Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أحياء

فَرَطَ

(فَرَطَ)
(هـ) فِيهِ «أنَا فَرَطُكم عَلَى الحَوْض» أَيْ مُتَقَدِّمُكُمْ إِلَيْهِ. يُقَالُ:
فَرَطَ يَفْرِطُ، فَهُو فَارِطٌ وفَرَطٌ إِذَا تقَدَّم وسَبَق الْقَوْمَ ليَرْتادَ لَهُمُ الْمَاءَ، وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلاء والأَرِشيَة.
(هـ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ للطِّفل الميِّت «اللَّهُمَّ اجْعَلْه لَنَا فَرَطاً» أَيْ أجْراً يَتَقَدَّمُنا. يُقَالُ: افْتَرَطَ فُلان ابْناً لَهُ صَغيرا إِذَا مَاتَ قَبْله.
وَحَدِيثُ الدُّعَاءِ أَيْضًا «عَلَى مَا فَرَطَ منِّي» أَيْ سَبَق وَتَقَدَّمَ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَا والنَّبِيُّون فُرَّاط القَاصِفين» فُرَّاط: جَمْع فَارِط: أَيْ مُتَقَدّمون إِلَى الشَّفَاعَةِ. وَقِيلَ: إِلَى الحَوْض. والقاصِفون: المُزْدَحِمُون.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَالَ لِعَائِشَةَ: تَقدَمِين عَلَى فَرَطِ صدقٍ» يَعني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وأضافَهُما إِلَى صِدْق وصْفاً لهمَا ومَدْحا.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهاك عَنِ الفُرْطَة فِي الدِّين» يَعْنِي السَّبْق والتَّقَدُّم ومُجاوَزة الحَدِّ. الفُرْطَة بِالضَّمِّ: اسْمٌ لِلْخُرُوجِ والتَّقَدُّم، وَبِالْفَتْحِ المرَّة الواحِدة.
وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ- وَهُوَ بطَرِيق مَكَّةَ-: مَنْ يَسْبقنا إِلَى الْإِثَايَةِ فيَمْدُرُ حَوْضَها ويُفْرِطُ فِيهِ فيَملؤه حَتَّى نأتِيَه» أَيْ يُكْثِر مِنْ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ. يُقَالُ: أَفْرَطَ مَزَادتَه إِذَا مَلأها، مِنْ أَفْرَطَ فِي الأمْر إِذَا جاوَز فِيهِ الحَدّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سُراقة «الَّذِي يُفْرِطُ فِي حَوْضِه» أَيْ يَمْلؤه.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
تَنْفِي الرّيَاحُ القَذَى عَنْهُ وأَفْرَطَه أَيْ مَلَأَهُ. وَقِيلَ: أَفْرَطَه هَاهُنَا بمعنى تركَه. وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح:
إنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُم أَيْ تَرَكَهُمْ وَزَالَ عَنْهم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا يُرَى الجاهلُ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً» هُو بِالتَّخْفِيفِ: الْمُسْرِف فِي العَمَل، وَبِالتَّشْدِيدِ: المُقَصِّر فِيهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ نَامَ عَنِ العِشَاء حَتَّى تَفَرَّطَتْ» أَيْ فَاتَ وقْتُها قَبْلَ أدائِها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ تَوْبَةِ كَعْبٍ «حَتَّى أسْرَعوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ» وَفِي رِوَايَةٍ «تَفَرَّطَ الغَزْوُ» أَيْ فَاتَ وقْتُه وَتَقَدَّمَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ضُباعة «كَانَ الناسُ إِنَّمَا يَذْهَبون فَرْطَ اليَوْمين فَيَبْعَرُون كَمَا تَبْعَر الْإِبِلُ» أَيْ بَعْدَ يَوْمَين. يُقَالُ: آتِيك فَرْطَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَين: أَيْ بَعْدَهُما، ولَقِيتُه الفَرْطَ بَعْدَ الفَرْطِ أَيِ الحِينَ بَعْد الحِين.
فَرَطَ فُروطاً بالضم: سَبَقَ، وتَقَدَّمَ،
وـ في الأمْرِ فَرْطاً: قَصَّرَ به، وضَيَّعَهُ،
وـ عليه في القولِ: أسْرَفَ،
وـ وُلْداً: ماتُوا له صِغَاراً،
وـ إليه رَسولَهُ: قَدَّمَهُ، وأرْسَلَهُ،
وـ النَّخْلَةُ: ما لُقِّحَتْ حتى عَسَا طَلْعُها، وأفْرَطَها غيرُها.
وفَرَطَ القومَ يَفْرِطُهُمْ فَرْطاً وفَراطةً: تَقَدَّمَهُمْ إلى الوِرْدِ لإِصْلاحِ الحَوْضِ والدِّلاَء، وهم الفُرَّاطُ،
والفَرْطُ: الاسْمُ من الإِفْرَاطِ، والغَلَبَةُ، والجَبَلُ الصغيرُ، أو رأسُ الأكَمَةِ، والعَلَمُ المُسْتَقِيمُ يُهْتَدَى به
ج: أفْرُطٌ وأفْراطٌ، والحِينُ، وأنْ تأتِيهُ بعدَ الأيَّامِ، ولا يكونُ أكْثَرَ من خَمْسَةَ عَشَرَ، ولا أقَلَّ من ثَلاَثَةٍ، وطَرِيقٌ،
أو ع بِتهامَةَ، وبالتحريكِ: المُتَقَدِّمُ إلى الماء، للواحِدِ والجَمِيعِ، والماءُ المُتَقَدِّمُ لغيرِهِ من الأَمْواهِ، وما تَقَدَّمَكَ من أجْرٍ وعَملٍ، وما لم يُدْرِكْ من الولَدِ، وبضمَّتيْنِ: الظُّلْمُ والاعْتِدَاء، والأمْرُ المُجاوَزُ فيه عن الحَدِّ، والفَرَسُ السريعةُ.
والفُراطَةُ، كثُمامَةٍ: الماء يكونُ شَرَعاً بينَ عِدَّةِ أحْياء، من سَبَقَ إليه، فهو له.
والفَارِطَانِ: كوْكَبَانِ أمام بَناتِ نَعْشٍ.
وأفْراطُ الصَّباحِ: تَباشِيرُهُ.
وفَرَّطَ الشيءَ،
وـ فيه تَفْرِيطاً: ضَيَّعَهُ، وقَدَّمَ العَجْزَ فيه، وقصَّرَ،
وـ إليه رسولاً: أرْسَلَهُ،
وـ فلاناً: تَرَكَهُ، وتَقَدَّمَهُ، ومَدَحَهُ حتى أفْرَطَ في مَدْحِهِ،
وـ اللُّه تعالى عن فُلانٍ ما يَكْرَهُ: نَحَّاهُ.
وأفْرَطَهُ: مَلأَهُ حتى أسالَ الماء، أو حتى فاضَ،
وـ الأمْرَ: نَسِيَهُ،
وـ عليه: حَمَّلَهُ ما لا يُطيقُ، وجاوَزَ الحَدَّ، وأعْجَلَ بالأمْرِ،
وـ السَّحابُ بالوَسْمِيِّ: عَجَّلَتْ به،
وـ بِيَدِهِ إلى سَيْفِهِ لِيَسْتَلَّهُ: بادَرَ، وأرسَلَ رسولاً خاصّاً في حَوائِجِهِ.
وتَفارَطَتْهُ الهُمومُ: أصابَتْهُ في الفَرْطِ، أو تَسَابَقَتْ إليه،
وـ فلانٌ: سَبَقَ، وتَسَرَّعَ،
وـ الشيءُ: تأخَّرَ وَقْتُهُ، فلم يَلْحَقْهُ من أرادَهُ.
وهو لا يُفْتَرَطُ إحْسَانُهُ: لا يُخافُ فَوتُهُ.
والفَرْطَةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ من الخُروجِ، وبالضم: الاسمُ.
وبعيرٌ ورجُلٌ فُرَطِيٌّ، كجُهَنيٍّ وعَرَبِيٍّ: صَعْبٌ، وقوله تعالى:
{وأنَّهُم مُفْرَطونَ} ، أي: مَنْسِيُّونَ مَتْرُوكونَ في النارِ، أو مُقَدَّمُونَ مُعَجَّلُونَ إليها. وقُرِئ بكسر الراء، أي: مُجَاوِزُونَ لما حُدَّ لهم.
وفارَطَهُ: ألْفاهُ، وصادَفَهُ، وسابَقَهُ.
وتَكَلَّمَ فِراطاً، ككِتابٍ، أي: سَبَقَتْ منه كَلِمَةٌ.
وافْتَرَطَ ولَداً، أي: ماتَ وَلَدُه قبلَ الحُلُمِ.

دَنا

دَنا
إحدى صيغ الإسم دانيال المأخوذ عن العبرية بمعنى الله قاضي. يستخدم للذكور.
دَنا:
بلفظ ماضي يدنو: موضع بالبادية، وقيل: في ديار بني تميم بين البصرة واليمامة، قال النابغة:
أمن ظلّامة الدّمن البوالي ... بمرفضّ الحبيّ إلى وعال
فأمواه الدّنا فعويرضات ... دوارس، بعد أحياء حلال
ذكره المتنبي بما يدلّ على أنه قرب الكوفة فقال:
وغادي الأضارع ثم الدّنا
والأضارع: من منازل الحاجّ.
دَنا دُنُوًّا ودَناوَةً: قَرُبَ،
كأَدْنَى.
ودَنَّاه تَدْنِيَةً وأدْناهُ: قَرَّبَه.
واسْتَدْناهُ: طَلَبَ منه الدُّنُوُّ.
والدَّناوَةُ: القَرابَةُ، والقُرْبَى.
والدُّنْيا: نَقِيضُ الآخِرةِ، وقد تُنَوَّنُ
ج: دُنًى.
وهو ابنُ عَمِيٍّ، أو ابنُ خالِي، أو عَمَّتِي، أو خالَتِي، أو ابنُ أخِي، أو أُخْتِي دِنْيَةً ودِنْياً ودُنْيا ودِنْيَا: لَحًّا.
ودانَيْتُ القَيْدَ: ضَيَّقْتُه.
وناقَةٌ مُدْنِيَةٌ ومُدْنٍ: دَنا نِتاجُها.
والدَّنِيُّ، كغنِيٍّ: الساقطُ الضَّعيفُ،
وما كان دَنِيًّا،
ولقد دَنِيَ دَناً ودنايَةً. والدَّنا: ع.
والأدْنَيانِ: وادِيانِ.
ولَقِيتُه أدْنَى دَنِيٍّ، كغنِيٍّ،
وأدْنَى دَناً: أوَّلَ شيءٍ.
وأدْنَى إدْناءً: عاشَ عَيْشاً ضَيِّقاً.
ودَنَّى في الأمور تَدْنِيَةً: تَتَبَّعَ صَغيرَها وكبيرَها.
وتَدَنَّى: دَنا قلِيلاً.
وتَدَانَوْا: دنَا بعضُهم من بعضٍ:
(ودانِيَةُ: د بالمَغْرِبِ، منه جماعةٌ عُلَماءُ، منهم أبو عَمْرٍو المُقْرِئُ) .

الجهاد

الجهاد
قوبل الدين الجديد بأعنف مظاهر المعارضة، واجتمع أعداؤه يريدون القضاء عليه، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يخنقوه في مهده، وأن يبيدوا فكرته ومبادئه، ولم يقفوا عند حد الجدل اللسانى، أو المعارضة القولية، بل تعدوا ذلك إلى أشد ألوان الإيذاء، فحملوا بقسوة على من اعتنق هذا الدين الجديد، حتى أصبح مقامهم في وطنهم عبئا لا يحتمل، وجحيما لا يطاق، ففروا بدينهم إلى المدينة، وضحوا في سبيل عقيدتهم بأموالهم. وأهليهم، فكان من الطبيعى أن يسمح لمعتنقى هذا الدين الذى اتخذ شعاره: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل 125). أن يعدوا العدة للدفاع عن أنفسهم، والدفاع عن عقيدتهم، حتى يتدبر الناس أمرها في حرية وأمن، ويتدبروا ما فيها من الحق والصواب، فيعتنقوها عن اقتناع، ويدخلوها مطمئنين، لا يخافون، وقد بين القرآن ذلك في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (الحج 39، 40). وإن أحق ما يعطاه المظلوم من الحقوق الدفاع عن النفس، ليعيش آمنا في سربه، مطمئنّا إلى حياته، لا يخشى أحدا على نفسه ولا عقيدته، والجهاد هو الذى يدفع شرّة العدو، ويحول بينه وبين الاعتداء والتعدى، فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (النساء 84).
وإذا كان للجهاد، هذا الأثر القوى في تأمين الجماعة الناشئة على نفسها وعقيدتها، فلا جرم كان له مكانه الممتاز بين مبادئ هذا الدين وقواعده، حتى إنه لينكر أن يسوى به غيره مما لا يبلغ قدره وقيمته، فيقول: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (التوبة 19 - 22).
ويقول: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (النساء 95).
أرأيت هذا التكرير وما يحمله من معانى التوكيد، مثبتا في النفس فضل الجهاد وقدره وقيمته.
والقرآن يعترف بأن الجهاد فريضة ثقيلة على النفوس، لا تتقبله في يسر، ولا تنقاد إليه في سهولة، فهو يعلم ما لغريزة حب الذات من أثر قوى في حياة الإنسان وتوجيه أفعاله، ولذلك تحدث في صراحة، مقررا موقف النفس الإنسانية، من تلك الفريضة الشاقة، التى يعرض المرء فيها حياته لخطر الموت، وقد طبعت النفوس على بغضه وكراهيته، فقال كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة 216). ويقرر في صراحة أن نفوس المسلمين قد رغبت في أن تظفر بتجارة المكيين الآئبة من الشام، والتى يستطيعون الاستيلاء عليها من غير أن يريقوا دماءهم في قتال مرير مع القرشيين، إذ يقول: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (الأنفال 7).
وإذا كانت النفس الإنسانية تجد الجهاد فريضة شاقة، فقد جمع القرآن حولها من المغريات ما يدفع إلى قبولها قبولا حسنا، بل إلى حبها والرغبة فيها.
وإذا كان أول ما يثنى المرء عن الجهاد هو حبه للحياة وبغضه للموت، فقد أكد القرآن مرارا أن هذا الذى يقتل في سبيل الله حىّ عند ربه يرزق، وإن كنا لا نشعر بحياته ولا نحس بها، فقال: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران 169 - 171). وإذا كان من يقتل في سبيل الله حيا يرزق، ويظفر بحياة سعيدة، فرحا بما أنعم الله به عليه، ولا يمسه خوف، ولا يدركه حزن، فلا معنى للإحجام عن الجهاد، حرصا على حياة لا تنقطع بالموت في ميدان القتال، ولا تنتهى بالاستشهاد، بل يستأنف صاحبها حياة أخرى آمنة، خالصة مما يشوب حياة الدنيا من القلق والمخاوف والأحزان.
ويمضى بعدئذ، غارسا في نفوسهم أن الموت قدر مقدور، لا يستطيع المرء تجنبه أو الهرب منه، فلا معنى إذا لتجنب الجهاد الذى لا يدنى الأجل، إذا كان في العمر فسحة، إذ الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف 34). فيقول: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (الأعراف 34). ويقول: يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ (آل عمران 154). ويرد على أولئك الذين يزعمون الجهاد مجلبة للموت ردّا رفيقا حازما في قوله: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (آل عمران 167، 168). وإذا كان المرء يموت عند انقضاء أجله، فلا معنى كذلك للفرار من ميدان القتال خوفا من الموت إذ لا
شىء يحول بينهم وبينه إن كان أجلهم قد دنا، قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (الأحزاب 16، 17).
وإذا كانت الدنيا زائلة لا محالة والموت قادما لا ريب فيه، وإذا كان الباقى الدائم هو الدار الآخرة والجهاد وسيلة من وسائل السعادة في هذه الدار- كان العاقل الحازم هو هذا الذى يقبل على الجهاد بنفس راضية، مؤثرا ما يبقى على ما يزول قال سبحانه: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء 74). ويرد على هؤلاء الذين اعترضوا على فرض القتال بقوله: وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء 77، 78).
ويثير فيهم النخوة الإنسانية، وشهامة الرجولة، حينما يمثل لهم واجبهم المقدس إزاء إنقاذ قوم ضعاف يسامون الذل، ويقاسون الظلم، على أيدى قرية ظالم أهلها، فلا يجدون ملجأ يتجهون إليه سوى الله، يرجونه ويطلبون نصرته، أليس هؤلاء الضعاف أجدر الناس بأن يهب من لديهم نخوة لإنقاذهم من أيدى ظالميهم؟ قال سبحانه: وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (النساء 75).
ويمثلهم وأعداءهم معسكرين، أحدهما ينصر الله، وثانيهما ينصر الشيطان، أحدهما يدافع عن الحق، وثانيهما يدافع عن الباطل والغواية، والدفاع عن الحق من عمل الإنسان الكامل، أما الباطل فلا يلبث أن ينهار في سرعة، لأنه هشّ ضعيف، الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (النساء 76).
أما جزاء الجهاد فقد أعد الله للمجاهد مغفرة منه ورحمة خيرا مما يتكالب الناس على جمعه في هذه الحياة، وهيأ له جنات تجرى من تحتها الأنهار، فقد عقد معه عقد بيع وشراء، يقاتل في سبيله، فيقتل ويقتل، وله في مقابل ذلك جنة الخلد، ذلك عهد قد أكد الله تحقيقه في قوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة 111). وأكّد القرآن هذا، وكرره في مواضع عدة، فقال مرة: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (آل عمران 195). وقال أخرى حاثا على الجهاد مغريا به: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (الصف 10 - 12).
ويشجعهم على تتبع أعدائهم بلا تباطؤ ولا وهن، مبينا لهم أن أعداءهم ليسوا بأسعد حالا منهم، فهم يتألمون مثلهم ثمّ هم يمتازون عليهم بأن لهم آمالا في الله، ورجاء في ثوابه وجنته، ما ليس لدى أعدائهم، ولذا كانوا أجدر منهم بالصبر، وأحق منهم بالإقدام، فيقول: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء 104).
تلك هى المغريات التى بثها القرآن هنا وهناك، يحث بها على الجهاد، ويوطن النفس على الرغبة فيه والإقبال عليه، وأنت تراها مغريات طبيعية تدفع النفس إلى الإقدام على مواطن الخطر غير هيابة ولا وجلة، مؤمنة بأنه لن يصيبها إلا ما كتب الله لها، فلا الخوف بمنجّ من الردى، ولا الإحجام بمؤخر للأجل، مؤملة خير الآمال في حياة سعيدة قادمة، لا يعكر صوفها خوف ولا حزن.
وإذا كان الله قد حث النفس الإنسانية على الجهاد، وحببه إليها، فقد حذرها من الفرار من ميدان القتال تحذيرا كله رهبة وخوف، وإن الفرار يوم الزحف لجدير أن يظفر بهذا التهديد، لأنه يوهن القوى، ويفت في العضد، ويسلم إلى الانحدار، والهزيمة، فلا غرابة أن نسمع هذا الزجر العنيف في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال 15، 16).
ويشير القرآن إلى أن الإعداد للحرب وسيلة من وسائل تجنّبها، وهو من أجل ذلك يحث على إعداد العدة واتخاذ الأهبة، حتى يرهب العدو ويحذر، فيكون ذلك مدعاة إلى العيش في أمن وسلام، ويدعو القرآن إلى البذل في سبيل هذا الإعداد، حتى ليتكفل بوفاء النفقة لمن أنفق من غير ظلم ولا إجحاف به، والقرآن بتقرير هذا المبدأ عليم بالنفس الإنسانية التى يردعها الخوف فيثنيها عن الاعتداء، قال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال 60).
وبهذه القوة التى أمرنا القرآن بإعدادها نرهب العدو، ونستطيع القضاء عليه، إذا هو حاول الهجوم، أو نقض عهدا كان قد أبرمه معنا، وبها نقلّم أظافره، فلا نغتر بما قد يبديه من خضوع، يخفى وراءه رغبة في الانقضاض إن واتته الفرصة، أو وجد عندنا غفلة، وبهذه القوة يشعر العدو بخشونة ملمسنا، وأننا لسنا لقمة سائغة الازدراء،
فالقتال مباح حتى يأمن سرب الجماعة، ويهدأ بالها، فلا تخشى هجوما ولا مباغتة، ولكن من غير أن تحملنا القوة على الزّهو فنعتدى، وبهذه القوة نقابل الاعتداء بمثله، من غير أن نظهر وهنا ولا استكانة يظنها العدو ضعفا، وبها نقضى على أسباب الفتنة، حتى تصبح حرّيّة العبادة مكفولة، وحرية العقيدة، موطدة الأركان، واستمع إلى هذه المبادئ القوية مصوغة في أسلوب قوى في قوله: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة 190 - 193).
وإِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (الأنفال 55 - 57)، وكَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة 7 - 15). يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة 123). فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (محمد 35).
ولم يدع القرآن بابا لتقوية الروح المعنوية لدى المسلمين إلا سلكه، ففضلا عن المغريات التى أسلفنا الحديث عنها، يؤكد لهم مرارا أن الله معهم، وأنه وعد من ينصره بالنصر المؤزر، ويطمئنهم بأنه يمدهم بالملائكة يساعدونهم ويشدون عضدهم، ويخبرهم بأنه ينزل السكينة على قلوبهم، والأمن على أفئدتهم، ويربط على قلوبهم ويثبت أقدامهم، وهو يعلم ما للإيمان الصادق، وما للروح المعنوية القوية من أثر بالغ في صدق الدفاع والنصر، ولهذا جعل المؤمن الصابر الصادق يساوى فى المعركة عشرة رجال، ثم رأى أن هذا الجندى المثالى قليل الوجود، فجعل المؤمن الواحد يساوى اثنين، فللقوة المعنوية أثرها الذى لا ينكر في ميدان القتال، واستمع إليه يقول: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 65).
ويقرر القرآن ما للرعب الذى يلقيه في قلوب أعدائهم من الأثر فيما يلحقهم من الهزائم، وفي كل ذلك تثبيت لقلوب المؤمنين، وتقوية لروحهم المعنوية.
هذا، ومن أهم ما عنى به القرآن وهو يصف القتال الناجح- وصفه المقاتلين يتقدمون إلى العدو في صفوف ملتحمة متجمعة، لا ثغرة للعدو ينفذ منها، ولا جبان بين الصفوف يتقدم في خوف ووهن، وذلك حين يقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 4). وفي كلمة البنيان والرصّ ما يصور لك صفوف المجاهدين يتقدمون في قوة وحزم، يملأ قلوبهم الإيمان، ويحدوهم اليقين.
كما عنى بالحديث عن الجند الخائن، وأن الخير في تطهير الجيش منهم، فهم آفة يبثون الضعف، ويبذرون بذور الوهن في النفس، ويقودون الجيش إلى الانهيار والهزيمة، وقد أطال القرآن في وصف هؤلاء الجند وتهديدهم وتحذير الرسول من صحبتهم، فقال مرة: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (النساء 72، 73). ويصفهم مهددا منذرا فى قوله: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (التوبة 81 - 87). ويبين أن الخير في عدم استصحابهم، فيقول: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (المائدة 47). وهذه النذر القوية تؤذن بما للجهاد من أثر في صيانة الدين، والتمكين له في الأرض.
الجهاد:
[في الانكليزية] Effort ،holywar ،struggle against the desires
[ في الفرنسية] Effort ،guerre sainte ،lutte contre les desirs
بالكسر في اللغة بذل ما في الوسع من القول والفعل كما قال ابن الأثير. وفي الشريعة قتال الكفار ونحوه من ضربهم ونهب أموالهم وهدم معابدهم وكسر أصنامهم وغيرها كذا في جامع الرموز. ومثله في فتح القدير حيث قال:
الجهاد غلب في عرف الشرع على جهاد الكفار وهو دعوتهم إلى الدين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا، وهو في اللغة أعمّ من هذا انتهى.
والسّير أشمل من الجهاد كما في البرجندي.
وعند الصوفية هو الجهاد الأصغر. والجهاد الأكبر عندهم هو المجاهدة مع النفس الأمّارة كذا في كشف اللغات.

لَحَدَ

(لَحَدَ)
- فِيهِ «احْتكار الطَّعَامِ فِي الحَرَم إِلْحَادٌ فِيهِ» أَيْ ظُلْم وعُدْوانٌ. وَأَصْلُ الإِلْحاد:
المَيْل والعُدول عَنِ الشَّيْءِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفة «لَا يُلْطَطُ فِي الزَّكَاةِ وَلَا يُلْحَد فِي الحَياة» أَيْ لَا يَجْري مِنْكُمْ مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ مَا دُمْتم أَحْيَاءً.
قَالَ أَبُو مُوسَى: رَوَاهُ القُتَيْبي «لَا تُلْطِطْ وَلَا تُلْحِد» عَلَى النَّهْيِ لِلْوَاحِدِ وَلَا وَجه لَهُ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ للجَماعة.
وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ «لَا نُلْطِط وَلَا نُلْحِد» بِالنُّونِ .
وَفِي حَدِيثِ دَفْنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلْحِدُوا لِي لَحْداً» اللَّحْد: الشَّق الَّذِي يُعْمل فِي جَانِبِ الْقَبْرِ لمَوضع المَيِّت؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِيلَ عَنْ وسَط القَبْر إِلَى جانِبه. يُقَالُ:
لَحَدْت وأَلْحَدْت.
وَمِنْهُ حَدِيثُ دَفْنه أَيْضًا «فأرْسَلُوا إِلَى اللَّاحِد والضارِح» أَيْ الَّذِي يَعْمَل اللَّحْدَ والضَّريح.
وَفِيهِ «حَتَّى يَلْقَى اللهَ وَمَا عَلَى وجْهه لُحَادَة من لَحْم» أي قِطْعَة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «مَا أُراها إِلَّا «لُحَاتَة» بالتَّاء ، مِن اللحْت ، وَهُوَ أَلَّا يَدع عِنْدَ الإنْسان شَيْئاً إلاَ أخَذه . وَإِنْ صَحَّت الروايةُ بالدَّال فَتَكُون مُبْدَلةً مِنَ التَّاءِ، كَدَوْلج فِي تَوْلج» .

وَأَدَ

(وَأَدَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ وَأْدِ البَنَات» أَيْ قَتْلِهنَّ. كَانَ إِذَا وُلِدَ لأحَدِهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ بنتٌ دفَنَها فِي التُّرَابِ وَهِيَ حَيَّة. يُقَالُ: وَأَدَهَا يَئِدُهَا وَأْداً فهي مَوْءُودَةٌ. وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ العَزْل «ذَلِكَ الْوَأْدُ الخَفِيُّ» .
وَفِي حديث آخر «تلك الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرى» جَعَل العَزْل عَنِ الْمَرْأَةِ بمَنْزلة الْوَأْدِ، إِلَّا أَنَّهُ خَفِيٌّ؛ لأنَّ مَن يَعْزل عَنِ امْرَأَتِهِ إِنَّمَا يَعْزل هَرَباً مِنَ الوَلَد، وَلِذَلِكَ سَمَّاه الْمَوْءُودَةُ الصغرى؛ لأنَّ وَأْدَ البَنَات الــأحْياء المَوءُودةُ الكُبْرى.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ» أَيِ الْمَوْءُودُ، فَعيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَئِدُ البَنينَ عِنْدَ المَجاعة.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «خَرَجْتُ أقْفُو آثارَ الناسِ يَومَ الخَنْدق فسمعْت وَئِيدَ الْأَرْضِ خلْفي» الْوَئِيدُ: صَوت شِدّة الوَطءْ عَلَى الْأَرْضِ يُسْمَع كالدَّوِيّ مِن بُعْد.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلِلْأَرْضِ مِنكَ وَئِيدٌ» يُقَالُ: سمِعْت وَأْدَ قَوائِم الإبِلِ ووَئيدَها.
وَمِنْهُ حديث سواد بن مُطَرِّف «وأْدُ الذِّعْلِبِ الوجْناء» أَيْ صَوْت وطْئِها عَلَى الْأَرْضِ.

سرى

(سرى) : لا أَفْعَلُ ذاكَ ما أَسْرَى سُرَيٌّ، وزَعَمُوا أنَّ سُرَيّاُ: النَّسْرُ الواقِعُ.
(سرى) : قال ابن جرير حدثني الحارث حدثنا الحسن حدثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد (سريا) قال (نهر) بالسريانية. وقال حدثنا وكيع حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط عن الضحاك (سريا) قال جدول صغير بالسريانية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا شبابة حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (سربا) نهراً بالنبطية، وقال حدثنا أبو داود عن قيس بن حصين عن سعيد بن جبير (سريا) نهرا بالنبطية.
(سرى)
اللَّيْل سريا وسراية وسرى مضى وَذهب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَاللَّيْل إِذا يسر} وَيُقَال سرى الْهم وَاللَّيْل وَبِه قطعه بالسير وَيُقَال سرى بفلان لَيْلًا جعله يسير فِيهِ وعرق الشَّجَرَة فِي الأَرْض سريا وسراية دب تحتهَا وَيُقَال أَيْضا سرى فِيهِ السم وَالْخمر وسرى فِيهِ عرق السوء وَعَلِيهِ الْهم أَتَاهُ لَيْلًا وَالْجرْح إِلَى النَّفس دَامَ ألمه حَتَّى حدث مِنْهُ الْمَوْت وَيُقَال سرى التَّحْرِيم وسرى الْعتْق تعدى إِلَى غير الْمحرم أَو الْمُعْتق
سرى: سرى: تفشى، ذاب، ففي كتاب الخطيب (ص32 و): فجعل فيه ملحاً وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسرى في المرقة.
سرى: أعدى، سار. يقال: سرى إليه أو فيه المرض. ومرض له قوة السريان أي العدوى (بوشر) سرى النسيم: عند الشعراء: نسم، هب بلطف. (ويجرز ص86 رقم 74)، هوجفلايت ص58 رقم 4، عباد 1: 3، 1: 13).
سُرَىّ: دوران، جولان (بوشر).
سَرَايا وسراية وتجمع على سرايات: هي سراي أي قصر مثل قصر السلطان أو الوزير ونحوهما.
(فليشر معجم ص65 - 66).
سار وتجمع على سواري = صار (بوشر، محيط المحيط) الأمراض السارية: هي التي تسرى من مريض إلى مريض بطريقة العدوى أو الوباء (محيط المحيط).
مُسرى: متأمل، متبصر (فوك).
سرى
السرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، سَرى يَسْري سُرى وسَرْياً، فهو سارٍ. وسَرَى وأسْرى: بمعنىً. وسَرَيْنا سُرْيَةً من الليْلِ وسَرْيَةً: أي سُدْفَةً. واسْتَرى الرجُلُ: أي سَرى. وسارَيْتُه: أي سَرَيْت مَعَه. وهو يُسَارِي إبِلَه: إذا جاءَ يَخْتِلُها لَيْلاً وَيسْرِقُها.
وفي المَثَل: " إذا سَمِعْتَ بسُرَى القَيْنِ فإنَّه مُصَبِّحٌ ".
والسارِيَةُ من السحَاب: التي بَيْنَ الغادِيَةِ والرائحَةِ لَيْلاً. والعِرْقُ يَسْرِي في الأرْضِ سَرْياً. والسرِيُ: النَّهْرُ، وجَمْعُه أسْرِيَةٌ وسُرْيَانٌ. واسْتَرَيْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرْته. والسرِيةُ: خَيْلٌ تَبْلُغُ أرْبَعَمائةٍ.
والسّارِيَةُ: أُسْطُوَانَة من حِجَارَةٍ وآجُر.
وسُريَ عن فلانٍ: إذا تَجَلّى عنه غَشْيَةٌ عَرَضَتْ له. وسَرَيْتُ عنه الثَّوْبَ: بمعنى سَرَوْتُ أي كَشَفْت.
وسَرّى العَرَقَ عن نَفْسِه: أفَاضَه، فهو يُسَرِّيْه. والسُّرَيّاءُ: ضَرْبٌ من البُرُوْدِ؛ وهي بُرُوْدٌ مُسَيَّرَةٌ.
سرى
السُّرَى: سير اللّيل، يقال: سَرَى وأَسْرَى.
قال تعالى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
[هود/ 81] ، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء/ 1] ، وقيل: إنّ (أسرى) ليست من لفظة سرى يسري، وإنما هي من السَّرَاةِ، وهي أرض واسعة، وأصله من الواو، ومنه قول الشاعر: بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم، وقوله تعالى:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
[الإسراء/ 1] ، أي: ذهب به في سراة من الأرض، وسَرَاةُ كلّ شيء: أعلاه، ومنه: سَرَاةُ النهار، أي: ارتفاعه، وقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
[مريم/ 24] أي: نهرا يسري ، وقيل: بل ذلك من السّرو، أي: الرّفعة. يقال، رجل سَرْوٌ.
قال: وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصّه به من سروه، يقال: سَرَوْتُ الثوبَ عنّي، أي: نزعته، وسَرَوْتُ الجُلَّ عن الفرس ، وقيل: ومنه: رجل سَرِيٌّ، كأنه سَرَى ثوبه بخلاف المتدثّر، والمتزمّل، والزّمّيل ، وقوله: وأَسَرُّوهُ بِضاعَةً [يوسف/ 19] ، أي: خمّنوا في أنفسهم أن يحصّلوا من بيعه بضاعة، والسَّارِيَةُ يقال للقوم الذين يَسْرُونَ بالليل، وللسّحابة التي تسري، وللأسطوانة.
[سرى] فيه: يرد "متسريهم" على قاعدهم، هو من يخرج في سرية وهى طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها السرايا، سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشىء الرى النفيس، وقيل: لأنهم ينفذون سرا وخفية، ولا يصح لأن السر مضاعف وهذه ناقص، ومعناه أن أن الإمام وأمير الجيش يبعثهم وهو خارج إلى بلاد العدو فاذا اغنموا شيئا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردء لهم وفئة، فأما إذا بعثهم وهو مقيم فان القاعدين معه لا يشاركونهم في المغتم، وإن كان جعل لهم نفلا من الغنم لم يشرهم غيرهم في شىء منه على الوجهين. وفي ح سعد: لا يسير "بالسربة" أي لا يخرج بنفسه مع السيرة في الغزو، وقيل: أي لا يسير فينا بالسيرة النفسية - ويتم بيانا عن قريب. ومنه ح: فنكحت بعده "سريا" أي نفيسا شريفا، وقيل: سحيا ذا مروءة، والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد يضم السين والاسم السرو. و. ح: إنه قال أحد: اليوم "تسرون" أي يقتل سريكم فقتل حمزة. وح: لما حضر نى شيبان وكلم "سراتهم" أي أشرافهم، وجمع السراة سروات. وح الأنصار: قد افترق ملؤهم وقتل "سرواتهم". ك: وقتلت "سراتهم" في دخول الإسلام، في دخول متعلق بقدمه فانه لو كان صناديدهم أحياء لما انقادوا له صلى الله عليه وسلم حبا للرائاسة. ومنه: وكان من "سراتهم". ومنه: وأمهاتهم بنات "سروات" الجن، أي ساداتهم. زر: هو بفتحات. ك: ومنه:
وهان على "سراة" بني لؤى
أي سادتهم، وهم النبى صلى الله عليه وسلم وأقاربه، منها أي من البويرة وأحراقها، وروى: منهم، أي من بنى النضير، والنزه بضم نون وفتحها النزاهة وهى البعد من السوء، ونضير بضاد معجمة من الضير أي بتضرر به، وروى: نضر، من النضارة، فان قيل قال ابن الحارث: أدام الله ذلك، أي تحريق المسلمين أرض الكافرين وهو كافر، قلت: غرضه أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها، وهى المدينة وسائر أرض المسلمين وأي أرضينا أي من المدينة التى هي دار الإيمان أومكة التى بها الكفار يبقى متضررة، مستطير أي منتشر. ومر في بويرة بيانه. وفيه: أما إذا نشدتنا فإن سعدا لا يسير "بالسرية" أما بالتشديد، نشدتنا بفتح شين أي سألتنا بالله، لا يسير أي لا يخرج مع الجيش بنفسه وهى نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي الحكومة، فنفي العدل عنه الكلية فدعا عليه سعد ثلاث دعوات وفق ثلاث: افترائه في النفس والمال والدين، جزاء وفقا وشرط كذبه إنصافا وعدلا، قوله: قام رياء وسمعة، أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك منه ليذكر به، فدعا باطالة عمره ليرد إلى أرذل العمر وويضعف قواه وينتكس في الخلق ويجعله عرضة للفتن، وهذا وإن استلزم تمنى وقوع مسلم في العصية لكنه جائز من حيث أنه يؤدى إلى نكاية الظالم، كتمى شهادة مسلم بقتل كافر له الذي هو معصية ووهن في الدين كقول نوح: (ولا تزد الظالمين إلا ضللا). غ: (والليل إذا "يسر") أي يسرى فيه، وسمى النهر سريا لأن الماء يسرى فيه. مد: (تحتك "سريا") جدولًا، وقيل: شريفا وهو عيسى. ك: يضع عرشه على الماء ثم يبعث "سراياه" هو جمع سرية قطعة من الجيش- ويجىءكان مشغولا بناحية فلم يشعر بصلاته. ط: ابتدروا "السوارى" بالتشديد جمع سارية، أي يقف كل أحد خلف أسطوانة.

سر

ى1 سَرَى, (S, M, K,) or سَرَى اللَّيْلَ (Msb) and بِاللَّيْلِ, (Mgh, Msb,) aor. ـْ (K,) inf. n. سُرًى (S, M, Mgh, K) and مَسْرًى (S, K) and سَرْيَةٌ and سُرْيَةٌ (M, K) and سِرَايَةٌ; (S, * and TA as from the K, but not in the CK nor in my MS. copy of the K;) the first of a form rare among inf. ns., because it is one of the forms of pls., as is shown by the fact that some of the Arabs make it and هُدًى fem., namely, Benoo-Asad, supposing them to be pls. of سُرْيَةٌ and هُدْيَةٌ, (S,) and Lh knew not سُرًى but as a fem. noun; (M;) or the inf. n. is سَرْىٌ, and سُرْيَةٌ and سَرْيَةٌ are more special [in meaning, as will be shown below, voce سَرْيَةٌ], and سُرًى is pl. of سُرْيَةٌ; (Msb;) or سَرْيَةٌ is an inf. n. un., and سُرْيَةٌ is a simple subst., and so is سُرًى, (S, TA,) and so is سِرَايَةٌ (Msb, TA) also, as some say; (TA;) He journeyed, or travelled, by night, or in the night, (S, M, Mgh, Msb, K,) in a general sense; (M, K;) accord. to Az, in the first part part of the night, and in the middle thereof, and in the last part thereof; (Msb, TA;) and ↓ اسرى signifies the same (S, M, Mgh, Msb, K) in the dial. of El-Hijáz, (S, Msb,) inf. n. إِسْرَآءٌ; (M;) as also ↓ استرى; (M, K;) and perhaps ↓ تسرّى likewise. (Mgh.) [See also سُرًى and سَرْيَةٌ below.] It is said in a prov., ذَهَبُوا إِسْرَاءَ ↓ قُنْفُذٍ‏ [They went away in the manner of a hedge-hog's night-travelling; meaning they went away by night]; because the قنفذ goes all the night, not sleeping. (M.) b2: [Hence, as denoting unseen progress,] it is said also of the root of a tree, meaning It crept along beneath the ground; (Az, M, K;) aor. as above, (M,) inf. n. سَرْىٌ. (TA.) b3: And it is said of ideal things, as being likened to corporeal things; tropically, and by extension of the signification; (Msb, TA;) or metaphorically; [as, for instance,] of calamities, and wars, and anxieties: (M, TA:) and the predominant inf. ns. [in these cases] are سِرَايَةٌ and سَرَيَانٌ. (TA.) One says, سَرَى عِرْقُ السُّوْءِ فِى الإِنْسَانِ (tropical:) [The root, or strain, of evil crept in the man]. (Es-Sarakustee, Msb, TA.) And سَرَى فِيهِ السَّمُّ (tropical:) [The poison crept in him, or pervaded him]; and similarly one says of wine; and of the like of these two things. (El-Fárábee, Msb, TA. [See also دَبَّ.]) And the lawyers say, سَرَى الجُرْحُ إِلَى النَّفْسِ (tropical:) [The wound extended to the soul], meaning that the pain of the wound continued until death ensued in consequence thereof: (Mgh, * Msb, TA:) and قُطِعَ كَفُّهُ فَسَرَى إِلَى سَاعِدِهِ (tropical:) [His hand was cut off, and it extended to his upper arm], meaning that the effect of the wound passed by transmission: and سَرَى التَّحْرِيمُ, and العِتْقُ, (tropical:) The prohibition, and the emancipation, [extended, or] passed by transmission: phrases current among the lawyers, but not mentioned in books of repute, though agreeable with others here preceding and following. (Msb, TA.) One says also, سَرَى عَلَيْهِ الهَمُّ (tropical:) Anxiety came to him [or upon him] by night: and سَرَى هَمُّهُ (tropical:) His anxiety went away. (Msb, TA.) and similar to these is the phrase in the Kur [lxxxix. 3], وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (tropical:) And by the night when it goes away: (Msb, TA:) or, as some say, when one journeys in it; like as one says لَيْلٌ نَائِمٌ meaning “ night in which one sleeps: ” the [final] ى [of the verb] is elided because it terminates a verse. (TA.) b4: It is made trans. by means of ب: (Msb:) one says, سَرَى بِهِ [He made him to journey, or travel, or he transported him, by night, or in the night; or it may be rendered he journeyed, or travelled, with him, by night, or in the night]; (M, Msb, K;) and in like manner, [and more commonly,] بِهِ ↓ أَسْرَى; (S, M, Msb, K;) and ↓ أَسْرَاهُ; (S, M, K;) like as one says, أَخَذَ بِالخِطَامِ as well as اخذ الخِطَامَ. (S.) As to the saying in the Kur [17:1], سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [Extolled be the glory of Him who transported his servant by night!], it is an instance of corroboration, (S, K, * TA,) like the saying, سِرْتُ أَمْسِ نَهَارًا and البَارِحَةَ لَيْلًا: (S, TA:) or the meaning is [simply] سَيَّرَهُ: (K, TA:) accord. to 'Alam-ed-Deen Es-Sakháwee, لَيْلًا is added, although الإِسْرَآء is not otherwise than by night, because the space over which he was transported is not to be traversed in less than forty days, but was traversed by him in one night; as though the meaning [intended] were, فِى لَيْلٍ وَاحِدٍ; and it denotes wonder: لَيْلًا is here used instead of لَيْلَةً because when they say سَرَى لَيْلَةً the meaning generally is he occupied the whole of the night in journeying: Er-Rághib holds the verb in this instance to be from سَرَاةٌ signifying “ a wide tract of land,” to belong to art. سرو, and to be like أَجْبَلَ and أَتْهَمَ; the meaning being, who transported his servant over a wide tract of land: but this is strange. (TA.) A2: سَرَى مَتَاعَهُ, (M, K,) aor. ـْ (M, TA,) inf. n. سَرْىٌ, (TA,) He threw his goods, or utensils and furniture, upon the back of his beast. (M, K.) b2: And سَرَى عَنِّى الثَّوْبَ, inf. n. سَرْىٌ, He removed from over me the garment: but و is more approved [as the final radical: see 1 in art, سرو]. (M, TA.) You say, سَرَيْتُ الثَّوْبَ and ↓ سَرَّيْتُهُ I pulled off the garment: and عَنْهُ ↓ سُرِّىَ It was removed from over him, and removed from its place: the teshdeed denotes intensiveness. (TA.) 2 سرّى, (K,) or سرّى سَرِيَّةً, (TA,) inf. n. تَسْرِيَةٌ, He (the leader of an army, TA) detached a سَرِيَّة [q. v.] (K, TA) to the enemy by night. (TA.) b2: سرّى العَرَقَ عَنْ بَدَنِهِ, inf. n. as above, He exuded the sweat from his body. (TA.) b3: See also 1, last sentence, in two places.4 أَسْرَىَ see 1, in the former half of the paragraph, in two places: b2: and again, in the latter half, in three places. b3: See also 4 in art. سرو.5 تَسَرَّىَ see 1, first sentence.8 إِسْتَرَىَ see 1, first sentence.

سُرًى, [said by some to be an inf. n., by some to be a simple subst., and by some to be pl. of سُرْيَةٌ, or supposed to be so, and therefore made fem., as mentioned in the first sentence of this art.,] meaning A journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense, is masc. and fem., (M, K,) by some of the Arabs made fem., (S,) and not known to Lh but as a fem. noun. (M.) It is said in a prov., عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى

[At daybreak, the party commend night-journeying]: applied to the man who endures difficulty, or distress, or fatigue, hoping for rest, or ease: (Meyd:) and in inciting to labour for the accomplishment of an affair with patience, and to dispose and subject the mind, until one commends the result thereof. (Har p. 555, q. v.) سَرَاةٌ: see art. سرو.

سَرْيَةٌ and ↓ سُرْيَةٌ are inf. ns. of سَرَى: (M, K:) or have a more special signification than the inf. n. of that verb, which is سَرْىٌ: one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً مِنَ اللَّيْلِ and ↓ سُرْيَةً [We journeyed by night a journey of the night]: and the pl. of ↓ سُرْيَةٌ is [said to be] سُرًى: (Msb:) or one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً وَاحِدَةً [We journeyed by night a single night-journey]: and the subst. [signifying a journeying, or travelling, by night, or in the night,] is ↓ سُرْيَةٌ, and سُرًى. (S, TA.) سُرْيَةٌ: see the next preceding paragraph, in four places.

سِرْيَةٌ meaning An arrow-head, (As, M, TA,) such as is small, short, round and smooth, having no breadth, (M, TA,) is a dial. var. of سِرْوَةٌ [q. v.], (As, TA,) or formed from the latter word by the substitution of ى for و because of the kesreh: (M, TA:) accord. to the K, ↓ سَرِيَّةٌ signifies a small round arrow-head; but this is a mistake; the correct word being سِرْيَةٌ, with kesr, and without teshdeed to the ى. (TA.) A2: It is also a dial. var. of سِرْوَةٌ signifying The locust in its first state, when it is a larva. (S in art. سرو.) سَرَآءٌ A certain tree, (AHn, S, M, K,) from which bows are made, (AHn, S, M,) the wood whereof is of the best of woods, and which is of the trees of the mountains: (AHn, M:) ElGhanawee El-Aarábee says, the نَبْع and شَوْحَط [q. v.] and سَرَآء are one: (TA in art. شحط:) [it is also mentioned in the TA in art. سرأ:] n. un.

سَرَآءَةٌ. (M, K.) سَرِىٌّ i. q. نَهْرٌ [A river, &c.]: (Th, M:) or a rivulet, or streamlet: (S, M, Msb:) or a rivulet running to palm-trees: (M, K:) pl. [of pauc.]

أَسْرِيَةٌ (S, M, K) and [of mult.] سُرْيَانٌ: (Sb, S, M, Msb, K:) أَسْرِيَآءُ as its pl. has not been heard. (S.) Thus it has been expl. as occurring in the Kur xix. 24. (M, TA.) A2: See also art. سرو.

سَرِيَّةٌ A portion of an army: (S, Msb:) of the measure فَعِيلَةٌ in the sense of the measure فَاعِلَةٌ; because marching by night, privily; (Mgh, Msb;) thus originally, and afterwards applied also to such as march by day: (Ham p. 45:) or it may be from الاِسْتِرَآءُ “ the act of choosing, or selecting; ” because a company chosen from the army: (Mgh: [but if so, belonging to art. سرو:]) from five persons to three hundred: (M, K:) or four hundred: (K:) or, of horsemen, about four hundred: (M:) or the best thereof, (S,) or the utmost, (Nh,) consists of four hundred: (S, Nh:) or, accord. to the “ Fet-h el-Bári,” from a hundred to five hundred: (TA:) or nine, and more than this; three, and four, and the like being termed طَلِيعَةٌ, not سَرِيَّةٌ: but it is related of the Prophet that he sent a single person as a سَرِيَّة: (Mgh:) the pl. is سَرَايَا (S, Msb) and سَرِيَّاتٌ. (Msb.) A2: See also سِرْيَةٌ.

سِرَايَةٌ A journeying, or travelling, by night, or in the night: (S, Msb, TA:) an inf. n.; (TA as from the K; [see 1, first sentence;]) or a simple subst. (Msb, TA.) سَرَيَانِىٌّ, from the inf. n. سَرَيَانٌ, Pervasive: occurring in philosophical works, and probably post-classical.]

السُّرْيَانِيَّةُ The Syriac language.]

سَرَّآءٌ One who journeys much, or often, by night. (K.) سَارٍ Journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense: (M, TA: *) pl. سُرَاةٌ. (TA.) b2: Hence, because of his going [about] by night, (TA,) السَّارِى signifies The lion; as also ↓ المُسَارِى and ↓ المُسْتَرِى. (K, TA.) سَارِيَةٌ A party, or company of men, journeying by night. (Er-Rághib, TA.) b2: And A cloud that comes by night: (S, Msb:) or clouds that travel by night: (K:) or a cloud that is between that which comes in the early morning and that which comes in the evening: [perhaps thus termed as having previously travelled in the night:] or, accord. to Lh, a rain that comes in the night: (M, TA:) pl. سَوَارِى [app. a mistranscription for سَوَارٍ, being indeterminate]. (K, TA.) b3: One says, جَآءَ صَبِيحَةَ سَارِيَةٍ He came in the morning of a night in which was rain. (TA.) b4: and the pl. السَّارِيَاتُ signifies The asses: (M:) or the wild asses: (TA:) because they rest not by night: (M:) or because they pasture by night. (TA.) A2: Also A column, syn. أُسْطُوَانَةٌ, (S, M, Msb, K,) of stone, or of baked bricks; so in the “ Bári': ” (TA:) pl. سَوَارٍ. (Mgh.) b2: [And A mast: see حَنَّ and صَرَّ: and see also صَارِيَةٌ.]

أَسْرَى [More, and most, used to night-journeying]. أَسْرَى مِنْ قُنْفُذٍ [More used to go about by night than a hedge-hog] is a prov. of the Arabs. (TA.) [See also the same word in art. سرو.]

مَسْرًى may be a n. of place and a n. of time, [signifying A place, and a time, of night-journeying,] as well as an inf. n. (Ham p. 23.) It is [used also in a larger sense, as] syn. with مَذْهَبٌ [A place, and a time, of going &c.: a way by which one goes &c.]. (Har p. 540.) المُسَارِى: see سَارٍ, above.

المُسْتَرَى: see سَارٍ, above.

المُتَسَرِّى He who goes forth in, or among, the [company termed] سَرِيَّة. (IAth, TA.)

دَبَّ

دَبَّ يَدِبُّ دَبّاً ودَبِيباً: مَشَى على هِينَتِهِ، وهوَ خَفِيُّ الدِّبَّةِ، كالجِلْسَةِ،
وـ الشَّرابُ،
وـ السُّقْمُ في الجسم،
وـ البِلَى في الثَّوْبِ: سَرَى،
وـ عقارِبُهُ: سَرَت نَمائِمُهُ وأذَاهُ.
وهو دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ، أو الدَّيْبُوبُ: الجامِعُ بين الرجالِ والنساءِ.
والدَّابَّةُ: ما دَبَّ من الحَيَوانِ، وغَلَبَ على ما يُرْكَبُ، ويقعُ على المُذَكَّرِ.
ودابَّةُ الأرض: من أشْرَاطِ الساعَةِ، أو أوَّلُها، تَخْرُجُ بمكة من جَبَلِ الصَّفا، يَنْصَدِعُ لها، والناسُ سائرونَ إلى مِنىً، أو منَ الطائِفِ، أو بثلاثةِ أمْكِنَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، معها عصا موسى، وخاتَمُ سُلَيمانَ، عليهِما السلامُ، تَضْرِبُ المُؤْمِنَ بالعَصا، وتَطْبَعُ وجْهَ الكافِرِ بالخَاتَمِ، فَيَنْتَقِشُ فيه: هذا كافرٌ.
و"أكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ" أي: الــأَحْياءِ والأَمْواتِ.
وأدْبَبْتُه: حَمَلْتُه على الدَّبِيب،
وـ البِلاَدَ: مَلأَتُها عَدْلاً فَدَبَّ أهْلُها.
وما بالدَّارِ دُبِّيٌّ، بالضمِّ ويُكْسَرُ: أحَدٌ.
والدَّيْبوبُ: النَّمَّامُ والقَوَّادُ.
ومَدَبَّ السَّيْلِ والنَّمْلِ، وبِكَسْرِ الدَّالِ: مَجْراهُ، والاسمُ: مكسورٌ، والمَصْدَرُ: مَفْتوحٌ، وكذا المَفْعَلُ مِنْ كُلِّ ما كان على فَعَلَ يَفْعِلُ.
و"مِنْ شُبَّ إلى دُبَّ" بِضَمِّهِما ويُنَوَّنانِ: مِنَ الشَّبابِ إلى أنْ دَبَّ على العَصا.
وطَعْنَةٌ دَبُوبٌ: تَدِبُّ بالدَّم.
وجِراحَةٌ دَبُوبٌ: يَدِبُّ الدَّمُ منها سَيَلاناً.
والأَدَبُّ: الجَمَلُ الكَثيرُ الشَّعَرِ، وبإِظهار التَّضْعِيف جاءَ في الحَديثِ "صاحِبَةُ الجَمَل الأَدْبَبِ".
والدَّبَّابَةُ، مُشَدَّدَةً: آلَةٌ تُتَّخَذُ لِلْحُروبِ، فَتُدْفَعُ في أصْلِ الحِصْنِ، فَيَنْقُبونَ وهُمْ في جَوْفِها.
والدَّبْدَبُ: مَشْيُ العُجْرُوفِ مِنَ النَّمْلِ.
والدُّبَّةُ، بالضمِّ: الحالُ، والطَّريقَةُ،
كالدُّبِّ، وع قُرْبَ بَدْرٍ، وبالفتحِ: ظَرْفٌ للبَزْرِ والزَّيْتِ، والكَثِيبُ مِن الرَّمْلِ، أو الرَّمْلَةُ الحَمْراءُ، أو المُسْتَوِيَةُ، أو الأرضُ المستويةُ، والفَعْلَةُ الواحِدَةُ منَ الدَّبيبِ، والجَمْعُ كَكِتابٍ، والزَّغَبُ على الوَجْهِ، والجَمْعُ: دَبُّ، وبَطَّةٌ من الزُّجاجِ خاصَّةً، وبالكسر: الدَّبيبُ.
والدُّبُّ، بالضمِّ: سَبُعٌ م، وهي بِهاءٍ، ج: أدْبابٌ ودِبَبَةٌ، كَعِنَبَةٍ، واسْمٌ، والكُبْرى من بَناتِ نَعْشٍ، قيلَ: والصُّغْرى أيضاً، فإن أريدَ الفَصْلُ قيلَ: الدُّبُّ الأَصْغَرُ والدُّبُّ الأَكْبَر: والمُبارَكُ بنُ نَصْرِ الله الدُّبِّي، فقيهٌ حَنَفِيٌّ.
والدُّبَّاءُ: القَرْعُ،
كالدَّبَّةِ، بالفتح، الواحِدَةُ بهاءٍ.
والدَّبُوبُ: الغارُ القَعيرُ، والسَّمينُ من كُلِّ شَيْءٍ،
وع بِبِلادِ هُذَيْلٍ.
والدَّبَبُ والدَّبَبانُ، مُحَرَّكَتَيْنِ: الزَّغَبُ، أو كَثْرَةُ الشَّعَر، هو أدِبُّ، وهي دَبَّاءُ، ودَبِبَةٌ، كَفَرِحةٍ.
والدَّبْدَبَةُ: كُلُّ صَوْتٍ، كَوَقْعِ الحافِرِ على الأَرْضِ الصُّلْبَةِ، (والرَّائِبُ يُحْلَبُ عليه، أو أخْثَرُ ما يكونُ من اللَّبَنِ،
كالدَّبْدَبى، كَجَحْجَبى) .
والدَّبْدابُ: الطَّبْلُ.
والدُّبادِبُ: الرجُلُ الضَّخْمُ، والكثيرُ الصِّياحِ. وكَسَحابٍ: جَبَلٌ لِطَيِّئٍ.
وكَكِتابٍ: ع بالحجازِ كَثيرُ الرَّمْلِ. وكَقَطامِ: دُعاءٌ للضَّبُعِ، (أي: دِبِّي. وكَشَدَّادٍ: ع، واسْمٌ) ، ورَمْلٌ.
وكَرُبِّى: ع بالبَصْرَةِ. وكَسَبَبٍ: ولَدُ البَقَرَةِ أوَّلَ ما تَلِدُهُ.
ودِبَّى حَجَلْ، بالكسرِ: لُعْبَةٌ لهم.

الرَّبُّ

الرَّبُّ، باللامِ: لا يُطْلَقُ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وقد يُخَفَّفُ، والاسْمُ: الرِّبابَةُ، بالكسر، والرُّبُوبِيَّةُ، بالضمِّ.
وعِلْمٌ رَبُوبِيُّ، بالفتحِ: نِسْبَةٌ إلى الرَّبِّ، على غيرِ قِياسٍ.
ولا ورَبْيِكَ، مُخَفَّفَةً، لا أفْعَلُ، أي: لا ورَبِّكَ، أُبْدِلَ الباءُ ياءً للتَّضْعِيفِ.
ورَبُّ كُلِّ شَيْءٍ: مالِكُهُ ومُسْتَحِقُّه، أو صاحِبُهُ، ج: أرْبابٌ ورُبُوبٌ.
والرَّبَّانِيُّ: المُتَأَلِّهُ، العارِفُ باللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. ومحمدُ بنُ أبي العَلاءِ الرَّبَّانِيُّ: كان شَيْخاً لِلصُّوفيَّةِ بِبَعْلَبَكَّ، والحَبْرُ مَنْسُوبٌ إلى الرَّبَّانِ، وفَعْلانُ يُبْنَى من فَعِلَ كَثيراً، كَعَطْشانَ وسَكْرَانَ، ومِن فَعَلَ قَليلاً كَنَعْسانَ، أو مَنْسُوبٌ إلى الرَّبِّ، أي: اللَّهِ تعالى، فالرَّبَّانِيُّ، كقولهم: إلهيٌّ، ونونُهُ كلِحْيانيٍّ، أو هو لَفْظَةٌ سُرْيانِيَّةٌ.
وطالَتْ مَرَبَّتُه ورِبابَتُه، بالكسرِ: مَمْلَكَتُه.
ومَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبُوبَةِ: مَمْلُوكٌ.
وتَرَبَّبَ الرجلَ والأرضَ: ادَّعى أنه رَبُّهُما.
ورَبَّ: جَمَعَ، وزادَ، ولَزِمَ، وأقام،
كأَرَبَّ،
وـ الأَمْرَ: أصْلَحَهُ،
وـ الدُّهْنَ: طَيَّبَه،
كرَبَّبَه،
وـ الشَّيْءَ: مَلَكَهُ،
وـ الزِّقَّ رَبًّا، ويُضَمُّ: رَبَّاهُ بالرُّبِّ،
وـ الصَّبِيَّ: رَبَّاهُ حتى أدْرَكَ كَرَبَّبُهُ تَرْبيباً وتَرِبَّةً كتَحِلَّةٍ، وارتَبَّهُ وتَرَبَّبَهُ وربِبْتُه، كَسَمِعَ لغةٌ فيه،
وـ الشَّاةُ: وضَعَتْ.
والرَّبِيبُ: المَرْبُوبُ، والمُعاهَدُ، والمَلِكُ، وابنُ امْرَأةِ الرَّجُلِ من غيرِهِ،
كالرَّبُوبِ، وزَوْجُ الأُمِّ،
كالرَّابِّ، وجَدُّ الحُسَيْنِ بنِ إبراهيمَ المُحَدِّثِ.
والرِّبَابَةُ، بالكسرِ: العَهْدُ،
كالرِّبابِ، وجماعةُ السِّهامِ، أو خَيْطٌ تُشَدُّ به السِّهامُ، أو خِرْقَةٌ تُجْمَعُ فيها، أو سُلْفَةٌ تُلَفُّ على يَدِ مُخْرِجِ القِداحِ لِئَلاَّ يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكونُ له في صاحِبِهِ هَوىً.
والرَّبِيبَةُ: الحاضِنَةُ، وبِنْتُ الزَّوْجَةِ، والشَّاةُ تُرَبَّى في البَيْتِ لِلَبَنِها.
والرَّبَّةُ: لُعْبَةٌ لِمَذْحِجٍ، واللاتُ في حديثِ عُرْوَةَ، والدَّارُ الضَّخْمَةُ. وبالكسرِ: نَباتٌ، وشَجَرَةٌ، أو هي الخَرُّوبُ، والجَماعةُ الكَثيرَةُ، ج: أرِبَّةٌ، أو عَشَرَةُ آلافٍ، ويُضَمُّ. وبالضمِّ: كَثْرَةُ العَيْشِ وطَثْرَتُهُ.
والمَرَبُّ: الأَرْضُ الكثيرَةُ النَّباتِ،
كالمِرْبابِ، بالكسرِ، والمَحَلُّ، ومكانُ الإِقامَةِ، والرجلُ يَجْمَعُ الناسَ.
والرُّبَّى، كَحُبْلى: الشاةُ إذا وَلَدَتْ، وإذا ماتَ وَلَدُها أيضاً، والحَدِيثَةُ النِّتاجِ، والإِحْسانُ، والنِّعْمَةُ، والحاجةُ، والعُقْدَةُ المُحْكَمَةُ، ج: رُبابٌ، بالضم نادِرٌ، والمَصْدَرُ: كَكِتابٍ.
والإِربابُ، (بالكسرِ) : الدُّنُوُّ.
والرَّبابُ: السَّحابُ الأَبْيَضُ، واحِدَتُهُ بِهاءٍ،
وع بِمكَّةَ، وجَبَلٌ بَيْنَ المَدينةِ وفَيْدَ، ومُحَدِّثٌ، وآلَةُ لَهْوٍ يُضْرَبُ بها. ومَمْدُودُ بنُ عبدِ اللَّهِ الواسِطِيُّ الرِّبَابِيُّ، يُضْرَبُ به المَثَلُ في مَعْرِفَةِ المُوسيقي بالرِّبابِ.
وكَغُرابٍ: ع، وكذا أبو الرُّبابِ المُحَدِّثُ عن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ، وبالكسرِ: العُشورُ، وجَمْعُ رَبَّةٍ، والأَصْحَابُ، وأحْياءُ ضَبَّةَ، لأِنَّهُمْ أدْخَلُوا أيْدِيَهُمْ في رُبٍّ وتَعاقَدُوا.
والرَّبَبُ، مُحَرَّكَةً: الماءُ الكثيرُ.
وأخَذَه بِرُبَّانِهِ، بالضم ويُفْتَحُ، أي: أوَّلَهُ أو جَمِيعَه.
(ورُبَّ ورُبَّةَ ورُبَّما ورُبَّتَما، بضمهنَّ مُشَدَّداتٍ ومُخَفَّاتٍ، وبفتحهنَّ كذلك،
ورُبُ، بضمَّتَيْنِ مُخَفَّفَةً،
ورُبْ، كَمُذْ: حَرْفٌ خافِضٌ) لا يَقَعُ إلاَّ على نكِرَةٍ، أو اسْمٌ، وقيل: كَلِمَةُ تَقْلِيلٍ أو تَكْثيرٍ، أولَهُما، أو في مَوْضِعِ المُباهاةِ للتَّكْثِير، أو لم تُوضَعْ لِتَقْلِيلٍ ولا لِتَكْثيرٍ، بل يُسْتَفادان من سِياقِ الكلامِ.
واسْمُ جُمادى الأُولى: رُبَّى، ورُبُّ،
والآخِرَةِ: رُبَّى ورُبَّةُ،
وذي القِعْدَةِ: رُبَّةُ، بِضَمِّهنَّ.
والرَّابَّةُ: امْرَأةُ الأَبِ.
والرُّبُّ، بالضمِّ: سُلافَةُ خُثارَةِ كلِّ ثَمَرَةٍ بعدَ اعْتِصارِها، وثُفْلُ السَّمْنِ، والحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الرُّبِّيُّ: محدِّثٌ، كأنه نِسْبَةٌ إلى بَيْعه الرُّبَّ.
والمُربَّياتُ الأَنْبِجاتُ، أي: المَعْمُولاتُ بالرُّبِّ، زَنْجَبِيلٌ مُرَبَّى ومُرَبَّبٌ.
والرُّبَّانُ، بالضمِّ: رئيسُ المَلاَّحينَ،
كالرُّبَّانِيِّ، ورُكْنٌ ضَخْمٌ من أَجأٍ. وكَرُمَّانٍ وشَدَّادٍ: الجَماعَةُ. وكَشَدَّادٍ: أحمدُ بنُ موسى الفقيه ابنُ الرَّبَّابِ، وأبو الحَسَنِ بنُ عبدِ اللَّهِ الصَّيْرَفِيُّ ابنُ الرَّبَّابِ.
والرَّبَّابِيَّةُ: ماءٌ باليَمَامَةِ.
والمُرْتَبُّ: المُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه.
والرِّبِّيُّ، بالكسرِ: واحِدُ الرِّبِّيين، وهُمُ الأُلُوفُ مِنَ الناسِ.
والرَّبْرَبُ: القَطيعُ من بَقَرِ الوَحْشِ.
والأَرِبَّةُ: أهْلُ المِيثاقِ.

الغَمْرُ

الغَمْرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وهو الماء الكثير المغرق، وثوب غمر إذا كان سابغا، والغمر:
بئر قديمة بمكة، قال أبو عبيدة: وحفرت بنو سهم الغمر، فقال بعضهم:
نحن حفرنا الغمر للحجيج ... تثجّ ماء أيّما ثجيج
وغمر أراكة: موضع آخر. وغمر بني جذيمة:
بالشام بينه وبين تيماء منزلان من ناحية الشام، قال عدي بن الرقاع:
لمن المنازل أقفرت بغباء؟ ... لو شئت هيّجت الغداة بكائي
فالغمر غمر بني جذيمة قد ترى ... مأهولة فخلت من الــأحياء
لولا التجلّد والتعزّي إنّه ... لا قوم إلّا عقرهم لفناء
ناديت أصحابي الذين توجهوا، ... ودعوت أخرس ما يجيب دعائي
وغمر طيّء، قال ابن الكلبي: سمّي بطيّء رجل من العرب الأولى. وغمر ذي كندة: موضع وراء وجرة بينه وبين مكة مسيرة يومين، قال
عمر بن أبي ربيعة فيه:
إذا سلكت غمر ذي كندة ... مع الصبح قصدا لها الفرقد
هنالك إمّا تعزّي الفؤاد، ... وإمّا على إثرهم تكمد
قال ابن الكلبي في كتاب الافتراق: وكان لجنادة ابن معدّ الغمر غمر ذي كندة وما صاقبها وبها كانت كندة دهرها الأول، ومن هنالك احتجّ القائلون في كندة ما قالوا لمنازلهم في غمر ذي كندة يعني من نسبهم في عدنان، وقال أبو عبيد السّكوني:
الغمر بحذاء توز شرقيّه جبل يقال له الغمر، وتوز:
من منازل طريق مكة من البصرة معدود في أعمال اليمامة، قال:
بنى بالغمر أرعن مشمخرّا ... يغنّي في طرائقه الحمام
يصف قصرا، وطرائقه: عقوده، وفي حديث الردّة:
خرج خالد بن الوليد من الأكناف أكناف سلمى حتى نزل الغمر ماء من مياه بني أسد بعد أن حسن إسلام طيّء وأدّوا زكاتهم، فقال رجل من المسلمين:
جزى الله عنّا طيّئا في بلادها ... ومعترك الأبطال خير جزاء
هم أهل رايات السّماحة والنّدى ... إذا ما الصّبا ألوت بكلّ خباء
هم ضربوا بعثا على الدين بعد ما ... أجابوا منادي فتنة وعماء
وخال أبونا الغمر لا يسلمونه، ... وثجّت عليهم بالرماح دماء
مرارا فمنها يوم أعلى بزاخة، ... ومنها القصيم ذو زهى ودعاء
وهو واد فيه ثماد ماؤها قليل، وهو بين ثجر وتيماء.
الغَمْرُ: الماءُ الكثيرُ،
كالغَميرِ
ج: غِمارٌ وغُمُورٌ، والكريمُ الواسِعُ الخُلُقِ، ومُعْظَمُ البَحْرِ،
وـ من الخَيْلِ: الجَوادُ،
وـ من الثِيابِ: السابغُ،
وـ من الناسِ: جَمَاعَتُهُم ولَفِيفُهُم،
كغَمَرِهِم، محرَّكةً،
وغَمْرَتِهِم وغُمارَتِهِم، بالضم ويُفْتَحُ، ومن لم يُجَرِّبِ الأُمُورَ، ويُثَلَّثُ ويُحَرَّكُ، وسَيْفُ خالِدِ بنِ يَزيدَ بنِ مُعاويَةَ، وفَرَسُ الجَحَّافِ بنِ حَكيمٍ، وبئْرٌ قَديمَةٌ بِمكَّةَ،
وع بَيْنَه وبَيْنَها يَوْمانِ، وماءٌ باليمامَةِ،
وع لِطَيِّئٍ، ورجُلٌ من العَرَبِ، وبالضم: الزَّعْفَرانُ،
كالغُمْرَةِ، واغْتَمَرَتْ به وتَغَمَّرَتْ. وبالتحريكِ: زَنَخُ اللحْمِ وما يَعْلَقُ باليَدِ من دَسَمِهِ، غَمِرَتْ، كفَرِحَ، فهي غَمِرَةٌ، والحِقْدُ، ويُكْسَرُ
ج: غُمُورٌ، غَمِرَ صَدْرُهُ، كفرِحَ. وكصُرَدٍ: قَدَحٌ صغيرٌ، أو أصْغَرُ الأَقْدَاحِ.
وتَغَمَّرَ: شَرِبَ به.
وغَمْرُ الرِداءِ
وغَمْرُ الخُلُقِ: كثيرُ المَعْروفِ، سَخِيٌّ، بَيِّنُ الغُمورَةِ، من غِمارٍ وغُمورٍ.
وغَمَرَ الماءُ غَمارَةً وغُمورَةً: كثُرَ.
وغَمَرَهُ الماءُ غَمْراً واغْتَمَرَهُ: غَطَّاهُ.
ونَخْلٌ مُغْتَمِرٌ: يَشْرَبُ في الغَمْرَةِ.
ورجلٌ مُغْتَمِرٌ: سَكْرانُ.
والمَغْمورُ: الخامِلُ.
وتَغَمَّرَ البعيرُ: لم يَرْوَ.
والغامِرُ: الخَرابُ، أوِ الأرضُ كُلُّها ما لم تُسْتَخْرَجْ حتى تَصْلُحَ للزِراعَةِ، وبهاءٍ: النَّخْلُ لا يَحْتاج إلى السَقْي.
وغَمَرَةُ الشيءِ: شِدَّتُه، ومُزْدَحَمُه
ج: غَمَراتٌ وغِمارٌ.
والمُغامِرُ والمُغَمِّرُ، بضمهما: المُلْقِي بِنفْسِه فيها.
واغْتَمَرَ: اغْتَمَسَ،
كانْغَمَرَ.
وطَعامٌ مُغْتَمِرٌ: بِقِشْرِهِ.
والغَمِيرُ، كأميرٍ: حَبُّ البُهْمَى، أو نباتٌ، أو ما كان من خُضْرَةٍ قليلاً، أو الأَخْضَرُ، غَمَرَهُ اليَبِيسُ، أو النَّبْتُ في أصْلِ النَّبْتِ
ج: أغْمِراءُ.
وتَغَمَّرَتِ الماشِيَةُ: أكَلَتْهَا.
وغَمْرَةُ: مَنْهَلٌ بطريق مكةَ فَصَلَ بين تهامَةَ ونَجْد.
وكزُبَيْر: ع قُرْبَ ذات عِرْق،
وع بِدِيارِ بني كلابٍ، وماءٌ بِأَجَأَ.
والغِمارُ، ككتابٍ: وادٍ بنجدٍ،
وذُو الغِمارِ: ع.
والغَمْرانُ: ع بِبلادِ بني أسَدٍ.
والغَمْرِيَّةُ: ماءٌ لعَبْسٍ.
والغَمِرَةُ، كزَنِخَةٍ: ثَوْبٌ أسْوَدُ يَلْبَسُه العَبيدُ والإِماءُ.
وغَمَّرَ به تَغْميراً: دَفَعَه، أو رَماهُ،
وـ فَرَسَه: سَقاهُ في القَدَحِ لِضِيقِ الماءِ.
وذُو غُمَرٍ، كصُرَدٍ: ع.
وأغْمَرَنِي الحَرُّ، أي: فَتَرَ فاجْتَرَأْتُ عليه وركِبْتُ الطريقَ.
وهَضْبُ اليَغامِرِ: ع.

الجَذَع

الجَذَع، محركةً: قَبْلَ الثَّنِيِّ، وهي بهاءٍ، اسمٌ له في زَمَنٍ وليس بِسِنٍّ تَنْبُتُ أو تَسْقُطُ، والشابُّ الحَدَثُ، ج: جِذاعٌ وجُذْعانٌ، بالضم.
والأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدَّهْرُ، والأسَدُ.
وأم الجَذَعِ: الداهيةُ.
والدَّهْرُ جَذَعٌ أبداً: شابٌّ لا يَهْرَمُ.
والجَذْعَمَةُ: الصغيرةُ، وأصْلُها جَذَعَةٌ.
وجَذَعَ الدابةَ، كمنَع: حَبَسَها على غيرِ عَلَفٍ،
وـ بين البعيرَين: قَرَنَهُما في قَرَنٍ. وككتابٍ: أحياءٌ من بني سَعْدٍ.
وجَذْعانُ الجِبالِ، بالضم: صِغارُها.
وذَهَبوا جِذَعَ مِذَعَ، كَعِنَبٍ مَبْنِيَّتَيْنِ بالفتح: تَفَرَّقُوا في كلِّ وجْه.
والجِذْعُ، بالكسر: ساقُ النَّخْلَةِ، وابنُ عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ، ومنه: "خُذْ من جِذْعٍ ما أعْطاكَ"، كانتْ غَسَّانُ تُؤَدي كلَّ سنةٍ إلى مَلِكِ سَلِيحٍ دينارينِ من كلِّ رجُلٍ، وكان يَلِي ذلك سَبْطَةُ بنُ المُنْذِرِ السَّلِيحيُّ، فجاء سَبْطَةُ يسألُهُ الدينارينِ، فَدَخَلَ جِذْعٌ مَنْزِلَهُ، فَخَرَجَ مُشْتَمِلاً بسَيْفِه، فضربَ به سَبْطَةَ حتى بَرَدَ، وقال: "خُذْ من جِذْعٍ ما أعْطاك". أو أعْطَى بعضَ المُلوكِ سَيْفَه رَهْناً، فلم يأخُذْه، وقال: اجْعَلْ في كذا من كذا، فضربَهُ به فَقَتَلَهُ، وقَالَهُ. يُضْرَبُ في اغْتِنامِ ما يَجودُ به البخيلُ.
وتقولُ لوَلَدِ الشاةِ في السَّنَةِ الثانيةِ، وللبَقَرِ، وذَواتِ الحافِرِ في الثالثة، وللإِبل في الخامسة: أجْذَعَ.
والمُجْذَعُ، كمُكرَم ومُعَظَّم: كلُّ ما لا أصْلَ له ولا ثَباتَ.
وخَروفٌ مُتَجاذِعٌ: وانٍ.

القِسْمِلُ

القِسْمِلُ، كزِبْرِجٍ: ولَدُ الأسَدِ، وبَطْنٌ من الأزْدِ.
وقِسْميلٌ، بالكسر: أبو بَطْنٍ.
والقَسامِلَةُ والقَسامِيلُ: الــأحْياءُ من الأعْرابِ.
وقَسْمَلَةُ: لَقَبُ عائِذِ بنِ عَمْرٍو أخي جَذيمَةَ الأبْرَشِ، لُقِّبَ لجَمالِه.

أكَلَهُ

أكَلَهُ أكلاً ومَأكَلاً، فهو آكِلٌ وأكيلٌ من أكَلَةٍ.
والأَكْلَةُ: المَرَّةُ، وبالضم: اللُّقْمَةُ، والقُرْصَة، والطُّعْمَةُ، ج: كصُرَدٍ.
وذو الأُكْلَةِ: حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ، رضي الله تعالى عنه، وبالكسرِ: هَيْئَتُه، والغِيبَةُ، ويُثَلَّثُ، والحِكَّةُ،
كالأُكالِ والأَكِلَةِ، كغُرابٍ وفَرِحَةٍ.
ورجُلٌ أُكَلَةٌ، كهُمَزَةٍ وأميرٍ وصَبورٍ: بمعنىً.
وآكَلَهُ الشيءَ: أطْعَمَهُ إِياهُ ودَعاهُ عليه،
كأَكَّلَهُ تأكيلاً،
وـ فلاناً مواكَلَةً وإِكالاً: أكَلَ معه،
كَواكَلَهُ في لُغَيَّةٍ،
وـ بينَهُم: حَمَلَ بعضُهم على بعضٍ،
وـ النَّخْلُ والزَّرْعُ: أطْعَمَ،
وـ فلانٌ فلاناً: أمْكَنَهُ منه.
واسْتَأكَلَهُ الشيءَ: طَلَبَ إليه أن يَجْعَلَهُ له أُكْلَةً.
ويَسْتَأكلُ الضُّعَفاءَ، أي: يأخُذُ أموالَهم.
والأُكْلُ، بالضم وبضمتينِ: التَّمْرُ والرِزْقُ، والحَظُّ من الدُّنْيا، والرأيُ، والعَقْلُ، والحَصافَةُ، وصَفاقَةُ الثوبِ، وقُوَّتُهُ.
والأَكيلُ والأَكيلَةُ: شاةٌ تُنْصَبُ لِيُصادَ بها الذِّئبُ ونحوُهُ،
كالأُكولَةِ، بضمتينِ، وهي قَبيحَةٌ، والمأكولِ والمُؤاكِلِ، وما أكَلَهُ السَّبُعُ من الماشِية،
كالأَكِيلةِ.
والأُكولَةُ: العاقِرُ من الشِّياه، والشَّاةُ تُعزَلُ لِلأَكْلِ.
والمأكَلَةُ، وتُضَمُّ الكافُ: المِيرَةُ، وما أُكِلَ، ويوصَفُ به فيقالُ: شاةٌ مَأكُلَةٌ.
وذوُو الآكالِ، بالمَدِّ، لا الآكالُ، ووَهِمَ الجَوهرِيُّ: سادَةُ الــأَحْياءِ. الآخذِينَ لِلمِرْباعِ.
وآكالُ المُلُوكِ: مآكِلُهُمْ،
وـ من الجُنْدِ: أطْماعُهُم.
والآكِلَةُ: الراعِيةُ.
وآكِلَةُ اللَّحْمِ: السِّكِّينُ، والعَصا المُحَدَّدَةُ، والنارُ، والسِّياطُ.
والمِئْكَلَةُ: القَصْعَةُ الصغيرةُ تُشْبعُ الثلاثةَ، والبُرْمَةُ الصغيرةُ، وكلُّ ما أُكِلَ فيه.
وأكِلَ العُضْوُ والعُودُ، كفرِحَ،
وائْتَكَلَ وتأكَّلَ: أكَلَ بعضُه بعضاً، والاسمُ: كغُرابٍ وكِتابٍ.
والأَكِلَةُ، كفرِحةٍ: داءٌ في العُضْوِ يَأْتَكِلُ منه.
وتأكَّلَ منه: غَضِبَ وهاجَ،
كائْتَكَلَ،
وـ الكُحْلُ، والصَّبِرُ، والفِضَّةُ، والسيفُ، والبَرْقُ: اشْتَدَّ بَريقُه.
وأكِلَتِ الناقةُ كفرِحَ، أكالاً، كسحابٍ: نَبَتَ وبَرُ جَنينها فَوَجَدَتْ حِكَّةً وأذًى في بَطْنِها، وهي أكِلَةٌ، كفرِحةٍ، وبها أُكالٌ، كغُرابٍ،
وـ الأَسْنانُ: تَكَسَّرَتْ.
والآكِلُ: المَلِكُ.
والمأكوالُ: الرَّعِيَّةُ.
والمُؤْكَلُ، كمُكْرَمٍ: المَرْزوقُ.
والْمِئْكالُ: المِلْعَقَةُ.
وأكَلَني رأسي إِكْلَةً، بالكسر، وأُكالاً، بالضم والفتح: حَكَّني.
وائْتَكَلَ غَضَباً: احْتَرَقَ وتَوَهَّجَ.
وأكَّلَ مالي تأكيلاً وشَرَّبَهُ: أطْعَمَهُ الناسَ.
وظَلَّ مالي يُؤَكِّلُ ويُشَرِّب، أَي: يَرْعَى كيفَ شاءَ.
و"أُمِرْتُ بقَرْيَةٍ تأكُلُ القُرَى"، أي: يَفْتَحُ أهْلُها القُرَى، ويَغْنَمونَ أموالَها، فجَعَلَ ذلك أكلاً منها، أو هذا تَفْضيلٌ لها، كقولِهم: هذا حديثٌ يأكُلُ الأحاديثَ.

البُرْجُمَةُ

والبُرْجُمَةُ للمَفْصَلِ: هو الظاهِرُ من الأصابعِ كالعَقْدِ. والإِصْبَعُ الوُسْطَى من كُلَّ طائرٍ: بُرْجُمَةٌ. والبَرَاجِمُ: أحْيَاءٌ من تَمِيْمٍ.
البُرْجُمَةُ، بالضم: المَفْصِلُ الظاهِرُ أو الباطِنُ من الأَصابعِ، والإِصْبَعُ الوُسْطَى من كلِّ طائرٍ
ج: بَراجِمُ، أو هي مَفاصلُ الأَصابعِ كُلِّهَا، أو ظُهورُ القَصَبِ من الأَصابعِ، أو رؤوسُ السُّلامَيَاتِ إذا قَبَضْتَ كفَّكَ، نَشَزَتْ وارْتَفَعَتْ.
والبَراجِمُ: قَوْمٌ من أوْلادِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ، وفي المَثَلِ:
إِنَّ الشَّقِيَّ وافدُ البَراجِمِ،
لأَنَّ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ أحْرَقَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ رجُلاً من بني دارِمٍ، وكان قد حَلَفَ لَيُحْرِقَنَّ منهم مِئَةً بأخِيهِ سَعْدٍ، فَمَرَّ رَجُلٌ، فاشْتَمَّ رائِحَةً، فَظَنَّ شِواء اتَّخَذَهُ المَلِكُ، فَعَدَلَ إليه ليَرْزَأ منه، فقيلَ له: مِمَّنْ أنْتَ؟ فقال: من البَراجِمِ، فَكَمَّلَ به مِئَةً.
وهَيَّاجٌ البُرْجُمِيُّ: تابِعِيٌّ. وحَفْصُ بنُ عِمْرانَ، ومحمدُ بنُ زِيادٍ، وسِنانُ بنُ هَارونَ، وعَمْرو بنُ عاصِمٍ البُرْجُمِيُّونَ: مُحدثونَ. والفتحُ لَحْنٌ.
والبَرْجَمَةُ: غِلَظُ الكَلاَمِ.

جَشِمَ

جَشِمَ الأَمْرَ، كسَمِعَ،
جَشْماً وجَشامَةً: تَكَلَّفَه على مَشَقَّةٍ،
كتَجَشَّمَه.
وأجْشَمَنِي إياهُ وجَشَّمَني.
والجَشَمُ، محرَّكةً: الثِّقَلُ،
كالجَشْمِ، والسِّمَنُ، وبضمتينِ: السِّمانُ. وكأميرٍ: الغَليظُ. وكصُردٍ: الجَوْفُ، أو الصَّدْرُ بِضُلوعِهِ المُشْتَمِلَةِ عليه، والثِّقَلُ، وأحْياءٌ من مُضَرَ، ومن اليَمَنِ، ومن تَغْلِبَ، وفي ثَقِيفٍ، وفي هَوازِنَ،
وة بِبَيْهَقَ، وعبدٌ حَبَشِيٌّ حَضَنَ الحَارِثَ بنَ لُؤَيٍّ،
فقيلَ لِبَنيه: بنو جُشَمَ. وكَمُحْسِنٍ: الأَسَدُ.

التّكرير

التّكرير:
[في الانكليزية] Repetition ،pleonasm ،-
[ في الفرنسية] Repetition ،pleonasme ،
بالراء هو ذكر الشيء مرة فصاعدا بعد أخرى وكذا التكرار كما يستفاد من المطول في تعريف الفصاحة. وفي الاتقان التكرير من أنواع إطناب الزيادة وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة خلافا لبعض من غلط، وله فوائد. منها التقرير وقد قيل الكلام إذا تكرّر تقرّر. ومنها التأكيد. ومنها زيادة التنبيه على ما ينفي التهمة ليكمل تلقّي الكلام بالقبول ومنه وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ، يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ الآية، فإنّه كرر فيه النداء لذلك. ومنها إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانيا توطئة له وتجديدا لعهده، ومنه قوله تعالى وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلى قوله فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا الآية. ومنها التعظيم والتهويل نحو الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فإن قلت هذا النوع أحد أقسام التأكيد الصناعي فإنّ منها التوكيد بتكرار اللفظ فلا يحسن عدّه نوعا مستقلا. قلت هو يجامعه ويفارقه ويزيد عليه وينقص عنه فصار أصلا برأسه، فإنّه قد يكون التأكيد تكرارا وقد لا يكون تكرارا، وقد يكون التكرير غير تأكيد صناعة وإن كان مفيدا للتأكيد معنى؛ ومنه ما وقع فيه الفصل بين المكررين فإنّ التأكيد لا يفصل بينه وبين مؤكده نحو اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ فالآية من باب التكرير لا التأكيد الصناعي. ومن التكرير نوع يسمّى بالترديد، وهو ما كان لتعدّد المتعلّق بأن يكون المكرر ثانيا متعلّقا بغير ما تعلّق به الأول كقوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية ومنه قوله وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ لتعلّق كلّ واحدة بما قبلها.

قال في عروس الأفراح فإن قلت: إذا كان المراد بكل ما قبله فليس ذلك بإطناب بل هي ألفاظ بكل أريد به غير ما أريد بالآخر؟ قلت:
إذا قلنا العبرة لعموم اللفظ فكلّ واحد أريد به ما أريد بالآخر، ولكن كرّر ليكون نصا فيما يليه وظاهرا في غيره. فإن قلت يلزم التأكيد؟ قلت:
والأمر كذلك، ولا يرد عليه أنّ التأكيد لا يزداد على ثلاثة لأنّ ذلك في التأكيد الذي هو تابع، أمّا ذكر الشيء في مقامات متعدّدة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع. ومن أمثلة ما يظن تكرارا وليس منه فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ ثم قال فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ثم قال وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فإنّ المراد بكل واحد من هذه الأذكار غير المراد بالآخر. فالأول الذكر في المزدلفة عند الوقوف بقزح وقوله وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ إشارة إلى تكرّره ثانيا. وثالثا ويحتمل أن يراد به طواف الإفاضة منه بدليل تعقيبه بقوله فَإِذا قَضَيْتُمْ والذكر الثالث إشارة إلى رمي جمرة العقبة والذكر الأخير لرمي أيام التشريق. ومن ذلك تكرير الأمثال الواقعة في القرآن كقوله وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ، وَما يَسْتَوِي الْــأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ وكذلك ضرب مثل المنافقين أول البقرة بالمستوقد نارا ثم ضربه بأصحاب الصيّب ومن ذلك تكرير القصص الواقعة في القرآن كقصة آدم وموسى ونوح وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام. وفي تكرير القصص فوائد. منها أنّ في كل موضع زيادة شيء لم يذكر في الذي قبله، أو إبدال كلمة بأخرى لنكتة وهي عادة البلغاء. ومنها أنّ في إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة ما لا يخفى من الفصاحة. ومنها أنّ الدواعي لا تتوفر على نقلها لتوفرها على نقل الأحكام، فلذا كررت القصص دون الأحكام. ومنها أنّه تعالى أنزل هذا القرآن وعجز القوم عن الإتيان بمثله ثم أوضح الأمر في عجزهم بأن كرّر ذكر القصة في مواضع إعلاما بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله بأيّ نظم جاءوا وبأي عبارة عبّروا. ومنها أنه لما تحداهم قال فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فلو ذكرت القصة في موضع واحد فقط لقال العربي ائتونا أنتم بسورة من مثله، فأنزلها سبحانه في تعداد السور دفعا لحجتهم من كل وجه، انتهى ما في الإتقان.

أَنث

أَنث
: ( {آنَثَت المَرْأَةُ} إِيناثاً) إِذا (وَلَدَتْ أُنْثَى) وَفِي بعض: {الإِناثَ، (فَهِيَ} مُؤْنِثٌ. ومُعْتادَتُهَا) أَي إِذا كَانَ لَهَا ذَلِك عَادَةً فَهِيَ ( {مئنَاثٌ) والرَّجُلُ} مِئنَاثٌ أَيضاً؛ لأَنَّهُمَا يَسْتَويانِ فِي مِفْعَال، ويقابِلُه الْمِذْكارُ، وَهِي الَّتِي تَلِد الذُّكُورَ كثيرا.
(و) من الْمجَاز: ( {الأَنِيثُ) من (الحَدِيدِ) : مَا كانَ (غير الذَّكَرِ) وحَدِيدٌ} أَنِيثٌ: غيرُ ذَكَرٍ.
ونَزَعَ {أَنِيثَه، ثمَّ ضَرَبَه تَحت} أُنْثَيَيْهِ.
وَفِي اللِّسَان: الأَنِيثُ من السُّيُوف: الَّذِي من حَديدٍ غيرِ ذَكَرٍ، وَقيل: هُوَ نَحْوٌ من الكَهَامِ. قَالَ صَخْرُ الغَيِّ: فيُعْلِمُهُ بَأَنَّ العَقْلَ عندِي
جُرَازٌ لَا أَفَلُّ وَلَا أَنِيثُ
أَي لَا أُعطِيه إِلاّ السَّيْفَ القَاطِعَ، وَلَا أُعطِيه الدِّيَةَ.
وسيفٌ {أَنِيثٌ: وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بِقاطِعٍ.
(و) من الْمجَاز: (} المُؤَنَّثُ) من الرِّجَالِ (: المُخَنَّثُ) شِبْهُ المَرْأَةِ فِي لِينِهِ، ورِقَّةِ كَلامِه، وتَكَسُّر أَعضَائِه ( {كالمِئْناث) } والمِئْنَاثَةِ، {والأَنِيثِ.
وبعضُهُم يَقُول:} تَأَنَّثَ فِي أَمْرِه وتَخَنَّثَ، وَقَالَ الكُمَيْتُ فِي الرَّجُلِ {الأَنِيث:
وشَذَّبْتُ عَنْهُمْ شَوْكَ كُلِّ قَتَادَةٍ
بِفَارِسَ يَخْشَاهَا الأَنِيثُ المُغَمَّرُ
(} والأُنْثَيَانِ: الخُصْيَتانِ) .
(و) فِي الأَساسِ: وَمن الْمجَاز: ونَزَعَ {أُنْثَيَيْه وضَرَبه تَحْتَ} أُنْثَيَيْهِ، {الأُنْثَيَانِ: (الأُذُنَانِ) ، يَمَانِيَة،} والأُنوثَةُ فيهِما من {تَأْنِيثِ الاسْمِ. وأَنشد الأَزْهَرِيّ لذِي الرُّمّة:
وكُنّا إِذا القَيْسِيُّ نَبَّ عَتُودُه
ضَرَبْنَاهُ فوقَ} الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
وَفِي أَصْلِ الجَوْهَرِيّ: العَبْسِيّ، وَهُوَ خَطَأٌ. قَالَ: يَعني الأُذُنَيْنِ؛ لأَنَّ الأُذُنَ {أُنْثَى، وأَورده الجَوْهَرِيّ (على مَا أَورده الأَزهري) لذِي الرُّمّة وَلم يَنْسُبْه لأَحَدٍ.
قَالَ ابْن بَرِّيّ: البيتُ للفَرَزْدَق، قَالَ: والمَشْهُور فِي الرّوايةِ:
وكُنَّا إِذا الجَبَّارُ صَعَّر خَدَّهُ
كَمَا أَورَدَه ابنُ سِيده.
(و) الأُنْثَيانِ، من أَحياءِ العَرَب (: بَجِيلَةُ وقُضَاعَةُ) ، عَن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابيّ، وأَنشد للكُمَيْت:
فيا عَجَباً} للأُنْثَيَيْنِ تَهَادَتَا
أَذَاتِيَ إِبْرَاقَ البَغَايَا إِلى الشَّرْبِ
(و) من المَجَاز: قَالَ الكِلاَبيّ: (أَرْضٌ! أَنِيثَةٌ ومِئْناثٌ: سَهْلَةٌ مِنْباتٌ) . (سقط: خَلِيقَة بالنبات، لَيست بغليظة، وَفِي الصِّحَاح: تنْبت البقل سهلة.
وبلد أنيث: لين سهل. حَكَاهُ ابْن الْأَعرَابِي.
وَمَكَان أنيث، إِذا أسْرع نَبَاته وَكثر، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
بميث أنيث فِي رياض دمثة
تحيل سواقيها بِمَاء فضيض
وَمن كَلَامهم: بلد أنيث دميث، طيب الريعة مرت الْعود.
وَزعم ابْن الْأَعرَابِي: أَن الْمَرْأَة إِنَّمَا سميت أُنْثَى من الْبَلَد الأنيث، قَالَ لِأَن الْمَرْأَة أَلين من الرجل، وَسميت أُنْثَى للينها، قَالَ ابْن سَيّده: فَأصل هَذَا الْبَاب - على قَوْله - إِنَّمَا هُوَ الأنيث الَّذِي هُوَ اللين.
(و) من الْمجَاز: ( {أنثت لَهُ) فِي الْأَمر (} تأنيثا، {وتأنثت، لنت) لَهُ، وَلم أتشدد.
(} وَالْإِنَاث) بلاكسر (: جمع {الْأُنْثَى) وَهُوَ خلاف الذّكر من كل شَيْء وَجمع الْجمع} أنث، كحمار وحمر، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز (إِن يدعونَ من دونه إِلَّا {إِنَاثًا) [سُورَة النِّسَاء: 117] وقرىء " إِلَّا} أُنُثاً " جمع {إناث مثل نمار ونمر، وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أنثا. قَالَ الْفراء: هُوَ جمع الوثن (} - كالأناثي) كعذارى، جَاءَ ذَلِك فِي الشّعْر (و) من قَرَأَ: إِلَّا إِنَاثًا، أَرَادَ (الْموَات) الَّذِي هُوَ خلاف الْحَيَوَان (كالشجر وَالْحجر) والخشب، عَن اللحياني.
وَعَن الْفراء تَقول الْعَرَب: اللات والعزى، وأشباههما، من الْآلهَة! المؤنثة.
(و) الْإِنَاث (: صغَار النُّجُوم) .
(و) يُقَال: هَذِه (امْرَأَة أُنْثَى) إِذا مدحت بِأَنَّهَا (كَامِلَة) من النِّسَاء، كَمَا يُقَال: رجل ذكر، إِذا وصف بالكمال، وَهُوَ مجَاز.) (و) من الْمجَاز أَيضاً: (سَيْفٌ) أَنِيثٌ، و ( {مِئْنَاثٌ} ومِئْنَاثَةٌ) بالهاءِ، وَهَذِه عَن اللِّحْيَانيّ، وكذالك مُؤَنَّثٌ، أَ (كَهَامٌ) ، وكذالك {مُؤَنَّثٌ، أَي (كَهَامٌ) ، وذالك إِذا كانَتْ حَدِيدَتُه لَيِّنةً،} تأْنيثُه على إِرادَةِ الشَّفْرَةِ، أَو الحَديدَةِ أَو السِّلاح.
وَقَالَ الأَصْمَعيّ: الذَّكَرُ من السُّيُوف: شَفْرَتُه حديدٌ ذَكَرٌ، وَمَتْنَاهُ أَنِيثٌ. يَقُول الناسُ: إِنَّها من عَمَلِ الجِنّ.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
قَالَ ابنُ السِّكّيت: يُقال: هاذا طَائِر {وأُنْثَاهُ، وَلَا يُقَال: أُنْثَاتُه.
وَقد} أَنَّثْتُه {فتَأَنَّثَ.
والأُنْثَى: المَنْجَنِيقُ، وَقد جاءَ فِي قَول العَجّاجِ.
وكُلُّ أُنْثَى حَمَلَتْ أَحْجَارَا
} وأُنْثَيَا الفَرَسِ: رَبَلَتَا فَخِذَيْهَا، قالَ الشّاعر فِي صفة الفَرَسِ:
تَمَطَّقَتْ {أَنَيْثَيَاهَا بِالعَرَقْ
تَمَطُّقَ الشَّيْخِ (العَجُوزِ) بالمَرَقْ
وسَيْفٌ مُؤَنَّثٌ، كالأَنِيثِ. أَنشدَ ثَعْلَب:
وَمَا يَسْتَوِي سَيْفَانِ: سَيْفٌ مُؤَنَّثٌ
وسَيْفٌ إِذا مَا عَضَّ بالعَظْمِ صَمَّمَا
ورَوِيَ عَن إِبراهيمَ النَّخَعِيّ أَنه قَالَ: كَانُوا يَكرَهون المُؤنَّث من الطيِّبِ، وَلَا يَرَوْن بِذُكُورَتِهِ بَأساً. قَالَ شَمِرٌ: أَرادَ} بالمُؤَنّثِ طِيبَ النِّسَاءِ، مثل: وأَمّا ذُكُورَةُ الطِّيب: فَمَا لَا لَونَ لَهُ. مثل: الغَالِيَةِ والكَافُورِ والمِسْكِ والعُودِ والعَنْبَرِ ونحوِها من الأَدْهَانِ الَّتِي لَا تُؤَثِّر، كَذَا فِي اللِّسَان.

خَزَرُ

خَزَرُ:
بالتحريك، وآخره راء، وهو انقلاب في الحدقة نحو اللّحاظ، وهو أقبح الحال: وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين، ويقولون: هو مسمى بالخزر ابن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال في كتاب العين: الخزر جيل خزر العيون، وقال دعبل بن عليّ يمدح آل عليّ، رضي الله عنه:
وليس حيّ من الــأحياء نعرفه ... من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم، ... كما تشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة، ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
وقال أحمد بن فضلان رسول المقتدر إلى الصقالبة في رسالة له ذكر فيها ما شاهده بتلك البلاد فقال: الخزر اسم إقليم من قصبة تسمّى إتل، وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار، وإتل مدينة، والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة، والإتل قطعتان: قطعة على غربي هذا النهر المسمّى إتل وهي أكبرهما، وقطعة على شرقيّه، والملك يسكن الغربي منهما، ويسمى الملك بلسانهم ويلك ويسمّى أيضا باك، وهذه القطعة الغربية مقدارها في الطول نحو فرسخ ويحيط بها سور إلّا أنه مفترش البناء، وأبنيتهم خركاهات
لبود إلّا شيء يسير بني من طين، ولهم أسواق وحمّامات، وفيها خلق كثير من المسلمين يقال إنهم يزيدون على عشرة آلاف مسلم ولهم نحو ثلاثين مسجدا، وقصر الملك بعيد من شطّ النهر، وقصره من آجر وليس لأحد بناء من آجر غيره، ولا يمكّن الملك أن يبنى بالآجر غيره، ولهذا السور أربعة أبواب:
أحدها يلي النهر وآخرها يلي الصحراء على ظهر هذه المدينة، وملكهم يهوديّ، ويقال: إنّ له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل، والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عبدة الأوثان، وأقل الفرق هناك اليهود على أن الملك منهم، وأكثرهم المسلمون والنصارى إلّا أنّ الملك وخاصته يهود، والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم، وأحكام مصرهم على رسوم مخالفة للمسلمين واليهود والنصارى، وجريدة جيش الملك اثنا عشر ألف رجل، فإذا مات منهم رجل أقيم غيره مقامه، فلا تنقص هذه العدة أبدا، وليست لهم جراية دائرة إلّا شيء نزر يسير يصل إليهم في المدة البعيدة إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر عظيم يجمعون له، وأما أبواب أموال صلات الخزر فمن الأرصاد وعشور التجارات على رسوم لهم من كل طريق وبحر ونهر، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحي من كل صنف مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك، وللملك تسعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه وإنما يصل إليه هؤلاء الحكام، وبين هؤلاء الحكام وبين الملك يوم القضاء سفير يراسلونه فيما يجري من الأمور ينهون إليه ويردّ عليهم أمره ويمضونه.
وليس لهذه المدينة قرى إلّا أن مزارعهم مفترشة، يخرجون في الصيف إلى المزارع نحوا من عشرين فرسخا فيزرعون ويجمعونه إذا أدرك بعضه إلى النهر وبعضه إلى الصحاري فيحملونه على العجل والنهر، والغالب على قوتهم الأرز والسمك وما عدا ذلك مما يوجد عندهم يحمل إليهم من الروس وبلغار وكويابه، والنصف الشرقي من مدينة الخزر فيه معظم التجار والمسلمون والمتاجر، ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ولا يشاركه لسان فريق من الأمم، والخزر لا يشبهون الأتراك، وهم سود الشعور، وهم صنفان: صنف يسمون قراخزر، وهم سمر يضربون لشدة السمرة إلى السواد كأنهم صنف من الهند، وصنف بيض ظاهر والجمال والحسن، والذي يقع من رقيق الخزر وهم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم لبعض، فأما اليهود والنصارى فإنهم يدينون بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين.
وبلد الخزر لا يجلب منه إلى البلاد شيء، وكل ما يرتفع منه إنما هو مجلوب إليه مثل الدقيق والعسل والشمع والخز والأوبار. وأما ملك الخزر فاسمه خاقان، وإنه لا يظهر إلّا في كلّ أربعة أشهر متنزها، ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الإخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلّا حافيا وبيده حطب، فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاويشغر، ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد
غير من ذكرنا، والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به، ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر ويقولون حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت، ويسمى قبره الجنّة، ويقولون: قد دخل الجنة، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.
ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها، وله من الجواري السراري لفراشه ستون، ما منهن إلا فائقة الجمال، وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج، وحول كل قبة مضرب، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه ويقف الخادم على باب قبة الملك، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة. وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل، فلا يراه أحد من رعيته إلّا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.
ومدة ملكهم أربعون سنة، إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه. وإذا بعث سرية لم تولّ الدّبر بوجه ولا بسبب، فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.
ولملك الخزر مدينة عظيمة على نهر إتل، وهي جانبان:
في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز، وهو مسلم، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم، لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره، وللمسلمين في هذه المدينة مسجد جامع يصلون فيه الصلاة ويحضرون فيه أيام الجمع، وفيه منارة عالية وعدة مؤذنين، فلما اتصل بملك الخزر في سنة 310 أن المسلمين هدموا الكنيسة التي كانت في دار البابونج أمر بالمنارة فهدمت وقتل المؤذنين وقال: لولا أني أخاف أن لا يبقى في بلاد الإسلام كنيسة إلا هدمت لهدمت المسجد. والخزر وملكهم كلهم يهود، وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته، ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة، وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر.

علم المعاملة

علم المعاملة
هو علم أحوال القلب إما ما يحمد منها كالصبر والشكر والخوف والرضاء والزهد والتقوى والسخاء ومعرفة المنة لله تعالى في جميع الأحوال وحسن الظن والصدق والإخلاص.. فمعرفة حقائق هذه الأحوال وحدودها وأسبابها التي بها تكتسب وثمرتها وعلاماتها ومعالجة ما ضعف منها حتى يقوى وما زال حتى يعود من علم الآخرة.
وأما ما يذم فخوف الفقر وسخط المقدر والغل والحسد والحقد والغش وطلب العلو وحب الثناء وحب طول البقاء والفخر والخيلاء والتنافس والمباهات والأنفة والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والرغبة والبذخ والأشر والبطر وتعظيم الأغنياء والاستهانة بالفقراء إلى غير ذلك مما ذكره الغزالي في الــأحياء.
فالعلم بحدود هذه الأمور وحقائقها وأسبابها وثمرتها وعلاجها هو علم الآخرة.
وهو فرض عين في فتوى علماء الآخرة فالمعرض عنها هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة كما أن العرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسيف سلاطين الدنيا بحكم فتوى فقهاءها.
ولو سئل فقيه عن معنى هذه المعاني حتى عن الإخلاص مثلا أو عن التوكل أو عن وجه الاحتراز عن الرياء لتوقف فيه مع أنه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه في الآخرة.
ولو سألته عن اللعان والظهار والسبق والرمي لسرد عليك مجلدات من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منها وإن احتيج لم يخل البلد عمن يقوم بها ويكفيه مؤنة التعب فيها فلا يزال يتعب فيها ليلا ونهارا وفي حفظه ودرسه ويغفل عما هو مهم نفسه في الدين هيهات هيهات قد اندرس علم الدين بتلبيس العلماء السوء فالله المستعان وإليه الملاذ في أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرحمن ويضحك الشيطان. علم معرفة الأرضي والسماوي
أما الأرضي: فظاهر.
وأما السماوي: فما نزل ليلة المعراج كالآيتين من آخر سورة البقرة.
قال ابن العربي: إن من القرآن سمائيا1 وأرضيا وما نزل بين السماء والأرض وما نزل تحت الأرض في الغار.
أما الأرضي والسمائي فظاهران.
وأما ما نزل بين السماء والأرض فلعله أراد في الفضاء بين السماء والأرض كالتي نزلت ليلة المعراج.
وأما ما نزل تحت الأرض في الغار فسورة المرسلات كما في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه.

خَدِيج

خَدِيج
من (خ د ج) المخدوج بمعنى الوليد يوضع قبل تمام أيامه وإن كان تام الخلق، والخديج في علم الــأحياء العضو من النبات أو الحيوان لم يكتمل خلقه أو اكتمل ولا يؤدي ما خلق له.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.