Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: وصلة

زيبر

زيبر: زيبر وتزبير: وردتا في معجم فوك في مادة bosra حيث نجد أيضاً زَيْبَرَة والسم الجنس زَيْبَر، غير أن الصواب هو borra بدل bosra، لأنه يقول في القسم الأول إن زَيْبَرَة هي bora أي كتلة من الشعر والوبر الذي يتساقط من جلود الحيوانات ويستعمل حشواً للسروج والرحال وغير ذلك. وهو نفس كلمة زِئْبَر (انظر الفخري ص81) والتي تذكرها المعاجم في مادة زبر وتفسرها بالزغب والوبر الذي يعلو المنسوجات.
زَيْبَرَة: انظر ما تقدم.
زَيْبَرَة عند أبي الوليد (ص121 رقم 25) = زبة العبرية وسُحْقه: أي الموضع البالي من الثوب.
زَيْبَرَة: حــوصلة الطائر، وكرش ذات الأربع (ألكالا).

اللسع

اللسع: وَهُوَ عضة الْحَيَّة، بالغين الْمُعْجَمَة. قَالَ حُسَيْن الْفُضَلَاء الْحُسَيْن بن معِين الدّين الميبذي رَحمَه الله فِي (الفوائح) روى أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن جِبْرَائِيل جَاءَ وَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فُقَرَاء أمتك سيدخلون الْجنَّة قبل أغنيائها بِخَمْسِمِائَة سنة، ففرح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ أَلَيْسَ بَيْنكُم من يَقُول الشّعْر، فَقَامَ أحدهم وَقَالَ:
(قد لسغت حَيَّة الْهوى كَبِدِي ... فَلَا طَبِيب لَهُ وَلَا راقي)
(إِلَّا الحبيب الَّذِي شغفت بِهِ ... فَعنده رقيتي وترياقي)
وَقد تَرْجمهُ عَن أَصله بِالْعَرَبِيَّةِ إِلَى الفارسية الجامي قدس سره السَّامِي. عِنْد سَماع النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَصْحَابه هَذَا الشّعْر وصلوا إِلَى مرتبَة الوجد فَسقط رِدَاءَهُ عَن كَاهِله الْمُبَارك عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلما انْتَهوا من ذَلِك عَاد كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى مَجْلِسه، فَقَالَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، مَا أحسن لعبكم يَا رَسُول الله، فَقَالَ الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ((يَا مُعَاوِيَة، لَيْسَ بكريم من لم يَهْتَز عِنْد سَماع ذكر الحبيب)) . بعْدهَا قطع رِدَاءَهُ إِلَى أَرْبَعمِائَة قِطْعَة وَأعْطى كل وَاحِد وصلَة مِنْهُ. وَفِي الْحصن الْحصين: من كَلَام سيد الْمُرْسلين، ويرقى اللديغ بِالْفَاتِحَةِ سبع مَرَّات، ولدغت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عقرب وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا فرغ قَالَ: لعن الله الْعَقْرَب لَا تدع مُصَليا وَلَا غَيره. ثمَّ دَعَا بِمَاء وملح وَجعل يمسح عَلَيْهَا وَيقْرَأ: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} {وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق} {وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس} . (انْتهى) . ولمداواة سم الْعَقْرَب هُنَاكَ أدوية كَثِيرَة لَكِنَّهَا تتَوَقَّف على موافقتها للمزاج، وَلَكِن يجب الانتباه أَنه فِي حَال لسعة الْعَقْرَب أَن لَا يَأْكُل الملسوع أَو الملدوغ الكرفش أَو أَن يُطلق الرّيح وَإِلَّا إِذا أكل الكرفش فَإِنَّهُ يَمُوت.
(بَاب اللَّام مَعَ الْيَاء)

السَّبِيل

(السَّبِيل) الطَّرِيق وَمَا وضح مِنْهُ (يذكر وَيُؤَنث) وَالسَّبَب والــوصلة وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَقُول يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا} وَالْحِيلَة (ج) سبل وأسبلة وسبيل الله الْجِهَاد وَالْحج وَطلب الْعلم وكل مَا أَمر الله بِهِ من الْخَيْر واستعماله فِي الْجِهَاد أَكثر والحرج يُقَال لَيْسَ عَليّ فِي كَذَا سَبِيل وَالْحجّة يُقَال لَيْسَ لَك عَليّ سَبِيل وَابْن السَّبِيل الْمُسَافِر الْمُنْقَطع بِهِ وَهُوَ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى بَلَده وَلَا يجد مَا يتبلغ بِهِ

الْعُنُق

(الْعُنُق) الرَّقَبَة وَهِي وصلَة بَين الرَّأْس والجسد (يذكر وَقد يؤنث) وَمن كل شَيْء أَوله يُقَال ولد فِي عنق الصَّيف وَأخذ بعنق السِّتين وَالْجَمَاعَة من النَّاس يُقَال جَاءَ النَّاس عنقًا عنقًا وَيُقَال كَانَ ذَلِك على عنق الدَّهْر على قديم الدَّهْر وَلفُلَان عنق فِي الْخَيْر أَي سَابِقَة (ج) أَعْنَاق والأعناق الرؤساء وَفِي الحَدِيث (لَا يزَال النَّاس مُخْتَلفَة أَعْنَاقهم فِي طلب الدُّنْيَا)

(الْعُنُق) ضرب من السّير فسيح سريع لِلْإِبِلِ وَالْخَيْل

الكهرباء

(الكهرباء) مَادَّة راتينجية صفراء اللَّوْن شبه شفافة قَوِيَّة الْعَزْل للكهربائية وَهِي أولى الْموَاد الَّتِي عرف تكهربها بالدلك وَمِنْهَا اشْتقت كلمة الكهربائية (مج) وَالْعَامِل الطبيعي الَّذِي تنشأ عَنهُ بِصفة عَامَّة ظواهر التجاذب والتنافر الَّتِي تحدث فِي حالات مُعينَة نتيجة للدلك أَو التسخين أَو التفاعل الكيماوي أَو نتيجة لحركة نسبية بَين المغناطيس ودائرة معدنية مــوصلة (مج)

النوطة

(النوطة) الحــوصلة وورم فِي الصَّدْر أَو النَّحْر أَو غُدَّة فِي الْبَطن مهلكة والموضع الْمُرْتَفع عَن المَاء وَالْأَرْض يكثر بهَا الطلح أَو الطرفاء والحقد والغل

الْوِفَاق

(الْوِفَاق) (فِي القانون الدولي) اصْطِلَاح يُطلق على مُخْتَلف الاتفاقات الدولية فِي أَي صُورَة كَانَت وَلَو بتبادل الخطابات مثلا (مج)
و (الْوِفَاق الْمعلم) اتِّفَاق يوقعه مفوضو الطَّرفَيْنِ بالحروف الأولى من أسمائهم وَهُوَ لَا يُقيد إِلَّا الموقعين دون غَيرهم ويعد مرحلة من المراحل المــوصلة إِلَى المعاهدة النهائية (مج)
و (وفَاق الْأَشْرَاف) اتِّفَاق دولي لَا يشْتَرط فِيهِ توافر الأوضاع الَّتِي تلتزم فِي المعاهدات والاعتماد فِي تنفيذه على شرف المتفقين وَصدقهمْ (مج)

اللفيف من الطاء

باب اللفيف


ما أوَّلُهُ الطّاءُ الطاءُ: حَرْفٌ، هذه طاء مَكْتُوْبَة. وقَصِيْدَةٌ طاوِّيةٌ وطائِيةٌ. وطَوقيُ الصَحِيْفَةَ أطْوِيها طَياً، وطَيَّةً: أي مَرَّة واحِدَةً. وهو - أيضاً -: ضَرْب من الطي. وانْطَوَى انْطِوَاء، واطَوَى يَطَوِي. والطيةُ: تكونُ مَنْزِلاً؛ وتكونُ مُنْتَوى. مَضَى لِطِيتِه: أي لنِيَّتِه التي انْتَوَاها. وجَمْعُ الطِّيةِ طِوَاء. وطَويتُ فُلاناً: طَرَقْتُه بالليْلِ.
وطَوى اللهُ لكَ البُعْدَ: أي قَربَ. وطَويت البِلادَ: قَطَعْتُها. وطَوَى كَشْحَه: أي مَضى لوَجْهِه. وأطْوَاءُ الناقةِ: طَرَائِقُ شَحْمِها في جَنْبَيْها وسَنَامِها طَياً فَوْقَ طَي. ومَطَاوِي الحَيةِ والأمعاءِ والثوْبِ والدِّرْعِ: أطْواؤها، والواحِدُ مَطْوى.
والطَوى: مَصْدَرُ الطاوي البَطْنِ، والطَيّانُ مِثْلُه. والمَرْأةُ طَيّا وطاوِيةٌ. وُيقالُ: طَوِيَ. والطَوَاءُ: أنْ يَنْطَوِيَ ثَدْيا المَرْأةِ فلا يَكْسِرُهما الحَبَلُ. وتُسَمّى النَعْجَةُ: الأطْوى. ومَرَرت بظَبْيٍ طاوٍ: أي آمِنٍ؛ طَوى عُنُقَه فَنَامَ. وكانتْ مَلاَمَتُه طِوى: أي ثِنى، وطُوَىً.
وطُوىً: اسْمُ جَبَلٍ بالشأم، وقيل: وادٍ.
والمِطْوى: شَيْءٌ تَطْوي عليه المَرْأةُ غَزْلَها. وطَيءٌ: قَبِيْلَة، والنَسْبَةُ إليها طائِي. وما بها طُوي: أي أحَد، وطاوِي وطُؤْوِي - على طُعْوِي - وطؤوي - على طُوْعي -. والطوِي: البِئْرُ المَطْوِيَةُ، والجَمِيعُ الأطْوَاءُ.
والطي: طَي الحِجَارَةِ في البِئْرِ؛ واللَّبِنِ في البِنَاءِ. والطَيُ: السقَاءُ. وحَــوْصَلَةُ الطائِرِ. والطَوي: الحُزْمَةُ من البُر.
وأتَيْتُكَ بَعْدَ طَوِي من اللَّيْلِ: أي ساعَةٍ. والطايَةُ: صَخْرَةٌ عَظِيْمَةٌ في رَمْلَةٍ وأرْض لا حِجَارَةَ بها والسَّطْحُ أيضاً، وجَمْعُها طايَات وطايٌ. وتمْرَادُ البُنْيَانِ. وشِبْهُ الرّابِيَةِ يُعْرَفْ بها الطَرِيْقُ. والدهْلِيْزُ. والناحِيَةُ.
وجاءتِ الخَيْلُ طَأيَاتٍ: أي جَمَاعَاتٍ مُتَفَرقَاتٍ. والطّاطُ: الفَحْلُ الهائِجُ، وكذلك الطّائِطُ. والرّافِعُ رَأسَه، وقد يَطَاطُ طَوْطاً وطُيُوْطاً: أي هَدَرَ. وطَاطَ عن الطَّرِيْقِ: جارَ. وهو طاطٌ عن الحَقِّ. والطُّوْطُ: قُطْنُ البَرْدِيِّ. والخُفّاش. والحَيَّةُ. والرجُلُ الدَّقِيْقُ القَلِيْلُ المُرُوْءةِ. والمُسْتَطِيْلُ على أصْحَابِه. والطَأطَأةُ: من تَطَاطُىءِ الرأسِ وخَفْضِه. وطَأطَأ فَرَسَه: أحْضَرَه. والطَأطَاءُ: المُطْمَئِن من الأرْضِ، وكذلك الطِّيْطَاءُ. والطَأطَأةُ: الحُفْرَةُ العَمِيْقَةُ. والطُّؤْطُؤَةُ: طائرٌ بالعِرَاقِ طَوِيلُ العُنُقِ أسْوَدُ مَعَ بَيَاضٍ. والطَيْطَوى: اسْمُ طائِر. والطَيْطَانُ: الكراث البري.


ما أوَلُهُ الواو
الوَطْءُ: بالقَدَم والقَوائم، وَطِئْتُه وتَوَطَّاتُه.
والوَطِيْءُ من كل شَيْءٍ: ما سَهُلَ ولانَ. وفَرَسٌ وَطِيْءٌ بَيِّنُ الطأةِ والوَطَاءَةِ، وهي وِطَاء ووَطَاءٌ. ووَطَأتُ الأمْرَ والفَرَسَ: هَيأته، وَطَأ ووَطُؤَ يَوْطَأ وَطْأً. والوَطْأةُ: الأخْذُ. وأوْطَأتُه دابَّتي.
ودار وَطِئَةٌ بَينَةُ الوَطَاءةِ. وَوَطِئْتُ الجَارِيَةَ.
وأرْضُ مُسْتَوِيَةٌ لا وِطَاءَ فِيهَا: أي لا انْخِفَاضَ. وما زِلْتُ أوَاطِنُ الأثَرَ: أي ألْزَمُه؛ مُوَاطَأةً. وبَنُو فلانٍ يَطَؤُهم الطَّرِيْقُ: أي هم على مَمَرِّ الطَّرِيْقِ. والإيْطَاءُ في الشِّعْرِ: اتِّفَاقُ القافِيَتَيْنِ على كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أخِذَ من المُوَاطَأةِ وهي المُوَافَقَةُ.
والوَطِيْئَة: طَعَام يُتَّخَذُ من التَمْرِ كالحَيْسِ، وجَمْعُها وَطَائِئُ - بِهَمْزَتَيْنِ -. وهو - أيضاً -: الغِرَارَةُ يكونُ فيها الكَعْكُ والقَدِيْدُ من القِسِيِّ؛ ألَذُها وأجْوَدُها.
والوَطْوَاطُ: خَطَاطِيْفُ في الجبَالِ سُوْدٌ طِوَالُ الأجْنِحَةِ. والجَبَانُ من الرجَالِ. والصيّاحُ أيضاً، شَبهَها بالطائِرِ. وتَوَطْوُطُ الصبي: ضُغَاؤه.
والوَطْوَطَةُ: الضَععْفُ. والوأطَةُ: من لُجَجِ الماء. وزُرْتُ القَوْمَ ووَأطْتُهم: بمعنى واحِد. والوأط: الهَيْجُ. والوأطَةُ من الأرْضِ: المَوْضِعُ المُرْتَفِعُ منها.


ما أوَّلُه الألِفُ الأطُّ والأطِيْطُ: صَوْتُ نَقِيْضِ المَحَامِلِ. والشَّيْءُ الثقِيلُ يُحْمَلُ بَعْضُه على بَعْضٍ، يَئِطُّ. والأطَاطُ: الصيَاحُ.
والأطِيْطُ من شِدَّةِ الجُوْعِ: إذا انْحَنَى ظَهْرُه. وقَوْلُهُم: " أهْلُ أطِيْطٍ " أي إبِل، لأنَّ أصْلَه في الإِبِلِ. وامْرأةٌ أطّاطَةٌ، وفَرْجٌ أطّاطٌ: له أطِيْطٌ من ضِيْقِه. وما آطَانِي على كذا: أي ما ساعَفَنِي. ولم يَأتَطِ السيْر بَعْدُ: أي لم يَطْمَئِنَّ ولم يَسْتَقِمْ.
وأطَّتْ له منّي حاسَّةٌ - أي رَحِمٌ -: رَقَّتْ. وأط له: أي رق له ورَحِمَه. والتأطُّطُ - التَّفَعُلُ - من ذلك.
ويقولون: " لا آتِيْكَ ما أطَتِ الإبلُ " أي حَنَّتْ.

الأسانيد

الأسانيد:
الطرق المــوصلة إلى القرآن الكريم ووجوه قراءاته، وهي تتكون من سلسلة من نقَلة القرآن الذين تصدوا لنقل القرآن الكريم وضبط حروفه، ولا تزال أسانيد القراء متصلة، ولا سيما في القراءات العشر المتواترة، وأعلى ما وقع بين قراء العصر الحاضر وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة وعشرون رجلاً.

علم الشعر

علم الشعر
لم يتكلم عليه في كشف الظنون سوى ذكر اسمه وسيأتي في باب القاف.
وفي المستطرف من كل فن مستطرف فصل في ذكر الشعر والشعراء وسرقاتهم وكذا في محاضرات الأدباء وغيرهما من كتب الأدب.
والشعر بالكسر وسكون العين لغة الكلام الموزون المقفى كما في المنتخب. وعند أهل العربية: الكلام الذي قصد إلى وزنه وتقفيته قصدا أوليا والمتكلم بهذا الكلام يسمى شاعراً.
فمن يقصد المعنى فيصدر عنه كلام موزون مقفى لا يكون شاعرا وعلى هذا فلا يكون القرآن والحديث شعر العدم القصد إلى وزن اللفظ قصد أوليا ويؤيد ما ذكرنا أنك إذا تتبعت كلام الناس في الأسواق تجد فيه ما يكون موزونا واقعا في بحر من بحور الشعر ولا يسمى المتكلم به شاعرا ولا الكلام شعر العدم القصد إلى اللفظ أولا وبالجملة.
فالشعر ما قصد وزنه أولا بالذات ثم يتكلم به مراعى جانب الوزن فيتبعه المعنى فلا يرد ما يتوهم من أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية وفاعل بالاختيار فالكلام الموزون الصادر عنه سبحانه معلوم له تعالى كونه موزونا وصادرا عن قصد واختيار فلا معنى لنفي كون وزنه مقصودا لأن الكلام الموزون وإن صدر عنه تعالى عن قصد واختيار ولكن لم يصدر عن قصد أولي هو المراد ههنا فتأمل كذا ذكره الحلبي في حاشية شرح المواقف.
ولا بأس بالشعر إذا كان توحيدا أو حثا على مكارم الأخلاق من جهاد وعبادة وحفظ فرج وغض بصر وصلة رحم وشبهها أو مدحا للنبي - صلى الله عليه وسلم - والصالحين بما هو الحق وكان أبو بكر وعمر شاعرين وكان علي أشعر الثلاثة ولما نزل {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} الآية جاء حسان وابن رواحة وغيرهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان غالب شعرهم توحيدا وذكرا فقالوا: يا رسول الله قد نزلت هذه الآية والله يعلم إنا شعراء فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه وإن الذي ترمونهم به نضح النبل". ذكره أحمد الرازي في تفسيره.
وقال البيضاوي تحت قوله سبحانه: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} لأن أكثر مقدماتهم خيالات لا حقيقة لها وأغلب كلماتهم في النسيب بالحرم وذكر صفات النساء والغزل والابتهاء وتمزيق الأعراض في القدح في الأنساب والوعد الكاذب والافتخار الباطل ومدح من لا يستحقه والإطراء فيه ثم قال قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} الآية استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله والحث على طاعته ولو قالوا: اهجوا أرادوا به الانتصار ممن هجاهم مكافحة هجاة المسلمين كابن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير وكان عليه السلام يقول لحسان: قل وروح القدس معك. انتهى.
ذكر أبو الحسن الأهوازي في كتاب القوافي أن الشعر عند العرب ينقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: القصيدة وهو الوافي الغير المجز ولأنهم يصدوا به إثم ما يكون من ذلك الجنس.
الثاني: الرمل وهو المجز ورباعيا كان أو سداسيا لأنه اقصر عن الأول فشبه بالرمل في الطواف وقد يسمى هذا أيضا قصيدة.
والثالث: الرجز وهو ما كان على ثلاثة أجزاء كمشطور الرجز والسريع سمي بذلك لتقارب أجزائه وقلة حروفه تشبيها بالناقة التي في مشيها ضعف لداء يعتريها.
الرابع: الخفيف وهو المنهوك وأكثر ما جاء في ترقيص الصبيان واستقاء الماء من الآبار وإنما يدعى الرامل شاعرا إذا كان الغالب على شعره القصيدة فإن كان الغالب عليه الرجز سمي راجزا انتهى. قلت: وللشعر أقسام كثيرة غير ما ذكر يعرفها الشاعرون وهي مدونة في كتب هذا الفن وقد تقدم الكلام منا على ذلك في القسم الأول من هذا الكتاب وإنما تعرضنا بالشعر في هذا المقام ضبطا لأطراف العلوم.
والشعر عند المنطقيين هو القياس المركب من مقدمات يحصل للنفس منها القبض والبسط ويسمى قياسا شعريا كما إذا قيل: الخمر ياقوتية سيالة تنبسط النفس ولو قيل العسل مرة مهوعة تنقبض والغرض منه ترغيب النفس وهذا معنى ما قيل هو قياس مؤلف من المخيلات. والمخيلات تسمى: قضايا شعرية وصاحب القياس الشعري يسمى: شاعرا كذا في شرح المطالع وحاشية السيد علي إيساغوجي.
وشعراء العرب على طبقات:
جاهليون: كامرئ القيس وطرفة وزهير.
ومخضرمون: المخضرم من قال الشعر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام كلبيد وحسان.
ومتقدمون: ويقال الإسلاميون وهم الذين كانوا في صدر الإسلام كجرير والفرزدق.
ومولدون: وهم من بعدهم كبشار.
ومحدثون: وهم من بعدهم كأبي تمام والبحتري.
ومتأخرون: كمن حدث بعدهم من شعراء الحجاز والعراق ولا يستدل في استعمال الألفاظ بشعر هؤلاء بالاتفاق كما يستدل بالجاهلين والمخضرمين والإسلاميين بالاتفاق.
واختلف في المحدثين فقيل: لا يستشهد بشعرهم مطلقا واختاره الزمخشري ومن حذا حذوه وقيل لا يستهشد بشعرهم إلا بجعلهم بمنزلة الراوي فيما يعرف أنه لا مساغ فيه سوى الرواية ولا مدخل فيه للدراية هذا خلاصة ما في الخفاجي وغيره من حواشي البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} كذا في كشاف اصطلاحات الفنون والكلام على فن الشعر وحسنه وقبحه والشعراء يطول جدا لا يسع له هذه المقام.

علم الظاهر والباطن

علم الظاهر والباطن
أما الظاهر فهو علم الشرع وقد تقدم.
وأما الباطن فيقال له: علم الطريقة وعلم التصوف وعلم السلوك وعلم الأسرار وقد تقدم أيضا ولا حاجة لنا إلى الإعادة ولكن نتحفك هنا بفائدة جديدة وعائدة سديدة اشتملت على حكم هذا العلم.
قال شيخنا الإمام العلامة القاضي محمد بن علي الشوكاني رضي الله عنه وأرضاه في الفتح الرباني ولفظه: اعلم أن معنى التصوف المحمود يعني: علم الباطن هو الزهد في الدنيا حتى يستوي عنده ذهبها وترابها.
ثم الزهد فيما يصدر عن الناس من المدح والذم حتى يستوي عنده مدحهم وذمهم.
ثم الاشتغال بذكر الله وبالعبادة المقربة إليه فمن كان هكذا فهو الصوفي حقا وعند ذاك يكون من أطباء القلوب فيداويها بما يمحو عنها الطواغيت الباطنية من الكبر والحسد والعجب والرياء وأمثال هذه الغرائز الشيطانية التي هي أخطر المعاصي أقبح الذنوب ثم يفتح الله له أبوابا كان عنها محجوبا كغيره لكنه لما أماط عن ظاهره وباطنه في غشاوة صار حينئذ صافيا عن شوب الكدر مطهرا عن دنس الذنوب فيبصر ويسمع ويفهم بحواس لا يحجبها عن حقائق الحق حاجب ولا يحول بينها وبين درك الصواب حائل ويدل على ذلك أتم دلالة وأعظم برهان ما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزته بالمحاربة" وفي رواية: "فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضت عليه ولا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".
ومعلوم أن من كان يبصر بالله سبحانه ويسمع به ويبطش به ويمشي به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك لأنها تنكشف له الأمور كما هي وهذا هو سبب ما يحكى عنهم من المكاشفة لأنه قد ارتفع عنهم حجب الذنوب وذهب عنهم أدران المعاصي وغيرهم من لا يبصر ولا يسمعه به ولا يبطش به ولا يمشي به لا يدرك من ذلك شيئا بل هو محجوب عن الحقائق غير مهتد إلى مستقيم الطريق كما قال الشاعر:
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما طهرتها بالمدامع
وتلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروق المسامع
أجلك يا ليلى عن العين إنما ... أراك بقلب خاشع لك خاضع
وأما من صفا عن الكدر وسمع وأبصر فهو كما قال الآخر:
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه ... من المسك كافورا وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هندا عشية ... تمشت وجوت في جوانبه بردا
ومما يدل على هذا المعنى الذي أفاده حديث أبي هريرة حديث: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله" وهو حديث صححه الترمذي فإنه أفاد أن المؤمنين من عباد الله يبصرون بنور الله سبحانه وهو معنى ما في الحديث الأول من قوله صلى الله عليه وسلم: "فبي يبصر".
فما وقع من هؤلاء القوم الصالحين من المكاشفات هو من هذه الحيثية الواردة في الشريعة المطهرة وقد ثبت أيضا في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه في هذه الأمة محدثين وإن منهم عمر بن الخطاب ففي هذا الحديث فتح باب المكاشفة لصالحي عباد الله وأن ذلك من الله سبحانه فيحدثون بالوقائع بنور الإيمان الذي هو من نور الله سبحانه فيعرفونها كما هي حتى كان محدثا يحدثهم بها ويخبرهم بمضمونها.
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقع له من ذلك الكثير الطيب في وقائع معروفة منقولة في دواوين الإسلام ونزل بتصديق ما تكلم به القرآن1 الكريم فمن كان من صالحي العباد متصفا بهذه الصفات متسما بهذه السمات فهو رجل العالم فرد الدهر وزين العصر والاتصال به مما تلين به القلوب وتخشع له الأفئدة وتنجذب بالاتصال به العقول الصحيحة إلى مراضي الرب سبحانه وكلماته هي الترياق المجرب وإشاراته هي طب القلوب القاسية وتعليماته كيمياء السعادة وإرشاداته هي المــوصلة إلى الخير الأكبر والكرمات الدائمة التي لا نفاذ لها ولا انقطاع ولم تصف البصائر ولا صلحت السرائر بمثل الاتصال بهؤلاء القوم الذين هم خيرة الخيرة وأشرف الذخيرة فيا لله قوم لهم السلطان الأكبر على قلوب هذا العالم يجذبونها إلى طاعات الله سبحانه والإخلاص له والاتكال عليه والقرب منه والبعد عما يشغل عنه ويقطع عن الوصول إليه وقل أن يتصل بهم ويختلط بخيارهم إلا من سبقت له السعادة وجذبته العناية الربانية إليهم لأنهم يخفون أنفسهم ويطهرون في مظاهر الخمول ومن عرفهم لم يدل عليهم إلا من أذن الله له ولسان حاله يقول كما قال الشاعر:
وكم سائل عن سر ليلى كتمته ... بعمياي عن ليلى بعين يقين
يقولون خبرنا فأنت أمينها ... وما أنا إن خبرتهم بأمين
فيا طالب الخير إذا ظفرت يدك بواحد من هؤلاء الذين هم صفوة الصفوة وخيرة الخيرة فاشددها عليه واجعله مؤثرا على الأهل والمال والقريب والحبيب والوطن والسكن فإنا إن وزنا هؤلاء بميزان الشرع واعتبرناهم بمعيار الدين وجدناهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقلنا لمعاديهم أو للقادح في علي مقامهم أنت ممن قال فيه الرب سبحانه كما حكاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وقد آذنته بالحرب" لأنه لا عيب لهم إلا انهم أطاعوا الله كما يحب وآمنوا به كما يحب ورفضوا الدنيا الدنية وأقبلوا على الله عز وجل في سرهم وجهرهم وظاهرهم وباطنهم وإذا فرضنا أن في المدعين للتصوف والسلوك من لم يكن بهذه الصفات وعلى هذا الهدى القويم فإن بدا منه ما يخالف هذه الشريعة المطهرة وينافي منهجها الذي هو الكتاب والسنة فليس من هؤلاء والواجب علينا رد بدعته عليه والضرب بها في وجهه كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وكل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل بدعة ضلالة" ومن أنكر علينا ذلك قلنا له وزنا هذا بميزان الشرع فوجدناه مخالفا له ورددنا أمره إلى الكتاب والسنة فوجدناه مخالفا لهما وليس المدين إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والخارج عنهما المخالف لهما ضال مضل ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا فإنه ليس معدودا منهم ولا سالكا طريقتهم ولا مهديا بهديهم فاعرف هذا فإن القدح في قوم بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا تقع إلا ممن لا يعرف الشرع ولا يهتدي بهديه ولا يبصر بنوره.
وبالجملة فمن أراد أن يعرف أولياء هذه الأمة وصالحي المؤمنين المتفضل عليهم بالفضل الذي لا يعد له فضل والخير الذي لا يساويه خير فليطالع الحلية لأبي نعيم وصفوة الصفوة لابن الجوزي فإنهما تحريا ما صح وأودعا كتأبيهما من مناقب الأولياء المروية بالأسانيد الصحيحة ما يجذب بعضه بطبع من يقف عليه إلى طريقتهم والاقتداء بهم وأقل الأحوال أن يعرف مقادير أولياء الله وصالحي عباده ويعلم أنهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنت مع من أحببت" فمحبة الصالحين قربة لا تهمل وطاعة لا تضيع وإن لم يعمل كعملهم ولا جهد نفسه كجهدهم انتهى حاصله.
وأما ما يحدث من أولياء الله سبحانه وتعالى من الكرامات الظاهرة التي لا شك فيها ولا شبهة فهو حق صحيح لا يمتري فيه من له أدنى معرفة بأحوال صالحي عباد الله المخصوصين بالكرامات التي أكرمهم بها وتفضل بها عليهم ومن شك في شيء من ذلك نظر في كتب الثقات المدونة في هذا الشأن كحلية الأولياء للشرجي وكتاب روض الرياحين لليافعي وسائر الكتب المصنفة في تاريخ العالم فإن كلها مشتملة على تراجم كثير منهم ويغني عن ذلك كله ما قصه الله إلينا في كتابه العزيز عن صالحي عباده الذين لم يكونوا أنبياء كقصة ذي القرنين وما تهيأ له مما تعجز عنه الطباع البشرية وقصة مريم كما حكاه الله تعالى.
ومن ذلك قصة أصحاب كهف فقد قص الله علينا فيها أعظم كرامة وقصة آصف من برخيا حيث حكى عنه قوله: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} وغير ذلك مما حكاه عن غير هؤلاء والجميع ليسوا بأنبياء وثبت في الأحاديث الثابتة في الصحيح مثل حديث الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة وحديث جريج الراهب الذي كلمه الطفل وحديث المرأة التي قالت سائلة الله عز وجل أن يجعل الطفل الذي ترضعه مثل الفارس فأجاب الطفل بما أجاب وحديث البقرة التي كلمت من أراد أن يحمل عليها وقالت إني لم أخلق لهذا.
ومن ذلك وجود القطف من العنب عند خبيب الذي أسرته الكفار.
وحديث أن أسيد بن حضير وعبادة بن بشر خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصاحبين وحديث رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.
وحديث لقد كان فيمن قبلكم محدثون.
وحديث إن في هذه الأمة محدثين وإن منهم عمر.
ومن ذلك كون سعد بن أبى وقاص مجاب الدعوة وهذه الأحاديث كلها ثابتة في الصحيح وورد لكثير من الصحابة رضي الله عنهم كرامات قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير.
ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضلهم والثناء عليهم كما ثبت في الصحيح أنه قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: "مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله" قال: ثم من؟ قال: "ثم رجل معتزل في شعب من شعاب يعبد ربه".
وحديث "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وهذه الأحاديث كلها في الصحيح وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. 

بَرْزَخِيَّان

بَرْزَخِيَّان
مثنى برزخي نسبة إلى البرزخ بمعنى الحاجز بين الشيئين، وما بين الموت والبعث، وفي علم الجغرافيا قطعة ضيقة محصورة بين بحرين مــوصلة بين أرضين، وفي علم الطب جزء منقبض من الغد الدرقية.

اختلاط علوم الأوائل، والإسلام

اختلاط علوم الأوائل، والإسلام
اعلم واعلم: أن علوم الأوائل، كانت مهجورة في عصر الأموية، ولما ظهر آل عباس، كان أول من عني منهم بالعلوم الخليفة الثاني: أبو جعفر المنصور.
وكان - رحمه الله تعالى - مع براعته في الفقه، مقدما في علم الفلسفة، وخاصة في النجوم، محبا لأهلها.
ثم لما أفضت الخلافة إلى السابع: عبد الله المأمون ابن الرشيد، تمم ملا بدأ به جده، فأقبل على طلب العلم في مواضعه، واستخراجه من معادنه، بقوة نفسه الشريفة، وعلو همته المنيفة، فداخل ملوك الروم، وسألهم: وصلة ما لديهم من كتب الفلاسفة، فبعثوا إليه منها بما حضرهم من كتب أفلاطون، وأرسطو، وبقراط، وجالينوس، وإقليدس، وبطلميوس، وغيرهم؛ وأحضر لها مهرة المترجمين، فترجموا له على غاية ما أمكن، ثم كلف الناس قراءتها، ورغبهم في تعلمها، إذ المقصود من المنع: هو إحكام قواعد الإسلام، ورسوخ عقائد الأنام، وقد حصل وانقضى على أن أكثرها، مما لا تعلق له بالديانات، فنفقت له سوق العلم، وقامت دولة الحكمة في عصره، وكذلك سائر الفنون، فأتقن جماعة من ذوي الفهم في أيامه كثيرا من الفلسفة، ومهدوا أصول الأدب، وبينوا منهاج الطلب.
ثم أخذ الناس يزهدون في العلم، ويشتغلون عنه بتزاحم الفتن تارة، وبجمع الشمل أخرى، إلى أن كاد يرتفع جملة، وكذا شأن سائر الصنائع والدول، فإنها تبتدئ قليلا قليلا، ولا تزال يزيد حتى يصل إلى غاية هي منتهاه، ثم يعود إلى النقصان، فيؤول أمره إلى الغيبة في مهاوي النسيان.
والحق: أن أعظم الأسباب في رواج العلم وكساده، هو رغبة الملوك في كل عصر، وعدم رغبتهم. - فإنا لله، وإنا إليه راجعون -.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.