Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: متناه

التّسلسل

التّسلسل:
[في الانكليزية] Chronological order ،succession ،chain
[ في الفرنسية] ordre chronologique ،succession ،enchatnement

في اللغة الفارسية: الاتّصال وأن يجري الماء سائغا في الحلق. كما في المنتخب.
وعند المحدّثين عبارة عن توارد رجال إسناد الحديث واحدا فواحدا على حالة وصفة واحدة عند رواية ذلك الحديث، سواء كانت تلك الصفة للرواة قولا أو فعلا أو قولا وفعلا معا، أو كانت للإسناد في صيغ الأداء أو متعلّقة بزمن الرواية أو مكانها. وصيغ الأداء سمعت وحدّثني وأخبرني وقرأت عليه وقرئ عليه وأنا أسمع ونحوها، وهذا ما عليه الأكثرون. وقال الحاكم ومن أنواعه أنّ ألفاظ الأداء من جميع الرواة دالة على الاتصال. وإن اختلفت فقال بعضهم سمعت وبعضهم أخبرنا وبعضهم أنبأنا.
وأنواع التسلسل كثيرة خيرها ما فيه دلالة على الاتّصال وعدم التّدليس. والحديث الذي توارد رجال إسناده واحدا فواحدا على حالة واحدة إلخ يسمّى مسلسلا، فالتسلسل بالحقيقة صفة الإسناد. وقد يقع التسلسل في معظم الإسناد أي أكثره. فمثال التسلسل القولي قول الراوي سمعت فلانا قال سمعت فلانا إلخ، أو حدثنا فلان قال حدثنا فلان إلخ. ومثال الفعلي قوله دخلنا على فلان فأطعمنا تمرا قال دخلنا على فلان فأطعمنا تمرا إلخ. ومثال القولي والفعلي معا قوله حدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر خيره وشرّه وحلوه ومرّه قال: حدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر خيره وشرّه وحلوه ومرّه إلخ، هكذا في شرح النخبة وشرحه. وفي خلاصة الخلاصة المسلسل هو ما تتابع فيه رجال الإسناد عند رواية على صفة واحدة. وتلك الصفة إمّا في الرواة وهو على ضربين: قولي كقولهم سمعت فلانا أو أخبرنا فلان إلخ، وهو قسمان: الأول ما اتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم ومنه مسلسل إني أحبك في حديث «اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». والثاني ما انقطع في آخره. وفعلي كحديث التشبيك باليد والعدّ بها والمصافحة وأشباهها. وإمّا في الرواية كالمسلسل باتفاق أسماء الرواة وأسماء آبائهم أو كناهم أو أنسابهم كسلسلة الأحمديين أو بلدانهم كسلسلة الدمشقيين المروية عن النووي، أو صفاتهم كالفقهاء في المتبايعان بالخيار. وأفضله ما دلّ على اتّصال السّماع ومن فضله زيادة الضبط انتهى. وعند الحكماء عبارة عن ترتّب أمور غير متناهــية مجتمعة في الوجود والترتيب سواء كان الترتّب وضعيا أو عقليا، صرّح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية في برهان امتناع كون كلّ من التصوّر والتصديق بجميع أفراده نظريا، وهذا تعريف للتسلسل المستحيل عند الحكماء.
وأمّا التسلسل مطلقا فهو ترتّب أمور غير متناهــية عند الحكماء وكذا عند المتكلمين. وأمّا التّسلسل المستحيل عندهم فترتب أمور غير متناهــية مجتمعة في الوجود. وبالجملة فاستحالة التّسلسل عند الحكماء مشروطة بشرطين اجتماع الأمور الغير الــمتناهــية في الوجود والترتيب بينها إمّا وضعا أو طبعا. وعند المتكلمين ليست مشروطة بشرطين مذكورين، بل كلّ ما ضبطه الوجود يستحيل فيه التسلسل. ويؤيّده ما وقع في شرح حكمة العين أقسام التسلسل أربعة، لأنه إمّا أن لا تكون أجزاء السلسلة مجتمعة في الوجود أو تكون، والأوّل هو التسلسل في الحوادث، والثاني إمّا أن يكون بين تلك الأجزاء ترتّب طبيعي وهو كالتسلسل في العلل والمعلولات ونحوها من الصفات والموصوفات المترتبة الموجودة معا، أو وضعي وهو التسلسل في الأجسام، أو لم يكن بينها ترتّب وهو التسلسل في النفوس البشرية. والأقسام بأسرها باطلة عند المتكلّمين دون الأول، والرابع عند الحكماء انتهى.
وتلخيص ما قال الحكماء هو أنّه إذا كانت الآحاد موجودة معا بالفعل وكان بينها ترتّب أيضا، فإذا جعل الأول من إحدى الجملتين بإزاء الأول من الجملة الأخرى كان الثاني بإزاء الثاني قطعا، وهكذا فيتم التطبيق المستلزم للمحال بلا شبهة. وتقريره أن يقال لو تسلسلت الأمور المترتّبة الموجودة معا لأمكن أن تفرض هناك جملتان مبدأ إحداهما الواحد ومبدأ الأخرى ما فوق الواحد بــمتناه، ثم يطبق مبدأ أحدهما على مبدأ الأخرى. فالأول من أحدهما بإزاء الأول من الأخرى والثاني بالثاني وهلمّ جرّا. فالناقصة إمّا مثل الزائدة واستحالتها ظاهرة. وإن لم تكن مثلها وذلك لا يتصوّر إلّا بأن يوجد جزء من التّامة لا يكون بإزائه جزء من الناقصة، وعند هذا الجزء تنقطع الناقصة فتكون متناهــية والزائدة لا تزيد عليه إلّا بــمتناه، والزائد على الــمتناهــي بــمتناه متناه، فيلزم تناهي الزائدة أيضا، هذا خلف. وهذا الدليل هو المسمّى ببرهان التطبيق. وأمّا إذا لم تكن الآحاد موجودة فلا يتمّ التطبيق لأنّ وقوع آحاد أحدهما بإزاء آحاد الأخرى ليس في الوجود الخارجي، إذ ليست مجتمعة في الخارج في زمان أصلا، وليس في الوجود الذهني لاستحالة وجودها مفصّلة في الذهن دفعة. ومن المعلوم أنّه لا يتصوّر وقوع بعضها بإزاء بعض إلّا إذا كانت موجودة معا تفصيلا إمّا في الخارج أو في الذهن. وكذا لا يتمّ التطبيق إذا كانت الآحاد موجودة معا إذ لا يلزم من كون الأول بإزاء الأول كون الثاني بإزاء الثاني والثالث بإزاء الثالث وهكذا لجواز أن تقع آحاد كثيرة من أحدهما بإزاء واحد من الأخرى، اللهم إلّا إذا لاحظ العقل كل واحد من الأولى واعتبره بإزاء واحد واحد من الأخرى. لكن العقل لا يقدر على استحضار ما لا نهاية له مفصّلة لا دفعة ولا في زمان متناه حتى يتصوّر التطبيق. ويظهر الخلف بل ينقطع التطبيق بانقطاع الوهم والعقل.
واستوضح ذلك بتوهّم التطبيق بين جبلين ممتدين على الاستواء وبين أعداد الحصى فإنّك في الأول إذا طبّقت طرف أحد الجبلين على طرف الآخر كان ذلك كافيا في وقوع كل جزء من أحدهما بإزاء جزء من الثاني وليس الحال في أعداد الحصى كذلك، بل لا بدّ في التطبيق من اعتبار تفاصيلها.
وحاصل التلخيص أنّ التطبيق التفصيلي ممتنع في الأمور الغير الــمتناهــية مطلقا، فلا يجري البرهان في شيء من الصور. فالمراد التطبيق الإجمالي وهو إنّما يجري في الأمور المجتمعة المترتبة دون غيرها. وأما المتكلمون فيقولون يجريان التطبيق في الأمور المتعاقبة أي الغير المجتمعة في الوجود كالحركات الفلكية وفي الأمور المجتمعة سواء كان بينها ترتّب طبعي كالعلل والمعلولات، أو وضعي كالأبعاد، أو لا يكون هناك ترتّب أصلا كالنفوس الناطقة المفارقة، وهذا هو الحقّ. وقول الحكماء إذ ليست مجتمعة في الخارج في زمان أصلا الخ، قلنا لا يخفى أنه لا يلزم من عدم اجتماع الآحاد في زمان عدمها مطلقا، فإنّ كل واحد منها موجود في زمانه وذلك لأنّ العدم اللاحق ليس سلب الوجود مطلقا، بل سلب الوجود في الزمان الثاني، وكذا العدم السابق ليس سلب الوجود في الزمان الأول، فالتطبيق يجري بين الآحاد المترتبة الغير الــمتناهــية سواء كانت مجتمعة أو متعاقبة. وأيضا فالعدم السابق عدم مطلقا بحدوث العالم، والعدم اللاحق غيبوبة زمانية وليس عدما حقيقيا لأنّ رفع الشيء بعد ثبوته عن نفس الواقع محال يحكم به النظر الصحيح. فاللازم هاهنا هو الاجتماع بحسب الواقع لا بحسب الزمان. وما ظنوا أنّه لا بدّ هاهنا من تقدم أو تأخر إمّا وضعا أو طبعا، وهما من الإضافات المتكررة فيجب اجتماعهما واجتماع موصوفهما في وجود، وذلك الوجود ليس إلّا الوجود الخارجي لعدم اكتفاء الوجود الذهني الإجمالي في التطبيق وانتفاء الوجود الذهني التفصيلي مطلقا، كلام خال عن التحصيل، لأنّ ذلك الوجود هو الوجود الخارجي في نفس الواقع، والمتقدم والمتأخر مجتمعان في هذا الوجود، فإنّ كلا منهما موجود بهذا الوجود في زمانه.
وكونهما من الإضافات المتكررة لا يستدعي أن يكونا في زمان واحد، بل أن يكونا في الواقع معا، ألا ترى أنّ المعدات غير متناهــية والمعدّ متقدم على معلوله بسب الوجود الخارجي وهما لا يجتمعان في زمان واحد.
وتحقيقه أنّ ما لا بدّ [منه] في التطبيق هو التقدّم والتأخر بمعنى منشأ الانتزاع، وهما لا يلزم أن يكونا مجتمعين في الزمان بل في الواقع. وكذا ما ظنّوا من أنّ في ربط الحادث بالقديم لا بدّ من التسلسل على سبيل التعاقب، لأنّ القديم ليس علّة تامة للحادث، وإلّا يلزم التخلّف، فيكون مع شرط حادث، وينتقل الكلام إليه وهكذا إلى غير النهاية ساقط عن درجة التحقيق، لأن أزليّة الإمكان لا تستلزم إمكان الأزلية. فالقديم علّة للحادث ولا يلزم التخلّف لامتناع وجوده في الأزل. لا يقال على تقدير التعاقب لا يحتاج إلى الترتب وإنما يحتاج إليه على تقدير الاجتماع لتحقّق التقدّم والتأخّر الزمانيين بين الآحاد المتعاقبة ولو بالفرض لأنّا نقول التطبيق يجري فيها من حيث إنها مجتمعة بحسب الوجود في نفس الواقع. ولا شكّ أنها بهذه الحيثية لا يلحقها التقدم والتأخر الزمانيان.
فإن قلت هذا حكم التطبيق في الزمانيات فما حكمه في الزمان على تقدير أن يكون بنفسه موجودا في الخارج أي لا برسمه الذي هو الآن السيّال فقط فإنه لتغيره الذاتي يلحقه التقدّم والتأخّر؟ قلت حكم التطبيق أنه على ذلك التقدير يجب أن يكون من حيث التغيّر متناهــيا محدودا بحدود لجريان التطبيق فيه، فإما أن يمتنع التجاوز عن ذلك الحدّ منقطعا عنده كما في الجانب الماضي، فيكون من حيث الثّبات أيضا متناهــيا في هذا، أو يمكن التجاوز عنه غير منقطع عنده كما في الجانب المستقبل فيكون من حيث الثبات غير متناه في ذلك الجانب، ولا يجري التطبيق فيه فتدبّر جدا. فثبت أنّ كل ما ضبطه الوجود يجري فيه التطبيق وما ليس ضبطه الوجود فلا، كمراتب الأعداد فإنها وهمية محضة فلا يكون ذهابها في التطبيق إلّا باعتبار الوهم، لكنه عاجز عن ملاحظة تلك الأمور الوهمية التي لا تتناهى، فتنقطع تلك الأمور بانقطاع الوهم عن تطبيقها. هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشيته للمولوي ميرزا زاهد في مرصد العلّة والمعلول في الموقف الثاني. وقد يراد بالتسلسل ما يعمّ الدور كما في حاشية جدّي على البيضاوي في تفسير قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها.
تنبيه.
الحكم بجواز التسلسل في الأمور الاعتبارية ليس بصحيح على الإطلاق، وإنما ذلك فيما إذا كان منشأ وجود آحاد السلسلة مجرّد اعتبار العقل، وإن كان الاعتبار مطابقا لنفس الأمر كما في مراتب الأعداد فإنّ منشأها الوحدة وتكررها، وكذا كلّ ما تكرر نوعه بمجرد اعتبار العقل فإنه من الأمور الاعتبارية التي يجوز فيها التسلسل. وأمّا إذا كان منشأ وجود تلك السلسلة أمرا غير اعتبار العقل فالتسلسل فيها باطل، وإلّا لزم وجود الأمور الغير الــمتناهــية في نفس الأمر ويجري فيها التطبيق عند المتكلمين. وعند الحكماء إذا كان ترتب واجتماع في ذلك الوجود ولا ينقطع حينئذ بانقطاع الاعتبار إذ لا مدخل لاعتبار العقل في وجودها. ولذا حكموا ببطلان التسلسل على تقدير نظرية كلّ من التصوّر والتصديق لاستلزامه وجود أمور غير متناهــية في الذهن لعدم انقطاعه بانقطاع الاعتبار. هكذا حقق المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف في مرصد إثبات العلوم الضرورية. اعلم أنّ لإبطال التسلسل طرقا أخر منها ما مرّ في لفظ البرهان ومنها ما يسمّى ببرهان التضايف.
اعلم أنّ لإبطال التسلسل طرقا أخر منها ما مرّ في لفظ البرهان ومنها ما يسمّى ببرهان التضايف، وتقريره لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلولية على عدد العليّة، والتالي باطل، فكذا المقدّم. أمّا بيان الملازمة فهو أنّ آحاد السلسلة ما خلا المعلول الأخير لكلّ واحد منها عليّة بالنسبة إلى ما تحته ومعلولية بالنسبة إلى ما فوقه فيتكافأ عددهما فيما سواه، وبقيت معلولية المعلول الأخير زائدة فيزيد عدد المعلوليات الحاصلة في السلسلة الأولى على عدد العلّيات الواقعة منها بواحد.
ومنها ما يسمّى البرهان العرشي وتقريره أن يقال لو ترتّبت أمور غير متناهــية كان ما بين مبدئها وكل واحد من الذي بعده متناهــيا لأنه محصور بين حاصرين فيكون الكل متناهــيا، لأنّ الكلّ لا يزيد على ما بين المبدأ ووكل واحد إلّا بالطرفين كذا في رسالة إثبات الواجب.

نهي

النهي: ضد الأمر، وهو قول القائل لمن دونه: لا تفعل.
نهي: {النهى}: العقول، الواحد نهية.
(نهي) من الشَّيْء نهى اكْتفى بِمَا أَخذه مِنْهُ يُقَال نهي فلَان من اللَّحْم اكْتفى مِنْهُ وشبع وَيُقَال طلب الْحَاجة حَتَّى نهي مِنْهَا تَركهَا ظفر بهَا أَو لم يظفر
بَاب النَّهْي

2 - نهيته وصددته وصرفته وزجرته وكففته ومنعته وفطمته وقذعته وكبحته وحكمته وَمِنْه سمي الْحَاكِم لانه يمْنَع الظَّالِم عَن الظُّلم وشكمته وردعته ورثته ودفعته ورددته ووزعته ونهنهته ولصته ونزعته وأمطته
ن هـ ي : نَهَيْتُهُ عَنْ الشَّيْءِ أَنْهَاهُ نَهْيًا فَانْتَهَى عَنْهُ وَنَهَوْتُهُ نَهْوًا لُغَةٌ وَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى أَيْ حَرَّمَ.

وَالنُّهْيَةُ الْعَقْلُ لِأَنَّهَا تَنْهَى عَنْ الْقَبِيحِ وَالْجَمْعُ نُهًى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى.

وَنِهَايَةُ الشَّيْءِ أَقْصَاهُ وَآخِرُهُ وَنِهَايَاتُ الدَّارِ حُدُودُهَا وَهِيَ أَقَاصِيهَا وَأَوَاخِرُهَا وَانْتَهَى الْأَمْرُ بَلَغَ النِّهَايَةَ وَهِيَ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْلُغَهُ وَأَنْهَيْتُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ بِالْأَلِفِ أَعْلَمْتُهُ بِهِ وَنَاهِيكَ بِزَيْدٍ فَارِسًا كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ وَاسْتِعْظَامٍ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ هِيَ كَمَا يُقَالُ حَسْبُكَ وَتَأْوِيلُهَا أَنَّهُ غَايَةٌ تَنْهَاكَ عَنْ طَلَبِ غَيْرِهِ.

وَنَهَاوَنْدُ بَلَدُ بِالْعَجَمِ بِفَتْحِ الْأَوَّلِ وَضَمِّهِ. 
ن هـ ي : (النَّهْيُ) ضِدُّ الْأَمْرِ، وَ (نَهَاهُ) عَنْ كَذَا يَنْهَاهُ (نَهْيًا) ، وَ (انْتَهَى) عَنْهُ، وَ (تَنَاهَى) أَيْ كَفَّ. وَ (تَنَاهَوْا)
عَنِ الْمُنْكَرِ أَيْ نَهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَأَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ (نَهُوٌّ) عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى فَعُولٍ. وَ (النُّهْيَةُ) بِالضَّمِّ وَاحِدَةُ (النُّهَى) وَهِيَ الْعُقُولُ لِأَنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ. وَ (تَنَاهَى) الْمَاءُ إِذَا وَقَفَ فِي الْغَدِيرِ وَسَكَنَ. وَ (الْإِنْهَاءُ) الْإِبْلَاغُ. وَ (أَنْهَى) إِلَيْهِ الْخَبَرَ (فَانْتَهَى) وَ (تَنَاهَى) أَيْ بَلَغَ. وَ (النِّهَايَةُ) الْغَايَةُ يُقَالُ: بَلَغَ نِهَايَتَهُ. وَيُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ (نَاهِيكَ) مِنْ رَجُلٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بِجِدِّهِ وَغَنَائِهِ يَنْهَاكَ عَنْ تَطَلُّبِ غَيْرِهِ. وَهَذِهِ امْرَأَةٌ (نَاهِيَتُكَ) مِنِ امْرَأَةٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَيُثَنَّى وَيُجْمَعُ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ. وَتَقُولُ فِي الْمَعْرِفَةِ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ نَاهِيَكَ مِنْ رَجُلٍ فَتَنْصِبُ نَاهِيَكَ عَلَى الْحَالِ. 
ن هـ ي

نهاه فانتهى. وتناهوا عن المنكر. وانتهى الشيء: بلغ النهاية. وتناهى البعير سمناً وجمل نهيٌّ، وناقة نهيّة. وهو بعيد المنتهى. ولا ينتهي حتى ينتهى عنه. وروَى بنو حنيفة أهاجيّ الفرزدق في جرير فأحفظوه فاستنهاهم أي قال لهم: انتهوا. وهذا منتهى الأمر ونهايته ومنهاته. قالت ليلى الأخيلية:

ألم تعلم جزاك الله شراً ... بأن الموت منهاة الرجال

وقال جرير:

حتى أنخنا عند أبواب الحكم ... في بؤبؤ العزّ ومنهاة الكرم

وهم أمرةٌ بالمعروف نهاةٌ عن المنكر. وهو نهوٌّ عن الشرّ. وما تنهاه عنا ناهية أي ما تكفّه كافّةٌ. وما ينظر في أوامر الله ونواهيه. وأنهي إليه الخبر. وهو من أولى النّهى. وإنه لذو نهيةٍ. ورجل نهٍ، وقوم نهون. ودرع كالنّهي، ودروع كالنّهاء وهي الغدران.

ومن المجاز: قول ابن مقبل:

يمشين هيل النّقا مالت جوانبه ... ينهال حيناً وينهاه الثرى حيناً

أي إذا مطر لم ينهل.

ومن المجاز: عضّته أنياب الدهر ونيوبه. وظفّر فلان في كذا ونيّب إذا نشب فيه. وهو ناب قومه: سيّدهم. قال:

كنت لهم في الحدثان نابا ... أنِفى العدى وضيغما وثابا

ولم أكن هردبّةً وجّابا

جباناً.
(ن هـ ي)

النَّهْيُ: خلاف الْأَمر، نَهاه يَنْهاه نَهْياً، فانْتَهى وتَناهَى، أنْشد سِيبَوَيْهٍ لزياد بن زيد العذري:

إِذا مَا انْتَهَى عِلْمِي تَناهَيْتُ عِندَه ... أطالَ فَأمْلَى أوْ تَناهَى فَأقْصَرا

وتَناهَوْا عَن الشَّيْء: نَهى بَعضهم بَعْضًا، وَفِي التَّنْزِيل: (كَانُوا لَا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلوهُ) وَقد يجوز أَن يكون مَعْنَاهُ ينتهون.

وَقَوله:

سُمَيَّةَ وَدِّعْ إنْ تَجَهَّزْتَ غادِيا ... كَفَى الشَّيْبُ والإسلامُ للمرءِ ناهِيا

فَالْقَوْل أَن يكون ناهيا اسْم الْفَاعِل من نَهَيْت، كساع من سعيت، وشار من شريت، وَقد يجوز مَعَ هَذَا أَن يكون ناهيا مصدرا هُنا، كالفالج وَنَحْوه مِمَّا جَاءَ فِيهِ الْمصدر على فَاعل، حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: كفى الشيب وَالْإِسْلَام للمرء نَهْياً وردعا، أَي ذَا نَهْىٍ، فَحذف الْمُضَاف، وعلقت اللَّام بِمَا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام، وَلَا تكون على هَذَا معلقَة بِنَفس النَّاهِي، لِأَن الْمصدر لَا يتَقَدَّم شَيْء من صلته عَلَيْهِ.

وَالِاسْم النُّهْيَةُ.

وَفُلَان نَهِىُّ فلَان، أَي يَنهاهُ.

وَنَفس نَهاةٌ: مُنْتَهِيَةٌ عَن الشَّيْء.

والنُّهْيَة، والنِّهايَةُ، والنِّهاءُ: غَايَة كل شَيْء وَآخره، وَذَلِكَ لِأَن آخِره ينهاه عَن التَّمَادِي فيرتدع.

وانْتَهَى الشَّيْء، وتَناهَى، ونَهَّى: بلغ نِهايَته.

وَقَول أبي ذُؤَيْب:

ثمَّ انتهَى بَصَرِي عَنهُمْ وقَدْ بَلَغوا ... بَطْنَ المَخِيمِ فَقالوا الجَوَّ أوْ راحوا أَرَادَ: انْقَطع عَنْهُم، وَلذَلِك عداهُ بعن.

وَحكى اللحياني عَن الْكسَائي: إِلَيْك نَهَّى الْمثل، وأنهْىَ، وانْتَهَى، ونُهِّىَ، وأُنْهِىَ ونَهَى، خفيفه. قَالَ: ونَهَى خَفِيفَة قَليلَة. قَالَ: وَقَالَ أَبُو جَعْفَر: لم اسْمَع أحدا يَقُول بِالتَّخْفِيفِ.

والنِّهاية: طرف العران فِي انف الْبَعِير، وَذَلِكَ لانتهائه.

والنَّهْىُ: والنِّهْىُ: الْموضع الَّذِي لَهُ حاجز يَنهَى المَاء أَن يفِيض مِنْهُ، وَقيل: هُوَ الغدير قَالَ:

ظَلَّتْ بِنِهْىِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ

تَشرَبُ منهُ نَهِلاتٍ وتَعِلّ

وَالْجمع، أنْهٍ، وأنْهاءٌ، ونُهِىٌّ: ونِهاءٌ، قَالَ عدي بن الرّقاع:

ويَأكُلْنَ مَا أغْنَى الوَلِيّ فلَم يَلِتْ ... كأنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعا

والنِّهاءُ أَيْضا: أَصْغَر محابس الْمَطَر، وَأَصله من ذَلِك.

والتَّنْهاةُ والتَّنْهِيَةُ: حَيْثُ يَنْتَهِي المَاء من الْوَادي، وَهِي أحد الْأَسْمَاء الَّتِي جَاءَت على تَفْعِلة، وَإِنَّمَا بَاب التَّفْعِلة أَن يكون مصدرا.

وأنهَى الشَّيْء: أبلغه.

وناقة نَهِيَّةٌ: بلغت غَايَة السّمن، هَذَا هُوَ الأَصْل، ثمَّ يسْتَعْمل لكل سمين من الذُّكُور وَالْإِنَاث، إِلَّا أَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَنْعَام، أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ نَهِيِّ

مِنَ الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِّ

ونُهْيَة الوتد: الفرضة فِي رَأسه تَنْهَى الْحَبل أَن يَنْسَلِخ.

والنُّهَى: الْعقل، يكون وَاحِدًا وجمعا، وَفِي التَّنْزِيل: (إنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لأُولي النُّهَى) .

والنُّهْيَةُ: الْعقل، وَمن هُنَا اخْتَار بَعضهم أَن يكون النُّهَي جمعا، وَقد صرح اللحياني بِأَن النُّهَى جمع نُهْيَةٍ، فأغنى عَن التَّأْوِيل. والنِّهايَةُ والمَنْهاةُ: الْعقل، كالنُّهْيَةِ.

وَرجل مَنْهاةٌ: عَاقل حسن الرَّأْي، عَن أبي العميثل، وَقد نَهُوَ مَا شَاءَ، فَهُوَ نَهِيٌّ من قوم أنهِياءَ، ونَهٍ من قوم نَهِينَ، ونِهٍ، على الإتباع، كل ذَلِك: مُتَناهِــي الْعقل، قَالَ ابْن جني: هُوَ قِيَاس النَّحْوِيين فِي حُرُوف الْحلق، كَقَوْلِك: فَخذ فِي فَخذ، وصعق فِي صعق.

وَرجل نَهْيُك من رجل، وناهِيكَ من رجل، ونَهاكَ من رجل، كُله بِمَعْنى: حسب.

ونِهاءُ النَّهَار: ارتفاعه.

وَهُوَ نُهاءُ مائَة، كَقَوْلِك، زهاء مائَة.

والنُّهاءُ: الْقَوَارِير، قيل: لَا وَاحِد لَهَا، وَقيل: واحدته نَهاءَةٌ، عَن كرَاع، وَقيل: هُوَ الزّجاج عَامَّة، حَكَاهُ ابْن الْأَعرَابِي، وانشد:

تَرُضُّ الحَصىَ أخفافُهُنَّ كَأَنَّمَا ... يُكَسَّرُ قَيْصٌ بَيْنَها ونُهاءُ

قَالَ: وَلم يسمع إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْت، وَقَالَ بَعضهم: النُّهاءُ: الزّجاج، يمد وَيقصر.

والنُّهاءُ: حجر أَبيض أرْخى من الرخام، يكون فِي الْبَادِيَة، ويجاء بِهِ من الْبَحْر، واحدته نُهاءَة.

والنُّهاءُ: دَوَاء يكون بالبادية يتعالجون بِهِ يشربونه.

النَّهَى: ضرب من الخرز، واحدته نَهاةٌ.

والنَّهاةُ أَيْضا: الودعة.

ونَهاةُ: فرس لَاحق بن جرير.

وَإِنَّمَا قضينا أَن ألف كل ذَلِك يَاء لما قدمنَا من أَن اللَّام يَاء أَكثر مِنْهَا واوا.

وَطلب حَاجَة حَتَّى أنهَى عَنْهَا ونَهِىَ عَنْهَا، أَي تَركهَا، ظفر بهَا أَو لم ظفر.

وَحَوله من الْأَصْوَات نُهْيَة، أَي شغل.

وَذَهَبت تَمِيم فَمَا تسهى وَلَا تُنْهَى، أَي لَا تذكر.

ونِهْيا: اسْم مَاء عَن ابْن جني، وَقَالَ لي أَبُو الْوَفَاء الْأَعرَابِي: نَهَيَا وَإِنَّمَا حركها لمَكَان حرف الْحلق، لِأَنَّهُ أَنْشدني بَيْتا من الطَّوِيل لَا يتزن إِلَّا بِنَهْيا سَاكِنة الْهَاء اذكر مِنْهُ:

إِلَى أهْل نَهْيا 
نهـي
نهَى/ نهَى إلى يَنهَى، انْهَ، نَهْيًا، فهو ناهٍ، والمفعول مَنهيّ
• نهَى صديقَه عن الخيانة: منعه وحذَّره منها، نصحه وأرشده إلى تركها "الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر- {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} " ° هو رجل نَهَاك من رجُل: ينهاك بجدِّه وغنائه عن تطلُّب غيره.
• نهاه اللهُ عن كذا: حرّمه عليه " {لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} ".
• نهَى إليه الخبرُ: بلغَه "نهى إليه موتُ والدِه". 

أنهى يُنهي، أَنْهِ، إنهاءً، فهو مُنْهٍ، والمفعول مُنهًى
• أنهى درسَه: أنجزَه وأتمَّه، وفرغ منه "يجب إنهاء عمل اليوم قبل الغد- أنهى خلافًا: حسَمه، قطعه- أنهى أيّامه الأخيرة في المستشفى: قضاها، أمضاها" ° أنهى بنجاح: اختتم/ توَّج.
• أنهى العقدَ: ألغاه "أنهى العملَ بالقانون: أبطل وأوقف".
 • أنهى الشَّكوى إلى المسئولين: أوصلها وأبلغها إليهم، بلّغهم بها.
• أنهى صديقَه عن شرب الخمر: نهاه عنه، كفَّه ومنعه. 

انتهى/ انتهى إلى/ انتهى بـ/ انتهى عن/ انتهى من يَنتهي، انْتَهِ، انتِهاءً، فهو مُنتهٍ، والمفعول مُنتهًى إليه
• انتهى زمنُ العبوديَّة: ولَّى وزال "أعلن انتهاء المشروع- انتهتِ العلاقةُ بينهما- انتهاء دورة برلمانيّة: اختتام- انتهاءُ الأجل: توقُّفه، الموت".
• انتهى الأمرُ إلى الوالي: بلغ، ووصل "انتهتِ الطَّريقُ إلى القرية".
• انتهى إلى كذا: عرف وأدرك.
• انتهى به الأمرُ إلى الشِّحاذة: أدّى به إلى هذا السَّبيل "انتهى به الحالُ/ المطافُ إلى الجنون: وصل به إلى هذا الحدّ".
• انتهى فلانٌ عن المنكر: كفَّ وامتنع عنه " {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ".
• انتهى من البحث: أتمّه، أنجزه، قضاه "انتهى من العمل/ القراءة/ المشروع". 

تناهى/ تناهى إلى/ تناهى عن يتناهَى، تَنَاهَ، تناهيًا، فهو مُتناهٍ، والمفعول مُتناهًــى إليه
• تناهى الخطرُ: انتهى؛ بلغ نهايتَه "متناهٍ في الدِّقَّة/ الصِّغر- تناهتِ الأحداثُ المزعجة".
• تناهى إلى أسماع الحكومة كذا: بلغها وعلمت به.
• تناهى الأصدقاءُ عن المنكر:
1 - كفّ بعضُهم بعضًا عن الوقوع فيه " {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} ".
2 - انقطعوا عنه. 

إنهاء [مفرد]: مصدر أنهى. 

انتهاء [مفرد]: مصدر انتهى/ انتهى إلى/ انتهى بـ/ انتهى عن/ انتهى من. 

مُتناهٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من تناهى/ تناهى إلى/ تناهى عن.
2 - في غايةٍ من كذا "متناهٍ في الصِّغر- قطار متناهٍ في السُّرعة- مقالة متناهــية الدّقَّة- بسهولة متناهــية: في غاية السّهولة".
• اللاَّــمتناهــي: ما لا يمكن أن تكون له نهاية، ويختلف عن اللاَّمحدود وهو ما لم يحدَّد بالفعل وإن كانت له حدود ممكنة "يسبح في الفضاء اللاَّــمتناهــي". 

مُنْتهٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من انتهى/ انتهى إلى/ انتهى بـ/ انتهى عن/ انتهى من.
2 - أن لا تكون هُناك اهتمامات أو اتِّفاقات أو اتِّصالات أُخرى.
3 - مُخفَق، لم يعد ناجحًا أو ضروريًّا. 

مُنتهًى [مفرد]:
1 - اسم مكان من انتهى/ انتهى إلى/ انتهى بـ/ انتهى عن/ انتهى من: غاية ونهاية "عند منتهى الطريق- {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}: جعلها الله النهاية في محلّ القُرب والكرامة، ويقال شجرة نبق عن يمين الجنّة" ° في منتهى الوضوح: في غاية الوضوح- مُنتهَى أملِه: غايته العظمى، أسمى أمانيه.
2 - مَرْجع ومصير " {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} ".
• منتهى الجموع: (نح) كلّ جمع تكسير مفتوح الأوّل، بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أوسطهما ساكن مثل: معاهد ومفاتيح. 

مَنْهيّات [جمع]: مف مَنْهيّ
• المنهيَّات الشَّرعيَّة: الأمور التي نهى الشَّرعُ عن فعلها أو إتيانها كشرب الخمر والسَّرقة والزِّنا ونحو ذلك. 

ناهٍ [مفرد]: ج ناهون ونُهاة، مؤ ناهية، ج مؤ ناهيات ونواهٍ: اسم فاعل من نهَى/ نهَى إلى ° الآمر النَّاهي: من له سُلْطة غير محدودة- ناهيك عن/ ناهيك بـ: كافيك. 

ناهية [مفرد]: ج ناهيات ونواهٍ: مؤنَّث ناهٍ.
• النَّاهية: العقل الزَّاجر عن الحرام والقبيح "ما له ناهية- ما تنهاه عنَّا ناهية: ما يكفّه عنّا كافّة".
• لا النَّاهية: (نح) أداة تجزم الفعل المضارع. 

نهائيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى نِهاية: أخيرًا، على نحوٍ محدّد "بتَّ في الأمر نهائيًّا: لآخر مرَّة- دورة نهائيّة- كلمة نهائيّة: لا رجوعَ فيها- بروتوكول نهائيّ" ° إنذار نهائيّ:
 بيان، خاصَّة لمفاوضين دبلوماسيِّين، يُهدِّد بفرض عقوبات خطيرة إذا رُفضت الشّروط- الدَّور النهائيّ: مباراة تُقام لتحديد الفائز في مسابقةٍ ما- الدَّور قبل النِّهائيّ: مسابقة لتحديد النِّهائيَّات في مسابقة ما- جواب نهائيّ: أخير- شبه نهائيّ/ نصف النهائيّ: مُباراة أو مسابقة تسبق المباراةَ النهائيَّة- لا نهائيّ: لا حدّ له. 

نِهائيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى نِهاية: "مُباراة نهائيّة".
2 - مصدر صناعيّ من نِهاية: انتهاء، ختام "تأهّل الفريق لنهائيّة بطولة كأس العالم".
• لا نهائيَّة: مُتَّسعٌ لا حدود له، ما لا يمكن وضع حدٍّ أو نهاية له "اكتشف أنّه يسير في لا نهائيَّة مُطلقة- لا نهائيَّة المقاومة/ السموات- دورات الكون اللاَّنهائيَّة". 

نِهاية [مفرد]: آخرُ الشّيء وغايتُه "نهاية سعيدة/ دراميَّة- نهاية الطّريق- تغيَّرت النتيجةُ في نهاية المباراة" ° إلى النِّهاية/ للنِّهاية: حتى الآخر، بدون ملل- إلى ما لا نهاية: حيث لا آخِر، قائمة مفتوحة- تعويض نهاية الخِدْمة: مبلغ من المال يعتمد على طول فترة التَّوظيف يستحقُّه الموظَّفُ عن جدارة في نهاية الخِدْمة- حتَّى النِّهاية: حتى الآخر، بدون ملل- شريط خطِّ النِّهاية: شريط يُمدّ عبر خطِّ النِّهاية ليقطعه الفائزُ- في النِّهاية: آخر الأمر- في نهاية الأمر: في آخر الأمر- لا نهاية/ بلا نهاية: عدم انتهاء- نُقْطة النّهاية: نقطة لا يُمكن التحرُّك أو التقدُّم بعدها.
• اللاَّنهاية: ما لا حدود له في الزَّمان ولا في المكان ولا نهاية له، اللاَّــمتناهــي "تجذبه أمنياته البعيدة نحو اللاَّنهاية". 

نَهْي [مفرد]:
1 - مصدر نهَى/ نهَى إلى ° صاحب الأمر والنَّهي: من بيده اتّخاذُ القرار.
2 - (نح) طلب ترك الفعل باستعمال (لا) الناهية والمضارع المجزوم: (لا تفعلْ كذا) "أسلوب/ أداة نَهْي". 

نُهيَة [مفرد]: ج نُهُيات ونُهْيات ونُهًى: عقل " {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى} ". 
نهي
: (ي (} نَهاهُ {يَنْهاه} نَهْياً: ضِدُّ أَمَرَهُ) .
قَالَ شَيخنَا: لَوْلَا الشُّهْرة ومُرَاعَاهً الخطِّ لاقْتَضَى كَسْر المُضارِع، وَلَو قالَ كسَعَى لأجادَ.
قُلْتُ: وَهُوَ نَصُّ المُحْكم قالَ: {النَّهْيُ خِلافُ الأمْرِ، نَهاهُ يَنْهاهُ نَهْياً (} فانْتَهَى {وتَنَاهَى) : كَفَّ؛ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهٍ لزِيادَة ابنِ زيْدٍ العُذْري:
إِذا مَا} انْتَهَى عِلْمي {تَناهَيْتُ عنْدَه
أَطالَ فأَمْلى أَو} تَناهَى فأَقْصَرَاوفي الصِّحاح: {نَهَيْته عَن كَذَا} فانْتَهَى عَنهُ {وتَناهَى، أَي كَفَّ.
(و) يقالُ: (هُوَ} نَهُوٌّ عَن المُنْكَرِ أَمُورٌ بالمَعْروفِ) ، على فَعُولٍ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
قَالَ ابنُ برِّي: كَانَ قِياسُه أَن يقالَ: {نَهِيٌّ لأنَّ الواوَ والياءَ إِذا اجْتَمَعتا وسبقَ الأوَّل بالسكونِ قُلِبَت الواوَ يَاء، قالَ: مِثْل هَذَا فِي الشّذوذِ قولُهم فِي جَمْع فَتًى فُتُوٌّ.
قُلْت: وَقد تقدَّم ذلكَ هُنَاكَ.
(} والنُّهْيَةُ، بالضَّمِّ: الاسْمُ مِنْهُ.
(و) {النُّهْيَةُ أيْضاً: (غايَةُ الشَّيءِ وآخِرُهُ) ، وَذَلِكَ لأنَّ آخِرَهُ} يَنْهاهُ عَن التّمادِي فَيْرتَدِعُ؛ قَالَ أَبُو ذؤَيْبٍ:
رَمَيْناهُم حَتَّى إِذا ارْبَثَّ جَمْعُهُمْ
وعادَ الرَّصيعُ {نُهْيَةً للحَمائِل قَالَ الجَوْهرِي: يقولُ انْهَزَمُوا حَتَّى انْقَلَبَتْ سُيوفُهم فعادَ الرَّصِيعُ على المَنْكِبِ حيثُ كانتِ الحَمائِلُ، انتَهَى؛ والرَّصِيعُ: سَيْرٌ مَضْفورٌ، ويُرْوَى: الرُّصُوع، وَهَذَا مَثَلٌ عنْدَ الهَزِيمة.} والنُّهْيَةُ: حيثُ {انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرُّصُوع، وَهِي سيورٌ وتُضْفَرُ بينَ حِمالَةِ السَّيْفِ وجَفْنِه.
(} كالنِّهايَةِ {والنِّهاءِ، مكسورتَيْنِ) . قالَ الجَوْهرِي:} النِّهايَةُ الغايَةُ، يقالُ: بَلَغَ {نِهايَتَه.
وَفِي المُحْكم: النِّهايَةُ كالغَايَةِ حيثُ} يَنْتهِي إِلَيْهِ الشَّيء، وَهُوَ {النِّهاءُ، مَمْدودٌ.
(} وانْتَهَى الشَّيءُ {وتَناهَى} ونَهَّى {تَنْهِيَةً) : أَي (بَلَغَ} نِهايَتَه) ؛ وقولُ أبي ذُؤَيب:
ثمَّ! انْتَهَى بَصَرِي عَنْهُم وَقد بَلَغوا
بَطْنَ المَخِيمِ فَقَالُوا الجَوّ أَوْ رَاحُواأَرادَ: انْقَطَعَ عَنْهُم ولذلكَ عدَّاهُ بعَنْ.
(و) حَكَى اللَّحْياني عَن الكِسائي: (إِلَيْك أَنْهَى المَثَلُ، {ونَهَّى) } تنْهِيَةً ( {وانْتَهَى} ونُهِيَ {وأُنْهِيَ، مَضْمومَتَيْن،} ونَهَى) ، خَفِيفَةً، (كسَعَى) وَهِي (قَلِيلةٌ) ، قالَ: وقالَ ابنُ جَعْفر: لم أَسْمَع أَحَداً يقولُ بالتخْفِيفِ. ( {والنِّهايَةُ) ، بالكسْر: (طَرَفُ العِرانِ) الَّذِي (فِي أَنْفِ البعيرِ) وَذَلِكَ} لانْتِهائه.
(و) قَالَ أَبو سعيدٍ: {النِّهايَةُ (الخَشَبَةُ) الَّتِي (تُحْمَلُ فِيهَا) ، أَي عَلَيْهَا، (الأحْمالُ) ؛ قالَ: وسأَلْتُ عَن الخَشَبَةِ الَّتِي تُدْعَى بالفارِسِيَّةِ ناهو، فَقَالُوا:} النِّهايَتانِ والعَاضِدَتانِ والحَامِلَتانِ.
( {والنَّهِيْ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح) ؛ وَفِي الصِّحاحِ:} النِّهْيُ بِالْكَسْرِ؛ (الغَدِيرُ) فِي لُغَةِ أهْلِ نَجْدٍ، وغيرُهم يقولهُ بِالْفَتْح.
وقالَ الأزْهري: النِّهْيُ الغَدِيرُ حيثُ يتحيَّرُ السَّيْلُ فيُوسِعُ؛ وبعضُ العَرَبِ يقولُ {نِهْيٌ، وأنْشَدَ ابنُ سِيدَه:
ظَلَّتْ} بنِهْي البَرَدانِ تَغْتَسِلْ
تَشْرَبُ مِنْهُ نَهِلاتٍ وتَعِلّوأَنْشَدَ ابنُ برِّي لمعَنْ بنِ أَوْس:
تَشُجُّ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفَةٍ
كأَنَّ لَهَا بَوًّا! بنَهْيٍ تُعاوِلُهْ وَفِي الحديثِ: أنَّه أَتَى على {نِهْيٍ مِن ماءٍ، ضُبِطَ بالكَسْر والفَتْح، هُوَ الغَدِيرُ (أَو شِبْهُهُ) ، وَهُوَ كلُّ مَوْضِع يَجْتَمِعُ فِيهِ الماءُ، أَو الَّذِي لَهُ حاجِزٌ} يَنْهَى الماءَ أَن يَفِيضَ مِنْهُ، (ج أَنْهٍ) ، كأَدْلٍ، ( {وأنْهاءٌ) ، كأدْلاءٍ (} ونُهِيٌّ) ، بِالضَّمِّ كدُلِيَ، ( {ونِهاءٌ، ككِساءٍ) ، الأَوْلى كدِلاءٍ، قالَ عَدِيُّ بنُ الرِّقاع: ويأكلن مَا أغْنى الْوَلِيّ فَلم يلت كَأَن بحافات} النِّهاءِ المزارعا وَيُقَال: درع {كالنِّهْي ودروع كالنهاء، وَأنْشد القالي: علينا} كَالنِّهَاءِ مضاعفات من الماذي لم تؤو المتونا {والتَّنْهَاءُ كَذَا فِي النّسخ، وَالصَّوَاب:} التَّنُهاةُ كَمَا هُوَ نَص التَّهْذِيب، {والتَّنْهِيَةُ: حَيْثُ} يَنْتَهِي إِلَيْهِ المَاء من حُرُوف الْوَادي وَهِي أحد الْأَسْمَاء الَّتِي جَاءَت على تفعلة و:
إنَّما بابُ التَّفْعلةِ أَنْ يكونَ مَصْدراً والجَمْعُ التَّناهِي.
وَقَالَ الشيخُ أَبُو حيَّان: {التَّنْهِيَةُ الأرضُ المُنْخَفِضَةُ} يَتَناهَى إِلَيْهَا الماءُ، والتاءُ زائِدَةٌ.
( {وأَنْهَى) الرَّجُلُ: (أَتَى} نَهْياً) ، وَهُوَ الغَدِيرُ.
(و) {أَنْهَى (الشَّيءَ: أَبْلَغَهُ) وأَوْصَلَهُ. يقالُ:} أَنْهَيْتُ إِلَيْهِ الخَبَرَ والكِتابَ والرِّسالَةَ والسَّهْمَ كُلُّ ذلكَ أَوْصَلْته إِلَيْهِ.
(وناقَةٌ {نِهْيَةٌ، بالكسْر، و) } نَهِيَّةٌ، (كغَنِيَّةٍ: بَلَغَتْ غايَةَ السِّمَنِ) ، هَذَا هُوَ الأصْلُ ثمَّ يُسْتَعْملُ لكلِّ سَمِينٍ مِن الذّكورِ والإناثِ إلاَّ أَنَّ ذلكَ إنَّما هُوَ فِي الأَنْعامِ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأعْرابي:
سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ {نَهِيِّ
مِنَ الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِّوحُكِي عَن أَعْرابي أنَّه قالَ: وَالله للخُبْزُ أَحَبُّ إليَّ مِن جَزُورٍ} نَهِيَّة فِي غَداةٍ عَرِيَّةٍ.
وَفِي الصِّحاح: جَزُورٌ {نَهِيَّةٌ، على فَعِيلَةٍ، أَي ضَخْمَةٌ سَمِينَةٌ.
وَفِي الأساس:} تَناهَى البَعيرُ سَمِناً؛ وجَمَلٌ نَهِيٌّ وناقَةٌ نَهِيَّةٌ.
( {والنُّهْيَةُ، بالضَّمِّ: الفُرْضَةُ) الَّتِي (فِي رأْسِ الوَتِدِ) تَنْهَى الحبْلَ أَن يَنْسلخَ؛ عَن ابنِ دُرَيْد.
(و) } النُّهْيَةُ: (العَقْلُ) ، سُمِّيَت بذلكَ لأنَّه يَنْهَى عَن القَبِيحِ؛ وَمِنْه حديثُ أَبي وائلٍ: (قد عَلِمْتُ أنَّ التَّقِيَّ ذُو {نُهْيَةٍ) ، أَي عَقْل} يَنْتَهِي بِهِ عَن القبائِحِ ويدخلُ فِي المحاسِنِ.
وَقَالَ بعضُهم: ذُو النُّهْيَةِ الَّذِي {يُنْتَهِي إِلَى رأْيهِ وعَقْلِه؛ وأنْشَدَ ابنُ برِّي للخَنْساء:
فَتًى كانَ ذَا حِلْمٍ أَصِيلٍ ونُهْيَةٍ
إِذا مَا الحُبَا مِن طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ (} كالنُّهَى) ، كهُدًى، (وَهُوَ) واحِدٌ بمعْنَى العَقْلِ، و (يكونُ جَمْعَ {نُهْيَةٍ أَيْضاً) ، صرَّحَ بِهِ اللّحْياني فأَغْنى عَن التَّأْوِيلِ.
وَفِي الحديثِ: (ليَلِيَنِّي مِنْكُم أُولو الأَحْلامِ} والنُّهىَ) ، هِيَ العُقُولُ والألْبابُ.
وَفِي الكتابِ العزيزِ: {إنَّ فِي ذلكَ لآياتٍ لأُولي {النُّهى} .
(ورجُلٌ} مَنْهاةٌ) : أَي (عاقِلٌ) يَنْتَهِي إِلَى عَقْلِه.
(ونَهُوَ) الرَّجُلُ، (ككَرُمَ، فَهُوَ {نَهِيٌّ) ، كغِنِيَ، (من) قوْمٍ (} أَنْهياءَ؛ و) رجُلٌ (! نَهٍ مِن) قوْمٍ ( {نَهِينَ؛ و) يقالُ: رجُلٌ (} نِهٍ، بِالْكَسْرِ، على الإِتْباعِ) ، كلُّ ذلكَ ( {مُتنَاهِــي العَقْلِ) .
قالَ ابنْ جنيَ: هُوَ قِياسُ النّحويِّين فِي حُرُوفِ الحَلْقِ كقوْلكَ فِخِذٌ فِي فَخِذ وصِعِق فِي صَعِق.
(و) يقالُ: (} نَهْيُكَ مِن رَجُلٍ) ، بِفتحٍ فسكونٍ، ( {وناهِيكَ مِنْهُ} ونَهاكَ مِنْهُ) ، أَي كافِيكَ مِن رجُلٍ، كُلّه (بمعْنًى حَسْبُ) .
قالَ الجَوْهرِي: وتَأْوِيلُه أَنّه بجدِّه وغنائِه يَنْهاكَ عَن تَطَلّبِ غيرِهِ؛ وأنْشَدَ:
هُوَ الشّيخُ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنهُ
{نَهَاكَ الشَّيخُ مَكْرُمةً وفَخْراوهذه امرأَةٌ} ناهِيَتُك مِن امرأَةٍ تُذَكَّر وتُؤَنَّث وتُثَنَّى وتُجْمَع لأنَّه اسْمُ فاعِلٍ، وَإِذا قُلْتُ {نَهْيُك مِن رجُلٍ كَمَا تقولُ حَسْبُك مِن رجُلٍ لم تُثَنِّ وَلم تَجْمَع لأنَّه مَصْدرٌ، وتقولُ فِي المَعْرفةِ: هَذَا عبدُ اللهاِ} ناهِيكَ مِن رجُلٍ فتَنْصبُ ناهِيكَ على الحالِ.
( {والنِّهاءُ، ككِساءٍ: أَصْغَرُ مَحابِسِ المَطَرِ) . وأَصْلُه مِن} انْتِهاءِ الماءِ إِلَيْهِ: نقلَهُ الأزْهري، وَقد يكونُ جَمْعَ {نِهْيٍ كَمَا تقدَّمَ.
(و) } النِّهاءُ (من النَّهَارِ والماءِ: ارْتِفاعُهُما) ، أَمَّا {نِهاءُ النَّهارِ فارْتِفاعُه قرابَ نصْفِه، ضَبَطَه ابنُ سِيدَه بالكَسْر كَمَا للمصنّفِ، وأمَّا} نُهاءُ الماءِ فضَبَطَه الجَوْهرِي بِالضَّمِّ فتأَمَّل ذَلِك.
(و) {النِّهاءُ: (الزُّجاجُ) عامَّةً، يُمَدُّ (ويَقْصَرُ.
(أَو) النِّهاءُ: (القَوارِيرُ) ، قيلَ: لَا واحِدَ لَهَا من لَفْظِها؛ وقيلَ: (جَمْعُ} نِهاءَةٍ) ، عَن كُراعٍ.
وَفِي الصِّحاح:! النُّهاءُ، بِالضَّمِّ، القَوارِيرُ والزُّجاجُ؛ قالَهُ ابنُ الأعْرابي؛ وأَنْشَدَ:
تَرُدُّ الحَصَى أَخْفافُهُنَّ كأَنَّما
تُكَسّرُ قَيْضٌ بَيْنها {ونُهاءُ} انْتَهَى.
زَاد غيرُهُ قالَ: وَلم يُسْمَع إلاّ فِي هَذَا البَيْتِ.
قَالَ ابنُ برِّي: وَالَّذِي رَواهُ ابنُ الْأَعرَابِي: تَرُضُّ الحَصَى، ورَواهُ {النِّهاءُ بكَسْر النونِ، قالَ: وَلم أَسْمعِ} النِّهاءَ مَكْسُور الأوّل إلاّ فِي هَذَا البَيْتِ.
قَالَ ابنُ برِّي: وروايَةُ {نِهاء بكسْرٍ النونِ جَمْعُ} نَهاةٍ للوَدْعَةِ، قالَ: ويُرْوَى بفَتْح النونِ أَيْضاً، جَمْع {نَهاةٍ وجَمْع الجِنْس، ومدَّهُ لضَرْورَةِ الشِّعْر.
قالَ: وقالَ القالِي: النُّهاءُ، بِضَم أَوَّلهِ: الزُّجاجُ، وأنْشَدَ البَيْتَ المتقدِّمَ؛ قالَ: وَهُوَ لعُتَيِّ بنِ مالِكٍ، وقَبْله:
ذَرَعْنَ بِنَا عُرْضَ الفَلاةِ وَمَا لَنا
عَلَيْهِنَّ إلاَّ وَخْدَهُن سِقاءُقُلْتُ: الَّذِي فِي كتابِ المَقْصورِ والمَمْدودِ لأبي عليَ القالِي} النَّهْيُ بالفَتْح جَمْع! نَهاةٍ، وَهِي خَرزَةٌ، ويقالُ إنَّها الوَدْعَةُ، مَقْصورٌ يُكْتَبُ بالياءِ. (و) {النّهاءُ: (حَجَرٌ أَبْيَضُ أَرْخَى مِن الرُّخامِ) يكونُ بالبادِيَةِ ويُجاءُ بِهِ مِن البَحْرِ، واحِدَتُه} نِهاءَةٌ.
(و) {النِّهاءُ: (دَواءٌ) يكونُ (بالبادِيَةِ) يَتَعالجُونَ بِهِ ويَشْربُونَه.
(و) النِّهاءُ: (ضَرْبٌ من الخَرَزِ) ، واحِدَتُه} نهاءَةٌ.
( {ونَهاةُ: فَرَسُ) لاحقِ بنِ جريرٍ.
(و) } نُهَيَّةُ، (كسُمَيَّة) : ابْنةُ سعيدِ بنِ سِهْمٍ (أُمُّ وَلَدِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى) بنِ قصيَ، وَهِي أُمُّ خُوَيْلدِ بنِ أَسَدٍ المَذْكُور، جَدَّةُ السيِّدَةِ خَدِيجَة، رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا.
(و) أَيْضاً:) (أُمُّ وَلَدِ عُمَرَ بنِ الخطَّاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) ، هِيَ أُمُّ ولدِه عبدِ الرحمانِ أبي شَحْمَة؛ قالَ الحافِظُ فِي التّبْصير: وقِيلَ هِيَ لُهَيَّةُ، باللامِ.
(و) يقالُ: (طَلَبَ حاجَةً حَتَّى {نَهِيَ عَنْهَا) ، كرَضِيَ، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي؛ (أَو} أَنْهَى) عَنْهَا؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه؛ (أَي تَرَكَها: ظَفِرَ بهَا أَوْ لم يَظْفَرْ.
( {ونِهْيَا، بالكسرِ بالتَّحْريكِ) . قالَ ابنُ جنِّي: قالَ لي أَبو الوَفاءِ الأعْرابي:} نَهَيا، وحرَّكَه لمَكانِ حَرْفِ الحَلْق، قالَ: لأنَّه أَنْشَدني بَيْتاً مِن الطويلِ لَا يَتَّزِنُ إلاَّ {بنَهْيا ساكِنَه العَيْن.
قُلْتُ: لعلَّه يَعْني البَيْتَ الَّذِي يَأتي فِي} نِهْي الأكُفّ.
(ماءٌ) لكَلْبٍ فِي طريقِ الشَّامِ.
(! ونُهَاءُ مِائَةٍ، بالضَّمِّ) ؛ أَي (زُهاؤُها) ، أَي قَدْرُها، اقْتَصَرَ على الضَمّ، الجَوْهرِي ضَبَطَه بِالضَّمِّ وبالكَسْر أَيْضاً، فَهُوَ قُصُورٌ بالِغٌ.
(ودَيْرُ {نِهْيا، بِالْكَسْرِ: بِمِصْرَ) .
قُلْتُ: وَهِي قَرْيةٌ بجيزَةِ مِصْرَ ويُضافُ إِلَيْهَا سفط، وضَبَطَه ياقوتُ بفَتْح النونِ، وممَّن نُسِبَ إِلَيْهَا الإمامُ أَبُو المُهَنَّدِ مرهفُ بنُ صارم بنِ فلاحِ بنِ راشدِ الجذامي السّفطيّ} النِّهيائيُّ. قالَ المُنْذري: كَتَبْتُ عَنهُ شَيْئا من شِعْرِه وشِعْرِ غيرِه، تُوفي سنة 634.
( {ونُهىً، كَهُدًي: ة بالبَحْرَيْنِ) . وقالَ ياقوتُ: هِيَ بينَ اليَمامَة والبَحْرَيْن لبَني الشعيراء، غيْرَ أنَّه ضَبَطَه بكسْرٍ فسكونٍ وَهُوَ الصَّوابُ.
(} والتِّنْهاةُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُرَدُّ بِهِ وَجْهُ السَّيْلِ مِن تُرابٍ ونحوِهِ) ، والتاءُ فِي أَوَّلهِ زائِدَةٌ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
نَفْسٌ نَهاةٌ: أَي {مُنْتَهيةٌ عَن الشيءِ.
} وتَناهَوْا عَن الأَمْرِ وَعَن المُنْكَرِ: {ونَهَى بعضُهم بَعْضًا. وَقَوله تَعَالَى: {كَانُوا لَا} يَتَناهَوْنَ عَن مُنْكَرٍ فَعَلُوه} ؛ قد يجوزُ أَنْ مَعْناه لَا {يَنْتَهُونَ.
} ونَهَّاهُ {تَنْهِيةً بمعْنَى} نَهاهُ {نَهْياً، شُدِّدَ للمُبالَغَةِ؛ وَمِنْه قولُ الفَرَزْدق:
} فنَهَّاكَ عَنْهَا مُنْكَرٌ ونَكِيرُ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وَفِي حديثِ قِيامِ الساعَةِ: هُوَ قُرْبةٌ إِلَى اللهاِ {ومَنْهاةٌ عَن الآثامِ) ، أَي حالَةٌ مِن شأْنِها} تَنْهى عَن الإثْم، وَهِي مَفْعَلة مِن {النّهْي، والميمُ زائِدَةٌ.
} والناهِي {والنّاهِيَةُ: مَصْدرانِ، يقالُ: مالَهُ} ناهِيَةٌ، أَي {نَهْيٌ؛ ويقالُ: مَا} يَنْهاهُ عنَّا {ناهِيَةٌ، أَي مَا يَكُفَّه عنَّا كافَّةٌ.
وقالَ ابنْ شُمَيْل:} اسْتَنْهَيْتُ فلَانا عَن نَفْسِه فأبَى أَنْ {يَنْتهِيَ عَن مَساءَتِي؛} واسْتَنْهَيْتُ فلَانا من فلانٍ: إِذا قُلْتُ لَهُ {انْهَهُ عنِّي.
وَفِي الأساس: رَوَى بَنُو حنيفَةَ أَهاجيَّ الفَرَزْدقِ فِي جريرٍ فأحْفظُوه} فاسْتَنْهاهُم، أَي قالَ: {انْتَهُوا.
وجَمْعُ} النَّاهي {نُهاةٌ، كرامٍ ورُماةٍ.
وقالَ الكِلابيُّ: يقولُ الرَّجلُ للرَّجلِ: إِذا ولِيتَ وِلايَةً فإنْه أَي كُفَّ عَن القَبِيح، قالَ:} وانْه، بكسْرِ الهاءِ، بمعْنَى {انْتَهِ، قالَ: وَإِذا وقفَ} فانْهِهْ، أَي كُفَّ.
وفلانٌ يَرْكبُ {المَنَاهِي: أَي يَأْتِي مَا نُهِيَ عَنهُ.
} وأَنْهَى الرَّجُلُ: انْتَهَى.
وَفِي الحديثِ: ذكر سِدْرَة {المُنْتَهَى، وَهُوَ مُفْتَعَل مِن} النِّهايَةِ، أَي {يُنْتَهَى ويُبْلَغ بالوُصول إِلَيْهَا فَلَا يتجاوَزُ.
} وتنَاهَى الماءُ: إِذا وَقَفَ فِي الغدِيرِ وسَكَنَ، نقلَهُ الجَوْهرِي؛ وأنْشَدَ للعجَّاج:
حَتَّى! تَناهَى فِي صَهارِيجِ الصَّفا خالَطَ سَلْمَى خَياشِيمَ وَفا {وتَناهَى الخَبَرُ} وانْتَهَى: أَي بَلَغَ.
وبَلَغْتُ {مَنْهَى فلانٍ} ومَنْهاتَه، يُفْتحانِ ويُكْسَرانِ عنِ اللّحْياني.
{ونَهِيَ الرَّجُلُ مِن اللَّحْمِ، كَرَضِيَ،} وأَنْهَى إِذا اكْتَفَى مِنْهُ وشَبِعَ، وَمِنْه قولُ الشَّاعرِ:
{يَنْهَوْنَ عَن أكْلٍ وعَن شُرْبِأَي: يَشْبَعُونَ ويَكْتَفونَ.
وَقَالَ الآخَرُ:
لَوْ كانَ مَا واحِداً، هَواكِ لقَدْ
أَنْهَى ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَك ُوهم} نِهاءُ مِائَةٍ، بِالْكَسْرِ، لُغَةٌ فِي الضَّم عَن الجَوْهرِي.
{والنَّهاةُ، كحَصاةٍ: الوَدْعَةُ، جَمْعُها} النّهَى، عَن القالِي.
وحَوْلَه من الأصْواتِ {نُهْيَةٌ: أَي شُغْلٌ.
وذهَبَتْ تمِيمُ فَلَا تُسْهى ولاَ} تُنْهَى، أَي لَا تُذْكَر.
{ونِهْيٌ، بالكسْر: اسْمُ ماءٍ؛ عَن ابْن جنِّي نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
وَقَالَ ياقوتُ: رأَيْتُ بينَ الرّصَافَةِ والقَرْيَتَيْن مِن طرِيقِ دِمَشْق على البرِيَّة بلْدَةً ذاتَ آثارٍ وعمارَةٍ وفيهَا صَهارِيجُ كثيرَةٌ وليسَ عنْدَها عَيْنٌ وَلَا نَهْرٌ يقالُ لَهَا} نِهْيا، بِالْكَسْرِ، وذَكَرَها أَبُو الطيِّبِ فقالَ:
وَقد نَزَحَ الغُوَيْر فَلَا غُوَيْر
! ونِهْيا والنّبِيضَة والجفار {ونِهْيا زَبَابٍ: ماءآنِ بدِيارِ الضّبابِ بالحِجازِ، وَفِيهِمَا يقولُ الشاعرُ:
بِنُهْيَ زبابٍ نقضي مِنْهَا لُبانةً
فقد مَرَّ رأْسُ الطَّيْرِ لَوْ تَرَيان} ِونِهْيُ ابْن خالدٍ: باليَمامَةِ.
ونِهْيُ تُرْبَةٍ: مَوْضِعٌ آخَرُ وَهُوَ المَعْروفُ بالأخْضَرِ.
ونِهْيُ غُرابٍ: قليبٌ بينَ العَبامة والعُنابة فِي مُسْتَوى الغوْطَةِ، قالَهُ أَبو محمدَ الأَسْوَد الأعْرابي، وَبِه فَسّر قَوْل جامِعِ بنِ عَمْرِو بنِ مُرْخِيَةَ:
وموقدها {بالنِّهي سوقٌ ونارُها
بذاتِ المَواشِي أَيما نَار مصطلي} ونِهْيُ الأكُفِّ، بِكَسْر فَفتح: مَوْضِعٌ؛ وَمِنْه قولُ الشاعرِ:
وَقَالَت تَبَيّنْ هَل ترى بَين ضارج
{ونِهْيِ الأَكفّ صَارِخًا غير أعجماونِهْيُ الزَّوْلةِ، بالكسْر: قَرْيةٌ بالبَحْرَيْنِ، غَيْرِ الَّتِي ذَكَرَها المصنِّفُ.
} ونَهِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: مَوْضِعٌ؛ كلُّ ذلكَ عَن ياقوت.
ونَهَوْتُ: لُغَةٌ فِي {نَهَيْتُ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
وقالَ ابنُ الأعْرابي:} النَّاهِي الشَّبْعانُ الرّيَّانُ؛ يقالُ: شَرِبَ حَتَّى {نَهِي} وأَنْهَى {ونَهَى.

ومِن الأوّل لم يأْتِ إلاَّ وَاو كَمَا سَيَأْتي.

نهي


نَهِيَ(n. ac. نَهًى [ ])
a. see supra
(c)

نهي: النَّهْيُ: خلاف الأَمر. نَهاه يَنْهاه نَهْياً فانْتَهى وتناهى:

كَفَّ؛ أَنشد سيبويه لزياد بن زيد العذري:

إذا ما انْتَهى عِلْمي تناهَيْتُ عندَه،

أَطالَ فأَمْلى، أَو تَناهى فأَقْصَرا

وقال في المعتل بالأَلف: نَهَوْته عن الأَمر بمعنى نَهيْته. ونَفْسٌ

نَهاةٌ: منتهية عن الشيء. وتَناهَوْا عن الأَمر وعن المنكر: نَهى بعضهم

بعضاً. وفي التنزيل العزيز: كانوا لا يَتَناهَوْنَ عن مَنْكَرٍ فعلوه؛ وقد

يجوز أَن يكون معناه يَنْتَهُونَ. ،ونَهَيْته عن كذا فانْتَهى عنه؛ وقول

الفرزدق:

فَنَهَّاكَ عنها مَنْكَرٌ ونَكِيرُ

إنما شدَّده للمبالغة. وفي حديث قيام الليل: هو قُرْبةٌ إلى الله

ومَنْهاةٌ عن الآثام أَي حالة من شأْنها أَن تَنْهى عن الإِثم ، أَو هي مكان

مختص بذلك، وهي مَفْعَلة من النَّهْيِ، والميم زائدة؛ وقوله:

سَمَيَّةَ وَدِّعْ، إنْ تجَهزْتَ غادِيا،

كفى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْءِ ناهِيا

فالقول أَن يكون ناهياً اسمَ الفاعل من نَهَيْتُ كساعٍ من سَعَيْتُ

وشارٍ من شَرَيْت، وقد يجوز مع هذا أَن يكون ناهياً مصدراً هنا كالفالجِ

ونحوه مما جاء فيه المصدر على فاعِل حتى كأَنه قال: كفى الشيب والإسلام

للمرء نَهْياً ورَدْعاً أَي ذا نَهْيٍ، فحذف المضاف وعُلِّقت اللام بما يدل

عليه الكلام، ولا تكون على هذا مَعَلَّقة بنفس الناهي لأَن المصدر لا

يتقدم شيء من صلته عليه، والاسم النُّهْيَةُ. وفلان نَهيُّ فلان أَي يَنْهاه.

ويقال: إنه لأَمُورٌ بالمعروف ونَهُوٌّ عن المنكر، على فعول. قال ابن

بري: كان قياسه أَن يقال نَهيٌّ لأَن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبق

الأَوّل بالسكون قلبت الواو ياء ، قال: ومثل هذا في الشذوذ قولهم في جمع فَتًى

فُتُوٌّ. وفلان ما له ناهِيةٌ أَي نَهْيٌ. ابن شميل: استَنْهَيْتُ

فلاناً عن نفسه فأَبى أَن يَنْتَهِيَ عن مَساءَتي. واستَنْهَيْتُ فلاناً من

فلان إذا قلتَ له انْهَهْ عنِّي. ويقال: ما يَنْهاه عَنَّا ناهِيةٌ أَي ما

يَكُفُّه عنا كافَّةٌ. الكلابي: يقول الرجل للرجل إذا وَلِيتَ وِلاية

فانْهِ أَي كُفَّ عن القَبيحِ، قال: وانه بمعنى انْتَهِ، قاله بكسر الهاء،

وإذا وقف قال فانْهِهْ أَي كُفَّ. قال أَبو بكر: مَرَرْت برجل

(*قوله«أبو بكر مررت برجل إلخ» كذا في الأصل ولا مناسبة له هنا.) كَفاكَ به، ومررت

برجلين كفاك بهما، ومررت برجال كفاك بهم، ومررت بامرأَة كفاك بها،

وبامرأَتين كفاك بهما، وبنسوة كفاك بهنَّ، ولا تُثَنِّ كفاك ولا تجمعه ولا

تؤنثه لأَنه فعل للباء. وفلان يَرْكَبُ المَناهِيَ أَي يأْتي ما نُهِيَ

عنه.والنُّهْيَةُ والنِّهاية: غاية كل شيء وآخره، وذلك لأَن آخره يَنْهاه عن

التمادي فيرتدع؛ قال أَبو ذؤيب:

رَمَيْناهُمُ، حتى إذا ارْبَثَّ جَمْعُهُمْ،

وعادَ الرَّصيعُ نُهْيَةً للحَمائِل

يقول: انْهَزَموا حتى انقلبت سيوفُهن فعاد الرَّصِيعُ على حيث كانت

الحمائل، والرصيعُ: جمع رصيعة، وهي سَيْرٌ مضفور، ويروى الرُّصُوع، وهذا

مَثَلٌ عند الهزيمة. والنُّهْيَةُ: حيث انتهت إليه الرُّصُوع، وهي سيور

تُضْفَرُ بين حِمالة السيف وجَفْنِه. والنِّهايةُ: كالغاية حيث يَنْتَهِي

إليه الشيء ، وهو النِّهاء، ممدود. يقال: بلَغَ نِهايَتَه. وانْتَهَى الشيءُ

وتَناهَى ونَهَّى: بلغ نِهايَتَه؛ وقول أَبي ذؤيب:

ثم انْتَهَى بَصَري عنهم ، وقد بلغوا،

بَطْنَ المَخِيمِ، فقالوا الجَوّ أَوْ راحوا

أَراد انقطع عنهم، ولذلك عدَّاه بعن. وحكى اللحياني عن الكسائي: إِليك

نَهَّى المَثَلُ وأَنْهَى وانْتَهَى ونُهِّي وأُنْهِي ونَهَى، خفيفة، قال:

ونَهَى خفيفة قليلة، قال: وقال أَبو جعفر لم أَسمع أَحداً يقول

بالتخفيف. وقوله في الحديث: قلت يا رسول الله هل من ساعةٍ أَقْرَب إِلى الله؟

قال: نَعَمْ جوفُ الليل الآخِرُ فَصَلِّ حتى تُصبِح ثم أَنْهِهْ حتى تطلع

الشمس؛ قال ابن الأَثير: قوله أَنْهِهْ بمعنى انْتَه. وقد أَنْهَى الرجلُ

إِذا انْتَهَى، فإِذا أَمرت قلت أَنْهِهْ، فتزيد الهاء للسكت كقوله تعالى:

فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه؛ فأَجرى الوصل مُجرَى الوقف. وفي الحديث ذكر

سِدْرة المُنْتَهى أَي يُنْتَهى ويُبْلَغ بالوصول إِليها ولا تُتجاوز، وهو

مُفْتَعَلٌ من النِّهاية الغاية. والنهاية: طَرَفُ العِران الذي في أَنف

البعير وذلك لانتهائه. أَبو سعيد: النِّهاية الخشبة التي تُحْمل عليها

الأَحمال، قال: وسأَلت الأَعراب عن الخشبة التي تدعى بالفارسية باهوا،

فقالوا: النِّهايتَانِ والعاضِدَتانِ والحامِلَتان. والنَّهْي والنِّهْي:

الموضع الذي له حاجز يَنْهَى الماء أَن يَفِيض منه، وقيل: هو الغديِر في لغة

أَهل نجد؛ قال:

ظَلَّتْ بِنِهْي البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،

تَشْرَبُ منه نَهِلاتٍ وتَعِلُّ

وأَنشد ابن بري لمَعْن بن أَوس:

تَشُجُّ بِيَ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفَةٍ،

كأَنَّ لها بَوًّا بِنَهْيٍ تُغاوِلُهْ

والجمع أَنْهٍ وأَنْهاءٌ ونُهِيٌّ ونِهاء؛ قال عديّ بن الرِّقاع:

ويَأْكُلْنَ ما أَغْنَى الوَليُّ فَلْم يُلِتْ،

كأَنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعا

وفي الحديث: أَنه أَتَى على نِهْيٍ من ماء؛ النِّهْيُ، بالكسر والفتح:

الغدير وكل موضع يجتمع فيه الماء. ومنه حديث ابن مسعود: لو مَرَرْتُ على

نِهْيٍ نصفُه ماءٌ ونصفُه دَمٌ لشربتُ منه وتوضأْت. وتناهَى الماءُ إِذا

وقف في الغدير وسكن؛ قال العجاج:

حتى تناهَى في صَهارِيج الصَّفا،

خالَطَ من سَلْمَى خَياشِمَ وَفا

الأَزهري: النِّهيُ الغدير حيث يَتَحيَّر السيلُ في الغدير فيُوسِعُ،

والجمع النِّهاء، وبعض العرب يقول نِهْيٌ، وبعضٌ يقول تَنْهِيَةٌ.

والنِّهاء أَيضاً: أَصغر مَحابِس المطر وأَصله من ذلك.

والتَّنْهاةُ والتَّنْهِيَةُ: حيث يَنْتَهِي الماءُ من الوادي، وهي أَحد

الأَسماء التي جاءت على تَفْعِلة، وإِنما باب التَّفْعِلة أَن يكون

مصدراً، والجمع التَّناهِي. وتَنْهِيةُ الوادي: حيث يَنْتَهِي إِليه الماءُ

من حروفه. والإِنهاء: الإِبلاغ. وأَنْهَيْتُ إِليه الخَبَر فانْتَهى

وتَناهَى أَي بلَغ. وتقول: أَنْهَيْتُ إِليه السهم أَي أَوصلته إِليه.

وأَنْهَيْتُ إِليه الكتابَ والرِّسالة. اللحياني: بَلَغْتُ مَنْهَى فلان

ومَنْهاتَه ومُنْهاه ومُنْهاتَه. وأَنْهَى الشيءَ: أَبلغه.

وناقة نَهِيَّةٌ: بلغت غاية السِّمَن، هذا هو الأَصل ثم يستعمل لكل سمين

من الذكور والإِناث، إِلا أَن ذلك إِنما هو في الأَنْعام؛ أَنشد ابن

الأَعرابي:

سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ نَهِيِّ

مِن الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِّ

وحكي عن أَعرابي أَنه قال: والله لَلْخُبْزُ أَحبُّ إِليَّ من جَزُورٍ

نَهِيَّة في غداة عَرِيَّة. ونُهْيَةُ الوَتِد: الفُرْضَةُ التي في رأْسه

تَنْهَى الحبلَ أَن يَنْسلخ. ونُهْية كل شيء: غايَته. والنُّهَى:

العَقْل، يكون واحداً وجمعاً. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ في ذلك لآياتٍ لأُولي

النُّهَى. والنُّهْيَةُ: العقل، بالضم، سميت بذلك لأَنها تَنْهَى عن

القبيح؛ وأَنشد ابن بري للخَنساء:

فَتًى كان ذا حِلْمٍ أَصِيلٍ ونُهْيَةٍ،

إِذا ما الحُبَا مِن طائِفِ الجَهْل حُلَّتِ

ومن هنا اختار بعضهم أَن يكون النُّهَى جمع نُهْيةٍ، وقد صرح اللحياني

بأَن النُّهَى جمع نُهْيَة فأَغْنَى عن التأْويل. وفي الحديث:

لِيَلِيَنِّي منك أُولو الأَحلام والنُّهَى؛ هي العقول والأَلباب. وفي حديث أَبي

وائل: قد عَلِمْتُ أَن التَّقِيَّ ذو نُهْيَةٍ أَي ذو عقل. والنِّهاية

والمَنْهاة: العقل كالنُّهْية. ورجل مَنْهاةٌ: عاقلٌ حَسَنُ الرأْي؛ عن أَبي

العميثل. وقد نَهُو ما شاء فهو نَهِيٌّ، من قوم أَنْهِياء: كل ذلك من

العقل. وفلان ذو نُهْيةٍ أَي ذو عقل يَنْتَهِي به عن القبائح ويدخل في

المحاسن. وقال بعض أَهل اللغة: ذو النّهُيةِ الذي يُنْتَهَى إِلى رأْيه وعقله.

ابن سيده: هو نَهِيٌّ من قوم أَنْهِياء، ونَهٍ من قوم نَهِينَ، ونِهٍ على

الإِتباع، كل ذلك مُتَناهــي العقل؛ قال ابن جني: هو قياس النحويين في

حروف الحلق، كقولك فِخِذ في فَخِذ وصِعِق في صَعِق، قال: وسمي العقل نُهْيةً

لأَنه يُنْتَهى إِلى ما أَمَر به ولا يُعْدى أَمْرُه.

وفي قولهم: ناهِيكَ بفلان معناه كافِيكَ به، من قولهم قد نَهيَ الرجلُ

من اللحم وأَنْهَى إِذا اكْتَفى منه وشَبِع؛ قال:

يَمْشُونَ دُسْماً حَوْلَ قُبَّتِهِ،

يَنْهَوْنَ عن أَكْلٍ وعَنْ شُرْب

فمعنى يَنْهَوْن يشبعون ويكتفون؛ وقال آخر:

لَوْ كانَ ما واحِداً هَواكِ لقدْ

أَنْهَى، ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَكُ

ورجل نَهْيُكَ مِن رجل، وناهِيك من رجل، ونَهاكَ من رجلٍ أَي كافيك من

رجل، كلُّه بمعنى: حَسْب، وتأْويله أَنه بجِدِّه وغَنائه يَنْهاكَ عن

تَطَلُّب غيره؛ وقال:

هو الشَّيخُ الذي حُدِّثْتَ عنهُ،

نَهاكَ الشَّيْخُ مَكْرُمةً وفَخْرا

وهذه امرأَةٌ ناهِيَتُك من امرأَة، تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع لأَنه اسم

فاعل، وإِذا قلت نَهْيُك من رجل كما تقول حَسْبُك من رجل لم تثن ولم تجمع

لأَنه مصدر.وتقول في المعرفة: هذا عبدُ الله ناهِيَك من رجل فتنصبه على

الحال.

وجَزُورٌ نَهِيَّةٌ، على فَعِيلة، أَي ضخمة سمينة. ونِهاءُ النها:

ارتفاعُه قرابَ نصف النهار. وهم نُهاءُ مائة ونِهاء مائة أَي قدر مائة كقولك

زُهاء مائة. والنُّهاء: القوارير

(* قوله« والنهاء القوارير وقوله والنهاء

حجر إلخ» هكذا ضبطا في الأصل ونسخة من المحكم، وفي القاموس: انهما

ككساء.) ، قيل: لا واحد لها من لفظها، وقيل: واحدته نَهاءَةٌ؛ عن كراع، وقيل:

هو الزُّجاج عامة؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

تَرُضُّ الحَصى أَخْفافُهُنَّ كأَنما

يُكَسَّرُ قَيْضٌ، بَيْنها، ونُهاءُ

قال: ولم يسمع إِلا في هذا البيت. وقال بعضهم: النُّها الزجاج، يمدّ

ويقصر، وهذا البيت أَنشده الجوهري: تَرُدُّ الحصى أَخفافُهن؛ قال ابن بري:

والذي رواه ابن الأَعرابي تَرُضُّ الحصى، ورواه النِّهاء، بكسر النون،

قال: ولم أَسمع النِّهاء مكسور الأَول إِلا في هذا البيت؛ قال ابن بري:

وروايته نِهاء، بكسر النون، جمع نَهاة الوَدْعة، قال: ويروى بفتح النون

أَيضاً جمع نَهاة، جمع الجنس، ومدّه لضرورة الشعر. قال: وقال القالي النُّهاء،

بضم أَوله، الزجاج، وأَنشد البيت المتقدّم، قال: وهو لعُتَيّ بن ملك؛

وقبله:

ذَرَعْنَ بنا عُرْضَ الفَلاةِ، وما لَنا

عَلَيْهِنَّ إِلاَّ وَخْدَهُن سِقاء

والنُّهاء: حجر أَبيض أَرخى من الرُّخام يكون بالبادية ويُجاء به من

البحر، واحدته نُهاءةٌ. والنُّهاء: دواء

(* قوله« والنهاء دواء» كذا ضبط في

الأصل والمحكم، وصرح الصاغاني فيه بالضم وانفرد القاموس بضبطه بالكسر.)

يكون بالبادية يتعالجون به ويشربونه. والنَّهى: ضرب من الخَرَز، واحدته

نَهاةٌ. والنَّهاة أَيضاً: الودْعَة، وجمعها نَهًى، قال: وبعضهم يقول

النِّهاء ممدود. ونُهاء الماء، بالضم: ارتفاعه. ونَهاةُ: فرس لاحق بن

جرير.وطلب حاجةً حتى أَنْهى عنها ونَهِيَ عنها، بالكسر، أَي تركها ظَفِرَ بها

أَو لم يَظْفَر. وحَوْلَه من الأَصوات نُهْيَةٌ أَي شُغْلٌ. وذهبَتْ

تميم فما تُسْهى ولا تُنْهى أَي لا تُذكر.

قال ابن سيده: ونِهْيا اسم ماء؛ عن ابن جني، قال: وقال لي أَبو الوفاء

الأَعرابي نَهَيا، وإِنما حرَّكها لمكان حرف الحلق قال لأَنه أَنشدني

بيتاً من الطويل لا يَتَّزِنُ إِلاّ بنَهْيا ساكنة الهاء، أَذكر منه: إِلى

أَهْلِ نَهْيا، والله أَعلم.

تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى

تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى: نَوْعَانِ: أَحدهمَا: قديمَة. وَالثَّانِي: حَادِثَة وَالَّتِي قديمَة غير متناهــية بِالْفِعْلِ وَالَّتِي حَادِثَة متناهــية بِالْفِعْلِ ومتعلقات الْقَدِيمَة أَمْرَانِ: أَحدهمَا: الأزليات الْغَيْر الــمتناهــية كالإعدام والماهيات الْكُلية من الممكنات والممتنعات. وَثَانِيهمَا: الهويات والشخصيات الَّتِي ستوجد فِي مَا لَا يزَال أَي فِي الْحَال والاستقبال أَي من غير أَن يكون مُقَيّدا بِالزَّمَانِ بل على وَجه كلي كَمَا يتَعَلَّق بالأمور الْكُلية الْغَيْر المتجددة وَلما كَانَت هَذِه المتعلقات غير متناهــية صَارَت تعلقات الْعلم بهَا أَيْضا غير متناهــية ضَرُورَة استلزام لَا تناهي المتعلقات لَا تناهي التعلقات فَإِن قيل: اللاتناهي بَاطِل بالبراهين المبينة فِي كتب الْمَعْقُول وَالْكَلَام قُلْنَا إِن سلمنَا تِلْكَ الْبَرَاهِين فَلَا تدل إِلَّا على بطلَان لَا تناهي الموجودات الخارجية دون العلمية. وَأما متعلقات التعلقات الْحَادِثَة الــمتناهــية فَهِيَ لَيست إِلَّا المتجددات الــمتناهــية أَي الَّتِي حصل لَهَا الْوُجُود الْآن أَو قبل. وَهَذِه التعلقات حَادِثَة متناهــية بِالْفِعْلِ ضَرُورَة حُدُوث متعلقاتها وتناهيها سَوَاء كَانَت مجتمعة أَو متعاقبة فِي الْوُجُود لِأَن كل مَوْجُود متناه وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا متناهــية بِالْفِعْلِ لِأَن تِلْكَ التعلقات وَكَذَا متعلقاتها غير متناهــية بِالْقُوَّةِ بِمَعْنى أَنَّهَا لَا تَنْتَهِي إِلَى حد لَا يتَصَوَّر فَوْقه تعلق آخر أَو مُتَعَلق آخر.

الجسم

الجسم: ما له طول وعرض وعمق، ولا تخرج أجزاء الجسم عن كونها أجساما وإن قطع وجزىء بخلاف الشخص فإنه يخرج عن كونه شخصا بتجزئته، كذا عبر عنه الراغب.
الجسم:
[في الانكليزية] Body ،organism ،huge body
[ في الفرنسية] Corps ،organisme ،corps corpulent

بالكسر وسكون السين المهملة بالفارسية:
تن وكلّ شيء عظيم الخلقة كما في المنتخب.
وعند أهل الرّمل اسم لعنصر الأرض. وهو ثمانية أنواع من التراب، كما سيأتي في لفظ مطلوب. إذن يقولون: تراب انكيس للجسم الأوّل إلى تراب العتبة الداخل الذي هو الجسم السّابع. وعند الحكماء يطلق بالاشتراك اللفظي على معنيين أحدهما ما يسمّى جسما طبيعيا لكونه يبحث عنه في العلم الطبيعي، وعرّف بأنه جوهر يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة متقاطعة على زوايا قائمة. وإنّما اعتبر في حده الفرض دون الوجود لأنّ الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ربما لم تكن موجودة فيه بالفعل كما في الكرة والأسطوانة والمخروط المستديرين، وإن كانت موجودة فيه بالفعل كما في المكعّب مثلا فليست جسميته باعتبار تلك الأبعاد الموجودة فيه لأنها قد تزول مع بقاء الجسمية الطبعية بعينها. واكتفى بإمكان الفرض لأنّ مناط الجسمية ليس هو فرض الأبعاد بالفعل حتى يخرج الجسم عن كونه جسما طبعيا لعدم فرض الأبعاد فيه، بل مناطها مجرد إمكان الفرض سواء فرض أو لم يفرض. ولا يرد الجواهر المجردة لأنّا لا نسلّم أنّه يمكن فرض الأبعاد فيها، بل الفرض محال، كالمفروض على قياس ما قيل في الجزئي والكلي. وتصوير فرض الأبعاد المتقاطعة أن تفرض في الجسم بعدا ما كيف اتفق وهو الطول، ثم بعدا آخر في أيّ جهة شئت من الجهتين الباقيتين مقاطعا له بقائمة وهو العرض، ثم بعدا ثالثا مقاطعا لهما على زوايا قائمة وهو العمق، وهذا البعد الثالث لا يوجد في السطح، فإنّه يمكن أن يفرض فيه بعدان متقاطعان على قوائم، ولا يمكن أن يفرض فيه بعد ثالث مقاطع للأولين إلّا على حادة ومنفرجة. وليس قيد التقاطع على زوايا قوائم لإخراج السطح كما توهّمه بعضهم، لأنّ السطح عرض فخرج بقيد الجوهر، بل لأجل أن يكون القابل للأبعاد الثلاثة خاصة للجسم فإنّه بدون هذا القيد لا يكون خاصة له.
فإن قيل كيف يكون خاصة للجسم الطبعي مع أنّ التعليمي مشارك له فيه؟. أجيب بأنّ الجسم الطبعي تعرض له الأبعاد الثلاثة المتقاطعة على قوائم فتكون خاصة له، والتعليمي غير خارج عنه تلك الأبعاد الثلاثة لأنها مقوّمة له.
وبالجملة فهذا حدّ رسميّ للجسم لا حدّ ذاتي، سواء قلنا إنّ الجوهر جنس للجواهر أو لازم لها، لأن القابل للأبعاد الثلاثة إلى آخره من اللوازم الخاصة لا من الذاتيات، لأنه إمّا أمر عدمي فلا يصلح أن يكون فصلا ذاتيا للجسم الذي هو من الحقائق الخارجية، وإمّا وجودي، ولا شكّ في قيامه بالجسم فيكون عرضا، والعرض لا يقوّم الجوهر، فلا يصح كونه فصلا أيضا. كيف والجسم معلوم بداهة لا بمعنى أنه محسوس صرف لأنّ إدراك الحواس مختص بسطوحه وظواهره، بل بمعنى أنّ الحسّ أدرك بعض أعراضه كسطحه، وهو من مقولة الكمّ ولونه وهو من مقولة الكيف وأدّى ذلك إلى العقل، فحكم العقل بعد ذلك بوجود ذات الجسم حكما ضروريا غير مفتقر إلى تركيب قياسي.

إن قيل: هذا الحدّ صادق على الهيولى التي هي جزء الجسم المطلق لكونها قابلة للأبعاد. قلنا: ليست قابلة لها بالذات بل بواسطة الصورة الجسمية، والمتبادر من الحدّ إمكان فرض الأبعاد نظرا إلى ذات الجوهر فلا يتناول ما يكون بواسطة. فإن قلت: فالحد صادق على الصورة الجسمية فقط. قلنا: لا بأس بذلك لأن الجسم في بادئ الرأي هو هذا الجوهر الممتد في الجهات، أعني الصورة الجسمية. وأما أنّ هذا الجوهر قائم بجوهر آخر فممّا لا يثبت إلّا بأنظار دقيقة في أحوال هذا الجوهر الممتدّ المعلوم وجوده بالضرورة، فالمقصود هاهنا تعريفه.
وثانيهما ما يسمّى جسما تعليميا إذ يبحث عنه في العلوم التعليمية أي الرياضية ويسمّى ثخنا أيضا كما سبق، وعرّفوه بأنه كمّ قابل للأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القائمة.
والقيد الأخير للاحتراز عن السطح لدخوله في الجنس الذي هو الكمّ. قيل الفرق بين الطبيعي والتعليمي ظاهر، فإنّ الشمعة الواحدة مثلا يمكن تشكيلها بأشكال مختلفة تختلف مساحة سطوحها فيتعدد الجسم التعليمي. وأما الجسم الطبيعي ففي جميع الأشكال أمر واحد، ولو أريد جمع المعنيين في رسم يقال هو القابل لفرض الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ولا يذكر الجوهر ولا الكم. التقسيم
الحكماء قسّموا الجسم الطبيعي تارة إلى مركّب يتألف من أجسام مختلفة الحقائق كالحيوان وإلى بسيط وهو ما لا يتألف منها كالماء، وقسّموا المركّب إلى تام وغير تام والبسيط إلى فلكي وعنصري وتارة إلى مؤلّف يتركّب من الأجسام سواء كانت مختلفة كالحيوان أو غير مختلفة كالسرير المركّب من القطع الخشبية المتشابهة في الماهية وإلى مفرد لا يتركب منها. قال في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة والنسبة بين هذه الأقسام أنّ المركب مباين للبسيط الذي هو أعمّ مطلقا من المفرد، إذ ما لا يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق قد لا يتركّب من أجسام أصلا، وقد يتركّب من أجسام غير مختلفة الحقائق.
وبالجملة فالمركب مباين للبسيط وللمفرد أيضا، فإنّ مباين الأعمّ مباين الأخصّ والمركّب أخصّ مطلقا من المؤلّف، إذ كلّ ما يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق مؤلّف من الأجسام بلا عكس كلي، والبسيط أعمّ من وجه من المؤلّف لتصادقهما في الماء مثلا وتفارقهما في المفرد المباين للمؤلّف وفي المركب.
وأما عند المتكلمين فعند الأشاعرة منهم هو المتحيز القابل للقسمة في جهة واحدة أو أكثر. فأقلّ ما يتركّب منه الجسم جوهران فردان أي مجموعهما لا كلّ واحد منهما. وقال القاضي: الجسم هو كلّ واحد من الجوهرين لأنّ الجسم هو الذي قام به التأليف اتفاقا، والتأليف عرض لا يقوم بجزءين على أصول أصحابنا لامتناع قيام العرض الواحد الشخصي بالكثير، فوجب أن يقوم بكل من الجوهرين المؤلّفين على حدة، فهما جسمان لا جسم واحد، وليس هذا نزاعا لفظيا راجعا إلى أنّ لفظ الجسم يطلق على ما هو مؤلّف في نفسه أي فيما بين أجزائه الداخلة فيه، أو يطلق على ما هو مؤلّف مع غيره كما توهّمه الآمدي، بل هو نزاع في أمر معنوي هو أنه هل يوجد ثمة أي في الجسم أمر موجود غير الأجزاء هو الاتصال والتأليف كما يثبته المعتزلة، أو لا يوجد؟ فجمهور الأشاعرة ذهبوا إلى الأول فقالوا: الجسم هو مجموع الجزءين، والقاضي إلى الثاني، فحكم أنّ كلّ واحد منهما جسم.
وقالت المعتزلة الجسم هو الطويل العريض العميق. واعترض عليه الحكماء بأنّ الجسم ليس جسما بما فيه من الأبعاد بالفعل. وأيضا إذا أخذنا شمعة وجعلنا طولها شبرا وعرضها شبرا ثم جعلنا طولها ذراعا وعرضها إصبعين مثلا فقد زال ما كان، وجسميتها باقية بعينها، وهذا غير وارد لأنه مبني على إثبات الكمية المتصلة. وأما على الجزء وتركّب الجسم منه كما هو مذهب المتكلّمين فلم يحدث في الشمعة شيء لم يكن ولم يزل عنها شيء قد كان، بل انقلب الأجزاء الموجودة من الطول إلى العرض أو بالعكس.
أو نقول المراد أنه يمكن أن يفرض فيه طول وعرض وعمق، كما يقال الجسم هو المنقسم والمراد قبوله للقسمة. ثم اختلف المعتزلة بعد اتفاقهم على ذلك الحدّ في أقل ما يتركّب منه الجسم من الجواهر الفردة. فقال النّظّام لا يتألف الجسم إلّا من أجزاء غير متناهــية. وقال الجبّائي يتألف الجسم من أجزاء ثمانية بأن يوضع جزءان فيحصل الطول وجزءان آخران على جنبه فيحصل العرض، وأربعة أخرى فوق تلك الأربعة فيحصل العمق. وقال العلّاف من ستة بأن يوضع ثلاثة على ثلاثة. والحق أنه يمكن من أربعة أجزاء بأن يوضع جزءان وبجنب أحدهما ثالث وفوقه جزء آخر وبذلك يتحصل الأبعاد الثلاثة. وعلى جميع التقادير فالمركّب من جزءين أو ثلاثة ليس جوهرا فردا ولا جسما عندهم، سواء جوّزوا التأليف أم لا.
وبالجملة فالمنقسم في جهة واحدة يسمّونه خطا وفي جهتين سطحا، وهما واسطتان بين الجوهر الفرد والجسم عندهم، وداخلتان في الجسم عند الأشاعرة، والنزاع لفظي وقيل معنوي. ووجه التطبيق بين القولين على ما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المطالع أنّ المراد إنّ ما يسمّيه كل أحد بالجسم ويطلقه هل يكفي في حصوله الانقسام مطلقا أو الانقسام في الجهات الثلاث؟ فالنزاع لفظي، بمعنى أنه نزاع في ما يطلق عليه لفظ الجسم، وليس لفظيا بمعنى أن يكون النزاع راجعا إلى مجرد اللفظ والاصطلاح لا في المعنى انتهى.
وما عرفه به بعض المتكلّمين كقول الصالحية من المعتزلة الجسم هو القائم بنفسه، وقول بعض الكرّامية هو الموجود، وقول هشام هو الشيء فباطل لانتقاض الأوّل بالباري تعالى والجوهر الفرد، وانتقاض الثاني بهما وبالعرض أيضا، وانتقاض الثالث بالثلاثة أيضا على أنّ هذه الأقوال لا تساعد عليها اللغة، فإنّه يقال زيد أجسم من عمرو أي أكثر ضخامة وانبساط أبعاد وتأليف أجزاء. فلفظ الجسم بحسب اللغة ينبئ عن التركيب والتأليف، وليس في هذه الأقوال إنباء عن ذلك. وأما ما ذهب إليه النّجّار والنّظّام من المعتزلة من أنّ الجسم مجموع أعراض مجتمعة، وأنّ الجواهر مطلقا أعراض مجتمعة فبطلانه أظهر.
فائدة: قال المتكلّمون الأجسام متجانسة بالذات أي متوافقة الحقيقة لتركّبها من الجواهر الفردة، وأنها متماثلة لا اختلاف فيها، وإنّما يعرض الاختلاف لا في ذاتها، بل بما يحصل فيها من الأعراض بفعل القادر المختار.
هذا ما قد أجمعوا عليه إلّا النّظّام، فإنّه يجعل الأجسام نفس الأعراض، والأعراض مختلفة بالحقيقة، فتكون الأجسام على رأيه أيضا كذلك. وقال الحكماء بأنها مختلفة الماهيات.
فائدة: الجسم المركّب لا شك في أنّ أجزاءه المختلفة موجودة فيه بالفعل ومتناهــية.
وأما الجسم البسيط فقد اختلف فيه. فذهب جمهور الحكماء إلى أنه غير متألّف من أجزاء بالفعل بل بالقوة، فإنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ، لكنه قابل لانقسامات غير متناهــية، على معنى أنه لا تنتهي القسمة إلى حدّ لا يكون قابلا للقسمة، وهذا كقول المتكلمين أنّ الله تعالى قادر على المقدورات الغير الــمتناهــية مع قولهم بأنّ حدوث ما لا نهاية محال. فكما أنّ مرادهم أنّ قادريته تعالى لا تنتهي إلا حدّ إلّا ويصح منه الإيجاد بعد ذلك، فكذلك الجسم لا يتناهى في القسمة إلى حدّ إلّا ويتميّز فيه طرف عن طرف فيكون قابلا للقسمة الوهمية. وذهب بعض قدماء الحكماء وأكثر المتكلّمين من المحدثين إلى أنّه مركّب من أجزاء لا تتجزأ موجودة فيه بالفعل متناهــية. وذهب بعض قدماء الحكماء كأنكسافراطيس والنّظّام من المعتزلة إلى أنّه مؤلّف من أجزاء لا تتجزأ موجودة بالفعل غير متناهــية. وذهب البعض كمحمد الشهرستاني والرازي إلى أنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ قابل لانقسامات متناهــية. وذهب ديمقراطيس وأصحابه إلى أنّه مركّب من بسائط صغار متشابهة الطّبع، كلّ واحد منها لا ينقسم فكّا أي بالفعل، بل وهما ونحوه، وتألّفها إنما يكون بالتّماسّ والتجاور لا بالتداخل كما هو مذهب المتكلمين. وذهب بعض القدماء من الحكماء إلى أنّه مؤلّف من أجزاء موجودة بالفعل متناهــية قابلة للانقسام كالخطوط، وهو مذهب أبي البركات البغدادي، فإنّهم ذهبوا إلى تركّب الجسم من السطوح والسطوح من الخطوط والخطوط من النقط.
فائدة: اختلف في حدوث الأجسام وقدمها فقال الملّيّون كلهم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس إلى أنها محدثة بذواتها وصفاتها وهو الحق. وذهب أرسطو ومن تبعه كالفارابي وابن سينا إلى أنها قديمة بذواتها وصفاتها. قالوا الأجسام إمّا فلكيات أو عنصريات. أمّا الفلكيات فإنها قديمة بموادّها وصورها الجسمية والنوعية وأعراضها المعينة من الأشكال والمقادير إلّا الحركات والأوضاع المشخّصة فإنها حادثة قطعا. وأمّا مطلق الحركة والوضع فقديمة أيضا وأمّا العنصريات فقديمة بموادّها وبصورها الجسمية بنوعها لأنّ المادة لا تخلو عن الصورة الجسمية التي هي طبيعة واحدة نوعية لا تختلف إلّا بأمور خارجة عن حقيقتها فيكون نوعها مستمر الوجود بتعاقب أفرادها أزلا وأبدا، وقديمة بصورها النوعية بجنسها لأنّ مادّتها لا يجوز خلوها عن صورها النوعية بأسرها، بل لا بدّ أن تكون معها واحدة منها، لكن هذه متشاركة في جنسها دون ماهيتها النوعية، فيكون جنسها مستمر الوجود بتعاقب أنواعها. نعم الصورة المشخّصة فيهما أي في الصورة الجسمية والنوعية والأعراض المختصة المعينة محدثة، ولا امتناع في حدوث بعض الصور النوعية. وذهب من تقدّم أرسطو من الحكماء إلى أنها قديمة بذواتها محدثة بصفاتها، وهؤلاء قد اختلفوا في تلك الذوات القديمة.
فمنهم من قال إنّه جسم واختلف فيه، فقيل إنه الماء، ومنه إبداع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما، وقيل الأرض وحصل البواقي بالتلطيف، وقيل النار وحصل البواقي بالتكثيف، وقيل البخار وحصلت العناصر بعضها بالتلطيف وبعضها بالتكثيف، وقيل الخليط من كلّ شيء لحم وخبز وغير ذلك. فإذا اجتمع من جنس منها شيء له قدر محسوس ظن أنّه قد حدث ولم يحدث، إنما حدث الصورة التي أوجبها الاجتماع ويجئ في لفظ العنصر أيضا.
ومنهم من قال إنه ليس بجسم، واختلف فيه ما هو. فقالت الثنوية من المجوس النور والظلمة وتولّد العالم من امتزاجهما. وقال الحرمانيون منهم القائلون بالقدماء الخمسة النفس والهيولى وقد عشقت النفس بالهيولى لتوقّف كمالاتها على الهيولى فحصل من اختلاطها المكوّنات. وقيل هي الوحدة فإنها تحيّزت وصارت نقطا واجتمعت النقط خطا والخطوط سطحا والسطوح جسما. وقد يقال أكثر هذه الكلمات رموز لا يفهم من ظواهرها مقاصدهم. وذهب جالينوس إلى التوقّف. حكي أنّه قال في مرضه الذي مات فيه لبعض تلامذته أكتب عني أني ما علمت أنّ العالم قديم أو محدث وأن النفس الناطقة هي المزاج أو غيره. وأما القول بأنها حادثة بذواتها وقديمة بصفاتها فلم يقل به أحد لأنّه ضروري البطلان.
فائدة: الأجسام باقية خلافا للنّظّام فإنه ذهب إلى أنها متجددة آنا فآنا كالأعراض. وإن شئت توضيح تلك المباحث فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع.

الظّل

الظّل:
[في الانكليزية] Shadow
[ في الفرنسية] Ombre
بالكسر قيل هو الضوء الثاني وهو الحاصل من مقابلة المضيء بغيره، وقيل هو الضوء الثاني الحاصل من مقابلة الهواء المضيء. فالضوء الحاصل على وجه الأرض حال الإسفار وعقيب الغروب ظلّ بالتفسيرين فإنّه مستفاد من مقابلة الهواء المضيء بالشمس.
والحاصل على وجه الأرض من مقابلة القمر ظلّ على التفسير الأول لكون القمر مضيئا بالغير دون التفسير الثاني لعدم كون المضيء بالغير هواء فالتفسير الأول أعمّ مطلقا من الثاني. ثم للظلّ مراتب كثيرة متفاوتة بالشّدّة والضّعف، وطرفاه النور والظلمة. فالحاصل في فناء الجدار أقوى وأشدّ من الحاصل في البيت لكونه مستفادا من الأمور المستضيئة من مقابلة الشمس الواقعة في جوانبه. ثم الحاصل في البيت أقوى من الحاصل في المخدع وهو الخزانة لأنّ الأول مستفاد من المضيء بالشمس والثاني مستفاد من الأول، فاختلفت أحوال هذه الأظلال لاختلاف معداتها قوة وضعفا، وكذا الحال في البيت تختلف شدة وضعفا لصغر الكوّة، أي الثقبة وكبرها، فإنّه كلما كانت الكوّة أكبر كان الظلّ الحاصل في البيت أشدّ، وكلما كانت أصغر كان الظلّ أضعف، فينقسم الظلّ في داخل البيت بحسب مراتبه في الشّدّة والضّعف إلى غير النهاية. ولا يزال الظلّ بضعف بسبب صغر الكوة حتى ينعدم بالكلية وهو الظلمة كذا في شرح المواقف في المبصرات. وقال الرياضيون الظلّ هو الخط المستقيم في السطح الذي قام عليه المقياس عمودا بين مركز قاعدة المقياس وطرف الخط الشعاعي المار برأس المقياس عند ما يكون مركز النيّر وسهم المقياس في سطح واحد، والنيّر يشتمل الشمس والقمر. فما في كلام البعض من التخصيص بالشمس فبناء على الغالب، وما وقع من الخط الشعاعي المذكور بين رأس الظلّ وبين رأس المقياس يسمّى قطر الظلّ وخط الظلّ أيضا. والمقياس هو العمود القائم على سطح يكون الظلّ في ذلك السطح سواء كان عمودا على الأفق أو يكون موازيا للأفق ثم الظلّ قسمان لأنّه إمّا مأخوذ من المقياس المنصوب على موازاة سطح الأفق كوتد قائم عمودا على لوح أو جدار قائمين عمودين على سطح الأفق، ويسمّى بالظلّ الأول لابتدائه في أول طلوع النّير وبالظلّ المعكوس والمنكوس أيضا لكونه معكوسا في الوضع رأسه إلى تحت وبالمنتصب أيضا لكونه قائما على سطح الأفق منتصبا عليه، وبالظلّ المستعمل أيضا كما في بعض رسائل الاصطرلاب، وبالظلّ المطلق أيضا كما في الزيج الإيلخاني حيث قال: الظلّ الأوّل يستخدم في أعمال النجوم ويقال له الظّلّ المطلق، والظلّ الثاني يستخدم في معرفة الأوقات، انتهى.
لكن هذا في عرف المنجّمين. وأمّا في عرف أهل علم الفلك: فإذا قالوا: ظلّ مطلق فالمراد هو الظلّ الثاني غالبا بل إنّ الظلّ الثاني هو غاية الارتفاع. فيقولون مثلا: إذا كان العرض بلا زيادة من الميل الكلّي فالظّلّ دائما في جانب الشمال، فالمراد من الظّلّ هو الظّلّ الثاني، أي غاية الارتفاع. كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرحه على زيج ألغ بيكي. وإمّا مأخوذ من المقياس القائم عمودا على الأفق ويسمّى بالظلّ الثاني لكونه ثانيا بالقياس إلى الأول وبالظلّ المستوي أيضا لاستوائه في الوضع وانطباقه على سطح الأفق، وبالظلّ المبسوط لانبساطه على سطح الأفق. هذا هو المشهور، وبعضهم يسمّى الظلّ المستوي أولا والمعكوس ثانيا لأنّ المستوي يعرف أول الأمر بلا تأمّل، بخلاف المعكوس فإنّه يحتاج في معرفته إلى مزيد تأمّل. والظلّ الأول يبتدئ في أول طلوع النيّر يزيد شيئا فشيئا، وغاية زيادته في نصف النهار ثم يتناقص تدريجا حتى ينعدم عند وصول النيّر إلى الأفق عند الغروب. فإن كان النّير في نصف النهار على سمت الرأس كان الظلّ الأول غير متناه يعني أنّه لو كان بإزائه جسم غير متناه قابل للنور لكان مستظلا بظلّ غير متناه والظلّ الثاني يكون عند طلوع النيّر غير متناه ثم يتناقص إلى بلوغ النيّر نصف النهار، فهناك غاية النقصان. ثم يتزايد شيئا فشيئا إلى أن يصير غير متناه عند غروب النيّر فإن كان النيّر في نصف النهار على سمت الرأس لم يوجد الظلّ الثاني أصلا. وقد يقسّم مقياس الظلّ الثاني باثني عشر قسما ويسمّى أقسامه أصابع لأنّ اثني عشر إصبعا مقدار شبر وهو غالب مقدار المقياس، فإنّ من أراد أن ينصب عمودا على سطح الأفق أو على سطح قائم عليه فإنّه في الغالب يتوخّى أن يكون مقداره، شبرا. وقد يقسّم سبعة أقسام أو ستة ونصفا وتسمّى أقسامه حينئذ أقداما لأنّ طول معتدل القامة ستة أقدام ونصف قدم إلى سبعة أقدام، مع أنّ الإنسان عند معرفة أنّ ظلّ الشيء هل هو مثله يعتبر ذلك بقامته ثم بأقدامه. وقد يقسّم بستين قسما وتسمّى أقسامه حينئذ أجزاء، وقد تؤخذ درجة واحدة تجوّزا، وهذا من مخترعات الأستاذ أبي ريحان فإنّه قد أخذ المقياس ستين دقيقة لأجل سهولة الضرب والقسمة. وأمّا مقياس الظلّ الأول فقد جرت العادة بتقسيمه ستين قسما. وأمّا أصحاب صنعة الاصطرلاب فكما يقسّمون مقياس الظلّ الثاني بالأصابع والأقدام كذلك يقسّمون مقياس الظلّ الأول بالأصابع والأقدام بلا تفاوت. ثم الظلّ أبدا يقدّر بما يقدّر به المقياس، فعلى الأول يسمّى ظلّ الأصابع وعلى الثاني ظلّ الأقدام وعلى الثالث الظلّ الستيني. ثم الظل الثاني إذا انتهى في النقصان وذلك إمّا بأن ينتفى الظلّ بالكلية إن كان النيّر في غاية ارتفاعها على سمت الرأس ثم يبتدئ في الحدوث، وإمّا بأن يبقى منه مقدار هو أقل مقاديره في ذلك اليوم ثم يشرع في الزيادة فهو أول الزوال، وهذا الظلّ الحادث أو الزائد يسمّى قدر الزوال وفيء الزوال. واعلم أنّ الظلّ الأول لكل قوس هو الخطّ الذي يماس أحد طرفي تلك القوس ما بين نقطة التماسّ وبين تقاطع ذلك الخط مع قطر يمرّ بالطرف الآخر من تلك القوس، هكذا يستفاد من كلام عبد العلي البرجندي في تصانيفه والسيّد السّند في شرح الملخص. وظلّ السلم عبارة مربع حادث خلف حجرة الأصطرلاب في ربع تنقش عليه أجزاء الظلّ. وذلك الربع هو مقابل لربع الارتفاع. وأمّا كيفية إحداث ذلك الربع: فهو أن يقسم الربع إلى قسمين متوازيين.
ثم عند ملتقى القسمين يعني من نصف ذلك الربع يخرج عمودان أحدهما على خط العلاقة ما بين خط المشرق والمغرب الأول وعمود أقسام الظّل المستوي الثاني لأقسام الظل المعكوس.
ويقسم كلا العمودين بالأصابع أو بالقدم أو بأجزاء أخرى، ثم تكتب عليه العلامات، أحدها ابتداء من خط العلاقة، وذلك هو الظّل المستوي، والثاني: ابتداء من خط المشرق والمغرب وذلك هو الظّلّ المعكوس. ومن ذلك يحصل لدينا شكل متوازي ومتساوي الأضلاع.
فمن هذين العمودين وبعض خط العلاقة وبعض خط المشرق والمغرب يسمّى ظلّ السّلم. أي بسبب الانحراف الواقع في قسمة هذين العمودين، كذا قيل.

السّير

(السّير) من الْجلد وَنَحْوه مَا يقد مِنْهُ مستطيلا (ج) سيور وأسيار وسيورة
السّير: بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي جمع السِّيرَة وَهِي الْحَالة من السّير كالجلسة وَالركبَة للجلوس وَالرُّكُوب ثمَّ نقلت إِلَى معنى الطَّرِيقَة وَالْمذهب ثمَّ غلبت فِي الشَّرْع على أُمُور الْمَغَازِي - وَقَالَ الْفُقَهَاء كتاب السّير وَإِنَّمَا سموا الْكتاب بذلك لِأَنَّهُ يجمع سير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وطرقه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي مغازيه وسير أَصْحَابه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَمَا نقل عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذَلِك.
السّير:
[في الانكليزية] Biographies ،conducts ،manner of dealing with others ،life of the prophet Mohammed
[ في الفرنسية] Biograplies ،conduites ،maniere de traiter les autres ،vie du prophete Mahomet
بكسر الأول وفتح الثاني جمع سيرة.
والسيرة هي اسم من السير ثم نقلت إلى الطريقة ثم غلبت في الشرع على طريقة المسلمين في المعاملة مع الكافرين والباغين وغيرهما من المستأمنين والمرتدّين وأهل الذّمة كذا في البرجندي وجامع الرموز. وفي فتح القدير السّير غلب في عرف الشرع على الطريق المأمور به في غزو الكفار. وفي الكفاية السّير جمع سيرة وهي الطريقة في الأمور، في الشرع يختصّ بسير النبي عليه السلام في المغازي. وفي المنشور السير جمع سيرة. وقد يراد بها قطع الطريق، وقد يراد بها السّنّة في المعاملات. يقال سار أبو بكر رضي الله عنها بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وسمّيت المغازي سيرا لأنّ أول أمورها السّير إلى الغزو، وأنّ المراد بها في قولنا كتاب السّير سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة والأنصار والكفار. وذكر في المغرب أنّها غلبت في الشرع على أمور المغازي وما يتعلّق بها كالمناسك على أمور الحج انتهى.
السّير:
[في الانكليزية] Itinerary ،path ،walk ،progression
[ في الفرنسية] Itineraire ،route ،marche ،cheminement
بالفتح وسكون الياء عند أهل التصوّف وأهل الوحدة يطلق بالاشتراك على معنيين:
وأورد في مجمع السّلوك في بيان معنى السّلوك قال: السّير نوعان: سير إلى الله وسير في الله.
فالسّير إلى الله له نهاية. وأهل التصوف يقولون:
السّير إلى الله هو أن يسير السّالك حتى يعرف الله، وإذ ذاك يتمّ السّير. ثم يبتدئ السّير في الله، وعليه فالسّير إلى الله له غاية ونهاية. وأمّا السّير في الله فلا نهاية له. وأهل الوحدة يقولون: السّير إلى الله هو أن يسير السّالك إلى أن يدرك درجة اليقين بأنّ الوجود واحد ليس أكثر. وليس ثمّة وجود إلّا لله، وهذا لا يحصل إلّا بعد الفناء وفناء الفناء. والسّير في الله عند أهل التصوف هو أنّ السّالك بعد معرفته لربه يسير مدّة حتى يدرك بأنّ جميع صفات الله وأسمائه وعلمه وحكمته كثيرة جدا، بل هي بلا نهاية، وما دام حيا فهو دائم في هذا العمل.
وأمّا لدى أهل الوحدة فهو أنّ السّالك بعد إتمام سيره إلى الله يستمرّ في سيره مدّة حتى يدرك جميع الحكم في جواهر الأشياء كما هي ويراها.

ويقول بعضهم: السّير في الله غير ممكن.
ذلك لأنّ العمر قليل، بينما علم الله وحكمته لا تحصى، وبعضهم يقول: بل هو ممكن، وذلك أنّ البشر متفاوتون من حيث استعدادهم، فبعضهم لمّا كان قويا فيمكنه أن يدرك جميعها، انتهى.
وفي حاشية جدي على حاشية البيضاوي في تفسير سورة الفاتحة: اعلم أنّ المحققين قالوا إنّ السفر سفران: سفر إلى الله وهو متناه لأنّه عبارة عن العبور على ما سوى الله، وإذا كان ما سوى الله متناهــيا فالعبور عليه متناه.
وسفر في الله وهو غير متناه لأنّ نعوت جماله وجلاله غير متناهــية لا يزال العبد يترقّى من بعضها إلى بعض. وهذا أول مرتبة حقّ اليقين كذا قال الفاضل. وفي توضيح المذاهب يقول:
ينتهي السّير إلى الله حينما يقطع السّالك بادية الوجود بقدم الصّدق مرّة واحدة، وحينئذ يتحقّق السّير في الله حيث إنّ الله سبحانه يتفضّل على عبده به بعد ما فني فناء مطلقا عن ذاته، وتطهّر من زخارف الدنيا، حتى يترقّى بعد ذلك إلى عالم الاتصاف بالأوصاف الإلهية، ويتخلّق بالأخلاق الرّبّانيّة.
وعند الأصوليين وأهل النظر هو من مسالك إثبات العلّة ويسمّى بالسير والتقسيم أيضا وبالتقسيم أيضا وبالترديد أيضا. فالتسمية بالسير فقط أو بالتقسيم فقط أو بالترديد فقط إمّا تسمية الكلّ باسم الجزء وإمّا اكتفاء عن التعبير عن الكلّ بذكر الجزء، كما تقول قرأت ألم وتريد سورة مسماة بذلك، ويفسّر بأنّه حصر الأوصاف الموجودة في الأصل الصالحة للعليّة في عدد ثم إبطال علّية بعضها لتثبت علّية الباقي. وعند التحقيق الحصر راجع إلى التقسيم والسّير إلى الإبطال. وحاصله أن تتفحّص أولا أوصاف الأصل أي المقيس عليه. ويردّد بأنّ علّة الحكم فيه هل هذه الصفة أو تلك أو غير ذلك ثم تبطل ثانيا علّة كلّ صفة من تلك الصفات حتى يبقى وصف واحد، فيستقر ويتعيّن للعلّية.
فيستفاد من تفحّص أوصاف الأصل وترديدها لعلّية الحكم وبطلان الكلّ دون واحد منها أنّ هذا الوصف علّة للحكم دون الأوصاف الباقية، كما يقال علّة حرمة الخمر إمّا الاتخاذ من العنب، أو الميعان، أو اللون المخصوص، أو الطعم المخصوص، أو الريح المخصوص، أو الإسكار. لكنّ الأول ليس بعلّة لوجوده في الدّبس بدون الحرمة، وكذلك البواقي ما سوى الإسكار، فتعيّن الإسكار لعلّية الحرمة في الخمر، هكذا في شرح التهذيب لعبد الله اليزدي.
فإن قيل المفروض أنّ الأوصاف كلّها صالحة لعلّية ذلك الحكم والإبطال نفي لذلك، لأنّ معناه بيان عدم صلوح البعض فتناقض. قلنا المراد بصلوح الكلّ صلوحه في بادئ الرأي وبعدم صلوح البعض عدمه بعد التأمّل والتفكّر فلا تناقض. وبالجملة فالسير والتقسيم هو حصر الأوصاف الصالحة للعلّية في بادئ الرأي ثم إبطال بعضها بعد النظر والتأمّل، كما تقول في قياس الذرة على البرّ في الربوية بحثت عن أوصاف البرّ فما وجدت ثمة علّة للربوية في بادئ الرأي إلّا الطّعم أو القوت أو الكيل، لكن الطّعم أو القوت لا يصلح لذلك عند التأمّل فتعيّن الكيل، لأنّ الأشياء التي يوجد فيها الطعم والتي يحصل منها القوت من أعظم وجوه المنافع لأنها أسباب بقاء الحيوان ووسائل حياة النفوس، فالسبيل في أمثالها الإطلاق بأبلغ الوجوه والإباحة بأوسع طرائق التحصيل لشدة الاحتياج إليها وكثرة المعاملات فيها دون التضييق فيها، لقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقوله تعالى وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقوله عليه السلام لعليّ ومعاذ حين أرسلهما إلى اليمن:
«يسّرا ولا تعسّرا»، والقول المجتهدين والمشقّة تجلب التيسير، هكذا في الهداية وحواشيه. وهناك مقامان أحدهما بيان الحصر ويكفي في ذلك أن يقول بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف ويصدّق لأنّ عدالته وتدينه مما يغلب ظنّ عدم غيره، إذ لو وجد لما خفي عليه، أو لأصن الأصل عدم الغير، وحينئذ للمعترض أن يبين وصفا آخر، وعلى المستدل أن يبطل علّيته، وإلّا لما ثبت الحصر الذي ادّعاه، وثانيهما إبطال علية بعض الأوصاف ويكفي في ذلك أيضا الظنّ وذلك بوجوه: الأول الإلغاء وهو بيان أنّ الحكم بدون هذا الوصف موجود في الصورة الفلانية فلو استقلّ بالعلّية لانتفى الحكم بانتفائه. والثاني كون الوصف طرديا أي من جنس ما علم إلغاؤه مطلقا في الشرع كالاختلاف الطول والقصر، أو بالنسبة إلى الحكم المبحوث عنه كالاختلاف بالمذكورة والأنوثة في العتق. والثالث عدم ظهور المناسبة فيكفي للمستدلّ أن يقول بحثت فلم أجد له مناسبة ويصدّق في ذلك لعدالته. والحنفية لا يتمسّكون بهذا المسلك ويقولون الترديد إن لم يكن حاصرا لا يقبل وإن كان حاصرا بأن يثبت عدم علّية غير هذه الأشياء التي ورد فيها بالإجماع مثلا بعد ما ثبت تعليل هذا النص يقبل كإجماعهم عل أنّ العلّة للولاية إمّا الصّغر أو البكارة، فهذا إجماع على نفي ما عداهما. هذا كله خلاصة ما في التلويح والعضدي وحواشيهما.

برهان المسامّة

برهان المسامّة:
[في الانكليزية] Coincidence proof or :demonstration
[ في الفرنسية] Demonstration par la coincidence
قالوا لو وجد بعد غير متناه ولو من جهة واحدة فلنا أن نفرض من مبدأ معيّن خطّا غير متناه وخطّا آخر متناهــيا موازيا له، ثم يميل الخط الــمتناهــي بحركة مع ثبات أحد طرفيه الذي في جانب المبدأ من الموازاة مائلا إلى جهة الخطّ الغير الــمتناهــي، فيسامّه أي يلاقيه بالإخراج ضرورة، والمسامّة حادثة لأنّها كانت معدومة حال الموازاة، فلها أول، إذ كلّ حادث كذلك وهي أي مسامته إيّاه بنقطة، لأنّ تقاطع الخطين لا يتصوّر إلّا عليها، فيكون في الخطّ الغير الــمتناهــي نقطة هي أول نقطة المسامّة وأنه محال، إذ ما من نقطة تفرض على الخطّ الغير الــمتناهــي إلّا والمسامّة مع ما قبلها أي فوقها من جانب لا تناهي الخط قبل المسامة معها، لأن المسامة مع أية نقطة تفرض إنّما تحصل بزاوية مستقيمة الخطّين عند الطرف الثابت من الخطّ الــمتناهــي، فأحد الطرفين هو مبدأ الــمتناهــي مفروضا على وضع الموازاة والآخر هو بعينه أيضا، لكن حال كونه على وضع المسامّة. والزاوية تقبل القسمة إلى غير النهاية، وكلّما كانت الزاوية أصغر كانت المسامة مع النقطة الفوقانية، فلم تكن تلك النقطة الأولى أول نقطة المسامة، فلا يمكن أن يوجد هناك ما هو أول نقطة المسامة. وتلخيصه أنّه لو وجد بعد غير متناه لأمكن المفروض المذكور، واللازم باطل لأنه مستلزم، إمّا لامتناع المسامة أو لوجود نقطة هي أول نقطة المسامة، والقسمان باطلان. وإن شئت تفصيل الجميع فارجع إلى شرح المواقف في موقف الجوهر في بيان تناهي الأبعاد.

البرهان السّلمي

البرهان السّلمي:
[في الانكليزية]
The proof( that every distance is finite )by two lines of two triangles (
[ في الفرنسية]
La demonstration( de la finitude )par les deux lignes tracees des bases de deux triangles
قالوا الأبعاد متناهــية للبرهان السّلمي، وهو أن نفرض ساقي مثلثين خرجا من نقطة واحدة كيف اتفق، أي سواء كان الانفراج بقدر الامتداد أو أزيد أو أنقص، فللانفراج إلى الساقين نسبة محفوظة بالغا ما بلغ. فلو ذهب السّاقان إلى غير النهاية لكان ثمة بعد متناه هو الامتداد الأول، نسبته إلى غير الــمتناهــي وهو الامتداد الذاهب إلى غير النهاية نسبة الــمتناهــي وهو الانفراج الأول إلى الــمتناهــي وهو الانفراج بينهما حال ذهابهما إلى غير النهاية وهذا خلف، لأنه يلزم انحصار ما لا يتناهى بين الحاصرين، إذ الانفراج لا بدّ أن يكون متناهــيا لكونه محصورا بين حاصرين وهما الساقان؛ مثلا إذا امتد الساقان عشرة أذرع وكان الانفراج بينهما حينئذ ذراعا، فإذا امتداد عشرين كان الانفراج ذراعين قطعا، وإذا امتدّا ثلاثين كان الانفراج ثلاثة أذرع وهكذا، وهذا معنى نسبة الانفراج إليهما وحينئذ يكون نسبة الــمتناهــي وهو الامتداد الأول أعني العشرة إلى غير الــمتناهــي وهو امتداد الخطّين الذاهب إلى غير النهاية كنسبة الــمتناهــي هو الانفراج الأول أعني الذراع الواحد إلى الــمتناهــي وهو الانفراج بينهما حال ذهابهما إلى غير النهاية، لما مرّ أنّ نسبة الامتداد إلى الامتداد كنسبة الانفراج إلى الانفراج، وهذا خلف لأن نسبة الــمتناهــي إلى الــمتناهــي معيّنة ويستحيل ذلك بين الــمتناهــي وغير الــمتناهــي. هذا هو البرهان السّلمي على الإطلاق. وأمّا مع زيادة التلخيص فهو أنّا نفرض من نقطة ما خطّين ينفرجان بحيث يكون الانفراج بينهما بقدر الامتداد، فإذا ذهبا إلى غير النهاية كان البعد بينهما غير متناه أيضا بالضرورة، واللازم باطل لأنّه محصور بين حاصرين، والمحصور بين حاصرين يمتنع أن لا يكون له نهاية ضرورة.

العرض

العرض: بالتحريك، الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى موضع أي محل يقوم به كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يحله ويقوم هو به.
العرض: بالسكون: خلاف الطول، وأصله أن يقال في الأجسام، ثم استعمل في غيرها. والعارض: البادي عرضه، فتارة يختص بالسحاب نحو {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ، وتارة بما يعرض من السقم فيقال: به عارض من سقم، وتارة بالسن، ومنه قيل للثنايا التي تظهر عند الضحك: العوارض. وفلان شديد العارضة كناية عن جودة بيانه. وعرضت الكتاب عرضا: قرأته عن ظهر قلب. وعرضت المتاع للبيع: أظهرته لذوي الرغبة ليشتروه. وعرض له في الطريق العارض أي مانع يمنع من المضي، واعترض له بمعناه، ومنه اعتراضات الفقهاء لأنها تمنع من التمسك بالدليل. وتعارض البينات لأن كل واحدة تعترض الأخرى وتمنع نفوذها، ذكره كله الراغب. وقال الحرالي: العرض بالسكون: إظهار الشيء بحيث يرى للتوقيف على حاله.
العرض:
[في الانكليزية] Accident
[ في الفرنسية] Accident
بفتحتين عند المتكلّمين والحكماء وغيرهم هو ما يقابل الجوهر كما عرفت. ويطلق أيضا على الكلّي المحمول على الشيء الخارج عنه ويسمّى عرضيا أيضا، ويقابله الذاتي وقد سبق، فإن كان لحوقه للشيء لذاته أو لجزئه الأعمّ أو المساوي أو للخارج المساوي يسمّى عرضا ذاتيا. وإن كان لحوقه له بواسطة أمر خارج أخصّ أو أعمّ مطلقا أو من وجه أو بواسطة أمر مباين يسمّى عرضا غريبا. وقيل العرض الذاتي هو ما يلحق الشيء لذاته أو لما يساويه سواء كان جزءا لها أو خارجا عنها. وقيل هذا هو العرض الأولى وقد سبق ذلك في المقدمة في بيان الموضوع. وأيضا هو أي العرض بالمعنى الثاني إمّا أن يختصّ بطبيعة واحدة أي حقيقة واحدة وهو الخاصة المطلقة وإمّا أن لا يختص بها وهو العرض العام كالماشي للإنسان. وعرف العرض العام بأنّه المقول على ما تحت أكثر من طبيعة واحدة. فبقيد الأكثر خرج الخاصة، والكلّيات الثلاثة الباقية من الكلّيات الخمس غير داخلة في المقول لكون المعرّف من أقسام العرضي وتلك من أقسام الذاتي. وأيضا العرض بهذا المعنى إمّا لازم أو غير لازم، واللازم ما يمتنع انفكاكه عن الماهية كالضّحك بالقوة للإنسان، وغير اللازم ما لا يمتنع انفكاكه عن الماهية بل يمكن سواء كان دائم الثبوت أو مفارقا بالفعل ويسمّى عرضا مفارقا كالضحك بالفعل للإنسان. قيل غير اللازم لا يكون دائم الثبوت لأنّ الدوام لا ينفك عن الضرورة التي هي اللزوم، فلا يصحّ تقسيمه إليه وإلى المفارق بالفعل كما ذكرتم. وأجيب بأنّ ذلك التقسيم إنّما هو بالنظر إلى المفهوم، فإنّ العقل إذا لاحظ دوام الثبوت جوّز انفكاكه عن امتناع الانفكاك مطلقا بدون العكس. ثم العرض المفارق إمّا أن لا يزول بل يدوم بدوام الموضوع أو يزول. والأوّل المفارق بالقوّة ككون الشخص أمّيا بالنسبة إلى الشخص الذي مات على الأمية والثاني المفارق بالفعل وهو إمّا سهل الزوال كالقيام أو غيره كالعشق وأيضا إمّا سريع الزوال كحمرة الخجل أو بطيئ الزوال كالشباب والكهولة. وذكر لفظ العرض مع المفارق وتركه مع اللازم بناء على الاصطلاح، ولا مناقشة فيه، صرّح به في بديع الميزان. ثم كلّ من الخاصة والعرض العام إمّا شامل لجميع أفراد المعروض وهو إمّا لازم أو مفارق وإمّا غير شامل وقد سبق في لفظ الخاصة.
فائدة:
هذا العرض ليس العرض القسيم للجوهر كما زعم البعض لأنّ هذا قد يكون محمولا على الجوهر مواطأة كالماشي المحمول على الإنسان مواطاة. وقد يكون جوهرا كالحيوان فإنّه عرض عام للناطق مع أنّه جوهر بخلاف العرض القسيم للجوهر أي المقابل له فإنّه يمتنع أن يكون محمولا على الجوهر بالمواطأة، إذ لا يقال الإنسان بياض بل ذو بياض، ويمتنع أن يكون جوهرا لكونه مقابلا له. هذا كله خلاصة ما في كتب المنطق. وللعرض معان أخر قد سبقت في لفظ الذاتي.
تقسيم
العرض المقابل للجوهر.
فقال المتكلمون العرض إمّا أن يختصّ بالحيّ وهو الحياة وما يتبعها من الإدراكات بالحوس وبغيرها كالعلم والقدرة ونحوهما وحصرها في العشرة وهي الحياة والقدرة والاعتقاد والظّنّ وكلام النفس والإرادة والكراهة والشّهوة والنّفرة والألم، كما حصرها صاحب الصحائف باطل لخروج التعجّب والضّحك والفرح والغمّ ونحو ذلك، وإمّا أن لا يختصّ به وهو الأكوان والمحسوسات بإحدى الحواس الظاهرة الخمس. وقيل الأكوان محسوسة بالبصر بالضرورة، ومن أنكر الأكوان فقد كابر حسّه ومقتضى عقله. ولا يخفى أنّ منشأ هذا القول عدم الفرق بين المحسوس بالذات والمحسوس بالواسطة فإنّا لا نشاهد إلّا المتحرك والساكن والمجتمعين والمفترقين، وأمّا وصف الحركة والسكون والاجتماع والافتراق فلا. ولذا اختلف في كون الأكوان وجودية، ولو كانت محسوسة لما وقع الخلاف.
اعلم أنّ أنواع كل واحد من هذه الأقسام متناهــية بحسب الوجود بدليل برهان التطبيق وهل يمكن أن يوجد من العرض أنواع غير متناهــية بأن يكون في الإمكان وجود أعراض نوعية مغايرة للأعراض المعهودة إلى غير النهاية وإن لم يخرج منها إلى الوجود إلّا ما هو متناه، أو لا يمكن ذلك؟ فمنعه أكثر المعتزلة وكثير من الأشاعرة، وجوّزه الجبّائي وأتباعه والقاضي منّا، والحقّ عند المحقّقين هو التوقّف. وقال الحكماء أقسامه تسعة الكم والكيف والأين والوضع والملك والإضافة ومتى والفعل والانفعال، وتسمّى هذه مقولات تسعا، وادّعوا الحصر فيها. قيل الوحدة والنقطة خارجة عنها فبطل الحصر. فقالوا لا نسلّم أنّهما عرضان إذ لا وجود لهما في الخارج وإن سلّمنا ذلك فنحن لا نحصر الأعراض بأسرها في التسع بل حصرنا المقولات فيها وهي الأجناس العالية، على معنى أن كلما هو جنس عال للأعراض فهو إحدى هذه التسع. اعلم أنّ حصر المقولات في العشر أي الجوهر والأعراض التسع من المشهورات فيما بينهم وهم معترفون بأنّه لا سبيل لهم إليه سوى الاستقراء المفيد للظّنّ.

ولذا خالف بعضهم فجعل المقولات أربعا:
الجوهر والكم والكيف والنّسبة الشاملة للسّبعة الباقية. والشيخ المقتول جعلها خمسة فعدّ الحركة مقولة برأسها، وقال العرض إن لم يكن قارّا فهو الحركة، وإن كان قارا فإمّا أن لا يعقل إلّا مع الغير فهو النسبة والإضافة أو يعقل بدون الغير، وحينئذ إمّا يكون يقتضي لذاته القسمة فهو الكم وإلّا فهو الكيف. وقد صرّحوا بأنّ المقولات أجناس عالية للموجودات، وأنّ المفهومات الاعتبارية من الأمور العامّة وغيرها سواء كانت ثابتة أو عدمية كالوجود والشيئية والإمكان والعمي والجهل ليست مندرجة فيها، وكذلك مفهومات المشتقات كالأبيض والأسود خارجة عنها لأنّها أجناس الماهيات لها وحدة نوعية كالسواد والبياض، وكون الشيء ذا بياض لا يتحصّل به ماهية نوعية. قالوا وأمّا الحركة فالحقّ أنّها من مقولة الفعل. وذهب بعضهم إلى أنّ مقولتي الفعل والانفعال اعتباريتان فلا تندرج الحركة فيهما.
فائدة:
العرض لم ينكر وجوده إلّا ابن كيسان فإنّه قال: العالم كلّه جواهر والقائلون بوجوده اتفقوا على أنّه لا يقوم بنفسه إلّا شرذمة قليلة لا يعبأ بهم كأبي الهذيل فإنّه جوّز إرادة عرضية تحدث لا في محلّ، وجعل البارئ مريدا بتلك الإرادة.
فائدة:
العرض لا ينتقل من محل إلى محل باتفاق العقلاء. أما عند المتكلمين فلأن الانتقال لا يتصور إلا في المتحيّز والعرض ليس بمتحيّز.
وأمّا عند الحكماء فلأنّ تشخّصه ليس لذاته وإلّا انحصر نوعه في شخصه ولا لما يحلّ فيه وإلّا دار لأنّ حلوله في العرض متوقّف على تشخّصه، ولا لمنفصل لا يكون حالا فيه ولا محلّا له لأنّ نسبته إلى الكلّ سواء. فكونه علّة لتشخّص هذا الفرد دون غيره ترجيح بلا مرجّح، فتشخّصه لمحلّه فالحاصل في المحل الثاني هوية أخرى والانتقال لا يتصور إلا مع بقاء الهوية.
فائدة: لا يجوز قيام العرض بالعرض عند أكثر العقلاء خلافا للفلاسفة. وجه عدم الجواز أنّ قيام الصّفة بالموصوف معناه أن يكون تحيّز الصفة تبعا لتحيّز الموصوف، وهذا لا يتصوّر إلّا في المتحيّز، والعرض ليس بمتحيّز.
فائدة:
ذهب الأشعري ومتّبعوه من محقّقي الأشاعرة إلى أنّ العرض لا يبقى زمانين، ويعبّر عن هذا بتجدّد الأمثال كما في شرح المثنوي. فالأعراض جملتها غير باقية عندهم بل هي على التقضي والتجدّد فينقضي واحد منها ويتجدّد آخر مثله وتخصيص كلّ من الآحاد المنقضية المتجدّدة بوقته الذي وجد فيه إنّما هو للقادر المختار. وإنّما ذهبوا إلى ذلك لأنّهم قالوا بأنّ السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث، فلزمهم استغناء العالم حال بقائه عن الصّانع بحيث لو جاز عليه العدم تعالى عن ذلك لما ضرّ عدمه في وجوده، فدفعوا ذلك بأنّ شرط بقاء الجوهر هو العرض؛ ولمّا كان هو متجدّدا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه، فلا استغناء أصلا وذلك لأنّ الأعراض لو بقيت في الزمان الثاني من وجودها امتنع زوالها في الزمان الثالث وما بعده، واللازم وهو امتناع الزوال باطل بالإجماع وشهادة الحسّ، فيكون الملزوم الذي هو بقاء الأعراض باطلا أيضا والتوضيح في شرح المواقف. ووافقهم النّظّام والكعبي من قدماء المعتزلة. وقال النّظّام والصوفية الأجسام أيضا غير باقية كالأعراض. وقالت الفلاسفة وجمهور المعتزلة ببقاء الأعراض سوى الأزمنة والحركات والأصوات. وذهب أبو علي الجبّائي وابنه وأبو الهذيل إلى بقاء الألوان والطّعوم والروائح دون العلوم والإرادات والأصوات وأنواع الكلام. وللمعتزلة في بقاء الحركة والسكون خلاف.
فائدة:
العرض الواحد بالشخص لا يقوم بمحلّين بالضرورة، ولذلك نجزم بأنّ السواد القائم بهذا المحلّ غير السواد القائم بالمحلّ الآخر ولم يوجد له مخالف؛ إلّا أنّ قدماء الفلاسفة القائلين بوجود الإضافات جوّزوا قيام نحو الجوار والقرب والأخوّة وغيره من الإضافات المتشابهة بالطرفين، والحقّ أنّهما مثلان، فقرب هذا من ذلك مخالف بالشخص لقرب ذلك من هذا وإن شاركه في الحقيقة النوعية، ويوضّحه المتخالفان من الإضافات كالأبوّة والبنوّة إذ لا يشتبه على ذي مسكة أنّهما متغايران بالشخص بل بالنوع أيضا. وقال أبو هاشم التأليف عرض وأنّه يقوم بجوهرين لا أكثر. اعلم أنّ العرض الواحد بالشخص يجوز قيامه بمحلّ منقسم بحيث ينقسم ذلك العرض بانقسامه حتى يوجد كلّ جزء منه في جزء من محلّه فهذا مما لا نزاع فيه، وقيامه بمحلّ منقسم على وجه لا ينقسم بانقسام محلّ مختلف فيه. وأمّا قيامه بمحلّ مع قيامه بعينه بمحل آخر فهو باطل. وما نقل من أبي هاشم في التأليف أنّ حمل على القسم الأول فلا منازعة معه إلّا في انقسام التأليف وكونه وجوديا، وإن حمل على القسم الثاني فبعد تسليم جوازه يبقى المناقشة في وجودية التأليف. والمشهور أنّ مراده القسم الثالث الذي بطلانه بديهي. وتوضيح جميع ذلك يطلب من شرح المواقف.
العرض:
[في الانكليزية] Goods ،extent ،wideness ،offer Iatitude
[ في الفرنسية] Marchandise ،ampleur ،largeur ،offre ،latitude
بالفتح وسكون الراء في اللغة المتاع وهو الذي لا يدخله كيل ولا وزن ولا يكون حيوانا ولا عقارا كذا في الصحاح. وفي جامع الرموز وباع الأب عرض ابنه بسكون الراء وفتحها أي ما عدا النقدين والمأكول والملبوس من المنقولات وهو في الأصل غير النقدين من المال كما في المغرب والمقاييس وغيرهما انتهى. والمراد به في باب النفقة المنقول كذا في الشمني. والعروض الجمع وقد وردت كلمة العرض لمعاني أخرى: مثل السّعة والمنبسط ووجه الجبل، وللجراد الكثير، وللجبل ولطرف الجبل، وغير ذلك، كما هو مذكور في المنتخب. وعرض الإنسان هو البعد الآخذ من يمين الإنسان إلى يساره. وعرض الحيوان أيضا كذلك كما في شرح المواقف في مبحث الكم. لكن في شرح الطوالع البعد الآخذ من رأس الحيوان إلى ذنبه عرض الحيوان. والعرض عند أهل العربية هو طلب الفعل بلين وتأدّب نحو ألا تنزل بنا فتصيب خيرا كذا في مغني اللبيب في بحث ألا. والمراد أنّه كلام دالّ على طلب الفعل الخ لأنّه قسم من الإنشاء على قياس ما عرفت في الترجّي. وعند المحدّثين هو قراءة الحديث على الشيخ. وإنّما سمّيت القراءة عرضا لعرضه على الشيخ سواء قرأ هو أو غيره وهو يسمع. واختلف في نسبتها إلى السّماع فالمنقول عن مالك وأكثر أصحاب الحديث المساواة، وعن أبي حنيفة وأصحابه ترجيح القراءة، وعن الجمهور ترجيح السّماع كذا في خلاصة الخلاصة. وفي شرح النخبة وشرحه يطلق العرض عندهم أيضا على قسم من المناولة وهو أن يحضر الطالب كتاب الشيخ، أمّا أصله أو فرعه المقابل به فيعرضه على الشيخ فهذا القسم يسمّيه غير واحد من أئمة الحديث عرضا. وقال النووي هذا عرض المناولة وأمّا ما تقدّم فيسمّى عرض القراءة ليتميّز أحدهما عن الآخر انتهى. وعند الحكماء يطلق على معان أحدها السطح وهو ماله امتدادان، وبهذا المعنى قيل إنّ كلّ سطح فهو في نفسه عريض. وثانيها الامتداد المفروض ثانيا المقاطع للامتداد المفروض أولا على قوائم وهو ثاني الأبعاد الثلاثة الجسمية. وثالثها الامتداد الأقصر كذا في شرح المواقف في مبحث الكم. وعند أهل الهيئة يطلق على أشياء منها عرض البلد وهو بعد سمت رأس أهله أي سكّانه عن معدّل النهار من جانب لا أقرب منه وهو إنّما يتصوّر في الآفاق المائلة لا في أفق خطّ الإستواء، إذ في المواضع الكائنة على خط الاستواء يمرّ المعدّل بسمت رءوس أهله. وأمّا المواضع التي على أحد جانبي خط الإستواء شمالا أو جنوبا فلسمت رءوس أهلها بعد عن المعدّل، أمّا في جانب الشمال ويسمّى عرضا شماليا أو في جانب الجنوب ويسمّى عرضا جنوبيا. وإنّما يتحقّق هذا البعد بدائرة تمرّ بسمت الرأس وقطبي المعدّل وهي دائرة نصف النهار. ولذا قيل عرض البلد قوس من دائرة نصف النهار فيما بين معدّل النهار وسمت الرأس أي من جانب لا أقرب منه، وهي مساوية لقوس من دائرة نصف النهار فيما بين المعدّل وسمت القدم من جانب لا أقرب منه بناء على أنّ نصف النهار قد تنصّف بقطبي الأفق وبمعدّل النهار.
وأيضا هي مساوية لارتفاع قطب المعدّل وانحطاطه فإنّ البعد بين قطب دائرة ومحيط الأخرى كالبعد بين محيط الأولى وقطب الأخرى. ولهذا أطلق على كلّ واحدة منهما أنّها عرض البلد. فعرض البلد كما يفسّر بما سبق كذلك يفسّر بقوس منها فيما بين المعدّل وسمت القدم من جانب لا أقرب منه، وبقوس منها بين الأفق وقطب المعدّل من جانب لا أقرب منه. والقوس التي بين القطبين أو المنطقتين تسمّى تمام عرض البلد. ومنها عرض إقليم الرؤية ويسمّى بالعرض المحكّم أيضا كما في شرح التذكرة وهو بعد سمت الرأس عن منطقة البروج من جانب لا أقرب منه فهو قوس من دائرة عرض إقليم الرؤية بين قطب الأفق والمنطقة، أو بين الأفق وقطب المنطقة من جانب لا أقرب منه، ودائرة عرض إقليم الرؤية هي دائرة السّمت. ومنها عرض الأفق الحادث وهو قوس من دائرة نصف النهار الحادث بين قطب الأفق الحادث ومعدّل النهار من جانب لا أقرب منه. ومنها عرض جزء من المنطقة ويسمّى بالميل الثاني كما يجيء وبعرض معدّل النهار أيضا كما في القانون المسعودي وهو قوس من دائرة العرض بين جزء من المنطقة وبين المعدّل من جانب لا أقرب منه. ومنها عرض الكوكب وهو بعده عن المنطقة وهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة وبين الكوكب من جانب لا أقرب منه. والمراد بالكوكب رأس الخطّ الخارج من مركز العالم المارّ بمركز الكوكب المنتهي إلى الفلك الأعظم. فالكوكب إذا كان على نفس المنطقة فلا عرض له وإلّا فله عرض إمّا شمالي أو جنوبي، وهذا هو العرض الحقيقي للكوكب. وأمّا العرض المرئي له فهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة وبين المكان المرئي للكوكب. ومنها عرض مركز التدوير وهو بعد مركز التدوير عن المنطقة وهو قوس من دائرة العرض بين المنطقة ومركز التدوير من جانب لا أقرب منه. ولو قيل عرض نقطة قوس من دائرة العرض بين تلك النقطة والمنطقة من جانب لا أقرب منه يتناول عرض الكوكب وعرض مركز التدوير ويسمّى هذا العرض أي عرض مركز التدوير بعرض الخارج المركز، وهو ميل الفلك المائل أي بعده عن المنطقة يسمّى به لأنّ ميل الفلك المائل قوس من دائرة العرض التي تمرّ بقطبي الممثّل ما بين الفلك المائل والممثّل من جانب لا أقرب منه، وسطح الفلك الخارج في سطح الفلك المائل فميل الفلك المائل عن الممثّل الذي هو عرضه يكون عرض الفلك الخارج المركز.
اعلم أنّه لا عرض للشمس أصلا لكون خارجه في سطح منطقة البروج بخلاف السيارات الأخر وأنّه لا عرض للقمر سوى هذا العرض لأنّ أفلاكه المائل والحامل والتدوير في سطح واحد لا ميل لبعضها عن بعض. ثم إنّ ميل الفلك المائل في العلوية والقمر ثابت وفي السفليين غير ثابت، بل كلما بلغ مركز تدوير الزهرة أو عطارد إحدى العقدتين انطبق المائل على المنطقة وصار في سطحها. فإذا جاوز مركز التدوير تلك العقدة التي بلعها افترق المائل عن المنطقة وصار مقاطعا لها على التّناصف. وابتداء نصف المائل الذي عليه مركز التدوير في الميل عن المنطقة إمّا للزهرة فإلى الشمال وإمّا لعطارد فإلى الجنوب، ونصفه الآخر بالخلاف. ثم هذا الميل يزداد شيئا فشيئا حتى ينتهي مركز التدوير إلى منتصف ما بين العقدتين، فهناك غاية الميل، ثم يأخذ الميل في الانتقاص شيئا فشيئا ويتوجّه المائل نحو الانطباق على المنطقة حتى ينطبق عليه ثانيا عند بلوغ مركز التدوير العقدة الأخرى، فإذا جاوز مركز التدوير هذه العقدة عادت الحالة الأولى أي يصير النصف الذي عليه المركز الآن. أما في الزهرة فشماليا وكان قبل وصول المركز إليه جنوبيا، والنصف الذي كان شماليا كان جنوبيا.
وأمّا في عطارد فبالعكس. فعلى هذا يكون مائل كلّ منهما متحركا في العرض إلى الجنوب وبالعكس إلى غاية ما من غير إتمام الدورة، ويكون مركز تدوير الزهرة إمّا شماليا عن المنطقة أو منطبقا عليها، لا يصير جنوبيا عنها قطعا، ويكون مركز تدوير عطارد إمّا جنوبيا عنها أو منطبقا عليها، لا يصير شماليا عنها أصلا. ومنها عرض التدوير ويسمّى بالميل وبميل ذروة التدوير وحضيضه أيضا وهو ميل القطر المار بالذروة والحضيض عن سطح الفلك المائل، ولا يكون القطر المذكور في سطح المائل إلّا في وقتين. بيانه أنّ ميل هذا القطر غير ثابت أيضا بل يصير هذا القطر في العلوية منطبقا على المنطقة والمائل عند كون مركز التدوير في إحدى العقدتين أي الرأس أو الذنب، ثم إذا جاوز عن الرأس إلى الشمال أخذت الذروة في الميل إلى الجنوب عن المائل متقاربة إلى منطقة البروج، وأخذ الحضيض في الميل إلى الشمال عنه متباعدا عن المنطقة، ويزداد شيئا فشيئا حتى يبلغ الغاية عند بلوغ المركز منتصف ما بين العقدتين، ثم يأخذ في الانتقاص شيئا فشيئا إلى أن ينطبق القطر المذكور ثانيا على المائل والمنطقة عند بلوغ المركز الذنب. فإذا جاوز الذنب إلى الجنوب أخذت الذروة في الميل عن المائل إلى الشمال متقاربة إلى المنطقة، وأخذ الحضيض في الميل عنه إلى الجنوب متباعدا عن المنطقة وهكذا على الرسم المذكور؛ أي يزداد الميل شيئا فشيئا حتى يبلغ الغاية في منتصف العقدتين، ثم ينتقص حتى يبلغ المركز إلى الرأس وتعود الحالة الأولى. ويلزم من هذا أن يكون ميل الذروة في العلوية أبدا إلى جانب المنطقة وميل الحضيض أبدا إلى خلاف جانب المنطقة. فلو كان الكوكب على الذروة أو الحضيض ومركز التدوير في إحدى العقدتين لم يكن للكوكب عرض وإلّا فله عرض. وميل الذروة إذا اجتمع مع ميل المائل ينقص الأول عن الثاني فالباقي عرض الكوكب. وإذا اجتمع ميل الحضيض مع ميل المائل يزيد الأول على الثاني فالمجموع عرض الكوكب. وأمّا في السفليين فالقطر المذكور إنّما ينطبق على المائل عند بلوغ مركز التدوير منتصف ما بين العقدتين، وهناك غاية ميل المائل عن المنطقة. ولمّا كان أوجا السفليين وحضيضاهما على منتصف العقدتين كان انطباق القطر على المائل في المنتصف إمّا عند الأوج أو الحضيض. فعند الأوج تبتدئ الذروة في الميل أمّا في الزهرة فإلى الشمال عن المائل متباعدة عن المنطقة، ويلزمه ميل الحضيض إلى الجنوب متقاربا إليها في الابتداء، ويزداد الميل شيئا فشيئا حتى يصل المركز إلى العقدة وينطبق المائل على المنطقة، فهناك الذروة في غاية الميل عن المائل والمنطقة شمالا والحضيض في غاية الميل عنهما جنوبا.
فلو كان الزهرة على الحضيض كان جنوبيا عن المنطقة، فإذا جاوز المركز العقدة انتقص الميل على التدريج، فإذا وصل إلى المنتصف وهناك حضيض الحامل انطبق القطر على المائل ثانيا.
ومن هاهنا تبتدئ الذروة في الميل عن المائل إلى الجنوب متوجّهة نحو المنطقة والحضيض في الميل عنه إلى الشمال متباعدا عن المنطقة، فإذا وصل المركز العقدة الأخرى وانطبق المائل على المنطقة كانا في غاية الميل عنهما. أمّا الذروة ففي الجنوب وأمّا الحضيض ففي الشمال. فلو كان الزهرة حينئذ على الذروة كان جنوبيا عن المنطقة. وأمّا في عطارد فعند الأوج تبتدئ الذروة في الميل عن المائل إلى الجنوب متباعدة عن المنطقة وميل الحضيض عنه حينئذ إلى الشمال متوجها نحو المنطقة. فإذا بلغ المركز العقدة وانطبق المائل على المنطقة فهناك ميل الذروة عنهما إلى الجنوب يبلغ الغاية، وكذا ميل الحضيض عنهما إلى الشمال. فلو كان عطارد حينئذ على الحضيض كان شماليا عن المنطقة. فإذا جاوز المركز العقدة انتقص الميل شيئا فشيئا حتى إذا وصل إلى المنتصف كان ميل المائل عن المنطقة في الغاية وانطبق القطر على المائل ثانيا، وهناك حضيض الحامل ومنه تبتدئ الذروة في الميل عن المائل شمالا متوجّهة نحو المنطقة في الابتداء، والحضيض بالعكس. فإذا انتهى المركز إلى العقدة الأخرى كان الذروة في غاية الميل الشمالي عنهما والحضيض في غاية الميل الجنوبي. فلو كان عطارد حينئذ على الذروة يصير شماليا عن المنطقة. وتبيّن من ذلك أنّ المائل في السفليين إذا كان في غاية الميل عن المنطقة لم يكن للقطر المذكور ميل عن المائل. وإذا كان المائل عديم الميل عن المنطقة كان القطر في غاية الميل عن المائل، بل عن المنطقة أيضا. ومنها عرض الوراب ويسمّى أيضا بالانحراف والالتواء والالتفاف وهو ميل القطر المارّ بالبعدين الأوسطين من التدوير عن سطح الفلك المائل، وهذا مختصّ بالسفليين، بخلاف عرض الخارج المركز فإنّه يعمّ الخمسة المتحيّرة والقمر، وبخلاف عرض التدوير فإنّه يعمّ الخمسة المتحيّرة. اعلم أنّ ابتداء الانحراف إنّما هو عند بلوغ مركز التدوير إحدى العقدتين على معنى أنّ القطر المذكور في سطح المائل ومنطبق عليه هنا. وحين جاوز المركز العقدة يبتدئ القطر في الانحراف عن سطح المائل ويزيد على التدريج ويبلغ غايته عند منتصف العقدتين. فإن كان المنتصف الذي بلغه المركز هو الأوج كان الطرف الشرقي من القطر المذكور أي المارّ بالبعدين الأوسطين المسمّى بالطرف المسائي في غاية ميله عن سطح المائل. أمّا في الزهرة فإلى الشمال وأمّا في عطارد فإلى الجنوب، وكان الطرف الغربي المسمّى بالطرف الصّباحي في غاية الميل أيضا. ففي الزهرة إلى الجنوب وفي عطارد إلى الشمال. وإن كان المنتصف الذي بلغه المركز هو الحضيض فعلى الخلاف فيهما، أي كان الطرف المسائي في غاية الميل في الزهرة إلى الجنوب وفي عطارد إلى الشمال والطرف الصّباحي بالعكس، فعلم أنّ الانحراف يبلغ غايته حيث ينعدم فيه ميل الذروة والحضيض، أعني عند المنتصفين وأنّه ينعدم بالكلية حيث يكون ميل الذروة والحضيض في الغاية وذلك عند العقدتين. وقد ظهر من هذا المذكور كلّه أي من تفصيل حال القطر المارّ بالذروة والحضيض من تدوير الخمسة المتحيّرة ومن تفصيل حال القطر المارّ بالبعدين الأوسطين في السفليين في ميلهما عن المائل أنّ مدّة دور الفلك الحامل ومدّة دور القطرين المذكورين متساويتان، وكذا أزمان أرباع دوراتها أيضا متساوية. كلّ ذلك بتقدير العزيز العليم الحكيم.
فائدة:
اعلم أنّ أهل العمل يسمّون عرض مركز التدوير عن منطقة الممثل في السفليين العرض الأول، والعرض الذي يحصل للكوكب بسبب الميل العرض الثاني، وبسبب الانحراف العرض الثالث. هذا كلّه خلاصة ما ذكر السيّد السّند في شرح الملخّص وعبد العلي البرجندي في تصانيفه.

نهو

(نهو)
الرجل نهاوة صَار متناهــيا فِي الْعقل فَهُوَ نهي (ج) أنهياء وَهُوَ نه (ج) نهون

نهو


نَهَا(n. ac. نَهْو [] )
نَهَى(n. ac. نَهْي [] )
a. [acc. & 'An], Forbade, interdicted.
b. [ Ila] (& pass.

نُهِيَ )
a. Reached; extended to.
c. ['An], Gave up, renounced.
(ن هـ و)

نَهَوْتُه عَن الْأَمر، بِمَعْنى نَهَيْتُه.

وَنَفس نَهاةٌ: مُنْتَهِيَةٌ عَن الشَّيْء، وَقد تقدم ذَلِك فِي الْيَاء.

نهو


نَهُوَ(n. ac. نَهَاوَة [] )
a. Was intelligent, prudent.

نَهَّوَa. see I (a) (b).
c. Culminated.

أَنْهَوَ
a. ['An], Gave up, desisted from.
b. [pass.] [Ila], Arrived at; extended to.
c. Accomplished, performed, completed, finished.
d. [acc. & Ila], Made to reach, brought to.
تَنَاْهَوَa. see II (c)b. Was accomplished &c.
c. ['An], Refrained from; kept one another from.
d. Stagnated (water).
e. [Ila], Reached, came to.
إِنْتَهَوَa. see IV (a) (b) & VI (b).
d. [Bi & Ila], Came with, brought to.
نَهْيa. Prohibition, interdiction, veto.
b. (pl.
أَنْهٍ
[أَنْهِو]
نِهَآء []
أَنْهَآء [] )
a. Pond; swamp.
c. see 3t (a)
نِهْيa. see I (b) & 23t
نِهْيَة []
a. Fat (camel).
نُهْيَة [] (pl.
نُهًى [ ])
a. Sagacity; judiciousness.
b. see 1 (a) & 23t
نَهٍa. Prudent, wise, judicious.

نِهًىa. Glass.

نُهَاة []
a. see 23 (b)
مَنْهَاة []
a. see 5
نَاهٍ (pl.
نُهَاة [] )
a. Forbidding, prohibitive, interdictory.
b. Sufficient; substitute.

نَاهِيَة [] (pl.
نَوَاهٍ [] )
a. fem. of
نَاْهِوb. Forbidden.
c. see 3t (a)
نِهَآء []
a. see 23tb. Vial, glass.
c. Quantity; number.
d. Water-mark; level.
e. A white stone; a shell.
f. A medicinal plant.

نِهَايَة []
a. Extremity, limit, end, finish.

نُهَآء []
a. see 23 (b) (c), (d).
نَهِيّ [] (pl.
أَنْهِيَآء [] )
a. see 3t (a) & 5
نَهِيَّة []
a. see 2t
نَهُوّa. see 5 & 21
(a).
مَنَاهٍ []
a. Unlawful things.

مُنْتَهَى [ N.
P.
a. VIII]
see 23t
إِنْتِهَآء [ N.
Ac.
a. VIII], End, limit; completion, accomplishment.

نِه
a. see 5
عَيْر مُتَنَاهٍ
a. Unlimited, boundless; infinite.

مَنْهِيّ عَن
a. Forbidden, unlawful.

تَنْهَآء تَنْهَاة
a. Highest point of a valley; water-mark.

تَنْهِيَة
a. see supra.

تِنْهَآء
a. Bank, dam &c.

مُنْتَهَى الجُمُوْع
a. The plural of the plural.

مُتَنَاهِــي العَقْل
a. High-minded.

هُم نُِهَآء مِئَة
a. There is a hundred of them.

نَهَاكَ مِن رَحُلٍ
a. He suffices you.

هَذَا رَجُل نَهْيُكَ
هَذَا رَجُل نَاهِيكَ
مِن رَجُل
a. This man will suffice thee.

تسلسل

(تسلسل) تتَابع يُقَال تسلسل المَاء جرى فِي حدور واتصال وَصَارَ وَجهه كالسلسلة حِين جرى وضربته الرّيح وفرند السَّيْف برق وتلألأ كالسلسلة وَالشَّيْء اضْطربَ وَالثَّوْب لبس حَتَّى رق نسيجه
التسلسل: هو ترتيب أمور غير متناهــية، وأقسامه أربعة: لأنه لا يخفى؛ إما إن يكون في الآحاد المجتمعة في الوجود، أو لم يكن فيها، كالتسلسل في الحوادث والأول إما أن يكون فيها ترتيب أو لا، والثاني كالتسلسل في النفوس الناطقة، والأول إما أن يكون ذلك الترتيب طبيعيًا كالتسلسل في العلل والمعلولات والصفات والموصفات، أو وضعيًا كالتسلسل في الأجسام، والمستحيل عند الحكيم الأخير دون الأولين.
تسلسل: يُقَال التسلسل المَاء أَي جرى فِي حدور. وَفِي الِاصْطِلَاح ترَتّب أُمُور غير متناهــية مجتمعة فِي الْوُجُود وعَلى بُطْلَانه دَلَائِل شَتَّى كبرهان التطبيق والبرهان السّلمِيّ وَغَيرهمَا. وأقومها وأحكمها كَمَا قَالُوا إِنَّه بَاطِل لِأَن الْأُمُور الْغَيْر الــمتناهــية المترتبة المجتمعة تكون معروضة لعدد الْبَتَّةَ فَإِذا ضعفنا ذَلِك الْعدَد على مثله تضعيفا عقليا إجماليا فبالضرورة يكون عدد التَّضْعِيف أَزِيد من عدد الأَصْل الَّذِي هُوَ الْمَزِيد عَلَيْهِ وكل عددين أَحدهمَا أَزِيد من الآخر فَزِيَادَة الزَّائِد إِنَّمَا يتَصَوَّر بعد انصرام جَمِيع أحاد الْمَزِيد عَلَيْهِ فَإِن المبدأ لَا يتَصَوَّر الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَإِلَّا لم يبْق مبدأ وَهَذَا خلف. وَأما الأوساط فمنتظمة مُتَوَالِيَة فَحِينَئِذٍ لَو كَانَ الْمَزِيد عَلَيْهِ غير متناه لزم الزِّيَادَة فِي جَانب عدم التناهي وَهُوَ بَاطِل لِأَن الزِّيَادَة إِنَّمَا تتَصَوَّر بعد التناهي وتناهي الْعدَد يسْتَلْزم تناهي الْمَعْدُود. وَفِيه أَن التَّضْعِيف من خَواص الْأَعْدَاد الــمتناهــية ففرضه فِي الْأُمُور الْغَيْر الــمتناهــية فرض محَال فَجَاز أَن يسْتَلْزم محالا آخر وَهُوَ تناهي غير الــمتناهــي.
وَقد أَجمعُوا أَن التسلسل جَائِز فِي الْأُمُور الاعتبارية وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن التسلسل يتَحَقَّق فِيهَا وَلَا يُمكن إِبْطَاله بالدلائل المبطلة بل مَعْنَاهُ أَن التسلسل لَا يتَحَقَّق فِيهَا لوَجْهَيْنِ: الأول: أَنَّهَا تَنْقَطِع بِانْقِطَاع الِاعْتِبَار. وَالثَّانِي: أَن الثَّانِي فِيهَا يكون عين الأول فَإِن وجود الْوُجُود عين الْوُجُود وَصُورَة الصُّورَة عين الصُّورَة وَاخْتِيَار الِاخْتِيَار عين الِاخْتِيَار. فَإِنَّكُم إِذا اعترفتم بِانْقِطَاع السلسلة فِي الاعتباريات فَلَيْسَ فِي الْوُجُود وَالِاعْتِبَار إِلَّا الــمتناهــي فقولكم التسلسل فِيهَا لَيْسَ بمحال كَاذِب لِأَن التسلسل ترَتّب الْأُمُور الْغَيْر الــمتناهــية وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِك. قلت إِنَّه صَادِق لِأَن صدق السالبة لَا يَسْتَدْعِي وجود الْمَوْضُوع بل قد يصدق بانتفائه فها هُنَا كَذَلِك.

علمه تَعَالَى شَامِل

علمه تَعَالَى شَامِل: أَي للممكنات والممتنعات وَلذَا قَالُوا إِن مَعْلُومَات الله تَعَالَى أَكثر من مقدوراته فَإِن قدرته تَعَالَى إِنَّمَا تتَعَلَّق بِمَا يُمكن تعلق الْقُدْرَة بِهِ وَهُوَ الْمُمكن وَالْعلم يتَعَلَّق بالممكن والممتنع فمعلوماته تَعَالَى أَكثر من مقدوراته فَإِن قلت لَا نسلم أَن علمه تَعَالَى شَامِل للممكنات والممتنعات لأَنهم قَالُوا إِن علمه تَعَالَى لَا يتَعَلَّق بمراتب الْأَعْدَاد الْغَيْر الــمتناهــية إِذْ مَرَاتِب الْأَعْدَاد غير متناهــية فِي الْوُجُود العلمي لَهُ تَعَالَى فَلَو كَانَ علمه تَعَالَى مُتَعَلقا بهَا مفصلة لزم عدم تناهيها لجَرَيَان برهَان التطبيق حِينَئِذٍ لكَون تِلْكَ الْمَرَاتِب وَنسبَة الانطباق بَينهَا معلومتان لَهُ تَعَالَى على مَا قُلْتُمْ من شُمُول علمه تَعَالَى بالممكن والممتنع قُلْنَا إِن علمه الشَّامِل للممكنات والممتنعات إِنَّمَا يَشْمَل مَا لَا يمْتَنع الْعلم بِهِ كَمَا أَن قدرته الشاملة إِنَّمَا تشْتَمل مَا لَا يمْتَنع وجوده وَإِمْكَان تعلق الْعلم بالمراتب الْغَيْر الــمتناهــية مفصلة مَمْنُوع. فَإِن قيل فَيلْزم الْجَهْل على الله تَعَالَى قُلْنَا الْجَهْل عدم الْعلم بِمَا يَصح تعلق الْعلم بِهِ كَمَا أَن الْعَجز عدم الْقُدْرَة بِمَا يَصح تعلقهَا بِهِ فَلَا يلْزم الْجَهْل من عدم علمه تَعَالَى بِتِلْكَ الْمَرَاتِب كَمَا لَا يلْزم الْعَجز من عدم تعلق الْقُدْرَة بِمَا يمْتَنع وجوده فِي الْخَارِج كاجتماع الضدين والنقيضين وَشريك الْبَارِي وَغير ذَلِك.
فَإِن قيل إِن الْقلَّة وَالْكَثْرَة من لَوَازِم التناهي فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن معلوماته تَعَالَى أَكثر من مقدوراته مَعَ لَا تناهيهما قُلْنَا معنى لَا تناهي المعلومات والمقدورات وَكَذَا لَا تناهي الْأَعْدَاد أَنَّهَا لَا تَنْتَهِي إِلَى حد لَا يتَصَوَّر فَوْقه آخر لَا بِمَعْنى أَن مَا لَا نِهَايَة لَهُ يدْخل فِي الْوُجُود فَإِنَّهُ محَال فَإِن التناهي وَعَدَمه فرع الْوُجُود سَوَاء كَانَ ذهنا أَو خَارِجا وَلَيْسَ الْمَوْجُود من مَرَاتِب الْأَعْدَاد وَكَذَا من المعلومات والمقدورات إِلَّا قدرا متناهــيا فإطلاق التناهي عَلَيْهَا مجازي بِاعْتِبَار أَنَّهَا لَو فرض وجودهَا بأسرها لكَانَتْ غير متناهــية.

برهان التطبيقي

البرهان التطبيقي: هو أن تفرض من المعلول الأخير إلى غير النهاية جملةً، ومما قبله، بواحد مثلًا، إلى غير النهاية، جملة أخرى، ثم تطبق الجملتين، بأن تجعل الأول من الجملة الأولى بإزاء الأول من الجملة الثانية، والثاني بالثاني، وهلم جرَّا؛ فإن كان بإزاء كل واحد من الأولى واحد من الثانية، كان الناقص كالزائد؛ وهو محال، وإن لم يكن فقد يوجد في الأولى ما لا يوجد في إزائه شيء في الثانية، فتنقطع الثانية وتتناهى، ويلزم منه تناهي الأولى؛ لأنها لا تزيد على الثانية بقدر متناهٍ، والزائد على الــمتناهــي بقدرٍ متناهٍ يكون متناهــيًا بالضرورة.

فتفت

فتفت


فَتْفَتَ
a. Drank little.
b. [ coll. ], Crumbled, broke into
pieces; pulverized.
تَفَتْفَتَ
a. [ coll. ], Pass. of I (b).
فتفت: فتفت: فتت، فرك بالأصابع. (بوشر).
فتفت الخبز: فتته، جعله فتاتاً. (بوشر).
فتفوتة وجمعها فتافيت فتت الخبز (هربرت 13).
فتفت
فتفتَ يُفتفِت، فَتْفَتةً، فهو مُفتفِت، والمفعول مُفتفَت
• فتفت الشّيءَ: فتَّته، بالغ في دقِّه وتكسيره إلى قطع متناهــية الصغر "فتفت الخبزَ: جعله فتاتًا". 

تفتفتَ يتفتفت، تفتفُتًا، فهو مُتفتفِت
• تفتفت الشَّيءُ: مُطاوع فتفتَ: تكسَّر بشدَّة إلى قطع متناهــية الصِّغر "تفتفتت أوراقُ الشجر اليابسة بتأثير الرِّياح". 

فتافيت [جمع]: مف فتفوتة: ما تساقط من الشّيء بعد المبالغة في تكسيره ودقِّه إلى قطع متناهــية الصغر "تذوّق الطعام بوضع فتفوتة منه في فمه- التقط النمل فتافيتَ السكر الواقعة على الأرض". 

البرهان التّرسي

البرهان التّرسي:
[في الانكليزية] The proof by the disk (that all distance is finite)
[ في الفرنسية]
La demonstration par le disque( de la finitude des distances )
قالوا في إثبات تناهي الأبعاد أيضا إنّا نقسم جسما على هيئة الدائرة وليكن ترسا بستة أقسام متساوية، بأن يقسّم أولا محيط دائرته إلى ستّ قطع متساوية، ثم يوصل بين النقطة المقابلة بخطوط متقاطعة على مركزه فيقسّم حينئذ على أقسام ستّة متساوية، يحيط بكل قسم منها ضلعان، ثم نخرج الأضلاع كلّها إلى غير النهاية، ثم نردّد في كل قسم فنقول: هو في عرضه إمّا غير متناه فينحصر ما لا يتناهى بين حاصرين، وإمّا متناه فكذا الكلّ متناه أيضا لأنّه ضعف الــمتناهــي الذي هو أحد الأقسام بستّ مرات.

المشبّهة

المشبّهة:
[في الانكليزية] Sect professing the Anthropomorphism
[ في الفرنسية] Secte qui professe l'a nthropomorphisme
على صيغة اسم الفاعل من التشبيه، وهو يطلق على فرقة من كبار الفرق الإسلامية شبّهوا الله بالمخلوقات ومثّلوه بالحادث، ولأجل ذلك جعلت فرقة واحدة قائلة بالتشبيه وإن اختلفوا في طريقه. فمنهم مشبّهة غلاة الشيعة كالسبائية والبنانية والمغيرية والهشامية وغيرهم القائلين بالتجسّم والحركة والانتقال والحلول في الأجسام ونحو ذلك. ومنهم مشبّهة الحشوية كمضر وكميس المشبّهة والنجمي قالوا هو جسم لا كالأجسام وهو مركّب من لحم ودم لا كاللحوم والدماء وله الأعضاء والجوارح، وتجوز عليه الملامسة والمصافحة والمعانقة للمخلصين حتى نقل أنّه قال: أعفوني عن اللّحية والفرج وسلوني عمّا وراءه. ومنهم مشبّهة الكرّامية وقيل فيه الفقه فقه أبي حنيفة وحده والدين دين الكرّامية. وأقوالهم في التشبيه متعدّدة لا تنتهي إلى من يعبأ به فاقتصرنا على ما قاله زعيمهم وهو أنّ الله على العرش من جهة العلوّ مماسّة له من الصفحة العلياء وتجوز عليه الحركة والنزول، واختلفوا أيملأ العرش أم لا يملأه بل يكون على بعضه. وقال بعضهم ليس هو على العرش بل محاذ له واختلف أببعد متناه أو غيره. ومنهم من أطلق عليه لفظ الجسم ثم اختلفوا هل هو متناه من الجهات كلّها أو من جهة التحت أو غير متناه في جميع الجهات، وقالوا كلّ الحوادث في ذاته إنّما يقدر عليها دون الخارجة عن ذاته ويجب على الله أن يكون أول خلقه حيّا يصحّ منه الاستدلال، وقالوا النّبوّة والرسالة صفتان قائمتان بذات الرسول سوى الوحي والمعجزة والعصمة وصاحب تلك الصّفة رسول من غير إرسال، ولا يجوز إرسال غيره، وهو حينئذ أي حين إذا أرسل مرسل فكلّ مرسل رسول بلا عكس كلّي، ويجوز عزل المرسل دون الرسول، وليس من الحكمة الاقتصار على رسول واحد، وجوّزوا إمامين في عصر كعلي ومعاوية إلّا أنّ إمامة عليّ على وفق السّنة بخلاف [إمامة] معاوية، لكن يجب طاعته. وقالوا الإيمان قول الذرية في الأزل بلى وهو باق في الكلّ على السّوية إلّا المرتدين، وإيمان المنافق كإيمان الأنبياء، كذا في شرح المواقف.

الابتلاع

الابتلاع: عمل الحلق دون الثنايا. الأبد: استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهــية في المستقبل، كما أن الأزل استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهــية في الماضي، وعبر عنه الراغب بأنه مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان، وتأبد الشيء أبدا ويعبر به عما يبقى مدة طويلة.

الحمد

الحمد: اللغوي: الوصف بفضيلة على فضيلة على جهة التعظيم باللسان فقط.
الحمد:
[في الانكليزية] Praise ،thanking
[ في الفرنسية] Reconnaissance ،louange ،remerciement
بالفتح وسكون الميم في اللغة هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري على قصد التعظيم، ونقيضه الذمّ. وهذا أولى مما قيل هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، لأنّ الحمد لا يتحقّق إلّا بعد أمور ثلاثة:
الوصف بالجميل وهو المحمود به، وكونه على الجميل الاختياري أعنى المحمود عليه، وكونه على قصد التعظيم. والتعريف الأول مشتمل على جميع هذه الأمور بخلاف التعريف الثاني فإنّه لا يشتمل المحمود عليه إن جعل الباء صلة للوصف كما هو الظاهر، أو المحمود به إن جعل الباء للسببية.
فإن قيل إذا وصف المنعم بالشجاعة ونحوها لأجل إنعامه كانت الشجاعة محمودا بها والإنعام محمودا عليه. وأمّا إذا وصف الشجاع بالشجاعة لشجاعته لم يكن هناك محمود عليه مع أنّ هذا الوصف حمد قطعا. قلت تلك الشجاعة من حيث إنّها كان الوصف بها كانت محمودا بها، ومن حيث قيامها بمحلها كانت محمودا عليها، فهما متغايران هنا بالاعتبار.
ولذا يقال وصفته بالشجاعة لكونه شجاعا. ثم الوصف يتبادر منه ذكر ما يدلّ على صفة الكمال فيكون قولا مخصوصا فصار مورد الحمد اللسان وحده. ولمّا لم يقيد الوصف بكونه في مقابلة النعمة ظهر أنّ الحمد قد يكون واقعا بإزاء النعمة وقد لا يكون. وبقيد الجميل المحمود به يخرج الوصف على الجميل بما ليس بجميل. وبقيد الجميل المحمود عليه يخرج الوصف على غير الجميل. وفي قيد الاختياري إشارة إلى أنّ الحمد أخصّ من المدح. والبعض اعتبر قيد الاختياري في جميع المحمود به وهو غير مشهور، فإنّه يعمّ الاختياري وغيره على الأظهر.
وعلى هذا قيل الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من إنعام أو غيره. والمدح هو الثناء باللسان على الجميل مطلقا. يقال مدحت اللؤلؤ على صفائها ولا يقال حمدتها على ذلك فالحمد يختص بالفاعل المختار دون المدح فإنّه يقع على الحي وغيره. وبالجملة فالممدوح عليه كالممدوح به لا يجب أن يكون اختياريا، بخلاف المحمود عليه فإنّه يجب كونه اختياريا. ومنهم من منع صحّة المدح على ما ليس اختياريا وجعل مثال اللؤلؤ مصنوعا.
وتوضيحه ما ذكره السّيد السّند في حاشية إيساغوجي من أنّ من يقول بكون الجميل الاختياري مأخوذا في الحمد إنّما يقول بكونه مأخوذا فيه بحسب العقل، ولا فرق فيه بين الحمد والمدح، صرّح به صاحب الكشاف حيث قال: وكلّ ذي لب إذا رجع إلى بصيرته لا يخفى عليه أنّ الإنسان لا يمدح بغير فعله. وقد نفى الله تعالى على الذين أنزل فيهم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا الآية. ثم سأل كيف ذلك وأنّ العرب يمدح بالجمال وحسن الوجه؟
وأجاب بأنّ الذي يسوّغ ذلك أنّ حسن المنظر يشعر عن مخبر مرضي وأخلاق محمودة. ثم نقل عن علماء البيان تخطئة المادح على غير الاختياري وجعله غلطا، وهو مخالف للمعقول، وقصر المدح على الجميل الاختياري. وهذا صريح في أنّ أخذ الاختياري في الحمد إنّما هو بحسب العقل وأنّه لا فرق فيه بين الحمد والمدح انتهى. وأيضا صريح في أنّ الحمد والمدح مترادفان، وهذا هو الأشهر كما قيل.
وقيل ترادفهما باعتبار عدم اختصاصهما بالاختياري. فالحمد أيضا غير مختصّ بالاختياري كالمدح، واختاره السيّد السّند في حاشية إيساغوجي، واستدل عليه بقوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وبالحديث المأثور «وابعثه المقام المحمود الذي وعدته».

قال: والحمل على الوصف المجازي وصفا له بوصف صاحبه كالكتاب الكريم والأسلوب الحكيم صرف عن الظاهر. ثم معنى الجميل الاختياري هو الصادر بالاختيار كما هو المشهور أو الصادر عن المختار وإن لم يكن مختارا فيه، كما قال به بعض المتأخرين. فعلى القول الثاني لا نقض بصفات الله تعالى لأنّ صفاته تعالى صادرة عن المختار وهو ذاته تعالى أي مستندة إليه، وإن لم تكن صادرة عنه بالاختيار. وكذا على القول الأول بأن يراد بالاختياري أعمّ من أن يكون اختياريا حقيقة أو بمنزلة الاختياري. والصفات المذكورة بمنزلة الأفعال الاختيارية لاستقلال الذات فيها وعدم احتياجه فيها إلى أمر خارج كما هو شأن الأفعال الاختيارية. وفيه أنّ ذات الواجب تعالى يحتاج في بعض الأفعال الاختيارية إلى خارج كإرزاق زيد مثلا فإنه يحتاج فيه إلى وجود زيد، فالأولى أن يقال المراد بالاختيار المعنى الأعم المشترك بين القادر والموجب وهو كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، فإنّه متّفق عليه بين المتكلّمين والحكماء في الواجب وغيره، لا كونه بحيث يصحّ منه الفعل والترك لأنّه مقابل للإيجاب، هكذا يستفاد مما ذكر صاحب الاطول وأبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية.
وبالقيد الأخير خرج الاستهزاء والسخرية إذ لا بدّ في الحمد أن يكون ذلك الوصف على قصد التعظيم بأن لا يكون هناك قرينة صارفة عن ذلك القصد لأنّه إذا عرى عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح ونحوها لم يكن حمدا حقيقة، بل كان من السخرية والاستهزاء. لا يقال فقد اعتبر في الحمد فعل الجنان والأركان أيضا لأنّا نقول إنّ كلّ واحد منهما شرط لكون فعل اللسان حمدا لا ركن منه. وفي أسرار الفاتحة المدح يكون قبل الإحسان وبعده، والحمد لا يكون إلّا بعده.
وأيضا قد يكون منهيا كما قال عليه السلام:
«احثوا التراب على وجوه المدّاحين».
والحمد مأمور به مطلقا. قال عليه السلام: «من لم يحمد الناس لم يحمد الله» انتهى. ولا يخفى ما فيه من المخالفة لما سبق عن عموم الحمد النعم الواصلة إلى الحامد وغيرها.
ثم اعلم أنّ القول المخصوص الذي يحمدون به إنّما يريدون به إنشاء الحمد وإيجاد الوصف لا الإخبار به، فهو إنشاء لا خبر؛ وليس ذلك القول حمدا بخصوصه بل لأنّه دالّ على صفة الكمال ومظهر لها، أي لها مدخل تام في ذلك. ومن ثمّ أي من أجل أنّ لدلالته على صفة الكمال وإظهاره لها مدخلا تاما في كونه حمدا عبّر بعض المحقّقين من الصوفية عن إظهار الصفات الكمالية بالحمد تعبيرا عن اللازم بالملزوم مجازا حيث قال: حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية، وذلك قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، وهذا أقوى لأنّ الأفعال التي هي آثار السخاوة تدلّ عليها دلالة قطعية، بخلاف دلالة الأقوال فإنّها وضعية قد يتخلّف عنها مدلولها. ومن هذا القبيل حمد الله وثناؤه على ذاته وذلك أنّه تعالى حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى فقد كشف عن صفات كماله وأظهرها بدلالات قطعية تفصيلية غير متناهــية، فإنّ كل ذرة من ذرات الوجود تدلّ عليها، ولا يتصوّر في العبارات مثل ذلك. ومن ثمة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
والإحصاء يمكن أن يكون بمعنى العلم أو العدّ على سبيل الاستقصاء. وعلى كلا التقديرين الضمير المرفوع أعني أنت مبتدأ والكاف زائدة وكلمة ما موصولة أو موصوفة، واختيارها على كلمة من يأباها وأثنيت على نفسك صلتها أو صفتها كما في قوله:
أنا الذي سمّتني أمي حيدرة
وهذه الجملة خبر للمبتدإ، والمجموع تعليل لعدم علمه صلّى الله عليه وآله وسلّم ثناء عليه تعالى لأنّه إذا أثنى على نفسه كان ثناء غير متناه، فلا يعلم ولا يعدّ، بل لا مناسبة لشيء من العلم والعدّ المذكورين إلّا لله تعالى، أو بمعنى القدرة، والجملة استئنافية كأنه قيل من ثنى حق الثناء وتمامه، ويكون كلمة أنت تأكيد للضمير المجرور في عليك، وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية، والمعنى أنّه لا أقدر على ثناء عليك مثل الثناء الذي أثنيت به، بحذف العائد إلى الموصول أو الموصوف، أو مثل ثنائك بجعل ما مصدرية. ومقصوده عليه السلام من هذا الكلام إظهار العجز عن مثل ثناء الله تعالى على ذاته وسلب المماثلة بين ثنائه قولا أو فعلا وبين ثنائه تعالى على ذاته.
اعلم أنّ الحمد في العرف هو الشكر في اللغة. وهو فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما. قال بعض الصوفية لسان الحمد ثلاث:
اللسان الإنساني واللسان الروحاني واللسان الرباني. أمّا اللسان الإنساني فهو للعوام وشكره به التحدّث لإنعام الله وإكرامه مع تصديق القلب بأداء الشكر. وأمّا اللسان الروحاني فهو للخواصّ وهو ذكر القلب لطائف اصطناع الحق في تربية الأحوال وتزكية الأفعال. وأما اللسان الرباني فهو للعارفين وهو حركة السرّ لقصد شكر الحق جل جلاله بعد إدراكه لطائف المعارف وغرائب الكواشف بنعت المشاهدة والغيبة في القربة واجتناء ثمرة الأنس وخوض الروح في نحو القدس وذوق الأسرار بمباشرة الأنوار.

انفعال وأن ينفعل

الانفعال وأن ينفعل: هما الهيئة الحاصلة للمتأثر عن غيره بسبب التأثير أو لا كالهيئة الحاصلة للمنقطع ما دام منقطعا.
الانقسام العقلي والانقسام الوهمي والانقسام الفرضي؛ فالأول: هو الذي تحصل أجزاؤه بالفعل، وتنفصل الأجزاء بعضها عن بعض؛ والانقسام الوهمي هو الذي يثبته الوهم، وهو متناهٍ؛ لأن الوهم قوة جسمانية، ولا شيء من الوهم يقدر على الأفعال الغير الــمتناهــية، والانقسام الفرضي: هو الذي يثبته العقل، وهو غير متناهٍ؛ لأن العقل مجرد عن المادة والقوة المجردة تقدر على الأفعال الغير الــمتناهــية.

أن يفعل: هو كون الشيء مؤثرًا، كالقاطع ما دام قاطعًا.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.