Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فراق

قصر العَبّاس

قصر العَبّاس:
بن عمرو الغنوي: كان أميرا مشهورا في أيام المقتدر بالله يتولّى أعمال ديار مضر في وزارة ابن الفرات، وأنفذ العباس بن عمرو في أيام المعتضد في سنة 278 إلى البحرين لقتال أبي سعيد الجنّابي فالتقيا فظفر الجنّابيّ وقتل جميع من كان مع العباس وأسر العباس ثم أطلقه ثم ولي عدة ولايات، ومات في سنة 305 وهو يتقلد أمور الحرب بديار مضر، فرتب مكانه وصيف البكتمري فلم يقدر على ضبط العمل فعزل وولي مكانه جنّي الصفواني، وقرأت في كتاب ألفه عميد الدولة أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم الوزير: حدثني أبو الهيجاء بن عمران بن شاهين أمير البطيحة قال: كنت أساير معتمد الدولة أبا المنيع قرواش بن المقلّد ما بين سنجار ونصيبين ثم نزلنا فاستدعاني بعد النزول وقد نزل بقصر هناك مطلّ على بساتين ومياه كثيرة يعرف بقصر العباس بن عمرو الغنوي، فدخلت عليه وهو قائم في القصر يتأمل كتابة على الحائط، فلما وقع بصره عليّ قال: اقرأ ما ههنا، فتأملت فإذا على الحائط مكتوب:
يا قصر عباس بن عم ... رو كيف فارقك ابن عمرك؟
قد كنت تغتال الدّهور ... فكيف غالك ريب دهرك؟
واها لعزك بل لجودك ... بل لمجدك بل لفخرك!
وتحته مكتوب: وكتب علي بن عبد الله بن حمدان بخطه في سنة 331 وهو سيف الدولة، وتحته ثلاثة أبيات:
يا قصر ضعضعك الزّما ... ن وحطّ من علياء فخرك
ومحا محاسن أسطر ... شرفت بهنّ متون جدرك
واها لكاتبها الكري ... م وقدرها الموفي بقدرك!
وتحته: وكتب الغضنفر بن الحسن بن عبد الله بن حمدان بخطه سنة 362، قلت أنا: وهو أبو تغلب
ناصر الدولة ابن أخي سيف الدولة، وتحته مكتوب:
يا قصر ما فعل الألى ... ضربت قبابهم بقعرك؟
أخنى الزمان عليهم ... وطواهم تطويل نشرك
واها لقاصر عمر من ... يحتال فيك وطول عمرك
وتحته مكتوب: وكتب المقلد بن المسيب بن رافع بخطه سنة 388، قلت: هذا والد قرواش بن المقلد أحد أمراء بني عقيل العظماء، وتحت ذلك مكتوب:
يا قصر أين ثوى الكرا ... م الساكنون قديم عصرك؟
عاصرتهم فبددتهم، ... وشأوتهم طرّا بصبرك
ولقد أطال تفجّعي، ... يا ابن المسيّب، رقم سطرك
وعلمت أني لاحق ... بك مدئب في قفي إثرك
وتحته مكتوب: وكتب قرواش بن المقلد سنة 401، قال أبو الهيجاء: فعجبت من ذلك وقلت له متى كتب الأمير هذا؟ قال: الساعة وقد هممت بهدم هذا القصر فإنه مشؤوم إذ دفن الجماعة، فدعوت له بالسلامة وانصرفت ثم ارتحلنا بعد ثلاث ولم يهدم القصر، وبين ما كتب سيف الدولة ومعتمدها سبعون سنة كاملة فعل الزمان بأعيانه ما ترى، قال: وكتب الأمير أبو الهيجاء تحت الجميع:
إنّ الذي قسم المعيشة في الورى ... قد خصّنى بالسير في الآفاق
متردّدا لا أستريح من العنا، ... في كل يوم أبتلى بــفراق

لَعْلَعٌ

لَعْلَعٌ:
بالفتح ثم السكون، واللعلع في لغتهم:
السراب، ولعلع: جبل كانت به وقعة لهم، قال أبو نصر: لعلع ماء في البادية وقد وردته، وقيل:
لعلع منزل بين البصرة والكوفة، وقال العزيزي:
من البصرة إلى عين جمل ثلاثون ميلا وإلى عين صيد ثلاثون ميلا وإلى الأخاديد ثلاثون ميلا وإلى أقر ثلاثون ميلا وإلى سلمان عشرون ميلا وإلى لعلع عشرون ميلا، وقال المسيّب بن علس الضّبعي:
بان الخليط ورفّع الخرق، ... ففؤاده في الحيّ معتلق
منعوا كلامهم ونائلهم ... يوم الــفراق ورهنهم غلق
قطعوا المزاهر واستتبّ بهم ... يوم الرّحيل للعلع طرق
وإلى بارق عشرون ميلا وإلى مسجد سعد أربعون ميلا وإلى المغيثة ثلاثون ميلا وإلى العذيب أربعة وعشرون ميلا وإلى القادسية ستة أميال وإلى الكوفة خمسة وأربعون ميلا.

المُدَيْبِرُ

المُدَيْبِرُ:
تصغير مدبر ضدّ المقبل: موضع قرب الرّقة له ذكر في المازحين فيما تقدّم، قال جرير:
كأنّي بالمديبر بين زكّا ... وبين قرى أبي صفرى أسير
كفى حزنا فراقــهم، وإني ... غريب لا أزار ولا أزور
أجديّ فاشربي بحياض قوم ... عليهم في فعالهم خبير
وينسب إليها زيد بن سيّار التميمي المديبري حرّانيّ، روى عن مساير بن يقظان، ذكره ابن مندة عن علي ابن أحمد الحرّاني.

مَطاميرُ

مَطاميرُ:
جمع مطمورة، وهي حفرة أو مكان تحت الأرض وقد هيّء خفيّا يطمر فيه الطعام أو المال:
اسم قرية بحلوان العراق، منها أبو الجوائز مقدار ابن المختار المطاميري الشاعر، اتّفق حضور مقدار هذا وأبي عبد الله للسّنبسي الشاعر عند سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد بالحلّة فأنشده السّنبسي في عرض المحادثة لنفسه فقال:
فو الله ما أنسى عشيّة بيننا ... ونحن عجال بين ساع وراجع
وقد سلّمت بالطرف منها فلم يكن ... من الرّدّ إلا رجعنا بالأصابع
فعدنا وقد روّى السلام قلوبنا ... ولم يجر منّا في خروق المسامع
ولم يعلم الواشون ما دار بيننا ... من السرّ إلا صحرة في المدامع
فطرب لها سيف الدولة ولم يرضها مقدار، فقال له سيف الدولة: ويلك يا مقدار ما عندك في هذه الأبيات؟ فقال: أقول في هذه الساعة بديها أجود منها، ثم أنشد ارتجالا:
ولما تناجوا بالــفراق غديوة ... رموا كلّ قلب مطمئن برائع
وقفنا فمبد أنّة إثر أنّة ... تقوّم بالأنفاس عوج الأضالع
مواقف تدمي كلّ عشواء ثرّة ... صدوف الكرى إنسانها غير هاجع
أمنّا بها الواشين أن يلهجوا بنا ... فلم نتّهم إلا وشاة المدامع
قال: فازداد سيف الدولة استحسانا لهذه واستدناه منه وأكرمه وجعله من ندمائه. وذات المطامير: بلد بالثغور الشامية له ذكر في كتاب الفتوح في أيام المهدي والمأمون والمعتصم، وذكره في الفتوح كثير، ويقال له المطامير أيضا غير مضاف.

المَقْدِسُ

المَقْدِسُ:
في اللغة المنزه، قال المفسرون في قوله تعالى:
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ 2: 30، قال الزّجاج: معنى نقدس لك أي نطهّر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهّره، قال: ومن هذا قيل للسطل القدس لأنه يتقدّس منه أي يتطهّر، قال:
ومن هذا بيت المقدس، كذا ضبطه بفتح أوله، وسكون ثانيه، وتخفيف الدال وكسرها، أي البيت المقدّس المطهّر الذي يتطهر به من الذنوب، قال مروان:
قل للفرزدق، والسفاهة كاسمها: ... إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس
ودع المدينة إنها محذورة، ... والحق بمكة أو بيت المقدس
وقال قتادة: المراد بأرض المقدس أي المبارك، وإليه ذهب ابن الأعرابي، ومنه قيل للراهب مقدّس، ومنه قول امرئ القيس:
فأدركنه يأخذن بالساق والنّسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدّس
وصبيان النصارى يتبرّكون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه، وفضائل بيت المقدس كثيرة ولا بدّ من ذكر شيء منها حتى يستحسنه المطّلع عليه، قال مقاتل بن سليمان قوله تعالى: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ، 21: 71 قال: هي بيت المقدس، وقوله تعالى لبني إسرائيل: وواعدناكم جانب الطور الأيمن، يعني بيت المقدس، وقوله تعالى: وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين، قال:
البيت المقدس، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى 17: 1، هو بيت المقدس، وقوله تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، البيت المقدس، وفي الخبر: من صلى في بيت المقدس فكأنما صلى في السماء، ورفع الله عيسى بن مريم إلى السماء من بيت المقدس وفيه مهبطه إذا هبط وتزفّ الكعبة بجميع حجّاجها إلى البيت المقدس يقال لها مرحبا بالزائر والمزور، وتزف جميع مساجد الأرض إلى البيت المقدس، أول شيء حسر عنه بعد الطوفان صخرة بيت المقدس وفيه ينفخ في الصور يوم القيامة وعلى صخرته ينادي المنادي يوم القيامة، وقد قال الله تعالى لسليمان بن داود، عليهما السلام، حين فرغ من بناء البيت المقدس:
سلني أعطك، قال: يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي، قال: لك ذلك، قال: يا رب وأسألك أن تغفر لمن جاء هذا البيت يريد الصلاة فيه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولد، قال: لك ذلك، قال: وأسألك من جاء فقيرا أن تغنيه، قال: لك ذلك، قال:
وأسألك من جاء سقيما أن تشفيه، قال: ولك ذلك، وعن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد البيت المقدس، وإن الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة في غيره، وأقرب بقعة في الأرض من السماء البيت المقدس ويمنع الدّجال من دخولها ويهلك يأجوج ومأجوج دونها، وأوصى آدم، عليه السّلام، أن يدفن بها وكذلك إسحاق وإبراهيم، وحمل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها، وأوصى يوسف، عليه السّلام، حين مات بأرض مصر أن يحمل إليها، وهاجر إبراهيم من كوثى إليها، وإليها المحشر ومنها المنشر، وتاب الله على داود بها، وصدّق إبراهيم الرؤيا بها، وكلّم عيسى الناس في المهد بها، وتقاد الجنة يوم القيامة إليها ومنها يتفرّق الناس إلى الجنة أو إلى النار، وروي عن كعب أن جميع الأنبياء، عليهم السلام، زاروا بيت المقدس تعظيما له، وروي عن كعب أنه قال: لا تسمّوا بيت المقدس إيلياء ولكن سموه باسمه فإن إيلياء امرأة بنت المدينة، وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: فلما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله حكما يوافق حكمه وملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك، وعن ابن عباس قال: البيت المقدس بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبيّ أو أقام فيه ملك، وعن أبي ذر قال: قلت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: أيّ مسجد وضع على وجه الأرض أوّلا؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟ قال: البيت المقدس وبينهما أربعون سنة، وروي عن أبيّ بن كعب قال: أوحى الله تعالى إلى داود ابن لي بيتا، قال: يا رب وأين من الأرض؟ قال: حيث ترى الملك شاهرا سيفه، فرأى داود ملكا على الصخرة واقفا وبيده سيف، وعن الفضيل بن عياض قال: لمّا صرفت القبلة نحو الكعبة قالت الصخرة: إلهي لم أزل قبلة لعبادك حتى إذا بعثت خير خلقك صرفت قبلتهم عني! قال: ابشري فإني واضع عليك عرشي وحاشر إليك خلقي وقاض عليك أمري وناشر منك عبادي، وقال كعب: من زار البيت المقدس شوقا إليه دخل الجنة، ومن صلى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا، ومن تصدّق فيه بدرهم كان فداءه من النار، ومن صام فيه يوما واحدا كتبت له براءته من النار، وقال كعب: معقل المؤمنين أيام الدجال البيت المقدس يحاصرهم فيه حتى يأكلوا أوتار قسيّهم من الجوع، فبينما هم كذلك إذ سمعوا صوتا من الصخرة فيقولون هذا صوت رجل شعبان، ينظرون فإذا عيسى بن مريم، عليه السّلام، فإذا رآه الدجال هرب منه فيتلقاه بباب لدّ فيقتله، وقال أبو مالك القرظي في كتاب اليهود الذي لم يغيّر: إن الله تعالى خلق الأرض فنظر إليها وقال: أنا واطئ على بقعتك، فشمخت الجبال وتواضعت الصخرة فشكر الله لها وقال: هذا مقامي وموضع ميزاني وجنتي وناري ومحشر خلقي وأنا ديّان يوم الدين، وعن وهب بن منبّه قال: أمر إسحاق ابنه يعقوب أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين وأن ينكح من بنات خاله لابان ابن تاهر بن أزر وكان مسكنه فلسطين فتوجه إليها يعقوب، وأدركه في بعض الطريق الليل فبات متوسدا حجرا فرأى فيما يرى النائم كأن سلّما منصوبا إلى باب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه وأوحى الله إليه: إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد ورّثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوّة ثم أنا معك حتى تدرك إلى هذا المكان فاجعله بيتا تعبدني فيه أنت وذريتك، فيقال إنه بيت المقدس، فبناه داود وابنه سليمان ثم أخربته الجبابرة بعد ذلك فاجتاز به شعيا، وقيل عزير، عليهما السلام، فرآه خرابا، فقال: أنّي يحيى هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه، كما قص، عزّ وجل، في كتابه الكريم، ثم بناه ملك من ملوك فارس يقال له كوشك، وكان قد اتخذ سليمان في بيت المقدس أشياء عجيبة، منها القبّة التي فيها السلسلة المعلقة ينالها صاحب الحق ولا ينالها المبطل حتى اضمحلت بحيلة غير معروفة، وكان من عجائب بنائه أنه بنى بيتا وأحكمه وصقله فإذا دخله الفاجر والورع تبيّن الفاجر من الورع لأن
الورع كان يظهر خياله في الحائط أبيض والفاجر يظهر خياله أسود، وكان أيضا مما اتخذ من الأعاجيب أن ينصب في زاوية من زواياه عصا آبنوس فكان من مسها من أولاد الأنبياء لم تضرّه ومن مسها من غيرهم أحرقت يده، وقد وصفها القدماء بصفات إن استقصيتها أمللت القارئ، والذي شاهدته أنا منها أن أرضها وضياعها وقراها كلّها جبال شامخة وليس حولها ولا بالقرب منها أرض وطيئة البتة وزروعها على الجبال وأطرافها بالفؤوس لأن الدواب لا صنع لها هناك، وأما نفس المدينة فهي على فضاء في وسط تلك الجبال وأرضها كلها حجر من الجبال التي هي عليها وفيها أسواق كثيرة وعمارات حسنة، وأما الأقصى فهو في طرفها الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود، عليه السّلام، وهو طويل عريض وطوله أكثر من عرضه، وفي نحو القبلة المصلى الذي يخطب فيه للجمعة وهو على غاية الحسن والإحكام مبنيّ على الأعمدة الرخام الملونة والفسيفساء التي ليس في الدنيا أحسن منها لا جامع دمشق ولا غيره، وفي وسط صحن هذا الموضع مصطبة عظيمة في ارتفاع نحو خمسة أذرع كبيرة يصعد إليها الناس من عدة مواضع بدرج، وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة على أعمدة رخام مسقفة برصاص منمّقة من برّا وداخل بالفسيفساء مطبقة بالرخام الملون قائم ومسطح، وفي وسط هذا الرخام قبة أخرى وهي قبة الصخرة التي تزار وعلى طرفها أثر قدم النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وتحتها مغارة ينزل إليها بعدّة درج مبلّطة بالرخام قائم ونائم يصلّى فيها وتزار، ولهذه القبة أربعة أبواب، وفي شرقيها برأسها قبة أخرى على أعمدة مكشوفة حسنة مليحة يقولون إنها قبة السلسلة، وقبة المعراج أيضا على حائط المصطبة وقبة النبي داود، عليه السّلام، كل ذلك على أعمدة مطبق أعلاها بالرصاص، وفيها مغاور كثيرة ومواضع يطول عددها مما يزار ويتبرك به، ويشرب أهل المدينة من ماء المطر، ليس فيها دار إلا وفيها صهريج لكنها مياه رديّة أكثرها يجتمع من الدروب وإن كانت دروبهم حجارة ليس فيها ذلك الدّنس الكثير، وبها ثلاث برك عظام: بركة بني إسرائيل وبركة سليمان، عليه السّلام، وبركة عياض عليها حمّاماتهم، وعين سلوان في ظاهر المدينة في وادي جهنم مليحة الماء وكان بنو أيوب قد أحكموا سورها ثم خرّبوه على ما نحكيه بعد، وفي المثل:
قتل أرضا عالمها وقتلت أرض جاهلها، هذا قول أبي عبد الله محمد بن أحمد بن البنّاء البشّاري المقدسي له كتاب في أخبار بلدان الإسلام وقد وصف بيت المقدس فأحسن فالأولى أن نذكر قوله لأنه أعرف ببلده وإن كان قد تغير بعده بعض معالمها، قال: هي متوسطة الحرّ والبرد قلّ ما يقع فيها ثلج، قال:
وسألني القاضي أبو القاسم عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حرّ ولا برد، فقال: هذه صفة الجنّة، قلت:
بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أنفس منه ولا أعفّ من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها، وكنت يوما في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت: أيّ بلد أجلّ؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أطيب؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أفضل؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أحسن؟ قلت:
بلدنا، قيل: فأيهما أكثر خيرات؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أكبر؟ قلت: بلدنا، فتعجب أهل المجلس من ذلك وقيل: أنت رجل محصّل وقد ادّعيت ما لا يقبل منك وما مثك إلا كصاحب
الناقة مع الحجاج، قلت: أما قولي أجلّ فلأنها بلدة جمعت الدنيا والآخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها، ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها، وأما طيب هوائها فإنه لا سمّ لبردها ولا أذى لحرها، وأما الحسن فلا يرى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها، وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله فيها فواكه الأغوار والسهل والجبل والأشياء المتضادّة كالأترجّ واللوز والرطب والجوز والتين والموز، وأما الفضل فهي عرصة القيامة ومنها النشر وإليها الحشر وإنما فضلت مكة بالكعبة والمدينة بالنبي، صلّى الله عليه وسلّم، ويوم القيامة تزفّان إليها فتحوي الفضل كله، وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها؟ فاستحسنوا ذلك وأقرّوا به، قال: إلا أن لها عيوبا، يقال إن في التوراة مكتوبا بيت المقدس طست من ذهب مملوء عقارب، ثم لا ترى أقذر من حماماتها ولا أثقل مؤنة وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى وفيهم جفاء وعلى الرحبة والفنادق ضرائب ثقال وعلى ما يباع فيها رجّالة وعلى الأبواب أعوان فلا يمكن أحدا أن يبيع شيئا مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار، وليس للمظلوم أنصار، فالمستور مهموم والغني محسود والفقيه مهجور والأديب غير مشهور، ولا مجلس نظر ولا تدريس، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المجلس من الناس والمسجد من الجماعات، وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق، ولها ثمانية أبواب حديد:
باب صهيون وباب النية وباب البلاط وباب جب ارميا وباب سلوان وباب أريحا وباب العمود وباب محراب داود، عليه السّلام، والماء بها واسع، وقيل: ليس ببيت المقدس أكثر من الماء والأذان قلّ أن يكون بها دار ليس بها صهريج أو صهريجان أو ثلاثة على قدر كبرها وصغرها، وبها ثلاث برك عظام: بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض عليها حمّاماتهم لها دواع من الأزقة، وفي المسجد عشرون جبّا مشجّرة قلّ أن تكون حارة ليس بها جبّ مسيل غير أن مياها من الأزقة وقد عمد إلى واد فجعل بركتين تجتمع إليهما السيول في الشتاء وقد شقّ منهما قناه إلى البلد تدخل وقت الربيع فتدخل صهاريج الجامع وغيرها، وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود، طول الحجر عشرة أذرع وأقلّ منقوشة موجّهة مؤلفة صلبة وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرّفوه وكان أحسن من جامع دمشق لكن جاءت زلزلة في أيام بني العباس فطرحته إلّا ما حول المحراب، فلما بلغ الخليفة خبره أراد رده مثلما كان فقيل له:
تعيا ولا تقدر على ذلك، فكتب إلى أمراء الأطراف والقوّاد يأمرهم أن يبني كل واحد منهم رواقا، فبنوه أوثق وأغلظ صناعة مما كان، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حذاء الأعمدة الرخام، وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث، وللمغطى ستة وعشرون بابا: باب يقابل المحراب يسمّى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهّب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد القوّة عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب وعلى اليسار مثلها وفي نحو المشرق أحد عشر بابا سواذج وخمسة عشر رواقا على أعمدة رخام أحدثها عبد الله بن طاهر، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين، وعلى المؤخر أروقة ازاج من الحجارة، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة، والسقوف كلها إلّا المؤخر ملبسة بشقاق الرصاص والمؤخر مرصوف بالفسيفساء الكبار والصحن كله مبلط، وفي وسط الرواق دكة مربعة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من أربع جهاتها بمراق واسعة، وفي الدكة أربع قباب:
قبة السلسلة وقبة المعراج وقبة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وهذه الثلاث الصغار ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام مكشوفة، وفي وسط الدكة قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة من مراقي الدكة، وهي: الباب القبليّ وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء، وهو الذي يفتح إلى المغرب، جميعها مذهبة في وجه كل واحد باب مليح من خشب التّنّوب، وكانت قد أمرت بعملها أمّ المقتدر بالله، وعلى كل باب صفّة مرخمة والتنّوبيّة مطبّقة على الصفرية من خارج، وعلى أبواب الصفّات أبواب أيضا سواذج داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجلّ من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليه أروقة لاطئة داخلة في رواق آخر مستدير على الصخرة على أعمدة معجونة بقناطر مدورة فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيها طاقات كبار والقبة فوق المنطقة طولها غير القاعدة الكبرى مع السّفّود في الهواء مائة ذراع ترى من البعد فوقها سفود حسن طوله قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب وأرض البيت مع حيطانه، والمنطقة من داخل وخارج على صفة جامع دمشق، والقبة ثلاث سافات: الأولى مروّقة على الألواح، والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلا تميلها الرياح، ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعد منها الصّنّاع لتفقدها ورمّها فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورؤيت شيئا عجيبا، وعلى الجملة لم أر في الإسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة، ويدخل المسجد من ثلاثة عشر موضعا بعشرين بابا، منها:
باب الحطّة وباب النبي، عليه الصلاة والسلام، وباب محراب مريم وباب الرحمة وباب بركة بني إسرائيل وباب الأسباط وباب الهاشميين وباب الوليد وباب إبراهيم، عليه السلام، وباب أمّ خالد وباب داود، عليه السّلام، وفيه من المشاهد محراب مريم وزكرياء ويعقوب والخضر ومقام النبي، صلى الله عليه وسلم، وجبرائيل وموضع المنهل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه وليس على الميسرة أروقة، والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي وإنما ترك هذا البعض لسبين أحدهما قول عمر: واتخذوا في غربي هذا المسجد مصلّى للمسلمين، فتركت هذه القطعة لئلا يخالف، والآخر لو مدّ المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك، والله أعلم، وطول المسجد ألف ذراع بالذراع الهاشمي، وعرضه سبعمائة ذراع، وفي سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السقوف خمسة وأربعون ألف شقة رصاص، وحجم الصخرة ثلاثة وثلاثون ذراعا في سبعة وعشرين، وتحت الصخرة مغارة تزار ويصلّى فيها تسع مائة وستين نفسا، وكانت وظيفته كل شهر مائة دينار، وفي كل سنة ثمانمائة ألف ذراع حصرا، وخدّامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمّون الأخماس لا يخدمه غيرهم ولهم نوب يحفظونها، وقال المنجمون:
المقدس طوله ست وخمسون درجة، وعرضه ثلاث وثلاثون درجة، في الإقليم الثالث، وأما فتحها في أول الإسلام إلى يومنا هذا فإن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنفذ عمرو بن العاص إلى فلسطين ثم نزل البيت المقدس فامتنع عليه فقدم أبو عبيدة بن الجرّاح
بعد أن افتتح قنّسرين وذلك في سنة 16 للهجرة فطلب أهل بيت المقدس من أبي عبيدة الأمان والصلح على مثل ما صولح عليه أهل مدن الشام من أداء الجزية والخراج والدخول فيما دخل فيه نظراؤهم على أن يكون المتولّي للعقد لهم عمر بن الخطاب، فكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر فقدم عمر ونزل الجابية من دمشق ثم صار إلى بيت المقدس فأنفذ صلحهم وكتب لهم به كتابا وكان ذلك في سنة 17، ولم تزل على ذلك بيد المسلمين، والنصارى من الروم والأفرنج والأرمن وغيرهم من سائر أصنافهم يقصدونها للزيارة إلى بيعتهم المعروفة بالقمامة وليس لهم في الأرض أجلّ منها، حتى انتهت إلى أن ملكها سكمان بن أرتق وأخوه ايلغازي جدّ هؤلاء الذين بدياربكر صاحب ماردين وآمد، والخطبة فيها تقام لبني العباس، فاستضعفهم المصريون وأرسلوا إليهم جيشا لا طاقة لهم به، وبلغ سكمان وأخاه خبر ذلك فتركوها من غير قتال وانصرفوا نحو العراق، وقيل: بل حاصروها ونصبوا عليها المجانيق ثم سلموها بالأمان ورجع هؤلاء إلى نحو المشرق، وذلك في سنة 491، واتّفق أن الأفرنج في هذه الأيام خرجوا من وراء البحر إلى الساحل فملكوا جميع الساحل أو أكثره وامتدوا حتى نزلوا على البيت المقدّس فأقاموا عليها نيفا وأربعين يوما ثم ملكوها من شماليها من ناحية باب الأسباط عنوة في اليوم الثالث والعشرين من شعبان سنة 492 ووضعوا السيف في المسلمين أسبوعا والتجأ الناس إلى الجامع الأقصى فقتلوا فيه ما يزيد على سبعين ألفا من المسلمين وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا فضّة كل واحد وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم فضّة وتنّور فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأموالا لا تحصى، وجعلوا الصخرة والمسجد الأقصى مأوى لخنازيرهم، ولم يزل في أيديهم حتى استنقذه منهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 583 بعد إحدى وتسعين سنة أقامها في يد الأفرنج وهي الآن في يد بني أيوب، والمستولي عليهم الآن منهم الملك المعظم عيسى ابن العادل أبي بكر بن أيوب، وكانوا قد أحكموا سوره وعمّروه وجوّدوه، فلما خرج الأفرنج في سنة 616 وتملّكوا دمياط استظهر الملك المعظم بخراب سوره وقال: نحن لا نمنع البلدان بالأسوار إنما نمنعها بالسيوف والأساورة، وهذا كاف في خبرها وليس كلّ ما أجده أكتبه ولو فعلت ذلك لم يتسع لي زماني، وفي المسجد أماكن كثيرة وأوصاف عجيبة لا تتصوّر إلا بالمشاهدة عيانا، ومن أعظم محاسنه أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه يرى أن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها، ولذا قيل إن الله نظر إليه بعين الجمال ونظر إلى المسجد الحرام بعين الجلال:
أهيم بقاع القدس ما هبّت الصّبا، ... فتلك رباع الأنس في زمن الصّبا
وما زلت في شوقي إليها مواصلا ... سلامي على تلك المعاهد والرّبى
والحمد لله الذي وفّقني لزيارته، وينسب إلى بيت المقدس جماعة من العبّاد الصالحين والفقهاء، منهم:
نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود أبو الفتح المقدسي الفقيه الشافعي الزاهد أصله من طرابلس وسكن بيت المقدس ودرّس بها وكان قد سمع بدمشق من أبي الحسن السمسار وأبي الحسن محمد بن عوف وابن سعدان وابن شكران وأبي القاسم وابن الطبري، وسمع بآمد هبة الله بن سليمان وسليم بن أيوب بصور وعليه تفقّه وعلى محمد بن البيان الكازروني، وروى عنه أبو بكر الخطيب وعمر بن عبد الكريم
الدهستاني وأبو القاسم النسيب وأبو الفتح نصر الله اللاذقي وأبو محمد بن طاووس وجماعة، وكان قدم دمشق في سنة 71 في نصف صفر ثم خرج إلى صور وأقام بها نحو عشر سنين ثم قدم دمشق سنة 80 فأقام بها يحدث ويدرّس إلى أن مات، وكان فقيها فاضلا زاهدا عابدا ورعا أقام بدمشق ولم يقبل لأحد من أهلها صلة، وكان يقتات من غلة تحمل إليه من أرض كانت له بنابلس وكان يخبز له منها كل يوم قرص في جانب الكانون، وكان متقلّلا متزهدا عجيب الأمر في ذلك، وكان يقول: درست على الفقيه سليم من سنة 37 إلى سنة 40 ما فاتني فيها درس ولا إعادة ولا وجعت إلا يوما واحدا وعوفيت، وسئل كم في ضمن التعليقة التي صنّفها من جزء، فقال:
نحو ثلاثمائة جزء وما كتبت منها حرفا وأنا على غير وضوء، أو كما قال، وزاره تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان يوما فلم يقم إليه وسأله عن أحلّ الأموال السلطانية فقال: أموال الجزية، فخرج من عنده وأرسل إليه بمبلغ من المال وقال له: هذا من مال الجزية، ففرّقه على الأصحاب ولم يقبله وقال: لا حاجة لنا إليه، فلما ذهب الرسول لامه الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد وقال له: قد علمت حاجتنا إليه فلو كنت قبلته وفرّقته فينا، فقال: لا تجزع من فوته فلسوف يأتيك من الدنيا ما يكفيك فيما بعد، فكان كما تفرّس فيه، وذكر بعض أهل العلم قال: صحبت أبا المعالي الجويني بخراسان ثم قدمت العراق فصحبت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة الجويني، ثم قدمت الشام فرأيت الفقيه أبا الفتح فكانت طريقته أحسن من طريقتهما جميعا، وتوفي الشيخ أبو الفتح يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة 490 بدمشق ودفن بباب الصغير، ولم تر جنازة أوفر خلقا من جنازته، رحمة الله عليه، ومحمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل المقدسي الحافظ ويعرف بابن القيسراني، طاف في طلب الحديث وسمع بالشام وبمصر والعراق وخراسان والجبل وفارس، وسمع بمصر من الجبّاني وأبي الحسن الخلعي، قال: وسمعت أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أحفظ من رائيّة محمد ابن طاهر ما هو هذا:
إلى كم أمنّي النفس بالقرب واللّقا ... بيوم إلى يوم وشهر إلى شهر؟
وحتّام لا أحظى بوصل أحبّتي ... وأشكو إليهم ما لقيت من الهجر؟
فلو كان قلبي من حديد أذابه ... فراقــكم أو كان من صالب الصخر
ولمّا رأيت البين يزداد والنّوى ... تمثّلت بيتا قيل في سالف الدهر:
متى يستريح القلب، والقلب متعب، ... ببين على بين وهجر على هجر؟
قال الحافظ: سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني الحافظ ببغداد يذكر أن أبا الفضل ابتلي بهوى امرأة من أهل الرستاق كانت تسكن قرية على ستة فراسخ فكان يذهب كل ليلة فيرقبها فيراها تغزل في ضوء السراج ثم يرجع إلى همذان فكان يمشي كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا، ومات ابن طاهر ودفن عند القبر الذي على جبلها يقال له قبر رابعة العدوية وليس هو بقبرها إنما قبرها بالبصرة وأما القبر الذي هناك فهو قبر رابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري الكاتب وقد اشتبه على الناس.

مِيمَنْدُ

مِيمَنْدُ:
بكسر الميم الأولى، وفتح الأخرى، ونون، ودال مهملة: رستاق بفارس، وبنواحي غزنة أيضا ميمند، وإلى هذه ينسب الميمندي وزير السلطان محمد بن سبكتكين وهو أبو الحسن علي بن أحمد، وقال أبو بكر العيدي يهجوه:
يا عليّ بن أحمد لا اشتياقا، ... وأنا المرء لا أحبّ النّفاقا
لم أزل أكره الــفراق إلى أن ... نلته منك فارتضيت الــفراقــا
حسبنا بالخلاص منك نجاحا، ... وكفى بالنجاة منك خلاقا

نجد كَبْكَب

نجد كَبْكَب:
بتكرير الكاف والباء، طريق كبكب:
هو الجبل الأحمر الذي تجعله خلف ظهرك إذا وقفت بعرفة، وقد ذكر في كبكب، قال امرؤ القيس:
فلله عينا من رأى من تفرّق ... أشدّ وأنأى من فراق المحصّب
فريقان منهم قاطع بطن نخلة، ... وآخر منهم جازع نجد كبكب

نهرُ عيسى

نهرُ عيسى:
بن عليّ بن عبد الله بن العباس: وهي 21- 5 معجم البلدان دار صادر
كورة وقرى كثيرة وعمل واسع في غربي بغداد يعرف بهذا الاسم ومأخذه من الفرات عند قنطرة دممّا ثم يمرّ فيسقي طسوج فيروز سابور حتى ينتهي إلى المحوّل ثم تتفرع منه أنهار تتخرق مدينة السلام ثم يمر بالياسرية ثم قنطرة الرومية وقنطرة الزياتين وقنطرة الأشنان وقنطرة الشوك وقنطرة الرّمّان وقنطرة المغيض عند الأرحاء ثم قنطرة البستان ثم قنطرة المعبدي ثم قنطرة بني زريق ثم يصب في دجلة عند قصر عيسى بن علي، وكان عند كل قنطرة سوق يعرف بها، والآن ليس من ذلك كله غير قنطرة الزياتين وقنطرة البستان وتعرف بقنطرة المحدّثين، وهو نهر على متنزهات وبساتين كثيرة، وقد قالت فيه الشعراء فأكثروا، فمن ذلك قال الحسن بن علي الشاتاني الموصلي: قال لي القاضي نجم الدين ابن السّهروردي قاضي الموصل: دخل عليّ شابّ من أهل بغداد وأنشدني:
في نهر عيسى والهواء معنبر، ... والماء فضّيّ القميص صقيل
والطير إما هاتف بقرينه، ... أو نادب يشكو الــفراق ثكول
وعرائس السرّ التحفن بسندس، ... ورقصن فارتفعت لهن ذيول
ثم قال لي: اعمل على وزنها ما يشاكلها، فعملت:
والغصن مهزوز القوام كأنها ... دارت عليه من الشّمال شمول
والدهر كالليل البهيم وأنتم ... غرر تنير ظلامه وحجول
نبّه بني اللذّات واهتف فيهم ... بتيقظ: إن المقام قليل
وقال أبو الحسن علي بن معمّر الواسطي متأخر مات في رمضان سنة 609:
يا نهر عيسى إلى عيسى نسبت وما ... نسبت إلا بتحقيق وإيضاح
فإنه بك إحياء القلوب كما ... عيسى المسيح به إحياء أرواح

نَيْرَبُ

نَيْرَبُ:
بالفتح ثم السكون، وفتح الراء، وباء موحدة، وهو الحقد والحسد، في موضعين: قرية مشهورة بدمشق على نصف فرسخ في وسط البساتين أنزه موضع رأيته يقال فيه مصلّى الخضر، عليه السّلام، ينسب إليه أبو محمد عبد الهادي بن عبد الله الرومي النيربي كان اسمه خليعا فلما عتق سمي بعيد الهادي، سمع أبا طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنّائي، ذكره أبو سعد في شيوخه، وكان حيّا سنة 505، وقد ذكرها أبو المطاع وجيه الدولة بن حمدان في شعر له وسماها النيربين بلفظ التثنية فقال:
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها، ... فلي بجنوب الغوطتين شجون
فما ذكرتها النفس إلا استخفّني ... إلى برد ماء النيربين حنين
وقد كان شكّي للــفراق يروعني، ... فكيف يكون اليوم وهو يقين؟

بَيْتُ الأحْزَان

بَيْتُ الأحْزَان:
جمع حزن ضدّ الفرح: بلد بين دمشق والساحل، سمي بذلك لأنهم زعموا أنه كان مسكن يعقوب، عليه السلام، أيام فراقــه ليوسف، عليه السلام، وكان الأفرنج عمّروه وبنوا به حصنا حصينا، قال النشو بن نقادة:
هلاك الفرنج أتى عاجلا، ... وقد آن تكسير صلبانها
ولو لم يكن قد أتى حينها ... لما عمّرت بيت أحزانها
فنزل عليه الملك الناصر يوسف بن أيوب في سنة 575 ففتحه وأخربه، فقال أبو الحسن علي بن محمد الساعاتي الدمشقي:
أيسكن أوطان النبيين عصبة ... تمين لدى أيمانها، حين تحلف؟
نصحتكم، والنّصح في الدين واجب: ... ذروا بيت يعقوب فقد جاء يوسف

حَظْر عن

حَظْر عن
الجذر: ح ظ ر

مثال: حَظْر البترول عن بعض الدول
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «عن» بدلاً من حرف الجر «على».

الصواب والرتبة: -حَظْر البترول على بعض الدول [فصيحة]-حَظْر البترول عن بعض الدول [صحيحة]
التعليق: جاء في المعاجم: حظر الشيء على فلان: حال بينه وبين ذلك الشيء. ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومن الأمثلة على نيابة «عن» عن حرف الجر «على» قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38، قال القرطبي: أي على نفسه، وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت فراقــها وصبرت عنها
وقول ابن عبد ربه: «نسمع بعض كلامهم، ويخفى عنا بعضه»، وقول صاحب اللسان: «أغضى عنه طرفَه
... »؛ ومن ثمَّ يمكن تصحيح المثال الثاني على تضمين الفعل «حظر» معنى الفعل «منع» الذي يتعدى بحرف الجر «عن».

حَتْمًا مَقْضِيًّا

{حَتْمًا مَقْضِيًّا}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {حَتْمًا مَقْضِيًّا} ما الحتم؟
فقال ابن عباس: الحتم الواجب، واستشهد بقول أمية: عبادُك يخطئون وأنا ربُّ. . . بِكَفَّيْكَ المنايا والحتوم
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية مريم 71:
{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}
وحيدة في القرآن، صيغة ومادة.
في تأويل الطبري: قضاء مقضيا.
وقيل قسما واجباً. وقال القرطبي: الحتم إيجاب القضاء
وفسرها ابن الأثير كذلك، باللازم الواجب الذي لابد من فعله، (النهاية) .
وذهب ابن فارس، بأكثر ظنَّ، إلى أن الحتم من إبدال التاء من الكاف، لما فيه من إحكام الشيء (المقاييس 2 / 134) .
والأقوال في تأويل الكلمة في الآية، متقاربة. وفي الوجوب، ملحظ من دلالة اللفظ على القطع والحسم، وقد استعملته العربية في القضاء وإيجابه، والحاتم: القاضي، كما استعملته في القضاء المحتوم، وسمَّت غراب البين حاتماً لنذيره بحتم الــفراق. ثم لا يبلغ تأويل الكلمة القرآنية بأي قول فيها، ما يعيطه صريح نصها في إيجابه {عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} . والله أعلم.

عن بَكْرَة

عن بَكْرَة
الجذر: ب ك ر

مثال: حَضَروا عن بَكْرة أبيهم
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «عن» بدلاً من حرف الجر «على».
المعنى: جميعًا، لم يتخلف منهم أحد

الصواب والرتبة: -حضروا على بَكْرة أبيهم [فصيحة]-حضروا عن بَكْرة أبيهم [صحيحة]
التعليق: الوارد في المراجع: على بكرة أبيهم، وهو مثلٌ يراد به الكثرة وحضور الجميع دون أن يتخلف أحد، ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومن الأمثلة على نيابة «عن» عن حرف الجر «على» قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38، قال القرطبي: أي على نفسه، وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت فراقــها وصبرت عنها
وقول ابن عبد ربه: «نسمع بعض كلامهم، ويخفى عنا بعضه»، وقول صاحب اللسان: «أغضى عنه طرفَه
... »، وكذلك تضمين الفعل معنى فعل آخر، كتضمين الفعل «حَظَرَ» معنى الفعل «مَنَعَ»، وقد أثبتت بعض المراجع الحديثة التعبير المرفوض المتعدي بـ «عن» إنابة لـ «عن» مناب «على».

لاحظَ عن

لاحظَ عن
الجذر: ل ح ظ

مثال: لاحَظَ عنه أشياء غريبة
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «عن» بدلاً من حرف الجر «على».
المعنى: أخذ عليه

الصواب والرتبة: -لاحظَ عليه أشياء غريبة [فصيحة]-لاحظَ عنه أشياء غريبة [صحيحة]
التعليق: أوردت المعاجم الحديثة «لاحظ» متعديًا بـ «على» لهذا المعنى، ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر؛ فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومن الأمثلة على نيابة «عن» عن حرف الجر «على» قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38، قال القرطبي: أي على نفسه، وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت فراقــها وصبرت عنها
وقول ابن عبد ربه: «نسمع بعض كلامهم، ويخفى عنا بعضه»، وقول صاحب اللسان: «أغضى عنه طرفَه
... »؛ وبذا يصح الاستعمال المرفوض.

نَمَّ عن

نَمَّ عن
الجذر: ن م م

مثال: نَمَّ كلامه عن حزن عميق
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «عن» بدلاً من حرف الجر «على».
المعنى: دَلَّ

الصواب والرتبة: -نَمَّ كلامه على حزن عميق [فصيحة]-نَمَّ كلامه عن حزن عميق [صحيحة]
التعليق: الفعل «نَمَّ» بمعنى «دَلَّ»، يُعَدَّى بـ «على»؛ ففي أساس البلاغة: «ومن المجاز: » نَمَّت على المسك رائحتُه «، وفي التاج: » النَّمَّام: نَبْتٌ طيِّبُ الريح، سُمّيَ بذلك لسطوع رائحته، فينمُّ على حامله «، ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): » الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله «. وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومن الأمثلة على نيابة» عن «عن حرف الجر» على «قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38، قال القرطبي: أي على نفسه، وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت فراقــها وصبرت عنها
وقول ابن عبد ربه: » نسمع بعض كلامهم، ويخفى عنا بعضه «، وقول صاحب اللسان: » أغضى عنه طرفَه
... «؛ ومن ثمَّ يمكن تصحيح تعدية الفعل» نمَّ «بـ» عن «على تضمينه معنى الفعل» كشف «، وقد أورده الأساسي متعديًا بـ» عن" بعد أن شاع ذلك في لغة المعاصرين كتوفيق الحكيم، ومحمود تيمور، وميخائيل نعيمة، والزيات.

نِيَابَة حرف الجرّ «عن» عن حرف الجرّ «على»

نِيَابَة حرف الجرّ «عن» عن حرف الجرّ «على»
الأمثلة: 1 - تابَ اللَّهُ عنك 2 - تَقَوَّلَ عنه قولَ الزور 3 - حَضَروا عن بَكْرة أبيهم 4 - حَظْر البترول عن بعض الدول 5 - لاحظَ عنه أشياء غريبة 6 - نَمَّ كلامه عن حزن عميق
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «عن» بدلاً من حرف الجر «على».

الصواب والرتبة:
1 - تَابَ اللَّهُ عليك [فصيحة]-تَابَ اللَّهُ عنك [صحيحة]
2 - تَقَوَّلَ عليه قولَ الزور [فصيحة]-تَقَوَّلَ عنه قولَ الزور [صحيحة]
3 - حضروا على بَكْرة أبيهم [فصيحة]-حضروا عن بَكْرة أبيهم [صحيحة]
4 - حَظْر البترول على بعض الدول [فصيحة]-حَظْر البترول عن بعض الدول [صحيحة]
5 - لاحظَ عليه أشياء غريبة [فصيحة]-لاحظَ عنه أشياء غريبة [صحيحة]
6 - نَمَّ كلامه على حزن عميق [فصيحة]-نَمَّ كلامه عن حزن عميق [صحيحة]
التعليق: أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومن الأمثلة على نيابة «عن» عن حرف الجر «على» قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38، قال القرطبي: أي على نفسه، وقول الشاعر الجاهلي:
يزيد نبالة عن كل شيء
وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت فراقــها وصبرت عنها
وقول ابن عبد ربه: «نسمع بعض كلامهم، ويخفى عنا بعضه»، وقول صاحب اللسان: «أغضى عنه طرفَه
... »؛ ومن ثَمَّ يمكن تصحيح الأمثلة المرفوضة.

أبرى

(أبرى) الْجمل وَغَيره جعل فِي أَنفه الْبرة
(أبرى) الشَّيْء أَصَابَهُ البرى
(باراه) فِي الْأَمر مباراة عَارضه فِيهِ وَفعل مثل فعله و (فِي الرياضة الْبَدَنِيَّة) نافسه (مج) وَامْرَأَته صالحها على الْــفِرَاق (انْظُر برأَ)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.