Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: منتهى

أَعِزّاءٌ

أَعِزّاءٌ
الجذر: ع ز ز

مثال: إِنَّهم أبناءٌ أَعِزّاءٌ
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -إِنَّهم أبناءٌ أعِزّاءُ [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَعِزّاء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَوَاصِرَ

أَوَاصِرَ
الجذر: أ ص ر

مثال: يَرْتَبط العرب بأوَاصِرَ أُخُوَّة
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لجرّ كلمة «أَواصِر» بالفتحة، مع مجيئها مضافة.

الصواب والرتبة: -يرتبط العرب بأَوَاصِرِ أُخُوَّة [فصيحة]
التعليق: كلمة «أَواصِر» من الكلمات الممنوعة من الصرف؛ لأنها من صيغ منتهى الجموع، ولكن انتفى سبب منعها من الصرف لمجيئها مُضافة؛ ولذا فحقّها الجرّ بالكسرة، مع ملاحظة أنَّ هذا الخطأ يحدث في الكلمات المجرورة فقط، حيث تجرّ خطأ بالفتحة، أما التنوين فغير وارد لأنه ممتنع، إما للإضافة أو لوجود «أل».

أَنْبِيَاءً

أَنْبِيَاءً
الجذر: ن ب أ

مثال: نَحْن بَشَرٌ ولَسْنا أَنْبِيَاءً
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -نحن بَشَرٌ ولسنا أَنْبِياءَ [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَنْبياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَلِبّاءٌ

أَلِبّاءٌ
الجذر: ل ب ب

مثال: طُلاَّبٌ أَلِبّاءٌ متفوّقون
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -طلاّبٌ أَلِبّاءُ متفوّقون [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَلِبّاء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَثْرِياءٌ

أَثْرِياءٌ
الجذر: ث ر ي

مثال: هُمْ أَثْرِياءٌ بما لديهم من كرامة
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -هم أثْرياءُ بما لديهم من كرامة [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَثْرياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَقْوِياءٌ

أَقْوِياءٌ
الجذر: ق و ي

مثال: هَؤُلاء مصارعون أَقْوِيَاءٌ
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -هؤلاء مصارعون أَقْوِياءُ [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَقْوِياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَغْنِيَاءً

أَغْنِيَاءً
الجذر: غ ن ي

مثال: صَادَقت رجالاً أَغْنِياءً
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -صادقت رجالاً أَغْنِياءَ [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَغْنِياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَغْبِيَاءٍ

أَغْبِيَاءٍ
الجذر: غ ب

مثال: لَسْنا بأَغْبِياءٍ
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -لَسْنا بأَغْبِياءَ [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَغْبياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَعِفّاءٌ

أَعِفّاءٌ
الجذر: ع ف ف

مثال: هُمْ أَعِفّاءٌ عن الحرام
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -هم أَعِفّاءُ عن الحرام [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَعِفّاء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

أَجِلاّءٌ

أَجِلاّءٌ
الجذر: ج ل ل

مثال: عُلَمَاءُ أَجِلاّءٌ بخلقهم
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -علماءُ أَجِلاّءُ بخلقهم [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَجِلاّء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

المخرج

المخرج:
[في الانكليزية] phonetics ،phonology ،denominator
[ في الفرنسية] Phonetique ،phonologie ،denominateur
اسم ظرف من الخروج هو عند القرّاء والصرفيين عبارة عن موضع خروج الحرف وظهوره وتميّزه عن غيره بواسطة صوت. وقيل المخرج عبارة عن الموضع المولّد للحرف، والأول أظهر كذا في تيسير القارئ والدقائق المحكمة. ومعرفة المخرج تحصل بأن تسكّنه وتدخل عليه همزة الوصل وتنظر أين ينتهي الصوت فحيث انتهى فثمة مخرجه. ألا ترى أنّك تقول آب وتسكت فتجد الشفتين قد انطبقت إحداهما على الأخرى كذا في بعض شروح الشافية.
فائدة:
اختلفوا في مخارج الحروف، فالصحيح عند القرّاء ومتقدّمي النحاة كالخليل أنّها سبعة عشر. وقال كثير من الفريقين ستة عشر، فاسقطوا مخرج الحروف الجوفية وهي حروف المدّ واللين، وجعلوا مخرج الألف من أقصى الحلق، والواو من مخرج المتحرّكة، وكذا الياء، وقال قوم أربعة عشر فأسقطوا مخرج النون واللام والراء وجعلوها من مخرج. قال ابن الحاجب: وكلّ ذلك تقريب وإلّا فلكلّ حرف مخرج لأنّ الصوت الساذج الذي هو محلّ الحروف والحروف هيئة عارضة له غير مخالف بعضها بعضا حقيقة بل بحسب الجهارة واللّين والغلظة إلى غير ذلك، ولا أثر لمثلها في اختلاف الحروف لأنّ الحرف الواحد قد يكون مهجورا وخفيا، فإذا كان ساذج الصوت الذي هو مادة الحرف ليس بأنواع مختلفة، فلولا اختلاف أوضاع آلة الحروف أي مواضع تكوّنها في اللسان والحلق والسّنّ والنّطع والشّفة وهي المسمّاة بالمخارج لم تختلف الحروف، إذ لا شيء هاهنا يمكن اختلاف الحروف بسببه إلّا مادتها وآلتها. ويمكن أن يقال أنّ اختلافها مع اتحاد المخرج بسبب اختلاف وضع الآلة من شدّة الاعتماد وسهولته وغير ذلك، فلا يلزم أن يكون لكلّ حرف مخرجا.

تفصيل المخارج:
المخرج الأول الجوف لحروف المدّ واللّين. الثاني أقصى الحلق للهمزة والهاء.
الثالث وسطه للعين والحاء المهملتين. الرابع أدناه من الفم [وهو رأس الحلق] للغين والخاء. الخامس أقصى اللسان مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك للقاف. السادس أقصاه من أسفل مخرج القاف قليلا وما يليه من الحنك للكاف. السابع وسطه بينه وبين وسط الحنك [الأعلى] للجيم والشين المعجمة والياء.
الثامن للضّاد المعجمة من أوّل حافة اللسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر وقيل من الأيمن. التاسع للام من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه وما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى. العاشر للنون من طرفه الأسفل من اللام قليلا. الحادي عشر للراء من مخرج النون لكنها أدخل في ظاهر اللسان.
الثاني عشر للطاء والدال المهملتين والتاء المثناة الفوقانية من طرفه وأصول الثنايا العليا مصعدا إلى جهة الحنك الأعلى. الثالث عشر لحروف الصفير الصاد والسين والزاء بين طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى. الرابع عشر للظاء والذال والثاء المثلّثة من بين الثنايا العليا. الخامس عشر للفاء من باطن الشّفة السفلى وأطراف الثنايا العليا. السادس عشر للباء الموحدة والميم والواو غير المدية من الشفتين. السابع عشر للخيشوم للغنّة في الإدغام والنون والميم الساكنة، وإن شئت الزيادة فارجع إلى الاتقان وشرح الرضي للشافية. والمخرج عند المحاسبين عدد يخرج منه الكسر قالوا إذا جزّئ الواحد الصحيح بأجزاء معيّنة سمّي مجموع تلك الأجزاء مخرجا وسمّي بعض من تلك الأجزاء كسرا، لكن المعتبر عندهم في المخرج أقلّ عدد صحيح يخرج منه الكسر وإنّما اعتبروا ذلك للسهولة في الحساب، فالمعتبر في مخرج الربع مثلا هو الأربعة إذ هي أقلّ عدد صحيح يخرج منه الربع لا غير كالثمانية والستة عشر والأربعة والعشرين مثلا، وإن كان الربع يخرج منها أيضا. والمخرج في اصطلاح أهل الجفر هو الحرف الحاصل من المدخل كما سيذكر.

أَبْرِياءٌ

أَبْرِياءٌ
الجذر: ب ر أ

مثال: هُمْ أَبْرِياءٌ من هَذَا الجُرْم
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لصرف هذه الكلمة، مع وجود ما يستوجب منعها من الصرف.

الصواب والرتبة: -هم أَبْرِياءُ من هذا الجُرْم [فصيحة]
التعليق: تستحقّ كلمة «أَبرِياء» المنع من الصرف؛ لأنها منتهية بألف التأنيث الممدودة، وهي ليست من أصل الكلمة، وقد توهَّم من صَرَف هذه الكلمة أنها لا تحقّق شروط صيغة منتهى الجموع لوجود حرف واحد بعد ألِفها، والواضح أنَّ علَّة المنع من الصرف فيها هي وجود ألف التأنيث الممدودة؛ ولذا لا تنوَّن في المثال.

السدر

السدر: تحير البصر، والسادر المتحير، ذكره أهل اللغة.

وقال الأطباء: السدر: ظلمة تعتري البصر عند القيام من النوم. 
(السدر) الدوار يعرض لراكب الْبَحْر

(السدر) شجر النبق واحدته سِدْرَة (ج) سدر وسدرة الْــمُنْتَهى شَجَرَة فِي الْجنَّة

المفرد

المفرد:
[في الانكليزية] Singular ،simple ،particular
[ في الفرنسية] Simple ،singulier ،particulier
بتخفيف الراء المفتوحة من الإفراد يطلق على معان. منها مقابل المركّب وعرّفه أهل العربية بأنّه اللفظ بكلمة واحدة، واللفظ ليس بمعنى التلفظ بل بمعنى الملفوظ، أي الذي لفظ. فالمعنى أنّ المفرّد هو الذي لفظ بكلمة أي صار ملفوظا بتلفّظ كلمة واحدة، ومآله أنّه لفظ هو كلمة واحدة، فإن ما يصير ملفوظا بتلفّظ كلمة واحدة لا بدّ أن يكون كلمة واحدة.
والمراد من الكلمة اللغوية ومعنى الواحدة التي ضمّت إلى الكلمة معلوم عرفا، فإنّ ضرب مثلا كلمة واحدة في عرف اللغة بخلاف ضرب زيد فلا حاجة إلى تفسير الكلمة الواحدة لغة بما لم يشتمل على لفظين موضوعين، ولا خفاء في اعتبار قيد الوضع في الحدّ لكونه قسما من اللفظ الموضوع فلا يرد على الحدّ المهملات.
على أنّا لا نسلّم إطلاق الكلمة على المهمل في عرف اللغة فلا يرد ما أورد المحقّق التفتازاني من أنّه إن أريد الكلمة اللغوية على ما يشتمل الكلام والزائد على حرف وإن كان مهملا على ما صرّح به في الــمنتهى لم يطرد، وإن أريد الكلمة النحوية لزم الدور، غاية ما يقال إنّه تفسير لفظي لمن يعرف مفهوم الكلمة ولا يعرف أنّ لفظ المفرد لأيّ معنى وضع انتهى كلامه.
وعرّف المركّب بأنّه اللفظ بأكثر من كلمة واحدة ومحصّله لفظ هو أكثر من كلمة واحدة، فنحو نضرب وأخواته مفرد إذ يعدّ حرف المضارعة مع ما بعده كلمة واحدة عرفا. فعند النحويين لا يمتنع دلالة جزء الكلمة الواحدة على شيء في الجملة، وعبد الله ونحوه من المركّبات الإضافية وبعلبك ونحوه من المركّبات المزجية، وتأبّط شرا ونحوه من المركّبات الإسنادية مركّبات وإن كانت أعلاما لكونها أكثر من كلمة واحدة عرفا هكذا في العضدي وحاشية السّيّد السّند في المبادئ. وقال المحقّق التفتازاني: وهذا يشكّل بما أطبق عليه النحاة من أنّ العلم اسم وكلّ اسم كلمة وكلّ كلمة مفرد، فيلزم أن يكون عبد الله ونحوه علما مفردا. والجواب أنّ المفرد المأخوذ في حدّ الكلمة غير المفرد بهذا المعنى انتهى. وكأنّه بمعنى ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه. والذي يسنح بخاطري أنّ إطباقهم على أنّ العلم اسم كإطباقهم على أنّ الأصوات أسماء، فإنّهم لما رأوها مشاركة للكلمات في كثرة الدوران على الألسنة في المحاورات نزّلوها منزلة الأسماء المبنية وضبطوها في المبنيات، فاسمية الأعلام المركّبة تكون من هذا القبيل أيضا. وبالجملة فالعلم المفرد اسم حقيقة والمركّب اسم حكما لأنّ معناه معنى الاسم.
اعلم أنّ المفهوم مما سبق حيث اعتبرت الوحدة العرفية أنّ مثل الرجل وقائمة وبصري وسيضرب ونحوها مفردة، لكنه يخالف ما وقع في شروح الكافية والضوء حيث عرّف اللفظ المفرد بما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه حال كونه جزءا، وأخرج منه المركّبات مطلقا كلامية أو غيرها، وكذا مثل الرجل وقائمة وبصري وسيضرب وضربت وضربنا ونحوها مما يعد لشدّة الامتزاج كلمة واحدة، وكأنّ للمفرد عندهم معنيين فلا مخالفة، لكن في كون المعنيين من مصطلحات النحاة نظرا، إذ قد صرّح في العضدي أنّ المعنى الثاني للمفرد وهو ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه من مصطلحات المنطقيين. وقال المحقّق التفتازاني في حاشيته إنّه لا يمتنع عند النحاة دلالة جزء الكلمة الواحدة على شيء في الجملة. فنحو يضرب وأخواته مفرد عندهم ويؤيّده ما في الفوائد الضيائية حيث قال: ولا يخفى على الفطن العارف بالغرض من علم النحو أنّه لو كان الأمر بالعكس بأن يجعل نحو عبد الله علما مركّبا، ونحو قائمة وبصري مفردا لكان أنسب انتهى. وقال المولوي عبد الغفور في حاشيته: الغرض من النحو معرفة أحوال اللفظ وتصحيح إعرابه، فإهمال جانب اللفظ والميل إلى جانب المعنى لا يلائم ذلك الغرض، ولا يخفى أنّ ذلك الإهمال لا يجري في كلّ ما يعدّ لشدّة الامتزاج لفظة واحدة وأعرب بإعراب بل فيما أعرب بإعرابين كعبد الله انتهى.
قال المنطقيون المفرد هو اللفظ الموضوع الذي لا يقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه، سواء لم يكن له جزء كهمزة الاستفهام أو كان له جزء ولم يدلّ على معنى كزيد أو كان له جزء دالّ على معنى ولا يكون ذلك المعنى جزء المعنى المقصود كعبد الله علما، فإن العبد معناه العبودية وهو ليس جزء المعنى المقصود وهو الذات المشخّصة وكذا لفظ الله، أو كان له جزء دالّ على جزء المعنى المقصود ولم يكن دلالته مقصودة كالحيوان الناطق علما لإنسان فإنّ معناه حينئذ الماهية الإنسانية مع التشخّص والحيوان فيه مثلا دالّ على جزء الماهية الإنسانية. لكن ليست تلك الدلالة مقصودة حال العلمية، بل المقصود هو الذّات المشخّصة، ويقابله المركّب تقابل العدم والملكة وهو ما يقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه كرامي الحجارة وقائمة وبصري ويضرب ونحوها، وإنّما لم يجعلوا مثل عبد الله علما مركّبا كما جرت عليه كلمة النحاة لأنّ نظرهم في الألفاظ تابع للمعاني فيكون إفرادها وتركيبها تابعين لوحدة المعاني وكثرتها بخلاف النّحاة، فإنّ نظرهم إلى أحوال الألفاظ، وقد جرى على مثله علما أحكام المركّبات حيث أعرب بإعرابين كما إذا قصد بكل واحد من جزئه معنى على حدّة. لا يقال تعريف المركّب غير جامع وتعريف المفرد غير مانع لأنّ مثل الحيوان الناطق بالنظر إلى معناه البسيط التضمّني أو الالتزامي ليس جزؤه مقصود الدلالة على جزء ذلك المعنى فيدخل في حدّ المفرد، ويخرج عن حدّ المركّب لأنّا نقول المراد بالدلالة في تعريف المركّب هي الدلالة في الجملة وبعدم الدلالة في المفرد انتفاؤها من سائر الوجوه، فالمركّب ما يكون جزؤه مقصود الدلالة بأيّ دلالة كانت على جزء ذلك المعنى، وحينئذ يندفع النقض لأنّ مثل الحيوان الناطق وإن لم يدل جزؤه على جزء المعنى البسيط التضمني لكنّه يدلّ على جزء المعنى المطابقي، ويلزمهم أنّ نحو ضارب ومخرج وسكران مما لا ينحصر من الألفاظ المشتقة مركّب لأنّ جوهر الكلمة جزء منه، وما ضمّ إليه من الحروف والحركات جزء وكلّ من الجزءين يدلان على معنى مختصّ به. واعتذر الجمهور عنه بأنّ المراد بالأجزاء ألفاظ أو حروف أو مقاطع مسموعة مترتّبة متقدّم بعضها على بعض، والمادة مع الهيئة ليست كذلك، وأنت خبير بأنّ هذا إرادة ما لا يفهم من اللفظ ولا نعني بفساد الحدّ سوى هذا.

التقسيم:
المفرد عند النحاة إما اسم أو فعل أو حرف وقد سبق تحقيقه في لفظ الاسم. وقال المنطقيون المفرد إمّا اسم أو كلمة أو أداة لأنّه إمّا أن يدلّ على معنى وزمان بصيغته ووزنه وهو الكلمة، أو لا يدلّ، ولا يخلو إمّا أن يدلّ على معنى تام أي يصحّ أن يخبر به وحده عن شيء وهو الاسم وإلّا فهو الأداة، وقد علم بذلك حدّ كلّ واحد منها. وإنّما أطلق المعنى في حدّ الكلمة دون الاسم ليدخل فيه الكلمات الوجودية فإنّها لا تدلّ على معان تامة. وقيد الزمان بالصيغة ليخرج عنه الأسامي الدّالّة على الزمان بجوهرها ومادّتها كلفظ الزمان واليوم وأمس وأسماء الأفعال، وإنّما كان دلالتها على الزمان بالصيغة والوزن لاتحاد المدلولات الزمانية باتحاد الصيغة، وإن اختلفت المادة كضرب وذهب واختلافها باختلافها، وإن اتحدت المادة كضرب ويضرب، ولا يلزم حينئذ كونها مركّبة لأنّ المعنى من المركّب كما عرفت أن يكون هناك أجزاء مرتّبة مسموعة وهي ألفاظ أو حروف، والهيئة مع المادة ليست كذلك، فلا يلزم التركيب. وهاهنا نظر لأنّ الصيغة هي الهيئة الحاصلة باعتبار ترتيب الحروف وحركاتها وسكناتها، فإن أريد بالمادة مجموع الحروف فهي مختلفة باختلاف الصيغة، وإن أريد بها الحروف الأصلية فربما تتّحد والزمان مختلف كما في تكلّم يتكلّم وتغافل يتغافل على أنّه لو صحّ ذلك فإنّما يكون في اللغة العربية، ونظر المنطقي يجب أن لا يختص بلغة دون أخرى، فربما يوجد في لغات أخر ما يدلّ على الزمان باعتبار المادة. وإنّما زيد وحده في حدّ الاسم لإخراج الأداة إذ قد يصحّ أن يخبر بها مع ضميمة كقولنا زيد لا قائم. والكلمة إمّا حقيقية إن دلّت على حدث ونسبة ذلك الحدث إلى موضوع ما وزمان تلك النسبة كضرب وقعد، وإمّا وجودية إن دلّت على الأخيرين فقط يعني أنّها لا تدلّ على معنى قائم بمرفوعها بل على نسبة شيء ليس هو مدلولها إلى موضوع ما، بل ذلك الشيء خارج عن مدلولها، وهذا معنى تقرير الفاعل على صفة وعلى الزمان ككان فإنّه لا يدلّ على الكون مطلقا بل على كون الشيء شيئا لم يذكر بعد، أي لم يذكر ما دام لم يذكر كان، وهذا التقسيم عند الجمهور. وأمّا الشيخ فقد قسّم اللفظ المفرد على أربعة أقسام وهو أنّ اللفظ إمّا أن يدلّ على المعنى دلالة تامة أو لا.
فإن دلّ فلا يخلو إمّا أن يدلّ على زمان فيه معناه من الأزمنة الثلاثة وهو الكلمة أو لا يدلّ عليه وهو الاسم، وإمّا لا يدلّ على المعنى دلالة تامة، فإمّا أن يدلّ على الزمان فهي الكلمة الوجودية أو لا يدلّ فهو الأداة، فالأدوات نسبتها إلى الأسماء كنسبة الكلمات الوجودية إلى الأفعال في عدم كونها تامّات الدلالات. لا يقال من الأسماء ما لا يصحّ أن يخبر به أو عنه أصلا كبعض المضمرات المتصلة مثل غلامي وغلامك. ومنها ما لا يصحّ إلّا مع انضمام كالموصولات فانتقض بها حدّ الاسم والأداة عكسا وطردا على كلا القولين لأنّا نقول: لمّا أطلق الألفاظ فوجد بعضها يصلح لأن يصير جزءا من الأقوال التامة والتقييدية النافعة في هذا الفنّ وبعضها لا، فنظر أهل هذا الفنّ في الألفاظ من جهة المعنى. وأمّا نظر النحاة فمن جهة نفسها فلا يلزمه تطابق الاصطلاحين عند تغاير جهتي النّظرين فاندفع النقوض لأنّ الألفاظ المذكورة إن صحّ الإخبار بها أو عنها فهي أسماء وأفعال وإلّا فأدوات. غاية ما في الباب أنّ الأسماء بعضها باصطلاح النحاة أدوات باصطلاح المنطقيين ولا امتناع في ذلك.
فائدة:
كلّ كلمة عند المنطقيين فعل عند العرب بدون العكس أي ليس كلّ فعل عندهم كلمة عند المنطقيين فإنّ المضارع الغير الغائب فعل عندهم وليس كلمة لكونه مركّبا والكلمة من أقسام المفرد، وإنّما كان مركّبا لأنّ المضارع المخاطب والمتكلّم يدلّ جزء لفظه على جزء معناه، فإنّ الهمزة تدلّ على المتكلّم المفرد والنون على المتكلّم المتعدّد والتاء على المخاطب وكذا الحال في الماضي الغير الغائب هكذا قال الشيخ. وقال أيضا الاسم المعرب مركّب لدلالة الحركة الإعرابية على معنى زائد، وقد بالغ بعض المتأخّرين وقال: لا كلمة في لغة العرب إلّا أنّها مركّبة وزعم أنّ ألفاظ المضارعة مركّبة من اسمين أو اسم وحرف لأنّ ما بعد حرف المضارعة ليس حرفا ولا فعلا وإلّا لكان إمّا ماضيا أو أمرا أو مضارعا، ومن الظاهر أنّه ليس كذلك، فتعيّن أن يكون اسما وحرف المضارعة إمّا حرف أو اسم. وتحقيق ذلك من وظائف أهل العربية.
فائدة:
وجه التسمية بالأداة لأنّها آلة في تركيب الألفاظ، وأمّا بالكلمة فلأنّها من الكلم وهو الجرح لأنّها لمّا دلّت على الزمان وهو متجدّد منصرم فيكلم الخاطر بتغيّر معناها، وأمّا بالاسم فلأنّه أعلى مرتبة من سائر الألفاظ فيكون مشتملا على معنى السّموّ وهو العلوّ، وأمّا بالكلمة الوجودية فلأنّها ليس مفهومها إلّا ثبوت النسبة في زمان، هذا كلّه خلاصة ما في شرح المطالع وشرح الشمسية وحواشيهما. وأيضا ينقسم المفرد إلى مضمر وعلم مسمّى بالجزئي الحقيقي في عرف المنطقيين ومتواطئ ومشكّك ومنقول ومرتجل ومشترك ومجمل وكلّي وجزئي ومرادف ومباين. ومنها ما يقابل الجملة فيتناول المثنى والمجموع والمركّبات التقييدية أيضا. قال في العضدي ويسمّي النحويون غير الجملة مفردا أيضا بالاشتراك بينه وبين غير المركّب، انتهى.
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية: هذان المعنيان للمفرد حقيقيان. ومنها ما يقابل المثنى والمجموع أعني الواحد فالتقابل بينهما تقابل التضاد إذ المفرد وجودي مفسّر باللفظ الدّال على ما يتّصف بالوحدة وليس أمرا عدميا وإلّا لكان تعريف المثنى والمجموع بما ألحق بآخر مفرده إلى آخره دوريا، وما يقال من أنّ التقابل بينهما بالعرض كالتّقابل بين الواحد والكثير فليس بشيء، وكذا ما يقال من أنّ التقابل بينهما هو التضايف لأنّه لا يمكن تعقّل كلّ واحد منهما إلّا بالقياس إلى الآخر، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم وأحمد جند في حاشية شرح الشمسية. والمراد أنّ التقابل لكلّ واحد معتبر في هذا الاطلاق دون التقابل بالمجموع من حيث هو مجموع، ولا يلزم منه أن يكون للمفرد معنيان أحدها ما يقابل المثنى والثاني ما يقابل المجموع، فإنّ المفرد هاهنا بمعنى الواحد كما عرفت، كذا قيل. ومنها ما يقابل المضاف أعني ما ليس بمضاف، فالتقابل بينهما تقابل الإيجاب والسّلب وشموله بهذا المعنى للمركّب التقييدي والخبري والإنشائي لا يستلزم استعماله فيها، إذ لا يجب استعمال اللفظ في جميع أفراد معناه، إنّما اللازم جواز الإطلاق وهو غير مستبعد. كيف وقد قال الشيخ ابن الحاجب: والمضاف إليه كلّ اسم نسب إليه شيء بواسطة حرف الجر لفظا أو تقديرا، فأدخل مررت في قولنا مررت بزيد في المضاف، وجعل التقابل بينهما تقابل العدم والملكة باعتبار قيد عما من شأنه أن يكون مضافا مع مخالفته لظاهر العبارة لا يدفع الشمول المذكور على ما وهم لأنّ الإضافة من شأن المركّبات المذكورة باعتبار جنسه أعني اللفظ الموضوع، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية. وقال أيضا هذه المعاني الأربعة مستعملة بين أرباب العلوم والأوّلان منها حقيقيان والأخيران مجازيان انتهى. ومورد القسمة في المعنيين الاوّلين هو اللفظ الموضوع وفي الأخيرين هو الاسم إذ كلّ واحد منهما مع مقابله من خواصّ الاسم كذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية. أقول فعلى هذا لا يشتمل للمركّب التقييدي والخبري والإنشائي إذ المركّب ليس باسم بل اسمان أو اسم وفعل كما لا يخفى. ثم قال: وقيل المراد بما يقابل المضاف ما لا يكون مضافا ولا شبه مضاف انتهى. وفي بعض حواشي الكافية أنّ المفرد في باب النداء يستعمل في ما يقابل المضاف وشبهه انتهى. وكذا في باب لا التي لنفي الجنس كما يستفاد من الحاشية الهندية وغيرها من شروح الكافية. ومنها ما يقابل الجملة وشبهها والمضاف، ومشابه الجملة هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة واسم التفضيل والمصدر وكلّ ما فيه معنى الفعل، وهذا المعنى هو المراد بالمفرد الواقع في قول النحاة التمييز قد يرفع الإبهام عن مفرد وقد يرفعه عن نسبة، هكذا يستفاد من الفوائد الضيائية والحاشية الهندية. وفي غاية التحقيق أنّ المفرد هاهنا بمعنى ما يقابل النسبة الواقعة في الجملة وشبهها أو المضاف انتهى، والمآل واحد. ومنها العلم الغير المشترك بين اثنين فصاعدا بأن يكون مختصا بالواحد اسما كان أو لقبا أو كنية كما صرّح في بعض الحواشي المعلّقة على شرح النخبة. وفي شرح النخبة أيضا إشارة إلى ذلك في فصل الأخير. ومنها عدد مرتبته واحدة كالثلاثة والعشرة والمائة والألف ونحوها ويقابله المركّب وهو عدد مرتبته اثنتان فصاعدا كخمسة عشر فإنّها الآحاد والعشرات وكمائة وخمسة وعشرين فإنّها ثلاث مراتب آحاد وعشرات ومئات كذا في ضابطة قواعد الحساب. وهذا المعنى من مصطلحات المحاسبين. ومنها ما يعبّر عنه باسم واحد ويقابله المركّب بمعنى ما يعبّر عنه باسمين كما في لفظ المركّب. ومنها قسم من الكسر مقابل للكسر المكرّر. ويطلق المفرد أيضا على قسم من الجسم الطبيعي وهو ما لا يتركّب من الأجسام ويقابله المؤلّف، وعلى قسم من الأعضاء مقابل للمركّب ويسمّى بسيطا أيضا، وعلى قسم من الأمراض مقابل للمركّب، وعلى قسم من الحركة، وعلى قسم من المجاز اللغوي، وعلى قسم من التشبيه ونحو ذلك.
فإطلاقه في الأكثر على سبيل التقييد يقال تشبيه مفرد ومجاز مفرد وجسم مفرد، فتطلب معانيه من باب الموصوفات.
المفرد: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه.

الكتب

الكتب: ضم أديم إلى أديم بالخياطة. وعرفا ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط. وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض باللفظ. والأصل في الكتابة النظم بالخط. وفي المقال النظم باللفظ، لكن قد يستعار كل للآخر، والكتاب في الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه ويعبر عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفرض والقضاء بالكتابة ووجه ذلك أن الشيء يراد ثم يقال ثم يكتب، فالإرادة مبدأ والكتابة منتهى، ثم يعبر عن المراد الذي هو المبدأ إذا اريد به توكيده بالكتابة التي هي الــمنتهى، ويعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة من جهة الله ومنه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} ويعبر عن الإيجاد وعن الإزالة وعن الإفناء بالمحو وغير ذلك، وأمثلة الكل في القرآن. 

القعر

القعر: للشيء، نهاية أسفله. وقعر فلان في كلامه: أخرجه من قعر حلقه، كشدق في كلامه أخرجه من شدقه.
(القعر) من كل شَيْء أجوف ومنتهى عمقه وَيُقَال جلس فِي قَعْر بَيته لَازمه وقعر الْفَم دَاخله (ج) قعور

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى الــمنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

الفناء

الفناء: سقوط الأوصاف المذمومة، كما أن البقاء وجود الأوصاف المحمودة والفناء فناءان: أحدهما ما ذكرناه وهو بكثرة الرياضة، والثاني: عدم الإحساس بعالم الملك والملكوت وهو بالاستغراق في عظمة الباري، ومشاهدة الحق، وإليه اشير بقولهم: الفقر سواد الوجه في الدارين. يعني في الفناء في العالمين.
الفناء: بِالْكَسْرِ (بيش سراى وكرداكرد خانه) - وبالفتح (نيست شدن) . وَمَا هُوَ عِنْد الصُّوفِيَّة فِي الْولَايَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الفناء عِنْدهم عبارَة عَن عدم شُعُور الشَّخْص بِوَاسِطَة اسْتِيلَاء ظُهُور وجود الْحق على بَاطِنه. وَأَيْضًا الفناء عِنْدهم سُقُوط الْأَوْصَاف المذمومة كَمَا أَن الْبَقَاء وجود الْأَوْصَاف المحمودة.
وَاعْلَم أَنهم قَالُوا إِن الفناء على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: مَا ذكر وَهُوَ يحصل بِكَثْرَة الرياضة - وَالثَّانِي: عدم الإحساس بعالم الْملك والملكوت وَهُوَ يحصل بالاستغراق فِي عَظمَة الْبَارِي ومشاهدة الْحق عز شَأْنه وَجل برهانه كَمَا أشاروا إِلَيْهِ بقَوْلهمْ الْفقر سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ يَعْنِي الفناء فِي الْعَالمين.
الفناء:
[في الانكليزية] Annihilation ،mystical fusion ،ascetism
[ في الفرنسية] Aneantissement ،fusion mystique ،ascetisme
بالفتح والمدّ عند الصوفية عدم شعور الشخص بنفسه ولا بشيء من لوازم نفسه. ففناء الشخص عن نفسه عدم شعوره، وفناؤه عن محبوبه باستهلاكه فيه، كذا في الإنسان الكامل في باب الإرادة. وقال المولوي عبد الحكيم في حاشية عبد الغفور: معنى الفناء في اصطلاح الصوفية تبديل الصفات البشرية بالصفات الإلهية دون الذات، فكلما ارتفع صفة قامت صفة إلهية مقامها، فيكون الحقّ سمعه وبصره كما نطق به الحديث، وكذلك حال الفناء في النبي والشيخ انتهى. وقال عبد اللطيف في شرح المثنوي:
الفناء عند الصوفية سقوط الأوصاف المذمومة والبقاء ثبوت النعوت المحمودة. وقيل الفناء صفة الكون وما كان لأجل الكون والبقاء صفة الكون وما كان لأجل المكون انتهى. ودر- وفي- توضيح المذاهب يقول: الفناء عند أرباب السّلوك عبارة عن نهاية السّير في الله، وذلك لأنّ السّير إلى الله ينتهي وقته عند ما يقطع العبد صحراء الوجود بقدم الصّدق مرة واحدة.
ويتحقّق السّير في الله عند ما يتطهّر العبد من شوائب الحدثان بعد الفناء الذاتي المطلق.
فيمنح تلك الدرجة حتى يتّصف بأوصاف الله ويتخلّق بالأخلاق الرّبانية، مترقّيا فيها.
انتهى.

ودر- وفي- مجمع السلوك آرد- يقول:- الفناء هو الغيبة عن الاشياء رأسا كما كان فناء موسى حين تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا. وأبو سعيد خرازي ميگويد- يقول- علامة الفاني ذهاب حظّه من الدنيا والآخرة إلّا من الله تعالى والبقاء الذي يعقبه هو أن يفني عمّا له ويبقى بما لله تعالى. وقال بعضهم البقاء مقام النبيين صلوات الله عليهم أجمعين. فجملة الفناء والبقاء أن يفني عن حظوظه ويبقى بحظوظ غيره. والفناء متنوع:
الفناء عن الخلق، والفناء عن النفس وأهوائها، وفناء عن الإرادة، ولكلّ واحد منها علامات.
وقد قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في فتوح الغيب: وعلامة فنائك عن الخلق انقطاعك عنهم وعن التردّد إليهم واليأس مما لديهم.
وعلامة فنائك عنك وعن هواك ترك التسبّب والتعلّق بالسّبب في جلب النفع ودفع الضر كما كنت مغيبا في الرحم وكونك طفلا رضيعا في المهد وعلامة فناء إرادتك بفعل الله تعالى أنّك لا تريده إذا قطّ، ولا يكون لك غرض ولا يقف لك حاجة ومرام، بل لا تريد مع إرادة الله تعالى سواها، بل يجري فعل الله فيك فتكون أنت إرادة الله وفعله ساكن الجوارح مطمئن الجنان مشروح الصدر منوّر الوجه غنيا عن الأشياء بخالقها بقلبك كيف يشاء. وفي مجمع السلوك أيضا في موضع آخر الفناء عندهم هو أن لا ترى شيئا إلّا الله ولا تعلم إلّا الله وتكون ناسيا لنفسك ولكلّ الأشياء سوى الله، فعند ذلك يتراءى لك أنّه الرّبّ، إذ لا ترى ولا تعلم شيئا إلّا هو، فتعقد أنّه لا شيء إلّا هو، فتظنّ أنّك هو فتقول أنا الحق، وتقول ليس في الدار إلّا الله، وليس في الوجود إلّا الله وفي كشف اللغات يقول: طريق الفناء في اصطلاح العشّاق هو طريق العشق، والذاكر في ذلك الطريق يقال له ذكر.
(الفناء) شَجَرَة فنَاء ذَات أفنان
(الفناء) الساحة فِي الدَّار أَو بجانبها (ج) أفنية
الفناء: بالفتح خلاف البقاء وبالكسر الوصيدُ: وهي ساحة أمام البيت، وقيل: هو ما امتد من جوانبه.
الفناء:
[في الانكليزية] Courtyard ،dooryard
[ في الفرنسية] Cour ،parvis ،esplanade
بالكسر وبالنون ومد الألف گرداكرد خانه- حوالي البيت-، ومنه فناء البيت كذا في الصراح. وفي جامع الرموز والبرجندي ما حاصله أنّ الفناء بالكسر سعة أمام البيت. وقيل ما امتدّ من جوانبه كما في المغرب. وأما فناء المصر فالمختار في تعريفه شرعا عند صاحب المحيط والخلاصة وغيرهما هو موضع اتصل بالمصر معدا ومهيئا لمصالحه من ركض الخيل وجمع العساكر والخروج للرمي وصلاة الجنازة، ولم يشترط بعضهم الاتصال بالمصر، فقدّره بغلوة يعنى يك تير پرتاب- رمية سهم- وبعضهم بثلاثة أميال، وبعضهم بــمنتهى صوت المؤذن، وبعضهم بفرسخين. وفي المضمرات المختار للفتوى قول محمد أنّه بقدر فرسخ.

الفلك

الفلك:
[في الانكليزية] Orbit ،celestial sphere ،zodiac
[ في الفرنسية] Orbite ،sphere celeste ،zodiaque
بفتح الفاء واللام واحد وجمعه الأفلاك المسمّاة بالآباء أيضا عند الحكماء كما تسمّى العناصر بالأمّهات عندهم كما وقع في العلمي في فصل المعادن. وهو عند أهل الهيئة عبارة عن كرة متحرّكة بالذات على الاستدارة دائما.
وقد يطلق الفلك على منطقة تلك الكرة مجازا، وقد يطلق على ما هو في حكم المنطقة كالفلك الحامل لمركز الحامل فبقولهم بالذات خرجت حركة كرة النار الحاصلة بتبعية فلك القمر، فإنّها حركة عرضية لا ذاتية. وأنت تعلم أنّ حركة كرة النار ليست مما أجمع عليه. وإذا احترز عنها ينبغي أن يحترز بقيد آخر عن كرة الأرض المتحرّكة على الاستدراج على ما ذهب إليه بعضهم من أنّ الحركة اليومية إنما هي مستندة إلى الأرض وأيضا ينبغي أن يخرج الكواكب المتحرّكة في مكانها حركة وضعية على ما ذهب إليه بعض الحكماء من أنّه لا ساكن في الفلكيات. ويرد على هذا التعريف الممثلات عند من يقول إنّها متحرّكة بتبعية الفلك الثامن وممثل الشمس عند بطليموس فإنّها ليست متحرّكة إلّا بتبعية الفلك الأعظم. ويشكل أيضا بالمتممات فإنّها لا تسمّى أفلاكا عند الأكثرين.
واعتذر البعض بأنّها ليست بكرات حقيقة لأنّ الكرات الحقيقية ما تكون متشابهة الثخن، وبعضهم بأنّها ليست متحركة بالذات بل المتحرّك بالذات مجموع الممثل. ويرد على الأول التداوير فإنّها ليست متشابهة الثخن مع أنّها تسمّى أفلاكا وعلى الثاني أنّه لم ينقل عن أحد أنّ حركة جزء الجسم حركة عرضية مع أنّ حركة الكل ذاتية. والحق أن يقال أنّ الفلك كرة مستقلة لا تقبل الخرق والإنارة فيخرج المتممات لأنّها ليست كرات مستقلة بخلاف التداوير.
وقولهم دائما احتراز عن الكرة الصناعية المتحرّكة على الاستدارة بالقسر فإنّها لا يمكن أن تكون دائمة، إلّا أنّ قيد الاستدارة مغن عن هذا القيد لأنّ الحركات المستقيمة تستحيل أن تكون دائمة كما تقرّر في موضعه. وما ذكره بعضهم من أنّ الفلك جسم كري لا يقبل الخرق والإنارة شامل للمتممات أيضا. وكذا ما وقع في التذكرة من أنّ الفلك جسم كري يحيطه سطحان متوازيان وربّما لا يعتبر السطح المقعر كما في التداوير شامل لها إذ يمكن أن لا تعتبر مقعّرات المتممات أيضا. وبالجملة لا فرق بين المتمم والتدوير، فإطلاق الفلك على أحدهما دون الآخر تحكّم. ويمكن أن يقال إنّ كلّ واحد من الأفلاك تعلّقت به نفس على المذهب الصحيح، ولا شكّ أنّه تعلّقت بالتدوير نفس غير ما تعلّقت بالخارج وغير ما تعلّقت بالممثل ولم يتعلّق بالمتمّم نفس على حدة بل ما تعلّقت به هو مجموع الممثّل والمتمّم جزء له، فلذلك لم يطلق اسم الفلك عليه. ومن لم يشترط في الفلك تعلّق النفس به كصاحب المجسطي أمكن له أن يطلق اسم الفلك على المتمّم. وأمّا ما قال شارح التذكرة من أنّ الأكثرين لا يسمّون المتمّمات كرات فوجهه غير ظاهر، هكذا ذكر العلي البرجندي في حاشية الجغميني. وفي بعض حواشي شرح هداية الحكمة الميبدية الفلك جرم كري الشّكل غير قابل الكون والفساد، ويحيط بما فيه من عالم الكون والفساد. وعلى رأي الاسلاميين عبارة عن جرم كري الشّكل يحيط بالعناصر انتهى.

اعلم أنّ الأفلاك على نوعين: كلّية وجزئية. فالكلية هي التي ليست أجزاء لأفلاك أخر والجزئية ما كانت أجزاء لأفلاك أخر كالحوامل، والفلك الكلّي مفرد إن لم يكن له جزء هو فلك آخر كالفلك الأعظم، ومركّب إن كان له جزء هو فلك آخر كأفلاك السيارات.
فائدة:
إطلاق الفلك على المنطقة من قبيل تسمية الحال باسم المحلّ وخصّوا تلك التسمية بالمناطق دون باقي الدوائر العظام الحالّة في الفلك لأنّها وجدت باعتبار التحرّك المعتبر في مفهوم الفلك تشبيها بفلكة المغزل، كذا قالوا.
قال عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة:
والأظهر أن يقال إنّ المهندسين لما اكتفوا في بيان هيئة الأفلاك بمناطق تلك الأفلاك إذ هي كافية لإيراد البراهين سمّوها أفلاكا لقيامها مقامها يؤيّده أنّهم يسمّون الدائرة الحادثة من حركة مركز حامل عطارد حول مركز المدير فلكا مع أنّها ليست بحالة في فلك لأنّهم يقيمونها مقام المدير في إيراد البراهين.
فائدة:

قال الحكماء: الفلك جسم كري بسيط لا يقبل الخرق والالتيام ولا الكون والفساد متحرّك بالاستدارة دائما إذ ليس فيه مبدأ ميل مستقيم وليس برطب ولا يابس، وإلّا لقبل الأشكال بسهولة أو بقسر، فيكون قابلا للخرق والالتيام هذا خلف، ولا حار ولا بارد وإلّا لكان خفيفا أو ثقيلا فيكون فيه ميل صاعد أو هابط هذا خلف، وحركته إرادية وله نفس مجرّدة عن المادة تحرّكه، والمحرّك القريب له قوة جسمانية مسمّاة بالنفس المنطبعة والفلك الأعظم هو المحدّد للجهات، وتوضيح هذه الأمور يطلب من شرح المواقف مع الرّدّ عليها. اعلم أنّ الأفلاك الكلّية تسعة. الفلك الأعظم وفلك البروج والأفلاك السبعة للسيارات، والأفلاك الجزئية ستة عشر ستة منها تداوير وثمانية خارجة المراكز لأنّ للعطارد فلكين خارجي المركز واثنان آخران يسمّيان بالجوزهر والمائل.
فالفلك الأعظم جسم كري يحيط به سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، إذ لا عالم عندهم إلّا ما يحيط به سطح ذلك الفلك، فأحد سطحيه محدّب وهو السطح المحيط به من خارج وهو لا يماس شيئا لأنّه محيط لسائر الأجسام وبه يتناهى العالم الجسماني فلا يكون وراءه خلاء ولا ملاء، وآخر سطحيه مقعّر وهو السطح المحيط به من داخل وهو يماسّ محدّب فلك البروج، ويقال له أيضا الفلك الأطلس لأنّه غير مكوكب عندهم، ولذا يسمّى أيضا بالفلك الغير المكوكب ويقال له أيضا فلك الأفلاك وفلك الكلّ وكرة الكلّ والفلك الأعلى والفلك الأقصى والفلك التاسع وفلك معدّل النهار ومحدّد الجهات ومنتهى الإشارات وسماء السموات، ووجه التسمية بهذه الأسماء ظاهر، وقد يسمّى بفلك البروج أيضا كما صرّح به عبد العلي البرجندي في فصل اختلاف المناظر في شرح التذكرة، ويقال لمركزه مركز الكلّ إلى غير ذلك، ولعقله عقل الكلّ ولنفسه نفس الكلّ ولحركته حركة الكل والحركة الأولى ولمنطقته معدّل النهار والفلك المستقيم، ولقطبيه قطبا العالم، وهذا الفلك هو المسمّى في لسان الشرع بالعرش المجيد وحركته شرقية سريعة بها تتمّ دورته في أقلّ من يوم وليلة بمقدار مطالع ما قطعته الشمس بحركتها الخاصّة، ويلزم من حركته حركة سائر الأفلاك وما فيها، فإنّ نفسه المحرّكة وصلت في القوة إلى أن تقوى في تحريك ما في ضمنه، فهي المحرّكة لها بالذات ولما فيها بالعرض. وفلك البروج جسم كري مركزه مركز العالم يحيط به سطحان متوازيان مقعّرهما يماسّ محدّب فلك زحل ومحدّبهما يماسّ مقعّر الفلك الأعظم ويسمّى بفلك الثوابت أيضا لأنّ جميع الثوابت مركوزة فيه وبسماء الرؤية وإقليم الرؤية لكثرة الكواكب المرئية فيه كما في شرح بيست- عشرين- باب في الباب الرابع عشر، والفلك المكوكب والفلك المصوّر كما في شرح التذكرة ويسمّى في لسان الشرع بالكرسي وهو كرة واحدة على الأصح إذ لا حاجة في الثوابت إلى اكثر من كرة واحدة، وإن جاز كونها على كرات متعددة. ولذا ذهب البعض إلى أنّ لكلّ من الثوابت فلكا خاصّا وذلك بأن تكون تلك الأفلاك فوق فلك زحل، محيط بعضها ببعض، متوافقة المراكز متسامتة الأقطاب متطابقة المناطق متوافقة الحركات قدرا وجهة، أو يكون بعضها فوقه وبعضها بين الأفلاك العلوية أو تحت فلك القمر. وقيل إنّ لكلّ منها تداوير وحركات الجميع متوافقة القدر والجهة مناطقها في سطوح مدارات عرضية، ويكون لفلك الثوابت حركة خاصة زائدة على حركات التداوير. ولذلك لا يقع الرجوع ويقع البطء في النصف الذي يكون جهة حركته مخالفة لجهة حركة فلك الثوابت. وعلى هذا يحتمل أن يكون اختلاف مقادير حركات الثوابت على ما وجد بالأرصاد المختلفة من هذه الجهة حتى لم يدركها أكثر المتقدّمين واعتقدوا الأفلاك ثمانية وأسندوا الحركة اليومية لكرة الثوابت. وأبرخس بالغ في الرصد فاطلع على أنّ لها حركة ما، لكنه لم يدرك مقدارها. وبيّن صاحب المجسطي أنّها تتحرّك في كلّ مائة سنة شمسية درجة واحدة فتتم دورته في ست وثلاثين ألف سنة.
والمتأخّرون اختلفوا في ذلك فأكثرهم على أنّها تقطع في ست وستين سنة شمسية، وقيل قمرية.
وقيل في سبعين سنة. وحركة فلك الثوابت غربية على منطقته يسمّى فلك البروج أيضا تسمية للحال باسم المحلّ، وتسمّى منطقة البروج ومنطقة أوساط البروج لمرورها هناك، وعلى قطبين غير قطبي العالم يسمّيان بقطبي البروج.
ويلزم من اختلاف الأقطاب مع اتحاد المركزين أن تقاطع منطقة البروج معدّل النهار على نقطتين متقابلتين إذا توهّم منطقة البروج في سطح الفلك الأعلى وأمّا أفلاك السبع السيارة ويسمّى كلّ منها كرة الكوكب والفلك الكلّي له. ففلك زحل جرم كري يحيط به سطحان متوازيان مقعّرهما يماسّ محدّب فلك المشتري ومحدبهما يماسّ مقعّر فلك البروج، وهكذا إلى فلك القمر، بل إلى الأرض يعني أن مقعّر فلك المشتري يماس محدّب فلك المريخ، ومقعّر فلك المريخ يماس محدّب فلك الشمس، ومقعّر فلك الشمس يماس محدّب فلك الزهرة، ومقعّر فلك الزهرة يماس محدّب فلك عطارد، ومقعّر فلك عطارد يماس محدّب فلك الجوزهر، ومقعّر فلك الجوزهر يماس محدّب المائل، ومقعر المائل يماس محدّب كرة النار، ومقعّر كرة النار يماس محدّب كرة الهواء، ومقعر كرة الهواء يماس مجموع كرة الماء والأرض، ومقعّر بعض كرة الماء يماس بعض سطح الأرض. وأمّا الأفلاك الجزئية فنقول فلك الشمس جرم كري يحيط به سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم ومنطقته وقطباها في سطح منطقة البروج وقطبيه، ولذا سمّي بالفلك الممثل أيضا. وفي داخل هذا الفلك بين سطحيه المتوازيين لا في جوفه فلك آخر جزئي يسمّى بالخارج المركز وبفلك الأوج أيضا وهو جرم كري شامل للأرض يحيط به سطحان متوازيان مركزهما خارج عن مركز العالم محدّب سطحيه يماس لمحدّب سطحي الفلك الأول المسمّى بالممثل على نقطة مشتركة بين منطقتيهما، وتسمّى هذه النقطة بالأوج، ومقعّر سطحيه يماس مقعر سطحي الأول على نقطة مشتركة بينهما مقابلة للأوج، وتسمّى بالحضيض. فبالضرورة يصير الفلك الأول كرتين غير متوازيتين سطوحا بل مختلفتي الثخن، إحداهما حاوية للخارج المركز والأخرى محوية له. والحاصل أنّ بعد إفراز الفلك الخارج المركز من الأول يبقى من جرم الأول جسمان يحيط بكلّ منهما سطحان مستديران مختلفا الثخن غلظا ورقّة. فرقّة الحاوية منهما مما يلي الأوج وغلظها مما يلي الحضيض. ورقّة المحوية مما يلي الحضيض وغلظها ما يلي الأوج وتسمّى كلّ واحدة من هاتين الكرتين متمّما إذ بانضمامهما إلى خارج المركز يحصل ممثل الشمس. والشمس جرم كري مصمت مركوز في جرم الخارج المركز مغرق فيه بحيث يساوي قطره ثخن الخارج المركز ويماس سطحها سطحيه. وأمّا أفلاك الكواكب العلوية والزهرية فهي بعينها كفلك الشمس تشتمل على كلّ منها على خارج مركز مسمّى بالحامل وعلى متمّمين، إلّا أنّ لكلّ منها فلكا صغيرا غير شامل للأرض مسمّى بالتدوير وهو مصمت، إذ لا حاجة إلى مقعّره ومركوز ومغرق في جرم الحامل بحيث يماس سطحه سطحي الحامل على رسم الشمس في خارج مركزها؛ وكلّ من هذه الكواكب جرم كري مصمت في جرم فلك التدوير مغرق فيه بحيث يماس سطحه سطح التدوير على نقطة مشتركة بينهما. وأما فلكا عطارد والقمر فيشتركان في أنّ كلّ واحد منهما مشتمل على ثلاثة أفلاك شاملة للأرض وعلى فلك تدوير إلّا أنّ بينهما فرقا وهو أنّ فلك عطارد مشتمل على فلك هو الممثل وعلى فلكين خارجي المركز، أحدهما وهو الحاوي للخارج الآخر لكون الآخر في ثخنه ويسمّى المدير لإدارته مركز الحامل الذي هو الخارج الآخر، وهو فيما بين سطحي الممثل لا في جوفه بحيث يماس محدّبه محدّب الممثل، على نقطة مشتركة بينهما وهي الأوج، ومقعّره يماس مقعّر الممثل على نقطة مشتركة بينهما مقابلة له وهي الحضيض. والثاني وهو المحوي والحامل للتدوير وهو في داخل ثخن المدير على الرسم المذكور أي كدخول الخارج الأول في الممثّل وفلك التدوير في ثخن الحامل والكوكب في التدوير على الرسم المذكور. ويلزم مما ذكر من أنّ فلك عطارد مشتمل على ممثل وخارجين أن يكون لعطارد أوجان، أحدهما وهو النقطة المشتركة بين محدّبي الممثل والمدير ويسمّى الأوج الممثلي وأوج المدير، والثاني وهو النقطة المشتركة بين محدّبي المدير والحامل ويسمّى الأوج المديري وأوج الحامل، وكذا يلزم أن يكون له حضيضان أحدهما الحضيض الممثلي وحضيض المدير، وثانيهما الحضيض المديري وحضيض الحامل، وأربع متممات اثنان للمدير من الممثل وآخران للحامل من المدير.
وأما فلك القمر فيشتمل على فلكين كلّ واحد منهما جرم كري يحيط به سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم وعلى فلك خارج المركز المسمّى بالحامل. فهذه الثلاثة شاملة للأرض وأحد الفلكين الأولين الموافقي المركز وهو الذي يحيط بالثاني يسمّى بالجوزهر إذ على محيطه نقطة مسماة بالجوزهر والثاني وهو المحاط بالأول يسمّى بالمائل لكون منطقته ماثلة عن سطح منطقة البروج وهو في جوف الجوزهر لا في ثخنه، والحامل في ثخن المائل على الرسم المذكور والتدوير في الحامل والقمر في التدوير على الرسم.
الفلك: بفتحتين: جسم كري يحيط به سطحان ظاهري وباطني، وهما متوازنان مركزهما واحد وهو عند الحكماء غير قابل للكون والفساد، متحرك بالطبع على الوسيط مشتمل عليه.

الدين

الدين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند الرسول، كذا عبر ابن الكمال. وعبارة غيره: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات. وقال الحرالي: دين الله المرضي الذي لا لبس فيه ولا حجاب عليه ولا عوج له هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد، وعلى كل باد وأظهر من كل باد، وعظمته الخفية التي لا يشير إليها اسم ولا يحوزها رسم، وهي مداد كل مداد.
الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:
(1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:
لقد دينت أمر بنيك حتى ... ... تركتهم أدق من الطحين
وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:
... ... ... ... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)
وجاء في التنزيل:
(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) ... (الواقعة: 86-87) (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)
(3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية. (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.



استعمال كلمة (الدين) في القرآن
فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.
أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.
والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.
والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.
والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.
وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:
الحاكمية والسلطة العليا.
الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.
النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.
المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له. ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:
(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه) …
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5) في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) … (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) … (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
(لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الرابع:
(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني) ... ... ... (الرابع) ... ... ... (الثالث)
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)
(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26) وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.
(إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.
فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.
وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة. وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.
وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)
1- حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
تخريج الحديث: أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي: "أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .
3- ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي ... "الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"
تخريج الحديث
أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب - رحمه الله -.
4- ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.