صرر: الصِّرُّ، بالكسر، والصِّرَّةُ: شدَّة البَرْدِ، وقيل: هو البَرْد
عامَّة؛ حكِيَتِ الأَخيرة عن ثعلب. وقال الليث: الصِّرُّ البرد الذي يضرب
النَّبات ويحسِّنه. وفي الحديث: أَنه نهى عما قتله الصِّرُّ من الجراد
أَي البَرْد. ورِيحٌ وصَرْصَرٌ: شديدة البَرْدِ، وقيل: شديدة الصَّوْت.
الزجاج في قوله تعالى: بِريحٍ صَرْصَرٍ؛ قال: الصِّرُّ والصِّرَّة شدة
البرد، قال: وصَرْصَرٌ متكرر فيها الراء، كما يقال: قَلْقَلْتُ الشيء
وأَقْلَلْتُه إِذا رفعته من مكانه، وليس فيه دليل تكرير، وكذلك صَرْصَرَ وصَرَّ
وصَلْصَلَ وصَلَّ، إِذا سمعت صوْت الصَّرِيرِ غير مُكَرَّرٍ قلت: صَرَّ
وصَلَّ، فإِذا أَردت أَن الصوت تَكَرَّر قلت: قد صَلْصَلَ وصَرْصَرَ. قال
الأَزهري: وقوله: بِريح صَرْصر؛ أَي شديد البَرْد جدّاً. وقال ابن
السكيت: ريح صَرْصَرٌ فيه قولان: يقال أَصلها صَرَّرٌ من الصِّرّ، وهو البَرْد،
فأَبدلوا مكان الراءِ الوسطى فاء الفعل، كما قالوا تَجَفْجَفَ الثوبُ
وكَبْكَبُوا، وأَصله تجفَّف وكَبَّبُوا؛ ويقال هو من صَرير الباب ومن
الصَّرَّة، وهي الضَّجَّة، قال عز وجل: فَأَقْبَلَتِ امرأَتُه في صَرَّةٍ؛ قال
المفسرون: في ضَجَّة وصَيْحَة؛ وقال امرؤ القيس:
جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ
فقيل: في صَرَّة في جماعة لم تتفرَّق، يعني في تفسير البيت. وقال ابن
الأَنباري في قوله تعالى: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ، قال: فيها ثلاثة
أَقوال: أَحدها فيها صِرٌّ أَي بَرْد، والثاني فيها تَصْوِيت وحَرَكة، وروي
عن ابن عباس قول آخر فيها صِرٌّ، قال: فيها نار.
وصُرَّ النباتُ: أَصابه الصِّرُّ. وصَرَّ يَصِرُّ صَرّاً وصَرِيراً
وصَرْصَرَ: صوَّت وصاح اشدَّ الصياح. وقوله تعالى: فأَقبلتِ امرأَتُه في
صَرَّة فصَكَّتْ وَجْهَها؛ قال الزجاج: الصَّرَّة أَشدُّ الصياح تكون في
الطائر والإِنسان وغيرهما؛ قال جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة:
قَالُوا: نَصِيبكَ من أَجْرٍ، فقلت لهم:
من لِلْعَرِينِ إِذا فارَقْتُ أَشْبالي؟
فارَقْتَني حِينَ كَفَّ الدهرُ من بَصَرِي،
وحين صِرْتُ كعَظْم الرِّمَّة البالي
ذاكُمْ سَوادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ،
بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي
وجاء في صَرَّةٍ، وجاء يَصْطَرُّ. قال ثعلب: قيل لامرأَة: أَيُّ النساء
أَبغض إِليك؟ فقالت: التي إِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ. وصَرَّ صِمَاخُهُ
صَرِيراً: صَوَّت من العَطَش. وصَرَصَرَ الطائرُ: صَوَّت؛ وخصَّ بعضهم به
البازِيَ والصَّقْر. وفي حديث جعفر ابن محمد: اطَّلَعَ عليَّ ابن الحسين
وأَنا أَنْتِفُ صَرّاً؛ هو عُصْفُور أَو طائر في قدِّه أَصْفَرُ اللَّوْن،
سمِّي بصوْته. يقال: صَرَّ العُصْفُور يَصِرُّ إِذا صاح. وصَرَّ
الجُنْدُب يَصِرُّ صَرِيراً وصَرَّ الباب يَصِرُّ. وكل صوت شِبْهُ ذلك، فهو
صَرِيرٌ إِذا امتدَّ، فإِذا كان فيه تخفيف وترجِيع في إِعادَة ضُوعِف، كقولك
صَرْصَرَ الأَخَطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنهم قَدَّرُوا في صوْت الجُنْدُب
المَدّ، وفي صَوْت الأَخْطَب التَّرْجِيع فَحكَوْه على ذلك، وكذلك الصَّقْر
والبازي؛ وأَنشد الأَصمعي بَيْتَ جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة:
بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي
ابن السكِّيت: صَرَّ المَحْمِلُ يَصِرُّ صَرِيراً ، والصَّقرُ
يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً؛ وصرَّت أُذُنِي صَريراً إذا سمعت لها دَوِيّاً. وصَرَّ
القلمُ والباب يَصِرُّ صَرِيراً أَي صوَّت. وفي الحديث: أَنه كان يخطُب إِلى
حِذْعٍ ثم اتَّخَذ المِنْبَرَ فاضْطَرَّت السَّارِية؛ أَي صوَّتت
وحنَّت، وهو افْتَعَلَتْ من الصَّرِير، فقُلِبت التَّاء طاءً لأَجل
الصاد.ودِرْهَمٌ صَرِّيٌّ وصِرِّيٌّ: له صوْت وصَرِيرٌ إِذا نُقِرَ، وكذلك
الدِّينار، وخصَّ بعضهم به الجَحْدَ ولم يستعمله فيما سواه. ابن الأَعرابي:
ما لفلان صِرُّ أَي ما عنده درْهم ولا دينار، يقال ذلك في النَّفْي خاصة.
وقال خالد بن جَنبَة: يقال للدِّرْهم صَرِّيٌّ، وما ترك صَرِّياً إِلاَّ
قَبَضه، ولم يثنِّه ولم يجمعه.
والصَّرِّةُ: الضَّجَّة والصَّيْحَةُ. والصَّرُّ: الصِّياح والجَلَبة.
والصَّرَّة: الجماعة. والصَّرَّة: الشِّدة من الكْرب والحرْب وغيرهما؛ وقد
فسر قول امرئ القيس:
فأَلْحَقَنَا بالهَادِياتِ، ودُونَهُ
جَواحِرُها، في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ
فُسِّرَ بالجماعة وبالشدَّة من الكرْب، وقيل في تفسيره: يحتمل الوجوه
الثلاثة المتقدِّمة قبله. وصَرَّة القَيْظِ: شدَّته وشدَّةُ حَرِّه.
والصَّرَّة: العَطْفة. والصَّارَّة: العَطَشُ، وجمعه صَرَائِرُ نادر؛ قال ذو
الرمة:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها،
وقد نَشَحْنَ، فلا ريٌّ ولا هِيمُ
ابن الأَعرابي: صَرِّ يَصِرُّ إِذا عَطِشَ وصَرَّ يَصُرُّ إِذا جَمَعَ.
ويقال: قَصَعَ الحِمار صارَّته إِذا شرب الماء فذهَب عَطَشه، وجمعُها
صَرائِر،
(* قوله: «وجمعها صرائر» عبارة الصحاح: قال أَبو عمرو وجمعها صرائر
إلخ وبه يتضح قوله بعد: وعيب ذلك على أَبي عمرو). وأَنشد بيت ذي الرمة
أَيضاً: «لم تَقْصَعْ صَرائِرَها» قال: وعِيب ذلك على أَبي عمرو، وقيل:
إِنما الصَّرائرُ جمع صَرِيرة، قال: وأَما الصَّارَّةُ فجمعها صَوارّ.
والصِّرار: الخيط الذي تُشَدُّ به التَّوادِي على أَطراف الناقة
وتُذَيَّرُ الأَطباءُ بالبَعَر الرَّطْب لئلاَّ يُؤَثِّرَ الصِّرارُ فيها.
الجوهري: وصَرَرْتُ الناقة شددت عليها الصِّرار، وهو خيط يُشَدُّ فوق الخِلْف
لِئلاَّ يرضعَها ولدها. وفي الحديث: لا يَحِلُّ لرجل يُؤمن بالله واليوم
الآخر أَن يَحُلَّ صِرَارَ ناقةٍ بغير إِذْنِ صاحبها فإِنه خاتَمُ
أَهْلِها. قال ابن الأَثير: من عادة العرب أَن تَصُرَّ ضُرُوعَ الحَلُوبات إِذا
أَرسلوها إِلى المَرْعَى سارِحَة، ويسمُّون ذلك الرِّباطَ صِراراً،
فإِذا راحَتْ عَشِيّاً حُلَّت تلك الأَصِرَّة وحُلِبَتْ، فهي مَصْرُورة
ومُصَرَّرة؛ ومنه حديث مالك بن نُوَيْرَةَ حين جَمَعَ بَنُو يَرْبُوَع
صَدَقاتهم ليُوَجِّهوا بها إِلى أَبي بكر، رضي
الله عنه، فمنعَهم من ذلك وقال:
وقُلْتُ: خُذُوها هذِه صَدَقاتكُمْ
مُصَرَّرَة أَخلافها لم تُحَرَّدِ
سأَجْعَلُ نفسي دُونَ ما تَحْذَرُونه،
وأَرْهَنُكُمْ يَوْماً بما قُلْتُهُ يَدِي
قال: وعلى هذا المعنى تأَوَّلُوا قولَ الشافعي فيما ذَهب إِليه من
أَمْرِ المُصَرَّاة. وصَرَّ الناقة يَصُرُّها صَرّاً وصَرَّ بها: شدَّ
ضَرْعَها. والصِّرارُ: ما يُشدُّ به، والجمع أَصِرَّة؛ قال:
إِذا اللَّقاح غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُها،
ولا كَريمَ من الوِلْدانِ مَصْبُوحُ
ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمَةً،
في الرأْس منها وفي الأَصْلاد تَمْلِيحُ
ورواية سيبويه في ذلك:
ورَدْ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمة،
ولا كريمَ من الوِلْدَان مَصْبُوح
والصَّرَّةُ: الشاة المُضَرَّاة. والمُصَرَّاة: المُحَفَّلَة على تحويل
التضعيف. وناقةٌ مُصِرَّةٌ: لا تَدِرُّ؛ قال أُسامة الهذلي:
أَقرَّتْ على حُولٍ عَسُوس مُصِرَّة،
ورَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُِولُها
والصُّرَّة: شَرَجْ الدَّراهم والدنانير، وقد صَرَّها صَرّاً. غيره:
الصُّرَّة صُرَّة الدراهم وغيرها معروفة. وصَرَرْت الصُّرَّة: شددتها. وفي
الحديث: أَنه قال لجبريل، عليه السلام: تأْتِيني وأَنت صارٌّ بين
عَيْنَيْك؛ أَي مُقَبِّض جامعٌ بينهما كما يفعل الحَزِين. وأَصل الصَّرِّ: الجمع
والشدُّ. وفي حديث عمران بن حصين: تَكاد تَنْصَرُّ من المِلْءِ، كأَنه من
صَرَرْته إِذا شَدَدْته؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في بعض الطرق،
والمعروف تنضرج أَي تنشقُّ. وفي الحديث: أَنه قال لِخَصْمَيْنِ تقدَّما إِليه:
أَخرِجا ما تُصَرّرانه من الكلام، أَي ما تُجَمِّعانِه في صُدُوركما.
وكلُّ شيء جمعته، فقد، صَرَرْته؛ ومنه قيل للأَسير: مَصْرُور لأَن يَدَيْه
جُمِعتَا إِلى عُنقه؛ ولمَّا بعث عبدالله بن عامر إِلى ابن عمر بأَسيرِ قد
جُمعت يداه إِلى عُنقه لِيَقْتُلَه قال: أَمَّا وهو مَصْرُورٌ فَلا.
وصَرَّ الفرسُ والحمار بأُذُنِه يَصُرُّ صَرّاً وصَرَّها وأَصَرَّ بها:
سَوَّاها ونَصَبها لِلاستماع. ابن السكيت: يقال صَرَّ الفرس أُذنيه ضَمَّها
إِلى رأْسه، فإِذا لم يُوقِعوا قالوا: أَصَرَّ الفرس، بالأَلف، وذلك إِذا
جمع أُذنيه وعزم على الشَّدِّ؛ وفي حديث سَطِيح:
أَزْرَقُ مُهْمَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ
صَرَّ أُذُنه وصَرَّرها أَي نَصَبها وسوَّاها؛ وجاءت الخيلُ مُصِرَّة
آذانها إِذا جَدَّت في السير. ابن شميل: أَصَرَّ الزرعُ إِصراراً إِذا
خَرَج أَطراف السَّفاءِ قبل أَن يخلُص سنبله، فإِذا خَلُص سُنْبُلُه قيل: قد
أَسْبَل؛ وقال قي موضع آخر: يكون الزرع صَرَراً حين يَلْتَوي الورَق
ويَيْبَس طرَف السُّنْبُل، وإِن لم يخرُج فيه القَمْح. والصَّرَر: السُّنْبُل
بعدما يُقَصِّب وقبل أَن يظهر؛ وقال أَبو حنيفة: هو السُّنْبُل ما لم
يخرج فيه القمح، واحدته صَرَرَة، وقد أَصَرَّ. وأَصَرَّ يعْدُو إِذا أَسرع
بعض الإِسراع، ورواه أَبو عبيد أَضَرَّ، بالضاد، وزعم الطوسي أَنه تصحيف.
وأَصَرَّ على الأَمر: عَزَم.
وهو مني صِرِّي وأَصِرِّي وصِرَّي وأَصِرَّي وصُرَّي وصُرَّى أَي
عَزِيمة وجِدُّ. وقال أَبو زيد: إِنها مِنِّي لأَصِرِّي أَي لحَقِيقَة؛ وأَنشد
أَبو مالك:
قد عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايا الغُرِّ،
أَن النَّدَى مِنْ شِيمَتي أَصِرِّي
أَي حَقِيقة. وقال أَبو السَّمَّال الأَسَدِي حين ضلَّت ناقته: اللهم
إِن لم تردَّها عَلَيَّ فلم أُصَلِّ لك صلاةً، فوجَدَها عن قريب فقال:
عَلِمَ الله أَنها مِنِّي صِرَّى أَي عَزْم عليه. وقال ابن السكيت: إِنها
عَزِيمة مَحْتُومة، قال: وهي مشتقة من أَصْرَرْت على الشيء إِذا أَقمتَ
ودُمْت عليه؛ ومنه قوله تعالى: ولم يُصِرُّوا على ما فَعَلُوا وهم
يَعْلَمُون. وقال أَبو الهيثم: أَصِرَّى أَي اعْزِمِي، كأَنه يُخاطِب نفسَه، من
قولك: أَصَرَّ على فعله يُصِرُّ إِصْراراً إِذا عَزَم على أَن يمضي فيه ولا
يرجِع. وفي الصحاح: قال أَبو سَمَّال الأَسَدِي وقد ضَلَّت ناقتُه:
أَيْمُنُكَ لَئِنْ لم تَرُدَّها عَلَيَّ لا عَبَدْتُك فأَصاب ناقتَه وقد
تعلَّق زِمامُها بِعَوْسَجَةٍ فأَحذها وقال: عَلِمَ رَبِّي أَنَّها مِنِّي
صِرَّي. وقد يقال: كانت هذه الفَعْلَة مِنِّي أَصِرِّي أَي عَزِيمة، ثم
جعلت الياء أَلفاً، كما قالوا: بأَبي أَنت، وبأَبا أَنت؛ وكذلك صِرِّي
وصِرِّي على أَن يُحذف الأَلفُ من إِصِرِّي لا على أَنها لغة صَرَرْتُ على
الشيء وأَصْرَرْتُ. وقال الفراء: الأَصل في قولهم كانت مِنِّي صِرِّي
وأَصِرِّي أَي أَمر، فلما أَرادوا أَن يُغَيِّرُوه عن مذهب الفعل حَوَّلُوا
ياءه أَلفاً فقالوا: صِرَّى وأَصِرَّى، كما قالوا: نُهِيَ عن قِيَلٍَ
وقَالٍَ، وقال: أُخْرِجَتا من نِيَّةِ الفعل إِلى الأَسماء. قال: وسمعت العرب
تقول أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ، ويخفض فيقال: من شُبٍّ إِلى
دُبٍّ؛ ومعناه فَعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إِلى أَنْ دَبَّ كبيراً وأَصَرَّ على
الذنب لم يُقْلِعْ عنه. وفي الحديث: ما أَصَرَّ من استغفر. أَصرَّ على
الشيء يَصِرُّ إِصْراراً إِذا لزمه ودَاوَمه وثبت عليه، وأَكثر ما يستعمل
في الشرِّ والذنوب، يعني من أَتبع الذنب الاستغفار فليس بِمُصِرٍّ عليه
وإِن تكرَّر منه. وفي الحديث: ويلٌ لِلْمُصِرِّين الذين يُصِرُّون على ما
فعلوه وهعم يعلمون. وصخرة صَرَّاء: مَلْساء.
ورجلٌ صَرُورٌ وصَرُورَة: لم يَحُجَّ قَطُّ، وهو المعروف في الكلام،
وأَصله من الصَّرِّ الحبسِ والمنعِ، وقد قالوا في الكلام في هذا المعنى:
صَرُويٌّ وصَارُورِيُّ، فإِذا قلت ذلك ثَنَّيت وجمعت وأَنَّثْت؛ وقال ابن
الأَعرابي: كل ذلك من أَوله إِلى آخره مثنَّى مجموع، كانت فيه ياء النسب
أَو لم تكن، وقيل: رجل صَارُورَة وصارُورٌ لم يَحُجَّ، وقيل: لم يتزوَّج،
الواحد والجمع في ذلك سواء، وكذلك المؤنث.
والصَّرُورة في شعر النَّابِغة: الذي لم يأْت النساء كأَنه أَصَرَّ على
تركهنَّ. وفي الحديث: لا صَرُورَة في الإسلام. وقال اللحياني: رجل
صَرُورَة لا يقال إِلا بالهاء؛ قال ابن جني: رجل صَرُورَة وامرأَة صرورة، ليست
الهاء لتأْنيث الموصوف بما هي فيه قد لحقت لإِعْلام السامع أَن هذا
الموصوف بما هي فيه وإنما بلغ الغاية والنهاية، فجعل تأْنيث الصفة أَمارَةً
لما أُريد من تأْنيث الغاية والمبالغة. قال الفراء عن بعض العرب: قال رأَيت
أَقواماً صَرَاراً، بالفتح، واحدُهم صَرَارَة، وقال بعضهم: قوم
صَوَارِيرُ جمع صَارُورَة، وقال ومن قال صَرُورِيُّ وصَارُورِيٌّ ثنَّى وجمع
وأَنَّث، وفسَّر أَبو عبيد قوله، صلى الله عليه وسلم: لا صَرُوْرَة في
الإِسلام؛ بأَنه التَّبَتُّل وتَرْكَ النكاح، فجعله اسماً للحَدَثِ؛ يقول: ليس
ينبغي لأَحد أَن يقول لا أَتزوج، يقول: هذا ليس من أَخلاق المسلمين وهذا
فعل الرُّهبْان؛ وهو معروف في كلام العرب؛ ومنه قول النابغة:
لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ،
عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
يعني الراهب الذي قد ترك النساء. وقال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث:
وقيل أَراد من قَتَل في الحرم قُتِلَ، ولا يقبَل منه أَن يقول: إِني
صَرُورَة ما حَجَجْت ولا عرفت حُرْمة الحَرَم. قال: وكان الرجل في الجاهلية
إِذا أَحدث حَدَثاً ولَجَأَ إِلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لِقيَه
وليُّ الدَّمِ في الحَرَمِ قيل له: هو صَرُورةٌ ولا تَهِجْه.
وحافرٌ مَصْرُورٌ ومُصْطَرٌّ: ضَيِّق مُتَقَبِّض. والأَرَحُّ:
العَرِيضُ، وكلاهما عيب؛ وأَنشد:
لا رَحَحٌ فيه ولا اصْطِرارُ
وقال أَبو عبيد: اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً إِذا كان فاحِشَ
الضِّيقِ؛ وأَنشد لأَبي النجم العجلي:
بِكلِّ وَأْبِ للحَصَى رَضَّاحِ،
لَيْسَ بِمُصْطَرٍّ ولا فِرْشاحِ
أَي بكل حافِرٍ وأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لقوَّته ليس بضَيِّق
وهو المُصْطَرُّ، ولا بِفِرْشاحٍ وهو الواسع الزائد على المعروف.
والصَّارَّةُ: الحاجةُ. قال أَبو عبيد: لَنا قِبَلَه صارَّةٌ، وجمعها
صَوارُّ، وهي الحاجة.
وشرب حتى ملأَ مصارَّه أَي أَمْعاءَه؛ حكاه أَبو حنيفة عن ابن الأَعرابي
ولم يفسره بأَكثر من ذلك.
والصَّرارةُ: نهر يأْخذ من الفُراتِ. والصَّرارِيُّ: المَلاَّحُ؛ قال
القطامي:
في ذي جُلُولٍ يِقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه،
إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما
أَي كَبَّرَ، والجمع صرارِيُّونَ ولا يُكَسَّرُ؛ قال العجاج:
جَذْبَ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ
ويقال للمَلاَّح: الصَّارِي مثل القاضِي، وسنذكره في المعتلّ. قال ابن
بري: كان حَقُّ صرارِيّ أَن يذكر في فصل صَري المعتلّ اللام لأَن الواحد
عندهم صارٍ، وجمعه صُرّاء وجمع صُرّاءٍ صَرارِيُّ؛ قال: وقد ذكر الجوهري
في فصل صري أَنّ الصارِيّ المَلاَّحُ، وجمعه صُرّاءٌ. قال ابن دريد: ويقال
للملاح صارٍ، والجمع صُرّاء، وكان أَبو علي يقول: صُرّاءٌ واحد مثل
حُسَّانٍ للحَسَنِ، وجمعه صَرارِيُّ؛ واحتج بقول الفرزدق:
أَشارِبُ خَمْرةٍ، وخَدينُ زِيرٍ،
وصُرّاءٌ، لفَسْوَتِه بُخَار؟
قال: ولا حجة لأَبي عليّ في هذا البيت لأَن الصَّرَارِيّ الذي هو عنده
جمع بدليل قول المسيب بن عَلَس يصف غائصاً أَصاب درة، وهو:
وتَرَى الصَّرارِي يَسْجُدُونَ لها،
ويَضُمُّها بَيَدَيْهِ للنَّحْرِ
وقد استعمله الفرزدق للواحد فقال:
تَرَى الصَّرارِيَّ والأَمْواجُ تَضْرِبُه،
لَوْ يَسْتَطِيعُ إِلى بَرِّيّةٍ عَبَرا
وكذلك قول خلف بن جميل الطهوي:
تَرَى الصَّرارِيَّ في غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ
تَعْلُوه طَوْراً، ويَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا
قال: ولهذا السبب جعل الجوهري الصَّرارِيَّ واحداً لما رآه في أَشعاره
العرب يخبر عنه كما يخبر عن الواحد الذي هو الصَّارِي، فظن أَن الياء فيه
للنسبة كلأَنه منسوب إِلى صَرارٍ مثل حَواريّ منسوب إِلى حوارٍ،
وحَوارِيُّ الرجل: خاصَّتُه، وهو واحد لا جَمْعٌ، ويدلك على أَنَّ الجوهري لَحَظَ
هذا المعنى كونُه جعله في فصل صرر، فلو لم تكن الياء للنسب عنده لم
يدخله في هذا الفصل، قال: وصواب إِنشاد بيت العجاج: جَذْبُ برفع الباء لأَنه
فاعل لفعل في بيت قبله، وهو
لأْياً يُثانِيهِ، عَنِ الحُؤُورِ،
جَذْبُ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ
اللأْيُ: البُطْءُ، أَي بَعْدَ بُطْءٍ أَي يَثْني هذا القُرْقُورَ عن
الحُؤُور جَذْبُ المَلاَّحينَ بالكُرُورِ، والكُرورُ جمع كَرٍّ، وهو حبْلُ
السَّفِينة الذي يكون في الشَّراعِ قال: وقال ابن حمزة: واحدها كُرّ بضم
الكاف لا غير.
والصَّرُّ: الدَّلْوُ تَسْتَرْخِي فَتُصَرُّ أَي تُشَدّ وتْسْمَع
بالمِسْمَعِ، وهي عروة في داخل الدلو بإِزائها عروة أُخرى؛ وأَنشد في
ذلك:إِنْ كانتِ آمَّا امَّصَرَتْ فَصُرَّها،
إِنَّ امِّصارَ الدَّلْوِ لا يَضُرُّها
والصَّرَّةُ: تَقْطِيبُ الوَجْهِ من الكَراهة.
والصِّرارُ: الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ لا يعلوها الماء.
وصِرارٌ: اسم جبل؛ وقال جرير:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ لا يُزايِلُ لُؤْمَه،
حتى يَزُولَ عَنِ الطَّرِيقِ صِرارُ
وفي الحديث: حتى أَتينا صِراراً؛ قال ابن الأَثير: هي بئر قديمة على
ثلاثة أَميال من المدينة من طريق العِراقِ، وقيل: موضع.
ويقال: صارَّه على الشيء أَكرهه.
والصَّرَّةُ، بفتح الصاد: خرزة تُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجالَ؛ هذه عن
اللحياني.
وصَرَّرَتِ الناقةُ: تقدَّمتْ؛ عن أَبي ليلى؛ قال ذو الرمة:
إِذا ما تأَرَّتنا المَراسِيلُ، صَرَّرَتْ
أَبُوض النَّسَا قَوَّادة أَيْنُقَ الرَّكْبِ
(* قوله: «تأرتنا المراسيلُ» هكذا في الأصل).
وصِرِّينُ: موضع؛ قال الأَخطل:
إِلى هاجِسٍ مِنْ آل ظَمْياءَ، والتي
أَتى دُونها بابٌ بِصِرِّين مُقْفَلُ
والصَّرْصَرُ والصُّرْصُرُ والصُّرْصُور مثل الجُرْجور: وهي العِظام من
الإِبل. والصُّرْصُورُ: البُخْتِيُّ من الإِبل أَو ولده، والسين لغة. ابن
الأَعرابي: الصُّرْصُور الفَحْل النَّجِيب من الإِبل. ويقال للسَّفِينة:
القُرْقور والصُّرْصور.
والصَّرْصَرانِيَّة من الإِبل: التي بين البَخاتيِّ والعِراب، وقيل: هي
الفَوالِجُ. والصَّرْصَرانُ: إِبِل نَبَطِيَّة يقال لها
الصَّرْصَرانِيَّات. الجوهري: الصَّرْصَرانِيُّ واحدُ الصَّرْصَرانِيَّات، وهي الإِل بين
البَخاتيّ والعِراب. والصَّرْصَرانُ والصَّرْصَرانيُّ: ضرب من سَمَك
البحر أَمْلَس الجِلْد ضَخْم؛ وأَنشد:
مَرَّتْ كظَهْرِ الصَّرْصَرانِ الأَدْخَنِ
والصَّرْصَرُ: دُوَيْبَّة تحت الأَرض تَصِرُّ أَيام الربيع. وصَرَّار
الليل: الجُدْجُدُ، وهو أَكبرُ من الجنْدُب، وبعض العرب يُسَمِّيه
الصَّدَى. وصَرْصَر: اسم نهر بالعراق. والصَّراصِرَةُ: نَبَطُ الشام.
التهذيب في النوادر: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَة وحَبْكَرتُه حَبْكَرَة
ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً
وصَرْصرتُه وكَرْكَرْتُه إِذا جمعتَه ورَدَدْت أَطراف ما انتَشَرَ منه، وكذلك
كَبْكَبْتُه.