتَظِم التثنية ما في الواحد

البتة، وهي لضرب من العدد البتة لا يكونُ اثنان أَكثرَ من اثنين كما تكون

جماعة أَكثرَ من جماعة، هذا هو الأَمر الغالب، وإِن كانت التثنية قد يراد بها

في بعض المواضع أَكثر من الاثنين فإِن ذلك قليل لا يبلغ اختلاف أَحوال

الجمع في الكثرة والقلَّة، فلما كانت بين الواحد والجمع هذه النسبة وهذه

المقاربة جاز للــخليل أَن يحمل الواحدَ على الجمع، ولما بَعُدَ الواحد من

التثنية في معانيه ومواقِعِه لم يجُزْ للفرّاء أَن يحمِل الواحدَ على

التثنية كما حمل الــخليل الواحدَ على الجماعة. وقالت أَعرابيَّة لمولاها، وقد

ضَرَبَها: رَماكَ اللهُ بداءٍ ليس له دَواءٌ إِلا أَبْوالُ العَظاءِ وذلك

ما لا يوجد.

وعَظاه يَعْظُوه عَظْواً: اغْتاله فسَقاه ما يَقْتُله، وكذلك إِذا

تَناوَله بلسانِه. وفَعَل به ما عَظاه أَي ما ساءَه. قال ابن شميل: العَظا أَن

تأْكلَ الإِبلُ العُنْظُوانَ، وهو شجرٌ، فلا تستطيعَ أَن تَجْتَرَّه ولا

تَبْعَرَه فتَحْبَطَ بطونُها فيقال عَظِيَ الجَمَلُ يَعْظَى عَظاً

شديداً، فهو عَظٍ وعَظْيانُ إِذا أَكثر من أَكل العُنْظُوانِ فتوَلّد وجَعٌ في

بطْنه. وعَظاهُ الشيءُ يَعْظِيه عَظْياً: ساءَه. ومن أَمثالهم:طَلبتُ ما

يُلْهيني فلَقِيتُ ما يَعْظِيني أَي ما يَسُوءُني؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

ثم تُغاديك بما يَعْظِيك

الأَزهري: في المثل أَردتَ ما يُلْهيني فقُلْتَ ما يَعْظِيني؛ قال: يقال

هذا للرجل يريدُ أَن يَنْصَح صاحبَه فيُخْطِىُّ ويقولُ ما يسوءُه، قال :

،ومثله أَراد ما يُحْظِيها فقال ما يَعْظِيها. وحكى اللحياني عن ابن

الأَعرابي قال: ما تَصْنع بي ؟ قال: ما عَظَاكَ وشَرَاك وأَوْرَمَك؛ يعني

ما ساءَك. يقال: قلت ما أَوْرَمَه وعَظَاه أَي قلت ما أَسْخَطهُ. وعَظى

فلانٌ فلاناً إِذا ساءَه بأَمرٍ يأْتِيه إِليه يَعْظِيه عَظْياً. ابن

الأَعرابي: عَظا فلاناً يَعْظُوه عَظْواً إِذا قَطَّعَه بالغِيبَة. وعَظِي:

هلك.

والعَظاءَةُ: بئرٌ بَعِيدة القَعْرِ عَذبة بالمَضْجَع بين رَمْل

السُّرَّة

(* قوله« رمل السرة إلخ» هكذا في الأصل المعتمد والمحكم.) وبِيشَة؛ عن

الهَجَري.

ولقي فلانٌ ما عَجاهُ وما عَظاهُ أَي لَقيَ شِدَّة. ولَقّاه اللهُ ما

عَظَاه أَي ما ساءه.

أله

أله: أَلَّه بالتضعيف، ألّهه: اتخذه إلهاً، ونزله منزلة إله، قدّس، مجّد، عظم (بوشر، وكذلك عند فريتاج، وانظر: لين).
تَأَلَّه: ادعى الألوهية (المقري 2: 136).
-: تعبد وتنسك (فوك).
-: انظر تَأَلُّه فيما يلي: إلاهة: مؤنث إله، ربة (بوشر).
اللهم: إن ابن خلدون وغيره من الكتاب المغاربة يهملون أحياناً القاعدة التي توجب اتباع كلمة اللهم بأداة الاستثناء إلا، مثل ما جاء في المقدمة 1: 2، 13، 402، 304.
التأله: حب الذات ونظرة المرء لنفسه كأنه إله (المقدمة 1: 360، 2: 393). غير أن ما جاء في تاريخ البربر (1: 641): والتاله على الندمان (وفي مخطوطتنا رقم 1351: والتاته) والصواب: والتأبه (انظر لين تأبه في مادة أبه).
(أل هـ)

الإِلاهُ: الله عز وَجل، وكل مَا اتُّخذ من دونه معبودا إلاَهٌ عِنْد متخذه، والجميع آلِهَةٌ وَهُوَ بَين الإلاهَةِ والأُلهْانِيةِ، وَفِي حَدِيث وهيب: " إِذا وَقع العَبْد فِي أُلهانِيَّةِ الرَّبِّ لم يجد أحدا يَأْخُذ بِقَلْبِه " حَكَاهُ الْهَرَوِيّ فِي الغريبين.

والإلاهَة، والأُلوهَة، والأُلُوهِيَّةُ: الْعِبَادَة وَقد قرئَ: (ويَذَرَك وآلهَتك) ، (ويَذَرَك وإلاهَتَك) وَهَذِه الْأَخِيرَة عَن ثَعْلَب، كَأَنَّهَا هِيَ المختارة، قَالَ: لِأَن فِرْعَوْن كَانَ يُعبد وَلَا يَعبد، فَهُوَ على هَذَا ذُو إلاهَةٍ، لَا ذُو آلهَةٍ.

والتَّأَلُّهُ: التنسك قَالَ: سَبَّحْنَ واستَرْجَعْنَ مِنْ تَألُّهِي

والأُلاهَة: الشَّمْس الحارة، حكى عَن ثَعْلَب.

والأَلِيهَة، والإلاهَةُ، والألاهَةُ، وأُلاهَةُ، كُله: الشَّمْس اسْم لَهَا، الضَّم فِي أَولهَا عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ:

تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ قَصْراً ... فَأعْجَلْنا إلاهَةَ أنْ تَؤُوبا

وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي: أُلاهَة، وَرَوَاهُ بَعضهم: " فأعجلنا الأَلاهَةَ " وَإِنَّمَا سميت بذلك لأَنهم كَانُوا يعظمونها ويعبدونها، وَقد أوجدنا الله عز وَجل ذَلِك فِي كِتَابه حِين قَالَ: (وَمِنْ آياتهِ اللَّيْلُ والنهارُ والشَّمسُ والقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا للشَّمْسِ وَلَا للقَمَرِ واسجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدونَ) وَقد أَنْعَمت تَعْلِيل هَذِه الْكَلِمَة وَشَرحهَا فِي " الكاب الْمُخَصّص ".

وَقَالُوا: يَا الله فَقطعُوا، حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ، وَهَذَا نَادِر، وَحكى ثَعْلَب انهم يَقُولُونَ: يالله، فيصلون. قَالَ: وهما لُغَتَانِ، يَعْنِي الْقطع والوصل، وَقَول الشَّاعِر:

إنِّي إِذا مَا حَدَثٌ أَلَّما

دَعَوْتُ ياللَّهُمَّ يَا للَّهُمَّا

فَإِن الْمِيم الْمُشَدّدَة بدل من " يَا " فَجمع بَين الْبَدَل والمبدل مِنْهُ، وَقد خففها الْأَعْشَى، فَقَالَ:

كَحَلْفَةِ مِنْ أبيِ رَبَاحٍ ... يَسْمَعُها لاهُمَ الكُبارُ

وَقَوله:

أَلا لَا بارَكَ اللهُ فِي سُهَيْلٍ ... إِذا مَا اللهُ بارَكَ فِي الرِّجالِ

إِنَّمَا أَرَادَ " الله " فقصر ضَرُورَة. والإلاهة: الحيَّة الْعَظِيمَة، عَن ثَعْلَب.

وإِلاهَةُ: مَوضِع.
أ ل هـ: (أَلَهَ) يَأْلَهُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا (إِلَاهَةً) أَيْ عَبَدَ. وَمِنْهُ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «وَيَذَرَكَ وَ (إِلَاهَتَكَ) » بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ وَعِبَادَتَكَ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يُعْبَدُ. وَمِنْهُ قَوْلُنَا اللَّهُ وَأَصْلُهُ (إِلَاهٌ) عَلَى
فِعَالٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لِأَنَّهُ مَأْلُوهٌ أَيْ مَعْبُودٌ كَقَوْلِنَا إِمَامٌ بِمَعْنَى مُؤْتَمٍّ بِهِ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَلَامِ وَلَوْ كَانَتَا عِوَضًا مِنْهُمَا لَمَا اجْتَمَعَتَا مَعَ الْمُعَوَّضِ فِي قَوْلِهِمُ (الْإِلَهُ) وَقُطِعَتِ الْهَمْزَةُ فِي النِّدَاءِ لِلُزُومِهَا تَفْخِيمًا لِهَذَا الِاسْمِ. وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّحْوِيَّ يَقُولُ: إِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عِوَضٌ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اسْتِجَازَتُهُمْ لِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَوْصُولَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى لَامِ التَّعْرِيفِ فِي الْقَسَمِ وَالنِّدَاءِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: أَفَأَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، وَيَا أَللَّهُ اغْفِرْ لِي. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ عِوَضٍ لَمْ تَثْبُتْ كَمَا لَمْ تَثْبُتْ فِي غَيْرِ هَذَا الِاسْمِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلُزُومِ الْحَرْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تُقْطَعَ هَمْزَةُ الَّذِي وَالَّتِي وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِأَنَّهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً كَمَا لَمْ يَجُزْ فِي: ايْمُ اللَّهِ وَايْمُنُ اللَّهِ، الَّتِي هِيَ هَمْزَةُ وَصْلٍ وَهِيَ مَفْتُوحَةٌ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تُقْطَعَ الْهَمْزَةُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا مِمَّا يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهُ فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى اخْتُصَّتْ بِهِ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ أَوْلَى بِذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُعَوَّضَ مِنَ الْحَرْفِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ الْفَاءُ. وَجَوَّزَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ لَاهًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَ (إِلَاهَةُ) اسْمٌ لِلشَّمْسِ غَيْرُ مَصْرُوفٍ بِلَا أَلِفٍ وَلَامٍ، وَرُبَّمَا صَرَفُوهُ وَأَدْخَلُوا فِيهِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فَقَالُوا: الْإِلَاهَةُ وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ:

وَأَعْجَلْنَا الْإِلَاهَةَ أَنْ تَئُوبَا
وَلَهُ نَظَائِرُ فِي دُخُولِ لَامِ التَّعْرِيفِ وَسُقُوطِهَا. مِنْ ذَلِكَ نَسْرٌ وَالنَّسْرُ اسْمُ صَنَمٍ، وَكَأَنَّهُمْ سَمَّوْهَا إِلَاهَةَ لِتَعْظِيمِهِمْ لَهَا وَعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهَا وَ (الْآلِهَةُ) الْأَصْنَامُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَحِقُّ لَهَا وَأَسْمَاؤُهُمْ تَتْبَعُ اعْتِقَادَاتِهِمْ لَا مَا عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي نَفْسِهِ. وَ (التَّأْلِيهُ) التَّعْبِيدُ وَ (التَّأَلُّهُ) التَّنَسُّكُ وَالتَّعَبُّدُ وَتَقُولُ: (أَلِهَ) أَيْ تَحَيَّرَ وَبَابُهُ طَرِبَ وَأَصْلُهُ وَلِهَ يَوْلَهُ وَلَهًا. 
(أ ل هـ) : (التَّأَلُّهُ) تَفَعُّلٌ مِنْ أَلِهَ ألو قَوْلُهُ لَمْ يَأْلُ أَنْ يَعْدِلَ فِي ذَلِكَ أَيْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ مِنْ أَلَا فِي الْأَمْرِ يَأْلُو أُلُوًّا وَأُلِيًّا إذَا قَصَّرَ فِيهِ وَأَمَّا لَفْظُ الرِّوَايَةِ فَقَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَأْلُوا مِنْ الْعَدْلِ فَعَلَى التَّضْمِينِ وَقَوْلُهُمْ لَا آلُوكَ نُصْحًا مَعْنَاهُ لَا أَمْنَعُكَهُ وَلَا أَنْقُصُكَهُ وَهُوَ تَضْمِينٌ أَيْضًا (وَالْأَلِيَّةُ) الْحَلِفُ يُقَالُ آلَى يُولِي إيلَاءً مِثْلُ أَعْطَى يُعْطِي إعْطَاءً وَالْجَمْعُ أَلَايَا مِثْلُ عَطِيَّةٍ وَعَطَايَا.
أله
الله: قيل: أصله إله فحذفت همزته، وأدخل عليها الألف واللام، فخصّ بالباري تعالى، ولتخصصه به قال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم/ 65] . وإله جعلوه اسما لكل معبود لهم، وكذا اللات، وسمّوا الشمس إِلَاهَة لاتخاذهم إياها معبودا.
وأَلَهَ فلان يَأْلُهُ الآلهة: عبد، وقيل: تَأَلَّهَ.
فالإله على هذا هو المعبود . وقيل: هو من: أَلِهَ، أي: تحيّر، وتسميته بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه: (كلّ دون صفاته تحبير الصفات، وضلّ هناك تصاريف اللغات) وذلك أنّ العبد إذا تفكّر في صفاته تحيّر فيها، ولهذا روي: «تفكّروا في آلاء الله ولا تفكّروا في الله».
وقيل: أصله: ولاه، فأبدل من الواو همزة، وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه، إمّا بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات، وإمّا بالتسخير والإرادة معا كبعض الناس، ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: الله محبوب الأشياء كلها ، وعليه دلّ قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء/ 44] .

وقيل: أصله من: لاه يلوه لياها، أي:
احتجب. قالوا: وذلك إشارة إلى ما قال تعالى:
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام/ 103] ، والمشار إليه بالباطن في قوله:
وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ [الحديد/ 3] . وإِلَهٌ حقّه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه، فقالوا: الآلهة. قال تعالى: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا [الأنبياء/ 43] ، وقال:
وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف/ 127] وقرئ:
(وإلاهتك) أي: عبادتك. ولاه أنت، أي:
لله، وحذف إحدى اللامين.
«اللهم» قيل: معناه: يا الله، فأبدل من الياء في أوله الميمان في آخره ، وخصّ بدعاء الله، وقيل: تقديره: يا الله أمّنا بخير ، مركّب تركيب حيّهلا.
[أله] أَلهَ بالفتح إِلاهَةً، أي عبد عبادة. ومنه قرأ ابن عباس رضي الله عنهما: (ويذرك وإلاهتك) بكسر الهمزة. قال. وعبادتك. وكان يقول: إن فرعون كان يعبد [في الارض ] . (*) ومنه قولنا " الله " وأصله إلاه على فعال، بمعنى مفعول، لانه مألوه أي معبود، كقولنا: إمام فعال بمعنى مفعول، لانه مؤتم به، فلما أدخلت عليه الالف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام. ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعتا مع المعوض منه في قولهم: الاله. وقطعت الهمزة في النداء للزومها تفخيما لهذا الاسم. وسمعت أبا على النحوي يقول: إن الالف واللام عوض منها. قال: ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء، وذلك قولهم: أفألله ليفعلن، ويا ألله اغفر لى. ألا ترى أنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت في غير هذا الاسم. قال: ولا يجوز أيضا أن يكون للزوم الحرف، لان ذلك يوجب أن تقطع همزة الذى والتى. ولا يجوز أيضا أن يكون لانها همزة مفتوحة وإن كانت موصولة، كما لم يجز في ايم الله وايمن الله التى هي همزة وصل فإنها مفتوحة. قال: ولا يجوز أيضا أن يكون ذلك لكثرة الاستعمال، لان ذلك يوجب أن تقطع الهمزة أيضا في غير هذا مما يكثر استعمالهم له. فعلمنا أن ذلك لمعنى اختصت به ليس في غيرها، ولا شئ أولى بذلك لمعنى من أن يكون المعوض من الحرف المحذوف الذى هو الفاء. وجوز سيبويه أن يكون أصله لاها على ما نذكره من بعد. وإلاهة: اسم موضع بالجزيرة. وقال : كفى حزنا أن يرحل الركب غدوة * وأصبح في عليا إلاهة ثاويا وكان قد نهشته حية. وإلاهة أيضا: اسم للشمس غير مصروف بلا ألف ولام، وربما صرفوه وأدخلوا فيه الالف واللام فقالوا الالاهة . وأنشدني أبو علي: تروحنا من اللعباء قصرا * وأعجلنا الالاهة أن تؤوبا  (*) وقد جاء على هذا غير شئ من دخول لام المعرفة مرة وسقوطها أخرى، قالوا: لقيته الندرى وفى ندرى، وفينة والفينة بعد الفينة، ونسر والنسر: اسم صنم، فكم سموها إلاهة لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها. والآلهة: الاصنام، سموها بذلك لاعتقادهم أنَّ العبادة تَحُقُّ لها، وأسماؤهم تَتْبَعُ اعتقاداتِهم لا ما عليه الشئ في نفسه. والتأليه: التعبيد. والتَأَلُّهُ: التَّنَسُّكُ والتَعَبُّدُ. قال رؤبة:

سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهي * وتقول: أَلِهَ يَأْلَهُ أَلَهاً، أي تحير ; وأصله وله يوله ولها. وقد ألِهْتُ على فلانٍ، أي اشتدَّ جزعي عليه، مثل ولِهْتُ.
ألهـ
تألَّهَ يتألَّه، تألُّهًا، فهو مُتألِّه
• تألَّه الشَّخصُ:
1 - تنسَّك وتعبَّد "تألَّه المؤمنُ".
2 - ادَّعى الألوهيّةَ "تألَّه العاتي". 

إلاهيَّات [جمع]
• الإلاهيَّات: الإلهيّات؛ ما يتعلّق بذات الإله وصفاته.
• علم الإلاهيَّات: (دن) علم الإلهيّات؛ علم يبحث فيما يتعلّق بالإله. 

إله [مفرد]: ج آلِهة، مؤ إلهة وإلاهة، ج مؤ آلِهة: كلّ ما اتُّخذ معبودًا بحقّ أو بغير حقّ، ويستعمل لغير الله عند بعض الأقوام في الأساطير القديمة "يا إلهي! ما هذا الجمال؟ - {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} " ° إله الخصب: تمُّوز عند البابليّين- إله الشِّعر والموسيقى: أبولّو عند قدماء اليونان- إلهة الخصب والأمومة: إيزيس عند قدماء المصريّين.
• الإله: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المعبود بحقّ " {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ". 

إلهيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى إله: "العناية الإلهيَّة:
 حفظُ الله ورعايتُه" ° الحقّ الإلهيّ: أصل استند إليه بعض ملوك أوربا في القرون الوسطى يقرِّر أن حكم الملك تفويض إلهيّ. 

إلهيَّات [جمع]
• الإلهيَّات: الإلاهيّات.
• علم الإلهيَّات: (دن) علم الإلاهيّات. 

إلهيَّة [مفرد]
• العلوم الإلهيَّة: (دن) علم ما بعد الطبيعة ويبحث عن الوجود المطلق وعمّا يتعلّق بأمور غير مادِّيّة كالواجب والممكن والعلّة والمعلول ويدخل فيها البحث في الله وفي الرّوح. 

ألوهيَّة [مفرد]: صفة الذات الإلهيّة.
• توحيد الألوهيَّة: صرف جميع أنواع العبادة الظَّاهرة والباطنة لله تعالى دون شرك أو رياء كالخوف والرَّجاء والصَّلاة والزَّكاة. 

اللَّهُمَّ [مفرد]: صيغة نداء ودعاء مثل: يا الله، حذف منها حرف النداء وعُوِّض عنه بميم مشدَّدة "اللّهم ارحمني- {قُلِ اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} ".
• اللَّهُمَّ إلاَّ: صيغة استثناء تفيد إثبات ما فيه شك "سيسافر اللهُمَّ إلاّ أن يكون قد غيَّر رأيه".
• اللَّهُمَّ نعم: صيغة تفيد تمكين الجواب في نفس السَّامع "أيوسف قائم؟ تقول: اللهُمَّ نعم". 

الله [مفرد]
• الله: علم على الذَّات العليَّة الواجبة الوجود، الجامعة لصفات الألوهيّة، ولذا لا يجوز أن يتسمَّى به أحد، وسائر الأسماء قد يتسمَّى بها غيرُه، وهو أوّل أسمائه سبحانه وأعظمها، وينطق باللاّم المفخَّمة ما لم تسبقه الكسرة أو الياء، ويذكر عادة مقرونًا بألفاظ تدلّ على الإجلال مثل: الله تعالى، الله سبحانه وتعالى، وقد يُكتفى بذكر ألفاظ الإجلال فقط مثل: قال تعالى "لا إله إلاّ الله- بسم الله الرحمن الرحيم- ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلٌ ... وكُلُّ نعيم لا محالة زائلُ" ° بالله عليك: أتوسّل إليك/ أرجوك- حدود الله: ما حدّه بأوامره ونواهيه- خليلُ الله: سيِّدنا إبراهيم عليه السلام- لله دَرُّك: عبارة تعجّب ومدح، أي لله ما بذلت من خيرٍ وما قُمْت به من عملٍ، ما أحسن ما أتيت به من قول أو عمل- ما شاء الله!: عبارة استحسان وتعجُّب- والله/ بالله: أقسم بالله- يا الله!: أسلوب تعجُّب.
• اللَّهُمَّ: لفظ الجلالة بعد إضافة الميم إليه عوضًا عن حذف حرف النِّداء " {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ} ". 
أ ل هـ

فلان يتأله: يتعبد. وهو عابد متأله.

أله: الإلَهُ: الله عز وجل، وكل ما اتخذ من دونه معبوداً إلَهٌ عند

متخذه، والجمع آلِهَةٌ. والآلِهَةُ: الأَصنام، سموا بذلك لاعتقادهم أَن

العبادة تَحُقُّ لها، وأَسماؤُهم تَتْبَعُ اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في

نفسه، وهو بَيِّنُ الإلَهةِ والأُلْهانيَّةِ: وفي حديث وُهَيْب ابن الوَرْد:

إذا وقع العبد في أُلْهانيَّة الرَّبِّ، ومُهَيْمِنِيَّة الصِّدِّيقين،

ورَهْبانِيَّةِ الأَبْرار لم يَجِدْ أَحداً يأْخذ بقلبه أَي لم يجد

أَحداً ولم يُحِبَّ إلاَّ الله سبحانه؛ قال ابن الأَثير: هو مأْخوذ من إلَهٍ،

وتقديرها فُعْلانِيَّة، بالضم، تقول إلَهٌ بَيِّنُ الإلَهيَّة

والأُلْهانِيَّة، وأَصله من أَلِهَ يَأْلَهُ إذا تَحَيَّر، يريد إذا وقع العبد في

عظمة الله وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية وصَرَفَ وَهْمَه إليها،

أَبْغَضَ الناس حتى لا يميل قلبه إلى أَحد. الأَزهري: قال الليث بلغنا أَن اسم

الله الأَكبر هو الله لا إله إلاَّ هو وحده

(* قوله «إلا هو وحده» كذا

في الأصل المعوّل عليه، وفي نسخة التهذيب: الله لا إله إلا هو والله وحده

ا هـ. ولعله إلا الله وحده): قال: وتقول العرب للهِ ما فعلت ذاك، يريدون

والله ما فعلت. وقال الــخليل: الله لا تطرح الأَلف من الاسم إنما هو الله

عز ذكره على التمام؛ قال: وليس هو من الأَسماء التي يجوز منها اشْتقاق

فِعْلٍ كما يجوز في الرحمن والرحيم. وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه

سأَله عن اشتقاق اسم الله تعالى في اللغة فقال: كان حقه إلاهٌ، أُدخلت

الأَلف واللام تعريفاً، فقيل أَلإلاهُ، ثم حذفت العرب الهمزة استثقالاً لها،

فلما تركوا الهمزة حَوَّلوا كسرتها في اللام التي هي لام التعريف، وذهبت

الهمزة أَصلاً فقالوا أَلِلاهٌ، فحرَّكوا لام التعريف التي لا تكون إلاَّ

ساكنة، ثم التقى لامان متحركتان فأَدغموا الأُولى في الثانية، فقالوا

الله، كما قال الله عز وجل: لكنا هو الله ربي؛ معناه لكنْ أَنا، ثم إن العرب

لما سمعوا اللهم جرت في كلام الخلق توهموا أَنه إذا أُلقيت الأَلف

واللام من الله كان الباقي لاه، فقالوا لاهُمَّ؛ وأَنشد:

لاهُمَّ أَنتَ تَجْبُرُ الكَسِيرَا،

أَنت وَهَبْتَ جِلَّةً جُرْجُورا

ويقولون: لاهِ أَبوك، يريدون الله أَبوك، وهي لام التعجب؛ وأَنشد لذي

الإِصبع:

لاهِ ابنُ عَمِّي ما يَخا

فُ الحادثاتِ من العواقِبْ

قال أَبو الهيثم: وقد قالت العرب بسم الله، بغير مَدَّة اللام وحذف

مَدَّة لاهِ؛ وأَنشد:

أَقْبَلَ سَيْلٌ جاءَ من أَمر اللهْ،

يَحْرِدْ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّه

وأَنشد:

لَهِنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لَوسِيمةٌ،

على هَنَواتٍ كاذبٍ من يَقُولُها

إنما هو للهِ إنَّكِ، فحذف الأَلف واللام فقال لاهِ: إنك، ثم ترك همزة

إنك فقال لَهِنَّك؛ وقال الآخر:

أَبائِنةٌ سُعْدَى، نَعَمْ وتُماضِرُ،

لَهِنَّا لمَقْضِيٌّ علينا التَّهاجُرُ

يقول: لاهِ إنَّا، فحذف مَدَّةِ لاهِ وترك همزة إنا كقوله:

لاهِ ابنُ عَمِّكَ والنَّوَى يَعْدُو

وقال الفراء في قول الشاعر لَهِنَّك: أَرادَ لإنَّك، فأبدل الهمزة هاء

مثل هَراقَ الماءَ وأَراق، وأَدخل اللام في إن لليمين، ولذلك أَجابها

باللام في لوسيمة. قال أَبو زيد: قال لي الكسائي أَلَّفت كتاباً في معاني

القرآن فقلت له: أَسمعتَ الحمدُ لاهِ رَبِّ العالمين؟ فقال: لا، فقلت:

اسمَعْها. قال الأَزهري: ولا يجوز في القرآن إلاَّ الحمدُ للهِ بمدَّةِ اللام،

وإِنما يقرأُ ما حكاه أَبو زيد الأَعرابُ ومن لا يعرف سُنَّةَ القرآن.

قال أَبو الهيثم: فالله أَصله إلاهٌ، قال الله عز وجل: ما اتَّخذ اللهُ من

وَلَدٍ وما كان معه من إلَهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بما خَلَقَ.

قال: ولا يكون إلَهاً حتى يكون مَعْبُوداً، وحتى يكونَ لعابده خالقاً

ورازقاً ومُدبِّراً، وعليه مقتدراً فمن لم يكن كذلك فليس بإله، وإِن عُبِدَ

ظُلْماً، بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد. قال: وأَصل إلَهٍ وِلاهٌ، فقلبت الواو

همزة كما قالوا للوِشاح إشاحٌ وللوِجاحِ وهو السِّتْر إِجاحٌ، ومعنى ولاهٍ

أَن الخَلْقَ يَوْلَهُون إليه في حوائجهم، ويَضْرَعُون إليه فيما يصيبهم،

ويَفْزَعون إليه في كل ما ينوبهم، كم يَوْلَهُ كل طِفْل إلى أُمه. وقد

سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهَةً. والأُلَهةُ: الشمسُ الحارَّةُ؛ حكي

عن ثعلب، والأَلِيهَةُ والأَلاهَةُ والإلاهَةُ وأُلاهَةُ، كلُّه: الشمسُ

اسم لها؛ الضم في أَوَّلها عن ابن الأَعرابي؛ قالت مَيَّةُ بنت أُمّ

عُتْبَة

(* قوله «ام عتبة» كذا بالأصل عتبة في موضع مكبراً وفي موضعين مصغراً)

بن الحرث كما قال ابن بري:

تروَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً،

فأَعْجَلْنا الإلَهةَ أَن تَؤُوبا

(* قوله «عصراً والالهة» هكذا رواية

التهذيب، ورواية المحكم: قسراً والهة).

على مثْل ابن مَيَّة، فانْعَياه،

تَشُقُّ نَواعِمُ البَشَر الجُيُوبا

قال ابن بري: وقيل هو لبنت عبد الحرث اليَرْبوعي، ويقال لنائحة

عُتَيْبة بن الحرث؛ قال: وقال أَبو عبيدة هو لأُمِّ البنين بنت عُتيبة بن الحرث

ترثيه؛ قال ابن سيده: ورواه ابن الأَعرابي أُلاهَةَ، قال: ورواه بعضهم

فأَعجلنا الأَلاهَةَ يصرف ولا يصرف. غيره: وتدخلها الأَلف واللام ولا

تدخلها، وقد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة الاسمَ مَرَّة وسُقوطها

أُخرى. قالوا: لقيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، وفَيْنَةً والفَيْنَةَ بعد

الفَيْنة، ونَسْرٌ والنَّسْرُ اسمُ صنم، فكأَنهم سَمَّوْها الإلَهة

لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها، فإنهم كانوا يُعَظِّمُونها ويَعْبُدُونها، وقد

أَوْجَدَنا اللهُ عز وجل ذلك في كتابه حين قال: ومن آياته الليلُ والنهارُ

والشمسُ والقمرُ لا تَسْجُدُوا للشمس ولا للقمر واسجُدُوا لله الذي

خَلَقَهُنَّ إن كنتم إياه تعبدون. ابن سيده: والإلاهَةُ والأُلُوهة

والأُلُوهِيَّةُ العبادة. وقد قرئ: ويَذَرَكَ وآلِهتَكَ، وقرأَ ابن عباس:

ويَذَرَك وإِلاهَتَك، بكسر الهمزة، أَي وعبادتك؛ وهذه الأَخيرة عند ثعلب كأَنها

هي المختارة، قال: لأَن فرعون كان يُعْبَدُ ولا يَعْبُدُ، فهو على هذا ذو

إلاهَةٍ لا ذو آلِهة، والقراءة الأُولى أَكثر والقُرّاء عليها. قال ابن

بري: يُقَوِّي ما ذهب إليه ابن عباس في قراءته: ويذرك وإِلاهَتَك، قولُ

فرعون: أَنا ربكم الأَعلى، وقوله: ما علمتُ لكم من إله غيري؛ ولهذا قال

سبحانه: فأَخَذه اللهُ نَكالَ الآخرةِ والأُولى؛ وهو الذي أَشار إِليه

الجوهري بقوله عن ابن عباس: إن فرعون كان يُعْبَدُ. ويقال: إلَه بَيِّنُ

الإلَهةِ والأُلْهانِيَّة. وكانت العرب في الجاهلية يَدْعُونَ معبوداتهم من

الأَوثان والأَصنام آلهةً، وهي جمع إلاهة؛ قال الله عز وجل: ويَذَرَك

وآلِهَتَك، وهي أَصنام عَبَدَها قوم فرعون معه. والله: أَصله إلاهٌ، على

فِعالٍ بمعنى مفعول، لأَنه مأَلُوه أَي معبود، كقولنا إمامٌ

فِعَالٌ بمعنى مَفْعول لأَنه مُؤْتَمّ به، فلما أُدخلت عليه الأَلف

واللام حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرته في الكلام، ولو كانتا عوضاً منها لما

اجتمعتا مع المعوَّض منه في قولهم الإلاهُ، وقطعت الهمزة في النداء للزومها

تفخيماً لهذا الاسم. قال الجوهري: وسمعت أَبا علي النحوي يقول إِن الأَلف

واللام عوض منها، قال: ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة

الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء، وذلك قولهم: أَفأَللهِ

لَتفْعَلَنّ ويا الله اغفر لي، أَلا ترى أَنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت

في غير هذا الاسم؟ قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون للزوم الحرف لأَن ذلك

يوجب أَن تقطع همزة الذي والتي، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون لأَنها همزة

مفتوحة وإن كانت موصولة كما لم يجز في ايْمُ الله وايْمُن الله التي هي

همزة وصل، فإنها مفتوحة، قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون ذلك لكثرة

الاستعمال، لأَن ذلك يوجب أَن تقطع الهمزة أَيضاً في غير هذا مما يكثر استعمالهم

له، فعلمنا أَن ذلك لمعنى اختصت به ليس في غيرها، ولا شيء أَولى بذلك

المعنى من أَن يكون المُعَوَّضَ من الحرف المحذوف الذي هو الفاء، وجوّز

سيبويه أَن يكون أَصله لاهاً على ما نذكره. قال ابن بري عند قول الجوهري: ولو

كانتا عوضاً منها لما اجتمعتا مع المعوَّض عنه في قولهم الإلَهُ، قال:

هذا رد على أَبي علي الفارسي لأَنه كان يجعل الأَلف واللام في اسم الباري

سبحانه عوضاً من الهمزة، ولا يلزمه ما ذكره الجوهري من قولهم الإلَهُ،

لأَن اسم الله لا يجوز فيه الإلَهُ، ولا يكون إلا محذوف الهمزة، تَفَرَّد

سبحانه بهذا الاسم لا يشركه فيه غيره، فإذا قيل الإلاه انطلق على الله

سبحانه وعلى ما يعبد من الأَصنام، وإذا قلت الله لم ينطلق إلا عليه سبحانه

وتعالى، ولهذا جاز أَن ينادي اسم الله، وفيه لام التعريف وتقطع همزته،

فيقال يا ألله، ولا يجوز يالإلهُ على وجه من الوجوه، مقطوعة همزته ولا

موصولة، قال: وقيل في اسم الباري سبحانه إنه مأْخوذ من أَلِهَ يَأْلَه إذا

تحير، لأَن العقول تَأْلَهُ في عظمته. وأَلِهَ أَلَهاً أَي تحير، وأَصله

وَلِهَ يَوْلَهُ وَلَهاً. وقد أَلِهْتُ على فلان أَي اشتدّ جزعي عليه، مثل

وَلِهْتُ، وقيل: هو مأْخوذ من أَلِهَ يَأْلَهُ إلى كذا أَي لجأَ إليه

لأَنه سبحانه المَفْزَعُ الذي يُلْجأُ إليه في كل أَمر؛ قال الشاعر:

أَلِهْتَ إلينا والحَوادِثُ جَمَّةٌ

وقال آخر:

أَلِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقَّف

والتَّأَلُّهُ: التَّنَسُّك والتَّعَبُّد. والتأْليهُ: التَّعْبيد؛ قال:

لله دَرُّ الغَانِياتِ المُدَّهِ

سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي

ابن سيده: وقالوا يا أَلله فقَطَعُوا، قال: حكاه سيبويه، وهذا نادر.

وحكى ثعلب أَنهم يقولون: يا الله، فيصلون وهما لغتان يعني القطع والوصل؛

وقول الشاعر:

إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا

دَعَوْت: يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمَّا

فإن الميم المشددة بدل من يا، فجمع بين البدل والمبدل منه؛ وقد خففها

الأعشى فقال:

كحَلْفَةٍ من أَبي رَباحٍ

يَسْمَعُها لاهُمَ الكُبارُ

(* قوله «من أبي رباح» كذا بالأصل بفتح الراء والباء الموحدة ومثله في

البيضاوي، إلا أن فيه حلقة بالقاف، والذي في المحكم والتهذيب كحلفة من أبي

رياح بكسر الراء وبياء مثناة تحتية، وبالجملة فالبيت رواياته كثيرة).

وإنشاد العامة:

يَسْمَعُها لاهُهُ الكُبارُ

قال: وأَنشده الكسائي:

يَسْمَعُها الله والله كبار

(* وقوله: يسمعها الله والله كبار

كذا بالأصل ونسخة من التهذيب).

الأَزهري: أَما إعراب اللهم فضم الهاء وفتح الميم لا اختلاف فيه بين

النحويين في اللفظ، فأَما العلة والتفسير فقد اختلف فيه النحويون، فقال

الفراء: معنى اللهم يا أَللهُ أُمَّ بخير، وقال الزجاج: هذا إقدام عظيم لأَن

كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح فأَكثر الكلام الإتيان به. يقال: وَيْلُ

أُمِّه ووَيْلُ امِّهِ، والأَكثر إثبات الهمزة، ولو كان كما قال هذا

القائل لجاز الله أُومُمْ واللهُ أُمَّ، وكان يجب أَن يلزمه يا لأَن العرب

تقول يا ألله اغفر لنا، ولم يقل أَحد من العرب إلا اللهم، ولم يقل أَحد يا

اللهم، قال الله عز وجل: قُلِ اللهم فاطرَ السمواتِ والأَرضِ؛ فهذا

القول يبطل من جهات: إحداها أَن يا ليست في الكلام، والأُخرى أَن هذا المحذوف

لم يتكلم به على أَصله كما تكلم بمثله، وأَنه لا يُقَدَّمُ أَمامَ

الدُّعاء هذا الذي ذكره؛ قال الزجاج: وزعم الفراء أَن الضمة التي هي في الهاء

ضمة الهمزة التي كانت في أُمِّ وهذا محال أَن يُتْرَكَ الضمُّ الذي هو

دليل على نداء المفرد، وأَن يجعل في اسم الله ضمةُ أُمَّ، هذا إلحاد في اسم

الله؛ قال: وزعم الفراء أَن قولنا هَلُمَّ مثل ذلك أَن أَصلها هَلْ

أُمَّ، وإنما هي لُمَّ وها التنبيه، قال: وقال الفراء إن يا قد يقال مع اللهم

فيقال يا أَللهم؛ واستشهد بشعر لا يكون مثله حجة:

وما عليكِ أَن تَقُولِي كُلَّما

صَلَّيْتِ أَو سَبَّحْت: يا أَللَّهُمَا،

ارْدُدْ علينا شَيْخَنَا مُسَلَّما

قال أَبو إسحق: وقال الــخليل وسيبويه وجميع النحويين الموثوق بعلمهم

اللهم بمعنى يا أَلله، وإن الميم المشددة عوض من يا، لأَنهم لم يجدوا يا مع

هذه الميم في كلمة واحدة، ووجدوا اسم الله مستعملاً بيا إذا لم يذكروا

الميم في آخر الكلمة، فعلموا أَن الميم في آخر الكلمة بمنزلة يا في أَولها،

والضمة التي هي في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد، والميم مفتوحة

لسكونها وسكون الميم قبلها؛ الفراء: ومن العرب من يقول إذا طرح الميم يا

ألله اغفر لي، بهمزة، ومنهم من يقول يا الله بغير همز، فمن حذف الهمزة فهو

على السبيل، لأَنها أَلف ولام مثل لام الحرث من الأَسماء وأَشباهه، ومن

همزها توهم الهمزة من الحرف إذ كانت لا تسقط منه الهمزة؛ وأَنشد:

مُبارَكٌ هُوَّ ومن سَمَّاهُ،

على اسْمكَ، اللَّهُمَّ يا أَللهُ

قال: وكثرت اللهم في الكلام حتى خففت ميمها في بعض اللغات. قال الكسائي:

العرب تقول يا أَلله اغفر لي، ويَلّله اغفر لي، قال: وسمعت الــخليل يقول

يكرهون أَن ينقصوا من هذا الاسم شيئاً يا أَلله أَي لا يقولون يَلَهُ.

الزجاج في قوله تعالى: قال عيسى بنُ مريم اللهم ربنا؛ ذكر سيبويه أَن اللهم

كالصوت وأَنه لا يوصف، وأَن ربنا منصوب على نداء آخر؛ الأَزهري:

وأَنشد قُطْرُب:

إِني إِذا ما مُعْظَمٌ أَلَمّا

أَقولُ: يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمّا

قال: والدليل على صحة قول الفراء وأَبي العباس في اللهم إِنه بمعنى يا

أَلله أُمَّ إِدخالُ العرب يا على اللهم؛ وقول الشاعر:

أَلا لا بارَكَ اللهُ في سُهَيْلٍ،

إِذا ما اللهُ بارك في الرجالِ

إِنما أَراد الله فقَصَر ضرورة.

والإِلاهَةُ: الحية العظيمة؛ عن ثعلب، وهي الهِلالُ. وإِلاهَةُ: اسم

موضع بالجزيرة؛ قال الشاعر:

كفى حَزَناً أَن يَرْحَلَ الركبُ غُدْوةً،

وأُصْبِحَ في عُلْيا إِلاهَةِ ثاوِيا

وكان قد نَهَسته حية. قال ابن بري: قال بعض أَهل اللغة الرواية:

وأُتْرَكَ في عُلْيَا أُلاهَةَ، بضم الهمزة، قال: وهي مَغارَةُ سَمَاوَة كَلْب؛

قال ابن بري: وهذا هو الصحيح لأَن بها دفن قائل هذا البيت، وهو أُفْنُونٌ

التَّغْلَبيّ، واسمه صُرَيْمُ بن مَعْشَرٍ

(* قوله «واسمه صريم بن معشر»

أي ابن ذهل بن تيم بن عمرو بن تغلب، سأل كاهناً عن موته فأخبر أنه يموت

بمكان يقال له ألاهة، وكان افنون قد سار في رهط إلى الشام فأتوها ثم

انصرفوا فضلوا الطريق فاستقبلهم رجل فسألوه عن طريقهم فقال: خذوا كذا وكذا

فإذا عنت لكم الالاهة وهي قارة بالسماوة وضح لكم الطريق. فلما سمع افنون

ذكر الالاهة تطير وقال لأصحابه: إني ميت، قالوا: ما عليك بأس، قال: لست

بارحاً. فنهش حماره ونهق فسقط فقال: اني ميت، قالوا: ما عليك بأس، قال: ولم

ركض الحمار؟ فأرسلها مثلاً ثم قال يرثي نفسه وهو يجود بها:

ألا لست في شيء فروحاً معاويا * ولا المشفقات يتقين الجواريا

فلا خير فيما يكذب المرء نفسه * وتقواله للشيء يا ليت ذا ليا

لعمرك إلخ. كذا في ياقوت لكن قوله وهي قارة مخالف للاصل في قوله وهي

مغارة)؛ وقبله:

لَعَمْرُكَ، ما يَدْري الفَتى كيف يَتَّقي،

إِذا هو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيَا

حَبرُونُ

حَبرُونُ:
بالفتح ثم السكون، وضم الراء، وسكون الواو، ونون: اسم القرية التي فيها قبر إبراهيم الــخليل، عليه السلام، بالبيت المقدس، وقد غلب على اسمها الــخليل، ويقال لها أيضا حبرى، وروي عن كعب الحبر أن أول من مات ودفن في حبرى سارة زوجة إبراهيم، عليه السلام، وأن إبراهيم خرج لما ماتت يطلب موضعا لقبرها فقدم على صفوان وكان على دينه وكان مسكنه ناحية حبرى فاشترى الموضع منه بخمسين درهما، وكان الدرهم في ذلك العصر خمسة دراهم، فدفن فيه سارة ثم دفن فيه إبراهيم إلى جنبها ثم توفيت ربقة زوجة إسحاق، عليه السلام، فدفنت فيه ثم توفي إسحاق فدفن فيه لزيقها ثم توفي يعقوب، عليه السلام، فدفن فيه ثم توفيت زوجته لعيا ويقال إيليا فدفنت فيه إلى أيام سليمان بن داود، عليهما السلام، فأوحى الله إليه أن ابن على قبر خليلــي حيرا ليكون لزوّاره بعدك، فخرج سليمان، عليه السلام، حتى قدم أرض كنعان وطاف فلم يصبه، فرجع إلى البيت المقدس، فأوحى الله إليه: يا سليمان خالفت أمري، فقال: يا رب لم أعرف الموضع، فأوحى إليه: امض فإنك ترى نورا من السماء إلى الأرض فهو موضع خليلــي، فخرج فرأى ذلك فأمر أن يبنى على الموضع الذي يقال له الرامة، وهي قرية على جبل مطلّ على حبرون، فأوحى إليه: ليس هذا هو الموضع ولكن انظر إلى النور الذي قد التزق بعنان السماء، فنظر فكان على حبرون فوق المغارة فبنى عليه الحير. قالوا: وفي هذه المغارة قبر آدم، عليه السلام، وخلف الحير قبر يوسف الصديق جاء به موسى، عليه السلام، من مصر وكان مدفونا في وسط النيل فدفن عند آبائه، وهذه المغارة تحت الأرض، قد بني حوله حير محكم البناء حسن بالأعمدة الرخام وغيرها، وبينها وبين البيت المقدس يوم واحد، وقدم على النبي، صلى الله عليه وسلم، تميم الداريّ في قومه وسأله أن يقطعه حبرون فأجابه وكتب له كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم- هذا ما أعطى محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لتميم الداري وأصحابه. إني أعطيتكم بيت عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم بذمّتهم وجميع ما فيهم
عطية بتّ ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم بعدهم أبد الآبدين فمن آذاهم فيه آذى الله، شهد أبو بكر ابن أبي قحافة وعمر وعثمان وعليّ بن أبي طالب.

أَخُو

أَخُو
: (و} الأَخِيَّةُ، كأَبِيَّةٍ، مَقْصورٌ (ويُشَدُّ، صَوابُه ويُمَدُّ.
ثمَّ راجَعْتُ التّكمِلَةَ فوَجَدْتُ فِيهِ: قالَ اللَّيْثُ: {الآخِيَةُ كآنِيَةٍ لُغَةٌ فِي} الآخيَّةِ مُشَدَّدَةً؛ فظَهَرَ أنَّ الَّذِي فِي النسخِ كأبيَّةٍ غَلَطٌ، وصَوابُه كآنِيَةٍ. وقَوْلُه: ويُشَدُّ صَحِيحٌ، فتأَمَّلْ.
(ويُخَفَّفُ، أَي مَعَ المدِّ؛ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على المدِّ والتَّشْديدِ: (عُودٌ يُعَرَّضُ (فِي حائِطٍ أَو فِي حَبْلٍ يُدْفَنُ طَرَفاهُ فِي الأرضِ ويُبْرَزُ طَرَفُهُ كالحَلْقَةِ تُشَدُّ فِيهَا الدَّابَّةُ.
وقالَ ابنُ السِّكّيتُ: هُوَ أَن يُدْفَنَ طَرَفا قِطْعَةٍ مِن الحَبْلِ فِي الأرضِ وَفِيه عُصَيَّةٌ أَو حُجَيْر ويظهرُ مِنْهُ مثْلُ عُرْوَةٍ تُشَدُّ إِلَيْهِ الدابَّةُ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْت (بَعْضَ) العَرَبِ يقولُ للحَبْل الَّذِي يُدْفَن فِي الأرضِ مَثْنِيّاً ويَبْرُزُ طَرَفاه الآخَرَان شِبْه حَلْقةٍ وتُشَدُّ بِهِ الدابَّةُ {آخِيَةٌ.
وقالَ أَعْرابيٌّ لآخَر:} أَخِّ لي {آخِيَّة أَرْبُط إِلَيْهَا مُهْرِي؛ وإنَّما} تُؤَخَّى الآخِيَّةُ فِي سُهولَةِ الأرضِ لأنَّها أَرْفَقَ بالخَيْل مِن الأَوْتَادِ الناشِزَةِ عَن الأَرضِ، وَهِي أَثْبَتُ فِي الأرضِ السَّهْلةِ مِن الوَتِدِ.
ويقالُ {للآخِيَّة: الإِدْرَوْنُ، والجَمْعُ الأَدارِينُ.
وَفِي حدِيثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ: (مَثَلُ المُؤْمِنِ والإِيمانِ كمَثَل الفَرَسِ فِي} آخِيَّتِه يَجولُ ثمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِه، وإنَّ المُؤْمنَ يَسْهو ثمَّ يَرْجِعُ إِلَى الإِيمانِ) .
(ج {أَخايَا، على غيرِ قِياسِ، مثْلُ خَطِيَّةٍ وخَطَايا وعِلَّتُها كعِلَّتِها؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (لَا تَجْعَلُوا ظُهورَكُم} كأَخَايا الدوابِّ) . أَي فِي الصَّلاةِ، أَي لَا تُقَوِّسُوها فِيهَا حَتَّى تَصيرَ كهذه العُرى.
( {وأواخِيُّ، مُشَدَّدَة الياءِ.
(} والأخِيَّةُ، بالتَّشديدِ: (الطُّنُبُ.
(وأَيْضاً: (الحُرْمَةُ والذِّمَّةُ؛ وَمِنْه حدِيثُ عُمَر: أنَّه قالَ للعبَّاسِ: (أَنْتَ {أخِيَّةُ آباءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ أَرَادَ} بالأخِيَّةِ البَقِيَّةِ.
يقالُ: لَهُ عنْدِي آخِيَّة، أَي متانةٌ قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَرِيبةٌ، كأنَّه أَرادَ: أَنْتَ الَّذِي يُسْتَنَدُ إِلَيْهِ مِن أَصْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويُتَمَسَّكُ بِهِ.
ويقالُ: لفلانٍ عنْدَ الأميرِ آخِيَّةٌ ثابِتَةٌ.
وَله أَواخٍ وأسْبابٌ تُرْعى.
( {وأَخَّيْتُ للدَّابَّةِ} تأْخِيَةً: عَمِلْتُ لَهَا آخِيَّةٌ.
قالَ أعْرابيٌّ لآخر: أَخِّ لي {أخِيَّةً أَرْبُط إِلَيْهَا مُهْرِي.
(} والأَخُ: أَحَدُ الأَسْماءِ السِّتَّةِ المُعْرَبةِ بالواوِ والألفِ والياءِ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: وَلَا تكونُ مُوحَّدَةً إِلَّا مُضافَةً.
قالَ ابنُ بَرِّي: ويجَوزُ أَنْ لَا تُضافَ وتُعْربَ بالحَرَكاتِ نَحْو: هَذَا {أَخٌ وأَبٌ وحَمٌ وفَمٌ، مَا خَلا قَوْلهم: ذُو مالٍ فإنَّه لَا يكونُ إلاَّ مُضافاً.
(} والأَخُّ، مُشَدَّدَةً، وإنَّما شُدِّدَ لأنَّ أَصْلُه {أَخو، فزَادُوا بدَلَ الواوِ خاءً، كَمَا مَرَّ فِي الأَبِ؛
(} والأَخُوُّ: لُغَةٌ فِيهِ حَكَاها ابنُ الأَعْرابيِّ؛
( {والأَخَا، مَقْصوراً، حَكَاها ابنُ الأَعْرابيِّ أَيْضاً؛ وَمِنْه: مُكْرَهٌ} أَخَاك لَا بَطَل.
( {والأَخوُ، كدَلْوٍ؛ عَن كُراعٍ؛ وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
مَا الْمَرْء} أخُوك إِن لم تلفه وزراً عِنْد الكريهةِ معواناً على النُّوبِقالَ الــخَلِيلُ: أَصْلُ تَأْسِيسِ بناءِ! الأَخِ على فَعَل بثلاثِ مُتِحرِّكاتٍ، فاسْتَثْقلُوا ذَلِك، وأَلقوا الواوَ، وفيهَا ثلاثَةُ أَشْياءٍ: حرْف وصَرْف وصَوْت، فرُبَّما أَلْقَوا الواوَ والياءَبصَرْفها فأَبْقوا مِنْهَا الصَّوْت فاعتَمدَ الصَّوْتُ على حَرَكَةِ مَا قَبْله، فَإِن كانتِ الحَركَةُ فَتْحةً صارَ الصَّوْتُ مَعهَا أَلِفاً لَيِّنةً، وَإِن كانتْ ضمَّةً صارَ مَعَها واواً لَيِّنةً، وَإِن كانتْ كَسْرَةً صارَ مَعها يَاء لَيِّنَةً، واعْتَمدَ صَوْتُ واوِ الأَخِ على فتْحَةِ الخاءِ فصارَ مَعها أَلِفاً لَيِّنةً {أَخَا؛ ثمَّ أَلقَوا الأَلِفَ اسْتِخْفافاً لكَثْرةِ اسْتعْمالِهم وبَقِيت الخاءُ على حَرَكَتِها فَجَرَتْ على وُجُوهِ النحْو لقِصَر الاسْمِ، فَإِذا لم يُضِيفُوه قَوَّوْهُ بالتَّنْوين، وَإِذا أَضافُوا لم يَحْسُنِ التَّنْوين فِي الإِضافَةِ فقَوَّوْهُ بالمدِّ.
(مِن النَّسَبِ م مَعْروفٌ، وَهُوَ مَن وَلدَه أَبُوك وأُمُّكَ أَو أَحدهما، ويُطْلَقُ أَيْضاً على الأَخِ مِنَ الرِّضاع، والتَّثْنيةِ أَخْوان، بسكونِ الخاءِ، وبعضُ العَرَبِ يقولُ:} أَخانِ، على النَّقْصِ.
وحكَى كُراعٌ: {أخُوانِ، بِضمِّ الخاءِ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَلَا أَدْرِي كيْفَ ذَلِكَ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: هُوَ فِي الشِّعْرِ، وأَنْشَدَ لخُليجٍ الأَعْيَويّ:
} لأَخْوَيْنِ كَانَا خيرَ {أَخَوَيْنِ شِيمةًوأَسْرَعَهُ فِي حاجةٍ لي أُرِيدُهاوَجَعَلَهُ ابنُ سِيدَه: مُثنَّى} أَخُو، بضمِّ الخاءِ، وأَنْشَدَ بيتَ خُلَيْجَ.
(وَقد يكونُ الأَخُ: (الصَّدِيقُ والصَّاحِبُ؛ وَمِنْه قَوْلُهم: ورُبَّ أَخٍ لم تَلِدْهُ أُمُّك؛ (ج! أخونَ؛ أَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لعَقِيلِ بنِ عُلَّفَة المُرِّيّ: وَكَانَ بَنُو فَزَارَةَ شَرَّ قوْمٍ وكُنْتُ لَهُم كَشَرِّ بَني {الأَخِينا قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُه: شَرَّ عَمَ؛ قالَ: ومِثْلهُ قَوْلُ العباسِ بنِ مِرْداسٍ:
فَقُلْنا أَسْلموا إِنَّا} أَخُوكُم ْفقد سَلِمَتْ من الإحَنِ الصُّدورُ ( {وآخاءٌ، بالمدِّ، كآباءٍ، حكَاهُ سِيْبَوَيْه عَن يونُسَ؛ وأَنْشَدَ أَبو عليَ:
وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا إِذْ نُسِبْتُمُوأَيُّ بَني} الآخاءِ تَنْبُو مَناسِبُهُ (ويُجْمَعُ أَيْضاً على ( {إخْوانٍ، بالكسْرِ، مِثْل خَرَبٍ وخِرْبان؛ (} وأُخْوانٌ، بالضَّمِّ؛ عَن كُراعٍ والفرَّاء؛ ( {وإِخْوَةٌ بالكسْرِ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: هُم} الإِخْوةُ إِذا كَانُوا لأبٍ، وهُم {الإخْوان إِذا لم يَكُونُوا لأبٍ.
قالَ أَبو حاتِم: قالَ أَهْلُ البَصْرَةِ أَجْمَعونَ: الإخْوةُ فِي النَّسَبِ،} والإِخْوان فِي الصَّداقَةِ.
قالَ الأزْهرِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ، يقالُ للأَصْدِقاءِ، وغَيْر الأَصْدِقاءِ {إخْوةٌ} وإخْوان؛ قالَ اللَّهُ، عزَّ وجلَّ: {إِنَّما المُؤْمِنُونَ {إخْوةٌ} ، وَلم يَعْنِ النَّسَبَ؛ وقالَ {أَو بُيُوتِ} إخْوانِكم} ، وَهَذَا فِي النَّسَبِ.
( {وأُخْوَةٌ، بالضَّمِّ. عَن الفَّراء. وأَمَّا سِيْبِوَيْه فقالَ: هُوَ اسمٌ للجَمْعِ وليسَ بجَمْعٍ، لأنَّ فَعْلاً ليسَ ممَّا يُجْمَع على فُعْلة.
(} وأُخُوَّةٌ {وأُخُوٌّ، مُشَدَّدَيْنِ مَضْمومينِ، الأُولى حَكَاها اللَّحْيانيُّ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أنَّه} أُخُوٌّ على مثَالِ فُعُول، ثمَّ لَحِقَت الهاءُ لتَأْنيثِ الجَمْعِ كالبُعُولةِ والفُحُولَةِ.
( {والأُخْتُ: للأُنْثى، صيغَةٌ على غيرِ بناءِ المُذَكَّر، (والتَّاءُ بَدَلٌ مِن الواوِ، وَزنهَا فَعَلَة فَنقلُوها إِلَى فُعْل وأَلحَقَتْها التَّاءُ المُبْدَلةُ من لامِها بوزْنِ فُعْل، فَقَالُوا} أُخْت. و (ليسَ للتَّأْنيثِ كَمَا ظَنَّ مَنْ لَا خبْرَةَ لَهُ بِهَذَا الشأْنِ، وذلِكَ لسكونِ مَا قَبْلها؛ هَذَا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْهِ، وَهُوَ الصَّحيح، وَقد نَصَّ عَلَيْهِ فِي بابِ مَا لَا يَنْصرِفُ فقالَ: لَو سمَّيت بهَا رَجُلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة، وَلَو كانتْ للتَّأْنيثِ لمَا انْصَرَفَ الاسمُ، على أنَّ سِيْبَوَيْه قد تسمَّح فِي بعضِ أَلْفاظِه فِي الكِتابِ فقالَ: هِيَ علامَةُ تأْنِيثٍ، وإِنَّما ذلكَ تَجوُّزٌ مِنْهُ فِي اللَّفْط لأنَّه أَرْسَلَه غُفْلاً، وَقد قيَّده فِي بابِ مَا لَا يَنْصَرِف، والأخْذُ بقَوْلِه المُعلَّل أَقْوى مِنَ الأَخْذ بقَولِه الغُفْل المُرْسَلِ، ووَجْه تجوُّزه أنَّه لمَّا كانتِ التاءُ لَا تُبْدَلُ مِن الواوِ فِيهَا إلاَّ مَعَ المُؤَنَّث صارَتْ كأنَّها علامَةُ تأْنيثٍ، وأعْنِي بالصِّيغَةِ فِيهَا بتائِها على فُعْل وأَصْلُها فَعَل، وإِبْدالُ الواوِ فِيهَا لازِمٌ لأنَّ هَذَا عَمَلٌ اخْتصَّ بِهِ المُؤَنَّث، (ج {أَخوَاتٌ.
وقالَ الــخَليلُ: تأْنِيثُ الأَخِ أُخْتٌ، وتَاؤُها هَاء،} وأُخْتان {وأَخَوات.
وقالَ اللَّيْثُ:} الأُخْتُ كانَ حَدُّها! أَخَةٌ، فصارَ الإعْرابُ على الخاءِ والهاءِ فِي مَوْضِع رَفْعٍ، وَلكنهَا انْفَتَحَتْ بحالِ هاءِ التأْنِيثِ فاعْتَمدَتْ عَلَيْهِ لأنَّها لَا تَعْتمدُ على حَرْفٍ تحرَّكَ بالفتْحَةِ وأُسْكِنَتْ الخاءُ فحوِّل صَرْفُها على الأَلِفِ، وصارَتِ الهاءُ تَاء كأَنَّها مِن أَصْلِ الكَلِمَةِ، وَوَقَعَ الإعْرابُ على التاءِ وأُلْزِمَت الضمةُ الَّتِي كانتْ فِي الخاءِ الأَلفَ.
وقالَ بعضُهم: أَصْلُ الأُخْت {أَخْوة فحُذِفَتِ الواوُ كَمَا حُذِفَتْ مِن الأَخِ، وجُعِلَتِ الهاءُ تَاء فننُقِلَتْ ضمَّةُ الواوِ المَحْذوفَةِ إِلَى الأَلفِ فقيلَ أُخْت، والواوُ أُخْتُ الضمَّةِ.
(وَمَا كنْتَ} أَخاً، وَلَقَد {أَخَوْتَ} أُخُوَّةً، بالضمِّ وتَشْديدِ الواوِ، ( {وآخَيْتُ، بالمدِّ، (} وتأَخَّيْتُ: صِرْتُ أَخاً.
ويقالُ: {أَخَوْتُ عشرَة: أَي كنتُ لَهُم أَخاً.
(} وآخاهُ {مُؤاخاةً} وإخاءً {وإخاوَةً، وَهَذِه عَن الفرَّاء، (} ووِخاءً، بكسْرِهنَّ، ( {ووَاخاهُ، بالواوِ لُغَةٌ (ضَعيفَةٌ قيلَ: هِيَ لُغَةُ طيِّيءٍ.
قالَ ابنُ بَرِّيِ: وحَكَى أَبو عبيدٍ فِي غرِيبِ المصنَّفِ، ورَوَاهُ عَن اليَزِيدي:} آخَيْتَ {ووَاخَيْتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ ووَاكَلْتَ، ووَجْهُ ذَلِكَ مِن جهَةِ القِياسِ هُوَ حَمْلُ الماضِي على المُسْتَقْبلِ إِذْ كَانُوا يَقولُونَ:} تُواخِي، بقَلْبِ الهَمْزةِ واواً على التَّخْفيفِ، وَقيل: هِيَ بَدَلٌ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وأَرَى {الوِخاءَ عَلَيْهَا والاسمُ} الأُخُوَّةُ، تقولُ: بَيْني وبَيْنه أُخُوَّةٌ وإِخاءٌ.
وَفِي الحدِيثِ: {آخَى بينَ المُهاجِرِين والأَنْصَار، أَي أَلَّفَ بَينهم} بأُخُوَّةِ الإسْلامِ والإِيمانِ.
وقالَ اللَّيْثُ: {الإِخاءُ} والمُؤاخاةُ {والتأَخِّي} والأُخُوَّةُ قَرابَةُ الأَخِ.
(! وتأَخَّيْتُ الشَّيءَ: تَحَرَّيْتُهُ) تَحَرِّي الأَخِ {لأَخِيهِ؛ وَمِنْه حدِيثُ ابنِ عُمَر: (} يتَأَخَّى {مُتأَخ رَسُولِ اللَّهِ) ، أَي يَتَحرَّى ويَقْصِدُ، ويقالُ فِيهِ بالواوِ أَيْضاً وَهُوَ الأكْثَرُ.
((و) } تأَخَّيْتُ (أَخاً: اتَّخَذْتُهُ أَخاً، (أَو دَعَوْتُهُ أَخاً.
(وقَوْلُهم: (لَا أَخَا لَكَ بفلانٍ، أَي (ليسَ لَكَ {بأَخٍ؛ قالَ النابِغَةُ:
أَبْلغْ بَني ذُبيانَ أنْ لَا أَخا لَهُمْبعبْسٍ إِذا حَلّو الدِّماخَ فأَظْلَمَا (ويقالُ: (تَرَكْتُه بأَخِ الخَيْرِ) ، أَي (بشَرَ) ؛} وبأَخِ الشَرِّ: أَي بَخيرٍ؛ وَهُوَ مجازٌ.
وحَكَى اللَّحْيانّي عَن أَبي الدِّينارِ وأَبي زِيادٍ: القوْمُ بأَخِي الشَّرِّ، أَي بشَرَ.
( {وأُخَيَّانِ، كعُلَيَّانِ: جَبَلانِ فِي حقِ ذِي العرْجاءِ، على الشبيكةِ، وَهُوَ ماءٌ فِي بَطْنِ وادٍ فِيهِ رَكايَا كَثيرَةٌ؛ قالَهُ ياقوتُ.
وممَّا يُسْتَدركُ عَلَيْهِ:
قالَ: بعضُ النّحويِّين: سمِّي الأَخُ أَخاً لأنَّ قَصْده قصد} أَخِيهِ، وأَصْلُه مِن وَخَى أَي قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ هَمْزةً.
والنِّسْبةُ إِلَى الأَخِ {أَخَوِيٌّ، وكَذَلِكَ إِلَى} الأُخْت لأنَّك تقولُ {أَخَوات؛ وكانَ يونُسُ يقولُ} أُخْتِيٌّ، وليسَ بِقياسٍ.
وَقَالُوا: الرُّمْحُ {أَخُوكَ ورُبَّما خانَكَ.
وقالَ ابنُ عرفَةَ: الإخْوَةُ إِذا كانتْ فِي غيرِ الوِلادَةِ كَانَت المُشاكَلَةُ، والاجتماعُ فِي الفعْلِ، نَحْو هَذَا الثّوْبُ} أَخُو هَذَا؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {كَانُوا! إخْوان الشَّياطِيْنِ} ، أَي هُمْ مُشاكِلُوهُم.
وقَوْلُه تَعَالَى: {إلاّ هِيَ أَكْبَر مِن {أُخْتها} .
قالَ السَّمين: جَعَلَها أُخْتها لمُشارَكَتِها لَهَا فِي الصحَّةِ والصدْقِ والإنابَةِ، والمعْنَى أنَّهنَّ أَي الْآيَات مَوْصُوفات بكبْر لَا يكدن يَتفَاوَتْن فِيهِ.
وقَوْلُه تَعَالَى: {لعنت أُخْتهَا} إشارَةٌ إِلَى مُشارَكتِهم فِي الوِلايَةِ.
وقوُلُه تَعَالَى: {إِنَّما المُؤْمنُونَ إخْوَةٌ} ، إشارَةً إِلَى اجْتِماعِهم على الحقِّ وتَشارِكهم فِي الصفَّةِ المُقْتضيةِ لذلِكَ.
وَقَالُوا: رَمَاهُ اللَّهُ بلَيْلةٍ لَا أُخْتَ لَهَا، وَهِي لَيْلَة يَمُوت.
} وتآخَيَا على تَفاعَلا: صارَ {أَخَوَيْن.
} والخُوَّةُ، بالضمِّ: لُغَةٌ فِي الأُخُوَّةِ؛ وَبِه رُوِي الحدِيثُ: (لَو كنتُ مُتَّخِذاً خَلِيلًــا لاتَّخَذْتُ أَبا بكْرٍ خَليلــاً) ، وَلَكِن خُوَّة الإسلامِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ: هَكَذَا رُوِي الحدِيثُ.
وقالَ الأَصْمَعيُّ فِي قوْلِهم: لَا أُكَلِّمهُ إلاَّ أَخا السِّرارِ، أَي مثْل السِّرار.
ويقالُ: لَقِيَ فلانٌ {أَخا المَوْتِ، أَي مثل المَوْتِ.
ويقالُ: سَيْرُنا} أَخُو الجَهْدِ، أَي سَيْرُنا جاهِدٌ.
ويقالُ: {آخَى فلانٌ فِي فلانٍ} آخِيَة فكَفَرَها، إِذا اصْطَنَعه وأَسْدَى إِلَيْهِ؛ قالَ الكُمَيْت:
سَتَلْقَوْن مَا {آخِيّكُمْ فِي عَدُوِّكُمْعليكم إِذا مَا الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها} والأَخِيَّةُ: البَقِيَّةُ.
وبينَ السَّماحَةِ والحَماسَةِ {تآخٍ؛ وَهُوَ مجازٌ.
} والإِخْوانُ: لُغَةٌ فِي الخِوَانِ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (حَتَّى أَن أَهْلَ {الإخْوَان ليَجْتَمِعُونَ) ، وأَنْشَدَ السَّمين للعريان:
ومنحر مئناثٍ يخر خَوارُهاوموضع} إخْوان إِلَى جنب إخْوان {ِوأُخَّى، كرُبى: ناحِيَةٌ مِن نواحِي البَصْرةِ فِي شرْقي دجْلَةَ ذَات أنْهارٍ وقُرىً؛ عَن ياقوت.
وَيَوْم} أُخِيَّ، مُصَغَّراً: من أَيَّامِ العَرَبِ، أَغارَ فِيهِ أَبو بِشْرٍ العُذْرِيُّ على بَني مُرَّةَ؛ عَن ياقوت.
{والإِخِيّةُ كعليّةٍ: لُغَةٌ فِي} الأَخِيَّةِ {والآخِيَةِ.

أَبَرَ 

(أَبَرَ) الْهَمْزَةُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ يَدُلُّ بِنَاؤُهَا عَلَى نَخْسِ الشَّيْءِ بِشَيْءٍ مُحَدَّدٍ. قَالَ الْــخَلِيلُ: الْإِبْرَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَبَائِعُهَا أَبَّارٌ. وَالْأَبْرُ ضَرْبُ الْعَقْرَبِ بِإِبْرَتِهَا، وَهِيَ تَأْبُرُ، وَالْأَبْرُ إِلْقَاحُ النَّخْلِ، يُقَالُ: أَبَرَهُ أبْرًا، وَأَبَّرَهُ تَأْبِيرًا. قَالَ الْــخَلِيلُ: وَالْأَبْرُ عِلَاجُ الزَّرْعِ بِمَا يُصْلِحُهُ مِنَ السَّقْيِ وَالتَّعَهُّدِ. قَالَ طَرَفَةُ:

وَلِيَ الْأَصْلُ الَّذِي فِي مِثْلِهِ ... يُصْلِحُ الْآبِرُ زَرْعَ الْمُؤْتَبِرْ

الْمُؤْتَبِرُ الَّذِي يَطْلُبُ أَنْ يُقَامَ بِزَرْعِهِ. قَالَ الْــخَلِيلُ: الْمَآبِرُ النَّمَائِمُ، وَاحِدُهَا مِئْبَرٌ. [قَالَ النَّابِغَةُ] :

وَذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَتَاكَ أَقُولُهُ ... وَمِنْ دَسِّ أَعْدَاءٍ إِلَيْكَ الْمَآبِرَا

وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَذُو مِئْبَرٍ: إِذَا كَانَ نَمَّامًا. قَالَ:

وَمَنْ يَكُ ذَا مِئْبَرٍ بِاللِّسَا ... نِ يَسْنَحْ بِهِ الْقَوْلُ أَوْ يَبْرَحِ

قَالَ الْــخَلِيلُ: الْإِبْرَةُ عُظَيْمٌ مُسْتَوٍ مَعَ طَرَفٍ الزَّنْدِ مِنَ الذِّرَاعِ إِلَى طَرَفِ الْإِصْبَعِ. قَالَ:

حَيْثُ تُلَاقِي الْإِبْرَةُ الْقَبِيحَا

وَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَةَ اللِّسَانِ طَرَفُهُ. 

أَي

(أَي)
حرف نِدَاء أَي مُحَمَّد وحرف تَفْسِير عِنْدِي عسجد أَي ذهب وَرَأَيْت غضنفرا أَي أسدا
(أَي)
تكون شَرْطِيَّة نَحْو {أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ} واستفهامية نَحْو {أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا} وموصولة نَحْو {ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن عتيا} ووصفا للدلالة على الْكَمَال مُحَمَّد رجل أَي رجل
أَي
: ( {أَيُّ) . كَتَبَه بالحُمْرةِ، وَهُوَ فِي الصِّحاحِ، فالأَوْلى كتبه بالسَّوادِ: (حَرْفُ اسْتِفْهامٍ عمَّا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ) .
(هَكَذَا هُوَ فِي المحْكَم.
وقالَ شيْخُنا: لَا قَائِل بحَرْفِيَّتها بَلْ هِيَ اسمٌ تُسْتَعْملُ فِي كلامِ العَرَبِ على وُجُوهٍ مَبْسوطَةٍ فِي المُغْني وشُرُوحِه، وكَلامُ المصنِّفِ فِيهَا كُلّه غَيْر مُحَرَّر.
ثمَّ قالَ ابنُ سِيدَه: وقَوْلُ الشاعِرِ:
وأَسْماءُ مَا أَسْماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْإليَّ وأَصْحابي} بأَيِّ وأَيْنَما فإنَّه جعلَ أَيَّ اسْماً للجهَةِ، فلمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ التَّعْريفُ والتأْنِيثُ مَنَعَه الصَّرْف.
وَقَالُوا: لأَضْرِبَنَّ أَيُّهم أَفْضَلُ؛ أَيِّ (مَبْنِيَّةٌ) عنْدَ سِيْبَوَيْه، فلذلِكَ لم يَعْمل فِيهَا الفِعْلُ؛ كَمَا فِي المُحْكَم وَفِي الصِّحاحِ.
وقالَ الكِسائيّ: تقولُ: لأَضْرِبَنَّ أَيَّهم فِي الدارِ، وَلَا يَجوزُ أَن تقولَ ضَرَبْت أَيُّهم فِي الدارِ، فَفرق بينَ الوَاقِعِ والمُنْتَظَرِ. وقالَ شَيْخُنا: أَيّ لَا تُبْنى إلاَّ فِي حالَةٍ مِن أَحْوالِ المَوْصولِ، أَو إِذا كانتْ مُنادَاة، وَفِي أَحْوالِ الاسْتِفهامِ كُلّها مُعْرَبَة، وكَذلِكَ حالُ الشَّرْطِيّة وغَيْر ذلِكَ، وَلَا يعْتَمد على شيءٍ مِن كَلامِ المصنِّف انتَهَى.
قُلْتُ: وَقد عَرَفْت أنَّه قَوْلُ سِيْبَوَيْه على مَا نَقَلَه ابنُ سِيدَه. فقوْل شيْخنا أنَّه لَا يُعْتَمد إِلَى آخِرِه مَحلُّ نَظَرٍ.
ثمَّ قالَ بعضٌ: لعلَّ قَوْله مَبْنِيَّة مُحَرَّفَة عَن مُبَيِّنَة بتقْدِيم التّحْتِيَّة على النونِ مِن البَيَانِ، {أَي مُعْرَبَة، وقيلَ: أرادَ بالبِناءِ التَّشْديد وكُلّه خِلافُ الظاهِرِ، انتَهى.
قُلْتُ: وَهُوَ مِثْل مَا ذكرَ وحيثُ ثبتَ أَنه قَوْلُ سِيْبَوَيْه فَلَا يحتاجُ إِلَى هَذِه التَّكْلِفاتِ البَعِيدَةِ وَمن حفظ حجَّة على مَنْ لم يَحْفظ.
(وَقد تُخَفَّفُ) لضَرُورَةِ الشِّعْرِ، (كقَوْلهِ) ، أَي الفَرَزْدَق:
(تَنَظَّرْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ} أَيْهُما (عليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْإنما أَرادَ {أَيُّهما، فاضْطَرَّ فحذَفَ.
(ووَقَعَ فِي كتابِ المُحْتَسب لابنِ جنِّي تَنَظَّرْتُ نَصْراً، وقالَ: اضْطَرَّ إِلَى تَخْفِيفِ الحَرْفِ فحذَفَ الياءَ الثانِيَة وكانَ يَنْبَغِي أَن يردَّ الْيَاء الأُولى إِلَى الواوِ لأنَّ أَصْلَها الْوَاو.
(وَقد تَدْخُلُه الكافُ فيُنْقَلُ إِلَى تكْثيرِ العددِ بمعْنَى كمِ الخَبَرِيَّةِ ويُكْتَبُ تَنْوِينه نوناً، وفيهَا؛) كَذَا فِي النّسخ، والأَوْلى وَفِيه، (لُغاتٌ) يقالُ: (} كأَيَّنْ) ، مِثَالُ كعَيِّن، (وكَيْيِنْ) ، بفتْحِ الكافِ وسكونِ الياءِ، الأُوْلى وكسْرِ الياءِ الثانِيَةِ، (وكائِنْ) ، مثَالُ كَاعِنٍ، ( {وكأَيَ) بوزْنِ رَمَي، (وكَاءٍ) ، مثلُ كَاعٍ، كَذَا فِي النّسخ والصَّوابُ بوزْنِ عَمٍ.
قالَ ابنُ جنِّي: حَكَى ذلِكَ ثَعْلَب. اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ مِنْهَا على الأُوْلى والثالثَةِ؛ وَمَا عَدَاهُما عَن ابنِ جنِّي، قالَ: تَصَرَّفتِ العَرَبُ فِي هَذِه الكَلِمَةِ لكثْرَةِ اسْتِعْمالِها إيَّاها فقَّدَّمَتِ الياءَ المُشَدَّدَة وأَخَّرَتِ الهَمْزَةَ، كَمَا فَعَلَتْ ذلِكَ فِي عدَّةِ مَوَاضِع، فصارَ التَّقْديرُ كَيِّىءٌ، ثمَّ إنَّهم حَذَفُوا الياءَ الثانِيَةَ تَخْفِيفاً كَمَا حَذَفُوها فِي مَيِّت وهَيِّن، فصارَ التَّقْدير كَيْىءٌ، ثمَّ إنَّهم قَلَبُوا الياءَ أَلِفاً لانْفِتاحِ مَا قَبْلها، فصارَتْ كائِنْ: فمَنْ قالَ:} كأَيِّنْ فَهِيَ أَيُّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا الكافُ، ومَنْ قالَ: كائِنْ فقد بيَّنَّا أَمْرَه، ومَنْ قالَ: {كأْي بوزْنِ رَمْي فأَشْبَه مَا فِيهِ أنَّه لما أَصارَه التَّغَير على مَا ذَكَرْنا إِلَى كَيْىءٍ قدَّمَ الهَمْزَةَ وأَخّر الياءَ وَلم يَقْلبِ الياءَ أَلِفاً، ومَنْ قالَ: كيءٍ بوزْنِ عَمٍ فإنَّه حذَفَ الياءَ مِن كَيْىءٍ تَخْفِيفاً أَيضاً.
وقالَ الجَوْهرِيُّ: (تقولُ كأَيِّنْ رجُلاً) لَقِيتَ، تَنْصبُ مَا بَعْد كأَيِّنْ على التَّمْييزِ؛ (و) تقولُ أَيْضاً كأَيِّنْ (من رجُلٍ) لَقِيتَ، وإدْخال مِن بَعْد كأَيِّنْ أَكْثَر مِنَ النَّصْبِ بهَا وأَجْوَد؛ وتقولُ:} بكأَيِّنْ تَبِيعُ هَذَا الثَّوْبَ؟ أَي بكَم تَبِيع؛ قالَ ذُو الرُّمَّة:
وكائِنْ ذَعَرْنا مِن مَهَاةٍ ورامِحٍ
بِلادُ العِدَا لَيْسَتْ لَهُ ببِلادِهذا نَصُّ الجَوْهرِيِّ.
قالَ سِيْبَوَيْه: وَقَالُوا كأَيِّنْ رجُلاً قد رأَيت، زَعَمَ ذلِكَ يونُس،! وكأَيِّنْ قد أَتاني رجُلاً، إلاَّ أنَّ أَكْثَر العَرَبِ إنَّما يتَكَّلمُونَ مَعَ مِنْ قالَ: ومعْنَى كأَيِّنْ رُبَّ.
وقالَ الــخَلِيلُ: إِن جَرَّها أَحدٌ مِنَ العَرَبِ فَعَسى أَن يجرَّها بإضْمارِ مِن، كَمَا جازَ ذلِكَ فِي كَمْ؛ وقالَ أَيْضاً: كأَيِّنْ عَمِلَتْ فيمَا بَعْدَها كعَمَلِ أَفْضَلَ فِي رجُلٍ فصارَ أَيّ بمنْزِلَةِ التَّنْوين، كَمَا كانَ هم مِنَ قَوْلِهم أَفْضَلهم بمنْزِلَةِ التَّنْوين. قالَ: وإنَّما يَجِيءُ الكافُ للتَّشبيهِ فتَصيِر هِيَ وَمَا بَعْدَها بمنْزِلَةِ شَيْء واحِدٍ.
( {وأَيٌّ أَيْضاً اسمٌ صِيغَ ليُتَوَصَّلُ بهَا؛) كَذَا فِي النّسخ والصَّوابُ بِهِ؛ (إِلَى نداءِ مَا دَخَلَتْه أَلْ كَيَا أَيُّها الرَّجُلُ) وَيَا} أَيُّها الرَّجُلانِ وَيَا أَيُّها الرِّجال، وَيَا {أَيَّتُها المَرْأَةُ وَيَا} أَيَّتُها المَرْأَتانِ وَيَا أَيَّتُها النِّسْوَةُ، وَيَا أَيُّها المَرْأَة وَيَا أَيُّها المَرْأَتانِ وَيَا أَيُّها النِّسْوة. وأَمَّا قَوْلُه، عزَّ وجلَّ: {يَا أَيها النَّمْلُ ادْخلُوا مَسَاكِنَكم} ، فقد يكونُ على قَوْلِكَ يَا {أَيُّتها المَرْأَة وَيَا أَيّها النِّسْوة.
وأَمَّا ثَعْلَب فقالَ: إنَّما خاطَبَ النَّمْلَ بيا أَيّها لأنَّه جَعَلَهم كالنَّاسِ، وَلم يَقُل ادْخُلي لأنَّها كالناسِ فِي المُخاطَبَةِ، وأَمَّا قَوْلُه: {يَا أَيُّها الذينَ آمَنُوا} ، فيأْتي بنِداءٍ مُفْردٍ مُبْهِمِ، وَالَّذين فِي مَوْضِع رَفْعِ صفَةٍ} لأيّها، هَذَا مَذْهَبُ الــخَلِيلِ وسِيْبَوَيْه وأَمَّا مَذْهَبُ الأَخْفَش: فَالَّذِينَ صفَةٌ! لأيّ، ومَوْضِعُ الَّذين رَفْع بإضْمارِ الذَّكَرِ العائِدِ على أَيَّ، كأَنّه على مَذْهَبِ الأَخْفَش بمنْزِلَةِ قَوْلِكَ: يَا مَنْ الَّذين أَي يَا من هم الَّذين، وَهَا لازِمَةٌ لأيِّ عِوَضاً ممَّا حُذِفَ مِنْهَا للإضافَةِ وزِيادَةً فِي التَّنْبِيهِ. وَفِي الصِّحاح، وَإِذا نادَيْتَ اسْماً فِيهِ الأَلِفُ والَّلامُ أَدْخَلْتَ بَيْنه وبينَ حَرْفِ النِّداءِ أَيّها فتَقولُ: يَا أَيّها الرَّجُلُ وَيَا أَيَّتُها المَرْأَة، {فأَيّ اسمٌ مُفْردٌ مُبْهم مَعْرِفَة بالنِّداءِ مَبْنِيٌّ على الضمِّ، وَهَا حَرْفُ تَنْبيهٍ، وَهِي عِوَض ممَّا كانتْ أَيّ تُضَافُ إِلَيْهِ، وتَرْفَع الرَّجُل لأنَّه صفَةٌ أَيّ؛ انتَهَى.
وقالَ ابنُ بَرِّي: أَيّ وُصْلَة إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ الألِف وَاللَّام فِي قَوْلِكَ يَا أَيُّها الرَّجُل، كَمَا كانتْ} إِيّاً وُصْلَةَ المُضْمَرِ فِي {إيّاه} وإيّاك فِي قَوْلِ مَنْ جَعَل إيَّا اسْماً ظاهِراً مُضَافا على نَحْو مَا سمعَ مِنْ قَوْلِ العَرَبِ: إِذا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّيْن {فإيَّاه} وإِيَّا الشَّوابِّ، انتَهَى.
وقالَ الزجَّاجُ: أَيّ اسمٌ مُبْهمٌ مَبْنِيٌّ على الضمِّ مِن أَيُّها الرَّجُل، لأنَّه مُنادَى مُفْرَد، والرَّجُل صِفَة {لأَيّ لازِمَه، تقولُ: أَيّها الرَّجُل أَقْبِل، وَلَا يجوزُ يَا الرَّجُل؛ لأنَّ يَا تَنْبِيهٌ بمنْزِلَةِ التَّعْريفِ فِي الرَّجُل فَلَا يجمعُ بينَ يَا وبينَ الأَلفِ واللامِ، وَهَا لازِمَةٌ لأيّ للتَّنْبيهِ، وَهِي عِوَضٌ مِن الإِضافَةِ فِي أَيّ، لأنَّ أَصْلَ أَيّ أَن تكونَ مُضافَةً إِلَى الاسْتِفْهامِ والخَبَرِ، والمُنادَى فِي الحَقيقَةِ الرَّجُلُ،} وأَيّ وُصْلَة إِلَيْهِ؛ وقالَ الكُوفِيّون: إِذا قُلْتَ يَا أَيّها الرَّجُل، فيا نِدَاء، وأَيّ اسمٌ مُنادَى، وَهَا تَنْبيه، والرَّجُل صِفَة، قَالُوا: ووُصِلَتْ أَيّ بالتَّنْبِيه فصارَ اسْماً تامّاً لأنَّ! أَيا وَمَا وَمن وَالَّذِي أَسْماءٌ ناقِصَةٌ لَا تتمُّ إلاَّ بالصِّلاتِ، ويقالُ: الرَّجُل تَفْسِير لمَنْ نُودِي.
(وأُجِيزَ نَصْبُ صِفَةِ أَيَ فتَقولُ: يَا أَيُّها الرَّجُلَ أَقْبِلْ؛) أَجازَهُ المازِنيُّ وَهُوَ غَيْرُ مَعْروفٍ. ( {وأَيْ، كَكَيْ: حَرْفٌ لنداءِ القرِيبِ) دونَ البَعِيدِ، تقولُ: أَيْ زيدُ أَقْبِلْ. (و) هِيَ أَيْضاً كَلمةٌ تتقدَّمُ التَّفْسيرَ (بمعْنَى العبارَةِ) ، تقولُ: أَي كَذَا، بمعْنَى يُريدُ كَذَا؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وقالَ أَبو عَمْروٍ: سَأَلْتُ المبرِّدَ عَن أَيْ مَفْتُوحَة ساكِنَة الآخرِ مَا يكونُ بَعْدَها فقالَ: يكونُ الَّذِي بَعْدها بَدَلاً، ويكونُ مُسْتأْنفاً، ويكونُ مَنْصوباً؛ قالَ: وسَأَلْتُ أَحمدَ بن يَحْيَى فقالَ: يكونُ مَا بَعْدَها مُتَرْجِماً، ويكونُ نصبا بفعْلٍ مُضْمَرٍ، تقولُ: جاءَني أَخُوكَ أَي زيدٌ، ورأَيْتُ أَخَاكَ أَي زيدا، ومَرَرْتُ بأَخِيكَ أَي زيدٍ، وتقولُ: جاءَني أَخُوكَ فيجوزُ فِيهِ أَي زيدٌ وأَي زيدا، ومَرَرْتُ بأَخِيكَ فيجوزُ فِيهِ أَي زيدٍ، أَي زيدا، أَي زيدٌ، ويقالُ: رأَيْتُ أَخَاك أَي زيدا، ويَجوزُ أَي زيدٌ.
(} وإِيْ، بالكسْرِ، بمعْنَى نَعَم، وتُوصَلُ باليَمِينَ) .) فيُقالُ:! إِي وَالله، (و) تُبْدَلُ مِنْهَا هاءٌ ف (يُقالُ هِي) ، كَمَا فِي المُحْكَم.
وَفِي الصِّحاحِ: إيْ كلمةٌ تتقدَّمُ القَسَمَ مَعْناها بلَى، تقُولُ: إِي ورَبِّي، وإي وَالله.
وقالَ اللّيْثُ: إيْ يمينٌ؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى {قُلْ إِي ورَبِّي} ، والمعْنَى إِي وَالله.
وقالَ الزجَّاجُ: المعْنَى نَعْم ورَبِّي.
وقالَ الأزْهرِيُّ: وَهَذَا هُوَ القَوْلُ الصَّحِيحُ، وَقد تكرَّرَ فِي الحدِيثِ إِي واللَّهِ وَهِي بمعْنَى نَعَم، إلاَّ أَنّها تَخْتصُّ بالمجيءِ مَعَ القَسَم إِيجَابا لمَا سَبَقَه مِنَ الاسْتِعْلامِ. (وابنُ {أَيَّا، كَرَيَّا مُحدِّثٌ) .
(قُلْتُ: الصَّوابُ فِيهِ التَّخْفيفُ كَمَا ضَبَطَه الحافِظُ قالَ: وَهُوَ عليُّ بنُ محمدِ بنِ الحُسَيْن بنِ عَبْدوس بنِ إِسْماعيل بنِ} أَيَّا بنِ سَيْبُخت، شيخٌ ليَحْيَى الحَضْرميّ.
( {وأَيَا، مُخَفَّفاً: حَرْفُ نداءٍ) للقَرِيبِ والبَعِيدِ؛ تقولُ: أَيا زيْد أَقْبِلْ، كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ (كَهَيَا) بقَلْبِ الهَمْزَةِ هَاء، قالَ الشاعِرُ:
فانْصَرَفَتْ وَهِي حَصانٌ مُغْضَيَهْ
ورَفَعَتْ بصوتِها هَيَا أَيَهْقالَ ابنُ السِّكِّيت: أَرادَ أَيا أَيَهْ، ثمَّ أَبْدَلَ الهَمْزَة هَاء، قالَ: وَهَذَا صَحيحٌ لأنَّ أَيا فِي النداءِ أَكْثَر مِن هَيَا.
تَذْنيب
وَفِي هَذَا الحَرْفِ فَوائِدُ أَخل عَنْهَا المصنِّف وَلَا بأْسَ أَن نَلُمَّ ببعضِها: قالَ سَيْبَوَيْه: سَأَلْتُ الــخَلِيلَ عَن قَوْلِهم:} أَيِّي {وأَيُّك كانَ شرّاً فأَخْزاهُ اللَّهُ، فقالَ: هَذَا كقَوْلِكَ أخزَى اللَّهُ الكاذِبَ منِّي ومنْكَ، إنَّما يُريدُ منَّا، فإنَّما أَرادَ} أيُّنا كانَ شرّاً، إِلاَّ أنَّهما لم يَشْتركَا فِي أَيَ، ولكنَّهما أَخْلَصاهُ لكلِّ وَاحِد مِنْهُمَا. وَفِي التهْذِيبِ: قالَ سِيْبَوَيْه: سألْتُ الــخَليلَ عَن قوْله:
! فأَيِّي مَا وأَيُّكَ كانَ شرّاً
فسِيقَ إِلَى المقامَةِ لَا يَراهافقالَ: هَذَا بمنْزِلَةِ قَوْل: الرَّجلُ: الكاذِبُ منِّي ومنْكَ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ.
وقالَ غيرُهُ: إنَّما يُريدُ أنَّك شرٌّ ولكنَّه دَعا عَلَيْهِ بلَفْظٍ هُوَ أَحْسَن من التَّصْريحِ كَمَا قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وأَنَا أَو {إيَّاكم لعلى هُدىً أَو فِي ضلالٍ مُبِين} .
وقَوْلُه:} فأيّي مَا، أَيّ مَوْضِعُ رَفْع لأنَّه اسمُ كَانَ، وأيك نسق عَلَيْهِ، وشرّاً خَبَرُهما.
وقالَ أَبو زَيْدٍ: يقالُ: صَحِبَه اللَّهُ أَيَّامَّاً تَوَجَّه، يُريدُ أَيْنَما تَوَجَّه.
وَفِي الصِّحاحِ: وأَيٌّ اسمٌ مُعْرَبٌ يُسْتَفْهمُ بهَا ويُجازَى فيمنْ يَعْقِل وفيمَا لَا يَعْقِل، تقولُ: {أَيُّهم أَخُوك،} وأَيُّهم يكْرِمْني أُكْرِمْه، وَهُوَ مَعْرفَة للإضاَفَةِ، وَقد تتْرك الإِضَافَة وَفِيه مَعْناها، وَقد تكونُ بمنْزِلَةِ الَّذِي فتَحْتاج إِلَى صِلَةٍ تقولُ: أَيُّهم فِي الدارِ أَخُوك؛ وَقد تكونُ نَعْتاً للنّكِرَةِ تقولُ: مَرَرْتُ برَجُلٍ أَيِّ رجلٍ وأَيِّما رجلٍ، ومَرَرْتُ بامْرأَةٍ أَيَّةِ امْرأَةٍ وبامْرأَتَيْن أَيَّتُما امْرَأَتَيْن، وَهَذِه امْرأَةٌ {أَيَّةُ امْرأَةٍ وامْرَأَتانِ} أَيَّتُما امْرَأَتَيْنِ، وَمَا زَائِدَة. وتقولُ فِي المَعْرفَةِ: هَذَا زَيْدٌ {أَيَّما رجلٍ، فتَنْصب أيّاً على الحالِ، وَهَذِه أَمَةُ اللَّهِ} أَيَّتُما جارِيَةٍ، وتقولُ: أَيُّ امْرأَةٍ جاءَك، {وأَيَّةُ امْرأَةٍ جاءَتْكَ، ومَرَرْت بجارِيَةٍ أَيِّ جارِيَةٍ، وجِئْتُك بمُلاءَةٍ أَيِّ مُلاءَةٍ وأيَّةِ مُلاءَةٍ، كُلُّ جائِزٌ. قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ} بأَيِّ أرضٍ تَمُوتُ} ،! وأَيُّ قَدْ يُتَعَجَّبُ بهَا، قالَ جميلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمِي لَا إنَّ لَا إنْ لَزِمْتِهِ
على كَثْرَةِ الواشِينَ أَيُّ مَعُونِوقالَ الفرَّاءُ: أَيُّ يعْمَلُ فِيهِ مَا بَعْده وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا قَبْله، كقَوْلِه تَعَالَى: {لنَعْلَم أَيُّ الحِزْبَيْن أَحْصَى} ، فرَفَعَ، وَمِنْه أَيْضاً: {وسيَعْلَمُ الَّذين ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} فَنَصَبَه بِمَا بَعْدِه؛ وأَمَّا قَوْلُ الشاعِر:
تَصِيحُ بِنَا حَنِيفَةُ إذْ رأَتْنَا
وأَيَّ الأَرْضِ نَذْهَبُ للصِّياحِفإنَّما نَصَبَه لنَزْعِ الخافِضِ، يُريدُ إِلَى أَيِّ الأَرضِ، انتَهَى نَصُّ الجَوْهرِيّ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: رُوِي عَن أَحمدِ بنِ يَحْيَى والمبرِّدِ قَالَا:! لأَيّ ثلاثَةُ أَحْوالٍ: تكونُ اسْتِفْهاماً، وتكونُ تعجُّباً، وتكونُ شَرْطاً:
وَإِذا كانتِ اسْتِفْهاماً لم يَعْمَل فيهاالفِعْلُ الَّذِي قَبْلها، وإنَّما يَرْفَعها أَو يَنْصِبُها مَا بَعْدَها، كقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لنَعْلَم أَيُّ الحِزْبَيْن أَحْصَى} ، قَالَا: عَمِلَ الفِعْلُ فِي المعْنَى لَا فِي اللّفْظِ كأَنَّه قالَ: لنَعْلَم أَيّاً مِن أَيَ، وَسَيعْلَمُ أَحَد هذَيْن، قَالَا: وأَمَّا المَنْصوبَةُ بِمَا بَعْدها فكقَوْله تَعَالَى: {سَيَعْلَم الذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقلِبُونَ} وقالَ الفرَّاءُ: أَيُّ إِذا أَوْقَعْتَ الفِعْلَ المُتَقَدِّم عَلَيْهَا خَرَجَتْ مِن مَعْنى الاسْتِفهامِ، وذلكَ إِن أَرَدْته جائِز، يقولونَ: لأَضْرِبَنّ أَيُّهم يقولُ ذَلِك. وقالَ الفرَّاءُ: وأَيّ إِذا كانتْ جَزاءً فَهُوَ على مَذْهبِ الَّذِي قالَ: وَإِذا كانتْ تعجُّباً لم يُجازَ بهَا، لأنَّ التَّعجُّبَ لَا يُجازَى بِهِ، وَهُوَ كقَوْلِكَ: أَيُّ رجلٍ زيدٌ وأَيُّ جارِيَةٍ زينبُ، قالَ: والعَرَبُ تقولُ: أَيّ {وأيّانِ} وأَيُّونَ، إِذا أَفْرَدُوا أَيَّاً ثَنَّوْها وجَمَعُوها وأَنَّثُوها فَقَالُوا أَيَّة وأَيَّتان وأَيَّاتٌ، وَإِذا أَضافُوا إِلَى ظاهِرٍ أَفرَدُوها وذكَّرُوها فَقَالُوا أَيّ الرَّجُلَيْن وأَيُّ المَرْأَتَيْن. وأَيّ الرِّجال وأَيّ النِّساءِ، وَإِذا أَضافُوا إِلَى المَكْنِيِّ المُوءَنَّثِ ذكَّرُوا وأَنَّثُوا فَقَالُوا {أَيّهما} وأَيَّتُهُما للمرْأَتَيْن؛ وقالَ زهيرٌ فِي لُغَةِ مَنْ أَنَّثَ:
وزَوَّدُوكَ اشْتِياقاً أَيَّةً سَلَكوا أَرادَ أَيَّةَ وُجْهَةٍ سَلَكُوا، فأنَّثها حينَ لم يصفْها.
وَفِي الصِّحاحِ: وَقد يُحْكَى بأَيَ النكراتُ مَا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ، ويُسْتَفْهمُ بهَا، وَإِذا اسْتَفْهَمتَ بهَا عَن نَكِرَةٍ أَعْرَبْتها بإعْرابِ الاسمِ الَّذِي هُوَ اسْتِثْباتٌ عَنهُ، فَإِذا قيلَ لكَ: مَرَّ بِي رجُلٌ، قُلْتَ: أَيٌّ يافتى؟ تَعْربها فِي الوَصْل وتُشِيرُ إِلَى الإعْرابِ فِي الوقْفِ، فَإِن قالَ: رأَيْت رجلا، قلْتَ: أَيّاً يافتى؟ تعربُ وتنوِّنُ إِذا وَصَلْتَ وتَقِفُ على الألفِ فتقولُ أَيّاً، وَإِذا قالَ: مَرَرْتُ برجُلٍ قلْتَ: أَيَ يافتى؟ تحكِي كَلامَه فِي الرفْعِ والنَّصْبِ والجرِّ فِي حالِ الوَصْلِ والوَقْف، وتقولُ فِي التَّثْنيةِ والجَمْعِ والتأْنِيثِ كَمَا قُلْناه فِي من، إِذا قالَ: جاءَني رِجالٌ، قلْتَ: {أيُّونْ، ساكِنَةَ النونِ،} وأَيِّيِن فِي النصْبِ والجرِّ، وأَيَّة للمُؤَنَّثِ: فإنْ وَصَلْتَ وقلْتَ: أَيَّة يَا هَذَا،! وآيَّات يَا هَذَا نوَّنْتَ، فَإِن كانَ الاسْتِثْباتُ عَن مَعْرِفَةٍ رَفَعْتَ أَيّاً لَا غَيْر على كلِّ حالٍ، وَلَا تحكي فِي المَعْرفَة فليسَ فِي أَيَ مَعَ المَعْرفَةِ إلاَّ الرَّفْع، انتَهَى.
قالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْل الجَوْهرِيّ فِي حالِ الوَصْلِ والوَقْفِ: صَوابُه فِي الوَصْلِ فَقَط، فأَمَّا فِي الوَقفِ فإنَّه يُوقَفُ عَلَيْهِ فِي الرَّفْعِ والجرِّ بالسكونِ لَا غَيْر، وإنَّما يَتْبَعُه فِي الوَصْلِ والوَقْفِ إِذا ثَنَّاه وجَمَعَه؛ وقالَ أَيْضاً عنْدَ قَوْلِه: ساكِنَة النونِ الخ: صَوابُه أَيُّونَ بفتْحِ النونِ، وأَيَّينَ بفتْحِ النونِ أَيْضاً، وَلَا يَجوزُ سُكُون النونِ إلاَّ فِي الوَقْفِ خاصَّة، وإنَّما يَجوزُ ذلِكَ فِي مَنْ خاصّةً، تقولُ: مَنُونُ ومَنِينْ بالإِسْكانِ لَا غَيْر، انتَهَى.
وقالَ اللَّيْثُ: {أَيَّان هِيَ بمْنزِلَةِ مَتَى، ويُخْتَلَفُ فِي نونِها فيُقالُ أَصْلِيَّةٌ، ويقالُ زائِدَةٌ.
وقالَ ابنُ جنِّي فِي المُحْتسب، يَنْبَغي أَنْ يكونَ أَيَّان من لَفْظِ أَيّ لَا مِن لَفْظِ أَيْنَ لوَجْهَيْن: أَحَدُهما: إنَّ أَيْن مَكانٌ وأَيَّان زَمان، وَالْآخر قلَّةُ فعال فِي الأسْماءِ مَعَ كَثْرَةِ فعلان، فَلَو سَمَّيْتَ رجُلاً} بأيّان لم تَصْرفْه لأنَّه كحمدان؛ ثمَّ قالَ: ومعْنَى أَيّ أنَّها بعضٌ مِن كلَ، فَهِيَ تَصْلحُ للأَزْمِنَةِ صَلاحها لغَيرِها إِذْ كانَ التَّبْعيضُ شامِلاً لذلِكَ كُلِّه؛ قالَ أُمَيَّة:
والناسُ راثَ عَلَيْهِم أَمْرُ يَومَهم
فَكُلُّهم قائلٌ للدينِ! أَيَّانا فَإِن سَمّيت بأَيَّان سَقَطَ الكَلامُ فِي حسنِ تَصْرِيفها للحاقِها بالتّسْمِيةِ ببَقِيَّةِ الأَسْماءِ المُتَصَرِّفَةِ، انتَهَى.
وقالَ الفرَّاءُ: أَصْلُ أَيَّان أَيَّ أَوانٍ، حَكَاه عَن الكِسائي، وَقد ذُكِرَ فِي أَيْن بأَبْسطَ من هَذَا.
وقالَ ابنُ بَرِّي: ويقالُ لَا يَعْرِفُ أَيّاً مِن أَيَ إِذا كانَ أَحْمَقَ.
وَفِي حدِيثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ: (فَتَخَلَّفْنا أَيَّتُها الثَّلاثَة) ، هَذِه اللَّفْظَةُ تُقالُ فِي الاخْتِصاصِ وتَخْتصُّ بالمُخْبرِ عَن نَفْسِه وبالمُخَاطَبِ، تقولُ: أَمَّا أَنَا فأَفْعَل كَذَا أَيُّها الرَّجُلُ يَعْنِي نَفْسَه، فمعْنَى قَوْلِ كَعْب أَيَّتُها الثَّلاثَة، أَي المَخْصُوصِين بالتَّخلّفِ.

أَرَبَ 

(أَرَبَ) الْهَمْزَةُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ لَهَا أَرْبَعَةُ أُصُولٍ إِلَيْهَا تَرْجِعُ الْفُرُوعُ: وَهِيَ الْحَاجَةُ، وَالْعَقْلُ، وَالنَّصِيبُ، وَالْعَقْدُ. فَأَمَّا الْحَاجَةُ فَقَالَ الْــخَلِيلُ: الْأَرَبُ الْحَاجَةُ، وَمَا أَرَبُكَ إِلَى هَذَا، أَيْ: مَا حَاجَتُكَ. وَالْمَأْرَبَةُ وَالْمَأْرُبَةُ وَالْإِرْبَةُ، كُلُّ ذَلِكَ الْحَاجَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31] . وَفِي الْمَثَلِ: " أَرَبٌ لَا حَفَاوَةٌ "، أَيْ: حَاجَةٌ جَاءَتْ بِكَ وَلَا وُدٌّ وَلَا حُبٌّ. وَالْإِرْبُ: الْعَقْلُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ لِلْعَقْلِ أَيْضًا إِرْبٌ وَإِرْبَةٌ كَمَا يُقَالُ لِلْحَاجَةِ إِرْبَةٌ وَإِرْبٌ. وَالنَّعْتُ مِنَ الْإِرْبِ أَرِيبٌ، وَالْفِعْلُ أَرُبَ بِضَمِّ الرَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرُبَ الرَّجُلُ يَأْرُبُ إِرَبًا. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْفَوْزُ وَالْمَهَارَةُ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ: أَرِبْتُ بِالشَّيْءِ، أَيْ: صِرْتُ بِهِ مَاهِرًا. قَالَ قَيْسٌ:

أَرِبْتُ بِدَفْعِ الْحَرْبِ لَمَّا رَأَيْتُهَا ... عَلَى الدَّفْعِ لَا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقَارُبِ وَيُقَالُ: آرَبْتُ عَلَيْهِمْ فُزْتُ. قَالَ لَبِيدٌ:

وَنَفْسُ الْفَتَى رَهْنٌ بقَمْرةِ مُؤْرِبِ

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْمُؤَارَبَةُ وَهِيَ الْمُدَاهَاةُ، كَذَا قَالَ الْــخَلِيلُ. وَكَذَلِكَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " مُؤَارَبَةُ الْأَرِيبِ جَهْلٌ ". وَأَمَّا النَّصِيبُ فَهُوَ وَالْعُضْوُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُمَا جُزْءُ الشَّيْءِ. قَالَ الْــخَلِيلُ وَغَيْرُهُ: الْأُرْبَةُ نَصِيبُ الْيَسَرِ مِنَ الْجَزُورِ. وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

لَا يَفْرَحُونَ إِذَا مَا فَازَ فَائِزُهُمْ ... وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ أُرْبَةُ الْيَسَرِ

وَمِنْ هَذَا مَا فِي الْحَدِيثِ: «كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» ، أَيْ: لِعُضْوِهِ.

وَيُقَالُ: عُضْوٌ مُؤَرَّبٌ، أَيْ: مُوَفَّرُ اللَّحْمِ تَامُّهُ. قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَلَانْتَشَلَتْ عُضْوَيْنِ مِنْهَا يُحَابِرٌ ... وَكَانَ لِعَبْدِ الْقَيْسِ عُضْوٌ مُؤَرَّبُ

أَيْ: صَارَ لَهُمْ نَصِيبٌ وَافِرٌ. وَيُقَالُ: أَرِبَ، أَيْ: تَسَاقَطَتْ آرَابُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَجُلٍ: " أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ، أَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ". يُقَالُ مِنْهُ أَرِبَ. وَأَمَّا الْعَقْدُ وَالتَّشْدِيدُ فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَرِبَ الرَّجُلُ يَأْرَبُ: إِذَا تَشَدَّدَ وَضَنَّ وَتَحَكَّرَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ التَّأْرِيبُ، وَهُوَ التَّحْرِيشُ، يُقَالُ: أَرَّبْتُ عَلَيْهِمْ. وَتَأَرَّبَ فُلَانٌ عَلَيْنَا: إِذَا الْتَوَى وَتَعَسَّرَ وَخَالَفَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: تَأَرَّبْتُ فِي حَاجَتِي تَشَدَّدْتُ، وَأَرَّبْتُ الْعُقْدَةَ، أَيْ: شَدَّدْتُهَا. وَهِيَ الَّتِي لَا تَنْحَلُّ حَتَّى تُحَلَّ حَلًّا. وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قِلَادَةُ الْفَرَسِ وَالْكَلْبِ أُرْبَةً لِأَنَّهَا عُقِدَتْ فِي عُنُقِهِمَا. قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:

لَوْ كُنْتَ كَلْبَ قَنِيصٍ كُنْتَ ذَا جُدَدٍ ... تَكُونُ أُرْبَتُهُ فِي آخِرِ الْمَرَسِ

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْأُرْبَةُ خِلَافُ الْأُنْشُوطَةِ. وَأَنْشَدَ:

وَأُرْبَةٍ قَدْ عَلَا كَيْدِي مَعَاقِمَهَا ... لَيْسَتْ بِفَوْرَةِ مَأْفُونٍ وَلَا بَرَمِ

قَالَ الْــخَلِيلُ: الْمُسْتَأْرِبُ مِنَ الْأَوْتَارِ الشَّدِيدُ الْجَيِّدُ. قَالَ:

مِنْ نَزْعِ أَحْصَدَ مُسْتَأْرِبِ

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:

شُمُّ الْعَرَانِينِ يُنْسِيهِمْ مَعَاطِفَهُمْ ... ضَرْبُ الْقِدَاحِ وَتَأْرِيبٌ عَلَى الْخَطَرِ

فَقِيلَ يُتَمِّمُونَ النَّصِيبَ، وَقِيلَ يَتَشَدَّدُونَ فِي الْخَطَرِ. وَقَالَ: لَا يَفْرَحُونَ إِذَا مَا فَازَ فَائِزُهُمْ ... وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ أُرْبَةُ الْعَسِرِ

أَيْ: هُمْ سُمَحَاءُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ عَسِرٌ يُفْسِدُ أُمُورَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: رَجُلٌ أَرِبٌ: إِذَا كَانَ مُحْكَمَ الْأَمْرِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَرِبْتُ بِكَذَا أَيِ اسْتَعَنْتُ. قَالَ أَوْسٌ:

وَلَقَدْ أَرِبْتُ عَلَى الْهُمُومِ بِجَسْرَةٍ ... عَيْرَانَةٍ بِالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ

وَاللَّجُونُ: الثَّقِيلَةُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْأُرَبَى، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ الْمُسْتَنْكَرَةُ. وَقَالُوا: سُمِّيَتْ لِتَأْرِيبِ عَقْدِهَا كَأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى حَلِّهَا. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:

فَلَمَّا غَسَا لَيْلِي وَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا ... هِيَ الْأُرَبَى جَاءَتْ بِأُمِّ حَبَوْكَرَى

فَهَذِهِ أُصُولُ هَذَا الْبِنَاءِ. وَمِنْ أَحَدِهَا إِرَابٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ وَبِهِ سُمِّيَ [يَوْمُ] إِرَابٍ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي غَزَا فِيهِ الْهُذَيلُ بْنُ حَسَّانَ التَّغْلِبِيُّ بَنِي يَرْبُوعٍ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ. وَفِيهِ يَقُولُ الْفَرَزْدَقُ:

وَكَأَنَّ رَايَاتِ الْهُذَيْلِ إِذَا بَدَتْ ... فَوْقَ الْخَمِيسِ كَوَاسِرُ الْعِقْبَانِ

وَرَدُوا إِرَابَ بِجَحْفَلٍ مِنْ وَائِلٍ ... لِجَبِ الْعَشِيِّ ضُبَارِكِ الْأَقْرَانِ

ثُمَّ أَغَارَ جَزْءُ بْنُ سَعْدٍ الرِّيَاحِيُّ بِبَنِي يَرْبُوعٍ عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَهُمْ خُلُوفٌ، فَأَصَابَ سَبْيَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَالْتَقَيَا عَلَى إِرَابٍ، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ خَلَّى جَزْءٌ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ سَبْيِ يَرْبُوعٍ وَأَمْوَالِهِمْ، وَخَلَّوْا بَيْنَ الْهُذيلِ وَبَيْنَ الْمَاءِ يَسْقِي خَيْلَهُ وَإِبِلَهُ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ يَقُولُ جَرِيرٌ:

وَنَحْنُ تَدَارَكْنَا ابْنَ حِصْنٍ وَرَهْطَهُ ... وَنَحْنُ مَنَعْنَا السَّبْيَ يَوْمَ الْأَرَاقِمِ

بَكَرَ 

(بَكَرَ) الْبَاءُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَرْعَانِ هُمَا مِنْهُ. فَالْأَوَّلُ أَوَّلُ الشَّيْءِ وَبَدْؤُهُ. وَالثَّانِي مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَالثَّالِثُ تَشْبِيهٌ. فَالْأَوَّلُ الْبُكْرَةُ وَهِيَ الْغَدَاةُ، وَالْجَمْعُ الْبُكَرُ. وَالتَّبْكِيرُ وَالْبُكُورُ وَالِابْتِكَارُ الْمُضِيُّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَالْإِبْكَارُ: الْبُكْرَةُ، كَمَا أَنَّ الْإِصْبَاحَ اسْمُ الصُّبْحِ. وَبَاكَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا بَكَرْتَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَبَكَرْتُ الْوِرْدَ إِبْكَارًا، وَأَبْكَرْتُ الْغَدَاءَ، وَبَكَرْتُ عَلَى الْحَاجَةِ وَأَبْكَرْتُ غَيْرِي، بَكَرْتُ وَأَبْكَرْتُ. وَيُقَالُ رَجُلٌ بَكُِرٌ صَاحِبُ بُكُورٍ. كَمَا يُقَالُ حَذُِرٌ. قَالَ الْــخَلِيلُ: غَيْثٌ بَاكُورٌ وَهُوَ الْمُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ الْوَسْمِيِّ، وَهُوَ أَيْضًا السَّارِي فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوَّلِ النَّهَارِ. قَالَ:

جَرَّتِ الرِّيحُ بِهَا عُثْنُونَهَا ... وَتَهَادَتْهَا مَدَالِيجُ بُكُرْ

يُقَالُ: سَحَابَةٌ مِدْلَاجٌ بَكُورٌ. وَيُقَالُ بَكَّرَتِ الْأَمْطَارُ تَبْكِيرًا وَبَكَرَتْ بُكُورًا، إِذَا تَقَدَّمَتْ. الْفَرَّاءُ: أَبْكَرَ السَّحَابُ وَبَكَرَ، وَبَكَّرَ، وَبَكَرَتِ الشَّجَرَةُ وَأَبْكَرَتْ وَبَكَّرَتْ تُبَكِّرُ تَبْكِيرًا وَبَكَرَتْ بُكُورًا، وَهِيَ بَكُورٌ، إِذَا عَجَّلَتْ بِالْإِثْمَارِ وَالْيَنْعِ، وَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا ذَاكَ فَهِيَ مِبْكَارٌ، وَجَمْعُ بَكُورٍ بُكُرٌ، قَالَ الْهُذَلِيُّ:

ذَلِكَ مَا دِينُكَ إِذْ جُنِّبَتْ ... فِي الصُّبْحِ مِثْلَ الْبُكُرِ الْمُبْتِلِ

وَالتَّمْرَةُ بَاكُورَةٌ، وَيُقَالُ هِيَ الْبَكِيرَةُ وَالْبَكَائِرُ. وَيُقَالُ أَرْضٌ مِبْكَارٌ، إِذَا كَانَتْ تُنْبِتُ فِي أَوَّلِ نَبَاتِ الْأَرْضِ. قَالَ الْأَخْطَلُ:

غَيْثٌ تَظَاهَرَ فِي مَيْثَاءَ مِبْكَارِ

فَهَذَا الْأَصْلُ الْأَوَّلُ، وَمَا بَعْدَهُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ. فَمِنْهُ الْبَكْرُ مِنَ الْإِبِلِ، مَا لَمْ يَبْزُلْ بَعْدُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي فَتَاءِ سِنِّهِ وَأَوَّلِ عُمُرِهِ، فَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَإِذَا بَزَلَ فَهُوَ جَمَلٌ. وَالْبَكْرَةُ الْأُنْثَى، فَإِذَا بَزَلَتْ فَهِيَ نَاقَةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَجَمْعُهُ بِكَارٌ، وَأَدْنَى الْعَدَدِ ثَلَاثَةُ أَبْكُرٍ. وَمِنْهُ الْمَثَلُ: " صَدَقَنِي سِنُّ بَكْرِهِ " وَأَصْلُهُ أَنَّ رَجُلًا سَاوَمَ آخَرَ بِبَكْرٍ أَرَادَ شِرَاءَهُ وَسَأَلَ الْبَائِعَ عَنْ سِنِّهِ، فَأَخْبَرَهُ بِغَيْرِ الصِّدْقِ فَقَالَ: بَكْرٌ - وَكَانَ هَرِمًا - فَفَرَّهُ الْمُشْتَرِيَ، فَقَالَ: " صَدَقَنِي سِنُّ بَكْرِهِ ".

قَالَ التَّمِيمِيُّ: يُسَمَّى الْبَعِيرُ بَكْرًا مِنْ لَدُنْ يُرْكَبُ إِلَى أَنْ يُرْبِعَ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ. وَالْقَعُودُ الْبَكْرُ. قَالَ: وَيَقُولُ الْعَرَبُ: " أَرْوَى مِنْ بَكْرِ هَبَنَّقَةَ " وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُحَمَّقُ ; وَكَانَ بَكْرُهُ يَصْدُرُ عَنِ الْمَاءِ مَعَ الصَّادِرِ وَقَدْ رَوِيَ، ثُمَّ يَرِدُ مَعَ الْوَارِدِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْكَلَأِ.

قَالَ الْــخَلِيلُ: وَالْبِكْرُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تُمْسَسْ قَطُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا فَهِيَ بِكْرٌ أَيْضًا. قَالَ الْــخَلِيلُ: يُسَمَّى بِكْرًا أَوْ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً. وَيُقَالُ أَشَدُّ النَّاسِ بِكْرٌ ابْنُ بِكْرَيْنِ. قَالَ: وَبَقَرَةٌ بِكْرٌ فَتِيَّةٌ لَمْ تَحْمِلْ. وَالْبِكْرُ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أَوَّلُهُ. وَيَقُولُ: مَا هَذَا الْأَمْرُ بِبَكِيرٍ وَلَا ثَنِيٍّ، عَلَى مَعْنَى مَا هُوَ بِأَوَّلَ وَلَا ثَانٍ. قَالَ:

وُقُوفٌ لَدَى الْأَبْوَابِ طُلَّابُ حَاجَةٍ ... عَوَانًا مِنَ الْحَاجَاتِ أَوْ حَاجَةً بَكْرًا

وَالْبِكْرُ: الْكَرْمُ الَّذِي حَمَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. قَالَ الْأَعْشَى:

تَنَخَّلَهَا مِنْ بِكَارِ الْقِطَافِ ... أُزَيْرِقُ آمِنُ إِكْسَادِهَا

قَالَ الْــخَلِيلُ: عَسَلٌ أَبْكَارٌ تُعَسِّلُهُ أَبْكَارُ النَّحْلِ، أَيْ أَفْتَاؤُهَا، وَيُقَالُ بَلِ الْأَبْكَارُ مِنَ الْجَوَارِي يَلِينَهُ. فَهَذَا الْأَصْلُ الثَّانِي، وَلَيْسَ بِالْبَعِيدِ مِنْ قِيَاسِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَالْبَكَرَةُ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّهَا أُعِيرَتِ اسْمَ الْبَكْرَةِ مِنَ النُّوقِ كَانَ مَذْهَبًا، وَالْبَكَرَةُ مَعْرُوفَةٌ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كَأَنَّ هَادِيَهَا إِذْ قَامَ مُلْجِمُهَا ... قَعْوٌ عَلَى بَكْرَةٍ زَوْرَاءَ مَنْصُوبُ

وَثَمَّ حَلَقَاتُ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ تُسَمَّى بَكَرَاتٍ. وَكُلُّ ذَلِكَ أَصْلُهُ وَاحِدٌ.

قتا

قتا: قتأ: انظر مشتقاتها في مادة قثأ.
(قتا)
فلَانا قتوا خدمه وَيُقَال فلَان يقتو الْمُلُوك
[قتا] فيه: سئال عن امرأة اشترت زوجها فقال: أن "اقتوته" فرق بينهما، وأعتقته فهما على النكاح، اقتوته: استخدمته، والقتو: الخدمة.
[قتا] القَتْوُ: الخِدمةُ. وقد قَتَوْتُ أقْتو قَتْواً ومَقْتًى، أي خدَمت، مثال غزوت أغزو غزوا ومغزى. وقال: إنى امرؤ من بنى فزازة لا * أحسن قتو الملوك والخببا ويقال للخادم مقتوى، بفتح الميم وتشديد الياء، كأنه منسوب إلى المقتى، وهو مصدر، كما قالوا: ضيعة عجزية للتى لا تفى غلتها بخراجها. ويجوز تخفيف ياء النسبة، قال عمرو بن كلثوم:

متى كنا لامك مقتوينا * قال أبو عبيدة: قال رجل من بنى الحرماز: هذا رجل مقتوين، ورجلان مقتوين، ورجال مقتوين، كله سواء. وكذلك المؤنث، وهم الذين يعملون للناس بطعام بطونهم. قال سيبويه: سألوا الــخليل عن مقتوى ومقتوين فقال: هو بمنزلة الاشعري والاشعرين. (*)

قتا: القَتْوُ: الخِدْمة. وقد قَتَوْتُ أَقْتُو قَتْواً ومَقْتًى أَي

خَدَمْت مثل غَزَوْت أَغْزُو غَزْواً ومَغْزًى، وقيل: القَتْو حُسْنُ خِدمة

الملوك، وقد قَتاهم. الليث: تقول هو يَقْتُو الملوك أَي يَخْدُمُهم؛

وأَنشد:

إِني امْرُؤٌ من بني خُزَيمَةَ، لا

أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبَا

قال الليث في هذا الباب: والمَقاتِيةُ هم الخُدَّام، والواحد

مَقْتَوِيٌّ، بفتح الميم وتشديد الياء كأَنه منسوب إِلى المَقْتَى، وهو مصدر، كما

قالوا ضَيْعةٌ عَجْزِيَّةٌ للتي لا تَفي غَلَّتها بخَراجها؛ قال ابن بري

شاهده قول الجعفي:

بَلِّغْ بني عُصَمٍ بأَني،

عن فُتاحَتِكُمْ، غَنيُّ

لا أُسْرَتي قَلَّتْ، ولا

حالي لحالِكَ مَقْتَوِيُّ

قال: ويجوز تخفيف ياء النسبة؛ قال عمرو بن كلثوم:

تُهَدِّدُنا وتُوعِدُنا، رُوَيْداً

مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا؟

وإِذا جمعت

(* قوله« وإذا جمعت إلخ» كذا بالأصل والتهذيب ايضاً.) بالنون

خففت الياء مَقْتَوُون، وفي الخفض والنصب مَقْتَوِين كما قالوا

أَشْعَرِينَ، وأَنشد بيت عمرو بن كلثوم. وقال شمر: المَقْتَوُون الخُدَّام،

واحدهم مَقْتَوِيّ؛ وأَنشد:

أَرَى عَمْرَو بن ضَمْرَةَ مَقْتَوِيّاً،

له في كلِّ عامٍ بَكْرتانِ

(* قوله« ابن ضمرة» كذا في الأصل، والذي في الاساس: ابن هودة، وفي

التهذيب: ابن صرمة.)

ويروى عن المفضل وأَبي زيد أَن أَبا عون الحِرْمازي قال: رجل

مَقْتَوِينٌ ورجلانِ مَقتوِينٌ ورجال مَقتوينٌ كله سواء، وكذلك المرأَة والنساء،

وهم الذين يخدمون الناس بطعام بطونهم. المحكم: والمَقْتَوون والمَقاتِوَةُ

والمَقاتِيةُ الخدام، واحدهم مَقْتَوِيٌّ. ويقال: مَقْتَوينٌ، وكذلك

المؤنث والاثنان والجمع؛ قال ابن جني: ليست الواو في هؤلاء مَقْتَوُون ورأَيت

مَقْتَوِين ومررت بمَقْتَوِين إِعراباً أَو دليل إِعراب، إِذ لو كانت

كذلك لوجب أَن يقال هؤُلاء مَقْتَوْنَ ورأَيت مَقْتَينَ ومررت بمَقْتَيْن،

ويجري مَجرى مُصْطَفَيْن. قال أَبو عليّ: جعله سيبويه بمنزلة

الأَشْعَرِيّ والأَشْعَرِين، قال: وكان القياس في هذا، إِذ حذفت ياء النسب منه، أَن

يقال مَقْتَوْن كما يقال في الأَعْلى الأَعْلَوْن إِلا أَن اللام صحت في

مَقْتَوِين، لتكون صحتها دلالة على إرادة النسب، ليعلم أَن هذا الجمع

المحذوف منه النسب بمنزلة المثبت فيه. قال سيبويه: وإِن شئت قلت جاؤوا به

على الأَصل كما قالوا مَقاتِوَةٌ، حدثنا بذلك أَبو الخطاب عن العرب، قال:

وليس العرب يعرف هذه الكلمة. قال: وإن شئت قلت هو بمنزلة مِذْرَوَيْنِ حيث

لم يكن له واحد يفرد. قال أَبو عليّ: وأَخبرني أَبو بكر عن أَبي العباس

عن أَبي عثمان قال لم أَسمع مثل مَقاتِوَة إِلاَّ حرفاً واحداً، أَخبرني

أَبو عبيدة أَنه سمعهم يقولون سَواسِوةٌ في سَواسِيةٍ ومعناه سواء؛ قال:

فأَما ما أَنشده أَبو الحسن عن الأَحول عن أَبي عبيدة:

تَبَدَّلْ خَلِيلــاً بي كَشَكْلِك شَكْلُه،

فإِنِّي خَلِيلــاً صالِحاً بك مُقْتَوِي

فإِن مُقْتَوٍ مُفْعَلِلٌ،، ونظيره مُرْعَوٍ، ونظيره من الصحيح المدغم

مُحْمَرّ ومُخْضَرٌّ، وأَصله مُقْتَوٌّ، ومثله رجل مُغْزَوٍ ومُغْزاوٍ،

وأَصلهما مُغْزَوٌّ ومُغْزاوٌّ، والفعل اغْزَوَّ يَغزاوّ

(* قوله« اغزوّ

يغزاوّ إلخ» كذا بالأصل والمحكم ولعله اغزوّ واغزاوّ)

كاحمرّ واحمارّ والكوفيون يصححون ويدغمون ولا يُعِلّون، والدليل على

فساد مذهبهم قول العرب ارْعَوَى ولم يقولوا ارْعَوَّ، فإِن قلت: بم انتصب

خليلــاً ومُقْتَوٍ غير متعدّ؟ فالقول فيه أَنه انتصب بمضمر يدل عليه المظهر

كأَنه قال أَنا متخذ ومُستعدّ، أَلا ترى أَن من اتخذ خليلــاً فقد اتخذه

واستعدّه؟ وقد جاء في الحديث: اقْتَوَى متعدّياً ولا نظير له، قال: وسئل

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن امرأَة كان زوجها مملوكاً فاشترته فقال:

إِن اقْتَوتْه فُرِّقَ بينهما، وإِن أَعتقته فهما على النكاح؛ اقتوته أَي

استخدَمَتْه. والقَتْوُ: الخِدْمة؛ قال الهروي: أَي استخدمته، وهذا شاذ

جدّاً لأَن هذا البناء غير متعد البتة، من الغريبين. قال أَبو الهيثم:

يقال قَتَوْتُ الرجل قَتْواً ومَقْتًى أَي خدمته، ثم نسبوا إِلى المَقْتَى

فقالوا رجل مَقْتَوِيٌّ، ثم خَففوا ياء النسبة فقالوا رجل مَقْتَوٍ ورجال

مَقْتَوُون، والأَصل مَقْتَوِيُون. ابن الأَعرابي: القَتْوةُ

النَّمِيمَة.

جَعَمَ 

(جَعَمَ) الْجِيمُ وَالْعَيْنُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ: الْكِبَرُ وَالْحِرْصُ عَلَى الْأَكْلِ. فَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْــخَلِيلِ: الْجَعْمَاءُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي أُنْكِرَ عَقْلُهَا هَرَمًا، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ أَجْعَمُ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْمُسِنَّةِ الْجَعْمَاءُ.

وَالثَّانِي قَوْلُ الْــخَلِيلِ وَغَيْرِهِ: جَعِمَتِ الْإِبِلُ، إِذَا لَمْ تَجِدْ حَمْضًا وَلَا عِضَاهًا فَقَضِمَتِ الْعِظَامَ، وَذَلِكَ مِنْ حِرْصِهَا عَلَى مَا تَأْكُلُهُ.

قَالَ الْــخَلِيلُ: جَعِمَ يَجْعَمُ جَعَمًا، إِذَا قَرِمَ إِلَى اللَّحْمِ. وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَكُولٌ. وَرَجُلٌ جَعِمٌ وَامْرَأَةٌ جَعِمَةٌ، وَبِهَا جَعَمٌ أَيْ غِلَظُ كَلَامٍ فِي سِعَةِ حَلْقٍ. وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

إِذْ جَعِمَ الذُّهْلَانِ كُلَّ مَجْعَمٍ

أَيْ جَعِمُوا إِلَى الشَّرِّ كَمَا يُقْرَمُ إِلَى اللَّحْمِ. هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْــخَلِيلُ. فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَأُرَاهُ قَدْ أَمْلَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ حِفْظًا، فَقَالَ: جَعِمَ يَجْعَمُ جَعَمًا، إِذَا لَمْ يَشْتَهِ الطَّعَامَ. قَالَ: وَأَحْسَبُهُ مِنَ الْأَضْدَادِ: لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا سَمَّوُا الرَّجُلَ النَّهِمَ جَعِمًا. قَالَ: وَيُقَالُ جُعِمَ فَهُوَ مَجْعُومٌ إِذَا لَمْ يَشْتَهِ أَيْضًا. هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَاللُّغَاتُ لَا تَجِيءُ بِأَحْسَبُ وَأَظُنُّ. فَأَمَّا قَوْلُهُ جَعَمْتُ الْبَعِيرَ مِثْلَ كَعَمْتُهُ. فَلَعَلَّهُ قِيَاسٌ فِي بَابِ الْإِبْدَالِ اسْتَحْسَنَهُ فَجَعَلَهُ لُغَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ.

اليَمَنُ

اليَمَنُ:
بالتحريك، قال الشرقي: إنما سميت اليمن لتيامنهم إليها، قال ابن عباس: تفرّقت العرب فمن تيامن منهم سمّيت اليمن، ويقال إن الناس كثروا بمكة فلم تحملهم فالتأمت بنو يمن إلى اليمن وهي أيمن الأرض فسميت بذلك، قلت: قولهم تيامن الناس فسمّوا اليمن فيه نظر لأن الكعبة مربعة فلا يمين لها ولا يسار فإذا كانت اليمن عن يمين قوم كانت عن يسار آخرين وكذلك الجهات الأربع إلا أن يريد بذلك من يستقبل الركن اليماني فإنه أجلّها فإذا يصحّ، والله أعلم، وقال الأصمعي: اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشّحر حتى يجتاز عمان فينقطع من بينونة، وبينونة: بين عمان والبحرين وليست بينونة من اليمن، وقيل: حدّ اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود، واليمن تجمع ذلك كله، والنسبة إليهم يمنيّ ويمان، مخففة، والألف: عوض من ياء النسبة فلا تجتمعان، وقال سيبويه: وبعضهم يقول يمانيّ، بتشديد الياء، قال أمية بن خلف الهذلي:
يمانيّا يظلّ يشدّ كيرا، ... وينفخ دائبا لهب الشّواظ
وقوم يمانية ويمانون مثل ثمانية وثمانون، وامرأة يمانية أيضا، وأيمن الرجل ويمّن ويامن إذا أتى اليمن وكذلك إذا أخذ في مسيره يمينا، قال الحسن بن أحمد ابن يعقوب الهمذاني اليمني: صفة يمن الخضراء، سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها والبحر مطيف بها من المشرق إلى الجنوب فراجعا إلى المغرب، يفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خطّ يأخذ من حدود عمان ويبرين إلى حد ما بين اليمن واليمامة فإلى حدود الهجيرة وتثليث وكشبة وجرش ومنحدرا في السراة إلى شعف عنز، وشعف الجبل: أعلاه، إلى تهامة إلى أم جحدم إلى البحر إلى جبل يقال له
كرمل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين كنانة واليمن من بطن تهامة، قلت أنا: هذا الخط من البحر الهندي إلى البحر اليمني عرضا في البريّة من الشرق إلى جهة الغرب، قال: وأما إحاطة البحر باليمن من ناحية دما، قلت أنا: دما من أوائل بلاد عمان من جهة الشمال، قال: فطنوى فالجمحة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد فما سقط منها وانقاد إلى ناحية الشحر فالشحر فغبّ الخيس فغب العبب بطن من مهرة فغب القمر بطن من مهرة، بلفظ قمر السماء، فغب الغفار بطن من مهرة فالخيرج فالأشفار، وفي المنتصف من هذا الساحل شرقيّا بين عدن وعمان ويسوف، وقد ذكرت في مواضعها، ثم ينعطف البحر على اليمن مغربا وشمالا من عدن فيمر بساحل لحج وأبين وكثيب برامس وهو رباط وبسواحل بني مجيد من المندب فساحل العميرة فالعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فالعطية فالجردة إلى منفهق جابر، وهو رأس عزيز كثير الرياح حديدها، إلى الشّرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى ساحل عثر فرأس عثر، وهو كثير الموج، إلى ساحل حمضة، فهذا ما يحيط باليمن من البحر، وقال أبو سنان اليماني: في اليمن ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة، وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة، فوال على الجند ومخاليفها وهي أدناها، وقال الأصمعي: أربعة أشياء قد ملأت الدنيا ولا تكون إلا باليمن: الورس والكندر والخطر والعصب، قال: وافتخر إبراهيم بن مخرمة يوما بين يدي السفّاح باليمن وكان خالد بن صفوان حاضرا، فلما أطال عليه قال خالد بن صفوان: وبعد فما منكم إلا دابغ جلد أو ناسج برد أو سائس قرد أو راكب عرد، دلّ عليكم هدهد وغرّقتكم جرذ وملكتكم أمّ ولد! فسكت وكأنما ألجمه، قال واجتمع زياد بن عبيد الله الحارثي خال السفّاح بابن هبيرة الفزاري فقال لزياد:؟ فمن الرجل؟ فقال: من اليمن، فقال: أخبرني عنها، فقال: أما جبالها فكروم وورس وسهولها برّ وشعير وذرة، فتغير وجه ابن هبيرة وقال: أليس أبو اليمن قردا؟ قال: إنما يكنى القرد بولده وهو أبو قيس فيوجب ذلك أن يكون أبا قيس عيلان، وكان ابن هبيرة قيسيّا، قال: فاصفرّ وجهه وعرق جبينه من عظم ما لقيه به، ولليمن أخبار ولبلادها أقاصيص ذكرت في مواضعها من هذا الكتاب، وقد يحنّ بعض الأعراب إلى اليمن فيقول:
وإنى ليُحيينى الصَّبا ويُميتنى ... إذا ما جرت بعد العشيّ جنوب
وأرتاح للبرق اليماني كأنني ... له حين يبدو في السماء نسيب
وأرتاح أن ألقى غريبا صبابة ... إليه كأني للغريب قريب
وقال آخر:
أما من جنوب تذهب الغلّ ظلّة ... يمانية من نحو ليلى ولا ركب
يمانون نستوحيهم عن بلادهم ... على قلص يذمى بأحسنها الجدب
وقال آخر:
خليلــيّ إني قد أرقت ونمتما ... لبرق يمان فاقعدا علّلانيا
خليلــيّ لو كنت الصحيح وكنتما ... سقيمين لم أفعل كفعلكما بيا
خليلــيّ مدّا لي فراشي وارفعا ... وسادي لعلّ النوم يذهب ما بيا
خليلــيّ طال الليل والتبس القذى ... بعينيّ واستأنست برقا يمانيا

قتو

قتو


قَتَا(n. ac. قَتْو [ ]
قَتًا قُِتًى [قِتَو]
مَقْتًى [] )
a. Served well, faithfully.

إِقْتَتَوَa. Took into his service.

قَتْوَة []
a. A time, once.
b. Slander.

مَقْتًى []
a. Servant.

مَقْتَوِيّ
a. see 17
مُقْتِي
a. see under
قَثَأَ
قتو
القَتْوُ: حُسْنُ الخِدْمَةِ، يَقْتُو المُلُوكَ: أي يَخْدُمُهم. والمُقَاتِيَةُ: الخُدّامُ، والواحِدُ مَقْتَوِيٌّ، ومَقْتَوُوْنَ - بالنُّون -، وقيل: هو الذي يَخْدُمُ بطعام بطنِه. والمَقْتَوِيُّ مَنْسُوبٌ إلى المَقْتى - وهو مَصْدَرٌ على مَفْعَلٍ - من القَتْوِ، كالمَغْزى من الغَزْو. وقيل: جَمْعُ المَقْتَوِيِّ مَقَاتِوَةٌ ومَقَاتِيَةٌ.
ق ت و
فلان مقتويٌّ: يخدم القوم بطعام بطنه: أنشد الأصمعيّ:


أرى عمرو بن هوذة مقتوياً ... له في كلّ عام بكرتان

نويقتان كأنه نسب إلى فعله الذي هو المقتي من قولك: قتوت الرجل أقتوه قتواً ومقتًى. وفلان يقتو الملوك. قال:

إني امرؤ من بني خزيمة لا ... أحسن قتو الملوك والخببا

وهو مقتويٌّ من المقاتوة حكاه سيبويه عن أبي الخطاب. وقال عمرو بن كلثوم:

تهددنا وأوعدنا رويداً ... متى كنا لأمك مقتوينا

حذف الياء كما في الأشعرين. وقيل لرجل: ما ضيعتك؟ فقال: إذا صفت نصفت، وإذا شتوت قتوت، فأنا ناصف قاتي، في جميع أوقاتي، من تصف يتصف إذا خدم. وتقول: أنا أمقت الظلمة ومقتويهم، كما أمقت أهل الجاهلية ومقتيّهم.
باب القاف والتاء و (وا يء) معهما ق ت و، ت وق، تء ق، وق ت، ق وت مستعملات

قتو: القَتوُ: حسن الخدمة، تقول: هو يَْقُتو الملوك أي يخدمهم، قال:

............... ..... لا ... أحسن قَتْوَ الملوكِ والخببا  والمَقاتِيةُ هم الخدام، والواحد مَقْتَوِيّ، وإذا جمع بالنون خفف [فقيل] : مَقتَوُونَ، وفي الخفض مَقْتَوينَ مثل أشعرين، قال:

تهددنا وتوعدنا رويداً ... متى كنا لأمك مَقْتَوينا

يعني خُدماُ.

توق: التًّوْقُ: نزاع النفس إلى الشيء، تَتُوق إليه تَوْقاَِ، وتاقَتْ نفسي إليه. ونفس تَوّاقَةٌ: مشتاقة.

تأق: التَّأَقُ: شدة الامتلاء. وتئقت القربة تَتْأَقُ تَأَقَاً، وأتْأَقَها الرجل إتآقا. وتئق فلان إذا امتلأ حزناً وكاد يبكي. وفرس تَئِقٌ: ممتلىء جرياً. وأتْأَقْتُ القوس: نزعتها فأغرقت السهم.

وقت: الوَقْتُ: مقدار من الزمان، وكل ما قدرت له غاية أو حيناً فهو مُوَقَّتٌ. والمِيقاتُ: مصدر الوقت، والأخرة مِيقاتُ الخلق. ومواضع الإحرام مَواقيتُ الحاج. والهلال ميقات الشهر. وقوله تعالى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ

، إنما هو وُقِّتَتْ من الواو فهمز. وتقول: وقتُ موقتٌ.

قوت: القُوتُ: ما يمسك الرمق من الرزق، وقات يقوت قوتاً، وأنا أقُوتُه أي أعوله برزق قليل. وإذا نفخ نافخ في النار تقول له: انفخ نفخاً قويا. واقتت لها نفخك قِيتةً، تأمره بالرفق والنفخ القليل، قال:

فقلت له خذها إليك وأحيها ... بروحك واقْتَتْهُ لها قِيتةً قدراً
الْقَاف وَالتَّاء وَالْوَاو

القتو: حسن خدمَة الْمُلُوك، وَقد قتاهم.

والمقتوون، المقاتوة، والمقاتية: الخدام. واحدهم: مقتوي، وَيُقَال: مقتوين.

وَكَذَلِكَ: الْمُؤَنَّث، والاثنان، والجميع.

وَقيل: المقتوون: الَّذين يعْملُونَ للنَّاس بِطَعَام بطونهم.

قَالَ ابْن جني: لَيست الْوَاو فِي: هَؤُلَاءِ مقتوون، وَرَأَيْت مقتوين، ومررت بمقتوين، إعرابا أَو دَلِيل إِعْرَاب، إِذْ لَو كَانَت كَذَلِك لوَجَبَ أَن يُقَال: هَؤُلَاءِ مقتون، وَرَأَيْت مقتين، ومررت بمقتين، ولجري مجْرى مصطفين.

قَالَ أَبُو عَليّ: جعله سِيبَوَيْهٍ بِمَنْزِلَة: الْأَشْعَرِيّ، والأشعرين، قَالَ: وَكَانَ الْقيَاس فِي هَذَا، إِذْ حذفت يَاء النّسَب مِنْهُ، أَن يُقَال: مقتون، كَمَا يُقَال فِي " الْأَعْلَى ": الاعلون إِلَّا أَن اللَّام صحت فِي: مقتوين، لتَكون صِحَّتهَا دلَالَة على إِرَادَة النّسَب، ليعلم أَن هَذَا الْجمع الْمَحْذُوف مِنْهُ النّسَب بِمَنْزِلَة الْمُثبت فِيهِ.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَإِن شِئْت قلت: جَاءُوا بِهِ على الأَصْل، كَمَا قَالُوا: مقاتوة، حَدثنَا بذلك أَبُو الْخطاب عَن الْعَرَب، قَالَ: وَلَيْسَ كل الْعَرَب يعرف هَذِه الْكَلِمَة، قَالَ: وَإِن شِئْت قلت: هُوَ بِمَنْزِلَة: مذروين، حَيْثُ لم يكن لَهُ وَاحِد يفرد.

قَالَ أَبُو عَليّ: واخبرني أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس عَن أبي عُثْمَان قَالَ: لم اسْمَع مثل: مقاتوة، إِلَّا حرفا وَاحِدًا اخبرني أَبُو عُبَيْدَة أَنه سمعهم يَقُولُونَ: سواسوة فِي: سواسية، وَمَعْنَاهُ: سَوَاء، قَالَ: فَأَما مَا انشده أَبُو الْحسن عَن الْأَحول عَن أبي عُبَيْدَة:

تبدل خَلِيلًــا بِي كشكلك شكله ... فَإِنِّي خَلِيلًــا صَالحا بك مقتوى

فَإِن مقتوٍ " مفعلل " وَنَظِيره: مرعو. وَنَظِيره من الصَّحِيح المدغم: محمر، ومخضر وَأَصله: مقتوٌّ.

وَمثله: رجل مغزو، ومغزاو، وأصلهما: مغزو ومغزاو، وَالْفِعْل: اعزو، يغزاو، كاحمر، واحمار.

والكوفيون يصححون ويدغمون وَلَا يعلون، وَالدَّلِيل على فَسَاد مَذْهَبهم قَول الْعَرَب: ارعوى، وَلم يَقُولُوا: ارعو، فَإِن قلت: بِمَ انتصب " خَلِيلًــا "، ومقتو غير مُتَعَدٍّ؟ فَالْقَوْل فِيهِ: أَنه انتصب بمضمر يدل عَلَيْهِ الْمظهر، كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا متخذ ومستعد، أَلا ترى أَن من اتخذ خَلِيلًــا فقد اتَّخذهُ واستعده، وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: " اقتوى، مُتَعَدِّيا " وَلَا نَظِير لَهُ، قَالَ: وَسُئِلَ عبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة عَن امْرَأَة كَانَ زَوجهَا مَمْلُوكا فاشترته فَقَالَ: " إِن اقتوته فرق بَينهمَا " قَالَ الْهَرَوِيّ: أَي استخدمته، وَهَذَا شَاذ جدا، لِأَن هَذَا الْبناء غير مُتَعَدٍّ الْبَتَّةَ، من الغريبين.
قتو
: (و ( {القَتْوُ) ، بالفَتْح، (} والقَتَا) ، كقَفاً، (مُثَلَّثَةً: حُسْنُ خِدْمةِ المُلُوكِ) .) تقولُ: هُوَ {يَقْتُو المُلُوكَ، أَي يَخْدُمُهم.
وقيلَ لرَجُلٍ: مَا صَنْعَتُك؟ قالَ: إِذا صِفْتُ نَصفْتُ، وَإِذا شتَوْتُ} قَتَوْتُ، فأَنا ناصِفٌ! قاتِي فِي جميعِ أَوْقاتِي، من نَصَفَ ينصُفُ إِذا خَدَمَ؛ كَذَا فِي الأساسِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي: إنِّي امْرؤٌ من بَني فَزارَةَ لَا
أُحْسِنُ {قَتْوَ المُلُوكِ والخَبَبَاوفي التَّهذيبِ:
إنِّي امْرؤٌ مِن بَنِي خُزَيمَةَ.
(} كالمَقْتَى) يقالُ: {قَتَوْتُ} أَقْتُو {قَتْواً} ومَقْتًى، كغَزَوْتُ أَغْزُو غَزْواً ومَغْزًى؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ والتَّهذيبِ.
(و) {القَتْوَةُ، (بهاءٍ: النَّمِيمةُ) ؛) نقلَهُ الأزْهرِي عَن ابنِ الأعْرابي.
(} والمَقْتَوُونَ) ، بفَتْح الميمِ، ( {والمَقاتِوَةُ) ، بالواوِ، (} والمَقاتِيَةُ) ، بالياءِ: (الخُدَّامُ) ؛) وقيلَ: الذينَ يَعْمَلُونَ للناسِ بطَعامِ بُطُونِهم؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه والجَوْهرِي وابنُ السيِّد فِي أَبياتِ كِتابِ المَعانِي. (الواحِدُ {مَقْتَوِيٌّ) ، بفَتْح الميمِ وتَشْديدِ الياءِ، كأَنَّه مَنْسوبٌ إِلَى} المَقْتَى، وَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَا قَالُوا: ضَيْعةٌ عَجْزِيَّةٌ للَّتِي لَا تَفِي غَلَّتها بخَراجِها.
قالَ الجَوْهرِي: ويجوزُ تَخْفيف ياءِ النِّسْبَة؛ كَمَا قالَ عَمْرُو بنُ كُلْثوم:
تُهَدِّدُنا وتُوعِدُنا رُوَيْداً
مَتى كُنَّا لأُمِّكَ {مَقْتَوِينا؟ (و) قيلَ: الواحِدُ (} مَقْتَى أَو! مَقْتَوِينُ) ، بفَتْحِ مِيمِهِما وكَسْر الواوِ؛ الأخيرُ نقلَهُ ابنُ سِيدَه، (وتُفْتَحُ الواوُ) أَي مِن مَقْتَوَيْن، (غَيْرُ مَصْرُوفَيْنِ) أَي مَمْنُوعَيْن من الصَّرْف؛ (وَهِي للواحِدِ) والاثْنَيْن (والجَمْعِ والمُؤَنَّثِ) والمُذكَّرِ (سَواءٌ) .
(قالَ الجَوْهرِي: قالَ أَبُو عُبيدَةَ: قالَ رجُلٌ من بَني الحرمازِ: هَذَا رجُلٌ مَقْتَوِينٌ وَهَذَانِ رجُلانِ مَقْتوِينٌ ورجالٌ مَقْتوِينٌ، كُلُّهُ سَواءٌ، وكَذلكَ المُؤَنَّث.
قُلْت: رَواهُ المُفضَّل وأَبو زَيْدٍ عَن ابنِ عَوْن الحِرْمازِي.
قالَ ابنُ جنِّي: ليسَتِ الواوُ فِي هَؤُلَاءِ {مَقْتَوُون ورأَيْت مَقْتَوِين ومَرَرْت} بمَقْتَوِين إعْراباً أَو دَلِيلَ إعْرابٍ إِذْ لَو كانتْ لوَجَبَ أَن يقالَ: هَؤُلَاءِ {مَقْتَوْنَ ورأَيْتَ} مَقْتَيْنَ، ولجَرَى مُصْطَفَيْن.
قالَ سِيْبَوَيْه: سأَلْت الــخليلَ عَن مَقْتَوٍ {ومَقْتَوِين فقالَ: هَذَا بمنْزِلَةِ الأشْعرِيِّ والأَشْعَرِين، وَكَانَ القِياسُ إِذْ حَذَفْت ياءَ النَّسَبِ مِنْهُ أَنْ يقالَ: مَقْتَوْن كَمَا قَالُوا فِي الأعْلى الأَعْلَوْن إلاَّ أنَّ اللامَ صحَّت فِي مَقْتَوِين، لتكونَ صحَّتها دَلالَةً على إرادَةِ النَّسَبِ، ليعلمَ أنَّ هَذَا الجَمْعَ المَحْذُوفَ مِنْهُ النَّسَب بمنْزِلَةِ المُثْبتِ فِيهِ. قالَ سِيْبَوَيْه: وإنْ شِئْت قُلْت جاؤُوا بِهِ على الأصْلِ كَمَا قَالُوا:} مَقاتِوَةٌ، وليسَ كلّ العَرَبِ يَعْرف هَذِه الكَلِمَة. قالَ: وَإِن شِئْتَ قُلْت بمنْزِلَةِ مِذْرَوَيْنِ حَيْثُ لم يَكُنْ لَهُ واحِدٌ يُفْردُ.
وقالَ أَبو عُثْمان: لم أَسْمَع مِثْلَ مَقاتِوَة إلاَّ سَواسِوَةٌ فِي سَواسِيَةٍ ومَعْناه سَواء.
(أَو الميمُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ) فيكونُ (من مَقَتَ) إِذا (خَدَمَ) ، فعلى هَذَا بابُه مقت، وَلم يَذْكرْه المصنِّفُ هُنَاكَ ونبَّهنا عَلَيْهِ.
( {واقْتَواهُ: اسْتَخْدَمَهُ) ؛) جاءَ ذلكَ فِي حديثِ عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عتبَة: سُئِلَ عَن امْرأَةٍ كانَ زَوْجُها مَمْلوكاً فاشْتَرَتْه فَقَالَ: (إِن} اقْتَوَتْه فُرِّق بَيْنهما، وَإِن أَعْتَقَتْه فهُما على النِّكاح) ، أَي اسْتَخْدَمَتْه؛ هَكَذَا فسَّرَه ابنُ الأثيرِ وغيرُهُ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَهَذَا (شاذٌّ) جدًّا (لأنَّ) بناءَ (افْتَعَلَ لازِمٌ البَتَّةَ) .:
(قالَ شيْخُنا: هَذَا كَلامُ الزَّمْخَشري فإنَّه قالَ: هُوَ افْتَعَلَ مِن {القَتْوِ للخِدْمَةِ كارْعَوَى مِن الرّعْوِ؛ قالَ: إلاَّ أَنَّ فِيهِ نَظَراً لأنَّ افْتَعَلَ لم يَجِىءْ متعدِّياً، قالَ: وَالَّذِي سَمِعْته} اقْتَوَى إِذا صارَ خادِماً.
قالَ شيْخُنا: هُوَ مُوافِقٌ لكَلامِ الجماهيرِ إلاَّ أنَّ فِي كَلامِهم نظرا مِن وَجْهَيْن:
(الأوّل:) ادّعاؤُهم فِي {اقْتَوَى أنّه افْتَعَلَ، وَإِن جَزَمَ بِهِ جَميعُ مَنْ رأَيْناه مِن أَئِمَّة اللّغَةِ فإنَّه غيرُ ظاهِرٍ، فإنَّ افْتَعَلَ التاءُ فِيهِ زائِدَةٌ اتِّفاقاً، والتاءُ فِي اقْتَوَى أَصْلِيّة لأنَّه مِن القَتْوِ، فالتاءُ هِيَ عَيْنه فوَزْنه فِي الظاهِرِ افْعَلَل كارْعَوَى من الرّعْوِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ الزَّمْخَشري، والعَجَبُ كيفَ نَظرَه بِهِ وَذَلِكَ، افْعَلَل اتِّفاقاً، وجَعَلَ اقْتَوَى افْتَعَلَ مَعَ أنَّه مُصَرّحٌ بأنَّه مِن القَتْوِ وَهُوَ الخِدْمَةُ، فَهَل هُوَ إلاَّ تَناقضٌ؟ لَا يَتوَهَّمُ مُتوهِّمٌ أَنَّه افْتَعَلَ بوَجْهِ من الوُجُوهِ فتأَمَّله. فإِنِّي لم أَقِفْ لَهُم فِيهِ على كَلامٍ محررٍ والصَّوابُ مَا ذَكَرْته.
(الثَّاني:) بناؤُهم عَلَيْهِ أَنَّه افْتَعَلَ، وأنَّ افْتَعَلَ لَا يكونُ إلاَّ لازِماً البَتَّة، فإنَّ دَعْوَاهُم لُزومُه البَتَّة فِيهِ نَظَرٌ. بل هُوَ أغْلَبيّ فِيهِ. قالَ الشيخُ أَبُو حيَّان فِي الارْتشافِ: أَكْثَر بِناءِ افْتَعَلَ مِن اللاّزِمِ فدلَّ قوْلُه أَكْثَر على أَنَّه غالبٌ فِيهِ أَكْثري لَا أنَّه لازِمٌ لَهُ، وصَرَّح بذلكَ غيرُهُ من أئمَّةِ الصَّرْف وَقَالُوا: ابْتَنَى الشيءَ بَناهُ، واقْتَفَى أَثَراً تَبِعَه، واقْتَحاهُ: أَخَذَه، واقْتَضاهُ: طَلَبَه، كَمَا مَرَّ، ويأْتِي لَهُ وَهُوَ كثيرٌ فِي نَفْسِه كَمَا فِي شُرُوحِ التَّسْهيل وَغَيرهَا اه.
قُلْت: وَقد صَرَّحَ ابنُ جنِّي بأَنَّ} مَقْتَوٍ وَزْنُه مَفْعَلِلٍ ونَظّرَه بمرْعَوٍ، وَمن الصّحِيحِ المُدْغَم مُحْمَرَ ومُخْضَرِّ وأَصْله! مُقْتَوٌّ ومِثْلُه رجُلٌ مُغْزَوٍ ومُغْزَاوٍ، وأَصْلُهما مَغْزَوٌّ ومُغْزاوٌّ، والفِعْل اغْزَوَّ بَغزاوُّ كاحْمرَّ واحْمَارَّ. والكُوفيونَ يُصَححونَ ويدْغِمُون وَلَا يُعِلّونَ، وَالدَّلِيل على فَسَاد مذهبِهم قَول الْعَرَب: ارْعَوَى وَلم يَقُولُوا ارْعَوَّ هَذَا كَلَام ابْن جني نَقله ابْن سَيّده، فَحَيْثُ ثَبت هَذَا فالأَولى أَن يُقَال، لأنَّ هَذَا البناءَ لازِمٌ البَتَّة، أَي بِناء افْعَلل لَا افْتَعَل، وكَوْن بِناءُ افْعَلل لازِماً البَتَّة لَا شَكّ فِيهِ باتِّفاقِ أَئِمَّةِ الصَّرْف، وَبِه يَرْتَفِعُ الإشْكالُ عَن عِبارَةِ المصنَّفِ. وأَمَّا إِذا كانَ {اقْتَوَى افْتَعَل فَهُوَ من بِناءِ قوي لَا قتو، فتأَمَّل ذَلِك ترشد، والحَمْد للهِ الَّذِي هَدَانا لهَذَا وَمَا كنَّا لنَهْتدِي لَوْلَا أَنْ هَدَانا اللهُ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
يقالُ:} اقْتَوَيْت من فُلانٍ الغَلامَ الَّذِي بَيْنَنا: أَي اشْتَرَيْت حصَّتَه؛ نقلَهُ الزَّمْخَشري.

هل

هل

4 أَهْلَلْنَا هِلَالَ شَهْرِ كَذَا : see سَلَخَ.10 اِسْتَهَلَّ : see a verse cited at the close of the first paragraph of art. ضحك. b2: See also a verse cited voce أَفْثَأَ. b3: See مُسْتَهَلٌّ.

هَلْ may be originally هَلْو or هَلْى or هَلّ: (Akh, in S, voce بل:) see بَلْ. b2: هَلْ followed by إِلَى: see the latter. b3: حَىّ هَلَ: see حى. b4: هَلَّا: see حَضَّةٌ and عَنْ, latter part, and لَوْلَا, and أَلَّا. هَلَّةٌ : see بَلَّةٌ.

الهِلاَلُ The new moon; or the moon when it is termed هِلاَل: it may be explained as meaning, generally, the moon when near the sun, or moon a little after or before the change. b2: See سَمَا.

مُسْتَهَلُّ الشَّهْرِ The first night of the lunar month. (Msb.)
(هل) (*) - قوله تعالى: {هَلْ أَتَى}
قيل: "هَلْ" على أَرْبعَة أَوجُه:
أحدُها: بمعنَى: قد، نحو قوله تعالى: {هَلْ أَتَى} .
والثاني: بمعنى: الاستفهام، نحو قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ؟} .
والثالث: بمعنى: الأَمرْ، نحو قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} ، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}
: أي اشكروا، وانتَهُوا.
الرابع: بمعنَى: النَّهْى، نحو قوله تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} ، وقال تعالى في موضع آخر: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} و {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} .
الْهَاء وَاللَّام

الهَنْبَلَة: من مشي الضباع.

وهَنْبَلَ الرجل: ضلع وَمَشى مشْيَة الضبع، ونهبل كَذَلِك.

والنَّهْبَلُ: الشَّيْخ.

ونَهْبَلَ: أسنَّ. والنَّهْبَلَة: النَّاقة الضخمة.

والفَلْهَمُ: فرج الْمَرْأَة الضخم الطَّوِيل الأسكتين الْقَبِيح.

ووَهْبِيلٌ: حَيّ من النخع.

وَإِنَّمَا قضينا بِأَن الْوَاو أصل وَإِن لم يكن من بَنَات الْأَرْبَعَة حملا لَهُ على وَرَنْتَل، إِذْ لَا نَعْرِف لوَهْبِيلٍ اشتقاقا، كَمَا لَا نعرفه لوَرَنْتَلٍ.

انْتهى الرباعي
هـل
هَلْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف استفهام لطلب التَّصديق الإيجابي، أي: إدراك النسبة الإيجابيّة، ويُجاب عنه بـ نعم أو لا وإذا دخل على المضارع خصَّصهُ للاستقبال "هل نجح أخوك؟ نعم- هل سافر محمد؟ لا- هل تسافر؟ ".
2 - حرف استفهام يُسأل به عن مضمون الجملة وقد يراد بالاستفهام به النَّفي أو الأمر أو العرض " {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إلاَّ الإِحْسَانُ}: تفيد النفي بدليل ورود (إلاّ) بعدها- {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}: انتهوا- {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} ".
3 - حرف بمعنى قد؛ يفيد التحقيق " {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْر}: قد أتى". 
هل:
[في الانكليزية] Interrogative particle
[ في الفرنسية] Particule interrogative
بالفتح وسكون اللام المخفّفة حرف استفهام يطلب بها التصديق فقط وهي قسمان:
بسيطة ومركّبة. قال السّيّد السّند في حاشية شرح المطالع: لنا مطلبان: مطلب ما ويطلب به التصوّر ومطلب هل ويطلب به التصديق، والتصوّر على قسمين: الأول تصوّر بحسب الاسم وهو تصوّر الشيء باعتبار مفهومه مع قطع النظر عن انطباقه على طبيعة موجودة في الخارج، وهذا التصوّر يجري في الموجودات قبل العلم بوجودها وفي المعدومات أيضا، والطالب له ما الشارحة للاسم. والثاني تصوّر بحسب الحقيقة أعني تصوّر الشيء الذي علم وجوده، والطالب لهذا التصوّر ما الحقيقة.
وكذلك التصديق ينقسم إلى التصديق بوجود نفسه وإلى التصديق بثبوته لغيره، والطالب للأول هل البسيطة وللثاني هل المركّبة ولا شبهة أنّ مطلب ما الشارحة مقدّم على مطلب هل البسيطة فإنّ الشيء ما لم يتصوّر مفهومه لم يمكن طلب التصديق بوجوده، كما أنّ مطلب هل البسيطة مقدّم على مطلب ما الحقيقة، إذ ما لم يعلم وجود الشيء لم يمكن أن يتصوّر من حيث إنّه موجود ولا الترتيب ضروريا بين هلية المركّبة والمائية بحسب الحقيقة، لكن الأولى تقديم المائية انتهى. وذلك لأنّه يجوز أن يطلب أولا حقيقة الشيء ثم يطلب ثبوت شيء له، أو يطلب أولا ثبوت شيء له ثم يطلب حقيقته. نعم الأولى تقديم المائية وتمام التحقيق يطلب من المطول والأطول في باب الإنشاء.
هل
هَلْ: حَرْفُ استفهامٍ. وقيل: هل لكَ في كذا؟ فقال: أشَدُّ الهَلِّ وأوْحاه. وقد يُخَفَّف بغير الألف واللام. وهَلَّ السَّحابُ بالمطر، وانْهَلَّ المَطَرُ انْهِلالاً: وهو شِدَّةُ انْصِبَابِه. والأَهالِيْلُ: الأمطارُ تَنْهَلُّ، وكذلك الهِلَّةُ. والهُلْهُلُ: الثَّلْجُ.
وتَهَلَّلَ الرَّجٌلُ فَرَحاً. والأهالِيْلُ: من التَّهَلُّل والبِشْرِ، واحِدُها أُهْلُوْلٌ. واهْتَلَّ فلانٌ: افْتَرَّ عن أسنانِه في التَّبَسُّم. والهَلِيْلَةُ: الأرْضُ يَسْتَهِلُّ بها المطرُ وما حوالَيْها غَيْرُ مَمْطُوْرٍ، والماءُ الصافي المُنْهَلُّ المُتَسَكِّبُ، وجَمْعُها هَلائلُ.
والهِلاَلُ: غُرَّةُ القَمَر، أُهِلَّ، ولا يُقال هَلَّ، وأهَلَّ: طَلَعَ، وأُهِلَّ. أُبْصِرَ. وأهْلَلْنا هِلالَ شَهْرِ كذا: رَأيْنَاه، وكذلك إذا وافَقْنا هِلالَه.
والمُحْرِمُ يُهِلُّ بالإحرام: إذا أوْجَبَ الحُرْمَ على نَفْسِه، وإذا كَبَّرَ عند رُؤيِة الهِلال. وتَكارَيْتُه مُهَالَّةً. وهَلَّلَ البَعِيرُ: اسْتَقْوَسَ ظَهْرُه والْتَزَقَ بَطْنُه هُزَالاً. وهَلَّلَ نِصَابُ بني فلانٍ: أي هَلَكَتْ مَواشيهم وإبلُهم. والتَّهْلِيْلُ: الهَلاَكُ. والفَزَغُ أيضاً.
وحَمَلَ فما هَلَّلَ: أي ضَرَبَ قِرْنَه. والتَّهْليلُ: قَوْلُ لا إله إلاّ الله. والصَّبِيُّ يَسْتَهِلُّ: وهو بُكاؤه حين يَسْقُط. والهِلاَلُ: الحَيَّةُ الذَّكَرُ. والغُبَارُ الرَّقِيْقُ، وحَدِيدةٌ يُعَرْقَبُ بها الوَحْشُ. والطاحُونةُ، وحَدِيدةٌ تَضُمُّ أحناءَ الرَّحْلِ. وجَمْعُه أهِلَّهٌ، وسِمَةٌ من سِمَاتِ الإبل، جَمَلٌ مُهَلَّلٌ، وشَيْءٌ من مَلابِس النِّساء، وصَبُّ السَّماءِ الماءَ. والهَلْهَلُ: السَّمُّ القاتِلُ. ودِمَاغُ الفِيْلِ: الهَلَلُ، وهم سمُّ ساعةٍ. والهَلْهَلَةُ: سَخافَةُ النَّسْجِ، ثَوْبٌ مُهَلْهَلٌ وهَلٌ. والمُهَلْهْلَةُ من الدُّرُوْع: أرْدَؤها.
والهُلاَهِلُ: من وَصْفِ الماءِ الصافي الكَثير وما جاءَ بِهَلَّةٍ ولا بِلَّةٍ: أي ما يُفْرَحُ به. والهُلَّةُ: المِسْرَجَةُ، وجَمْعُها هُلَلٌ. واسْتُهِلَّ السَّيْفُ: اسْتُلَّ. وأهَلَّ فلانٌ بكَذا: ابْتَدَأ. وهَلَّلَ يُهَلِّلُ: كَتَبَ. وهَلِّلْ لي راءً ورَأْياً: أي أوْضِحْ. وهَلْهَلْتُ أُدْرِكُه: أي كِدْتَ. وهَلْهَلْتُه: أمْهَلْتَه. وتَهَلَّلُوا: تَتَابَعُوا. وجاء يَتَهَلْهَلُ: إذا جاءَ جائعاً. وهَلْهَلَ بفَرَسِه: قال له هَلاَ تَسْكيناً له. والمُهَلْهِلَةُ: الهادِرَةُ من الحَمَام.
والمُهَلْهِلُ: الجَبَانُ، والذي يُرَقِّقُ الشِّعْرَ. والهَلَلُ: أنْ تَشِيْمَ السَّحَابَةَ فَتَراها مُتَفَرِّقَةً، الواحدة هَلَّةٌ. والهَلَّةُ: مِثْلُ شَآبيبِ الشَّمس.
ومن خَفِيف هَذَا الْبَاب

هَلْ: كلمة اسْتِفْهَام، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف. وَتَكون أم للاستفهام.

وَتَكون بِمَنْزِلَة بل.

وَتَكون بِمَنْزِلَة قد، كَقَوْلِه عز وَجل: (هَلْ أَتى على الإنسانِ حينٌ مِنَ الدَّهرِ) وَقَوله عز وَجل: (يَومَ نَقولُ لِجَهَّنَمَ هَلِ امتَلأتِ وَتقول هَلْ مِن مَزيدٍ) قَالُوا مَعْنَاهُ: قد امْتَلَأت، قَالَ ابْن جني: هَذَا تَفْسِير على الْمَعْنى دون اللَّفْظ، وَهل مبقاة على استفهامها، وَقَوْلها: (هلْ مِن مَزيدٍ) أَي أتعلم يَا رَبنَا أَن عِنْدِي مزيدا، فجواب هَذَا مِنْهُ عزَّ اسْمه: لَا، أَي فَكَمَا تعلم أَن لَا مزِيد فحسبي مَا عِنْدِي.

وَتَكون بِمَعْنى الْجَزَاء.

وَتَكون بِمَعْنى الْجحْد.

وَتَكون بِمَعْنى الْأَمر، قَالَ الْفراء: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول: هَل أَنْت سَاكِت، بِمَعْنى اسْكُتْ. هَذَا كُله قَول ثَعْلَب وَرِوَايَته.

وَجعل أَبُو الدقيش هلْ الَّتِي للاستفهام اسْما فأعربه وَأدْخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام، وَذَلِكَ انه قَالَ لَهُ الْــخَلِيل: هَل لَك فِي زبد وتمر؟ فَقَالَ أَبُو الدقيش: أشدُّ الهَلِّ وأوحاه، فَجعله اسْما كَمَا ترى، وعرفه بِالْألف وَاللَّام، وَزَاد فِي الِاحْتِيَاط بِأَن شدده غير مُضطَرّ، لتكتمل لَهُ عدَّة حُرُوف الْأُصُول وَهِي الثَّلَاثَة، وسَمعه أَبُو نؤاس فتلاه، فَقَالَ للفضل بن الرّبيع:

هَلْ لكَ، والهَلُّ خَيرْ، ... فيمنْ إِذا غِبتَ حَضَرْ

وَقَوله:

وإنَّ شفائي عَبْرَةٌ مُهَراقة ... فَهلْ عندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

قَالَ ابْن جني: هَذَا ظَاهره اسْتِفْهَام لنَفسِهِ، وَمَعْنَاهُ التحضيض لَهَا على الْبكاء، كَمَا تَقول: أَحْسَنت إليَّ فَهَل أشكرك؟ أَي فلأشكرنك، وَقد زرتني فَهَل أكافئك؟ قَالَ ابْن جني: وَقَوله: (هلْ أَتى عَلى الْإِنْسَان حينٌ مِن الدَّهرِ) يُمكن عِنْدِي أَن تكون مبقاة فِي هَذَا الْوَضع على بَابهَا من الِاسْتِفْهَام. فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالله اعْلَم، وَهل أَتَى على الْإِنْسَان هَذَا؟ فلابد فِي جوابهم من نعَم ملفوظا بهَا أَو مقدرَة، أَي فَكَمَا أَن ذَلِك كَذَلِك فَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يحتقر نَفسه وَلَا يبأى بِمَا فتح لَهُ، وَهَذَا كَمَا تَقول لمن تُرِيدُ الِاحْتِجَاج عَلَيْهِ: بِاللَّه هَل سَأَلتنِي فأعطيتك؟ أم هَل زرتني فأكرمتك؟ أَي فَكَمَا أَن ذَلِك كَذَلِك فَيجب أَن تعرف حَقي عَلَيْك وإحساني إِلَيْك. قَالَ ابْن جني: وروينا عَن قطرب، عَن أبي عُبَيْدَة، انهم يَقُولُونَ: ألْ فعلت؟ يُرِيدُونَ: هَلْ فعلت.

وهَلاَّ: كلمة تحضيضٍ، مركبة من هلْ وَلَا
باب الهاء مع اللام هـ ل، ل هـ مستعملان

هل: هَلْ- خفيفةً- استفهامٌ، تقول: هل كان كذا وكذا؟ وهل لك في كذا وكذا؟ وقول زهير:

وذي نسبٍ ناء بعيد وصلته ... بمالك لا يدري أهل أنت واصلُهْ

اضطرارٌ، لأنّ (هلْ) حرف استفهام وكذلك الألف، ولا يُسْتَفْهَمُ بحرفَيِ استفهام. [قال الــخليل لأبي الدُّقَيْش: هلْ لك في الرُّطَبِ؟ قال: أشدُّ (هلْ) وأوحاه فخفَّفَ، وبعض يقول: أشدُّ الهلِّ وأوحاه] وكلّ حرف أداةٍ إذا جعلتَ فيه ألفا ولا ما صار اسماً فقُوِّيَ وثُقِّل. وإذا جاءت الحروف اللّيّنة في كلمة، نحو لو وأشباهها ثُقِّلَتْ، لأنّ الحرفَ اللّيّن خوّار أجوف لا بدّ له من حشو يَقْوَى به إذا جُعِل اسماً كقوله:

ليتَ شِعري وأين مني ليت ... إن ليتا وإن لوا عناء

والحروف الصحاح مستغنيةٌ بجُروسِها لا تحتاج إلى حشو فتترك على حالها. وتقول: هلّ السّحابُ بالمطر هلاًّ، وآنهلّ بالمر انهلالاً، وهو شدّةُ آنصبابِه، ويَتَهَلَّلُ السّحابُ ببَرْقِهِ أي: يتلألأ. ويتهلّلُ الرّجلُ فرحاً. قال:

تراه إذا ما جئتَهُ مُتَهلّلا ... كأنَّكَ تُعْطيهِ الّذي أنت سائلُهْ

والهَليلةُ: أرضٌ يُسْتَهلُّ بها المطرُ، وما حواليها غيرُ مَمْطُور. والهلالُ: غُرّةُ القَمَرِ حين يُهِلُّه النّاس في غرة الشهر. يقال: أُهِلَّ الهلالُ ولا يُقال: هَلَّ. والمُحْرِمُ يُهِلُّ بالإحرام إذا أوجب بالإِحرام إذا أوجب الحُرُمَ على نفسِه. وإنّما قيل ذلك، لأنّهم أكثر ما يُحرمون إذا أهلّوا الهلال فجرى ذلك على ألسنتهم. وهُلّلِ البعير تهليلاً إذا استقوس وانحنى ظهره وآلتزق بطُنُه هُزالاً وإضاقاً. قال:

إذا ارفضّ أطرافُ السّياط وهُلِّلَتْ ... جُدومُ المهاري عَذَّبَتْهُنَّ صَيْدَحُ

والهَلَلُ: الفَزَع، يُقال: حَمَل فلانٌ فما هلّل [عن] »

قِرْنِه. وتقول: أَحْجِمْ عنّا هَلَلاً. قال كعب:

لا يَقَعُ الطّعنُ إلاّ في نُحورِهم ... وما بهِمْ عن حياضِ الموتِ تهليلُ

والتّهليلُ: قول لا إله إلاّ الله. والاستهلالُ: الصّوت. وكل مُتهلّلٍ رافع الصوت أو خافضه فهو مُهلّ ومُستَهِلّ. وأنشد:

وأَلْفيتُ الخصومَ فهم لديه ... مُبْرْشِمَةٌ أهلّوا ينظرونا

والهِلالُ: الحيّةُ الذّكُر. والهَلْهَلُ: السّمُ القاتل. والهَلْهَلُة: سخافةُ النّسج. ثوب مُهْلَهَل. والمُهْلْهَلَةُ من الرّوع: أردؤُها. والهُلاهِلُ من وصفِ الماءِ: الكثيرُ الصّافي. ويُقال: أَنْهَجَ الثَّوْبُ هَلْهالاً.

له: اللهلَهةُ: مثلُ الهَلْهلةِ في النَّسْجِ. قال:

أتاك بقولٍ لَهْلَهِ النَّسْجِ كاذبٌ

والّلهلهةُ: المكانُ الّذي يضطربُ فيه السّرابُ قال:

ومُخْفِقٍ من لُهْلُهٍ ولُهْلُهِ
الْهَاء وَاللَّام

هَلَّ السَّحَاب بالمطر، وهَلَّ الْمَطَر هَلاًّ، وانهَلَّ واستهَلَّ وَهُوَ شدَّة انصبابه.

والهلالُ: الدفعة مِنْهُ، وَقيل: هُوَ أول مَا يصيبك مِنْهُ، وَالْجمع أهِلَّة، على الْقيَاس، وأهاليلُ نادرة.

واستهَلَّ الصَّبِي بالبكاء: رفع صَوته، وكل شَيْء ارْتَفع صَوته فقد استهَلَّ.

والإهلالُ بِالْحَجِّ: رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ.

وكل مُتَكَلم رفع صَوته أَو خفضه فقد أهلَّ واستهلَّ.

وانهلَّتْ عينه وتَهلَّلَتْ: سَالَتْ بالدمع.

والهَلِيلةُ: الأَرْض الَّتِي استهلَّ بهَا الْمَطَر، وَقيل: الهَلِيلةُ: الأَرْض الممطورة وَمَا حواليها غير مَمْطُور.

وتَهلَّلَ السَّحَاب بالبرق: تلألأ.

وتَهلَّّلَ وَجهه فَرحا: أشرق، قَالَ:

تَراهُ إِذا مَا جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً ... كَأَنَّك تُعطيه الَّذِي أنتَ سائلهْ

واهتَلَّ، كتَهلَّلَ، قَالَ:

وَلنَا أسامٍ لَا تَليقُ بِغيرِنا ... ومَشاهِدٌ تَهتَلُّ حينَ تَرانا

وَمَا جَاءَ بِهِلَّة وَلَا بِلَّةٍ: الهلَّة، من الْفَرح والاستهلال والبِلة: أدنى بَلل من الْخَيْر، وحكاهما كرَاع جَمِيعًا بِالْفَتْح.

والهِلالُ: غرَّة الْقَمَر أول الشَّهْر، وَقيل: يُسمى هِلالاً لليلتين من الشَّهْر، ثمَّ لَا يُسمى إِلَى أَن يعود فِي الشَّهْر الثَّانِي، وَقيل: يُسمى بِهِ ثَلَاث لَيَال، ثمَّ يُسمى قمرا، وَقيل: يسماه حَتَّى يحْجر، وَقيل: يُسمى هلالاً إِلَى أَن يبهر ضوءه سَواد اللَّيْل، وَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِي اللَّيْلَة السَّابِعَة، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَالَّذِي عِنْدِي وَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر أَن يُسمى هِلالاً ابْن لَيْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ فِي الثَّالِثَة يتَبَيَّن ضوءه. وَالْجمع أهِلَّةٌ، وَقَوله:

يُسيلُ الرُّبا واهيِ الكُلَى عَرِص الذُّرا ... أهِلَّةُ نَضَّاخِ الندى سابِغِ القَطْرِ

أهِلةُ نَضَّاخِ الندى، كَقَوْلِه:

تَلَقَّى نَوْءُهُنَّ سِرارَ شهرٍ ... وخَيْرُ النوْءِ مَا لَقِىَ السِّرارا

وأهَلَّ الرجل: نظر إِلَى الهِلال.

وأهلَلنا هِلال شهر كَذَا، واستَهْلَلناه: رَأَيْنَاهُ.

وأهلَلنا الشَّهْر، واستَهْلَلناه: رَأينَا هلاله.

وأُهِلَّ الشَّهْر، واستُهِلَّ: ظهر هِلالُه.

وهَلَّ الشَّهْر، وَلَا يُقَال: أهَلَّ، وهَلَّ الهِلالُ وأهَلَّ وأُهِلَّ واستُهَلَّ: ظهر، وَالْعرب تَقول عِنْد ذَلِك: الْحَمد لله إهلالَك إِلَى سرارك، ينصبون إهلالَكَ على الظّرْف، وَهِي من المصادر الَّتِي تكون أَحْيَانًا لسعة الْكَلَام كفوق النَّجْم.

وَأَتَيْتُك عِنْد هِلَّةِ الشَّهْر، وهِلِّهِ، وإهلالِه، أَي استهلاله.

وهالَّ الْأَجِير مُهالَّةً وهِلالاً: اسْتَأْجرهُ كل شهر بِشَيْء، عَن اللحياني.

وهالِلْ أجيرك، كَذَا حَكَاهُ اللحياني عَن الْعَرَب، فَلَا أَدْرِي أهكذا سَمعه مِنْهُم أم هُوَ الَّذِي اخْتَار التَّضْعِيف.

وَأما مَا أنْشدهُ أَبُو زيد من قَوْله:

تَخُطُّ لامَ ألِفٍ مَوصولْ ... والزايَ والرا أَيّمَا تَهليل

فَإِنَّهُ أَرَادَ: تضعهما على شكل الهِلالِ، وَذَلِكَ لِأَن معنى قَوْله: " تخط " تُهَلِّل، فَكَأَنَّهُ قَالَ: تهلل لَام ألف مَوْصُول تَهليلاً أَيّمَا تَهليلٍ.

والمُهَلِّلةُ، بِكَسْر اللَّام، من الْإِبِل: الَّتِي قد ضمرت وتقوست. وحاجب مُهَلَّلٌ: مشبه بالهِلال.

وبعير مُهَلَّلٌ، بِفَتْح اللَّام مقوس.

والهِلالُ: الْجمل الَّذِي قد ضرب حَتَّى أَدَّاهُ ذَلِك إِلَى الهزال والتقوس.

والهِلالُ: الحديدة الَّتِي تضم مَا بَين حنوي الرحل.

والهِلالُ: الْحَيَّة مَا كَانَ، وَقيل: الذّكر من الْحَيَّات.

والهِلال: الْحِجَارَة المرصوف بَعْضهَا إِلَى بعض.

والهِلالُ: نصف الرحا.

والهِلالُ الْبيَاض الَّذِي يظْهر فِي أصُول الْأَظْفَار.

والهِلالُ: الْغُبَار.

والهِلالُ: بَقِيَّة المَاء فِي الْحَوْض.

والهِلالُ: شَيْء تعرقب بِهِ الْحمير.

وهِلالُ النَّعْل: ذؤابتها.

والهَلَلُ: الْفَزع، قَالَ:

ومُتَّ مِني هَللاً إِنَّمَا ... مَوْتُك لَو وارَدتَ وُرَّادِيَهْ

وَحمل عَلَيْهِ فَمَا كذَّب وَلَا هَلَّلَ، أَي مَا فزع.

والتهليلُ: الْفِرَار، قَالَ كَعْب بن زُهَيْر:

وَمَا لَهُم عنْ حِياضِ المَوتِ تَهليلُ

وهلَّل عَن الشيءِ: نكل.

وَمَا هَلَّلَ عَن شتمي، أَي مَا تَأَخّر، وَقَوله أنْشدهُ ثَعْلَب:

وليسَ بهَا ريح ولكِن وَدِيقَةٌ ... يظَلُّ بهَا السَّاميِ يَهِلُّ ويَنقَعُ

فسره فَقَالَ: مرّة يذهب رِيقه، يَعْنِي يَهِلُّ، وَمرَّة يَجِيء، يَعْنِي ينقع، والسامي: الَّذِي يصطاد وَيكون فِي رجله جوربان. وتَهْلَلُ: اسْم من أَسمَاء الْبَاطِل، كثهلل، جَعَلُوهُ اسْما لَهُ علما، وَهُوَ نَادِر، قَالَ بعض النَّحْوِيين: ذَهَبُوا فِي تَهْلَل إِلَى انه تفعل لما لم يَجدوا فِي الْكَلَام " ت هـ ل " مَعْرُوفَة، وجدوا " هـ ل ل " وَجَاز التَّضْعِيف فِيهِ لِأَنَّهُ علم، والأعلام تُغَّير كثيرا، وَمثله عِنْدهم محبب.

وَذهب بِذِي هِلِيَّانٍ وبذي بِلِيَّانٍ، أَي حَيْثُ لَا يدْرِي أَيْن هُوَ.

وَامْرَأَة هِلٌّ: متفضلة فِي ثوب وَاحِد، قَالَ:

أَناةٌ تَزِينُ البيتَ إمَّا تَلبَّبَتْ ... وَإِن قَعدَتْ هِلاًّ فأحْسِن بهَا هِلاًّ

والهَلَلُ: نسج العنكبوت.

وثوب هَلٌّ، وهَلهلٌ، وهَلهال وهُلاهِل ومُهَلهَل: رَقِيق.

والهَلهَلَةُ: سخف النسج. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَلهَلَه بالنسج خَاصَّة.

وثوب هَلهَلٌ: رَدِيء النسج، وَفِيه من اللُّغَات جَمِيع مَا تقدم فِي الرَّقِيق.

والمُهَلْهَلة من الدروع: أردؤها نسجا.

ومُهَلهِلٌ: اسْم شَاعِر، سمي بذلك لرقة شعره، وَقيل: لِأَنَّهُ أول من أرق الشّعْر.

والهَلهَلُ: السم الْقَاتِل.

وهَلهَلَ يُدْرِكهُ: كَاد يُدْرِكهُ.

وهَلهَلَ الصَّوْت: رجَّعه.

وَمَاء هُلاهِلٌ: صَاف كثير.

وهَلهَلَ عَن الشَّيْء: رَجَعَ، وَقَوله:

هَلهِلْ بِكعبٍ بعدَ مَا وقَعتْ ... فوقَ الجَبينِ بِساعدٍ فَعْمِ

ويروى " هَلِّلْ " ومعناهما جَمِيعًا: انْتظر بِهِ مَا يكون من حَاله بعد هَذِه الضَّرْبَة.

وَذُو هُلاهِلٍ: قيل من أقيال حِمير.
هـل

(} هَلْ: كَلِمَةُ اسْتِفْهَام) ، قَالَ ابْنُ سِيْدَه: هَذَا هُوَ المَعْرُوف، قَالَ: و (تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَمْ) للاسْتِفْهام، (و) تكون بِمَنْزِلة (بَلْ، و) تَكُونُ بِمَنْزِلَة (قَدْ) كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْم نقُول لِجَهَنَّم {هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} قَالُوا: مَعْنَاهُ قَد امْتَلَأت، قَالَ ابْن جِنِّي هَذَا تَفْسيرٌ عَلى المَعْنَى دُونَ اللَّفْظ، وَهَل مُبْقاةٌ عَلى اسْتِفهامِها. وَقَوْلها هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ، أَي: أَتَعْلَمُ يَا رَبّنا أَنَّ عِنْدي مَزِيدًا، فَجوابُ هَذَا مِنْهُ عَزَّ اسْمُه؛ لَا، أَي: فَكَما تَعْلَمُ أَنْ لَا مَزِيْدَ فَحَسْبِي مَا عِنْدِي. وَفِي العُباب: قَالَ أَبُو عُبَيْدة فِي قَوْلِه تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} قَالَ: مَعْنَاهُ: قَد أَتَى. قُلتُ وَرَوَاهُ الأَزْهَرِيّ عَن الفَرّاء أَيْضًا مِثل ذلِكَ كَما سَيَأْتي. (وَتَكُونُ بِمَعْنَى الجَزاءِ، و) تَكُونُ بِمَعْنَى (الجَحْدِ، و) تَكُونُ بِمَعْنى (الأَمْرِ) . قَالَ الفَرّاءُ: سَمِعْتُ أَعْرابِيًّا يَقُولُ: هَلْ أَنْتَ سَاكِتٌ بِمَعْنى اسْكُتْ. قَالَ ابْن سِيْدَه: هَذَا كلّه قولُ ثَعْلَب وَرِوايتُه. قُلْتُ: قَالَ الكسائِيُّ: وَمِنَ الأَمْرِ قَوْله تَعَالَى {} فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} أَي: انْتَهُوا. وَقَالَ الأَزْهَرِي: قَالَ الفَرَّاءُ: هَلْ قَد تَكُون جَحْدًا وَتَكون خَبَرًا، قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} أَي: قَدْ أَتَى، مَعْناهُ الخَبَر، قَالَ: والجَحْدُ أَنْ تَقُولُ:! وَهَلْ أَحَدٌ يَقْدِرُ عَلى مِثْلِ هَذَا؟ قَالَ: وَمِن الخَبَر قَوْلُكَ لِلْرَّجُل: هَلْ وَعَظْتُكَ هَل أَعْطَيْتُكَ، تُقَرِّره بِأَنَّكَ قَدْ وَعَظْتَهُ وَأَعْطَيْتَهُ. قَالَ الفَرّاء: وَقَالَ الكِسائِيّ: " هَلْ " تَأْتِي اسْتِفهامًا وَهُو بَابُها، وَتَأْتِي جَحْدًا مِثْل قَوْله:
(أَلَا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائمِ ... ) مَعْنَاهُ: أَلَا مَا أَخُو عَيْشٍ. وَفِي العُباب: وَقَدْ تَكُونُ هَلْ بِمَعْنى " مَا "، قَالَت ابْنَةُ الحُمارِس:
(هَلْ هِيَ إِلَّا حِظَةٌ أَوْ تَطْلِيقْ ... )
أَيْ: مَا هِيَ، فَلِهَذا دَخَلَتْ إِلَّا، انْتَهى. وَقَالَ الكِسائِي: وَتَأْتِي شَرْطاً، وتَأْتي تَوْبيخاً، وتَأْتي أَمْراً، وتَأءتي تَنْبِيهًا. (وَقَدْ أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا أَلْ) فَتكون اسْما مُعْرَباً، وَقد (قيل لِأبِي الدُّقَيْش) الأَعْرابِيّ، وَقَد قِيْلَ لأِبِي الدُّقَيْش) الأَعْرابِيّ، القَائِلُ هُو الــخَلِيْل: (هَلْ لَكَ فِي) ثَرِيْدَة كَأَنَّ وَدَكَها عُيُونُ الضَّياوِن؟ هذِهِ حِكَايَة الجَوْهَرِيّ عَن الــخَليل، قَالَ ابْنُ بَرِّي: قَالَ ابْنُ حَمْزَة: رَوَى أَهْلُ الضَّبْطِ عَن الــخَليل أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي الدُّقَيْش أَوْ غَيْرِه: هَلْ لَكَ فِي (تَمْرٍ وَزُبْدٍ؟ . فَقالَ أَشَدُّ {الهَلِّ) وَأَوْحَاهُ، وَفِي رِوَايَة، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي الرُّطَبِ؟ قَالَ: أَسْرَع} هَلٍّ وَأَوْحاهُ، انْتَهَى. فَجَعَلَهُ أَبُو الدُّقَيْش اسْما كَمَا تَرَى وَعَرَّفَهُ بِالأَلِف واللَّام، وَزادَ فِي الاحْتِياط بِأَنْ (ثَقَّلَهُ) وَشَدَّدَهُ غَير مُضْطَرٍّ (لِيُكَمِّلَ عَدَدَ حُرُوفِ الأُصُولِ) وَهِيَ الثَلَاثَة، وَسَمِعَهُ أَبُو نُواسٍ فَتَلاهُ فَقَالَ لِلْفَضْلِ ابْن الرَّبِيع:
(هَلْ لَكَ! والهَلُّ خِيَرْ ... )

(فِيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ ... )
وَيُقالُ: كُلّ حَرْف أَداة إِذا جَعَلْت فيهِ أَلِفًا ولَامًا صَار اسْمًا فَقَوِيَ وَثُقِّلَ كَقَوْلِه:
(إِنَّ لَيْتًا وَإِنَّ لَوًّا عَناءُ ... )
قَالَ الــخَلِيلُ: إِذَا جَاءَت الحُرُوف الَّليَّنَةُ فِي كَلِمَةٍ نَحْوَ " لَوْ " وَأَشْباهها ثُقِّلَت؛ لِأَنَّ الحَرْفَ الَّليَّنَ خَوّار أَجْوَف لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَشْوٍ يُقَوَّى بِهِ إِذَا جُعِلَ اسْمًا، قَالَ: والحُرُوفُ الصِّحاح القَوِيَّة مُسْتَغْنِية بِجُرُوسها لَا تَحْتَاج إِلى حَشْو فَتُتْرَك عَلى حَالِها، وَأَنْشَدَ ابْنُ حَمْزَة لِشَبِيبِ بنِ عَمْرٍ والطّائِيّ:
(هَلْ لَكَ اَنْ تَدْخُلَ فِي جَهَنَّمِ ... )

(قُلْتُ لَها لَا والجَلِيْلِ الأَعْظَمِ ... )

(مَا لِىَ مِنْ {هَلٍّ وَلَا تَكَلُّمِ ... )
قَالَ الجَوْهَرِيّ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: وَإِذا قيلَ: هَلْ لَكَ فِي كَذا وَكَذا، قُلْتَ: لِي فِيهِ، أَوَ إِنَّ لِي فِيْهِ} هَلاًّ وَالتّأْويل: هَلْ لَكَ فِيْهِ حَاجَةٌ، فَحُذِفَت الحَاجَةُ لَمّا عُرِفَ المَعْنَى، وَحَذَف الرادُّ ذِكْرَ الحاجَةِ كَما حَذَفَها السّائِلُ. (وَأَلْ لُغَةٌ فِي هَلْ) ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. (وَتَصْغِيْرُهُ) عَلَى مَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيت عَلى ثَلاثَة أَوْجُه: ( {هُلَيْلٌ) كَأَنَّهُ كَانَ مُشَدّدًا فَخُفِّفَ، (} وَهُلَيَّةٌ) يُتَوَهَّم أَنّ مَا سَقَطَ مِن آخِرِه مِثْلُ أَوَّلِهِ كَمَا صَغَّرُوا حِرًا: حُرَيْحًا، ( {وَهُلَيٌّ) فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ النّاقِصَ يَاءٌ، وَهُو أَجْوَدُ الوُجُوه. (} وَهَلَّا: كَلِمَةُ تَحْضِيضٍ) وَلَوْمٍ، فَاللَّوْم عَلى مَا مَضَى مِنَ الزَّمان، والحَضُّ عَلى مَا يَأْتِي مِنَ الزَّمان، قَالَهُ الكسائِيّ؛ وَهِي (مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَلْ وَلَا) . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُها وَتُلاعِبُكَ " فَفيهِ حَثٌّ وَتَحْضيض وَاسْتِعْجال. (و) فِي الصِّحاح:! هَلَا مُخَفَّفة: اسْتِعْجالٌ وَحَثٌّ، يُقالُ: (حَيَّ هَلَا الثَّرِيْدَ أَي: هَلُمَّ) إِلَى الثَّريِد، فُتِحَتْ يَاؤُهُ لاجْتِماعِ السّاكِنَيْن، وَبُنِيَت حَيَّ مَعَ هَلْ اسْمًا وَاحِدًا مِثْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَسُمِّيَ بِهِ الفِعْلُ، وَيَسْتوي فيهِ الواحدُ والجَمْعُ والمُؤَنَّثُ. وَإِذَا وَقَفْتَ عَليهِ قُلْتَ حَيَّ هَلَا، والأَلِفُ لِبيانِ الحَرَكة، كَالهاءِ فِي قَوْله تَعالى: {كِتَابيه} و {حسابيه} ؛ لِأَنَّ الأَلِفَ مِنْ مَخْرَجِ الهاءِ. وَفِي الحَدِيث: " إِذا ذُكِرَ الصّالِحُونَ فَحَيَّ هَلَ بِعُمَرَ "، بِفَتح اللَّام مِثْل خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَعْنَاهُ: عَلَيْكَ بِعُمَرَ، وَادْعُ عُمَرَ، أَي: أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَة. وَيَجُوزُ فَحَيَّ هَلًا، بِالتَّنْوِين، يُجْعَلُ نَكِرَةً. وَأَمّا فَحَيّ هَلَا، بِلا تَنْوِينٍ فإِنَّما يَجُوز فِي الوَقْف، فَأَمّا فِي الإِدْراجِ فَإِنَّها لُغَةٌ رَدِيْئَة. وَأَمّا قَولُ لَبِيدٍ يَذْكُر صاحبًا لَهُ فِي السَّفَر كَانَ أَمَرَهُ بِالرَّحِيلِ:
(يَتَمارَى فِي الَّذِي قُلْتُ لَهُ ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلِي حَيَّهَلْ)
فَإِنَّما سَكَّنَهُ لِلْقافية، هَذَا كُلُّهُ نَصُّ الجَوْهَرِيِّ فِي الصِّحاح. وَقَالَ ابْنُ بَرِّي عِنْدَ قَوله: يُجْعَل نَكِرَةً قَالَ: وَقَد عَرَّفَت العَرَبُ {حَيَّهل، وَأَنْشَدَ فِيهِ ثَعْلَب:
(وَقَدْ غَدَوْتُ قَبْلَ رَفْعِ} الحَيَّهَلْ ... )

(أَسُوقُ نَابَيْنِ وَنَابًا مِ الإِبِلْ ... )
وَقَالَ: {الحَيَّهَلْ: الأَذانُ، والنابانِ: العَجُوزان، قَالَ: وَقَدْ عُرِّفَ بِالِإضَافَة أَيْضًا فِي قَول الآخر:
(وَهَيَّجَ الحَيَّ مِنْ دارٍ فَظَلَّ لَهُمْ ... يَوْمٌ كَثِيْرٌ تَنادِيْهِ} وَحَيَّهَلُهْ)
قَالَ: وَأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ عَجُزَه فِي آخِرِ الفَصْل: " هَيّهاؤُه وَحَيَّهَلُه "، انْتَهَى. وَقَالَ الكِسّائِيُّ: فَإِذا زِدْتَ فِي " هَل " أَلِفًا كانَت بِمَعْنى التَّسْكِين، وَهُو مَعْنَى قَوْله: " إِذا ذُكِرَ الصّالِحُون فَحَيَّ هَلاَ بِعُمَرَ "، قَالَ: مَعْنَى حَيَّ: أَسْرع بِذِكْرِه، وَمَعْنَى " هَلَا " أَي: اسْكُن عِنْدَ ذِكْرِهِ حَتَّى تَنْقَضِي فَضائِلُهُ. قَالَ الجَوْهَرِيّ: (و) حَكَى سِيْبَوَيْه عَن أَبِي الخَطّاب أَنَّ بَعْضَ العَربَ يَقُول: (حَىَّ هَلَا الصَّلَاةَ) يَصِل " بِهَلَا " كَما يُوصَل " بِعَلَى " فَيُقَالُ حَيَّ عَلَى الصَّلاة، (أَي: ائْتُوهَا) وَأْقرَبُوا مِنْها، وَهَلُمُّوا إِلَيْها. قَالَ ابْنُ بَرِّيّ الَّذي حَكاهُ سِيْبَوَبْه عَن أَبِي الخَطّاب: حَيَّ هَلَ الصَّلَاةَ، بِنَصْب الصَّلاة لَا غَيْر، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُم: حَيَّ هَلَ الثَّرِيْدَ، بِالنَّصْب لَا غَير. قَالَ الجَوْهَرِيّ: (و) رُبَّما أَلْحَقُوا بِهِ الكافَ فَقَالُوا (حَيَّ هَلَكَ) ، كَمَا يُقالُ رُوَيْدَكَ، وَالكاف لِلْخِطاب فَقَط، وَلَا مَوْضِعَ لَها مِنَ الِإعْراب؛ لِأَنَّها لَيْسَت باسْم، قَالَ أَبو عُبَيْدَة: وَسَمِعَ أَبو مَهْدِيَّةَ الأَعْرَابِيُّ رَجُلًا يَدْعُو بالفارسِيّة رَجُلًا يَقُولُ لَهُ: زُوذْ، فَقالَ: مَا يَقُولُ؟ قُلْنا يَقولُ عَجِّلْ فَقالَ: أَلَا يَقُولُ حَيَّ هَلَكَ، (أَي: هَلُمَّ وَتَعَالَ) . وَرَوَىَ الأَزْهَرِيّ عَن ثَعْلب أَنَّهُ قَالَ: حَيَّ هَل، أَي: أَقْبِل إِلَيَّ، وَرُبَّما حُذِفَ فَقِيل: هَلَاإِلَيَّ. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: ( {وهَلًا} وَهالٍ: زَجْران لِلْخَيْلِ، أَي: اقْرُبِي) ، هكَذا فِي سائِر نُسَخ الصِّحاح، وَوَجَدْتُ فِي هامِشِهِ مَا نَصُّهُ: صوابُهُ " قِرِي "، مُخَفّفة، لِأَنَّها إِنَّما يُقالُ لَها تَسْكِينًا عِنْد اضْطِرابها. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الكسائِيِّ: فَإِذا زِدْتَ فِيهَا أَلِفًا كَانَتْ بِمَعْنَى التَّسْكِين، وَأَنْشَدَ:
(وَأَيّ حَصانٍ لَا يُقالُ لَهُ! هَلَا ... )
أَي: اسْكُنِي لِلْزَّوْج، فَتَأَمَّل ذلِكّ.

عَزَّ 

(عَزَّ) الْعَيْنُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ وَمَا ضَاهَاهُمَا، مِنْ غَلَبَةٍ وَقَهْرٍ. قَالَ الْــخَلِيلُ: " الْعِزَّةُ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهُوَ مِنَ الْعَزِيزِ. وَيُقَالُ: عَزَّ الشَّيْءُ حَتَّى يَكَادَ لَا يُوجَدُ ". وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ بِلَفْظٍ آخَرَ أَحْسَنُ، فَيُقَالُ: هَذَا الَّذِي لَا يَكَادُ يُقْدَرُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ عَزَّ الرَّجُلُ بَعْدَ ضَعْفٍ وَأَعْزَزْتُهُ أَنَا: جَعَلْتُهُ عَزِيزًا. وَاعْتَزَّ بِي وَتَعَزَّزَ. قَالَ: وَيُقَالُ عَزَّهُ عَلَى أَمْرٍ يَعُِزُّهُ، إِذَا غَلَبَهُ عَلَى أَمْرِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: " مَنْ عَزَّ بَزَّ "، أَيْ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ. وَيَقُولُونَ: " إِذَا عَزَّ أَخُوُكَ فَهُنْ "، أَيْ إِذَا عَاسَرَكَ فَيَاسِرْهُ. وَالْمُعَازَّةُ: الْمُغَالَبَةُ. تَقُولُ: عَازَّنِي فُلَانٌ عِزَازًا وَمُعَازَّةُ فَعَزَزْتُهُ: أَيْ غَالَبَنِي فَغَلَبْتُهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الشَّيْبَ وَالشَّبَابَ:

وَلَمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابْنَ دَأْيَةٍ ... وَعَشَّشَ فِي وَكْرَيْهِ جَاشَتْ لَهُ نَفْسِي

قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَزَزْتُ عَلَيْهِ فَأَنَا أَعِزُّ عِزًّا وَعَزَازَةً، وَأَعْزَزْتُهُ: قَوَّيْتُهُ، وَعَزَّزْتُهُ أَيْضًا. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ. قَالَ الْــخَلِيلُ: تَقُولُ: أُعْزِزْتُ بِمَا أَصَابَ فُلَانًا، أَيْ عَظُمَ عَلَيَّ وَاشْتَدَّ.

وَمِنَ الْبَابِ: نَاقَةٌ عَزُوزٌ، إِذَا كَانَتْ ضَيِّقَةَ الْإِحْلِيلِ لَا تَدُِرُّ إِلَّا بِجَهْدٍ. يُقَالُ: قَدْ تَعَزَّزَتْ عَزَازَةً. وَفِي الْمَثَلِ: " إِنَّمَا هُوَ عَنْزٌ عَزُوزٌ لَهَا دَرٌّ جَمٌّ ". يُضْرَبُ لِلْبَخِيلِ الْمُوسِرِ. قَالَ: وَيُقَالُ عَزَّتِ الشَّاةُ تَعُزُّ عُزُوزًا، وَعَزُزَتْ أَيْضًا عُزُزًا فَهِيَ عَزُوزٌ، وَالْجَمْعُ عُزُزٌ. وَيُقَالُ اسْتُعِزَّ عَلَى الْمَرِيضِ، إِذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: رَجُلٌ مِعْزَازٌ، إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْمَرَضِ; وَاسْتَعَزَّ بِهِ الْمَرَضُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ وَهُوَ شَاكٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ اسْتُعِزَّ بِكُلْثُومٍ - أَيْ مَاتَ - فَانْتَقَلَ إِلَى سَعْدِ ابْنِ خَيْثَمَةَ ".» وَرَجُلٌ مَعْزُوزٌ، أَيِ اجْتِيحَ مَالُهُ وَأُخِذَ. وَيُقَالُ اسْتَعَزَّ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقْلِهِ. وَاسْتَعَزَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، إِذَا لَجَّ فِيهِ. قَالَ الْــخَلِيلُ: الْعَزَازَةُ: أَرْضٌ صُلْبَةٌ لَيْسَتْ بِذَاتِ حِجَارَةٍ، لَا يَعْلُوهَا الْمَاءُ. قَالَ:

مِنَ الصَّفَا الْعَاسِي وَيَدْعَسْنَ الْغَدَرْ ... عَزَازَهُ وَيَهْتَمِرْنَ مَا انْهَمَرْ

وَيُقَالُ الْعَزَازُ: نَحْوٌ مَنِ الْجِهَادِ، أَرْضٌ غَلِيظَةٌ لَا تَكَادُ تُنْبِتُ وَإِنْ مُطِرَتْ، وَهِيَ فِي الِاسْتِوَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثُمَّ اشْتُقَّ الْعَزَازُ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَعَزَّزَ لَحْمُ النَّاقَةِ، إِذَا صَلُبَ وَاشْتَدَّ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَكْتُبُ عَنْهُ، فَكُنْتُ أَقُومُ لَهُ إِذَا دَخَلَ أَوْ خَرَجَ، وَأُسَوِّي عَلَيْهِ ثِيَابَهُ إِذَا رَكِبَ، ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي قَدِ اسْتَفْرَغْتُ مَا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ يَوْمًا فَلَمْ أَقُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: " إِنَّكَ بَعْدُ فِي الْعَزَازِ فَقُمْ "، أَرَادَ: إِنَّكَ فِي أَوَائِلِ الْعِلْمِ وَالْأَطْرَافِ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْأَوْسَاطَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعَزَازَ تَكُونُ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ وَجَوَانِبِهَا، فَإِذَا تَوَسَّطْتَ صِرْتَ فِي السُّهُولَةِ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَعْزَزْنَا: صِرْنَا فِي الْعَزَازِ. قَالَ الْفَرَّاءُ، أَرْضٌ عَزَّاءٌ لِلصُّلْبَةِ، مِثْلَ الْعَزَازِ. وَيُقَالُ اسْتَعَزَّ الرَّمْلُ وَغَيْرُهُ، إِذَا تَمَاسَكَ فَلَمْ يَنْهَلْ. وَقَالَ رُؤْبَةُ: بَاتَ إِلَى أَرْطَاةِ حُقْفٍ أَحْقَفَا ... مُتَّخِذًا مِنْهَا إِيَادًا هَدَفًا

إِذَا رَأَى اسْتِعْزَازَهُ تَعَفَّفَا

وَمِنَ الْبَابِ: الْعَزَّاءُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ. قَالَ:

وَيَعْبِطُ الْكُومَ فِي الْعَزَّاءِ إِنْ طُرِقَا

وَالْعِزُّ مِنَ الْمَطَرِ: الْكَثِيرُ الشَّدِيدُ; وَأَرْضٌ مَعْزُوزَةٌ، إِذَا أَصَابَهَا ذَلِكَ. أَبُو عَمْرٍو: عَزَّ الْمَطَرُ عِزَازَةً. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ أَصَابَنَا عِزٌّ مِنَ الْمَطَرِ، إِذَا كَانَ شَدِيدًا. قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي السَّيْلِ. قَالَ الْــخَلِيلُ: عَزَّزَ الْمَطَرُ الْأَرْضَ: لَبَّدَهَا، تَعْزِيزًا. وَيُقَالُ إِنَّ الْعَزَازَةَ دُفْعَةٌ تُدْفَعُ فِي الْوَادِي قِيدَ رُمْحٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَطَرٌ عِزٌّ، أَيْ شَدِيدٌ. قَالَ: وَيُقَالُ هَذَا سَيْلٌ عِزٌّ، وَهُوَ السَّيْلُ الْغَالِبُ.

وَمِنَ الْبَابِ: الْعُزَيْزَاءُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ عُكْوَتِهِ وَجَاعِرَتِهِ. قَالَ ثَعْلَبَةُ الْأَسَدِيُّ:

أُمِرَّتْ عُزَيْزَاهُ وَنِيطَتْ كُرُومُهُ ... إِلَى كَفَلٍ رَابٍ وَصُلْبٍ مُوَثَّقِ

الْكُرُومُ: جَمْعُ كَرْمَةٍ، وَهِيَ رَأْسُ الْفَخِذِ الْمُسْتَدِيرُ كَأَنَّهُ جُونَةٌ. وَالْعُزَيْزَاءُ مَمْدُودٌ، وَلَعَلَّ الشَّاعِرَ قَصَرَهَا لِلشِّعْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مَمْدُودَةٌ قَوْلُهُمْ فِي التَّثْنِيَةِ عُزَيْزَاوَانُ. وَيُقَالُ هُمَا طَرَفَا الْوَرِكِ. وَالْعُزَّى: تَأْنِيثُ الْأَعَزِّ، وَالْجَمْعُ عُزَزٌ. وَيُقَالُ الْعُزَّانُ: جَمْعُ عَزِيزٍ، وَالذُّلَانُ: جَمْعُ ذَلِيلٍ. يُقَالُ أَتَاكَ الْعُزَّانُ. وَيَقُولُونَ: " أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الْأَنُوقِ "، وَ " أَعَزُّ مِنَ الْأَبْلَقِ الْعَقُوقِ "، وَ " أَعَزُّ مِنَ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ " وَ " أَعَزُّ مِنْ مُخَّةِ الْبَعُوضِ ". وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَزَّ عَلَيَّ كَذَا، أَيِ اشْتَدَّ. وَيَقُولُونَ: أَتُحِبُّنِي؟ فَيَقُولُ: لَعَزَّ مَا، أَيْ لَشَدَّ مَا.

عَلَقَ 

(عَلَقَ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ أَصْلٌ كَبِيرٌ صَحِيحٌ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنْ يُنَاطَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ الْعَالِي. ثُمَّ يَتَّسِعُ الْكَلَامُ فِيهِ، وَالْمَرْجِعُ كُلُّهُ إِلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

تَقُولُ: عَلَّقْتُ الشَّيْءَ أُعَلِّقُهُ تَعْلِيقًا. وَقَدْ عَلِقَ بِهِ، إِذَا لَزِمَهُ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ. وَالْعَلَقُ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْبَكْرَةُ مِنَ الْقَامَةِ. وَيُقَالُ الْعَلَقُ: آلَةُ الْبَكْرَةِ. وَيَقُولُونَ: الْبِئْرُ مُحْتَاجَةٌ إِلَى الْعَلَقِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَلَقُ هِيَ الْبَكْرَةُ بِكُلِّ آلَتِهَا دُونَ الرِّشَاءِ وَالدَّلْوِ. وَالْعَلَقُ: الدَّمُ الْجَامِدُ، وَقِيَاسُهُ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِالشَّيْءِ; وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلَقَةٌ. قَالَ:

يَنْزُو عَلَى أَهْدَامِهِ مِنَ الْعَلَقِ

وَيَقُولُ الْقَائِلُ فِي الْوَعِيدِ: " لَتَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَتَشْرَقَنَّ بِعَلَقَةٍ " يَعْنِي الدَّمَ، كَأَنَّهُ يَتَوَعَّدُهُ بِالْقَتْلِ. وَالْعَلَقُ: أَنْ يُلَزَّ بَعِيرَانِ بِحَبْلٍ وَيُسْنَى عَلَيْهِمَا إِذَا عَظُمَ الْغَرْبُ. وَأَعْلَقْتُ بِالْغَرْبِ بَعِيرَيْنِ، إِذَا قَرَنْتُهُمَا بِطَرَفِ رِشَائِهِ.

قَالَ اللِّحْيَانَيُّ: بِئْرُ فُلَانٍ تَدُومُ عَلَى عَلَقٍ، أَيْ لَا تَنْزَحُ، إِذَا كَانَ عَلَيْهَا دَلْوَانِ وَقَامَةٌ وَرِشَاءٌ. وَهَذِهِ قَامَةٌ لَيْسَ لَهَا عَلَقٌ، أَيْ لَيْسَ لَهَا حَبْلٌ يُعَلَّقُ بِهَا. قَالَ الْــخَلِيلُ: الْعَلَقُ أَنْ يَنَشِبَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ. قَالَ جَرِيرٌ:

إِذَا عَلِقَتْ مَخَالِبُهُ بِقَرْنٍ ... أَصَابَ الْقَلْبَ أَوْ هَتَكَ الْحِجَابَا

وَعَلِقَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ: خَاصَمَهُ. وَالْعَلَقُ: الْهَوَى. وَفِي الْمَثَلِ: " نَظْرَةٌ مِنْ ذِي عَلَقٍ "، أَيْ ذِي هَوًى قَدْ عَلِقَ قَلْبُهُ بِمَنْ يَهْوَاهُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:

عُلِّقْتُهَا عَرَضًا وَعُلِّقَتْ رَجُلًا ... غَيْرِي وَعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرَهَا الرَّجُلُ

وَمِنَ الْبَابِ الْعَلَاقُ، وَهُوَ الَّذِي يَجْتَزِئُ [بِهِ] الْمَاشِيَةَ مِنَ الْكَلَأِ إِلَى أَوَانِ الرَّبِيعِ. وَقَالَ الْأَعْشَى:

وَفَلَاةٍ كَأَنَّهَا ظَهْرُ تُرْسٍ ... لَيْسَ إِلَّا الرَّجِيعُ فِيهَا عَلَاقُ

يَقُولُ: لَا تَجِدُ الْإِبِلُ فِيهَا عَلَاقًا إِلَّا مَا تُرَدِّدُهُ مِنْ جِرَّتِهَا فِي أَفْوَاهِهَا. وَالظَّبْيَةُ تَعْلُقُ عُلُوقًا، إِذَا تَنَاوَلَتِ الشَّجَرَةَ بِفِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الشُّهَدَاءِ: «إِنَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ فِي الْجَنَّةِ» . وَالْعُلْقَةُ: شَجَرٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ تَعْلُقُ بِهِ الْإِبِلُ فَتَسْتَغْنِي بِهِ، مِثْلُ الْعَلَاقِ. وَيُقَالُ: مَا يَأْكُلُ فُلَانٌ إِلَّا عُلْقَةٌ، أَيْ مَا يُمْسِكُ نَفْسَهُ.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعُلْقَةُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مَا كَانَ، وَالْجَمْعُ عُلَقٌ. وَمِنَ الْبَابِ: الْعَلَقَةُ: دُوَيْبَّةُ تَكُونُ فِي الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عَلَقٌ، تَعْلَقُ بِحَلْقِ الشَّارِبِ. وَرَجُلٌ مَعْلُوقٌ، إِذَا أَخَذَتِ الْعَلَقُ بِحَلْقِهِ. وَقَدْ عَلِقَتِ الدَّابَّةُ عَلَقًا، إِذَا عَلِقَتْهَا الْعَلَقَةُ عِنْدَ الشُّرْبِ.

وَمِنَ الْبَابِ عَلَى نَحْوِ الِاسْتِعَارَةِ، قَوْلُهُمْ: عَلِقَ دَمُ فُلَانٍ ثِيَابَ فُلَانٍ، إِذَا كَانَ قَاتِلَهُ. وَيَقُولُونَ: دَمُ فُلَانٍ فِي ثَوْبِ فُلَانٍ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ الْقَتِيلِ وَبَزِّهِ ... وَقَدْ عَلِقَتْ دَمَّ الْقَتِيلِ إِزَارُهَا

قَالُوا: الْإِزَارُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ وَبَزُّهُ: سِلَاحُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: " عَلِقَتْ دَمَّ الْقَتِيلِ إِزَارُهَا " مَثَلَ، يُقَالُ: حَمَلْتَ دَمَ فُلَانٍ فِي ثَوْبِكَ، أَيْ قَتَلْتَهُ. وَهَذَا عَلَى كَلَامَيْنِ، أَرَادَ عَلَّقَتِ الْمَرْأَةُ دَمَ الْقَتِيلِ ثُمَّ قَالَ: عَلِقَهُ إِزَارُهَا.

قَالُوا: وَالْعَلَاقَةُ: الْخُصُومَةُ. قَالَ الْــخَلِيلُ: رَجُلٌ مِعْلَاقٌ، إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْخُصُومَةِ. قَالَ مُهَلْهَلٌ:

إِنَّ تَحْتَ الْأَحْجَارِ حَزْمًا ... وَجُودًا وَخَصِيمًا أَلَدَّ ذَا مِعْلَاقِ

وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بَالْغَيْنِ، وَهُوَ الْخَصْمُ الَّذِي يَغْلَقُ عِنْدَهُ رَهْنُ خَصْمِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى افْتِكَاكِهِ مِنْهُ، لِلَدَدِهِ.

وَتَعْلِيقُ الْبَابِ: نَصْبُهُ. وَالْمَعَالِيقُ وَالْأَعَالِيقُ لِلْعِنَبِ وَنَحْوِهِ، وَلَا وَاحِدَ لِلْأَعَالِيقِ. وَالْعِلَاقَةُ: [عِلَاقَةُ] السَّوْطِ وَنَحْوِهِ. وَالْعَلَاقَةُ لِلْحَبِّ. وَالْعَلَاقَةُ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْعَلَاقِ الَّذِي يُتَعَلَّقُ بِهِ فِي مَعِيشَةٍ وَغَيْرِهَا. وَالْعَلِيقُ: الْقَضِيمُ، مِنْ قَوْلِكَ أَعْلَقْتُهُ فَهُوَ عَلِيقٌ، كَمَا يُقَالُ أَعْقَدْتُ الْعَسَلَ فَهُوَ عَقِيدٌ.

وَذُكِرَ عَنِ الْــخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: يُسَمَّى الشَّرَابُ عَلِيقًا. وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا لَعَلَّ الْــخَلِيلَ لَا يَذْكُرُهُ، وَلَا سِيَّمَا هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدُهُ.

وَاسْقِ هَذَا وَذَا وَذَاكَ وَعَلِّقْ ... لَا نُسَمِّي الشَّرَابَ إِلَّا الْعَلِيقَا

وَيَقُولُونَ لِمَنْ رَضِيَ بِالْأَمْرِ بِدُونِ تَمَامِهِ: مُتَعَلِّقٌ. وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ:

عَلِقَتْ مَعَالِقَهَا وَصَرَّ الْجُنْدَبُ

وَأَصْلُهُ أَنَّ رَجُلًا انْتَهَى إِلَى بِئْرٍ فَأَعْلَقَ رِشَاءَهُ بِرِشَائِهَا، ثُمَّ صَارَ إِلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ فَادَّعَى جِوَارَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: عَلَّقْتُ رِشَائِي بِرِشَائِكَ. فَأَمَرَهُ بِالِارْتِحَالِ عَنْهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: " عَلِقَتْ مَعَالِقَهَا وَصَرَّ الْجُنْدَبُ "، أَيْ عَلِقَتِ الدَّلْوُ مَعَالِقَهَا وَجَاءَ الْحُرُّ وَلَا يُمْكِنُ الذَّهَابُ.

وَقَدْ عَلِقَتِ الْفَسِيلَةُ إِذَا ثَبَتَتْ فِي الْغِرَاسِ. وَيَقُولُونَ: أَعْلَقَتِ الْأُمُّ مِنْ عُذْرَةِ الصَّبِيِّ بِيَدِهَا تُعْلِقُ إِعْلَاقًا، وَالْعُذْرَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ اللَّهَاةِ وَهِيَ وَجَعٌ، فَكَأَنَّهَا لَمَّا رَفَعَتْهُ أَعْلَقَتْهُ. وَيُقَالُ هَذَا عِلْقٌ مِنَ الْأَعْلَاقِ، لِلشَّيْءِ النَّفِيسِ، كَأَنَّ كُلَّ مَنْ رَآهُ يَعْلَقُهُ. ثُمَّ يُشَبِّهُونَ ذَلِكَ فَيُسَمُّونَ الْخَمْرَ الْعِلْقَ. وَأَنْشَدُوا:

إِذَا مَا ذُقْتَ فَاهَا قُلْتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ ... أُرِيدَ بِهِ قَيْلٌ فَغُودِرَ فِي سَابِ وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ النَّفِيسِ: عِلْقُ مَضِنَّةٍ وَمَضَنَّةٍ. وَيُقَالُ فُلَانٌ ذُو مَعْلَقَةٍ، إِذَا كَانَ مُغِيرًا يَعْلَقُ بِكُلِّ شَيْءٍ. وَأَعْلَقْتُ، أَيْ صَادَفْتُ عِلْقًا نَفِيسًا، وَجَمْعُ الْعِلْقِ عُلُوقٌ. قَالَ الْكُمَيْتُ:

إِنْ يَبِعْ بِالشَّبَابِ شَيْئًا فَقَدْ بَا عَ ... رَخِيصًا مِنَ الْعُلُوقِ بِغَالِ

وَالْعَلَاقَةُ: الْحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْعَلُوقَ مِنَ النِّسَاءِ: الْمُحِبَّةُ لِزَوْجِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129] ، هِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ، كَأَنَّ أَمْرَهَا لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: «إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعْلَّقْ» . وَقَوْلُهُمْ: " لَيْسَ الْمُتَعَلِّقُ كَالْمُتَأَنِّقِ " أَيْ لَيْسَ مَنْ عَيْشُهُ قَلِيلٌ كَمَنْ يَتَأَنَّقُ فَيَخْتَارُ مَا شَاءَ. وَالْعَلَائِقُ: الْبَضَائِعُ. وَيَقُولُونَ: جَاءَ فُلَانٌ بِعُلَقَ فُلَقَ، أَيْ بِدَاهِيَةٍ. وَقَدْ أَعْلَقَ وَأَفْلَقَ. وَأَصْلُ هَذَا أَنَّهَا دَاهِيَةٌ تَعْلَقُ كُلًّا. وَيُقَالُ إِنَّ الْعَلُوقَ: مَا تَعْلُقُهُ السَّائِمَةُ مِنَ الشَّجَرِ بِأَفْوَاهِهَا مِنْ وَرَقٍ أَوْ ثَمَرٍ. وَمَا عَلَقَتْ مِنْهُ السَّائِمَةُ عَلُوقٌ. قَالَ:

هُوَ الْوَاهِبُ الْمِائَةَ الْمُصْطَفَا ... ةَ لَاطَ الْعَلُوقُ بِهِنَّ احْمِرَارَا يُرِيدُ أَنَّهُنَّ رَعَيْنَ فِي الشَّجَرِ وَعَلِقْنَهُ حَتَّى سَمِنَّ وَاحْمَرَرْنَ وَلَاطَ بِهِنَّ. وَالْإِبِلُ إِذَا رَعَتْ فِي الطَّلْحِ وَنَحْوِهِ فَأَكَلَتْ وَرَقَهُ أَخْصَبَتْ عَلَيْهِ وَسَمِنَتْ وَاحْمَرَّتْ. وَالْعُلَّيْقُ: شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ لَا يَعْظُمُ، فَإِذَا نَشِبَ فِيهِ الشَّيْءُ لَمْ يَكَدْ يَتَخَلَّصُ مِنْ كَثْرَةِ شَوْكِهِ، وَشَوْكُهُ حُجْنٌ حِدَادٌ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ عُلَّيْقًا. وَيَقُولُونَ: هَذَا حَدِيثٌ طَوِيلُ الْعَوْلَقِ، أَيْ طَوِيلُ الذَّنَبِ.

وَأَمَّا الْعَلُوقُ مِنَ النُّوقِ، فَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَلُوقُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَأْبَى أَنْ تَرْأَمَ وَلَدَهَا. وَالْمَعَالِقُ مِثْلُهَا. وَأَنْشَدَ:

أَمْ كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطِي الْعَلُوقُ بِهِ ... رِئْمَانَ أَنْفٍ إِذَا مَاضُنَّ بِاللَّبَنِ

فَقِيَاسُهُ صَحِيحٌ، كَأَنَّهَا عَلِقَتْ لَبَنَهَا فَلَا يَكَادُ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْعَلُوقُ مَا يَعْلَقُ الْإِنْسَانَ. وَيُقَالُ لِلْمَنِيَّةِ: عَلُوقٌ. قَالَ:

وَسَائِلَةٍ بِثَعْلَبَةَ بْنِ سَيْرٍ ... وَقَدْ عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ الْعَلُوقُ

وَعَلِقَ الظَّبْيُ فِي الْحِبَالَةِ يَعْلَقُ، إِذَا نَشِقَ فِيهَا. وَقَدْ أَعْلَقَتْهُ الْحِبَالَةُ. وَأَعْلَقَ الْحَابِلُ إِعْلَاقًا، إِذَا وَقَعَ فِي حِبَالَتِهِ الصَّيْدُ. وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: " فَجَاءَ ظَبْيٌ يَسْتَطِيفُ الْكِفَّةَ فَأَعْلَقْتُهُ ". وَيُقَالُ لِلْحَابِلِ: أَعَلَقْتَ فَأَدْرِكْ. وَكَذَلِكَ الظَّبْيُ إِذَا وَقَعَ فِي الشَّرَكِ، أُعْلِقُ بِهِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَيَوْمٍ يُزَيِّرُ الظَّبْيَ أَقْصَى كِنَاسِهِ ... وَتَنْزُو كَنَزْوِ الْمُعْلَّقَاتِ جَنَادِبُهُ

وَيَقُولُونَ: مَا تَرَكَ الْحَالِبُ لِلنَّاقَةِ عُلْقَةً، أَيْ لَمْ يَدَعْ فِي ضَرْعِهَا شَيْئًا إِلَّا حَلَبَهُ. وَقَلَائِدُ النُّحُورِ، وَهِيَ الْعَلَائِقُ. فَأَمَّا الْعَلِيقَةُ فَالدَّابَّةُ تُدْفَعُ إِلَى الرَّجُلِ لِيَمْتَارَ عَلَيْهَا لِصَاحِبِهَا، وَالْجَمْعُ عَلَائِقُ. قَالَ:

وَقَائِلَةٍ لَا تَرْكَبُنَّ عَلِيقَةً ... وَمِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا رُكُوبُ الْعَلَائِقِ

وَقَالَ آخَرُ:

أَرْسَلَهَا عَلِيقَةً وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ ... الْعَلِيقَاتِ يُلَاقِينَ الرَّقِمْ

وَيَقُولُونَ: عَلِقَ يَفْعَلُ كَذَا، كَأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ الَّذِي يُرِيدُهُ. وَقَدْ عَلِقَ الْكِبَرُ مِنْهُ مَعَالِقَهُ. وَمَعَالِيقُ الْعِقْدِ وَالشُّنُوفِ: مَا يُعَلَّقُ بِهِمَا مِمَّا يُحَسِّنُهُمَا. وَيَقُولُونَ: عَلِقَتِ الْمَرْأَةُ: حَبِلَتْ. وَرَجُلٌ ذُو مَعْلَقَةٍ، إِذَا كَانَ مُغِيرًا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ. قَالَ:

أَخَافَ أَنْ يَعْلَقَهَا ذُو مَعْلَقَهْ وَالْعَلَاقِيَةُ: الرَّجُلُ الَّذِي إِذَا عَلِقَ شَيْئًا لَمْ يَكَدْ يَدَعُهُ. وَأَمَّا الْعِلْقَةُ، فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ قَمِيصٌ يَكُونُ إِلَى السُّرَّةِ وَإِلَى أَنْصَافِ السُّرَّةَ، وَهِيَ الْبَقِيرَةُ. وَأَنْشَدَ:

وَمَا هِيَ إِلَّا فِي إِزَارٍ وَعِلْقَةٍ ... مُغَارَ ابْنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيٍ خَثْعَمَا

وَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَوْبًا وَاسِعًا فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ عُلِّقَ عَلَى شَيْءٍ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَهُوَ ثَوْبٌ يُجَابُ وَلَا يُخَاطُ جَانِبَاهُ، تَلْبَسُهُ الْجَارِيَةُ إِلَى الْحُجْزَةِ، وَهُوَ الشَّوْذَرُ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.