Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: نعم

نُعْمَان

نُعْمَــان
من (ن ع م) الدم، وشقائق الــنعمــان: نبات أحمر الزهر قيل سمي بهذا لأنه يشبه الدم في حمرته وقيل لأن الــنعمــان بن المنذر ملك العرب استزرعه وحماه.

إظهار نعمة الإسلام، وإشهار نقمة الإجرام

إظهار نعمــة الإسلام، وإشهار نقمة الإجرام
سينية.
نظمها: الشيخ، أبو الفضل: محمد بن النجار الحنفي.
المتوفى: سنة...
أولها:
من بعد حمد وتسبيح وتقديس * لله عن إفك ذي كفر وتلبيس
ذكر فيه: أحكام أهل الذمة.
ولها: شرح لطيف، ممزوج.
لمحمد بن عبد اللطيف المقدسي، الشافعي.
المتوفى: سنة...
سماه: (بحر الكلام، ونحر اللئام).
أوله: (الحمد لله الذي شرع فشرح الصدور... الخ).

نعمة

بَاب الــنِّعْمَــة

الــنِّعْمَــة والصنيعة والعارفة والايادي والمنن وَالْبَلَاء والالاء
الــنعمــة: هي ما يقصد به الإحسان والنفي لا لغرض ولا لعوض.

النَّعيمُ

النَّعيمُ والــنُّعْمَــى، بالضم: الخَفْضُ، والدَّعَةُ، والمالُ،
كالــنِعْمَــةِ، بالكسر، وجَمْعُها: نِعَمٌ وأنْعُمٌ.
والتَّــنَعُّمُ: التَّرَفُّهُ،
والاسمُ: الــنَّعْمَــةُ، بالفتح،
نَعِمَ، كَسَمِعَ ونَصَرَ وضَرَبَ،
ومَنْزِلٌ يَــنْعَمُــهُم، مُثَلَّثَةً،
ويُــنْعِمُــهُم: كيُكْرِمُهُم،
وتَناعَمَ وناعَمَ تَــنَعَّمَ، وناعَمَه ونَعَّمَــه غيرُهُ تَنْعِيماً.
والناعِمَةُ والمُناعِمَةُ والمُــنَعَّمَــةُ، كمُعَظَّمَةٍ: الحَسَنَةُ العَيْشِ والغِذاء، ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومتناعِمٌ سَواءٌ.
والتَّنْعيمَةُ: شَجرةٌ ناعِمَةُ الوَرَقِ.
وثَوْبٌ ناعِمٌ،
وكلامٌ مُــنَعَّمٌ، كمُعَظَّمٍ: لَيِّنٌ.
والــنِعْمَــةُ، بالكسر: المَسَرَّةُ، واليدُ البَيْضاءُ الصالِحَةُ،
كالــنُّعْمَــى، بالضم،
والــنَّعْمــاءِ، بالفتح مَمْدُودَةً
ج: أنْعُمٌ ونِعَمٌ ونِعِمَــاتٌ، بكسْرَتَيْنِ وتُفْتَحُ العَيْنُ، وأنْعَمَــها اللُّه تعالى عليه،
وأنْعَمَ بها،
ونَعِيمُ الله تعالى: عَطِيَّتُهُ.
ونَعِمَ اللُّه تعالى بِكَ، كَسَمِعَ،
ونَعِمَــكَ وأنْعَمَ بِكَ عَيْناً: أقَرَّ بِكَ عَيْنَ من تُحِبُّهُ، أو أقَرَّ عَيْنَكَ بمَنْ تُحِبُّهُ.
ونَعْمُ عَيْنٍ،
ونَعْمَــةُ ونَعامُ ونَعيمُ، بفَتْحِهِنَّ،
ونُعْمَــى ونُعَامَى ونُعامُ ونُعْمُ ونُعْمَــةُ، بضمِّهِنَّ،
ونِعْمَــةُ ونِعَامُ، بكسرهما ويُنْصَبُ الكُلُّ بإضمار الفِعْلِ، أي: أفْعَلُ ذلك إنْعَاماً لعَيْنِكَ وإكْراماً.
ونَعِمَ العودُ، كفرِحَ: اخْضَرَّ، ونَضَرَ.
والنَّعامَةُ: طائِرٌ، ويُذَكَّرُ،
واسمُ الجنسِ نَعامٌ، ويَقَعُ على الواحِدِ، والمَفازَةُ،
كالنَّعامِ، والخَشَبَةُ المُعْتَرِضَةُ على الزُّرْنوقَيْنِ، وسَبْعَةُ أفراسٍ: للحَارِثِ بنِ عَبَّادٍ، وخالِدِ بنِ نَضْلَةَ الأَسَدِيِّ، ومِرْداسِ بنِ مُعاذٍ الجُشَمِيِّ، وهي ابْنَةُ صَمْعَرَ، وعُيَيْنَةَ بنِ أوْسٍ المالِكِيِّ، ومُسافِعِ بنِ عبدِ العُزَّى، والمُنْفَجِرِ الغُبَرِيِّ، وقَرَّاضٍ الأَزْدِيِّ، والرحلُ أو ما تَحْتَه، وكُلُّ بناء على الجبل،
كالظُّلَّةِ،
وـ من الفَرَسِ: دِماغُهُ، أو فَمُهُ،
و= الطَّريقُ، والنَّفْسُ، والفَرَحُ، والسُّرورُ، والإِكْرامُ، والفَيْجُ المُسْتَعْجِلُ، وصَخْرَةٌ ناشِزَةٌ في الرَّكِيَّةِ، وعَظْمُ الساقِ، والظُّلْمَةُ، والجَهْلُ، والعَلَمُ المَرْفُوعُ، والساقي على البِئْرِ، والجِلْدَةُ تُغَشِّي الدِّماغَ،
وع بنَجْدٍ، وجماعَةُ القَوْمِ،
ومنه: شالَتْ نعَامَتُهُم، وذُكِرَ في ش ول، ولَقَبُ كُلِّ من مَلَكَ الحيرَةَ، ولَقَبُ بَيْهَسٍ. وأبو نَعامَةَ: لَقَبُ قَطَرِيِّ بنِ الفُجاءة.
وفي المَثَلِ: "أنتَ كصاحِبَةِ النَّعامَةِ"، يُضْرَبُ في المرْزِئَةِ على من يَثِقُ بغيرِ الثقةِ، لأنها وَجَدتْ نَعامَةً قد غصَّتْ بِصُعْرورٍ، أي: بصَمْغَةٍ، فأَخَذَتْها، فَرَبَطَتْها بِخمارِها إلى شجرةٍ، ثم دَنَتْ من الحَيِّ، فَهَتَفَتْ: من كان يَحُفُّنَا ويَرُفُّنا، فَلْيَتَّرِكْ.
وقَوَّضَتْ بيتَها لتَحْملَ على النَّعامَةِ، فانْتَهَتْ إليها، وقد أساغَتْ غُصَّتَها وأُفْلِتَتْ، وبَقِيَت المرأةُ لا صَيْدَها أحْرَزَتْ، ولا نَصيبَها من الحَيِّ حَفِظَتْ.
والــنَّعَمُ، وقد تُسَكَّنُ عَيْنُهُ: الإِبِلُ، والشاءُ أو خاصُّ بالإِبِلِ
ج: أنْعَامٌ
جج: أناعيمُ.
والنُّعامَى، بالضم: ريحُ الجَنوبِ، أو بينَه وبين الصَّبا.
والنَّعائِمُ: من مَنازِلُِ القَمَرِ.
وأنْعَمَ أن يُحْسِنَ: زادَ،
وـ في الأمرِ: بالَغَ.
ونِعْمَ وبِئْسَ فيهما لُغَاتٌ:
نَعِمَ، كَعَلِمَ، وبكَسْرَتَيْنِ، وبالكسر وبالفتح، ويقالُ إن فَعَلْتَ فبِها
ونِعْمَــتْ، بتاء ساكنةٍ وقَفْاً وَوَصْلاً،
أي: نِعْمَــتِ الخَصْلَةُ، وتَدْخُلُ عليه ما فَيُكْتَفَى بها عن صِلَتِهِ،
تقولُ: دَقَقْتُه دَقّاً نِعِمَّــا،
(وقد تُفْتَحُ العَيْنُ) أي: نِعْمَ ما دَقَقْتُه.
وتَــنَعَّمَــه بالمكانِ: طَلَبَهُ،
وـ الرجُلُ: مَشَى حافِياً،
وـ الدَّابَّةُ: ألَحَّ عليها سَوْقاً.
ونَعَمَــهُم وأنْعَمَــهُم: أتاهم حافِياً.
والــنُّعْمــانُ، بالضم: الدَّمُ، وأُضيفَت الشَّقائِقُ إليه لِحُمْرَتِهِ، أو هو إضافةٌ إلى ابنِ المُنذِرِ، لأَنه حَماهُ.
وَمَعَرَّةُ الــنُّعْمــانِ: د اجْتازَ به الــنُّعْمَــانُ بنُ بَشيرٍ، فَدَفَنَ به ولَدَاً، فأُضيف إليه.
والــنُّعْمــانونَ: ثلاثونَ صَحابياً.
وبنُو نَعامٍ، كسحابٍ: بَطْنٌ.
والأُنَيْعِمُ: ع.
والأَــنْعَمــانِ: وادِيانِ، أو هُما: الأَــنْعَمُ وعاقِلٌ.
والنَّعائِمُ: ع بنَواحِي المدينة
ونَعْمَــايا: جَبَلٌ.
والأَــنْعَمُ: ع بالعاليةِ.
ونُعْمٌ، بالضم: ع برَحَبَةِ مالِكٍ.
وبُرْقَةُ نُعْمِــيٍّ، كتُرْكِيٍّ: من بُرَقِهِمْ.
والتَّنْعِيمُ: ع على ثلاثة أميالٍ أو أربعةٍ من مَكَّةَ، أقْرَبُ أطْرَافِ الحِلِّ إلى البَيْتِ، سُمِّيَ لأَن على يَمِينِهِ جَبَلَ نُعَيْمٍ، وعلى يَسارِهِ جَبَلَ ناعِمٍ،
والوادي اسْمُهُ نَعْمــان.
والــنَّعْمــانِيَّةُ: ة بِمصْرَ،
ود بين واسِطَ وبَغْدَادَ، وفي كُلٍّ منهما مَعْدِنُ الطينِ يُغْسَلُ به الرأسُ،
وة بِسِنْجَارَ.
ونَعْمــانُ، كسَحْبانَ: وادٍ وراء عَرَفَةَ،
وهو نَعْمــانُ الأَراكِ، ووادٍ قُرْبَ الكوفَةِ، ووادٍ بأرْضِ الشامِ قُرْبَ الفُراتِ،
ووادٍ بالتَّنْعِيمِ، ومَوضِعَانِ آخَرانِ.
وناعِمٌ كصاحِبٍ ومحدِّثٍ وحُبْلَى وعُثْمَانَ وزُبَيْرٍ،
وأنْعُم، بضم العين،
وتَــنْعُمُ، كتَنْصُرُ: أسماء.
ويَــنْعَمُ، كَيَمْنَعُ: حَيٌّ،
ونُعْمٌ، بالضم: امرأةٌ، وأربعةُ مَواضِعَ.
ونَعامَةُ الضَّبِّيُّ: صحابِيٌّ.
ونُعَيْمٌ، كزُبَيْرٍ: سِتَّةَ عَشَرَ صَحابِيَّاً.
ونُعَيْمَانُ، مُصَغَّراً: ابنُ عَمْرٍو، وكان مَزَّاحَاً يُضْحِكُ النبي صلى الله عليه وسلم، كثيراً، باع سُوَيْبِطَ بنَ حَرْمَلَةَ من الأَعْرابِ بِعَشْرِ قَلائِصَ، فَسَمِعَ أبو بكرٍ، فأَخَذَ القَلاَئِصَ ورَدَّها، واسْتَرَدَّ سُوَيْبِطاً، فَضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه منه حَوْلاً.
والتَّناعِمُ: بَطْنٌ.
والمَــنْعُمُ، بضم العين: المِكْنَسَةُ.
والناعِمَةُ: الرَّوْضَةُ.
ونَعْمَــانُ بنُ قُرادٍ،
ويَعْلَى بنُ نَعْمــانَ، بفتحهما: تابِعِيَّانِ.
وناعِمْ حَبْلَكَ: أحْكِمْهُ.
ونَعَمْ، بفتحتين، وقد تُكْسَرُ العينُ،
ونَعامْ، عن المُعَافَى بنِ زَكَرِيَّا: كلمةٌ كبَلَى، إلا أنه فيِ جَوابِ الواجبِ.
ونَعَّمَ الرجُلَ تَنْعِيماً: قال له نَعَمْ فَــنَعِمَ بذلك.
ونُعاماكَ، بالضم: قُصاراكَ.
ورجُلٌ مِنْعامٌ: مِفْضالٌ.
وأنْعَمَ الله صَبَاحَكَ: من النُّعومةِ.
وأتَيْتُ أرْضَهُم فَتَــنَعَمَــتْنِي: وافَقَتْنِي.
وتَــنَعَّمَ: مَشَى حافياً،
وـ فلاناً: طَلَبَهُ،
وـ قَدَمَه: ابْتَذَلَها.

الله

الله
صور القرآن الله المثل الأعلى في جميع صفات الكمال، فهو السميع الخبير، على كل شىء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حى قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين والصابرين، ولا يحب الظالمين، ويمحق الكافرين، غنى حميد، واحد قهار، نور السموات والأرض، قوى، شديد العقاب، خالق كل شىء، لا إله إلا هو، على كلّ شىء شهيد، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، سريع الحساب، غنى عن العالمين، عليم بذات الصدور، بكل شىء محيط، علىّ كبير، عفو غفور، شاكر حليم، ليس بظلام للعبيد، يجزى المتصدقين، ولا يهدى كيد الخائنين، لا يخلف الميعاد، عزيز ذو انتقام، خير الرازقين، لطيف خبير، ذو القوة المتين. أوليس من يتصف بهذه الصفات المثالية جديرا بالعبادة والتقديس، وألا يتخذ له شريك، ولا من دونه إله.
ومن بين ما عنى القرآن به أكبر عناية إبراز صفة الإنعام التى يتصف بها الله سبحانه؛ فيوجه أنظارهم إلى الــنعمــة الكبرى التى أودعها قلوبهم وهى نعمــة الهدوء والسكينة يحسون بها، عند ما يعودون إلى بيوتهم، مكدودين منهوكى القوى، وإلى هدايتهم إلى بناء بيوت من جلود الأنعام، يجدونها خفيفة المحمل في الظعن
والإقامة، وإلى اتخاذ أثاثهم وأمتعتهم من أصوافها وأوبارها، وإلى نعمــة الظل يجدون عنده الأمن والاستقرار، وإن للشمس وحرارتها لوقعا مؤلما في النفوس وعلى الأجسام، ومن أجمل وسائل الاستتار هذه الثياب تقى صاحبها الحر، وبها تتم نعمــة الله، فيقول: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَــتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (النحل 79 - 81).
ويوجه أنظارهم إلى ما في خلق الزوج من نعمــة تسكن إليها النفس، وتجد في ظلها الرحمة والمودة، فيقول: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21). وهو الذى يرزقهم، ويرزق ما على الأرض من دواب، لا تستطيع أن تتكفل برزق نفسها، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت 60). وينبههم إلى ما في اختلاف الليل والنهار من تجديد النشاط للجسم، وبعث القوة في الأحياء وما في الفلك المسخرة تنقل المتاجر فوق سطح البحر، فتنفع الناس، وفي الماء ينزل من السماء فيحيى الأرض بعد موتها، وفي الرياح تحمل السحاب المسخر بين السماء والأرض، ينبههم إلى نفع ذلك كله فيقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة 164). ويسأل عمن يلجئون إليه، حين يملأ قلبهم الرعب من ظلمة البر البحر، أليس الله هو الذى ينجيهم منه ومن كل كرب، فيقول:
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (الأنعام 63 - 64).
ويحدثهم عن نعمــة تبادل الليل والنهار، وعما خلق له الليل من نعمــة الهدوء والسكون، وعن الشمس والقمر يجريان في دقة ونظام، فيحسب الناس بهما حياتهم، وينظمون أعمالهم، وعن النجوم في السماء تزينها كمصابيح، ويهتدى بها السائر في ظلمات البر والبحر، وعن المطر ينزل من السماء، فتحيا به الأرض وتنبت به الجنات اليانعة، ذات الثمار المشتبهة وغير المشتبهة، وكان للمطر في الحياة العربية قدره وأثره، فعليه حياتهم، فلا جرم أكثر القرآن من الحديث عنه نعمــة من أجلّ نعمــه عليهم، فيقول: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 96 - 99)، وتحدث عن هذه الــنعم نفسها مرارا أخرى كقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَــتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 32 - 34). وتحدث إليهم عما أنعم به عليهم من أنعام، فيها دفء ومنافع، وجمال، وعاد فذكرهم بــنعمــة المطر وإنباته الزرع، وخص البحر بالحديث عن تسخيره، وما نستخرجه منه من اللحم والحلى، وما يجرى فوقه من فلك تمخر عبابه، فقال: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَــةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 5 - 18)، وللأنعام في حياة العرب بالبادية ما يستحق أن يذكروا به، وأن يسجل فضله عليهم بها. ويوجه القرآن نظرهم إلى خلقهم وما منحهم الله من نعمــة السمع والبصر والعقل، فيقول: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وكثيرا ما امتنّ عليهم بــنعمــة الرزق، فيقرّرها مرة، ويقررهم بها أخرى، فيقول حينا: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (غافر 64). ويقول حينا: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس 31). ويسترعى انتباههم إلى طعامهم الذى هو من فيض فضله، فيقول: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
(عبس 24 - 32).
وإن في إكثار القرآن من الحديث عن هذه الــنعم، وتوجيه أنظارهم إليها، وتقريرهم بها، ما يدفعهم إلى التفكير في مصدرها، وأنه جدير بالعبادة، وما يثير في أنفسهم شكرها وتقديس بارئها، ولا سيما أن تلك الــنعم ليست في طاقة بشر، وأنها باعترافهم أنفسهم من خلق العلىّ القدير. وهكذا يتكئ القرآن على عاطفة إنسانية يثيرها، لتدفع صاحبها عن طريق الإعجاب حينا، والاعتراف بالجميل حينا، إلى الإيمان بالله وإجلاله وتقديسه. كما أن ذلك الوصف يبعث في النفس حب الله المــنعم، فتكون عبادته منبعثة عن حبه وشكر أياديه.
ومما عنى القرآن بإبرازه من صفات الله وحدانيته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وقد أبرز القرآن في صورة قاطعة أنه لا يقبل الشرك ولا يغفره: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48)؛ ويعد الإشراك رجسا فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التوبة 28).
أوليس في هذا التصوير ما يبعث في النفس النفور منه والاشمئزاز؟!
والقرآن يعرض لجميع ألوان الإشراك، فيدحضها ويهدمها من أساسها، فعرض لفكرة اتخاذ ولد، فحدثنا في صراحة عن أنه ليس في حاجة إلى هذا الولد، يعينه أو يساعده، فكل من في الوجود خاضع لأمره، لا يلبث أن ينقاد إذا دعى، وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 116، 117). وحينا يدفع ذلك دفعا طبيعيا بأن الولد لا يكون إلا إذا كان ثمة له زوجة تلد، أما وقد خلق كل شىء، فليس ما يزعمونه ولدا سوى خلق ممن خلق:
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الأنعام 101، 102).
ويعرض مرة أخرى لهذه الدعوى، فيقرر غناه عن هذا الولد، ولم يحتاج إليه، وله ما في السموات وما في الأرض، فيقول: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (يونس 68 - 70). ويعجب القرآن كيف يخيل للمشركين عقولهم أن يخصوا أنفسهم بالبنين ويجعلوا البنات لله، فيقول:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (الإسراء 40).
ويصور القرآن- فى أقوى صور التعبير- موقف الطبيعة الساخطة المستعظمة نسبة الولد إلى الله، فتكاد- لشدة غضبها- أن تنفجر غيظا، وتنشق ثورة، وتخر الراسيات لهول هذا الافتراء، وضخامة هذا الكذب، وأصغ إلى تصوير هذا الغضب فى قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (مريم 88 - 91). أما هؤلاء الذين دعوهم أبناء الله، فليسوا سوى عباد مكرمين، خاضعين لأمره، ولن يجرؤ واحد منهم على ادعاء الألوهية، أما من تجرأ منهم على تلك الدعوى فجزاؤه جهنم، لأنه ظالم مبين، وهل هناك أقوى في هدم الدعوى من اعترف هؤلاء العباد أنفسهم الذين يدعونهم أبناء، بأنهم ليسوا سوى عبيد خاضعين، ومن جرؤ منهم على دعوى الألوهية كان جزاؤه عذاب جهنم خالدا فيها، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (الأنبياء 26 - 29).
وعلى هذا النسق نفسه جرى في الرد على من زعم ألوهية المسيح، فقد جعل المسيح نفسه يتبرأ من ذلك وينفيه، إذ قال: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة 116، 117).
وتعرض القرآن مرارا لدعوى ألوهية عيسى، وقوض هذه الدعوى من أساسها بأن هذا المسيح الذى يزعمونه إلها، ليس لديه قدرة يدفع بها عن نفسه إن أراد الله أن يهلكه، وأنه لا امتياز له على سائر المخلوقات، بل هو خاضع لأمره، مقر بأنه ليس سوى عبد الله، وليس المسيح وأمه سوى بشرين يتبوّلان ويتبرّزان، أو تقبل الفطرة الإنسانية السليمة أن تتخذ لها إلها هذا شأنه، لا يتميز عن الناس في شىء، ولا يملك لهم شيئا من الضر ولا النفع، ولننصت إلى القرآن مهاجما دعوى ألوهية عيسى قائلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17). لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(المائدة 72 - 76).
وإن الغريزة لتنأى عن عبادة من لا يملك الضرر ولا النفع. وتأمل جمال الكناية في قوله: يَأْكُلانِ الطَّعامَ. والمسيح مقر- كما رأيت- بعبوديته ولا يستنكف أن يكون لله عبدا، لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (النساء 172).
وهاجم القرآن بكل قوة الإشراك بالله، وهو يهاجم ببلاغته العقل والوجدان معا فيأخذ في نقاش المشركين، ليصلوا إلى الحق بأنفسهم، ويلزمهم الحجة، ويقودهم إلى الصواب، فيسألهم عمن يرزقهم، ومن يملك سمعهم وأبصارهم، ومن يخرج الحى من الميت، ويخرج الميت من الحى، ومن يدبر أمر العالم، ومن يبدأ الخلق ثمّ يعيده، ومن يهدى إلى الحق، وإذا كان المشركون أنفسهم يعترفون بأن ذلك إنما هو من أفعال الله، فما قيمة هؤلاء الشركاء إذا، وما معنى إشراكهم لله في العبادة، أو ليس من يهدى إلى الحق جديرا بأن يعبد ويتّبع، أما من لا يهتدى إلا إذا اقتيد فمن الظلم عبادته، ومن الجهل اتباعه، وليست عبادة هؤلاء الشركاء سوى جرى وراءه وهم لا يغنى من الحق شيئا، وتأمل جمال هذا النقاش الذى يثير التفكير والوجدان معا: يثير التفكير بقضاياه، ويثير الوجدان بهذا التساؤل عن الجدير بالاتباع، وتصويره المشرك، مصروفا عن الحق، مأفوكا، ظالما، يتبع الظن الذى لا يغنى عن الحق شيئا، وذلك حين يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (يونس 31 - 36). وفي التحدث إليهم عن الرزق، وهدايتهم إلى الحق، ما يثير في أنفسهم عبادة هذا الذى يمدهم بالرزق، ويهديهم إلى الحق، واستمع إلى هذا النقاش الذى يحدثهم فيه عن نعمــه عليهم، متسائلا:
أله شريك في هذه الــنعم التى أسداها، وإذا لم يكن له شريك فيما أسدى، فكيف يشرك به غيره في العبادة؟ فقال مرة: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (النمل 59 - 71). أو ليس في إنبات الحدائق ذات البهجة، وتسيير الأنهار خلال الأرض، وإجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعلهم خلفاء الأرض، ما يبعث الابتهاج في النفس، والحب لله، ويدفع إلى عبادته وتوحيده ما دام هو الملجأ في الشدائد، والهادى في ظلمات البر والبحر، ومرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته؟ ومرة يسائلهم قائلا: وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 70 - 73). أوليس في الليل السرمد والنهار السرمد ما يبعث الخوف في النفس، والحب لمن جعل الليل والنهار خلفة؟!
وكثيرا ما تعجب القرآن من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع. والقرآن يبعث الخوف من سوء مصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، فمرة يصورهم محاولين ستر جريمتهم بإنكارهم، حين لا يجدون لها سندا من الحق والواقع، فيقول:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 22 - 24).
وحينا يصورهم، وقد تبرأ شركاؤهم من عبادتهم، فحبطت أعمالهم، وضل سعيهم، وذلك حين يقول: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 28 - 30).
وحينا يصورهم هلكى في أشد صور الهلاك وأفتكها، إذ يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج 31). أما المصير المنتظر لمن يشرك بالله فأن يلقى في جهنم ملوما مدحورا.
ومن أبرز صفات الله في القرآن قدرته، يوجّه النظر إلى مظاهرها، ويأخذ بيدهم ليدركوا آثار هذه القدرة، مبثوثة في أرجاء الكون وفي أنفسهم، فهذه الأرض هو الذى بسطها فراشا، وتلك السماء رفعها بناء، وهذه الجبال بثها في الأرض أوتادا، وهذه الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ووجه النظر إلى هذه الحبوب فلقها بقدرته، كما فلق النوى ليخرج منه النخل باسقات، ويوجه أنظارهم إلى ألوان المخلوقات وأنواعها وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور 45). وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم 20 - 25). خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (لقمان 10). ويوجّه النظر إلى توالى الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، فيقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (لقمان 29، 30)؛ وكرر ذلك مرارا عدة، كقوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (ق 6 - 11).
ويوجّه أنظارهم إلى قدرته في خلقهم، إذ يقول: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). ويقول: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر 6).
صوّر القرآن قدرة الله الباهرة التى لا يعجزها شىء، والتى يستجيب لأمرها كل شىء، بهذا التّصوير البارع إذ قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس 82).
ولما وجّه النظر إلى مظاهر قدرته، اتخذ ذلك ذريعة إلى إقناعهم بأمر البعث، فحينا يتساءل أمن خلق السموات والأرض، ولم يجد مشقة في خلقها يعجز عن إحياء الموتى، فيقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأحقاف 33). ويقرر أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر 57). ولذا صح هذا التساؤل ليقروا: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (النازعات 27 - 33). وسوف نكمل الحديث عن ذلك في فصل اليوم الآخر.
ومن أظهر صفات الله في القرآن علمه، وإحاطة علمه بكل شىء في الأرض وفي السماء وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (يونس 61). ويقول على لسان لقمان لابنه: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان 16). أرأيت هذا التصوير المؤثر لإحاطة علم الله بكل شىء، فلا يغيب عنه موضع ذرّة بين طيات صخرة أو في طبقات السموات، أو في أعماق الأرض، ويعلم الله الغيب، ومن ذلك ما يرونه بأعينهم في كل يوم من أمور غيبيّة، يدركون أنها مستورة عليهم، مع قرب بعضها منهم، إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان 34). وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (طه 7). واقرأ هذا التصوير الشامل لعلمه في قوله: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (الأنعام 59). وهكذا يصور القرآن شمول علم الله تصويرا ملموسا محسا.
ومن أظهر صفاته كذلك شدة قربه إلى الناس، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة 7). وأمر الرسول بأن يخبر الناس بقربه، يسمعهم ويصغى إليهم إذا دعوا، فقال: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186). ولا يستطيع فرد أن يعيش بعيدا عن عينه، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد 4). بل هو أقرب شىء إلى الإنسان، يعلم خلجات نفسه، ويدرك أسراره وخواطره لا يغيب عنه منها شىء، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق 16).
والعدل، وقد أطال القرآن في تأكيد هذه الصفة، وأكثر من تكريرها، فكل إنسان مجزى بعمله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (غافر 31). مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 146). ويقرر في صراحة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). وإِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ (النساء 40).
وإن في تقرير هذه الصفات وتأكيدها لدفعا للمرء إلى التفكير قبل العمل، كى لا يغضب الله العالم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، والقريب إليه قربا لا قرب أشد منه، وفي تأكيد صفتى العلم والقرب ما يبعث الخجل في الإنسان من أن يعمل ما يغضب الله وما حرمه، وفي تأكيد صفة العدل ما يبعث على محاسبة النفس لأن الخير سيعود إليها ثوابه، والشر سيرجع عليها عقابه.
وكان وصف القرآن لله بالرحمة والرأفة والحلم والغفران والشكر، أكثر من وصفه بالانتقام وشدّة العذاب، بل هو عند ما يوصف بهما، تذكر إلى جانبهما أحيانا صفات الرحمة؛ فكثيرا ما يكرر القرآن معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (البقرة 143). وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء 110). وأكّد هذا الوصف حتى قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 54). وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (المؤمنون 118). أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (الأعراف 155). ويفتح باب رحمته وغفرانه، حتى لمن أسرف ولج في العصيان، إذ يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53). وبذلك كانت الصورة التى رسمها القرآن مليئة بالأمل والرجاء، تحيى في النفس التفاؤل، كما أن كثرة وصفه بالرحمة وأخواتها، تجعل عبادة الله منبعثة عن الحب، أكثر منها منبعثة عن الرهبة والخوف، ولكن لما كان كثير من النفوس يخضع بالرهبة دون الرغبة وصف القرآن الله بالعزة والانتقام وشدة العذاب، يقرن ذلك بوصفه بالرحمة حينا، ولا يقرنها بها حينا آخر، فيقول مرة: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة 98). غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (غافر 3). إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (فصلت 43). ويقول أخرى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (الحشر 7). عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (آل عمران 4). وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (الزمر 37). وبرغم وصفه بالعزّة والانتقام والجبروت كانت الصفة الغالبة في القرآن هى الإنعام والرحمة والتّفضّل وأنه الملجأ والوزر، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وينجّى في ظلمات البرّ والبحر، فهى صورة محبّبة إلى النفوس، تدفع إلى العبادة، عبادة من هو جدير بها، لكثرة فضله وخيره وإنعامه.
وأفحم القرآن من ادّعى الألوهية من البشر إفحاما لا مخلص له منه، وذلك في الحديث الذى دار بين إبراهيم وهذا الملك الذى ادعى أنه إله، إذ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258).
وأرشد ــالقرآن إلى أن العقل السليم والفطرة المستقيمة يرشدان إلى وجود الله ويدلّان على وحدانيته، فهذا إبراهيم قد وجد قومه يتخذون أصناما آلهة، فلم ترقه عبادتهم، فمضى إلى الكون يلتمس إلهه، فلما رأى نورا يشع ليلا من كوكب في الأفق ظنه إلها، ولكنه لم يلبث أن رآه قد أفل، فأنكر على نفسه اتخاذ كوكب يأفل إلها، إذ الإله يجب أن يكون ذا عين لا تغفل ولا تنام، وهكذا أعجب بالقمر، واستعظم الشمس، ولكنهما قد مضيا آفلين، فأدرك إبراهيم أن ليس في كل هؤلاء من يستحق عبادة ولا تقديسا، وأنّ الله الحق هو الذى فطر السموات والأرض، واستمع إلى القرآن يصوّر تأمل إبراهيم في قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
كان الإيمان بالله ووحدانيته، أساس الدين الإسلامى، وقد رأينا كيف عنى القرآن بإبراز صفاته التى تتصل بالإنسان خالقا له، ومــنعمــا عليه، وعالما بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، وقريبا منه أقرب إليه من حبل الوريد، ورحيما به، عادلا لا يظلمه، ولا يغبنه، يهبه الرزق، ويمنحه الخير، ويجيبه إذا دعاه. أو ليس من له هذه الصفات الكاملة جديرا من الناس بالعبادة والتقديس والتنزيه عن النقص والإشراك؟
الله: علم دَال على الْإِلَه الْحق دلَالَة جَامِعَة لمعاني الْأَسْمَاء الْحسنى كلهَا وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول الْكتاب تبركا وتيمنا.
الله: وَإِنَّمَا افتتحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة المكرمة المعظمة مَعَ أَن لَهَا مقَاما آخر بِحَسب رِعَايَة الْحَرْف الثَّانِي تيمنا وتبركا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه للإتيان بعد هَذَا بِلَفْظ الأحمد وَالْأَصْحَاب وَاعْلَم أَنه لَا اخْتِلَاف فِي أَن لفظ الله لَا يُطلق إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه إِمَّا علم لذات الْوَاجِب تَعَالَى الْمَخْصُوص الْمُتَعَيّن أَو وصف من أَوْصَافه تَعَالَى فَمن ذهب إِلَى الأول قَالَ إِنَّه علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود المستجمع للصفات الْكَامِلَة. وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ وَبِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ تَعَالَى من اسْم يجْرِي عَلَيْهِ صِفَاته وَلَا يصلح مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ سواهُ. وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن علما لم يفد قَول لَا إِلَه إِلَّا الله التَّوْحِيد أصلا لِأَنَّهُ عبارَة عَن حصر الألوهية فِي ذَاته المشخص الْمُقَدّس. وَاعْترض عَلَيْهِ الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين رَحمَه الله بِأَنَّهُ كَيفَ جعل الله علما شخصيا لَهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بعد حُصُول الشَّيْء وحضوره فِي أذهاننا أَو القوى المثالية والوهمية لنا أَلا ترى أَنا إِذا جعلنَا العنقاء علما لطائر مَخْصُوص تصورناه بِصُورَة مشخصة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر الشّركَة فِيهَا وَلَو بالمثال وَالْفَرْض وَهَذَا لَا يجوز فِي ذَاته تَعَالَى الله علوا كَبِيرا. فَإِن قلت وَاضع اللُّغَة هُوَ الله تَعَالَى فَهُوَ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ وَوضع لفظ الله لذاته الْمُقَدّس، قلت هَذَا لَا يُفِيد فِيمَا نَحن فِيهِ لِأَن التَّوْحِيد أَن يحصل من قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله حصر الألوهية فِي عقولنا فِي ذَاته المشخص فِي أذهاننا وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إِلَّا بعد أَن يتَصَوَّر ذَاته تَعَالَى بِالْوَجْهِ الجزئي. هَذَا غَايَة حَاصِل كَلَامه وَقد أجَاب عَنهُ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله بِأَنَّهُ آلَة الْإِحْضَار وَهُوَ وَإِن كَانَ كليا لَكِن الْمحْضر جزئي وَلَا يخفى على المتدرب مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي الْوَاقِع فَهُوَ لَا يُفِيد حصر الألوهية فِي أذهاننا كَمَا هُوَ المُرَاد. وَإِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي عقولنا فَمَمْنُوع، فَإِن وَسِيلَة الْإِحْضَار والموصل إِلَيْهِ إِذا كَانَ كليا كَيفَ يحصل بهَا فِي أذهاننا محْضر جزئي وَمَا الْفرق بَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَبَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الْوَاجِب لذاته. فَإِن مَا يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم أَيْضا جزئي فِي الْوَاقِع. فَإِن قلت التَّوْحِيد حصر الألوهية فِي ذَات مشخصة فِي نفس الْأَمر لَا فِي أذهاننا فَقَط. قلت فَهَذَا الْحصْر لَا يتَوَقَّف على جعل اسْم الله علما بل إِن كَانَ بِمَعْنى المعبود بِالْحَقِّ يحصل أَيْضا ذَلِك، وَلذَلِك يحصل بقولنَا لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْوَاجِب لذاته كَمَا سبق وَمن ذهب إِلَى الثَّانِي قَالَ إِنَّه وصف فِي أَصله لكنه لما غلب عَلَيْهِ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى وَصَارَ كَالْعلمِ أجري مجْرى الْعلم فِي الْوَصْف عَلَيْهِ وَامْتِنَاع الْوَصْف بِهِ وَعدم تطرق الشّركَة إِلَيْهِ. وَاسْتدلَّ، بِأَن ذَاته من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار أَمر آخر حَقِيقِيّ كالصفات الإيجابية الثبوتية أَو غير حَقِيقِيّ كالصفات السلبية غير مَعْقُول للبشر فَلَا يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظ. ثمَّ على الْمَذْهَب الثَّانِي قد اخْتلف فِي أَصله فَقَالَ بَعضهم إِن لفظ الله أَصله إِلَه من إِلَه الآهة وإلها بِمَعْنى عبد عبَادَة والإله بِمَعْنى المعبود الْمُطلق حَقًا أَو بَاطِلا فحذفت الْهمزَة وَعوض عَنْهَا الْألف وَاللَّام لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو للْإِشَارَة إِلَى المعبود الْحق وَعند الْبَعْض من إِلَه إِذا فزع وَالْعَابِد يفزع إِلَيْهِ تَعَالَى وَعند الْبَعْض من وَله إِذا تحير وتخبط عقله، وَعند الْبَعْض من لاه مصدر لاه يَلِيهِ ليها ولاها إِذا احتجب وارتفع وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَمَال ظُهُوره وجلائه مَحْجُوب عَن دَرك الْأَبْصَار ومرتفع على كل شَيْء وَعَما لَا يَلِيق بِهِ. وَالله أَصله الْإِلَه حذفت الْهمزَة إِمَّا بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بحذفها وعوضت مِنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء وَهِي تَجِيء فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ اعْلَم أَن حذف الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة قِيَاس وَبِغَيْرِهِ خلاف قِيَاس وَهُوَ هَا هُنَا يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ لَكِن على الثَّانِي الْتِزَام الْإِدْغَام ووجوبه قياسي لِأَن السَّاقِط الْغَيْر القياسي بِمَنْزِلَة الْعَدَم فَاجْتمع حرفان من جنس وَاحِد أَولهمَا سَاكن وعَلى الثَّانِي الْتِزَامه على خلاف الْقيَاس لِأَن الْمَحْذُوف القياسي كالثالث فَلَا يكون المتحركان المتجانسان فِي كلمة وَاحِدَة من كل وَجه وعَلى أَي حَال فَفِي اسْم الله المتعال خلاف الْقيَاس فَفِيهِ توفيق بَين الِاسْم والمسمى لِأَنَّهُ تَعَالَى شَأْنه خَارج عَن دَائِرَة الْقيَاس وطرق الْعقل وَعند أهل الْحق وَالْيَقِين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. حرف الْهَاء فِي لفظ الله إِشَارَة إِلَى غيب هويته تَعَالَى وَالْألف وَاللَّام للتعريف وَتَشْديد اللَّام للْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف وَلَفظ الله اسْم أعظم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقد يُرَاد بِهِ وَاجِب الْوُجُود بِالذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد} وَفِي قَوْلهم والمحدث للْعَالم هُوَ الله الْوَاحِد فَلَا يلْزم اسْتِدْرَاك الْأَحَد وَالْوَاحد فيهمَا وتفصيله فِي الْأَحَد إِن شَاءَ الله الصَّمد.
الله: علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى.
(الله) علم على إلاله المعبود بِحَق أَصله إِلَه دخلت عَلَيْهِ ال ثمَّ حذفت همزته وأدغم اللامان
الله: تَبَارَكَ وتَعالى وجَلَّ جَلاَلُهُ- هو عَلَم دالٌّ على الإله الحقِّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها قاله السيد في "التعريفات".

عنم

(عنم)
البنان خضبه بالعنم
ع ن م

لها معصم مــنعّم، وبنان معنم.

عنم


عَنَمَ
عَنَمa. A tree producing red fruit.
b. Vine-tendrils.

عَنَمَةa. Crack in the lip.

عَنَمِيّa. Red, rosy.
[عنم] فيه: وأخلف الخزامي وأينعت "العنمة"، هي شجرة لطيفة الأغصان يشبه بها بنان العذارى، وجمعه عنم.
عنم: عَنَم: انظر ابن البيطار (1: 180،2: 222).
زَيْت مُعَنَمَّ: في كتاب ابن البيطار (1: 180): وأما أهل الشوبك من أرض الشام فأنهم يعرفون هذا النبات باسم العنّم: ويُطْحن ثمره مع الزيت فيأتي لونه أحمر قال ويُعْرَف بالزيت المعنم.
عنم
العَنَمُ: نَشْأةٌ تَنْبُتُ من العِضَاه بين غُصُوْن السَّلَمِ والسَّيَالِ؛ وحَمْلُه كالعُنّاب؛ وبه تُشَبَّه أطْرافُ البَنَانِ المُخَضَّب. وقيل: شَجَرٌ يُسْتاك به. وقيل: شَوْكُ الطَّلْح. ويُقال: بَنَانٌ مُعَنَّمٌ. وأرْضٌ مَعْنَمَةٌ: بها العَنَمُ. والعَنَمةُ: ضَرْب من الوَزَغ، والجَميعُ: العَنَمُ.
[عنم] العَنَمُ: شجرٌ ليُّن الأغصان، يشبَّه به بنانُ الجواري. وقال أبو عبيدة: هو أطراف الخرّوب الشامي. وقال: فلم أسمعْ بمُرْضِعَةٍ أمالتْ لَهاةَ الطفلِ بالعَنمِ المَسوكِ وينشد قول النابغة: بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ كأن بَنانَهُ عَنَمٌ على أغصانه لم يُعْقَدِ فهذا يدلُّ على أنه نبتٌ لا دودٌ. وبنانٌ معنم، أي مخضوب.
ع ن م: (الْعَنَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ شَجَرٌ لَيِّنُ الْأَغْصَانِ تُشَبَّهُ بِهِ بَنَانُ الْجَوَارِي. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ أَطْرَافُ الْخُرْنُوبِ الشَّامِيِّ. وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:

عَنَمٌ عَلَى أَغْصَانِهِ لَمْ يَعْقِدِ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَبْتٌ لَا دُودٌ. 
الْعين وَالنُّون وَالْمِيم

العَنمُ: شجر لين الأغصان لطيفها يشبه بِهِ البنان وَهُوَ مِمَّا يستاك بِهِ. وَقيل: العنم: أَغْصَان تنْبت فِي سوق العضاه رطبَة لَا تشبه سَائِر أَغْصَانهَا، حمر اللَّوْن. وَقيل: هُوَ ضرب من الشّجر لَهُ نور أَحْمَر تشبه بِهِ الْأَصَابِع المخضوبة، وَقيل: هُوَ أَطْرَاف الخروب الشَّامي.

والعَنمُ أَيْضا: شوك الطلح وَقَالَ أَبُو حنيفَة: العَنم: شَجَرَة تنْبت فِي جَوف السمرَة لَهَا ثَمَر أَحْمَر: وَعَن الْأَعْرَاب الْقدَم: العَنمُ: شَجَرَة صَغِيرَة خضراء لَهَا زهرَة شَدِيدَة الْحمرَة. وَقَالَ مرّة: العَنمُ: الخيوط الَّتِي يتَعَلَّق بهَا الْكَرم فِي تعاريشه. والواحدة من كل ذَلِك عَنَمَةٌ. وبنان مُعْنُمٌ: مشبه بالعَنمِ، قَالَ رؤبة:

وهْيَ تُرِيكَ مِعْضَداً ومِعْصَما ... غَيْلا وأطْرَافَ بَنانٍ مُعْنَمَا

وضع الْجَمِيع مَوضِع الْوَاحِد، أَرَادَ وطرف بنان مُعْنما.

وبنان مُعَّنَمٌ: مخضوب، حَكَاهُ ابْن جني.

والعَنَمَةُ: ضرب من الوزغ وَالْجمع كالجمع. وَقيل: العَنمُ كالعظاية إِلَّا أنَّها أَشد بَيَاضًا مِنْهَا وَأحسن.

وعَيْنمٌ: مَوضِع.

عنم

4 اعنم He pastured upon, or depastured, the species of tree called عَنَم. (AA, K, * TA.) عَنَمٌ A certain tree of El-Hijáz, having a red fruit, to which are likened the dyed fingers or ends of fingers: (IAar, K:) in the “ Nawádir ”

said to be sappy, or tender, branches, that grow upon the trunks of the [trees called] عِضَاه, not resembling the other branches thereof, red in colour, the upper parts of the blossoms of which divide into four divisions, like a branch of an أَرَاكَة [n. un. of أَرَاكٌ, q. v.]; coming forth in winter and in summer: (IDrd, TA:) or a species of trees having tender branches, to which are likened the fingers, or the ends of the fingers, of girls, or young women: (S:) in the “ Book of Plants ” [of AHn] said to be a small tree that grows in the midst, or interior part, of the سَمُرَة [or gum-acacia-tree], having a red fruit: (TA:) or, accord. to AA, the [fruit called] زُعْرُور [q. v.]: (TA, and so in a copy of the S:) or, (S, K, TA,) as AO says, (S, TA,) the extremities of the Syrian خَرُّوب [or locust-tree]: (S, K, TA:) and he says that a verse of En-Nábighah is recited thus: بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ كَأَنَّ بَنَانَهُ عَنَمٌ عَلَى أَغْصَانِهِ لَمْ يُعْقَدِ [With a dyed member (عُضْوٍ being understood, instead of كَفٍّ, because the latter is fem.,) soft, or tender, as though its fingers, or its fingers' ends, were 'anam upon their branches, not yet compactly organized]; which shows that it means a plant, not a worm: (S, TA:) [for] it is said to signify a species of red worm, found in sand: (Ham p. 288, in which are other explanations, nearly agreeing with some here:) or, as some say, the fruit of the عَوْسَج [or box-thorn], which is red, and then becomes black when thoroughly ripe; therefore En-Nábighah says لَمْ يُعْقَد, meaning that had not yet become ripe: (IB, TA; and also inserted in the text of a copy of the S:) and, (K, TA,) as AHn says in one instance, (TA,) threads [or tendrils] by means of which the vine clings to its trellises: (K, TA:) and (accord. to Lth, TA) the thorns of the طَلْح [or acacia gummifera]; (K, TA;) but this is said by Az to be incorrect: (TA:) [see also a hemistich cited voce طَرَفٌ:] the n. un. is ↓ عَنَمَةٌ. (K.) عَنَمَةٌ: see what immediately precedes.

A2: Also A species of the [sort of lizard called] وَزَغ; (K, TA;) accord. to Lth; but this is rejected, as incorrect, by Az: it is said to be like the عَظَاية, except that it is more white and more comely. (TA.) A3: Also, (accord. to copies of the K,) or عَنْمَةٌ, (accord. to the TA,) A fissure in the lip of a human being. (K.) عَنَمِىٌّ A beautiful red face; (K, TA;) tinged over with redness. (TA.) عَيْنُومٌ The male frog. (K.) بَنَانٌ مُعَنَّمٌ [Fingers, or fingers' ends,] dyed, or tinged [with hinnà or the like]. (IJ, S, K.)

عنم: العَنَمُ: شجر لَيِّنُ الأَغصانُ لَطِيفُها يُشَبَّهُ به البَنان

كأَنه بَنان العَذارى، واحدتها عَنَمةٌ، وهو مما يستاك به، وقيل: العَنَمُ

أَغصان تنبت في سُوق العِضاه رطبة لا تشبه سائر أَغصانها حُمْرُ اللون،

وقيل: هو ضرب من الشجر له نَوْرٌ أَحمر تشبَّه به الأصابع المخضوبة؛ قال

النابغة:

بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأَنَّ بَنانَهُ

عَنَمٌ على أَغصانه لم يَعْقِدِ

قال الجوهري: هذا يدل على أَنه نَبْتٌ لا دُودٌ. وبَنَان

مُعَنَّمٌ أَي مخضوب. قال ابن بري: وقيل العَنَم

ثمر العَوْسَج، يكون أََحمر ثم يسودّ إذا نَضِجَ وعَقَد، ولهذا قال

النابغة: لم يَعْقِدْ؛ يريد لم يُدْرِك بعد. وقال أَبو عمرو: العَنَم

الزُّعْرُور؛ وقد ورد في حديث خزيمة: وأَخلَفَ الخُزَامَى وأَيْنَعَتِ

العَنَمَةُ؛ وقيل: هو أَطراف الخَرُّوب الشامي؛ قال:

فَلَمْ أَسْمَعْ بِمُرْضِعَةٍ أَمالَتْ

لَهاةَ الطِّفْلِ بالعَنَمِ المَسُوكِ

قال ابن الأَعرابي: العَنَم شجرة حجازية، لها ثمرة حمْراء يُشَبَّه بها

البَنان المخضوب. والعَنَم أَيضاً: شَوْك الطَّلْح. وقال أَبو حنيفة:

العَتَمُ شجرة صغيرة تنبت في جوف السَّمُرة لها ثمر أَحمر. وعن الأَعْراب

القُدُم: العَنَمُ شجرة صغيرة خضراء لها زَهْر شديد الحمرة. وقال مرَّة:

العَنَمُ الخيوط التي يتعلق بها الكَرْم في تَعارِيشه، والواحدة من كل ذلك

عَنَمةٌ. وبَنانٌ مُعْنَمٌ: مشبَّه بالعَنَم؛ قال رؤبة:

وَهْيَ تُرِيكَ مِعْضَداً ومِعْصَما

عَبْلاً، وأَطرافَ بَنانٍ مُعْنَما

وَضَعَ الجمعَ موضع الواحد، أَراد: وطَرَف بَنان مُعْنَمَا. وبَنَانٌ

مُعَنَّم: مخضوب؛ حكاه ابن جني؛ وقال رؤبة:

يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمُه

والعَنَمُ والعَنَمةُ: ضرب من الوَزَغ، وقيل: العَنَم كالعَظَايَةِ إلا

أَنها أَشد بياضاً منها وأحسن. قال الأَزهري: الذي قيل في تفسير العَنَم

إنه الوَزَغُ وشوك الطَّلْح غير صحيح، ونَسَبَ ذلك إلى الليث وأَنه هو

الذي فسر ذلك على هذه الصورة. وقال ابن الأَعرابي في موضِع: العَنَمُ يشبه

العُنَّاب، الواحدة عَنَمَة، قال: والعَنَم الشَّجَر الحُمْر. وقال أَبو

عمرو: أَعْنَم إذا رعى العَنَم، وهو شجر يحمل ثمراً أَحمر مثل العُنَّاب.

والعَنْمَةُ: الشَّقَّة في شفة الإنسان. والعَنْمِيُّ: الحَسَنُ الوجه

المُشْرَبُ حُمْرَةً. وقال ابن دريد في كتاب النوادر: العَنَمُ واحدتها

عَنَمَة، وهي أَغصان تنبت في سُوق العِضاه رطبة لا تشبه سائر أَغصانه،

أَحمر اللون يتفرق أَعالي نوره بأَربَعِ فرق كأَنه فَنَنٌ من أَراكة، يخرجن

في الشتاء والقيظ.

وعَيْنَمٌ: موضع. والعَيْنُوم: الضِّفْدَعُ الذكر.

عنم

(العَنَمُ) ، مُحَرَّكَةً: (شَجَرَةٌ حِجَازِيَّةٌ لَهَا ثَمَرَةٌ حَمْراءُ يُشَبَّهُ بِها البَنَانُ المَخْضوبُ) ، قَالَه ابنُ الأعْرابِيِّ: وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ فِي النَّوادِرِ: العَنَمُ: أغْصانٌ تَنْبُتُ فِي سُوقِ العِضاهِ رطِبَةٌ لَا تُشْبِهُ سائِرُ أغْصانِهِ، أَحْمَرُ اللَّونِ، تَتفَرَّق أعَالِي نَوْرِه بِأَرْبَعِ فِرَقٍ، كَأَنَّه فَنَنٌ من أَرَاكةٍ: يَخْرُجْنَ فِي الشِّتاءِ والقَيْظِ، وَفِي الصِّحاح: شَجَرٌ لَيِّنُ الأغْصانِ يُشَبَّهُ بِهِ بَنَانُ الجَوارِي. وَفِي كِتابِ النَّباتِ: شَجَرةٌ صَغيرةٌ تَنْبُتُ فِي جَوْفِ السَّمُرَةِ لَهَا ثَمَرٌ أَحْمَرُ. وقالَ أبُو عَمْرٍ و: العَنَم الزُّعْرُورُ، (أَو أَطْرَافُ الخَرُّوبِ الشَّامِيِّ) . نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَن أبِي عُبَيْدَةَ، وأنْشَدَ:
(فلَمْ أَسْمَعْ بِمُرْضِعَةٍ أمَالَتْ ... لَهَاةَ الطِّفْلِ بِالعَنَمِ المَسُوكِ)

قالَ: ويُنْشَدُ قولُ النَّابِغَةِ:
(بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ كَأَنَّ بَنَانَه ... عَنَمٌ على أَغْصانِهِ لم يَعْقِدِ)

قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ على أنَّهُ نَبْتٌ لَا دُودٌ. قَالَ ابنُ بَرِّي: وقِيلَ العَنَمُ: ثمرُ العَوْسَجِ، يكونُ أحمرَ ثمَّ يَسْوَدُّ إذَا نَضِجَ وعَقَد؛ ولِهَذا قَالَ النَّابِغَةُ: لم يَعْقِدِ، يُريدُ لم يُدْرَكْ بَعْدُ.
(و) قَالَ أَبُو عَمْرٍ و: (أَعْنَمَ) إذَا (رَعَاهُ) ، وَهُوَ شَجرٌ أحمرُ يَحْمِل ثَمَرًا أحمَرَ مِثلَ العُنَّابِ.
(و) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّةً: العَنَمُ: (خُيوطٌ يَتَعَلَّقُ بِها الكَرْمُ فِي تَعَارِيشِه) .
(و) قَالَ اللَّيْثُ: العَنَمُ: (شَوْكُ الطَّلْحِ) . وردَّه الأزْهَرِيُّ، وَقَالَ: غَيْرُ صَحِيحٍ.
(والعَنَمَةُ) مُحَرَّكَةً (واحِدَتُها) ، ومِنْه حَدِيثُ خُزَيْمَةَ: " وأَخْلَف الخُزَامَي وأيْنَعَتِ العَنَمَةُ ".
(و) العَنَمَة: (ضَرْبٌ من الوَزَغِ) ، عَن اللَّيْثِ، ورَدَّهُ الأزْهَرِيُّ. وَقَالَ: غَيْرُ صَحيحٍ، وقِيلَ: هِيَ كالعَظَايَةِ إِلَّا أنَّها أَشدُّ بَيَاضًا مِنْها وأَحْسَنُ.
(و) عَنَمَةُ، بِلا لاَمٍ: (اسمُ) رَجُلٍ سُمِّيَ بالشَّجَرَةِ.
وعَنَمَةُ بنُ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ مَنافٍ الجُهَنِيُّ، وعَنَمَةُ المُزَنِيُّ والِدُ إِبْراهِيمَ، وعَبدُ اللهِ بنُ عَنَمَةَ: صحابيُّون.
(والعَنَمَةُ) بِالْفَتْح: (الشَّقَّةُ فِي شَفَةِ الإنْسانِ) .
(والعَنْمِيُّ: الوَجْهُ الحَسَنُ الحَسَنُ الأَحْمَرُ) المُشْرَبُ حُمْرَةً.
(والعَيْنُومُ: الضِّفْدِعُ الذَّكَرُ) .
(وعَيْنَمٌ) كَحَيْدَرٍ: (ع.)
(وبَنانٌ مُعَنَّمٌ) كَمُعَظَّمٍ: (مَخْضُوبٌ) ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وابنُ جِنِّي.
باب العين والنون والميم معهما ع ن م، ن ع م، م ع ن، م ن ع مستعملات

عنم: العَنَمُ: شجر من شجر السّواك، ليّن الأغصان لطيفها، كأنها بنان جارية. الواحدة: عَنَمة. ويقال: العَنَمُ: شوك الطّلح. والعَنَمةُ: ضَرْبٌ من الوزغ مثل العَظاية إلاّ أنّها أحسن منها وأشدّ بياضاً. قال رؤبة :

يبدين أطرافاً لطافاً عَنَمُهْ

نعم: نَعِمَ يَــنْعَمُ نَعْمــةً فهو نَعِمٌ ناعمٌ بيّنُ المَــنْعَم. قال :

هذا أوانِي وأوانِكنَّهْ ... ليس النّعيم دائماً لكنَّهْ

والــنَّعمــاءُ اسم الــنَّعمــةِ. والنَّعيمُ: الخفضُ والدَّعة. والــنِّعْمــةُ: اليد الصّالحة، وأنعم الله عليه. وجارية ناعمةٌ مُــنَعَّمــةٌ، وأَــنْعَمَ الله بك عيناً، ونَعِمَ بك عيناً، أي: أقرّ بك عَيْنَ من تحبّ. وتقول: نُعْمَــةُ عينٍ، ونعمــاء عين، ونُعام عَين. والــنّعمــة: المسرّة. ونعم الرّجلُ فلانٌ، وإنه لــنعمــا وإنه لنعيم. نَعَمْ: كقولك: بَلَى، إلاّ أنّ نَعَمْ في جواب الواجب. والنُّعَامَى: اسم ريح الجنوب. قال :

مَرَتْهُ الجَنُوبُ فلمْ يعترفْ ... خِلافَ النُّعامَى من الشَّام ريحا

والنَّعامُ الذَّكَرُ وهو الظّليم. والنّعامة: الخشبةُ المُعْتَرِضة على الرّجامين تتعلق عليها البكرة، وهما نعامتان. وزعموا أنّ ابن النَّعامة من الطُّرُقِ كأنّه مركبُ النَّعامة. قال :

ويكون مركبُكِ القَعودُ ورَحْلَهُ ... وابنُ النَّعامَةِ عندَ ذلك مركبي

ويقال: ليس ابنُ النَّعامةِ هاهنا الطريق، ولكنّه صدرُ القَدَم. وهو الطّريقُ أيضاً. ويقال: قد خَفَّتْ نَعامَتُهم، أي: استمرّ بِهِمُ السّيرُ. والــنَّعَمُ: الإِبلُ إذا كثرت. وزَعَم المفسّرون أنّ الــنَّعَمَ الشّاءُ والإبلُ، في قول الله عز وجلّ: وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً . والنَّعائِمُ: من منازِل القَمَر.. والأَــنْعَمــانِ: واديانِ. وتقول: دَقَقْتُهً دقّاً نِعِمّــاً، أي زدته على الدّقّ. وأحْسَنَ وأَــنْعَمَ، أي زاد على الإحسان. يَــنْعَمُ: حيّ من اليمن. نَعْمــانُ: أرض بالحجاز أو بالعراق. وفلان من عَيْشِهِ في نُعْمٍ. نُعَيْمٌ ونُعمــانُ: اسمان.

معن: أمْعَنَ الفرسُ ونحوه إمعاناً، إذا تباعد يعدو. ومَعَنَ يَمْعَنُ مَعْناً أيضا. والماعون يفسر بالزكاة والصّدقة. ويقال: هو أسقاط البيت، نحو الفَأْس، والقِدْر، والدلو.. مَعْنٌ: اسم رجل.

منع: مَنَعْتُه أَمْنَعُه مَنْعاً فامْتَنَعَ، أي: حُلتُ بينه وبين إرادته. ورجل منيع: لا يُخْلَصُ إليه، وهو في عزٍّ ومَنَعَةٍ، ومنعة- يخفّف ويثقّل، وامرأة منيعة: متمنّعة لا تُؤاتى على فاحشة، قد مَنُعَتْ مَناعةً، وكذلك الحصن ونحوه. ومَنُعَ مَناعةً إذا لم يُرَمْ. [ومَناعِ بمعنى امنَعْ] قال :

مَناعِها من إبلٍ مَناعِها 
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.