Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بعثة

عث

عث: العُثَّة: السوسَة. والمرأة المَحْقُورة. والزمنة. والعجوز والحمقاء. جَمْعُها: عِثَاثٌ وعَثَائث.
والعَثْعَث: ظَهْر الكثيب لا نبات عليه. وعَث عِثاثاً: صوتَ. والعِثاث: الغِناء. وهو عث مال: ازاءُ مال. وَسَوِيق عُثُّ: غير مَلْتُوت. والعَثْعَثَة: التلَبُّث. والإفساد؛ جميعاً. وعَثْعَثْتُ إليه: ركَنْت. وعَثْعَثه الذئبُ: راوغه. وعَثني: ألح علي.
باب العين والثاء (ع ث، ث ع مستعملان)

عث: العُثَّةُ: السُّوسة عَثَتِ العُثَّةُ الصُّوفَ تَعُثُّه عَثّا: أي أكلته والعَثْعَثَ: ظَهْر الكَثِيب إذا لم يكن عليه نبات، قال القُطاميّ:

كأنَّها بَيْضة غَرَّاء خًدَّ لها ... في عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذَانَ والعَذَما

ثع: الثَّعْثَعَةُ: حكاية كلام الرجُل يَغِلبُ عليه الثَّاء والعين فهي لُثْغَة في كلامه 
الْعين والثاء

العُثَّة والعَثَّة: الْمَرْأَة المحقورة الخاملة، ضاوِيَّةً كَانَت أَو غير ضاويَّةً، وَجَمعهَا عِثاث. وَقَالَ بَعضهم: امْرَأَة عَثَّة بِالْفَتْح: ضئيلة الْجِسْم، وَرجل عَثّ. قَالَ يصف امْرَأَة جسيمة:

عَمِيمة ضاحِي الجسمِ ليستْ بعثَةَّ ... وَلَا دِفْنِسٍ يَطْبِي الكلابَ خِمارُها

الدِّفنس: البلْهاءُ الرَّعْناء. وَقَوله " يَطْبي الكلابَ خمارُها ": يُرِيد إِنَّهَا لَا تتوقى على خمارها من الدسم، فَهُوَ زهم، فَإِذا طرحته طَبى الكلبَ برائحته.

وعَثَّتْه الْحَيَّة تَعُثُّه عَثًّا: نفخته وَلم تنهشه، فَسقط لذَلِك شعره.

وعاثَّ فِي غنائه مُعاثَّة وعِثاثا، وعَثَّث: رَجَّع. وَكَذَلِكَ الْقوس المُرِنَّة، قَالَ كثير يصف قوسا:

هَتُوفا ذَا ذاقَها النازعونَ ... سَمِعتَ لَهَا بعدَ حَبْضٍ عِثاثا

وعَثَّه يَعُثُّه عَثًّا: رد عَلَيْهِ الْكَلَام، أَو وَبَّخه بِهِ، كعَتَّة.

والعُثَّة: السُّوسة أَو الأرَضَة، وَالْجمع: عُثّ وعُثَث وعَثَّت الصوفَ وَالثَّوْب تَعُثُّه عَثًّا: أكَلَتْه. والعُث: دُوَيْبَّة تَأْكُل الْجُلُود، وَقيل هِيَ دُوَيْبَّة تعلق الإهاب، فتأكله. هَذَا قَول ابْن الْأَعرَابِي، وَأنْشد:

تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرجالِ بفاحِمٍ ... غُدافٍ وتصْطادينَ عُثًّا وجُدْجُدا

والجُدْجُد أَيْضا: دُوَيْبَّة تعلق الإهاب فتأكله وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العُثّ بِغَيْر هَاء: دَوَابُّ تقع فِي الصُّوف. فَدلَّ على أَن العُثَّ جمع. وَقد يجوز أَن يَعْنِي بالعُثّ: الْوَاحِد، وَعبر عَنهُ بالدوابّ، لِأَنَّهُ جنس مَعْنَاهُ الْجمع وَإِن كَانَ لَفظه وَاحِدًا. وَسُئِلَ أَعْرَابِي عَن ابْنه، فَقَالَ: أعْطِيه كل يَوْم من مَالِي دانقا، وانه فِيهِ لأسرع من العُثّ فِي الصُّوف فِي الصَّيْف.

والعَثْعَث: ظهر الْكَثِيب، الَّذِي لَا نَبَات فِيهِ. وَقيل: هُوَ الْكَثِيب السهل، أنبت أَو لم ينْبت. وَقيل هُوَ الَّذِي لَا ينْبت خَاصَّة. وَالصَّحِيح الأول، لقَوْل القُطاميّ:

كَأَنَّهَا بَيْضَةٌ غَرَّاءُ خُدَّ لَهَا ... فِي عَثْعَثٍ يُنْبتُ الْحَوذانَ والغَذَما

وَرِوَايَة أبي حنيفَة: خُطَّ لَهَا. وَقيل: هُوَ رمل صعْب، توحل فِيهِ الرِّجل، فَإِن كَانَ حارا احْرِقْ الخُفّ، يَعْنِي خُفّ الْبَعِير، قَالَ أَبُو حنيفَة: العَثْعَث من مَكَارِم المنابت.

والعثعث أَيْضا: التُّرَاب. وعَثْعَثَهُ: القاه فِي العَثْعَثَ. وعَثْعَث الرجلُ بِالْمَكَانِ: أَقَامَ.

وعَثْعَث: اسْم. وَبَنُو عَثْعَث: بطن من خثعم.

عث

1 عَثَّتْهُ, (S, K,) aor. ـُ (S, Msb,) inf. n. عَثٌّ, said of the عُثَّة [or moth-worm], It ate it, or fretted it, namely, wool, (S, Msb, K, TA,) and a garment [&c.]. (TA.) And عُثَّ, said of wool [&c.], It was eaten, or fretted, by the عُثّ [or moth-worm, or moth-worms]. (TA.) b2: Also, (O, TA,) aor. as above, (TA,) and so the inf. n., (K, TA,) said of a serpent (حَيَّة), It bit him. (O, K, TA.) And It (a serpent) blew upon him, without biting him, and his hair in consequence fell off. (TA.) b3: And عَثَّنِى, (O,) inf. n. as above, (K,) He importuned me (O, K *) by asking. (TA.) [And عَتَّنِى signifies the same.]2 عَثَّّ see the next paragraph, in two places.3 عاتّ, (O,) inf. n. مُعَاثَّةٌ and عِثَاثٌ; (O, K;) and ↓ عثّث, (O,) inf. n. تَعْثِيثٌ; (K;) He raised his voice with singing: (O:) or he trilled, or quavered, in singing: (K:) or he raised his voice with singing, and trilled, or quavered: (L:) and عاثّ فِى غِنَائِهِ, inf. n. as above; and ↓ عثّث; he trilled, or quavered, in his singing. (TA.) And عِثَاثٌ is also used to signify The sounding [or ringing] of a bow when its string has been pulled to try its strength: some say that it is like the تَرَنُّم [or ringing] of a basin when it has been struck. (O, TA.) عَثٌّ: see عُثَّةٌ.

عُثٌّ i. q. سُوسٌ [i. e. The moth-worm that eats, or frets, wool, or woollen cloths]: (Msb:) [and the book-worm, or species of moth-worm that eats books: applied to both of these in the present day: and,] accord. to IAar, an insect [of the same kind] that clings to skin, or leather, and eats it: (TA:) [and the weevil; i. e.] the kind of worm, or grub, that eats corn; also called سُوسٌ: (M in art. سوس:) one thereof is termed ↓ عُثَّةٌ: (Msb:) [i. e.] عُثَّةٌ signifies a سُوسَة [or mothworm] that eats, or frets, wool: (S, A, O, K:) or a worm, or grub, that attacks wool and cloths (Mgh and Msb in art. سوس) and wheat or other food; (Mgh in that art.;) also called سُوسَةٌ: (Mgh and Msb in that art.:) and it is said to be the أَرَضَة, [generally signifying the wood-fretter, but here meaning] a certain insect that eats wool, and skin, or leather: (Msb:) the pl. of عُثَّةٌ is عُثَثٌ, (O,) or عُثٌّ, (K,) or both, (S,) or [rather]

عُثٌّ, which is expl. by IDrd as a pl., is a gen. n., having a pl. meaning though it is a sing: (TA:) the pl. of عُثٌّ is عِثَاثٌ. (Msb.) An Arab of the desert, being asked respecting his son, said, أُعْطِيهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَالِى دَانِقًا وَإِنَّهُ فِيهِ لَأَسْرَعُ مِنَ العُثِّ فِى الصُّوفِ فِى الصَّيْفِ [I give him, every day, of my property, a dánik (a small silver coin), and verily he is quicker in consuming it than the moth-worm in wool in the summer]. (TA.) And one says, فُلَانٌ عُثُّ مَالٍ, (S, O,) meaning (assumed tropical:) Such a one is a consumer of property; (PS;) like as one says إِزَآءُ مَالٍ, (S, O,) meaning “ a manager of property. ” (PS.) [See also عُثَّةٌ below: and عُثَيْثَةٌ.]

A2: أَطْعَمَنِى سَوِيقًا حُثًّا عُثًّا means [He fed me with meal of parched barley or wheat] not moistened and beaten up with anything greasy [such as clarified butter &c.]. (O: in the TA حُثًّا وَعُثًّا.) عَثَّةٌ: see the paragraph here following.

عُثَّةٌ: see عُثٌّ. b2: It is also an appellation of (tropical:) An old woman: (S, O, K:) as though, by reason of her corrupt state or conduct, and want of skill or understanding, she were a سُوسَة. (TA.) b3: Also, (O, K, TA,) and ↓ عَثَّةٌ, (TA,) A woman foul, or obscene, in tongue; (O, K, TA;) despised; obscure, or reputeless: (TA:) and a foolish, or stupid, woman: (O, K:) or, the former signifies, accord. to Az, a woman obscure, or reputeless; whether she be, or be not, lean, or emaciated: and the latter, accord. to IDrd, a woman lean, or spare, in body: and in like manner ↓ عَثٌّ applied to a man: (O:) the pl. of عثّة is عِثَاثٌ. (TA.) عِثَاثٌ Vipers that eat one another in a time of drought. (O, K.) b2: Also pl. of عُثٌّ: (Msb:) b3: and of عُثَّةٌ or عَثَّةٌ. (TA.) عُثَيْثَةٌ dim. of عُثَّةٌ [n. un. of عُثٌّ, q. v.]. (L.) It is said in a prov., عُثَيْثَةٌ تَقْرِمُ جِلْدًا أَمْلَسَا [A little moth-worm gnawing a smooth skin]: applied to a man endeavouring to make an impression, or produce an effect, upon a thing, and unable to do so: (S, O, L, K: *) and said in contempt of a man and of what the latter says in finding fault with one who is free from faults. (O.) عَثَّآءُ The serpent. (O, K.)
الْعين والثاء

الثُّرْعُلَةُ: الريشُ المجتمعُ على عُنُقِ الديك.

وارْثَعَنَّ المطَرُ: كَثرَ، قَالَ رؤبة:

كأنَّه بَعْدَ رياحٍ تَدْهَمُهْ ... ومُرْثَعِنَّاتِ الدُّجُونِ تَثِمُهْ

والمُرْثَعِنّ: السَّيْلُ الغالبُ.

والمرثعن الرجل الضَّعِيف.

وارْثَعَن: استرخى.

وكلُّ مُسْترْخ مُتَساقط: مُرْثَعنٌّ.

والعُثْرُبُ: شجرٌ نَحْو شجر الرُّمَّان فِي القَدرْ. وورقه احمر مثل ورق الحُمَّاضِ تَرِقُّ عَلَيْهِ بُطُونُ الْمَاشِيَة ثمَّ تَعْقدُ عَلَيْهِ الشَّحْمِ بعد ذَلِك وَله عساليج حُمْرٌ، وَله حَبّ كَحَبّ الحُمَّاض واحدته عُثرُبَةٌ كل ذَلِك عَن أبي حنيفَة.

والعَبَوْثُرَانُ والْعَبَيْثُرَانُ: نَبَات كالقيصوم طَّيبُ الرّيحِ. وتُفْتَح الثَّاءُ فيهمَا. الواحِدَة عَبَوْثُرَانَةٌ وعَبَيْثُرَانَةٌ.

وعَبَاثرُ: مَوْضعٌ وَهُوَ فِي انه جمْعا اسمٌ للْوَاحِد كَحَضاجِر قَالَ كَثيرٌ:

ومَرَّ فأرْوَى يَنْبُعا فَجُنُوبَهُ ... وَقد جِيدَ مِنْهُ جَيْدَةٌ فَعَباثِرُ

وعبثرو عبيثر: اسْم.

وبَعْثر المتاعَ والترَابَ: قَلَبَه.

وبَعَثر الشَّيءَ: فَرَّقَه. وَزعم يعقوبُ أَن عَيْنها بدَلٌ من غين بَغْثر أَو غَينَ بَغْثر بدَلٌ مِنْهَا.

وبَعْثرَ الخبرَ: بَحَثَه.

والبُرْعُثُ: الأسْتُ كالبُعْثُطِ.

وبَرْعَثٌ: مكانٌ.

وبُرْثُعٌ: اسمٌ.

وأُمُّ عَنْثَلٍ: الضَّبُعُ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ.

والنَّعْثَلُ: الشَّيخُ الأحْمَقُ.

وَفِيه نَعْثَلَةٌ: أَي حُمْقٌ.

والنَّعْثَلُ: الذَّكَرُ مِن الضّباعِ.

ونَعْثَلَ: خَمَعَ.

والنَّعْثَلَةُ: أنْ يمشِيَ مُفاجاً ويَقْلِبَ قَدَمْيهِ كأنَّه يَغْرِفُ بهما وَهُوَ من التَّبختر.

ونَعْثَلٌ: رجُلٌ من أهْلِ مِصْرَ، قيل: انه كَانَ يُشْبِه عُثمانَ. وَهَذَا قولُ أبي عبيد، وشاتمُو عُثمانَ يُسَمُّونَه نَعْثَلاً.

وعَثْلَبَ زَنْداً: أخذَه من شَجَر لَا يَدْرِي أيَصْلِد أم يُورِي.

وعَثْلَبَ الحوْضَ ونحوَهُ كَسَرَهُ.

ورُمحٌ مُعَثْلَبٌ مكسورٌ وَقيل المعثلَبُ: المكسور من كل شَيْء.

وعثلبَ عملَهُ: افسده، وعَثلبَ طَعَامه رمَّدَهُ أَو طحنه فجشش طحنه.

وعَثلَبٌ: اسْم مَاء.

والثَّعْلب من السبَاع معروفةٌ وَهِي الْأُنْثَى، وَقيل الذّكر ثعلبٌ وثُعْلُبانٌ، وَالْأُنْثَى ثعلَبَةٌ، وَالْجمع ثعالب، وثَعالٍ عَن اللحياني: وَلَا يُعجِبُني قَوْله، وَأما سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ لم يُجز ثَعالٍ إِلَّا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِه وَهُوَ لرَجُل من يَشْكُرَ:

لَهَا أشارِيرُ من لحْمٍ تُتَمِّرُه ... من الثَّعالِي ووخْزٌ من أرَانِيها

ووجَّهَ ذَلِك فَقَالَ: إِن الشَّاعر لما اضْطُرَّ إِلَى الْيَاء أبْدَلها مكانَ الْبَاء كَمَا يُبْدِ لَهَا مَكَان الْهمزَة. وثَعْلَبَ الرَّجُلُ وتَثَعْلَبَ: جَبُنَ ورَاغَ، على التَّشبِيه بعَدْو الثَّعلَب، قَالَ:

إِن رَآنِي شاعِرٌ تَثَعْلَبا

وثَعْلَبُ الرُّمْحِ: مَا دَخَل فِي جُبَّةِ السِّنانِ، مِنْهُ.

والثَّعْلَبُ: الجُحْر الَّذِي يَسِيل مِنْهُ ماءُ المَطَر، وقِيلَ: إِذا نُشِرَ التمْرُ فِي الجَرِين فَخَشُوا عَلَيْهِ المطَرَ عمِلُوا لَهُ جُحْراً يَسيل مِنْهُ ماءُ المَطَرِ. فاسْمُ ذَلِك الجُحْرِ الثَّعْلَبُ.

والثَّعْلَبُ: مَخْرَجُ الماءِ من الدبِّار أَو الحَوْض.

والثَّعْلَبَةُ: العُصْعُصُ.

والثَّعْلَبَةُ: الاسْتُ وثَعْلَبَةُ: اسمٌ غلب على القَبيلةِ.

والتعْلَبَتانِ: ثَعْلَبَةُ بن جَدْعاءَ وثَعْلَبَةُ ابنُ رُومانَ.

والثعالبُ: قبائل العَرَبِ شَتَّى: ثَعْلَبَةُ فِي بني أسَدٍ. وثَعْلبةُ فِي بني تَمِيم. وثعلبةُ فِي طَيِّء. وثعلبة فِي بني رَبيعَةَ. وَقَول الْأَغْلَب:

جارِيَةٌ من قَيْسٍ ابنِ ثَعْلَبَهْ ... كَرِيمَةٌ أخْوَاُلها والعَصَبَهْ

إِنَّمَا أَرَادَ من قَيْسِ بن ثَعْلَبَةَ فاضْطُرَّ فَأثْبت النُّونَ. قَالَ ابْن جني: الَّذِي أُرى انه لم يُرِد فِي هَذَا الْبَيْت وَمَا جَرى مجْرَاه أَن يُجري ابْنا وَصْفا على مَا قبله وَلَو أَرَادَ ذَلِك لحذَف التَّنْوينَ. ولكنَّ الشَّاعِر أَرَادَ أَن يُجْرِيَ ابْنا على مَا قبله بَدَلا مِنْهُ، وَإِذا كَانَ بَدَلاً مِنْهُ لم يُجْعَلْ مَعَه كالشيء الْوَاحِد فَوَجَبَ لذَلِك أَن يُنْوي انْفِصَال ابْن مِمَّا قَبْله، وَإِذا قُدِّرَ بذلك فقدقام بِنَفسِهِ. وَوَجَب أَن يبتدأ، فَاحْتَاجَ إِذا إِلَى الْألف لِئَلَّا يَلْزَمَ الِابْتِدَاء بالسَّاكن. وعَلى ذَلِك تَقول كلَّمْتُ زيدا ابْن بكر كَأَنَّك قلت كلمت ابْن بكر وكأنك قلت كلمت زيدا كلمتُ ابْن بَكْرٍ لِأَن ذَلِك حُكْمُ البَدَلِ. إذِ البَدَلُ فِي التَّقْدِير من جمْلَةٍ ثَانِيَة غير الْجُمْلَة الَّتِي المُبْدَلُ منهُ مِنْهَا. والقولُ الأوَّلُ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.

وثُعَيْلباتُ: مَوضِع.

والثَّعْلَبِيَّةُ: أَن يْعدُوَ الفرسُ عَدْوَ الكَلبِ. والثَّعْلَبيَّة: مَوْضِعٌ.

وعَثْلَمَةُ: مَوْضعٌ.

والعَمَيْثَلُ من كل شيءٍ: البَطيءُ لعِظَمِه أَو تَرَهُّله، والأنْثى بِالْهَاءِ.

والعَمَيْثَلَةُ من الْإِبِل: الجسيمةُ.

والعَمَيْثَلُ: الذَّي يُطيل ثِيَابه.

والعَمَيْثَلُ: الطَّويل الذَّنَبِ من الظَّبِاء والوُعُول.

والعَمَيْثَلُ: القصيرُ المُسْتَرخي، قَالَ:

لَيْسَ بِمُلْتاث وَلَا عَمَيْثَل

وَقد يكون العَمَيْثَل هُنَا الذّي يُطيل ثيابَه والعَمَيْثَل: الجَلْدُ النَّشيط، عَن السيرافي، وَقيل: العميْثَلُ: الضخم الشَّديد العريض، وَهُوَ من صفة الْأسد والجمل وَالْفرس وَالرجل.

وتلعثمَ عَن الأمَرِ: نَكَل. وَقيل: التَّلعْثم: الِانْتِظَار.

وَمَا تَلَعْثَم عَن شَتْمي أَي مَا تأخَّرَ وَلَا كَذَّبَ.

وقَرَأ فَما تَلَعْثَمَ أَي مَا تَوَقَّفَ وَلَا تَرَدَّدَ. وَقيل: مَا تَلَعْثَمَ أَي لم يُبْطيءْ بِالْجَوَابِ. وَقد تقدّمت بالذَّال. وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قَالَ: " مَا عَرَضْتُ الإسلاَم على أحَدٍ إِلَّا كانَتْ فِيهِ كَبْوَةٌ إِلَّا أنَّ ابا بَكْرٍ مَا تَلَعْثَم " أَي اجا ب من سَاعَته وصَدَّق بِالْإِسْلَامِ.

وعَنْبَثٌ شُجَيْرَةٌ زَعَمُوا. وَلَيْسَ بثَبتٍ.

وعَبْثَمٌ: اسمٌ.

هَدَيَ 

(هَدَيَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلَانِ [أَحَدُهُمَا] التَّقَدُّمُ لِلْإِرْشَادِ، وَالْآخَرُ بَعْثَةُ لَطَفٍ.

فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ هِدَايَةً، أَيْ تَقَدَّمْتُهُ لِأُرْشِدَهُ. وَكُلُّ مُتَقَدِّمٍ لِذَلِكَ هَادٍ. قَالَ:

إِذَا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي الْبِلَا ... دِ صَدْرُ الْقَنَاةِ أَطَاعَ الْأَمِيرَا

وَيُنْشَعَبُ هَذَا فَيُقَالُ: الْهُدَى: خِلَافُ الضَّلَالَةِ. تَقُولُ: هَدَيْتُهُ هُدًى. وَيُقَالُ أَقْبَلَتْ هَوَادِي الْخَيْلِ، أَيْ أَعْنَاقُهَا، وَيُقَالُ هَادِيهَا: أَوَّلُ رَعِيلٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ. وَالْهَادِيَةُ: الْعَصَا، لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ مُمْسِكَهَا كَأَنَّهَا تُرْشِدُهُ.

وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: نَظَرَ فُلَانٌ هَدْيَ أَمْرِهِ أَيْ جِهَتَهُ، وَمَا أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ، أَيْ هَدْيَهُ. وَيَقُولُونَ: جَاءَ فُلَانٌ يُهَادِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، إِذَا كَانَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا. وَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ ثُمَّ رَمَيْتُ بِآخَرَ هُدَيَّاهُ، أَيْ قَصْدَهُ. وَالْبَابُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ كُلِّهِ وَاحِدٌ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْهَدِيَّةُ: مَا أَهْدَيْتَ مَنْ لَطَفٍ إِلَى ذِي مَوَدَّةٍ. يُقَالُ: أَهْدَيْتُ أُهْدِي إِهْدَاءً. وَالْمِهْدَى: الطَّبَقُ تُهْدَى عَلَيْهِ.

وَمِنَ الْبَابِ الْهَدِيُّ: الْعَرُوسُ، وَقَدْ هُدِيَتْ إِلَى بَعْلِهَا هِدَاءً. قَالَ:

فَإِنْ تَكُنِ النِّسَاءُ مُخَبَّآتٍ ... فَحُقَّ لِكُلِّ مُحْصَنَةٍ هِدَاءُ

وَالْهَدْيُ وَالْهَدِيُّ: مَا أُهْدِيَ مِنَ النَّعَمِ إِلَى الْحَرَمِ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ هَدِيٌّ وَهَدْيٌ. قَالَ:

وَطُرَيْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ كَانَ هَدِيَّهُمْ ... ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذَالِهِ بِمُهَنَّدِ

وَقِيلَ الْهَدِيُّ: الْأَسِيرُ.

أَمَّا الْمَهْمُوزُ فَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْقِيَاسِ، وَأَكْثَرُهُ يَدُلُّ عَلَى السُّكُونِ. وَهَدَأَ هُدُوًّا، أَيْ سَكَنَ. وَهَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِذَا نَامَ النَّاسُ. وَأَهْدَأَتِ الْمَرْأَةُ صَبِيَّهَا بِيَدِهَا لِيَنَامَ، أَيْ سَكَّنَتْهُ. وَمَضَى هُدْءٌ مِنَ اللَّيْلِ: بَعْدَ نَوْمَةٍ أَوَّلَ مَا يَسْكُنُ النَّاسُ. وَالْهَدَأَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ السَّهْلِ.

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ: الْهَدَأُ، وَهُوَ إِقْبَالُ الْمَنْكِبِ نَحْوَ الصَّدْرِ، كَالْجَنَأِ.

حزن

ح ز ن: (الْحُزْنُ) وَ (الْحَزَنُ) ضِدُّ السُّرُورِ وَقَدْ (حَزِنَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ وَ (حُزْنًا) أَيْضًا فَهُوَ (حَزِنٌ) وَ (حَزِينٌ) وَ (أَحْزَنَهُ) غَيْرُهُ وَ (حَزَنَهُ) أَيْضًا مِثْلُ أَسْلَكَهُ وَسَلَكَهُ وَ (مَحْزُونٌ) بُنِيَ عَلَيْهِ وَحَزَنَهُ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَ (أَحْزَنَهُ) لُغَةُ تَمِيمٍ وَقُرِئَ بِهِمَا. وَ (احْتَزَنَ) وَ (تَحَزَّنَ) بِمَعْنًى. وَفُلَانٌ يَقْرَأُ (بِالتَّحْزِينِ) إِذَا أَرَّقَ صَوْتَهُ بِهِ. وَ (الْحَزْنُ) مَا غَلُظَ مِنَ الْأَرْضِ وَفِيهَا (حُزُونَةٌ) . 
حزن
الحُزْن والحَزَن: خشونة في الأرض وخشونة في النفس لما يحصل فيه من الغمّ، ويضادّه الفرح، ولاعتبار الخشونة بالغم قيل: خشّنت بصدره: إذا حزنته، يقال: حَزِنَ يَحْزَنُ، وحَزَنْتُهُ وأَحْزَنْتُهُ قال عزّ وجلّ: لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ [آل عمران/ 153] ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر/ 34] ، تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً [التوبة/ 92] ، نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
[يوسف/ 86] ، وقوله تعالى:
وَلا تَحْزَنُوا [آل عمران/ 139] ، ولا تَحْزَنْ [الحجر/ 88] ، فليس ذلك بنهي عن تحصيل الحزن، فالحُزْن ليس يحصل بالاختيار، ولكن النهي في الحقيقة إنما هو عن تعاطي ما يورث الحزن واكتسابه، وإلى معنى ذلك أشار الشاعر بقوله:
من سرّه أن لا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يبالي له فقدا
وأيضا فحثّ للإنسان أن يتصوّر ما عليه جبلت الدنيا، حتى إذا ما بغتته نائبة لم يكترث بها لمعرفته إياها، ويجب عليه أن يروض نفسه على تحمّل صغار النوب حتى يتوصل بها إلى تحمّل كبارها.
الحزن: عبارة عما يحصل لوقوع مكروه، أو فوات محبوب في الماضي.

حزن


حَزَنَ(n. ac. حُزْن)
a. Grieved, saddened, afflicted.

حَزِنَ(n. ac. حِزْنَاْن)
a. ['Ala
or
La], Grieved, mourned over, at, for.
حَزَّنَa. Grieved, saddened, afflicted.

أَحْزَنَa. see IIb. Walked over rough ground.

تَحَزَّنَإِحْتَزَنَa. Grieved, mourned, lamented.

حَزْن
(pl.
حُزُوْن)
a. Rough, rugged ground. —
حُزْن حَزَن
(pl.
أَحْزَاْن), Grief, sadness, sorrow.
حَزِنa. see 25
حُزَاْنَةa. Cause of care, or of trouble: family;
household.

حَزِيْن
(pl.
حَزَاْنَى
حِزَاْن
حُزَنَآءُ
43)
a. Grieving, sorrowing, lamenting; sad; plaintive (
voice ).
N. P.
حَزڤنَأَحْزَنَa. Grieved, sad, afflicted.
ح ز ن : حَزَنَ حَزَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَالِاسْمُ الْحُزْنُ بِالضَّمِّ فَهُوَ حَزِينٌ وَيَتَعَدَّى فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ بِالْحَرَكَةِ يُقَالُ حَزَنَنِي الْأَمْرُ يَحْزُنُنِي مِنْ بَابِ قَتَلَ قَالَهُ ثَعْلَبٌ وَالْأَزْهَرِيُّ. وَفِي لُغَةِ تَمِيمٍ بِالْأَلِفِ وَمَثَّلَ الْأَزْهَرِيُّ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فِي اللُّغَتَيْنِ عَلَى بَابِهِمَا وَمَنَعَ أَبُو زَيْدٍ اسْتِعْمَالَ الْمَاضِي مِنْ الثُّلَاثِيِّ فَقَالَ لَا يُقَالُ حَزَنَهُ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ الْمُضَارِعُ مِنْ الثُّلَاثِيِّ فَيُقَالُ يَحْزُنُهُ وَالْحَزْنُ مَا غَلُظَ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ خِلَافُ السَّهْلِ وَالْجَمْعُ حُزُونٌ مِثْلُ: فَلْس وَفُلُوسٍ. 
[حزن] نه فيه: إذا "حزنه" أمر صلى، أي أوقعه في الحزن، حزنني الأمر وأحزنني فأنا محزون، ولا يقال: منحزن، وروى بالباء، وقد مر. ومنه ح: إن الشيطان "يحزنه" أي يوسوس إلى من يغزو بلا نية ويندمه ويقول: لم تركت أهلك ومالك؟ فيقع في الحزن. وفي ح ابن المسيب: أراد صلى الله عليه وسلم تغيير اسم جده "حزن" فقال: لا أغير اسماً سماني به أبى، فقال سعيد: فما زالت فينا تلك "الحزونة" الحزن الكان الغليظ الخشن، والحزونة الخشونة. ك: كره الحزن بفتح حاء وسكون زاي لما فيه من الصعوبة فإنه أرض غليظ. وفيه: ولا "يحزنك" الله، روى من الحزن والإحزان والإخزاء. نه ومنه ح: "محزون" اللهزمة، أي خشنها وإن لهزمته تدلت من الكآبة. وفيه: "أحزن" بنا المنزل، أي صار ذا حزونة، ويجوز كونه من أحزن الرجل إذا ركب الحزن.
(حزن) - في حَدِيثِ الشّعبي: "أَحزَن بنا المَنْزِل" .
هو من الحُزونَةِ: وهي غِلَظُ المَكَان وخُشونَتُه، يقال: أَحزَن إذا حَلَّ بالحَزْن. ويقال: الحَزْن من النَّاس والدَّوابّ. الذي فيه الحُزُونَة والخُشُونَة والشَّراسَة. - ومنه حَدِيث سَعِيدِ بنِ المُسَيَّب بن حَزْن : "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، أَرادَ أن يُغَيِّر اسمَ حَزْن، فأَبَى وقال: لا أُغَيِّر اسماً سَمَّانِي به أَبِي. قال سَعِيد: فما زَالَت فِينَا تِلكَ الحُزونَة بَعْد".
- في حَدِيثِ المُغِيرة: "محَزُونُ اللِّهْزِمَةِ أو الهَزَمَة"
: أي خَشِنُها، أو أَنَّ لهازِمَه تَدَلَّت من الكَآبة. ويَجُوز أن يكون بِمَعْنى: رَكِب الحَزْن.
ح ز ن

أحزنه فراقك، وهو مما يحزنه، وله قلب حزين ومحزون وحزن، وقد حزن واحتزن. قال العجاج:

بكيت والمحتزن البكي

وما أشد حزنه وحزنه. وأرض حزنة. وقد حزنت واستحزنت. وأحسن من روضة الحزن، والروض في الحزونة احسن منه في السهولة، وهذه أرض فيها حزونة وخشونة، وكم أسهلنا وأحزنا. وهؤلاء حزانتك، أي أهلك الذي تتحزن لهم، وتهتم بأمورهم. وفلان لا يبالي إذا شبعت خزانته، أن تجوع حزانته.

ومن المجاز: صوت حزين: رخيم. وقولهم للدابة إذا لم يكن وطيئاً: إنه لحزن المشي، وفيه حزونة. ورجل حزن إذا لم يكن سهل الخلق. قال:

شيخ إذا ما لبس الدرع حرن ... سهل لمن ساهل حزن للحزن

حرك ما قبل حرف الإعراب بنحو حركته للوقف، كقولهم: مررت بالنفر.
[حزن] الحُزْنُ والحَزَنُ: خلاف السرور. وحَزِنَ الرجل بالكسر فهو حَزِنٌ وَحَزينٌ. وأحَزْنَهُ غيره وحَزَنَهُ أيضاً، مثل أسلكه وسلكه. ومحزونٌ بُنيَ عليه. وقال اليزيدي: حَزَنَهُ لغة قريش، وأَحْزَنَهُ لغة تميم، وقد قرئ بهما. واحتزن وتحزن بمعنى. قال العجاج: بكيت والمحتزن البكى وإنما يأتي الصبا الصبى والحزانة بالضم والتخفيف: عِيال الرجل الذي يتحزن بأمرهم. وفلان يقرأ بالتحزين، إذا أرقّ صوتَه به. والحَزْنُ: ما غلُظَ من الأرض. وفيها حزونة. ابن السكيت: بعير حزنى: يرعى في الحزن من الارض. وقول أبى ذؤيب يصف مطرا: فحط من الحزن المغفرا ت والطير تلثق حتى تصيحا قال الاصمعي، الحزن الجبال الغلاظ، الواحدة حزنة، مثل صبرة وصبر. والحزن: بلاد للعرب. والحزن: حى من غسان، وهم الذين ذكرهم الاخطل في قوله: تسأله الصبر من غسان إذ حضروا والحزن كيف قراه الغلمة الجشر والحزون: الشاة السيئة الخلق.
حزن الحُزْنُ والحَزَنُ مَعْرُوفان، حَزْنَني يَحْزُنُني حُزْناً، فأنا مَحْزُوْنٌ، وهو حازِنٌ. وأحْزَنَني يُحْزِنُني، فأنا مُحْزَنٌ، وهو مُحْزِنٌ، وحُزَانَةُ الرَّجُلِ مَنْ يَتَحَزَّنُ بأمْرِه، وفي قَلبي عليك حَزَانَةٌ أي حُزْنٌ والمُحْتَزِنُ البَكِيُّ الحَزِيْنُ. ورَجُلٌ مَحْزُوْنٌ، ولا يُقال حَزَنَه الأمْرُ؛ عند قَوْمٍ، بل يُقال أحْزَنَه الأمْرُ؛ في المعنى، ويقولون يَحْزُنُه.
قال ابنُ الأعرابيِّ ومحمَّدُ بن حَبيب: الحُزْنُ: ما ثَبَتَ في القَلْبِ فلم يُسْلَ، والحَزَنُ - بفَتْحَتَيْن -: ما سَلاه صاحِبُ المُصِيْبَةِ. وقال الحَسَنُ لابْنِه: لقد شَغَلَني الحُزْنُ عليكَ عن الحُزْنِ لك. والحَزْنُ والحَزْنَةُ من الأرْضِ والدَّوابِّ: ما فيه خُشُوْنَةٌ، والفِعْلُ: حَزُنَ حُزُوْنَةً. ورَجُلٌ حَزْنٌ: شَرِسٌ، وقَوْمٌ حَزَنٌ. والحَزُوْنُ: الشّاةُ السَّيِّئةُ الخُلُقِ. وبَعيرٌ حَزْنيٌّ: يَرْعى الحَزْنَ. والحُزْنُ: الصُّخُوْرُ، والحُزُوْنًةُ.
زحن زَحَنَ الرَّجُلُ يَزْحَنُ زَحْناً وتَزَحَّنَ تَزَحُّناً وهو بُطْؤه عن أمْرِهِ وعَمَلِه، وله زَحْنَةٌ بَعْدُ أي شُغْلٌ يُبْطئُه. والرَّجُلُ الزِّيْحَنَّةُ المُتَباطئُ عند الحاجَةِ، قال
إذا ما اسْتَوى الزِّيْحَنَّةُ المُتَأزِّفُ
وتَزَحَّنْتُ الشَّرَابَ تَزَحُّناً: تَكَارَهْتَ عليه وأنتَ لا تَشْتَهِيْه. والزُّحْنَةُ: ما اعْوَجَّ من الوادي. ويَوْمٌ زَحِنٌ: شَدِيدُ الحَرِّ. والزَّحْنَةُ: الحَرُّ. وإنَّ فيك زَحْنَةً: أي مَكَانَةً.
باب الحاء والزاي والنون معهما ح ز ن، ز ح ن، ن ز ح، ن ح ز مستعملات

حزن: الحُزْن والحَزَن، لغتان [إذا ثقّلوا فتحوا، وإذا ضحّوا خفّفوا، يقال: أصابه حَزَنٌ شديدٌ، وحُزْنٌ شديد] ، ويقال: حَزَنَني الأمرُ [يَحْزُنُني فأنا محزون] وأحزنني [فأنا مُحْزَنٌ، وهو مُحْزِنٌ] ، لغتان أيضاً، ولا يقال: حازن. وروي عن أبي عمرو : إذا جاء الحَزَنُ منصوباً فَتَحوه، وإذا جاء مكسوراً مرفوعاً ضَمَّوه، قال الله عز وجل-: وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ وقال- عزَّ اسمه-: وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً . وقوله- عز وجل-: نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ

. ضَمُّوا الحاءَ هنا لكَسْرة النون، كأنّه مجرور في استعمال الفعل. وإذا أفردُوا الصَّوْتَ والأمْرَ قالوا: أمْرٌ مُحزن وصَوْتٌ محُزن ولا يقال: حازن. والحَزْنُ من الأرض والدَّوابِّ: ما فيه خُشونة، والأنثى حَزْنة، وقد حَزُنَ حُزونةً. وحُزانةُ الرجل: من يَتَحَزَّن بأمره. ويُسَمِّي سَفَنْجقانية العرب على العجم في أوَّل قُدومهم الذي استَحَقُّوا به ما استَحَقُّوا من الدور والضياع حُزانة .

زحن: زَحَنَ الرجلُ يزْحَنُ زَحْناً، وتَزَحَّنَ تَزَحُّناً أي: أبطَأَ عن أمره وعَمَله. وإذا أرادَ رَحيلاً فعَرَضَ له شُغْل فبَطَّأَ به قلت: له زَحْنةٌ بعد. والرجل الزيحنة : المتباطىء عند الحاجة تُطلَب إليه، قال: إذا ما التَوَى الزِّيحَنَّةُ المُتآزِفُ

نزح: نَزَحَتِ الدارُ تَنْزَح نُزُوحاً أي بَعُدَت. ووَصْل نازح أي بعيد، قال:

أم نازحُ الوصْل مِخلافٌ لشِيمته

ونَزَحْتُ البِئْرَ، ونَزَحْتُ ماءَها، وبئر نَزوحٌ ونَزَحٌ أي قليلة الماء، [ونَزَحَتِ البِئْرٌ، أي: قلّ ماؤها] والصَّواب عندي: نُزِحَتِ البئرُ أي: اسْتُقِيَ ما فيها.

نحز: النَحْز كالنَّخْس. والنَّحْز شَبْهُ الدَّقّ. والراكبُ يَنْحَزُ بصدره واسِطَ الرَّحْل، قال ذو الرمة:

إذا نَحَزَ الإدْلاجُ ثُغرةَ نَحْره ... به أَنَّ مُستْرخي العِمامِة ناعِسُ

قال: والنُّحازُ داءٌ يأخُذُ الإبل والدَّوابَّ في رِئاتها ، وناقةٌ ناحِز: بها نُحاز، قال القطامي:

تَرَى منه صدور الخيل زورا ... كأن بها نحازا أو دكاعا  والنّاحزِ أيضاً: أن يُصيبَ المِرفقُ كِرْكِرةَ البعير، فيقال: به ناحز ، وإذا أصابَ حَرْفَ الكِرْكَرة المِرفقُ فحزَّة قيلَ: بها حازٌّ، مُضاعَف، فإذا كان من اضطغاط عند الأبِطْ قيل بها ضاغِط. والمِنْحاز ما يُدَقُّ به. ونَحيزة الرجل: طبيعتُه، وتجمع: نَحائز. ونَحيزةُ الأرض كالطِّبَّة ممدودةٌ في بَطن الأرض تقود الفَراسِخَ وأقلّ (من ذلك) ، ويجيء في الشعر نَحائز يُعْنَى بها طِبَبٌ من الخِرَق والأَدَم إذا قُطِعَتْ شرُكُاً طِوالاً.
الْحَاء وَالزَّاي وَالنُّون

الحُزْنُ والحَزنُ: نقيض الْفَرح. قَالَ الْأَخْفَش: والمثالان يعتقبان على هَذَا الضَّرْب باطراد. وَالْجمع أحزان، لَا يكسر على غير ذَلِك. وَقد حَزِنَ حَزنا وتحازَنَ وتحَزَّن. وَرجل حَزْنان ومِحْزانٌ: شَدِيد الحُزْنِ. وحَزَنه الْأَمر يحْزُنُه حُزْنا وأحْزَنَه فَهُوَ محزون ومُحْزَنٌ وحَزِينٌ وحَزِنٌ، الْأَخِيرَة على النّسَب، من قوم حِزانٍ وحُزَناءَ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أحْزَنَه: جعله حزِينا، وحَزَنَه: جعل فِيهِ حُزْنا، كأفتنه جعله فاتنا، وفتنه جعل فِيهِ فتْنَة.

وعام الحزَنِ: الْعَام الَّذِي مَاتَت فِيهِ خَدِيجَة وَأَبُو طَالب فَسَماهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الحزَنِ حكى ذَلِك ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: وَمَاتَا قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين.

وَقَوله تَعَالَى: (وقالُوا الحمدُ للهِ الَّذِي أذهبَ عَنَّا الحَزَنَ) قَالُوا فِيهِ: الحزَنُ: هم الْغَدَاء وَالْعشَاء، وَقيل: هُوَ كل مَا يَحزُنُ من حَزَنِ معاش أَو حَزَنِ عَذَاب أَو حَزَِ موت، فقد أذهب الله عَن أهل الْجنَّة كل الأحزان.

والحُزَانَة: عِيَال الرجل الَّذين يتَحَزَّنُ بأمرهم. وَفِي قلبه عَلَيْك حزَانةٌ: أَي فتْنَة.

والحُزَانَةُ: قدمة الْعَرَب على الْعَجم فِي أول قدومهم الَّذِي استحقوا بِهِ مَا استحقوا من الدّور والضياع.

والحَزْنُ: مَا غلظ من الأَرْض، وَالْجمع حزُونٌ. وَقَوله: " الحَزْنُ بَابا والعقور كَلْبا " أجْرى الِاسْم فِيهِ مجْرى الصّفة، لِأَن قَوْله: الْحزن بَابا، بِمَنْزِلَة قَوْله: الوعر بَابا والممتنع بَابا. وَقد حَزُن الْمَكَان حُزونةً، جَاءُوا بِهِ على بِنَاء ضِدّه وَهُوَ مَكَان سهل وَقد سهل سهولة. قَالَ أَبُو حنيفَة: الحزْنُ، حَزْنُ بني يَرْبُوع، وَهُوَ قف غليظ مسير ثَلَاث لَيَال فِي مثلهَا. وَهِي بعيدَة من الْمِيَاه فَلَيْسَ ترعاها الشَّاء وَلَا الْحمر، فَلَيْسَ فِيهَا دمن وَلَا أرواث.

وبعير حَزْنىٌّ: يرْعَى الحَزْنَ.

والحَزْنَةُ لُغَة فِي الحَزْنِ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

فَحَطَّ من الحزَنِ المُغْفِرا ... تِ والطَّيرُ تَلثَقُ حَتَّى تَصِيحا

والحَزْنُ من الدَّوَابّ: مَا خشن صفة.

والحزْنُ قَبيلَة من غَسَّان، قَالَ الأخطل:

تَسألُه الصُّبْرُ من غَسَّان إِذْ حضَروا ... والحَزْنُ: كَيفَ قرَاكَ الغلمةُ الجَشَرُ

والحَزْنُ بِلَاد بني يَرْبُوع، عَن ابْن الْأَعرَابِي وَأنْشد: وَمَالِي ذنْبٌ إِن جَنوبٌ تنَفَّستْ ... بنَفْحة حَزْنِيّ من النَّبْتِ أخْضَرا

قَالَ هَذَا، رجل اتهمَ بسرق بعير فَقَالَ لَيْسَ هُوَ عِنْدِي، إِنَّمَا نزع إِلَى الحَزْنِ الَّذِي هُوَ هَذَا الْبَلَد، يَقُول: جَاءَت الْجنُوب برِيح البقل فَنزع إِلَيْهَا.

والحَزْنُ فِي قَول الْأَعْشَى:

مَا روْضَةٌ من رياضِ الحَزْنِ مُعْشِبةٌ ... خضرَاءُ جادَ عَلَيْهَا مُسبِلٍ هَطِلُ

مَوضِع مَعْرُوف كَانَت ترعى فِيهِ إبل الْمُلُوك، وَهُوَ من أَرض بني أَسد.

وحُزَن: جبل، وروى بَيت أبي ذُؤَيْب:

فأنزَلَ من حُزَن المُغْفِرا ... تِ والطيرُ تَلْثَقُ حَتَّى تصيحا

وَرَوَاهُ بَعضهم: من حُزُنٍ، بِضَم الْحَاء وَالزَّاي.

وحَزْنٌ: رجل. قَالَ سُوَيْد بن عُمَيْر:

أفَرْدٌ جامعٌ للقَومِ حَزْنا ... وعمْراً إذْ يَنُوءُ وَلَا يقُومُ
حزن
حزَنَ يَحزُن، حُزْنًا، فهو مُحزِن (على غير قياس)، والمفعول مَحْزون وحَزين
• حزَنه الأمرُ: غمَّه وكدَّره، همَّه وكربه، عكس سرَّه "ورَدني نبأ حَزنني كثيرًا- {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} ". 

حزِنَ يَحزَن، حَزَنًا وحُزْنًا، فهو حَزِن وحَزْنَانُ/ حَزْنَانٌ وحَزين
• حزِن الرَّجلُ: اغتمَّ "حزِنَ لرؤية ولدِه مرهقًا- {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} ".
• حزِنت المرأةُ: لبست السّواد. 

أحزنَ يُحزِن، إحزانًا، فهو مُحْزِن، والمفعول مُحْزَن
• أحزَنه الخبرُ: حزَنه، غمَّه، أتعسه "أحزنه نبأُ وفاة صديقه- أحزنني ما يعانيه الشَّعب الفلسطينيّ" ° مَسْرَحِيَّة محزنة: ذات طابع مأساويّ. 

تحازنَ يتحازن، تحازُنًا، فهو مُتحازِن
• تحازن فلانٌ: تظاهر بالحُزْن. 

تحزَّنَ على/ تحزَّنَ لـ يتحزَّن، تحزُّنًا، فهو مُتحزِّن،
 والمفعول متحزَّن عليه
• تحزَّن عليه/ تحزَّن له: توجّع "تحزَّنت كثيرًا لما أصاب صديقي". 

حزَّنَ/ حزَّنَ في يحزِّن، تحزينًا، فهو مُحزِّن، والمفعول مُحزَّن
• حزَّنه: أحزنه، غمَّه، بعث في نفسه الحُزْنُ "حَزَّنني خبرُ حريق القطار".
• حزَّن القارئُ في قراءته: رقَّق صوتَه في القراءة. 

حَزْن [مفرد]: ج حُزُن وحُزون: ما غلظ من الأرض في ارتفاع أحيانًا "اللّهُمَّ لاَ سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْن إِنْ شِئْتَ سَهْلاً [حديث] " ° طوى السَّهلَ والحَزنَ. 

حَزَن [مفرد]: مصدر حزِنَ. 

حَزِن [مفرد]: ج حِزان: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من حزِنَ: كئيب محزون، من شعر بالأسى والغمّ "كان حَزِنًا جدًّا لسماع نبأ وفاة والده". 

حُزْن [مفرد]: ج أحْزان (لغير المصدر):
1 - مصدر حزَنَ وحزِنَ.
2 - خلاف الفرح، حالة من الغمّ والكآبة باطنًا، ويترجم عنه الظَّاهر في الغالب "من لا يرى الأحزانَ لا يرى الأفراحَ- رأيت الدَّهر مختلفًا يدورُ ... فلا حزنٌ يدوم ولا سرورُ- {قال إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} " ° أخرجه الحُزْن عن طوقه- ثَوْب الحُزْن- خَفِّف من حُزنك: هوِّن عليك- عام الحُزْن: العام العاشر من بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو العام الذي توفّي فيه أحبّ الناس إلى الرسول وآثرهم عنده؛ زوجته خديجة، وعمّه أبو طالب. 

حَزْنانُ/ حَزْنانٌ [مفرد]: ج حَزانَى/ حزنانون، مؤ حَزْنى/ حَزْنانة، ج مؤ حَزانَى/ حزنانات: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من حزِنَ: حَزِن، كئيب، محزون. 

حَزين [مفرد]: ج حَزانَى وحُزَناء:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من حزِنَ: حَزِن، حَزنان، كئيب، محزون.
2 - صفة ثابتة للمفعول من حَزَن.
• مالك الحزين: (حن) البلشون؛ طائر مائيّ كبير الحجم طويل العنق والجناحين والساقين، يغتذي بالأسماك ° الجمعة الحزينة: أسبوع الآلام وهو الذي يسبق عيد الفصح عند النَّصارى- صمت حزين- صوت حزين: رخيم- طقس حزين: باعث على الحزن والضَّجر- قَلْبٌ حزين: مُثقل بالهموم- نَظْرة حزينة. 

مُحزِن [مفرد]:
1 - اسم فاعل من أحزنَ.
2 - اسم فاعل من حزَنَ: على غير قياس. 

حزن: الحُزْنُ والحَزَنُ: نقيضُ الفرَح، وهو خلافُ السُّرور. قال

الأَخفش: والمثالان يَعْتَقِبان هذا الضَّرْبَ باطِّرادٍ، والجمعُ أَحْزانٌ، لا

يكسَّر على غير ذلك، وقد حَزِنَ، بالكسر، حَزَناً وتحازَنَ وتحَزَّن.

ورجل حَزْنانٌ ومِحْزانٌ: شديد الحُزْنِ. وحَزَنَه الأَمرُ يَحْزُنُه

حُزْناً وأَحْزَنَه، فهو مَحْزونٌ ومُحْزَنٌ وحَزِينٌ وحَزِنٌ؛ الأَخيرة على

النَّسب، من قوم حِزانٍ وحُزَناءَ. الجوهري: حَزَنَه لغةُ قريش، وأَحْزَنه

لغةُ تميم، وقد قرئ بهما. وفي الحديث: أَنه كان إذا حَزَنه أَمرٌ صلَّى

أَي أوْقَعه في الحُزْن، ويروى بالباء، وقد تقدم في موضعه، واحْتزَنَ

وتحَزَّنَ بمعنى؛ قال العجاج:

بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّ،

وإنما يأْتي الصِّبا الصّبِيُّ.

وفلانٌ يقرأُ بالتَّحْزين إذا أَرَقَّ صَوْتَه. وقال سيبويه: أَحْزَنَه

جعله حَزِيناً، وحَزَنَه جعلَ فيه حُزْناً، كأَفْتَنَه جعله فاتِناً،

وفَتَنه جعلَ فيه فِتنَة. وعامُ الحُزْنِ

(* قوله «وعام الحزن» ضبط في الأصل

والقاموس بضم فسكون وصرح بذلك شارح القاموس، وضبط في المحكم بالتحريك).

العامُ الذي ماتت فيه خديجةُ، رضي الله عنها، وأَبو طالب فسمّاه رسول

الله، صلى الله عليه وسلم، عامَ الحُزْنِ؛ حكى ذلك ثعلب عن ابن الأَعرابي،

قال: وماتا قَبْل الهِجرة بثلاث سنين. الليث: للعرب في الحُزْن لغتانِ،

إذا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وإذا ضَمُّوا خَفَّفوا؛ يقال: أَصابَه حَزَنٌ شديد

وحُزْنٌ شديد؛ أَبو عمرو: إذا جاء الحزَن منصوباً فتَحوه، وإذا جاء

مرفوعاً أَو مكسوراً ضموا الحاء كقول الله عز وجل: وابْيَضَّتْ عَيْناهُ من

الحُزْنِ؛ أَي أَنه في موضع خفض، وقال في موضع آخر: تَفِيضُ من الدَّمْعِ

حَزَناً؛ أَي أَنه في موضع نصب. وقال: أَشْكو بَثِّي وحُزْني إلى الله،

ضمُّوا الحاء ههنا؛ قال: وفي استعمال الفعل منه لغتان: تقول حَزَنَني

يَحْزُنُني حُزْناً فأَنا مَحْزونٌ، ويقولون أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو

مُحْزِنٌ، ويقولون: صوْتٌ مَحْزِنٌ وأَمرٌ مُحْزِن، ولا يقولون صوت حازنٌ.

وقال غيره: اللغة العالية حَزَنه يَحْزُنه، وأَكثر القرَّاء قرؤوا: ولا

يَحْزُنْك قَوْلُهم، وكذلك قوله: قَدْ نَعْلم إِنَّه لَيَحْزُنُك الذي

يقولون؛ وأَما الفعل اللازم فإِنه يقال فيه حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لا غير.

أَبو زيد: لا يقولون قد حَزَنَه الأَمْرُ، ويقولون يَحْزُنُه، فإذا

قالوا أَفْعَلَه الله فهو بالأَلف. وفي حديث ابن عمر حين ذَكَر الغَزْوَ

وذَكَر مَنْ يَغْزو ولا نِيَّةَ له فقال: إن الشيطانَ يُحَزِّنُه أَي

يُوَسْوِس إليه ويُندِّمُه ويقول له لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ؟ فيقع في

الحُزْنِ ويبْطلُ أَجْرُه. وقوله تعالى: وقالوا الحمدُ لله الذي أَذْهَبَ

عَنَّا الحَزَن؛ قالوا فيه: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيل: هو

كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ حَزَنِ معاشٍ أَو حَزَنِ عذابٍ أَو حَزَنِ موتٍ،

فقد أَذهبَ اللهُ عن أَهل الجنَّة كلُّ الأَحْزانِ. والحُزَانةُ، بالضم

والتخفيف: عيال الرجل الذين يَتَجَزَّنُ بأَمْرهم ولهم. الليث: يقول الرجلُ

لصاحبه كيف حَشَمُك وحُزانَتُك أَي كيف مَنْ تَتَحَزَّن بأَمْرِهم. وفي

قلبه عليك حُزانةٌ أَي فِتْنةٌ

(* قوله «حزانة أي فتنة» ضبط في الأصل بضم

الحاء وفي المحكم بفتحها). قال: وتسمى سَفَنْجقانِيَّةُ العرب على العجم

في أَول قُدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به من الدُّورِ والضياع ما

اسْتَحَقوا حُزانةً. قال ابن سيده: والحُزانةُ قَدْمةُ العربِ على العجم في أَوّل

قدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحقُّوا من الدُّورِ والضِّياع؛ قال

الأَزهري: وهذا كله بتخفيف الزاي على فُعَالة. والسَّفَنْجَقانيَّة:

شَرْطٌ كان للعرب على العجم بِخُراسان إذا أَخذوا بلداً صُلْحاً أَن يكونوا

إذا مرَّ بهم الجيوش أَفذاذاً أَو جماعاتٍ أَن يُنْزلوهم ويَقْرُوهم، ثم

يُزَوِّدوهم إلى ناحيةٍ أُخرى. والحَزْنُ: بلادٌ للعَربِ. قال ابن سيده:

والحَزْنُ ما غلُظَ من الأَرض، والجمع حُزُونٌ وفيها حُزُونةٌ؛ وقوله:

الحَزْنُ باباً والعَقورُ كَلْباً.

أَجرى فيه الاسم مُجْرى الصفة، لأَن قوله الحَزْنُ باباً بمنزلة قوله

الوَعْر باباً والمُمْتَنِع باباً. وقد حَزُنَ المكانُ حُزونةً، جاؤوا به

على بناء ضِدِّه وهو قولهم: مكانٌ سَهْلٌ وقد سَهُل سُهولة. وفي حديث ابن

المُسَيَّب: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَراد أَن يُغَيِّرَ اسمَ

جدِّه حَزْنٍ ويُسَمِّيَه سَهْلاً فأَبى، وقال: لا أُغيِّر اسماً سَمَّاني

به أَبي، قال: فما زالت فينا تلك الحُزونةُ بَعْدُ. والحَزْنُ: المكانُ

الغليظ، وهو الخَشِنُ. والحُزونةُ: الخُشونة؛ ومنه حديث المغيرة: مَحْزون

اللِّهْزِمة أَي خَشِنها أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّتْ من الكآبة.

ومنه حديث الشعبي: أَحْزَنَ بنا المنزلُ أَي صار ذا حُزونةٍ كأَخْصَبَ

وأَجْدَبَ، ويجوز أَن يكون من قولهم أَحْزَنَ وأَسْهَلَ إذا رَكِبَ الحَزْنَ

والسَّهْلَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونةَ حيث نَزلوا فيه. قال

أَبو حنيفة: الحَزْنُ حَزْنُ بني يربوعٍ، وهو قُفٌّ غليظ مَسِيرُ ثلاثِ

ليالٍ في مِثْلِها، وهي بعيدةٌ من المياه فليس تَرْعاها الشاءُ ولا الحُمُر،

فليس فيها دِمَنٌ ولا أَرْواث. وبعيرٌ حَزْنِيٌّ: يَرْعَى الحَزْنَ من

الأَرض. والحَزْنةُ: لغة في الحَزْنِ؛ وقولُ أَبي ذؤيب يصف مطراً:

فَحَطَّ، من الحُزَنِ، المُغْفِرا

تِ، والطَّيْرُ تَلْثَقُ حتى تَصِيحا.

قال الأَصمعي: الحُزَنُ الجبال الغلاظُ، الواحدة حُزْنة مثل صُبْرةٍ

وصُبَر، والمُغْفِراتُ: ذواتُ الأَغفار، والغُفْرُ: وَلَدُ الأُرْوية،

والمُغْفِرات مفعولٌ بِحَطَّ، ومن رواه فأَنزلَ من حُزَنِ المُغْفِراتِ حذف

التنوين لالتقاء

الساكنين، وتَلْثَق حتى تصيحا أَي ممَّا بها من الماء؛ ومثله قول

المتنخل الهذلي: وأَكْسُوا الحُلَّة الشَّوْكاءَ خِدْني،

وبَعْضُ الخَيْرِ في حُزَنٍ وِراطٍ

(* قوله «وبعض الخير» أنشده في مادة شوك: وبعض القوم). والحَزْنُ من

الدوابِّ: ما خَشُنَ، صفةٌ، والأُنْثَى حَزْنةٌ؛ والحَزْنُ: قبيلةٌ من

غَسَّانَ وهم الذين ذكرهم الأَخطل في قوله:

تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إذْ حَضروا،

والحَزْنُ: كَيْفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَرُ؟

وأَورده الجوهري: كيف قراه الغلمة الجشر؛ قال ابن بري: الصواب كيف قَراك

كما أَورده غيره أَي الصُّبْرُ تسأَل عُمَيْر بنَ الحُباب، وكان قد

قُتِل، فتقول له بعد موته: كيف قَراكَ الغِلمةُ الجشَر، وإنما قالوا له ذلك

لأَنه كان يقول لهم: إنما أَنتم جَشَرٌ، والجَشَرُ: الذين يَبِيتون مع

إبلهم في موضع رَعْيِها ولا يرجعون إلى بيوتهم. والحَزْنُ: بلادُ بني

يربوعٍ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

وما لِيَ ذَنْبٌ، إنْ جَنُوبٌ تَنَفَّسَتْ

بِنَفْحةِ حَزْنِيٍّ من النَّبْتِ أَخضرا. قال هذا رجل اتُّهم بِسَرَق

بَعِير فقال: ليس هُوَ عندي إنَّما نَزَع إلى الحَزْن الذي هو هذا

البَلَد، يقول: جاءت الجَنُوبُ بريحِ البَقْلِ فنَزَع إليها؛ والحَزْنُ في قول

الأَعشى: ما رَوْضَةٌ، مِنْ رِياضِ الحَزْن، مُعْشِبَةٌ

خَضْراءَ جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ.

موضعٌ معروف كانت تَرْعَى فيه إبِلُ المُلوك، وهو من أَرض بني أَسَدٍ.

قال الأَزهري: في بلاد العَرب حَزْنانِ: أَحدهما حَزْن بني يَرْبوعٍ، وهو

مَرْبَعٌ من مَرابعِ العرَب فيه رياضٌ

وقِيعانٌ، وكانت العرب تقول مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى

الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقد أَخْصَبَ، والحَزْنُ الآخرُ ما بين زُبالة

فما فوق ذلك مُصْعِداً في بلاد نَجْد، وفيه غِلَظٌ وارتفاعٌ، وكان أَبو

عمرو يقول: الحَزْنُ والحَزْمُ الغلَيظُ من الأَرض، وقال غيره: الحَزْمُ

من الأَرض ما احْتَزم من السَّيْل من نَجَوات المُتُون والظُّهور، والجمع

الحُزُوم. والحَزْنُ: ما غَلُظ من الأَرض في ارْتفاعٍ، وقد ذُكِرَ

الحَزْم في مكانه. قال ابن شميل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرض قِفافُها وجِبالُها

وقَواقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإن

جَلُدَتْ، حَزْناً، وجمعُها حُزُون، قال: ويقال حَزْنَةٌ وحَزْن. وأَحْزَن

الرجلُ إذا صار في الحَزْن. قال: ويقال للحَزْن حُزُن لُغَتان؛ وأَنشد قول

ابنِ مُقْبل:

مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ،

ومُصْطَافُهُ في الوُعُولِ الحُزُنْ.

الحُزُن: جمع حَزْن. وحُزَن: جبل؛ وروي بيت أَبي ذؤيب المتقدّم:

فأَنْزَلَ من حُزَن المُغْفِرات.

ورواه بعضهم من حُزُن، بضم الحاء والزاي. والحَزُون: الشاة السيِّئة

الخُلق. والحَزينُ: اسم شاعر، وهو الحزين الكِنانيُّ، واسمه عمرو بن عبد

وُهَيب، وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك ووفَد إليه إلى مصر وهو واليها

يمدحُه في أَبيات من جملتها:

لمَّا وقَفْت عليهم في الجُموع ضُحىً،

وقد تَعَرَّضَتِ الحُجَّابُ والخَدَمُ،

حَيَّيْتُه بسَلامٍ وهو مُرْتَفِقٌ،

وضَجَّةُ القَوْمِ عند الباب تَزْدَحِمُ

في كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِق،

في كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ

يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى من مَهابَتِهِ،

فما يُكَلِّمُ إلاَّ حين يَبْتَسِمُ

(* روي البيتان الأخيران للفرزدق من قصيدته في مدح زين العابدين:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.)

وهو القائل أَيضاً يهجو إنساناً بالبُخل:

كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ،

فليس بين يديه والنَّدَى عَمَلُ،

يَرَى التَّيَمُّمَ في بَرٍّ وفي بَحَرٍ،

مخافةً أَنْ يُرى كَفِّه بَلَلُ.

حزن
: (الحُزْنُ، بالضَّمِّ ويُحَرَّكُ) ، لُغتانِ كالرُّشْدِ والرَّشَدِ. قالَ الأَخْفَشُ: والمِثالانِ يَعْتَقِبان هَذَا الضَّرْب باطِّرادٍ. وقالَ اللَّيْثُ: للعَرَبِ فِي الحُزْنِ لُغَتانِ، إِذا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وإِذا ضَمُّوا خَفَّفُوا؛ يقالُ: أَصابَهُ حَزَنٌ شَديدٌ وحُزْنٌ شَديدٌ. وقالَ أَبو عَمْرٍ و: إِذا جاءَ الحزَن مَنْصوباً فَتَحُوه، وإِذا جاءَ مَرْفوعاً أَو مَكْسوراً ضَمُّوا الحاءَ كقَوْلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: {وابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِن الحُزْنِ} ، أَي أَنَّه فِي مَوْضِع خَفْض. وقالَ: {تَفِيضُ مِن الدَّمْعِ حَزَناً} ؛ أَي أَنَّه فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ. وقالَ: {أَشْكُو بَثِّي وحُزْني إِلى اللَّهِ} ضمُّوا الحاءَ هَهُنَا: (الهَمُّ) ؛) وَفِي الصِّحاحِ: خِلافُ السّرورِ.
وفرَّقَ قومٌ بينَ الهَمِّ والحُزْنِ، وقالَ المناوِيُّ: الحُزْنُ الغَمُّ الحاصِلُ لوقوعِ مَكْرُوه أَو فَواتِ مَحْبوبٍ فِي الماضِي، ويُضادُّه الفَرَحُ.
وقالَ الرَّاغِبُ: الحُزْنُ خُشونَةٌ فِي النفْسِ لمَا يَحْصَلُ فِيهِ مِن الغَمِّ.
(ج أَحْزَانٌ) ، لَا يُكْسَّرُ على غيرِ ذلِكَ؛ وَقد (حَزِنَ، كفَرِحَ) ، حَزَناً (وتَحَزَّنَ وتَحازَنَ واحْتَزَنَ) بمعْنًى؛ قالَ العجَّاجُ:
بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّوإِنَّما يأْتي الصِّبا الصَّبِيُّ (فَهُوَ حَزْنانٌ ومِحزانٌ) :) شَديدُ الحُزْنِ.
(وحَزَنَهُ الأَمْر) يَحْزُنُه (حُزْناً، بالضَّمِّ، وأَحْزَنَهُ) غيرُهُ، وهُما لُغَتانِ.
وَفِي الصِّحاحِ: قالَ اليَزِيدِيُّ: حَزَنَه لُغةُ قُرَيْشٍ، وأَحْزَنَه لُغَةُ تَمِيمٍ، وَقد قُرِىءَ بهما، اه.
وكَوْن الثلاثيّ لُغَة قُرَيْش قد نَقَلَه ثَعْلَب أَيْضاً، وأَقَرَّهما الأَزْهرِيُّ، وَهُوَ قَوْل أَبي عَمْرٍ و، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى. وقالَ غيرُهُ: اللغَةُ العالِيةُ حَزَنَه يَحْزُنه، وأَكْثَرُ القرَّاءِ قَرَأُوا {فَلَا يَحْزُنْك قَوْلُهم} ، وكَذلِكَ قَوْله: {قَدْ نَعْلم أَنَّه ليَحْزُنْك الَّذِي يَقولُونَ} ؛ وأَمَّا الفِعْلُ اللازمُ فإِنَّه يُقالُ فِيهِ حَزِنَ يَحْزَنُ لَا غَيْر.
وقالَ أَبو زيْدٍ: لَا يَقولُونَ قد حَزَنَه الأَمْرُ، ويقولونَ يَحْزُنه، فإِذا قَالُوا أَفْعَلَه اللَّهُ فَهُوَ بالأَلِفِ. ومالَ إِليه صاحِبُ المِصْباحِ.
وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ: المَعْروفُ فِي الاسْتِعْمالِ ماضِي الأَفْعالِ ومُضارِعِ الثلاثيّ، وأَبْدَى لَهُ أَصْحابُ الحَواشِي الكشافية والبَيْضاوِيَّة نكتاً وأَسْراراً مِن كَلامِ العَرَبِ وعَدْلاً فِي إِنْصافِ الكَلِماتِ وإِعْطاءِ كلّ واحِدَةٍ نَوْعاً مِن الاسْتِعْمال.
قالَ شيْخُنا، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى: وكُلُّ ذلِكَ عنْدِي لَا يَظْهرُ لَهُ وَجْه وَجِيه إِذ مَناطُه النَّقْل والتَّعْليل بعْدَ الوُقُوعِ، اه.
وقالَ الرَّاغِبُ فِي قوْلِه تعالَى: {وَلَا تَحْزنوا} ، {وَلَا تحزن} ، ليسَ بذلِكَ، نَهْي عَن تَحْصِيلِ الحُزْنِ، فالحُزْنُ لَا يَحْصَلُ باخْتِيارِ الإِنْسانِ، ولكنَّ النَّهْي فِي الحَقِيقَةِ إِنَّما هُوَ عَن تَعاطِي مَا يُورِثُ الحزنَ واكْتِسابه، وإِلى معْنى ذلِكَ أَشارَ القائِلُ:
وَمن سَرَّه أَنْ لَا يَرى مَا يَسُوءُهُفلا يتَّخِذ شَيْئا يَخافُ لَهُ فَقْداوفي النِّهايَةِ: قوْلُه تعالَى: {الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ} ؛ قَالُوا فِيهِ: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيلَ: هُوَ كُلُّ مَا يَحْزُن مِنْ هَمِّ مَعاشٍ أَو حَزَنِ عَذابٍ أَو حَزَنِ موْتٍ.
(أَو أَحْزَنَهُ: جَعَلَهُ حَزِيناً، وحَزَنَهُ: جَعَلَ فِيهِ حُزْناً) ، كأَفْتَنَه: جَعَلَه فاتِناً، وفَتَنَه: جَعَلَ فِيهِ فِتنَةً، قَالَه سِيْبَوَيْه.
وَفِي الحَدِيْثِ: (كَانَ إِذا حَزَنَه أَمْرٌ صلَّى) ، أَي أَوْقَعَه فِي الحُزْنِ، ويُرْوَى بالباءِ وَقد تقدَّمَ؛ (فَهُوَ مَحْزونٌ) ، مِن حَزنَه الثُّلاثيّ.
(و) قالَ أَبو عَمْرو: يَقولُونَ: أَحْزَنَني فأَنا (مُحْزَنٌ) وَهُوَ مُحْزِنٌ، ويَقولُونَ: صَوْتٌ مُحْزِنٌ وأَمْرٌ مُحْزِنٌ، وَلَا يَقولُونَ: صَوْتٌ حازِنٌ.
(و) رجُلٌ (حَزِينٌ وحَزِنٌ، بكسْرِ الزَّاي) على النَّسَبِ (وضمِّهما، ج حِزانٌ) ، بالكسْرِ، كظَرِيفٍ وظِرافٍ، (وحُزَناءُ) ككَرِيمٍ وكُرَماء.
وَقد خَلَطَ المصنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، بينَ اسْمِ فاعِلٍ ومَفْعولٍ وبينَ المَأْخُوذِ مِن الثّلاثِي والرّباعي، وَفِي المَجْموعِ، وَلَا يَكادُ يُحرِّرُه إِلاّ الماهِرُ بالعُلومِ الصَّرْفيَّةِ، فتأَمَّلْه.
(وعامُ الحُزْن) ، بالضمِّ: العامُ الَّذِي (ماتَتْ فِيهِ خَديجَةُ، رَضِيَ اللَّهُ) تَعَالَى (عَنْهَا، و) عَمُّه (أَبو طالِبٍ) ، هَكَذَا سَمَّاه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَكَى ذَلِك ثَعْلَبُ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ، قالَ: وماتَا قَبْل الهِجْرةِ بثلاثِ سِنِيْنَ.
(والحُزانَةُ، بالضَّمِّ: قَدْمَةُ العَرَبِ على العَجَمِ فِي أَوَّلِ قُدومِهِم الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ مَا اسْتَحَقّوا من الدُّورِ والضِّياعِ) ؛) كَذَا فِي المُحْكَمِ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: هُوَ شَرْطٌ كانَ للعَرَبِ على العَجَمِ بِخُراسان إِذا أَخَذُوا بَلداً صُلْحاً أَنْ يكون إِذا مَرَّ بهم الجيوش أَفْذاذاً أَو جَماعاتٍ أَنْ يُنْزلوهم ثمَّ يَقْرُوهم، ثمَّ يُزَوِّدونَهم إِلى ناحيةٍ أُخْرى.
(وحُزانَتُكَ: عِيالُكَ الذينَ تَتَحزَّنُ لأَمْرِهِم) وتَهْتَم بهم، فيقولُ الرَّجُل لصاحِبِه: كيفَ حَشَمُك وحُزانَتُك؟ .
ومِن سَجَعاتِ الأَساسِ: فلانٌ لَا يُبالي إِذا شَبِعَتْ خِزَانَتُه أَنْ تَجوعَ حُزَانَتُهُ. (والحَزونُ: الشَّاةُ السَّيِّئَةُ الخُلُقِ) ؛) نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
(والحَزْنُ) ، بالفتْحِ: (مَا غَلُظَ من الأَرضِ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ أَبو عَمْرٍ و: الحَزْنُ والحَزْمُ: الغَلِيظُ مِن الأَرضِ.
وقالَ غيرُهُ: الحَزْمُ مَا احْتَزم مِن السَّيْل مِن نَجَوات المُتُونِ، والحَزْنُ مَا غَلُظ مِن الأَرْض فِي ارْتِفاعٍ، والجَمْعُ حُزُومٌ وحُزُونٌ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرْضِ قِفافُها وجِبالُها ورَضْمُها، وَلَا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإِن جَلُدَتْ حَزْناً.
(كالحَزْنَةِ) :) لُغَة فِي الحَزْنِ؛ (وأَحْزَنَ: صَار فِيهَا) ، كأَسْهَلَ: صَارَ فِي السَّهْلِ.
(و) الحَزْنُ: (حَيٌّ من غَسَّان م) مَعْرُوفٌ، وهُم الذينَ ذَكَرَهم الأَخْطَلُ فِي قوْلِه:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان إِذْ حَضرواوالحَزْنُ كَيْفَ قَراه الغِلْمةُ الجَشَرُ؟ هَكَذَا أَوْرَدَه الجَوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: الصَّوابُ: كَيْفَ قَراكَ، كَمَا أَوْرَدَه غيرُهُ، أَي الصُّبْرُ تَسْأَلُ عُمَيْر بنَ الحُباب، وَكَانَ قد قُتِل، فتَقولُ لَهُ: كيفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَر، وإِنَّما قَالُوا لَهُ ذلِكَ لأَنَّه كانَ يقولُ لَهُم: إِنَّما أَنْتُم جَشَرٌ، أَي رعاةُ الإِبِلِ.
(و) الحَزْنُ: (بِلادُ العَرَبِ) ، هَكَذَا فِي النسخِ، وَالَّذِي فِي الصِّحاحِ) بِلادٌ للعَرَبِ، (أَو هُما حَزْنانِ) :
(أَحَدُهما: (مَا بَيْنَ زُبالَةَ و) مَا فَوْقَ ذلِكَ مُصْعِداً فِي بِلادِ (نَجْدٍ) ، وَله غِلْظٌ وارْتِفاعٌ.
(و) الثَّانِي: (ع لبَني يَرْبوعٍ، و) هُوَ مَرْتعٌ مِن مَراتِعِ العَرَبِ، (فِيهِ رِياضٌ وقِيعانٌ) .
(وقالَ نَصْر: صقْعٌ واسِعٌ نَجْدِيٌّ بينَ الكُوفَةِ وفيد مِن دِيارِ بَني يَرْبوعٍ.
وقالَ أَبو حَنيفَةَ: حَزْنُ بَني يَرْبوعٍ قفٌّ غَلِيظٌ مَسِير ثَلاث لَيالٍ فِي مثْلِها، وَهِي بَعِيدَةٌ مِن المِياهِ، فليسَ تَرْعاها الشِّياه وَلَا الْحمر، فليسَ فِيهَا دمنٌ وَلَا أَرْواثٌ.
والحَزْنُ فِي قوْلِ الأَعْشَى:
مَا رَوْضَةٌ مِنْ رياضِ الحَزْن مُعْشِبَةٌ خَضْراءُ جادَ عَلَيْهِ مُسْبِلٌ هَطِلُموْضِعٌ كانتْ تَرْعَى فِيهِ إِبِلُ المُلُوكِ، وَهُوَ مِن أَرْضِ بَني أَسَدٍ.
(وَمِنْه) قوْلُهم: (مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمَّان وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقد أَخْصَبَ) ؛) نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ (وحَزْنُ بنُ أَبي وهبِ) بنِ عَمْرِو بنِ عائِذِ بنِ عِمْرانَ بنِ مَخْزومٍ المَخْزوميُّ، (صَحابيٌّ) لَهُ هجْرَةٌ، رَوَى عَنهُ ابْنُه المُسَيّبُ أَبو سعِيدٍ، وقُتِلَ يومَ اليَمامَةِ؛ قالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ: أَرادَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْ يغيِّرَ اسْمَ جَدِّي ويُسمِّيَه سَهْلاً فأَبَى وقالَ: لَا أُغَيِّرُ اسْماً سمَّاني بِهِ أَبي، فَمَا زَالَتْ فِينَا تِلْك الحُزونَةُ بَعْدُ.
(و) الحُزَنُ، (كصُرَدٍ: الجِبالُ الغِلاظُ الواحِدُ، حُزْنَةٌ، بالضمِّ) ، كصُبْرَةٍ وصُبَرٍ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عَن الأَصْمَعيّ وَبِه فَسَّرَ قَوْل أَبي ذُؤَيْبٍ السَّابِق فِي رِوايَةِ مَنْ رَوَى:
فأَنْزَلَ من حُزَن المُغْفِرات وإِنَّما حَذَفَ التَّنْوينَ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن (وجَبَلٌ)
(و) حَزِينٌ، (كأَميرٍ ماءٌ بنَجْدٍ) ؛) عَن نَصْر.
(و) الحَزِينُ: (اسْمُ) رجُلٍ.
(و) حَزانٌ، (كسَحابٍ، وثُمامَةَ وزُبَيْرٍ: أَسْماءٌ.
(وتَحَزَّنَ عَلَيْهِ: تَوَجَّعَ. (وَهُوَ يَقْرَأُ بالتَحْزِينِ) ، أَي (يُرَقِّقُ صَوْتَهُ) بِهِ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الحُزونَةُ: الخُشُونَةُ فِي الأَرضِ.
وَقد حَزُنَتْ، ككَرُمَ: جاؤُوا بِهِ على ضِدِّه، وَهُوَ كقوْلِهم؛ مكانٌ سَهْلٌ وَقد سَهُل سُهولَةً.
ومَحْزونُ اللِّهْزِمةِ: خَشِنُها، أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّت مِن الكآبَةِ.
وأَحْزَنَ بِنا المنزلُ: صارَ ذَا جُزونَةٍ، كأَخْصَبَ وأَجْدَبَ، أَو أَحْزَنَ: رَكِبَ الحَزْنَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونَةَ حيثُ نَزلُوا فِيهِ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: بَعيرٌ حَزْنيٌّ: يَرْعَى فِي الحَزْنِ مِن الأَرْضِ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
والحُزَنُ، كصُرَدٍ: الشَّدائدُ؛ وَبِه فُسِّر قَوْلُ المُتَنَخّل:
وأَكْسُو الحُلَّةَ الشَّوْكاءَ خِدْنيوبَعْضُ الخَيْرِ فِي حُزَنٍ وِراطِوالحَزْنُ مِن الدوابِّ: مَا خَشُنَ، صفَةٌ، والأُنْثى حَزْنةٌ.
ويَقولُونَ للدابَّةِ إِذا لم تكُنْ وَطِيأً: إِنَّه لحَزْنُ المشْيِ، وَفِيه حُزُونَةٌ، وَهُوَ مجازٌ.
والحُزُنُ، بضَمَّتَيْن فِي قَوْلِ ابنِ مُقْبِل:
مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ ومُصْطَافُهُ فِي الوُعُولِ الحُزُنْقيلَ: لُغَةٌ فِي الحَزْنِ، بالفتْحِ، وقيلَ: جَمْعٌ لَهُ.
وحُزُنٌ، بضمَّتَيْن: جَبَلٌ لهُذَيْل، وَبِه رُوِي أَيْضاً قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ السابِقُ.
وأَرْضٌ حَزْنَةٌ، وَقد حَزُنَتْ واسْتَحْزَنَتْ.
وصَوْتٌ حَزِينٌ: رَخِيمٌ.
ورجُلٌ حَزْنٌ: أَي غيرُ سَهْل الخُلُقِ؛ كَمَا فِي الأَساسِ. وعَمْرُو بنُ عبيدِ بنِ وهبٍ الكِنانيُّ الشاعِرُ يُلَقَّبُ بالحَزِينِ، وَهُوَ القائِلُ فِي عبدِ اللَّهِ بنِ عبْدِ المَلِكِ وَقد وَفَدَ إِليه بمِصْرَ وَهُوَ وَالِيها يمدَحُه فِي أَبْياتٍ مِن جُملتِها:
فِي كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِقفي كَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِه شَمَمُيُغْضي حَياءً ويُغْضَى مِن مَهابَتِهفما يُكَلَّمُ إِلاَّ حِين يَبْتَسِمُوهو القائِلُ أَيْضاً يَهْجو إِنْساناً بالبُخْلِ:
كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ فليسَ بينَ يدَيْهِ والنَّدَى عَمَلُيَرى التَّيَمُّمَ فِي بَرَ وَفِي بَحَرٍ مَخافَةً أَنْ يُرَى فِي كَفِّه بَلَلُوأَبو حزانَةَ اليَّمَنِيُّ: شاعِرٌ كانَ مَعَ ابنِ الأَشْعَثِ، واسْمُه الوَليدُ بنُ حَنيفَةَ؛ نَقَلَه الحافِظُ.
ومالِكُ الحَزِينِ: طائِرٌ.
وحزنُ بنُ زنْباعٍ: بَطْنٌ؛ عَن الهَمدانيِّ.
وحزنُ بنُ خفاجَةَ: بَطْنٌ مِن قَيْسٍ.
(حزن) الْقَارئ فِي قِرَاءَته رقق صَوته بهَا وَالْأَمر فلَانا أحزنه
(حزن)
الْأَمر فلَانا حزنا غمه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} فَهُوَ محزون وحزين

(حزن) الْمَكَان حزنا خشن وَغلظ وَالرجل حزنا وحزنا اغتم وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} و {وابيضت عَيناهُ من الْحزن} فَهُوَ حزن وحزين (ج) حزناء وَهُوَ حزنان (ج) حزانى

(حزن) الْمَكَان حزونة حزن فَهُوَ حزن
حزن: حَزِن: لبس السواد، لبس ثياب الحداد. (ألكالا) ويقال: حزن عليه (بوشر).
أحزن. إحزان: اعتناء اهتمام (رولاند).
استحزن الصوت: وجد الصوت حزينا (الكامل ص505) وانظر: صوت حزين في معجم لين.
حَزْن: يجمع على حِزَّان (ديوان الهذليين ص214) ويوصف به: فيقال: مكان حزن، وأرض حزنة، وبلد حزنة.
والحَزْن من الدواب ما خشن، ومن الرجال ضد حسن الخلق (معجم مسلم).
حُزْن: تدل وحدها على معنى ثوب الحداد مثل: ثوب (ثياب) الحزن (الكالا، بوشر، رولاند).
حَزْنان: من كان في حالة الحداد (بوشر) حَزَانة: مأتم يستمر أربعين يوما أو ستين يوما يناح فيه على الأكابر بعد وفاتهم والحزانة هذه تستمر لساعتين أو ثلاث ساعات بعد ظهر كل يوم. ويجتمع كل نساء القبيلة أو فروعها في خيمة الميت فيبكين وينحن عليه ويعددن مآثره وتترأس هذا المأتم المرأة التي يحبها الرئيس المتوفى (مرجريت ص206).
وحَزَانة: حداد (هلو).
حُزُونة: ارض وعرة (معجم مسلم).
حَزَائِنِيذ: جنائزي (بوشر).
مَحْزَنَة: ارض وعرة (معجم مسلم) النغمة المُحْزِنَة: من مصطلح أصحاب الموسيقى وهي ما تجلب الحزن أو تصلح له كأصفهان الحجاز ونحوه (محيط المحيط).
محزون: من هو في حالة الحداد (ألكالا).

حزن

1 حَزِنَ, (S, Msb, K,) aor. ـَ (Msb, K,) inf. n. حَزَنٌ; (Msb, TA;) and ↓ احتزن, and ↓ تحزّن, (S, K,) and ↓ تحازن; (K;) He was, or became, affected with حُزْن [q. v.; i. e. he grieved, mourned, or lamented; or was sorrowful, sad, or unhappy; &c.; عَلَيْهِ and لَهُ for him or it]. (S, Msb, K.) لَا تَحْزَنْ and لَا تَحْزَنُوا, in the Kur [ix. 40, &c., and iii. 133], do not denote a prohibition of getting حُزْن; for حُزْن does not come by the will of man: the real meaning is Do not thou, and ye, that which engenders حُزْن; do not thou, and ye, acquire حُزْن. (Er-Rághib. [But this requires consideration; or, rather, is not in every case admissible.]) A2: حَزَنَهُ, (S, Msb, K,) aor. ـُ (Msb, TA,) inf. n. حُزْنٌ; (K;) and ↓ احزنهُ; He, (another person, S,) or it, (an affair, or an event, or a case, Msb, K,) caused him to be affected with حُزْن [which see below; i. e. grieved him; or caused him to mourn or lament, or to be sorrowful or sad or unhappy; &c.]: (S, Msb, K:) accord. to Yz, (S,) the former is of the dial. of Kureysh; and the latter, of the dial. of Temeem: (S, Msb:) and so say Th and Az: (Msb, TA:) but the former is said to be the more approved: (TA:) or, accord. to Az, the aor. of the former is used, but not the pret.; (Msb, TA;) and when the act is ascribed to God, the latter verb is used: Z, also, says that what is well known in usage is the employing the pret. of the latter and the aor. of the former: (TA:) or احزنهُ signifies he made him حَزِين [q. v.]; and حَزَنَهُ, [in some copies of the K ↓ حزّنهُ,] he made حُزْن to be in him: (Sb, K:) or حَزَنَهُ, it caused him to fall into حُزْن. (TA.) A3: حَزُنَتِ الأَرْضُ, (TA,) inf. n. حُزُونَةٌ; (S, TA;) and ↓ استحزنت; (TA;) The ground was, or became, rough, (TA,) or rugged and hard. (S.) b2: One says also of a beast that is not easy to ride upon, يَحْزُنُ المَشْىَ (tropical:) [He is rough in pace]: and فِيهِ حُزُونَةٌ (tropical:) [In him is roughness in pace]. (TA.) 2 يَقْرَأُ بِالتَّحْزِينِ He reads, or recites, with a slender [and plaintive] voice. (S, K.) b2: See also 1.4 احزنهُ: see 1.

A2: احزن بنَا المَنْزلُ The place of alighting, or abode, was, or became, rough, or rugged and hard, with us: or made us to be on rugged ground. (TA.) b2: And احزن He was, or became, in a tract such as is termed حَزْن [i. e. rugged, or rugged and hard: opposed to أَسْهَلَ]. (K.) [And hence,] احزنوا (assumed tropical:) They used roughness with men: opposed to اسهلوا. (TA in art. سهل.) 5 تَحَزَّنَ see 1. b2: تحزّن عَلَيْه He expressed pain, grief, or sorrow, or he lamented, or moaned, for, or on account of, him, or it; syn. تَوَجَّعَ. (K.) 6 تَحَاْزَنَ see 1.8 إِحْتَزَنَ see 1.10 إِسْتَحْزَنَ see 1.

حَزْنٌ Rugged (S, Msb, K) and hard (S) ground: (S, Msb, K:) or rugged high ground: (TA: [see also حَزْمٌ:]) good land, though hard, is not thus termed: (ISh:) pl. حُزُونٌ: (Msb, TA:) and ↓ حَزْنَةٌ signifies the same as حَزْنٌ: (K:) so too, as some say, does ↓ حُزُونٌ, with two dammehs; or, as others say, this is a pl. of حَزْنٌ: and you say also ↓ أَرْضٌ حَزْنِيَّةٌ [meaning the same as حَزْنٌ, or land of a rugged, or rugged and hard, or rugged and high, kind]. (TA.) حُزْنٌ and ↓ حَزَنٌ, (Lth, S, K,) the former said by AA to be used when the nom. or gen. case is employed, and the latter when the accus. is employed; (TA;) or the former is a simple subst., and the latter an inf. n.; (Msb;) Grief, mourning, lamentation, sorrow, sadness, or unhappiness; contr. of سُرُورٌ: (S, TA:) or i. q. هَمٌّ: (K:) or [هَمٌّ, accord. to common usage, is for some evil that is expected to happen; whereas] حُزْنٌ is grief arising on account of an unpleasant event that has happened, or on account of an object of love that has passed away; and is the contr. of فَرَحٌ: (El-Munáwee, TA:) or a roughness in the spirit, occasioned by grief: (Er-Rághib, TA:) pl. أَحْزَانٌ; (K;) [properly a pl. of pauc.; but] it has no other pl. (TA.) [Hence,] عَامُ الحُزْنِ The year [of mourning;] in which died Khadeejeh and Aboo-Tálib: (IAar, Th, K:) so called by Mohammad. (IAar, Th.) الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ

↓ عَنَّا الحَزَنَ, in the Kur [xxxv. 31], is said to mean [Praise be to God, who hath dispelled from us] the anxiety (هَمّ) of the morning and evening meals: or all grieving anxiety of the means of subsistence: or the grief of punishment: or of death. (TA.) حَزَنٌ: see حُزْنٌ, in two places.

حَزُنٌ: see حَزِينٌ.

حَزِنٌ: see حَزِينٌ.

حُزُنٌ: see حَزْنٌ.

حَزْنَةٌ: see حَزْنٌ.

حُزْنَةٌ Rugged mountains: pl. حُزَنٌ. (As, S, K.) b2: And [hence,] the pl., (assumed tropical:) Difficulties, hardships, or distresses. (TA.) حَزْنِىٌّ A camel that pastures in a tract such as is termed حَزْنٌ. (S, TA.) b2: أَرْضٌ حَزْنِيَّةٌ: see حَزْنٌ.

حَزْنَانُ Affected with vehement, or intense, حُزْن [i. e. grief, mourning, &c.]; as also ↓ مِحْزَانٌ. (K, * TA.) حَزُونٌ A sheep, or goat, (شَاةٌ,) evil in disposition. (S, K.) حَزِينٌ (S, Msb, K) and ↓ حَزِنٌ (S, K) and ↓ حَزُنٌ (K) Grieving, mourning, lamenting, sorrowful, sad, or unhappy: (S, Msb, * K: * [see also مَحْزُونٌ; with which, accord. to the K, all seem to be syn.; and with which the first may be regarded as properly syn. on the ground of analogy, being from حَزَنَ, not from حَزُنَ:]) pl. (of the first, TA) حِزَانٌ and حُزَنَآءُ (K, TA) and حَزَانَى. (K voce ضَرِيسٌ.) b2: صَوْتٌ حَزِينٌ A soft or gentle, easy, slender, plaintive, and melodious, voice. (TA.) b3: مَالِك الحَزِين A certain bird. (TA. [See art. ملك.]) حُزَانَةٌ A man's family, or household, for whose case he suffers grief and anxiety. (S, K.) [and simply One's family, or household.] One says, فُلَانٌ لَا يُبَالِى إِذَا شَبِعَتْ خِزَانَتُهُ أَنْ تَجُوعَ حُزَانَتُهُ [Such a one cares not, when his store-room is full, that his family, or household, suffer hunger]. (A, TA.) A2: A prior right which the Arabs enjoy over the foreigners, on their first arrival [in the territory of the latter],with respect to the houses and lands: (M, K:) or a condition which the Arabs used to impose upon the foreigners in Khurásán, when they took a town, or district, pacifically, that when the soldiery [of the former] passed by them, singly or in companies, they should lodge them, and entertain them, and supply them with provisions for their march to another district. (Az, TA.) حَيْزُونُ: see حَيْزُومُ, in art. حزم.

مُحْزَنٌ: see مَحْزُونٌ.

مُحْزِنٌ [Grieving, or causing to mourn or lament, &c.,] is applied to an event, or a case; and also, but not حَازِنٌ, to a voice. (TA.) مِحْزَانٌ: see حَزْنَانُ.

مَحْزُونٌ Grieved; or caused to mourn or lament, or to be sorrowful or sad or unhappy; (AA, S, K;) as also ↓ مَحْزَنٌ. (K.) b2: مَحْزُونُ اللِّهْزِمَةِ Rough in the لهزمة [app. meaning the angle of the lower jaw, or the flesh on that part]: and having the لهزمة hanging down, [by the relaxation of its muscle,] in consequence of grief. (TA.)

أَنِسَ

(أَنِسَ)
- فِي حَدِيثِ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ «فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا» أَيْ أبْصَرَ ورَأى شَيْئًا لَمْ يَعْهَده. يُقال آنَسْتُ مِنْهُ كَذَا: أَيْ علِمْتُ، واسْتَأْنَسْتُ: أَيِ اسْتَعْلَمْتُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ إِذَا دَخَلَ دَارَهُ اسْتَأْنَسَ وتكلَّم» أَيِ اسْتَعْلم وتَبَصَّر قَبْل الدُّخُولِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَلَمْ تَر الْجِنّ وإبْلاَسَها، ويأسَها مِنْ بَعْدِ إِينَاسِهَا» أَيْ أَنَّهَا يَئِسَتْ مِمَّا كَانَتْ تَعْرِفُهُ وتُدركه مِنِ اسْتِراق السَّمع بــبعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ نَجْدة الحَرَوْرِيّ وَابْنِ عَبَّاسٍ «حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ الرشدُ» أَيْ يُعْلَم مِنْهُ كمالُ الْعَقْلِ وسَدَادُ الْفِعْلِ وحُسْن التَّصَرُّف. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْحُمْرُ الإِنْسِيَّة يَوْمَ خَيْبر» يَعْنِي الَّتِي تألَف البُيوت. وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كسْر الْهَمْزَةِ مَنْسُوبَةً إِلَى الإِنْس وَهُمْ بَنُو آدَمَ، الْوَاحِدُ إِنْسِيّ. وَفِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ، فَإِنَّهُ قال: هي التي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ والأُنْس، وَهُوَ ضِدُّ الوَحْشة، وَالْمَشْهُورُ فِي ضِدّ الْوَحْشَةِ الأُنْس بالضَّم، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الكَسْر قَلِيلًا. قَالَ وروَاه بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قلتُ: إِنْ أَرَادَ أَنَّ الْفَتْحَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا، فإِنه مَصْدَر أَنِسْتُ بِهِ آنَسُ أَنَساً وأَنَسَةً.
وَفِيهِ «لَوْ أَطَاعَ اللَّهُ الناسَ فِي النَّاسِ لَمْ يَكُنْ نَاسٌ» قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يُحِبُّونَ أَنْ يُولَدَ لَهُمُ الذُّكْرانُ دُونَ الْإِنَاثِ، ولَو لَم يكُن الْإِنَاثُ ذهَبَت النَّاس. وَمَعْنَى أَطَاعَ:
اسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ صَيَّادٍ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أُنَيْسَيَان قَدْ رَابنا شأنُه» هُوَ تَصْغِيرُ إِنْسَانٍ جَاءَ شَاذّاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيَاسُ تَصْغِيرِهِ أُنَيْسَان.

برهم

(برهم)
أدام النّظر مَعَ سُكُون الطّرف وَيُقَال برهم إِلَيْهِ
برهم: بَرْهَمةُ الشجر: مجمع ورقهِ ونَوْره وثمره. وبَرهَم الرجل إذا فتح عينيه وحدّد النظر قال: 

يمزجن بالناصع لونا مُسْهَما ... ونَظَراً هَوْنَ الهوينا بَرْهَما
برهـم
بَراهِمَة [جمع]: مف بَرْهَميّ: (انظر: ب ر ا هـ م ة - بَراهِمَة). 

بَرهَمة [مفرد]: ديانة البراهِمَة. 

بَرْهَميَّة [مفرد]: برهمَة، ديانة البراهمة. 
ب ر هـ م : (إِبْرَاهِيمُ) اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَفِيهِ لُغَاتٌ (إِبْرَاهَامُ) وَ (إِبْرَاهَمُ) وَ (إِبْرَاهِمُ) بِحَذْفِ الْيَاءِ. وَتَصْغِيرُ إِبْرَاهِيمَ (أُبَيْرِهٌ) عِنْدَ الْمُبَرِّدِ. وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ (بُرَيْهِمٌ) وَهُوَ حَسَنٌ، وَالْقِيَاسُ هُوَ الْأَوَّلُ. وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ (بُرَيْهٌ) . وَ (الْبَرَاهِمَةُ) قَوْمٌ لَا يُجَوِّزُونَ عَلَى
اللَّهِ بِعْثَةَ الرُّسُلِ. 
[برهم] البرهمة: إدامة النظر وسكون الطَرْف. وقال :

ونَظَراً هَوْنَ الهوينى برهما * وإبراهيم: اسم أعجمى، وفيه لغات: إبراهام وإبراهم وإبراهم بحذف الياء. وقال : عذت بما عاذبه إبراهم مستقبل القبلة وهو قائم إنى لك اللهم عان راغم وتصغير إبراهيم أبيره، وذلك لان الالف من الأصل، لان بعدها أربعة أحرف أصول، والهمزة لا تلحق بنات الاربعة زائدة في أولها، وذلك يوجب حذف آخره كما يحذف من سفرجل فيقال سفيرج. وكذلك القول في إسماعيل وإسرافيل، وهذا قول المبرد. وبعضهم يتوهم أن الهمزة زائدة إذا كان الاسم أعجميا فلم يعلم اشتقاقه، فيصغره على بريهيم وسميعيل، وسريفيل. وهذا قول سيبويه، وهو حسن، والاول قياس. ومنهم من يقول بريه بطرح الهمزة والميم. والبراهمة: قوم لا يجوزون على الله بعثة الرسل .

برهم: بَرْهَمةُ الشجَرِ: بُرْعُمَتُهُ، وهو مُجْتَمَعُ ورَقه وثَمره

ونَوْره. وبَرْهَمَ: أَدام النظَر؛ قال العجاج:

بُدَّلْنَ بالنّاصعِ لَوْناً مُسْهَما،

ونَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنا بَرْهَما

ويروى: دون الهُوَيْنا؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

عَذْب اللِّثى تَجْرى عليه البرْهَما

قال: البَرْهَمُ من قولهم بَرْهَمَ إذا أَدام النظرَ؛ قال ابن سيده.

وهذا إذا تأَمَّلْته وجَدْته غير مُقْنِع. الأَصمعي: بَرْهَمَ وبَرْشَم إذا

أَدام النظر. غيرهُ: البَرْهَمةُ إدامةُ النظَر وسكون الطَّرْف. الكسائي:

البَرْطَمةُ والبَرْهَمَةُ كهيئة التَّخاوُص.

وإبراهيم: اسم أَعجمي وفيه لغات: إبْراهامُ وإبْراهَم وإبْراهِمُ، بحذف

الياء؛ وقال عبد المطلب:

عُذْتُ بما عاذَ به إبْراهِمُ

مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ، وهْو قائمُ،

إني لك اللَّهمَّ عانٍ راغِمُ

وتصغيرُ إبراهيم أُبَيْرِةٌ، وذلك لأَن الأَلف من الأَصل لأن بعدَها

أَربعة أَحرف أُصول، والهمزة لا تُلْحق ببَنات الأَربعة زائدة في أَوَّلها،

وذلك يُوجِب حَذف آخره كما يُحذف من سَفَرْجَل فيقال سُفَيْرج، وكذلك

القولُ في إسمعيل وإسرافيل، وهذا قولُ المبرّد، وبعضُهم يتوهَّم أن الهمزة

زائدة إذا كان الاسم أعْجميّاً فلا يُعْلَم اشتِقاقُه، فيصغِّره على

بُرَيْهِيمٍ وسُمَيْعيلٍ وسُرَيْفيلٍ، وهذا قول سيبويه وهو حسن، والأَوَّل

قِياسٌ، ومنهم مَن يقول بُرَيْهٌ بطَرْح الهمزة والميم.

والبَراهِمةُ: قوم لا يُجَوِّزُونَ على الله تعالى بِعْثةَ الرسل.

البَرْهَمَةُ

البَرْهَمَةُ: إدامَةُ النَّظَرِ، وسُكونُ الطَّرْفِ، وبُرْعُمَةُ الشَّجَرِ، ويُضَمُّ.
وإِبراهيمُ وإِبْراهامُ وإِبراهومُ وإِبْراهُمُ، مُثَلَّثَةَ الهاء أَيضاً،
وإِبْرَهَمُ، بفتح الهاء بِلا ألِفٍ: اسْمٌ أعْجَمِيٌّ،
وتَصْغِيرُهُ: بُرَيْهٌ أو أُبَيْرَهٌ أَو بُرَيْهيمٌ
ج: أبارِهُ وأباريهُ وأبارِهَةُ وبَراهيمُ وبَراهِمُ وبَراهِمَةٌ وبِراهٌ.
والإِبْراهِيميُّون: اثنا عَشَرَ صَحابياً.
والبَراهِمَةُ: قَوْمٌ لا يُجَوِّزونَ على اللهِ تعالى بِعْثَةَ الرُّسُلِ.
والإِبْراهيميُّ: تَمْرٌ أسْوَدُ.
والإِبراهِيميَّةُ: ة بواسِطَ، وبجزِيرةِ ابنِ عُمَرَ، وبنهرِ عيسَى.

الْفَتْوَى

(الْفَتْوَى) الْجَواب عَمَّا يشكل من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة أَو القانونية (ج) فتاو وفتاوى وَدَار الْفَتْوَى مَكَان الْمُفْتِي 
الْفَتْوَى: فِي السخاء وَالْكَرم. وَعند أَرْبَاب الْحَقَائِق أَن تُؤثر الْحق على نَفسك بالدنيا وَالْآخِرَة. ثمَّ اعْلَم أَن فتيا على وزن دنيا اسْم مَأْخُوذ من فتا بِالْفَتْح مصدر فَتى على وزن علم كَمَا أَن تقيا اسْم مَأْخُوذ من تقى وَالْفَتْوَى بِالْفَتْح لُغَة فِي فتيا كَمَا أَن تقوى لُغَة فِي تقيا وأصل فَتْوَى فتيا الْيَاء مَقْلُوبَة عَن الْوَاو للخفة. وَقَالَ بَعضهم إِن أفتى فرع فَتْوَى وفتوى فرع فتيا وفتيا فرع فتا مصدرا فافتا فرع الْمصدر بوسائط وَهَذَا الْفِعْل فِي الْمَزِيد من الْأَفْعَال المتصرفة يُقَال أفتى يُفْتِي إِفْتَاء واستفتى يستفتي استفتاء وَفِي الْمغرب أَن فَتْوَى مَأْخُوذ من فَتى وَمعنى فتيا حَادِثَة مُبْهمَة والافتاء تَبْيِين ذَلِك الْمُبْهم والاستفتاء السُّؤَال من الافتاء واشتقاقه اشتقاق صَغِير وَرُبمَا يمال فَتْوَى كَمَا يمال تقوى وَدَعوى وَيجْعَل حَرَكَة الْفَاء تَابِعَة لحركة الْوَاو فِي الْفَتْوَى لَا فِي التَّقْوَى وَالدَّعْوَى وَيكْتب الْألف فِي كلهَا على صُورَة الْيَاء لِأَن الْحَرْف الرَّابِع مَقْصُور إِلَّا وَقت الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر فَيُقَال فتواه ودعواه وتقواه بِخِلَاف فَتْوَى الْعلمَاء وَدَعوى الخصماء وتقوى الأتقياء وَجمع الْفَتْوَى فَتَاوَى بِفَتْح الْوَاو والمفتي من يبين الْحَوَادِث المبهمة. وَفِي الشَّرْع هُوَ الْمُجيب فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة. والنوازل الفرعية. أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي الشريفية شرح السِّرَاجِيَّة فِي بَاب مقاسمة الْجد وَمن رسم الْمُفْتِي أَنه إِذا كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي جَانب وصاحباه فِي جَانب كَانَ هُوَ مُخَيّرا فِي أَي الْقَوْلَيْنِ شَاءَ انْتهى.
ثمَّ اعْلَم أَن هَا هُنَا إشارات ولطائف: الأولى: إِن أفتا بِاعْتِبَار الثلاثي الْمُجَرّد من الْأَفْعَال الْغَيْر المتصرفة وَبِاعْتِبَار الْمَزِيد فِيهِ من الْأَفْعَال المتصرفة فَيَنْبَغِي للمفتي أَن لَا يتَصَرَّف فِي الْأُصُول والنصوص بِوَجْه من الْوُجُوه بل لَهُ جَوَاز التَّصَرُّف وَالِاخْتِيَار فِي الفرعيات والمستنبطات والمجتهدات. الثَّانِيَة: إِن أفتا مُتَعَدٍّ فَيَنْبَغِي أَن يكون علمه مُتَعَدِّيا إِلَى الْغَيْر. وَالثَّالِثَة: إِن أفتا من بَاب الْأَفْعَال وَهُوَ أول أَبْوَاب الْمَزِيد فَمن وصل إِلَى دَرَجَة الْإِفْتَاء لَهُ رَجَاء فتح أَبْوَاب الْمَزِيد. وَالرَّابِعَة: إِن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون ذَا فتوة فَإِن بَين الافتا والفتوة أخوة فَلَا يطْمع من المستفتي شَيْئا وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الملال من كَثْرَة السُّؤَال. وَالْخَامِسَة: إِن أول أفتا وَآخره. ألف يُشِير أَن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون فِي الِابْتِدَاء والانتهاء متصفا بِوَصْف الاسْتقَامَة والصدق وَالْقِيَام بِأُمُور الدّين وَالْألف الْقطعِي الَّذِي فِي أَوله يُشِير أَن أول مَا وَجب على الْمُفْتِي هُوَ قطع الطمع. وَالسَّادِسَة: إِن عدد حُرُوف افتا وَهُوَ بِحِسَاب الْجمل أَربع مائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ يُشِير أَن عدد كتب الْمُفْتِي فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع لَا يَنْفِي أَن يكون نَاقِصا عَنهُ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ بعد تفحص كتب ظَاهر الرِّوَايَة أَن عدد كتب الافتاء يصل إِلَى ذَلِك الْعدَد وَتلك الْكتب خَمْسَة صنفها الإِمَام مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وأساميها فِي هَذَا الْبَيْت.
(مَبْسُوط وجامعين وزيادات باسير ... در ظَاهر الرِّوَايَة ايْنَ بنج رانكر)
وَالْمرَاد بالجامعين: الْجَامِع الصَّغِير وَالْجَامِع الْكَبِير. وَالسَّابِعَة: إِن حُرُوف افتا خَمْسَة تُشِير أَن للمفتي أَن يُلَاحظ أَحْكَام الْكتب الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة ويحفظ الْأَركان الْخَمْسَة الإسلامية. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن بَاب الْأَفْعَال أول أَبْوَاب الْمَزِيد لِأَن الْمَزِيد نَوْعَانِ مَا فِيهِ همزَة الْوَصْل وَمَا لَيست فِيهِ وَالْأَصْل هُوَ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يسْقط فِيهِ حرف زَائِد من ماضيه لَا فِي الِابْتِدَاء وَلَا فِي الدرج. ثمَّ الأَصْل فِي ذَلِك الأَصْل بَاب الْأَفْعَال لِأَن الزَّائِد فِي أَوله حرف من مبدأ المخارج وَهِي الْهمزَة.
ثمَّ اعلموا أَيهَا الناظرون أَن هَا هُنَا فَوَائِد غَرِيبَة نافعة بالعبارة الفارسية فِي كتاب مُخْتَار الِاخْتِيَار كتبتها فِي هَذَا الْمقَام. لينْتَفع بهَا الْخَواص والعوام.
الْفَتْوَى: اعْلَم أَن الافتاء فرض كِفَايَة. أما فرض الْكِفَايَة قد يصبح فرض عين فِي وَقت يصبح من المتوجب والمتعين اعطاء على من كَانَ الافتاء عَلَيْهِ فرض كِفَايَة. وَفِي (الْكَشَّاف) أَن لُقْمَان الْحَكِيم كَانَ يُفْتِي قبل بعثة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَمَّا بعث دَاوُد ترك لُقْمَان الافتاء.
وَفِي الْكِفَايَة قَالَ إِن الْإِفْتَاء فرض كِفَايَة مثل الْقَضَاء، وَأدنى دَرَجَات فرض الْكِفَايَة هُوَ (الندبة) ، إِذا فالمندوب فِي أَمر الافتاء هُوَ من كَانَ أَهلا لذَلِك، لِأَن فِيهِ خطر عَظِيم لأجل ذَلِك هُوَ بَحر لَا يصل إِلَى شواطئه كل سابح. حَتَّى إِذا كَانَ هُوَ بِذَاتِهِ يُوصل النَّاس إِلَى بر السَّلامَة (ظهر الْمُفْتِي جسر جَهَنَّم) وَهِي إِشَارَة إِلَى أَن أَحْيَانًا هبوب رِيحه يكون شَدِيدا: {مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} فتعصف الرّيح وتتلاطم أمواج الِاشْتِبَاه والأشكال وتتراكم وَلَا ترسو وَلَا تَسْتَقِر عِنْدهَا سفية الراسخين على شاطئ التَّوْفِيق الإلهي وَلَا تتحرك فلك الْمُجْتَهدين من دون انسياب نسيم الْفَيْض اللامتناهي. أما شَرط الافتاء فَهُوَ الْإِسْلَام وَالْعقل. وَالْبَعْض قَالَ. إِن شَرط الْإِفْتَاء هُوَ نَفسه شَرط الْقَضَاء أَي الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْعَدَالَة. وَهَذَا مَا يكون من أهل الِاجْتِهَاد. وَأما الصَّحِيح فَهُوَ أَن هَذَا شَرط الْكَمَال، وَأول الشَّرْط الصِّحَّة، وأهلية الِاجْتِهَاد شَرط الأولية، وَفِي صَحِيح الْمذَاهب فِي (الْفُصُول) جَاءَ إِجْمَاع الْعلمَاء، أَن من الْوَاجِب أَن يكون الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد من أجل أَنه هُوَ الَّذِي يبين أَحْكَام الشَّرْع هَذَا يكون مُمكنا عِنْدَمَا يكون عَالما بالدلائل الشَّرْعِيَّة.
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى، لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَاهُ. وَفِي (الغياث) جَاءَ أَن معنى هَذَا الْكَلَام هُوَ أَن لَا يُقَاس على الْمَسْأَلَة من عِنْده مَا دَامَ هُوَ لَا يعلم من أَي وَجه أعْطى الإِمَام جَوَابه على الْمَسْأَلَة الأولى. وَجَاء فِي (الْمُلْتَقط) وَغَيره، وَلِأَن جَوَابه غَالب على خطائه، فَمن الْجَائِز لنا الْأَخْذ إِذا مَا أعْطى هُوَ الْفَتْوَى حَتَّى وَلَو لم يكن الْآخِذ من أهل الإجتهاد، وَلَكِن لَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي إِلَّا عَن طَرِيق الرِّوَايَة عَن قَول الْفُقَهَاء.
قَالَ فِي (المفاتيح) وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتِي عَاقِلا بَالغا عَالما باللغة والنحو وَالْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ والناسخ والمنسوخ وَالصَّحِيح والسقيم وَأَن يكون فَقِيه النَّفس عَالما بالتواريخ وسير الصَّحَابَة ومذاهب الْأَئِمَّة وأصول الْفِقْه. وَجَاء فِي شرح (الْقَدُورِيّ) أَن الإِمَام أَبُو يُوسُف رَحمَه الله فِي هَذَا الْمَعْنى قد أَخذ الْأَمر بِشدَّة وَقَالَ، لَا يصل أحد إِلَى إِعْطَاء الْفَتْوَى إِذا لم يكن من أهل الْعقل والرأي وَإِذا لَا يعرف أَحْكَام الْكتاب وَالسّنة والناسخ والمنسوخ وأقوال الصَّحَابَة وسيرهم ووجوه الْكَلَام، وَيظْهر من هَذِه الْأَقْوَال جَوَاز الْإِفْتَاء مَعَ الِاجْتِهَاد والتقليد مَعَ أَوْلَوِيَّة الأول.
أما الْآدَاب والمستحبات فِي ذَلِك هِيَ أَنه إِذا لم يكن الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد فليجب على الْفُرُوع فَذَلِك أسلم وأحوط، وَكَذَلِكَ أَن لَا يتجرأ على الافتاء استنادا إِلَى علمه وَيَقُول لقد أجازني علمي، لَكِن عَلَيْهِ أَن يلازم الْمُفْتِينَ وَيَأْخُذ الْإِجَازَة عَلَيْهِم حَتَّى يصبح على بَصِيرَة من أمره، قَالُوا وَإِن حفظ جَمِيع كتب أَصْحَابنَا فَلَا بُد أَن يتلمذ للْفَتْوَى حَتَّى يهتدى إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَا تقدم على الْجَواب قبل الْقِرَاءَة والمطالعة الجديدة والتأمل الطَّوِيل واجتنب الْمُبَادرَة والتعجيل فِي إِعْطَاء الْجَواب، حَتَّى إِذا وَقع الْخَطَأ عذرت وَمَسْأَلَة التَّحَرِّي فِي هَذَا الْمقَام هِيَ الدَّلِيل التَّام، ويروى عَن الإِمَام الْأَعْظَم رَحْمَة الله عَلَيْهِ أَنه لم يجب على كثير من الْمسَائِل الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا. وَلَا يجب الِالْتِفَات إِلَى إلحاح المستفتي، ويروى عَن أَبُو نصر رَحْمَة الله عَلَيْهِ أَنه كَانَ يَقُول للَّذي يستفتيه ويلح عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَيَقُول لَهُ أرد جَوَاب فقد أتيت من طَرِيق بعيد:
(فَلَا نَحن ناديناك من حَيْثُ جئتنا ... وَلَا نَحن عمينا عَنْك الذهبا)
وَكَذَلِكَ أَن تصبح ملولا من كَثْرَة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَأَن لَا تُعْطِي جَوَابا وَأَنت مشتت الذِّهْن، فَإِذا أجبْت فَلَا تَدعِي الْجَواب لنَفسك وَتقول أَنا أَقُول إِن الحكم كَذَا وَأَنا أُفْتِي بِكَذَا وَغير ذَلِك بل قل بالرواية عَن الْعلمَاء هَكَذَا وَفِي الْكتاب الْفُلَانِيّ هَكَذَا.
وَكَذَلِكَ إِذا سُئِلَ عَن الْعِبَادَات صِحَّتهَا وفسادها وَوجه فَسَادهَا وصحتها، فاختر وَجه الْفساد، وَإِذا كَانَ السُّؤَال فِي الْمُعَامَلَات فاختر وَجه الصِّحَّة، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي (الْمُحِيط) وَفِي (الذَّخِيرَة) أَنه فِي هَذَا النَّوْع من الْمسَائِل فِي المعتقدات عَلَيْهِ أَن يخْتَار الْإِيمَان وَمهما أمكن أَلا يحكم بالْكفْر. وَأَيْضًا أَن لَا يَأْخُذ أجرا على الْإِفْتَاء نَفسه لِأَنَّهُ (طَاعَة) وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد فصلناها فِي بَاب (الْأجر) ، وعَلى كل حَال فَإِن عدم أَخذ الْأجر فِي الْعِبَادَات أولى وَأَحْرَى لقَوْله تَعَالَى: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} ، وَأَيْضًا إِذا سَأَلَهُ أحدهم عَن جَوَاب مَسْأَلَة فَلْيقل إِنَّه على قَول الإِمَام الْأَعْظَم جوابها هَكَذَا.
وَفِي بَاب السيوم من كتاب النِّكَاح لشيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده جَاءَ إِذا زوجت امْرَأَة بكر بَالِغَة شافعية الْمَذْهَب من رجل شَافِعِيّ أَو حَنَفِيّ ووالدها كَانَ غَائِبا، فَإِن هَذَا النِّكَاح يكون صَحِيحا، على الرغم من أَنه عِنْد الشَّافِعِي غير صَحِيح، لِأَن عِنْده يجب أَن يكون الزَّوْج وَالزَّوْجَة على الْمَذْهَب الشَّافِعِي، وعَلى الرغم من اعتقادنا أَن الشَّافِعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَانَ على خطأ، إِلَّا أَن الْوَاجِب علينا أَن نعطي الْجَواب بغض النّظر عَمَّا هُوَ اعتقادنا فِي الْمَسْأَلَة. وَإِذا كَانَ السُّؤَال مَا هُوَ جَوَاب الشَّافِعِي على هَذِه الْمَسْأَلَة، فَالْوَاجِب أَن نقُول إِنَّهَا صَحِيحَة وَعند أبي حنيفَة كَذَا رَحمَه الله تَعَالَى، وَالله أعلم. وَإِذا كَانَ السُّؤَال عَن مسَائِل مؤيده (مصدقه) فَإِن على الْمُفْتِي فِيهَا (ديانَة لَا قَضَاء) مَا هُوَ حكم الدّيانَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. فَإِذا كَانَ الْجَواب مَكْتُوبًا فَيكْتب (لَيْسَ مُصدقا، بل قَضَاء) وَإِذا كَانَ الْجَواب شفويا فَيَقُول (مُصدق، وديانة لَيْسَ سليما) .
أَن لَا يُبَادر إِلَى الْجَواب فِي حُضُور شخص أعلم مِنْهُ، لَا تقريرا وَلَا تحريرا وَإِذا ورد عَلَيْهِ جَوَاب مفت آخر على مَسْأَلَة مَا وَيظْهر ان ذَلِك الْمُفْتِي قد أَخطَأ فَإِن ذَلِك الْمُفْتِي مَعْذُور فِي ترك الْجَواب ورد الْفَتْوَى إِذا مَا كَانَ مُجْتَهدا. أما إِذا كَانَ مَنْصُوص عَلَيْهِ فَهُوَ لَيْسَ مَعْذُورًا فِي الرَّد بل يحْتَفظ بِهِ أَو أَن يمزقه حَتَّى لَا يعْمل بِهِ.
وَقد أورد (كَمَال البياعي) أَنه فِي الْفَتَاوَى لَيْسَ مَعْذُورًا مُطلقًا فِي ردهَا إِذا علم بخطئه وَأدْركَ أَنه سيعمل بهَا.
وَإِذا وَردت عَلَيْهِ رقْعَة فِيهَا استفتاء لم يسْتَوْف الْقُيُود الأساسية لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن لَا يُجيب عَلَيْهِ بل يُعِيدهُ للمستفتي حَتَّى يكمله، وَإِذا قَيده مَعَ التمَاس المستفتي فَإِنَّهُ غير سليم. وَعَلِيهِ أَن يُرَاعِي فِي الْقُيُود شُرُوط الإيجاز ويبتعد عَن الْأَطْنَاب وَكَذَلِكَ الحشو والتطويل، مِثَال الإيجاز: قَالَ زيد لِزَيْنَب كَذَا، وَمِثَال الْأَطْنَاب زيد الْحر والمكلف قَالَ لِزَيْنَب الْحرَّة والمكلفة كَذَا وَكَذَا. وَمِثَال الحشو زيد رجل ابْن عمر قَالَ لِزَيْنَب الْمَرْأَة وَابْنَة خَالِد كَذَا. وَمِثَال التَّطْوِيل زيد الْكَبِير فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ على زَيْنَب الْكَبِيرَة فِي دَار الْإِسْلَام كلَاما نابيا وسبها. وَلَا يجب على الْكَلَام النابي حد الْقَذْف الَّذِي هُوَ عبارَة عَن ثَمَانِينَ جلدَة.
وَيجب أَن يحْتَرز من أَن يضر الْقَيْد بالمستفتي، وَأَن لَا يُعْطِيهِ الرقعة من دون اسْتِحْقَاق الْإِجَابَة أَو أَن يكون مشعرا بالحيلة والالتباس. وَإِذا كَانَت الْمَسْأَلَة من الخلافات الَّتِي لَهَا أَكثر من قَول فيعطي الْفَتْوَى على إِحْدَى الْأَقْوَال والطريقة فِي ذَلِك أَن يعلم أَنه فِي هَذِه الْحَادِثَة لَا تُوجد رِوَايَة أُخْرَى تنقض الْفَتْوَى، حَتَّى لَا يطعن بِهِ ويتهم لَدَى الْعَامَّة. وَأَن يجْتَنب مُطلقًا تَعْلِيم الْحِيَل والتلبيس حَتَّى لَا يسْتَحق الْحجر وَالْمَنْع، وَقَالَ الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَه الله أَن الْحجر لَا يجوز إِلَّا على ثَلَاثَة وعد الْمُفْتِي الماجن من ضمنهم. وَجَاء فِي (الذَّخِيرَة) وَقد أَمر أَن تستر عَورَة الْمُرْتَد عَن الْإِسْلَام لِأَن زَوجته قد حرمت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أصبح كَافِرًا، نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا.
وَجَاء فِي (جَوَاهِر الْفَتَاوَى) وكل مفتي حَنَفِيّ يَأْمر مُطلقَة بِالثَّلَاثَةِ أَن تنقل مذهبها إِلَى الْمَذْهَب الشَّافِعِي وتقر أَن نِكَاحهَا كَانَ بَاطِلا بِسَبَب كَونهَا من دون ولي من الْوَاجِب على سُلْطَان الزَّمَان أَن يزجره ويمنعه. وَقد قَالَ صَاحب (الْجَوَاهِر) لقد أستفتي أَئِمَّة بخارا عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فَكَانَت إجاباتهم على هَذَا النَّحْو. أجَاب الإِمَام ظهير الدّين المرغيناني بعد قَول المستفتي كَانَ من الْوَاجِب على سُلْطَان الزَّمَان زَجره وَمنع هَذَا الْمُفْتِي وتعزيزه وَالله أعلم، وَعَن أَئِمَّة السّلف، سُئِلَ عَن مثل هَذِه الْمَسْأَلَة فَأجَاب، أعتقد هَذَا رجل خرج من دنيا الْإِيمَان وَالله العاصم. وَالْقَاضِي الإِمَام فَخر الدّين حُسَيْن بن مَنْصُور الأوزجندي أجَاب بِمثل ذَلِك وَالله أعلم. أما الإِمَام قوام الدّين الصفار فَأجَاب لَا يجب أَن يفعل وَإِن فعل فَذَلِك لَيْسَ حَلَالا. وعَلى سُلْطَان الْوَقْت أَن يزجره وَأَن يحْجر على هَذَا الْمُفْتِي وَألا يفعل مثل ذَلِك. وَلَيْسَ سليما من الْمُفْتِي أَن يقبل الْهَدِيَّة وَلَكِن إِذا قبل الْهَدِيَّة بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ هُوَ أقرب للْحلّ وَأبْعد عَن الرِّشْوَة.
يَقُول شيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده إِذا جَاءَ المستفتي بهدية إِلَى الْمُفْتِي بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ فَلَا عيب فِي قبُولهَا.
وَيجب عَلَيْهِ أَن يحْتَاط كثيرا فِي أُمُور الْفرج بِقدر الِاسْتِطَاعَة كَمَا جَاءَ فِي (الْمُحِيط) ، وَأَن يذيل الرِّوَايَة بِلَفْظ (هُوَ الْأَصَح) أَو (هُوَ الأولى) أَو (هُوَ الْأَيْسَر) أَو (افتى بِهِ فلَان) أَو (بِهِ أَخذ فلَان) أَو (عَلَيْهِ فَتْوَى فلَان) أَو (مَا فِي هَذَا الْمَعْنى) وَيجوز للمفتي أَن يُفْتِي اعْتِمَادًا على الرِّوَايَات بِمَا خَالف ذَلِك. أما إِذا كَانَت الرِّوَايَة مذيلة بِلَفْظ (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَو (هُوَ الصَّحِيح) أَو (هُوَ الْمَأْخُوذ للْفَتْوَى) أَو (بِهِ يُفْتِي) وَمَا شابه ذَلِك، فَلَا يجوز عِنْدهَا للمفتي أَن يُفْتِي بِخِلَاف ذَلِك. وَقد جَاءَ فِي (الْمُضْمرَات) بعض عَلَامَات الْفَتْوَى هِيَ: (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) _ بِهِ نَأْخُذ _ بِهِ يعْتَمد _ عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد _ عَلَيْهِ عمل النَّاس الْيَوْم _ عَلَيْهِ عمل الِاعْتِمَاد _ هُوَ الصَّحِيح _ هُوَ الظَّاهِر _ هُوَ الْأَظْهر _ هُوَ الْمُخْتَار _ عَلَيْهِ فَتْوَى مَشَايِخنَا _ هُوَ الْأَشْبَه _ هُوَ الْأَوْجه. وَفِي حَاشِيَة (بزدوي) أَن لفظ (الْأَصَح) يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا، أما لفظ (صَحِيح) فَلَا يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا:
(انْظُر أَيهَا الْقلب كم هِيَ شُرُوط الافتاء عِنْد الْمُجْتَهدين ... )
(وَلَكِن فِي عصرنا فَإِن للمفتي حكم العنقاء والكيمياء ... )
وَمن الحرمان والخسران أنني قضيت مُدَّة من عمري الْعَزِيز فِي طلب هَذِه الطَّائِفَة فَلم أجد إِلَّا الْقَلِيل مِنْهُم الَّذين يتحلون بِهَذِهِ الصِّفَات، ولأنني حرمت من تَحْقِيق مقصودي فقد رَأَيْت كثيرا من الَّذين لَا علم لَهُم وَلَا عمل ويتصدون لهَذَا الْأَمر الْجَلِيل عَن جهل وَعدم الدّين فأنشدت قصيدة من ثَلَاثِينَ بَيْتا:
(قيل الْآن كَانَ مفتي كل مَدِينَة ... على اطلَاع على الْعُلُوم الدِّينِيَّة)
(وَكَانُوا من سالكي طَرِيق الله ... وَمن وارثي علم الْمُصْطَفى)
(وَكَانَ علمهمْ دستورا قبل حلمهم ... عُلَمَاء فِي الْعلم وحلمهم عَامر ومعمور) (تنير الدُّنْيَا من نور علمهمْ ويتضوع ... الْعَالم من عطر زهورهم)
(طويتهم نور تحرق الظلمَة وَلَكِن ... علمهمْ بِنَاء وَدينهمْ ثَابت)
(أقلامهم تسطر علم الْغَيْب ... ورسم توقيعهم بَرِيء من الْعَيْب)
(كل وَاحِد مِنْهُم فِي صفائه كَأَنَّهُ صوفي ... وَالثَّانِي أَبُو حنيفَة الْكُوفِي)
(سعيت سنوات عدَّة من أجل اكْتِسَاب ... الْكَمَال جادا وجاهدا)
(فدرست علم النَّحْو وَالصرْف ورأينا ... الْمنطق وَالْحكمَة وَالْبَيَان)
(وَبعد أَن أنفقت السنوات فِي هَذِه الْعُلُوم ... اتجهت إِلَى علم الْأُصُول)
(فَأَصْبَحت مَشْهُورا بَين الْخَاصَّة والعامة ... فِي علم الْأُصُول والْحَدِيث وَالْفِقْه وَالْكَلَام)
(بعد ذَلِك اتجهت لعلم الْفِقْه ... وقضيت السنوات فِي ممارسته)
(وَمُدَّة أُخْرَى سرا وجهرا كنت ... تركض وَرَاء الأساتذة)
(وَلما أَصبَحت فِي الدُّنْيَا صَاحب علم الْعلم ... فَجعلت من الْعلم أفضل من الْعَمَل)
(وَإِذا لم يبْق من الْمَرْء عَلامَة وَاسم ... فَلَا أثر لَهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا)
(من هُوَ الْمُفْتِي فِي هَذِه الْأَيَّام ... أشخص جَاهِل بعيد عَن النّسَب وحسبه عاطل)
(لَك كل مَا أردْت من الفضول وَعدم الْمَعْنى ... فَهُوَ لَا يعرف من الْجَهْل الْمَوْجُود من عَدمه)
(يَقُولُونَ إِن الْحق وبال ... وَالدَّم الْحَرَام حَلَال)
وَهَكَذَا حَتَّى الآخر.

الدّلالة

الدّلالة:
[في الانكليزية] Semantic
[ في الفرنسية] Semantique
بالفتح هي على ما اصطلح عليه أهل الميزان والأصول والعربية والمناظرة أن يكون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر هكذا ذكر الچلپي في حاشية الخيالي في بحث خبر الرسول، والشيء الأوّل يسمّى دالا والشيء الآخر يسمّى مدلولا. والمراد بالشيئين ما يعمّ اللفظ وغيره فتتصور أربع صور. الأولى كون كلّ من الدّال والمدلول لفظا كأسماء الأفعال الموضوعة لألفاظ الأفعال على رأي. والثانية كون الدّال لفظا والمدلول غير لفظ كزيد الدّال على الشخص الإنساني. والثالثة عكس الثانية كالخطوط الدّالة على الألفاظ. والرابعة كون كلّ منهما غير لفظ كالعقود الدّالة على الأعداد.
والمراد بالعلمين الإدراك المطلق الشامل للتصوّر والتصديق اليقيني وغيره فتتصور أربع صور أخرى. الأولى أن يلزم من تصوّر الدال تصوّر المدلول. الثانية أن يلزم من التصديق به التصديق بالمدلول. الثالثة أن يلزم من تصوّره التصديق بالمدلول. الرابعة عكس الثالثة.
والمراد بالشيء الآخر ما يغاير الشيء الأول بالذات كما في الأمثلة السابقة أو بالاعتبار كما في النار والدّخان، فإنّ كلا منهما دال على الآخر ومدلول له. واللزوم إن أريد به اللزوم في الجملة يصير هذا التعريف تعريفا على مذهب أهل العربية والأصول فإنّهم يكتفون باللزوم في الجملة، ولا يعتبرون اللزوم الكلّي فيرجع محصّل التعريف عندهم إلى أنّ الدّلالة كون الشيء بحالة يلزم أي يحصل من العلم به العلم بشيء آخر ولو في وقت. وما قيل إنّ الدلالة عندهم كون الشيء بحيث يعلم منه شيء آخر، فالمراد منه كونه بحيث يحصل من العلم به العلم بشيء آخر في الجملة لأنّه المتبادر من علم شيء من شيء عرفا، فلا يتوجّه أنّه لا يصدق على دلالة أصلا، إذ لا يحصل العلم بالمدلول من نفس الدال، بل من العلم به. وإن أريد به اللزوم الكلّي بمعنى امتناع انفكاك العلم بالشيء الثاني من العلم بالشيء الأول في جميع أوقات تحقّق العلم بالشيء الأول وعلى جميع الأوضاع الممكنة الاجتماع معه يصير تعريفا على مذهب أهل الميزان، إذ المعتبر عندهم هو الدلالة الكلّية الدائمة والمعتبر فيه اللزوم بالمعنى المذكور.
وبالجملة أهل الميزان والأصول وغيرهم متفقون في هذا التفسير وإن اختلفوا في معناه، وهذا مراد الفاضل الچلپي.

فإن قيل: قوله يلزم صفة لقوله حالة وليس فيه عائد يعود إلى الحالة مع أنّ الصفة إذا كانت جملة يلزم فيها من عائد إلى الموصوف، والقول بالتقدير تكلّف. قلنا: العائد لا يجب أن يكون ضميرا بل كون الجملة مفسّرة للموصوف يكفي عائدا إذ المقصود هو الربط وبه يحصل ذلك.
وأورد على تعريف المنطقيين أنّه لا يكاد يوجد دال يستلزم العلم به العلم بشيء آخر بل هو مخيّل في نفسه. وأجيب بأنّ المراد اللزوم بعد العلم بالعلاقة أي بوجه الدلالة أعني الوضع واقتضاء الطبع والعليّة والمعلولية، أو بوجه القرينة كما في دلالة اللفظ على المعنى المجازي، إلّا أنّه ترك ذكر هذا القيد لشهرة الأمر فيما بينهم، ولكون هذا القيد معتبرا عندهم. قال صاحب الأطول: الصحيح عندهم أن يقال الدلالة كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر عند العلم بالعلاقة، وحينئذ لا بدّ من حمل العلم على الالتفات والتوجّه قصدا حتى لا يلزم تحصيل الحاصل وفهم المفهوم فيما إذا كان المدلول معلوما عند العلم بالدال. ولا يرد أنّ بعض المدلولات قد يكون ملتفتا إليه عند الالتفات إلى الدال، فلا يتحقّق اللزوم الكلّي في الالتفات أيضا وإلّا لزم التفات الملتفت، لأنّا لا نسلّم ذلك لامتناع الالتفات إلى شيئين في زمان واحد. وهاهنا أبحاث تركناها مخافة الإطناب، فإن شئت الوقوف عليها فارجع إلى كتب المنطق.
التقسيم
الدلالة تنقسم أولا إلى اللفظية وغير اللفظية، لأنّ الدال إن كان لفظا فالدلالة لفظية، وإن كان غير اللفظ فالدلالة غير لفظية. وكل واحدة من اللفظية وغير اللفظية تنقسم إلى عقلية وطبيعية ووضعية. وحصر غير اللفظية في الوضعية والعقلية على ما وقع من السّيد السّند ليس على ما ينبغي، كيف وأمثلة الطبعية الغير اللفظية كدلالة قوّة حركة النبض على قوة المزاج وضعفها على ضعفه، وأمثالها كنار على علم هذا هو المشهور. ويمكن تقسيم الدلالة أولا إلى الطبيعية والعقلية والوضعية، ثم يقسم كل منهما إلى اللفظية وغير اللفظية، هكذا ذكر الصادق الحلوائي في حاشية الطيبي. فالدلالة العقلية هي دلالة يجد العقل بين الدال والمدلول علاقة ذاتية ينتقل لأجلها منه إليه. والمراد بالعلاقة الذاتية استلزام تحقّق الدال في نفس الأمر تحقّق المدلول فيها مطلقا سواء كان استلزام المعلول للعلة كاستلزام الدّخان للنار أو العكس كاستلزام النار للحرارة أو استلزام أحد المعلولين للآخر كاستلزام الدخان الحرارة، فإنّ كليهما معلولان للنار. وتطلق العقلية أيضا على الدلالة الالتزامية وعلى التضمنية أيضا كما سيجيء. والدلالة الطبيعية دلالة يجد العقل بين الدال والمدلول علاقة طبيعية ينتقل لأجلها منه إليه. والمراد من العلاقة الطبيعية إحداث طبيعة من الطبائع سواء كانت طبيعة اللافظ أو طبيعة المعنى أو طبيعة غيرها عروض الدّال عند عروض المدلول كدلالة أح أح على السعال وأصوات البهائم عند دعاء بعضها بعضا، وصوت استغاثة العصفور عند القبض عليه، فإنّ الطبيعة تنبعث بإحداث تلك الدوال عند عروض تلك المعاني، فالرابطة بين الدّال والمدلول هاهنا هو الطبع، هكذا في الحاشية الجلالية وحاشية لأبي الفتح. وفي شرح المطالع الدلالة الطبيعية اللفظية هي ما يكون بحسب مقتضى الطبع. قال السّيد الشريف في حاشيته أراد به طبع اللافظ فإنّه يقتضي تلفظه بذلك اللفظ عند عروض المعنى له. ويحتمل أن يراد به طبع معنى اللفظ لأنّه يقتضي التلفظ به. وأن يراد به طبع السامع فإنّ طبعه يتأدّى إلى فهم ذلك المعنى عند سماع اللفظ لا لأجل العلم بالوضع.
قال المولوي عبد الحكيم الطبع والطبيعة والطّباع بالكسر في اللغة السّجيّة التي جبل عليها الإنسان. وفي الاصطلاح يطلق على مبدأ الآثار المختصّة بالشيء سواء كان بشعور أو لا؛ وعلى الحقيقة فإن أريد طبع اللافظ فالمراد به المعنى الأوّل فإن صورته النوعية أو نفسه يقتضي التلفّظ به عند عروض المعنى. وإن أريد طبع معنى اللفظ أي مدلوله فالمراد به المعنى الثاني. وإن أريد طبع السامع فالمراد به مبدأ الإدراك أي النفس الناطقة أو العقل انتهى.
ثم اعلم أنّه لا يقدح في الدلالة الطبيعية وجود دلالة عقلية مستندة إلى علاقة عقلية لجواز اجتماع الدلالتين باعتبار العلاقتين، بل ربّما يجتمع الدلالات الثلاث باعتبار العلاقات الثلاث كما إذا وضع لفظ أح أح للسعال، بل نقول كل علاقة طبيعية تستلزم علاقة عقلية، لأنّ إحداث الطبيعة عروض الدال عند عروض المدلول إنّما يكون علاقة للدلالة الطبيعية باعتبار استلزم تحقّق الدّال تحقّق المدلول على وجه خاص، لكن الدلالة المستندة إلى استلزام الدّال للمدلول بحسب نفس الأمر مطلقا مع قطع النظر عن خصوص المادة دلالة عقلية والدلالة المستندة إلى الاستلزام المخصوص بحسب مادة الطبيعة طبيعية فلا إشكال. نعم يتّجه على ما ذكروه في العلاقة الطبيعية من إحداث الطبيعية عروض الدّال عند عروض المدلول أنّه إنما يدلّ على استلزام المدلول للدّال وهو غير كاف في الدلالة عندهم، لجواز أن يكون اللازم أعمّ، بل لا بدّ من استلزام الدال للمدلول وإلّا لكان مطلق لفظ أح أح مثلا دالا على السعال أينما وقع وكيف وقع وهو باطل، بل الدّال عليه هو ذلك اللفظ بشرط وقوعه على وجه مخصوص يستلزم السعال. اللهم إلّا أن يقال المراد عند عروض المدلول فقط أي حصول الدال الذي هو على وجه إحداث الطبيعة عند حصول المدلول فقط. وحاصله استلزام الدّال للمدلول بطريق مخصوص وفيه بعد لا يخفى.
قيل حصر الدلالة الطبيعية في اللفظية كما اختاره السّيد الشّريف منقوض بدلالة الحمرة على الخجل والصفرة على الوجل وحركة النبض على المزاج المخصوص منها. قال المولوي عبد الحكيم ولعلّ السّيد الشريف أراد أن تحقّقها للّفظ قطعي، فإنّ لفظة أح لا تصدر عن الوجع، وكذا الأصوات الصادرة عن الحيوانات عند دعاء بعضها بعضا لا تصدر عن الحالات العارضة لها، بل إنّما تصدر عن طبيعتها بخلاف ما عدا اللفظ فإنّه يجوز أن تكون تلك العوارض منــبعثة عن الطبيعة بواسطة الكيفيات النفسانية والمزاج المخصوص فتكون الدلالة طبيعية ويجوز أن تكون آثار النفس تلك الكيفيات والمزاج المخصوص فلا يكون للطبيعة مدخل في تلك الدلالة فتكون عقلية.
قال الصادق الحلوائي في حاشية الطيبي وقد يقال الظاهر أنّ تسمية الدّال بمدخلية الطبع طبعية على قياس أخويها لا طبيعية. ويجاب بأنّ الطّبع مخفف الطبيعة، فروعي في النسبة حال الأصل.
والدلالة الوضعية دلالة يجد العقل بين الدّال والمدلول علاقة الوضع ينتقل لأجلها منه إليه. والحاصل أنّها دلالة يكون للوضع مدخل فيها على ما ذكروا فتكون دلالة التضمّن والالتزام وضعية، وكذا دلالة المركّب ضرورة أنّ لأوضاع مفرداته دخلا في دلالته، ودلالة اللفظ على المعنى المجازي داخلة في الوضعية لأنها مطابقة عند أهل العربية، لأنّ اللفظ مع القرينة موضوع للمعنى المجازي بالوضع النوعي كما صرّحوا به. وأمّا عند المنطقيين فإن تحقّق اللزوم بينهما بحيث يمتنع الانفكاك فهي مطابقة وإلّا فلا دلالة على ما صرّح به السّيد الشريف في حاشية شرح المطالع. والمبحوث عنها في العلوم هي الدلالة الوضعية اللفظية، وهي عند أهل العربية والأصول كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم المعنى منه للعلم بالوضع. وعند المنطقيين كونه بحيث كلّما أطلق فهم المعنى للعلم بالوضع.
وتعريفها بفهم المعنى من اللفظ عند إطلاقه بالنسبة إلى من هو عالم بالوضع ليس كما ينبغي لأنّ الفهم صفة السامع والدلالة صفة اللفظ فلا يصدق التعريف على دلالة ما.
وأجيب بأنّا لا نسلّم أنّه ليس صفة اللفظ، فإنّ معنى فهم السامع المعنى من اللفظ انفهمامه منه هو معنى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى.
غاية ما في الباب أنّ الدلالة مفردة يصحّ أن يشتقّ منه صفة تحمل على اللفظ كالدال. وفهم المعنى من اللفظ وانفهمامه منه مركّب لا يمكن اشتقاقه منه إلّا برابط مثل أن يقال اللفظ منفهم منه المعنى. ألا ترى إلى صحة قولنا اللفظ متّصف بانفهام المعنى منه كما أنّه متّصف بالدلالة نعم كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى أوضح في المقصود، فاختياره أحسن وأولى.
وأجيب أيضا بأنّ هاهنا أمورا أربعة الأول اللفظ. والثاني المعنى. والثالث الوضع وهو إضافة بينهما أي جعل اللفظ بإزاء المعنى عل معنى أنّ المخترع قال إذا أطلق هذا اللفظ فافهموا هذا المعنى. والرابع إضافة ثانية بينهما عارضة لهما بعد عروض الإضافة الأولى وهي الدلالة. فإذا نسبت إلى اللفظ قيل إنّه دال على معنى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى العالم بالوضع عند إطلاقه، وإذا نسبت إلى المعنى قيل إنّه مدلول هذا اللفظ بمعنى كون المعنى منفهما عند إطلاقه، وكلا المعنيين لازمان لهذه الإضافة فأمكن تعريفها بأيّهما كان. بقي أنّ الدلالة ليست كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى عند الإطلاق، بل كونه بحيث يفهم منه المعنى العالم بالوضع عند حضور اللفظ عنده سواء كان بسماعه أو بمشاهدة الخطّ الدال عليه أن يتذكّره. فالصحيح الأخصر أن يقال هي فهم العالم بالوضع المعنى من اللفظ.
تقسيم
الدلالة الوضعية في الأطول مطلق الدلالة الوضعية إمّا على تمام ما وضع له وتسمّى دلالة المطابقة بالإضافة وبالدلالة المطابقية بالتوصيف أيضا كدلالة الإنسان على مجموع الحيوان الناطق. وإمّا على جزئه أي جزء ما وضع له وتسمّى دلالة التضمّن بالإضافة وبالدلالة التضمّنية بالتوصيف أيضا كدلالة الإنسان على الحيوان أو الناطق. وإمّا على خارج عنه أي عمّا وضع له وتسمّى دلالة الالتزام والدلالة الالتزامية أيضا كدلالة الإنسان على الضاحك، إلّا أنّهم خصّوا هذا التقسيم بدلالة اللفظ الموضوع لأنّ الدلالة الوضعية الغير اللفظية على الجزء أو الخارج في مقام الإفادة غير مقصودة في العادة لأنّه لا يستعمل الخط ولا العقد ولا الإشارة في جزء المعنى ولا لازمه، وكذا دلالة الخط على أجزاء الخط موضوعة بإزاء جزء ما وضع له الكل لا محالة. ولفظ التمام إنّما ذكر لأنّ العادة أن يذكر التمام في مقابلة الجزء حتى كأنّه لا تحسن المقابلة بدونه. وهذه الأسماء على اصطلاح أهل الميزان.
وأمّا أهل البيان فيسمون الأولى أي ما هو على تمام ما وضع له دلالة وضعية لأنّ منشأه الوضع فقط ويسمّون الأخريين دلالة عقلية.
فالدلالة العقلية عندهم هي الدلالة على غير ما وضع اللفظ له وإنّما سمّيتا بها لأنّه انضمّ فيهما إلى الوضع أمران عقليان، وهما توقّف فهم الكلّ على الجزء وامتناع انفكاك فهم الملزوم عن اللازم. فالدلالة الوضعية لها معنيان، أحدهما أعمّ مطلقا من المعنى الآخر والدلالة العقلية لها معنيان متباينان.
وصاحب مختصر الأصول قد خالف التقسيم المشهور فقسّم الدلالة اللفظية الوضعية إلى قسمين: لفظية وهي أن ينتقل الذهن من اللفظ إلى المعنى وهي دلالة واحدة، لكن ربّما تضمّن المعنى الواحد جزءين فيفهم منه الجزءان، وهو بعينه فهم الكلّ، فالدلالة على الكلّ لا تغاير الدلالة على الجزءين ذاتا، بل بالاعتبار والإضافة، فهي بالنسبة إلى كمال معناها تسمّى دلالة مطابقية وإلى جزئه تسمّى دلالة تضمنية وغير لفظية وتسمّى عقلية بأن ينتقل الذهن من اللفظ إلى معناه ومن معناه إلى معنى آخر، وهذا يسمّى دلالة التزام. وإن شئت توضيح هذا فارجع إلى العضدي وحواشيه.
ثم قال صاحب الأطول ويرد على التقسيم أنّ اللفظ قد يراد به نفسه كما يقال زيد علم، وحينئذ يصدق على دلالته على نفسه دلالة اللفظ على تمام ما وضع له، وعلى دلالته على جزئه دلالته على جزء ما وضع له، وعلى دلالته على لازمه دلالته على خارجه عنه مع أنّها لا تسمّى مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما.
والجواب أنّ من قال بوضع اللفظ لنفسه جعل ذلك الوضع ضمنيا، والمتبادر من إطلاقه الوضع القصدي، ومن لم يقل بدلالة اللفظ على نفسه ولا باستعماله [فيه] ووضعه له وهو التحقيق، وإن كان الأكثرون على خلافه فلا إشكال [على قوله]. وهاهنا سؤال مشهور وهو أنّ تعريف كلّ من الدلالات الثلاث ينتقض بالآخر إذ يجوز أن يكون اللفظ مشتركا بين الكلّ والجزء وبين الملزوم واللازم.
وأجيب أنّ قيد الحيثية معتبر أي من حيث إنّه تمام ما وضع له أو جزؤه أو لازمه. وهذا وإن يدفع الخلل في الحدّ لكنّه يختلّ به ما اشتهر فيما بينهم أنّ تقسيم الدلالة الوضعية إلى الأقسام الثلاث تقسيم عقلي، يجزم العقل بمجرّد ملاحظة مفهوم القسمة بالانحصار ولا يجوز قسما آخر. كيف ودلالة اللفظ الموضوع لمجموع المتضايفين على أحدهما بواسطة أنّه لازم جزء آخر ليست دلالة على الجزء من حيث إنّه جزء، بل من حيث إنّه لازم جزء آخر، فلا يكون تضمنا ولا التزاما لأنّه ليس بخارج، فخرجت القسمة عن أن تكون عقلية بل عن الصحّة لانتفاء الحصر [والضبط بوجه ما] ويختل أيضا [بيان] اشتراط اللزوم الذهني لأنّ اعتبار اللزوم في مفهومه يجعل هذا الاشتراط لغوا محضا.

فإن قلت: المعتبر في مفهومه مطلق اللزوم والبيان لاشتراط اللزوم الذهني. قلت: يجب أن يعتبر في المفهوم اللزوم الذهني لأنّ مطلق اللزوم لا يصلح أن يكون سببا لدلالة اللفظ على الخارج، وإلّا لكان اللازم الخارجي مدلولا. قال ونحن نقول دلالة اللفظ باعتبار كل وضع للفظ على انفراده، أمّا على تمام ما وضع له أو على جزئه أو على الخارج عنه إذ المعنى الوضعي باعتبار الوضع الواحد لا يمكن أن يكون إلّا أحدها. فالحصر عقلي والتعريفات تامّة والاشتراط مفيد، فهذا مراد القوم في مقام التقسيم، ولم يتنبّه المتأخّرون فظنّوا التعريفات مختلّة فأصلحوها بزيادة قيود وأخلّوا إخلالا كثيرا.
فائدة:
المنطقيون اشترطوا في دلالة الالتزام اللزوم الذهني المفسّر بكون المسمّى بحيث يستلزم الخارج بالنسبة إلى جميع الأذهان وبالنسبة إلى جميع الأزمان لاشتراطهم اللزوم الكلّي في الدلالة كما سبق. وأهل العربية والأصول وكثير من متأخري المنطقيين والإمام الرازي لم يشترطوا ذلك. فالمعتبر عندهم مطلق اللزوم ذهنيا كان أو خارجيا لاكتفائهم باللزوم في الجملة في الدلالة.
فائدة:
دلالة الالتزام مهجورة في العلوم.
والتحقيق أنّ اللفظ إذا استعمل في المدلول الالتزامي فإن لم يكن هناك قرينة صارفة عن [إرادة] المدلول المطابقي دالّة على المراد لم يصح إذ السابق إلى الفهم هو المدلول المطابقي. أمّا إذا قامت قرينة معيّنة للمراد فلا خفاء في جوازه. غايته التجوّز لكنه مستفيض شائع في العلوم حتى إنّ أئمة المنطقيين صرّحوا بتجويزه في التعريفات. نعم إنها مهجورة في جواب ما هو اصطلاحا بمعنى أنّه لا يجوز أن يذكر فيه ما يدلّ على المسئول عنه أو على أجزائه بالالتزام، كما لا يجوز ذكر ما دلالته على المسئول عنه بالتضمّن لاحتمال انتقال الذهن إلى غيره أو غير أجزائه فلا تتعيّن الماهية المطلوبة وأجزاؤها، بل الواجب أن يذكر ما يدلّ على المسئول عنه مطابقة وعلى أجزائه إمّا بالمطابقة أو التضمن. فالالتزام مهجور كلّا وبعضا، والمطابقة معتبرة كلّا وبعضا، والتضمّن مهجور كلّا معتبر بعضا كذا في شرح المطالع.
فائدة: قيل الدلالة لا تتوقّف على الإرادة لأنّا قاطعون بأنّا إذا سمعنا اللفظ وكنّا عالمين بالوضع نتعقّل معناه سواء أراده اللافظ أولا، ولا نعني بالدلالة سوى هذا. والحق التوقّف لأنّ دلالة اللفظ الوضعية، إنّما هي بتذكّر الوضع، وبعد تذكّر الوضع يصير المعنى مفهوما لتوقّف التذكّر عليه فلا معنى لفهمه إلّا فهمه من حيث إنّه مراد المتكلّم والتفات النفس إليه بهذا الوجه. نعم الإرادة التي هي شرط أعمّ من الإرادة بحسب نفس الأمر، ومن الإرادة بحسب الظاهر، فظهر أنّ الدلالة تتوقّف على الإرادة مطلقا مطابقة كانت أو تضمنا أو التزاما، وجعل المطابقة مخصوصة به تصرّف من القاصر بسوء فهمه كذا في الأطول.
وبالجملة فأهل العربية يشترطون القصد في الدلالة فما يفهم من غير قصد من المتكلّم لا يكون مدلولا للفظ عندهم، فإنّ الدلالة عندهم هي فهم المراد لا فهم المعنى مطلقا، بخلاف المنطقيين، فإنّها عندهم فهم المعنى مطلقا سواء أراده المتكلّم أولا. وقيل ليس المراد أنّ القصد معتبر عندهم في أصل الدلالة حتى يتوجّه أنّ الدلالة ليست إلّا فهم المعنى من اللفظ، بل إنّها غير معتبرة إذا لم يقارن القصد، فكأنّه لا يكون مدلولا عندهم.
فعلى هذا يصير النزاع لفظيّا في اعتبار الإرادة في الدلالة وعدم اعتبارها، هكذا في حواشى المختصر في بيان مرجع البلاغة في المقدّمة.

الحمّى

الحمّى:
[في الانكليزية] Fever
[ في الفرنسية] Fievre
بالضم وتشديد الميم والألف المقصورة في اللغة بمعنى تب. وعرّفها الأطباء بأنها حرارة غريبة تضرّ بالأفعال تنبعث من القلب إلى الأعضاء. فالحرارة بمنزلة الجنس تشتمل الأسطقسية الموجودة في البدن حيا وميتا.
والغريزية الموجودة فيه حيا وهي مقوّمة لوجود الإنسان، والأسطقسية لماهيته، والغريبة احتراز عنهما لأنّ المراد بها ما يرد على البدن من خارج بأن لا تكون جزءا من البدن. والمراد بالأفعال الطبعية الصادرة عن القوى البدنية وهو احتراز عن الغريبة التي لا تضرّ بالأفعال كحرارة الغضب إذا لم تبلغ حدّ مضرة الأفعال.
وقولهم تنبعث احتراز عن غير المنــبعثة عن القلب إلى الأعضاء كحرارة حاصلة من الشمس والنار في البدن إذا لم تضرّ بالأفعال. وكيفية الانبعاث أنّ تلك الحرارة تنبعث من القلب إلى الأعضاء جميعها بواسطة الروح والدمّ والشرايين. ولذا عرّفت بأنها حرارة غريبة تشتعل في القلب أولا وتنبسط منه بواسطة الروح والدم والشرايين في جميع البدن، فتشتعل اشتعالا يضرّ بالأفعال الطبعيّة
التقسيم
تنقسم الحمّى باعتبارات إلى أقسام. التقسيم الأول:
تنقسم باعتبار السبب إلى حمّى مرض وحمّى عرض. فما كان منها تابعة لما ليس بمرض مثل عفونة الأخلاط تسمّى حمّى مرض.
وما كان تابعة لمرض مثل الورم تسمّى حمّى عرض. فإنّ الورم مرض دون العفونة. ومعنى التبعية أن يكون سببها مقارنا لمرض تزول الحمّى بزواله وتوجد بوجوده.

التقسيم الثاني:
تنقسم باعتبار المحل إلى حمّى يوم وحمّى دقّ وحمّى خلطية. فإنّ تعلّقها أولا إمّا بأرواح البدن من الروح الحيوانية أو النفسانية أو الطبعية وهي حمّى يوم سمّيت بها، لأنها تزول في اليوم غالبا. وإن امتدّت في بعض الأزمان إلى سبعة أيام أيضا. وإمّا بأعضاء البدن وهي حمّى الدّق وعرّفت بأنّها حرارة غريبة تحدث في البدن بواسطة حدوثها في الأعضاء أولا، وهي لا محالة تفنى الأصناف الأربعة من الرطوبات الثانية، فإن أفنت الصنف الأول وشرعت في إفناء الثاني خصّت باسم حمّى الدّق. وإن أفنت الصنف الثاني من الرطوبة وشرعت في إفناء الثالث خصّت باسم الذبول. ولا يفلح من بلغ نهايته. وإن أفنت الصنف الثالث وشرعت في إفناء الرابع خصّت باسم المفتت. وبالجملة فحمّى الدّق تطلق على جميع تلك الأقسام وعلى بعضها أيضا من باب تسمية المقيّد باسم المطلق. والمعتبر في التقسيم حالة فناء الرطوبة وشروع الحرارة الأخرى لأنّ التغيّر يظهر عند ذلك لأنّ زمان فعل الحرارة في رطوبة واحدة متشابهة. وأمّا بأخلاط البدن وهي الحمّى الخلطية وتسمّى الحمّى المادية أيضا. فإن كانت حادثة بسبب تعفّن خلط تسمّى حمّى العفن وحمّى العفونة والحمّى العفنية. وإن كانت حادثة بسبب خلط فقط من غير عفونة تسمّى سونوخس. والمراد بالخلط هاهنا الدّم لا غير لأنّ سونوخس لا يوجد في الحمّى الغير الدموية. وفي شرح القانونچة والمادية تسمّى حمى عفن أيضا انتهى.
ووجه الحصر أنّ البدن مركّب من الأعضاء والأخلاط والأرواح فمتى سخن أحد هذه الأقسام أولا نسبت الحمّى إليه، وإن سخن الباقي بسبه لأنّ بعضها حاو وبعضها محوي فتتأدّى السخونة من البعض إلى البعض. فإن قيل إن تعلقت بالجميع دفعة كانت خارجة عن الأقسام الثلاثة. قلت تكون في كلّ واحد من الأجناس الثلاثة في هذه الصورة حرارتان: ذاتية وعرضية لأنّها تسري من كلّ واحد إلى آخر، وحينئذ تكون حميات ثلاثا، فلا تخرج.
ثم التعفن إمّا أن يكون داخل العروق أو خارجها. والتي يكون التعفن فيها داخل العروق تسمّى حمّى لازمة. والتي يكون التعفّن فيها خارج العروق تسمّى حمّى دائرة ونائبة ومغيرة.
والحمّى اللازمة أربعة أقسام باعتبار أقسام الأخلاط. الأول السوداوية وتسمّى الربع اللازمة ومطلق الربع هو الحمّى السوداوية كما يستفاد من شرح القانونچة. الثاني البلغمية وتسمّى الحمّى اللثقة وتسمّى بالحمّى اللازمة أيضا من باب تسمية المقيّد باسم المطلق كما في حمّى الدّق. الثالث الدموية وتسمّى الحمّى المطبقة وهي ثلاثة أقسام، لأنّ من الدم شيئا يتحلّل وشيئا يتعفّن. فإن تساويا فهي المساوية، وإن كان التحلّل أكثر فهي المتناقصة، وإن كان التعفّن أكثر فهي المتزايدة كما في الأقسرائي.

وفي بحر الجواهر: الحمّى المطبقة هي الحمّى الدموية اللازمة وهي نوعان: أحدهما من عفونة الدم في العروق وخارجها. وثانيهما أنّ تسخّن الدم وتغلى من غير عفونة وتسمّى سونوخس انتهى. وهذا مخالف لما سبق من أنّ الدموية اللازمة من أقسام العفنية وسونوخس مقابل لها، ولما قيل من أنّ الدم لا يتعفن خارج العروق.
الرابع الصفراوية وتسمّى بالحمّى المحرقة وبالغبّ اللازمة كما في شرح القانونچة. وفي بحر الجواهر أنّ الحمّى المحرقة هي الصفراوية أيضا إلّا أنّ مادتها تعفنت داخل العروق بقرب القلب أو الكبد. فإن تعفنت في العروق البعيدة عن القلب أو الكبد سمّيت بالاسم العام وهي الغب اللازمة، سمّيت بالمحرقة لشدة حرارته وكثرة عطشه وقلعه. وقد تطلق الحمّى المحرقة على ما كان عن بلغم مالح عفن بقرب القلب لأنّها بسبب ملوحية مادتها وقربها من القلب تكون أعراضها قوية في الاشتداد من المحرقة.
فإطلاق المحرقة عليها يكون بالاشتراك اللفظي انتهى.
الحمّى الدائرة ثلاثة أقسام، لأنّها لا تكون دموية إذ الدم لا تكون خارج العروق، فلا تتعفن إلّا فيها. الأول السوداوية وتسمّى بالربع الدائرة، ومن أنواعها حمّى الخمس والسدس والسبع وما وراءها. الثاني البلغمية وتسمّى بالمواظبة وهي النائبة كل يوم. قال الإيلاقي نوعان من البلغمية ينوب أحدهما نهارا ويقلع ليلا ويسمّى النهارية، والآخر ينوب ليلا ويقلع نهارا ويسمّى الليلية. الثالث الصفراوية وتسمّى بالغب الدائرة أيضا، وهي تنقسم إلى خالصة بأن تكون مادتها صفراء رقيقة صرفة، وغير خالصة بأن تكون مختلطة بالبلغم اختلاطا ممتزجا مغلظا. وهكذا الغبّ اللازمة تنقسم إلى خالصة وغير خالصة كما يستفاد من المؤجز.
وفي القانونچة وشرحها وأمّا حمّى الصفراء خارج العروق فتنقسم إلى خالصة وهي التي لا تزيد مدة نوبتها على اثنتي عشرة ساعة، وهي الغبّ الدائرة لأنها تنوب يوما، ويوما لا؛ وإلى غير خالصة وهي التي تزيد مدة نوبتها على اثنتي عشرة ساعة وهي شطر الغب. وفي بحر الجواهر الحمّى المثلّثة هي حمّى الغب.

التقسيم الثالث:
تنقسم باعتبار حدوثها عن خلط أو أكثر إلى بسيطة ومركّبة. فالبسيطة هي التي تحدث بفساد خلط واحد، والمركّبة هي التي تحدث بسبب فساد خلطين أو أكثر. ثم التركيب إمّا تركيب مداخلة وهو أن تدخل احداهما على الأخرى وتسمّى حمّى متداخلة، أو تركيب مبادلة وهو أن تأخذ احداهما بعد إقلاع الأخرى وتسمّى حمى متبادلة، أو تركيب مشاركة وهو أن تأخذا معا وتتركا معا وتسمّى حمّى مشاركة ومشابكة. والأولى أن لا يعتبر قيد وتتركا معا، فإنّ ذلك لا يتحقق إلّا فيما كانت المواد للحميات من نوع واحد، فإنّ الصفراوية والسوداوية إذا أخذتا معا لا تتركان معا، فإنّ السوداوية تنوب أربعا وعشرين ساعة، والصفراوية تنوب اثنتي عشرة ساعة. ومن جملة المركبات شطر الغب.

التقسيم الرابع:
تنقسم باعتبار اهتزاز البدن وعدمه إلى الحمّى الناقصة وهي التي يحصل فيها اهتزاز للبدن مع حركات إرادية فارسيتها تب لرزه، والحمّى الصالبة وهي ما ليس كذلك. ومن أنواع الحميات الحمى الغشية وهي التي يحدث فيها الغشي وقت ورودها. ومنها الحمّى الوبائية وهي الحادثة بسبب الوباء. ومنها الحمّى الحادّة وهي التي تعرض فيها أعراض شديدة هي قصيرة المدة. ومنها المختلطة وهي حميات ذات فترات وسجانات غير منظومة لا نوبة لها، كذا في بحر الجواهر.

الجاهلية

الجاهلية:
[في الانكليزية] Preislamic period or state
[ في الفرنسية] Epoque preislamique ،anteislam
هو الزمان الذي قبل الــبعثة. وقيل ما قبل فتح مكة كذا في شرح شرح النخبة في تعريف المخضرمين في بيان الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع. الجاورشية:
[في الانكليزية] Pustule ،spot ،pimple
[ في الفرنسية] Pustule ،bouton
هي بثور صغار متقرحة حمر الأصول.
وربّما كان معها لدغ شديد وورم وسيلان صديد، وهو من أصناف النملة، كذا في بحر الجواهر.

الاستخذام

الاستخذام:
[في الانكليزية] Break ،syllepsis
[ في الفرنسية] Coupure ،syllepse
بالخاء والذال المعجمتين من خذمت الشيء قطعته، ومنه سيف مخذوم. ويروى بالحاء المهملة والذال المعجمة أيضا من حذمت أي قطعت، ويروى بالمعجمة والمهملة أيضا من الخدمة، هكذا ذكر السيد السّند في حاشية المطول. وهو عند أهل البديع من أشرف أنواع البديع، وكذلك التورية. والبعض فضّله على التورية أيضا، ولهم فيه عبارتان: إحداهما أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادا به أحد معانيه ثم يؤتى بضميره مرادا به المعنى الآخر، وهذه طريقة السكاكي وأتباعه. والأخرى أن يأتي المتكلّم بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين ومن الآخر الآخر، وهذه طريقة بدر الدين بن مالك في المصباح ومشى عليها ابن أبي الأصبع، ومثّله بقوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ الآية، فلفظ كتاب يحتمل الأمد المختوم والكتاب المكتوب، فلفظ أجل يخدم المعنى الأول، ويمحو يخدم الثاني. قيل ولم يقع في القرآن على طريقة السكاكي. قال صاحب الاتقان وقد استخرجت أنا بفكري آيات على طريقة السكاكي، منها قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ فإنّ المراد به آدم عليه السلام، ثم أعاد الضمير عليه مرادا به ولده، فقال ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً الآية. ومنها قوله: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، ثم قال: قد سألها قوم من قبلكم أي أشياء أخر لأن الأوّلين لم يسألوا عن الأشياء التي سألوا عنها الصحابة فنهوا عن سؤالها. ومنها قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فأمر الله يراد به قيام الساعة والعذاب وبعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم. وقد أريد بلفظ الأمر الأخير كما روي عن ابن عباس وأعيد الضمير عليه في تستعجلوه مرادا به قيام الساعة والعذاب، انتهى. فعلم من هذه الأمثلة أنّ المراد بالمعنيين أعمّ من أن يكونا حقيقيّين أو مجازييّن أو مختلفين، وقد صرّح بذلك في حواشي المطول.

وقال صاحب المطوّل: الاستخدام أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم يراد بضميره المعنى الآخر، أو يراد بأحد ضميريه أحد المعنيين، ثم بالضمير الآخر معناه الآخر، فالأول كقوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا أراد بالسماء الغيث وبالضمير الراجع إليه من رعيناه النبت، والثاني كقوله:
فسقى الغضا والسّاكنية وإن هم شبوه بين جوانح وضلوع أراد بأحد الضميرين الراجعين إلى الغضا وهو المجرور في الساكنية المكان وبالآخر وهو المنصوب في شبوه النار أي أوقدوا بين جوانحي نار الغضا، يعني نار الهوى التي تشبه بنار الغضا، انتهى.

الأخنسيّة

الأخنسيّة:
[في الانكليزية] Al -Akhnassiyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -Akhnassiyya (secte)
بفتح الألف وسكون الخاء وفتح النون فرقة من الخوارج الثعالبة أصحاب اخنس بن قيس، هم كالثعالبة في الأحكام إلّا أنّهم امتازوا عنهم بأن توقّفوا فيمن هو في دار الــبعثة من أهل القبلة فلم يحكموا عليه بإيمان ولا كفر إلّا من علم حالة من إيمانه وكفره.
وحرّموا الاغتيال بالقتل لمخالفيهم والسّرقة من أموالهم. ونقل عنهم تجويز تزويج المسلمات من مشركي قومهم، كذا في شرح المواقف.

الإباضيّة

الإباضيّة:
[في الانكليزية] Al -Ibadiyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -Ibadiyya (secte)
هي فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن إباض. قالوا فخالفونا من أهل القبلة كفار غير المشركين يجوز مناكحتهم. وغنيمة أموالهم من سلاحهم وكراعهم حلال عند الحرب دون غيره. ودارهم دار الإسلام إلّا معسكر سلطانهم. وقالوا تقبل شهادة مخالفيهم عليهم.
ومرتكب الكبيرة موحّد غير مؤمن لأنّ الأعمال داخلة في الإيمان والاستطاعة قبل الفعل، وفعل العبد مخلوق لله تعالى. ويفنى العالم كلّه بفناء أهل التّكليف. ومرتكب الكبيرة كافر نعمة لا كافر ملّة. وتوقّفوا في تكفير أولاد الكفّار، وفي النّفاق أهو شرك أم لا، وفي جواز بعثة رسول بلا معجزة، وتكليف أتباعه فيما يوحى إليه.
وكفّروا عليا وأكثر الصّحابة. وافترقوا فرقا أربعة: الحفصيّة واليزيدية والحارثيّة والرابعة العباديّة القائلون بطاعة لا يراد بها الله، أي الزاعمون أنّ العبد إذا أتى بما أمر به ولم يقصد الله كان ذلك طاعة. فالحفصيّة زادوا على الإباضية أنّ بين الإيمان والشرك معرفة الله فإنها خصلة متوسّطة بينهما فمن عرف الله وكفر بما سواه من رسول أو جنّة أو نار أو بارتكاب كبيرة فكافر لا مشرك. واليزيديّة زادوا عليهم وقالوا سيبعث نبيّ من العجم بكتاب يكتب في السماء وينزل عليه جملة واحدة، ويترك شريعته إلى ملّة الصّابئة المذكورة في القرآن. وقالوا أصحاب الحدود مشركون وكلّ ذنب شرك كبيرة [كانت] أو صغيرة. والحارثيّة خالفوهم في القدر أي كون أفعال العباد مخلوقة لله تعالى وكون الاستطاعة قبل الفعل، كذا في شرح المواقف.

الصّحابي

الصّحابي:
[في الانكليزية] Follower of the Prophet
[ في الفرنسية] Compagnon du Prophete بالفتح منسوب إلى الصّحابة وهي مصدر بمعنى الصّحبة، وقد جاءت الصحابة بمعنى الأصحاب، والأصحاب جمع صاحب، فإنّ الفاعل يجمع على أفعال كما صرّح به سيبويه وارتضاه الزمخشري والرّضي. فالقول بأنّه جمع صحب بالسكون اسم جمع كركب أو بالكسر مخفّف صاحب إنّما نشأ من عدم تصفّح كتاب سيبويه، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي. وفي الصّراح أصحاب جمع الصّحب مثل فرخ وأفراخ وجمع الأصحاب الأصاحيب. وفي المنتخب صاحب بمعنى يار جمع أو صحب وجمع صحب أصحاب وجمع أصحاب أصاحيب.
وعند أهل الشرع هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الثّقلين مؤمنا به ومات على الإسلام. والمراد باللقاء، أعمّ من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه، ويدخل فيه رؤية أحدهما الآخر سواء كان ذلك اللقاء بنفسه أو بغيره، كما إذا حمل شخص طفلا وأوصله إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسواء كان ذلك اللقاء مع التمييز والعقل أو لا، فدخل فيه من رآه وهو لا يعقل فهذا هو المختار.
وقيل كلّ من روى عنه حديثا أو كلمة ورآه رؤية فهو من الصّحابة فقد اشترط المكالمة. وقيل كلّ من أدرك الحلم وقد رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعقل أمر الدين فهو من الصّحابة، ولو صحبه عليه السلام ساعة واحدة فقد اشترط العقل والبلوغ. والتعبير باللّقى أولى من قول بعضهم الصّحابي من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّه يخرج به ابن أمّ مكتوم ونحوه من العميان مع كونهم صحابة بلا تردد، والمراد بالرؤية واللقاء ما يكون حال حياته عليه السلام. فلو رأى بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي فليس بصحابي على المشهور. فقولنا من جنس.
وقولنا لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم احتراز عمّن لم يلقه كالمخضرمين فإنّهم على الصحيح من كبار التابعين كما عرفت.
قيل إن ثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فينبغي أن يعدّ من كان مؤمنا به في حياته في هذه الليلة وإن لم يلاقه في الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلّى الله عليه وسلّم. وقيل لا يعدّ في الصّحابة لأنّ إسناد لقي إلى ضمير من دون النبي يخرجه. وقولنا من الثقلين يخرج الملائكة لأنّ الثقلين هما الإنس والجنّ كما في الصراح وغيره. وقولنا مؤمنا به يخرج من لقيه صلّى الله عليه وسلّم حال كونه غير مؤمن به، سواء لم يكن مؤمنا بأحد من الأنبياء كالمشرك، أو يكون مؤمنا بغيره من الأنبياء عليهم السلام كأهل الكتاب. لكن هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنّه سيبعث ولم يدرك الــبعثة كورقة بن نوفل؟ ففيه تردّد كما قال النووي.
فمن أراد اللقاء حال نبوته عليه السلام فيخرج عنه، ومن أراد أعمّ من ذلك يدخل فيه. وقولنا ومات على الإسلام يخرج من ارتدّ بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الرّدّة مثل عبد الله بن جحش وابن خطل. وأمّا من لقيه مؤمنا به ثم ارتدّ ثم أسلم سواء أسلم حال حياته أو بعد موته، وسواء لقيه ثانيا أم لا فهو صحابي على الأصح، وقيل ليس بصحابي. ويرجّح الأول قصة الاشعث بن قيس فإنّه ممّن ارتدّ وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوّجه أخته، ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
وفي عدم تقييد اللقاء بزمان محدود أو غير محدود قليلا كان أو كثيرا إشارة إلى اختيار مذهب جمهور المحدّثين والشافعي واختاره أحمد بن حنبل ولذا قال: الصّحابي من صحبه عليه السلام صغيرا كان أو كبيرا، سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة، أو رآه. واختاره أيضا ابن الحاجب لأنّ الصّحبة تعمّ القليل والكثير بحسب اللغة، فأهل الحديث نقلوا على وفق اللغة.
وقال سعيد بن المسيب لا يعد صحابيا إلا من أقام مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين.
ووجهه أنّ لصحبته عليه السلام شرفا عظيما فلا ينال إلّا باجتماع يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص، كالغزو المشتمل على السّفر الذي هو قطعة من السّقر. والسنة المشتملة على الفصول الأربع التي بها يختلف المزاج. وعورض بأنّه عليه السلام لشرف منزلته أعطى كلّ من رآه حكم الصّحبة. وأيضا يلزم أن لا يعدّ جوير بن عبد الله ونحوه من الصّحابة، ولا خلاف في أنّهم صحابة.

وقال أصحاب الأصول: الصّحابي من طالت مجالسته له على طريق التّبع له والأخذ عنه فلا يدخل من وفد عليه وانصرف بدون مكث. وقيل الأصوليون يشترطون في الصّحابي ملازمة ستة أشهر فصاعدا. وقيل لا حدّ لتلك الكثرة بتقدير بل بتقريب. ويؤيّده ما قال أبو منصور الشيباني الصحابي من طالت صحبته وكثر مكثه وجلوسه معه مستفيدا منه. قال النووي: مذهب الأصوليين مبني على مقتضى العرف، فإنّ العرف مخصّص اسم الصحبة بمن كثرت صحبته واشتهرت متابعته.
فائدة:
لا خفاء في رجحان رتبة من لازمه صلّى الله عليه وسلّم وقاتل معه أو قتل تحت رايته على من لم يلازمه أو لم يحضر معه مشهدا، وعلى من كلّمه يسيرا أو ماشاه قليلا أو رآه على بعد أو في حال الطفولية، وإن كان شرف الصحبة حاصلا للجميع، ومن ليس [له] منهم سماع من النبي عليه السلام فحديثه مرسل من حيث الرواية، وهم مع ذلك معدودون في الصّحابة لما نالوا من شرف الرؤية.
فائدة:
يعرف كونه صحابيا بالتواتر أو الاستفاضة أو الشهرة أو بإخبار بعض الصحابة أو بعض ثقات التابعين أو بإخباره عن نفسه بأنّه صحابي إذا كانت دعواه تدخل تحت الإمكان بأن لا يكون بعد مائة سنة من وفاته صلّى الله عليه وسلّم. واعلم أنّ الصّحابة كلهم عدول في حقّ رواية الحديث، وإن كان بعضهم غير عدل في أمر آخر. هذا كله خلاصة ما في شرح النخبة وشرحه وجامع الرموز والبرجندي ومجمع السلوك وغيره.

أَفعَال المقاربة

أَفعَال المقاربة: أَفعَال وضع كل وَاحِد مِنْهَا لغَرَض الدّلَالَة على قرب حُصُول خَبره لفَاعِله فِي اعْتِقَاد الْمُتَكَلّم. ثمَّ سَبَب اعْتِقَاده ذَلِك الْقرب ومنشأه أحد الْأُمُور الثَّلَاثَة على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ أَحدهَا رَجَاء الْمُتَكَلّم وطمعه بِحُصُول الْخَبَر للْفَاعِل دون الْجَزْم وَالْيَقِين بذلك الْحُصُول مثل عَسى فِي عَسى زيد يخرج فَإِنَّهُ مَوْضُوع بغرض الدّلَالَة على قرب حُصُول الْخُرُوج لزيد فِي اعْتِقَاد الْمُتَكَلّم بِسَبَب أَنه يَرْجُو ويطمع حُصُوله لَهُ وَثَانِيها إشراف الْخَبَر على حُصُوله للْفَاعِل يَعْنِي أَن الْمُتَكَلّم لما رأى إشراف الْخَبَر على حُصُوله للْفَاعِل فيعتقد بِقرب حُصُوله لَهُ ويخبر عَنهُ مثل كَاد مُحَمَّد أَن يكون رَسُولا فَإِنَّهُ مَوْضُوع بغرض الدّلَالَة على قرب حُصُول الرسَالَة لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اعْتِقَاد الْمُتَكَلّم يَعْنِي أَنه لما رأى قبل الْــبعْثَة آثَار النُّبُوَّة والرسالة لامعة على نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإشرافها على حُصُولهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جزم بِقرب حُصُولهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَثَالِثهَا شُرُوع الْفَاعِل فِي الْأَسْبَاب المفضية إِلَى حُصُول الْخَبَر لَهُ يَعْنِي أَن الْمُتَكَلّم لما رأى أَن الْفَاعِل شرع فِي تِلْكَ الْأَسْبَاب جزم بِقرب حُصُوله لَهُ مثل طفق فِي طفق زيد يخرج فَإِنَّهُ مَوْضُوع للدلالة على قرب حُصُول الْخُرُوج لزيد فِي اعْتِقَاد الْمُتَكَلّم بِسَبَب شُرُوع زيد فِي مَا يُفْضِي إِلَى الْخُرُوج وَيُسمى الْقرب الَّذِي سَببه الْأَمر الأول دنو الرَّجَاء وَالثَّانِي دنو الْحُصُول وَالثَّالِث دنو الْأَخْذ من قبيل إِضَافَة الْمُسَبّب إِلَى السَّبَب. وَمِمَّا أوضحنا لَك يَتَّضِح قَوْلهم أَفعَال المقاربة مَا وضع لدنو الْخَبَر رَجَاء أَو حصولا أَو أخذا فِيهِ وَإِنَّمَا سميت هَذِه الْأَفْعَال بِهَذَا الِاسْم لدلالتها على الْقرب.

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد الــبعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى المنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

العصمة

العصمة: ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها.
العصمة:
[في الانكليزية] Infallibility ،vertue ،chastity
[ في الفرنسية] Infaillibilite ،vertu ،chastete
بالكسر وسكون الصاد هي عند الأشاعرة أن لا يخلق الله في العبد ذنبا بناء على ما ذهبوا إليه من استناد الأشياء كلّها إلى الفاعل المختار ابتداء. وقيل العصمة عند الأشاعرة هي خلق قدرة الطّاعة ويجيء في لفظ اللطف أيضا. وعند الحكماء ملكة نفسانية تمنع صاحبها من الفجور أي المعاصي بناء على ما ذهبوا إليه من القول بالإيجاب واعتبار استعداد القوابل، وتتوقّف على العلم بمعايب المعاصي ومناقب الطاعات فإنّه الزاجر عن المعصية والداعي إلى الطاعة، لأنّ الهيئة المانعة من الفجور إذا تحقّقت في النفس وعلم صاحبها ما يترتّب على المعاصي من المضار وعلى الطاعات من المنافع تصير راسخة، فيطيع ولا يعصي، وتتأكّد هذه الملكة في الأنبياء بتتابع الوحي إليهم بالأوامر والنواهي، والاعتراض عليهم على ما يصدر عنهم من الصغائر سهوا أو عمدا عند من يجوّز تعمّدها، ومن ترك الأولى والأفضل، فإنّ الصفات النفسانية تكون في ابتداء حصولها أحوالا أي غير راسخة ثم تصير ملكات أي راسخة في محلّها بالتدريج. وقيل العصمة خاصية في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه. وردّ ذلك بالعقل والنقل، أمّا العقل فلأنه لو كان كذلك لما استحقّ صاحبها المدح على عصمته ولامتنع تكليفه وبطل الأمر والنهي والثواب والعقاب.
وأما النقل فلقوله تعالى قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ، فإنّ الآية تدلّ على أنّ النبي مثل الأمة في جواز صدور المعصية عنه.
فائدة:
اختلف في عصمة الملائكة. فللنّافي وجوه منها قوله تعالى قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، الآية إذ في هذا القول منهم غيبة لمن يجعله الله خليفة بذكر مثالبه. وفيه العجب وتزكية النفس. وللمثبت أيضا وجوه منها قوله تعالى: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ، ولا قاطع فيه أي في هذا المبحث، والغاية الظّنّ.
فائدة:
أجمع أهل الملل والشّرائع كلّها على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمّد الكذب فيما دلّ المعجزة على صدقهم فيه كدعوى الرّسالة وما يبلّغونه من الله إلى الخلائق. وفي جواز صدور الكذب عنهم فيما ذكر سهوا ونسيانا خلاف.
فمنعه الاستاذ أبو إسحاق وكثير من الأئمة، وجوّزه القاضي. وأما ما سوى الكذب في التبليغ من الكفر وغيره، فالكفر اجتمعت الأمة على عصمتهم عنه قبل النّبوّة وبعدها. ولا خلاف لأحد منهم في ذلك إلّا أنّ الأزارقة من الخوارج جوّزوا عليهم الذّنب، وكلّ ذنب عندهم كفر، فلزم لهم تجويز الكفر. بل يحكى عنهم بجواز بعثة نبيّ علم الله تعالى أنّه يكفر بعد نبوّته. نعوذ بالله من هذا القول الباطل.
وأمّا غير الكفر فإمّا كبائر أو صغائر، وكلّ منهما إمّا عمدا أو سهوا. أمّا الكبائر عمدا فمنعه الجمهور من المحقّقين والأئمة إلّا الحشويّة، والأكثر على امتناعه سمعا. وقالت المعتزلة بل عقلا. وأمّا سهوا فجوّزه الأكثرون والمختار خلافه. وأمّا الصغائر عمدا فجوّزه الجمهور إلّا الجبّائي فإنّه لم يجوّز ظهور صغيرة إلّا سهوا، وهذا فيما ليس من الصّغائر الخسيّة، وهي ما يلحق بها فاعلها بالأراذل والسّفلة ويحكم عليه بالخسّة ودناءة الهمّة كسرقة حبّة أو لقمة. وأمّا صدور الصغائر سهوا فهو جائز اتفاقا من أكثر الأشاعرة وأكثر المعتزلة إلّا الصغائر الخسّية. وقال الجاحظ يجوز صدور غير الصغائر الخسية سهوا بشرط أن ينبّهوا عليه فيتنبّهوا عليه، وقد تبعه كثير من المتأخّرين من المعتزلة كالنّظّام والأصمّ وجعفر بن بشرويه.
ويقول الأشاعرة هذا كله بعد الوحي والنبوّة، وأما قبل ذلك فقال أكثر أصحابنا لا يمتنع أن يصدر عنهم كبيرة. وقال أكثر المعتزلة يمتنع الكبيرة وإن مآب منها. وقالت الروافض لا يجوز عليهم صغيرة ولا كبيرة لا عمدا ولا سهوا ولا خطأ في التأويل، بل هم مبرّءون عنها بأسرها قبل الوحي وبعده. وإن شئت الزيادة فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع. اعلم أنّ العصمة المؤثمة عند الفقهاء هي عصمة نفس من القتل حقا لله تعالى، والعصمة المقوّمة هي عصمة نفس من القتل حقا للعبد، كذا في جامع الرموز في كتاب الجهاد في بيان الأراضي العشرية والخراجية.

العزم

العزم: عقد القلب على إمضاء الأمر، ومنه {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاح} .
العزم:
[في الانكليزية] Decision ،intention ،resolution volition
[ في الفرنسية] Decision ،intention ،resolution ،volition
بالفتح والضم وسكون الزاء المعجمة هو جزم الإرادة أي الميل بعد التردّد الحاصل من الدواعي المختلفة المنــبعثة من الآراء العقلية والشهوات والنغزات النفسانية، فإن لم يترجّح أحد الطرفين حصل التحيّر، وإن ترجّح حصل العزم وهو من الكيفيات النفسانية، كذا في شرح المواقف في خاتمة القدرة. وفي العارفية حاشية شرح الوقاية النّية والعزم متّحدان معنى انتهى.
وقيل من لم يوطّن نفسه على المعصية وإنّما مرّ ذلك بفكره من غير استقرار يسمّى هذا همّا، ويفرّق بينه وبين العزم بأنّ في العزم يوطّن نفسه على المعصية، ولذا يأثم بالعزم على المعصية.
قال القاضي وإلى هذا ذهب عامة السّلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدّثين.

الإرهاص

(الإرهاص) (شرعا) الْأَمر الخارق للْعَادَة يظْهر للنَّبِي قبل بعثته
الإرهاص: ما ظهر من الخوارق عن النبي قبل ظهوره كالنور الذي كان بجبين والد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ذكر بعضهم، واختصر التفتازاني رحمه الله فقال: تأسيس النبوة بالخوارق قبل الــبعثة.
الإرهاص:
[في الانكليزية] Supernatural deeds
[ في الفرنسية] Faits Surnaturels
شرعا قسم من الخوارق، وهو الخارق الذي يظهر من النبي قبل الــبعثة، سمّي به لأنّ الإرهاص في اللغة بناء البيت، فكأنه بناء بيت إثبات النبوة، كذا في حواشي شرح العقائد.
الإرهاص: فِي اللُّغَة (ديوار بنياد نهادن) وَفِي الِاصْطِلَاح هُوَ الخارق للْعَادَة الَّذِي يظْهر من النَّبِي قبل بعثته وَإِنَّمَا سمي إرهاصا لِأَنَّهُ تأسيس لقاعدة النُّبُوَّة دَال على بعثته فِي الْمَآل من أرهصت الْحَائِط إِذا أسسته. وَبِعِبَارَة أُخْرَى الإرهاص مَا يظْهر من الخوارق عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل ظهروه كالنور الَّذِي فِي جبين آبَاء نَبينَا مُحَمَّد الْمُصْطَفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

انس

انس

1 أَنِسَ بِهِ, (Az, S, M, A, Msb, K,) and إِلَيْهِ, (A,) aor. ـَ (Msb, TA;) and أَنَسَ, (S, M, A, Msb, K,) aor. ـِ (M, Msb, TA) and اَنُسَ; (M;) and أَنُسَ, aor. ـُ (M, Sgh, K;) inf. n. أَنَسٌ and أَنَسَةٌ, (S, K,) both of أَنِسَ, (S,) or إِنَسٌ, (Az, AHát, T, M, Msb,) also of أَنِسَ, (Az, AHát, Msb, TA,) but this is rare, (T, TA,) and أُنْسٌ, (T, S, M, A, K,) which is the more common, (T, TA,) and is of أَنَسَ, (S,) or أُنْسٌ has a different signification from إِنْسٌ the inf. n. of أَنِسَ, [see أُنْسٌ below,] (Az, AHát,) or it is a subst. from أَنِسَ بِهِ, (Msb,) and أُنْسَةٌ; (M;) [but this also is probably a subst.;] one says أُنْسٌ and أُنْسَةٌ, like as one says بُعْدٌ and بُعْدَة; (Ham p. 768;) He was, or became, sociable, companionable, conversable, inclined to company or converse, friendly, amicable, or familiar, with him, or by means of him, and to him: and [انس به] he was, or became, cheered, or gladdened, by his company or converse, or by his, or its, presence; or cheerful, gay, or gladsome: the inf. n. signifying the contr. of وَحْشَةٌ: (T, S, A, K:) or he was, or became, at ease, or tranquil, with him: (M:) or his heart was, or became, at ease, or tranquil, with him; without shrinking, or aversion: (Msb:) and بِهِ ↓ استأنس, (S, M, A, Msb,) and إِلَيْهِ, (A,) and بِهِ ↓ تأنّس, signify the same, (S, M, Msb,) i. e., the same as أَنِسَ (M, A, Msb, TA) and أَنَسَ (M, Msb) and أُنُسَ: (M:) أَنِسَ بِفُلَانٍ is likewise explained as signifying he delighted, or rejoiced, in such a one; he was happy, or pleased, with him: (IAar, TA:) [and ↓ آنسهُ, a form of frequent occurrence, inf. n. مُؤَانَسَةٌ, which occurs in this art. in the TA, also signifies he was, or became, sociable, &c., with him; like أَنِسَ بِهِ &c.: it is also said in the TA that أَنِسَ بِهِ and بِهِ ↓ آنَسَ are syn., meaning, app., like استأنس and تأنّس به, and that آنس in this case is therefore of the measure فَاعَلَ; but this admits of some doubt, as it is said immediately after آنسهُ as meaning the contr. of أَوْحَشَهُ:] and ↓ استأنس, (K, TA,) said of a wild animal, (TA,) signifies [he became familiar, or tame, or domesticated; or] his wildness (تَوَحُّشُهُ) departed: (K, TA:) you say إِذَا جَآءَ اللَّيْلُ اسْتَأْنَسَ كُلُّ وَحْشِىٍّ وَاسْتَوْحَشَ كُلُّ إِنْسِىٌ [When the night comes, every wild animal becomes familiar with his kind, and every human being becomes shy of his kind, i. e., of such thereof as he does not know, when meeting them in the dark]. (A, TA, Msb in art. وحش.) 2 اَنَّسَ أنّسهُ, inf. n. تَأْنِيسٌ, He rendered him familiar; or tame. (KL.) A2: See also 4, in three places.3 اَاْنَسَ see 1, in two places.4 آنسهُ, (M, K,) inf. n. إِينَاسٌ, (S,) He behaved in a sociable, friendly, or familiar, manner with him; [see 1, in two places;] he, or it, cheered him, or gladdened him, by his company or converse, or by his, or its, presence; he, or it, solaced, or consoled, him; contr. of أَوْحَشَهُ; (S, * K;) as also ↓ أنّسهُ, (K,) inf. n. تَأْنِيسٌ: (S, K:) or he, or it, rendered him easy, at ease, or tranquil; as also ↓ the latter verb, occurring in the following ex.: سَمَّاهَا بِالْمُؤْنِسَاتِ لِأَنَّهُنَّ يُؤَنِّسْنَهُ بِأَقْرَانِهِ فَيُؤَمِّنَّهُ أَوْيُحَسِّنَّ ظَنِّهُ [He has called them (referring to weapons) المؤنسات because they render him at ease with his adversaries, and secure, or cause him to have a good opinion of his safety, and thus, cheer him, or solace him, by their presence]. (M: [and the like is said in the A.]) A2: He perceived it; syn. of the inf. n. إِدْرَاكٌ. (TA.) b2: He saw him, or it, (S, M, A, * Msb, K,) and looked at him, or it; (M, TA;) as also ↓ أنّسهُ, inf. n. تَأْنِيسٌ; (K;) and ↓ استأنسهُ: (M:) or he saw it so that there was no doubt or uncertainty in it: or he saw it, meaning a thing by the sight or presence of which he was cheered, gladdened, solaced, or consoled; إِينَاسٌ signifying إِبْصَارُ مَا يُؤْنَسُ بِهِ: (Bd in xx. 9:) or he saw it, not having before known it, or been acquainted with it. (TA.) b2: He heard it; namely, a sound or voice. (S, K.) b3: He felt it; was sensible of it; (M, K, TA;) experienced it in himself; (TA;) namely, [for instance,] fright, or fear. (A, TA.) b4: He knew it: (S, M, Msb, K:) he was acquainted with it: (TA:) he had certain knowledge of it; was certain of it. (M, TA.) You say, آنَسْتُ مِنْهُ رُشْدًا (S, A, TA) I knew him to be characterized by رُشْد, (S, TA,) i. e., maturity of intel-lect, and rectitude of actions, and good management of affairs. (TA.) [See Kur iv. 5.] and it is said in a prov., بَعْدَ اطِّلَاعٍ إِينَاسٌ, i. e. After appearance [is knowledge, or certain knowledge]. (Fr, TA.) 5 تأنّس بِهِ: see 1.

A2: تأنّس البَازي The falcon looked, raising his head (M, A, K) and his eyes. (A.) b2: تأنّس لَهُ: see 10.10 استأنس, and استأنس بِهِ and إِلَيْهِ: see 1.

A2: استأنس signifies also He (a wild animal) became sensible of the presence or nearness of a human being. (S, K.) A3: He looked; as in the phrase اِذْهَبْ فَاسْتَأْنِسْ هَلْ تَرَى أَحَدًا [Go thou and look if thou see any one]: (Fr, TA:) he considered, or examined, endeavouring to obtain a clear knowledge of a thing; (K, TA;) and looked aside, or about, to ascertain if he could see any one: (TA:) he sought, or asked for, knowledge, or information; he inquired: (M, TA:) and hence, (Bd in xxiv. 27,) he asked permission. (Fr, Zj, K, TA, and Bd ubi suprà.) It is said in the Kur [xxiv. 27], لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّي تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا [Enter ye not houses other than your own houses] until ye inquire whether its inhabitants desire that ye should enter or not; [and salute:] (M:) or (which is essentially the same, M) until ye ask permission: (Fr, Zj, M, TA:) but Fr says that the sentence presents an inversion, and that the meaning is, until ye salute, and ask if ye shall enter or not: (TA:) I'Ab says that تَستأنسوا is a mistranscription; and he and Ubeí and Ibn-Mes'ood read تَسْتَأْذِنُوا, which signifies the same: (Az, TA:) [it is said that] استأنس also signifies he made a reiterated hemming, like a slight coughing; [as a man does to notify his nearness;] syn. تَنَحْنَحَ: and so some explain it in the text of the Kur quoted above. (TA.) b2: استأنس لَهُ He listened to, or endeavoured or sought to hear, him, or it; as also ↓ تأنّس. (A.) [See the Kur xxxiii. 53.]

A4: استأنسهُ: see 4.

أُنْسٌ Sociableness; companionableness; conversableness; inclination to company or converse; friendliness; amicableness; socialness; familiarity: cheerfulness; gayness; gladsomeness: contr. of وَحْشَةٌ: (T, S, A, K:) joy; gladness; happiness: (Har p. 652:) or ease, or tranquillity: (M:) or ease, or tranquillity, of heart, and freedom from shrinking, or from aversion: (Msb:) an inf. n. of 1, (S, M,) as are also ↓ أَنَسٌ and ↓ أَنَسَةٌ (S, K) and ↓ إِنْسٌ, (M,) but this is rare as signifying the contr. of وَحْشَةٌ: (T, TA:) or ↓ إِنْسٌ is the inf. n. of أَنِسَ بِهِ; but أُنُسٌ is not: (Az, AHát, Msb, TA:) this latter is a subst. from that verb [signifying as explained above]: (Msb:) or only signifying converse, and companionship, or familiarity, with women; (Az, AHát, TA;) or amatory conversation and conduct; or the talk of young men and young women: (Fr, TA:) [but of all the forms above, أُنْسٌ is that which is most commonly used, at least in post-classical works, as signifying the contr. of وَحْشَةٌ.] b2: [Also (assumed tropical:) Delight, as meaning a cause of delight, or thing that gives delight.] A poet says, يَا سَاكِنِى مَكَّةَ لَا زِلْتُمُ

أُنْسًا لَنَا إِنِّىَ لَمْ أَنْسَكُمْ مَا فِيكُمُ عَيْبٌ سِوَى قَوْلِكُمْ عِنْدَ اللِّقَا أَوْحَشَنَا أُنْسُكُمْ [O inhabitants of Mekkeh, may ye not cease to be a delight to us: verily I have not forgotten you: there is in you no fault beside your saying, at meeting, Your sociableness, or companiableness, &c., has made us feel lonely and sad; meaning, in your absence]. (TA in art. وحش.) [See أَوْحَشَ. But this signification, though allowable as tropical, is perhaps post-classical.] b3: اِبْنُ أُنْس: and فُلَانٌ ابْنُ أُنْسِ فُلَانٍ: and كَيْفَ ابْنُ أُنْسِكَ: and كَيْفَ تَرَى ابْنَ أُنْسِكَ: see إِنْسٌ.

إِنْسٌ: see أُنْسٌ, in two places.

A2: (tropical:) A chosen, select, particular, or special, friend or companion; (S, K;) as also اِبْنُ إِنْسٍ (S, K,) or ↓ اِبْنُ أُنْسٍ. (So in a copy of the A.) You say, هٰذَا إِنْسِى; (S;) and إِنْسُكَ, and ابْنُ إِنْسِكَ; (K;) (tropical:) This is my chosen, or particular, friend; (S;) and thy chosen, or particular, friend. (K.) And فُلَانٌ ابْنُ إِنْسِ فُلَانٍ (S,) or فلان ↓ ابن أُنْسِ (A,) (tropical:) Such a one is the chosen, or particular, friend of such a one. (S, A.) One also says, كَيْفَ ابْنُ إِنْسِكَ and ↓ أُنْسِكَ, (S, M,) or كَيْفَ تَرَي ابْنَ

إِنْسِكَ (Az, Fr, A) and ↓ أُنْسِكَ, (A,) meaning himself, (Az, Fr, S, S TA,) i. e., (assumed tropical:) How dost thou regard me in my companionship with thee? (S:) or the meaning is, (tropical:) how dost thou find thyself? (A:) or how is thyself? (M, TA.) A3: Mankind; (S, M, A, K;) the opposite of جِنٌّ; (Msb;) as also ↓ أَنَسٌ, (Akh, S, TA,) and ↓ إِنْسَانٌ; (A, K;) the last being a gen. n., (Msb,) but applied to the male (S, * Msb) and female, (S, Msb, K,) and sing. and pl.: (Msb:) one is [also] termed ↓ إِنْسِىٌّ and ↓ أَنَسِىٌّ; (S, K;) the former of which is a rel. n. from إِنْسٌ; (M;) [and the latter, from أَنَسٌ: the fem. of each is with ة:] the vulgar apply to a woman, instead of ↓ إِنْسَانٌ, [which is the more approved,] ↓ إِنْسَانَةٌ: (S, K:) this latter [accord. to some] should not be used: (S:) but it is correct, though rare: it is said in the K to occur in poetry, but supposed to be post-classical: it occurs, however, in classical poetry, and has been transmitted by several authors: (MF:) the pl. (of إِنْسٌ, M, TA) is آنَاسٌ; (M, K, TA;) and (of the same, K in art. نوس, or of ↓ إِنْسَانٌ, M) أُنَاسٌ, (M, K ubi suprà,) with which نَاسٌ is syn., (S, M, Msb, K,) being a contraction thereof; (Sb, S, M, Msb;) and (of ↓ إِنْسِىٌّ, S, M, or ↓ أَنَسِىٌّ, S, or of ↓ إِنْسَانٌ, Lh, S, M, Msb) أَنَاسِىٌّ, (Lh, S, M, Msb, K,) like as كَرَاسِىُّ is pl. of كُرْسِىٌّ, or like as سَرَاحينُ is pl. of سِرحَانٌ, but ى being substituted for ن, (M, TA,) after the same manner as they say أَرَانٍ for أَرَانِبُ; (Fr, TA;) and أَنَاسٍ, (Lh, M,) in the accus. case أَنَاسِىَ, as the word is read in the Kur xxv. 51, by Ks, (TA,) and by Yahyà Ibn-El-Hárith, (K, TA,) dropping the ى between the second and last radical letters, [for, with some others, it seems, they held the word to be derived from the root نسى,] (TA,) and أَنَاسِيَةٌ, (S, M, K,) in which the ة is a substitute for one of the two yás in أَنَاسِىُّ, a pl. of إِنْسَانٌ; or, accord. to Mbr, أَنَاسِيَةٌ is pl. of إِنْسِىٌّ, [in the TA, of إِنْسِيَّةٌ, which I regard as a mistranscription,] and is like زَنَادَقَةٌ for زَنَادِيقُ, and فَرَازِتَةٌ for فَرَازِينُ; (M, TA;) and you say also إِنْسَيُّونَ. (TA.) نَاسٌ is masc., as in the Kur ii. 19, &c.; and sometimes fem., as meaning A tribe, or a body of men, قَبِيلَةٌ, or طَائِفَةٌ; as in the phrase, mentioned by Th, جَآءَتَْكَ النَّاسُ, meaning, The tribe, or portion of people (قِطْعَة), came to thee. (M, TA.) ↓ بَنُوالإِنْسَانِ means The sons of Adam. (M.) And النَّاسُ النَّاسُ, an expression mentioned by Sb, means, Men in every place and in every state are men: a poet says, بِلَادٌ بَهَا كُنَّا وَكُنَّا نُحِبُّهَا

إِذِ النَّاسُ نَاسٌ وَالبِلَادُ بِلَادُ meaning [A country in which we were, and which we used to love,] since the men were ingenuous men, and the country was a fruitful country. (M.) The following trad., لَوْ أَطَاعَ اللّٰهُ النَّاسَ فِى النَّاسِ لَمْ يَكُنْ نَاسٌ If God complied with the prayer of men with respect to men there would be no men, is said to mean, that men love to have male children born to them, and not females, and if there were no females, or if the females were not, men would cease to be. (TA.) It is related that a party of the jinn, or genii, came to a company of men, and asked permission to go in to them, whereupon the latter said to them, Who are ye? and they answered, نَاسٌ مِنَ الجنِّ [A people of the jinn], making their answer to accord. with common usage; for it is customary for men, when it is said to them, Who are ye? to answer, نَاسٌ مِنْ بَنِى فُلَانٍ [Men of the sons of such a one]. (IJ, M, L: but in the L, for ناس, in both instances, we find أُنَاسٌ.) [See also نَاسٌ in art. نوس.] Respecting the derivation of ↓ إِنْسَانٌ, authors differ, though they agree that the final ن is augmentative: the Basrees say that it is from الإِنْسُ; (Msb;) and its measure is فِعْلَانٌ; (S, Msb;) but an addition, of ى, is made in its dim., [which is أُنَيْسِيَانٌ,] like as an addition is made in رُوَيْجِلٌ, the dim. of رَجُلٌ: (S:) [but it should be observed that رُوَيْجِلٌ is more probably the dim. of رَاجِلٌ:] some say that it is from إِينَاسٌ, signifying “perception,” or “sight,” and “knowledge,” and “sensation;” because man uses these faculties: (TA:) and Mohammad Ibn-'Arafeh El-Wásitee says that men are called إِنسِيُّونِ because they are seen (يُؤْنَسُونَ, i. e. يُرَوْنَ), and that the jinn are called جِنّ because they are [ordinarily] concealed (مُجْتَنُّونَ, i. e. مُتَوَارُونَ,) from the sight of men: (TA:) [it is said in the B, as cited in the TA, that the form أَنِسَان is also used for إِنْسَانٌ; as though it were a dual, meaning “a double associate,” i. e., an associate with the jinn and with his own kind; for it is added, أَنِسَ بِالآْجِنِّ وَأَنِسَ بِالآْخَلْقِ:] some derive the word from النَّوْسُ, signifying “motion:” (TA:) some (namely, the Koofees, Msb) say that it is originally إِنسِيَانٌ, (S, Msb, TA,) of the measure إِفْعِلَانٌ, (S, Msb,) from النِّسْيَانُ [“forgetfulness”], (Msb,) and contracted to make it more easy of pronunciation, because of its being so often used; (S;) but it is restored to its original in forming the dim., (S, Msb,) which is أُنَيْسِيَانٌ: (Msb, TA:) this form of the dim., they say, shows the original form of the word which is its source; (TA;) and they adduce as an indication of its derivation the saying of I'Ab, إِنَّمَا سُمِّيَ

إِنْسَانًا لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِىَ [He (meaning the first man) was only named انسان because he was commanded and he forgot]: (S, TA:) [in like manner,] it is said that النَّاسُ is originally النَّاسِى; the former of these, accord. to one reading, and the latter accord. to another, occurs in the Kur ii. 195; the latter referring to Adam, and to the words of the Kur in xx. 114: (TA:) but Az holds that إِنْسِيَانٌ is of the measure فِعْلِيَانٌ, from الإِنْسُ, and similar to خِرْصِيَانٌ. (L, TA. *) أَنَسٌ i. q. أُنْسٌ, q. v. (S, K.) A2: Also i. q. إِنْسٌ, q. v. (Akh, S, TA.) b2: Also A numerous company of men; (K, * TA;) many men. (TA.) b3: A tribe (حَىُّ) staying, residing, dwelling, or abiding: (S, K:) the people of a place of alighting or abode: (M, TA: [but in the latter, in one place, said to be إِنْسٌ, with kesr; though a verse cited in both, as an ex., shows it to be أَنَسٌ:]) the inhabitants of a house: (AA, TA:) pl. (of the word in the first sense, of these three, TA, and in the second, M, TA) آنَاسٌ. (M, TA.) b4: One with whom a person is sociable. (Ham p. 136.) You say also, هُمْ أَنَسُ فُلَانٍ They are they with whom such a one is sociable (اَلَّذِينَ يَسْتَأْنِسُ إِلَيْهِمْ). (Lh, M.) And هُوَ أَنَسُ فُلَانٍ He is much accustomed to the serving of him. (Har p. 472.) أَنَسَةٌ i. q. أُنْسٌ, q. v. (S, K.) إِنْسِىُّ Of, or belonging to, mankind; human; [as also ↓ أَنَسِىٌّ, and ↓ إِنْسَانِىُّ;] a rel. n. from

إِنْسٌ. (M.) b2: A human being; a man; as also ↓ أَنَسِىٌّ, (S, K,) and ↓ إِنْسَانٌ. (S, A, Msb, K.) See إِنْسٌ, in two places. b3: [Domestic, as opposed to wild. Ex.] حُمُرٌ إِنْسِيَّةٌ Domestic asses; asses that are accustomed to the houses: commonly known as written with kesr to the أُنْسِيَّةٌ: but in the book of Aboo-Moosà is an indication of its being with damm to the ء [أَنَسِيَّةٌ]: and as some relate a trad. in which it occurs, أَنَسِيَّةٌ, which is said to be of no account. (TA.) b4: The left side (Az, S, M, Msb, K) of an animal, (Msb,) or of a beast and of a man, (M,) or of anything: (Az, S, K:) or the right side: (As, S:) [but the latter seems to be a mistake:] Az says that Lth has well explained this term and its contrary وَحْشِىٌّ, saying that the latter is the right side of every beast; and the former, the left side; agreeably with those of the first authority in sound learning; and [that] it is related of El-Mufaddal and As and AO, that all of them asserted the latter to be, of every animal except man, [the “far” side, or “off” side,] the side on which it is not milked nor mounted; and the former, [the near side,] the side on which the rider mounts and the milker milks: (TA in art. وحش:) [and the like is said, as a citation from Az, in the Msb in art. وحش: but after this, in my copy of the Msb, there seems to be an omission; for it is immediately added, “But Az says, This is not correct in my opinion:”] it is said that everything that is frightened declines to its right side; for the beast is approached to be mounted and milked on the left side, and, fearing thereat, runs away from the place of fear, which is the left side, to the place of safety, which is the right side: (S, * IAmb in Msb; both in art. وحش:) [accordingly,] Er-Rá'ee describes a beast as declining to the side termed الوحشى because frightened on the left side: (S and Msb in art. وحش:) and 'Antarah alludes to one's shrinking with the side so termed from the whip, [which he likens to a cat,] because the whip of the rider is in his right hand: (S in art. وحش:) but Abu-l-'Abbás says that people differ respecting these two terms when relating to a man: that, accord. to some, they mean the same in this case as in the cases of horses and other beasts of carriage, and of camels: but some say, that in the case of a man, the latter term means the part next the shoulder-blade; and the former, the part next the arm-pit. (TA in art. وحش.) Of every double member of a man, as the upper half of each arm, and the two fore arms, and the two feet, it means That [side] which is towards the man; and وحشىّ, that which turns away from him: (As, S:) or, of the foot, the former means that [side] which is towards the other foot; [i. e., the inner side;] and the latter, the contrary of the former. (TA in art. وحش.) Of a bow, (S, M, K,) or of a Persian bow, (TA in art. وحش,) That [side] which is towards thee; (S, K;) and وحشىّ, the back: (S and K in art. وحش:) or the former, that [side] which is next to the archer; and the latter, that which is next to the animal shot at: (M, TA:) or of a bow, whether Persian or not is not said, [the former means the side against which the arrow lies; and] the latter, the side against which the arrow does not lie. (TA in art. وحش.) أَنَسِىٌّ: see إِنْسٌ and إِنْسِىٌّ, each in two places.

إِنْسَانٌ and إنْسَانَةٌ: see إِنْسٌ, passim; and إِنْسِىٌّ. b2: إِنْسَانُ العَيْنِ (tropical:) The image that is seen [reflected] in the black of the eye; (S, K;) what is seen in the eye, like as is seen in a mirror, when a thing faces it: (Zj in his “Khalk el-Insán:”) or the pupil, or apple, (نَاظِر,) of the eye: (M:) or the black (حَدَقَة) of the eye: (Msb:) pl. أَنَاسِىُّ, (S, Msb, K,) but not أُنَاسٌ. (S.) إِنْسَانِىٌّ: see إِنْسِىٌّ, first signification.

إِنْسَانِيَّةٌ Human nature; humanity; as also نَاسُوتٌ, which is probably post-classical, opposed to لَاهُوتٌ, q. v., in art. ليه.]

أَنُوسٌ A tame, or gentle, dog; contr. of عَقُورٌ: pl. أُنُسٌ. (M, A, K.) b2: See also آنِسَةٌ.

أَنِيسٌ i. q. ↓ مُؤَانِسٌ [generally used as an epithet in which the quality of a subst. is predominant, meaning, A sociable, companionable, conversable, friendly, or familiar, person; a cheerful companion]: (S, K:) one with whom one is sociable, companionable, conversable, friendly, familiar, or cheerful: (K:) a person, (A,) or anything, (S,) by whose company, or converse, or presence, one is cheered, gladdened, solaced, or consoled. (S, A.) You say, مَا بِالدَّارِ أنِيسْ (or, as in some copies of the K, مِنْ أَنِيسٍ,) There is not in the house any one by whose company, or converse, or presence, one is cheered, gladdened, solaced, or consoled: (A:) or there is not in the house any one. (S, M, K.) [See also آنِسَةٌ.] b2: الأَنِيسُ (assumed tropical:) The domestic cock; (AA, K;) also called الشُّقَرُ. (TA.) b3: الأَنِيسَةُ (tropical:) The fire; (IAar, A, K;) as also ↓ مَأْنُوسَةُ, [imperfectly decl., being a proper name and of the fem. gender,] (M,) and ↓ المَأْنُوسَةُ, (M, K,) of which [says ISd] I know no verb: (M:) because, when a man sees it in the night, he becomes cheerful and tranquil thereat, even if it be in a desert land. (TA.) You say, بَاتَتِ الأَنِيسَةُ

أَنِيسَتَهُ (tropical:) [The fire was during night his cheerful companion, or his cheerer by its presence]. (A, TA.) آنَسُ [More, and most, sociable, &c.]. Hence, آنَسُ مِنَ الحُمَّى (assumed tropical:) [A closer companion than fever]: a saying of the Arabs, meaning, that fever scarcely ever quits the patient; as though it were sociable with him. (M, TA.) جَارِيَةٌ آنِسَةٌ A girl of cheerful mind, (Lth, A, K, TA,) whose nearness, and conversation, or discourse, thou lovest, (Lth, TA,) or whose conversation, or discourse, and nearness, are loved: (A:) or a girl of pleasant conversation or discourse; as also ↓ أَنُوسٌ: (M:) and آنِسَةُ الحَدِيثِ who becomes sociable, companionable, conversable, friendly, familiar, or cheerful, by means of thy conversation or discourse: it does not mean who cheers thee [by conversation or discourse]: (S:) pl. أَوَانِسُ (Lth, A, TA) and آنِسَاتٌ: (Lth, TA:) and the pl. of أَنُوسٌ is أُنُسٌ. (M, TA.) [See also أَنِيسٌ.]

مَأْنَسٌ [app. i. q. مَكَانٌ مَأْنُوسٌ, q. v.] (A.) مُؤْنِس (assumed tropical:) A name which the Arabs, (S, M,) and the ancients, (M,) used to give to Thursday; (S, M;) because on that day they used to incline to places of pleasure; and 'Alee is related to have said that God created Paradise on Thursday, and named it thus. (M, TA.) b2: المُؤْنِسَاتُ (tropical:) Weapons: (M, A:) or all weapons: (K:) or the spear and the مِغْفَر and the تِجْغَاف and the تَسْبِغَة and the تُرْس (Fr, K) and the sword and the helmet: (IKtt, TA:) so called because they render their possessor at ease with his adversaries, and secure, or cause him to have a good opinion [of his safety, and thus, cheer him, or solace him, by their presence: see 4]. (M, A. *) b3: See also بَابُونَجٌ.

مَكَانٌ مَأْنُوسٌ, (M,) and مَحَلٌّ مَأْنُوسٌ, (A,) [A place, and] a place of alighting or abode, in which is أُنْس [i. e. sociableness, &c.]: (A:) مأنوس is a kind of possessive noun, because they did not say أَنَسْتُ المَكَانَ, nor أَنِسْتُهُ. (M, L.) b2: مَأْنُوسَةُ and المَأْنُوسَةُ: see أَنِيسٌ.

مُؤَانِسٌ: see أَنِيسٌ.

المُتَأَنِّسُ (assumed tropical:) The lion; (TS, K;) as also ↓ المُسْتَأْنِسُ: (TS, TA:) or he that is sensible of the prey from afar, (K, TA,) and examines and looks about for it. (TA.) المُسْتَأْنِسُ: see what next precedes.
[انس] في حديث إسماعيل: كأنه "انس" شيئاً أي أبصر ورأى شيئاً لم يعهده. ج: كأنه رأى أثر أبيه وبركة قدومه. نه: "أنست" منه كذا أي علمته، واستأنست أس استعلمت. ومنه: كان إذا دخل داره "استأنس" أي استعلم وتبصر قبل الدخول. ومنه: ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها بعد "إيناسها" أي يئست مما كانت تعرفه وتدركه من استراق السمع بــبعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وحتى "يؤنس" منه الرشد أي يعلم منه كمال العقل وسداد الفعل وحسن التصرف. غ: سمي "الإنس" به لأنهم يؤنسون أي يرون. وح: "تستأنسوا" تنتظروا هل هنا أحد يأذن لكم، أو تستأذنوا. و"استأنس" الظبي تبصر هل يرى قانصاً فيحذره. ك: كل "أناس" بضم همزة وهي تحب "الإنس" بكسر همزة وضمها. و"استأنس" يا رسول الله أي استأنس الجلوس والمحادثة وأتوقع عوده إلى الرضا ويتم في "عدلت". وأنا قائم "استأنس" أي أتبصر هل يعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرضا، وأقول ما أطيب به وقته. ش: "أنس" بالعفو من الإيناس والتأنيس وهما بمعنى خلاف الإيحاش. ن: لحوم الحمر "الإنسية" من إضافة الموصوف وكسر همزته وسكون نونه أشهر من فتحهما نسبة إلى الإنس لاختلاطها بالناس بخلاف الحمر الوحش. نه: بالكسر نسبة إلى الإنس بني آدم، وقيل بالضم نسبة إلى الأنس ضد الوحشة، وبفتحتين نسبة إلى الأنس مصدر آنست به. وفيه: لو أطاع الله "الناس" في "الناس" لم يكن "ناس"، قيل يعني أنهم يحبون الأبناء دون البنات، ولو لم تكن ذهب الناس. "أطاع" استجاب دعاءهم. وفي ح ابن صياد: قال صلى الله عليه وسلم انطلقوا بنا إلى "أنيسيان" قد رابنا شأنه، هو تصغير إنسان شذوذاً.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.