Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: قرآني

خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ

(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ)
وسأل ابن الأزرق عن قوله تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) .
فقال ابن عباس: طبع عليها، واستشهد بقول الأعشى:
وصهباء طاف يهود بها. . . فابرزها وعليها ختم
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية البقرة 7، فى الذين كفروا: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) .
ومعها آيتا:
الآنعام 46: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) .
والجاثية 23: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) .
ومن المادة جاء الفعل الثلاثى مضارعا فى آيتى: يس 6 (نختم على أفواههم)
والشورى 24: (يختم على قلبك) .
و (رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) فى الأحزاب 40.
ومختوم وختام فى آيتى المطففين فى نعيم أصحاب الجنة
(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) . وتأويلها فى المسألة: طبع على قلوبهم، نحو ما قاله الطبرى فى تأويله. وعلى
ما يبدو من وضوحه وقربه، فيه أن البيان الــقرآني استعمل الطبع على القلب
والقلوب، فى إحدى عشرة آية، سياقها جميعا فيما يطبع الله على قلوب الكفار والمنافقين والمعتدين، وكل متكبر جبار.
ولا يبعد عنه سياق آيات الختم على القلب والقلوب، لكن الكلمة جاءت على أصل معناها القريب في (رحيق مختوم. ختامه مسك) وفى (خاتم النبيين) فلعل فى الختم على القلوب دلالة الإغلاق وغاية الإقفال، منقولا إليها من قولهم: ختمَ الكتاب أنهاه، والأمور بخواتيمها، والله أعلم.
وواضح أن الختم على القلوب، لا يراد به أصل معناه، وإنَّما هو كناية عن
رسوخ الغفلة والضلال، وراء معناه القريب فى الختم. وكذلك الطبع على القلوب كناية عن الدمغ.
ونقل الراغب، قول من ذهبوا فيه إلى أن المعنى القريب من الختم هو المراد
أى: جعل الله ختما على قلوب الكفار، ليكون دلالة للملائكة على كفرهم.
ثم رده، بقوله: وليس ذلك بشيء، فإن هذه الكناية إن كانت محسوسة، فمن حقها أن يدركها أصحابُ التشريح، وإن كانت معقولة غير محسوسة، فالملائكة باطلاعها على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال (المفردات) .
يعني: الاستدلال على كفر الكافرين بعلامة حسية، ختما على قلوبهم.

رَيْبٍ

(رَيْبٍ) :
وسأل ابن الأزرق عن قوله تعالى: (لا ريب فيه) .
فقال ابن عباس: لا شك فيه. وشاهده قول عبد الله بن الزبَعْرى:
ليس فى الحق يا أمامة رَيْب. . . إنما الريبُ ما يقول الكذوبُ
- (تق، ك، ط)
= الكلمة جاءت فى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) بآيات البقرة والسجدة.
وفي (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ) بآيات: آل عمران 9، 25 والنساء87، والأنعام 12، والشورى 7، والجاثية 26.
(وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ) .
و (السَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا) بآيات: الكهف 21 والحج 7، وغافر 59 والجاثية
وجاء (رَيْب) غير منفى، فى آيات: البقرة 23: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) .
الحج 5: (في ريب من البعث) .
الطور 30: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) .
ومعها: (فى ريبهم يترددون) بآية التوبة 45، (ريبة فى قلوبهم) بالتوبة
ومن المادة جاء الفعل من الارتياب تسع مرات، واسم الفاعل (مسرف
مرتاب) بآية غافر، و (مُريب) سبع مرات.
وقد يبدو تفسير الريب بالشك قريبا، لولا أن البيان الــقرآني أتى بالريب وصفا لشك فى (شك مريب) ست مرات، فلفت ذلك إلى فرق بين اللفظين
لا يترادفان، لأن الشيء لا يوصف بنفسه. وفى تأويل الطبرى لقوله تعالى، (إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) :
مريب موجب لصاحبه ما يريبه من مكروه، من قولهم أراب الرجل أتى ريبةً وركب فاحشة، كما
قال الراجز:
يا قوم مالى وأبا ذؤيبِ. . . كنتُ إذا أتيته من غيب
يشم عطفي ويبز ثوبي. . . كأنما أريبه بريب
وذكر الراغب فى الريب معنى التوهم كما ذكر التشكك.
قال: الريب أن تتوهم بالشيء أمرا فينكشف عما تتوهمه، ولذا قال تعالى: (لا ريب فيه) والإرابة إن تتوهم (إن كنتم فى ريب من البعث) وقوله: (ريب المنون) لا أنه مشكك فى كونه، بل من حيث تشككَ فى وقت حصوله. فالإنسان أبدا فى ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه.
والارتياب يجري مجرى الإرابة. وريب الدهر صرفه، لما يُتوهم فيه من المكر، والريبة اسم من الريب، أي تدل على دغل وقلة يقين (المفرات) .
وقال القرطبى: (لا ريب فيه) ، نفى عام ولذلك نصب الريب - وفى الريب ثلاثة معان:
أحدها الشك ومنه قول ابن الزبعرى لم البيت.
وثانيهما التهمة ومنه قول جميل:
بثينةُ قالت يا جميل أربتني. . . فقلت كلانا يا بثينَ مريبُ
وثالثها الحاجة، قال كعب بن مالك الأنصارى:
قضينا من تهامة كل ريب،
فى (مقاييس اللغة، ريب: أصل يدل على شك، أو شك وخوف. . تقول:
رابنى هذا الأمر، إذا أدخل عليك شكا وخوفا. . . وريب الدهر صروفه،
والقياس واحد.
وقال " ابن الأثير" فى الريب: هو بمعنى الشك. وقيل هو الشك مع التهمة،
يقال: رابنى الشيء وأرابنى بمعنى شككنى.
وقيل أرابنى كذا، أي شككنى وأوهمنى الريبة، فإذا استيقنت - يعنى من الاتهام - قلت: رابنى، بغير ألف (النهاية) وعند أبى هلال العسكرى فى الفرق بين الارتياب والشك: أن الارتياب شك مع تهمة، وعُوفَ الشك بأنه استواء الطرفين (الفروق اللغوية) .

لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ

(لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)
وسأل نافع عن قوله تعالى: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) .
فقال ابن عباس: لَتثقُل. واستثهد بقول امرئ القيس:
تمشي فتثقلها عجيزتها. . . مشي الضعيف ينوء بالوسق
، (تق، ك، ط)
بِالَوسْقِ
= الكلمة من آية القصص 76:
(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) . السؤال عن: (تنوء) وحيدة فى القرآن، صيغة ومادة.
فى أضداد الأصمعى (ناء) عن أبي عبيدة، يقال: نؤت بالحمل إذا نهضت به

مثقلاً، وناءنى الحمل إذا أئقلك وغلبك. . . ومنه (ما إن مفاتحه) الآية. وبلفظه فى الأضداد لابن السكيت (ناء) .
وفى الأضداد للسجتانى (ناء) : وقالوا ناء بزيد الحمل إذا ناء زيد بالحمل،
وقال تعالى: (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) والعصبة تنوء بها.
وأبو عبيدة أورد الكلمة فى مجاز ما يُحوَّل الفاعل منه إلى المفعول أو إلى غير
المفعول، قال تعالى (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ) الآية، والعصبة هى التى تنوء بها.
، (مجاز القرآن. 1 / 21)
وهو فى باب المقلوب فى تأويل المشكل لابن قتيبة: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) أي تنهض
بها مثقلة. نقله ابن الأنبارى فى (الأضداد: 8 / 144) ونقل معه قول الفراء - فى معاني القرآن، آية القصص: معناه ما إن مفاتحه لتنىِء العصبة، أي تثقلهم وتميلهم فلماانفتحت التاء سقطت الباء، كما يقولون هو يذهب ببصر فلان، وهو يذهِب بصر فلان. وقال الجوهرى: ناء ينوء نوءًا، نهض بجهد ومشقة وناء:
سقط. وهو من الأضداد (ص: ن وأ) .
وفى (س: ن وأ) نؤت بالحمل نهفت به، وناء بي الحمل: مال بى إلى
السقوط. والمرأة تنوء بعجيزتها. وقال تعالى: (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)
والكلمة فى (مقاييس اللغة) من مهموز مادة نوى. ودلالتها لمحض النهوض مع
ملحظ ثقل.
قال ابن فارس فى مادة نوى: وبالهمز: كلمة تدل على النهوض، ناء
ينوء نوءا: نهض. وكل ناهض بثقل فقد ناء. والمرأة تنوء بها عجيزتها وهى تنوء بها، فالأولى: تثقل بها، والثانية تنهض. . والمناوأة المناهضة (5 / 366) .
فى تأويل الكلمة، أسند الطبرى عن ابن عباس وغيره من أهل التأويل:
(لَتَنُوءُ) لتثقل. ثم قال: وكيف تنوء المفاتح بالعصبة، وإنما العصبة هى التى تنوء بها،
ونقل اختلاف أهل العلم بالعربية فى معناها: فقال بعض البصريين مجاز ذلك نحو: تنوء بها عجيزتها، وإنما توء هى بهاكما ينوء البعير بحمله.
وبعض الكوفيين ينكره. . وقالوا: نوؤها بالعصبة أن تثقلهم، كما قال تعالى: (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) أي آتوني بقطر. . وهذا القول الآخر أوْلَى بالصواب، وإذا وُجه: ما إن العصبة لتنهض بمفاتحه لم يكن فيه دلالة على كثرة كنوزه، على نحوما إذا وُجه إلى أن معناه إذ مفاتحه تُثقل العصبة وتميلها لأنه قد تنهض العصبة بالقليل وبالكثير وإنما قصد جل ثناؤه الخبرَ عن كثرة ذلك. وإذا أريد به الخبر عن كثرته كان قول من قال: لتنوء العصبة بمفاتحه، لا معنى له. هذا مع خلافه تأويل السلف.
وقال القرطبى: أحسن ما قيل فيه: إن المعنى لتنىَء العصبة أي تميلهم بثقلها،
فلما انفتحت التاء دخلت الباء كما قالوا: هو يذهب بالبؤس ويذهب البؤسَ ".
وهو قول الفراء.
وفى البحر المحيط لأبي حيان: قال أبو زيد: نؤت بالحمل إذا نهضت به. .
ويقال: ناء ينوء إذا نهض بثقل.
وقال أبوعبيدة: هو مقلوب، وأصله: لتنوء بها العصبة.
والقلب بابُه الشعرُ، والصحيح أن الباء للتعدية، أي لتنىء العصبةَ،
كما تقول: ذهبت به وأذهبته. .
ونقل هذا عن الخليل وسيبويه والفراء، واختاره النحاس، ورُوِىَ معناه عن ابن عباس وأبى صالح والسدى.
ورده الراغب إلى النوء: سقوط النجم وميله للغروب وقالوا: ناء به الحمل
أثقله وأماله، وناء فلان أثقل فسقط. (المفردت) .
والذى يظهر لنا من إمعان النظر فى أقوالهم، أن: ناء بالحمل بمعنى نهض به
مثقلا، وناء به الحمل أثقله وأعياه وأماله. فكان وجه العدول فى البيان الــقرآني عن لتنوء بها العصبة، إلى (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) تقرير لكونها من الكثرة بحيث يعييهم النهوضً بها. والله أعلم 

لَمْ يَغْنَوْا

{لَمْ يَغْنَوْا}
قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}
قال: لم يعمروا فيها. قال فيه مهلهل:

غَنِيَتْ دارُنا تهامة في الدهـ. . . ـرِ فيها بنو مَعَدَّ حُلَولاَ
وقال فيه لبيد:
وغنيتُ سبتاً قبل مَجْرى داحسٍ. . . لو كان للنفس اللجوج خلودُ
(وق) وفي (تق) كأن لم يكونوا. زاد في (ك، ط) في الدنيا حين عذبوا فيها. والشاهد في الثلاثة بيت لبيد.
الكلمة من آيات:
الأعراف 92: في كفارِ مَدْيِن: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ}
هود 68 في ثمود: {لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ}
هود 95 في مدين: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}
وفي المعنى نفسه، جاءت في مثل الحياة الدنيا بآية يونس 24 {. . . حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}
وفيما عدا هذه الآيات الأربع، جاءت المادة في معنى الغني، نقيض الفقر والحاجة.
تأويل {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} في (وق) : كأن لم يعمروا، أوْلَى من: كأن لم يكونوا. والشائع في: غِنىَ بالمكان، أنه بمعنى أقام. وإليه دهب ابن الأثير في حديث عليًّ كرم الله وجهه: "ورجل سماه الناس عالماً ولم يغن في العلم يوماً سالماً" قال: أي لم يلبث في العلم يوماً تاماً، من قولك: غنيت بالمكان أغنَى، إذا أقمت (النهاية) وهو لا يفيد معنى التعمير وهو صريح في الشاهدين لمهلهل ولبيد.
على أن بين (لم يغنوا) ولم يعمروا أو لم يقيموا، فرقا دقيقا في الدلالة، التفت إليه "الراغب" حين ربط الغنى في المكان بأصل دلالته في نقيض الحاجة والفقر. قال: غنى في المكان بمعنى طال مقامه فيه، مستغنيا به عن غيره (المفردات)
ونضيف إليه ملحظاً آخر من دلالة قرآنيــة خاصة: فالعربية تستعمل غنى بالمكان ولم يغن، إيجاباً ونفياً. ولم تأت الكلمة في القرآن إلا منفية، في خبر ديار ثمود ومدين، وَمَثَل الحياة الدنيا. فكأن القرآن لا يرى مقاماً في الدنيا، يمكن أن يغني أو يستغنى به، وإنما غَرّ ثمودَ ومدينَ مقامهُم بديارهم فأخذتهم الصيحة والرجفة فأصبحوا جاثمين كأن لم يغنوا فيها. وهو السياق في مَثَلِ الحياة الدنيا، {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}
وفي هذا السياق لا تؤدي عُمَّر، وأقام، معنى "غنى" بما تفيد من وهم الغنى والاستغناء فيما نظنه مَغنَى، إذ ليس من شأن الدنيا الفانية أن يكون فيها مغني إلا غروراً ووهماً. والله أعلم

إِيَابَهُمْ

{إِيَابَهُمْ}
قال: يا ابن عباس، أخبرني عن قول الله - عز وجل -: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ}
قال: الإياب المرجع. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول: وكل ذى غيبة يئوب. . . وغائب الموت لا يئوب
وقال الأول: فألقتْ عَصاها واستقر بها النوى. . . كما قَرَّ عيناً بالإياب المسافرُ
(ك، ط) واقتصر في (تق) على الشاهد الأول
= الكلمة من آية الغاشية 25:
{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}
وحيدة الصيغة في القرآن.
ومعها من المادة (مآب) تسع مرات، و (أوَّبى) في آية سبأ 10، و (أوَّاب) مفردا خمس مرات، وجمعا في آية الإسراء 25:
في تفسير سورة الغاشية بصحيح البخاري قال ابن عباس: إيابهم مرجعهم وتأولها الطبري: إن إلينا رجوع من كفر ومعادهم. لم يذكر فها خلافا.
تأويل إيابهم في المسألة بمرجعهم، أوْلى من التأويل برجوعهم، إذ كل إياب ومآب في البيان الــقرآني إنما هو الله وحده. وكذلك صيغتا المرجع والرجعى. وأما صيغة الرجوع فليست من الألفاظ الــقرآنيــة. وكثر مجئ الفعل منها، ماضياً ومضارعاً وأمراً، واسم الفاعلين. . . والرجوع فيها إلى الله تعالى، وإلى غيره: إلى الناس الكفار، وإليهم، إلى قومهم، إلى قومه، إلى طائفة منهم، إلى أبيهم، إلى أمَّك، إلى أنفسهم. . . إلى المدينة، يثرب، إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم. . . إلى الأصنام.
ثم إن المحققين من العلماء، لهم في ترداف الأوب والرجوع نظر: لحظ الراغب أن الأوب ضرب من الرجوع وذلك أن الأوب لا يقال إلا في الحيوان الذي له إرادة، والمآب مصدر منه، والأواب كالتواب، وهو الراجع إلى الله تعالى بترك المعاصي وفعل الطاعات، والتأويب يقال في سير النهار (المفردات) .
ونتدبر سياق الآيات فيهما، فيؤنس إلى قريب مما لحظه الراغب، حيث يأتي الإياب والمآب للخلق، وأما الرجوع فيأتي الفعل غالباً مسنداً إليهم، وإن جاء متعلقاً في آية هود 132 {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} وإلى الأمور في آية البقرة 210: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} ومعها آل عمران 109 والأنفال 45 والحج 86 وفاطر 4 والحديد 5. وآية الطارق {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} .
في (أوب) حكى ابن فارس عن أبي حاتم السحستاني، قال: كان الأصمعي يفسر الشعر الذي فيه ذكرُ الإياب أنه مع الليل، ويحتج بقوله: * تأوَّبنى داء مع الليلِ متصبُ *.
وكذلك يفسر جميع ما في الأشعار. فقلت له: إنما الإياب الرجوع، أىَّ وقتٍ رجع، تقول: قد آب المسافر. فكأنه أراد أن أوضح له فقلت: قول عبيد: وكل ذي غيبة يثوب. . . وغائبُ الموتِ لا يئوبُ
أهذا بالعشى؟ فذهب يكلمني فيه، فقلت: فقول الله - عز وجل -: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} أهذا بالعشىَّ؟ فسكت" قال أبو حاتم، مستدركاً: ولكن أكثر ما يجئ على ما قال، رحمنا الله وإياه".
(مقاييس اللغة: 1 / 153)
وإما (رجع) فعند ابن فارس أن الراء والجيم والعين أصل كبير مطَّرد منقاس يدل على ردًّ وتكرار. تقول: رجع رجوعاً إذا عاد، وراجع امرأتَه ردَّها وهي الرجعة، واسترجع استرد، والترجيع في الصوت ترديده، ومنه رجع الصدى. فأما الرجع فالغيثٌ في قوله - عز وجل -: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} وذلك أنها تغيث وتصٌبّ ثم ترجع فتغيث. . . (المقاييس 2 / 490) .
وأبو هلال العسكري، فرّق بين الرجوع والإياب، بأن الإياب هو الرجوع إلى منتهى القصد، ومنه {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} .
فلعل هذا الفرق في الدلالة، أحسَّه نافع في سؤاله عن الإياب، وليس مرادفا للرجوع، مع دلالة إسلامية للإياب، والمآب والمرجع والرجعى، إلى الله - عز وجل -. وهو سبحانه وتعالى أعلم.

أَبَابِيلَ

{أَبَابِيلَ}
وسأل نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {أَبَابِيلَ}
فقال ابن عباس: ذاهبة وجائية تنقل الحجارة بمنلقيرها، فتبلبل عليهم رءوسهم. ولما سأله نافع: وهل تعرف العرب ذلك؟ أجاب: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
وبالفوارسِ مِن وَرْقاءَ قد عَلِموا. . . أحلاسُ خيلٍ على جردٍ أبابيل
(تق) زاد في (ك، ط) بمناقيرها، وأرجلها. = الكلمة من آية الفيل، في أصحابه:
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} .
وحيدة في القرآن كله.
لا واحد لها من لفظها، وقيل في واحدها: ابالة بالتخفيف وأبَّالة بالتشديد، وأبول وأبابيل كعجول وعجاجيل، وإيبالة كدينار ودنانير (الفراء، والأزهري عنه، وثعلب في شرح ديوان لبيد، والهروى في الغريبين)
وقيل إبَّيل كسكين وسكاكين، قياسا لا سماعا. وأبُّول (القرطبي)
قال أبو عبيدة في مجاز القرآن، وذكر الآية: ولم نر أحداً يجعل لها واحدا (2 / 312)
وفسرها البخاري بمتتابعة مجتمعة، عن مجاهد. قال ابن حجر: وصله الفريابي عنه في قوله: شتى متتابعة (فتح الباري 8 / 516) وقال ثغلب في شرح ديوان لبيد: متفرقة تأتي من كل وجه يتبع بعضها بعضاً.
والعربية كررت الباء واللام فيما فيه ملحظ اضطراب واختلاط، بلبلة الأسِنَّة، أى اختلاطها. وبَلبلَ القومَ: هيَّجهم. ومنه البلبلة في عجمة اللسان واضطراب مسلكه في النطف من اختلاط الألسنة، والبُلبل: للطائر المعروف؛ ينطق مردداً الصوت والنغم دون وعي أو إبانة. وفارقت العربية بين الحيى في البلبلة، والمعنوي في البلبال، للهم الشديد يضكرب له البال من اختلاط الوساوس وكثرة الهواجس. وكل ذلك مما يعطى كلمة "أبابيل" حس البلبلة والبلبال، ثم تأخذ من سياق الآية، مت في شرح ابن عباس من "بلبلة رءوسهم بما تنقل من حجارة".
وإن قصَّرت جملة: تنقل من حجارة عن التعبير الــقرآني: {رْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} وقصَّر الشرحُ: تبلبل عليهم رءوسهم، عن التدمير الساحق الماحق، في قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} . فضلاً عما لا وجه له من تقييد نقل الحجارة بمناقيرها، والآية أطلقت الرمي من قيدٍ بالمناقير، أو بالأرجل كما في (ك، ط) أو بالمخالب. . . والله أعلم.

دِهَاقًا

{دِهَاقًا}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل -: {وَكَأْسًا دِهَاقًا}
قال ابن عباس: ممتلئة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بقول خِداش بن زهير: أتانا عامرّ يرجو قِرَانا. . . فأتْرعنا له كأساًَ دِهاقاً
(ظ، في الروايتين، وفي (تق) : ملاء وفي (ك، ط) : الكأس الخمر، والدهاق الملآن
= الكلمة من آية النبأ 34:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا}
وحيدة في القرآن. صيغة ومادة.
وتفسير دهاق بممتلئة، كما عند الجمهرة من اللغويين والمفسرين، أو مفعمة كما قال "الراغب" في (المفردات) مترعة كما في (الكشاف) على ما يبدو من قربه، يُلحظ معه أن البيان الــقرآني خصَّ {كَأْسًا دِهَاقًا} بذلك المقام في نعيم المتقين بدار الخلد، على كثرة استعماله لمادة ملأ: فعلاً سبع مرات، ومصدراً مرة، واسم فاعل للجمع مرتين.
ويغلب أن تأتي على اختلاف صيغها في سياق خاصّ، كآية الكهف 18 {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
والوعيد كآية آل عمران 91:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}
أو النذير بعذاب المجرمين في جهنم، وما يملئون به بطونهم من طلع شجرة الزقوم، بصريح آيات:
الأعراف 17: خطاباً لإبليس: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}
ومعها آيات: هود 119، السجدة 13، ص 85 ق 30: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}
الواقعة 53: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} ومعها آية الصافات 66
ثم إن العربية تتصرف في مادة (ملأ) على سعة، خلافا للدهق الذي قلما يستعمل إلا في كأس دهاق، وأدهقت الكأس، والحوض. فلعل بين المادتين فرق عموم وخصوص. والله أعلم.

إِمْلَاقٍ

{إِمْلَاقٍ}
وسأل نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}
فقال ابن عباس: مخافة الفقر. واستشهد بقول الشاعر:
وإني على الإملاف ياقوم ماجدٌ. . . أُعِدُّ لأضيافي الشواءَ المصَهبَّا
(تق، ك، ظ)
= الكلمة من آية الإسراء 31:
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}
ومعها آية الأنعام 151:

{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}
وليس في القرآن غيرهما، من المادة.
فسرها البخاري في آية الإسراء بالإنفاق، وقال: يقال: أنفق الرجل أملق، ونفق الشيء ذهب (ك التفسير) قال ابن حجر: كذا ذكره هنا، والذي قاله أبو عبيدة في {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} أي من ذهاب مال. . . وفي قوله تعالى {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} أي فقر (فتح الباري) 8 / 275.
وتفسير الإملاق بالفقر، على ما يبدو من قربه، فيه أن القرآن لم يستعمل الإملاق إلا في هذا الموضع بخاصة، على حين استعمل الفقر والفقير والفقراء اثنتى عشرة مرة، لا يحتمل أن يقوم سياقها بالإملاق، في مثل الصدقات "للفقراءوالمساكين. . . " التوبة 61، البقرة 271، 273 - والفئ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} الحشر 8.
{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} - النور 32. وكذلك في آيات: {بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} - الحج 28.
{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} - فاطر 15 {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} محمد 38.
والعربية تستعمل الملق في غسل الثوب، ورضاع الصغير أمَّه. والمالَقُ ما يملس به الحارثُ الأرضَ المثارة. ومن التلميس جاء الملق بمعنى التلطف، وان تعطي باللسان ما ليس في القلب.
فهل يكون الإملاق بمعنى الإنفاق، يمتص المال كما يملق الصبي أمه؟
"ابن الأثير" يذهب إلى أن الإملاق إنفاقٌ ينفذ به المال، قال: وأصل الإملاق الإنفاق، يقال أملف ما معه إملاقاً، وملقه إذا أخرجه من يده ولم يحبسه، والفقر تابع لذلك، فاستعملوا لفظ السبب في موضع المسبب حتى صار به أشهر. (النهاية)
وعلى هذا، يكون وجه التقريب في تفسير الإملاق بالفقر، أنه إنفاق يئول إلى فقر.
وقد ألمح معه من بعيد، احتمال أن يكون البيان الــقرآني في إيثاره لفظ الإملاق في نهي الآباء عن قتل أولادهم خشية إملاق، قد اتجه إلى لمس عاطفة الأبوة فيهم، بالكلمة التي ألفوا في رضاع الولد الصغير أمه. والله أعلم.

تَفْتَأُ

{تَفْتَأُ}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {تَفْتَأُ}
فقال ابن عباس: لا تزال. وشاهده قول الشاعر:
لعمرك ما تفتأ نذكر خالداً. . . وقد غاله ما غال تُبَّعَ من قَبْلُ
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية يوسف 85 في حديث إخوته لأبيه: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}
وحيدة في القرآن، صيغة ومادة. وتأتي "حرضا" في المسألة (127)
وتفسيرها بمعنى: لا تزال، قاله الفراء كذلك في معاني القرآن (2 / 54) والبخاري في كتاب التفسير (سورة يوسف) وحكاه ابن حجر عن أبي عبيدة. وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ تفتأ، أي لا تفتر عن حبه، وقيل معنى تفتأ تزال، فحذف حرف التفي (فتح الباري) ، (8 / 251)
وقال "الراغب": "خي من أخوات "مازال" تلتقي معها في كزنها مع النفي من أفعال الاستمرار".
والظاهر أن جمهرة النحاة والمفسرين حملوها على تقدير حرف لا محذوف. صرح بذلك نصر الهوريني في حاشيته على القاموس:
قوله: "أي ما تفتأ، كذا في سائر النسخ، والصواب: لا تفتأ، كما قدره جميع النحاة والمفسرين"
ولا نقف هنا عند الخلاف في الحرف المحذوف المقدر: ما تفتأ، أو لا تفتأ، وإنما الذي يعنينا هو تقدير حرف نفي محذوف.
وفي "ير الخوف" بالمبحث من هذا الكتاب، سبق النظر في هذا الحرف الذي قدروه محذوفاً من آية يوسف. حملاً لفعل "تفتأ": على: لا تزال. وهدى التدبر إلى أن "فتئ" تفيد الاستمرار مستغنية عن حرف النفي، فنقول: فتئ يفعل كذا، أي استمر يفعله. وليس الأمر كذلك مع "زال": تفيد الاستمرار بحرف النفي، فإذا زال عنها النفي كانت تامة، وأفادت معنى الزوال والذهاب.
كما في آيات: فاطر 41 وإبراهيم 41، 46
وكقلك برح وانفك، يفيدان الاستمرار مع النفي، فيلحقان بـ: لا زال، فإذا زال عنهما النفي، فهما فعلان تامان على أصل معناهما في البراح والانفكاك. وتظل آية {تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} على وجهها في البيان الــقرآني مفيدة معنى الاستمرار مستغنية عن تقدير حرف نفي محذوف. والله أعلم.

الْمُعْصِرَاتِ

{الْمُعْصِرَاتِ}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}
فقال: السحاب يعصر بعضها بعضاً فيخرج الماء من بين السحابتين.
واستشهد بقول نابغة بني ذبيان:
تَجُرُّ بها الأرواحُ من بينِ شمألٍ. . . وبين صَبَاه بِالمعصراتِ الدوَامِس
(ص، ط، تق)
= الكلمة من آية النبأ 14:
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا}
وحيدة الصيغة في القرآن. وجاء من مادتها:

العَصْر، بمعنى الزمن، في آية العصر.
والعَصْر بمعناه اللغوي في عصر الخمر، بآية يوسف 36:
{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} ومعها آية يوسف 49:
{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}
والإعصار في آية البقرة 266: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} تفسير المعصرات بالسحاب يعصر بعضها بعضاً فيخرج الماء من بين السحابتين، هو من قيبل الشرح، ولا نرى ضرورة لقيد المعصرات بسحابتين بل تكفي دلالتها على ما تعتصر من مطر وما تجود به من عصارة السحب تُخرج حباً ونباتاً وجنات ألفافاً. و"الراغب" لم يحدد سحابتين، بل فسر المعصرات بالسحائب التي تعتصر بالمطر أي تغص، وقيل: التي تأتي بالإعصار (المفردات) .
والعصر في كل صيغة واستعماله، يرجع إلى أصل دلالته على الضغط لاستخلاص العصارة. استعملته العربية حسياً في عصر العنب ونحوه. ومنه {أَعْصِرُ خَمْرًا} على المجاز، والمِعصَرة: آلة العصر، والمَعصَرة: مكانه. والعواصر: ثلاثة أحجار كانوا يعصرون بها العنب. وسميت السحب الممطرة معصرات، لما تعتصر من المطر. وأعصِرَ القوم: أُمطِروا. كما أطلق الإعطار على الريح الشدية تسوق السحب.
وتسمية الدهر عصراً، ملحوظ فيه أنه يستخلص عصارة الإنسان بالضغط والابتلاء والمعاناة. وأخذه "الراغب" من نفاية ما يُعصَر. وليس الوجه. وما نقله في المعصرات من قولٍ بأنها تأتي بالإعصار، لا يؤنس إليه سياق الآية في المنَّ بإخراج الحب والنبات وجنات ألفافاً بالمعصرات، مع الاستعمال الــقرآني لإعصار فيه نار أصاب جنةً من نخيل وأعنبا فاحترقت. كما لا يعين عليه مألوف استعمال العربية للإعصار: الريح العاتية، وللمعصرات: السحب الممطرة.

أَلْفَيْنَا

{أَلْفَيْنَا}
وسأل نافع الأزرق عن معنى قوله تعالى: {مَا أَلْفَيْنَا}
فقال ابن عباس: يعني، وجدنا. واستشهد بقول نابغة بني ذبيان:
فحَسبوه فألفَوْه كما زعمتْ. . . تسعاً وتسعين لم تنقضْ ولم تَزدِ
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية البقرة 170:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}
ومعها آيتا:
الصافات 69: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ}
ويوسف 25: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}
وهذه الثلاث، هي كل ما في القرآن من الكلمة، صيغةَّ ومادة.
وتفسير "ألفينا" بـ: وجدنا، قريب. وكذلك فسرها "الراغب" في (المفردات) في آيتى البقرة ويوسف، وأبو عبيدة في آية البقرة (مجاز القرآن 1 / 63)
ويؤنس إلى هذا القرب بين ألفى ووجد، أن الفعل (وجد) يأتي في مثل هذا السياق: {وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} بآيات: المائدة 104، والأعراف 28، ويونس 78، ولقمان 21. ومعها: الأنبياء 53، والشعراء 74، والزخرف 22، 23.
ولا يفوتنا مع ذلك، أن القرآن لم يستعمل "ألفى" إلا ثلاث مرات، بصيغة واحدة هي الفعل الماضي، على حين كثر استعماله للفعل "وجد": ماضياً ومضارعاً، للمعلوم، وللمجهول.
وفي اللغة، تتصرف العربية في (وجد) فيكون منه الوجد والوجود والوجدان والموجدة، والوجادة في مصطلح الحديث. كما تتصرف فيه مجرداً ومزيداً، مع مشتقاتهما.
ولا نعرف لها مثل هذا التصرف في (ألفى) الذي لا يكاد يأتي إلا بمعنى وجد، رباعباً مزيداً، ومعه لَفَاء، كسحاب، مهموزاً، بمعنى التراب وكل خسيس حقير.
ولابد أن يكون لهذه الفروق الاستعمالية بين وجد وألفى، في البيان الــقرآني وفي اللغة، ملحظ من فرق الدلالة لم أهتد إليه، أو لعلهما من اختلاف اللغات وإن لم أجد فيه نصاً، والله أعلم.

تَحُسُّونَهُمْ

{تَحُسُّونَهُمْ}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {تَحُسُّونَهُمْ}
قال: تقتلونهم بإذنه. واستشهد بقول عتيبة الليثي:
نحسُّهُم بالبِيضِ حتى كأنما. . . نُفلّق منهم بالجماجم حنظلا
(ظ، طب) وفي (تق) تقتلونهم زاد في (ك، ط) بأمر محمد. والشاهد في الثلاثة قول الشاعر:
ومنا الذي لاقى بسيف محمدِ. . . فحَسَّ به الأعداء عرض العساكر
= الكلمة من آية آل عمران 152 في يوم أحد:
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وحيدة في القرآن، من الفعل الثلاثي: حَسَّ
ومن الرباعي آيات:

آل عمران 50: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}
الأنبياء 12: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا}
مريم 98: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}
ومعها {تَحَسَّسُوا} في آية يوسف 87
و {حَسِيسَهَا} في آية الأنبياء 102
والحِسُّ هو أصل المعنى للمادة، وهو المفهوم من قرب في الاستعمال الــقرآني للإحساس والتحسس والحسيس، وإلى الحِسَّ رده "الراغب" فقال: نُقل الحَسّ إلى القتل من قولهم: أحُسُّه بحَسىَّ، نحو رُعته وكبدته. ولما كان ذلك قد يتولد منه القتل، عُبَّر به عنه فقيل: حسسته، أي قتلته (المفردات: حس) وقريب منه، في (جامع القرطبي 4 / 235)
وقد نقل الطبري في تفسير الكلمة بالقتل في آية آل عمران، ما روى عن ابن عباس وغيره.
والقتل كثير الورود في القرآن بصيغ عدة: الفعل الثلاثي ماضياً ومضارعاً وأمرا، ومصدره. والرباعي من القتال ماضياً ومضارعاً وأمرا ومصدراً، ومن التقتيل ماضيا ومضارعا، ومن الاقتتال.
فلفت ذلك إلى فرق في الدلالة بين القتل، والحَسَّ وحيدة الصيغة في القرآن الكريم.
وتدبر سياق الآيات في القتل، على اختلاف الصيغ، يفيد دلالة العموم فيه، إذ يقع على الفرد وعلى الجمع، بالسلاح أو بغيره كما في قتل الأولاد، خشية إملاق، وأداً. وجاء ماضي الثلاثي مبنيا للمجهول، دعاء عليه، من المجاز كالآيات:المدثر 20: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}
عبس 17: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}
الذاريات 10: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ}
البروج 4: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}
والقتل في هذه الآيات، دعاء عليهم.
فهل يكون الحسُّ في الآية بدلالة خاصة على استئصال الجمع قتلا؟ في مجاز أبي عبيدة: "إذ تحسونهم، تستأصلونهم قتلا، يقال حسسناهم عن آخرهم أي استأصلناهم، قال رؤبة:
إذا شكونا سنة حسوسا. . . تأكل بعد الأخضر اليبيسا (1 / 104)
وقال الفراء: الإحساس الوجود، تقول: هل أحسست أحدا، وكذلك "هل تحسة منهم من أحد" ,إذا قلت؛ حسَسْت بغير ألف فهي في معنى الإفناء والقتل (معاني القرآن، آية آل عمران 52) ونقل القرطبي عن أبي عبيد: الحس الاستئصال بالقتل. وأنشد بيت رؤية (الجامع 4 / 235)
ومعناه عند الزمخشري: القتل الذريع (س) وقال ابن هشام بعد رواية ابن إسحاق للظروف العصبية التي لابست نزول آية آل عمران:
"الحس: الاستئصال. يقال حَسسْتُ الشيءَ أي استأصلته بالسيف أو بغيره، قال جرير:
تحَسُّهمُ السيوفُ كما تسامَى. . . حلايقُ النارِ في الأجَمِ الحصيد"
ومعنى الاستئصال واضح في الشاهد، لكنه ليس استئصالا لشيء بالسيف أو بغيره، بل هو استئصال للجمع بالسيوف، بصريح النص.
وكذلك الشاهدان في تفسير ابن عباس، ليس الحَسُّ فيهما مطلقَ قتل، وإنما هو حَس استئصال للأعداء بالبِيضِ، وبسيفِ محمد، عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.

أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا

{أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
وسأل نافع عن معنى قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
فقال ابن عباس: أجدر ألا تميلوا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
إنا اتبعنا رسولَ اللهِ واطَّرحوا. . . قولَ النبي وعالوا في الموازين
(تق، ك، ط)
= الكلمتان من آية النساء 3:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ويأتي الدنو في (القرآن) فعلاً ماضياً ومُضارعاً، واسم فاعل "دان" "ودانية" ومعنى الجدارة في "أدنى" يأتي من دلالة الدنو على القرب. والكلمات الثلاث: أدنى وأجدر، وأقرب، قرآنيــة. وهي متقاربة، وإن كان اختلاف ألفاظها يؤذن باختلاف في المعنى. ولعل الأصل في الأقرب أنه يقابل الأبعد، وفي الأدنى أنه مقابل الأنأى، والأجدرُ بمعنى الأوْلى.
وأما كلمة "تعولوا" فوحيدة الصيغة في القرآن.
وجاء اسم الفاعل في آية الضحى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}
والمصدر في آية التوبة 28: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}
والواوى واليائى منه متقاربان، لتداخلهما فيما يلحق عينهما من إعلال وإبدال. وقيل: أكثر ما يستعمل الواوىُّ في العِولَ والعالة والعويل. واليائىُّ في العَيْلة، من: عال يعيل عيلا وعيلة إذا افتقر، والاسم العيلة. قاله الفراء، (1 / 255) وشاهد اليائي منه بمعنى الفقر، بيتٌ "أحيحة بن الجلاح":
ولا يدري الفقير متى غناه. . . ولا يدري الغني متى يعيل
ونحوه في جامع القرطبي، بالشاهد لأحيحة. وهو اشتقاقه في (القاموس) واستدرك عليه مُحَشَّية فنقل على هامشه: في (شرح الشفا) : "والصحيح ورود العيلة بمعنى العيال".
وتقول في الواوى: "عالَ اليتامى يعولهم فهو عائل وهم عيال. كما تقول في اليائى: يتيم عائل، أي فقير" وفسره الأخفش في الآية، بالفقر (معاني القرآن 2 / 329)
وتفسير العول بالميل، فيما نُقِلَ من قول ابن عباس، على وجه تقريب اشار إليه "الراغب" فقال: ومعنى الجور جاء من ترك النصفة، بأخذ الزيادة: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} - المفردات. وإليه ذهب "أبو عبيدة" قال: أي أقرب ألا تجوروا (مجاز القرآن 1 / 117) واختاره الطبري. فيُفهم الميل، بمعنى الجور ميلا عن الإنصاف.
ولا يفوتنا مع هذا التقريب، ما في دلالة العول من الضيق وثقل العبء على العائل.

نَهَرٍ

{نَهَرٍ}
وسأل نافع عن معنى قوله تعالى: {فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} فقال ابن عباس: النهر السعة، واستشهد بقول "لبيد بن ربيعة".
ملكتُ بها كَفَّى فأنهرتُ فَتْقَها. . . يَرى قائمٌ مِنْ دونِها ما وراءها
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية القمر 54:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}
وجاء نَهَر، واحد الأنهار، مفرداً في آيتى البقرة 249 والكهف 33.
وأما أنهار، جمعاً، فجاء إحدى وخمسين مرة.
ذهب الفراء في آية القمر، أن معنى نهر: أنهار، وهو في مذهبه كقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} . ونقل فيه عن الكسائي أن معنى نهر الكثير. وقيل: في ضياء وسعة وسمع بعض العرب ينشد
*إن تك ليليَّا فإنى نهِر* أي صاحب نهار (معاني القرآن 3 / 111) وهو من شواهد الطبري والقرطبي.
وتفسير ابن عباس النهر في آية القمر بالسعة، منظور فيه، كما قال الراغب في (المفردات) إلى التشبيه بنهر الماء. ويقال: أنهر الماء جرى. وأنهرتُه أجريته.
ويبقى للنهر مع هذه الدلالة المجازية على السعة، ملحظً من خير ونعمة، في حِسَّ العربية للنهر واحد الأنهار، مياها عذبة. ويضفى عليها القرآن معنى البركة والخير في الجنة {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وهو الغالب على الاستعمار الــقرآني. وحين يذكر الأنهار في الدنيا، فعلى وجه المنَّ بنعمته تعالى على عباده: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ} إبراهيم 32
أو على وجه المباهاة بها في الحكاية عن فرعون:
{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} الزخرف 51 وفيما اقترح المشركون على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يأتيهم به من آيات ليؤمنوا بنبوته: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} الإسراء 91
والشاهد من بيت "قيس بن الخطيم" يحتمل معنى السعة فحسب.
وأما في آية القمر: مع جنات للمتقين، فمعنى الفيض من الخير والبركة والنعيم، أولى بالمقام {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}

وَصْف جمع غير العاقل بالمفردة المؤنثة

وَصْف جمع غير العاقل بالمفردة المؤنثة
الأمثلة: 1 - احْتَفَظت بالكتب القديمة 2 - حدائق غَنَّاء 3 - رأيت ذوي القمصان الزَّرقاء 4 - شاركت الدول ذات العلاقة المميزة في المؤتمر 5 - صحائف بيضاء 6 - عيونٌ سَوْدَاء 7 - قَصَائد غَرَّاء 8 - لَه عليَّ أيادٍ بيضاء 9 - مروج خضراء
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم المطابقة بين الصفة والموصوف، وذلك بوصف الجمع بالمفرد.

الصواب والرتبة:
1 - احتفظت بالكتب القديمة [فصيحة]
2 - حدائق غُنّ [فصيحة]-حدائق غَنَّاء [فصيحة]
3 - رأيت ذوي القمصان الزُّرْق [فصيحة]-رأيت ذوي القمصان الزَّرقاء [فصيحة]
4 - شاركت الدول ذات العلاقة المميزة في المؤتمر [فصيحة]-شاركت الدول ذوات العلاقة المميزة في المؤتمر [فصيحة]
5 - صحائف بِيض [فصيحة]-صحائف بيضاء [فصيحة]
6 - عُيونٌ سُود [فصيحة]-عيونٌ سَوْدَاء [فصيحة]
7 - قصائد غُرّ [فصيحة]-قصائد غَرَّاء [فصيحة]
8 - له عليَّ أيادٍ بِيض [فصيحة]-له عليَّ أيادٍ بيضاء [فصيحة]
9 - مروج خُضْر [فصيحة]-مروج خضراء [فصيحة]
التعليق: الأصل في الصفة أن تطابق موصوفها في الإفراد والجمع، وقد وَرَد عن العرب عدم المطابقة بوصف جمع غير العاقل بالمفرد المؤنث، وقد وافق الاستعمال الــقرآني عدم المطابقة في أكثر من آية، كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ} الغاشية/8، حيث وصف كلمة «وجوه» وهي جمع تكسير بالمفرد المؤنث: ناعمة، وكذلك قوله تعالى: {مَآرِبُ أُخْرَى} طه /18، وقوله تعالى أيضًا: {ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} النجم/18، وقوله تعالى أيضًا: {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} النمل/60، وقد اتخذ مجمع اللغة المصري قرارًا بقياسيّة ذلك، حيث أجاز وصف جمع غير العاقل بصيغة «فعلاء» إلى جانب الصيغ الأخرى التي يستسيغها الذوق العربيّ.

تَمَارِين

تَمَارِين
الجذر: م ر ن

مثال: تَمَارِين رياضيَّة
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -تَمَارين رياضيَّة [فصيحة]-تمرينات رياضيَّة [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال الــقرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالِمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض، وقد أورده الأساسيّ.

نِدَاءات

نِدَاءات
الجذر: ن د

مثال: كَثُرت النداءات بوقف العدوان على الفلسطينيين
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -كَثُرت النداءات بوقف العدوان على الفلسطينيين [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال الــقرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض.

لِقَاءات

لِقَاءات
الجذر: ل ق ي

مثال: لِقَاءات إذاعيّة
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -لِقاءات إذاعيَّة [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال الــقرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض، وقد أثبته الأساسي.

مُجْرَيَات

مُجْرَيَات
الجذر: ج ر ي

مثال: مُجْريات الأحداث
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -مُجْرَيَات الأحداث [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال الــقرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالِمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض، وقد أورده الأساسيّ.

مُسَامَرَات

مُسَامَرَات
الجذر: س م ر

مثال: تَجْرِي بيننا مُسَامَرات كثيرة
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -تَجري بيننا مُسامَرات كثيرة [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال الــقرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالِمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.