Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: تطلب

ابْثَعَرَّتِ

ابْثَعَرَّتِ الخَيْلُ رَكَضتْ تُبادِرُ شَيْئاً تَطْلُبُــه.
ابْثَعَرَّتِ الخَيْلُ: ابْثَأَرَّتْ.

مجمل

المجمل: هو ما خفي المراد منه بحيث لا يدرك بنفس اللفظ إلا ببيان من المجمل؛ سواء كان ذلك لتزاحم المعاني المتساوية الإقدام، كالمشترك، أو لغرابة اللفظ كالهلوع، أو لانتقاله من معناه الظاهر إلى ما هو غير معلوم، فترجع إلى الاستفسار ثم الطلب ثم التأمل، كالصلاة والزكاة والربا؛ فإن الصلاة في اللغة: الدعاء، وذلك غير مراد، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل، فــتطلب المعنى الذي جعلت الصلاة لأجله صلاة، أهو التواضع والخشوع? أو الأركان المعلومة? ثم نتأول؛ أي نتعدى إلى صلاة الجنازة فيمن خلفه، ويصلي أم لا?

ذات

ذات



ذَاتُ; dual. ذَوَاتَا; pl. ذَوَاتٌ: see art. ذو.

ذَاتِىٌّ: and ذَاتِيَّةٌ: see art. ذو.
الذاتي لكل شيء: ما يخصه ويميزه عن جميع ما عداه، وقيل: ذات الشيء: نفسه وعينه، وهو لا يخلو عن العرض، والفرق بين الذات والشخص: أن الذات أعم من الشخص؛ لأن الذات تطلق على الجسم وغيره، والشخص لا يطلق إلا على الجسم.
ذات
الجذر: ذ ا ت

مثال: أَبْصَرت ذات الصفحة
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال «ذات» بمعنى نفس.

الصواب والرتبة: -أبصرت الصفحة عينها [فصيحة]-أبصرت الصفحة نفسها [فصيحة]-أبصرت ذات الصفحة [فصيحة]
التعليق: إذا أريد التوكيد ينبغي استخدام أحد ألفاظه كالمثالين الأول والثاني، أما المثال المرفوض فهو صواب؛ لأن «ذات» قد تجعل اسمًا مستقلاًّ فيعبر بها عن الأجسام كما يقول المصباح (ذوي)، وقد صار استعمالها بمعنى نفس الشيء عرفًا مشهورًا.
ذات
ذَات1 [مفرد]: ج ذوات: نَفْس "جاء ذات الرّجُل- جاء الرئيس ذاته" ° إنكار الذَّات: تضحية الشّخص برغباته- ابن ذوات: من علية القوم وأكابرهم- اكتشاف الذَّات: تحقيق التوصُّل إلى تفهُّم ومعرفة الذات- الاعتماد على الذَّات: الاستقلال في الرأي- الثِّقة بالذَّات: الشعور بالقدرة الذاتيّة- الذَّات الإلهيّة: الله عزّ وجلّ- بذاته: منفردًا، على حدة- بيِّن بذاته: غير مــتطلِّب لدليل أو فحص- تحقيق الذَّات: تطوير أو تحسين إمكانات الشّخص، وتحقيق الاكتفاء لنفسه- جاء من ذات نفسه: أتى طوعًا بمحض إرادته- خادع للذَّات: مؤمن بمفهوم أو بفكرة أو برأي مغلوط أو خاطئ عن ذاته- خِفَّة الذَّات: لطافة الدم، وخفّة الروح- ضبط الذَّات: السيطرة على النَّفس أو التصرُّفات بهدف التطوُّر والتحسين الشَّخصيّ- محبّ لذاته: انتهازيّ.

• اسم الذَّات: (نح) لفظ يدلّ على شيء محسوس، مثل باب وحجر وبحر، مقابل اسم المعنى مثل علم وشجاعة.
• تَحْليل الذَّات: (نف) فحص يرى ويكتشف المرء فيه ذاته من خلال دوافعه ومعتقداته ومواقفه من الأشياء.
• تقريع الذَّات: (نف) اتِّهام الشّخص لذاته بارتكاب غلطة أو خطأ ولومه المتكرِّر لنفسه على ذلك الخطأ.
• حُبُّ الذَّات: (نف) غريزة أو رغبة الشّخص لتحسين كيانه أو وجوده.
• دراسة الذَّات: (نف) دراسة وفحص المرء نفسَه.
• مَعرِفة الذَّات: تفهُّم الشّخص لطبيعته أو قدراته أو حدوده، وعي بالمميِّزات والخصائص المكوِّنة لذات الفرد.
• تكامل الذَّات: (نف) تحقيق التناسق والانسجام الداخليّ لمختلف أوجه الشّخصيّة وإحداث التكامل بينها.
• عشق الذَّات: (نف) مرحلة تتميّز بميل الفرد إلى اتِّخاذ ذاته موضوعًا لعشقه والتعالي على الآخرين، وهو ميل يشتدّ في الحالات المرضيّة وخاصّة الأمراض العقليّة.
• انطواء على الذَّات: (نف) اضطراب تنمويّ، ومن مظاهره عدم الاهتمام بالعالم الخارجيّ وضعف القدرة على الاتِّصال بالآخرين أو بالأشياء والاستجابة للدوافع والرغبات الذاتيَّة. 

ذَات2 [كلمة وظيفيَّة]: ج ذوات: اسم بمعنى صاحبة، مؤنّث (ذو)، يثنى على ذاتا، ذواتا "هذه فتاة ذات خلق وجمال- {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} - {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} " ° ذات البطن: الجنين، المولود- ذات البَيْن: الحال، ما بين القوم من القرابة والنَّسب والمودّة أو العداوة والبغضاء- ذات الشَّفة: الكلمة- ذات الشِّمال: جهة الشِّمال- ذات الصُّدور: أسرار النفوس وخباياها، الضَّمائر والنَّوايا- ذات اليَمين: جهة اليمين- ذات قيمة: لها قيمة كبيرة- ذاتَ مرَّة: مرَّة من المرّات، في مرَّةٍ ما- ذات يده: ما ملكت يدُه- ذات يوم/ ذات ليلة: في يومٍ ما، في ليلةٍ ما- ذوات الأربع: كل ما يمشي على أربعة أرجل من الحيوانات- ضيق ذات اليد: الفقر والعوز.
• ذَات الأجراس: (حن) حيَّة خبيثة لها في ذَنَبِها قشور دقيقة تحدث صوتًا عند الحركة كصوت الجرس، وأنواعها كثيرة.
• ذَات القرنين: (حن) حيَّة خبيثة لها قرنان.
• ذَات النَّفَسَيْن: (حن) سمكة من أسماك المياه العذبة.
• ذَات الجنب: (طب) التهاب في الغشاء المحيط بالرّئة يسبّب سُعالاً، وحمّى ونخسًا في الجنب يزداد عند التّنفُّس.
• ذَات الرِّئة: (طب) التهاب يصيب فصًّا أو فصوصًا من الرِّئة، وهو عبارة عن ورم ينتج عن دم أو صفراء أو بلغم مالح عفن. 

ذاتيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى ذات1.
2 - شخصيّ "رأي/ دافعٌ ذاتيّ" ° تمويل ذاتيّ: دون اعتماد على الغير- دِفاع ذاتيّ: دفاع المرء عن نفسه بالوسائل المتوفِّرة لديه- سيرة ذاتيَّة: مذكِّرات يكتبها الشّخصُ عن نفسه- عيب ذاتيّ: خِلْقيّ.
3 - آليّ "جهاز يعمل ذاتيًّا- ذاتيّ الحركة".
4 - قائل بالذاتيّة أي الاستقلال الشخصيّ.
5 - نابع من تفكير الشّخص وغير متأثِّر بعوامل خارجيّة.
6 - حادث أو ناشئ بلا سبب خارجيّ واضح.
• ذاتيّ المناعة: نوع من مناعة الجسم لنسيجه أو خلاياه.
• ذاتيّ التَّعبئة: مُصمَّم بطريقة تسمح بأن يُعبّئ نفسَه بنفسِه أوتوماتيكيًا "ساعة ذاتيّة التعبئة- سلاحٌ ذاتيّ التعبئة: يطلق القذائف من مخزن الذخيرة أوتوماتيكيًّا".
• ذاتيّ الالتصاق: له سطح لزج لا يحتاج لأيَّة مادَّة أخرى لاصقة كالغراء ليلتصق بسطح آخر.
• ذاتيّ الانسداد: ما يسدّ نفسَه بنفسه حتى بعد ثقبه "الإطار المطاطيّ للسّيارة ذاتيُّ الانسداد".
• ذاتيّ التَّثقيف: مُتعلِّم بمجهوده الشخصيّ عوضًا عن التعليم الرسميّ "كان العقادُ ذاتيَّ التثقيف".
• الاختيار الذَّاتيّ: اختيار الشَّخص لنفسه دون مساعدة الآخرين "ينبغي أن يكون اختيار شريك الحياة اختيارًا ذاتيًّا".
• البَوْحُ الذَّاتيّ: بوح المرء بأفكاره أو مشاعره دون قصد أو بلا وعي "يعالج الطبيبُ النفسيّ مريضَه بطريق البوح الذاتيّ".

• غريزة البقاء الذَّاتيّ: الرغبة الفطريّة غير المكتسبة للبقاء على قيد الحياة.
• تناقض ذاتيّ: مناقضة الشّيء لنفسه أو احتواؤه على تناقض.
• فحص ذاتيّ: فحص الشّخص لجسده لأسباب علاجيَّة صحِّيَّة.
• حُكْم ذاتيّ: فترة انتقاليَّة يمنحها المُستعمِرُ لمستعمراته؛ كي تباشر سيادتَها الداخليَّة قبل تمكينها من الاستقلال التامّ، أو هو حقُّ الشعب في حكم نفسِه بقوانينه.
• الانحلال الذَّاتيّ: (حي) انحلال الأنسجة والخلايا بفعل بعض الموادّ كالإنزيمات المنتَجة داخل الكائن العضويّ نفسه.
• إلقاح ذاتيّ: (حي) إخصاب بالسائل المنويّ في نفس الحيوان كما في الخنثى، أو في نفس الزهرة عن طريق اللِّقاح.
• القصور الذَّاتيّ: (فز) قصور الجسم عن تغيير حالته سكونًا كانت أو حركة بسرعة منتظمة في خطٍّ مستقيم.
• الاكتفاء الذَّاتيّ: (قص) استغناء الدّولة بإنتاجها عن الاستيراد من غيرها.
• احتراق ذاتيّ: (كم) احتراق مادّة ناتج عن تفاعل ذاتيّ رافع للحرارة بين المؤكسِد والوقود بلا وجود مصدر حراريّ خارجيّ.
• الانضباط الذَّاتيّ: (نف) السيطرة على الذَّات أو التَّصرُّفات بهدف التَّطوير الإيجابيّ للشخصيّة بدافع من داخل الإنسان وليس من خارجه.
• النَّقد الذَّاتيّ: (نف) نقد الشَّخص لأخطائه أو نقاط ضعفه بهدف تحسينها.
• التَّعبير الذَّاتيّ: (نف) التَّعبير عن كلّ ما يختلج في النَّفس من أهواء وآراء وعواطف وانفعالات. 

ذاتيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى ذات1.
2 - مصدر صناعيّ من ذات1: نزعة ترمي إلى تحكيم الذات في الحكم أو تكوين الآراء والانطباعات، عكسها الموضوعيَّة "ذاتيَّة الرأي- من أنصار الذاتيَّة".
• الذَّاتيَّة: (سة) نظريّة سياسيّة تقول: بأن لكلِّ جماعة سياسيّة الحقّ في تقرير مصالحها وفي التَّمتُّع بالاستقلال، بصرف النَّظر عن مصالح الجماعات التي تفوقها عددًا وشأنًا.
• التَّرجمة الذَّاتيَّة: (دب) السيرة الذاتيّة، وهي عمل أدبيّ يقوم فيه مؤلّفه بسرد قصة حياته، ويتضمّن بالضَّرورة وصفًا مباشرًا ودقيقًا لبعض الحوادث التَّاريخيَّة وملامح الحياة في الفترة التي عاش فيها صاحب السِّيرة.
• العلَّة الذَّاتيَّة: (طب) مرض مجهول الأصل أو السَّبب.
• الجبلَّة الذَّاتيَّة: (طب) الكروماتين الموجود في الخليَّة ويعتبر الجزء المسئول عن نقل الصِّفات والسِّمات الوراثيَّة.
• الصُّورة الذَّاتيَّة: (نف) مفهوم المرء عن ذاته، وتشمل تحديد أو تعيين الصِّفات الشّخصيَّة والقيمة الحقيقيَّة للنَّفس. 

ذوات [جمع]: مف ذات
• ذوات القرون: (حن) مفصليّات الأرجل التي تمتلك زوجًا من قرون الاستشعار كالحشرات، أو زوجين كالقشريّات وهي صفة مقترنة بامتلاك الفكوك. 
[ذات] ك فيه: هذه أختي وذلك في "ذات" الله، فإن قلت: تقدم بمفهوم أن تعين في ذات الله أن هذه ليست في ذات اله، قلت: هو في ذات الله ولإبراهيم حظ أيضًا فصدق فيه القولان باعتبارين، ط: ذات الشيء نفسه وحقيقته، والمراد ما أضيف إليه. ومنه إصلاح "ذات" البين أي إصلاح أحوال بينكم حتى يكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق، كعليم بذات الصدور أي بمضمراتها، لما كانت الأحوال ملابسة للبين قيل لها: ذات البين وإصلاحها سبب الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين فهو درجة فوق درجة من اشتغل بخويصة نفسه بالصيام والصلاة فرضًا ونفلًا. تو: فلما كان "ذات" يوم، بالرفع والنصب بمعنى كان الزمان ذات يوم أي يوم من الأيام. ج: وأرعاه على زوج في "ذات" يده، أي فيما يملكه من مال وأثاث.

الوهم

الوهم: قوة جسمانية للإنسان محلها آخر التجويف الأوسط من الدماغ من شأنها إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات، كشجاعة زيد. وهذه القوة هي التي تحكم في الشاة بأن الذئب مهروب منه، وأن الولد معطوف عليه. وهذه القوة حاكمة على القوى الجسمانية كلها مستخدمة إياها استخدام العقل القوى العقلية بأسرها.
الوهم:
[في الانكليزية] Illusion ،chimera ،imagination
[ في الفرنسية] 2 L Illusion ،chimere ،imagination
بالفتح وسكون الهاء قد يطلق على الاعتقاد المرجوح، والمراد بالاعتقاد التصديق والحكم. هذا لكن المختار أنّ الوهم من قبيل التصوّر وقد سبق في لفظ الحكم. وقد يطلق على القوة الوهمية من الحواس الباطنة وهي قوة مرتّبة في الدماغ كلّه لكن الأخصّ بها هو آخر التجويف الأوسط من الدماغ المسمّى بالدودة تدرك المعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات، كالقوة الحاكمة في الشاة بأنّ الذئب مهروب عنه، والولد معطوف عليه.
واستدلّ الحكماء على وجوده بأنّه لا بدّ من قوة مدركة للمعاني الجزئية وتلك القوة غير الحواس الظاهرة إذ المعاني هي ما لا تدرك بإحدى الحواس الظاهرة، وكذا غير الحسّ المشترك والخيال لأنّه لا يرتسم فيهما إلّا ما يتأدّى إليهما من الحواس الظاهرة، وتلك المعاني لم تتأدّ منها إليهما، وغير الحافظة إذ القبول غير الحفظ وغير المتصرّفة لأنّ فعلها التركيب والتفصيل، وغير النفس لأنّها لا تدرك الجزئيات بالذات ولأنّ هذا الإدراك موجود في الحيوانات. وهاهنا أبحاث فمن أرادها فليرجع إلى شرح المواقف وشرح التجريد وغيرهما. وقال الصوفية الوهم محتد عزرائيل عليه السلام من محمد صلى الله عليه وآله وسلم، خلق الله وهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم من نور اسمه الكامل، وخلق عزرائيل عليه السلام من نور وهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما خلق الله وهم هذا الإنسان من نور الكمال أظهره في الوجود بلباس القهر، فأقوى شيء يوجد في الإنسان القوة الواهمة فإنّها تغلب العقل والفكر والمصورة والمدركة، وأقوى الملائكة عزرائيل عليه السلام لأنّه خلق منه. فلهذا حين أمر الله الملائكة أن تقبض من الأرض قبضة ليخلق منها آدم عليه السلام لم يقدر أحد أن يقبض منها إلّا عزرائيل لأنّها كلما نزل بها ملك من الملائكة أقسمت عليه بالله أن يتركها فتركها، فلما نزل بها عزرائيل أقسمت عليه فاستدرجها في قسمها فقبض منها ما أمره الله أن يقبض، وتلك القبضة هي روح الأرض فخلق الله من روحها جسد آدم، فلذا تولّى عزرائيل قبض الأرواح لما أودع الله فيه من القوة الكمالية المتجلّية في مجلى القهر والغلبة. ثم إنّ هذا الملك عنده من المعرفة بأحوال جميع من يقبض روحه ما لا يمكن شرحه فيتخلّق لكلّ جنس بصورة، وقد يأتي إلى بعض الأشخاص في غير صورة بل بسيطا فينفس مقابلة للروح تتعشق به فــتطلب الخروج من الجسد وقد مسكها الجسد وتعلّقت به للتعشّق الأول الذي بين الروح والجسد، فيحصل النزاع بين المنازعة الخاصة العزرائيلية له وبين تعشّقه بالجسد إلى أن يغلب عليه الجذب العزرائيلي فتخرج، وهذا الخروج أمر عجيب.
اعلم أنّ الله تعالى جعل الوهم مرآة نفسه ومجلى قدسه، ليس في العالم شيء أسرع إدراكا منه، له التصرّف في جميع الموجودات، به تعبد الله العالم وبنوره نظر إلى آدم وبه مشى من مشى على الماء، وبه طار من طار في الهواء، وهو نور اليقين وأصل الاستيلاء والتمكين، من سخّر له هذا النور وحكم عليه تصرّف به في الوجود العلوي والسفلي ومن حكم عليه سلطان الوهم لعب في أموره فتاه في ظلام الحيرة بنوره. ثم اعلم أنّ الله لما خلق الوهم قال له أقسمت أن لا أتجلّى لأهل التقليد إلّا فيك، ولا أظهر للعالم إلّا في مخافيك، فعلى قدر ما تصعدهم إلي تدلّهم عليّ، وعلى قدر ما تنكس عني بأنوارهم تهلكهم في بوارهم. فقال له الوهم: أي وربّي أقم المرقاة بالاسم والصفات ليكون علما إلى منصة الذات.
فأقام الله فيه الأنموذج المنير، فانتقش في جداره بالهيئة والتقدير، وتحكّم فيه عبودية الحقّ تعالى، فأقسم على نفسه باسم ربّه. والآن لا يزال تفتح هذه الأفعال بتلك المفاتيح الثقال إلى أن يلج جمله في سمّ خياط الجمال إلى فضاء صحراء الكمال، فيعبد فيه الحقّ المتعال، فحينئذ ألبسه الله خلعة التقريب وقال له:
أحسنت أيّها الملك الأديب، ثم كساه حلّتين الأولى من النور الأخضر مكتوب على طرازها بالكبريت الأحمر الرَّحْمنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ. وأمّا الحلّة الثانية فهي القاصية الدانية قد نسجت من سواد الطغيان مكتوب على طرازها بقلم الخذلان: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. فلما نزل هذا النور وأخذ بين العالم في الظهور خلق الله من نزوله الجنة وأكلها آدم فخرج بها من الحبة فتأمّل كذا في الإنسان الكامل.

إخلاص

إخلاص
من (خ ل ص) الصدق والوفاء والأمانة. يستخدم للذكور والإناث.
الإخلاص: أن لا تطلب لعملك شاهدًا غير الله. وقيل: الإخلاص تصفية الأعمال من الكدورات. وقيل: الإخلاص: ستر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوًى فيميله. والفرق بين الإخلاص والصدق: أن الصدق أصل؛ وهو الأول، والإخلاص فرع؛ وهو تابع. وفرق آخر: الإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول في العمل.
الإخلاص: في اللغة ترك الرياء في الطاعات، وفي الاصطلاح: تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدر لصفاته، وتحقيقه: أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه، وخلص عنه يسمى: خالصًا، ويسمى الفعل المخلص: إخلاصًا؛ قال الله تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} . فإنما خلوص اللبن ألا يكون فيه شوب من الفرث والدم. وقال الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجلهم شرك، والإخلاص: الخلاص من هذين. 

وَتَرَ

(وَتَرَ)
[هـ] فيه «إنّ الله وِتْرٌ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا» الْوِتْرُ: الفَرْدُ، وتُكْسَر وَاوهُ وتُفْتَح. فاللَّه واحدٌ فِي ذَاتِهِ، لَا يَقْبل الانْقسام والتَّجْزِئة، واحدٌ فِي صِفَاتِهِ، فَلَا شِبْهَ لَهُ وَلَا مِثْلَ، وَاحِدٌ فِي أفْعالهِ، فَلَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مُعِينَ.
وَ «يُحبُّ الوِتْر» : أَيْ يُثيب عَلَيْهِ، ويَقْبَلُه مِن عامِله.
وقولُه «أَوْتِرُوا» أمْرٌ بِصَلَاةِ الوِتْر، وهُو أَنْ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ يُصَلِّي فِي آخِرِهَا ركْعة مُفرَدة، أَوْ يُضِيفَها إِلَى مَا قَبْلَها مِنَ الرَّكَعات.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا اسْتَجْمَرتَ فَأَوْتِرْ» أَيِ اجْعَل الحِجارَة التِّي تَسْتَنْجي بِهَا فَرْدا، إمَّا وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسا. وقد تكرر ذكره فى الحديث. وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «ألِّفْ جَمْعَهم وأَوْتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِم» أَيْ لَا تَقْطَع المِيرَة عَنْهُمْ، واجْعَلْها تَصِل إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا بأسَ أنْ يُوَاتِرَ قَضاء رَمَضان» أَيْ يُفَرّقه، فَيصُومَ يَوْمًا ويُفْطر يَوْمًا، وَلَا يَلْزَمُه التَّتَابُعُ فِيهِ، فيقْضِيه وِتْراً وِتْرا.
(هـ) وَفِي كِتَابِ هِشَامٍ إِلَى عَامِلِهِ «أنْ أَصِبْ لِي نَاقَةً مُوَاتِرَة» هِي التَّي تَضَع قَوائِمهَا بِالْأَرْضِ وِتْراً وِتْرا عِنْدَ البُروك. وَلَا تَزُجُّ نَفْسَها زَجَّاً فيَشُقَّ عَلَى راكِبهَا. وَكَانَ بِهِشَامٍ فَتَقٌ.
(هـ) وَفِيهِ «مَن فاتَتْه صلاةُ العَصْر فكأنَّما وُتِرَ أهْلَه ومَالَه» أَيْ نُقِص. يُقَالُ:
وَتَرْتُهُ، إِذَا نَقَصْتَه. فكأنَّك جَعَلْته وِتْراً بَعْد أَنْ كَانَ كَثِيرا.
وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوِتْر: الجِنَايَة التَّي يَجْنيها الرجُل عَلَى غَيْرِهِ، مِنْ قَتْل أَوْ نَهْب أَوْ سَبْي. فشبَّه مَا يَلْحق مَن فَاتَتْه صلاةُ العصْر بمَن قُتِل حَمِيمُه أَوْ سُلِبَ أهْلَه ومَالَهُ.
[وَ] يُروْى بنَصْب الْأَهْلِ ورَفْعِه، فَمَنْ نَصب جَعَله مَفْعولا ثانِيا لِوُتِر، وَأضْمَر فِيهَا مَفْعُولًا لَمْ يُسَمّ فاعِلُه عَائِدًا إِلَى الَّذي فاتَتْه الصَّلَاةُ، وَمَنْ رَفَعَ لَمْ يُضْمِرْ، وَأَقَامَ الْأَهْلَ مقام مالم يُسَمّ فاعِلُه، لأنَّهم المُصابُون المأخُوذون، فَمن رَدَّ النَّقص إِلَى الرجُل نَصَبهما، ومَن رَدّه إِلَى الْأَهْلِ والمالِ رفَعَهُما.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمة «أَنَا الْمَوْتُورُ الثَّائر» أَيْ صاحِب الوِتْر، الطَّالبُ بالثَّأر.
والمُوْتُور: المفْعُول.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَلِّدُوا الخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدوها الْأَوْتَارَ» هِيَ جَمْع وِتر، بالكَسْر، وهِي الجِنَاية: أَيْ لَا تَطْلُبــوا عَلَيْهَا الأوتارَ الَّتِي وُتِرْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقِيلَ: هُوَ جَمع وَتَرِ القَوْس. وَقَدْ تَقدّم مَبْسُوطًا فِي حَرْفِ الْقَافِ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ عَلِيٍّ، يَصِف أَبَا بَكْرٍ «فأدْرَكْت أوْتارَ مَا طَلَبوا» . (س) وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الشُّورَى «لَا تُغْمِدُوا السُّيوفَ عَنْ أعْدائِكم فَتُوتِرُوا ثَأْرَكُم» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُو مِنَ الوِتْر. يُقَالُ: وَتَرْتُ فُلانا، إِذَا أصَبْتَه بِوِتْر، وأوْتَرْتُه:
أوْجَدْتُه ذَلِكَ. والثَّارُ هَاهُنَا: العَدُوّ؛ لأنَّه مَوْضعُ الثَّأر. الْمَعْنَى لَا تُوجِدُوا عَدُوّكُم الوِتْرَ فِي أنْفُسِكم.
وَحَدِيثُ الْأَحْنَفِ «إنَّها لَخَيْلٌ لَوْ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا عَلَى الْأَوْتَارِ» .
وَمِنَ الثَّانِي الْحَدِيثُ «مَن عَقَد لِحْيَتَه أَوْ تَقلَّد وَتَراً» كَانُوا يَزْعُمون أَنَّ التَّقَلُّد بالأوتارِ يَرُدُّ العَينَ، ويَدْفَع عَنْهُمُ المَكارِه، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أمَرَ أنْ تُقْطَعَ الأوتارُ مِنْ أَعْنَاقِ الخَيْل» كَانُوا يُقَلِّدونها بِهَا لأجْل ذَلِكَ.
وَفِيهِ «اعْمَل مِن ورَاءِ البَحْر فَإِنَّ اللَّهَ لَن يَتِرَكَ مِن عَمَلِك شَيْئًا» أَيْ لَا يَنْقُصُك.
يُقال: وَتَرَهُ يَتِرُهُ تِرَةً، إِذَا نَقَّصه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ جَلَس مجْلسا لَمْ يذْكر اللَّه فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً» أَيْ نَقْصاً.
وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَض مِنَ الواوِ الْمَحْذُوفَةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالتِّرَةِ هَاهُنَا التَّبِعَة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ «كَانَ عُمرُ لِي جَاراً، وَكَانَ يَصُوم النَّهارَ ويَقوم اللَّيْلَ، فلمَّا وَلِيَ قُلْتُ: لأنْظُرَنّ إِلَى عَملِه، فَلَمْ يَزل عَلَى وَتِيرَةٍ واحِدَة» أَيْ طريقَة واحِدة مُطَّرِدَة يَدُومُ عَلَيْهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ زَيْدٍ «فِي الْوَتَرَةِ ثُلُثُ الدِّية» هِيَ وَتَرَة الأنْف الحاجِزَة بَيْن المَنْخَرَيْن.

رَوَدَ

(رَوَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي صفَة الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «يَدْخُلون رُوَّاداً ويَخْرُجُون أدِلَّة» أَيْ يَدْخُلُون عَلَيْهِ طاَلِبين العِلْم ومُلْتمِسين الحُكْم مِنْ عِنْدِهِ، ويَخْرُجُون أدِلَّة هدَاة للنَّاسِ. والرُّوَّادُ: جَمْعُ رَائِدٍ، مثلُ زَائِر وزُوَّار. وأصلُ الرَّائِدِ الَّذِي يتقَدَّم الْقَوْمَ يُبْصر لَهُمُ الكَلأ ومَساقِطَ الغيْث. وَقَدْ رَادَ يَرُودُ رِيَاداً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ فِي صفَة الغيْث «وسَمِعت الرُّوَّاد تدعُو إِلَى رِيَادَتِهَا» أَيْ تَطلبُ النَّاسَ إِليها.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الحُمَّى رَائِدُ المَوْت» أَيْ رسُوله الَّذِي يتقدَّمه كَمَا يَتَقَدَّمُ الرَّائِدُ قومَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ المَوْلد «أُعيذُك بالواحدِ، مِنْ شَرِّ كُل حاسِدِ، وكُل خَلْقٍ رَائِد» أَيْ مُتَقدم بِمَكْرُوهٍ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ «إِنَّا قَوْمٌ رَادَةٌ» هُوَ جَمْعُ رَائِدٍ، كحائِك وحَاكَة: أَيْ نَرُود الخَير والدِّين لأهْلنا. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا بالَ أحدُكم فَلْيَرْتَدْ لِبوْله» أَيْ يَطْلُب مَكَانًا لَيّناً لِئَلَّا يرجعَ عَلَيْهِ رَشاَش بَوْله. يُقَالُ رَادَ وارْتَادَ واسْتَرَادَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَعْقل بْنِ يَسار وأخْتِه «فَاسْتَرَادَ لأمْر اللَّهِ» أَيْ رْجَعَ ولانَ وانْقادَ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «حَيْثُ يُرَاوِدُ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ عَلَى الإسْلاَم» أَيْ يراجعُه ويرادِدُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ «قَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: قدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى أدْنَى مِنْ ذَلِكَ فتركُوه» .
وَفِي حَدِيثِ أنْجَشَه «رُوَيْدَك رِفْقاً بالقَوارِير» أَيْ أمْهِل وتأَنَّ، وَهُوَ تَصغِير رُودٍ. يُقَالُ أَرُودُ بِهِ إِرْوَاداً: أَيْ رَفَقَ. وَيُقَالُ رُوَيْدَ زَيْدٍ، ورُوَيْدَكَ زَيْدًا، وَهِيَ فِيهِ مصْدرٌ مُضَافٌ. وَقَدْ تَكُونُ صِفَةً نَحْوَ: سارُوا سَيْرًا رُوَيْداً، وَحَالًا نَحْوَ: سارُوا رُوَيْداً، وَهِيَ مِنْ أسْمَاءِ الأفْعال المُتعدِّية.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُس:
ومَرَاداً لمَحشر الخلْق طُرّاً أَيْ موضِعاً يُحْشر فِيهِ الخَلْق، وَهُوَ مَفْعَل مِنْ رَادَ يَرُودُ، وَإِنْ ضُمَّت الْمِيمُ فَهُوَ اليومُ الَّذِي يُرَادُ أَنْ تُحْشر فِيهِ الْخَلْقُ.

نَقَمَ

(نَقَمَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْمُنْتَقِمُ» هُوَ المُبالغ فِي الْعُقُوبَةِ لِمَنْ يَشَاءُ. وَهُوَ مُفْتَعِل، مِنْ نَقَمَ يَنْقِمُ، إِذَا بَلَغت بِهِ الكراهةُ حَدَّ السُّخط.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قطُّ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحارِمُ اللَّه» أَيْ مَا عَاقَبَ أَحَدًا عَلَى مَكْرُوهٍ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِه. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. يُقَالُ: نَقَمَ يَنْقِمُ، ونَقِمَ يَنْقَمُ. ونَقِمَ من فُلان الإحْسان، إِذَا جَعَلَهُ مِمَّا يُؤَدِّيهِ إِلَى كُفْر النِّعمة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ «مَا يَنْقِمُ ابنُ جَمِيل إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيراً فَأَغْنَاهُ اللَّه» أَيْ مَا يَنقِم شَيْئًا مِنْ مَنْع الزَّكَاةِ إِلَّا أَنْ يكفُرَ النِّعمة، فَكَأَنَّ غِناه أدَّاه إِلَى كُفر نِعمِة اللَّه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فَهُوَ كالأرْقم، إِنْ يُقْتَلْ يَنْقَمْ» أَيْ إِنْ قتَله كَانَ لَهُ مَن يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وَالْأَرْقَمُ: الحيَّة، كَانُوا فِي الجاهليَّة يزعمُون أَنَّ الْجِنَّ تطْلُب بِثَأْرِ الجانِّ، وَهِيَ الحيَّة الدَّقِيقَةُ، فَرُبما مَاتَ قاتِلُه، وَرُبَّمَا أَصَابَهُ خَبَلٌ.

مَكَنَ

(مَكَنَ)
(هـ) فِيهِ «أقِرّوا الطيرَ عَلَى مَكِنَاتِها» المَكِنَاتُ فِي الْأَصْلِ: بَيْض الضَّباب، وَاحِدَتُهَا: مَكِنَةٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقَدْ تُفْتَح. يُقَالُ: مَكِنَت الضَّبَّة، وأَمْكَنَت.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جائزٌ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُسْتعارَ مَكْنُ الضَّباب فيُجعَل لِلطَّيْرِ، كَمَا قِيلَ: مَشافِرُ الحَبَش، وَإِنَّمَا المَشافِرُ للإبِل.
وَقِيلَ: المَكِناتُ: بِمَعْنَى الأَمْكِنة. يُقَالُ: النَّاسُ عَلَى مَكِناتِهِم وسَكِناتهم: أَيْ عَلَى أَمْكِنَتِهم ومَساكِنهم.
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرجلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً أتَى طَيْرًا ساقِطاً، أَوْ في وَكْرِه فَنَفَّرَهُ، فَإِنْ طارَ ذاتَ الْيَمِينِ مَضَى لحاجتِه. وَإِنْ طارَ ذاتَ الشِّمال رَجَعَ، فنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. أَيْ لَا تَزْجُروها، وأقِرُّوها عَلَى مواضِعها الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لَهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَع.
وَقِيلَ : المَكِنَةُ: مِنَ التَّمَكُّن، كالطَّلِبةِ والتَّبِعةِ، مِنَ الــتَّطَلُّب والتَّتَبُّع. يُقَالُ: إنَّ فُلَانًا لّذُو مَكِنةٍ مِنَ السُّلْطَانِ: أَيْ ذُو تَمَكُّنٍ. يَعْنِي أقِرّوها عَلَى كلِّ مَكِنةٍ تَرَوْنَها عَلَيْهَا، ودَعُوا التَّطيُّر بِهَا.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يروَى «مُكُناتِها» ، جَمْعُ مُكُنٍ، ومُكُنٌ: جَمْعُ مَكانٍ، كصُعُداتٍ فِي صعُدٍ، وحُمُراتٍ، في حُمُر. وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «لَقَدْ كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْدَى لأِحدِنا الضَّبَّة المَكُونُ أحبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ دَجاجَةٌ سَمينةٌ» المَكُونُ: الَّتِي جَمَعَت المَكْنَ، وَهُوَ بَيْضُها. يُقَالُ: ضَبَّةٌ مَكُونٌ، وضَبٌّ مَكُونٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي رَجاء «أيُّما أحَبُّ إِلَيْكَ، ضَبٌّ مَكُونٌ، أَوْ كَذَا وَكَذَا؟» .

قَرُبَ

قَرُبَ منه، ككَرُمَ، وقَرِبَه، كَسَمِع، قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً: دَنَا، فهو قَريبٌ، للواحِد والجَمْعِ.
والمَقْرِبَةُ مُثَلَّثَةَ الرَّاءِ،
والقُرْبَةُ، (والقُرُبَةُ) والقُرْبَى: القَرَابَةُ. وهو قَرِيبي وذُو قَرابَتِي، ولا تَقُلْ: قَرابَتِي.
وأقْرِباؤُكَ وأقارِبُكَ وأقْرَبوكَ: عَشيرَتُك الأَدْنَوْنَ.
والقَرْبُ: إدْخالُ السَّيفِ في القِرابِ: للْغِمْدِ، أو لِجَفْنِ الغِمْدِ،
كالإِقرابِ، أو اتِّخاذُ القِرابِ للسَّيفِ، وإطْعامُ الضَّيفِ الأَقْرابَ. وبالضم، وبضَمَّتينِ: الخاصِرةُ، أو من الشَّاكِلَةِ؟؟ إلى مَراقِّ البَطْنِ، ج: الأَقْرابُ. وكفَرِحَ: اشْتَكاهُ،
كقَرَّبَ تَقْريباً.
وكقُفْلٍ: ع، وبالتَّحْريكِ: سَيْرُ اللَّيلِ لِوِرْدِ الغَدِ،
كالقِرَابَةِ، وقد قَرَبَ الإِبِلَ، كَنَصَرَ، قِرابَةً، بالكسر، وأقْرَبْتُها، والبِئْرُ القَريبةُ الماءِ، وطَلَبُ الماءِ لَيْلاً، أو أنْ لا يكونَ بَيْنَكَ وبينَ الماءِ إلاَّ لَيْلَةٌ، أو إذا كانَ بينَكْما يومانِ فأوَّلُ يومٍ تَطْلُبُ فيه الماءَ:
القَرَبُ، والثاني: الطَّلَقُ.
والقُرْبانُ، بالضم: ما يُتَقَرَّبُ به إلى اللَّهِ تعالى، وجليسُ المَلِكِ الخاصُّ، ويُفْتَحُ.
وتَقَرَّبَ به تَقَرُّباً وتِقِرَّاباً، بكسرتينِ: طَلَبَ القُرْبَةَ به، ج: قَرابِينُ.
وقَرابينُ أيضاً: وادٍ بنَجْدٍ.
وقُرْبَةُ، بالضم: وادٍ.
واقْتَرَبَ: تَقَارَبَ.
وشيءٌ مُقارِبٌ، بالكسر: بينَ الجَيِّدِ والرَّديءِ، أو دَينٌ مُقارِبٌ، بالكسر، ومَتاعٌ مُقارَبٌ، بالفتح.
وأقْرَبَتْ: قَرُبَ وِلادُها، فهي مُقْرِبٌ، ج: مَقاريبُ،
وـ المُهْرُ،
وـ الفَصيلُ: دَنا للإِثْناءِ.
وافْعَلْ ذلك بقَرابٍ، كَسحابٍ: بِقُرْبٍ.
وقرابُ الشيء، بالكسر،
وقُرابُه وقُرابَتُه، بضمِّهما: ما قارَبَ قَدْرَه.
وإناءٌ قَرْبانُ،
وصَحْفَةٌ قَرْبَى: قارَبا الامتِلاءَ. وقَدْ أقْرَبَهُ، وفيه قَرَبهُ وقِرابُه.
والمُقْرَبَةُ: الفَرَسُ التي تُدْنَى وتُقْرَبُ، وتُكْرَمُ ولا تُتْرَكُ، وهو مُقْرَبٌ، أو يُفْعَلُ ذلك بالإِناثِ لئَلاَّ يَقْرَعَها فَحْلٌ لَئيمٌ،
وـ من الإِبِلِ: التي حُزِمَتْ للرُّكوبِ.
والمُتَقارِبُ: "فَعولُنْ" ثَمانِيَ مَرَّاتٍ، وفَعولُنْ فَعولُنْ فَعَلْ مَرَّتينِ، لقُرْبِ أوتادِه من أسْبابِه.
وقارَبَ الخَطْوَ: داناهُ.
والمُقارَبَةُ والقِرابُ: رَفْعُ الرِّجْلِ للجِماعِ.
والقِرْبَةُ، بالكسر: الوَطْبُ من اللَّبَنِ، وقد تكونُ للماءِ، أو هي المَخْرُوزَةُ من جانبٍ واحدٍ، ج: قِرْباتٌ وقِرِباتٌ وقِرَباتٌ وقِرَبٌ، وكذلك كُلُّ ما كان على فِعْلَةٍ، كفِقْرَةٍ وسِدْرَةٍ.
وأبو قِرْبَةَ: فَرَس عُبيدِ بنِ أَزْهَرَ. وابنُ أبي قِرْبَةَ: أحمدُ بنُ عليِّ بنِ الحُسَينِ العِجْلِيّ، والحَكَمُ بنُ سِنانٍ، وأحمدُ بنُ داودَ، وأبو بكرِ بنُ أبي عَوْنٍ، وعبدُ اللَّهِ بنُ أيوبَ القِرْبِيُّونَ: مُحَدِّثونَ.
والقارِبُ: السَّفينةُ الصغيرةُ، وطالِبُ الماءِ لَيْلاً.
والقَريبُ: السمَكُ المَمْلوحُ ما دامَ في طَراءَتِه،
وـ ابنُ ظَفَرٍ: رسولُ الكُوفِيينَ إلى عُمَرَ، وعَبْدِيُّ مُحَدِّثٌ. وكزُبَيْرٍ: لَقَبُ والِدِ الأَصْمَعِيِّ، ورئيسٌ للْخَوارجِ، وابنُ يَعْقوبَ الكاتِبُ. وقَريبَةُ، كَحبيبَةٍ: بنتُ زَيْدٍ، وبنتُ الحَارِثِ: صَحابِيَّتانِ، وبنتُ عبدِ اللَّهِ بنِ وهْبٍ، وأُخْرَى غيرُ مَنْسُوبَةٍ: تابِعيَّتانِ. وكجُهَيْنَةَ: بنتُ الحارِثِ، وبنتُ أبي قُحافَةَ، وبنتُ أبي أُمَيَّةَ، وقد تُفْتَحُ هذه: صَحابِيَّتانِ، ولا يُعَرَّجُ على قَوْلِ الذَّهَبِيِّ: لم أجِدْ بالضم أحَداً.
والقُرابة، بالضم: القَريبُ. وما هو بِشَبِيهكَ ولا بِقُرابَةٍ مِنكَ، بالضم: بقَريبٍ.
وقُرابَةُ المُؤْمِنِ، وقُرابُه: فِراسَتُه.
وجاؤوا قُرابَى، كفُرادَى: مُتقارِبينَ. وكغُرابٍ: جَبَلٌ باليَمَنِ.
والقَوْرَبُ، كَجَوْرَبٍ: الماءُ لا يُطاقُ كَثْرَةً.
وذاتُ قُرْبٍ، بالضم: ع له يومٌ م.
والمَقْرَبُ والمَقْرَبَةُ: الطريقُ المُخْتَصَرُ.
وقُرْبَى، كحُبْلى: ماءٌ قُرْبَ تَبالَةَ، ولَقَبُ بعضِ القُرَّاءِ. وكشَدَّادٍ: لَقَبُ أبي علِيٍّ محمدِ بنِ محمدٍ الهَرَويِّ المُقْرِئِ، وجماعةٍ من المُحَدِّثينَ.
وتقارَبَت إِبِلُهُ: قَلَّتْ، وأدْبَرَتْ،
وـ الزَّرْعُ: دَنا إِدْراكُه.
و"إذا تقارَبَ الزَّمانُ لم تَكَدْ رؤْيا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ"، المُرادُ: آخرُ الزَّمانِ، واقْتِرابُ الساعة، لأنَّ الشيءَ إذا قَلَّ تَقاصَرَتْ أطْرافُهُ، أو المرادُ: اسْتِواءُ اللَّيْلِ والنهارِ، ويَزْعُمُ العابِرُونَ أنَّ أصْدَقَ الأَزْمانِ لوقوعِ العِبارةِ وقْتُ انْفِتاقِ الأَنْوارِ، ووقْتُ إدْراكِ الثِّمارِ، وحينئذٍ يَسْتَوِي الليلُ والنَّهارُ، أو المرادُ زَمَنُ خُروجِ المَهْدِيِّ، حينَ تكونُ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ، والجُمُعَةُ كاليَوْمِ، يُسْتَقْصَرُ لاسْتِلْذاذِه.
والتَّقْريبُ: ضَرْبٌ من العَدْوِ، أو أن يَرْفَعَ يَدَيْهِ مَعاً ويَضَعَهُما مَعاً، وأنْ يقولَ: حَيّاكَ اللَّهُ، وقَرَّبَ دارَكَ.
وتَقَرَّبَ: وضَعَ يَدَه على قُرْبِه.
وتَقَرَّبْ يا رَجُلُ: اعْجَلْ.
وقارَبَه: ناغاهُ بكلامٍ حَسَنٍ،
وـ في الأَمْرِ: تَرَكَ الغُلُوَّ، وقَصَدَ السَّدادَ.
(قَرُبَ)
- فِيهِ «مَن تَقَرَّب إِلَيَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِراعاً» الْمُرَادُ بقُرْب الْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى القُرْب بالذِكْر وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَا قُرْبُ الذَّاتِ وَالْمَكَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ.
واللَّه يَتَعالى عَنْ ذَلِكَ ويَتَقدّس.
وَالْمُرَادُ بقُرْب اللَّهِ مِنَ العَبْد قُرْبُ نِعَمِه وألْطافِه مِنْهُ، وبِرّه وإحْسانه إِلَيْهِ، وتَرادُف مِنَنه عِنْدَهُ، وفَيْض مَواهِبه عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «صِفة هَذِهِ الأمَّة فِي التَّوْراة قُرْبانُهم دِمَاؤُهُمْ» القُرْبان: مَصْدَرٌ مِن قَرُبَ يَقْرُب: أَيْ يَتَقَرَّبون إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِرَاقَةِ دِمائهم فِي الجِهاد، وَكَانَ قُرْبانُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ذَبْح البَقَر وَالْغَنَمِ والإبِل.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الصلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقِيّ» أَيْ أَنَّ الأتْقياء مِنَ النَّاسِ يَتَقَرَّبون بِهَا إِلَى اللَّهِ، أَيْ يَطْلُبُونَ القُرْبَ مِنْهُ بِهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجُمُعَةِ «مَن راحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فكانَّما قرَّب بَدَنَة» أَيْ كَأَنَّمَا أهْدى ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا يُهْدى القُرْبانُ إلى بَيْت الله الحرام. (هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «إنْ كُنَّا لَنَلْتَقِي فِي الْيَوْمِ مِراراً يَسْأَلُ بعضُنا بَعْضًا، وَإِنْ نَقْرُب بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ نَحْمَد اللَّهَ تَعَالَى» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَيْ مَا نَطْلُب بِذَلِكَ إلاَّ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: نَقْرُب: أَيْ نَطْلب. وَالْأَصْلُ فِيهِ طَلَبُ الْمَاءِ.
وَمِنْهُ «لَيْلَةُ القَرَب» وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُصْبِحون مِنْهَا عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ اتُّسِع فِيهِ فَقِيلَ:
فُلانٌ يَقْرُب حاجَته: أَيْ يطْلُبها، وَإِنَّ الْأُولَى هِيَ المُخَفَّفة مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَالَ لَهُ رجُل: مَا لِي هارِبٌ وَلَا قارِبٌ» القارِب: الَّذِي يَطْلُب الْمَاءَ.
أَرَادَ لَيْسَ لِي شَيْءٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَمَا كُنْتُ إلاَّ كقارِب وَرَد، وطالِبٍ وَجَد» .
وَفِيهِ «إِذَا تَقَارَب الزَّمَانُ» وَفِي رِوَايَةٍ «اقْتَرب الزَّمَانُ لَمْ تَكَد رُؤْيا المؤمِن تَكْذِب» أَرَادَ اقْتِراب السَّاعَةِ. وَقِيلَ: اعْتِدال اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَكُونُ الرُّؤْيَا فِيهِ صَحِيحَةً لِاعْتِدَالِ الزَّمَانِ.
واقْتَرَب: افْتَعل، مِنَ القُرْب. وتَقَارَب: تفاعَل مِنْهُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا وَلَّى وأدْبَر: تَقَارَب.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَهْدِيِّ «يَتَقارَب الزَّمَانُ حَتَّى تَكُونَ السَّنَة كالشَّهر» أَرَادَ: يَطِيب الزَّمَانُ حَتَّى لَا يُسْتطال، وَأَيَّامُ السُّرور وَالْعَافِيَةِ قَصِيرة.
وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قِصَر الأعْمار وقِلّة الْبَرَكَةِ.
(هـ) وَفِيهِ «سَدِّدُوا وقَارِبوا» أَيِ اقْتَصِدوا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، واتْرُكوا الغُلُوَّ فِيهَا والتَّقْصير. يُقَالُ: قارَب فُلانٌ فِي أُمُورِهِ إِذَا اقْتَصد. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ سلَّم عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ، قَالَ: فأخَذني مَا قَرُب وَمَا بَعُد» يُقَالُ للرجُل إِذَا أقْلقَه الشَّيْءُ وأزعَجه: أخَذه مَا قَرُب وَمَا بَعُد، وَمَا قَدُم وَمَا حَدُث، كَأَنَّهُ يُفكِّر ويَهْتَم فِي بَعِيدِ أُمُورِهِ وقَرِيبها. يَعْنِي أيُّها كَانَ سَبَبًا فِي الامْتناع مِنْ رَدّ السَّلَامِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ لَآتِيَنَّكُمْ بِمَا يُشْبِهِهُا ويَقْرُب منها. وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «إِنِّي لأَقْرَبُكُم شَبَهًا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِيهِ «مَنْ غَيَّرَ المَطْرَبَةَ والمَقْرَبَةَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» المَقْرَبة: طَرِيقٌ صَغِيرٌ يَنْفُذ إِلَى طَرِيقٍ كَبِيرٍ، وجَمْعُها: المُقَارِب. وَقِيلَ: هُوَ مِن القَرَب، وَهُوَ السَّير بِاللَّيْلِ. وَقِيلَ السَّير إِلَى الْمَاءِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثَلَاثٌ لَعِينَاتٌ: رجُل عَوَّرّ طرِيقَ المَقْرَبة» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَا هَذِهِ الْإِبِلُ المُقْرِبة» هَكَذَا رُوِي بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَقِيلَ: هِيَ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الَّتِي حُزِمَت لِلرِّكُوبِ. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا رِحال مُقْرَبة بالأدَم، وَهُوَ مِنْ مَراكب الْمُلُوكِ، وأصلهُ مِنَ القِراب.
(هـ) وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْر «لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرايا مَا يَحْمِل القِرَابُ مِنَ التَّمْر» هُوَ شِبْه الجِراب يَطْرح فِيهِ الرَّاكِبُ سَيْفه بِغمده وسَوْطَه، وَقَدْ يَطْرح فِيهِ زَادَهُ مِنْ تَمْر وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الرِّوَايَةُ بِالْبَاءِ هَكَذَا، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا هَاهُنَا، وأراهُ «القِراف» جَمْع قَرْف، وَهِيَ أوْعِيَة مِنْ جُلود يُحْمَل فِيهَا الزَّادُ للسَّفَر، وتُجْمع عَلَى: قُروف، أَيْضًا.
(هـ) وَفِيهِ «إنْ لَقِيتَني بقُراب الْأَرْضِ خَطِيئة» أَيْ بِمَا يُقارِب مَلأْها، وَهُوَ مَصْدَرُ:
قَارَب يُقارِب.
(س) وَفِيهِ «اتَّقُوا قُرَابَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ ينْظُر بِنُورِ اللَّهِ» ورُوِي «قُرابة الْمُؤْمِنِ» يَعْنِي فِراسَتَه وظَنَّه الذي هو قَريب من العلم والتَّحَقُّق؛ لصِدْق حَدْسِه وإصابتِه. يُقَالُ: مَا هُوَ بعالِم وَلَا قُرَاب عالِم، وَلَا قُرابة عالِم، وَلَا قَريب عَالِمٍ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ المولِد «فخَرج عَبْدُ اللَّهِ أَبُو النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مُتَقَرِّباً مُتَخَصَّراً بالبَطْحاء» أَيْ واضِعاً يَدَه عَلَى قُرْبِه: أَيْ خاصِرتَه.
وَقِيلَ: هو الموضع الرَّقيق أسفل من السُّرّة. وَقِيلَ: مُتَقَرِّباً، أَيْ مُسْرِعاً عجِلاً، ويُجْمَع عَلَى أَقْراب.
وَمِنْهُ قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يُمْشِى القُرادُ عَلَيْهَا ثُمَّ يُزْلِقُه ... عَنْهَا لَبانٌ وأَقرابٌ زَهاليلُ
وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ «أتيْت فَرسي فركِبْتها فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّب بِي» قَرَّبَ تَقْرِيبا إِذَا عَدَا عدْواً دُونَ الإسْراع، وَلَهُ تَقْرِيبان، أدْنى وأعْلَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ «فَجَلَسُوا فِي أَقْرُب السَّفينة» هِيَ سُفُنٌ صِغار تَكُونُ مَعَ السُّفُنِ الْكِبِارِ البَحْرِيَّة كَالْجَنَائِبِ لَهَا، واحِدها: قارِب، وجَمْعُها: قَوَارِب، فأمَّا أَقْرُب فَغْير مَعْرُوفٍ فِي جَمْعِ قارِب، إلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
وَقِيلَ: أَقْرُب السَّفِينَةِ: أَدَانِيهَا، أَيْ مَا قَارَب إِلَى الْأَرْضِ مِنْهَا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إلاَّ حامَى عَلَى قَرابَتِه» أَيْ أَقَارِبه. سُمُّوا بِالْمَصْدَرِ، كالصَّحابة.

عَنَتَ

(عَنَتَ)
(س) فِيهِ «البَاغُون البُرآءَ العَنَتَ» العَنَتُ: المشقَّة وَالْفَسَادُ، وَالْهَلَاكُ، والإثْم والغَلَط، والخَطَأ والزِّنا، كُلُّ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ، وأطْلِق العَنَت عَلَيْهِ. وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كلّها.
والبرآء: جمع برئ، وَهُوَ والعَنَت مَنْصُوبَانِ مَفْعُولَانِ لِلْباغِين. يُقَالُ: بَغَيْتُ فَلَانًا خَيْرًا، وبَغيْتُك الشيءَ: طلبتُه لَكَ، وبَغيْت الشيءَ: طلبْته.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فيُعْنِتُوا عَلَيْكُمْ دينَكم» . (س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «حَتَّى تُعْنِتَه» أَيْ تَشُقَّ عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أيُّما طَبِيبٍ تَطَبَّب وَلَمْ يَعْرف بالطِّبِّ فأَعْنَتَ فَهُوَ ضامِنُ» أَيْ أضَرَّ المريضَ وأفسَده.
(س) وَحَدِيثُ عُمَرَ «أرَدتَ أَنْ تُعَنِّتَنِي» أَيْ تَطْلُبَ عَنَتِي وتُسْقِطَني.
وَحَدِيثُ الزُّهْرِيّ «فِي رَجُلٍ أنْعَل دابَّتَه فعَنَتَتْ» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: أَيْ عَرجَت، وسمَّاه عَنَتاً، لِأَنَّهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ. وَالرِّوَايَةُ «فعَتَبَت» بتاءٍ فَوْقَهَا نقْطتان، ثُمَّ بَاءٌ تَحْتَهَا نُقْطَةٌ واحِدة.
قَالَ القُتَيْبيّ: وَالْأَوَّلُ أحَبُّ الْوَجْهَيْنِ إليَّ.

عَرَرَ

(عَرَرَ)
[هـ] فِيهِ «كَانَ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ كَذَا وَكَذَا» أَيْ إِذَا اسْتَيْقَظ، وَلَا يكونُ إلاَّ يَقَظةً مَعَ كَلَامٍ. وَقِيلَ: هُوَ تَمَطَّى وَأَنَّ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ حاطِب «لمَّا كَتَب إِلَى أهْل مَكَّةَ يُنْذِرُهم مَسِير رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيهم، فلمَّا عُوتب فِيهِ قَالَ: كُنْت رَجُلًا عَرِيراً فِي أهْل مَكَّةَ» أَيْ دَخِيلاً غَرِيباً وَلَمْ أكُن مِنْ صَمِيمهِم. وَهُوَ فعيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، مِنْ عَرَرْتُه إِذَا أتيتَه تَطلُب معروفَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «مَنْ كَان حَلِيفا وعَرِيراً فِي قَوْمٍ قَدْ عقَلوا عَنْهُ ونَصَرُوه فَمِيراثُه لَهُمْ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَاهُ سَيْفًا مُحَلّىً، فَنَزَعَ عُمَرُ الحِلْية وَأَتَاهُ بِهَا، وَقَالَ:
أتيتُك بِهَذَا لِمَا يَعْرُرُك مِنْ أُمُورِ النَّاس» يُقَالُ: عَرَّه واعْتَرَّه، وعَرَاه واعْتَرَاه إِذَا أَتَاهُ مُتعرِّضا لمعْرُوفه، والوجهُ فِيهِ أنَّ الْأَصْلَ: يَعُرُّك، فَفكَّ الإْدغَامَ، وَلَا يَجيءُ مِثْلُ هَذَا الاتِّساع إلاَّ فِي الشِّعْر.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أحْسِبُه مَحْفُوظاً، ولكنَّه عِنْدِي «لِمَا يَعْرُوك» بِالْوَاوِ: أَيْ لِمَا يَنُوبُك مِنْ أمْرِ الناسِ ويلزَمُك مِنْ حَوائجهم، فيكونُ مِنْ غَير هَذَا الْبَابِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فأكلَ وأطْعم القَانِعَ والمُعْتَرّ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «فإنَّ فِيهِمْ قَانِعًا ومُعْتَرّاً» هُوَ الَّذِي يَتَعَرَّض للسُّؤال مِنْ غَيْرِ طَلَب.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى «قَالَ لَهُ عليٌّ، وَقَدْ جَاء يَعُودُ ابنَه الحَسَن: مَا عَرَّنا بِكَ أيُّها الشَّيْخُ؟» أَيْ مَا جاءَنَا بِكَ؟.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إلَيك مِنْ مَعَرَّة الجَيشِ» هُوَ أَنْ يَنْزِلوا بقَوم فَيَأْكُلُوا مِنْ زُرُوعهم بغَير عِلْمٍ. وَقِيلَ: هُوَ قِتَال الجَيشِ دُونَ إذْنِ الأمِير. والمَعَرَّة: الأمرُ الْقَبِيحُ المكروهُ والأذَى، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ العَرِّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَاوُسٍ «إِذَا اسْتَعَرَّ عَلَيْكُمْ شيءٌ مِنَ النِّعَم» أَيْ نَدَّ واسْتَعْصَى، مِنَ العَرَارَة، وَهِيَ الشِّدَّة والكَثرة وسُوءُ الخُلُق.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّ رَجُلًا سَأَلَ آخَر عَنْ مَنْزله، فأخبرَه أَنَّهُ يَنزل بَيْنَ حيَّين مِنَ العَرَب، فَقَالَ:
نَزَلْتَ بَين المَعَرَّة والمَجَرّة» المجرَّة الَّتِي فِي السَّماء: البياضُ المعروفُ، والمَعَرَّة: مَا وَرَاءها مِنْ نَاحِيَةِ الْقُطْبِ الشَّمالي، سُمِّيت مَعَرَّة لكَثْرة النُّجوم فِيهَا، أَرَادَ بَيْنَ حَيَّيْنِ عَظِيمَيْنِ كَكَثْرَةِ النُّجُوم. وأصلُ المَعَرَّة: مَوْضِعُ العَرِّ، وَهُوَ الجَرب، وَلِهَذَا سَمّوا السَّمَاءَ الْجَرْبَاءَ، لِكَثْرَةِ النُّجُوم فِيهَا، تَشْبيهاً بِالْجَرَبِ فِي بدَنِ الْإِنْسَانِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ مُشْتَرِي النَّخْل يشْتَرِط عَلَى البائِع لَيْسَ لَهُ مِعْرَارٌ» هِيَ الَّتِي يُصِيبها مثْلُ العَرّ، وَهُوَ الجَرَب.
(س) وَفِيهِ «إيَّاكم ومُشَارَّةَ الناسِ فَإِنَّهَا تُظْهرُ العُرَّة» هِيَ القَذَر وعَذِرَة النَّاسِ، فاستُعير للمَساوِي والمَثَالب.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعْدٍ «أَنَّهُ كانَ يَدْمُل أرضَه بالعُرَّة» أَيْ يُصْلِحُها. وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ يحْمِل مِكْيال عُرَّة إِلَى أرْضٍ له بمكة» . وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ لَا يَعُرُّ أرْضَه» أَيْ لَا يُزَبِّلها بالعُرَّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ «كُلْ سَبْعَ تَمْراتٍ مِنْ نَخْلةٍ غَيرِ مَعْرُورَة» أَيْ غَيْرِ مُزَبَّلة بالعُرَّة.

ضَلَلَ

(ضَلَلَ)
(س) فِيهِ «لَوْلَا أنَّ اللَّهَ لَا يُحِب ضَلَالَة العَمل مَا رَزَأْنَاكُمْ عِقَالاً» أَيْ بُطْلاَنَ العمَل وضَياعه، مَأْخُوذٌ مِنَ الضَّلَال: الضَّيَاعِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ضَالَّة المُؤمِن حَرَقُ النَّار» قَدْ تَكَرَّرَ ذِكر «الضَّالَّة» فِي الْحَدِيثِ.
وَهِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الحَيَوان وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: ضَلَّ الشيءُ إِذَا ضَاع، وضَلَّ عَنِ الطَّريق إِذَا حارَ، وَهِيَ فِي الأصْل فاعِلةٌ، ثُمَّ اتُّسِع فِيهَا فصَارَت مِنَ الصِّفات الغَالِبة، وتقَعُ عَلَى الذَّكَر والأنْثَى، وَالِاثْنَيْنِ والجَمْع، وتُجمَع عَلَى ضَوَالّ. والمرادُ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الضَّالَّة مِنَ الإبلِ والبقرِ مِمَّا يَحْمِي نَفْسَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى الإبْعَاد فِي طلَب المَرْعَى والماءِ، بِخِلَافِ الغَنَم.
وَقَدْ تُطْلق الضَّالَّة عَلَى المعَاني.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الكَلِمَة الحَكِيمَة ضَالَّة المُؤمن» وَفِي رِوَايَةٍ «ضَالَّة كُلّ حَكِيمٍ» أَيْ لَا يزَال يــتطَّلبــها كَمَا يــتَطلَّب الرجُل ضَالَّته.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ذَرُّوني فِي الرِّيح لَعلِّي أَضِلُّ اللهَ» أَيْ أَفُوتُه ويخْفَى عَلَيْهِ مَكَاني.
وَقِيلَ: لعَلِّي أغِيبُ عَنْ عَذابِ اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: ضَلَلْتُ الشيءَ وضَلِلْتُهُ إِذَا جَعَلتَه فِي مَكانٍ وَلَمْ تَدْرِ أينَ هُوَ، وأَضْلَلْتُهُ إِذَا ضَيَّعتَه. وضَلَّ النَّاسِي إِذَا غَاب عَنْهُ حِفظُ الشيءِ. وَيُقَالُ أَضْلَلْتُ الشيءَ إِذَا وجَدتَه ضَالّا، كَمَا تقولُ: أحْمَدْتُه وأبْخَلُته إِذَا وَجَدْتَه مَحْمودا وبَخِيلا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى قومَه فأَضَلَّهُم» أَيْ وجَدَهم ضُلَّالا غيرَ مُهْتَدِينَ إِلَى الحقِّ.
وَفِيهِ «سيكُونُ عَلَيْكُمْ أئمةٌ إنْ عصَيْتموهم ضَلَلْتُم» يُرِيدُ بمَعْصِيتهم الخرُوجَ عَلَيْهِمْ وشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ يَقع أَضَلَّهُم فِي غَيْرِ هَذَا عَلَى الحَمْل عَلَى الضَّلَال والدُّخول فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَقَدْ سُئِل عَنْ أشْعر الشَّعّراء فَقَالَ: «إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فالمَلِك الضِّلِّيل» يَعْنِي امْرأ القَيسِ، كَانَ يُلَقَّب بِهِ. والضِّلِّيل بِوَزْنِ القِنْدِيل: المُبالِغ فِي الضَّلَال جِداً، وَالكثيرُ التَّتَبُّع للضَّلَال. 

شَقَقَ

(شَقَقَ)
(هـ) فِيهِ «لَوْلاَ أنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأمَرْتُهم بالسِّواك عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ» أَيْ لَوْلَا أَنْ أثقِّل عَلَيْهِمْ، مِنَ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ الشِّدّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «وجَدني فِي أَهْلِ غُنَيمة بِشِقٍّ» يُرْوَى بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ فَالْكَسْرُ مِنَ الْمَشَقَّةِ، يُقَالُ هُمْ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ إِذَا كَانُوا فِي جَهْد، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى «لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ» وأصلُه مِنَ الشِّقِّ: نصفِ الشَّيْءِ، كَأَنَّهُ قَدْ ذَهَب نصفُ أنفُسكم حَتَّى بلغْتُموه.
وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهُوَ مِنَ الشَّقِّ: الفَصْل فِي الشَّيْءِ، كَأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ حَرِج ضَيِّقٍ كَالشَّقِّ فِي الجبَل. وَقِيلَ «شَقٌّ» اسْمِ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ الْحَدِيثُ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» أَيْ نصفِ تَمْرَةٍ، يُرِيدُ أَنْ لَا تَسْتَقِلوا مِنَ الصَّدقة شَيْئًا.
(هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ سَحَائِبَ مَرَّتْ وَعَنْ بَرْقها، فَقَالَ: أخَفْواً أَمْ ومِيضاً أَمْ يَشُقُّ شَقّاً» يُقَالُ شَقَّ البرقُ إِذَا لَمع مسْتَطيلا إِلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ اعتراضٌ، ويَشُقُّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي انتصبَ عَنْهُ المصْدَرَان، تَقْدِيرُهُ: أيَخْفى أَمْ يُومضُ أَمْ يَشُقُّ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَلَمَّا شَقَّ الفَجْران أمرَ بِإِقَامَةِ الصَّلاة» يُقَالُ شَقَّ الفجرُ وانْشَقَّ إِذَا طَلَع، كَأَنَّهُ شَقَّ مَوْضِعَ طُلُوعه وخرَجَ مِنْهُ.
وَمِنْهُ «أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الميِّت إِذَا شَقَّ بَصَرُه» أَيِ انْفَتح. وضمُّ الشِّينِ فِيهِ غَيْرُ مُختار.
(س) وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ «مَا كَانَ ليُخْنِيَ بابْنِه فِي شِقَّةٍ مِنْ تَمْر» أَيْ قِطْعةٍ تُشَق مِنْهُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَبُو مُوسَى بَعْدَهُ فِي الشِّينِ. ثُمَّ قَالَ:
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ غضِب فَطَارَتْ مِنْهُ شِقَّة» أَيْ قِطْعة، وَرَوَاهُ بعضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وشِقَّةٌ فِي الْأَرْضِ» هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْغَضَبِ والغيْظِ، يُقَالُ قَدِ انْشَقَّ فُلَانٌ مِنَ الغَضَب والغيْظِ، كَأَنَّهُ امْتلأ باطنُه مِنْهُ حَتَّى انْشَقَّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ «أصابَناَ شُقَاقٌ وَنَحْنُ مُحْرمون، فَسَأَلْنَا أَبَا ذَرّ فَقَالَ:
عَلَيْكُمْ بالشَّحْم» الشُّقَاق: تَشَقُّقُ الجلْدِ، وَهُوَ مِنَ الأدوَاءِ، كالسُّعال، والزُّكام، والسُّلاق.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْبَيْعَةِ «تَشْقِيقُ الْكَلَامِ عَلَيْكُمْ شديدٌ» أَيِ الــتَّطَلُّب فِيهِ ليُخْرجَه أَحْسَنَ مَخْرج.
وَفِي حَدِيثِ وَفْد عَبْدِ الْقَيْسِ «إنَّا نأتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بعيدةٍ» أَيْ مَسافةٍ بعيدةٍ. والشُّقَّةُ أَيْضًا: السَّفر الطويلُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ «عَلَى فَرَسٍ شَقَّاء مَقَّاءَ» أَيْ طَوِيلَةٍ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ احتجَمَ وَهُوَ مُحْرم مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ» الشَّقِيقَةُ: نوعٌ مِنْ صُداع يعرِض فِي مُقَدَّم الرَّأس وإِلى أَحَدِ جَانِبَيْهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أَنَّهُ أرْسَل إِلَى امْرَأَةٍ بِشُقَيْقَةٍ سُنْبُلانية» الشُّقَّةُ: جنسٌ مِنَ الثِّيَابِ وَتَصْغِيرُهَا شُقَيْقَةٌ. وَقِيلَ هِيَ نصْف ثَوْب.
(س) وَفِيهِ «النساءُ شَقَائِقُ الرِّجالِ» أَيْ نظائرُهم وَأَمْثَالُهُمْ فِي الأخْلاق والطِّباع، كأنهنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ حَوَّاء خُلِقت مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وشَقِيقُ الرجُل: أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ويُجْمع عَلَى أَشِقَّاء.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنتُم إخْواننا وأَشِقَّاؤُنَا» .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو «وَفِي الْأَرْضِ الْخَامِسَةِ حَيَّاتٌ كالخَطاَئِط بَيْن الشَّقَائِقِ» هِيَ قِطَع غِلاظ بَيْنَ حِباَل الرَّمْلِ، واحِدتُها شَقِيقَةٌ. وَقِيلَ هِيَ الرِّمال نَفْسها.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ «إِنَّ فِي الجنَّة شَجَرَةً تَحْمِلُ كسْوة أهلِها، أشَدَّ حُمْرة مِنْ شَقَائِقِ النُّعْمان» هُوَ هَذَا الزَّهْر الأحمرُ المعروفُ. وَيُقَالُ لَهُ الشَّقِرُ. وأصلُه مِنَ الشَّقِيقَةِ وَهِيَ الفُرْجة بَيْنَ الرِّمال. وَإِنَّمَا أُضيفت إِلَى النُّعمان وَهُوَ ابنُ المُنْذر مَلِك الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَ شَقَائِقُ رَمْلٍ قَدْ أنْبتت هَذَا الزَّهر، فاستَحْسَنه، فَأَمَرَ أَنْ يُحْمَى لَهُ، فأضِيفَت إِلَيْهِ، وسمِّيت شَقَائِق النُّعمان، وغَلَب اسمُ الشَّقَائِقِ عَلَيْهَا. وَقِيلَ النُّعمان اسمُ الدَّم، وشَقَائِقُهُ: قِطَعُه، فشُبّهت بِهِ لحُمْرتها.
وَالْأَوَّلُ أكثُر وأشهرُ.

سَمْسَمَ

(سَمْسَمَ)
فِي حَدِيثِ أَهْلِ النَّارِ «فيخرُجون مِنْهَا قَدِ امْتَحَشُوا كَأَنَّهُمْ عِيدان السَّمَاسِم» هَكَذَا يُرْوى فِي كِتاب مُسْلم عَلَى اختلافِ طُرُقه ونُسَخه، فَإِنْ صحَّت الروايةُ بِهَا فَمَعْنَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ السَّمَاسِمَ جمعُ سِمْسِمٍ، وعيدانهُ تَراها إِذَا قُلِعَت وتُرِكت ليُؤْخَذ حَبُّها دِقاَقاً سُوداً كَأَنَّهَا مُحْتَرِقة، فشبَّه بِهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يخرُجون مِنَ النَّارِ وَقَدِ امتَحَشوا.
وطالَما تطلَّبــتُ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ وسألتُ عَنْهَا فَلَمْ أرَ شَافِيًا وَلَا أُجِبْتُ فِيهَا بمَقْنَع. وَمَا أشْبَه أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفظة مُحرَّفةً، وربَّما كَانَتْ كَأَنَّهُمْ عِيدان السَّاسَم، وَهُوَ خَشب أسْود كالآبِنُوس.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الوزن

الوزن: معرفة قدر الشيء، والمتعارف في الوزن عند العامة ما يقدر بالقسطاس أو القبان.
الوزن:
[في الانكليزية] Weight ،weighing ،measure of a metre (prosody) ،form ،group
[ في الفرنسية] Pesage ،mesure d'un vers ،forme ،groupe
بالفتح وسكون الزاء المعجمة عند أهل العروض هو التقطيع، وقد سبق. وعند الصرفيين هو مقابلة الأصلي بالفاء والعين واللام والزائد بمثله إلّا في مواضع عديدة كما في الأصول الأكبري. قال الرضي في شرح الشافية: إذا أردت وزن الكلمة عبّرت عن الحروف الأصول بالفاء والعين واللام أي جعلت في الوزن مكان الحروف الأصلية هذه الأحرف الثلاثة، كما تقول ضرب على وزن فعل، وما زاد على الثلاثة يعبّر عنه بلام ثانية إن كان رباعيا كما تقول وزن جعفر فعلل، وبلام ثالثة إن كان خماسيا كما تقول وزن سفرجل فعلّل، ويعبّر عن الحرف الزائد بلفظه بأن يزاد في الوزن الحرف الزائد بعينه في مثل مكانه. تقول مضروب على وزن مفعول انتهى. فاللفظ الذي يقابل به لفظ آخر كفعل يسمّى موزونا به وذلك اللفظ الآخر يسمّى موزونا كنصر. وقال أيضا وزن الكلمة وبناؤها وصيغتها هيئتها التي يمكن أن يشاركها فيها غيرها وهي عدد حروفها المرتّبة وحركاتها المعيّنة وسكونها مع اعتبار حروفها الزائدة والأصلية كلّ في موضعه، وقد سبق شرح هذا في بيان تعريف علم الصرف في المقدمة. وقال أيضا اعلم أنّه وضع لبيان الوزن المشترك فيه لفظ متصف بالصفة التي يقال لها الوزن واستعمل ذلك اللفظ في معرفة أوزان جميع الكلمات، فقيل ضرب على وزن فعل وكذا نصر وخرج أي على صفة يتصف بها فعل، وليس قولك فعل هي المشتركة بين هذه الكلمات لأنّ نفس الفاء والعين واللام غير موجودة في شيء من الكلمات المذكورة، فكيف تكون الكلمات مشتركة في فعل، بل هذا اللفظ مصوغ ليكون محلا للهيئة المشتركة فقط بخلاف تلك الكلمات فإنّها لم تصغ لتلك الهيئة، بل صيغت لمعانيها المعلومة. فلما كان المراد من صوغ فعل الموزون به مجرّد الوزن سمّي وزنا وزنة انتهى.
فعلم ممّا ذكر أنّ للوزن ثلاثة معان: أحدها المعنى المصدري وهو المقابلة. والثاني الهيئة المذكورة. والثالث ذو الهيئة المذكورة.

وجاء في بعض كتب الصّرف: الميزان هو في معرفة الحرف الأصلي والزائد، نفس فاء وعين ولام، بدون اعتبار للتركيب في اصطلاح أهل علم الصّرف الذي هو عبارة عن جمع حرفين بسيطين أو عدّة حروف بسيطة على نهج يمكن إطلاق كلمة عليه. أمّا هذه الحروف التي لها استعداد وقابلية التركيب بدون اعتبار التركيب يقال لها: معيار. وأمّا باعتبار التركيب مثل:

فعل وأفعل، وزن وزان فيقال لها: مثل ومثال وبناء. وأمّا اللفظ الذي يستقيم مع الوزن فيسمّى موزونا، وبناء.

ويقول أهل الصّرف: إنّ وزن كلمة شرف:

فعل، ووزن أشرف: أفعل. انتهى. فالمراد بالوزن في هذه العبارة اللّفظ ذو الهيئة.
فائدة:
قال الرضي إنّما اختير لفظ فعل لهذا الغرض من بين سائر الألفاظ لأنّ الغرض الأهمّ من وزن الكلمة معرفة حروفها الأصول والزوائد وما طرأ عليها من تغيّرات حروفها بالحركة والسكون، والمطّرد في هذا المعنى الفعل والأسماء المتصلة به كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبّهة والآلة والموضع إذ لا يوجد فعلا ولا اسما متصلا به إلّا وهو في الأصل مصدر قد غيّر غالبا إمّا بالحركة كضرب وضرب، أو بالحروف كيضرب وضارب، وإمّا الاسم الصريح الذي لا اتصال له بالفعل، فكثير منه خال من هذا المعنى كرجل وفرس وجعفر لا تغيّر في شيء منها عن أصل. ومعنى تركيب ف ع ل مشترك بين جميع الأفعال والأسماء المتصلة بها إذ الضرب فعل وكذا القتل والنوم فجعلوا ما يشترك الأفعال والأسماء المتصلة بها في هيئته اللفظية ما يشترك أيضا في معناه، ثم جعلوا الفاء والعين واللام لكونها أصولا في مقابلة الحروف الأصلية فإن زادت الأصول على الثلاثة كررت اللام لأنّه لما لم يكن بدّ في الوزن من زيادة حرف بعد اللام لأنّ الفاء والعين واللام يكفي في التعبير عن أول الأصول وثانيها وثالثها كانت الزيادة بتكرير الحروف في مقابلة الأصول أولى. ولما كان اللام أقرب كرّرت هي دون البعيد فإن كانت في الكلمة الموزونة حرف زائد فهو على نوعين إن كانت الزيادة بتكرير حرف أصلي كرّر ذلك الحرف الأصلي في الوزن أي الموزون به تنبيها في الوزن على أنّ الزائد يحصل من تكرير حرف أصلي سواء كان التكرير للإلحاق كقردد فإنّه على وزن فعلل لا على وزن فعلد، أو لغيره كقطّع فإنّه على وزن فعّل لا على وزن فعطل.
ويدخل في هذا الحكم المدغم في حرف أصلي فنحو ادّارك افّاعل لا ادفاعل أو اتفاعل. وإن لم تكن الزيادة من تكرير حرف أصلي أورد في الوزن تلك الزيادة بعينها، كما يقال في ضارب فاعل وفي مضروب مفعول. وقد ينكسر هذا الأصل الممهد في أوزان التصغير وهو قولهم التصغير أوزانه ثلاثة فعيل وفعيعل وفعيعيل، ويدخل في فعيعل دريهم مع أنّ وزنه الحقيقي فعيلل وأسيود وهو أفيعل ومطيلق وهو مفيعل، ويدخل في فعيعيل عصيفير وهو فعيليل ومفيتيح وهو مفيعيل ونحو ذلك. وإنّما كان كذلك لأنّهم قصدوا الاختصار بحصر جميع أوزان التصغير فيما تشترك فيه بحسب الحركات المعيّنة والسكنات لا بحسب زيادة الحروف وأصالتها أيضا، فإنّ دريهما وأحيمرا وجديولا مثلا تشترك في ضمّ أول الحروف وفتح ثانيها ومجيء ياء ثالثة وكسر ما بعدها، فقالوا: لمّا قصدوا جمعها في لفظ للاختصار أنّ وزن الجميع فعيعل فوزنوها بوزن يكون في الثلاثي دون الرباعي لكونه أكثر منه وأقدم بالطبع، ثم قصدوا أن لا يأتوا في هذا الوزن الجامع بزيادة إلّا من نفس الفاء والعين واللام إذ لا بدّ للثلاثي إذا كان على هذا الوزن من زيادة واختيار بعض حروف اليوم تنساه للزيادة دون بعض تحكم، فلم يكن بدّ من تكرير إحدى الأصول، وفي الثلاثي لا تكون زيادة التضعيف في الفاء فلم يقولوا ففيعل بل لا يكون إلّا في العين أو اللام. فلو قالوا فعيلل لالتبس بوزن جعيفر أعني بوزن الرباعي المجرّد وهم قصدوا أوزان الثلاثي كما ذكر، فكرّروا العين ليكون الوزن الجامع وزن الثلاثي خاصة، وإن لم يقصدوا الحصر المذكور وزنوا كلّ مصغّر بما يليق به انتهى ما قال الرضى. وقيل يجوز أن يقال بدل فعيعل فعيلل وبدل فعيعيل فعيليل.
فائدة:
قد يجوز في بعض الكلمات أن تحمل الزيادة على التكرير وأن لا تحمل عليه إذا كان الحرف من حروف اليوم تنساه كما في حلتيت يحتمل أن تكون اللام مكرّرة فيكون وزنه فعليلا فيكون ملحقا بقنديل، وأن يكون لم يقصد تكرير لامه وإن اتفق ذلك بل كان القصد إلى زيادة الياء والتاء كما في عفريت فيكون فعليتا.
فائدة:

الوزن لدى أهل الصّرف نوعان:

أحدهما: أن نجعل الميزان تابعا للموزون في أصل احتمال الحركات والسكنات بدون تغيير جوهر الحروف. فنقول: قال على وزن فعل بسكون العين ورمى على وزن فعل بسكون اللام. الثاني: أن نجعل الميزان تابعا للموزون في احتمال الحركات والسكنات مع تغيير جوهر الحروف، كما لو قلنا: قال على وزن: فال ورمى على وزن فعى. وذلك بقلب العين في الميزان من قال وقلب اللام في رمى. وأمّا القسم الأول فهو أعرف وأشهر. كذا في بعض الرسائل، أي الموضح. وفي بعض شروح الشافية أمّا المبدل من الأصل فحكمه حكم الأصل مثل قال وباع فإنّ وزنهما فعل بفتح العين ولا اعتبار للسكون إلّا عند العروضيين انتهى. وقال الرضي قال عبد القاهر في المبدل عن الحرف الأصلي يجوز أن يعبّر عنه بالبدل فيقال في قال إنّه على وزن فال انتهى. وأمّا الزائد المبدل من تاء الافتعال فإنّه يعبّر عنه بالتاء انتهى. قال ابن الحاجب فإن كان في الموزون قلب مكاني قلبت الزّنة مثله كقولهم آدر اعفل، وكذلك الحذف كقولك في قاض فاع إلّا أن يبيّن فيهما. وتفصيل المباحث تطلب من شروح الشافية.

الرّبّ

الرّبّ:
[في الانكليزية] Juice ،condensed ،concentrated ،sap
[ في الفرنسية] Jus ،concentre ،condence ،suc
بالضم واحد الربوب وهي عند الأطباء أن يؤخذ ماء الشيء من النباتات والثمرات بأن يغلى بالماء أو بأن يدقّ ويعصر، ثم يصفّى ويغلظ بالطبخ أو بالشمس، كذا في بحر الجواهر.
الرّبّ:
[في الانكليزية] God ،the Lord
[ في الفرنسية] Dieu ،Seigneur
بالفتح اسم من أسماء الله تعالى. والربوبية عند الصوفية اسم للمرتبة المقتضية للأسماء التي تطلب الموجودات، فدخل تحتها العليم والسّميع والبصير والقيّوم والمريد والملك ونحو ذلك.
فإنّ العليم يقتضي المعلوم، والمريد يطلب المراد والقادر المقدور.
اعلم أنّ الأسماء التي تحت اسمه الرب هي الأسماء المشتركة بينه وبن خلقه كالعليم، تقول يعلم نفسه وخلقه، وكذا الأسماء المختصّة بالخلق كالقادر، تقول خلق الموجودات ولا تقول خلق نفسه. وهذه الأسماء أي المختصّة بالخلق تسمّى أسماء فعلية. والفرق بين اسمه الملك والرّبّ أنّ الملك اسم لمرتبة تحتها الأسماء الفعلية، والرّب اسم لمرتبة تحتها الأسماء المختصّة والمشتركة. والفرق بينه وبين الرّحمن أنّ الرّحمن اسم لمرتبة اختصّت بجميع الأوصاف العليّة الإلهية، سواء انفردت الذّات به كالعظيم والفرد، أو حصل الاشتراك كالعليم، أو اختصّت بالمخلوقات كالخالق والرازق.
والفرق بينه وبين الله أنّ الله اسم لمرتبة ذاتية جامعة لحقائق الموجودات علويها وسفليها فدخل الرّحمن تحت حيطة اسم الله والرّب تحت الرّحمن والملك تحت الرّبّ، فكانت الربوبية عرشا أي مظهرا ظهر فيها وبها الرّحمن إلى الموجودات.

ثم للربوبية تجليان: معنوي وصوري.
فالمعنوي ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التّنزيهي من أنواع الكمالات، والصّوري ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص، فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقّه ذلك المظهر من التشبيه فإنّه على ما هو له من التّنزيه، كذا في الإنسان الكامل.
وفي الاصطلاحات الصوفية الرّب اسم للحقّ عزّ اسمه باعتبار نسبة الذّات إلى الموجودات العينية أرواحا كانت أو أجسادا، فإنّ نسبة الذات إلى الأعيان الثابتة هي منشأ الأسماء الإلهية كالقادر والمريد، ونسبتها إلى الأكوان الخارجية هي منشأ الأسماء الرّبوبية كالرزاق والحفيظ. فالرّب اسم خاصّ يقتضي وجوب المربوب وتحقّقه، والإله يقتضي ثبوت المألوه وتعيّنه، وكلّ ما ظهر من الأكوان فهو صورة اسم ربّاني يرى به الحقّ وبه يأخذ وبه يفعل ما يفعل وإليه يرجع فيما يحتاج إليه وهو المعطي إيّاه ما يطلبه منه.
ربّ الأرباب هو الحقّ باعتبار الاسم الأعظم والتعيّن الأول الذي هو منشأ جميع الأسماء وغاية الغايات، إليه تتوجّه الرغبات كلها، وهو الحاوي لجميع المطالب النّسبية، وإليه الإشارة بقوله وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى لأنّه عليه الصلاة والسلام مظهر التعيّن الأول.
فالربوبية المختصّة به في هذه الربوبية العظمى انتهى. والربّ مطلقا لا يطلق إلّا عليه تعالى وعلى غيره بالإضافة نحو: ربّ الدّار مثلا كذا في البيضاوي.

التأول

التأول: طلب مآل الشَّيْء. ثمَّ (الْمَآل) اما مصدر ميمي بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول أَي طلب مَا يؤول إِلَيْهِ الشَّيْء من بَاب الْحَذف والإيصال. أَو اسْم مَكَان أَي طلب الْموضع الَّذِي يؤول إِلَيْهِ الشَّيْء أَي يرجع. وَهَذَا حَاصِل مَا ذكره سعد الْملَّة وَالدّين التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله فِي المطول فِي الْمجَاز الْعقلِيّ بقوله وَحَقِيقَة قَوْلك تأولت الشَّيْء أَنَّك تطلبــت مَا يؤول إِلَيْهِ من الْحَقِيقَة أَو الْموضع الَّذِي يؤول إِلَيْهِ من الْعقل أَي من حَيْثُ الْعقل انْتهى. والمرجع كالمآل فِي الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورين فاحفظ فَإِنَّهُ ينفعك هُنَاكَ.
وَاعْلَم أَن مَا ذكرنَا على تَقْدِير عطف قَوْله أَو الْموضع على قَوْله مَا يؤول إِلَيْهِ وَإِمَّا إِذا عطف على قَوْله الْحَقِيقَة فَيتَحَقَّق كَلَام الْفَاضِل التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله أَن التأول فِي الْمجَاز الْعقلِيّ هُوَ طلب مَا يؤول إِلَيْهِ الْإِسْنَاد سَوَاء كَانَ حَقِيقَة أَو موضعا يرجع إِلَيْهِ ذَلِك الْإِسْنَاد من جِهَة الْعقل إِذْ لَا يكون تَأَول كل إِسْنَاد فِي الْمجَاز الْعقلِيّ طلب حَقِيقَته بل قد يكون كَمَا فِي أنبت الرّبيع البقل فَإِن التأول فِيهِ طلب حَقِيقَته وَهُوَ إِسْنَاد الإنبات إِلَى مَا هُوَ لَهُ أَي أنبت الله البقل فِي الرّبيع وَقد لَا يكون. وَهَذَا إِذا لم يكن لذَلِك الْإِسْنَاد حَقِيقَة فَيكون هُنَاكَ طلب مَا يؤول إِلَيْهِ الْإِسْنَاد من جِهَة الْعقل كَمَا فِي أقدمني ببلدك حق لي عَلَيْك أَي قدمت ببلدك لحق لي عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا حَقِيقَة لهَذَا الْمجَاز الْعقلِيّ لعدم الْفَاعِل للإقدام لِأَنَّهُ موهوم لَكِن لَهُ مَحل وَهُوَ الْقدوم للحق.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.