Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حميم

الطَّفُّ

الطَّفُّ:
بالفتح، والفاء مشددة، وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، قال الأصمعي: وإنما سمي طفّا لأنه دان من الريف،
من قولهم: خذ ما طفّ لك واستطفّ أي ما دنا وأمكن، وقال أبو سعيد: سمي الطف لأنه مشرف على العراق من أطفّ على الشيء بمعنى أطلّ، والطف:
طف الفرات أي الشاطئ، والطف: أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين ابن علي، رضي الله عنه، وهي أرض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية، منها: الصيد والقطقطانة والرّهيمة وعين جمل وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم، وذلك أن سابور أقطعهم أرضها يعتملونها من غير أن يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر الله العرب بنبيه، صلّى الله عليه وسلّم، غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم، ثم لما قدم المسلمون الحيرة وهربت الأعاجم بعد ما طمّت عامة ما كان في أيديها منها وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من أرض تلك العيون إلى المسلمين وأقطعوه فصارت عشرية أيضا، وقال الأقيشر الأسدي من قصيدة:
انّي يذكّرني هندا وجارتها ... بالطفّ صوت حمامات على نيق
بنات ماء معا بيض جآجئها، ... حمر مناقرها صفر الحماليق
أيدي السّقاة بهن الدهر معملة، ... كأنما لونها رجع المخاريق
أفنى تلادي وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق
وكان مجرى عيون الطفّ وأعراضها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد، وكانت صدقتها إلى عمال المدينة، فلما ولي إسحاق بن إبراهيم بن مصعد السواد للمتوكل ضمها إلى ما في يده فتولى عماله عشرها وصيّرها سواديّة، فهي على ذلك إلى اليوم، ثم استخرجت فيها عيون إسلامية يجري ما عمر بها من الأرضين هذا المجرى، قالوا: وسميت عين جمل لأن جملا مات عندها في حدثان استخراجها فسمّيت بذلك، وقيل: إن المستخرج لها كان يقال له جمل، وسميت عين الصيد لكثرة السمك الذي كان بها، قال أبو دهبل الجمحي يرثي الحسين بن علي، رضي الله عنه، ومن قتل معه بالطفّ:
مررت على أبيات آل محمد، ... فلم أرها أمثالها يوم حلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها، ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت
ألا إنّ قتلى الطفّ من آل هاشم ... أذلّت رقاب المسلمين فذلّت
وكانوا غياثا ثم أضحوا رزيّة، ... ألا عظمت تلك الرزايا وجلّت!
وجا فارس الأشقين بعد برأسه ... وقد نهلت منه الرماح وعلّت
وقال أيضا:
تبيت سكارى من أميّة نوّما، ... وبالطفّ قتلى ما ينام حميمــها
وما أفسد الإسلام إلا عصابة ... تأمّر نوكاها فدام نعيمها
فصارت قناة الدين في كفّ ظالم، ... إذا اعوجّ منها جانب لا يقيمها

طِيزَنَابَاذ

طِيزَنَابَاذ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه ثم زاي مفتوحة ثم نون، وبعد ألفها باء موحدة، وآخره ذال معجمة، والذي يظهر لي في اشتقاقه وسبب تسميته بهذا الاسم أنه من عمارة الضيزن والد النضيرة بنت الضيزن ملك الحضر وأن الفرس ليس في كلامهم الضاد فتكلموا بها بالطاء فغلب عليها، ومعناه عمارة الضيزن لأن أباذ العمارة، ثم وقفت بعد ما كتبت هذا بمدة على كتاب الفتوح للبلاذري فوجدت فيه قالوا: كانت طيزناباذ تدعى ضيزناباذ نسبت إلى ضيزن ابن معاوية بن عمرو بن العبيد السليحي، قال الكلبي:
الضيزن معاوية بن الاحرام بن سعد بن سليح بن حلوان
ابن عمران بن الحاف بن قضاعة، فاستحسنت لنفسي صدق ما ظهر لي فتركته على ما كان، وهي عجمية:
موضع بين الكوفة والقادسية على حافة الطريق على جادّة الحاج، وبينها وبين القادسية ميل، كانت إقطاعا للأشعث بن قيس بن عمر بن الخطاب وكانت من أنزه المواضع محفوفة بالكروم والشجر والحانات والمعاصر وكانت أحد المواضع المقصودة للهو والبطالة، وهي الآن خراب لم يبق بها إلا أثر قباب يسمونها قباب أبي نواس، ولأهل الخلاعة فيها أخبار يطول ذكرها، وقال أبو نواس يذكرها:
قالوا: تنسّك بعد الحجّ، قلت لهم: ... أرجو الإله وأخشى طيزناباذا
أخشى قضيّب كرم أن ينازعني ... فضل الخطام وإن أسرعت إغذاذا
فان سلمت، وما قلبي على ثقة ... من السلامة، لم أسلم ببغداذا
ما أبعد النّسك من قلب تقسّمه ... قطربّل فقري بنّا فكلواذى؟
قال علي بن يحيى: حدثني محمد بن عبيد الله الكاتب قال: قدمت من مكة فلما صرت إلى طيزناباذ ذكرت قول أبي نواس حيث قال:
بطيزناباذ كرم ما مررت به ... إلا تعجّبت ممن يشرب الماء
إنّ الشراب إذا ما كان من عنب ... داء، وأيّ لبيب يشرب الداء؟
فهتف بي هاتف أسمع صوته ولا أراه فقال:
وفي الجحيم حميم ما تجرّعه ... خلق فأبقى له في البطن أمعاء

قصرُ قُضَاعَةَ

قصرُ قُضَاعَةَ:
بضم القاف، والضاد معجمة: قرية من نواحي بغداد قريبة من شهرابان من نواحي الخالص، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن محاسن بن حسّان القصر قضاعي المقرئ الشاعر، قدم بغداد وقرأ القرآن واحتدى بالشعر وكان حريصا جشعا جمّاعا منّاعا حصّل بذاك الحرص مبلغا من المال، ومات في شهور سنة 575، وقال عبد السلام بن يوسف بن محمد الدمشقي الواعظ وأنشدني لنفسه:
غرامي في محبتكم غريمي ... كما لفراقكم ندمي نديمي
صبا هبّت فأصبتني إليكم ... صبابات نسمن مع النسيم
ألا هل مبلغ سلمى بسلمى ... وذي سلم سلاما من سليم؟
وهل من كاشف غمّا بغمّ ... عراني بعد سكان الغميم؟
رسوم أقفرت من آل ليلى، ... وعفّتها الرواسم بالرسيم
حمامات الحمى هيّجن شوقي، ... وقد حمّت مفارقة الــحميم
حرام أن يزور النوم عيني، ... وقد حرّمنه حرم الحريم
عدمت الصبر حين وجدت وجدي ... بكم والعجب وجدان العديم
وعاصيت اللوائم في هواكم، ... لأنّ اللّوم من خلق اللئيم
أقدّم نحوكم قدم اشتياقي ... ليقدم غائب العهد القديم

المُنَقّى

المُنَقّى:
بالضم، وتشديد القاف، من نقّيت الشيء فهو منقّى أي خالص: طريق للعرب إلى الشام كان في الجاهلية يسكنه أهل تهامة، والمنقّى: بين أحد والمدينة، قال ابن إسحاق: وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يوم أحد حتى انتهى بعضهم إلى المنقّى دون الأعوص، وقال ابن هرمة:
كأني من تذكّر ما ألاقي ... إذا ما أظلم الليل البهيم
سليم ملّ منه أقربوه، ... وودّعه المداوي والــحميم
فكم بين الأقارع والمنقّى ... إلى أحد إلى ميقات ريم
إلى الجمّاء من خدّ أسيل ... عوارضه ومن دلّ رخيم [1]

نَجْرَانُ

نَجْرَانُ:
بالفتح ثم السكون، وآخره نون، والنجران في كلامهم: خشبة يدور عليها رتاج الباب، وأنشدوا:
وصيت الباب في النجران حتى ... تركت الباب ليس له صرير
وقال ابن الأعرابي: يقال لأنف الباب الرتاج ولد رونده النّجاف والنجران ولمترسه المفتاح، قال ابن دريد: نجران الباب الخشبة التي يدور عليها، ونجران في عدة مواضع، منها: نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكة، قالوا: سمي بنجران بن زيدان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان لأنه كان أول من عمرها ونزلها وهو المرعف وإنما صار إلى نجران لأنه رأى رؤيا فهالته فخرج رائدا حتى انتهى إلى واد فنزل به فسمي نجران به، كذا ذكره في كتاب الكلبي بخط صحيح زيدان بن سبإ، وفي كتاب غيره زيد، روى ذلك الزيادي عن الشرقي، وأما سبب دخول أهلها في دين النصرانية قال ابن إسحاق: حدثني المغيرة بن لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهم أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى يقال له فيميون، بالفاء ويروى بالقاف، وكان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بالقرى فإذا عرف بقرية خرج منها إلى أخرى، وكان لا يأكل إلّا من كسب يديه، وكان بنّاء يعمل في الطين، وكان يعظّم الأحد فلا يعمل فيه شيئا فيخرج إلى فلاة من الأرض فيصلي بها حتى يمسي، ففطن لشأنه رجل من أهل قرية بالشام كان يعمل فيها فيميون عمله، وكان ذلك الرجل اسمه صالح فأحبه صالح حبّا شديدا فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح فجلس منه منظر العين مستخفيا منه، فقام فيميون يصلي فإذا قد أقبل نحوه تنّين، وهو الحية العظيمة، فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخاف عليه فصرخ: يا فيميون التنين قد أقبل نحوك! فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها فخرج إليه صالح وقال: يا فيميون يعلم الله أنني ما أحببت شيئا قط مثل حبك وقد أحببت صحبتك والكينونة معك حيث كنت، فقال: ما شئت، أمري كما ترى فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم، فلزمه صالح، وقد كان أهل القرية يفطنون لشأنه، وكان إذا جاءه العبد وبه ضرّ دعا له فشفي، وكان إذا دعي لمنزل أحد لم يأته، وكان لرجل من أهل تلك القرية ولد ضرير فقال لفيميون: إن لي عملا فانطلق معي إلى منزلي، فانطلق معه فلما حصل في بيته رفع الرجل الثوب عن الصبيّ وقال له: يا فيميون عبد من عباد الله أصابه ما ترى فادع الله له! فدعا الله فقام الصبيّ ليس به بأس، فعرف فيميون أنه عرف فخرج من القرية واتبعه صالح حتى وطئا بعض أراضي العرب فعدوا عليهما فاختطفهما سيّارة من العرب فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران، وكان أهل نجران يومئذ على دين العرب يعبدون نخلة لهم عظيمة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة فإذا كان ذلك العيد علّقوا عليها كلّ ثوب حسن وجدوه وحليّ النساء، فخرجوا إليها يوما وعكفوا عليها يوما، فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر، فكان فيميون إذا قام بالليل في بيت له أسكنه إياه سيّده استسرج له البيت نورا حتى يصبح
من غير مصباح، فأعجب سيّده ما رأى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون: إنما أنتم على باطل وهذه الشجرة لا تضرّ ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها وهو الله وحده لا شريك له، فقال له سيّده: افعل فإنك إن فعلت هذا دخلنا في دينك وتركنا ما نحن عليه، فقام فيميون وتطهّر وصلّى ركعتين ثم دعا الله تعالى عليها فأرسل الله ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها فعند ذلك اتبعه أهل نجران فحملهم على الشريعة من دين عيسى بن مريم ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على غيرهم من أهل دينهم بكلّ أرض فمن هناك كانت النصرانية بنجران من أرض العرب.
قال ابن إسحاق: فهذا حديث وهب بن منبّه عن أهل نجران، قال: وحدّثني يزيد بن زياد عن محمد ابن كعب القرظي وحدثني أيضا بعض أهل نجران أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأصنام وكان في قرية من قراها قريبا من نجران، ونجران القرية العظيمة التي إليها إجماع تلك البلاد، كان عندهم ساحر يعلّم غلمان أهل نجران السحر، فلما نزلها فيميون ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به ابن منبه إنما قالوا رجل نزلها وابتنى خيمة بين نجران وبين القرية التي بها الساحر، فجعل أهل نجران يرسلون أولادهم إلى ذلك الساحر يعلّمهم السحر فبعث الثامر ابنه عبد الله مع غلمان أهل نجران فكان ابن الثامر إذا مر بتلك الخيمة أعجبه ما يرى من صلاته وعبادته فجعل يجلس إليه ويسمع منه حتى أسلم وعبد الله تعالى وحده وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى فقه فيه فسأله عن الاسم الأعظم فكتمه إياه وقال: إنك لن تحمله، أخشى ضعفك عنه، والثامر أبو عبد الله لا يظنّ إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضنّ به عنه عمد إلى قداح فجمعها ثم لم يبق لله تعالى اسما يعلمه إلا كتب كل واحد في قدح فلما أحصاها أوقد نارا وجعل يقذفها فيها قدحا قدحا حتى مرّ بالاسم الأعظم فقذفه فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها ولم تضرّه النار شيئا، فأتى صاحبه فأخبره أنه قد علم الاسم الأعظم وهو كذا، فقال: كيف علمته؟ فأخبره بما صنع، فقال: يا ابن أخي قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظنّ أن تفعل، وجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضرّ إلا قال له: يا عبد الله أتوحّد الله وتدخل في ديني فأدعو الله فيعافيك؟
فيقول: نعم، فيدعو الله فيشفى حتى لم يبق بنجران أحد به ضرّ إلا أتاه فاتبعه على أمره ودعا له فعوفي، فرفع أمره إلى ملك نجران فأحضره وقال له:
أفسدت عليّ أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي، لأمثّلنّ بك! فقال: لا تقدر على ذلك، فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح من رأسه فيقع على الأرض ويقوم وليس به بأس، وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس، فلما غلبه قال عبد الله بن الثامر، لا تقدر على قتلي حتى توحّد الله فتؤمن بما آمنت به فإنك إن فعلت ذلك سلّطت عليّ فتقتلني، قال: فوحّد الله ذلك الملك وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ثم ضربه بعصا كانت في يده فشجّه شجّة غير كبيرة فقتله، قال عبيد الله الفقير إليه: فاختلفوا ههنا، ففي حديث رواه الترمذي من طريق ابن أبي ليلى عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، على غير هذا السياق وإن قاربه في المعنى، فقال: إن الملك لما رمى الغلام في رأسه وضع الغلام يده على صدغه ثم مات، فقال أهل نجران: لقد علم هذا الغلام علما ما علمه
أحد فإنّا نؤمن بربّ هذا الغلام، قال: فقيل الملك أجزعت أن خالفك ثلاثة؟ فهذا العالم كلهم قد خالفوك! قال: فخدّ أخدودا ثم ألقى فيه الحطب والنار ثم جمع الناس وقال: من رجع عن دينه تركناه ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار، فجعل يلقيهم في ذلك الأخدود، فذلك قوله تعالى: قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود، حتى بلغ إلى:
العزيز الحميد، وأما الغلام فإنه دفن وذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل، روى هذا الحديث الترمذي عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق ابن معمر، ورواه مسلم عن هدّاب بن خالد عن حماد بن سلمة ثم اتفقا، عن سالم عن ابن أبي ليلى عن صهيب عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وفي حديث ابن إسحاق: إن الملك لما قتل الغلام هلك مكانه واجتمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر وهو النصرانية وكان على ما جاء به عيسى، عليه السّلام، من الإنجيل وحكمه، ثم أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث، فمن هنالك أصل النصرانية بنجران، قال: فسار إليهم ذو نواس بجنوده فدعاهم إلى اليهودية وخيّرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل، فخدّ لهم الأخدود فحرق من حرق في النار وقتل من قتل بالسيف ومثّل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا، ففي ذي نواس وجنوده أنزل الله تعالى: قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود، إلى آخر الآية، قال عبيد الله الفقير إليه: خبر الترمذي ومسلم أعجب إليّ من خبر ابن إسحاق لأن في خبر ابن إسحاق أن الذي قتل النصارى ذو نواس وكان يهوديّا صحيح الدين اتبع اليهودية بآيات رآها، كما ذكرناه في امام من هذا الكتاب، من الحبرين اللذين صحباه من المدينة ودين عيسى إنما جاء مؤيدا ومسددا للعمل بالتوراة فيكون القاتل والمقتول من أهل التوحيد والله قد ذمّ المحرق والقاتل لأصحاب الأخدود فبعد إذا ما ذكره ابن إسحاق وليس لقائل أن يقول إن ذا نواس بدّل أو غيّر دين موسى، عليه السلام، لأن الأخبار غير شاهدة بصحة ذلك، وأما خبر الترمذي أن الملك كان كافرا وأصحاب الأخدود مؤمنين فصحّ إذا، والله أعلم، وفتح نجران في زمن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، في سنة عشر صلحا على الفيء وعلى أن يقاسموا العشر ونصف العشر، وفيها يقول الأعشى:
وكعبة نجران حتم علي ... ك حتى تناخي بأبوابها
نزور يزيدا وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها
وشاهدنا الورد والياسمي ... ن والمسمعات بقصّابها
وبربطنا دائم معمل، ... فأيّ الثلاثة أزرى بها؟
وكعبة نجران هذه يقال بيعة بناها بنو عبد المدان بن الدّيّان الحارثي على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة وسموها كعبة نجران وكان فيها أساقفة معتمّون وهم الذين جاءوا إلى النبي، صلّى الله عليه وسلّم، ودعاهم إلى المباهلة، وذكر هشام بن الكلبي أنها كانت قبّة من أدم من ثلاثمائة جلد، كان إذا جاءها الخائف أمن أو طالب حاجة قضيت أو مسترفد أرفد، وكان لعظمها عندهم يسمّونها كعبة نجران، وكانت على نهر بنجران، وكانت لعبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل، وكان يستغلّ
من ذلك النهر عشرة آلاف دينار وكانت القبّة تستغرقها، ثم كان أول من سكن نجران من بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان يزيد بن عبد المدان، وذلك أن عبد المسيح زوّجه ابنته دهيمة فولدت له عبد الله بن يزيد ومات عبد الله بن يزيد فانتقل ماله إلى يزيد فكان أول حارثيّ حلّ في نجران، وكان من أمر المباهلة ما ليس ذكره من شرط كتابي ذا وقد ذكرته في غيره، وقد روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: القرى المحفوظة أربع: مكة والمدينة وإيلياء ونجران، وما من ليلة إلا وينزل على نجران سبعون ألف ملك يسلمون على أصحاب الأخدود ولا يرجعون إليها بعد هذا أبدا، قال أبو عبيد في كتاب الأموال: حدثني يزيد عن حجاج عن ابن الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، لأخرجنّ اليهود والنصارى عن جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما، قال:
فأخرجهم عمر، رضي الله عنه، قال: وإنما أجاز عمر إخراج أهل نجران وهم أهل صلح بحديث روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، فيهم خاصة عن أبي عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه كان آخر ما تكلم به أنه قال: أخرجوا اليهود من الحجاز وأخرجوا أهل نجران من جزيرة العرب، وعن سالم بن أبي الجعد قال: جاء أهل نجران إلى عليّ، رضي الله عنه، فقالوا:
شفاعتك بلسانك وكتابتك بيدك، أخرجنا عمر من أرضنا فردّها إلينا صنيعة، فقال: يا ويلكم إن كان عمر رشيد الأمر فلا أغيّر شيئا صنعه! فكان الأعمش يقول: لو كان في نفسه عليه شيء لاغتنم هذا.
ونجران أيضا: موضع على يومين من الكوفة فيما بينها وبين واسط على الطريق، يقال إن نصارى نجران لما أخرجوا سكنوا هذا الموضع وسمّي باسم بلدهم، وقال عبيد الله بن موسى بن جار بن الهذيل الحارثي يرثي عليّ بن أبي طالب ويذكر أنه حمل نعشه في هذا الموضع فقال:
بكيت عليّا جهد عيني فلم أجد ... على الجهد بعد الجهد ما أستزيدها
فما أمسكت مكنون دمعي وما شفت ... حزينا ولا تسلى فيرجى رقودها
وقد حمل النّعش ابن قيس ورهطه ... بنجران والأعيان تبكي شهودها
على خير من يبكى ويفجع فقده، ... ويضربن بالأيدي عليه خدودها
ووفد على النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وفد نجران وفيهم السيّد واسمه وهب والعاقب واسمه عبد المسيح والأسقف وهو أبو حارثة، وأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، مباهلتهم فامتنعوا وصالحوا النبي، صلّى الله عليه وسلّم، فكتب لهم كتابا، فلما ولي أبو بكر، رضي الله عنه، أنفذ ذلك لهم، فلما ولي عمر، رضي الله عنه، أجلاهم واشترى منهم أموالهم، فقال أبو حسّان الزيادي: انتقل أهل نجران إلى قرية تدعى نهر ابان من أرض الهجر المنقطع من كورة البهقباذ من طساسيج الكوفة وكانت هذه القرية من الضواحي وكان كسرى أقطعها امرأة يقال لها ابان وكان زوجها من أوراد المملكة يقال له باني وكان قد احتفر نهر الضيعة لزوجته وسماه نهر ابان ثم ظهر عليها الإسلام وكان أولادها يعملون في تلك الأرض، فلما أجلى عمر، رضي الله عنه، أهل نجران نزلوا
قرية من حمراء ديلم يرتادون موضعا فاجتاز بهم رجل من المجوس يقال له فيروز فرغب في النصرانية فتنصر ثم أتى بهم حتى غلبوا على القرية وأخرجوا أهلها عنها وابتنوا كنيسة دعوها الأكيراح، فشخصوا إلى عمر فتظلّموا منهم فكتب إلى المغيرة في أمرهم فرجع الجواب وقد مات عمر، رضي الله عنه، فانصرف النجرانيون إلى نهر ابان واستقروا به، ثم شخص العجم إلى عثمان، رضي الله عنه، فكتب في أمرهم إلى الوليد بن عتبة فألفوه وقد أخرجه أهل الكوفة فانصرف النجرانيون إلى قريتهم وكثر أهلها وغلبوا عليها.
ونجران أيضا: موضع بالبحرين فيما قيل. ونجران أيضا: موضع بحوران من نواحي دمشق وهي بيعة عظيمة عامرة حسنة مبنية على العمد الرخام منمّقة بالفسيفساء وهو موضع مبارك ينذر له المسلمون والنصارى، ولنذور هذا الموضع قوم يدورون في البلدان ينادون من نذر نذر نجران المبارك، وهم ركاب الخيل، وللسلطان عليهم قطيعة وافرة يؤدّونها إليه في كل عام، وقيل: هي قرية أصحاب الأخدود باليمن، ينسب إليها يزيد بن عبد الله بن أبي يزيد النجراني يكنى أبا عبد الله من أهل دمشق من نجران التي بحوران، روى عن الحسين بن ذكوان والقاسم بن أبي عبد الرحمن ومسحر السكسكي، روى عنه يحيى بن حمزة وسويد ابن عبد العزيز وصدقة بن عبد الله وأيوب بن حسّان وهشام بن الغاز، وقال أبو الفضل المقدسي النجراني:
والنجراني الأول منسوب إلى نجران هجر وفيهم كثرة، قال عبيد الله الفقير إليه: هذا قول فيه نظر فإن نجران هجر مجهول والمنسوب إليه معدوم، وقال أبو الفضل: والثاني نجران اليمن، منهم: عبيد الله ابن العباس بن الربيع النجراني، حدث عن محمد بن إبراهيم البيلماني، روى عنه محمد بن بكر بن خالد النيسابوري ونسبه إلى نجران اليمن وقال: سمعت منه بعرفات، وقال الحازمي: وممن ينسب إلى نجران بشر بن رافع النجراني أبو الأسباط اليماني، حدث عنه حاتم بن إسماعيل وعبد الرزاق، وينسب إلى نجران اليمن أيضا أبو عبد الملك محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري يقال له النجراني لأنه ولد بها في حياة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، سنة عشر وولّاه الأنصار أمرهم يوم الحرّة فقتل بها سنة 63، روى عنه ابنه أبو بكر، وقد أكثرت الشعراء من ذكر نجران في أشعارها، قال اعرابيّ:
إن تكونوا قد غبتم وحضرنا، ... ونزلنا أرضا بها الأسواق
واضعا في سراة نجران رحلي، ... ناعما غير أنني مشتاق
وقال عطارد بن قرّان أحد اللصوص وكان قد أخذ وحبس بنجران:
يطول عليّ الليل حتى أملّه ... فأجلس والنهديّ عندي جالس
كلانا به كبلان يرسف فيهما، ... ومستحكم الأقفال أسمر يابس
له حلقات فيه سمر يحبها ال ... عناة كما حبّ الظماء الخوامس
إذا ما ابن صبّاح أرنّت كبوله ... لهنّ على ساقيّ وهنا وساوس
تذكّرت هل لي من حميم يهمّه ... بنجران كبلاي اللذان أمارس
فأما بنو عبد المدان فإنهم ... وإني من خير الحصين ليائس
روى نمر من أهل نجران أنكم ... عبيد العصا لو صبّحتكم فوارس

هُوّةُ ابن وصّاف

هُوّةُ ابن وصّاف:
دحل بالحزن لبني الوصّاف، وهو مالك بن عامر بن كعب بن سعد بن ضبيعة بن عجل بن لجيم، وهوّة ابن وصّاف مثل تستعمله العرب لمن يدعون عليه، قال رؤبة:
لولا ترقّيّ على الأشراف ... أقحمتني في النفنف النفناف
في مثل مهوى هوّة الوصّاف
وقال الهدّاد بن حكيم يدعو على قرف:
من غال أو أقرف بعض الإقراف ... فخصّه الله بحمّى قرقاف
وبــحميم محرق للأجواف ... والزمهرير بعد ذاك الزقراف [2]
وكبّه في هوّة ابن الوصّاف ... حتى يعدّ قبره في الأجداف

يُصْهَرُ

(يُصْهَرُ)
وسأل نافع عن قوله تعالى: (يُصْهَرُ) ،
فقال ابن عباس: يذاب. واستشهد له بقول الشاعر:
سخنت صهارته فظل عثانه. . . في سيطل كعب به تتردد
(تق، ك، ط) لق (وق) قال:
الصهر، الإذابة، قال فيه مَئاس
المرادى: فظللنا بعد ما امتد الضحى. . . بين ذي قِدرٍ ومنا هُصهِر
= الكلمة من آية الحج 20:
(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْــحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) .
وحيدة فى القرآن، بصيغتها ومعناها.
ومعها من المادة: الصهر مع النسب فى آية الفرقان 54:
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا) .
الصهْر فى اللغة الإذابة للشحم والمعدن، والصهارة ذوبهُما. ومنه المصاهرة
بدلالة الاختلاط والانصهار، وفى تأويل الطبرى: يذاب بالحمحيم الذى يصب من فوق رءوسهم، ما فى بطونهم من الشحوم وتشوى جلودهم فتتساقط. وأنشد نحوه
عن ابن عباس. وخصه المفسرون كذلك بإذابة الشحوم، وهو ما فى (مفردات الراغب والنهاية لابن الأثير) .

دِهَاقًا

{دِهَاقًا}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {وَكَأْسًا دِهَاقًا}
قال ابن عباس: ممتلئة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بقول خِداش بن زهير: أتانا عامرّ يرجو قِرَانا. . . فأتْرعنا له كأساًَ دِهاقاً
(ظ، في الروايتين، وفي (تق) : ملاء وفي (ك، ط) : الكأس الخمر، والدهاق الملآن
= الكلمة من آية النبأ 34:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا}
وحيدة في القرآن. صيغة ومادة.
وتفسير دهاق بممتلئة، كما عند الجمهرة من اللغويين والمفسرين، أو مفعمة كما قال "الراغب" في (المفردات) مترعة كما في (الكشاف) على ما يبدو من قربه، يُلحظ معه أن البيان القرآني خصَّ {كَأْسًا دِهَاقًا} بذلك المقام في نعيم المتقين بدار الخلد، على كثرة استعماله لمادة ملأ: فعلاً سبع مرات، ومصدراً مرة، واسم فاعل للجمع مرتين.
ويغلب أن تأتي على اختلاف صيغها في سياق خاصّ، كآية الكهف 18 {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
والوعيد كآية آل عمران 91:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}
أو النذير بعذاب المجرمين في جهنم، وما يملئون به بطونهم من طلع شجرة الزقوم، بصريح آيات:
الأعراف 17: خطاباً لإبليس: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}
ومعها آيات: هود 119، السجدة 13، ص 85 ق 30: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}
الواقعة 53: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْــحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} ومعها آية الصافات 66
ثم إن العربية تتصرف في مادة (ملأ) على سعة، خلافا للدهق الذي قلما يستعمل إلا في كأس دهاق، وأدهقت الكأس، والحوض. فلعل بين المادتين فرق عموم وخصوص. والله أعلم.

أَن

(أَن)
الْمَرِيض أَنا وأنينا وأنانا وأنة وتأنانا تأوه والقوس وَنَحْوهَا رن وترها فِي امتداد
(أَن) حرف للتَّأْكِيد وَنفي الْإِنْكَار وَالشَّكّ تنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر وَلَا تقع فِي أول الْكَلَام وتؤول مَعَ مَا بعْدهَا بمصدر مثل {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ}
(أَن)
تكون مَصْدَرِيَّة تدخل على الْمُضَارع فتنصبه نَحْو {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} وعَلى الْمَاضِي فَلَا تُؤثر فِيهِ نَحْو مَا عابني أَن سبقني الْجُهَّال وَتَكون مُخَفّفَة من أَن نَحْو {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} ومفسرة كأي نَحْو {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك} وزائدة للتوكيد نَحْو {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجهه فَارْتَد بَصيرًا}
أَن
: ( {أَنْ، المَفْتُوحَةُ) الخَفْيفَةُ مِن نواصِبِ الفِعْلِ المستقبلِ مَبْني على السكونِ (تكونُ اسْماً وحَرْفاً، والاسمُ نَوْعانِ: ضَميرُ مُتَكَلِّمٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهم) إِذا مَضَى عَلَيْهَا وَلم يقفْ (أَنْ فَعَلْتُ) ذلكَ (بسكونِ النُّونِ والأكْثَرونَ) مِن العَرَبِ (على فَتْحِها وَصْلاً) يقُولُون:} أَنَ فَعَلْتُ ذلكَ، (و) أَجْودُ اللّغاتِ، (الإِتْيان بالألِفِ وَقْفاً) ، وَمِنْهُم مَن يُثْبِتُ الأَلفَ فِي الوَصْلِ أَيْضاً يقُولُ:! أَنَا فَعَلْتُ ذلكَ، وَهِي لُغَةٌ رَدِيئَةٌ.
وَفِي المُحْكَم: وأَنَ اسمُ المُتَكلِّم فَإِذا وَقَفْت أَلْحَقْتَ أَلِفاً للسكوتِ، وَقد تُحْذَف وإثْباتُها أَحْسَنُ.
وَفِي الصِّحاحِ: وأَمَّا قَوْلُهم أَنَا فَهُوَ اسمٌ مكنِيٌّ، وَهُوَ اسمٌ للمُتَكلِّمِ وحْدَه، وإنَّما بُنِي على الفتْحِ فرْقاً بَيْنه وبينَ أَن الَّتِي هِيَ حَرْفٌ ناصِبٌ للفِعْلِ، والألِفُ الأخيرَةُ إنَّما هِيَ لبَيانِ الحَرَكَةِ فِي الوَقْفِ، فَإِن وُسِّطت سَقَطَتْ إلاَّ فِي لُغَةٍ رديئةٍ، كَمَا قالَ حُمَيْد بنُ مجدلٍ:
أَنَا سَيْفُ العَشِيرَةِ فاعْرِفوني جَميعاً قد تَذَرَّيْتُ السَّنامَا قُلْتُ: وَمِنْه أَيْضاً قَوْل العُدَيْل:
أَنا عَدْلُ الطِّعانِ لمَنْ يعانى أَنا العَدْلُ المُبَيِّنُ فاعْرِفوني وَقد ذَكَرَ المصنِّفُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، ثلاثَ لُغاتٍ، وفاتَهُ {آنَ فَعَلْتَ، بمدِّ الأَلِفِ الأُولى، وَهِي لُغَةُ قُضاعَةَ، وَمِنْه قَوْلُ عدِيَ:
يَا لَيْتَ شِعْري آنَ ذُو عَجَّةٍ مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصيصْ؟ وأَنَهْ فَعَلْت، حكَى الخَمْسَة قُطْرب، ونَقَل عَن ابنِ جنِّي، وَفِي الأخيرَةِ ضَعْفٌ كَمَا تَرَى. قالَ ابنُ جنِّي: يَجوزُ الْهَاء فِي أَنَهْ بَدَلا مِن الأَلفِ فِي أَنا لأنَّ أَكْثَرَ الاسْتِعمالِ إنَّما هُوَ أَنا بالأَلفِ، ويَجوزُ أَنْ تكونَ الهاءُ أُلْحِقَتْ لبَيانِ الحَركَةِ كَمَا أُلْحِقَتِ الألفُ، وَلَا تكونُ بَدَلا مِنْهَا بل قائِمَة بنفْسِها كَالَّتِي فِي كتابِيَه وحسابِيَه.
قالَ الأَزْهرِيُّ:} وَأَنا لَا تَثْنِيَةَ لَهُ مِن لفْظِه إلاَّ بنَحْن، ويصلحُ نحنُ فِي التَّثْنيةِ والجَمْعِ.
(و) النوعُ الثَّانِي: (ضَميرُ مُخاطَبٍ فِي قَوْلِكَ أَنْتَ) يُوصَلُ {بأَنْ تاءُ الخطابِ فيَصِيران كالشيءِ الواحِدِ من غَيْر أَن تكونَ مُضافَةً إِلَيْهِ.
و (} أَنْتِ) للمُؤَنَّثةِ بكسْرِ التاءِ وتقولُ فِي التَّثْنِيةِ ( {أَنْتُما) ، فَإِن قيلَ: لِمَ ثَنَّوا} أَنْت فَقَالُوا أَنْتُما، وَلم يُثَنُّوا أَنا، فقيلَ: لمَّا لم يجزْ أَنا وأَنا لرَجلٍ آخَرَ لم يُثَنَّوا، وأَمَّا أَنْت فثَنَّوْه بأَنْتُما لأنَّك تجيزُ أنْ تقولَ لرجلٍ أَنتَ وأَنْتَ لآخَرَ مَعَه، وكذلِكَ الأُنْثى.
وقالَ ابنُ سِيْدَه: ليسَ أَنْتُما تَثْنِيَة أَنْتَ إِذْ لَو كانَ تَثْنِيَته لوَجَبَ أَنْ تقولَ فِي أَنْتَ أَنْتانِ، إنَّما هُوَ اسمٌ مصوغٌ يَدُلُّ على التَّثْنِيَةِ كَمَا صبغَ هذانِ وهاتانِ.
وتقولُ: ( {أَنْتُمْ) و (} أَنْتُنَّ) جَمْع المُذَكَّر والمُؤَنَّث، (الجُمْهورُ) مِن أَئمَّةِ اللُّغَةِ والنَّحْو على (أنَّ الضَّميرَ هُوَ أَنْ، والتَّاءُ حَرْفُ خِطابٍ) وُصِلَتْ بِهِ؛ كَمَا تقدَّمَ.
قالَ الجَوْهرِيُّ: وَقد تدخُلُ عَلَيْهِ كافُ التَّشْبيه تقولُ: أَنْتَ {كأَنا} وأَنا {كأَنْتَ؛ حُكِيَ ذلِكَ عَن العَرَبِ، وكافُ التَّشْبيهِ لَا تتَّصِل بالمُضْمَرِ، وإنَّما تتَّصِل بالمُظْهَرِ، تقولُ: أَنْتَ كزَيدٍ، وَلَا تقولُ: أَنْتَ كِي، إلاَّ أنَّ الضَّميرَ المُنْفصلَ عنْدَهُم كانَ بمنْزِلَةِ المُظْهَر، فلذلِكَ حَسُنَ وفارَقَ المُتَّصِل.
وقرَأْتُ فِي كتابِ ليسَ لابنِ خَالَوَيْه قالَ: ليسَ فِي كلامِ العَرَبِ أَنْتَ كِي وَلَا أَنا كك إلاَّ فِي تَبْيين ضَمِيرَيْن مُنْفَصِلَيْن، فلذلِكَ قالَ سِيْبَوَيْه: اسْتَغْنَتِ العَرَبُ بأَنْتَ مِثْلي وأَنا مِثْلُك عَن أنْ يقُولُوا: أَنْتَ كِي وأَنا كك، والبيتان:
فلولا الحَياءُ لكنَّا كهمولولا البَلاء لكانُوا كناوالبيت الآخر:
إِن تكن كي فإنّني كك فيهاإنّنا فِي الملام مُصْطَحبان (والحَرْفُ أَرْبَعَةُ أَنْواعٍ: يكونُ حَرْفاً مَصْدَريًّا ناصِباً للمُضارِعِ) ، أَي يكونُ مَعَ الفِعْلِ المُسْتقبلِ فِي معْنَى مَصْدَر فتَنْصِبه (ويَقَعُ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي الابْتِداءِ فيكونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ نَحْو) قوْلِه تَعَالَى: { (} وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكُم) } ،) أَي صِيامُكم، (ويَقَعُ بَعْدَ لَفْظٍ دالَ على مَعْنًى غيرِ اليَقِينِ فيكونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ) نَحْو: { (أَلَمْ يَأْنِ للَّذينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُم) لذِكْرِ اللَّهِ} .
(و) يَقَعُ فِي مَوْضِعِ (نَصْبٍ) نَحْو قوْلِهِ تَعَالَى: { (وَمَا كانَ هَذَا القُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} .
(و) يكونُ فِي مَوْضِعِ (خَفْضٍ) نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: { (من قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ) } .
(قالَ الجوْهرِيُّ: فإنْ دَخَلَتْ على فِعْلٍ ماضٍ كانتْ مَعَه بمعْنَى مَصْدَر قد وَقَعَ إلاَّ أنَّها لَا تَعْمَلُ، تقولُ: أَعْجَبَني أَنْ قُمْتَ، والمعْنَى: أَعْجَبَني قِيامُك الَّذِي مَضَى، اه.
فعُلِمَ مِن هَذَا أَنَّ أَنْ لَا تَقَعُ إِذا وصلت حَالا أَبداً إنَّما هِيَ للمُضِيِّ أَو للاسْتِقْبالِ، فَلَا يقالُ: سَرَّني أَنْ تَقُومَ، وَهُوَ فِي حالِ قِيامٍ.
(وَقد يُجْزَمُ بهَا كقَوْلِه:
(إِذا مَا غَدَوْنا قَالَ وِلْدانُ أَهْلِنا (تعالَوْا إِلَى أَنْ يأْتِنا الصَّيْدُ نَحْطِب (بوقد يُرْفَعُ الفِعْلُ بَعْدَها كقِراءَةِ ابنِ مُحَيْصِنٍ: {لمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) } ) برفْعِ الميمِ وَهِي من الشَّواذ.
قُلْتُ: وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
أَنْ تَقْرآنِ على أَسماءَ وَيحَكُمامِنِّي السلامَ وأَنْ لَا تُعْلِما أَحَدا (وتكونُ مُخَفَّفَةً من الثَّقيلةِ) فَلَا تَعْمَلُ، فتقُولُ: بَلَغَني أَنْ زيدٌ خارجٌ؛ قالَ اللَّهُ تعالَى: { (عَلِمَ أَنْ سَيكونُ) مِنْكم مَرْضَى} ؛ وقالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ونُودُوا أَنْ تِلْكُمُوا الجنَّةُ أُورِثْتُموها} .
قالَ ابنُ بَرِّي: قَوْلُ الجوْهرِيّ فَلَا تَعْمَل يُريدُ فِي اللَّفْظِ، وأَمَّا فِي التَّقْديرِ فَهِيَ عامِلَةٌ، واسْمُها مقدَّرٌ فِي النِّيَّةِ تَقْديرُه: أَنه تِلْكُم الجنَّة.
قُلْتُ: وقالَ المصنِّفُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، فِي البَصائِرِ فِي مثالِ المُخَفَّفة من المُشدَّدَةِ عَلِمْتُ أَنْ زيدا لمُنْطَلِق، مُقْترِناً بلامٍ فِي الإعْمالِ، وعَلِمْت أَنْ زيدٌ مُنْطَلِقٌ بِلا لامٍ فِي الإلْغاءِ.
قالَ ابنُ جنِّي: وسأَلْتُ أَبا عليَ عَن قَوْلِ الشاعِرِ:
أَنْ تَقْرآنِ على أَسماءَ وَيحَكُما لِمَ رَفَعَ تَقْرآنِ؟ فقالَ: أَرادَ النّونَ الثَّقيلَةَ أَي أَنَّكما تَقْرآنِ.
(و) تكونُ (مُفْسِرةً بمعْنَى أَي) نَحْو قَوْله تَعَالَى: { (فأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الفُلْكَ) } ،) أَي أَي اصْنَع؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وانْطَلَقَ المَلأُ مِنْهُم أَنِ امْشوا واصْبِرُوا} ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ بعضُهم: لَا يَجوزُ الوَقْف عَلَيْهَا لأنَّها تَأتي ليُعَبَّر بهَا وَبِمَا بَعْدَها عَن معْنَى الفعْلِ الَّذِي قَبْل، فالكَلامُ شَديدُ الحاجَةِ إِلَى مَا بَعْدَها ليُفَسّرَ بِهِ مَا قَبْلها فبحسبِ ذلكَ امْتَنَعَ الوُقوفُ عَلَيْهَا.
(وتكونُ زائِدَةً للتَّوكيدِ) نَحْو قَوْلِه تعالَى: {ولمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا} ؛) وَفِي مَوْضِع {ولمَّا جاءَتْ رُسُلُنا} .) ونَصُّ الجوْهرِيّ: وَقد تكونُ صِلَةً للِمَّا كقَوْله تَعَالَى: {فلمَّا أَنْ جاءَ البَشيرُ} ، وَقد تكونُ زائِدَةً كقوْلِه تَعَالَى: {وَمَا لَهُم أَنْ لَا يُعَذِّبَهم اللَّهُ} يُريدُ وَمَا لَهُم لَا يعذِّبُهُم اللَّهُ.
قالَ ابنُ بَرِّي: هَذَا كلامٌ مكرَّرٌ لأنَّ الصِّلَةَ هِيَ الزائِدَةُ، فَلَو كانتْ زائِدَةً فِي الآيةِ لم تَنْصِب الفعْلَ.
(وتكونُ شَرْطيَّةً كالمَكْسورَةِ.
(وتكونُ) أَيْضاً (للنَّفْيِ كالمَكْسورَةِ.
(و) تكونُ (بمعْنَى إِذْ قيلَ: وَمِنْه) قَوْلُه تَعَالَى: { (بَلْ عَجبُوا أَنْ جاءَهُم مُنْذِرٌ مِنْهُم) } ،) أَي إِذْ جاءَهُم؛ وكذلِكَ قَوْلُه تعالَى: {لَا تتَّخِذُوا آباءَكُم وإخْوانَكُم أَوْلياءَ إِن اسْتَحَبُّوا} ؛ مَنْ خَفَضَها جعلَها فِي موْضِعِ إِذا، كَمَا تقدَّمَ، ومَنْ فَتَحَها جعلَها فِي موْضِعٍ إِذْ على الواجِبِ. وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وامْرأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنبيِّ} ، مَنْ خَفَضَها جعلَها فِي موْضِعِ إِذا، ومَنْ نَصَبَها فَفِي موضِعِ إِذْ.
(و) تكونُ (بمعْنَى لئَلاّ، قيلَ: وَمِنْه) قَوْلُه تَعَالَى: { (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا) } ؛) هَكَذَا ذَكَرَه بعضُ النُّحَّاةِ، (والصَّوابُ أَنَّها هُنَا مَصْدرِيَّةٌ، والأَصْلُ كَراهَةَ أَنْ تَضِلُّوا) .
(قُلْتُ: وَقد تكونُ مُضْمرةً فتَعْمَل وَإِن لم تكنْ فِي اللَّفْظِ كقَوْلِك: لأَلْزمنَّك أَو تَقْضِيَ لي حقِّي، أَي إِلَى أَنْ.
وقالَ الجوْهرِيُّ: وكذلِكَ إِذا حَذَفْتها إنْ شِئْت نَصَبْتَ وإنْ شِئْتَ رَفَعْتَ؛ قالَ طَرفَةُ:
أَلا أَيُّهَذا الزاجِرِي أَحْضُرَ الوغَى وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَل أَنْتَ مُخْلدِي؟ يُرْوَى بالنَّصْبِ على الإِعْمالِ، والرَّفْعُ أَجْودُ. قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّه تأْمرونِّي أَعبُدُ أَيُّها الجاهِلُونَ} ، اه.
وتكونُ أَنْ بمعْنَى أَجَلْ وبمعْنَى لعلَّ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{الأَنَّةُ:} الأَنِينُ.
ورَجُلٌ {أُنَنَةٌ فُنَنَةٌ، كهُمَزَةٍ فيهمَا، أَي بلِيغٌ.
} وأَنَّتِ القَوْسُ {تَئِنُّ} أَنِيناً: أَلانَتْ صوتَها ومَدَّته؛ عَن أَبي حنيفَةَ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَة:
تَئِنُّ حِينَ تَجْذِبُ المَخُطوما {أَنِين عَبْرَى أسْلَمتْ حَمِيمــا وأَتَاهُ على} مَئِنَّةِ ذاكَ: أَي حينهِ ورُبَّانِه.
وقالَ أَبو عَمْرٍو: {الأَنَّةُ} والمَئِنَّةُ والعَدْقَةُ والشَّوْزَبُ واحِدٌ.
ويقالُ: وَمَا أَنَّ فِي الفُراتِ قَطْرةٌ، أَي مَا كانَ، وَقد يُنْصَب وَلَا أَفْعَلَه مَا أَنَّ فِي السَّماءِ نَجْماً. قالَ اللَّحْيانيُّ: أَي مَا كانَ وإِنَّما فَسَّرَه على المعْنَى.
وكأَنَّ: حَرْفُ تَشْبيهٍ إنَّما هُوَ أَنَّ دَخَلَتْ عَلَيْهَا الكافُ، والعَرَبُ تَنْصبُ بِهِ الاسْمَ وتَرْفَعُ بِهِ الخَبَرَ.
وقالَ الكِسائيُّ: قد يكونُ بمعْنَى الجَحْدِ كقَوْلِكَ: {كأَنَّكَ أَميرُنا فتأْمُرُنا، معْناه لسْتَ أَمِيرنا.
ويأْتي بمعْنَى التَّمنِّي كقَوْلِكَ:} كأَنَّني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معْنَاه لَيْتَني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه.
وبمعْنَى العِلْم والظَّنِّ كقَوْلِكَ: {كأَنَّ اللَّهَ يَفْعَل مَا يَشاءُ؛} وكأَنَّك خارِجُ.
وقالَ أَبو سعيدٍ: سَمِعْتُ العَرَبَ تُنْشِدُ هَذَا البَيْت:
ويَوْمَ تُوافِينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ {كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى ناضِرِ السَّلَم} ْوكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ، فمَنْ نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فخفَّفَ وأَعْمَل، ومَنْ خَفَضَ أَرادَ كظَبْيَةٍ، ومَنْ رَفَعَ أَرادَ {كأَنَّها ظَبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مَعَ إضْمارِ الكِنايَةِ. ورَوَى الجرارُ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ أنَّه أَنْشَدَ:
} كأَمَّا يَحْتَطِبْنَ على قَتادٍ ويَسْتَضْحِكْنَ عَن حَبِّ الغَمامِفقالَ: يُريدُ {كأَنَّما فقالَ كأَمَّا.
وإنَّني وإنِّي بمعْنًى، وكذلِكَ} كأَنِّي! وكأَنَّني لأنَّه كَثُر اسْتِعْمالُهم لهَذِهِ الحُرُوفِ، وهم قد يَسْتَثْقلون التَّضْعيفَ فحذَفُوا النونَ الَّتِي تلِي الياءَ. وتبدل هَمْزَةَ أَن مَفْتوحة عينا فتقولُ: عَلِمْت عَنْك مُنْطَلِق.
وحَكَى ابنُ جنِّي عَن قطْرب أَنَّ طيِّئاً تقولُ: هِنْ فَعَلْتَ فعلْتُ، يُريدُونَ إنْ، فيُبْدِلون.
قالَ سِيْبَوَيْه: وقوْلُهم: {أَمَّا أَنْتَ مُنْطلِقاً انْطَلَقْتُ مَعَك} إنَّما هِيَ أَنْ ضُمَّت إِلَيْهَا مَا، وَهِي مَا التَّوْكِيد، ولَزِمَت كَراهِيَة أَن يِجْحِفوا بهَا لتكونَ عِوضاً من ذَهابِ الفعْلِ كَمَا كانتِ الهاءُ والألفُ عِوضاً فِي الزَّنادِقةِ واليَماني مِن الياءِ وبنُو تميمٍ يقولُونَ: عَنْ، تُريدُ عَنْعَنَتهم.
وَإِذا أَضَفْت أَن إِلَى جَمْعٍ أَو عَظيمٍ قلْتَ: إنّا وإنّنا؛ قالَ الشاعرُ:
{إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْننا فحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلتُ فَجارِكانَ أَصْلَه} إنَّنا فكَثرتِ النّونات فحُذِفَتْ إحْدَاها.
{وأَنَّى، كحَتَّى: قرْيَةٌ بواسط، مِنْهَا: أَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ موسَى بنِ بَابا، ذَكَرَه المَالِينيُّ، رحِمَه اللَّه.

اللاعة

(اللاعة) مَا يجده الْإِنْسَان لوَلَده أَو حميمــه من الحرقة وَشدَّة الْحبّ وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود (إِنِّي لأجد لَهُ من اللاعة مَا أجد لوَلَدي) والحديدة الْفُؤَاد الشهمة والمليحة من النِّسَاء الْبَعِيدَة من الرِّيبَة المطمعة بحديثها ودلها

القَدُومُ

القَدُومُ:
بالفتح، وتخفيف الدال، وواو ساكنة، وميم، وهو في لغة العرب الفأس التي ينحت بها الخشب، وجمعها قدم، قال:
فقلت: أعيراني القدوم لعلني ... أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد
قال أبو منصور: قال ابن شميل في قول النبي، صلّى الله عليه وسلّم: أول من اختتن ابراهيم بالقدوم، قال: قطعه بها فقيل له يقولون قدوم قرية بالشام، فلم يعرفها وثبت على قوله، وقال أبو الحسن الخوارزمي:
القدّوم، بتشديد الدال، اسم قرية بالشام ختن بها إبراهيم الخليل، عليه السلام، نفسه، وعن جار الله العلّامة القدّوم، بالألف واللام والتشديد، وهي الفأس العظيمة، قال: وأما قدّوم، بغير ألف ولام غير مصروف، فهو اسم البلد، وقدّوم أيضا:
اسم ثنية بالسّراة. وقدوم، بالتخفيف: موضع من نعمان، وقدوم: حصن باليمن، قال أبو بكر بن موسى: قدوم، بتخفيف الدال، قرية كانت عند حلب، وقيل: كان اسم مجلس إبراهيم خليل الرحمن، عليه السّلام، وفي الحديث: اختتن إبراهيم بالقدوم، وقدوم، بالتخفيف: موضع من نعمان. أنبأنا ابن كليب عن ابن نبهان إذنا عن أبي الحسين الصابي عن الرّمّاني عن الحلواني قال: قال محمد بن الحسن عن عبد الله بن إبراهيم الجمحي كانت بنو ظفر من بني سليم وبنو خناعة حربا فدلّ رجل من بني خناعة بني ظفر على بني وائلة بن مطحل وهم بالقدوم من نعمان فبيّتوهم فقتلوا من بني وائلة خالدا ومخلدا وصبيّا بثلاثة من بني خراق، فقال المعترض بن حبواء الظفري:
قتلنا مخلدا بابني خراق ... وآخر جحوشا فوق الفطيم
وخالدا الذي تأوي إليه ... أرامل لا يؤبن إلى حميم
وإمّا تقتلوا نفرا فإنا ... فجعناكم بأصحاب القدوم
والقدوم: اسم جبل بالحجاز قرب المدينة، وفي حديث قريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له إلى طرف القدوم، قال: وأما قدّوم، بتشديد الدال، أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا أحمد ابن عبد الجبار عن أبي القاسم التنوخي قال أنبأنا ابن حيّويه قال أنبأنا أبو بكر الأنصاري قال: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول القدّوم، بتشديد الدال، اسم موضع، قال أبو بكر بن موسى: إن أراد أبو العباس أحد هذين الموضعين اللذين ذكرناهما فلا يتابع على ذلك لاتفاق أئمة النقل على خلافه، وإن أراد موضعا ثالثا صحّ ما قاله ويكون تمام الباب،
وقال القاضي عياض المغربي في كتاب مطالع الأنوار:
قدوم ضأن ويروى ضان، غير مهموز مفتوح القاف مخفف الدال، وعند المروزي بضم القاف، وفي كتاب المغازي: من رأس ضان، قال الحربي: هو جبل ببلاد دوس، وقدومة ثنيّة، بفتح القاف، على رواية المروزي يكون قدوم من قدم من سفره، ويردّ هذا رواية من روى رأس ضان، وكذلك يردّ قول الحربي إنه ثنية الجبل، ووقع في موضع آخر رأس ضال، باللام، وهي رواية ابن السكن القابسي والهمذاني، وزاد في رواية المستملي: والضال السدر، وهو وهم وما تقدّم من تفسير الحربي أولى أنه ثنية جبل وأن ضالا جبل، وقال بعضهم: يقال في الجبل ضان وضال، وتأوّله بعضهم على أنه الضأن من الغنم وجعل قدومها رؤوسها المتقدّمة منها، وفيه تعسّف، وأما الذي قال في حديث إبراهيم، عليه السلام، فلم يختلف في فتح قافه واختلف في تشديد داله وأكثر الرّواة على تشديدها، حكاه الباجي، وهو رواية الأصيلي والقابسي في حديث قتيبة، قال الأصيلي: وكذا قرأها علينا أبو زيد وأنكر يعقوب ابن شيبة التشديد، قال البكري: وهو قول أكثر أهل العلم، وهي قرية بالشام حيث اختتن إبراهيم، عليه السلام، وقد قيل إنها الآلة التي للنجار وإنه لا يجوز تشديد الدال منه، وأما طرف القدّوم: موضع إلى جنب القريعة، فبفتح القاف وتشديد الدال في قول الأكثر وقد خففه بعضهم، ورواه أحمد بن سعيد الصدفي أحد رواة الموطإ بضم القاف وتشديد الدال:
ثنية بجبل من بلاد دوس، وهذا آخر قول عياض، فانظر، رعاك الله، إلى هذا التخبيط والحيرة والتخليط ونصّ هذا على ما يخالفه هذا واعتماد هذا على ما يضعف ذا وشارك في الحيرة.
القَدُومُ: مؤنثة، وجمعهما قُدُم.

سُمُوم

سُمُوم
من (س م م) جمع السُّمّ: كل مادة سامة، وشيء كالودع يستخرج من البحر وينظم للزينة. يستخدم للإناث والذكور.
سُمُوم
الجذر: س م م

مثال: هَبَّت ريح السُّموم
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لأنها لم ترد بهذا الضبط في المعاجم.
المعنى: ريح حارة تهب غالبًا بالنهار

الصواب والرتبة: -هَبَّت ريح السَّموم [فصيحة]
التعليق: الوارد في المعاجم ضبط السين بالفتح، ومنه قوله تعالى: {فِي سَمُومٍ وَــحَمِيمٍٍ} الواقعة/42.

الغساق

(الغساق) مَا يسيل من جُلُود أهل النَّار وصديدهم

(الغساق) الغساق وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِلَّا حميمــا وغساقا} وَقُرِئَ (وغساقا)

الفاقد

(الفاقد) من النِّسَاء الَّتِي مَاتَ زَوجهَا أَو وَلَدهَا أَو حميمــها وَيُقَال ظَبْيَة فَاقِد أَو بقرة فَاقِد أكل السَّبع وَلَدهَا

الهيم

(الهيم) هيم الله قسم مثل أيم الله
هـ ي م [الهيم]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ .
قال: الإبل يأخذها داء يقال له الهيام فلا تروى من الماء. قال: فشبه شرب أهل النار من الــحميم بشرب الإبل الهيم.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة يقول:
أجزت إلى معارفها بشعث ... وأطلاح من العيديّ هيم 

تُبْسَلَ

{تُبْسَلَ}
وسأل نافع عن قوله تعالى {أَنْ تُبْسَلَ}
فقال ابن عباس: تُحَبس. واستشهد بقول زهير:
وفارقَتْكَ بِرَهنٍ لافكاكَ له. . . يومَ الوداع فقلبي مُبسَلٌ غَلِقَا
(تق) زاد في (ك، ط) : تحبس بما كسبت، في النار
= الكلمة من آية الأنعام 70، خطاباً للنبي عليه الصلاة والسلام:
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}
وليس في القرآن من المادة، غير الفعلين في هذه الآية، مبنيين للمجهول. ومعنى {أَنْ تُبْسَلَ} عند الفراء: أي ترتهن قال: والعرب تقول: هذا عليك
بسل، أي حرام (1 / 339) وهو في الأضداد لابن الأنباري يقال: للحلال والحرام (30 / 63) وفي مجاز أبي عبيدة: {أَنْ تُبْسَلَ} أي ترتهن وتسلم. . . [الآية] : {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا} (1 / 194) .
الأقرب في البسل أن يكون، من حبس ارتهان حرموا به الثواب كما قال الراغب، ومنه قولهم للمحروم والمرتهن مبسل.

اللفيف من النون

بابُ اللَّفِيْف


ما أَوَّلُه النُّوْن
النَّوْءُ: من أنْوَاءِ النُّجُوْمِ؛ وهو سُقُوْطُ نَجْمٍ بالغَدَاةِ مَعَ طُلُوْعِ الفَجْرِ وطُلُوْعُ آخَرَ في حِيَالِه في تلك السّاعَةِ. وناءَ الشَّيْءُ يَنُوْءُ: أي مالَ إلى السُّقُوْطِ. والنُّوْءانُ: جَمْعُ الأنْوَاءِ. وما بالبادِيَةِ أَنْوَأُ من فلانٍ: أي أعْلَمُ بالأنْوَاءِ منه.
وإذا نَهَضَ بحِمْلِه في تَثَاقُلٍ يُقال: ناءَ به إذا أطاقَه.
والمَرْأَةُ تَنُوْءُ بها عَجِيْزَتُها.
وناوَأْتُ العَدُوَّ: وهو أنْ تَنُوْءَ إليه ويَنُوْءَ إليكَ.
ونُؤْتُ به أَشَدَّ النُّوْءَانِ: أي صِرْتُ أثْقَلَ منه.
والنَّيْءُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ النِّيْءِ الذي لم يَنْضَجْ مَهْمُوْزٌ، لَحْمٌ نِيْءٌ؛ بَيِّنُ النِّيَاءَةِ والنُّيُوْءَةِ. وناءَ الشَّيْءُ يَنَاءُ على مِثَالِ جاءَ يَجَاءُ. وأَنَأْتُ اللَّحْمَ إنَاءَةً: إذا لم تُنْضِجْهُ، ولَحْمٌ مُنْأىً ومُنَاءٌ.
والنِّيْءُ: اللَّبَنُ الذي لم يَأْخُذْ طَعْمَه، وكذلك اللَّحْمُ والخَمْرُ. وبَضْعَةٌ فيها نُيُوْءٌ.
ونَيَّأْتُ الأمْرَ: إذا لم تُحْكِمْهُ. والنَّأْيُ: البُعْدُ، والنّائي: البَعِيْدُ، نَأَى يَنْأَى نَأْياً، وأَنْأَيْتُه إنْأءً. والانْتِيَاءُ: الافْتِعَالُ في النَّأْيِ. والمُنْتَأَى: المَوْضِعُ البَعِيْدُ. ونَأَوْتُ: لُغَةٌ في نَأَيْتُ.
ونَأَيْتُه: بمَعْنى نَأَيْتُ عنه، والانْتِيَاءُ افْتِعَالٌ: منه.
والنُّؤْيُ: حَفِيْرَةٌ تُحْفَرُ حَوْلَ الخِبَاءِ تَدْفَعُ عنه السَّيْلَ وماءَ المَطَرِ، وانْتَأَتِ المَرْأَةُ حَوْلَ بَيْتِها، والجَمِيْعُ الآنَاءُ والنُّئِيُّ. والمُنْتَأَى: المَوْضِعُ، والنَّأْيُ والنُّؤْيُ والنِّئْيُ على مِثَالِ نِعْيٍ أيضاً. ونَأَيْتُ نُؤْياً: حَفَرْته؛ وانْتَأَيْتُ وأَنْأَيْتُ ثلاثُ لُغَاتٍ.
ويقولونَ: فَعَلَ كذا على ما ساءَه وناءَه، ويَسُوْرُه ويَنُوْؤُه.
والنَّوَى والنَّوَاةُ: التَّحَوُّلُ من دارٍ إلى دارٍ، والمَصْدَرُ: النِّيَّةُ، والفِعْلُ: الانْتِوَاءُ. ونِيَّةٌ قَذَفٌ، وقد يُخَفَّفُ. ونَوى القَوْمُ: انْتَوَوْا. وأنْوَيْتُه: تَبِعْتُه في نِيَّتِه. وأنَا نَوِيُّه: أي أَجْرِي مَعَه في هَوَاه. والنّاوي: الذي يَنْوِي بالأظْعَانِ إلى حَيْثُ يُرِيْدُ. والنَّوِيُّ: الذي يُنَاوِي صاحِبَه أي يُوَافِقُه حَيْثُ يَنْوي.
والنَّوَاةُ: الحاجَةُ، قَضَى اللهُ نَوَاتَكَ. وجاءني في حاجَةٍ فنَوَيْتُه بنَوَاتِه وأنْوَيْتُه: أي قَضَيْتُ حاجَتَه. والنِّيَّةُ: الحاجَةُ أيضاً.
ونَوَاكَ اللهُ: أي حَفِظَكَ اللهُ وصَحِبَكَ.
ونَوَيْتُ كذا: أي قَصَدْته. وناوَأْتُ وناوَيْتُ في القَصْدِ: واحِدٌ.
وأنْوَى: إذا تَبَاعَدَ في النَّوَى والسَّفَرِ. وفي المَثَلِ: " ما أمْرُ العَذْرَاءِ في نَوى القَوْمِ " أي إنَّها لا تُسْتَأْمَرُ في الشُّخُوْصِ. ويقولونَ: " عِنْدَ النَّوَى يَكْذِبُكَ الصّادِقُ ".
والنَّوَاةُ في الحَدِيْثِ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.
وحَبُّ العِنَبِ: النَّوَى. فأمَّا نَوى التَّمْرِ فجَمْعُه نُوِيِّ، وثَلاَثُ نَوَيَاتٍ. وأنْوَى الرَّجُلُ: ألْقى النَّوَى، ونَوَى: مِثْلُه، واسْتَنْوَيْتُه: كذلك. والأَنْوَاءُ: ما نَبَتَ في الرُّطَبَةِ من النَّوَى.
والنِّوَاءُ: جَمْعُ النّاوِيَةِ من الإِبِلِ وهي السَّمِيْنَةُ. ونَوَتِ النّاقَةُ تَنْوِي نِوَايَةً ونَوَايَةً: سَمِنَتْ. والنَّيُّ: الشَّحْمُ. وجَزُوْرٌ ناوِيَةٌ: لم يَنْتَهِ سِمَنُها، وقيل: هي المُنْتَهِيَةُ منها، هو من الأضْدَاد.
والنُّوْنَةُ: شَعرُ المَرْأَةِ تَجْمَعُه على وَسَطِ رَأْسِها، وكذلك النُّوْنُوَةُ. ونَوَّنَتِ المَرْأَةُ رَأْسَها.
والنُّؤْنُؤُ: الضَّعِيْفُ من الرِّجَالِ؛ كالنَّأْنَإ والنَّأْنَاءِ.
ونَأْنَأْتُ عن الأمْرِ: كِعْتَ عنه. وإذا نَهَيْتَ أيضاً.
وأمْرٌ مُنَأْنَأٌ: ضَعِيْفٌ.
ونَأْنَأْتُ: تَرَفَّعْت.
ونَأْنَأْتُ وَلَدي: غَذَوتهم أحْسَنَ الغِذَاءِ.


ما أَوَّلُه الألِف
الأَنَاةُ: الحِلْمُ، وتَأَنَّى الرَّجُلُ تَأَنِّياً.
والأَنَى: التُّؤَدَةُ، أنَى يَأْنى أُنِيّاً فهو آنٍ، وتَأَنَّيْتُه، واسْتَأْنَيْتُ فلاناً: أي لم أُعْجِلْهُ.
والمَرْأَةُ الحَلِيْمَةُ: أَنَاةٌ، والجَمِيْعُ أَنَوَاتٌ.
وآنَيْتُ: أبْطَأْت وأخَّرْت، وفي الحَدِيْثِ: " رَأَيْتُكَ آذَيْتَ وآنَيْتَ ". والفِعْلُ: أَنَى يَأْني أُنِيّاً فهو آنٍ. ولا تُؤْنِ فُرْصَتَكَ: أي لا تُؤَخِّرْها عن إنَاها. وخَيْرُه بَطِيْءٌ أَنِيْءٌ. والأَنَاءُ: الإِبْطَاءُ.
والآنِيَّةُ من النِّسَاءِ: البَطِيْئَةُ القِيَامِ، وهي الأَنَاةُ.
والإِنى مَقْصُوْرٌ: إدْرَاكُ الشَّيْءِ حَتّى اللَّحْمِ المَشْوِيِّ. و " حَمِيْمٍ آنٍ ": انْتَهى حَرُّه، والفِعْلُ: أنَى يَأْني.
وعَيْنٌ آنِيَةٌ: مُسَخَّنَةٌ.
واسْتَأْنَيْتُ الطَّعَامَ: انْتَظَرْتُ إدْرَاكَه. والمَأْنى مَفْعَلٌ: من أنَى يَأْني: إذا أدْرَكَ.
والإِنَى والإِنْيُ والإِنْوُ: ساعَةٌ من ساعَاتِ اللَّيْلِ. وأتَيْتُه إنْياً بَعْدَ إنْيٍ: أي ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ.
وما أنَى لكَ أنْ تَفْعَلَ كذا وما آنَ بمَعْنىً: أي ما حانَ. وآنى لكَ بمَعْنى أَنَى.
وأصَابَتْهم أَنَاةٌ من مَطَرٍ: أي قَلِيْلٌ. والإِنَاءُ مَمْدُوْدٌ: من الآنِيَةِ، والأَوَاني: جَمَاعَةُ جَمْعٍ. وسَقَيْتُه إنَاياً: أي إنَاءً.
وأتَوْا من أُنَا وأُنَا: بمَعْنى هُنَا وهُنَا، ومِنْ أُنَا مَرَّةً ومِنْ أُنٍ مَرَّةً.
" إنْ " خَفِيْفَةٌ: حَرْفُ مُجَازَاةٍ في الشَّرْطِ. ويكونُ جُحُوْداً بمَنْزِلَةِ ما؛ كقَوْلِكَ: إنْ لَقِيْتُ إلاَّ زَيْداً.
و" أَنْ " خَفِيْفَةٌ: نِصْفُ اسْمٍ؛ وتَمَامُه يَفْعَل؛ كقَوْلِكَ: أُحِبُّ أنْ ألْقَاكَ؛ فَصَارَ " أنْ " و " ألْقَاكَ " في مِيْزَانِ اسْمٍ واحِدٍ.
و" إنَّ " و " أنَّ ": حَرْفَانِ يَنْصِبَانِ. وللعَرَبِ في " إنَّ " لُغَتَانِ: التَّثْقِيْلُ والتَّخْفِيْفُ، فمَنْ خَفَّفَ رَفَعَ بها، إلاَّ أنَّ ناساً من أهْلِ الحِجَازِ يُخَفِّفُوْنَ ويَنْصِبُوْنَ على نِيَّةِ التَّثْقِيْلِ؛ فإنَّهم قَرَأُوا: " وإنْ كُلاًّ ". فأمَّا قَوْلُه عَزَّ اسْمُه: " إنَّ هذَانِ لَسَاحِرَانِ " فمنهم مَنْ يَجْعَلُ اللاّمَ في مَوْضِعِ " إلاَّ " ويَجْعَلُ " إنْ " جُحُوْداً على تَفْسِيْرِ: ما هذَانِ إلاَّ ساحِرَانِ، ومنهم مَنْ يَقُوْلُ: " إنَّ " في مَعْنى " أَجَلْ "؛ فإذا وَقَفُوا عليه قالوا: إنَّهْ، ويَحْتَجُّوْنَ بقَوْلِه: إنَّ وراكِبَها. وقيل: هو ههُنا في مَعْنى الدُّعَاء.
و" أنَّى ": في مَعْنى كَيْفَ، ومِنْ أَنَّى شِئْتَ: أي من حَيْثُ وأَيْنَ.
و" أَنَا ": فيها لُغَتَانِ: حَذْفُ الألِفِ الأخِيْرَةِ، وإثْبَاتُها وهو الأَحْسَنُ في الوُقُوْفِ. وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: " لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي " أي لكن أَنَا.
والآنَ: بمَعْنى السّاعَةِ التي يكونُ فيها الكلامُ والأمْرُ رَيْثَما تَبْتَدِىءُ وتَسْكُتُ، وهي مَنْصُوْبَةٌ في كُلِّ حالٍ.
وأَيْنَ: وَقْتٌ من الأمْكِنَةِ.
والأَيْنُ: الإِعْيَاءُ والكَلاَلُ، ولا يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ، وقيل: آنَ يَئِيْنُ أَيْناً.
والأَيْنُ: الحَيَّةُ.
وأَنَّ الرَّجُلُ يَئِنُّ أَنِيْناً: من المَرَضِ؛ وأَنّاً وأَنَّةً. ورَجُلٌ أُنَانٌ: كَثِيْرُ الأَنِيْنِ.
ورَجُلٌ أُنَنَةٌ: وهو القَوَّالَةُ البَلِيْغُ، والجَمِيْعُ الأُنَنُ.
والمَوْأَنَةُ: العَوْدُ في تَنَجُّزِ قَضَاءِ الشَّيْءِ والتَّرَدُّد فيه.
وتَأَنَّنْتُ فلاناً: طَلَبْتُ عِنْدَه النَّصَفَةَ.
وأنْتَ عُمْدَتُنا ومَئِنَّتُنَا: أي نَقْصِدُ إليكَ في حَوَائِجِنا. وهو مَئِنَّةٌ أنْ يَفْعَلَ كذا: أي مَظِنَّةٌ وخَلِيْقٌ.
والمَسْجِدُ مِنّي مَئِنَّةٌ: أي مَكانٌ.
ورَجُلٌ ذو مَئِنَّةٍ: أي خَلِيْقٌ للخَيْرِ؛ وهو مَفْعِلَةٌ مِنْ " أنَّ " وفي مَوْضِعِها.
والإِنِّيَّةُ: إنِّيَّةُ الشَّيْءِ وهو ثُبُوْتُ كَوْنِه ووُجُوْدُه.
و" لا أفْعَلُه ما أَنَّ في السَّمَاءِ نَجْمٌ " بمَعْنى عَنَّ وعَرَضَ.
وأنَّ الماءَ أَنّاً: إذا صَبَّه.
و" ما لَهُ حانَّةٌ ولا آنَّةٌ " أي لا ناقَةٌ ولا شاةٌ.
والأَوْنَانِ: جانِبَا الخُرْجِ، والاسْمُ: الإِوَانُ.
والأَتَانُ إذا عَظُمَ بَطْنُها وأَقْرَبَتْ: قد أَوَّنَتْ. وكذلك الحِمَارُ إذا أكَلَ وشَرِبَ وانْتَفَخَتْ خاصِرَتاه. وتَأَوَّنَ سِمْناً: أي صارَتْ له أَوَانٌ من الشَّحْمِ أي أَعْدَالٌ. وأَوِنَ الرَّجُلُ: مِثْلُه.
والأَوَانَانِ: العِدْلاَنِ، الواحِدُ أَوَانٌ.
والأَوْنَانِ: شاطِئا الوادي.
والأَوْنُ: الرُّوَيْدُ في المَشْيِ، أُنْتُ فلاناً أَؤُوْنُ.
ولَيْلَةٌ آئِنَةٌ ولَيَالٍ أَوَائِنُ وآئِنَاتٌ: أي يُعَرَّجُ فيها لطُوْلِها ويُسْتَرَاحُ قَلِيلاً قَلِيْلاً من غَيْرِ عَلَفٍ.
ولَيَالٍ آئِنَاتٌ: أي وادِعَاتٌ.
وقالوا: رِبْعٌ إيْنٌ خَيْرٌ من غِبٍّ حَصْحَاصٍ: أي من غِبٍّ سَرِيْعِ السَّيْرِ. وسارُوا وأوَّنُوا. وعلى رِسْلِكَ وأوْنِكَ.
ورَجُلٌ آئِنٌ: ساكِنٌ.
وآنَ الخَيْرُ: أَبْطَأَ؛ فهو آئِنٌ؛ وأَنِيٌّ أيضاً.
وقيل: الأَوْنُ: الدَّعَةُ، والتَّكَلُّفُ جَمِيْعاً، وهو من الأضْدَادِ. وهو أيضاً: الانْتِظَارُ والوُقُوْفُ.
والإِوَانُ: بَيْتٌ شِبْهُ أَزَجٍ غَيْرُ مَسْدُوْد الوَجْهِ، والإِيْوَانُ: لُغَةٌ، وجَمْعُ الإِوَانِ أُوْنٌ، وجَمْعُ الإِيْوَانِ أَوَاوِيْنُ وإيْوَانَاتٌ. وكذلكَ إيْوَانُ اللِّجَامِ. والإِوَانُ: عَمُوْدٌ من أَعْمِدَةِ الخِبَاءِ. وكُلُّ شَيْءٍ سَنَدْتَ به شَيْئاً فهو: إوَانٌ.
والأَوَانُ: الحِيْنُ والزَّمَانُ، وكذلك الإِوَانُ والآئِنَةُ والآوِنَةُ. وهذا أَوَانُ الآنِ. وَمَا جِئْتَ إلاّ أَوَانَ الآنِ. وكانَ كذا آنَ إذٍ: أي حِيْنَئِذٍ، وآنَ آنُه أَنْ فَعَلَ؛ وإنى آنِهِ. والآنَ آنُكَ وأَيْنُكَ.
والأَوْنُ: العِظَمُ. والضَّعْفُ. والتَّكَلُّفُ أيضاً، بمَنْزِلَةِ الأَوْنِ.


ما أَوَّلُه الواو
الوَنَا والوَنْيَةُ: الفَتْرَةُ في الأعْمَالِ، ومنه التَّوَاني.
ولا يَني في أمْرِه: أي لا يَعْجَزُ.
ولا يَني يَفْعَلُ كَذا: بمَعْنى لا يَزَالُ.
ووَنّى في أمْرِه ووَنَى مُخَفَّفٌ: واحِدٌ. والوَنَاءُ بالمَدِّ: بمَعْنى القَصْرِ.
والوُنِيُّ: المَصْدَرُ. والنِّيَةُ بوَزْنِ الدِّيَةِ: من وَنى يَني.
وناقَةٌ وَانِيَةٌ: أي طَلِيْحَةٌ مُعْيِيَةٌ، وَنَتْ وَنْياً.
ووَنَيْتُ كُمّي وَنْياً: إذا شَمَّرْته.
ووَنَاهُ القَوْمُ: أي دَعَاه.
ووَنّى تَوْنِيَةً: إذا لم يُجِدِ العَمَلَ.
والوَأْنَةُ: القَصِيْرُ، والوَأْنُ مِثْلُه. وقيل: هو الكَثِيْرُ اللَّحْمِ، وسَنَامٌ وَأْنٌ، وجَمْعُ وِئَانٌ.
والوَنُّ: الصَّنْجُ الذي يُضْرَبُ.
والوَيْنُ: العِنَبُ. والوَيْنَةُ: العِنَبَةُ السَّوْدَاءُ.

Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.