Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: منذ

العمى

العمى: ضد البصر والبصيرة. والعماء السحاب والجهالة.وعند أهل الحقيقة: العماء هو المرتبة الأحدية.
العمى:
[في الانكليزية] Blindness
[ في الفرنسية] Cecite ،aveuglement
بفتح العين والميم لغة عدم البصر عمّا من شأنه أن يكون بصيرا. فالحجر لا يتّصف بالعمى. وعند الصوفية عبارة عن حقيقة الحقائق التي لا تتصف بالحقيقة ولا بالخلقية، فهي ذات محض لأنّها لا تضاف إلى مرتبة لا حقية ولا خلقية، فلا تقتضي لعدم الإضافة وصفا ولا اسما. وهذا معنى قوله عليه السلام: إنّ العمي ما فوقه هواء وما تحته هواء، يعني لا حقّ ولا خلق، فصار العمى مقابلا للأحدية. فكما أنّ الأحدية تضمحلّ فيها الأسماء والصفات ولا يكون لشيء فيها ظهور، كذلك العمي ليس لشيء من ذلك فيه مجال ولا ظهور. فالفرق بين العمى والأحدية أنّ الأحدية حكم الذات في الذات بمقتضى التعالي وهو الظهور الذاتي الأحدي، والعمى حكم الذات بمقتضى الإطلاق، فلا يفهم منه تعال ولا تدان وهو البطون الذاتي العمائي، فهي مقابلة للأحدية، تلك صرافة الذات بحكم التجلّي وهذه صرافة الذات بحكم الاستتار، فتعالى الله أن يستتر عن نفسه من تجلّ ويتجلّى لنفسه عن الاستتار، هو على ما يقتضيه ذاته من التجلّي والاستتار والبطون والظهور والشئون والنّسب والاعتبارات والإضافات والأسماء والصفات، لا يتغيّر ولا يتحوّل ولا يلتبس شيئا، بل حكم ذاته هو ما عليه منذ كان، ولا يكون إلّا على ما كان، لا تبديل لخلق الله أي لوصف الله الذي هو عليه، إنّما هو بحكم ما يتجلّى به علينا ويظهر به لنا وهو في نفسه على ما هو عليه من الأمر الذي كان له قبل تجليه علينا وظهوره لنا، وبعد ذلك فهو على ذلك الحكم. لا يقبل ذاته إلّا التجلّي الذي هو عليه، فليس له إلّا تجلّ واحد، وليس للتجلّي الواحد إلّا اسم واحد، وليس للاسم الواحد إلّا وصف واحد، وليس للجميع إلّا واحد غير متعدّد، فهو متجلّ لنفسه في الأزل بما هو متجلّ له في الأبد. وبالجملة فإنّ هذا التجلّي الذاتي الذي هو عليه جامع لأنواع التجلّيات البواقي لا يمنعه كونه في هذا التجلّي أن يتجلّى بتجلّ آخر. لكن حكم التجلّيات الأخر تحته كحكم الأنجم تحت الشمس موجودة معدومة، على أنّ نور الأنجم في نفسها من نور الشمس، وكذلك باقي التجلّيات الإلهية إنّما هي رشحة من سماء هذا التجلّي وقطرة من بحره.
ثم اعلم بعد أن أعلمناك أنّ العمى هو نفس الذات باعتبار الإطلاق في البطون والاستتار وأنّ الأحدية هي نفسه باعتبار التعالي في الظهور والتجلّي مع وجوب سقوط الاعتبارات فيها. وقولي باعتبار الظهور واعتبار الاستتار إنّما هو لإيصال المعنى إلى فهم السامع، لا أنّه من حكم العمى اعتبار البطون أو من حكم الأحدية اعتبار الظهور فافهم.
اعلم أنّ هذا التجلّي الواحد هو المستأثر الذي لا يتجلّى به لغيره، فليس للخلق فيه نصيب البتّة البتّة، لأنّ هذا التجلّي لا يقبل الاعتبار ولا الانقسام ولا الإضافة ولا الأوصاف ونحوها. ومتى كان لخلق فيه نسبة احتاجت إلى اعتبار أو نسبة أو وصف، وكلّ هذا ليس من حكم هذا التجلّي الذي هو عليه في ذاته من الأزل إلى الأبد، كذا في الانسان الكامل. ويقول في لطائف اللغات: العمى في اصطلاح الصّوفية عبارة عن مرتبة الأحدية، وبشكل آخر: بعض من مرتبة الواحدية..

العتاب

العتاب:
[في الانكليزية] Blame ،regret ،admonition
[ في الفرنسية] Blame ،regret ،admonestation

بالفارسية: (ملامت كردن) وعتاب المرء نفسه كقوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ الآيات.

وقوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي الآيات كذا في الاتقان.
العتاب
من أوضح ما جاء من العتاب في القرآن قوله تعالى يعاتب رسوله، وقد جاءه أحد المسلمين يسأله في أمور الدين، وكان الرسول ساعتئذ في حديث مع طائفة من المشركين، مؤملا أن يفضى به الحديث إلى إيمانهم، فلم يعن بأمر هذا المسلم السائل، بل أعرض عنه عابسا، فنزل قوله سبحانه: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (عبس 1 - 10). بدأ هذا العتاب متحدثا عن الغائب، وكأنه بذلك يريد أن يرسم الصورة لرسوله على لوحة يراها أمام عينيه على وجه غير وجهه، لتكون الصورة واضحة القسمات بيّنة المعالم، فالمرء لا يرى وجه نفسه، ثم اتجه العتاب إلى الخطاب في رفق قريب من العنف، مبينا ما لعله يرجى من الخير من هذا الأعمى السائل، ثم عقد موازنة بين من عنى به النبى ومن أعرض عنه، فهذا مستغن لا يعنيه أن يصغى إلى الدعوة، أو يطيعها، والآخر مقبل، تملأ قلبه الخشية، ويدفعه الإيمان، وقد سجل القرآن معاملة الرسول لهما، ولكن هذا العتاب يحمل في ثناياه عذر الرسول، فهو ما تصدى لمن استغنى إلا أملا في هدايته وإرشاده.
وقد يقسو القرآن في العتاب، بعد أن يكون قد استخدم الرفق واللين، وذلك في الأمور التى يترتب على التهاون فيها ما يؤدي بالدعوة، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التوبة 38، 39). ولعله بعد رفقه بهم، وبيانه لهم أن متاع الحياة الدنيا قليل، إذا قيس بمتاع الآخرة- رأى ألا يقف عند هذا الحد من الموازنة، بل مضى محذرا منذرا.
ومن العتاب القاسى- لأنه يمس أساسا من أسس نشر الدعوة لتأخذ طريقها إلى النصر والنجاح- قوله تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (الأنفال 67 - 68). أما إذا لم يتصل العتاب بمثل ذلك من مهمات الأمور فإن العتاب يرق ويلين كما ترى ذلك في قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (التوبة 43). وقوله سبحانه:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (التحريم 1).
فمعرفة الصادق والكاذب إذا كانت قد ضاعت في فرصة، فمن الممكن أن يتوصل إليها في فرصة أخرى، وتحريم النبى لما أحل الله له مسألة شخصية ليس لها من الأثر ما للجهاد من آثار.
العتاب: مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الموجدة.
العتاب: مَا يكون على صُدُور الْمَكْرُوه من الحبيب تأديبا ليَسْتَغْفِر عَنهُ وَيصير مورد المراحم بِخِلَاف الْعقَاب فَإِنَّهُ مَا يكون على صُدُور الْمَكْرُوه من الْعَدو تفضيحا وتأليما كالعذاب على الْكفَّار وخلودهم فِي النَّار فِي تِلْكَ الدَّار. وَبِعِبَارَة أُخْرَى العتاب تَأْدِيب الشَّفَقَة.

يعوق

(يعوق) اسْم صنم فِي الْجَاهِلِيَّة
[يعوق] نه: فيه ذكر "يعوق" وهو صنم لقوم نوح، وكذا يغوث - بغين معجمة.
باب يف
يعوق
يَعوق [مفرد]: اسم صنم كان يُعْبَدُ في الجاهليّة منذ عهد نوح عليه السلام " {وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} ". 

الجهاد

الجهاد
قوبل الدين الجديد بأعنف مظاهر المعارضة، واجتمع أعداؤه يريدون القضاء عليه، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يخنقوه في مهده، وأن يبيدوا فكرته ومبادئه، ولم يقفوا عند حد الجدل اللسانى، أو المعارضة القولية، بل تعدوا ذلك إلى أشد ألوان الإيذاء، فحملوا بقسوة على من اعتنق هذا الدين الجديد، حتى أصبح مقامهم في وطنهم عبئا لا يحتمل، وجحيما لا يطاق، ففروا بدينهم إلى المدينة، وضحوا في سبيل عقيدتهم بأموالهم. وأهليهم، فكان من الطبيعى أن يسمح لمعتنقى هذا الدين الذى اتخذ شعاره: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل 125). أن يعدوا العدة للدفاع عن أنفسهم، والدفاع عن عقيدتهم، حتى يتدبر الناس أمرها في حرية وأمن، ويتدبروا ما فيها من الحق والصواب، فيعتنقوها عن اقتناع، ويدخلوها مطمئنين، لا يخافون، وقد بين القرآن ذلك في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (الحج 39، 40). وإن أحق ما يعطاه المظلوم من الحقوق الدفاع عن النفس، ليعيش آمنا في سربه، مطمئنّا إلى حياته، لا يخشى أحدا على نفسه ولا عقيدته، والجهاد هو الذى يدفع شرّة العدو، ويحول بينه وبين الاعتداء والتعدى، فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (النساء 84).
وإذا كان للجهاد، هذا الأثر القوى في تأمين الجماعة الناشئة على نفسها وعقيدتها، فلا جرم كان له مكانه الممتاز بين مبادئ هذا الدين وقواعده، حتى إنه لينكر أن يسوى به غيره مما لا يبلغ قدره وقيمته، فيقول: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (التوبة 19 - 22).
ويقول: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (النساء 95).
أرأيت هذا التكرير وما يحمله من معانى التوكيد، مثبتا في النفس فضل الجهاد وقدره وقيمته.
والقرآن يعترف بأن الجهاد فريضة ثقيلة على النفوس، لا تتقبله في يسر، ولا تنقاد إليه في سهولة، فهو يعلم ما لغريزة حب الذات من أثر قوى في حياة الإنسان وتوجيه أفعاله، ولذلك تحدث في صراحة، مقررا موقف النفس الإنسانية، من تلك الفريضة الشاقة، التى يعرض المرء فيها حياته لخطر الموت، وقد طبعت النفوس على بغضه وكراهيته، فقال كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة 216). ويقرر في صراحة أن نفوس المسلمين قد رغبت في أن تظفر بتجارة المكيين الآئبة من الشام، والتى يستطيعون الاستيلاء عليها من غير أن يريقوا دماءهم في قتال مرير مع القرشيين، إذ يقول: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (الأنفال 7).
وإذا كانت النفس الإنسانية تجد الجهاد فريضة شاقة، فقد جمع القرآن حولها من المغريات ما يدفع إلى قبولها قبولا حسنا، بل إلى حبها والرغبة فيها.
وإذا كان أول ما يثنى المرء عن الجهاد هو حبه للحياة وبغضه للموت، فقد أكد القرآن مرارا أن هذا الذى يقتل في سبيل الله حىّ عند ربه يرزق، وإن كنا لا نشعر بحياته ولا نحس بها، فقال: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران 169 - 171). وإذا كان من يقتل في سبيل الله حيا يرزق، ويظفر بحياة سعيدة، فرحا بما أنعم الله به عليه، ولا يمسه خوف، ولا يدركه حزن، فلا معنى للإحجام عن الجهاد، حرصا على حياة لا تنقطع بالموت في ميدان القتال، ولا تنتهى بالاستشهاد، بل يستأنف صاحبها حياة أخرى آمنة، خالصة مما يشوب حياة الدنيا من القلق والمخاوف والأحزان.
ويمضى بعدئذ، غارسا في نفوسهم أن الموت قدر مقدور، لا يستطيع المرء تجنبه أو الهرب منه، فلا معنى إذا لتجنب الجهاد الذى لا يدنى الأجل، إذا كان في العمر فسحة، إذ الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف 34). فيقول: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (الأعراف 34). ويقول: يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ (آل عمران 154). ويرد على أولئك الذين يزعمون الجهاد مجلبة للموت ردّا رفيقا حازما في قوله: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (آل عمران 167، 168). وإذا كان المرء يموت عند انقضاء أجله، فلا معنى كذلك للفرار من ميدان القتال خوفا من الموت إذ لا
شىء يحول بينهم وبينه إن كان أجلهم قد دنا، قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (الأحزاب 16، 17).
وإذا كانت الدنيا زائلة لا محالة والموت قادما لا ريب فيه، وإذا كان الباقى الدائم هو الدار الآخرة والجهاد وسيلة من وسائل السعادة في هذه الدار- كان العاقل الحازم هو هذا الذى يقبل على الجهاد بنفس راضية، مؤثرا ما يبقى على ما يزول قال سبحانه: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء 74). ويرد على هؤلاء الذين اعترضوا على فرض القتال بقوله: وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء 77، 78).
ويثير فيهم النخوة الإنسانية، وشهامة الرجولة، حينما يمثل لهم واجبهم المقدس إزاء إنقاذ قوم ضعاف يسامون الذل، ويقاسون الظلم، على أيدى قرية ظالم أهلها، فلا يجدون ملجأ يتجهون إليه سوى الله، يرجونه ويطلبون نصرته، أليس هؤلاء الضعاف أجدر الناس بأن يهب من لديهم نخوة لإنقاذهم من أيدى ظالميهم؟ قال سبحانه: وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (النساء 75).
ويمثلهم وأعداءهم معسكرين، أحدهما ينصر الله، وثانيهما ينصر الشيطان، أحدهما يدافع عن الحق، وثانيهما يدافع عن الباطل والغواية، والدفاع عن الحق من عمل الإنسان الكامل، أما الباطل فلا يلبث أن ينهار في سرعة، لأنه هشّ ضعيف، الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (النساء 76).
أما جزاء الجهاد فقد أعد الله للمجاهد مغفرة منه ورحمة خيرا مما يتكالب الناس على جمعه في هذه الحياة، وهيأ له جنات تجرى من تحتها الأنهار، فقد عقد معه عقد بيع وشراء، يقاتل في سبيله، فيقتل ويقتل، وله في مقابل ذلك جنة الخلد، ذلك عهد قد أكد الله تحقيقه في قوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة 111). وأكّد القرآن هذا، وكرره في مواضع عدة، فقال مرة: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (آل عمران 195). وقال أخرى حاثا على الجهاد مغريا به: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (الصف 10 - 12).
ويشجعهم على تتبع أعدائهم بلا تباطؤ ولا وهن، مبينا لهم أن أعداءهم ليسوا بأسعد حالا منهم، فهم يتألمون مثلهم ثمّ هم يمتازون عليهم بأن لهم آمالا في الله، ورجاء في ثوابه وجنته، ما ليس لدى أعدائهم، ولذا كانوا أجدر منهم بالصبر، وأحق منهم بالإقدام، فيقول: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء 104).
تلك هى المغريات التى بثها القرآن هنا وهناك، يحث بها على الجهاد، ويوطن النفس على الرغبة فيه والإقبال عليه، وأنت تراها مغريات طبيعية تدفع النفس إلى الإقدام على مواطن الخطر غير هيابة ولا وجلة، مؤمنة بأنه لن يصيبها إلا ما كتب الله لها، فلا الخوف بمنجّ من الردى، ولا الإحجام بمؤخر للأجل، مؤملة خير الآمال في حياة سعيدة قادمة، لا يعكر صوفها خوف ولا حزن.
وإذا كان الله قد حث النفس الإنسانية على الجهاد، وحببه إليها، فقد حذرها من الفرار من ميدان القتال تحذيرا كله رهبة وخوف، وإن الفرار يوم الزحف لجدير أن يظفر بهذا التهديد، لأنه يوهن القوى، ويفت في العضد، ويسلم إلى الانحدار، والهزيمة، فلا غرابة أن نسمع هذا الزجر العنيف في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال 15، 16).
ويشير القرآن إلى أن الإعداد للحرب وسيلة من وسائل تجنّبها، وهو من أجل ذلك يحث على إعداد العدة واتخاذ الأهبة، حتى يرهب العدو ويحذر، فيكون ذلك مدعاة إلى العيش في أمن وسلام، ويدعو القرآن إلى البذل في سبيل هذا الإعداد، حتى ليتكفل بوفاء النفقة لمن أنفق من غير ظلم ولا إجحاف به، والقرآن بتقرير هذا المبدأ عليم بالنفس الإنسانية التى يردعها الخوف فيثنيها عن الاعتداء، قال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال 60).
وبهذه القوة التى أمرنا القرآن بإعدادها نرهب العدو، ونستطيع القضاء عليه، إذا هو حاول الهجوم، أو نقض عهدا كان قد أبرمه معنا، وبها نقلّم أظافره، فلا نغتر بما قد يبديه من خضوع، يخفى وراءه رغبة في الانقضاض إن واتته الفرصة، أو وجد عندنا غفلة، وبهذه القوة يشعر العدو بخشونة ملمسنا، وأننا لسنا لقمة سائغة الازدراء،
فالقتال مباح حتى يأمن سرب الجماعة، ويهدأ بالها، فلا تخشى هجوما ولا مباغتة، ولكن من غير أن تحملنا القوة على الزّهو فنعتدى، وبهذه القوة نقابل الاعتداء بمثله، من غير أن نظهر وهنا ولا استكانة يظنها العدو ضعفا، وبها نقضى على أسباب الفتنة، حتى تصبح حرّيّة العبادة مكفولة، وحرية العقيدة، موطدة الأركان، واستمع إلى هذه المبادئ القوية مصوغة في أسلوب قوى في قوله: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة 190 - 193).
وإِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (الأنفال 55 - 57)، وكَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة 7 - 15). يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة 123). فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (محمد 35).
ولم يدع القرآن بابا لتقوية الروح المعنوية لدى المسلمين إلا سلكه، ففضلا عن المغريات التى أسلفنا الحديث عنها، يؤكد لهم مرارا أن الله معهم، وأنه وعد من ينصره بالنصر المؤزر، ويطمئنهم بأنه يمدهم بالملائكة يساعدونهم ويشدون عضدهم، ويخبرهم بأنه ينزل السكينة على قلوبهم، والأمن على أفئدتهم، ويربط على قلوبهم ويثبت أقدامهم، وهو يعلم ما للإيمان الصادق، وما للروح المعنوية القوية من أثر بالغ في صدق الدفاع والنصر، ولهذا جعل المؤمن الصابر الصادق يساوى فى المعركة عشرة رجال، ثم رأى أن هذا الجندى المثالى قليل الوجود، فجعل المؤمن الواحد يساوى اثنين، فللقوة المعنوية أثرها الذى لا ينكر في ميدان القتال، واستمع إليه يقول: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 65).
ويقرر القرآن ما للرعب الذى يلقيه في قلوب أعدائهم من الأثر فيما يلحقهم من الهزائم، وفي كل ذلك تثبيت لقلوب المؤمنين، وتقوية لروحهم المعنوية.
هذا، ومن أهم ما عنى به القرآن وهو يصف القتال الناجح- وصفه المقاتلين يتقدمون إلى العدو في صفوف ملتحمة متجمعة، لا ثغرة للعدو ينفذ منها، ولا جبان بين الصفوف يتقدم في خوف ووهن، وذلك حين يقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 4). وفي كلمة البنيان والرصّ ما يصور لك صفوف المجاهدين يتقدمون في قوة وحزم، يملأ قلوبهم الإيمان، ويحدوهم اليقين.
كما عنى بالحديث عن الجند الخائن، وأن الخير في تطهير الجيش منهم، فهم آفة يبثون الضعف، ويبذرون بذور الوهن في النفس، ويقودون الجيش إلى الانهيار والهزيمة، وقد أطال القرآن في وصف هؤلاء الجند وتهديدهم وتحذير الرسول من صحبتهم، فقال مرة: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (النساء 72، 73). ويصفهم مهددا منذرا فى قوله: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (التوبة 81 - 87). ويبين أن الخير في عدم استصحابهم، فيقول: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (المائدة 47). وهذه النذر القوية تؤذن بما للجهاد من أثر في صيانة الدين، والتمكين له في الأرض.
الجهاد:
[في الانكليزية] Effort ،holywar ،struggle against the desires
[ في الفرنسية] Effort ،guerre sainte ،lutte contre les desirs
بالكسر في اللغة بذل ما في الوسع من القول والفعل كما قال ابن الأثير. وفي الشريعة قتال الكفار ونحوه من ضربهم ونهب أموالهم وهدم معابدهم وكسر أصنامهم وغيرها كذا في جامع الرموز. ومثله في فتح القدير حيث قال:
الجهاد غلب في عرف الشرع على جهاد الكفار وهو دعوتهم إلى الدين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا، وهو في اللغة أعمّ من هذا انتهى.
والسّير أشمل من الجهاد كما في البرجندي.
وعند الصوفية هو الجهاد الأصغر. والجهاد الأكبر عندهم هو المجاهدة مع النفس الأمّارة كذا في كشف اللغات.

ذلى

[ذلى] نه في ح فاطمة: ما هو إلا أن سمعت قائلًا: مات رسول الله "فاذلوليت" حتى رأيت وجهه، أي أسرعت، من اذلولي إذا أسرع مخافة أن يفوته شيء، وهو ثلاثي كررت عينه وزيدت الواو. باب الذال مع الميم
ذلى: مُهْمَلٌ عنده.
الخارزنجيُّ: ظَلَّ يَذْلي الرُّطَبَ: أي يَجْنِيْه فيَنْذَلي مَعَه انْذِلاءً كَيْفَ شاءَ. ويَذْلي الطَّعَامَ ذَلْياً: أي زَرِدَه، ويُهْمَزُ أيضاً.
وأرْضٌ مُنْذَــلِيَةٌ: قد أدْرَكَ رِعْيُها أقْصى مَدَاه، ومُتَذَلِّيَةٌ: مِثْلُه.
والمُذْلَوْلي: المُسْتَخْفي المُوَلِّي. واذْلَوْلى: مضى لوَجْهِه مُسْرِعاً.
واذْلَوْلَتِ الرِّيْحُ: مَرَّتْ مَرّاً سَهْلاً.
والاذْلِيْلاَءُ: الاسْتِرْخَاءُ.

ذل

ى1 ذَلَى الرُّطَبَ, like سَعَى, (K,) [i. e.,] aor. ـَ inf. n. ذَلْىٌ, (TA,) He gathered the fresh ripe dates: (K:) so in the copies of the K; in which is added, فَانْذَلَى مَعَهُ: but what we find in the Tekmileh is this: ظلّ يذلى الرطب اى يجنيه فينذلى معه: and يذلى is written as [the aor. of] a quadriliteral [i. e. as the aor. of اذلى, for it is without a sheddeh]: (TA:) [here, however, فينذلى is evidently, in my opinion, a mistranscription for فَيَتَدَلَّى; and the right reading and rendering I therefore hold to be as follows: الرُّطَبَ ↓ ظَلَّ يُذْلِى, or perhaps يَذْلَى, means He continued gathering the fresh ripe dates, they hanging down with him: for the gatherer laying hold upon the raceme, it hangs down with his weight. In the TK, this passage in the TA has been misunderstood and misrepresented, as though it meant that أَذْلَى مَعَهُ signifies “ he gathered with him. ”]4 أَذْاَلَ see the preceding paragraph.5 تذلّى i. q. تذلّل [He became lowly, humble, or submissive; or he lowered, humbled, or submitted, himself]: (T, K:) the latter verb is the original: the former being like تظنّى, originally تظنّن. (T.) [See also the next paragraph.]12 اِذْلَوْلَى, (T, S, M, K,) inf. n. اِذْلِيلَآءٌ, (S,) He went away hiding himself; stole away secretly. (T, S, M, K.) b2: He hastened, made haste, sped, or went quickly; (TA;) [like ادلولى;] and (TA) he did so in fear lest a thing should escape him. (T, TA.) And اذلولى فَذَهَبَ He went back, or away, running quickly. (T.) b3: He was, or became, easy, tractable, submissive, or manageable. (M, K.) [See also 5.] b4: He (a man) was, or became, broken-hearted. (T, K.) b5: It (the ذَكَر) stood in a lax state. (T, K.) ذَلَوْلًى, [in copies of the K ذَلَولَى,] applied to a man, i. q. مُذْلَوْلٍ [part. n. of 12, q. v.]: (K, TA: [in some copies of the K مَذْلُولٌ:]) of the measure فَعَوْعَلٌ; or, as some say, فَعَلْعَلٌ. (TA.) رِشَآءٌ مُذْلَوْلٍ [A well-rope] unsteady; or moving about, or to and fro, or from side to side. (T.)

الِاعْتِكَاف

(الِاعْتِكَاف) الْإِقَامَة فِي الْمَسْجِد على نِيَّة الْعِبَادَة
الِاعْتِكَاف: لبث مُسلم عَاقل يحل فِي الْمَسْجِد زَائِدا على الطُّمَأْنِينَة بِالنِّيَّةِ.
الِاعْتِكَاف: من العكوف وَهُوَ الْحَبْس وَالْإِقَامَة. وَشرعا هُوَ لبث فِي مَسْجِد مَعَ الصَّوْم وَالنِّيَّة. وَالْمعْنَى اللّغَوِيّ مَوْجُود فِيهِ مَعَ زِيَادَة. وَفِي كنز الدقائق سنّ لبث فِي مَسْجِد جمَاعَة بِصَوْم وَنِيَّة. وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه لَا يَصح إِلَّا فِي مَسْجِد يُصَلِّي فِيهِ الْخمس. وَعنهُ أَن الْوَاجِب لَا يجوز فِي غير مَسْجِد الْجَمَاعَة وَالنَّفْل فِيهِ يجوز فِيهِ. وَعنهُ أَن كل مَسْجِد بِهِ إِمَام ومؤذن مَعْلُوم وَيُصلي فِيهِ الْخمس بِالْجَمَاعَة فَإِنَّهُ يعْتَكف فِيهِ. وَأفضل مَا يكون فِي الْمَسْجِد الْحَرَام ثمَّ فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ فِي بَيت الْمُقَدّس ثمَّ فِي الْجَامِع ثمَّ فِي كل مَسْجِد أَهله أَكثر. قَالَ الشَّيْخ هُوَ سنة. وَقَالَ الْقَدُورِيّ مُسْتَحبّ. وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة وَالصَّحِيح أَنه سنة مُؤَكدَة. وَالصَّحِيح التَّفْصِيل فَإِن كَانَ منذورا تَعْلِيقا أَو تنحيزا فَوَاجِب. وَفِي الْعشْرَة الْأَوَاخِر من رَمَضَان سنة، وَفِي غَيره من الْأَزْمِنَة مُسْتَحبّ وَأَقل الِاعْتِكَاف النَّفْل سَاعَة فَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام.
وَأما شُرُوطه فالنية فَلَا يجوز بِلَا نِيَّة - وَمَسْجِد جمَاعَة - وَالصَّوْم وَهُوَ شَرط فِي الِاعْتِكَاف الْوَاجِب وَلَيْسَ بِشَرْط فِي التَّطَوُّع - وَالْإِسْلَام - وَالْعقل - وَالطَّهَارَة عَن الْجَنَابَة وَالْحيض وَالنّفاس - وَلَا يشْتَرط الْبلُوغ - والذكورة - وَالْحريَّة - وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن أقل الِاعْتِكَاف النَّفْل سَاعَة لما فِي التَّبْيِين وَلَيْسَ لأَقل الِاعْتِكَاف التَّطَوُّع تَقْدِير على الظَّاهِر حَتَّى لَو دخل الْمَسْجِد وَنوى الِاعْتِكَاف إِلَى أَن يخرج مِنْهُ صَحَّ وَله آدَاب - ومفسدات فِي كتب الْفِقْه. وَاعْلَم أَنه لَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف رَمَضَان أَو أعتكف هَذَا الشَّهْر مُشِيرا إِلَى رَمَضَان فصَام وَلم يعْتَكف لزمَه قَضَاء الِاعْتِكَاف شهرا مُتَتَابِعًا بِصَوْم مُبْتَدأ وَلَا يجوز أَن يَقْضِيه فِي رَمَضَان آخر مكتفيا بصومه خلافًا فالزفر رَحمَه الله وَالدَّلِيل فِي التَّلْوِيح.
وَاعْلَم أَنه رُوِيَ أَن بعض الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم كَانُوا يخرجُون من الْمَسْجِد حَالَة الِاعْتِكَاف ويباشرون مَعَ أهلهم ثمَّ يرجعُونَ إِلَيْهِ فَنزلت {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} - وَفِي الْكَشَّاف فِيهِ دَلِيل على أَن الِاعْتِكَاف لَا يكون إِلَّا فِي الْمَسْجِد تمّ كَلَامه - أَقُول كَيفَ جعل جَار الله عدم الدَّلِيل دَلِيلا لِأَن التَّخْصِيص يَجْعَل الْمَخْصُوص عَاما كَمَا تَقول لَا تصلوا وَأَنْتُم نائمون فِي الْمَسْجِد فَكيف يفهم مِنْهُ أَن النّوم لَا يكون إِلَّا فِيهِ. وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ رَحمَه الله فِيهِ دَلِيل على أَن الِاعْتِكَاف يكون فِي الْمَسْجِد بِدُونِ أَدَاة الْحصْر. فَإِن مَا أَرَادَ صَاحب الْكَشَّاف فَعَلَيهِ مَا عَلَيْهِ. وَإِن أَرَادَ نفس الْجَوَاز فِيهِ فَلَا حَاجَة إِلَّا الِاسْتِدْلَال لِأَن الْأُمَم كَافَّة لَا يخالفون لَهُ بل الْخلاف فِي أَن الِاعْتِكَاف هَل يشْتَرط لَهُ الْمَسْجِد أم يجوز فِي غَيره من الْأَمْكِنَة، وَقد تصدى الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين فِي حَاشِيَته على الْبَيْضَاوِيّ بجوابه بتكلف لَا يَسعهُ الْمَسَاجِد فَلِذَا تركتهَا على حَاله.

أنْ

أنْ: يقال أن بدلا من إلى أن (المقدمة 2: 380 مع تعليق دى سلان).
وانظر ما كتبه فليشر في تعليقه على المقري (2: 485، وبريشت 71) لمعرفة استعمال أن قبل الفعل الماضي في جملة مثل: أمره أن نادى في الناس، ورأى أن كتب
أنْ المَفْتُوحَةُ تكونُ اسْماً وحَرْفاً، والاسمُ نَوْعانِ: ضَميرُ مُتَكَلِّم في قَوْلِ بَعْضِهِم: أنْ فَعَلْتُ، بسكونِ النونِ، والأكْثَرونَ على فَتْحِها وَصْلاً، والإِتْيانِ بالألِفِ وقْفاً. وضَميرُ مُخَاطَبٍ في قَوْلِكَ: أنْتَ أنْتِ أنْتُمَا أنْتُمْ أنْتُنَّ. الجُمْهورُ أنَّ الضَّميرَ هو أن، والتاءُ حَرْفُ خِطابٍ.
والحَرْفُ أرْبَعَةُ أنْواعٍ: يكونُ حَرْفاً مَصْدَرِيًّا ناصِباً للمُضارِعِ، وَيَقَعُ في مَوْضِعَيْنِ: في الابْتِداءِ، فيكونُ في مَوْضِعِ رَفْعٍ، نَحْو: {وأنْ تَصوموا خَيْرٌ لَكُمْ} ، ويَقَعُ بعدَ لَفْظٍ دالٍّ على مَعْنًى غيرِ اليَقينِ، فيكونُ في مَوْضِعِ رَفْعٍ: {ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} ، ونَصْبٍ {وما كان هذا القُرْآُن أنْ يُفْتَرَى} ، وخَفْضٍ: {من قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ أحَدَكُمُ المَوْتُ} ، وقد يُجْزَمُ، بها كقولِهِ:
إذا ما غَدَوْنا، قال وِلْدانُ أهْلِنا: ... تعالَوْا إلى أن يأتِنا الصَّيْدُ نَحْطِب
وقد يُرْفَعُ الفِعلُ بعدَها، كقراءَةِ ابنِ مُحَيْصِنٍ: {لِمَنْ أرادَ أن يُتِمُّ الرَّضاعَةَ} ، وتكونُ مُخَفَّفَةً من الثَّقيلةِ: {عَلِمَ أنْ سَيكونُ} ، ومُفَسِّرةً بمنزِلة أي: {فأَوْحَيْنا إليه أنِ اصْنَعِ الفُلْكَ} ، وتكونُ زائدةً للتوكيدِ، وتكونُ شَرْطيَّةً كالمكسورةِ، وتكونُ للنَّفْي كالمكسورةِ، وبمعنى إذ، قيلَ: ومنه {بَلْ عَجِبُوا أنْ جاءَهُم مُنْذِــرٌ منهم} ، وبمعنى لِئَلاَّ، قيلَ: ومنه: {يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أن تَضِلُّوا} ، والصَّوابُ أنها هنا مَصْدرِيَّةٌ، والأصلُ كَراهةَ أن تَضِلُّوا.

العُجْمُ

العُجْمُ، بالضم وبالتَّحْريكِ: خِلافُ العَرَبِ. رَجُلٌ وقَوْمٌ أعْجَمُ.
والأَعْجَمُ: مَنْ لا يُفْصِحُ،
كالأَعْجَمِيِّ، والأَخْرَسُ، وزِيادٌ الشاعِرُ، والمَوْجُ لا يَتَنَفَّسُ، فلا يَنْضَحُ ماءً، ولا يُسْمَعُ له صَوْتٌ.
والعَجَمِيُّ: مَنْ جِنْسُهُ العَجَمُ وإنْ أفْصَحَ
ج: عَجَمٌ، وبسكونِ الجيمِ: العاقِلُ المُمَيِّزُ.
وأعْجَمَ فُلانٌ الكَلامَ: ذَهَبَ به إلى العُجْمَةِ،
وـ الكِتابَ: نَقَطَهُ،
كعَجَمَهُ وعَجَّمَهُ. وقَوْلُ الجوهَرِيِّ: لا تَقُلْ عَجَمْتُ وَهَمٌ.
واسْتَعْجَمَ: سَكَتَ،
وـ القِراءةَ: لم يَقْدِر عليها لِغَلَبَةِ النُّعاسِ.
والعَجْمُ: أصْلُ الذَّنَبِ، ويُضَمُّ، وصِغَارُ الإِبِلِ، للذَّكَرِ والأُنْثَى
ج: عُجومٌ، وبالتحريكِ وكغُرابٍ: نَوى كُلِّ شيء.
وعَجَمَه عَجْماً وعُجُوماً: عَضَّهُ، أو لاكَه للأَكْلِ أو لِلْخِبْرَةِ،
وـ فلاناً: رازَهُ،
وـ السَّيْفَ: هَزَّهُ تَجْرِبَةً.
والعُجمةُ، بالضم والكسر: ما تَعَقَّدَ من الرَّمْلِ، أو كَثْرَةُ الرَّمْلِ.
وبابٌ مُعْجَمٌ، كمُكْرَمٍ: مُقْفَلٌ.
والعَجْماء: البَهِيمَةُ، والرَّمْلَةُ لا شَجَر بها، ووادٍ باليَمامَةِ. وكشَدَّادٍ: الخُفَّاش الضَّخْمُ، والوَطواطُ.
والعَواجِمُ: الأَسْنانُ.
ورجلٌ صُلْبُ المَعْجَمِ، كمَقْعَدٍ، أي: عزيزُ النَّفْسِ.
وناقةٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ: قُوَّةٍ وسِمَنٍ وبَقِيَّةٍ على السَّيْرِ.
وحُروفُ المُعْجَمِ، أي: الإِعْجَامِ، مَصْدَرٌ كالمُدْخَلِ، أي: من شأنِهِ أن يُعْجَمَ.
وصلاةُ النَّهَارِ عَجْماءُ: لأنه لا يُجْهَرُ فيها.
والعَجْمَةُ: النَّخْلَةُ تَنْبُتُ من النَّواةِ، والصَّخْرَةُ الصُّلْبَةُ ج: عَجَماتٌ.
والعَجُومةُ: الناقةُ القَوِيَّةُ على السَّفرِ،
كالعَجَمْجَمَةِ.
وبنو الأَعْجَمِ: بطْنانِ من العربِ.
والمَعْجُومُ: سَيْفُ الجارودِ بِشْرِ بنِ المُعَلَّى.
وما عَجَمَتْكَ عَيْني مُنْذُ كذا: ما أخَذَتْكَ.
وجَعَلْتَ عَيْني تَعْجُمُه: كأَنَّها تَعْرِفُهُ.
والثَّوْرُ يَعْجُمُ قَرْنَهُ: إذا ضَرَبَ به الشَّجرَةَ يَبْلُوهُ.
وذاتُ العَجْم: فَرَسُ حَنْظَلَةَ بنِ أوْسٍ السَّعْدِيِّ. وأبو العَجْماء الشيْبانِيُّ: تابِعِيٌّ.
وفي الحديث: "نهانا أن نَعْجُمَ النَّوَى"، أي: إذا طُبخَ التَّمْرُ للدِبْسِ، يُطْبَخُ عَفْواً بِحَيْثُ لا يَبْلُغُ الطَّبْخُ النَّوى، فيُفْسِدُ طَعْمَ الحلاوةِ، أو لأنه قوتٌ للدواجِنِ، فلا يُنْضَجُ لِئَلاَّ يَذْهَبَ طَعْمُهُ.

العَذُوفُ

العَذُوفُ: العَدوفُ في لُغاتِهِ، والذالُ لُغَةُ رَبيعةَ، وبالمهملةِ لِسائِرِ العَرَبِ.
وعَذَفَ يَعْذِفُ: أكَلَ.
وسَمٌّ عُذافٌ، كغُرابٍ: قاتِلٌ.
وما زِلْتُ عاذِفاً مُنْذُ اليومِ: لم أذُقْ شيئاً.

نَرْسُ

نَرْسُ: ة بالعراق منها الثِّيابُ النَّرْسِيَّةُ، وسَمَّوْا: نارِسَةَ.
والنِّرْسِيَانُ، بالكسر: من أجْوَدِ التَّمْرِ، الواحِدَةُ: بهاءٍ.
نَرْسُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره سين مهملة: وهو نهر حفره نرسى بن بهرام بن بهرام بن بهرام بنواحي الكوفة مأخذه من الفرات عليه عدة قرى قد نسب إليه قوم والثياب النرسية منه، وقيل:
نرس قرية كان ينزلها الضّحاك بيوراسب ببابل وهذا النهر منسوب إليها ويسمّى بها، وممن ينسب إليها أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي المعروف بأبيّ، سمع الشريف أبا عبد الله عبد الرحمن الحسني ومحمد ابن إسحاق بن فرويه، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي وهو من شيوخه، ومما رواه عنه نصر بن محمد بن الجاز عن محمد بن أحمد التميمي أنبأنا أحمد بن علي الذهبي أن الــمنذر بن محمد أنشده لعبيد الله بن يحيى الجعفي قال:
يا ضاحك السنّ ما أولاك بالحزن ... وبالفعال الذي يجزى به الحسن
أما ترى النقص في سمع وفي بصر، ... ونكبة بعد أخرى من يد الزمن
وناعيا لأخ قد كنت تألفه ... قد كان منك مكان الروح في البدن
أخنت عليه يد للموت مجهزة، ... لم يثنها سكن مذ كان عن سكن
فغادرته صريعا في أحبّته، ... يدعى له بحنوط التّرب والكفن
كأنه حين يبكي في قرائبه ... وفي ذوي ودّه الأدنين لم يكن
من ذا الذي بان عن إلف وفارقه ... ولم يحل بعده غدرا ولم يخن؟
ما للمقيم صديق في ثرى جدث، ... ولا رأينا حزينا مات من حزن
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي الفضل بن ناصر:
وكان أبيّ شيخا ثقة مأمونا فهما للحديث عارفا بما يحدث كثير التلاوة للقرآن بالليل، سمع من مشايخ الكوفة وهو كبير بنفسه وكتب من الحديث شيئا كثيرا ودخل بغداد سنة 445 فسمع بها من شيوخ الوقت وسافر إلى الحجاز والشام وسمع بها الحديث أيضا وكان يجيء إلى بغداد منذ سنة 478 كل سنة في رجب فيقيم بها شهر رمضان ويسمع فيه الحديث وينسخ للناس بالأجرة ويستعين بها على الوقت، وكان ذا عيال، وكان مولده على ما أخبرنا به في شهر شوال سنة 424، وأول ما سمع الحديث في سنة 42 من الشريف أبي عبد الله العلوي بالكوفة، وبلغ من العمر ستّا وثمانين سنة ومتعه الله بجوارحه إلى حين مماته، قال: وسمعت أبا عامر العبدري يقول: قدم علينا أبيّ في بعض قدماته فقرئ عليه جزء من حديثه ولم يكن أصله معه حاضرا وكان في آخره حديث فقال: ليس هذا الحديث في أصلي فلا تسمعوا عليّ الجزء، ثم ذهب إلى الكوفة فأرسل بأصله إلى بغداد، فلم يكن الحديث فيه على كثرة ما كان عنده من الحديث، وكان أبو عامر يقول: بأبيّ يختم هذا الشأن.

اليَسْتَعُورُ

اليَسْتَعُورُ: ع، والباطلُ، والكِساءُ يُجْعَلُ على عَجُزِ البَعيرِ، وشَجَرٌ مَساوِيكُهُ غايَةٌ جَوْدَةً.
اليَسْتَعُورُ:
قال العمراني: موضع، وقال أبو عبيدة في قول عروة بن الورد:
أطعت الآمرين بصرم سلمى، ... فطاروا في بلاد اليستعور
موضع قبل حرّة المدينة فيه عضاه وسمر وطلح، كان عروة قد سبى امرأة من بني كنانة ثم تزوّجها وأقامت عنده وولدت له ثم التمست منه أن يحجّ بها فلما حصلت بين قومها قالت: اشترون منه فإنه يرى أني لا أختار عليه أحدا، فسقوه الخمر ثم ساوموه فيها فقال: إن اختارتكم فقد بعتها منكم، فلما خيروها قالت: أما إني لا أعلم امرأة ألقت سترها على خير منك أغنى غناء وأقلّ فحشا وأحمى لحقيقة، ولقد ولدت منك ما علمت وما مرّ عليّ يوم منذ كنت عندك إلا والموت أحبّ إليّ من الحياة فيه، إني لم أكن أشاء أن أسمع امرأة تقول قالت أمة عروة الا سمعته، لا والله لا أنظر إلى وجه امرأة سمعت ذلك منها أبدا، فارجع راشدا وأحسن إلى ولدك، فقال عروة:
سقوني الخمر ثم تكنّفوني ... عداة الله من كذب وزور
وقالوا: لست بعد فداء سلمى ... بمفن ما لديك ولا فقير
أطعت الآمرين بصرم سلمى، ... فطاروا في بلاد اليستعور
ويروى: في عضاه اليستعور، فقالوا: وعضاه اليستعور جبال لا يكاد يدخلها أحد إلا رجع من خوفها.

حنان

بَاب الحنان والشفقة

رقتك ورحمتك ورأفتك وتحننك وإحسانك وإشفاقك وحدبك وحنوك وعطفك وترهيفك ورفرفتك ورفقك ومنك ولطفك وصفحك 
ح ن ن [حنانا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا .
قال: رحمة من عندنا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض 

أحمدنكر

الأحمد: قد ذكر فِي أول الْكتاب تيمنا وتبركا، قيل إِن عَلَاء الدّين سُلْطَان دلهي كتب إِلَى السُّلْطَان أَحْمد سُلْطَان الكجرات يَقُول:
(أَنا الْعَلَاء وعَلى حرف جر ... فَهَل يُمكن أَن يجر عَليّ)
لما وصل الْمَكْتُوب إِلَى السُّلْطَان أَحْمد كتب فِي الْجَواب:
(اسْم أَحْمد مَمْنُوع من الصّرْف ... وَلَيْسَ مُمكنا أَن يجر عَليّ)
أَحْمد نكر بَلْدَة طيبَة فِي (الدكن) من مضافات (اورنك) عامرة الْبُنيان حفظهما الله تَعَالَى عَن الْآفَات وَالشَّر وعمرهما مدى الْأَيَّام والشهور، وَبِمَا أَن الْبَلدة الْمَذْكُورَة هِيَ مَوضِع ولادَة العَبْد الْفَقِير، وَبِمَا أنني فِي قَضَائهَا وعشت فِيهَا مُدَّة الْعُمر فِي رخاء وَيسر ونشأة وترعرعت فِيهَا فَكَانَ من حَقّهَا عَليّ أَن أسرد بَعْضًا أَو نفحات من تاريخها الَّذِي استنبطه أَو وصل لي من خلال الرِّوَايَات المتواترة المحققة.
هَذِه الْبَلدة بناها أَحْمد نظام شاه البحري عَلَيْهِ شآبيب سَحَاب الرَّحْمَة والغفران وَأحمد نظام شاه البحري هُوَ ابْن ملك نَائِب بحري، وَهُوَ من أَوْلَاد برهمنان بيجانكر واسْمه الْأَصْلِيّ تيمابهت وَاسم وَالِده بهريون، زمن سُلْطَان أَحْمد شاه بهمني من أَوْلَاد بهمن بن اسفنديار الَّذِي كَانَ يحكم منْطقَة (مُحَمَّد آباد بيدر) وَقع أَسِيرًا أَيَّام ملك بيجانكر وَعرف بِملك حسن وَدخل فِي سلك غلْمَان المملكة، وعندما رأى السُّلْطَان أَحْمد مَا لَدَى ملك حسن من علم وَمَعْرِفَة واطلاع وعقل ورأي أهداه إِلَى وَلَده الْأَكْبَر مُحَمَّد شاه بهمني وأرسله إِلَى الْكتاب لتعلم الْخط والعلوم الفارسية الَّتِي برع فِيهَا ملك حسن بِسُرْعَة وَفِي مُدَّة قَصِيرَة واشتهر بعْدهَا ب (ملك حسن بهريور) فأغدق عَلَيْهِ العطايا والمراكز الْعَالِيَة والممتازة وَتَوَلَّى قيادة الحرس الْخَاص للقصر واصطفاه وقربه مِنْهُ واستبدل كلمة (بهريور) بِكَلِمَة (بحري) وخلع عَلَيْهِ لقب (نظام أشرف هايون الْملك بحري) بِمُوجب فرمان همايوني شرِيف مِمَّا عَاد على أَوْلَاده بالشرف الرفيع وعلو الْقيمَة وَالْقدر، وَبعد وَفَاة أَحْمد شاه بهمني، تحول الْملك إِلَى أكبر أَوْلَاده مُحَمَّد شاه بهمني، فَأصْبح (أشرف همايون نظام الْملك بحري) وَكيلا للسلطنة بِنَاء لوَصِيَّة أَحْمد شاه بهمني، فعين وَلَده (ملك أَحْمد) قائدا للجيش وأقطعه (ويركنات) مِمَّا يَلِي قلعة (دولت آباد) وفوضه أمرهَا.
ووصلت سلطة ملك أَحْمد إِلَى حُدُود (جنير) واهتم بإدارتها وضبطها غير أَن قلعة (سنير) الْوَاقِعَة على بعد ميل من (جنير) لجِهَة الغرب وقلعة (جوند) و (هرسل) وَغَيرهَا من القلاع وَالَّتِي كَانَت أَيَّام سُلْطَان أَحْمد شاه بهمني تَحت سيطرة (مرهته هاي) ، لم تدخل تَحت نُفُوذه على الرغم من الفرمانات والقرارات الَّتِي اصدرها وَكيل السلطنة وَالَّتِي تقضي بِوُجُوب تَسْلِيم القلاع إِلَى ملك أَحْمد، لَكِن (مرهته هاي) اعتذر عَن ذَلِك مَا دَامَ مُحَمَّد شاه بهمني لم يبلغ سنّ الرشد والتمييز وَيُصْبِح صاحبا لملكه وقادرا على ادارته، عِنْد ذَلِك يُطِيع الْأَوَامِر وَيسلم القلاع. غير أَن ملك أَحْمد كَانَ صَاحب قَرَار وعزم فقرر الِاسْتِيلَاء على قلعة (سنير) فَعمد إِلَى محاصرتها لمُدَّة سِتَّة أشهر بعْدهَا خرج آمُر القلعة وَسلم مَفَاتِيح القلعة إِلَى ملك أَحْمد، فاستولى على جَمِيع الْأَمْوَال والأشياء الَّتِي كَانَت تحويها القلعة وَالَّتِي كَانَت كَثِيرَة وَلَا تحصى وافتخر بذلك أَيّمَا افتخار وطارت أخباره بذلك، مِمَّا دفع القلاع الْأُخْرَى (جوند) و (هرسل) و (جيودهن) وَغَيرهَا إِلَى التَّسْلِيم لَهُ قهرا فسيطر بذلك على ملك (كوكن) وَعَن قلعة (سنير) يَقُول مُحَمَّد قَاسم فرشته واصفا، أَنَّهَا تقع على رَأس قمة جبل شَاهِق تعانق السَّحَاب وَلَا يصلها النسْر فِي تحليقه.
وَقد زار الْكَاتِب قلعة ((سنير)) فِي الفترة الَّتِي كَانَ حَاكما عَلَيْهَا ابْن عبد الْعَزِيز الَّذِي كَانَ يتحلى بِصِفَات الشجَاعَة وَالْكَرم وَالْوَفَاء. وَالَّذِي أصبح قائدا لقلعة ((سنير)) بعد وَفَاة مَحْمُود عَالم خَان، وَفِي عهد مُحَمَّد فرخ سير قَائِد دلهي عقد اتِّفَاق بَينه وَبَين أَمِير الْأُمَرَاء سيد حُسَيْن عَليّ خَان المشرف على (دكن) بعد تدخل من سنكراجي ملها رزناردار 1129 وَكَانَ من شُرُوطه عدم الانقلاب والثورة على الْملك وَعدم التَّعَرُّض إِلَى سبل النَّقْل (الطّرق) والاحتفاظ بِخَمْسَة عشر ألف رَاكب تَحت إمرة المسؤول عَن (الدكن) وَأسْندَ إِلَيْهِ أَو جوتهه وسرد بسمكى النواحي السِّتَّة من (الدكن) وَتفرد غنيم بِملك (كوكن) وَمَا حولهَا من الْمَوَاشِي والأبقار وقصبات وأمصار وبلاد وبقاع. وَأصْبح كَذَلِك مسيطرا على ملك كجرات ومالوة وفنديس وَمَا وَرَاء الدكن وأغلب أَرَاضِي الْهِنْد والبنغال. وبسبب ضعف جيوش الْإِسْلَام بلغ الْأَمر إِزَالَة الشعارات والعلامات الإسلامية من الْقرى والامصار الَّتِي سيطر عَلَيْهَا وهدمت الْمَسَاجِد وَمنع ذبح الأبقار. وَبلغ الْأَمر أَنهم قطعُوا أَيدي القصابين فِي بَلْدَة برهَان بوركو وأخرجوهم مِنْهَا ... وَبعد انتصار غنيم حاصر قلعة ((سنير)) الَّتِي كَانَت لمحمود عَالم خَان الَّذِي رأى أَن الْأَصْحَاب والأتباع وَمن يُؤَيّد مُحَمَّد حُسَيْن نويته الَّذِي كَانَ صَاحب الرَّأْي لَدَى مَحْمُود عَالم خَان قد تفَرقُوا بعد أَن وصلوا إِلَى الْهَلَاك وَلم تصلهم امدادات جيوش الْإِسْلَام قرر وبشكل مزاجي أَن يفضل الْحَيَاة الدُّنْيَوِيَّة على الشَّهَادَة والحياة الأبدية فَاخْتَارَ مَا يلطخ الجبين إِلَى الْأَبَد فقرر فِي السَّادِس عشر من شهر جُمَادَى الأولى سنة 1170 تَسْلِيم القلعة إِلَى غنيم فَخرجت السيطرة عَن القلعة بذلك من يَد الْمُسلمين وَمَات بعْدهَا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون.
وصلنا إِلَى أصل الْمَوْضُوع ذَلِك أَن أشرف همايون نظام الْملك بحري قد توفّي فتسمى ابْنه الْملك أَحْمد بِأَحْمَد نظام الْملك شاه بحري وَبسط لِوَاء سلطته، وعندما وصل هَذَا الْخَبَر إِلَى مسامع السُّلْطَان مُحَمَّد شاه بهمني وَجه إِلَيْهِ جَيْشًا جرارا بقيادة جهانكير خَان، الَّذِي وصل إِلَى قَصَبَة (بهنكار) عابرا من ((تلِي كانون)) فَتوجه أَحْمد نظام الْملك شاه بحري من قَصَبَة (جيور) إِلَى ملاقاته، فَنزل الجيشان تفصل بَينهمَا مَسَافَة سِتَّة فراسخ لمُدَّة شهر تَقْرِيبًا، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء علم جهانكير خَان أَن جَيش أَحْمد نظام شاه بحري لَا يملك التنظيم وَلَيْسَ لَهُ قدرَة على المواجهة، وَكَانَت الْأَيَّام تِلْكَ مُنَاسبَة لإِقَامَة الملذات ومجالس الطَّرب وَالشرَاب فَعمد إِلَى إِقَامَتهَا. وصلت أَخْبَار هَذِه الْمجَالِس الَّتِي يقيمها جهانكير خَان إِلَى مسامع أَحْمد نظام شاه بحري الَّذِي اغتنم الفرصة وتحرك بجيشه الَّذِي يَقُودهُ أعظم خَان لَيْلَة الثَّالِث من رَجَب المرجب سنة 895 عبر جبال قَصَبَة (جيور) فوصل مَعَ الصُّبْح إِلَى قَصَبَة (بهنكار) وَنزل كالصواعق على جَيش جهانكير خَان فَقَتلهُمْ وَأسر من بَقِي مِنْهُم فأركبهم أَحْمد نظام شاه بحري على ظُهُور الأبقار وأطلقهم وسط عسكره مشهرا بهم، وَأعْطى الْأمان لمن بَقِي بِالْقربِ من (مُحَمَّد آباد بيدر) ، وَأما الْمَكَان الَّذِي جرت فِيهِ المعركة وَفتح الله لَهُ فِيهَا فقد أَقَامَ حديقة وسماها حديقة نظام وَلذَلِك فَإِن هَذِه المعركة عرفت بمعركة (الحديقة) . وحول هَذِه الحديقة زرعت الغابات والأزهار وبنيت العمارات الشاهقة وَسميت ((نكينه مَحل)) و ((سون مَحل)) وجر إِلَيْهَا نَهرا من السوَاد فِي محلّة (كافور باري) تنبع من بِئْر مَشْهُور باسم (ناكابائين) وَمَعَ الْوَقْت أَصبَحت هَذِه الحديقة تعرف ((بروضة الرضْوَان)) .
بعد ذَلِك وَمن بَاب الشُّكْر لله على فتح قَصَبَة (جيور) وَمَعَهَا قَرْيَة (إِمَام بور) عمد أَحْمد نظام الشاه بحري إِلَى جعل هَذِه النَّاحِيَة وَقفا على الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاء، وغادر بعْدهَا منصورا مظفرا إِلَى (بجنير) . ثمَّ أَزَال اسْم السُّلْطَان مَحْمُود شاه بهمن من الْخطْبَة بعد أَن أَشَارَ عَلَيْهِ بذلك يُوسُف عَادل خَان واستبدله باسمه وَركب جملا أَبيض وَهَذَا الرَّسْم كَانَ من خصوصيات سُلْطَان دلهي وكجرات، بعد ذَلِك راوده حلم السيطرة على قلعة (دولت آباد) ، وأرقه وجود أَفْوَاج السلاطين فِي (بيجابور) و (حيدر آباد) و (بيدر) فَخرج من (جنير) لمواجهتهم ولصعوبة هَذِه المهمة ومقتضيات الْأُمُور عمد إِلَى بِنَاء مَدِينَة فِي الْوسط مَا بَين (دولت آباد) و (جنير) وسماها (دَار السلطنة) والعاصمة وَذَلِكَ فِي شهور سنة (900) فِي الْمُقَابل من (حديقة نظام) إِلَى الْجَانِب الغربي على نهر (السِّين) . وَكَانَ يُرِيد أَن يُطلق عَلَيْهَا اسْم (أَحْمد آباد) وَلكنه بعد أَن علم أَن عَاصِمَة ملك كجرات سُلْطَان أَحْمد شاه كجرات كَائِن على هَذَا الِاسْم نَفسه، وَهِي مستمدة من اسْمه وَهُوَ اسْم يُوَافق اسْم وزيره الْقَدِير وقاضيه الْعَادِل، فَعدل عَن ذَلِك، إِلَى اسْم (أَحْمد نكر) الَّذِي يتوافق مَعَ اسْمه وَالِاسْم الْأَصْلِيّ لنصير الْملك ووزير الممالك وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر، وأصدر أوامره إِلَى جَمِيع الْأُمَرَاء وَالْأَصْحَاب والقادة الْكِبَار وَأَصْحَاب الخدمات بِبِنَاء العمائر الْكَبِيرَة والضخمة، فبنوها على النمط الْمصْرِيّ والبغدادي وارفقوها بالعديد من الْمَسَاجِد والحمامات وجروا إِلَيْهَا عدَّة أنهر وزرعوا عدَّة حدائق جميلَة ورائعة تخلب الأنظار والقلوب مَعًا فَأَصْبَحت (أَحْمد نكر) خضراء أَكثر وَأفضل من (كشمير) وهواها ألطف وأرق من سَائِر الْبِلَاد.
وَبعد وَفَاة ملك أشرف صَاحب قلعة (دولت آباد) ضم أَحْمد نظام شاه بحري هَذِه القلعة إِلَى سلطته فَبنى مَا تهدم مِنْهَا وترفق بِالنَّاسِ ثمَّ قفل إِلَى مَدِينَة (أَحْمد نكر) منصورا مظفرا. فِي هَذِه الفترة مَاتَ وزيره نصير الْملك كجراتي فعين مَكَانَهُ كَمَال خَان دكهني، بعْدهَا مرض أَحْمد نظام شاه بحري وَاسْتمرّ مَرضه مُدَّة ثَلَاثَة أشهر، فَجمع أَرْكَان دولته إِلَيْهِ وأعلن ابْنه الْأَمِير وليا لعهده الْبَالِغ من الْعُمر سبع سنوات. حكم أَحْمد نظام شاه مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة وَتُوفِّي سنة (904) . فارتعدت السَّمَاء وَالْأَرْض عِنْد مَوته وَحمل نعشه الطَّاهِر السَّادة والفضلاء والأمراء بِجلَال ووقار السلطنة إِلَى الْقرب من نهر (السِّين) حَيْثُ دفن هُنَاكَ:
(أَيهَا الْمَوْت لقد دمرت آلَاف الْبيُوت ... وخطفت الْأَرْوَاح من عَالم الْوُجُود)
(وكل درة نفيسة أَتَت إِلَى هَذِه الدُّنْيَا ... أَخَذتهَا ووضعتها تَحت التُّرَاب)
بني على قبر أَحْمد نظام شاه بحري قبَّة عالية وأحيط بسور كَبِير ووسيع أطلق عَلَيْهِ اسْم (حديقة الرَّوْضَة) وَفِي دَاخل هَذَا السُّور هُنَاكَ قُبُور عديدة وعدة قبب صَغِيرَة، أما الأَرْض خَارج السُّور فَهِيَ مليئة بالقبور لمساحة رمية سَهْمَيْنِ أَو أَكثر لجِهَة الْجنُوب حَتَّى يُمكن القَوْل أَن لَيْسَ فِيهَا وجبا وَاحِدًا خَالِيا من قبر.
لقد تحولت هَذِه الْمقْبرَة إِلَى مقصد للْعُلَمَاء لطلاب الْعلم الَّذين يَجْلِسُونَ تَحت قبَّة قبر أَحْمد نظام شاه بحري إِلَى الْمِحْرَاب الْوَاقِع لجِهَة الشمَال حَيْثُ يعقدون الحلقات، وأبرز هَؤُلَاءِ الْعلمَاء المرحوم مير عنايت الله ولد مير طَاهِر جنيري الَّذِي قبل الانتساب إِلَى بيُوت الْفقر من أجل تَحْصِيل الْعلم فَقضى مُعظم أوقاته فِي تِلْكَ الْمقْبرَة.
وَلَقَد اسميت هَذَا الْمُحب السعيد بالشهيد لِأَنَّهُ فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك من هَذِه السّنة جَاءَ إِلَى منزلي وَقَالَ إِنَّه إِذا ربح بطيخة فَأولى لَهُ أَن يربح أَو يكْسب الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فَقبلت مَعَه فَقضيت مَعَه شهر رَمَضَان فِي تكْرَار درس ((شرح الْوِقَايَة)) بحاشية ((الْجبلي)) فِي ذَلِك الْمِحْرَاب.
وَكنت فِي بعض الأحيان اذْهَبْ إِلَى ((حديقة الرَّوْضَة)) لزيارة الْقُبُور وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة على العظماء المدفونين فِيهَا وأجلس إِلَى قبر حَافظ مُحَمَّد عبد الله التلميذ النجيب لوالد المرحوم المدفونين دَاخل سور الحديقة. الَّذِي كَانَ لَهُ الِاطِّلَاع الْوَاسِع والمعرفة الْحجَّة والبصيرة الواسعة والفكر الصائب، وَقَالَ كلَاما مجيدا وَوَجهه إِلَى الْمُلُوك الْمُخْتَلِفين وَكَانَ لَهُ اطلَاع وَاسع على علم الْقِرَاءَة وصنف رِسَالَة فِي التجويد شعرًا ونثرا. وَقد اسْتَفَدْت مِنْهُ فِي دراسة ((شرح الملا)) وَبَعض أَبْوَاب ((كنز الْفَوَائِد)) اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وَأَنت الْغفار الرَّحِيم.
وَظهر يَوْم الْأَحَد من سنة 1164 اسْتشْهد محبي لله مير عنايت الله فِي المعركة الَّتِي نشبت بَين هدايت محيي الدّين خَان ((وفاغنة)) والقصة أَن مكمل خَان انفق جهدا كَبِيرا فِي تربية وَتَعْلِيم وتأديب برهَان نظام شاه ولمدة عشرَة سنوات الَّتِي كَانَت كَافِيَة وجيدة لاتقان الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة بِخَط جميل بشكل جيد.
وَكتب ((مُحَمَّد قَاسم)) يَقُول إِن برهَان نظام شاه كتب رِسَالَة فِي علم الْأَخْلَاق وسلوك الْمُلُوك ووصلت إِلَيْهِ وَقد كتب فِي آخرهَا هَذِه الْجُمْلَة ((كَاتبه الشَّيْخ برهَان بن أَحْمد الملقب بنظام الْملك بحري)) . وَقد كَانَ برهَان نظام شاه مَعْرُوفا بالشجاعة وَالتَّقوى وَالصَّلَاح وَالْكَرم وفريدا فِي عصره. وَيُقَال إِنَّه كَانَ عِنْدَمَا يركب فرسه وَيخرج إِلَى السُّوق فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) مَعَ أَصْحَابه، فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا يسارا، وعندما سَأَلَهُ أحد المقربين عَن عدم التفاتة إِلَى الْأَطْرَاف والجوانب قَالَ لَهُ: عِنْدَمَا أعبر فَإِن كثيرا من الرِّجَال وَالنِّسَاء يقفون لمشاهدة هَذَا الفاني، وَأَنا أَخَاف. أَن تلفت أَن تقع عَيْني على شَيْء حرَام فَينزل عَليّ وبال ذَلِك. وَلما كَانَ هَذَا الْملك الْعَظِيم شَابًّا ومغامرا فِي أَوَائِل سلطنته أَرَادَ أَن يسيطر على قلعة (كاويل) ، فَخرج من أجل ذَلِك من دَار السلطنة فِي (أَحْمد نكر) باتجاه تِلْكَ القلعة وسيطر عَلَيْهَا، وَكَانَ من جملَة الأسرى الَّذين وَقَعُوا فِي يَد قَائِد جَيْشه جَارِيَة بَالِغَة الْحسن وَالْجمال تشابه الْقَمَر أَو المُشْتَرِي، فَلَمَّا وَقع نظره على وَجه الْملاك هَذَا فشاهد الْمُسْتَقْبل فِي مرْآة وَجههَا تملكه الوله والحيرة وَلم يملك سَبِيلا إِلَّا أَن يحملهَا إِلَى السُّلْطَان وَيرى أَثَرهَا عَلَيْهِ، وَفِي خلْوَة بَينهمَا قَالَ نصير الْملك للسُّلْطَان دَامَ ضله أَنه قد حجب عَن بَاقِي الْعَسْكَر وَالنَّاس فاتنه من بَين الأسرى لَا مثيل لَهَا وَلَا تلِيق إِلَّا بالسلطان فَإِذا أَمر السُّلْطَان فَإِنَّهُ يبْعَث بهَا إِلَى الْجنَاح الليلي، فتملك شهريار حَالَة من الانشراح والفرح فَاسْتحْسن نصير الْملك ذَلِك وَلما ذهبت هَذِه الْجَارِيَة إِلَى الْجنَاح الليلي كَانَت تضع على رَأسهَا شادورا كحليا مقصبا بِالذَّهَب وَكَأَنَّهَا ملاك يسير باتجاه برهَان نظام شاه، وَلما تمّ اللِّقَاء بَينهمَا، شرفها الشاه بِالْحَدِيثِ مَعهَا فَسَأَلَهَا من أَي قوم هِيَ وَإِلَى من تنْسب وَمن يتَّصل بهَا بِالْقَرَابَةِ أيتها الوردة الجميلة الخالية من الشوك. فأجابت، روحي فدَاء للعلي الْقَدِير أَنا من قَبيلَة (فلَان) وَأبي وَأمي وَزَوْجي هم فعلا فِي قَبْضَة السُّلْطَان. فَلَمَّا سمع الْملك اسْم زَوجهَا سيطرت عَلَيْهِ الحمية وَاجْتنَاب الْمعاصِي فذوت شَهْوَته وَقَالَ لَهَا مطيبا خاطرها سَوف أطلق سراح والدك ووالدتك وزوجك وأهبك إيَّاهُم. عِنْدهَا ركعت الْجَارِيَة وَقبلت الأَرْض بَين يَدَيْهِ وشرعت بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالثنَاء عَلَيْهِ. وَفِي الصَّباح عِنْدَمَا دخل عَلَيْهِ نصير الْملك يُرِيد تهنئته بِهَذِهِ اللَّيْلَة الجميلة، فَضَحِك ((يُوسُف زَمَانه)) وَقَالَ: لقد سترنا عَورَة هَذَا الشّرف الْكَرِيم وأعطيتها وَعدا أَن أعيدها إِلَى زَوجهَا فَلذَلِك أحضر لي والدها ووالدتها وَزوجهَا إِلَى هَذَا الْمجْلس فأنعم عَلَيْهِم وأغدق ووهبهم لَهَا.
وَفِي عهد برهَان نظام شاه ازدهرت مَدِينَة (أَحْمد نكر) وَأخذت رونقا جَدِيدا فَاجْتمع فِيهَا الْعلمَاء والسادات والأكابر وَالشعرَاء أَصْحَاب الْفُنُون والحرف والفقراء.
التقى الملا بير مُحَمَّد الشيرواني من كبار عُلَمَاء الْمَذْهَب السّني وأستاذ الْملك الْمُعظم عَن طَرِيق الِاتِّفَاق بالشاه طَاهِر دكنهي عِنْد جهان كاوان الَّذِي كَانَ ركن السلطنة لَدَى مُحَمَّد شاه بهمني فِي قلعة (بريندا) ، ودرس عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) فِي علم الْهَيْئَة لمُدَّة سنة وعندما عَاد إِلَى (أَحْمد نكر) سَأَلَهُ برهَان نظام شاه عَن سَبَب توقفه هُنَاكَ. فَقَالَ لَهُ الملا بير مُحَمَّد ظَاهر أَنه كَانَ طول هَذِه الْمدَّة برفقة عَالم محلق فِي الْفَهم الإنساني، وَلَيْسَ من طَرِيق إِلَى إِدْرَاك سر كَمَاله وعقله يزن عقول أهل زَمَانه وَلَا أحد يبلغ شرف مرتبَة علمه، فاعتبرت ذَلِك فوزا عَظِيما أَن أَقرَأ عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) الَّذِي يعْتَبر محك امتحان الْفُضَلَاء لَا بل ميزَان معركة حكماء اليونان وَالْعراق وَأنْشد فِي وصف شاه طَاهِر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ: (لقد حَار الْعُقَلَاء فِي وصف كَمَاله ... فَلَا يُدْرِكهُ لَا بقراط الْحَكِيم وَلَا أَبُو عَليّ)
(مَعَ علمهمْ وحكمتهم وفضلهم وكمالهم ... فَإِنَّهُم جَمِيعًا يدرسون علم الْألف فِي صفه)
لقد رغب برهَان نظام شاه بمصاحبة الْعلمَاء والفضلاء، وخصوصا صُحْبَة شاه طَاهِر فَأرْسل لَهُ رِسَالَة حملهَا شوقه وحبه واحترام مَعَ الملا بير مُحَمَّد، وعندما وصلت الرسَالَة إِلَى شاه طَاهِر فِي (بريندا) فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن اطلع (خواجه جهان) على الرسَالَة الَّذِي لم ير بدا من مركب السّفر لشاه طَاهِر وَيبْعَث بِهِ إِلَى مَدِينَة (أَحْمد نكر) ، فَخرج أَعْيَان وأمراء وأقرباء الْملك من الْمَدِينَة لمسافة أَرْبَعَة فراسخ لاستقباله بِكُل اعزاز وإكرام وأدخلوه الْمَدِينَة. وَبعد أَن التقاه برهَان نظام شاه وَكَرمه وعظمه اعترافا بِقَدرِهِ ومنزلته، الَّتِي ادركها شاه طَاهِر من بَين جَمِيع المقربين، وَبعد أَن فرغ من مراسم الِاسْتِقْبَال والمهمات مَعَ السُّلْطَان (بهادر الكجراتي) ، اتخذ لَهُ مَكَانا فِي أَسْفَل قلعة (أَحْمد نكر) للدرس الَّذِي تحول فِيمَا بعد إِلَى مَسْجِد جَامع فَجَلَسَ للدرس يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوع يدرس الْعلمَاء الْكِبَار ويطلعهم على الْكتب الدراسية. وَقد حضر دروسه كل من السَّيِّد جَعْفَر أَخ الشاه طَاهِر، وشاه حسن الْجواد، والملا مُحَمَّد النيشابوري، والملا حيدر الاسترآبادي، وَالسَّيِّد حسن المشهدي، والملا عَليّ كلمش الاسترآبادي، والملا ولي مُحَمَّد، والملا رستم الْجِرْجَانِيّ، والملا عَليّ المازندراني، وَأَبُو الْبركَة والملا عَزِيز الله الكيلاني، والملا مُحَمَّد الأسترآبادي، وَالْقَاضِي زين العابدين وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر وَالسَّيِّد عبد الْحق (كَاتب بركنه ((انبر)) ) وَالشَّيْخ جَعْفَر، ومولانا عبد الأول وَالْقَاضِي مُحَمَّد نور الْمُخَاطب بِأَفْضَل خَان وَالشَّيْخ عبد الله القَاضِي، وَآخَرين من الْفُضَلَاء وطلاب الْعلم وَقد جلس إِلَيْهِ فِي درسه كَذَلِك كل من برهَان نظام شاه واستاذه الملا بير مُحَمَّد الشرواني فَكَانَ يجلس من أول الدَّرْس إِلَى آخِره وَيسْأل ويجيب ويناقش ويعارض.
وَلما كَانَ شاه طَاهِر على مَذْهَب الإمامية، فَإِن برهَان نظام شاه قد اخْتَار مَذْهَب الإمامية هُوَ وَجَمِيع أَهله وَعِيَاله والمقربين لَهُ، وَبعد النقاش الَّذِي دَار بَين شاه طَاهِر وَجمع من الْفُضَلَاء حول هَذَا الْمَذْهَب عمد برهَان نظام شاه إِلَى قتل قَاضِي (انبر) ، وَلَيْسَ هُنَا مقَام الْكَلَام على هَذَا الْمَوْضُوع.
لقد توفّي الشاه طَاهِر فِي زمن سلطنة برهَان نظام شاه سنة 956 وَدفن دَاخل سور حديقة الرَّوْضَة خَارج قبَّة نظام شاه بحري إِلَى الْجَانِب الشمالي. وَقد عمد هاني نظام شاه بعد مُدَّة إِلَى نقل رفاة شاه طَاهِر إِلَى كربلاء المعظمة. وَخلف شاه طَاهِر وَرَاءه أَرْبَعَة أَبنَاء هم: شاه حيدر وشاه رفيع الدّين حُسَيْن وشاه أَبُو الْحسن وشاه أَبُو طَالب وَثَلَاثَة بَنَات بقيت اسماميهن مستورة كَمَا كن هن مستورات. وَبَقِي أَوْلَاد شاه طَاهِر حَتَّى زمن كِتَابَة هَذِه الْكَلِمَات يسكنون فِي عمارات عامرة فِي مَكَان اقامة شاه طَاهِر فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) ويتولون تصريفها وادارتها، وَالْحَال أَن الْكَاتِب قد اشْترى منزلا من وَرَثَة شاه طَاهِر فِي منطقته، وَقد عمد برهَان نظام شاه بعد جُلُوسه على عرش السلطة سنة (908) إِلَى بِنَاء قلعة من الْحجر الْمَطْبُوخ فِي أَرَاضِي (حديقة نظام) وَبنى فِيهَا أَرْبَعَة أبراج وَأعْطى كل برج وتوابعه إِلَى أحد الْأُمَرَاء المرموقين، وَمَعَ مُرُور وَقت قصير أَصبَحت قلعة (أَحْمد نكر) من القلاع النادرة وَبلا نَظِير وشيرازة (نِسْبَة إِلَى شيراز) ملك الدكن، فَكَانَت فِي بنائها وصقل أحجارها وتدويرها وأسلوب أَحْكَامهَا فريدة بَين قلاع الأَرْض وأصبحت مَدِينَة (أَحْمد نكر) مَدِينَة مَشْهُورَة بِطيب هوائها ومائها ومناخها بَين جَمِيع الْخلق من الْخَاصَّة والعامة فِي جَمِيع الْبِلَاد والأمصار.
وَقد بنى أَحْمد نظام شاه بحري إِلَى جَانب الشمالي من مَدِينَة (أَحْمد نكر) حديقة سميت بحديقة (فيض نجش) والمشهورة بحديقة (الْجنَّة) وَبنى دَاخل الحديقة حوضا ضخما مثمن الاضلاع، وَفِي دَاخل الْحَوْض بنى عمَارَة كمنزل لَهُ مثمن الاضلاع، وَإِلَى جَانب الْحَوْض بنى إيوانه وحماما جميلا ومترفا. وَفِي أَيَّام التعطيل نَذْهَب مَعَ الطّلبَة الرفقاء إِلَى تِلْكَ الحديقة لصيد السّمك والتفرج والنزهة، لَكِن النَّهر خرب هَذَا الْحَوْض وأصبحت الحديقة تعاني من قلَّة المَاء فآلت إِلَى الخراب، فأصبحنا عِنْدَمَا نعبر هَذِه الحديقة تتملكنا الْحَسْرَة والندم عَلَيْهَا.
أما برهَان نظام شاه فقد بنى حديقة إِلَى الْجَانِب الجنوبي من (أَحْمد نكر) وأسماها حديقة (فَرح نجش) وَبنى دَاخل الحديقة (حوضا) مربع وَبنى وسط هَذَا الْحَوْض (جبوتره) مثمنة وواسعة، وَبنى فَوق (جبوتره) بِنَاء عَالِيا ومثمن من طبقتين بطراز غَرِيب وَعَجِيب يعجز الْقَلَم وَاللِّسَان عَن وَصفه ويحتار بِهِ، وَلَا يَسْتَطِيع عقل المهندسين ادراك عَظمَة تصميمه، وَكم حاول وسعى شاه طَاهِر لوصفه وتكلف الْمَشَقَّة غير أَنه لم يصل إِلَى إيفائه حَقه، وَمِمَّا قَالَه قصيدة طَوِيلَة فِي سِتَّة وَعشْرين بَيْتا يصف فِيهَا عَظمَة الْبناء وعظمة الْبَانِي وَالْقُدْرَة على تصميمه وَأَن لَا أحد من الْمُلُوك العظماء من سبق يَسْتَطِيع انجاز مَا أنْجز فِي هَذَا الْبناء حَتَّى أَن ديوَان كسْرَى وكلستان خسرو لَا يُمكن لَهما أَن يصلا إِلَى مستوى هَذَا الْبناء.
وَفِي حديقة (فَرح نجش) نهر عَظِيم يصل إِلَيْهَا من السوَاد من مَوضِع يُقَال لَهُ (كافور باري) ويدخلها من تَحت السُّور ويصل إِلَى خزان للمياه عَظِيم، وَقد خطّ تأريخ لهَذِهِ الحديقة على لوح رُخَام قرب خزان المَاء كتب عَلَيْهِ مَا مَعْنَاهُ. اسْمهَا (فَرح نجش) اشتق من طيب هوائها ومائها فاشتهرت بذلك:
(لتكن النِّعْمَة مرافقة للساعي ببنائها ... فَجَمِيع سَعْيه مشكور)
(أردْت أَن أأرخ لهَذَا الْكَبِير والحكيم ... فَقلت يَا رب لتكن عامرة إِلَى الْأَبَد) وَبِمَا أَن شاه طَاهِر كَانَ مَعَ نعمت خَان كدورتي فقد أنْشد حول الحديقة بَيْتَيْنِ من الشّعْر قَالَ فِيمَا مَعْنَاهُ:
(مر على حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه ... وَانْظُر إِلَى أصل النشاط)
(فقد بنى نعمت خَان وَمن فضل التَّارِيخ ... فَخَرجُوا أقمارا من حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه)
وَبعدهَا أنْشد شاه نور المتخلص بنزهت من قَصَبَة (جمار كونده قلندرانه) شعرًا بِوَصْف هَذِه الحديقة، وشاه نور كَانَ على علاقَة بشاه مُسَافر النقشبندي وَصَاحب بَاعَ فِي الخطابة وخطب مرّة فِي حَضْرَة شاه مُسَافر خطْبَة تقَارب الاعجاز وشعره رفيع بمقام شعر ميرزا صائب رَحمَه الله صَاحب الدِّيوَان والقصائد الغراء. وَقد التقاه الْكَاتِب وتباحث مَعَه مطولا لمرتين، ولنزهت حَاجِب ديوَان للشعر يُقَلّد فِي كَثِيره نسق ميرزا صائب.
ونعمت خَان كَانَ فِي عهد برهَان نظام شاه ذَا سليقة شعرية وسلوك حسن ورفيع وَصَاحب حَسَنَات فريدة. ومكانة نعمت خَان فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) أظهر من الشَّمْس فَكَانَ صَاحب عمارات وَمَسْجِد وبركة مَاء خلف الْمَسْجِد ودكاكين رفيعة الشَّأْن ووقف دكاكين السُّوق وخراجها وَبنى خلف الْمَسْجِد حَماما لَا مثيل لَهُ فِي سَائِر الْبِلَاد وَقد كتب شاه ظَاهر فِي تَارِيخ بِنَاء هَذَا الْحمام (وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا) (سنة 925) .
وَكَانَ ل (نعمت خَان) ولد وَاحِد كَانَ اسْمه (الملا نادري) توفّي فِي حَيَاة وَالِده فدفنه تَحت دكان فِي شمال السُّوق، أما قبر نعمت خَان وزوجه فقد دفنا فِي دَاخل سرداب إِلَى جَانب الْمَسْجِد فِي الْجِهَة الشمالية، وَلَا ولد لَهُ. وَتلك الدكاكين والعمارات الَّتِي كَانَ يملكهَا وصلت إِلَى الخراب وَقد بيع ترابها وحجارتها، فَإِذا كَانَ تعاقب الْأَيَّام على هَذَا المنوال فَلَنْ يبْقى لَهُ بعد أَيَّام أَي ذكر أَو أَكثر فسبحان الله. لقد كَانَ يعرف بحاتم زَمَانه.
الْقِصَّة من زمن برهَان نظام شاه راج مَذْهَب الإمامية وحينها أَصبَحت مَدِينَة (أَحْمد نكر) ذَات رونق جَدِيد بِفضل العمارات والدكاكين والحدائق والحمامات المتعددة والأنهر الْكَثِيرَة ... وَلما شرع برهَان نظام شاه بترويج هَذَا الْمَذْهَب مُعْتَمدًا على شاه طَاهِر فقد اسند المناصب والوظائف الَّتِي قررها أَحْمد نظام شاه بحري لأهل السّنة إِلَى أَتبَاع الْمَذْهَب الشيعي وَبنى لَهُم سورا ومسجدا عَظِيما وبركة وغرفا كَثِيرَة فِي الْجِهَة الْمُقَابلَة لقلعة (أَحْمد نكر) وأصبحت مدرسة لَهُم.
وَسمي هَذَا الْمَكَان ب (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) ووقف لَهُم قصبات (جيور) و (سيور) و (راسيابور) وَبَعض الْقرى الْأُخْرَى لنفقات السَّادة والطلبة والفضلاء من الشِّيعَة، جعل لَهُم طَعَاما يوزع عَلَيْهِم يوميا لمرتين.
أما أَسمَاء الْأُمَرَاء المعروفين فِي ذَلِك الْعَهْد فهم: مير أَحْمد الْمُخَاطب بمير مرتضى خَان تكتي، وجنكيز خَان، وشرزه خَان، واعتماد خَان، وفرهاد خَان يُوسُف، وزمرد فرهاد خَان، ونعمت خَان، ورومي خَان، وصلابت خَان كرجي، وَحَكِيم كاشي، وَصدر جهان، وَاخْتِيَار خَان، وابهنك خَان، وفولاد خَان حبشِي، وبساط خَان، وغالب خَان شَهِيد، وآتش خَان، وَسيد منتجب الدّين، وعالم خَان ميواتي، وشمشير خَان جبشي، وَسيد الهداد خَان، وَسُهيْل خَان، وَسيد جلال الدّين، وخواجه سُهَيْل، وقاسم خَان، وميرزا خَان سبزواري، وجمشيد خَان، وبهائي خَان، وجمال خَان، وبحري خَان، وَأسد خَان الرُّومِي، وبهادر خَان الكيلاني كور، وموثي خَان وَغَيرهم.
وَالِدَة برهَان نظام شاه ابْنة أحد أكَابِر استرآباد توفيت فِي (جنير) ودفنت هُنَاكَ، أما قبَّة غَالب خَان الشَّهِيد تقع على مَسَافَة رميتي سهم من مَقْبرَة قدوة الواصلين وزبدة السالكين وجامع الكمالات الصورية والمعنوية حَضْرَة السَّيِّد عبد الرَّحْمَن الجشتي من أَتبَاع ومريدي حَضْرَة شاه نظام نارنولي، الَّتِي تتصل سلسلة بيعَته بالشيخ نصير الدّين مَحْمُود مَنَارَة دلهي قدس الله تَعَالَى أسرارهم.
وَقد توفّي برهَان نظام شاه سنة 961 وَدفن تَحت الْقبَّة فِي حديقة الرَّوْضَة إِلَى جَانب أَحْمد نظام شاه بحري، وَبعد مُدَّة نقلت رفاتهما إِلَى كربلاء ودفنت على مَسَافَة درع وَاحِدَة من الْقبَّة الْخَاص بآل الْعَبَّاس. وَكَانَ عمر برهَان نظام شاه 54 سنة حكم مِنْهَا 47 سنة. خَلفه على سَرِير الْملك وَلَده حُسَيْن نظام الْملك وَكَانَ شجاعا وكريما وحاتميا وَقَامَ بأعمال جلة وفتوحات عديدة. وَكَانَ فِي زَمَانه (رامراج) وَكَانَ لَدَيْهِ فرقة من الفرسان وتسع فرق من المشاة ويسيطر على (بيجانكر) ويتسلط على من فِيهَا وتحالف مَعَ الْكَفَرَة السامريين فِي قَصَبَة (بهنكار) وَفِي أحد الْأَيَّام فِي السُّوق وأثناء الازدحام أَخذ يتداخل بَين النَّاس ويستعطيهم، وَلما كَانَ (راجه ساهو) فِي يَد (عالمكير بادشاه) فقد نجاه من قَيده مُحَمَّد أعظم شاه ابْن عالمكير بادشاه بِالْقربِ من منْطقَة (فردابور) بِنَاء على توصية ذُو الفقار خَان ابْن وَزِير الممالك اسد خَان، وعندما رَجَعَ إِلَى الْقَوْم الْكَفَرَة اجْتَمعُوا حوله فوصل إِلَى (أَحْمد نكر) وأغار على قَصَبَة (بهنكار) وأحرق الْبيُوت، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء وَقعت على رَأسه صَاعِقَة حارقة فَاحْتَرَقَ.
أما حُسَيْن نظام الْملك فقد بنى مَسْجِدا عَظِيما سَمَّاهُ الْمَسْجِد الْجَامِع دَاخل قلعة (أَحْمد نكر) فِي مَكَان مدرسة شاه طَاهِر الْمَوْقُوفَة لسَائِر الْعلمَاء وَقد حكم حُسَيْن نظام الْملك مُدَّة 13 سنة وَمَات، فخلفه وبحكم الْوَصِيَّة وَلَده مرتضى نظام الْملك بن حُسَيْن نظم الْملك وَبعد عدَّة أَيَّام أَصَابَهُ مس فِي دماغه فانزوى فِي (رَوْضَة الْجنَّة - بَاغ بهشت) فَعمد ميرزا خَان السبزواري إِلَى ربطه فِي حمام رَوْضَة الْجنَّة حَتَّى مَاتَ من حرارة الْحمام، استمرت حكومته مُدَّة سِتَّة سنوات وعدة أشهر، وَيُقَال إِن أفضل شَيْء فعله فِي حكمه هُوَ مَوته. وَفِي عَهده تولى الْخطْبَة الملا ملك القمي وَكَانَ إِلَى جَانب ذَلِك شَاعِرًا عالي الدرجَة، وَفِي عَهده كَذَلِك وصلت الخطابة إِلَى أقْصَى الدَّرَجَات فِي (أَحْمد نكر) وَكَانَ لنسق الملا ظهوري فِي النّظم والنثر طرز خَاص وَألف (ساقي نامه) (رِسَالَة الساقي) على اسْم النامي برهَان نظام شاه وَكَانَ لَهَا صفاء وطلاوة وحلاوة خَاصَّة بهَا تنم عَن ذائقة رفيعة، وعندما رأى الملا ملك القمي هَذَا التمايز وَهَذِه القابلية والكمال من الملا ظهوري زوجه ابْنَته لِأَنَّهُ كَانَ فِي تَمام مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَبعد سنة من وَفَاة الملا ملك القمي، انْتقل الملا ظهوري إِلَى رَحْمَة الله وَالدَّار الْبَاقِيَة فَأشْعلَ نَار فِي قُلُوب الخطباء. وعندما مَاتَ أفلاطون قَالَ هَذِه الْكَلِمَات (من الحيف أَن يَمُوت الْعلمَاءأُصِيب فِيهَا بِسَهْم الْهَلَاك وَمَات، فَأَرَادَ بعض الْأُمَرَاء تنصيب (أَحْمد) ابْن (خوابنده بكلاني) وَبَعْضهمْ أَرَادَ تنصيب (موتِي شاه) ابْن (قَاسم شاه بن برهَان نظام شاه) مِمَّا أصَاب مملكة (أَحْمد نكر) بالفتور الْعَظِيم فتحول الْأَمر وعصمة المآب وعفت الإياب إِلَى (ملكة زماني جاند بِي بِي) ابْنة حُسَيْن نظام شاه بن برهَان نظام شاه بن أَحْمد نظام شاه بن أشرف همايون نظام الْملك بحري الَّتِي فاقت أقرانها من الشجعان والمقدامين فِي قدرتها واستيعابها للمراحل الْمَاضِيَة من تواريخ السلاطين، وأصبحت سيدة على (أَحْمد نكر) واستعملت الْأُمَرَاء الأجلاء مثل عنبر جنكيز خاني الْمَعْرُوف بعدله وأمانته وتدينه وَقدرته على تَدْبِير أُمُور المملكة فَكَانَ بِلَا نَظِير وشبيه وَكَذَلِكَ استعانت ب (اعْتِمَاد خَان الثَّانِي) وَغَيره من الْأُمَرَاء. وَمَعَ تحين أول فرْصَة أصبح عنبر غُلَام جنكيز خَان وَكيلا للسلطنة وَتسَمى بِالْملكِ عنبر وَبسط سلطته مُعْلنا بَدْء دولة الْملك عنبر وَجلسَ على كرْسِي الحكم وَقد قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك:
(لم يكن للرسول غير بِلَال ذَاك ... )
(وَبعد ألف سنة جَاءَ ملك عنبر ... )
وَلما مَاتَ الْملك عنبر دفن فِي رَوْضَة (خلد آباد) بِالْقربِ من (دولت آباد) بِالْقربِ من قبَّة قدوة الواصلين وزبدة العارفين السَّيِّد يُوسُف بن السَّيِّد عَليّ بن السَّيِّد مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الدهلوي الدولت آبادي الْمَشْهُور ب (سدراجا) وَالْمَعْرُوف فِي هَذَا الْوَقْت ب (شاه راجو قتال) ، وَالِد الْمَاجِد حَضْرَة السَّيِّد مُحَمَّد كيسو دراز قدس الله تَعَالَى أسرارهم وَبني فَوق قَبره قبَّة عَظِيمَة الشَّأْن.
وعندما وصلت أَخْبَار الإفراط والتفريط بسلطنة (أَحْمد نكر) إِلَى أكبر شاه، جرد الْأَمِير الشاه مُرَاد عسكرا جرارا يرافقه الْأُمَرَاء المعروفين قَاصِدا السيطرة على (أَحْمد نكر) ، وعندما علمت (جاند بِي بِي) بِهَذَا الْخَبَر سارعت إِلَى تنصيب بهادر نظام شاه ابْن إِبْرَاهِيم نظام شاه بن برهَان نظام شاه على عرش (أَحْمد نكر) وتفرغت للاستعداد إِلَى الْحَرْب والقتال وإدارة الدولة، وَبعد عدَّة أشهر حاصر شاه مُرَاد قلعة (أَحْمد نكر) وَهزمَ فَعَاد إِلَى دلهي فَتوفي فِي أثْنَاء عودته، فَأَرَادَ الْأَمِير دانيال معاودة فتح (أَحْمد نكر) والسيطرة على ملك (الدكن) فَاسْتَأْذن لذَلِك الْخَانَات وكل من ميرزا شاه رخ وميرزا يُوسُف خَان، فحاصر الشاه دانيال (أَحْمد نكر) لمُدَّة أَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام، وَفتحهَا فِي النِّهَايَة بِوَاسِطَة حِيلَة مُحرمَة سنة (1008) وَقبض على بهادر نظام الْملك، أما (جاند بِي بِي) الَّتِي كَانَت رائعة الْجمال بحسنها وشديدة العفاف فخافت أَن تقع فِي يَد عَسَاكِر دلهي الَّتِي سَمِعت عَنْهُم أَنهم سَوف يهتكون سترهَا، فرمت بِنَفسِهَا فِي حَوْض من (مَاء النَّار) فتحولت فِي طرفَة عين إِلَى أثر بعد عين فَكَانَ مَوتهَا سترا لَهَا من يَد الْعَسْكَر والمحارم عَنْهَا. و (جاند بِي بِي) هَذِه كَانَت مخطوبة لأحد أَبنَاء سلاطين (بيجابور) وَكَانَ والدها قد أرسلها بوفير التَّجْهِيز وَركب عَظِيم إِلَى زَوجهَا فِي (بيجابور) فَكَانَ برفقة الْأُمَرَاء وَأَصْحَاب السلطة فِي استقبالها، وَلكنهَا وَفِي لَيْلَة الزفاف رَأَتْ من زَوجهَا مَا كدرها، وَأَنه لَا يَلِيق بهَا فاعتزلته، حَتَّى آخر اللَّيْل وَفِي الصَّباح خرجت من (بيجابور) راكبة حصانها عَائِدَة إِلَى (أَحْمد نكر) . فلحقتها أَفْوَاج عديدة من (بيجابور) ولمسافة أَرْبَعِينَ فرسخا ساعين إِلَى اعادتها لكِنهمْ لم يوفقوا إِلَى ذَلِك فَعَادَت ظافرة غانمة إِلَى دَاخل قلعة (أَحْمد نكر) أما اعْتِمَاد خَان الثَّانِي وبسبب من وسواس كَانَ فِي باله فَإِنَّهُ ذهب إِلَى (بجنير) وعندما حوصرت (جاند بِي بِي) من قبل الْأَمِير دانيال ارسلت لَهُ رِسَالَة تعهد مختومة بخاتمها الْخَاص ونقشت عَلَيْهَا كف يَدهَا المضمخة بالزعفران والصندل ورسالة التعهد هَذِه مَوْجُود لَدَى أَوْلَاد اعْتِمَاد خَان، وبرأي الْكَاتِب فَإِن أَصَابِع تِلْكَ الْيَد العفيفة طَوِيلَة وضعيفة وراحة يَدهَا صَغِيرَة وَكَانَت تلبس خَاتمًا فِي خنصرها، وَقد تملك كل من كَانَ حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وَشَاهد هَذَا التعهد وَنقش الْيَد عَلَيْهِ وانتبه إِلَى البلاغة والفصاحة والعبارة الَّتِي يتحلى بهَا هَذَا التعهد ومعانيه المتنوعة والمتينة تغلب عَلَيْهِ الْحَسْرَة ويسيل الدمع أسفا عَلَيْهَا وَيضْرب أَخْمَاسًا بأسداس.
إِن بَلْدَة (أَحْمد نكر) وَحَتَّى كِتَابَة هَذِه السطور قد تعرضت ثَلَاثَة مَرَّات للغارات:
الْمرة الأولى: عِنْدَمَا هاجمها الْكَافِر الشقي (رامراج) حَاكم (بيجانكرد) فِي عهد حُسَيْن نظام شاه بأفواجه الجرارة من الفرسان والمشاة الكثر واحتل (أَحْمد نكر) وذبحوا الْخَنَازِير فِي مَسْجِد (لنكرد) الْأَئِمَّة الاثنا عشر عَلَيْهِم وعَلى جدهم الأمجد الصَّلَاة وَالسَّلَام وَبَقِي فِي الْمَدِينَة مُدَّة تِسْعَة أشهر محاصرا قلعتها غير أَنه انهزم فِي النِّهَايَة وهرب مهزوما خائبا وخاسرا.
الْمرة الثَّانِيَة: حِين استغل (بابونا) ابْن الْملك عنبر جنكيز خَان اضْطِرَاب العلاقة بَين السلطة النظامية والأمراء فَأَغَارَ على (أَحْمد نكر) واحرق عمارات الْأُمَرَاء المبنية من الْخشب، وَكَذَلِكَ الْبيُوت الْوَاقِعَة فِي أَعلَى بوابة (كلان) فِي محلّة شاه طَاهِر وَأبقى على أبنية أهل الْحَرْف والغرباء وَالَّذين عاونوه.
الْمرة الثَّالِثَة: كَانَت فِي السّنة السَّادِسَة فِي عهد مُحَمَّد فرخ سير حَاكم (دلهي) فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّانِي وَالْعِشْرين من شهر جُمَادَى الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة وَألف فِي زمن أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان الْمُتَوَلِي على (الدكن) وَكَانَ يتَوَلَّى امرة القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان (كهندو دبهارية) من طرف عَسَاكِر (غنيم) الْبَالِغَة أَرْبَعِينَ ألف خيال وراجل الَّذين انحدروا إِلَيْهَا من نَاحيَة (كنجاله) و (نيبه دهيره) وحاصروها (أَي أَحْمد نَكِير) ، وَلم يسْتَطع مُحَمَّد إِبْرَاهِيم مُتَوَلِّي القلعة من قبل آمرها الصمود بِوَجْهِهِ هَؤُلَاءِ لقلَّة الْعدَد الَّذِي كَانَ مَعَه فَخرج من القلعة فَارًّا مِنْهَا قبل سُقُوطهَا بساعات فَدَخلَهَا المغيرون وَعمِلُوا بالنهب وَالسَّلب طوال اللَّيْل وَبَعض النَّهَار التَّالِي واحرقوا كثيرا من الْأَبْنِيَة والدكاكين، وَلما سمع المغيرون أَن سيف الدّين عَليّ خَان شَقِيق أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان قد وصل إِلَى مشارف (كنجاله) وَمَعَهُ خَمْسُونَ ألف فَارس قَاصِدا النّيل من (غنيم) عَمدُوا إِلَى الْفِرَار. حينها لم يسْتَطع أَكثر السَّادة والفقراء الْوُصُول إِلَى القلعة فلجأوا بأهلهم وعيالهم إِلَى (تاراجى) وَالْكَاتِب حينها لم يكن قد بلغ سنّ الْبلُوغ بعد فَذهب مَعَ وَالِده الْمَاجِد المرحوم بعد صَلَاة الظّهْر إِلَى القلعة وَقَالَ للشَّيْخ فتح مُحَمَّد الملا من قَصَبَة (جيور) وَكَانَ من الْفُقَهَاء القدماء لَدَى وَالِده طَالبا مِنْهُ أَن يُوصل الْأَشْيَاء المهمة والمستورات إِلَى القلعة وَكَذَلِكَ إِيصَال مَا تحويه المكتبات من كتب الَّتِي كَانَ يعدها هَذَا الشَّيْخ أهم من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْجَامِع. فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن أَمر بتحميل جَمِيع الْكتب الَّتِي كَانَت فِي (بالكي وبهل) وأرسلها إِلَى القلعة أما مَا بَقِي من أثاث الْبَيْت والماشية فقد نهب وسرق، وَيَقُول الشَّيْخ عصمت الله ابْن الشَّيْخ تَاج مُحَمَّد أَنه قضى اللَّيْل كُله على سطح منزله الْوَاقِع فِي محلّة شاه طَاهِر دكهني خوفًا من أَن يَنَالهُ أَذَى جمَاعَة غنيم، وَأَنه شَاهد هَؤُلَاءِ المغيرين يخرجُون من منزل (شعريعت بناه) اثْنَا عشر جملا محملًا بالفرش والأواني وَغَيرهَا من الْمَتَاع وَأَن كثيرا من أرزاق وَأَسْبَاب معاش الْفُقَرَاء وَأهل الْحَرْف والشرف والغرباء ذهب نهبا وأحرقت مَنَازِلهمْ وَتَفَرَّقُوا فِي جَمِيع الأنحاء. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَت (أَحْمد نكر) تحترق فِيهَا، كَانَت النَّار ترى على مَسَافَة سِتَّة فراسخ من جَمِيع الْجِهَات، ويحضر فِي بالي أنني فِي حينها شَكَوْت إِلَى والدتي الماجدة المرحومة الْجُوع فَلم يكن لَدَيْهَا شَيْء، وَفِي منتصف الْيَوْم الثَّانِي أرسل صَاحب القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان طَعَاما، فَمَا كَانَ من وَالِدي إِلَّا أَن قسمه على التَّابِعين والأقرباء. وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاء جَاءَ الشَّيْخ عبد الْملك قريب وَالِدي بِخَبَر مفاده أَن جَمِيع دكاكين السُّوق ومنازل النَّاس، وَمَا أخرجناه من غلَّة قد احْتَرَقَ، كَمَا احْتَرَقَ منزلنا ومحلنا وديوانيتنا، وَمَا بَقِي لنا هُوَ السَّلامَة، فَشكر وَالِدي الله على هَذِه النِّعْمَة.
وَقَالَ راجي مُحَمَّد وَهُوَ شخص ورع وشريف وكهاران بالكي أَنه يجب إرْسَال بعض الْغلَّة إِلَى القلعة وتوزيعها على أَتبَاع شاه أَبُو تُرَاب وشاه قَاسم وَغَيرهم من أَبنَاء شاه طَاهِر دكهني وَكَذَلِكَ الأتباع من السَّادة الْأَشْرَاف وَأهل الْمعرفَة والحقيقة فالسيد بخش الْكرْمَانِي الخيرآبادي قدس سره الَّذِي حزت شرف خدمته وقرأت عَلَيْهِ بعض
رسائل الْمنطق وكل من يسْتَحق من الْجِيرَان فَمَا كَانَ مِنْهُم إِلَّا أَن أوصلوا ذَلِك إِلَى القلعة ووزعوه من سَاعَته على الْجَمِيع وَهَذَا مَا يشْهد لوالدي بِتِلْكَ الهمة الْعَالِيَة فِي فعل الْخَيْر وخدمة الْفُقَرَاء والسادة وَهِي صِحَة أظهر من الشَّمْس وَأبين من الأمس. فقد كَانَ يوزع الطَّعَام على الْفُقَرَاء مطبوخا ونيئا، وَقد وضع عدَّة قطع من الأَرْض فِي تصرف الْقَضَاء من جُمْلَتهَا (يكجاور وبنجاه بيكه) من الأَرْض من أجل سد حاجات الْكِبَار وَهِي بَاقِيَة حَتَّى الْآن وَقد أضفت عَلَيْهَا بعض الْأَرَاضِي وفقا على حاجات السَّادة. وَقد تلقى وَالِدي المرحوم هَذِه الْخِصَال الحميدة والعقيدة والتربية من الْعَارِف بِاللَّه الغواص فِي بحار معرفَة الله حَضْرَة الشاه عبد الْمَاجِد نبيره قدوة الواصلين وزبدة السالكين حَضْرَة الشاه وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين الْعلوِي الْحُسَيْنِي الأحمد آبادي قدس الله تَعَالَى أسرارهما، وَكَذَلِكَ من حَضْرَة الشاه نصير الدّين خلف الصدْق شاه عبد الْمَاجِد وَكَذَلِكَ الملا أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مشاهير عُلَمَاء (أَحْمد آباد) صَاحب التصانيف أنار الله برهانهم ودرس عَلَيْهِ الْعُلُوم الظَّاهِرِيَّة المطولة ودرس التجويد على فريد الْعَصْر الشَّيْخ فريد رَحْمَة الله عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحَوَاشِي والمعروفة عَليّ الْمولى زَاده وَكتب دراسية أُخْرَى مَشْهُورَة ومعروفة، واتصل فِي (بيران بتن) بِخِدْمَة الفاضلي العارفي الَّذِي كَانَ يجلس مُنْفَردا فِي مَسْجِد (آدينه) ونال مَعَه الْبركَة والسعادة والتوفيق، وبأمر مِنْهُ ذهب إِلَى (شاه جهان آياد) وَتَوَلَّى قَضَاء (دهولقه) من تَوَابِع (أَحْمد آباد) فَقضى فِيهَا خمس سِنِين ثمَّ استعفى من ذَلِك وَعَاد إِلَى (أَحْمد آباد) واتصل بِخِدْمَة المرشد لعدة سنوات حظي فِيهَا بالتوفيق وَلما كَانَ المرشد يُرِيد الالتحاق بِجَيْش مُحَمَّد اورنك زيب عالمكير المعسكر فِي قَرْيَة (كلكله) ، فقد عزم الْأَمر على الرحيل، وَلما صَادف مُرُور الْعَسْكَر بِجَانِب (أَحْمد نكر) وَكَانَ فِيهَا آنذاك شاه عَسْكَر قدس سره الَّذِي وصلت إِلَيْهِ شهرة الْوَاحِد فَأَرَادَ الِاتِّصَال بِهِ وَكَانَ حينها يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشرَة) ، وَبِمَا أَن المرحوم وَالِدي كَانَ قد سمع عَن كمالاته فَأحب أَن يلازمه، وَلكنه وَهُوَ فِي الطَّرِيق أَخذ يفكر فِي مَاهِيَّة مَذْهَب شاه عَسْكَر فِي حِين أَنه يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) وَهُوَ مَعْرُوف أَنه لأتباع الْمَذْهَب الإمامية، ولكنهما عِنْدَمَا التقيا وتباحثا فِي الْمسَائِل والقضايا، وَبَان الِاتِّفَاق بَينهمَا، فَقَامَ وَالِدي بتقبيل الأَرْض بَين يَدَيْهِ، فَأَجَازَهُ، فالتحق وَالِدي بالعسكر وَأمره بِقَضَاء (أَحْمد نكر) ، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء زَارَهُ طَائِر الْمَوْت فَتوفي وَجعل قَبره مَا بَين (أَحْمد نكر) و (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) خَارج بوابة (شاه كنج) ، بعد ذَلِك وبسبب من ظلم مُتَوَلِّي (أَحْمد نكر) الَّذِي كَانَ يحمي الْكفَّار وَيظْلم النَّاس قرر المرحوم وَالِدي السكن فِي قلعة (أَحْمد نكر) ، فَلم يبْق أحد من أكَابِر والسادات وَجَمَاعَة الْمُسلمين إِلَّا وأتى إِلَى قلعة (أَحْمد نكر) طَالبا مِنْهُ أَن يعود للسكن فِي مَدِينَة (أَحْمد نكر) وَلكنه لم يقبل. وَفِي سنة (1130) وَفِي لَيْلَة الْخَمِيس التَّاسِع عشر من شهر شَوَّال فِي الهزيع الْأَخير من اللَّيْل فَارق الدُّنْيَا إِلَى الدَّار الْآخِرَة، وَدفن فِي مَقْبرَة حَضْرَة شاه
بنكالي قدس سره الْوَاقِعَة فِي مُقَابل القلعة وَقد كَانَ عثماني النّسَب يَعْنِي أَنه من أَوْلَاد جَامع الْقُرْآن كَامِل الْحَيَاة وَالْإِيمَان حَضْرَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وجده الْأَعْلَى صَاحب الْفَضَائِل والكمالات الْوَاصِل إِلَى منزلَة الْحَقَائِق والمعارف قدوة العارفين حَضْرَة مَوْلَانَا حسام الدّين قدس سره وَنور مرقده. وينتسب إِلَيْهِ عَن طَرِيق الشَّيْخ عبد الرَّسُول ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْوَارِث ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْملك ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد إِسْمَاعِيل ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن مَوْلَانَا الشَّيْخ حسام الدّين العثماني قدس الله تَعَالَى أسرارهم ومرقده الشريف يَقع فِي (كلكشت) من نَاحيَة (كبيرنبج) الْوَاقِع على بعد سِتَّة فراسخ من (أَحْمد آباد) إِلَى الْجِهَة الغربية وَهُوَ مقصد للزائرين. والناحية الْمَذْكُورَة تعْتَبر موطن وَمَكَان ولادَة المرحوم وَالِدي وأجداده. وَقد توَلّوا فِيهَا الْقَضَاء والخطابة مُنْذُ الْقَدِيم، أما جده لأمه فَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الْمُسْتَغْرق فِي بحار معرفَة الله (مخدوم شيخو) قدس الله سره الْعَزِيز وَهُوَ فيض من جناب قدوة الواصلين وزبدة العارفين أستاذ الْجَمِيع حَضْرَة شاه (وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين) الْعلوِي الْحُسَيْنِي الأحمد آبادي قدس الله سرهما وَنور مرقدهما. وَقد أنْشد الشَّاعِر (بزركي) قصيدة فِي شمائل هَذَا الشَّيْخ تقع فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بَيْتا تحدث فِيهَا عَن فَضَائِل وأخلاق وَعلم ودرجة هَذَا الْعَالم الْجَلِيل ومكانته العلمية والأدبية والاجتماعية وموقعه الديني فِي زَمَانه.

رطوبات البدن

رطوبات البدن:
[في الانكليزية] Body humidity
[ في الفرنسية] Humidites du corps
منها أوّلية ومنها ثانوية. فالأولى الأخلاط كما في شرح القانونچة. وفي بحر الجواهر فالأولى هي الأخلاط المحمودة، والثانية قسمان: فضول وهي الأخلاط المذمومة وغير فضول وهي أربعة أصناف. الأولى المحصورة في تجاويف أطراف العروق الشّعرية السّاقية للأعضاء. والثانية المنبثّة في العروق الصغار المجاورة للأعضاء الأصلية بمنزلة الطّلّ، وهي مستعدّة لأن تستحيل غذاء عند فقدان البدن الغذاء، ولأن تبلّها إذا جفّفها سبب من حركة وغيرها. والثالثة القريبة العهد بالانعقاد المستحيل إلى جوهر الأعضاء بالمزاج والشّبه لا بالقوام التام. والرابعة الرطوبة المداخلة للأعضاء الأصلية منذ ابتداء الخلقة الحافظة لاتصال أجزائها، وتقال لهذه الرطوبات رطوبات أصلية.

لا ولا

لا ولا: لا: ليس فقط بل أيضاً (المقدمة 295:1، 6 و217:2، 2) وكذلك لا من كذا ولا من حيث ولا من حيث (المقدمة 15:1، 367، 16، 17 و 270:13، 11).
أروح بلاك: سأذهب بدونك (بوشر).
لا: العرب يستعملون كَلا كي تعني في اللحظة نفسها الحريري 437، معجم جبير إذ أن [لا] لا تستغرق أكثر من مقطع واحد) ففي (حيان بسام 178:1) فلم يكن إلاّ كلا حتى حكم الله بالظهور لأقل الطائفتين عدداً وهناك أيضاً كلا ولا (الحريري 1:1 ومعجم بدرون ومعجم ابن جبير ومقدمة ابن خلدون 36:1، 8 والبربرية 279:2، 12، 294 و386:1 وابن صاحب الصلاة 84: فلم يكن إلاّ كلا ولا حتى .. الخ الخطيب 113): ولم يكن إلاّ ولا (أضف هنا كلمة حتى) أقبلت الطلائع منذرة بانقبال العدو.

حَبّ

حَبّ: حَبَّ: تلعب حباً، تملق ولاطف، وعانق (ألكالا) وفيه ( Retocar راجع فيكتور).
حبَّب (بالتشديد): جعله يحب (ألكالا).
وحبّب (الزرع) بدا حبه وكثر (فوك، بوشر، ابن العوام): 646).
حبب الجلد: صار علية ما يشبة الحبَّ، فهو مُحبَّب: عليه ما يشبه الحب (بوشر) أحَبَّ: بمعنى مال اليه، ويتعدى بفي إلى المفعول. بدل أن يتعدى بنفسه حين يستعمل بمعنى رغب، لا أحب، انظر المقرى2: 247 وتعليقه ف، رسالة إلى فليشر ص 123).
وأحبه على غيره آثره على غيره (فريتاج المنتخب ص76) وعند لين استحبه على غيره بمعنى آثره عليه.
تحبَّب لفلان تودَّد إليه وجعله يحبه (فوك).
استحبَّ: صار محبوبا (ألكالا).
حَبَّ، وجمع الجمع حبوبات: الحبوب كالقمح والشعير وغير ذلك (بوشر).
وحبَّ: أقراص (الدواء) واحدته حّبة، ويجمع على حبوب.
حب الصفراء: مفرغ الصفراء.
حب المعدة: هاضوم، مساعد على الهضم، نافع للمعدة حب النساء: حب الجنون (الهستيريا) (بوشر).
وحب: سفلس، زهري (بوشر) وهو اختصار حب فرنجي.
وحب: كرز، وشجرة الكرز (ألكالا) وهو مختصر حب الملوك وفي معجم فوك شجرة الكرز وهي شجرة الحب. والجمع حبوب اسم طعام يتخذ في القاهرة يوم عاشوراء ونجد صفته عند لين، عادات (186: 2).
حب بَرَد: حب الغمام، سقيط (بوشر).
حب البركة: اسم حب صغير اسود (زيشر 519: 11) وفي صفة مصر (382: 17): حب البَرَكات، راجعه في بَرَكة.
حب البلسان: انظر بلسان.
حب التفاح: نبيذ العسل (المعجم اللاتيني) وفيه ( Idromelum بئر ثم حَبّ التفاح).
حب الرأس: زبيب الجبل، زبيب بري، حشيشة القمل (معجم الأسبانية ص31).
حب الرشاد: انظر لين في مادة الرشاد حب رشيد فيما يقول براكس (مجلة الشرق والجزائر 8: 346) نفس معنى النبات السابق أي: ( Lepidium sativium) .
حب الزَلَم: الدعبيب (سنج، ألكالا،
راولف ص63، ابن البيطار 279: 1 المستعيني، معجم المنصوري مادة (زلم) وينطقونه في المغرب حب الزُلَم. لأن الحروف الأول مضموم عند المستعيني وفي معجم المنصوري ومفتوح في معجم أكالا) حب السلطان: كرز (هوستص305) راجع: حب الملوك حب السُمنْة: نبات اسمه العلمي ( C annabis) ( ابن البيطار 260: 1) دي ساس طرائف 84: 1) حب الشوم ثمزة القرانيا (بوشر).
حب الصبيب: حب الرأس (المستعيني في مادة حب الرأس) حب الصنوبر: نواة الصنوبر (بوشر).
حب الطاهر: حب البنجنكُشتِ (بوشر). حب العُبّ: ضرب من حلي النساء (محيط في مادة عب).
حب العرعر: حب الأبهل، جوز الأبهل (بوشر). حب العرق: عقد الماء الذي ينضح من جسم الإنسان من اثر الحر (دوماس حياة العرب ص 425).
حب عزيز، ويقال حب العزيز وهو ليس باللغة الجيدة: حب الزلم (ليون ص580، مارمول 288: 2، راولف ص63، رحلة في بلاد البربر ص170 حيث الصواب ( Habbagis) بدل ( Halbazis) باجني مخطوطات، صفة مصر 170: 12، براكس ص24، زيشر 524: 11، ابن البيطار 1: 279 مخطوطة د حيث يجب حذف هذه المادة لأنها لم ترد في مخطزطتي اب. ان لفظة حب جيحجي التي نقلها كروسكا من رحلة تارجيوني اسما لعرق يستورد من دمياط إلى طبرق ويؤكل محمصا مع الحمص هي تحريف للكلمة العربية.
حب الفول: ثمر الأسطر الميعة، وأهل الشام يصنعون منه المسابح الوردية (ابن البيطار 86: 2ك، 182ب). حب فَرَنْجي أو إفرنجي: سفلس، مرض الزهري (سنج، محيط المحيط).
حب الفَقْد أو حب الفَقَد كما يقول ابن البيطار (2: 260) وهو لا يعني حب الزلم فقط (ابن البيطار 1: 282، بوشر) بل يعني الجنيبة التي تحمل حب الزلم أيضاً (بوشر).
حب الفَهْم: بلاذر (سنج).
حب القثا: عنب الثعلب، هكذا جاء في تذكرة الأنطاكي. وعند ابن البيطار (1: 283) في مخطوطة 1: العنّا، وفي مخطوطة ب: العّنا، وفي مخطوطة دلس: الفنا.
حب القَرْع، وفي معجم وشر: دود حب القرع: خلقة الدودة الوحيدة، وسمي بذلك لأنه يشبه حب القرع. ففي معجم المنصوري: هو صنف من دود البطن قصير عريض يشبه حب القرع نقل إليه الاسم وتعرف به. وفي ابن البيطار (1: 7، 49،52): خرج حب القرع وهو ترجمة كلام ديسقوريدوس باليونانية. وفي شكورى (ص199د): وخاصة الجوز النفع من حب القرع (بيان 1: 295 - 296).
حب القرمز: حب الجادر (بوشر). حب القلب: تمر النشوة من النخل (سنج).
حب القَلَت، وليس القَلْت كما هو عند سنج، لابن البيطار (1: 282) يقول أن اللام المفتوحة: وهو الماش الهندي (ابن البيطار1 - 282)، سنج).
حب القِلْقِل: لم يقل ابن البيطار في هذه المادة (1: 282) ما ذكر سونثيمر أنه قاله. واكتفى بقوله يأتي ذكره في القاف أي مادة قلقل (2: 321). حب الكُلَى: هو عند عامة أهل مصر أناغورس أو خروب الخنزير (ابن البيطار1: 83، 279ب، 355) حيث يجب تبديل ((الحلاق)) التي ذكرها سونثيمر ب ((حب الكلى)) كما ورد في نسخة أب (ابن البيطار 2: 132) وهو اسم الشجرة أيضاً (بوشر).
حب الكوكلان: حب العرعر (بوشر).
حب اللهف: ثمرة الكاكنج (بوشر غي أن الحرف الأخير من هذه الكلمة هي دائماً، في مخطوطتنا لأبن البيطار، إذا لم أتوهَّم، واو وليس فاء، وهو اسمه عند عامة أهل الأندلس وعامة المغرب (ابن البيطار (1: 281، 2: 182، 339) حيث لا ذكر فيه للعرب بل عامة المغرب كما عند سوثيمر.
حب مًسْك: حب مًمَسَّك (بوشر).
حب المًسْك: زهرة العنبر، زهرة صغيرة، نبات اسمه العلمي Hibiscus) ( Abelmoschus L.) ونحن نقول: ( Ambrette) زهرة العنبر غير أن الاسم العربي حب المسك جيد أيضاً، لأن هذه الزهرة تتفَّتح برائحة العنبر والمسك جميعاً.
حب المَلِك: انظر ما يليه. حب الملوك: هو في الغرب اسم الكرز (المعجم اللاتين، فوك) وفي المستعيني مادة قراسيا: وهو حب الملوك (الملك) الذي عندنا (المقري 1: 121، 2: 409)، ابن بطوطة 1: 186، 2: 391، ابن العوام 1: 20، ابن البيطار 1: 282،2: 282 (تقويم ص28) حيث نجد في الحب الملوك كما في المستعيني بدل حب الملوك، وهذا مثل ما يقال الماء الورد (ألف ليلة برسل 2: 98). ويقال أيضاً حب الملك (ابن العوام 1: 133، شو 1: 223) أنظر كتابتها في مخطوطة ن في كلام المستعيني الذي نقلته. كما يقال: حب السلطان (هوست305) وهو ليس كما يقول هذا الرحالة أن السلطان وحده هو الذي له هذا الثمر، بل لنه طيب ولذيذ ومأكول الملك، يقول ابن ليون (ص8ق): القراسيا حب الملوك ويقال حب الملوك لأنه يلاك في الفم لرطوبته.
وحب الملوك يعني أيضا: حب الصنوبر الكبار (ابن البيطار 1: 282، ابن العوام 1: 269) وبعض أطباء المشرق يوقعونه على الماهدانه ( Euporbia Lathyris) ( ابن البيطار 1: 282، 2: 495). واسم حب مسهل (صفة مصر 12: 136). حب المُنتن: اسم دواء مركب مسهل، وصفه الرازي (معجم المنصوري).
حب النعام: هو عند عامة المغرب ثمرة الفشغ ( Smilax aspera) ( ابن البيطار 2: 256).
حب النيل: لا يعني السقمونيا كما نجد
في معجم فريتاج، لأن ابن البيطار (1: 279) يميز بينه وبين السقمونيا، بل يعني النيلج كما ترجمه سونثيمر (ابن البيطار1: 278،2: 184) وكليمنت موليه (ابن العوام
2: 307). ويذكر الكالا في معجمه ( Maravillas) حبة النيل و ( Maravilla) بالأسبانية تطلق على عدد كبير من النبات.
حب الهال: حبهان، هيل (بوشر، بركهارت نوبيه ص261).
حب هان: نفس المعنى السابق وهو أيضاً: حب الفردوس (سنج).
حب الميسم: مشكوك في صحة الاسم فهو عند ابن البيطار (1: 280): حب الميسم، وعند سونثيمر: حب البشم. وعند ابن جزله (مخطوطة 576): حب المعسم (كذا).
حب الكدول: حشيشة الزجاج (باجني مخطوطات). حب الكنس: الحب الصغير لنبات ( Cassia Monspeliensium) ( راؤلف 228).
حِبَّ: زير: إناء للبن (ميهيرن 27).
حِبُّ الصبيان، وحُبّ الصبيان أيضا: حشيشة الافعى، بلسكي (ابن البيطار 1: 170) وهو باليونانية أفارينوس (ديسقوريدوس في الثالثة).
حِبًّ العَبَّ: وحب العب أيضا: حليه ذهبية تلبسها النساء (محيط المحيط).
حُبّ. الحَبّ: المحبوب: (بوشر).
حُب الصبيان: انظر المادة السابقة.
أصحاب الحُبّ: هم الذين يحبون الله (المقري 3: 675).
حَبَّة مرادف قطعة، وتستعمل بمعنى واحد واحدة، يقال: هذا البرتقال قيمة الحبة منه خمس وعشرون سنتا، أي الواحدة منه (معجم الادريسي، تاريخ البربر 2: 138).
وحَبَّة: قطعة صغيرة من النقد (الثعالبي لطائف ص31). وفي المثل: محبة بلا حَبَّة ما تساوي حَبَّة أي محبة بلا فلس ما تساوي حبة حنطة. بمعنى لا تساوي شيئاً وهذا المثل موجود ببداية ألف ليلة (وقد أهملت الإشارة إلى الصفحة) وتجده أيضاً عند فريتاج (الأمثال 3: 89 رقم25) ولكنه مكتوب بصورة غير صحيحة.
ومثنَّى حبة حبتان (البكري ص62).
وحبة اسم حلية النساء، وهي ضرب من حبة ذهبية للمسبحة على شكل مكعُّب قطع جزء من كل زاوية منه (لين عادات 2: 409) وقد ترجمها دافيدسن (ص69) بما معناه خرزة. ثم ذكر حبة صغيرة وهي قطعة مدوَّرة من العقيق أو اليشيب.
حبة جديدة: خرزة مسبحة سوداء بيضية الشكل مخططة بخطوط دائرية بيض أو ذات لون ازرق فاتح (ابن ليون 152).
حبة القلادة من شعره: أم القلادة وهي اجمل قطعة من شعره (معجم مسلم).
وحبّة: وباء طاعون جارف (دومب ص89، هلو).
وحبة: قبله، لثمة (دوماس، حياة العرب ص357).
حبة البَرَكة: انظرها في مادة بَرَكة وفي مادة حب.
حب الثدي: حساء، سخينة (باين سميث 1251).
حب الحلوة: أهمل فريتاج خطاً منه حرف التعريف إلا من الكلمة الأولى (معجم الادريسي)، انيسون، وهي بلغة أهل الأندلس فيما يقول ابن البيطار (1: 281). حبة حلاوة: حبة حلوة (بوشر) بربرية حبة السمنة: نبات غير معروف في المغرب (معجم المنصوري) وهو نبات اسمه العلمي ( Cannabis sativa) ( انظرها في مادة حب).
حَبّة السَنَة: بثرة حلب، ضرب من الأمراض ذات البثور والدمامل (جويون 241).
حبة سوداء أو الحبة السوداء: لا يراد بها الشونيز (حبة البركة) فقط، هي مرادف لكلمة بشمة وتشميزج أيضاً (انضر الكلمتين) أي إنها حبة سوداء يؤتي بها من اليمن وتستعمل في علاج العين (ابن البيطار 1: 282، 2: 35) انضر عبارة معجم المنصوري التي نقالتها في مادة تشميزج.
وهي أيضاً برز الشمار (الرازيانج) (لين عادات 1: 383، 2: 308).
حبة العين: مرادف ششُم (انظر الكلمة) سنج، عوادة ص332).
وحبة العين: إنسانها (بوشر ,محيط المحيط) حبة قنيدية: حبة المثنان. ابن البيطار 1: 282،2: 488)
حبة الملوك: فربيون (نبات) (بوشر).
حبة النيل: انظرها في مادة حب.
على حبة: على لاشي (بوشر).
حُبَّة: أن نساء مراكش، فيما يقول لامبريير (ص383) يستعملنها للسمنة يسمينها فيما يقول الحُبَة فهن يسحقنها حتى تصير مثل الدقيق ويأكلنها مع الكسكسية.
حُبّيِ: نسبة إلى الحب: ودادي - محب القريب، مُحسن - رقيق القلب، حنوى (بوشر).
حَبّية قلادة تصل إلى القدم (همبرت 23).
حَبَب: رغوة، زبد (فوك) حَبِيب: الف، حِبّ. ويجمع على حّبّائِب (بوشر).
حَبيبَة: وتجمع على حَبائِب. وقد ترجم معجم فوك ( Bruxa) بحبيبة أي عاشقة مغرمة وبقرينة أي صاحبة عشيرة. وبكابوس أي حضون وهي روح شريرة يزعم إنها تحتضن النساء وهن نيام (حسب ما في المعاجم)، فمن الواضح إذا أنه يرى أن ( Bruxa) لا تذل على الساحرة مثل ما تعنيه كلمة ( Bruja) بالأسبانية، بل تدل على سقوبة وهي شيطانة تتخذ صورة المرأة وتضاجع الرجال في أثناء نومهم كما كان يعتقد منذ زمن طويل.
حَبَابَة: حبب، رغوة، زبد (فوك).
حَبُوبَة: دبيلة، دملة الطاعون (همبرت ص37) - وطاعون (بوشر بربرية، همبرت ص36 رولاند، دوماس عادات ص55).
حبوية الكرش: إسهال، مُشاء (دوماس حياة العرب ص426).
حَبَّاب: تَاجر الحبوب تاجر البر، لأن سوق الحَبَّابَة يعني فيما يقول برتون (1: 374) سوق البر، وعلى كل فإن حَبَّابَة جمع حَبَّاب وهي تعني حرفيا: سوق تجار البر.
حّبَّابَة: محظية، خليلة، سرية (بارت 3: 359).
تَحْبِيب: تحثر يحدث في الجزء الداخلي من جفن الفرس (ابن العوام 2: 581).
مُحِبّ: تقى، ورع، محب لله (ابن جبير ص249، المقري 1: 588، 939،2: 666). وتطلق هذه الكلمة على الصوفية خاصة.
المحبّان: اسم كوكبين في آخر برج الجدي (القزويني1: 37، ألف استر 1: 79).
مَحَبَّة: يقال: محبَّ فيك، ويسر محبَّتك: نخبك. (بوشر).
محبة النَفْسِ: الآنية (بوشر).
بمحبّة: بدالّة، بلا تكلف (ألكالا). على محبتك: بفضل كرمك (ألف ليلة 2: 120) وفي ترجمة لين: بفضل جودك أو إحسانك.
مُحَببَّ: كثير الحبوب، كثير البزور (بوشر)، ابن العوام 1: 323 وفي المستعيني: لقاح الورد هو بزر الورد وهو الذي يكون في وسط الورد الأصفر المحبب. وكذلك هو في مخطوطة لا، وفي مخطوطة ن: وهو الصفرة المحبَّبة في وسط الوردة.
وفي رحلة ابن بطوطة (3: 11): الرمان المحبَّب ويظهر أن معناه نوع من الرمان كثير الحب. وقد فسرتها التراجمة تفسيراً آخر وأرى أن تفسيرهم هذا غير مقبول.
ويقال: لَزْمَة محبَّبة وربما كان معناها وردة اللجام وهي زينة توضع على لجام الجواد، انظر كرامة).
مَحْبوب أو محبوب ويجمع على محابيب: ضرب من السكك الذهبية في بلاد المشرق (بوشر) همبرت ص218) ومحبوب مصر يساوي خمسة فرنكات وثمانية وخمسون سنتاً (رولاند).
مُتَحابّ، الأعداد المتحابة: هي 220، 284. وينسب إليها أثر كبير في فن الطلسمات. انظر المقدمة (3: 129) وتعليقات دي سلان عليها.
مُستَحَبّ: (ضد مستحقّ وهو ما أمر به الشرع): وهو ما صبح عادة مألوفة عند الناس ولم يأمر به الشرع (الملابس 174 رقم 7).

وجّه

وجّه: ساند، أيّد، سعَف، ساعد (المقدمة 18:1): من غير ضرورة إلى هذا المحمل البعيد الذي يجلب لتوجيهه أمثال هذه الحكايات الواهية (المقري 495:1 - أنظر إضافات): وهو ضابط متقن حسب التوجيه للحديث صدوق.
وجّه: نطق بالقرار، وجّه القاضي الحكم على فلان (أخبار 4:128 أنظر توجَهَ).
وجّهتْ لألفاظه المعاريض: أي أرادوا أن يجدوا ألوان الالتباس في كلامه (المقري 13:591:1).
وجّه: التعبير الذي استشهد به (فريتاج) يجب أن يقرأ بالصورة الآتية: وجّه الحجز وجهةً ما له أو وجهةً (أنظر محيط المحيط). (قد يكون التشديد زائداً مع ما هنا -أنظر الهامش- المترجم)؛ وكذلك حجارة موجّهةٌ أي مرتبة منسقة (زيتشر 411:15): قد رُفعت قواعده بالحجارة الموجهة كبارّ مؤلفة (أنظر معجم الجغرافيا).
وجّه: أدخل introduire ( هلو).
وجّه لمملوكه: في (محيط المحيط): ( .. ووجه لمملوكه قال له أنت حر بعد موتي). أنظر في مادة وجّه تعبير أنت حر لوجه الله ورفع وجهه حراً.
واجه: التقاهُ وحدثهُ، كلّمه بنفسه (ابن عبد الملك 156): منعه المنصور من تلك الصلة التي كان يترقبها ويتطلع إليها فرفع
إليه قيها فلم يعطه إياها حتى واجهه فيها وشافهه فأعطاه إياها؛ وهناك أيضاً واجَهَه به: ردّه أو جاوبه به repliquer ( المقري 2:215:1): فاستظرف جوابها وأغضى عن مواجهتها بمثل ذلك. واجه ب: واجه: أنظر فيما يأتي اسم المفعول واسم المصدر.
توجّه: (بقطر) استعمل صيغة توجّه على بمعنى صار، انتقل إلى؛ إلا إنني أعتقد إن استعمالها مع على يؤدي إلى لُبس كلامي Lapsus calami والصحيح توجه إلى جاء عند (مولر 2:21): توجه العدو منتفريد ويبدو أن كلمة إلى قد سقطت.
توجه إلى العافية: دخل في دور النقاهة، تماثل للشفاء (بقطر).
توجّه = وجه وجهه لله (أنظر فريتاج في وجّه): توجّه نحو الله، صلّى (المقري 15:600:1): بين توجه وعبادةٍ وتصنيف (8:708:2) (أقرأها تعرفه أنظر رسالة إلى السيد فليشر 228)؛ أنظر (المقدمة 5:145:3 كالتوجهات للكواكب والدعوات لها.) توجّه على فلان: قصد s'adraessera ( ابن جبير 7:388): فذلك مَنْ لا يتوجه هذا الخطاب عليه.
توجه إلى بوسيلة: تقرّب منّي بتدخّل شخص آخر. يقال: في الصلاة: يا رب إني أتوجه إليك بمحمد وآله (صلى الله عليه وسلم) فاغفر (معجم الطرائف).
توجّه: نطق بالحكم عليه: توجه الحكم عليه (المقري 131:1 و14:134:14) (ابن بطوطة 285:3 و286).
توجّه: أرسل (الأمر) (ابن بطوطة 164:1).
توجّه: أصبح ممكناً، نجح (المقري 12:170:1): دخل قو قومونة بحيلة توجهت بأصحاب بليان.
كلما توجه عنده مال: في كل مرة كان عنده مال أو -عند مؤلفين آخرين- اجتمع أو تهيأ (معجم الطوائف) توجه عند السلطان: أنظر كلمة (وجه).
توجّه: وضع على وجهه قناعاً (معجم الأسبانية 310).
أحمق ما يتوجه: في (محيط المحيط): ( .. وفي المثل أحمق ما يتوجه أي لا يحسن أن يأتي الغائط).
تواجهوا: التقى أو رأى أو نظر أو تردد بعضهم على بعض؛ إن شاء الله نبقى نتواجه (بقطر) -الجملة عامية صرف. المترجم-.
تواجه مع: اجتمع به للتحدث (بقطر).
اتجه إلى: في (محيط المحيط): اتجه إليه اتجاهاً أقبل).
اتجه إلى العافية أو للعافية: دخل في طور النقاهة، استعاد صحته، تماثل للشفاء (بقطر).
لا يتجه لشيء: لا يدرك شيئاً مما يدور حوله (البكري 102).
اتجه ل: في (فوك) انظر مادة Posibilis: اتجه له الشيء الذي أصبح ممكناً له (معجم الجغرافيا).
وجه. وجه بوجه أو الوجه في الوجه: وجهاً لوجه (بقطر).
وجهَك وجهَك: أحذر! (كوبان 176).
غلق الأبواب في وجهه: (معجم بدرون).
الطريق مسدود في وجههم (بقطر)؛ قام في وجه القوم: قاومهم (شذرات دي غويا)؛ في وجه فلان أو في وجوه حين يتعلق الأمر بأشخاص كثيرين وكذلك تعني: وجهاً لوجه .. أو في مقابل .. (معجم الجغرافيا).
تبسم في وجهه أو ضحك في وجهه: تبسم حين رآه، فحياه بابتسامة تقدير ومجاملة وعاطفة .. الخ. وفي الضد من هذا عبس في وجهه، كلح في وجهه، كنّصَ في وجهه، كذّبه في وجهه (معجم شذرات دي غويا).
وجه: من المعاني المجازية هناك خمش وجه الحديث أي كشف سراً (معجم الجغرافيا).
وجوه الأموال: الإيرادات أو مصادر الدخل (معجم الجغرافيا).
والوجه ل: .. وكيف؟ Comment ( معجم الجغرافيا).
وجه: اصطلاح عند المنجمين فهم يقسّمون كل رموز البروج إلى أوجه ثلاث لكل وجه عشر درجات. والأوجه الستة والثلاثين مخصصّ كل واحد منها لكوكب، إما للشمس أو للقمر (هذا هو مضمون ملاحظة السيد دي سلان أو هامشه على مقدمة ابن خلدون 130:3): حلول الشمس بالوجه الأول أو الثالث من الأسد.
وجه معار: وجه مستعار أو مزيف أو قناع (الكالا)، ويسمى أيضاً وجه عيرة (بقطر، بومرن) أو وجه وحدها (الكالا) (الفخري 213): وكان قد عمل وجهاً من ذهب وركّبهُ على وجهه لئلا يُرى وجهه.
رفع وجهه حراً: أنظر الجملة في مادة (رفع).
وجه: واجهة بيت، شرفة (بوسويه، كوسج، كرست 2:10): وإذا خاطه علّقه على وجه الدكان حتى ينظره كل مَنْ يجوز الطريق.
في الوجه: خارج البيت (شذرات دي غويا): hors de la maison dehors.
وجوه: المجموعة الأمامية من ريش النعام (جاكسون 64 وتيمب 27 b ولعل هذا هو المقصود من الذي ورد في البيان) في قوله: من وجوه المايه (؟) 853 ومن ريش النعام عشرة أرطال ميزاناً.
وجه الزمان: الربيع (عبد الواحد 5:186).
على وجه الدهر: سابقاً، قديماً، في العصور الغابرة (معجم البلاذري، أبي الفداء تاريخ ما قبل الإسلام 4:258). وكذلك تعنى: منذ الأزل (الثعالبي لطائف 9:131): عين تجري سبع سنين دأباً وتنقطع سبع سنين دأباً معروفة بذلك على وجه الدهر. وجه: عمل من أعمال التقوى لوجه الله أو ابتغاء وجه الله: عبارة قرآنية (أنظر 109:2، 274 و22:13 و37:30 و38 و27:35 و9:56) ومعناها (حسب المفسرين) من أجل محبة الله أو لوجهه فقط: أنظر (قرطاس 6:19 و7:25 و6:280. وفي رياض النفوس 99): يقول السيد لعبده (لو حدث هذا فأنت حر وزوجتك وأولادك أحرار لوجهه وابتغاء ثوابه العظيم (كوسج كرست 12:56). إن تعبير عاملت وجه الله فيه (عباد 2:162. انظر 222:3) ومعناها: رضيت بهذه المهمة لحب الله أو ارتضيت القيام بهذا العمل حباً لله) وذلك برفض قبض الأجر المرفق به.
وجه: سبب، باعث (عبد الواحد 2:2 المقدمة 9:882 و 15:342، أخبار
152: 2): فأقلل من الكتاب فيما لا وجه له ولا نفع فيه.
على وجهه: بالضبط، حرفياً (معجم شذرات دي غويا، البكري 3:164): تعلم الشرع على وجهه. وكذلك على الوجه (ابن خلكان 5:42:9): يا أمير المؤمنين لو حلف حالف أن نصرانياً أو يهودياً لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفّارة الحنث لأن الله تعالى ختم على قلوبهم.
أخذ الشيء على وجه السوء: استاء من شيء أو أغتاظ من شيء Prendre une chose en mal.
وجه كوكب: أي أوجه الكوكب المختلفة (بقطر).
وجْهُ تهمة: وجه الاتهام مفادهُ أو مبتغاهُ (بقطر).
وجه: مَظْهَر، احتمال عقلي، ظاهر الحق، مشابهة للحق وعلى سبيل المثال هذا ما له وجه؛ لا وجه لذلك il n'y a nulle apparence a cela ( بقطر).
وجه الأمر: نصيب، حظ وعلى سبيل المثال: هذا هو الوجه الأقرب للعقل هاهو الحظ الأقرب في احتمال الحدوث؛ وجه أمر: مدار القضية، شكلها أو هيئتها وعلى سبيل المثال أرواهم الأمر بوجه حسن:، دبر الأمر أحسن تدبير donner un bon a affaire.
ذهب في وجهه: اتخذ سبيله (كليلة ودمنة): فأراد الخروج إلى بعض الوجوه لابتغاء الرزق وكان عنده مائة منْ حديد فأودعها رجلاً من إخوانه وذهب في وجهه. وكذلك خرج لوجهه. وفي (بدرون 14:203): وخرج لوجهه نحو المصعب ومضى لوجهه (قرطاس 6:28، النويري 458، البلاذري 10:3). وعكسها انصرف عن وجهه (أبحاث 174:1 من الطبعة الأولى).
فرّ على وجهه: ابتعد بكل ما في قديمه من طاقة (ابن الخطيب 70): فرّ هو لوجهه حتى لحق ببجاية. وفي (محيط المحيط): (ومضى على وجهه أي دون مبالاة ولا اعتبار).
خرج من (أو عن) وجهه: تجنب لقاءه (معجم شذرات دي غويا).
أخذ وجهاً عند السلطان: نال حظّاً منه (الفخري 258): إن كان الحسين - يريد أن يأخذ وجهاً عند المأمون بما فعل فلنأخذن نحن وجهاً عند خليفتنا الأمين بفكّه وتخليصه وإجلاسه على السرير. وكذلك توجه عند السلطان. أنظر توجّه.
له وجه معَ: له دالة على فلان (بقطر).
على وجه الماء: (بوسويه، المقري 161:1) في الحديث عن أحد القصور (فوجده مبنياً من وجه الماء بصُمّ الحجارة فوق زرجون وضع بينها وبين الماء بأحكم صناعة).
صعد مع وجه جرى الماء: أي بعكس التيار (جي جي شولتنز 237:2).
وجه: رحلة، مسيرة، حملة (عبد الواحد 9:200 و7:208 و2:226، والمقري 217:2).
وجه: مرّة (ألف ليلة 364:1) فأني وهبتك روحك مرة ثانية فأن في الوجه الأول أكرمتك فيه لأجل نبيك فأنه ما أحلَّ قتل النسوان. وفي الوجه الثاني لأجل ضعفك .. الخ. وفي (الماسين 278): ما قصدت جهة إلا استعنت بالله عليها إلا هذا الوجه.
وجه: بقعة، بلد (كليلة ودمنة 132): فأراد الخروج إلى بعض الوجوه (في أخبار 1:3): وأخرجه إلى ذلك في نفر قليل.

هنشير

هنشير:
هنشير والجمع هناشِر: الاسم الذي كان يطلق على الخرائب الرومانية في أفريقيا (شيرب، بوسويه، بارت، 69:52:1 الخ، باليسييه 19، 344 الذي أضاف، مازحاً، في حديثه عن امرأة قد شاخت: إنها هنشير).
هِنشير: إقطاعية، حقل، مزرعة، أرض مستأجرة (بوسويه). وتمشياً مع (بليسيه) فإن هذه المعاني قد تفرّع بعضها من بعض، فهو يقول: (إن الخرائب موجودة، في الغالب، في الأماكن الأشد خصوبة فصار من المعتاد أن يطلق عليها اسم هنشير henchire تدريجياً، أيضا، منذ أن بدأت تشمل الاستثمارات الزراعية كافة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.