Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أوج

وَجَذَ 

(وَجَذَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالذَّالُ. كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ، هِيَ الْوَجْذُ، نُقْرَةٌ فِي الصَّخْرَةِ، وَالْجَمْعُ وِجَاذٌ. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ يُقَالُ، أَوْجَــذَهُ عَلَى الْأَمْرِ، أَكْرَهَهُ.

صحو

الصحو: هو رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته وزوال إحساسه.

صحو


صَحَا(n. ac. صَحْوصُحُوّ [] )
a. Was clear, cloudless, serene, fine (day).
b. Came to himself, got sober; was undeceived; returned to
reason.
c. [Min] [ coll. ], Awoke from (
sleep ).
صحو
الصَّحْوُ: ذَهَابُ الغَيْمِ، سَمَاءٌ صَحْوٌ ومُصْحِيَةٌ، ويَوْم صَحْوٌ ومُصْحٍ. والصَّحْوُ: ذَهَابُ السُّكْرِ، وأصْحَيْتُه من سُكْرِه فَصَحا، وأصْلُ الصَّحْوِ الانْكِشافُ. والمِصْحَاةُ: شِبْهُ جامٍ يُشْرِبُ فيه.
(ص ح و) : (صَحَا) السَّكْرَانُ صَحْوًا وَصُحُوًّا زَالَ سُكْرُهُ (وَمِنْهُ) الصَّحْوُ ذَهَابُ الْغَيْمِ وَقَدْ أَصْحَتْ السَّمَاءُ إذَا ذَهَبَ غَيْمُهَا وَانْكَشَفَ فَهِيَ (مُصْحِيَةٌ) وَيَوْمٌ (مُصْحٍ) وَعَنْ الْكِسَائِيّ هِيَ صَحْوٌ وَلَا تَقُلْ مُصْحِيَةٌ.
ص ح و

صحا من سكره صحواً وصحوا، وأصحيته أنا من سكره. قال:


وجدتني ألوي بعيد القسر ... شغباً وأصحى نشوات الخمر

وأصحت السماء، والسماء مصحية، وأصحى يومنا، ويومنا، ويوم مصح، وهذا يوم صحو: ووجهه كمصحاة اللجين وهي نحو الجام يشرب به.

ومن المجاز: صحا العاشق من عشقه إذا سلا وتقول: فيه مسلاة من كرب الهم، ومصحاة من سكر الغنم.
(ص ح و)

الصَّحْوُ: ذهَاب الْغَيْم، يَوْم صَحْوٌ، وسماء صَحْوٌ، وَقد أصْحَيا. وأصْحَينا: أصحَتْ لنا السَّمَاء.

وصَحا السَّكْرَان صَحْواً وصُحُوّا، وأَصْحَى: ذهب سكره، وَكَذَلِكَ المشتاق، قَالَ:

صُحُوَّ ناسي الشوقِ مُسْتَبِلِّ

وَالْعرب تَقول: ذهب بَين الصَّحْوِ والسكرة، أَي بَين أَن يعقل وَلَا يعقل.

والمِصحاةُ: جَام يشرب فِيهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المصحاةُ إِنَاء، قَالَ: وَلَا أَدْرِي من أَي شَيْء هُوَ، وَقيل: هُوَ الطَّاسُ.
ص ح و : صَحَا مِنْ سُكْرِهِ يَصْحُو صَحْوًا وَصُحُوًّا عَلَى فَعْلٍ وَفُعُولٍ زَالَ سُكْرُهُ وَأَصْحَى بِالْأَلِفِ لُغَةٌ وَأَصْحَتْ السَّمَاءُ بِالْأَلِفِ أَيْضًا فَهِيَ مُصْحِيَةٌ انْكَشَفَ غَيْمُهَا وَأَنْكَرَ الْكِسَائِيُّ اسْتِعْمَالَ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الرُّبَاعِيِّ فَقَالَ لَا يُقَالُ أَصْحَتْ فَهِيَ مُصْحِيَةٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ أَصْحَتْ فَهِيَ صَحْوٌ وَأَصْحَى الْيَوْمُ فَهُوَ مُصْحٍ وَأَصْحَيْنَا صِرْنَا فِي صَحْوٍ قَالَ السِّجِسْتَانِيّ وَالْعَامَّةُ تَظُنُّ أَنَّ الصَّحْوَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَهَابَ الْغَيْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الصَّحْوُ تَفَرُّقُ الْغَيْمِ مَعَ ذَهَابِ الْبَرْدِ. 
صحو: صحا. والعامة تقول: صحيت الدنيا أي انقطع المطر. (محيط المحيط).
صحا: أفاق، عاد إلى رشده. واسم الفاعل صاح (بوشر) وصحا السكران: ذهب سكره (ابن الابار ص178).
صحا وصَحِى: انتبه من النوم، استيقظ (بوشر، محيط المحيط، همبرت ص43، ألف ليلة 3: 446).
اصْحا أو اصْحَى: يقال للرجل الذي يوقظ من النوم اصحى لنفسك أي استيقظ (ألف ليلة برسل 9: 305) وفي طبعة ماكن: أفق لنفسك. غير إنها تعني عادة: حذار!، احترس (بوشر). اصحىَ من انك لا تعمله: أي لا تنس أن تعمله (بوشر) وفي ألف ليلة (برسل 9: 259): اصحى تشقّ بغداد، وفي طبعة ماكن: إياك أن. وانظر (برسل 9: 204).
صَحَّى (بالتشديد): جعله صافيا، رائقاً (فوك).
صحَّى: أيقظ، نبه (بوشر، همبرت ص43).
صحَّى: جعله يفيق من الاغماء (ألف ليلة 2: 12) = (برسل 7: 137).
أصحى: جعله صافياً رائقاً (فوك).
أصحى: جعله يفيق من سكر (لين تاج العروس، عباد 1: 52).
أصحى من الغلط: أزال ضلاله، هداه (بوشر) استصحى. يَسْتِصْحى: انقطع المطر (ألكالا) استصحى: صلَىَّ صلاة الجماعة، أو سار في موكب سائلا انقطاع المطر (كرفاس ص62) وفي معجم ألكالا استصحاء بمعنى هذا الموكب.
صَحْو: جوْ لا غيم فيه، الدُنيا صحو: الجو صحو لا غيم فيه (بوشر).
صاحٍ: يقظ، نشيط، خفيف الحركة، سريع الخاطر. (بوشر).
اصحاية: سمندل، سَرفوت (بوشر).
مَصْحَى: ذكرت في مخطوطة ليدن لديوان امرئ القيس (رايت).
صحو
: (و {الصَّحْوُ: ذَهابُ الغَيْمِ) ، وَقد} صَحا يَوْمُنا {صَحْواً فَهُوَ صاحٍ.
وَفِي المِصْباح: قالَ السِّجِسْتاني: العامَّةُ تظنُّ أَنَّ الصَّحْوَ ذَهابُ الغَيْمِ لَا يكونُ إلاَّ كذلكَ، وإنَّما الصَّحْو تفرُّقُ الغَيْمِ مَعَ ذَهابِ البَرْدِ.
(و) أَيْضاً: ذَهابُ (السُّكْرِ) ؛ وَقد صَحا من سُكْرِهِ} صُحُوّاً، كعُلُوَ، فَهُوَ صاحٍ.
(و) أَيْضاً: (تَرْكُ الصِّبا والباطِلِ) ؛ وَهُوَ مجازٌ؛ وَمِنْه قولُ الشَّاعر:
{صَحا القَلْبُ عَن سَلْمى وأَقْصرَ باطِله
(يومٌ) صَحْيٌ، (وسَماءٌ صَحْيٌ) : أَي (} صَحِيَا) من الغَيْمِ، ( {وأَصْحَيَا) كَذلكَ؛ فَهِيَ} مُصْحِيَةٌ.
وقالَ الكِسائي: فَهِيَ {صَحْوٌ وَلَا تقُلْ مُصْحِيَةٌ.
(وصَحِيَ السَّكْرانُ، كرَضِيَ) ، صَحا (} وأَصْحَى) ؛ لُغَةٌ عَن ابنِ القطَّاع؛ أَفاقَ من غشْيَتِه؛ (وَكَذَا المُشْتاقُ.
( {والمِصْحاةِ (، كمسْحاةُ: إناءٌ م) مَعْروفٌ.
قَالَ الأصْمعيُّ: لَا أَدْري مِن أَيِّ شيءٍ هُوَ؛ وقالَ غيرُهُ: من فضَّةٍ.
وقيلَ: (طاسٌ أَوْجــامٌ) يُشْربُ بِهِ. يقالُ: وَجْهٌ} كمِصْحاةِ اللُّجَيْنِ؛ وَقَالَ الأَعْشى:
بكأْسٍ وإِبْريقٍ كأَنَّ شَرابَهُ
إِذا صُبَّ فِي {المِصْحاةِ خالَطَ بَقَّمَاوممَّا يُستدركُ عَلَيْهِ:
} المَصْحاةُ، كالمَسْلاةِ زِنَةً ومَعْنى، إلاَّ أنَّ! المَصْحاةَ من سُكْرِ الغَمِّ والمَسْلاةَ من الكَرَبِ والهَمِّ.
وَفِي المَثَل: يُريدُ أَنْ يأْخذَها بينَ {الصَّحْوةِ والسَّكْرةِ؛ يُضْرَبُ لطالِبِ الأَمْرِ يَتجاهَلُ وَهُوَ عالِمٌ.
} وأَصْحَيْته من سُكْرِهِ وَمن نوْمِه؛ وَقد يُسْتَعْمل {الإِصْحاءُ مَوْضِع التَّنْبِيه والتَّذكيرِ عَن الغَفْلَةِ.
} وأَصْحَيْنا: صرْنَا فِي {صَحْوٍ.
} وَصحت العاذِلَةُ: تَرَكَتِ العَذْلَ.
صحو
صحَا يَصحُو، اصْحُ، صَحْوًا، فهو صاحٍ وصَحْو
• صحا النَّائمُ: استيقظ وتنبَّه "يصحو قبل صلاة الفجر".
• صحا السَّكرانُ: أفاق "صحا القلبُ: تيقَّظ من غفلته".
• صَحَتِ السَّماءُ: تفرَّق سحابُها وانقشع، ذهب الغيمُ عنها "صحا اليومُ: وضحت شمسُه وقلَّ بَرْدُه". 

أصحى يُصحي، أصحِ، إِصْحَاءً، فهو مُصْحٍ، والمفعول مُصْحًى (للمتعدِّي)
• أصحتِ السَّماءُ: صَحَت؛ تكشّف غيمُها.
• أصحى النَّائمُ: صحَا؛ استيقظ.
• أصحى فلانٌ فلانًا: صحَّاه؛ أيقظَه من نومه. 

صحَّى يصحِّي، صَحِّ، تصحيةً، فهو مُصَحٍّ، والمفعول مُصَحًّى
• صحَّى الشَّخصَ: أعاد الوعيَ إليه، أخرجه من حالة السُّبات أو الإغماء "صحَّى المريضَ/ النَّائمَ" ° صحِّ النَّوم: انتبه للخطر يحيط بك. 

إصحاء [مفرد]: مصدر أصحى. 

تصحية [مفرد]: مصدر صحَّى. 

صَحْو [مفرد]:
1 - مصدر صحَا.
2 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من صحَا: ما ليس فيه غيم أو سحاب "يوم/ نهار/ سماء صَحْو".
3 - (سف) رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته بواردٍ قويّ. 

صَحْوة [مفرد]: ج صَحَوات وصَحْوات: اسم مرَّة من صحَا: وعي وشعور وإدراك "صَحْوة المريض/ النائم- الصّحْوة الإسلاميَّة". 

مِصْحاة [مفرد]: ما يجلب الصَّحْو واليقظة "مرّت على وطنه أحداث كانت مِصْحاة له من سُبات عميق". 

صحو

1 صَحَا, said of a day, [aor. ـْ inf. n. صَحْوٌ, It was, or became, cloudless: (TA:) and so ↓ أَصْحَى: (Msb, K, TA, but not in the CK:) [it is said that] صَحْوٌ signifies the departing of the clouds: (S, Mgh, K:) [but] Es-Sijistánee says that the vulgar think it to have this meaning, whereas it only means the dispersing of the clouds with the departing of the cold. (Msb, TA.) and السَّمَآءُ ↓ أَصْحَتِ The sky became cloudless. (Ks, S, Mgh, Msb, K, TA, but not in the CK.) b2: and صَحَا مِنْ سُكْرِهِ, (S, Msb,) aor. ـْ (Msb,) inf. n. صَحْوٌ (S, Msb, K) and صُحُوٌّ, (Msb,) [He recovered, or became free, from his intoxication; or] his intoxication ceased; as also ↓ اصحى: (Msb:) and صَحِىَ, (K, TA,) inf. n. صَحًا; (TA;) as also ↓ اصحى; (IKtt, K, TA;) is [likewise] said of one intoxicated; (K, TA;) both meaning he recovered from his state of insensibility; (TA;) and in like manner both are said of one affected with desire, or yearning or longing in the soul; (K, TA;) [and also of one sleeping, meaning he awoke: see an ex. of the former of these two verbs in this last sense in the latter part of the second paragraph of art. فرط.] b3: صَحْوٌ signifies also (tropical:) The relinquishing of youthful folly, and amorous dalliance, and of what is vain, or futile. (K, TA.) Hence the saying of a poet, صَحَا القَلْبُ عَنْ سَلْمَى وَأَقْصَرَ بَاطِلُهْ (tropical:) [The heart relinquished, or has relinquished, youthful folly and amorousness by becoming rid of Selmà, and its vain, or futile, occupation ceased, or has ceased]. (TA.) b4: And one says, صَحَتِ العَاذِلَةُ (assumed tropical:) The censuring female relinquished censuring. (TA.) 4 اصحى: see 1, in four places. b2: أَصْحَيْنَا We became in a case of cloudlessness [of the sky or day]; (Msb, TA;) the sky became cloudless to us. (S.) A2: أَصْحَيْتُهُ مِنْ سُكْرِهِ [I recovered him, or roused him, from his intoxication], and مِنْ نَوْمِهِ [from his sleep]. (TA.) b2: And sometimes إِصْحَآءٌ is used as meaning The act of rousing, and recalling to mindfulness, from a state of heedlessness, or inadvertence. (TA.) صَحْوٌ [an inf. n. used as an epithet, and therefore applicable to a fem. as well as a masc. noun, and to a dual and a pl. as well as a sing.], applied to a day, Cloudless; (K, TA;) as also ↓ صَاحٍ; (S, TA;) and ↓ مُصْحٍ: (Mgh, Msb:) and (K) in the same sense applied to a sky; (Ks, S, Mgh, Msb, K;) as also ↓ مُصْحِيَةٌ, or, accord. to Ks, this is not allowable, but only صَحْوٌ, (S, Mgh, Msb,) though one says of the sky أَصْحَت. (Msb.) صَحْوَةٌ A state [of freedom from intoxication, or] of sensibility, or mental perception. (TA voce سَكْرَةٌ.) يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بَيْنَ الصَّحْوَةِ وَالسَّكْرَةِ [He desires to take it being in a state between that of sensibility and that of insensibility, or mental perception and inability thereof,] is a prov., applied to him who seeks a thing feigning ignorance while possessing knowledge. (TA.) [See also another ex. voce سَكْرَةٌ.]

صَاحٍ: see صَحْوٌ. b2: It is also said of one intoxicated [as meaning Recovering, or becoming free, from his intoxication; or ceasing to be intoxicated: see 1]. (S, TA.) مُصْحٍ; and its fem. مُصْحِيَةٌ: see صَحْوٌ.

مَصْحَاةٌ is like مَسْلَاةٌ in meaning as well as in measure, [signifying A cause of freedom,] except that the former is from the intoxication of grief and the latter is from distress of mind and anxiety. (TA.) مِصْحَاةٌ A sort of vessel, (S, K,) well known, (K,) used for drinking; (TA;) a طَاس [q. v.], or a جَام [q. v.]: (K:) As says, “I know not of what it is: ” (S, TA:) it is said to be of silver. (TA.) El-Aashà speaks of wine being poured into it. (S, TA.) And one says وَجْهٌ كَمِصْحَاةِ اللُّجَيْنِ [A face like the مصحاة of silver.] (TA.)

وَجَحَ 

(وَجَحَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْحَاءُ. كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَتْرِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ. وَكُلُّ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ وِجَاحٌ وَوَجَاحٌ. وَيُقَالُ الْوِجَاحُ: الشَّخْصُ، لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَسْتُرُ مَا وَرَاءَهُ. وَمِنْهُ: حَفَرْتُ حَتَّى أَوْجَــحْتُ، أَيْ بَلَغْتُ الصَّفَا. وَالصَّفَا يَسْتُرُ مَا تَحْتَهُ وَيَمْنَعُهُ.

نَذَرَ 

(نَذَرَ) النُّونُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَخْوِيفٍ أَوْ تَخَوُّفٍ. مِنْهُ الْإِنْذَارُ: الْإِبْلَاغُ ; وَلَا يَكَادُ يَكُونُ إِلَّا فِي التَّخْوِيفِ. وَتَنَاذَرُوا: خَوَّفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَمِنْهُ النَّذْرُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَخَافُ إِذَا أَخْلَفَ. قَالَ ثَعْلَبٌ: نَذِرْتُ بِهِمْ فَاسْتَعْدَدْتُ لَهُمْ وَحَذِرْتُ مِنْهُمْ. وَالنَّذِيرُ: الْمُنْذِرُ، وَالْجَمْعُ النُّذُرُ. وَالنَّذْرُ أَيْضًا: مَا يَجِبُ، كَأَنَّهُ نُذِرَ، أَيْ أُوجِــبُ. وَنَذْرُ الْمُوضِحَةِ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ.

فَرَضَ 

(فَرَضَ) الْفَاءُ وَالرَّاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَأْثِيرٍ فِي شَيْءٍ مِنْ حَزٍّ أَوْ غَيْرِهِ. فَالْفَرْضُ: الْحَزُّ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ: فَرَضْتُ الْخَشَبَةَ. وَالْحَزُّ فِي سِيَةِ الْقَوْسِ فَرْضٌ، حَيْثُ يَقَعُ الْوَتَرُ. وَالْفَرْضُ: الثُّقْبُ فِي الزَّنْدِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْدَحُ مِنْهُ. وَالْمِفْرَضُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُحَزُّ بِهَا.

وَمِنَ الْبَابِ اشْتِقَاقُ الْفَرْضِ الَّذِي أَوْجَــبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ مَعَالِمَ وَحُدُودًا.

وَمِنَ الْبَابِ الْفُرْضَةُ، وَهِيَ الْمَشْرَعَةُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْحَزِّ فِي الشَّيْءِ، لِأَنَّهَا كَالْحَزِّ فِي طَرَفِ النَّهْرِ وَغَيْرِهِ. وَالْفَرْضُ: التُّرْسُ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْرَضُ مِنْ جَوَانِبِهِ. وَقَالَ:

أَرِقْتُ لَهُ مِثْلَ لَمْعِ الْبَشِيرِ ... يَقَلِّبُ بِالْكَفِّ فَرْضًا خَفِيفًا

وَمِنَ الْبَابِ مَا يَفْرِضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ نَفَقَةٍ لِزَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مَعْلُومٌ يَبِينُ كَالْأَثَرِ فِي الشَّيْءِ. وَيَقُولُونَ: الْفَرْضُ مَا جُدْتَ بِهِ عَلَى غَيْرِ ثَوَابٍ، وَالْقَرْضُ: مَا كَانَ لِلْمُكَافَأَةِ. قَالَ:

وَمَا نَالَهَا حَتَّى تَجَلَّتْ وَأَسْفَرَتْ ... أَخُو ثِقَةٍ مِنِّي بِقَرْضٍ وَلَا فَرْضِ

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْفَارِضُ: الْمُسِنَّةُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: 68] . وَالْفَرْضُ: جِنْسٌ مِنَ التَّمْرِ. قَالَ:

إِذَا أَكَلْتُ سَمَكًا وَفَرْضَا ... ذَهَبْتُ طُولًا وَذَهَبْتُ عَرْضًا

وَالْفِرْيَاضُ، الْوَاسِعُ. 

عَلَوَ 

(عَلَوَ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَاءً كَانَ أَوْ وَاوًا أَوْ أَلِفًا، أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى السُّمُوِّ وَالِارْتِفَاعِ، لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ. وَمِنْ ذَلِكَ الْعَلَاءُ وَالْعُلُوُّ. وَيَقُولُونَ: تَعَالَى النَّهَارُ، أَيِ ارْتَفَعَ. وَيُدْعَى لِلْعَاثِرِ: لَعًا لَكَ عَالِيًا! أَيِ ارْتَفِعْ فِي عَلَاءٍ وَثَبَاتٍ. وَعَالَيْتُ الرَّجُلَ فَوْقَ الْبَعِيرِ: عَالَيْتُهُ. قَالَ:

وَإِلَّا تَجَلَّلْهَا يُعَالُوكَ فَوْقَهَا ... وَكَيْفَ تَوَقَّى ظَهْرَ مَا أَنْتَ رَاكِبُهْ قَالَ الْخَلِيلُ: أَصْلُ هَذَا الْبِنَاءِ الْعُلُوُّ. فَأَمَّا الْعَلَاءُ فَالرِّفْعَةُ. وَأَمَّا الْعُلُوُّ فَالْعَظَمَةُ وَالتَّجَبُّرُ. يَقُولُونَ: عَلَا الْمَلِكُ فِي الْأَرْضِ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 4] ، وَيَقُولُونَ: رَجُلٌ عَالِي الْكَعْبِ، أَيْ شَرِيفٌ. قَالَ:

لَمَّا عَلَا كَعْبُكَ لِي عَلِيتُ

وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَعْلُو: عَلَا يَعْلُو. فَإِنْ كَانَ فِي الرِّفْعَةِ وَالشَّرَفِ قِيلَ عَلِيَ يَعْلَى. وَمَنْ قَهَرَ أَمْرًا فَقَدِ اعْتَلَاهُ وَاسْتَعْلَى عَلَيْهِ وَبِهِ، كَقَوْلِكَ اسْتَوْلَى. وَالْفَرَسُ إِذَا جَرَى فِي الرِّهَانِ فَبَلَغَ الْغَايَةَ قِيلَ: اسْتَعْلَى عَلَى الْغَايَةِ وَاسْتَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنَّهُ لَمُعْتَلٍ بِحَمْلِهِ، أَيْ مُضْطَلِعٌ بِهِ. وَقَدِ اعْتَلَى بِهِ. وَأَنْشَدَ:

إِنِّي إِذَا مَا لَمْ تَصِلْنِي خُلَّتِي ... وَتَبَاعَدَتْ مِنِّي اعْتَلَيْتُ بِعَادَهَا

يُرِيدُ عَلَوْتُ بِعَادَهَا. وَقَدْ عَلَوْتُ حَاجَتِي أَعْلُوهَا عُلُوًّا، إِذَا كُنْتُ ظَاهِرًا عَلَيْهَا. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ فِي قَوْلِ أَوْسٍ:

جَلَّ الرُّزْءُ وَالْعَالِي

أَيِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي يَقْهَرُ الصَّبْرَ وَيَغْلِبُهُ. وَقَالَ أَيْضًا فِي قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ: إِلَى اللَّهِ أَشْكُو الَّذِي قَدْ أَرَى ... مِنَ النَّائِبَاتِ بِعَافٍ وِعَالِ

أَيْ بِعَفْوِي وَجَهْدِي، مِنْ قَوْلِكَ عَلَاهُ كَذَا، أَيْ غَلَبَهُ. وَالْعَافِي: السَّهْلُ. وَالْعَالِي: الشَّدِيدُ.

قَالَ الْخَلِيلُ: الْمَعْلَاةُ: كَسْبُ الشَّرَفِ، وَالْجَمْعُ الْمَعَالِي. وَفُلَانٌ مِنْ عِلْيَةِ النَّاسِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ. وَهَؤُلَاءِ عِلْيَةُ قَوْمِهِمْ، مَكْسُورَةُ الْعَيْنِ عَلَى فِعْلَةٍ مُخَفَّفَةٍ. وَالسِّفْلُ وَالْعِلُوُّ: أَسْفَلُ الشَّيْءِ وَأَعْلَاهُ. وَيَقُولُونَ: عَالِ عَنْ ثَوْبِي، وَاعْلُ عَنْ ثَوْبِي، إِذَا أَرَدْتَ قُمْ عَنْ ثَوْبِي وَارْتَفِعْ عَنْ ثَوْبِي; وَعَالِ عَنْهَا، أَيْ تَنَحَّ; وَاعْلُ عَنِ الْوِسَادَةِ.

قَالَ أَبُو مَهْدِيٍّ: أَعْلِ عَلَيَّ وِعَالِ عَلَيَّ، أَيِ احْمِلْ عَلَيَّ.

وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ تَعْلُوهُ الْعَيْنُ وَتَعْلُو عَنْهُ الْعَيْنُ، أَيْ لَا تَقْبَلُهُ تَنْبُو عَنْهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ. وَيُقَالُ عَلَا الْفَرَسَ يَعْلُوهُ عُلُوًّا، إِذَا رَكِبَهُ; وَأَعْلَى عَنْهُ، إِذَا نَزَلَ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ بَعِيدًا مِنَ الْقِيَاسِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى صَحِيحٌ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَزَلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ بَايَنَهُ وَعَلَا عَنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ، لَكِنَّ الْعَرَبَ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ.

قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَلْيَاءُ: رَأَسُ كُلِّ جَبَلٍ أَوْ شَرَفٍ. قَالَ زُهَيْرٌ:

تَبَصَّرْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ ... تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ وَيُسَمَّى أَعْلَى الْقَنَاةِ: الْعَالِيَةُ، وَأَسْفَلُهَا: السَّافِلَةُ، وَالْجَمْعُ الْعَوَالِي. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَالِيَةُ مِنْ مَحَالِّ الْعَرَبِ مِنَ الْحِجَازِ وَمَا يَلِيهَا، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا عَلَى الْأَصْلِ عَالِيٌّ، وَالْمُسْتَعْمَلُ عُلْوِيٌّ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَالَى الرَّجُلُ، إِذَا أَتَى الْعَالِيَةَ. وَزَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْعَالِيَةِ عُلُوٌّ: اسْمٌ لَهَا، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: قَدِمَ فُلَانٌ مِنْ عُلُوٍّ. وَزَعَمَ أَنَّ النَّسَبَ إِلَيْهِ عُلْوِيٌّ.

قَالُوا: وَالْعُلِّيَّةُ: غُرْفَةٌ، عَلَى بِنَاءِ حُرِّيَّةٍ. وَهِيَ فِي التَّصْرِيفِ فُعْلِيَّةٌ، وَيُقَالُ فُعْلُولَةٌ.

قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: 18] قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ ارْتِفَاعٌ بَعْدَ ارْتِفَاعٍ إِلَى مَا لَا حَدَّ لَهُ. وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا جَمَعَتْ جَمْعًا لَا يَذْهَبُونَ فِيهِ إِلَى أَنَّ لَهُ بِنَاءً مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ، قَالُوهُ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ نَحْوَ عِلِّيِّينَ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ، لَا يُقْصَدُ بِهِ وَاحِدٌ وَلَا اثْنَانِ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: " أَطْعِمْنَا مَرَقَةَ مَرَقِينَ ". وَقَالَ:

قُلَيِّصَاتٍ وَأَبَيْكَرِينَا

فَجَمَعَ بِالنُّونِ لَمَّا أَرَادَ الْعَدَدَ الَّذِي لَا يَحُدُّهُ. وَقَالَ آخَرُ فِي هَذَا الْوَزْنِ: فَأَصْبَحَتِ الْمَذَاهِبُ قَدْ أَذَاعَتْ ... بِهَا الْإِعْصَارُ بَعْدَ الْوَابِلِينَا

أَرَادَ الْمَطَرَ بَعْدَ الْمَطَرِ، شَيْئًا غَيْرَ مَحْدُودٍ. وَقَالَ أَيْضًا:

يُقَالُ عُلْيَا مُضَرَ وَسُفْلَاهَا، ... وَإِذَا قُلْتَ سُفْلٌ قُلْتَ عُلْيٌ

وَالسَّمَاوَاتُ الْعُلَى الْوَاحِدَةُ عُلْيَا.

فَأَمَّا الَّذِي يُحْكَى عَنْ أَبِي زَيْدٍ: جِئْتُ مِنْ عَلَيْكَ، أَيْ مِنْ عِنْدِكَ، وَاحْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ:

غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا ... تَصِلُّ وَعَنْ قَيْضٍ بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ

وَالْمُسْتَعْلِي مِنَ الْحَالِبَيْنِ: الَّذِي فِي يَدِهِ الْإِنَاءُ وَيَحْلُبُ بِالْأُخْرَى. وَيُقَالُ الْمُسْتَعْلِي: الَّذِي يَحْلُبُ النَّاقَةَ مِنْ شِقِّهَا الْأَيْسَرِ. وَالْبَائِنُ: الَّذِي يَحْلِبُهَا مِنْ شِقِّهَا الْأَيْمَنِ. وَأَنْشَدَ:

يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِيًا بَائِنٌ ... مِنَ الْحَالِبَيْنِ بِأَنْ لَا غِرَارَا

وَيُقَالُ: جِئْتُكَ مِنْ أَعْلَى، وَمِنْ عَلَا، وَمِنْ عَالٍ، وَمِنْ عَلِ. قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

أَقَبُّ مِنْ تَحْتُ عَرِيضٌ مِنْ عَلِ

وَقَدْ رَفَعَهُ بَعْضُ الْعَرَبِ عَلَى الْغَايَةِ، قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ:

شَهِدْتُ فَلَمْ أَكْذِبْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا ... رَسُولُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مَنْ عَلُ وَقَالَ آخَرُ فِي وَصْفِ فَرَسٍ:

ظَمْأَى النَّسَا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عَالْ ... فَهْيَ تُفَدَّى بِالْأَبْيَنَ وَالْخَالْ

فَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى:

إِنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لَا أُسَرُّ لَهَا ... مِنْ عَلْوَ لَا عَجَبٌ فِيهَا وَلَا سَخَرُ

فَإِنَّهُ يَنْشُدُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُــهٍ: مَضْمُومًا، وَمَفْتُوحًا، وَمَكْسُورًا.

وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ:

فَهِيَ تَنُوشُ الْحَوْضَ نَوْشًا مِنْ عَلَا ... نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ أَجْوَازَ الْفَلَا

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَتَيْتُهُ مِنْ مُعَالٍ. وَأَنْشَدَ:

فَرَّجَ عَنْهُ حَلَقَ الْأَغْلَالِ ... جَذْبُ الْبُرَى وَجِرْيَةُ الْجِبَالِ

وَنَغَضَانُ الرَّحْلِ مِنْ مُعَالِ

وَيُقَالُ: عُولِيَتِ الْفَرَسُ، إِذَا كَانَ خَلْقُهَا مُعَالًى. وَيُقَالُ نَاقَةٌ عِلْيَانٌ، أَيْ طَوِيلَةٌ جَسِيمَةٌ. وَرَجُلٌ عِلْيَانٌ: طَوِيلٌ. وَأَنْشَدَ:

أَنْشَدَ مِنْ خَوَّارَةِ عِلْيَانِ ... أَلْقَتْ طَلًّا بِمُلْتَقَى الْحَوْمَانِ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَمَلٌ عِلْيَانٌ، وَنَاقَةٌ عِلْيَانٌ. وَلَمْ نَجِدِ الْمَكْسُورَ أَوَّلُهُ جَاءَ نَعْتًا فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ غَيْرَهُمَا. وَأَنْشَدَ:

حَمْرَاءُ مِنْ مُعَرِّضَاتِ الْغِرْبَانْ ... تَقْدُمُهَا كُلُّ عَلَاةٍ عِلْيَانْ

وَيُقَالُ لِمُعَالِي الصَّوْتِ عِلْيَانٌ أَيْضًا. فَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ عِلْيَانٌ، إِنَّمَا يَقُولُونَ جَمَلٌ نَبِيلٌ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: تَعَالَ، فَهُوَ مِنَ الْعُلُوِّ، كَأَنَّهُ قَالَ اصْعَدْ إِلَيَّ; ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قَالَهُ الَّذِي بِالْحَضِيضِ لِمَنْ هُوَ فِي عُلُوِّهِ. وَيُقَالُ تَعَالَيَا، وَتَعَالَوْا، لَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا إِلَّا فِي الْأَمْرِ خَاصَّةً، وَأُمِيتَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ. وَيُقَالُ لِرَأْسِ الرَّجُلِ وَعُنُقِهِ عِلَاوَةٌ. وَالْعِلَاوَةُ: مَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ بَعْدَ تَمَامِ الْوِقْرِ. وَقَوْلُهُ:

أَلَا أَيُّهَا الْغَادِي تَحَمَّلْ رِسَالَةً ... خَفِيفًا مُعَلَّاهَا جَزِيلًا ثَوَابُهَا

مُعَلَّاهَا: مَحْمِلُهَا. وَيُقَالُ: قَعَدَ فِي عُلَاوَةِ الرِّيحِ وَسُفَالَتِهَا. وَأَنْشَدَ:

تُهْدِي لَنَا كُلَّمَا كَانَتْ عُلَاوَتَنَا ... رِيحَ الْخُزَامَى فِيهَا النَّدَى وَالْخَضْلُ

قَالَ: الْخَلِيلُ الْمُعَلَّى: السَّابِعُ مِنَ الْقِدَاحِ، وَهُوَ أَفْضَلُهَا، وَإِذَا فَازَ حَازَ سَبْعَةَ أَنْصِبَاءَ مِنَ الْجَزُورِ، وَفِيهِ سَبْعُ فُرَضٍ: عَلَامَاتٌ. وَالْمُعَلِّي: الَّذِي يَمُدُّ الدَّلْوَ إِذَا مَتَحَ. قَالَ: هَوِيُّ الدَّلْوِ نَزَّاهَا الْمُعَلُّ

وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ نِفَاسِهَا: قَدْ تَعَلَّتْ، وَهِيَ تَتَعَلَّى. وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا لِلنُّفَسَاءِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهَا. قَالَ جَرِيرٌ:

فَلَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْفَرَزْدَقِ حَامِلٌ ... وَلَا ذَاتَ حِمْلٍ مِنْ نِفَاسٍ تَعَلَّتِ

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: عَلِّ رِشَاءَكَ، أَيْ أَلْقِهِ فَوْقَ الْأَرْشِيَةِ كُلِّهَا. وَيُقَالُ إِنَّ الْمُعَلَّى: الَّذِي إِذَا زَاغَ الرِّشَاءُ عَنِ الْبَكَرَةِ عَلَاهُ فَأَعَادَهُ إِلَيْهَا. قَالَ الْعُجَيْرُ:

وَلِي مَائِحٌ لَمْ يُورِدِ الْمَاءَ قَبْلَهُ ... مُعَلٍّ وَأَشْطَانُ الطَّوِيِّ كَثِيرُ

وَيَقُولُونَ فِي رَجُلٍ خَاصَمَهُ [آخَرُ] : إِنَّ لَهُ مَنْ يُعَلِّيهِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا عُلْوَانُ الْكِتَابِ فَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ غَلَطٌ، إِنَّمَا هُوَ عُنْوَانٌ. وَلَيْسَ ذَلِكَ غَلَطًا، وَاللُّغَتَانِ صَحِيحَتَانِ وَإِنْ كَانَتَا مُوَلَّدَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ أَصْلِ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَأَمَّا عُنْوَانٌ فَمِنْ عَنَّ. وَأَمَّا عُلْوَانٌ فَمِنَ الْعُلُوِّ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْكِتَابِ وَأَعْلَاهُ.

وَمِنَ الْبَابِ الْعَلَاةُ، وَهِيَ السَّنْدَانُ، وَيُشَبِّهُ بِهِ النَّاقَةَ الصُّلْبَةَ. قَالَ: وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ بِمَهْلَكَةٍ ... جَاوَزْتُهُ بِعَلَاةِ الْخَلْقِ عِلْيَانِ

قَالَ الْخَلِيلُ: عَلِيٌّ عَلَى فَعِيلٍ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ عَلَوِيٌّ. وَبَنُو عَلِيٍّ: بَطْنٌ مِنْ كِنَانَةَ، يُقَالُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ سُودٍ الْغَسَّانِيُّ، تَزَوَّجَ بِأُمِّهِمْ بَعْدَ أَبِيهِمْ وَرَبَّاهُمْ فَنُسِبُوا إِلَيْهِ. قَالَ:

وَقَالَتْ رَبَايَانَا أَلَا يَالَ عَامِرٍ ... عَلَى الْمَاءِ رَأْسٌ مِنْ عَلِيٍّ مُلَفَّفُ

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يُقَالُ مَا أَنْتَ إِلَّا عَلَى أَعْلَى وَأَرْوَحَ، أَيْ فِي سَعَةٍ وَارْتِفَاعٍ. وَيُقَالُ " أَعْلَى ": السَّمَاوَاتُ. وَأَمَّا " أَرَوْحَ " فَمَهَبُّ الرِّيَاحِ مِنْ آفَاقِ الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:

غَدَا الْجُودُ يَبْغِي مَنْ يُؤَدِّي حُقُوقَهُ ... فَرَاحَ وَأَسْرَى بَيْنَ أَعْلَى وَأَرْوَحَا

أَيْ رَاحَ وَأَسْرَى بَيْنَ أَعْلَى مَالِهِ وَأَدْوَنِهِ، فَاحْتَكَمَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

عَفَو 

(عَفَو) الْعَيْنُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى تَرْكِ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ عَلَى طَلَبِهِ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ لَا تَتَفَاوَتُ فِي الْمَعْنَى.

فَالْأَوَّلُ: الْعَفْوُ: عَفْوُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ خَلْقِهِ، وَذَلِكَ تَرْكُهُ إِيَّاهُمْ فَلَا يُعَاقِبُهُمْ، فَضْلًا مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً فَتَرَكْتَهُ فَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ. يُقَالُ: عَفَا عَنْهُ يَعْفُو عَفْوًا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ صَحِيحٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَعْفُوَ الْإِنْسَانُ عَنِ الشَّيْءِ بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «عَفَوْتُ عَنْكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ» فَلَيْسَ الْعَفْوُ هَاهُنَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ تَرَكْتُ أَنْ أُوجِــبَ عَلَيْكُمُ الصَّدَقَةَ فِي الْخَيْلِ.

وَمِنَ الْبَابِ الْعَافِيَةُ: دِفَاعُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنِ الْعَبْدِ، تَقُولُ عَافَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ مَكْرُوهَةٍ، وَهُوَ يُعَافِيهِ مُعَافَاةً. وَأَعْفَاهُ اللَّهُ بِمَعْنَى عَافَاهُ. وَالِاسْتِعْفَاءُ: أَنْ تَطْلُبَ إِلَى مَنْ يُكَلِّفُكَ أَمْرًا أَنْ يُعْفِيَكَ مِنْهُ. قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: عَفَا ظَهْرُ الْبَعِيرِ، إِذَا تُرِكَ لَا يُرْكَبُ وَأَعْفَيْتُهُ أَنَا.

وَمِنَ الْبَابِ: الْعِفَاوَةُ: شَيْءٌ يُرْفَعُ مِنَ الطَّعَامِ يُتْحَفُ بِهِ الْإِنْسَانُ. وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْعَفْوِ وَهُوَ التَّرْكُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُرِكَ فَلَمْ يُؤْكَلْ. فَأَمَّا قَوْلُ الْكُمَيْتِ:

وَظَلَّ غُلَامُ الْحَيِّ طَيَّانَ سَاغِبًا ... وَكَاعِبُهُمْ ذَاتُ الْعِفَاوَةِ أَسْغَبُ

فَقَالَ قَوْمٌ: كَانَتْ تُعْطِي عَفْوَ الْمَالِ فَصَارَتْ تَسْغُبُ لِشِدَّةِ الزَّمَانِ. وَهَذَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْعِفَاوَةِ. يَقُولُ: كَمَا يُرْفَعُ لَهَا الطَّعَامُ تُتْحَفُ بِهِ، فَاشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْعَافِي مِنَ الْمَرَقِ فَالَّذِي يَرُدُّهُ الْمُسْتَعِيرُ لِلْقِدْرِ. وَسُمِّيَ عَافِيًا لِأَنَّهُ يُتْرَكُ فَلَمْ يُؤْكَلْ. قَالَ:

إِذَا رَدَّ عَافِي الْقِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُهَا وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: الْعَفْوُ: الْمَكَانُ الَّذِي لَمْ يُوطَأْ. قَالَ:

قَبِيلَةٌ كَشِرَاكِ النَّعْلِ دَارِجَةٌ ... إِنْ يَهْبِطُوا الْعَفْوَ لَا يُوجَدْ لَهُمْ أَثَرُ

أَيْ إِنَّهُمْ مِنْ قِلَّتِهِمْ لَا يُؤَثِّرُونَ فِي الْأَرْضِ.

وَتَقُولُ: هَذِهِ أَرْضٌ عَفْوٌ: لَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ فَلَمْ تُرْعَ. وَطَعَامٌ عَفْوٌ: لَمْ يَمَسَّهُ قَبْلَكَ أَحَدٌ، وَهُوَ الْأُنُفُ.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ عَفَا: دَرَسَ، فَهُوَ مِنْ هَذَا; وَذَلِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ يُتْرَكُ فَلَا يُتَعَهَّدُ وَلَا يُنْزَلُ، فَيَخْفَى عَلَى مُرُورِ الْأَيَّامِ. قَالَ لَبِيدٌ:

عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا ... بِمِنًى تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا

أَلَا تَرَاهُ قَالَ " تَأَبَّدَ " فَأَعْلَمَ أَنَّهُ أَتَى عَلَيْهِ أَبَدٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأَبَّدَ، أَيْ أَلِفَتْهُ الْأَوَابِدُ، وَهِيَ الْوَحْشُ.

فَهَذَا مَعْنَى الْعَفْوِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ كُلُّ مَا أَشْبَهَهُ.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ: عَفَا، دَرَسَ، وَعَفَا: كَثُرَ - وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ - لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِذَا تُرِكَ وَلَمْ يُتَعَهَّدْ حَتَّى خَفِيَ عَلَى مَرِّ الدَّهْرِ فَقَدْ عَفَا، وَإِذَا تُرِكَ فَلَمْ يُقْطَعْ وَلَمْ يُجَزْ فَقَدْ عَفَا. وَالْأَصْلُ فِيهِ كُلِّهِ التَّرْكُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ: عَلَيْهِ الْعَفَاءُ، فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ التُّرَابُ; يُقَالُ ذَلِكَ فِي الشَّتِيمَةِ. فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ التُّرَابُ الْمَتْرُوكُ الَّذِي لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وَلَمْ يُوطَأْ; لِأَنَّهُ إِذَا وُطِئَ وَلَمْ يُتْرَكْ مِنَ الْمَشْيِ عَلَيْهِ تَكَدَّدَ فَلَمْ يَكُ تُرَابًا. وَإِنْ كَانَ الْعَفَاءُ الدُّرُوسَ فَهُوَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرْنَاهُ. قَالَ زُهَيْرٌ:

تَحَمَّلَ أَهْلُهَا عَنْهَا فَبَانُوا ... عَلَى آثَارِ مَنْ ذَهَبَ الْعَفَاءُ

يُقَالُ عَفَتِ الدَّارُ فَهِيَ تَعْفُو عَفَاءً، وَالرِّيحُ تَعْفُو الدَّارَ عَفَاءً وَعَفْوًا. وَتَعَفَّتِ الدَّارُ تَعَفِّيًا.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعَفْوُ فِي الدَّارِ: أَنْ يَكْثُرَ التُّرَابُ عَلَيْهَا حَتَّى يُغَطِّيَهَا. وَالِاسْمُ الْعَفَاءُ، وَالْعَفْوُ.

وَمِنَ الْبَابِ الْعَفْوُ وَالْعُفُوُّ، وَالْجَمْعُ الْعِفَاءُ، وَهِيَ الْحُمُرُ الْفِتَاءُ، وَالْأُنْثَى عَفْوَةٌ وَالْجَمْعُ عِفْوَةٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُتْرَكُ لَا تُرْكَبُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا. فَأَمَّا الْعِفَوَةُ فِي هَذَا الْجَمْعِ فَلَا يُعْلَمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاوٌ مُتَحَرِّكَةٌ بَعْدَ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ فِي آخِرِ الْبِنَاءِ غَيْرَ هَذِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يَقُولُوا عِفَاةٌ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعِفْوُ وَالْعُفْوُ، وَالْعِفْيُ وَالْعُفْيُ: وَلَدُ الْحِمَارِ، وَالْأُنْثَى عِفْوَةٌ، وَالْجَمْعُ عِفَاءٌ. قَالَ:

بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ سَكِنَاتِهِ ... وَطَعْنٍ كَتَشْهَاقِ الْعَفَا هَمَّ بِالنَّهْقِ

وَمِنَ الْبَابِ الْعِفَاءُ: مَا كَثُرَ مِنَ الْوَبَرِ وَالرِّيشِ، يُقَالُ نَاقَةٌ ذَاتُ عِفَاءٍ، أَيْ كَثِيرَةُ الْوَبَرِ طَوِيلَتُهُ قَدْ كَادَ يَنْسِلُ. وَسُمِّيَ عِفَاءً لِأَنَّهُ تُرِكَ مِنَ الْمَرْطِ وَالْجَزِّ. وَعِفَاءُ النَّعَامَةِ: الرِّيشُ الَّذِي عَلَا الزِّفَّ الصِّغَارَ. وَكَذَلِكَ عِفَاءُ الطَّيْرِ، الْوَاحِدَةُ عِفَاءَةُ مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلرِّيشَةِ عِفَاءَةُ حَتَّى يَكُونَ فِيهَا كَثَافَةٌ. وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:

فَيَا صُبْحُ كَمِّشْ غُبَّرَ اللَّيْلِ مُصْعِدًا

بِبَمِّ وَنَبِّهْ ذَا الْعِفَاءِ الْمُوَشَّحِ إِذَا صَاحَ لَمْ يُخْذَلْ وَجَاوَبَ صَوْتَهُ حِمَاشُ الشَّوَى يَصْدَحْنَ مِنْ كُلِّ مَصْدَحِ

فَذُو الْعِفَاءِ: الرِّيشُ. يَصِفُ دِيكًا. يَقُولُ: لَمْ يُخْذَلْ، أَيْ إِنَّ الدُّيُوكَ تُجِيبُهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. وَقَالَ فِي وَبَرِ النَّاقَةِ:

أُجُدٌ مُوَثَّقَةٌ كَأَنَّ عِفَاءَهَا ... سِقْطَانِ مِنْ كَنَفَيْ ظَلِيمٍ نَافِرِ

وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعِفَاءُ: السَّحَابُ كَالْخَمْلِ فِي وَجْهِهِ. وَهَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ تَشْبِيهٌ، إِنَّمَا شُبِّهَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَبَرِ وَالرِّيشِ الْكَثِيفَيْنِ. وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ كُلُّهُمْ: يُقَالُ مِنَ الشَّعْرِ عَفَوْتُهُ وَعَفَيْتُهُ، مِثْلُ قَلَوْتُهُ وَقَلَيْتُهُ، وَعَفَا فَهُوَ عَافٍ، وَذَلِكَ إِذَا تَرَكْتَهُ حَتَّى يَكْثُرَ وَيَطُولَ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] ، أَيْ نَمَوْا وَكَثُرُوا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، أَنَّ أَصْلَ الْبَابِ فِي هَذَا الْوَجْهِ التَّرْكُ. قَالَ الْخَلِيلُ: عَفَا الْمَاءُ، أَيْ لَمْ يَطَأْهُ شَيْءٌ يُكَدِّرُهُ. وَهُوَ عَفْوَةُ الْمَاءِ. وَعَفَا الْمَرْعَى مِمَّنْ يَحُلُّ بِهِ عَفَاءً طَوِيلًا.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَفْوَةُ الشَّرَابِ: خَيَرُهُ وَأَوْفَرُهُ. وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَأَنَّهُ تُرِكَ فَلَمْ يُتَنَقَّصْ وَلَمْ يُتَخَوَّنْ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الَّذِي مَعْنَاهُ الطَّلَبُ قَوْلُ الْخَلِيلِ: إِنَّ الْعُفَاةَ طُلَّابُ الْمَعْرُوفِ، وَهُمُ الْمُعْتَفُونَ أَيْضًا. يُقَالُ: اعْتَفَيْتُ فُلَانًا، إِذَا طَلَبْتُ مَعْرُوفَهُ وَفَضْلَهُ. فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْعَفْوَ فَالْأَصْلَانِ يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنًى، وَهُوَ التَّرْكُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَفْوَ هُوَ الَّذِي يُسْمَحُ بِهِ وَلَا يُحْتَجَنُ وَلَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: أَعْطَيْتُهُ الْمَالَ عَفْوًا، أَيْ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ.

الْأَصْمَعِيُّ: اعْتَفَاهُ وَعَفَاهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَالُ لِلْعُفَاةِ الْعُفَّى.

. . . . . . . . . . . . لَا يَجْدِبُونَنِي ... إِذَا هَرَّ دُونَ اللَّحْمِ وَالْفَرْثِ جَازِرُهْ

قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَافِيَةُ طُلَّابُ الرِّزْقِ اسْمٌ جَامِعٌ لَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» .

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ مَا أَكْثَرَ عَافِيَةَ هَذَا الْمَاءِ، أَيْ وَارِدَتَهُ مِنْ أَنْوَاعٍ شَتَّى. وَقَالَ أَيْضًا: إِبِلٌ عَافِيَةٌ، إِذَا وَرَدَتْ عَلَى كَلَأٍ قَدْ وَطِئَهُ النَّاسُ، فَإِذَا رَعَتْهُ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَرَفَعَتْ رُؤُسَهَا عَنْهُ وَطَلَبَتْ غَيْرَهُ. وَقَالَ النَّضْرُ: اسْتَعَفَّتِ الْإِبِلُ هَذَا الْيَبِيسَ بِمَشَافِرِهَا، إِذَا أَخَذَتْهُ مِنْ فَوْقِ التُّرَابِ.

صَرَدَ 

(صَرَدَ) الصَّادُ وَالرَّاءُ وَالدَّالُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْبَرْدُ، وَالْآخَرُ الْخُلُوصُ، وَالْآخِرُ الْقِلَّةُ.

فَالْأَوَّلُ: الصَّرْدُ: الْبَرْدُ، وَيَوْمٌ صَرِدٌ ; وَقَدْ صَرِدَ الرَّجُلُ. وَرَجُلٌ مِصْرَادٌ: جَزُوعٌ مِنَ الْبَرْدِ. وَالِاسْمُ الصَّرَدُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

نِعْمَ شِعَارُ الْفَتَى إِذَا بَرَدَ اللَّيْ ... لُ سُحَيْرًا وَقَفْقَفَ الصَّرِدُ

وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: صَرِدَ الْقَلْبُ عَنِ الشَّيْءِ، إِذَا انْتَهَى عَنْهُ. وَذَلِكَ أَنَّهُ يَسْلُو عَنْهُ وَيَبْرُدُ وَيَصْرُدُ. وَالصُّرَّادُ: غَيْمٌ رَقِيقٌ. وَأَمَّا الْخُلُوصُ فَالصَّرْدُ: الْبَحْتُ الْخَالِصُ. وَيُقَالُ: كَذِبٌ صَرْدٌ. وَأُحِبُّكَ حُبًّا صَرْدًا. وَشَرَابٌ صَرْدٌ: خَالِصٌ. قَالَ:

فَإِنَّ النَّبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ أَوْجَــعَ الْكَبْدَ جُوعُهَا

وَمِنَ الْبَابِ: صَرَدَ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، إِذَا نَفَذَ حَدُّهُ. وَنَصْلٌ صَارِدٌ. وَأَنَا أَصْرَدْتُهُ، وَهُوَ الْخُلُوصُ مِنَ الرَّمِيَّةِ.

وَالْبَابُ الثَّالِثُ: التَّصْرِيدُ فِي السَّقْيِ دُونَ الرِّيِّ. وَشَرَابٌ مُصَرِّدٌ، أَيْ مُقَلَّلٌ. وَصَرَّدَ لَهُ الْعَطَاءَ، إِذَا قَلَّلَهُ.

وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الصُّرَدُ: طَائِرٌ. وَالصُّرَدَانِ: عِرْقَانِ تَحْتَ اللِّسَانِ.

الْمَدّ

(الْمَدّ) السَّيْل وَكَثْرَة المَاء والمدى يُقَال بيني وَبَينه قدر مد الْبَصَر وارتفاع النَّهَار وَيُقَال أَتَيْته مد النَّهَار وَمد الضُّحَى وارتفاع مَاء الْبَحْر على الشاطئ ضد الجزر

(الْمَدّ) مكيال قديم اخْتلف الْفُقَهَاء فِي تَقْدِيره بِالْكَيْلِ الْمصْرِيّ فقدره الشَّافِعِيَّة بِنصْف قدح وَقدره الْمَالِكِيَّة بِنَحْوِ ذَلِك وَهُوَ رَطْل وَثلث عِنْد أهل الْحجاز وَعند أهل الْعرَاق رطلان (ج) أَمْدَاد ومداد
الْمَدّ: بِالضَّمِّ الرطل وَثلث الرطل وَقَالَ الْفَاضِل المدقق قرء كَمَال الْمَدّ هُوَ نصف الصَّاع وَقيل هُوَ ربع الصَّاع انْتهى. وبالفتح فِي اللُّغَة كشيدن وحروف الْمَدّ حُرُوف الْعلَّة الساكنة الَّتِي تكون حَرَكَة مَا قبلهَا مُوَافقَة لَهَا ومجموعها فِي قَوْله تَعَالَى: {ونوحيها} . وَأَصْحَاب التجويد ذكرُوا أَقسَام الْمَدّ بِأَنَّهُ إِذا اتَّصل بِأحد هَذِه الْحُرُوف الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة حرف مشدد نَحْو أتحاجوني أَو حرف سَاكن نَحْو الْآن. أَو حرف وقف عَلَيْهِ نَحْو مَالك يَوْم الدّين. يمد مدا وَيُسمى الأول عدلا وضروريا. وَالثَّانِي سَاكِنا ولازما. وَالثَّالِث عارضا ووقفيا. وَإِذا اتَّصل بأحدها همزَة متحركة فالمد نَوْعَانِ. فَإِذا اجْتمع حرف الْمَدّ والهمزة المتحركة فِي كلمة وَاحِدَة نَحْو أُولَئِكَ يُسمى مُتَّصِلا وَهَذَا الْمَدّ وَاجِب. وَإِذا كَانَا فِي كَلِمَتَيْنِ بِحَيْثُ يُوجد حرف الْمَدّ فِي آخر الْكَلِمَة الأولى والهمزة المتحركة فِي أول الْكَلِمَة الْأُخْرَى نَحْو بِمَا أنزل يُسمى مُنْفَصِلا وَهُوَ لَيْسَ بِوَاجِب بل يجوز فِيهِ الْمَدّ بِمِقْدَار ثَلَاث ألفات. والتوسط بِمِقْدَار أَلفَيْنِ وَالْقصر بِمِقْدَار ألف وَاحِد. وَإِذا اجْتمعت الهمزتان وَالْأولَى مِنْهُمَا متحركة وَالثَّانيَِة سَاكِنة ثمَّ قلبت الثَّانِيَة بِحرف الْعلَّة على وفْق حَرَكَة الْهمزَة الأولى فالمد وَاجِب قدر ألف وَيُسمى بَدَلا نَحْو آمنا وآتينا وَإِذا اتَّصل بضمير الْمُذكر الْوَاحِد الْغَائِب همزَة متحركة وتحرك مَا قبل ذَلِك الضَّمِير فالمد جَائِز وَيُسمى ضمير يَا نحور بِهِ أحدا - لَهُ أسرى - بِخِلَاف مَا إِذا وَقع السَّاكِن قبله فَلَا يجوز الْمَدّ نَحْو نوحيه إِلَيْك. وَإِذا اجْتمعت الواوان أَو الياءان من كَلِمَتَيْنِ وَالْأولَى مِنْهُمَا حرف مد وَالْأُخْرَى متحركة يمد بِحَيْثُ يظْهر الْمدَّة وَتسَمى تبعيا نَحْو قَالُوا وجدنَا - رَأَيْت الَّذِي يكذب. ثمَّ اعْلَم أَن الْحُرُوف المقطعات الْمصدر بهَا بعض السُّور إِذا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف أوسطه حرف مد يجب الْمَدّ أَيْضا نَحْو نون والقلم - ق وَالْقُرْآن الْمجِيد. وَإِنَّمَا قيدوا ذَلِك الْحَرْف بِكَوْنِهِ على ثَلَاثَة أحرف وأوسطه حرف مد ليخرج عَن هَذَا الحكم الْحَرْف (الثنائي) كيا من يس وحا من حم - (والثلاثي) الَّذِي لم يكن أوسطه حرف مد كألف من الم أما عين من كهيعص وحم عسق فللقراء فِيهِ ثَلَاثَة أوجــه (الْمَدّ) لمناسبة مَا قبله وَمَا بعده (والتوسط) للْفرق بَين حرف الْمَدّ واللين (وَالْقصر) لعدم وجود الشَّرْط وَهُوَ كَون أوسطه حرف وَيخْتَلف الْقُرَّاء فِي حد طول هَذِه المدات فبعضهم يمدونها بِمِقْدَار ثَلَاث ألفات وَبَعْضهمْ بِمِقْدَار أَربع ألفات إِلَّا مد الْبَدَل والتبعي فَلَا خلاف فِي طولهَا على مَا ذكرُوا.

وَجع

(وَج ع)

الوَجَعُ: اسْم لكل مرض، وَالْجمع أوجــاعٌ، وَقد وَجِعَ وَجَعا فَهُوَ وَجِعٌ من قوم وَجْعَى ووَجاعَى ووِجاعٍ وأوْجــاعِ، وأوْجَــعْتُه أَنا.

ووَجِعَ عضوه: ألَمه، وأوْجَــعَه هُوَ. وَحكى ابْن الْأَعرَابِي: أمضَّني الْجرْح فَوَجِعْتُه.

وَضرب وجَيعٌ: مُوجِعٌ، وَهُوَ أحد مَا جَاءَ على فَعِيلٍ من أفْعَلَ.

وأوْجَــعَ فِي العدوِّ: أثخن.

وتَوَجَّعَ: تشكَّى الوجَعَ.

وتَوَجَّعَ لَهُ مِمَّا نزل بِهِ: رثى لَهُ.

والوَجْعاءُ: الدُّبر، قَالَ أنس بن مدرك الْخَثْعَمِي:

غَضِبْتُ للمرْءِ إذْ نِيكَتْ حَلِيلَتُه ... وإذْ يُشدُّ على وَجْعائها الثَّفَرُ

وأُمُّ وَجَع الكبد: نبتة تَنْفَع من وَجَعِها.

خقل

الْخَاء وَالْقَاف وَاللَّام

الخالِقُ والخَلاَّقُ: الله عز وَجل، وَفِي التَّنْزِيل: (هُوَ اللهُ الخالِقُ البارئُ المُصَوِّرُ) وَفِيه: (بَلَى وهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ) وَإِنَّمَا قدمْنَاهُ أول وهلة لِأَنَّهُ من أَسْمَائِهِ جلّ وَعز.

وخَلَقَ الله الشَّيْء يَخلُقه خَلْقاً: أحدثه بعد أَن لم يكن.

والخَلْقُ يكون الْمصدر، وَيكون الْمَفْعُول، وَقَوله عز وَجل: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) أَي يخلقكم نطفا، ثمَّ علقا، ثمَّ مضغا، ثمَّ عظاما، ثمَّ يكسو الْعِظَام لَحْمًا، ثمَّ يصور وينفخ فِيهِ الرّوح، فَذَلِك معنى خلق من بعد خلق، فِي ظلمات ثَلَاث: فِي الْبَطن وَالرحم والمشيمة، وَقد قيل: فِي الأصلاب وَالرحم والبطن، وَقَوله تَعَالَى: (الَّذِي أعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ) قي قِرَاءَة من قَرَأَ بِهِ، قَالَ ثَعْلَب: فِيهِ ثَلَاثَة أوجــه، فَقَالَ: خلقا مِنْهُ، وَقَالَ: خلق كل شَيْء، وَقَالَ: علم كل شَيْء خَلْقَه. وَقَوله عز وَجل: (فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) قيل: مَعْنَاهُ دين الله، لِأَن الله فطر الْخلق على الْإِسْلَام، وخلقهم من ظهر آدم عَلَيْهِ السَّلَام كالذر، وأشهدهم أَنه رَبهم، وأمنوا فَمن كفر فقد غير خلق الله، وَقيل: هُوَ الخصاء، لِأَن الَّذِي يخصى الْفَحْل قد غير خلق الله. وَأما قَوْله: (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) فَإِن مَعْنَاهُ أَن مَا خلقه الله هُوَ الصَّحِيح، لَا يقدر وَاحِد أَن يُبدل معنى صِحَة الدَّين، وَحكى اللحياني عَن بَعضهم: لَا وَالَّذِي خَلَقَ الخُلُوقَ مَا فعلت ذَاك، يُرِيد جمع الخَلْقِ.

وَرجل خَلِيقٌ بيِّن الخَلْقِ: نَام معتدل حسن، وَالْأُنْثَى خَلِيقٌ وخَليقةٌ، وَقد خَلُقَتْ خَلاقَةً. والمُختَلَقُ كالخَلِيقِ، وَالْأُنْثَى مُخْتَلَقَةٌ.

والخَلِيَقة: الخَلْق.

والخَلِيَقُة: الطبيعة الَّتِي يُخْلَق بهَا الْإِنْسَان، وَحكى اللحياني: هَذِه خليقته الَّتِي خلق عَلَيْهَا، وخُلِقَها، وَالَّتِي خُلِقَ، أَرَادَ لتي خلق صَاحبهَا.

والخَلِيقُ كالخَليقَةِ عَن اللحياني، وَقَالَ القناني فِي الْكسَائي:

ومالِي صَديقٌ ناصِحٌ أغْتَدِي لَهُ ... بِبَغْدادَ إلاَّ أنتَ بَرٌّ مُوافِقُ

يَزِينُ الكِسائيَّ الأغرَّ خَلِيَقٌة ... إِذا فنَصَحَتْ بَعْضَ الرِّجالِ الخَلائِقُ

وَقد يجوز أَن يكون الخليق جمع خَلِيقَة، كشعير وشعيرة، وَهُوَ السَّابِق إِلَيّ.

والخُلْقُ والخُلُقُ: الخَلِيقَةُ اعني الطبيعة، وَفِي التَّنْزِيل: (وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظِيمٍ) . الْجمع أَخْلَاق لَا يكسر على غير ذَلِك.

وتَخَلَّقَ بِخُلُق كَذَا: اسْتَعْملهُ من غير أَن يكون مَوْضُوعا فِي فطرته، قَالَ:

يَا أيُّها المُتَحَلِّي غَيْرَ شِيمَتِهِ ... إنَّ التَّخَلُّقَ يَأتيِ دونَهُ الخُلُقُ

أَرَادَ بِغَيْر شيمته، فَحذف وأوصل.

وخالِقِ النَّاس: عاشرهم على أَخْلَاقهم. قَالَ:

خالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حَسَنٍ ... لَا تَكُنْ كَلْباً عَلى النَّاسِ يَهِرّ

وَرجل خَلِيقٌ ومُخْتَلَقٌ: حسن الخُلُق، وَالْأُنْثَى خَلِيقة وخَلِيقٌ ومُخْتَلَقَةٌ، هَذِه كلهَا عَن اللحياني.

وخَلَق الْأَدِيم يَخْلُقُه خَلْقاً: قدره لما يُرِيد، قَالَ زُهَيْر:

ولأنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وبَعْ ... ضُ القَوْمِ يَخْلُقُ ثمَّ لَا يَفْرِي

والخَلِيَقةُ: الحفيرة المخلوقة فِي الأَرْض، وَقيل: هِيَ الْبِئْر الَّتِي لَا مَاء فِيهَا، وَقيل: هِيَ النقرة فِي الْجَبَل يستنقع فِيهَا المَاء. والخَلْقُ: الْكَذِب، وخَلَق الْكَذِب يَخْلُقُه وتَخَلَّقَه واخْتَلَقَه: ابتدعه، وَقَوله تَعَالَى: (إنْ هَذا إلاَّ خُلُقُ الأَوَّلينَ) وقريء خُلُقُ الْأَوَّلين، وخَلْقُ الْأَوَّلين، فَمن قَالَ: خَلْقُ الْأَوَّلين، فَمَعْنَاه كذب الْأَوَّلين، وخُلُق الْأَوَّلين قيل: شِيمَة الْأَوَّلين، وَقيل: عَادَة الْأَوَّلين، وَمن قَرَأَ: خَلْقُ الْأَوَّلين: فَمَعْنَاه افتراء الْأَوَّلين.

وخَلَق الشَّيْء خُلوقاً وخُلوقةً، وخَلُقَ خَلاَقةً، وخَلِقَ، وأخْلقَ، واخْلَوْلق: بلَى قَالَ:

هاجَ الهَوَى رَسْمٌ بِذاتِ الغَضا ... مُخْلَوْلِقُ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ

وَشَيْء خَلَقٌ: بَال، الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء، يُقَال: ثوب خلق، وَمِلْحَفَة خلق، وَدَار خلق، قَالَ اللحياني: قَالَ الْكسَائي: لم نسمعهم قَالُوا: خلقَة فِي شَيْء من الْكَلَام، وجسم خلق، ورمة خلق، قَالَ لبيد:

والنِّيبُ إنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خََلقاً ... بَعدَ المَماتِ فَإِنِّي كُنْتُ أتَّئِرُ

وَالْجمع خُلْقانٌ وأخْلاقٌ، وَقد يُقَال: ثوب أَخْلَاق، يصفونَ بِهِ الْوَاحِد، كَمَا قَالُوا: ثوب أكياش وحبل أرمام، وَهَذَا النَّحْو كثير، وَكَذَلِكَ ملاءة أَخْلَاق، وبرمة أَخْلَاق، عَن اللحياني، أَي نَوَاحِيهَا أَخْلَاق، وَقَالَ: وَهُوَ من الْوَاحِد الَّذِي فرق ثمَّ جمع، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَبل أَخْلَاق، وقربة أَخْلَاق، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَحكى الْكسَائي: أَصبَحت ثِيَابهمْ خلقاناً وخلقهم جددا، فَوضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع الَّذِي هُوَ الخُلْقان.

وأخْلَق الدَّهْر الشَّيْء: أبلاه، وَكَذَلِكَ أخلق السَّائِل وَجهه، وَهُوَ على الْمثل.

وأخْلَقَه خَلَقاً: أعطَاهُ إِيَّاه. وَحكى ابْن الْأَعرَابِي: بَاعه بيع الخَلَقِ، وَلم يفسره، وَأنْشد:

أبْلِغْ فَزارَة أنِّي قَدْ شَرَيْتُ لَهَا ... مَجْدَ الحَياةِ بِسيْفِي بيْعَ ذِي الخَلَقِ

والأخْلَقُ: اللين الأملس.

وهضبة خَلْقاءُ: مصمتة ملساء لَا نَبَات بهَا. وَقَول عمر رَحمَه الله: لَيْسَ الْفَقِير الَّذِي لَا مَال لَهُ، إِنَّمَا الْفَقِير الأخْلَقُ، يَعْنِي الأملس من الْحَسَنَات، الَّذِي لم يقدم لآخرته شَيْئا يُثَاب عَلَيْهِ، كَقَوْل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَيْسَ الرقوب الَّذِي لَا يبْقى لَهُ ولد، وَإِنَّمَا الرقوب الَّذِي لم يقدم من وَلَده شَيْئا ". وجبل أخْلَقُ: لين أملس.

وَامْرَأَة خُلَّقٌ وخَلْقاءُ: مثل الرتقاء، وَهُوَ مثل بالهضبة الخَلْقاءِ، لِأَنَّهَا مصمتة مثلهَا.

والخَلائِقُ: حمائر المَاء، وَهِي صخور أَربع عِظَام ملس تكون فِي رَأس الرَّكية يقوم عَلَيْهَا النازع والماتح، قَالَ الرَّاعِي:

فَغَادَرْنَ مَرْكُوًّا أكَسَّ عَشِيَّةً ... لَدَى نَزَحٍ رَيَّانَ بادٍ خَلائِقُهْ

وخَلِق الشَّيْء خَلَقاً، واخْلَوْلَقَ: املاس ولان واستوى، وخلقه هُوَ.

واخْلَوْلَق السَّحَاب: اسْتَوَى وارتتقت جوبه.

وسحاب أخْلَقُ ومُخْلَوْلقٌ: أملس، هَذِه عَن اللحياني، وسحابة خَلْقاءُ وخَلَقَة، عَنهُ أَيْضا، وَلم يفسره.

وقدح مُخَلَّقٌ: مستو أملس ملين، وَقيل: كل مَا لين وملس فقد خلق.

والخلقاء: السَّمَاء، لملامستها واستوائها.

وخلقاء الْجَبْهَة والمتن وخُلَيْقاؤُهما: مستواهما وَمَا املاس مِنْهُمَا، وهما بَاطِنا الْغَار الْأَعْلَى أَيْضا، وَقيل: هما مَا ظهر مِنْهُ، وَقد لب عَلَيْهِ لفظ التصغير.

والخُلَيْقاءُ من الْفرس: حَيْثُ لقِيت جَبهته قَصَبَة أَنفه من مستدقها.

والخَلُوق والخِلاَق: ضرب من الطّيب، وَقيل: الزَّعْفَرَان، أنْشد أَبُو بكر:

قَدْ عَلِمَتْ إنْ لمْ أجِدْ مُعِينَا ... لَتَخْلِطِنَّ بالخَلُوقِ طِينَا

يَعْنِي امْرَأَته، يَقُول: إِن لم أجد من يُعِيننِي على سقِِي الْإِبِل قَامَت فاستقت معي، فَوَقع الطين على خَلُوقِ يَديهَا، فَاكْتفى بالمسبب الَّذِي هُوَ اخْتِلَاط الطين بالخلوق من السَّبَب الَّذِي هُوَ الاستقاء، وَأنْشد اللحياني:

ومُنْسَدِلاً كَقُرونِ العَرُو ... سِ تُوسِعُه زَنْبَقاً أَو خِلاقا

وَقد تَخَلَّقَ وخَلَّقْتُه.

وخَلَّقَتِ الْمَرْأَة جسمها: طلته بالخلوق، أنْشد اللحياني:

يَا لَيْتَ شعري عَنكِ يَا غَلابِ تَحْمِلُ مَعْها أحسَنَ الأرْكابِ

أصْفَرَ قَدْ خُلِّق بالمَلابِ

وَأَنت خليق بذلك، أَي جدير، وَقد خلق.

وَهَذَا الْأَمر مخلقة لذَلِك، أَي مجدرة، وَإنَّهُ مخلقة من ذَاك، وَكَذَلِكَ الِاثْنَان والجميع والمؤنث، وَإنَّهُ لخليق أَن يفعل ذَاك وَبِأَن يفعل ذَاك، وَلِأَن يفعل ذَاك، وَمن أَن يفعل ذَاك، وَكَذَلِكَ إِنَّه لمخلقة، يُقَال بِهَذِهِ الْحُرُوف كلهَا، كل هَذِه عَن اللحياني، وَحكى عَن الْكسَائي: إِن أخْلَقَ بك أَن تفعل ذَاك قَالَ: أَرَادوا: إِن أخْلَق الْأَشْيَاء بك أَن تفعل ذَاك، قَالَ: وَالْعرب تَقول: يَا خَليِقُ بِذَاكَ فَترفع، وَيَا خليق بِذَاكَ، فتنصب، وَلَا أعرف وَجه ذَلِك.

وَهُوَ خَلِيقٌ لَهُ: أَي شَبيه.

واخْلَوْلَقتِ السَّمَاء أَن تمطر، أَي قاربت وشابهت، واخْلَوْلَق أَن تمطر، على أَن الْفِعْل لِأَن، حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ.

والخَلاقُ: الْحَظ والنصيب من الْخَيْر وَالصَّلَاح.

وَرجل لَا خَلاقَ لَهُ، أَي لَا رَغْبَة لَهُ فِي الْخَيْر.

حَلَقَ

حَلَقَ
الجذر: ح ل ق

مثال: حَلَقَه الداء
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورودها في المعاجم.
المعنى: أوجــع حلقه

الصواب والرتبة: -حَلَقَه الداءُ [صحيحة]
التعليق: أقرّ مجمع اللغة المصري قياسيّة اشتقاق «فَعَلَ» من العضو للدلالة على إصابته، بناء على ما نقل عن العرب من إجرائهم لهذا الاشتقاق، وما نصّ عليه بعض النحاة من أنّه مطّرد، مثل: جَبَهَ، وأَفَخَ، ورَأَسَ، وأَنَفَ، وبَطَنَ
... ، كما أجاز المجمع الاشتقاق من أسماء الأعيان عند الحاجة.
(حَلَقَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمسُ بيضاءُ مُحَلَّقة» أَيْ مُرْتَفِعَةٌ.
والتَّحْلِيق: الِارْتِفَاعُ.
وَمِنْهُ «حَلَّق الطَّائِرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ» أَيْ صَعد. وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ شِمر قَالَ: تَّحْلِيق الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ارْتِفَاعُهَا، وَمِنْ آخِرِهِ انْحِدارُها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَحَلَّق بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ» أَيْ رفَعه.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحَلِّقات» أَيْ بَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ «فهَمَمْت أَنْ أطْرَح نفْسي مِنْ حَالِق» أَيْ مِنْ جبلٍ عالٍ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَبَعَثَتْ إِلَيْهِمْ بِقَمِيصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فانتخب النَّاسُ، قَالَ: فحَلَّق بِهِ أَبُو بَكْرٍ إِلَيَّ وَقَالَ: تَزوّد مِنْهُ واطْوِه » أَيْ رَمَاهُ إِلَيَّ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الحِلَق قَبْلَ الصَّلَاةِ- وَفِي رِوَايَةٍ- عَنِ التَّحَلُّق» أَرَادَ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:
الحِلَق بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: جَمْعُ الحَلْقَة، مِثْلَ قَصْعة وقِصَع، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مُسْتَدِيرُونَ كحَلْقة الْبَابِ وَغَيْرِهِ. والتَّحَلُّق تَفَعُّل مِنْهَا، وَهُوَ أَنْ يَتَعمَّدوا ذَلِكَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «جَمْعُ الحَلْقَة حَلَق بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ» ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ الْوَاحِدَ حَلَقة بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ حَلَق بِالْفَتْحِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ يُجِيزه عَلَى ضَعْفِهِ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَلَقة بِالتَّحْرِيكِ إِلَّا جَمْع حالِق .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَا تُصلُّوا خَلْفَ النِّيام وَلَا المُتَحَلِّقِين» أَيِ الجُلوس حِلَقًا حِلَقًا.
(س) وَفِيهِ «الْجَالِسُ وَسَطَ الحَلْقَة مَلْعُونٌ» لِأَنَّهُ إِذَا جَلَسَ فِي وَسَطِهَا اسْتَدْبَرَ بَعْضُهُمْ بِظَهْرِهِ فَيُؤْذِيهِمْ بِذَلِكَ فَيَسُبُّونَهُ وَيَلْعَنُونَهُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا حِمَى إِلَّا فِي ثَلَاثٍ» وَذَكَرَ مِنْهَا «حَلْقَة الْقَوْمِ» أَيْ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوها حَتَّى لا يَتَخطَّاهم أحد ولا يجلس وسطها. (س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ حِلَقِ الذَّهَبِ» هِيَ جَمْعُ حَلْقَة وَهُوَ الْخَاتَمُ لَا فَصَّ لَهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ أحَبَّ أَنْ يُحَلِّق جَبِينه حَلْقَة مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْه حَلْقَة مِنْ ذَهَبٍ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ «فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْم يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مثلُ هَذِهِ، وحَلَّقَ بإصْبَعيه الإبهِام وَالَّتِي تَلِيهَا، وعَقَد عَشْرا» أَيْ جَعَلَ إصْبَعيه كالحَلْقَة. وعقدُ الْعَشْرِ مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ إصْبَعه السَّبابة فِي وسَط إصْبعه الْإِبْهَامِ ويَعْملها كَالْحَلْقَةِ.
(س) وَفِيهِ «مَن فَكَّ حَلْقَةً فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ حَلْقَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:
أَيْ أعْتَق مَمْلُوكًا، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَكُّ رَقَبَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ صُلْحِ خَيْبَرَ «وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصّفْراءُ والبيْضاء والحَلْقَة» الحَلْقة بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا. وَقِيلَ: هِيَ الدُّروع خَاصَّةً.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وإنَّ لَنَا أغْفالَ الْأَرْضِ والحَلْقَة» وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
[هـ] وَفِيهِ «لَيْسَ منَّا مَنْ صَلَق أَوْ حَلَق» أَيْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ سُنَّتِنا مَنْ حَلَق شَعَره عِنْدَ المُصِيبة إِذَا حلَّت بِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لُعِنَ مِنَ النِّسَاءِ الحَالِقَة والسالِقة والخارِقة» وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الَّتِي تَحْلِق وَجْهَهَا لِلزِّينَةِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجِّ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ للمُحَلِّقِين، قَالَهَا ثَلَاثًا» : المُحَلِّقُون: الَّذِينَ حَلَقُوا شُعورهم فِي الْحَجِّ أَوِ العُمرة، وَإِنَّمَا خصَّهم بِالدُّعَاءِ دُونَ المُقَصِّرين، وَهُمُ الَّذِينَ أخَذوا مِنْ أَطْرَافِ شُعورهم، وَلَمْ يَحْلِقُوا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَاقَ الهَدْيَ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِق حَتَّى يَنْحَر هَدْيه، فَلَمَّا أمَر مَن لَيْسَ مَعَهُ هَدْي أَنْ يَحْلِقَ ويُحِل وجَدوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وأحَبُّوا أَنْ يأذَن لَهُمْ فِي المُقام عَلَى إِحْرَامِهِمْ [حَتَّى يُكملوا الْحَجَّ] وَكَانَتْ طاعةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى لَهُمْ»
، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الْإِحْلَالِ كَانَ التَّقْصير فِي نُفوسهم أخفَّ مِنَ الحَلْق، فَمَالَ أَكْثَرُهُمْ إِلَيْهِ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ بَادَرَ إِلَى الطَّاعَةِ وحَلَقَ وَلَمْ يُراجع، فَلِذَلِكَ قدَّم المُحَلِّقِين وأخَّر المقصِّرين. (هـ) وَفِيهِ «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأمَم قَبْلَكُمُ البَغْضاء، وَهِيَ الحَالِقَة » الحَالِقَة: الخَصْلة الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْلِق: أَيْ تُهْلِك وتَستأصِل الدِّين كَمَا يَسْتَأصِل المُوسَى الشَّعَرَ. وَقِيلَ هِيَ قَطِيعة الرَّحم والتَّظالُم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لصَفِيّة: عقْرَى حَلْقَى» أَيْ عَقَرها اللَّهُ وحَلَقَها، يَعْنِي أصابَها وَجَع فِي حَلْقِها خَاصَّةً. وَهَكَذَا يَرْوِيهِ الْأَكْثَرُونَ غيرَ مُنَوَّنٍ بِوَزْنِ غَضْبَى حَيْثُ هُوَ جارٍ عَلَى الْمُؤَنَّثِ. وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوين، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ فِعْل مَتْروك اللَّفْظِ، تَقْدِيرُهُ عَقَرها اللَّهُ عَقْراً وحَلَقَها حَلْقًا. وَيُقَالُ لِلْأَمْرِ يُعْجَب مِنْهُ: عَقْراً حَلْقًا. وَيُقَالُ أَيْضًا لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ مُؤذِية مَشْئومة. وَمِنْ مَوَاضِعِ التَّعَجُّبِ قولُ أمّ الصَّبِي الذى تكلّم: عقرى! أو كان هَذَا مِنْهُ! (هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَمَّا نَزَلَ تَحْريم الْخَمْرِ كنَّا نَعْمِدُ إِلَى الحُلْقَانَة فنَقْطَع مَا ذَنَّب مِنْهَا» يُقَالُ لِلبُسْر إِذَا بدَا الإرْطاب فِيهِ مِنْ قِبَل ذَنَبه: التَّذْنُوبة، فَإِذَا بَلَغَ نصفَه فَهُوَ مُجزِّع، فَإِذَا بَلَغَ ثُلُثَيه فَهُوَ حُلْقَان ومُحَلْقِن، يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مَا أرْطب مِنْهَا وَيَرْمِيهِ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ جَمع فِيهِ بَيْنَ البُسْر والرُّطَب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بكَّار «مَرَّ بِقَوْمٍ يَنَالُون مِنَ الثَّعْد والحُلْقَان» .

إن

إن
إنْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف شرط يجزم فعلين مضارعين، وقد يدخل على الماضي، وقد يقترن بـ (لا) النافية "إن تدرسْ تنجحْ- إن أخلصتَ في عملك احترمك النّاس- {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ".
2 - أداة بمعنى ما النافية تدخل على الجملة الاسميّة والفعليّة " {إِنِ الْكَافِرُونَ إلاَّ فِي غُرُورٍ} ".
3 - حرف مخفَّف من (إنَّ) يفيد التوكيد " {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ".
4 - حرف زائد "*ما إنْ أتيتُ بشيءٍ أنت تكرهه*". 
(إن) - قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} .
النَّحوِيُّون يُسَمُّون ما كانَ من هذا النَّحو شَرطًا، وقال علىُّ بنُ الحُسَين بنِ وَاقِد: إنْ، يَعنِي في القُرآن على خَمسَةِ أوجــهٍ:
إن بِمَعْنَى مَا النَافِية كَقولِه تَعالَى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا} . الثَّانى: إنْ بمعنى لَمْ كقوله تَعالَى: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا} {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} : أي لم يُمْسِكْهما أحَد، ولم يُمْكِنْكم فيه تَصدِيقُه {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} .
الثالث: إن بمَعْنَى قَدْ، نَحو قَولِه تَبارَك وتَعالَى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} {قال: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}. {إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} .
الرابع: إن بمعنى إذْ، فذَلِك قَولُه: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
الخامِسُ: يُخاطِب الكُفّار بذلك، وهو قَولُه تَعالَى: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} : يَعنِي إن آمَنْتُم. وقَولُه: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . وهذا هو الشَّرط المُتَقَدِّم ذِكره، وقَولُه تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} .
قال أبو عُبَيد: مَعْناه لأَنْ، ولا وَجْهَ للكَسْر إلا أن تكون أَنْ بمعنى إذ كقَوْله تَعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} . وقد أجازَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْه والفَرّاء والكِسائىُّ الكَسْرَ. قال سِيبَويْه: سَألتُ الخَلِيلَ عن قولِ الفَرزْدق:
أتَغضَب إنْ أُذنَا قُتَيْبةَ حُزَّتَا ... جِهاراً ولم تَغْضَب لقَتْلِ ابنِ خازِم
فقال: هي مَكْسُورة يَعنىِ إن، لأَنَّه قبيحٌ أنْ يُفصَل بين أَنْ والفِعْل، وهذا شَىءٌ قد مَضَى.

حَرَفَ

(حَرَفَ)
(هـ) فِيهِ «نَزل القُرآن عَلَى سَبْعة أَحْرُفٍ كُلُّها كَافٍ شَافٍ» أَرَادَ بالحَرْفِ اللُّغَة، يَعْنِي عَلَى سَبْع لُغات مِنْ لُغات العَرب: أَيْ إِنها مُفَرّقة فِي الْقُرْآنِ، فبَعضُه بِلُغَةِ قُرَيش، وبعضُه بلُغة هُذَيْل، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هَوازن، وبعضُه بلُغة اليَمن، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي الحَرْفِ الْوَاحِدِ سَبْعة أوْجُــه، عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَا قَدْ قُرِئ بسَبْعةٍ وعَشْرة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ ومِمَّا يبَيَن ذَلِكَ قولُ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّى قَدْ سَمِعْتُ القَرَأَةَ فَوَجَدْتُهُمْ مُتَقَارِبِينَ، فاقْرَءُوا كَمَا عُلِّمْتم، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أحَدِكُم: هَلُمَّ وَتَعَالَ وَأَقْبِلْ. وَفِيهِ أَقْوَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا أحْسَنُها.
والحَرْفُ فِي الْأَصْلِ: الطَّرَفُ وَالْجَانِبُ، وَبِهِ سُمِّيَ الحَرْفُ مِنْ حُرُوف الهِجَاء.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «أهْل الكِتاب لَا يَأتون النِّساء إلاَّ عَلى حَرْفٍ» أَيْ عَلَى جانِب.
وَقَدْ تَكَرَّرَ مثلُه فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
حَرْفٌ أبُوها أخُوها مِن مُهَجَّنَةٍ ... وعَمُّها خَالُها قَوْدَاء شِمْلِيل
الحَرْفُ: النَّاقَةُ الضَّامِرَة، شُبّهت بالحَرْفِ مِنْ حُرُوف الهِجاء لدِقّتِها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «لمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: لَقَدْ عَلِم قَوْمي أنَّ حِرْفَتِي لَمْ تكُن تَعْجِز عن مَؤُونَة أَهْلِي، وشُغِلْت بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فسَيَأكُل آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا ويَحْتَرِفُ للمُسْلمين فِيهِ» الحِرْفَةُ: الصِّناعة وجهَة الكَسْب. وحَرِيُف الرجُل: مُعامِلُه فِي حرْفَته، وَأَرَادَ باحْتِرَافِهِ لِلْمُسْلِمِينَ نَظَرَه فِي أُمُورِهِمْ وتَثْمِير مكاسِبِهم وأرْزاقِهم. يُقَالُ: هُوَ يَحْتَرِفُ لِعيالِه، ويَحْرُفُ:
أي يكْتَسب.
(47- النهاية 1) (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَحِرْفَةُ أَحدِكم أشَدُّ عليَّ مِنْ عَيْلَتِه» أَيْ أنَّ إغْناء الْفَقِيرِ وكِفايَتَه أيْسَر عَليَّ مِنْ إِصْلَاحِ الفاسِد. وَقِيلَ: أَرَادَ لَعَدَمُ حِرْفَة أحَدهم والاغْتِمَامُ لِذَلِكَ أشَدُّ عليَّ مِنْ فَقْرِه.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «إِنِّي لِأَرَى الرجُل يُعْجبُني فَأَقُولُ هَلْ لَهُ حِرْفَةٌ؟ فإنْ قَالُوا لاَ سَقَط مِنْ عَيْني» وَقِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الحرْفَة بِالضَّمِّ وَبِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حُرْفَةُ الْأَدَبِ. والمُحَارَفُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: هُوَ المحْرُوم المجْدُود الَّذِي إِذَا طَلَب لَا يُرْزَق، أَوْ يكُون لَا يَسْعَى فِي الكَسْب. وَقَدْ حُورِفَ كسْب فُلان إِذَا شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي مَعَاشِهِ وضُيِّق، كَأَنَّهُ مِيلَ برزْقِه عَنْهُ، مِنَ الانْحِرَاف عَنِ الشَّيْءِ وَهُوَ المَيْل عَنْهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سَلّط عَلَيْهِمْ مَوْتَ طاعُون ذَفيف يُحَرِّفُ الْقُلُوبَ» أَيْ يُميلُها ويَجْعَلها عَلَى حَرْف: أَيْ جَانِبٍ وطَرَف. وَيُرْوَى يُحوّف بِالْوَاوِ وَسَيَجِيءُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ووصَفَ سفيانُ بكَفِّه فحَرَّفَهَا» أَيْ أمَالَها.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «وَقَالَ بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا» كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْل. ووَصَف بِهَا قَطْع السَّيف بِحَدِّه.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «آمَنت بمُحَرِّفِ الْقُلُوبِ» أَيْ مُزِيغِها ومُمِيلِها، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. ورُوِي «بمُحرِّك الْقُلُوبِ» .
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بعَرَقِ الجَبِين فيُحَارَفُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِهَا، فَتَكُونُ كفَّارة لِذُنُوبِهِ» أَيْ يُقايَسُ بِهَا. والمُحَارَفَةُ: المُقايَسَة بالمِحْرَافِ، وَهُوَ المِيلُ الَّذِي تُخْتَبَر بِهِ الجِراحة، فوُضِع مَوْضِعَ المُجازاة والمُكافأة. وَالْمَعْنَى أَنَّ الشِّدّة الَّتِي تَعْرِض لَهُ حَتَّى يَعرَق لَهَا جَبينُه عِنْدَ السِّياق تَكُونُ كفَّارة وَجَزَاءً لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنوب، أَوْ هُوَ مِنَ المُحَارَفَةِ، وَهُوَ التَّشْدِيدُ فِي المَعاش.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحَارَفُ عَلَى عَمَلِهِ الخَيْر وَالشَّرَّ» أَيْ يُجازَى. يُقَالُ:
لَا تُحَارِفْ أخاكَ بالسُّوء: أَيْ لَا تُجازِه. وأَحْرَفَ الرجُلُ إِذَا جازَى عَلَى خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. (حَرَقَ)
(هـ) فِيهِ «ضالَّة الْمُؤْمِنِ حَرَقُ النَّارِ» حَرَقُ النَّارِ بِالتَّحْرِيكِ: لهَبُها وَقَدْ يُسَكَّن: أَيْ إِنَّ ضَالَّةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا أَخَذَهَا إِنْسَانٌ لِيَتَمَلَّكها أدّتْه إِلَى النَّارِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَقُ شَهَادَةٌ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «الحَرِقُ شَهِيدٌ» بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةٍ «الحَرِيق» هُوَ الَّذِي يَقَع فِي حَرْقِ النَّارِ فيَلْتَهِب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ المُظَاهر «احْتَرَقْتُ» أَيْ هلكتُ. والإِحْرَاق: الْإِهْلَاكُ، وَهُوَ مِنْ إِحْرَاق النَّارِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ المُجامِع فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَيْضًا «احْتَرَقْتُ» شبَّها مَا وَقَعا فِيهِ مِنَ الجِماع فِي المُظاهَرة والصَّوم بِالْهَلَاكِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أوُحِيَ إليَّ أَنْ أَحْرِقَ قُرَيْشًا» أَيْ أَهْلِكَهُمْ.
وَحَدِيثُ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ «فَلَمْ يَزَلْ يُحَرِّقُ أعضاءَهم حَتَّى أدْخَلَهم مِنَ الْبَابِ الَّذِي خَرجوا مِنْهُ» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَرْقِ النَّواة» هُوَ بَرْدُها بالمِبْرَد. يُقَالُ حَرَقَهُ بالمِحْرَقِ.
أَيْ بَرَدَه بِهِ.
وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ «لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً»
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِحْرَاقَهَا بِالنَّارِ، وَإِنَّمَا نُهِي عَنْهُ إِكْرَامًا لِلنَّخْلَةِ، وَلِأَنَّ النَوى قٌوتُ الدَّواجِن.
(هـ) وَفِيهِ «شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ المُحْرَقَ مِنَ الخاصِرة» الْمَاءُ المُحْرَقُ:
هُوَ المُغْلَى بالحَرَقِ وَهُوَ النَّارُ، يُريد أَنَّهُ شَربَه مِنْ وَجَع الخاصِرة.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «خَيْر النِّساء الحَارِقَة» وَفِي رِوَايَةٍ «كَذَبَتْكُمُ الحَارِقَةُ» هِيَ الْمَرْأَةُ الضَّيّقة الفَرْج. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَغْلِبُها الشَّهْوة حَتَّى تَحْرُقَ أنْيابَها بعضَها عَلَى بَعْضٍ: أَيْ تَحُكَّها.
يقول عليكم بها  وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «وَجَدْتُهَا حَارِقَةً طَارِقَةً فَائِقَةً» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَحْرُقُونَ أنْيابَهم غَيْظا وحَنَقا» أَيْ يَحُكُّون بعضَها عَلَى بَعْضٍ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ «دخَل مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمامة سَوْداءُ حَرَقَانِيّة» هَكَذَا يُروَى. وَجَاءَ تَفْسِيرُهَا فِي الْحَدِيثِ: أَنَّهَا السّوْداء، وَلَا يُدْرَى مَا أَصْلُهُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الحَرَقَانِيّة هِيَ الَّتِي عَلَى لَوْن مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ، كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ- بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ- إِلَى الحَرَق بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ. وَقَالَ:
يُقَالُ الحَرْقُ بِالنَّارِ والحَرَقُ مَعاً. والحَرَقُ مِنَ الدَّق الَّذِي يَعْرِض لِلثَّوْبِ عِنْدَ دَقّهِ مُحَرّك لَا غَيْرَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَرَادَ أنْ يَسْتَبْدِل بعُمّالِهِ لمَا رَأَى مِنْ إبْطائهم فِي تَنْفيذِ أمرِه فَقَالَ: أمَّا عَدِيّ بْنُ أرْطاة فَإِنَّمَا غَرَّني بعِمامَتِه الحَرَقَانِيّة السَّوْداء» .

حَدَدَ

(حَدَدَ)
- فِيهِ ذِكْر «الحَدّ والحُدُود» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهِيَ محَارم اللَّهِ وعُقُوبَاتُه الَّتي قرَنَها بالذُّنوب. وأصْل الحَدّ المنْع والفَصْل بَيْنَ الشَّيئين، فكأنَّ حُدُود الشَّرع فَصَلَتْ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَمِنْهَا مَا لَا يُقْرَب كالفَواحش المُحَرَّمة، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها
. وَمِنْهَا مَا لَا يُتعدّى كالموارِيث المعيّنَة، وتَزْويج الْأَرْبَعِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنِّي أصَبْت حَدّا فأقِمْه عَلَيّ» أَيْ أَصَبْتُ ذَنْباً أوْجَــب عَلَيَّ حَدّا:
أَيْ عُقوبَةً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ «إنَّ اللَّمَم مَا بَين الحَدَّيْنِ: حَدّ الدُّنْيَا وحَدّ الْآخِرَةِ» يُرِيدُ بحَدّ الدُّنْيَا مَا تَجب فِيهِ الحُدُود الْمَكْتُوبَةُ، كالسَّرِقة والزِّنا والقَذْف، ويُريد بحَدّ الْآخِرَةِ مَا أوْعَد اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ العَذابَ كالقَتْل، وعُقُوق الوَالدَيْن، وأكْل الرّبَا، فأرادَ أَنَّ اللَّمَم مِنَ الذُّنوب: مَا كَانَ بَين هذَيْن مِمَّا لَم يُوجب عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا وَلَا تَعْذِيبا فِي الْآخِرَةِ.
(هـ) وَفِيهِ «لَا يَحِلُّ لامْرأة أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ أكثَر من ثلاث» أَحَدَّتِ المرأة على زَوْجها تُحِدُّ، فَهِيَ مُحِدٌّ، وحَدَّتْ تَحُدُّ وتَحِدُّ فَهِيَ حَادٌّ: إِذَا حَزِنَتْ عَلَيْهِ، ولَبِسَت ثِياب الحُزْن، وتَركَت الزِّينَة.
(هـ) وَفِيهِ «الحِدَّةُ تَعْتَري خِيَارَ أُمَّتِي» الحَدَّةُ كالنَّشَاط والسُّرْعَة فِي الْأُمُورِ والمَضَاء فيها، مَأْخُوذٌ مِنْ حَدّ السَّيْفِ، وَالْمُرَادُ بالحِدّة هَاهُنَا المَضَاء فِي الدِّين والصَّلابة والقَصْد فِي الْخَيْرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «خِيَار أمَتِي أَحِدَّاؤها» هُوَ جَمْعُ حَدِيد، كشَدِيد وأَشِدَّاء.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كُنْت أدَاري مِنْ أَبِي بَكْرٍ بَعْضَ الحَدّ» الحَدّ والحِدّة سَوَاءٌ مِن الغَضَب، يُقال حَدَّ يَحِدُّ حَدّاً وحَدَّةً إِذَا غَضِب، وبَعْضُهم يَرْويه بِالْجِيمِ، مِنَ الجِدّ ضِدّ الهَزْل، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْفَتْحِ مِنَ الحَظِّ.
(هـ) وَفِيهِ «عَشْرٌ مِنَ السُّنَّة؛ وعَدَّ فِيهَا الاسْتِحْدَاد» وهُو حَلْقُ العَانَة بِالْحَدِيدِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أمْهِلُوا كَيْ تمتشطَ الشَّعِثة وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ» ، وَهُوَ اسْتَفْعَل مِنَ الحَدِيد، كَأَنَّهُ اسْتَعْمَله عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ والتَّوْرية.
وَمِنْهُ حَدِيثُ خُبَيْب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ اسْتَعَار مُوسى لِيَسْتَحِدَّ بِهَا» لأنَّه كَانَ أَسِيرًا عنْدَهم وَأَرَادُوا قَتْله، فَاسْتَحَدَّ لِئَلَّا يَظْهَر شَعْرُ عاَنَتِه عنْد قَتْلِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ «إن قومنا حَادُّونَ الما صَدَّقْناَ اللَّهَ ورسُوله» المُحَادَّةُ:
المُعاَدَاة والمُخَالَفة والمُناَزعة، وَهِيَ مُفَاعَلَة مِنَ الحدِّ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما تجاوَزَ حَدَّه إِلَى الْآخَرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ «لِكُلِّ حَرْف حَدّ» أَيْ نِهاَيَة، ومُنْتَهى كلِّ شَيْءٍ حَدُّهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَالَ فِي خَزَنَةِ النَّار- وَهُمْ تسْعَة عَشَر- مَا قَالَ، قَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ «تَقِيسُ الْمَلَائِكَةَ بالحَدَّادِينَ» يَعْني السَّجاَّنين، لأنَّهُمْ يَمْنَعُون المُحَبَّسين مِنَ الخُروج. ويَجُوز أَنْ يَكُونَ أرَادَ بِهِ صُنَّاع الحَدِيد؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أوْسَخ الصُّنَّاع ثَوْباً وَبَدَناً.

ثَأَرَ

(ثَأَرَ)
- فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ «أنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ المَوْتُور الثَّائِر» أَيْ طَالِبُ الثَّأْر، وَهُوَ طَالِبُ الدَّمِ. يُقَالُ ثَأَرْتُ القَتِيلَ، وثَأَرْتُ بِهِ فَأَنَا ثَائِر: أي قَتَلْت قاتِله.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَا ثَارَات عُثمان» أَيْ يَا أَهْلَ ثَارَاتِه، وَيَا أَيُّهَا الطالبون بدمه، فَحَذَفَ الْمُضَافَ، وَأَقَامَ المضافَ إِلَيْهِ مُقامه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ يَا ثَارَات فُلان: أَيْ يَا قَتَلَة فُلَانٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَدْ نادَى طَالِبِي الثَّأْرِ ليُعِينُوه عَلَى اسْتِيفائه وأخْذه، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ قَدْ نَادَى القَتَلة تَعْرِيفاً لَهُمْ وتَقْرِيعاً وتَفْظِيعاً لِلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَجْمَع لَهُمْ عِنْدَ أخْذ الثَّأرِ بَيْنَ القتْل وبيْن تَعْرِيف الجُرم. وتَسْمِيته وقَرْع أسماعِهم بِهِ؛ ليَصْدَع قُلُوبَهُمْ فَيَكُونُ أنْكَى فِيهِمْ وأشْفَى للنَّفْس.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يومَ الشُّورَى «لَا تَغْمِدوا سُيُوفَكُمْ عَنْ أَعْدَائِكُمْ فَتُوتِرُوا ثَأْرَكُمْ» الثَّأْر هَاهُنَا العَدوّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الثَّأْرِ، أَرَادَ أَنَّكُمْ تُمكّنون عدُوّكم مِنْ أَخْذِ وَتْرِه عِنْدَكُمْ. يُقَالُ وَتَرتُه إِذَا أصبتَه بوَتْر، وأوْتَرْته إِذَا أوجَــدْته وَتْره ومكَّنْته مِنْهُ.

بَدَعَ

(بَدَعَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «البَدِيع» ، هُوَ الْخَالِقُ المختَرع لَا عَنْ مِثال سَابِقٍ، فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعِل. يُقَالُ أَبْدَعَ فَهُوَ مُبْدِع.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ تِهَامه كبَدِيع العسَل، حُلْوٌ أوَّله حُلْوٌ آخِرُهُ» البَدِيع: الزِّقُ الجَدِيد، شَبَّه بِهِ تِهَامه لِطِيبِ هَوَائِهَا، وَأَنَّهُ لَا يتغيَّر كَمَا أَنَّ الْعَسَلَ لَا يَتَغَيَّرُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَه عَنْهُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ «نِعْمَت البِدْعَة هَذِهِ» الْبِدْعَةُ بِدْعَتَان:
بِدْعَةُ هُدًى، وَبِدْعَةُ ضَلَالٍ، فَمَا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ فِي حَيِّز الذَّمِّ وَالْإِنْكَارِ، وَمَا كَانَ وَاقِعًا تَحْتَ عُموم مَا نَدب اللَّهُ إِلَيْهِ وحَضَّ عَلَيْهِ اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثَالٌ مَوْجُودٌ كنَوْع مِنَ الجُود وَالسَّخَاءِ وفعْل الْمَعْرُوفِ فَهُوَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَحْمُودَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي خِلَافِ مَا وَردَ الشَّرْعُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعل لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابًا فَقَالَ «مَنْ سَنّ سُنة حسَنة كَانَ لَهُ أجْرها وأجرُ مَنْ عَمِل بِهَا» وَقَالَ فِي ضِدّه «وَمَنْ سَنَّ سُنة سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عَمِل بِهَا» وَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قولُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَت الْبِدْعَةُ هَذِهِ. لمَّا كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَدَاخِلَةً فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ سَمَّاهَا بِدْعَةً ومدَحها؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسَنَّها لَهُمْ، وَإِنَّمَا صَلَّاهَا لَياليَ ثُمَّ تَركَها وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، وَلَا جَمع الناسَ لَهَا، وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ونَدَبهم إِلَيْهَا، فَبِهَذَا سَمَّاهَا بِدْعَةً، وَهِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ سُنَّة، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَيْكُمْ بسُنَّتي وسنَّة الْخُلَفَاءِ الراشِدين مِنْ بعْدي» وَقَوْلِهِ «اقتدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» وعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يُحمل الْحَدِيثُ الْآخَرُ «كُلُّ مُحْدَثة بدعةٌ» إِنَّمَا يُرِيدُ مَا خَالَفَ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُوَافِقِ السُّنَّة. وَأَكْثَرُ مَا يُستعمل المُبْتَدَع عُرفا فِي الذَّمِّ.
وَفِي حَدِيثِ الهَدْي «فأزْحَفَت عَلَيْهِ بالطَّريق فَعيَّ بشَأنِها إنْ هِيَ أَبْدَعَتْ» يُقَالُ أَبْدَعَتِ النَّاقَةُ إِذَا انْقَطعت عَنِ السَّير بِكَلاَل أَوْ ظَلْع، كَأَنَّهُ جعَل انْقِطَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةً عَلَيْهِ مِنْ عَادَةِ السَّير إِبْدَاعاً، أَيْ أنْشاء أمْرٍ خَارِجٍ عَمَّا اعْتِيد مِنْهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَيْفَ أصْنَع بِمَا أُبْدِعَ عَلَيَّ مِنْهَا» وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ أبْدَعَت. وَأُبْدِعَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَالَ: هَكَذَا يُستعمل. وَالْأَوَّلُ أَوْجَــهُ وَأَقْيَسُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فاحمِلْني» أَيِ انْقُطِع بِي لِكَلَالِ رَاحِلَتِي.

بَتَلَ

(بَتَلَ)
[هـ] فِيهِ «بَتَل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العُمْرى» أَيْ أوْجَــبها ومَلّكَها ملْكا لَا يَتطرَّق إِلَيْهِ نَقْض. يُقَالُ بَتَلَهُ يَبْتُلُهُ بَتْلًا إِذَا قَطَعَهُ.
(هـ) وَفِيهِ «لَا رَهْبانِيَّةَ وَلَا تَبَتُّلَ فِي الْإِسْلَامِ» التَّبَتُّل: الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وتَرْك النِّكَاحِ وَامْرَأَةٌ بَتُول مُنْقَطِعة عَنِ الرِّجَالِ لَا شهوةَ لَهَا فِيهِمْ. وَبِهَا سُمّيت مَرْيَمُ أَمُّ الْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
وَسُمِّيَتْ فاطمةُ البَتُول لِانْقِطَاعِهَا عَنْ نِسَاءِ زَمَانِهَا فضْلا ودِينا وحَسَبا. وَقِيلَ لِانْقِطَاعِهَا عَنِ الدُّنيَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «رَدّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّبَتُّل عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ» أَرَادَ تَرْكَ النِّكَاحِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ كَلَدَة «وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أمْرٌ مَا أَبْتَلْتُمْ بَتْلَه» يُقَالُ مَرَّ عَلَى بَتِيلَةٍ مِنْ رَأْيِهِ، ومُنْبَتِلَة، أَيْ عَزيمة لَا تُردّ. وانْبَتَلَ فِي السَّيْرِ: مَضَى وَجَدَّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا خطأ، والصواب ما انبلتم نَبْلَه، أَيْ مَا انْتَبَهْتُم لَهُ وَلَمْ تَعلموا عِلْمه. تَقُولُ الْعَرَبُ: أنذرْتك الأمْرَ فَلَمْ تَنْتَبِلْ نَبْلَه، أَيْ مَا انْتَبَهْتَ لَهُ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ النُّونِ لَا مِنَ الْبَاءِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فتدَافَعُوها وأبَوْا إِلَّا تَقْدِيمَه، فَلَمَّا سلَّم قَالَ: لَتُبَتِّلُنَّ لَهَا إِمَامًا أَوْ لَتُصَلُّنَّ وُحْدانا» مَعْنَاهُ لَتَنْصِبُنّ لَكُمْ إِمَامًا وتَقْطَعُنّ الْأَمْرَ بِإمَامَتِه، مِنَ البَتْل: الْقَطْعُ، أَوْرَدَهُ أَبُو مُوسَى فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَوْرَدَهُ الْهَرَوِيُّ فِي بَابِ الْبَاءِ وَاللَّامِ وَالْوَاوِ، وشَرَحه بالامتحان والاخْتِبار، من الابتلاء، فتكون التّا آن فِيهَا عِنْدَ الْهَرَوِيِّ زَائِدَتَيْنِ؛ الْأُولَى للمُضارَعة وَالثَّانِيَةُ لِلِافْتِعَالِ، وَتَكُونُ الْأُولَى عِنْدَ أَبِي مُوسَى زَائِدَةً للمُضَارعة وَالثَّانِيَةُ أَصْلِيَّةً، وَشَرَحَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا.

غرغر

غرغر
غرغرَ يغرغر، غرغرةً، فهو مُغرغِر
• غرغر الرّجُلُ: ردَّد الماءَ أو الدّواءَ في حلقه ولم يُسِغه "غرغر بماءٍ وملح/ بدواء الأسنان".
• غرغرتِ الرُّوحُ: تردَّدت في الحَلْق عند الموت "كنتُ إلى جانبه حين غرغرت روحُه ثمّ فاضت".
• غرغرتِ القِدرُ: صوَّتت عند الغَلَيان. 

تغرغرَ/ تغرغرَ بـ يتغرغر، تغرغُرًا، فهو مُتغرغِر، والمفعول مُتغرغَرٌ به
• تغرغرت عيناه: اغْرَوْرَقت، تردَّد فيهما الدّمعُ "تغرغرت عيناه حين تحدّثوا عن فقيده".
• تغرغر بالماء: غرْغَر؛ ردَّده في حلقه فلا يمجّه ولا يسيغه "يتغرغر كلَّ صباح بدواءٍ للفَمِ". 

غِرْغِر [مفرد]: مؤ غِرْغرة: (حن) نوع من الدّجاج البرِّي موطنه إفريقية، وهو رَبْع الجثّة، دقيق العنُق، صغير الرأس، حادّ الطرف، قصير الجناحين والذَّنَب، قوتُه الحبوب والثّمار وبعض الحشرات، لحمه مرغوب فيه. 

غَرْغرة [مفرد]: ج غراغِرُ (لغير المصدر):
1 - مصدر غرغرَ.
 2 - ما يُتَغَرْغر به من الأدوية "انكسرت زجاجة الغرغرة- تُداوى بعضُ أوجــاع الحَلْق بالغَرْغرة" ° غرغرة الرُّوح: تردُّد صوت الحَشْرجة في الحلق عند الموت- غرغرةُ الموت: الحَشْرجة. 

غرغر


غَرْغَرَ
a. Gurgled, bubbled, boiled.
b. Gargled.

تَغَرْغَرَ
a. [Bi], Gargled his throat with.
b. [Bi], Shed ( tears: eye ).
غَرْغَرَةa. Gurgling, bubbling, boiling, seething.
b. Gargling.

غِرْغِرa. Guinea-fowl.

غُرْغُرَةa. Gizzard.
b. White star, blaze ( on a horse's forehead).
(غرغر)
الرجل ردد المَاء أَو الدَّوَاء فِي حلقه وَلم يسغه وَيُقَال غرغر بِالْمَاءِ وبالدواء وَالروح ترددت فِي الْحلق عِنْد الْمَوْت وَالْقدر صاتت عِنْد الغلي وَاللَّحم سمع لَهُ نشيش عِنْد اشتوائه
غرغر: غَرْغَرَة، وجمعها غراغر: ترديد الدواء أو الماء في الحلق، وما يتغرغر به من الدواء، فعند ابن وافد (ص3 و) الغرغرة بالغراغر الباردة والحارَّة.
غِرْغِرة: حبيشة، دجاجة فرعونية، دجاجة سندية، دجاجة برية، نوع من الدجاج (بوشر).
غُرْغَيْرَة: باقة، طوق. (ألكالا) وهي gorgeria باللاتينية و gorgerin و gorgiere بالفرنسية أي طوق الرقبة، مجَنَ العنق، وهي القطعة من الدرع تغطى العنق.
غراغير في التيجاني في الجريدة الآسيوية (1853،1: 110): (الآبار القليلة التي يسقى منها العرب الزرع بالغراغير). ويقول السيد روسو: لا ادري ما هي واسطة السقي هذه.
(غرغر) - في الحديث : "لا تُحَدِّثْهم بما يُغَرْغِرهم"
الغَرغَرة مِثل كسْر القَوارِير وِالأنُوفِ، وهي صَوتٌ معه بَحَحٌ، وصَوتُ القِدر أيضًا. والغَرْغَرَة في الحَلْق: أن يترَّددَ فيه الماءُ وغَيرُه.
وقال الجَبَّان: الغَرْغَرَة: مُتَعدّي التَّغَرغُر، وهو جَعْل الماءِ في الحَلْق. ويقال: غَرَرْتُ قصبةَ أنفِه: أي كَسَرتُها، قال: والصحيح بالعَيْن المهملة.
- في الحديث: "من تَابَ قَبلَ أن يُغَرْغِر"
: أي قَبلَ أن تَبْلُغَ الرُّوحُ
[غرغر] فيه: يقبل توبة عبده ما "لم يغرغر"، أي لم يبلغ روحه حلقومه فيكون بمنزلة شيء يتغرغر به المريض، والغرغرة أن يجعل المشروب في الفم ويردد إلى أصل الحلق ولا يبلع. ك: وهذا لأن شرط التوبة العزم على ترك الذنب، وإنما يتحقق مع التمكن أوان الاختيار، وهذا في التوبة من الذنوب، لكن لو استحل من مظلمة أو أوصى بشيء صح. نه: ومنه: لا تحدثهم بما "يغرغرهم"، أي بما لا يقدرون على فهمه فيبقى في أنفسهم لا يدخلها كما يبقى الماء في الحلق عند الغرغرة. وفي ح بني إسرائيل: فجعل عنبهم الأراك ودجاجهم "الغرغر"، وهو دجاج الحبش لا ينتفع بلحمه لرائحته.

حيى

(حيى) - في الحديث: "يُصَلِّى العَصْرَ والشَّمسُ حَيَّة" .
قيل: حَياتُها: شِدَّةُ وَهِيجِها وبَقاءُ حَرِّها لم ينكَسِر منه شىءٌ وقيل: حَياتُها: صَفاءُ لَونِها لم يدخُلْها التَّغَيُّر.
- في الحديث: "أنَّ المَلائِكَةَ قالت لآدم، عليه الصلاة والسلام: حَيَّاك اللهُ تَعالَى وبَيَّاك"
حَيَّاكَ. قِيل: أَبقاكَ، من الحَيَاة، وقيل: مَلَّكَك، وقيل: سَلَّم عليكَ. وقيل: أَفرحَك. وقيل: هو من استِقبال المُحَيَّا، وهو الوَجْه، وهو من الفَرَس دَائِرَةٌ في أَسفلِ النَّاصِيَة.
وبَيَّاك: إتباعٌ له، وقيل: أي بَوَّأَك منزِلاً، ترك الهمْزَ، وأَبدَل من الوَاوِ يَاءً لِيزْدَوِجَ الكَلامُ، كالغَدَايا والعَشَايا. وقال أبو زَيْد الأَنصارِىّ: بَيَّاك: قَرَّبك، وأنشد:
* بَيًّا لهم إذْ نَزَلُوا الطَّعاما * . : أي قَرَّبه إليهم، وقال ابن الأعرابى: بَيَّاكَ: قَصَدَك بالتَّحِية، وأنشد:
لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخَا تَمِيمِ ... أَعطى عَطَاء اللَّحِزِ اللَّئِيمِ
: أي لَمَّا قَصدْناه.
وقال الأصمعى: بَيَّاك: أَضْحكك، ذهب إلى قَولِ المفُسِّرين؛ لأنهم زَعَمُوا: أَنَّ قَابِيل لمَّا قَتَل هابِيلَ مَكَث آدمُ، عليه الصلاة والسلام، كَذَا وكَذَا لا يَضْحَكُ، فأَوحَى الله تعالى إليه: "حَيَّاكَ الله وبَيَّاك": أي أضحَكَك، فَضحِك حِينَئِذٍ.
- قوله للأَنصَارِ: "المَحْيَا مَحْياكُم" .
المَحْيَا: الحَياةُ، ومَوضِعُ الحَياةِ، وزمان الحَياةِ.
- في الحديث: "أنه كَرِه من الشَّاة سبعًا: الدَّمَ، والمَرارةَ، والحَياءَ، والغُدَّة، والذَّكَر، والأُنْثَيَيْنِ، والمَثَانَة".
الحَياءُ ممدود: الفَرْج لِذَوات الخُفِّ والظَّلف، وجمعه أَحْيِية، من مصدر استَحْيَا قَصدًا إلى التَّورية، وأنه مِمَّا يُسْتَحَى من ذِكْره. - في حَدِيثُ عُمَرَ: "أَحيُوا ما بين العِشَاءَين"
: أي تَأَرّقوا، لأَنَّ النومَ موتٌ، واليَقظَة حَياةٌ، ومَرجِع الصِّفة إلى صَاحِب اللَّيل، وهو من باب قَولِه:
فأَتت به حُوشَ الجَنانِ مُبطَّناً ... سُهُدًا إذَا مَا نَامَ لَيْلُ الهَوْجلِ
أي: يُنام فيه، ويُرِيد بالعِشاءَين المَغرِبَ والعِشاءَ، فَغلَّب العِشاءَ: كالعُمَرين].
حيى
الحياة تستعمل على أوجــه:
الأوّل: للقوّة النّامية الموجودة في النّبات والحيوان، ومنه قيل: نبات حَيٌّ، قال عزّ وجلّ:
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها
[الحديد/ 17] ، وقال تعالى: وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً
[ق/ 11] ، وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء/ 30] .
الثانية: للقوّة الحسّاسة، وبه سمّي الحيوان حيوانا، قال عزّ وجلّ: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ
[فاطر/ 22] ، وقوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً [المرسلات/ 25- 26] ، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فصلت/ 39] ، فقوله: إِنَّ الَّذِي أَحْياها إشارة إلى القوّة النّامية، وقوله:
لَمُحْيِ الْمَوْتى إشارة إلى القوّة الحسّاسة.
الثالثة: للقوّة العاملة العاقلة، كقوله تعالى:
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ [الأنعام/ 122] ، وقول الشاعر:
وقد أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي
والرابعة: عبارة عن ارتفاع الغمّ، وبهذا النظر قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميّت الأحياء
وعلى هذا قوله عزّ وجلّ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [آل عمران/ 169] ، أي: هم متلذّذون، لما روي في الأخبار الكثيرة في أرواح الشّهداء .
والخامسة: الحياة الأخرويّة الأبديّة، وذلك يتوصّل إليه بالحياة التي هي العقل والعلم، قال الله تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ [الأنفال/ 24] ، وقوله: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي [الفجر/ 24] ، يعني بها: الحياة الأخرويّة الدّائمة.
والسادسة: الحياة التي يوصف بها الباري، فإنه إذا قيل فيه تعالى: هو حيّ، فمعناه: لا يصحّ عليه الموت، وليس ذلك إلّا لله عزّ وجلّ.
والحياة باعتبار الدّنيا والآخرة ضربان:
الحياة الدّنيا، والحياة الآخرة: قال عزّ وجلّ:
فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا [النازعات/ 38] ، وقال عزّ وجلّ: اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ [البقرة/ 86] ، وقال تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ [الرعد/ 26] ، أي: الأعراض الدّنيويّة، وقال: وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها [يونس/ 7] ، وقوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ [البقرة/ 96] ، أي: حياة الدّنيا، وقوله عزّ وجلّ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [البقرة/ 260] ، كان يطلب أن يريه الحياة الأخرويّة المعراة عن شوائب الآفات الدّنيويّة. وقوله عزّ وجلّ: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة/ 179] ، أي: يرتدع بالقصاص من يريد الإقدام على القتل، فيكون في ذلك حياة الناس. وقال عزّ وجلّ: وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [المائدة/ 32] ، أي: من نجّاها من الهلاك، وعلى هذا قوله مخبرا عن إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة/ 258] ، أي:
أعفو فيكون إحياء. والحَيَوَانُ: مقرّ الحياة، ويقال على ضربين: أحدهما: ما له الحاسّة، والثاني:
ما له البقاء الأبديّ، وهو المذكور في قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت/ 64] ، وقد نبّه بقوله:
لَهِيَ الْحَيَوانُ أنّ الحيوان الحقيقيّ السّرمديّ الذي لا يفنى، لا ما يبقى مدّة ثم يفنى، وقال بعض أهل اللّغة: الحَيَوَان والحياة واحد ، وقيل: الحَيَوَان: ما فيه الحياة، والموتان ما ليس فيه الحياة. والحَيَا: المطر، لأنه يحيي الأرض بعد موتها، وإلى هذا أشار بقوله تعالى:
وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء/ 30] ، وقوله تعالى: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى
[مريم/ 7] ، فقد نبّه أنه سمّاه بذلك من حيث إنه لم تمته الذّنوب، كما أماتت كثيرا من ولد آدم صلّى الله عليه وسلم، لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإنّ هذا قليل الفائدة. وقوله عزّ وجلّ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [يونس/ 31] ، أي: يخرج الإنسان من النّطفة، والدّجاجة من البيضة، ويخرج النّبات من الأرض، ويخرج النّطفة من الإنسان. وقوله عزّ وجلّ: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها
[النساء/ 86] ، وقوله تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النور/ 61] ، فَالتَّحِيَّة أن يقال: حيّاك الله، أي: جعل لك حياة، وذلك إخبار، ثم يجعل دعاء. ويقال: حَيَّا فلان فلانا تَحِيَّة إذا قال له ذلك، وأصل التّحيّة من الحياة، ثمّ جعل ذلك دعاء تحيّة، لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة، أو سبب حياة إمّا في الدّنيا، وأمّا في الآخرة، ومنه «التّحيّات لله» وقوله عزّ وجلّ: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ [البقرة/ 49] ، أي: يستبقونهنّ، والحَياءُ:
انقباض النّفس عن القبائح وتركه، لذلك يقال:
حيي فهو حيّ ، واستحيا فهو مستحي، وقيل:
استحى فهو مستح، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [البقرة/ 26] ، وقال عزّ وجلّ: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب/ 53] ، وروي: «إنّ الله تعالى يستحي من ذي الشّيبة المسلم أن يعذّبه» فليس يراد به انقباض النّفس، إذ هو تعالى منزّه عن الوصف بذلك وإنّما المراد به ترك تعذيبه، وعلى هذا ما روي: «إنّ الله حَيِيٌّ» أي: تارك للقبائح فاعل للمحاسن. 
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.