Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: إطلاق

الْخط

(الْخط) السطر وَالْكِتَابَة وَنَحْوهَا مِمَّا يخط وكل مَكَان يخطه الْإِنْسَان لنَفسِهِ ويحفره وَالطَّرِيق المستطيل وَمَا لَهُ طول و (عِنْد الْحُكَمَاء) مَا يقبل الانقسام طولا (لَا عرضا وَلَا عمقا) ونهايته النقطة والخط الْبَيَانِي (فِي علم الرياضة والهندسة) خطّ يبين الارتباط بَين متغيرين أَو أَكثر وَخط الاسْتوَاء (فِي علم الجغرافيا) دَائِرَة عرض الصفر الَّذِي يقسم الأَرْض إِلَى نِصْفَيْنِ أَحدهمَا فِي الشمَال وَالْآخر فِي الْجنُوب ويمتد فِي منتصف الْمسَافَة بَين القطبين (مج) وَخط الرّجْعَة الطَّرِيق الَّذِي يصل الْجَيْش بمركزه يُقَال قطع عَلَيْهِ خطّ الرّجْعَة (محدثة) وَخط النَّار الْموضع الأمامي من ميدان الْقِتَال (محدثة) وفن الْخط فن تَحْسِين الخطوط وتجويد الْكِتَابَة وَعلم الْخط علم الرمل (ج) خطوط
و (الخطوط الْبَريَّة) الطّرق الَّتِي تسلكها الْقطر أَو السيارات وَغَيرهَا (محدثة)
و (الخطوط الجوية طرق الطائرات فِي الجو (محدثة)
و (الخطوط المائية) طرق السفن فِي الْبَحْر أَو النَّهر (محدثة)

(الْخط) الطَّرِيق المستطيل وَمَوْضِع الْحَيّ من الْمَدِينَة (ج) خطوط وأخطاط

(الْخط) مَا يختطه الْإِنْسَان لنَفسِهِ من الأَرْض وَنَحْوهَا أَو الْمَكَان المختط للعمارة (ج) أخطاط
الْخط: الْكِتَابَة والشق. وَعند الطَّائِفَة الْعلية الصُّوفِيَّة الْخط الْحَقِيقَة المحمدية - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَيْضًا عَالم الْأَرْوَاح. وَعند الْمُتَكَلِّمين الْخط جَوْهَر يقبل الْقِسْمَة فِي الطول فَقَط وَنِهَايَة النقطة الجوهرية. وَعند الْحُكَمَاء الْخط عرض يقبل الْقِسْمَة فِي الطول فَقَط والنقطة العرضية نِهَايَة لَهُ. وَبِعِبَارَة أُخْرَى مِقْدَار لَهُ طول فَقَط والخط المستدير خطّ يُمكن أَن يفْرض فِي دَاخله نقطة بِحَيْثُ يُسَاوِي كل خطّ مُسْتَقِيم مِنْهَا إِلَى ذَلِك الْخط وَحِينَئِذٍ تحصل الدائرة وَذَلِكَ الْخط مُحِيط الدائرة والخط الْمُسْتَقيم أقصر خطوط تخرج من نقطة إِلَى نقطة أَو أقصر الخطوط الْوَاصِلَة بَين نقطتين فَإِنَّهُ يُمكن أَن يُوصل بَينهمَا بخطوط غير متناهية والواصل الأقصر هُوَ الْمُسْتَقيم. وَقيل هُوَ مَا يستر طرفه وَسطه إِذا وَقع فِي امتداد شُعَاع الْبَصَر يَعْنِي الْخط الْمُسْتَقيم هُوَ الْخط الَّذِي يكون أول نقطة مِنْهُ حاجبة لِلْأُخْرَى وَهَكَذَا إِلَى أَن يَنْتَهِي - وَإِن كَانَ الخطان المستقيمان على سطح وَاحِد بِحَيْثُ لَا يتلاقيان وَإِن أخرجَا إِلَى غير النِّهَايَة فهما متوازيان وللخط الْمُسْتَقيم عشرَة أَسمَاء - الضلع - والساق - ومسقط الْحجر - والعمود - وَالْقَاعِدَة - والجانب - والقطر - وَالْوتر - والسهم - والارتفاع.
وَإِن أردْت أَن تعرف تَعْرِيف كل من هَذِه الْعشْرَة الْمَذْكُورَة فاطلب فِي مقَام كل مِنْهَا وَكن من الشَّاكِرِينَ. وَأَيْضًا الْخط الطَّرِيقَة المستطيلة. فِي شرح قصيدة الْبردَة الْخط بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسرهَا موضعي (است دريمامه كه نيزه رابدان نسبت كنند) - (وَخط العذار) مَا ينْبت من الشّعْر أَولا على عذار الشَّاهِد. وَكَثِيرًا مَا يُطلق بِدُونِ الْإِضَافَة إِلَى العذار على الشّعْر الْمَذْكُور نعم قَول الصائب رَحمَه الله تَعَالَى.
(زخط كفتم زمَان حسن آخر ميشود صائب ... )

(ندانستم كه خطش فتنئه آخر زمَان كردد ... )

وَللَّه در المحزون.
(دعوئ يَك بوسه ازلعل لبس ميداشتم ... )

(خطّ برون آورد وَآخر كرد مارا لَا جَوَاب ... )

وَــإِطْلَاق الْخط على النقوش الْكِتَابِيَّة الدَّالَّة على الْأَلْفَاظ مَشْهُور.
والخط عِنْد أَرْبَاب الْكِتَابَة تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائه إِلَّا أَسمَاء الْحُرُوف إِذا قصد بهَا الْمُسَمّى. وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَن اللَّفْظ الْمَقْصُود تَصْوِيره. إِمَّا أَن يكون من أَسمَاء الْحُرُوف أَو لَا. فَإِن لم يكن من أَسمَاء الْحُرُوف. فإمَّا أَن يكون لَهُ مَدْلُول يَصح كِتَابَته أَولا. فَإِن لم يكن لَهُ مَدْلُول يَصح كِتَابَته كزيد فَإِن قيل اكْتُبْ زيدا فَإِنَّمَا يكْتب مُسَمّى الزَّاي وَالْيَاء وَالدَّال وَهِي هَذِه الصُّورَة زيد. وَإِن كَانَ لَهُ مَدْلُول يَصح كِتَابَته كالشعر فَإِذا قيل اكْتُبْ شعرًا فَإِن قَامَت قرينَة تدل على أَن الْمَقْصُود لفظ شعر كتبت هَذِه الصُّورَة شعر وَإِلَّا فمقتضاه أَن يكْتب مَا يُطلق عَلَيْهِ الشّعْر.
وَإِن كَانَ اللَّفْظ من أَسمَاء الْحُرُوف. فإمَّا أَن يُسمى بِهِ مُسَمّى آخر أَو لَا. فَإِن لم يسم بِهِ مُسَمّى آخر. فإمَّا أَن يقْصد بِهِ الْمُسَمّى وَهُوَ الْحَرْف الْمُسَمّى بِهِ. أَو لَا يقْصد بِهِ الْمُسَمّى. بل قصد بِهِ الِاسْم الَّذِي هُوَ من أَسمَاء الْحُرُوف. فَإِن قصد الْمُسَمّى فَقيل اكْتُبْ جِيم - عين - فا - را - فَإِنَّمَا يكْتب هَذِه الصُّورَة جَعْفَر لِأَنَّهُ مسماها خطا ولفظا وَأما إِن قصد بِهِ الِاسْم لَا الْحَرْف الْمُسَمّى بِهِ وَقيل اكْتُبْ جِيم مرَادا بِهِ هَذَا اللَّفْظ فَإِنَّمَا يكْتب هَذِه الصُّورَة جِيم هَذَا إِذا لم يسم بِهِ مُسَمّى آخر. فَإِن سمي بِهِ مُسَمّى آخر كَمَا لَو سمي رجل بياسين فللكتاب فِيهِ مذهبان. مِنْهُم من يَكْتُبهَا ياسين وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذ جمال الدّين عُثْمَان بن الْحَاجِب رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم من يَكْتُبهَا على صُورَة مسماها وَهُوَ يس.
وَبَعْضهمْ رسموا الْخط بِأَنَّهُ هندسة روحانية تظهر بِآلَة جسمانية. وَأَيْضًا الْخط نتاج الْفِكر وسراج الذّكر ولسان الْبعد وحياة ذَات بَين الْعَهْد.
وَأَيْضًا الْخط لِسَان الْيَد وسفير الضَّمِير ومستودع الْأَسْرَار ومناط الْأَخْبَار وحافظ الْآثَار. والخط فِي الْأَبْصَار سَواد وَفِي الْقُلُوب نور وَبَيَاض وَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ عَلَيْكُم بِحسن الْخط فَإِنَّهُ من مَفَاتِيح الرزق مَوْضُوع. وأسامي الخطوط الَّتِي اخترعها خواجه ياقوت رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي هَذَا الشّعْر:

(نكار من خطّ خوش مي نويسد ... بغايت خوب ودلكش مي نويسد)

(متاشير ومحقق نسخ وَرَيْحَان ... رقاع وَثلث هرش مي نويسد)

والمتأخرون اخترعوا خطا آخر سموهُ نسخ تَعْلِيق.

الْحَيَوَان

(الْحَيَوَان) الْحَيَاة
الْحَيَوَان: جَوْهَر جسم نَام حساس متحرك بالإرادة وَهَذَانِ الأخيران فصلان لَهُ. فَإِن قلت. لَا يجوز أَن يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان لِأَن الْفَصْل الْقَرِيب هُوَ الَّذِي يعين الْجِنْس ويحصله بِحَيْثُ لَا يحْتَاج فِي تَحْصِيله إِلَى أَمر آخر فَمثل هَذَا الْفَصْل لَو كَانَ مُتَعَددًا فَإِن لم يتَحَصَّل بِأَحَدِهِمَا الْجِنْس فَلَا يكون فصلا قَرِيبا وَهَذَا خلف فَكيف يكون الحساس والمتحرك بالإرادة فصلين قريبين للحيوان. قلت: قد يُؤْخَذ الْفَصْل من مبادئ مُتعَدِّدَة وَحِينَئِذٍ يكون الْفَصْل مجموعها وكل مِنْهَا جُزْء الْفَصْل التَّام وَقد يكون لَهُ مبدأ وَاحِد يُؤْخَذ مِنْهُ كالناطق فَذَلِك المبدأ هُوَ الْفَصْل فِي الْحَقِيقَة وَلَكِن إِذا لم يكن الْفَصْل الْحَقِيقِيّ مَعْلُوما بماهية إِلَّا بِاعْتِبَار عوارضه فَيدل عَلَيْهِ بأقوى عوارضه وَيُوضَع مَكَانَهُ وَيُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَصْل تسامحا يَعْنِي رُبمَا لَا يدل على المبدأ الْحَقِيقِيّ إِلَّا بِعرْض ذاتي لَهُ فيشتق للفصل اسْم من ذَلِك الْعرض كالناطق الْمُشْتَقّ من النُّطْق الدَّال على مبدأ فصل الْإِنْسَان وَإِن كَانَ لذَلِك المبدأ أَعْرَاض مترتبة فيشتق مِمَّا هُوَ أقرب كالنطق بِالنِّسْبَةِ إِلَى مبدأ فصل الْإِنْسَان دون التَّعَجُّب والضحك فَإِنَّهُمَا يترتبان على النُّطْق أَي إِدْرَاك الكليات. وَإِن وجد لذَلِك المبدأ عرضان ذاتيان يشْتَبه تقدم أَحدهمَا على الآخر فقد يشتق لَهُ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا اسْم وَيجْعَل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ كالحساس والمتحرك بالإرادة فَإِن مبدأ الْفَصْل الْحَقِيقِيّ هُوَ النَّفس الحيوانية الَّتِي هِيَ معروضة الْحس وَالْحَرَكَة وَقد اشْتبهَ تقدم أَحدهمَا على الآخر فاشتق عَن كل مِنْهُمَا للفصل الْحَقِيقِيّ اسْم وَجعل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ فَلَيْسَ الْفَصْل التَّام للحيوان إِلَّا وَاحِدًا لَا تعدد فِي ذَاته.
وَلما ظهر من هَا هُنَا أَنهم يتسامحون فِي إِطْلَاق الْفَصْل على النَّاطِق مثلا وَأَن النَّاطِق لَيْسَ ذاتيا للْإنْسَان وَكَذَا الحساس والمتحرك بالإرادة للحيوان انْدفع مَا اسْتشْكل أَن الْإِدْرَاك مثلا من الْأَعْرَاض فَلَا يجوز أَن يكون فصلا للْإنْسَان الْجَوْهَر فَإِن الْمركب من الْجَوْهَر وَالْعرض لَيْسَ بجوهر وخلاصة الدّفع أَن مُرَادهم بِأَن النَّاطِق فصل الْإِنْسَان والحساس والمتحرك بالإرادة فصلان للحيوان أَن مبدأ النَّاطِق فصل وَأَن مبدأ الحساس والمتحرك بالإرادة فصل ويطلقون اسْم الْفَصْل عَلَيْهَا مجَازًا ومسامحة. هَذَا مَا ذكرنَا فِي الْحَوَاشِي على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق وَهُنَاكَ تحقيقات أخر تركناها خوفًا من الْأَطْنَاب.

الْحَرَكَة المستديرة

الْحَرَكَة المستديرة: فِي الِاصْطِلَاح هِيَ الْحَرَكَة على الاستدارة الْمَذْكُورَة آنِفا. وَفِي اللُّغَة شَامِلَة للحركة على الاستدارة ولحركة المتحرك على خطّ مستدير وللحركة الجوالة والمدحرجة والقوسية والمتحرك على الشكل البيضي فالحركة المستديرة أَعم لُغَة وأخص اصْطِلَاحا. وَاعْلَم أَن الْحسن الميبذي رَحمَه الله فِي شرح هِدَايَة الْحِكْمَة مَا قَالَ فِي فصل أَن الْفلك بسيط من أَن المستديرة هِيَ الوضعية جَوَاب دخل مُقَدّر تَقْرِيره أَن الْحَرَكَة المستقيمة مُقَابلَة للحركة المستديرة والأينية أَعم مِنْهُمَا فَلَمَّا فسر الْحَرَكَة المستقيمة بالأينية صَارَت أَعم من المستديرة عمومها يُنَافِي كَون المستقيمة مُقَابلَة للمستديرة لِأَنَّهُ لَا مُقَابلَة بَين الْأَعَمّ والأخص. وَحَاصِل الْجَواب أَن للمستديرة إطلاقــين قد تطلق على الوضعية الْمَحْضَة وَبِهَذَا الْمَعْنى يُقَابل الْحَرَكَة المستقيمة والأينية لَيست أَعم مِنْهَا أَي شَامِلَة للمستديرة بِهَذَا الْمَعْنى. وَقد تطلق على الْحَرَكَة على الاستدارة بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ كَمَا إِذا تحرّك شَيْء على خطّ مستدير وَالْحَرَكَة المستديرة بِهَذَا الْمَعْنى نوع من الْحَرَكَة الأينية فَتكون نوعا من الْحَرَكَة المستقيمة أَيْضا وَلَا مُقَابلَة بَين المستقيمة والمستديرة بِهَذَا الْمَعْنى فتفسير الْحَرَكَة المستقيمة بالأينية لَا يرفع المقابله بَين الْحَرَكَة المستقيمة بِمَعْنى الْحَرَكَة الوضعية الْمَحْضَة يَعْنِي بِدُونِ الأينية. وَهَذَا تَحْقِيق فويق نَافِع هُنَاكَ.
الْحَرَكَة على التوالي وَالْحَرَكَة على غير التوالي: اعْلَم أَن لكل فلك سوى الْفلك الْأَعْظَم حَرَكَة مُتَوَالِيَة وَله حَرَكَة غير مُتَوَالِيَة. وحركة التوالي هِيَ الْحَرَكَة من الْمغرب إِلَى الْمشرق. وَلَا على التوالي هِيَ الْحَرَكَة من الْمشرق إِلَى الْمغرب.

الْحَرَكَة على الاستدارة

الْحَرَكَة على الاستدارة: هِيَ أَن يُفَارق كل جُزْء من أَجزَاء المتحرك كل جُزْء من أَجزَاء مَكَانَهُ ويلازم كُله مَكَانَهُ كَمَا فِي حجر الرَّحَى ويتحقق الْحَرَكَة الوضعية حِينَئِذٍ على سَبِيل الِانْفِرَاد لاخْتِلَاف نِسْبَة أَجزَاء المتحرك إِلَى أَجزَاء مَكَانَهُ على سَبِيل التدريج فَقَط فَإِن قلت إِن الْحَرَكَة الوضعية متحققة فِي فلك الأفلاك وَلَا مَكَان لَهُ قُلْنَا المُرَاد كل جُزْء من أَجزَاء مَكَانَهُ لَو كَانَ لَهُ مَكَان يَعْنِي أَن اعْتِبَار الْمُفَارقَة المكانية فِي الْأَجْزَاء إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ لَهُ مَكَان لَا مُطلقًا. وَنَظِيره مَا قَالَ صَاحب المواقف أَن الْمَسْأَلَة مَا برهن عَلَيْهَا فِي الْفَنّ. وَقَالَ الشَّارِح رَحمَه الله أَن المُرَاد مَا برهن عَلَيْهَا على تَقْدِير كَونهَا نظرية لَا مُطلقًا. وَيُمكن الْجَواب أَيْضا بِأَن المُرَاد من الْمَكَان هُوَ الحيز فِي قَوْله أَجزَاء مَكَانَهُ إِذْ يجوز إِطْلَاق أَحدهمَا على الآخر لرابطة الْعُمُوم وَالْخُصُوص. ثمَّ اعْلَم أَن الْحَرَكَة المستديرة اصْطِلَاحا مَخْصُوص بِمَا لَا يخرج المتحرك عَن مَكَانَهُ. ولغة أَعم من ذَلِك فَإِن الْجِسْم إِذا تحرّك على مُحِيط دَائِرَة يُقَال إِنَّه متحرك بحركة مستديرة بِحَسب اللُّغَة.

الْعصبَة

(الْعصبَة) شَجَرَة اللبلاب (ج) عصب

(الْعصبَة) الْجَمَاعَة من النَّاس أَو الْخَيل أَو الطير وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي الْقُوَّة} (ج) عصب وشجرة اللبلاب (ج) عصب

(الْعصبَة) الْعصبَة وَوَاحِدَة العصب وعصبة الرجل بنوه وقرابته لِأَبِيهِ أَو قومه الَّذين يتعصبون لَهُ وينصرونه (للْوَاحِد وَالْجمع) و (فِي الْفَرَائِض) من لَيست لَهُ فَرِيضَة مُسَمَّاة فِي الْمِيرَاث وَإِنَّمَا يَأْخُذ مَا أبقى ذَوُو الْفُرُوض
الْعصبَة: الَّتِي هِيَ جمع العاصب كطلبة وفجرة وظلمة جمع طَالب وَفَاجِر وظالم فالعصبات جمع الْجمع ومصدرها الْعُصُوبَة - وعصبة الرجل بنوه.
وَفِي جَامع الرموز ذُكُور يتصلون بَاب - وَقَالَ المطرزي إِنَّهَا تقال للغلبة على الْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث انْتهى - وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَكَأَنَّهَا جمع عاصب وَإِن لم يسمع بِهِ أَي بِكَوْنِهَا جمع عاصب انْتهى. أَقُول الظَّاهِر أَن ضمير كَأَنَّهَا رَاجع إِلَى الْعصبَة فَحِينَئِذٍ لَا معنى لقَوْله وَإِن لم يسمع بِهِ لما عرفت أَن فعلة جمع فَاعل شَائِع ذائع كطلبة جمع طَالب وَغير ذَلِك وَإِن كَانَ رَاجعا إِلَى الْعَصَبَات فمستبعد جدا لِأَنَّهُ لم يقل أحد بِأَن الْعَصَبَات جمع عاصب وَيُمكن أَن يُقَال إِن ضمير كَأَنَّهَا رَاجع إِلَى الْعصبَة وَضمير بِهِ إِلَى العاصب وَمعنى وَإِن لم يسمع العاصب وَإِن لم يعرف وَلم يُوجد اسْتِعْمَاله فِي محاوراتهم وَإِنَّمَا أَتَى قدس سره بِكَلِمَة الشَّك لفتور الجمعية فِي الْعصبَة لصِحَّة إِطْلَاقــهَا على الْوَاحِد وَالْجمع وَالْمَذْكُور والمؤنث حَتَّى صَارَت كَأَنَّهَا اسْم جنس وَهَذَا عِنْدِي وَلَعَلَّ عِنْد غَيْرِي أحسن من هَذَا.
ثمَّ اعْلَم أَن الْعصبَة فِي الِاصْطِلَاح كل من يَأْخُذ من التَّرِكَة مَا أبقاه من هُوَ من أَصْحَاب الْفَرَائِض وَاحِدًا كَانَ أَو كثيرا وَعند انْفِرَاده عَن غَيره فِي الوراثة يحرز جَمِيع المَال بِجِهَة الْعُصُوبَة - فَإِن صَاحب الْفَرْض إِذا خلا عَن الْعُصُوبَة يحرز جَمِيع المَال أَيْضا لَكِن لبَعض المَال بالفرضية وللباقي بِالرَّدِّ لأكله من جِهَة الْعُصُوبَة. قيل التَّعْرِيف لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الاخوات مَعَ الْبَنَات عصبات وَلَا يصدق عَلَيْهَا إِنَّهَا عِنْد الِانْفِرَاد تحرز جَمِيع المَال بِجِهَة الْعُصُوبَة وَأجِيب بِأَن التَّعْرِيف لنَوْع الْعصبَة أَعنِي الْعصبَة بِالنَّفسِ لَا للْعصبَةِ مُطلقًا أَقُول إِن التَّعْرِيف الْمَذْكُور لمُطلق الْعصبَة وَقَوْلنَا يحرز جَمِيع المَال بِجِهَة الْعُصُوبَة مشْعر بِاشْتِرَاط وصف الْعُصُوبَة عِنْد الِانْفِرَاد وَلَا شكّ أَن من كَانَ عِنْد الِانْفِرَاد بَاقِيا على وصف الْعُصُوبَة يكون محرزا لجَمِيع المَال وَالْأَخَوَات عِنْد الِانْفِرَاد صَاحِبَة فرض لَا عصبات وَلَكِن لَا يخفى على المتنبه أَن فِي هَذَا الْجَواب شوب الدّور لَا بل فِي تَقْيِيد الْإِحْرَاز بقولنَا بِجِهَة الْعُصُوبَة - وَالسَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح السِّرَاجِيَّة قيد الْإِحْرَاز بِجَمِيعِ المَال بقوله بِجِهَة وَاحِدَة، لَا بقولنَا بِجِهَة الْعُصُوبَة تحاشيا عَن الشوب الْمَذْكُور وَلَكِن النَّاظر ينظر إِلَيْهِ من وَرَاء الْحجاب لِأَن المُرَاد بالجهة الْوَاحِدَة لَيْسَ إِلَّا جِهَة الْعُصُوبَة وَأَنت تعلم أَنه لَا يضر لِأَن الْأَحْكَام تَتَفَاوَت بتفاوت العنوان. ثمَّ فرع قدس سره على ذَلِك التَّقْيِيد عدم وُرُود الِاعْتِرَاض على منع التَّعْرِيف بالبنت مثلا إِذا كَانَت مُنْفَرِدَة ثمَّ اعْترض على جمعه بالأخوات مَعَ الْبَنَات فَأجَاب بتخصيص الْمُعَرّف بالعصبة بِالنَّفسِ لَا بِمَا ذكرنَا من اشْتِرَاط بَقَاء وصف الْعُصُوبَة. ثمَّ اعْترض على الْجَواب بقوله ويخدشه أَنه إِذا خص الخ. أَقُول لَا يبعد أَن يُقَال إِن الْمُعَرّف عَام وَالْوَاو فِي قَوْله وَعدم الِانْفِرَاد بِمَعْنى أَو لمانعة الْجمع وَحِينَئِذٍ لَا يرد الِاعْتِرَاض على جمعه وَلَا الخدشة الْمَذْكُورَة كَمَا لَا يخفى على من تحلى بالإنصاف وتخلى عَن التعصف والاعتساف، ثمَّ الْعصبَة على نَوْعَيْنِ عصبَة من جِهَة النّسَب وعصبة من جِهَة السَّبَب أما 
الْعصبَة من جِهَة النّسَب: فَهُوَ من كَانَ عصوبته وقرابته بِالْولادَةِ والعصبات النسبية مؤخرة عَن أَصْحَاب الْفَرَائِض مُقَدّمَة على الْعَصَبَات السَّبَبِيَّة وَأما
الْعصبَة من جِهَة السَّبَب: فَهُوَ مولى الْعتَاقَة أَي مُعتق الْمَيِّت وعصباته النسبية وعصباته السَّبَبِيَّة أَعنِي مُعتق مُعتق وَهَكَذَا وَالْمرَاد بعصباته النسبية مَا هُوَ عصبَة بِنَفسِهِ فَقَط وَهِي ذُكُور لَا غير كَمَا ستقف عَلَيْهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن الخ. وَفِي (الْأَشْبَاه والنظائر) فِي كتاب الْفَرَائِض ذكر الزَّيْلَعِيّ فِي آخر كتاب الْوَلَاء أَن بنت الْمُعْتق تَرث الْمُعْتق فِي زَمَاننَا وَكَذَا مَا فضل بعد فرض أحد الزَّوْجَيْنِ يرد عَلَيْهِ بِنَاء على أَنه لَيْسَ فِي زَمَاننَا بَيت مَال لأَنهم لَا يضعونه مَوْضِعه وَإِنَّمَا تحقق الْعُصُوبَة والقرابة والوراثة بِسَبَب الْعتْق بَين مولى الْعتَاقَة ومعتقه لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب وَالْمرَاد بِالْوَلَاءِ الْعتْق أَو الْإِعْتَاق من قبيل ذكر الْمُسَبّب وَإِرَادَة السَّبَب وَفِيه اخْتِلَاف قَالَ الْبَعْض الْإِعْتَاق وَالأَصَح أَنه الْعتْق كَمَا ستعرف فِي الْوَلَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى واللحمة بِالضَّمِّ الْقَرَابَة والاختلاط يَعْنِي الْإِعْتَاق قرَابَة واختلاط أَي سببهما كالقرابة والاختلاط اللَّذين بِالنّسَبِ وَالْوَلَاء فِي الشَّرِيعَة. وَمعنى ذَلِك أَن الْحُرِّيَّة حَيَاة للْإنْسَان إِذْ بهَا يثبت لَهُ صفة الْمَالِكِيَّة الَّتِي امتاز بهَا عَن سَائِر مَا عداهُ من الْحَيَوَانَات والجمادات والرقية تلف وهلاك فالمعتق سَبَب لَا حَيَاء الْمُعْتق كَمَا أَن الْأَب سَبَب لإيجاد الْوَلَد فَكَمَا أَن الْوَلَد يصير مَنْسُوبا إِلَى أَبِيه بِالنّسَبِ وَإِلَى أقربائه بالتبعية كَذَلِك الْمُعْتق يصير مَنْسُوبا إِلَى مُعْتقه بِالْوَلَاءِ وَإِلَى عصبته بالتبعية فَكَمَا يثبت الْإِرْث بِالنّسَبِ كَذَلِك يثبت بِالْوَلَاءِ انْتهى.

والعصبات النسبية ثَلَاثَة:
الْعصبَة بِنَفسِهِ: وَهُوَ كل ذكر لَا يكون مدَار نسبته إِلَى الْمَيِّت أُنْثَى بِأَن لَا يكون بَينهمَا وَاسِطَة اسْتِحْقَاق الْإِرْث إِلَّا أُنْثَى فَإِن من كَانَ مدَار نسبته أُنْثَى لَيْسَ بعصبة كالأخ لأم وكأب الْأُم وَابْن الْبِنْت فَإِن الأول من أَصْحَاب الْفَرَائِض والأخيران من ذَوي الْأَرْحَام. فَلَا يردان الْأَخ لأَب وَأم عصبَة بِنَفسِهِ مَعَ أَن الْأُم دَاخِلَة فِي نسبته إِلَى الْمَيِّت لَكِن لَيْسَ مدَار اسْتِحْقَاق الْإِرْث بالعصوبة عَلَيْهَا فَإِن قرَابَة الْأَب بانفرادها أصل فِي اسْتِحْقَاق الْعُصُوبَة وكافية بِنَفسِهَا فِي إِثْبَاتهَا بِخِلَاف قرَابَة الْأُم أَلا ترى أَن الْأَخ لأَب عصبَة دون الْأَخ لأم. وَالثَّانِي:
الْعصبَة بِغَيْرِهِ: وَهن اللَّاتِي فرضهن النّصْف وَالثُّلُثَانِ يصرن عصبَة بإخوتهن وَالَّتِي لَا فرض لَهَا وأخوها عصبَة لَا تصير عصبَة بأخيها أَلا ترى أَن الْعمة لَا تصير عصبَة بالعم الَّذِي هُوَ أَخُوهَا مَعَ أَنه عصبَة وَهِي من ذَوي الْأَرْحَام فحين اجْتِمَاعهمَا كَانَ المَال كُله للعم دونهَا. وَالثَّالِث:
الْعصبَة مَعَ غَيره: وَهِي كل أُنْثَى تصير عصبَة بِشَرْط اجتماعها ومقارنتها مَعَ أُنْثَى أُخْرَى لَيست بعصبة كالأخت لأَب وَأم أَو لأَب إِذا كَانَت مَعَ الْبِنْت صلبية أَو بنت ابْن وَاحِدَة أَو أَكثر تصير عصبَة وَالْبِنْت على حَالهَا صَاحِبَة فرض فَالْمَال بَينهمَا نِصْفَانِ النّصْف للْبِنْت بالفرضية وَالْبَاقِي للْأُخْت بالعصوبة.
فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْعصبَة بِالْغَيْر والعصبة مَعَ الْغَيْر. قُلْنَا، إِن الْغَيْر فِي الأول عصبَة شريك للْعصبَةِ فِي الْعُصُوبَة بل هُوَ عصبَة بِنَفسِهِ تسري عصوبته إِلَى الْأُنْثَى الَّتِي هِيَ ملصقة بِهِ فَتَصِير عصبَة بِهِ بِخِلَاف الْغَيْر فِي الثَّانِي فَإِن الْغَيْر فِيهِ لَيْسَ بعصبة أصلا بل يكون عصوبة تِلْكَ الْعصبَة مجامعة ومقارنة لذَلِك الْغَيْر الَّذِي لَيْسَ بعصبة ومشروطة بِتِلْكَ المجامعة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ.
وَاعْلَم أَن هَذَا الْفرق مَبْنِيّ على الْفرق بَين الْبَاء وَمَعَ، فَعَلَيْك أَن تعلم الْفرق بَينهمَا بِأَن الْبَاء للإلصاق وَمَعَ للقران والإلصاق بَين الملصق والملصق بِهِ لَا يتَحَقَّق إِلَّا عِنْد مشاركتهما فِي حكم الملصقية فتكونان مشاركتين فِي حكم الْعُصُوبَة بِخِلَاف كلمة مَعَ فَإِنَّهَا للقران وَالْقُرْآن يتَحَقَّق بَين الشَّيْئَيْنِ بِغَيْر مُشَاركَة فِي الحكم كَقَوْلِه تَعَالَى {وَجَعَلنَا مَعَه أَخَاهُ هَارُون وزيرا} . وَاعْلَم أَنه لَو اجْتمعت الْعَصَبَات بَعْضهَا عصبَة بِنَفسِهَا وَبَعضهَا مَعَ غَيرهَا فالترجيح فِيهَا بِالْقربِ إِلَى الْمَيِّت وَلَا يكون التَّرْجِيح بعصبة بِنَفسِهَا حَتَّى أَن الْعصبَة مَعَ غَيرهَا إِذا كَانَت أقرب إِلَى الْمَيِّت من الْعصبَة بِنَفسِهَا كَانَت أولى كَمَا إِذا ترك بِنْتا وأختا لأَب وَأم وَابْن الْأَخ لأَب وَأم فَنصف الْمِيرَاث للْبِنْت وَالنّصف الْبَاقِي للْأُخْت وَلَا شَيْء لِابْنِ الْأَخ.

علم الْعَرَبيَّة

علم الْعَرَبيَّة: الْمُسَمّى بِعلم الْأَدَب علم يحْتَرز بِهِ عَن الْخلَل فِي كَلَام الْعَرَب لفظا أَو كتابا. وينقسم على مَا صرح بِهِ الزَّمَخْشَرِيّ فِي كِتَابه الْمُسَمّى (بقسطاس الْعَرُوس) إِلَى اثْنَي عشر قسما، مِنْهَا أصُول هِيَ الْعُمْدَة فِي ذَلِك الِاحْتِرَاز، وَمِنْهَا فروع. أما الْأُصُول فالبحث فِيهَا إِمَّا عَن الْمُفْردَات من حَيْثُ جواهرها فَعلم اللُّغَة يَعْنِي أَن جواهرها وموادها ملحوظة فِي مبَاحث اللُّغَة بخصوصياتها وَلَيْسَت ملحوظة فِي مبَاحث الصّرْف. أَو من حَيْثُ صورها وهيئاتها فَعلم الصّرْف، أَو من حَيْثُ انتساب بَعْضهَا إِلَى بعض بِالْأَصَالَةِ والفرعية فَعلم الِاشْتِقَاق وَإِمَّا عَن المركبات على الْــإِطْلَاق أَي موزونة أَو غير موزونة. فَأَما بِاعْتِبَار هيئاتها التركيبية يَعْنِي تَقْدِيم بعض الْكَلم ورعاية الْإِعْرَاب وَالْبناء وَبِاعْتِبَار تأديتها لمعانيها الْأَصْلِيَّة فَعلم النَّحْو، أَو بِاعْتِبَار إفادتها لمعان مغائرة لأصل الْمَعْنى فَعلم الْمعَانِي، أَو بِاعْتِبَار كَيْفيَّة تِلْكَ الإفادة فِي مَرَاتِب الوضوح فَعلم الْبَيَان، أَو عَن المركبات الموزونة، فَأَما من حَيْثُ وَزنهَا فَعلم الْعرُوض، أَو من حَيْثُ أَوَاخِر أبياتها فَعلم القافية، وَأما الْفُرُوع فالبحث فِيهَا إِمَّا أَن يتَعَلَّق بنقوش الْكِتَابَة فَعلم الْخط، أَو يخْتَص بالمنظوم فَهُوَ الْعلم الْمُسَمّى بقرض الشّعْر، أَو بالمنثور فَعلم إنْشَاء النثر، من الرسائل والخطب أَولا يخْتَص بِشَيْء مِنْهُمَا فَعلم المحاضرات أَي المجاوبات، وَمِنْه التواريخ.

الْجِهَة

(الْجِهَة) الْجَانِب والناحية والموضع الَّذِي تتَوَجَّه إِلَيْهِ وتقصده (ج) جِهَات وَيُقَال مَاله جِهَة فِي هَذَا الْأَمر لَا يبصر وَجه أمره كَيفَ يَأْتِي لَهُ وَفعلت كَذَا على جِهَة كَذَا على نَحوه وقصده
الْجِهَة: قَالَ الْحسن الميبذي رَحمَه الله فِي (الفواتح) حكما يَقُولُونَ إِن الْجِهَات الْحَقِيقِيَّة اثْنَتَانِ فَوق وَتَحْت. ويحددان بالفلك الْأَعْظَم، فَوق بمحيطه وَتَحْت بالمركز. وَعَلِيهِ يُقَال إِنَّه محدد الْجِهَات (أَي الْفلك) وَجَمِيع الأفلاك شفافة بِمَعْنى أَنهم لَا يحجبون الْأَبْصَار وَلَيْسوا خفافا وَلَا ثقالا، فالخفة تميل إِلَى الْمُحِيط والثقل يمِيل إِلَى المركز وَلَيْسوا باردين وَلَا حارين وَكَذَلِكَ لَا رطبين وَلَا جافين وَلَا ينمون وَلَا يزيلون وَلَا شَهْوَة وَلَا غضب لَهُم، وَلَا يقبلُونَ الكينونة وَلَا الْفساد وهم دائمو الْحَرَكَة بِإِرَادَة دائرية، وهم أَحيَاء ناطقون، وَلَا تعتقد أَن كَونهمَا ناطقين وحيين يَعْنِي أَن لَا مَانع فِي تَحْدِيد الإنساني بِالْحَيَوَانِ النَّاطِق. إِذا مَا كَانَ المُرَاد من الْحَيّ هُوَ حَاجِب الْحَيَاة وَمن الْحَيَوَان الْجِسْم النامي الحساس المتحرك بِإِرَادَة وعلاقته الْقَدِيمَة مَوْقُوفَة بالحوادث على الْأَمر على وَجه الْعلية. وَأَنه بِوَجْه مُسْتَمر وَيَوْم آخر متجدد ومستند على اعْتِبَار الِاسْتِمْرَار بالقديم، وَبِاعْتِبَار تجدّد وَاسِطَة صُدُور الْحَوَادِث. وَهَذَا الْحَرَكَة الفلكية. المشاؤون يَقُولُونَ إِن الْعقل هُوَ حَاصِل جَمِيع الكمالات الممكنة بِالْفِعْلِ، وَإِن الْكَمَال الْمُمكن بِالْقُوَّةِ لَيْسَ فلكا إِلَّا الأوضاع الْمُخْتَلفَة، وَهُوَ يُرِيد أَن يتشبه بِالْعقلِ وَيُرِيد أَن ينْقل الأوضاع الْمُخْتَلفَة من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل وَهَذَا لَيْسَ ميسرًا دفْعَة وَاحِدَة وَلَكِن بالتدريج عَن طَرِيق أَو بوسيلة الْحَرَكَة ينْتَقل إِلَى الْفِعْل. 
الْجِهَة: تطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا: أَطْرَاف الامتدادات وَتسَمى مُطلق الْجِهَة وَبِهَذَا الْمَعْنى يُقَال ذُو الْجِهَات الثَّلَاث والسبع إِذْ لَا تَنْحَصِر الْجِهَة بِهَذَا الْمَعْنى فِي السِّت بل يكون أقل أَو أَكثر. وَالثَّانِي: تِلْكَ الْأَطْرَاف من حَيْثُ إِنَّهَا مُنْتَهى الإشارات ومقصد الحركات ومنتهاها وَتسَمى الْجِهَة الْمُطلقَة وَهِي بِالْمَعْنَى الأول قَائِمَة بالجسم الَّذِي هُوَ ذُو الْجِهَة وبالمعنى الثَّانِي بِخِلَاف ذَلِك. وَفِي غَايَة الْهِدَايَة أَن الْجِهَة تطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا: مُنْتَهى الإشارات. وَثَانِيهمَا: مُنْتَهى الحركات المستقيمة فبالنظر إِلَى الأول قيل إِن جِهَة الفوق هِيَ محدب الْفلك الْأَعْظَم لِأَنَّهُ مُنْتَهى الْإِشَارَة الحسية ومقطعها وبالنظر إِلَى الثَّانِي قيل هِيَ مقعر فلك الْقَمَر لِأَنَّهُ مُنْتَهى الْحَرَكَة المستقيمة وَالْأول هُوَ الصَّحِيح لِأَن الْإِشَارَة إِذا نفذت من فلك الْقَمَر كَانَت إِلَى جِهَة الفوق قطعا لكَونهَا آخذة من جِهَة التحت وَهُوَ مَرْكَز الْفلك الْأَعْظَم متوجهة إِلَى مَا يقابلها وَلَا بَأْس بنفوذ الْإِشَارَة من فلك الْقَمَر لِأَنَّهَا أَمر وهمي لَا يضر نفوذها للفلك الْغَيْر الْقَابِل للخرق والالتئام بِخِلَاف الْحَرَكَة فَإِنَّهَا تضره لاستلزامها الْخرق.

وَهَاتَانِ: الجهتان أَعنِي الفوق والتحت حقيقيتان لَا تتبدلان فَإِن الْقَائِم إِذا صَار منكوسا لم يصر مَا يَلِي رَأسه فوقا وَمَا يَلِي رجله تحتا بل صَار رَأسه من تَحت وَرجله من فَوق بِخِلَاف بَاقِي الْجِهَات. فَإِن المتوجه إِلَى الْمشرق مثلا يكون الْمشرق قدامه وَالْمغْرب خَلفه والجنوب يَمِينه وَالشمَال بِالْفَتْح شِمَاله بِالْكَسْرِ. ثمَّ إِذا توجه إِلَى الْمغرب يتبدل الْجَمِيع وَصَارَ قدامه خَلفه وَبِالْعَكْسِ يَمِينه شِمَاله وَبِالْعَكْسِ. وَالْمَشْهُور أَن الْجِهَات سِتّ وعَلى غير الْمَشْهُور أَكثر مِنْهَا لِأَنَّهُ يُمكن أَن يفْرض فِي جسم وَاحِد بل من نقطة وَاحِدَة امتدادات غير متناهية.
وَلَكِن نقرع سَمعك بِمَا قَالَ الْحَكِيم صَدرا فِي شرح هِدَايَة الْحِكْمَة فِي تمهيد فصل أَن الْقُوَّة المحركة للفلك يجب أَن تكون مُجَرّدَة عَن الْمَادَّة الخ كَمَا أثبت كَون الْفلك حَيَوَانا متحركا بالإرادة أَرَادَ أَن يبين أَن الْفلك إِنْسَان كَبِير بِمَعْنى أَن مبدأ حركته لَيْسَ قُوَّة حيوانية منطبعة بل نفسا مُجَرّدَة عَن الْمَادَّة ذَات إِرَادَة كُلية لَا يكون تعلقهَا بجرم الْفلك تعلق الانطباع بل تعلق التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف كتعلق النَّفس الناطقة ببدن الْإِنْسَان انْتهى لَعَلَّ مُرَاده بِالْحَيَوَانِ الْحَيّ لَا مَا هُوَ المصطلح عَلَيْهِ وَــإِطْلَاق الْإِنْسَان الْكَبِير على الْفلك لَا يضرنا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أطلق الْإِنْسَان الْكَبِير لَا الْإِنْسَان. وَالْإِنْسَان وَالْإِنْسَان الْكَبِير حقيقتان متبائنتان. وَلَعَلَّ عِنْد غَيْرِي أحسن من هَذَا. وَقد تطلق الْجِهَة على صفة الشَّيْء وحاله الَّذِي يكون مقتضيا وسببا للْحكم عَلَيْهِ بِشَيْء آخر وتغاير الْجِهَتَيْنِ فِي الْمَوْقُوف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِنَّمَا يُفِيد فِي دفع الدّور إِذا كَانَتَا مؤثرتين فِي التَّوَقُّف وَكَانَ الْمَوْقُوف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ هما الجهتان فاحفظ فَإِنَّهُ نَافِع جدا.

والجهة عِنْد المنطقيين: هِيَ الْكَيْفِيَّة المعقولة للنسبة بَين الْمَوْضُوع والمحمول. وَالتَّفْصِيل إِن النِّسْبَة الَّتِي بَين الْمَوْضُوع والمحمول إيجابية أَو سلبية لَا بُد وَأَن تكون لَهَا كَيْفيَّة من الكيفيات. ثمَّ إِن تِلْكَ الْكَيْفِيَّة الثَّابِتَة فِي نفس الْأَمر تسمى مَادَّة وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مدركة وثابتة فِي الْعقل سَوَاء كَانَت النِّسْبَة فِي نفس الْأَمر أَولا تسمى جِهَة معقولة. والعبارة الدَّالَّة على تِلْكَ الْكَيْفِيَّة المدركة هِيَ الْجِهَة الملفوظة. وَقَالَ بَعضهم اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهَا أَي على تِلْكَ الْكَيْفِيَّة فِي نفس الْأَمر فِي الْقَضِيَّة الملفوظة وَالصُّورَة الْعَقْلِيَّة الدَّالَّة عَلَيْهَا فِي الْقَضِيَّة المعقولة تسمى جِهَة الْقَضِيَّة.
وَقد علمت مِمَّا ذكرنَا أَن جِهَة الْقَضِيَّة لَا بُد وَأَن تكون خَارِجَة عَن الطَّرفَيْنِ وَالنِّسْبَة كَيفَ فَإِنَّهَا كَيْفيَّة النِّسْبَة بَين الْمَوْضُوع والمحمول. لَا يُقَال إِن الِامْتِنَاع جِهَة من الْجِهَات لِأَنَّهَا غير محصورة فِيمَا ذكرُوا وَهُوَ مَحْمُول فِي قَوْلنَا شريك الْبَارِي مُمْتَنع لأَنا نقُول إِن الْمَحْمُول هُوَ الْمَوْجُود لَا الْمُمْتَنع فَإِن مَعْنَاهُ شريك الْبَارِي مَوْجُود بالامتناع لَكِن لما كَانَ الْمَقْصُود وَالْحكم بالامتناع يَجْعَل مَحْمُولا قصرا للمسافة. وَقس عَلَيْهِ الله وَاجِب وَالْإِنْسَان مُمكن. وَمن قَالَ إِن الِامْتِنَاع لَيْسَ بِجِهَة فقد أغمض الْعَينَيْنِ من نور القمرين كَيفَ وَقد أذن مُؤذن فِي مَسْجِد التَّجْرِيد أَن الْوُجُود إِذا حمل أَو جعل رابطا يثبت مواد ثَلَاث فِي أَنْفسهَا جِهَات فِي التعقل دَالَّة على وثاقة الرابطة وضعفها هِيَ الْوُجُوب والامتناع والإمكان وَكَذَا الْعَدَم انْتهى.
قَالَ الْفَاضِل المدقق مَوْلَانَا مرزاجان فِي حَوَاشِيه على شرح التَّجْرِيد لَا يُقَال مثلا قَوْلنَا شريك الْبَارِي مَوْجُود لَيْسَ بقضية بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ لِأَن الْقَضِيَّة إِنَّمَا تكون بِالْفِعْلِ أَو بِالْقُوَّةِ إِذا كَانَت النِّسْبَة فِيهَا بِالْفِعْلِ كَمَا فِي القضايا الفعلية. أَو بِالْقُوَّةِ كَمَا فِي الممكنة على مَا ذكر الْعَلامَة الرَّازِيّ. وَإِذا لم تكن قَضِيَّة بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ فَكيف تتكيف بالمادة والجهة مَعَ أَنهم فسروا الْمَادَّة والجهة بالكيفية الْعَارِضَة لنسبة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع فِي نفس الْأَمر أَو فِي الْعقل والموضوع والمحمول لَا يتحققان إِلَّا فِي الْقَضَاء. وَأَيْضًا صَرَّحُوا بِأَن الممكنة الْعَامَّة أَعم جَمِيع الْجِهَات وَظَاهر أَنه لَا يصدق شريك الْبَارِي مَوْجُود بالإمكان الْعَام لأَنا نقُول امْتنَاع الشَّيْء إِنَّمَا يُنَافِي تحَققه لَا صدق اسْمه ورسمه عَلَيْهِ إِذْ لَا يخفى أَن اجْتِمَاع النقيضين مُسْتَحِيل يصدق عَلَيْهِ اسْمه ورسمه.
وَمن هَا هُنَا يظْهر أَن القَوْل بِأَن الممكنة لَيست قَضِيَّة بِالْفِعْلِ بِنَاء على أَن النِّسْبَة فِيهَا لَيست متحققة بِالْفِعْلِ مَنْظُور فِيهِ وَقَوْلهمْ الممكنة أَعم الموجهات مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَعم من الموجهات الْمَشْهُورَة المعدودة فِي كتب الْمنطق. بَقِي شَيْء وَهُوَ أَنه لَا بُد فِي الْقَضِيَّة من الحكم والإذعان الْمُتَعَلّق بِالنِّسْبَةِ الَّتِي فِيهَا والقضية الَّتِي جِهَتهَا الِامْتِنَاع لم يذعن بِالنِّسْبَةِ الَّتِي فِيهَا وَالْقَوْل بِأَن المذعن هَا هُنَا كَون شريك الْبَارِي مَوْجُودا بالامتناع فَإِن كَون شريك الْبَارِي مَوْجُودا وَإِن لم يصلح لتَعلق الإذعان بِهِ لَكِن كَونه مَوْجُودا بالامتناع مِمَّا يذعن بِهِ وهم مَحْض فَإِن المذعن بِهِ هَا هُنَا فِي الْحَقِيقَة هُوَ أَن وجود شريك الْبَارِي مُمْتَنع. بل الْحق فِي الْجَواب أَن يُقَال امْتنَاع النِّسْبَة فِي الْحَقِيقَة هُوَ ضَرُورَة الطّرف الْمُقَابل لتِلْك النِّسْبَة اعْتبر بِالْعرضِ فِيهَا. وَلَا شكّ فِي تحقق الطّرف الْمُقَابل فِي النِّسْبَة الممتنعة انْتهى.
ثمَّ الْوَاجِب عَلَيْك أَن تحفظ أَن الْمَحْكُوم عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْمُمكن الْخَاص سَوَاء كَانَ الْمَحْمُول هُوَ الْوُجُود أَو الْعَدَم فالجهة هِيَ الْإِمْكَان. وَإِمَّا إِذا كَانَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ هُوَ الْوَاجِب لذاته فَلَا تكون الْجِهَة هِيَ الْإِمْكَان مَا لم يكن الْمَحْمُول هُوَ الْوُجُود لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْعَدَم فالجهة هِيَ الِامْتِنَاع وَكَذَا إِذا كَانَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ هُوَ الْمُمْتَنع بِالذَّاتِ لَا تكون الْجِهَة هِيَ الْإِمْكَان مَا لم يكن الْمَحْمُول هُوَ الْعَدَم وَأما إِذا كَانَ الْوُجُود فالجهة هِيَ الِامْتِنَاع فَافْهَم واحفظ.

القَوْل

(القَوْل) الْكَلَام والرأي والمعتقد (ج) أَقْوَال وأقاويل
القَوْل: مَشْهُور وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى الْحمل إِذا عدي بعلى مثل الْقيام مقول على زيد أَي مَحْمُول عَلَيْهِ. وَفِي الِاصْطِلَاح الْمركب لفظا أَو معنى فَهُوَ إِمَّا لفظ مركب كَمَا فِي الْقَضِيَّة الملفوظة أَو معنى مركب عَقْلِي كَمَا فِي الْقَضِيَّة المعقولة وَهُوَ بِالْمَعْنَى الاصطلاحي اسْم جامد لَا يشتق مِنْهُ المشتقات وَلَا يتَعَلَّق بِهِ شَيْء من الظّرْف وَالْجَار وَالْمَجْرُور فَهُوَ لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد. فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ ينفعك فِي الْقيَاس.
القَوْل بِمُوجب الْعلَّة من أَرْبَعَة وُجُوه دفع الْعِلَل الطردية عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ الْتِزَام مَا يلْزمه الْمُعَلل مَعَ بَقَاء الْخلاف أَي تَسْلِيم الدَّافِع دَلِيل الْمُعَلل وَحكم دَلِيله بِحَيْثُ لَا يرْتَفع الْخلاف من الْبَين بل يكون بَاقِيا على حَاله كَقَوْل الشَّافِعِيَّة فِي صَوْم رَمَضَان أَنه صَوْم فرض فَلَا يتَأَدَّى إِلَّا بِتَعْيِين النِّيَّة بِأَن يَقُول بِصَوْم غَد نَوَيْت لفرض رَمَضَان. فأوردوا الْعلَّة الطردية وَهِي الْفَرْضِيَّة للتعيين إِذْ أَيْنَمَا تُوجد الْفَرْضِيَّة يُوجد التَّعْيِين كَصَوْم الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة والصلوات الْخمس وَنحن ندفعه بِمُوجب علته. فَنَقُول سلمنَا أَن التَّعْيِين ضَرُورِيّ للْفَرض وَلَكِن التَّعْيِين نَوْعَانِ: تعْيين من جَانب العَبْد قصدا وَتَعْيِين من جَانب الشَّارِع وَإِنَّمَا جوزناه بِمُطلق النِّيَّة لِأَن هَذَا الْــإِطْلَاق فِي حكم التَّعْيِين من جَانب الشَّارِع فَإِنَّهُ قَالَ إِذا انْسَلَخَ شعْبَان فَلَا صَوْم إِلَّا عَن رَمَضَان. فَإِن قَالَ الْخصم إِن التَّعْيِين القصدي هُوَ الْمُعْتَبر عندنَا كَمَا فِي الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة دون التَّعْيِين مُطلقًا. فَنَقُول لَا نسلم أَن التَّعْيِين القصدي مُعْتَبر وَلَا نسلم أَن عِلّة التَّعْيِين القصدي فِي الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة هُوَ مُجَرّد الْفَرْضِيَّة بل كَون وقته صَالحا لأنواع الصّيام بِخِلَاف رَمَضَان فَإِنَّهُ مُتَعَيّن كالمتوحد فِي الْمَكَان يتَعَيَّن بِالْخِطَابِ وَالْجَوَاب فَإِنَّهُ إِذا كَانَ فِي الدَّار زيد وَحده فَقَالَ آخر يَا إِنْسَان فَالْمُرَاد زيد لَا محَالة.

الْمَعْنى

(الْمَعْنى) مَا يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ (ج) معَان والمعاني مَا للْإنْسَان من الصِّفَات المحمودة يُقَال فلَان حسن الْمعَانِي و (علم الْمعَانِي) من عُلُوم البلاغة وَهُوَ علم يعرف بِهِ أَحْوَال اللَّفْظ الْعَرَبِيّ الَّتِي بهَا يُطَابق مُقْتَضى الْحَال
الْمَعْنى: إِمَّا مصدر ميمي بِمَعْنى الْقَصْد أَو اسْم مَكَان بِمَعْنى الْمَقْصد أَو مخفف معنى اسْم مفعول على وزن مرمى. ثمَّ بعد حذف إِحْدَى اليائين تَخْفِيفًا أُرِيد قلب الْيَاء الْبَاقِيَة بِالْألف تَخْفِيفًا فَفتح النُّون فقلبت الْيَاء بِالْألف. وَفِي الِاصْطِلَاح مَا يقْصد بِشَيْء.
وَاعْلَم أَن الْمَعْنى هُوَ الصُّورَة الذهنية من حَيْثُ إِنَّه وضع بإزائها اللَّفْظ. وَبِدُون هَذِه الْحَيْثِيَّة لَا تسمى معنى. وَقد يَكْتَفِي فِي إِطْلَاق الْمَعْنى على الصُّورَة الذهنية بِمُجَرَّد صلاحيتها لِأَن تقصد بِاللَّفْظِ سَوَاء وضع لَهَا لفظ أم لَا. وعَلى الأول يَتَّصِف الْمَعْنى بِالْإِفْرَادِ والتركيب بِالْفِعْلِ. وعَلى الثَّانِي بالإمكان وصلاحيتهما فَافْهَم. وَالصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الْعقل من حَيْثُ إِنَّهَا تحصل من اللَّفْظ فِي الْعقل سميت مفهوما. وَمن حَيْثُ إِنَّهَا تقصد بِاللَّفْظِ تسمى معنى. وَمن حَيْثُ إِنَّه وضع لَهَا اسْم مُسَمّى إِلَّا أَن الْمَعْنى قد يخص بِنَفس الْمَفْهُوم دون الْأَفْرَاد. والمسمى يعمهما فَيُقَال لكل من زيد وَعَمْرو وَبكر مُسَمّى الرجل وَلَا يُقَال إِنَّه مَعْنَاهُ. وَمن حَيْثُ إِن اللَّفْظ يدل عَلَيْهَا سميت مدلولا. وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مقولة فِي جَوَاب مَا هُوَ سميت مَاهِيَّة - وَمن حَيْثُ ثُبُوتهَا فِي الْخَارِج سميت حَقِيقَة - وَمن حَيْثُ امتيازها عَن الأغيار سميت هوية - ثمَّ الْمَعْنى يُوصف بِالْإِفْرَادِ والتركيب.

المطبقة

المطبقة: أَي الْحُرُوف المطبقة وَهِي مَا ينطبق اللِّسَان مَعَه على الحنك الْأَعْلَى فينحصر الصَّوْت حِينَئِذٍ بَين اللِّسَان وَمَا حاذه من الحنك الْأَعْلَى وَهِي الصَّاد - وَالضَّاد - والطاء - والظاء - وَــإِطْلَاق هَذَا الِاسْم على هَذِه الْحُرُوف على الْمجَاز لِأَن المنطبق إِنَّمَا هُوَ اللِّسَان والحنك. وَأما الْحَرْف فَهُوَ منطبق عِنْده فاختصر فَقيل مطبق كَمَا قيل للمشترك فِيهِ مُشْتَرك. والحروف المطبقة ضد المفتحة فَلَا ينْحَصر الصَّوْت عِنْد النُّطْق بهَا بَين اللِّسَان والحنك بل يكون مَا بَين اللِّسَان والحنك منفتحا. وَالْكَلَام فِي المنفتحة فِي التَّسْمِيَة كَالْكَلَامِ فِي المطبقة لِأَن الْحَرْف لَا ينفتح وَإِنَّمَا ينفتح عِنْدهَا اللِّسَان عَن الحنك.

المشاكلة

المشاكلة: فِي اصْطِلَاح البديع ذكر معنى بِلَفْظ غَيره لوُقُوعه فِي صُحْبَة ذَلِك الْغَيْر وقوعا محققا أَو مُقَدرا. مِثَال الأول قَوْله تَعَالَى: {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} . حَيْثُ أطلق النَّفس على ذَات الله تَعَالَى. فَإِن قيل النَّفس قد تطلق وَيُرَاد بِهِ الذَّات. وَقد تطلق وَيُرَاد بِهِ الْقلب. والمشاكلة إِنَّمَا تتَصَوَّر بِالْمَعْنَى الثَّانِي لَا بِالْمَعْنَى الأول - فَإِن الذَّات قد يُطلق عَلَيْهِ تَعَالَى. قُلْنَا إِطْلَاق النَّفس بِأَيّ معنى كَانَ عَلَيْهِ تَعَالَى لَيْسَ بِحَقِيقَة كَمَا فِي شرح الْمِفْتَاح وَقَالَ القطب الإمامي وتحقيقه فِي حواشينا على شرح الْمِفْتَاح وَمِثَال الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {صبغة الله وَمن أحسن من الله صبغة وَنحن لَهُ عَابِدُونَ} . وتوضيحه فِي المطول.
(المشاكلة) الْمُمَاثلَة و (عِنْد أهل البديع) أَن يذكر الشَّيْء بِلَفْظ غَيره لوُقُوعه فِي صحبته كَقَوْلِه تَعَالَى {نسوا الله فنسيهم} وَقَوله {ومكروا ومكر الله}
المشاكلة:
[في الانكليزية] Similarity ،resemblance
[ في الفرنسية] Similitude ،ressemblance 2 L عند المتكلّمين والحكماء هي الاتحاد في الشكل ويرادفه التّشاكل كما في شرح المواقف وغيره. وعند أهل البديع هي من المحسّنات المعنوية وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا، أي لوقوع ذلك الشيء في صحبة ذلك الغير وقوعا محقّقا أو مقدّرا.
فالأول كقوله تعالى تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ وقوله وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ فإنّ إطلاق النفس والمكر في جانب الباري تعالى إنّما هو لمشاكلة ما معه. والثاني كقوله تعالى صِبْغَةَ اللَّهِ أي تطهير الله لأنّ الإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه أنّ النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمّونه المعمودية ويقولون إنّه تطهير لهم، فعبّر عن الإيمان بصبغة الله للمشاكلة بهذه القرينة، هكذا في المطول والاتقان. وقال الجلپي إن كان بين الشيء وبين غيره علاقة مجوّزة للتجوّز من العلاقات المشهورة فلا إشكال، وتكون المشاكلة موجبة لمزيد حسن كما بين السّيّئة وجزائها في قوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، [وقوله تعالى فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ لما بين الفعل وجزائه من المشاكلة المعنوية والمماثلة الباطنية. وقد قيل بالفارسية ما معناه:
إن ظلمك السّيئ الظنّ بسبب حقده فأنت أيضا اظلمه ولا تقلق لشأنه. وإن لم تكن كما بين الطبخ والخياطة في قول الشاعر:
قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبّة وقميصا فلا بدّ أن يجعل الوقوع في الصحبة علاقة مصحّحة للمجاز في الجملة وإلّا فلا وجه للتعبير به عنه. فإن قيل كان ينبغي أن تعدّ المشاكلة من البدائع اللفظية لأنّها تتعلّق باللفظ، أجيب بأنّها إنّما صوحبت مع المطابقة والمقابلة لتجانسهما، ومن ثمّ سمّاها صاحب الكشاف بالمطابقة والمقابلة في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ الآية، حيث قال جاءت على سبيل المقابلة وإطباق الجواب على السؤال انتهى.

المخروط

(المخروط) (عِنْد عُلَمَاء الهندسة) مجسم يبتديء من سطح ويرتفع مستدقا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى نقطة أَو سطح أَصْغَر من قَاعِدَته
المخروط: شكل يُحِيط بِهِ سطحان أَحدهمَا قَاعِدَته وَالْآخر مُبْتَدأ مِنْهُ ويضيق إِلَى أَن يَنْتَهِي بِنُقْطَة هِيَ رَأسهَا. فَإِن كَانَ مستديرا يُسمى صنوبريا وَإِلَّا فمضلعا كَمَا مر فِي الأسطوانة.
المخروط:
[في الانكليزية] Cone
[ في الفرنسية] Cone
هو عند المهندسين يطلق على معان. منها المخروط المستدير التّام، وهو جسم تعليمي أحاط به سطح مستدير، أي دائرة وسطح صنوبري مرتفع من محيط ذلك السطح المستدير متضايقا إلى نقطة بحيث لو أدير خط مستقيم واصل بين محيط ذلك السطح المستدير وبين تلك النقطة ماسّة في كلّ الدورة، أي ماس ذلك الخطّ ذلك السطح. وقولنا مرتفع صفة كاشفة لقولنا صنوبري. وبعبارة أخرى هو جسم أحد طرفيه دائرة والآخر نقطة ويحصل بينهما سطح تفرض عليه أي على ذلك السطح الخطوط المستقيمة الواصلة بينهما، أي بين محيط الدائرة وتلك النقطة. وعرف أيضا بأنّه جسم يحدث من إدارة مثلّث قائم الزاوية على أحد ضلعي القائمة المفروض ثابتا إلى أن يعود إلى وضعه الأول.
وليس المراد بالحدوث الحدوث بالفعل كما هو المتبادر، بل الحدوث من حيث التوهّم إذ الخطّ عندهم عرض حالّ في السطح الحالّ في الجسم، فلا يمكن حصول السطح بحركة الخطّ المتأخّر عنه في الوجود ولا حصول الجسم من حركة السطح المتأخّر عنه. وعلى هذا يحمل كلّ ما وقع في عباراتهم ممّا يشعر بحدوث الخطّ من حركة النقطة والسطح من حركة الخطّ والجسم من حركة السطح. ثم تلك الدائرة تسمّى بقاعدة المخروط وتلك النقطة برأس المخروط وذلك السطح المستدير أي الصنوبري بالسطح المخروطي، والخط الواصل بين تلك النقطة ومركز القاعدة بسهم المخروط ومحوره، فإن كان ذلك الخطّ عمودا على القاعدة فالمخروط قائم وإلّا فمائل. وأمّا ما قيل في تعريف المخروط المذكور من أنّه ما يحدث من إدارة خطّ موصول بين محيط دائرة ونقطة لا تكون على تلك الدائرة إلى أن يعود على وضعه الأول، ففيه أنّ حركة الخط المذكور إنّما تحدث سطحا مخروطيا لا جسما مخروطيا لما تقرّر عندهم من أنّ حركة الخطّ تحدث شكلا مسطحا لا مجسّما. ومنها المخروط المستدير الناقص وهو المخروط المستدير التام المقطوع عنه بعضه من طرف النقطة التي هي رأسها.
وبالجملة فإذا قطع المخروط المستدير التام بسطح مستو يوازي القاعدة كان القسم الذي يلي القاعدة مخروطا مستديرا ناقصا، وأمّا القسم الذي يلي الرأس فمخروط تام لصدق تعريفه عليه. ومنها المخروط المضلّع وهو جسم تعليمي أحاط به سطح مستو ذو أضلاع ثلاثة فصاعدا هو أي ذلك السطح قاعدة ذلك الجسم وأحاط به أيضا مثلثات عددها مساو بعدد أضلاع القاعدة، ورءوسها أي رءوس تلك المثلثات جميعا عند نقطة هي رأسه أي رأس ذلك الجسم، فإن كانت تلك المثلثات متساوية الساقات فالمخروط قائم وإلّا فمائل. ومنها المخروط الذي يكون شبيها للمستدير أو المضلّع بأن يكون رأسه نقطة وقاعدته لا تكون دائرة ولا شكلا مستقيم الأضلاع، بل سطحا يحيط به خطّ واحد ليس بدائرة كالسطح البيضي، ومنه ما يكون رأسه نقطة وقاعدته سطحا يحيط به خطوط بعضها مستقيم وبعضها مستدير، وهذه المعاني كلّها مما يستفاد من ضابطة قواعد الحساب وغيره. اعلم أنّ المخروط مأخوذ من قولهم رجل مخروط الوجه أو مخروط اللحية إذا كان فيه أو فيها طول بلا عرض، كذا قيل. ثم أقول إطلاق المخروط على هذه المعاني بالاشتراك اللفظي لا المعنوي إذ لا يتحقّق هاهنا مفهوم مشترك بين الكلّ، فإنّ غاية ما يمكن هاهنا أن يقال إنّ المخروط هو الذي يكون في أحد جانبيه في الطول سطح وفي الآخر نقطة، وهذا المفهوم ليس بجامع لعدم صدقه على المخروط المستدير الناقص، وليس بمانع أيضا إذ لا ينحصر في تلك الأقسام المذكورة كما يشهد به التأمّل. 

الْمُجْمل

الْمُجْمل: مَا اجْتمعت فِيهِ المعنيان أَو الْمعَانِي من غير رُجْحَان لأحدها على الْبَاقِي فَاشْتَبَهَ المُرَاد بِهِ اشتباها لَا يدْرك إِلَّا بِبَيَان من جِهَة الْمُجْمل. وَالْفرق بَينه وَبَين الْمُشْتَرك أَن توارد الْمعَانِي فِي الْمُشْتَرك بِحَسب الْوَضع فَقَط. وَفِي الْمُجْمل بِحَسبِهِ وَبِاعْتِبَار غرابة اللَّفْظ وتوحشه من غير اشْتِرَاك فِيهِ وَبِاعْتِبَار إِبْهَام الْمُتَكَلّم الْكَلَام. فَإِن الْمُجْمل على ثَلَاثَة أَنْوَاع. نوع لَا يفهم مَعْنَاهُ لُغَة كالهلوع قبل التَّفْسِير. وَنَوع مَعْنَاهُ مَعْلُوم لُغَة وَلَكِن لَيْسَ بِمُرَاد كالربا وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَنَوع مَعْنَاهُ مَعْلُوم لُغَة إِلَّا أَنه مُتَعَدد. وَالْمرَاد وَاحِد مِنْهَا وَلم يُمكن تَعْيِينه لانسداد بَاب التَّرْجِيح فِيهِ. وَالتَّفْصِيل فِي كتب الْأُصُول. وَالْفرق بَين الْمُجْمل وَالْمُطلق فِي الْمُطلق.
وَاعْلَم أَن الْمُجْمل مَا لَا يُمكن الْعَمَل بِهِ إِلَّا بعد الْبَيَان من جِهَة الْمُجْمل وَقَوله تَعَالَى: {وامسحوا برؤوسكم} . مُجمل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمُطلق عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى. فَإِن قيل لَا نسلم أَن الْكتاب مُجمل والمجمل لَا يُمكن الْعَمَل بِهِ قبل الْبَيَان وَهَا هُنَا الْعَمَل بِهَذَا النَّص مُمكن وَهُوَ الْقَلِيل فَلَا يكون مُجملا. قُلْنَا الْبَيَان إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي مَوضِع الْإِجْمَال وَلَيْسَ الْإِجْمَال فِي مَحل الْمسْح فَإِنَّهُ الرَّأْس بِيَقِين لنا فالإجمال فِي الْمِقْدَار لِأَن المُرَاد مِنْهُ بعض مُقَدّر لَا مُطلق الْبَعْض لِأَن الْمَفْرُوض فِي سَائِر الْأَعْضَاء غسل بعض مُقَدّر فَكَذَا فِي هَذِه الْوَظِيفَة. وَبِمَا قُلْنَا إِن الْمُطلق مَوْجُود فِي الشّعْر والشعرتين وَهُوَ لَا يَنُوب عَن الْمسْح. والمقدر مُجمل فاستفدنا بَيَان الْمِقْدَار من فعل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وعملنا بِــإِطْلَاق النَّص فِيمَا عداهُ فَقُلْنَا بِجَوَاز الْمسْح على أَي ربع كَانَ.
(الْمُجْمل) من الْكَلَام الموجز و (فِي علم الرَّسْم) رسم يلم بأهم مَا فِي الصُّورَة أَو الرَّسْم من حَيْثُ النّسَب والأبعاد والوضعة وَالْحَرَكَة والشبه وَلَا يشْتَرط فِيهِ الإتقان (مج)

الْكُلِّي

الْكُلِّي: عِنْد المنطقيين مَا لَا يمْنَع نفس تصَوره من وُقُوع الشّركَة فِيهِ كالحيوان. وَإِنَّمَا سمي كليا لِأَن كُلية الشَّيْء إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجزئي. والكلي يكون جُزْء الجزئي غَالِبا فَيكون ذَلِك الشَّيْء مَنْسُوبا إِلَى الْكل والمنسوب إِلَى الْكل كلي كَمَا فصلنا هَذَا المرام فِي الجزئي. وَمعنى اشْتِرَاك الْمَاهِيّة بَين كثيرين أَن صورتهَا الْعَقْلِيَّة مُطَابقَة لكل وَاحِد من جزئياتها. وَمعنى الْمُطَابقَة مُنَاسبَة مَخْصُوصَة لَا تكون لسَائِر الصُّور الْعَقْلِيَّة. فَإنَّا إِذا تعقلنا زيدا حصل فِي عقلنا أثر لَيْسَ ذَلِك الْأَثر هُوَ بِعَيْنِه الْأَثر الَّذِي يحصل فِي الْعقل عِنْد تعقلنا فرسا معينا. وَمعنى الْمُطَابقَة لكثيرين أَنه لَا يحصل من تعقل كل وَاحِد مِنْهَا أثر متجدد بل يكون الْحَاصِل فِي الْعقل من تعقل كل هُوَ الصُّورَة الْوَاحِدَة على تِلْكَ النِّسْبَة الْمَخْصُوصَة. فَإنَّا إِذا رَأينَا زيدا حصل مِنْهُ فِي أذهاننا الصُّورَة الإنسانية المعراة عَن المشخصات واللواحق. وَإِذا أبصرنا بعد ذَلِك خَالِدا لم تقع مِنْهُ صُورَة أُخْرَى بل الصُّورَة الْحَاصِلَة الأولى بِعَينهَا. بِخِلَاف مَا إِذا رَأينَا فرسا معينا فَافْهَم.
فَإِن قيل تَعْرِيف الْكُلِّي لَيْسَ بمانع لصدقه على الصُّورَة الخيالية من الْبَيْضَة الْمعينَة تنطبق على كل من البيضات بِحَيْثُ يجوز الْعقل أَن يكون هِيَ هِيَ. وَأَن ضَعِيف الْبَصَر يرى شبحا من بعيد وَيجوز عقله أَن يكون زيدا وعمرا إِلَى غير ذَلِك. وَأَن الطِّفْل فِي مبدأ الْولادَة لنُقْصَان الْحس الْمُشْتَرك لَا يَأْخُذ الصُّورَة عَمَّا هُوَ فِي الْخَارِج بِخُصُوصِهِ. وَلَا يفرق بَين أمه عَن غَيرهَا وَأَبِيهِ عَن غَيره بل يدْرك شبحا وَاحِدًا لَا يتَمَيَّز فِيهِ أَبَاهُ وَأمه عَن الْغَيْر. فَيلْزم أَن تكون هَذِه الصُّور كُلية مَعَ أَنهم عدوها من الجزئيات.
قُلْنَا المُرَاد وُقُوع الشّركَة على سَبِيل الِاجْتِمَاع لَا على الْبَدَلِيَّة والترديد وَصدق تِلْكَ الصُّور على الْكَثْرَة واشتراكها فِيهَا لَيْسَ على سَبِيل الِاجْتِمَاع بل على سَبِيل الْبَدَلِيَّة كَمَا لَا يخفى. فَإِن قيل إِن الصُّورَة الخارجية لزيد مثلا جزئي حَقِيقِيّ وَيصدق عَلَيْهَا تَعْرِيف الْكُلِّي لِأَنَّهَا تصدق وتطابق على سَبِيل الِاجْتِمَاع على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا كَمَا أَن كل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي تِلْكَ الأذهان تطابق لتِلْك الصُّورَة الخارجية. فَإِن الْمُطَابقَة من الْجَانِبَيْنِ - وَالْعقل يجوز الْمُطَابقَة فِيمَا بَينهمَا على سَبِيل الِاجْتِمَاع. فَإِن التَّحْقِيق أَن حُصُول الْأَشْيَاء بأنفسها فِي الذِّهْن لَا بأشباحها وإظلالها. فَإِن الدَّلَائِل الدَّالَّة على الْوُجُود الذهْنِي للأشياء إِنَّمَا تدل على وجودهَا حَقِيقَة لَا بِاعْتِبَار الشبح والمثال الَّذِي هُوَ وجودهَا مجَازًا. وَأَيْضًا أَن الصُّورَة الذهنية لزيد جزئي حَقِيقِيّ وَتصدق على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا وتطابقها.
قُلْنَا لَا نسلم صدق الجزئي الْحَقِيقِيّ على شَيْء فضلا عَن أَن تصدق الصُّورَة الخارجية الْجُزْئِيَّة على الذهنية كَيفَ فَإِن الْحمل الْمُعْتَبر فِي حمل الْكُلِّي على جزئياته هُوَ الْحمل بالمواطأة - وَهُوَ أَن المتغايرين مفهوما متحدان ذاتا. وَهَذَا الْحمل بَين الصُّورَة الخارجية والذهنية مُنْتَفٍ. وَإِن سلمنَا فَنَقُول إِن الْكُلِّي والجزئي قِسْمَانِ للمفهوم الْعقلِيّ لأَنهم قَالُوا إِن الْمَفْهُوم أَي مَا حصل فِي الْعقل إِمَّا كلي وَإِمَّا جزئي. فالكلي على هَذَا هُوَ الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الَّذِي لَا يمْنَع نفس تصَوره عَن وُقُوع الشّركَة فِيهِ وَالْمرَاد بِالشّركَةِ لَيست هِيَ الْمُطَابقَة مُطلقًا بل مُطَابقَة الْحَاصِل فِي الْعقل لكثيرين بِحَسب الْخَارِج بِأَنوَهُوَ محَال. قُلْنَا كُلية الْكُلِّي وَكَونه صَادِقا على نَفسه وعارضا لَهَا بِاعْتِبَار الْــإِطْلَاق. وَكَونه فَردا لنَفسِهِ ومعروضا لَهَا بِاعْتِبَار الخصوصية. وَاعْتِبَار المعروضية غير اعْتِبَار العارضية ويتفاوت الِاعْتِبَار بتفاوت الْأَحْكَام. أما سَمِعت لَوْلَا الاعتبارات لبطلت الْحِكْمَة لِأَن أَكثر مسائلها مَبْنِيّ على الْأُمُور الاعتبارية فَافْهَم.

الْقُوَّة المنمية

الْقُوَّة المنمية: هِيَ الْقُوَّة الَّتِي تزيد فِي الْجِسْم الَّذِي هِيَ فِيهِ زِيَادَة فِي أقطاره طولا وعرضا وعمقا إِلَى أَن يبلغ كَمَال النشو على تناسب طبيعي. وفوائد الْقُيُود والاحترازات مَذْكُورَة فِي كتب الْحِكْمَة وَإِنَّمَا خلق الله تَعَالَى هَذِه الْقُوَّة لأجل كَمَال الشَّخْص. وَقد تطلق على تِلْكَ الْقُوَّة الْقُوَّة النامية على خلاف الْقيَاس إِذْ الْقيَاس أَن يُقَال منمية بِالتَّخْفِيفِ من الإنماء أَو بِالتَّشْدِيدِ من التنمية لِأَن فعلهَا الإنماء والتنمية لَا النمو. وَأما النامي فَهُوَ الْجِسْم فــإطلاق النامية على هَذِه الْقُوَّة بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى اللّغَوِيّ بِاعْتِبَار أَن محلهَا هُوَ النامي أَو لأَنهم راعوا شاكلة الغاذية.

علمه تَعَالَى شَامِل

علمه تَعَالَى شَامِل: أَي للممكنات والممتنعات وَلذَا قَالُوا إِن مَعْلُومَات الله تَعَالَى أَكثر من مقدوراته فَإِن قدرته تَعَالَى إِنَّمَا تتَعَلَّق بِمَا يُمكن تعلق الْقُدْرَة بِهِ وَهُوَ الْمُمكن وَالْعلم يتَعَلَّق بالممكن والممتنع فمعلوماته تَعَالَى أَكثر من مقدوراته فَإِن قلت لَا نسلم أَن علمه تَعَالَى شَامِل للممكنات والممتنعات لأَنهم قَالُوا إِن علمه تَعَالَى لَا يتَعَلَّق بمراتب الْأَعْدَاد الْغَيْر المتناهية إِذْ مَرَاتِب الْأَعْدَاد غير متناهية فِي الْوُجُود العلمي لَهُ تَعَالَى فَلَو كَانَ علمه تَعَالَى مُتَعَلقا بهَا مفصلة لزم عدم تناهيها لجَرَيَان برهَان التطبيق حِينَئِذٍ لكَون تِلْكَ الْمَرَاتِب وَنسبَة الانطباق بَينهَا معلومتان لَهُ تَعَالَى على مَا قُلْتُمْ من شُمُول علمه تَعَالَى بالممكن والممتنع قُلْنَا إِن علمه الشَّامِل للممكنات والممتنعات إِنَّمَا يَشْمَل مَا لَا يمْتَنع الْعلم بِهِ كَمَا أَن قدرته الشاملة إِنَّمَا تشْتَمل مَا لَا يمْتَنع وجوده وَإِمْكَان تعلق الْعلم بالمراتب الْغَيْر المتناهية مفصلة مَمْنُوع. فَإِن قيل فَيلْزم الْجَهْل على الله تَعَالَى قُلْنَا الْجَهْل عدم الْعلم بِمَا يَصح تعلق الْعلم بِهِ كَمَا أَن الْعَجز عدم الْقُدْرَة بِمَا يَصح تعلقهَا بِهِ فَلَا يلْزم الْجَهْل من عدم علمه تَعَالَى بِتِلْكَ الْمَرَاتِب كَمَا لَا يلْزم الْعَجز من عدم تعلق الْقُدْرَة بِمَا يمْتَنع وجوده فِي الْخَارِج كاجتماع الضدين والنقيضين وَشريك الْبَارِي وَغير ذَلِك.
فَإِن قيل إِن الْقلَّة وَالْكَثْرَة من لَوَازِم التناهي فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن معلوماته تَعَالَى أَكثر من مقدوراته مَعَ لَا تناهيهما قُلْنَا معنى لَا تناهي المعلومات والمقدورات وَكَذَا لَا تناهي الْأَعْدَاد أَنَّهَا لَا تَنْتَهِي إِلَى حد لَا يتَصَوَّر فَوْقه آخر لَا بِمَعْنى أَن مَا لَا نِهَايَة لَهُ يدْخل فِي الْوُجُود فَإِنَّهُ محَال فَإِن التناهي وَعَدَمه فرع الْوُجُود سَوَاء كَانَ ذهنا أَو خَارِجا وَلَيْسَ الْمَوْجُود من مَرَاتِب الْأَعْدَاد وَكَذَا من المعلومات والمقدورات إِلَّا قدرا متناهيا فــإطلاق التناهي عَلَيْهَا مجازي بِاعْتِبَار أَنَّهَا لَو فرض وجودهَا بأسرها لكَانَتْ غير متناهية.

الْقُوَّة

(الْقُوَّة) ضد الضعْف والطاقة من طاقات الْحَبل وَتمكن الْحَيَوَان من الْأَعْمَال الشاقة والمؤثر الَّذِي يُغير أَو يمِيل إِلَى تَغْيِير حَالَة سُكُون الْجِسْم أَو حَالَة حركته بِسُرْعَة منتظمة فِي خطّ مُسْتَقِيم (مج) ومبعث النشاط والنمو وَالْحَرَكَة وتنقسم إِلَى طبيعية وحيوية وعقلية كَمَا تَنْقَسِم إِلَى باعثة وفاعلة (ج) قوى وقوات وَيُقَال رجل شَدِيد القوى شَدِيد أسر الْخلق والقوات المسلحة فيالق الْجَيْش فِي الْبر وَالْبَحْر والجو (محدثة)
الْقُوَّة: تمكن الْحَيَوَان من الْأَفْعَال الشاقة أَي الْقُدْرَة. وَاعْلَم أَن الْقُوَّة بِمَعْنى إِمْكَان حُصُول الشَّيْء مَعَ عدم تقَابل الْفِعْل بِمَعْنى الْحُصُول فِي أحد الْأَزْمِنَة. وَقد تطلق الْقُوَّة على الشَّيْء الَّذِي هُوَ مبدأ التَّغَيُّر فِي آخر من حَيْثُ هُوَ آخر سَوَاء كَانَ ذَلِك المبدأ جوهرا أَو عرضا وَسَوَاء كَانَ فَاعِلا أَو غَيره وَفَائِدَة الْحَيْثِيَّة التَّنْبِيه على أَن الآخر لَا يجب أَن يكون مغايرا لَهُ بِالذَّاتِ بل قد يكون مغايرا بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي معالجة الْإِنْسَان نَفسه الناطقة فِي الْأَمْرَاض النفسانية فَإِن التغاير هَا هُنَا اعتباري فَإِن الْإِنْسَان من حَيْثُ إِنَّه عَالم بمعالجة تِلْكَ الْأَمْرَاض معالج. وَمن حَيْثُ إِنَّه مَرِيض بِتِلْكَ الْأَمْرَاض معالج. وَأما فِي معالجة الْإِنْسَان فِي الْأَمْرَاض الْبَدَنِيَّة فهما متغايران بِالذَّاتِ أَيْضا قيل قد يُطلق على الْأَمر العرضي الَّذِي هُوَ مبدأ الْأَفْعَال والانفعالات وَقد تطلق على الصُّورَة النوعية بِاعْتِبَار كَونهَا مُؤثرَة ومبدأ للْفِعْل والانفعال. وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هذَيْن الــإطلاقــين منفردان على إِطْلَاق الْقُوَّة على ذَلِك المبدأ فَافْهَم.

الْقلب

(الْقلب) الْكثير التقلب وَرجل حول قلب وحولي قلبِي محتال بصبر بتقليب الْأُمُور
(الْقلب) عُضْو عضلي أجوف يسْتَقْبل الدَّم من الأوردة ويدفعه فِي الشرايين قَاعِدَته إِلَى أَعلَى معلقَة بنياط فِي الْجِهَة الْيُسْرَى من التجويف الصدري وَبِه تجويفان يساري بِهِ الدَّم الْأَحْمَر ويميني بِهِ الدَّم الْأَزْرَق الْمُحْتَاج إِلَى التنقية وَبِكُل تجويف تجويفان فرعيان يفصل بَينهمَا صمام وَيُسمى التجويف الْعلوِي الأذين والتجويف السفلي البطين وَقد يعبر بِالْقَلْبِ عَن الْعقل
و (قلب كل شَيْء) وَسطه ولبه ومحضه وقلب النَّخْلَة جمارها وقلب الشّجر مَا لَان من أجوافها وَرجل قلب خَالص النّسَب (للْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث) وجئتك بِهَذَا الْأَمر قلبا مَحْضا (ج) قُلُوب وأفعال الْقُلُوب ظن وَأَخَوَاتهَا

(الْقلب) من الشَّجَرَة أَو النَّخْلَة قَلبهَا والسوار يكون نظما وَاحِدًا وعربي قلب مَحْض خَالص وَهِي قلب وقلبة
الْقلب: بِالْفَارِسِيَّةِ (دلّ ووازكونه) قَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره الْقلب لَطِيفَة ربانية لَهَا بِهَذَا الْقلب الجسماني الصنوبري الشكل الْمُودع فِي جَانب الْأَيْسَر من الصَّدْر تعلق وَتلك اللطيفة هِيَ حَقِيقَة الْإِنْسَان ويسميها الْحَكِيم النَّفس الناطقة وَالروح بَاطِنه وَالنَّفس الحيوانية مركبة انْتهى.
وَعند أَرْبَاب الْمعَانِي هُوَ أَن يَجْعَل أحد أَجزَاء الْكَلَام مَكَان الآخر وَالْآخر مَكَانَهُ وَإِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ لأمرين. أَحدهمَا: توقف صِحَة اللَّفْظ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يكون الْمَعْنى تَابعا للفظ يَعْنِي يكون الْمَعْنى أَيْضا مقلوبا بِوَاسِطَة الْقلب فِي اللَّفْظ كَمَا إِذا وَقع مَا هُوَ فِي موقع الْمُبْتَدَأ نكرَة وَمَا هُوَ فِي موقع الْخَبَر معرفَة - وَالثَّانِي: أَن يكون الدَّاعِي إِلَيْهِ من جِهَة الْمَعْنى بِأَن يكون صِحَة الْمَعْنى متوقعة على الْقلب وَيكون اللَّفْظ حِينَئِذٍ تَابعا للمعنى فِي الْقلب مِثَال الأول قَوْله:
(قفي قبل التَّفَرُّق يَا ضباعا ... وَلَا يَك موقف مِنْك الوداعا)
قَوْله يَا ضباعا منادى مرخم أَي يَا ضباعة بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة اسْم بنت صَغِيرَة للشاعر - (وَالْألف) للــإطلاق وَالْمعْنَى قفي يَا ضباعة حَتَّى أودعك قبل التَّفَرُّق ثمَّ دَعَا الشَّاعِر بِأَن لَا يكون وداع وفراق و (موقف) اسْم كَانَ وَهُوَ نكرَة و (الوداعا) بِتَقْدِير الْمُضَاف أَي موقف الْوَدَاع هُوَ خَبره وتنكير الْمُبْتَدَأ مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر لما لم يَقع فِي الْجُمْلَة الخبرية فاحتاجوا إِلَى الْقلب. وَمِثَال الثَّانِي: أدخلت القلنسوة فِي الرَّأْس أَي أدخلت الرَّأْس فِي القلنسوة.
وَأَيْضًا الْقلب من المحسنات اللفظية البديعية وَهُوَ أَن يكون الْكَلَام بِحَيْثُ لَو عكس وبدئ من حرفه الْأَخير إِلَى الْحَرْف الأول كَانَ الْحَاصِل هُوَ هَذَا الْكَلَام بِعَيْنِه مثل قَوْله تَعَالَى {كل فِي فلك} - وَقَوله تَعَالَى {وَرَبك فَكبر} - وَقد يكون مَجْمُوع الْبَيْت قلبا لمجموعه كَقَوْل القَاضِي.
(مودته تدوم لكل هول ... وَهل كل مودته تدوم)
والحرف المشدد فِي حكم المخفف فَلَا يرد الِاعْتِرَاض فِي كل فِي فلك وَالْقلب أَيْضا من السرقات الشعرية وَهُوَ أَن يكون معنى الثَّانِي نقيض معنى الأول وَالتَّفْصِيل فِي التَّلْخِيص فِي خَاتِمَة فن البديع.

الْقَضِيَّة

الْقَضِيَّة: عِنْد المنطقيين قَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وَهِي ترادف الْخَبَر فتعريفه تَعْرِيفهَا وَلِهَذَا يعْتَرض بِأَن الصدْق وَالْكذب مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَعدم مطابقته لَهُ فَيلْزم الدّور لِأَن الْخَبَر مَأْخُوذ فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب وهما مأخوذان فِي تَعْرِيف الْقَضِيَّة الَّتِي هِيَ الْخَبَر فتوقف معرفَة الْخَبَر على الْخَبَر وَيُجَاب بِأَن الصدْق هُوَ الْمُطَابقَة للْوَاقِع وَالْكذب هُوَ اللامطابقة للْوَاقِع وهما بِهَذَا الْمَعْنى لَا يتوقفان على الْخَبَر والقضية فَلَا يلْزم الدّور. فَإِن قيل فَاعل الْمُطَابقَة لَيْسَ إِلَّا الْخَبَر فتعريف الصدْق وَالْكذب بالمطابقة للْوَاقِع واللامطابقة لَهُ بِحَذْف الْخَبَر لَا يدْفع الدّور قُلْنَا الْحصْر مَمْنُوع فَإِن غير الْخَبَر أَيْضا يَتَّصِف بِالصّدقِ وَالْكذب كَمَا فصلنا فِي تَحْقِيق الصدْق وَإِن سلمنَا فَنَقُول إِن فَاعل الْمُطَابقَة وَإِن كَانَ هُوَ الْخَبَر بِحَسب الظَّاهِر لكنه النِّسْبَة فِي نفس الْأَمر وَإِن سلمنَا أَنه الْخَبَر يكْسب الظَّاهِر وَفِي نفس الْأَمر لَكِن نفس مَفْهُوم الْمُطَابقَة للْوَاقِع واللامطابقة لَهُ بحقي فِي معرفَة الصدْق وَالْكذب من غير نظر والتفات إِلَى فاعلها وَالصَّوَاب أَن يُفَسر الصدْق وَالْكذب بمطابقة النِّسْبَة الإيقاعية أَو الانتزاعية للْوَاقِع وَالْكذب بِعَدَمِ مطابقتها لَهُ فَلَا دور وَلَا مَحْذُور.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور وَهُوَ أَن تَعْرِيف الْخَبَر بِمَا ذكر لَيْسَ بِجَامِع بِحَيْثُ لَا يصدق على شَيْء من أَفْرَاده لِأَن كل خبر لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مطابقا للْوَاقِع أَو لَا فعلى الأول يكون صَادِقا فَقَط - وعَلى الثَّانِي كَاذِبًا فَحسب فضلا عَن الِاحْتِمَال مَعَ أَن الْعقل بالبديهيات الأوليات وبخبر الْمخبر الصَّادِق الْبَارِي عز شَأْنه وَرَسُوله جلّ برهانه جازم بصدقها فَلَا احْتِمَال للكذب فِيهَا - وَالْجَوَاب بِأَن الْوَاو العاطفة فِي تَعْرِيف الْخَبَر بِمَعْنى أَو الَّتِي لأحد الْأَمريْنِ فَمَعْنَى التَّعْرِيف أَن الْخَبَر والقضية مَا يحْتَمل الصدْق أَو الْكَذِب لَيْسَ بسديد لِأَنَّهُ لَا معنى حِينَئِذٍ للاحتمال الْمشعر بِجَوَاز أَمر آخر. وَالْجَوَاب الصَّوَاب أَن المُرَاد بِاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب مَعًا أَن الْخَبَر بِمُجَرَّد النّظر إِلَى مَفْهُومه وَقطع النّظر إِلَى خُصُوصِيَّة متكلمه وخصوصية مَفْهُومه مُحْتَمل لَهما. فَالْمَعْنى أَن الْخَبَر مَا إِذا جرد النّظر إِلَى مُحَصل مَفْهُومه وَهُوَ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ وَقطع النّظر إِلَى خُصُوصِيَّة متكلمه وخصوصية مَفْهُومه يكون مُحْتملا للصدق وَالْكذب وَخبر الله تَعَالَى وَكَذَا خبر رَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا قَطعنَا النّظر عَن خُصُوصِيَّة متكلمه ولاحظنا مَفْهُومه وَجَدْنَاهُ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ - وَذَلِكَ يحْتَمل الصدْق وَالْكذب عِنْد الْعقل وَكَذَا البديهيات الأوليات مثل الْكل أعظم من الْجُزْء فَإنَّا إِذا قَطعنَا النّظر عَن خُصُوصِيَّة تِلْكَ المفهومات البديهيات ونظرنا إِلَى مُحَصل مفهوماتها وماهياتها وَجَدْنَاهُ إِمَّا ثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو سلبه عَنهُ - وَذَلِكَ يحْتَمل الصدْق وَالْكذب عِنْد الْعقل بِلَا اشْتِبَاه.
وَإِن أردْت الْفرق بَين الْقَضِيَّة والتصديق فَاعْلَم أَن الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الْمركب من الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَبِه وَالْحكم بِمَعْنى وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا من حَيْثُ إِنَّه حَاصِل فِي الذِّهْن يُسمى قَضِيَّة وَالْعلم بِهِ يُسمى تَصْدِيقًا عِنْد الإِمَام - وَأما عِنْد الْحُكَمَاء فالتصديق هُوَ الْعلم أَي الإذعان بالمعلوم الْوَاحِد الْخَاص أَعنِي وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا - فالقضية مَعْلُوم والتصديق علم.
وَعَلَيْك أَن تعلم أَيْضا أَن حُصُول الْمَعْلُوم حُصُول ظِلِّي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بهَا وَحُصُول الْعلم أصيلي فَلَا يرد أَنه إِذا اعْتبر الْحُصُول فِي الذِّهْن فِي الْقَضِيَّة يلْزم اتِّحَاد التَّصْدِيق والقضية إِذْ لَا فرق بَين الْمَعْلُوم وَالْعلم عِنْد الْقَائِل بِحُصُول الْأَشْيَاء أَنْفسهَا فِي الذِّهْن إِلَّا بِاعْتِبَار الْقيام بالذهن وَعدم الْقيام بِهِ.
ثمَّ إِن لفظ الْقَضِيَّة يُطلق تَارَة على الملفوظ وَتارَة على الْمَعْقُول فَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الْــإِطْلَاق إِمَّا بالاشتراك اللَّفْظِيّ بِأَن يكون لفظ الْقَضِيَّة مَوْضُوعا لكل وَاحِد من الملفوظ والمعقول بِوَضْع على حِدة أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز بِأَن يكون مَوْضُوعا لأَحَدهمَا دون الآخر وَالثَّانِي أولى لِأَن الْمُعْتَبر هُوَ الْقَضِيَّة المعقولة وَإِنَّمَا اعْتبر الملفوظة لدلالتها على المعقولة تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول وَقس على لفظ الْقَضِيَّة لفظ القَوْل الْوَاقِع فِي تَعْرِيفهَا وَلذَا اشْتهر أَن القَوْل عِنْدهم هُوَ الْمركب سَوَاء كَانَ معقولا أَو ملفوظا كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فَإِن كَانَ ملفوظا فالقضية ملفوظة وَإِن كَانَ معقولا فالقضية معقولة.
ثمَّ اعْلَم أَن للمركب التَّام أَسمَاء شَتَّى بِحَسب الاعتبارات كَمَا ستعلم فِي الْمركب التَّام إِن شَاءَ الله تَعَالَى فانتظر أَنِّي مَعَ المنتظرين. الْقَضِيَّة الحملية: هِيَ الْقَضِيَّة الَّتِي حكم فِيهَا بِثُبُوت شَيْء لشَيْء أَو نَفْيه عَنهُ مثل كل إِنْسَان حَيَوَان وَلَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر وَإِن لم يكن الحكم فِيهَا كَذَلِك.
(الْقَضِيَّة) الحكم وَمَسْأَلَة يتنازع فِيهَا وَتعرض على القَاضِي أَو الْقُضَاة للبحث والفصل (مو) و (فِي الْمنطق) قَول مكون من مَوْضُوع ومحمول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب لذاته وَيصِح أَن يكون مَوْضُوعا للبرهنة (ج) قضايا

الفوق

(الفوق) الشوط والفن من الْكَلَام ومفرج الْفَم وجوفه وَمن السهْم حَيْثُ يثبت الْوتر مِنْهُ وهما فوقان (ج) فَوق وأفواق والحظ يُقَال فلَان أعلاهم فوقا حظا ونصيبا
الفوق: اعْلَم أَن للجهة إطلاقــين قد تطلق على مُنْتَهى الْإِشَارَة الحسية. وَقد تطلق على مُنْتَهى الحركات المستقيمة فبالنظر إِلَى الأول قيل إِن جِهَة الفوق هِيَ محدب الْفلك الْأَعْظَم لِأَنَّهُ مُنْتَهى الْإِشَارَة الحسية ومقطعها. وبالنظر إِلَى الثَّانِي قيل هِيَ مقعر فلك الْقَمَر لِأَنَّهُ مُنْتَهى الحركات المستقيمة. وَالْحق هُوَ الأول لِأَن الْإِشَارَة إِذا نفذت من فلك الْقَمَر فنسأل أَنَّهَا إِلَى أَي جِهَة تَوَجَّهت إِمَّا توجهها إِلَى التحت فَظَاهر الْبطلَان فَلَيْسَ إِلَّا إِلَى جِهَة الفوق فَعلم من هَا هُنَا أَن الفوق لَيْسَ مقعر فلك الْقَمَر بل أَمر آخر فَوْقه وَهُوَ سطح محدب الْفلك الْأَعْظَم.
فَإِن قيل مَا وَجه كَون الفوق السَّطْح المحدب من الْفلك الْأَعْظَم على تَقْدِير كَونهَا مُنْتَهى الْحَرَكَة المستقيمة. قُلْنَا إِن الْفلك لَا يقبل الْخرق كَمَا تقرر وَالْحَرَكَة تقوم بالجسم المتحرك فنفوذها فِي الْفلك يسْتَلْزم الْخرق فَلَا يُمكن نفوذها فِي فلك الْقَمَر وتجاوزها إِلَى السَّطْح المحدب للفلك الْأَعْظَم فَيكون السَّطْح المقعر لفلك الْقَمَر مُنْتَهى الْحَرَكَة المستقيمة. وَأما الْإِشَارَة فَهِيَ أَمر وهمي ونفود الْأَمر الوهمي فِي الْفلك لَا يُوجب خرقه فَلَا يكون ذَلِك المقعر مُنْتَهى الْإِشَارَة الحسية بل يكون السَّطْح المحدب للفلك الْأَعْظَم الَّذِي لَيْسَ وَرَاءه جسم مشارا إِلَيْهِ مُنْتَهَاهَا.
ثمَّ اعْلَم أَن جِهَة التحت غير منقسمة أصلا لِأَنَّهَا نقطة فِي بَاطِن الأَرْض مَرْكَز الْعَالم. وَأَنت تعلم أَن النقطة لَا تقبل الْقِسْمَة أصلا لَا طولا وَلَا عرضا وَلَا عمقا - وَأما جِهَة الفوق فلكونها سطحا محدبا أَو مقعرا فمنقسمة فِي الطول وَالْعرض دون العمق فهاتان الجهتان مشتركتان فِي عدم الانقسام فِي جَانب امتداد مَأْخَذ الْحَرَكَة أَي فِي العمق فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ نَافِع جدا.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.