Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فاطمة

وَحِشَ

(وَحِشَ)
(هـ) فِيهِ «كَانَ بَيْن الأوْس والخَزْرَج قِتالٌ، فَجاء النبيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، فلمَّا رَآهُم نَادَى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ» الْآيَاتِ، فَوَحَّشُوا بأسْلِحَتِهم، واعْتَنَق بَعْضُهم بَعْضاً» أَيْ رموها. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّهُ لَقِيَ الخَوارِج فَوَحَّشُوا بِرمَاحِهم واسْتَلُّوا السُّيوف» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ لِرسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتَمٌ مِنْ ذَهَب، فَوَحَّشَ بيْن ظَهْرَانَيْ أصْحابِه، فَوَحَّشَ النّاسُ بِخَواتِيمهم» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ أتاهُ سَائلٌ فَأَعْطَاهُ تَمْرةً فَوَحَّشَ بِهَا» .
(هـ) وَفِيهِ «لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَام» يُقَالُ: رَجُلٌ وَحْشٌ، بِالسُّكُونِ، مِن قَومٍ أَوْحَاشٌ، إِذَا كَانَ جَائِعًا لَا طَعَامَ لَه، وَقَدْ أَوْحَشَ، إِذَا جَاعَ، وتَوَحَّشَ للدَّواء، إِذَا احْتَمَى لَهُ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرمِذيِّ «لَقَدْ بِتْناَ لَيْلَتَنا هَذِهِ وَحْشَى» كَأَنَّهُ أَرَادَ جَماعِةً وَحْشىَ .
(هـ) وَفِيهِ «لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ المعرُوف؛ وَلَوْ أنْ تُؤنِسَ الْوَحْشَانَ» الْوَحْشَانُ: المُغْتَمُّ وقومٌ وَحَاشَى، وهُو فَعْلان، مِنَ الْوَحْشَةِ: ضِدُّ الأُنْس. والْوَحْشَةُ: الخَلْوَة والهَمّ. وأَوْحَشَ المكانُ، إِذَا صَارَ وَحْشاً. وَكَذَلِكَ تَوَحَّشَ. وَقَدْ أَوْحَشْتُ الرَّجُلَ فَاسْتَوْحَشَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأرضِ وَحْشاً» أَيْ وحْدَه لَيْسَ مَعه غَيْرُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «أَنَّهَا كَانَتْ فِي مكانٍ وَحْشٍ، فخِيفَ عَلَى ناحِيتَها» أَيْ خَلاءً لَا سَاكِنَ بِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَدِينَةِ «فيَجِدَانِها وَحْشاً» كَذَا جَاء فِي رِواية مُسْلم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «وسُئل عَنِ المَرأة وهي في وَحْشٍ من الأرض» . (س) وَفِي حَدِيثِ النَّجاشيِّ «فنَفَخَ فِي إحْليلِ عُمَارة فاسْتَوْحش» أَيْ سُحِر حَتى جُنّ، فصَار يَعْدو مَع الوَحْش فِي البَرِّيَّة حَتَّى مَات.
وَفِي رِوَايَةٍ «فَطار مَعَ الوحْش» .

الجَرُّ

الجَرُّ:
بالفتح، والتشديد، وهو في الأصل الجبل عين الجر: جبل بالشام من ناحية بعلبكّ. والجر أيضا: موضع بالحجاز في ديار أشجع، كانت فيه بينهم وبين بني سليم بن منصور وقعة قال الراعي:
ولم يسكنوها الجرّ حتى أظلّها ... سحاب من العوّا تثوب غيومها
والجر أيضا: موضع بأحد، وهو موضع غزوة النبيّ، صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن الزّبعرى:
أبلغا حسّان عني مألكا، ... فقريض الشعر يشفي ذا الغلل
كم ترى بالجرّ من جمجمة ... وأكفّ قد أترّت ورجل
وسرابيل حسان سرّيت ... عن كماة، أهلكوا في المنتزل
وقال الحجاج بن علاط السلمي يمدح عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار صاحب لواء المشركين يوم أحد:
لله أيّ مذبّب عن حرمة! ... أعني ابن فاطمة المعمّ المخولا
سبقت يداك له بعاجل طعنة، ... تركت طليحة للجبين مجدّلا
وشددت شدّة باسل، فكشفتهم ... بالجرّ إذ يهوون أخول أخولا
الجَرُّ: الجَذْبُ،
كالاجْتِرارِ والاجْدِرارِ والاسْتِجْرارِ والتَّجْرِيرِ،
وع بالحِجازِ في دِيارِ أشْجَعَ،
وعينُ الجَرِّ: د بالشامِ، وجمعُ الجَرَّةِ من الخَزَفِ،
كالجِرارِ،
وـ: أصْلُ الجَبَلِ، أو هو تَصْحيفٌ للفَرَّاءِ، والصَّوابُ: الجُراصِلُ، كعُلابِطٍ: الجَبَلُ،
وـ: الوَهْدَةُ من الأرضِ،
وـ: جُحْرُ الضَّبُعِ والثَّعْلَبِ، والزَّبيلُ، وشيءٌ يُتَّخَذُ من سُلاخَةِ عُرْقوبِ البعيرِ، وتَجْعَلُ المرأةُ فيه الخَلْعَ، ثم تُعَلِّقُه من مُؤَخَّرِ عِكْمِها، فَيَتَذَبْذَبُ أبداً،
وـ: حَبْلٌ يُشَدُّ في أداةِ الفَدَّانِ، والسَّوْقُ الرُّوَيْدُ، وأن تَرْعَى الإِبِلُ وتَسير، أو أن تَرْكَبَ ناقةً وتَتْرُكَها تَرْعَى،
كالانْجِرارِ فيهما،
وـ: شَقُّ لسانِ الفَصيلِ لئلاَّ يَرْتَضِعَ،
كالإِجْرارِ، وأن تَجُرَّ الناقةُ ولَدَها بعدَ تمامِ السَّنَةِ شهراً أو شَهْرينِ، أو أربعينَ يوماً،
وهي جَرورٌ، وأن تزيدَ الفَرَسُ على أحَدَ عَشَرَ شَهْراً ولم تَضَعْ، وأن يَجوزَ وِلادُ المرأةِ عن تسْعَةِ أشْهُرٍ.
والجِرَّةُ، بالكسر: هَيْئَةُ الجَرِّ، وما يفيضُ به البعيرُ فيأكُلُه ثانِيَةً، ويفتحُ، وقد اجْتَرَّ وأجَرَّ، واللُّقْمَةُ يَتَعَلَّلُ بها البعيرُ إلى وقْتِ عَلَفِهِ، والجَماعَةُ يُقيمونَ ويَظْعَنونَ.
وبابُ بنُ ذِي الجِرَّةِ: قاتِلُ سُهْرَكَ الفارِسِي يومَ رِيْشَهْرَ في أصحابِ عَثْمانَ. والسَّوْمُ بنتُ جِرَّةَ: أعْرابِيَّةٌ.
والجُرَّةُ، بالضم، ويفتحُ: خُشَيْبَةٌ في رأسِها كِفَّةٌ يُصادُ بها الظِّباءُ، وقَعْبَةٌ من حَديدٍ مَثْقوبَةُ الأَسْفَلِ يُجْعَلُ فيها بَذْرُ الحِنْطَةِ حينَ يُبْذَرُ. ويزيدُ بنُ الأَخْنَسِ بنِ جُرَّةَ: صحابِيٌّ، وبالفتح: الخُبْزَةُ، أو خاصٌّ بالتي في المَلَّةِ.
والجِرِّيُّ، بالكسر: سَمَكٌ طويلٌ أمْلَسُ، لا يأكُلُهُ اليَهودُ، وليسَ عليه فُصوصُ.
والجِرِّيَّةُ والجِرِّيئَةُ، بكسرهما: الحَوْصَلَةُ.
والجارَّةُ: الإِبِلُ تُجَرُّ بأزِمَّتها، والطريقُ إلى الماءِ.
والجَريرُ: حَبْلٌ يُجْعَلُ للبَعيرِ بمَنْزِلَةِ العِذارِ للدَّابَّةِ، والزِّمامُ.
والمَجَرُّ، كمَرَدٍّ: الجائِزُ تُوضَعُ عليه أطرافُ العَوارِضِ، وبالهاءِ: بابُ السَّماءِ، أو شَرَجُها.
ومَجَرُّ الكَبْشِ: ع بمِنًى.
والجَريرَةُ: الذَّنْبُ، والجِنايَةُ، جَرَّ على نفسِهِ وغيرِهِ جَريرةً، يَجُرُّها، بالضم والفتح، جَرّاً.
وفَعَلْتُ من جَرَّاكَ، ومن جَرَّائِكَ، ويُخَفَّفانِ،
ومن جَريرَتِكَ: من أجْلِكَ.
وحارٌّ جارٌّ: إتباعٌ.
والجَرْجارُ، كقَرْقارٍ: نَبْتٌ،
وـ من الإِبِلِ: الكثيرُ الصَّوْتِ،
كالجِرْجِرِ، وصَوْتُ الرَّعْدِ، وبهاءٍ: الرَّحَى.
والجَراجِرُ: الضَخامُ من الإِبِلِ،
واحِدُها: الجُرْجورُ، وبالضم: الصَّخَّابُ منها، والكثيرُ الشُّرْبِ، والماءُ المُصَوِّتُ.
والجَرْجَرُ: ما يُداسُ به الكُدْسُ، وهو من حَديد، والفُولُ، ويكسرُ.
والأَجَرَّانِ: الجِنُّ والإِنْسُ.
وفَرَسٌ وجَمَلٌ جَرورٌ: يَمْنَعُ القِيادَ،
وبِئْرٌ ـ: بعيدَةٌ،
وامرأةٌ ـ: مُقْعَدَةٌ.
والجارُورُ: نَهْرُ السَّيْلِ.
وكتيبةٌ جَرَّارَةٌ: ثَقيلةُ السَّيْرِ لكَثْرَتِها.
والجَرَّارَةُ، كجَبَّانةٍ: عُقَيْرِبٌ تَجُرُّ ذَنَبَها، وناحيةٌ بالبَطيحَةِ.
والجِرْجِرُ والجِرْجيرُ، بكسرهما: بَقْلَةٌ م.
وأجَرَّهُ رَسَنَهُ: تَرَكَه يَصْنَعُ ما شاءَ،
وـ الدَّينَ: أخَّرَه له،
وـ فلاناً أغانِيَّهُ: تابَعَها،
وـ فلاناً: طَعَنَه، وتَرَكَ الرُّمْحَ فيه يَجُرُّه.
والمُجِرُّ، كمُلِمٍّ: سيفُ عبدِ الرحمنِ بنِ سُراقَةَ بنِ مالِكِ بنِ جُعْشَمٍ.
وذو المَجَرِّ، كمَحَطٍّ: سيفُ عُتَيْبَةَ بنِ الحارِثِ بنِ شِهاب.
والجَرْجَرَةُ: صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ البعيرُ في حنْجَرَتِهِ، وصَبُّ الماءِ في الحَلْقِ،
كالتَّجَرْجُرِ.
والتَّجَرْجُرُ: أن تَجْرَعَه جَرْعا مُتَدارِكاً.
وجَرْجَرَ الشَّرابُ: صَوَّتَ.
وجَرْجَرَهُ: سَقاه على تلكَ الصِّفَةِ.
وانْجَرَّ: انْجَذَبَ.
وجارَّه: ماطَلَه، أو حاباهُ.
واسْتَجْرَرْتُ له: أمْكَنْتُهُ من نَفْسِي فانْقَدْتُ له.
والجُرْجورُ: الجماعةُ،
وـ من الإِبِلِ: الكَريمةُ.
ومِئَةٌ جُرْجورٌ: كامِلَةٌ، وأبو جَريرٍ، وجَريرٌ الأَرْقَطُ، وابنُ عبدِ اللهِ بنِ جابِرٍ البَجَلِيُّ، وابنُ عبدِ اللهِ الحِميرِيُّ، وابنُ أوسِ بنِ حارِثَةَ: صَحابِيُّونَ.

نَضَحَ

نَضَحَ البيتَ يَنْضِحُهُ: رَشَّهُ،
وـ عَطَشَهُ: سَكَّنَهُ، ورَوِيَ، أو شَرِبَ دونَ الرِّيِّ، ضِدٌّ،
وـ النَّخْلَ: سَقاها بالسَّانية،
وـ فلاناً بالنَّبْلِ: رَماهُ،
وـ الشَّجَرُ: تَفَطَّرَ لِيَخْرُجَ ورَقُهُ،
وـ الزَّرْعُ: ابتدأ الدَّقيقُ في حَبِّهِ وهو رَطْبٌ،
كأَنْضَحَ،
وـ بالبَوْلِ على فَخِذَيْهِ: أصابَهُما به،
وـ الجُلَّةَ: نَثَرَ ما فيها،
وـ عنه: ذَبَّ، ودَفَعَ،
كناضَحَ،
وـ القِرْبَةُ تَنْضَحُ، كتَمْنَعُ، نَضْحاً وتَنْضاحاً: رَشَحَت،
وـ العينُ: فارَتْ بالدَّمْعِ،
كانْتَضَحَتْ وتَنَضَّحَتْ.
وانْتَضَحَ واسْتَنْضَحَ: نَضَحَ ماءً على فَرْجِه بعدَ الوُضوءِ.
وقَوْسٌ نَضوحٌ ونُضَحِيَّةٌ، كَجُهَنِيَّةٍ: طروحٌ نَضَّاحةٌ بالنَّبْلِ.
والنَّضوحُ، كصَبورٍ: الوَجورُ في أي مَوْضِعٍ من الفَمِ كان، وطِيبٌ.
وتَنَضَّحَ منه: انْتَفَى، (وتَنَصَّلَ) .
والنَّضَّاحُ: سَوَّاقُ السَّانِيَة، وابنُ أشْيَمَ الكَلْبِيُّ.
وأنْضَحَ عِرْضَهُ: لَطَخَهُ.
والمِنْضَحَةُ، بالكسر: الزُّرَّاقةُ.
(نَضَحَ)
(هـ) فِيهِ «مَا يُسْقىَ مِنَ الزَّرْع نَضْحاً ففيهِ نِصفُ العُشْر» أَيْ مَا سُقِيَ بالدَّوالِي والاسْتقاء. والنَّوَاضِحُ: الْإِبِلُ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا، واحدُها: نَاضِحٌ .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نَاضِحَ بَني فُلان قَدْ أبَدَ عَلَيْهِمْ» ويُجْمَع أَيْضًا عَلَى نَضَّاحٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اعْلفْه نُضَّاحَكَ» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ. وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بالرَّقيق، الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْإِبِلِ، فالغِلْمانُ نُضَّاحٌ، وَالْإِبِلُ نَوَاضِحُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «قَالَ لِلْأَنْصَارِ، وَقَدْ قَعَدُوا عَنْ تَلَقِّيه لمَّا حجَّ: مَا فعَلتْ نَواضِحُكم؟» كَأَنَّهُ يُقَرّعُهم بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ حَرْثٍ وَزَرْعٍ وَسَقْيٍ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا.
(هـ) وَفِيهِ «مِنَ السُّنَن العَشْرِ الِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ» هُوَ أَنْ يأخُذ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ فيرُشَّ بِهِ مَذاكيرَه بَعْدَ الْوُضُوءِ، لِيَنْفيَ عَنْهُ الوَسْواس، وَقَدْ نَضَحَ عَلَيْهِ الماءَ، ونَضَحَهُ بِهِ، إِذَا رَشَّه عَلَيْهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطَاءٍ «وَسُئِلَ عَنْ نَضَحِ الْوُضُوءِ» هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: مَا يَتَرَشَّش منه عند التوضّؤ، كالنّشر. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتادة «النَّضَحُ مِنَ النَّضْحِ» يُرِيدُ مَنْ أَصَابَهُ نَضْحٌ مِنَ الْبَوْلِ- وَهُوَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ- فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْضَحَهُ بِالْمَاءِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُه.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ أَنْ يُصيبَه من البول رَشاشٌ كرؤوس الإبرِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ للرُّماة يَوْمَ أحُدٍ: انْضَحُوا عَنَّا الْخَيْلَ لَا نُؤتَى مِن خَلْفِنا» أَيِ ارْمُوهم بالنُّشَّاب. يُقَالُ: نَضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ، إِذَا رمَوْهم.
وَفِي حَدِيثِ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ «كَمَا تَرْمُون نَضْحَ النَّبل» .
وَفِي حَدِيثِ الْإِحْرَامِ «ثُمَّ أصْبَح مُحْرِما يَنْضَحُ طِيباً» أَيْ يَفُوح. والنَّضُوحُ بِالْفَتْحِ:
ضَرْب مِنَ الطِيب تَفُوحُ رائحتُه. وَأَصْلُ النَّضْحِ: الرَّشْح، فشَبَّه كثرةَ مَا يَفُوح مِنْ طِيبِهِ بالرَّشْح.
ورُوي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقِيلَ: هُوَ كاللَّطْخ يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ. قَالُوا: وَهُوَ أَكْثَرُ مِنَ النَّضْح، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.
وَقِيلَ: هُوَ بِالْخَاءِ المعجمة فيما نحن كالطِّيب، وَبِالْمُهْمِلَةِ فِيمَا رَقّ كَالْمَاءِ. وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ.
وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَجَد فَاطِمَةَ وَقَدْ نَضَحَتِ البيتَ بِنَضُوحٍ» أَيْ طَيَّبتْه وَهِيَ فِي الْحَجِّ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ يَرِدُ «النَّضْحُ» بِمَعْنَى الغَسْل وَالْإِزَالَةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ونَضَح الدَّمَ عَنْ جَبِينِهِ» .
وَحَدِيثُ الْحَيْضِ «ثُمَّ لْتَنْضَحْهُ» أَيْ تَغْسِله.
وَفِي حَدِيثِ مَاءِ الْوُضُوءِ «فمِن نائِلٍ ونَاضِحٍ» أَيْ راشٍّ مِمَّا بيدِه عَلَى أَخِيهِ.

نَصَبَ

نَصَبَ
الجذر: ن ص ب

مثال: نَصَبَ على المشتري
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لعدم ورودها في المعاجم بهذا المعنى، ولشيوعها على ألسنة العامة.
المعنى: خدعه واحتال عليه

الصواب والرتبة: -احتال على المشتري [فصيحة]-نَصَبَ على المشتري [صحيحة]
التعليق: أوردت المعاجم الحديثة الفعل «نَصَبَ» بمعنى «احتال» ونصّ الوسيط على أنه معنى محدث.
(نَصَبَ)
(س) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ «قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْدِفي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الْأَنْصَابِ، فذَبَحنْا لَهُ شَاةً، وَجَعَلْنَاهَا فِي سُفْرتِنا، فَلَقِينا زَيد بْنَ عَمْرو، فَقَدَّمَنَا لَهُ السُّفرة، فَقَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّه» .
وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو مَرَّ بِرَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَدَعَاهُ إِلَى الطَّعَامِ، فَقَالَ زيْدٌ:
إِنَّا لَا نأكُل مِمَّا ذُبِح عَلَى النُّصُب» النُّصُبُ، بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِهَا: حَجَرٌ كَانُوا يَنصِبونه فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ويَتَّخِذونه صَنَماً فَيَعْبُدُونَهُ، وَالْجَمْعُ: أَنْصَابٌ.
وَقِيلَ: هُوَ حجرٌ كَانُوا يَنْصِبونه، ويَذْبَحون عَلَيْهِ فيَحْمَرّ بِالدَّمِ.
قَالَ الْحَرْبِيُّ: قَوْلُهُ «ذَبَحْنا لَهُ شَاةً» لَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ زيْدٌ فَعَله مِنْ غير أمرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا رِضاه، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَنُسِب إِلَيْهِ، ولأنْ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ العِصمة مَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَبَحَها لِزاده فِي خُرُوجِهِ، فاتَّفَق ذَلِكَ عِنْدَ صَنَم، كَانُوا يَذْبَحون عِنْدَهُ، لَا أَنَّهُ ذَبَحَها للصَّنَم، هَذَا إِذَا جُعِل النُّصُبُ الصَّنَم. فأمَّا إِذَا جُعِل الحَجَرَ الَّذِي يُذْبَحُ عِنْدَهُ فَلَا كلامَ فِيهِ، فَظَنَّ زيدُ بْنُ عَمْرو أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِمَّا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَذْبَحُه لِأَنْصَابِهَا فامتَنع لِذَلِكَ. وَكَانَ زَيْدٌ يُخالِفُ قُرَيْشًا فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهَا. وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّ زيدٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ «فَخَرَرْتُ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ ثُمَّ ارتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أحمرُ» يُرِيدُ أَنَّهُمْ ضَربوه حَتَّى أدْمَوْه، فَصَارَ كالنُّصُب المُحْمَرِّ بدَم الذَّبائح.
وَمِنْهُ شِعْر الأعْشَى ، يَمدح النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَذَا النُّصُبَ المنصوبَ لَا تَعبُدَنَّه ... وَلَا تَعْبُدِ الشيطانَ واللَّهَ فاعبُدا
يُريدُ الصَّنم. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وذاتُ النُّصْبِ : مَوْضِعٌ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ «لَا يَنْصِبُ رأسَه وَلَا يُقْنِعُه» أَيْ لَا يَرْفَعَهُ. كَذَا فِي سُنن أَبِي دَاوُدَ»
. وَالْمَشْهُورُ «لَا يُصَبِّي ويُصَوِّب» . وَقَدْ تَقَدَّمَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مِن أقْذَر الذنوبِ رجلٌ ظَلَم امْرَأَةً صَداقَها، قِيلَ لِلَّيْثٍ:
أَنَصَبَ ابْنُ عُمر الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: وَمَا عِلْمُه لَوْلا أَنَّهُ سَمِعَه مِنْهُ؟» أَيْ أسْنَدَه إليه ورفعه. والنَّصْبُ: إقامة الشيء ورفعه. (س) وَفِيهِ «فاطمةُ بَضْعَةٌ مَنَّى يُنْصِبُنِى مَا أَنْصَبَهَا» أَيْ يُتْعِبُني مَا أتْعَبَها. والنَّصَبُ:
التَّعَبُ. وَقَدْ نَصِبَ يَنْصَبُ، ونَصَبَهُ غيرُه وأَنْصَبَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجَّالِ «مَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ» ورُوِي «مَا يُضْنِيك مِنْهُ» مِنَ الضَّنا: الهُزال والضَّعْف وأثَر الْمَرَضِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «كَانَ رَباحُ بْنُ المُعْتَرِف يُحْسِنُ غِناء النَّصب» النَّصْبُ بِالسُّكُونِ: ضَربٌ مِنْ أغانِي الْعَرَبِ شِبْه الحُداء.
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أُحكِمَ مِنَ النَّشِيد، وأُقِيمَ لَحْنُه ووزْنُه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ نَائِلٍ مَولى عُثْمَانَ «فَقُلْنَا لِرَباح بْنِ المُعْتَرِف : لَوْ نَصَبْتَ لَنَا نَصْبَ الْعَرَبِ» قَالَ الْأَصْمَعِيُّ:
وَفِي الْحَدِيثِ «كلُّهم كَانَ يَنْصِبُ» أَيْ يُغَنّي النَّصْبَ.

مَلَقَ

(مَلَقَ)
فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «قَالَ لَهَا: أَمَّا معاويةُ فرجلٌ أَمْلَقُ مِنَ الْمَالِ» أَيْ فَقِيرٌ مِنْهُ، قَدْ نَفِدَ مَالُه. يُقَالُ: أَمْلَقَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُمْلِقٌ.
وَأَصْلُ الإِمْلَاقِ: الإنْفَاقُ. يُقَالُ: أَمْلَقَ مَا مَعَهُ إِمْلَاقاً، ومَلَقَهُ مَلْقاً، إِذَا أخْرَجهُ مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَحْبِسْهُ، والفَقْرُ تابعٌ لِذَلِكَ، فاسْتَعْمَلُوا لفظَ السَّبَب فِي مَوْضِعِ المُسَبَّب، حَتَّى صَارَ بِهِ أشْهَرَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «ويرِيشُ مُمْلِقَها» أَيْ يُغْنى فَقِيرُهَا. (هـ) وَمِنَ الْأَصْلِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «فسألَتْه امْرَأةٌ: أَأُنْفِقُ مِنْ مَالِي مَا شِئتُ؟ قَالَ:
نَعَمْ، أَمْلِقِي مِنْ مالِكِ مَا شِئتِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثُ عُبيدَة [السَّلْمَانِي] «قَالَ لَهُ ابْنُ سِيرين: مَا يوجِبُ الجَنابَةَ؟ قَالَ:
الرَّفُّ والاسْتِمْلاقُ» الرَّفُّ: المصُّ. والاسْتِمْلَاقُ: الرَّضْعُ. وَهُوَ اسْتِفْعال مِنْهُ. وكَنَى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ، لأنَّ المَرأةَ تَرْتَضِعُ ماءَ الرَّجَلِ. يُقَالُ: مَلَقَ الجَدْيُ أُمَّه، إِذَا رَضَعَها.
(س) وَفِيهِ «لَيْسَ مِنْ خُلُقِ المؤمنِ المَلَقُ» هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: الزيادةُ فِي التَّودُّدِ والدعاءِ والتضرُّع فَوْقَ مَا يَنْبِغي.

وَجَهَ

(وَجَهَ)
[هـ س] فِيهِ «أَنَّهُ ذَكَر فَتناً كوُجوه البَقَر» أَيْ يُشْبِهُ بَعْضُها بَعْضاً، لِأَنَّ وجُوه البَقَر تَتَشابَه كَثِيرًا. أَرَادَ أَنَّهَا فَتِنٌ مُشْتَبهة، لَا يُدْرَى كَيْف يُؤتَى لَها.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «وَعِنْدِي أَنَّ المُرادَ تَأتي نَواطِحَ لِلنَّاسِ. ومِن ثَمَّ قَالُوا: نَواطِحُ الدَّهْرِ، لِنوائِبه» .
وَفِيهِ «كَانَتْ وُجوه بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شارِعةً فِي الْمَسْجِدِ» وَجْهُ الْبَيْتِ: الحَدُّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بابُهُ: أَيْ كَانَتْ أبوابُ بُيوتِهم فِي الْمَسْجِدِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِحدّ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ البابُ:
وجهُ الْكَعْبَةِ.
(س) وَفِيهِ «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفكم أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْن وُجُوهِكُمْ» أَرَادَ وُجوه القُلوب، كحدِيثه الآخَر «لَا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قَلوبُكُم» أَيْ هَواها وإرادتُها.
وَفِيهِ «وُجِّهَتْ لِي أرضٌ» أَيْ أُرِيتُ وجهَها، وأُمِرْتُ باسْتِقبالِها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَيْنَ تُوَجِّهُ؟» أَيْ تُصلِّي وتُوَجِّه وَجْهَكَ.
وَالْحَدِيثُ الآخر «وَجَّهَ هاهنا» أي تَوَجَّهَ. وقد تكرر في الحديث. (س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْداء «أَلَّا تَفْقَهُ حَتَّى تَرى لِلقرآن وُجوها» أَيْ تَرى لَهُ مَعَانِيَ يَحْتَملُها، فتَهابُ الإقْدامَ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أهلِ البيْت «لَا يُحبنا الأحْدبُ المُوجَّه» هُوَ صَاحِبُ الحَدَبَتيْن مِن خَلْف وَمِنْ قُدّام.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «قَالَتْ لِعَائِشَةَ حِينَ خَرَجَت إِلَى البَصرة: قَدْ وَجَّهْتُ سِدافَتَه» أَيْ أخْذتِ وجْهاً هَتَكْتِ سِتْركِ فِيهِ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ: أزَلْتِ سِدافَتَه، وَهِيَ الحِجاب مِنَ الموضِع الَّذِي أُمِرْتِ أَنْ تَلْزَمِيه وجَعَلْتِهَا أمَامَكِ. والْوَجْهُ: مُسْتَقْبَل كلِّ شَيْءٍ.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ «وطائِفةٌ وِجَاهَ وُجَاهَ العَدُوّ» أَيْ مُقابِلَهم وحِذاءَهُم. وتُكْسَر الْوَاوُ وتُضَمّ.
وفي رواية «تِجَاهَ تُجَاهَ العَدُوّ» وَالتَّاءُ بدلٌ مِن الواوِ، مِثْلُهَا فِي تُقاة وتُخَمة. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَكَانَ لِعَلِىٍّ وَجْهٌ منَ النَّاسِ حياةَ فَاطِمَةَ» أَيْ جاهٌ وَعزٌ، فَقَدَهُما بعدها.

عَوَدَ

(عَوَدَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «المُعِيد» هُوَ الَّذِي يُعِيد الخَلْقَ بَعْدَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَمَاتِ فِي الدُّنيا، وَبَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْحَيَاةِ يومَ الْقِيَامَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرَّجُلَ القويَّ المُبْدِئ المُعِيد عَلَى الفَرَس» أَيِ الَّذِي أبْدَأَ فِي غَزْوَة وَأَعَادَ فَغَزَا مَرَّة بَعْدَ مَرَّة، وجَرَّب الأُمور طَوْراً بَعْدَ طَوْر.
والفَرس المُبْدِئ المُعِيد: هُوَ الذَّي غَزَا عَلَيْهِ صاحِبُه مَرَّة بَعْدَ أُخْرى. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ رِيضَ وأُدِّبَ، فَهُوَ طَوْع رَاكِبه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وأصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي» أَيْ مَا يَعُود إِلَيْهِ يومَ القيام، وَهُوَ إمَّا مَصْدَرٌ أَوْ ظَرف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «والحَكَم اللهُ والمَعْوَدُ إِلَيْهِ يومَ الْقِيَامَةِ» أَيِ المَعَاد. هَكَذَا جَاءَ المَعْوَد عَلَى الأصْل، وَهُوَ مَفْعَل مِنْ عَادَ يَعُودُ، وَمن حَقِّ أمْثالِه أَنْ تُقْلَب وَاوُه ألِفاً، كالمَقام والمَراح، ولكنَّه اسْتَعْمله عَلَى الأصْل، تَقُولُ: عَادَ الشَّيءُ يَعُود عَوْداً ومَعَاداً: أَيْ رَجع، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى صَارَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعاذ «قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعُدْتَ فَتَّانًا يَا مُعَاذُ؟» أَيْ صِرْتَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيمة «عَادَ لَها النِّقَادُ مُجْرَنْثِماً» أَيْ صَارَ. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبٍ «وَدِدْت أنَّ هَذَا اللَّبنَ يَعُودُ قَطِرَاناً» أَيْ يَصِير «فقِيل لَهُ: لِمَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أذْنَابَ الْإِبِلِ وتَركوا الجماعاتِ» .
[هـ] وَفِيهِ «الْزَموا تُقَى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها» أَيِ اعْتَادُوها. وَيُقَالُ لِلشُّجَاعِ: بَطلٌ مُعَاوِدٌ: أَيْ مُعْتَاد.
(س) وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْس «فَإِنَّهَا إمْرأةٌ يَكْثُر عُوَّادُها» أَيْ زُوّارُها. وكلُّ مَن أَتَاكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى فَهُوَ عَائِد، وَإِنِ اشْتَهر ذَلِكَ فِي عِيَادَة الْمَرِيضِ حَتَّى صَارَ كأنَّه مُخْتَصٌّ بِهِ.
وَقَدْ تَكَرَّرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي عِيادة الْمَرِيضِ.
(س) وَفِيهِ «عَليكم بالعُود الهِنْدِيّ» قِيلَ: هُوَ القُسْط البَحْرِيُّ. وَقِيلَ: هُوَ العُود الَّذِي يُتَبخَّر بِهِ.
(هـ) وَفِيهِ ذِكْرُ «العُودَيْن» هُما مِنْبَر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَصَاهُ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ شُرَيح «إنَّما الْقَضَاءُ جَمْر، فادْفَعِ الجَمْر عَنْك بعُودَيْن» أَرَادَ بالعُودَيْن: الشاهدَين، يُريد اتَّق النَّارَ بِهِمَا واجْعَلْهُما جُنَّتك، كَمَا يَدْفع المصْطَلي الجمْرَ عَنْ مَكَانِهِ بِعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ لئلاَّ يَحتَرق، فمثَّل الشاهِدَين بِهِمَا، لِأَنَّهُ يَدْفع بِهِمَا الإثْم وَالْوَبَالَ عَنْهُ.
وَقِيلَ: أَرَادَ تَثَبَّتْ فِي الحُكم واجْتَهد فِيمَا يَدْفع عَنْكَ النَّار مَا اسْتَطَعْت .
وَفِي حَدِيثِ حسَّان «قدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا إِلَى هَذَا العَوْد» هُوَ الجَمل الْكَبِيرُ المُسِنّ المُدَرَّب، فشَبَّه نفْسَه بِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «فعَمدْت إِلَى عَنْز لأَذْبَحَها فثَغَتْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَقْطَعْ دَرَّا وَلَا نَسْلا، فقُلت: إنَّما هِيَ عَوْدَةٌ عَلَفْناها البَلح والرُّطَب فسَمِنَتْ» عَوَّدَ البّعِيرُ والشَّاةُ إِذَا أسَنَّا. وبَعِيرٌ عَوْدٌ، وشاةٌ عَوْدَة.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ لتَمُتُّ برَحِمٍ عَوْدَةٍ، فَقَالَ: بُلَّها بِعَطائك حَتَّى تقْرُب» أَيْ برَحِمٍ قَديمة بَعيدةِ النَّسَب.
وَفِي حَدِيثِ حُذَيفة «تُعْرض الفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الحَصِير عَوْدا عَوْدا» هكذا الرِّوَايَةُ بِالْفَتْحِ، أَيْ مَرَّة بَعْدَ مَرَّةٍ. ورُوي بِالضَّمِّ، وَهُوَ وَاحِدُ العِيدَان، يَعْنِي مَا يُنْسَج بِهِ الحَصِيُر مِنْ طَاقاته. وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ مَعَ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ، كأنَّه اسْتعاذ مِنَ الفِتن» .

الخَشْفُ

الخَشْفُ، والخَشْفَةُ، ويُحَرَّكُ: الصوتُ والحَركةُ، أو الحِسُّ الخَفِيُّ، أو الخَشْفَةُ: صوتُ دَبيبِ الحَيَّاتِ، وصَوْتُ الضَّبُعِ، وقُفٌّ قد غَلَبَ عليه السُّهولَةُ.
وخَشَفَ، كضَرَبَ وَنَصَرَ: صَوَّتَ،
وـ في السَّيْرِ: أسْرَعَ،
وـ رأسَهُ بالحَجَرِ: فَضَخَه،
وـ المرأةُ بالوَلَدِ: رَمَتْ به. وكرُمَّانٍ: الخُفَّاشُ، ومُحدِّثٌ، ووالِدُ طَلْقٍ التابِعِيِّ.
وكغُرابٍ: ع. وكشدَّاد: والِدُ فاطِمَةَ التابِعِيَّةِ، وجَدُّ زَمْلِ بنِ عَمْرٍو.
وأُمُّ خَشَّافٍ: الداهِيَةُ.
وخَشَفَ خُشُوفاً وخَشَفاناً: ذَهَبَ في الأرضِ،
فهو خاشِفٌ وخَشُوفٌ وخَشِيفٌ،
وـ في الشيءِ: دَخَلَ فيه،
كانْخَشَفَ، فهو مِخْشَفٌ، كمِنْبَرٍ وأمِيرٍ وصَبورٍ وصاحِبٍ،
وـ الماءُ: جَمَدَ،
وـ البَرْدُ: اشْتَدَّ،
وـ فلانٌ: تَغَيَّبَ،
وـ زيدٌ: مَشَى بالليلِ خَشَفاناً، محرّكةً. وكمَقْعَدٍ: مَوْضِعُ الجَمْدِ. وكمِنْبَرٍ: الأسَدُ، والدليلُ الماضي، وقد خَشَفَ بِهم خَشافَةً، وخَشَّفَ تَخْشيفاً،
وـ: الجَرِيءُ على السُّرَى، أو الجَوَّالُ بالليلِ، كالخَشُوفِ، والمَصْدَرُ: الخَشَفَانُ.
والأخْشَفُ: من عَمَّهُ الجَرَبُ فَيَمْشِي مِشْيَةَ الشيخِ، ج: خُشْفٌ، بالضم، وقد خَشِفَ كفرِحَ.
والخَشْفُ، مُثَلَّثَةً: ولَدُ الظَّبْيِ أوَّلَ ما يُولَدُ، أو أوَّلَ مَشْيِهِ، أو التي نَفَرَتْ من أولادِها وتَشَرَّدَتْ، ج: كقِرَدَةٍ، وهي: بهاءٍ، وبالفتح: الذُّلُّ، والرَّديءُ من الصُّوفِ، ويُضَمُّ، والذُّبابُ الأخْضَرُ، ويُثَلَّثُ، ويقالُ: كصُرَدٍ، وبالكسر: (ابنُ مالِكٍ الطائِيُّ) ، وبالتحريكِ: الثَّلْجُ الخَشِنُ، والجَمْدُ الرِّخْوُ،
كالخَشِيفِ فيهما. وكَصبور: مَنْ يَدْخُلُ في الأمُورِ.
والأخاشِفُ: العَزازُ الصُّلْبُ من الأرض، وبالسينِ المُهْمَلَةِ: اللَّيِّنَةُ. وكأميرٍ: يَبيسُ الزَّعْفَرانِ، والماضي من السُّيوفِ،
كالخاشِفِ والخَشُوفِ،
وظَبْيَةٌ مُخْشِفٌ، كمُحْسِنٍ: لها خِشْف.
وانْخَشَفَ فيه: دَخَلَ.
وخاشَفَ في ذِمَّتِهِ: سارَعَ في إخْفارِها،
وـ الإِبِلَ لَيْلَتَهُ: سايَرَها،
وـ السَّهْمُ: سُمِعَ له خَشَفَةٌ عند الإِصابةِ.

خَدَمَ

(خَدَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ «الحمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ» الْخَدَمَةُ بِالتَّحْرِيكِ: سَيْر غَلِيظٌ مَضْفور مِثْلُ الحَلْقة يُشَد فِي رُسْغِ الْبَعِيرِ ثُمَّ تُشَدّ إِلَيْهَا سَرَائِحُ نَعْلِهِ، فَإِذَا اْنَفَّضت الخَدَمَة انْحَّلت السرائحُ وسَقَط النَّعْل، فَضُرِبَ ذَلِكَ مَثَلاً لِذَهَابِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وتفرُّقِهِ، وشَبَّه اجتِمَاع أمْر العَجَم واتِّساقَه بالحَلقة الْمُسْتَدِيرَةِ، فَلِهَذَا قَالَ: فَضَّ خَدَمَتَكُمْ: أَيْ فَرّقها بَعْدَ اجْتِماعها.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْخَدَمَة فِي الْحَدِيثِ. وَبِهَا سُمّي الخَلْخال خَدَمَة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَحُول بَيْنَنَا وبَين خَدَمِ نسَائكم شَيْءٌ» هُوَ جَمْعُ خَدَمَةٍ، يَعْنِي الخلْخَالَ، ويُجمع عَلَى خِدَامٍ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنّ يَدْلَحْنَ بالقِرَب عَلَى ظُهورهنّ، يَسْقين أَصْحَابَهُ باديَةً خِدَامُهُنَّ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ «أَنَّهُ كَانَ عَلَى حِمَار وَعَلَيْهِ سَرَاويلُ وخَدَمَتَاهُ تَذَبْذَبَان» أَرَادَ بِخَدَمَتَيْهِ سَاقَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعُ الخَدَمتين. وَقِيلَ أَرَادَ بِهِمَا مخرجَ الرّجْلين مِنَ السَّرَاويل.
وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «اسْأَلِي أَبَاكِ خَادِماً يقِيك حَرّ مَا أَنْتِ فِيهِ» الْخَادِمُ وَاحِدُ الْخَدَم، وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لإجْرائه مُجْرى الْأَسْمَاءِ غَيْرِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الأفعال، كحائض وعاتق.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فمتَّعها بِخَادِمٍ سَوداء» أَيْ جَارِيَةٍ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

ذَكَرَ

(ذَكَرَ)
فِيهِ «الرَّجُلُ يُقاتِل لِلذِّكْر، ويُقاتل ليُحْمَد» أَيْ لِيُذْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ ويُوصَفَ بالشَّجاعة. والذِّكْرُ: الشَّرَفُ والفَخْر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ «وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ» أَيِ الشَّرَفُ الْمُحْكَمُ الْعَارِي مِنَ الِاخْتِلَافِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «ثُمَّ جَلَسوا عِنْدَ الْمَذْكَر حَتَّى بَدَا حاجبُ الشَّمْسِ» الْمَذْكَرُ: مَوْضِعُ الذِّكْر، كَأَنَّهَا أَرَادَتْ عِنْدَ الرُّكن الْأَسْوَدِ أَوِ الْحِجر. وَقَدْ تكَرر ذكْر الذِّكْر فِي الْحَدِيثِ، ويُراد بِهِ تمجيدُ اللَّهِ تَعَالَى، وتقديسُه، وتسبيحُه وتهليلُه، والثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِنَّ عَلِيًّا يَذْكُرُ فَاطِمَةَ» أَيْ يَخْطُبها. وَقِيلَ يَتَعَرَّض لِخِطْبَتِها.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَا حَلَفتُ بِهَا ذَاكِراً وَلَا آثِرًا» أَيْ مَا تَكَلَّمْتُ بِهَا حَالِفًا، مِنْ قَوْلِكَ ذَكَرْتُ لفُلان حديثَ كَذَا وَكَذَا أَيْ قلتُه لَهُ. وَلَيْسَ مِنَ الذِّكْر بَعْدَ النِّسْيان.
وَفِيهِ «الْقُرْآنُ ذَكَرٌ فَذَكِّرُوهُ» أَيْ أَنَّهُ جليلٌ خَطِير فأجِلُّوه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا غَلب ماءُ الرجُل ماءَ المرأةِ أَذْكَرَا» أَيْ ولَدَا ذَكَراً، وَفِي رِوَايَةٍ «إِذَا سَبَق ماءُ الرَّجل ماءَ المرأةِ أَذْكَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ» أَيْ ولَدَته ذكَرا. يُقَالُ أَذْكَرَتِ المرأةُ فَهِيَ مُذْكِرٌ إِذَا ولَدت ذكَرا، فَإِذَا صَارَ ذَلِكَ عادَتَها قِيلَ ــمِذْكَارٌ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «هَبِلَت أمُّه لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ» أَيْ جَاءَتْ بِهِ ذكَراً جَلْداً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ «قَالَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ صُرِعَ: وَاللَّهِ مَا وَلَدت النِّسَاءُ أَذْكَرَ مِنْكَ» يَعْنِي شَهْما ماضِياً فِي الأمورِ.
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «ابنُ لَبُون ذَكَرٌ» ذَكَرَ الذَّكَرَ تَوْكِيدًا. وَقِيلَ تَنْبِيهًا عَلَى نَقْص الذُّكُورِيَّة فِي الزَّكَاةِ مَعَ ارتِفاعِ السِّنّ. وَقِيلَ لِأَنَّ الابْنَ يُطلق فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، كابنِ آوَى، وَابْنِ عِرْسٍ، وَغَيْرِهِمَا، لَا يُقَالُ فِيهِ بنتُ آوَى وَلَا بنتُ عرْسٍ، فَرَفَعَ الإشكالَ بِذِكْرِ الذّكر. وَفِي حَدِيثِ الْمِيرَاثِ «لأوْلَى رجلٍ ذَكَرٍ» قِيلَ: قَالَهُ احْتِرَازًا مِنَ الخُنْثى. وَقِيلَ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِصَاصِ الرِجال بالتَّعصيب للذُّكورِيّة.
(س) وَفِيهِ «كَانَ يطوفُ عَلَى نِسَائِهِ ويَغْتسِل مِنْ كلِّ وَاحِدَةٍ وَيَقُولُ إِنَّهُ أَذْكَرُ» أَيْ أحدُّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَتَطَيَّبُ بِذِكَارَةِ الطِّيب» الذِّكَارَةُ بِالْكَسْرِ:
مَا يصلُح لِلرِّجَالِ، كالمِسْك والعَنْبَر والعُود، وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ، والذُّكُورَةُ مثلُه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانُوا يكْرَهون المُؤَنَّث مِنَ الطِّيب، وَلَا يَرَوْن بِذُكُورَتِهِ بَأْسًا» هُوَ مَا لاَ لَوْنَ لَهُ يَنْفُضُ، كالعَودِ وَالْكَافُورِ، والعَنْبر. والمؤنَّث: طِيبُ النِّسَاءِ كالخَلُوق والزَّعْفران.
وَفِيهِ «أَنَّ عَبْداً أَبْصَرَ جَارِيَةً لِسَيِّدِهِ، فَغَارَ السَّيِّدُ فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ» هِيَ جَمْعُ الذَّكَرِ عَلَى غَيْرِ قياسٍ.

دَكَنَ

(دَكَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ فاطمةَ «أنَّها أوقَدَت القِدْر حَتَّى دَكِنَتْ ثِيابُها» دَكِنَ الثَّوب إِذَا اتَّسَخ واغْبَرَّ لَوْنُه يَدْكَنُ دَكَناً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ خَالِدٍ فِي القَمِيص «حتَّى دَكِنَ» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «فبَنَيْنا لَهُ دُكَّاناً مِنْ طِينٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ» الدُّكَّانُ: الدَّكَّة الْمَبْنِيَّةُ للجُلوس عَلَيْهَا، وَالنُّونُ مُخْتَلف فِيهَا، فمنهمُ مَنْ يَجْعَلُها أصْلاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يجْعَلُها زَائِدَةً. 

دَجَلَ

(دَجَلَ)
(س) فِيهِ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَب فاطمةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
إِنِّي وعَدْتُها لِعَلِيٍّ ولستُ بِدَجَّالٍ» أَيْ لستُ بخدَّاع وَلَا مُلَبِّس عَلَيْكَ أمرَك. وَأَصْلُ الدَّجْلِ:
الخَلْطُ. يُقَالُ: دَجَّلَ إِذَا لَبَّسَ ومَوَّهَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يكونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ» أَيْ كَذَّابون مُمُوِّهُون. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الدَّجَّال فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي يَظهرُ فِي آخِرِ الزمانِ يَدَّعِي الأُلُوهيَّة. وفَعَّال مِنْ أبْنية الْمُبَالَغَةِ:
أَيْ يَكْثُرُ مِنْهُ الكَذِبُ والتَّلْبِيس.

خَنَنَ

(خَنَنَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يُسْمَعُ خَنِينُهُ فِي الصَّلَاةِ» الخَنِينُ: ضربٌ مِنَ البُكَاء دُون الِانْتِحَابِ. وأصلُ الخَنِينِ خُرُوجُ الصَّوتِ مِنَ الأنفِ، كَالحنِين مِنَ الْفَمِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «فغَطَى أصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُم لَهُمْ خَنِينٌ» .
(س) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ الحَسَن: إِنَّكَ تَخِنُّ خَنِينَ الجَارِية» .
(س) وَحَدِيثُ خَالِدٍ «فأخْبَرَهم الخَبَر فَخَنُّوا يَبْكُون» .
وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ «قَامَ بالْبَاب لَهُ خَنِينٌ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَ لَهَا بَنُو تمِيم: هَلْ لَكِ فِي الأحنَفِ؟ قَالَتْ: لَا، ولكِنْ كُونوا عَلَى مَخَنَّتِهِ» أَيْ طَرِيقَته. وَأَصْلُ الْمَخَنَّةِ: المحَجَّة البينَّة، والفِنَاءُ، ووسَط الدَّارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الأحْنَفَ تَكَلَّم فِيهَا بِكَلِمَاتٍ، وَقَالَ أَبْيَاتًا يَلُومُها فِيهَا فِي وقْعَة الْجَمَلِ مِنْهَا:
فَلَوْ كانَتِ الأكْنانُ دُونَكِ لَمْ يَجِدْ ... عَلَيْكِ مَقَالًا ذُو أَذَاةٍ يَقُولُهَا
فبَلغَها كلامُه وشِعْرُه فَقَالَتْ: أَلِيَ كَانَ يَسْتَجِمُّ مَثَابَةَ سَفَهِهِ، وَمَا لِلأحْنَفِ والعَربِيَّة، وإنَّما هُم عُلُوجٌ لآلِ عُبُيدِ اللَّهِ سَكَنُوا الرّيفَ، إِلَى اللَّهِ أَشْكُو عُقُوقَ أبْنَائِي، ثُمَّ قَالَتْ:
بُنَيَّ اتَّعِظْ إنَّ الموَاعِظَ سَهْلَةٌ ... ويُوشِكَ أنْ تَكْتَانَ وَعْراً سَبِيلُها وَلَا تَنْسَيَنْ فِي اللَّهِ حَقَّ أُمُومَتِي ... فإنَّكَ أوْلَى النَّاسِ أنْ لَا تَقُولهَا
وَلَا تَنْطِقَنْ فِي أُمَّة ليَ بِالخَنا ... حَنِيفِيَّةٍ قَدْ كَانَ بَعْلي رَسُولَها

خَمَلَ

(خَمَلَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ جهَّز فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيل وقِرْبَة وَوِسَادَةِ أدَمٍ» الْخَمِيلُ والخَمِيلَةُ: القَطيفَة، وَهِيَ كُلُّ ثَوْب لَهُ خَمْل مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وقِيل: الخَمِيلُ الأسْوَد مِنَ الثِّيَاب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «إِنَّهُ أدْخَلَني مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ» (س) وَحَدِيثُ فَضَالة «أَنَّهُ مَرَّ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ عَلَى خَمْلَة بَيْن أَشْجَارٍ فَأَصَابَ مِنْهَا» أَرَادَ بالخَمْلَة الثَّوب الَّذِي لَهُ خَمْلٌ. وَقِيلَ الصَّحيح عَلَى خَمِيلَةٍ، وَهِيَ الْأَرْضُ السَّهْلة اللَّيِّنة.
[هـ] وَفِيهِ «اذْكُروا اللَّهَ ذِكْرًا خَامِلًا» أَيْ مُنْخَفِضاً تَوقِيرا لجلاَلِه. يُقَال خَمَلَ صَوْتَه إِذَا وَضَعه وأخْفاه وَلَمْ يَرْفَعه.
خَمَلَ ذِكْرُه وصَوْتُه خُمولاً: خَفِيَ، وأخْمَلَهُ الله تعالى،
فهو خامِلٌ: ساقِطٌ لا نَباهَةَ له، ج: خَمَلٌ، محرَّكةً.
والخَميلَةُ: المُنْهَبَطُ من الأرض، وهي مَكْرَمَةٌ للنَّباتِ، أو رَمْلَةٌ تُنْبِتُ الشجرَ، والقَطيفَةُ،
كالخَمْلَةِ والخِمْلَةِ، والشجرُ الكثيرُ المُلْتَفُّ، والمَوْضِعُ الكثيرُ الشجرِ حيثُ كانَ، وريشُ النَّعامِ،
كالخَمْلِ والخَمالَةِ، بفتحهما.
وخَمَلَ البُسْرَ: وضَعه في الجَرِّ أو نحوِه لِيَلينَ.
والخَمْلُ: هُدْبُ القَطيفةِ ونحوِها،
وأخْمَلَها: جَعَلَها ذاتَ خَمْلٍ،
وـ الطِنْفِسَةُ، وسَمكٌ، أو الصوابُ: بالجيم محرَّكةً، وبالكسر والضم، ط وكغُرابٍ وغُرابيٍّ ط: الحَبيبُ المُصافي.
والخَمْلَةُ: الثَّوب المُخْمَلُ كالكساءِ ونحوِه، ويُكْسَرُ، وبالكسر: بِطانَةُ الرجُلِ وسَريرَتُه.
واسْأَلْ عن خِمْلاتِه، أي: أسْرارِه ومَخازيهِ، (وهو لئيمُ الْخِملَةِ وكَريمها، أو خاصٌ باللُّؤْمِ) . وكغُرابٍ: داءٌ في مَفاصِلِ الإِنسانِ وقَوائِمِ الحَيَوانِ، يَظْلَعُ منه، وقد خُمِلَ، كعُنِيَ.
وبنو خُمالَةَ، كثُمامةٍ: بَطْنٌ. وكأَميرٍ: ما لانَ من الطعامِ، والسحابُ الكَثيفُ، والثيابُ المُخْمَلةُ. وسَمَّوْا: خُمْلاً، بالضم، وكأَميرٍ وسفينةٍ وجُهَيْنَةَ. وكزُبيرٍ: شيخٌ لحَبيبِ بنِ أبي ثابِتٍ الزَّيَّاتِ.
واخْتَمَلَ: رَعَى الخَمائِلَ (بينهم) .

خَلَقَ

(خَلَقَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الْخالِقُ» وَهُوَ الَّذِي أوْجد الْأَشْيَاءَ جميعَها بَعْدَ أَنْ لَمْ تكنْ مَوْجُودة. وَأَصْلُ الخَلْقِ التَّقْدير، فَهُوَ باعتِبار تَقْدِيرِ مَا مِنْهُ وُجُودُها، وَبِاعْتِبَارِ الْإِيجَادِ عَلَى وَفْق التَّقْدِيرِ خَالِقٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ «هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ والْخَلِيقَة» الْخَلْقُ: النَّاسُ. والْخَلِيقَةُ: الْبَهَائِمُ. وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ويُريد بِهِمَا جميعَ الْخَلَائِقِ.
وَفِيهِ «لَيْسَ شَيْءٌ فِي الْمِيزَانِ أثْقَل مِنْ حُسْنِ الْخُلُق» الخُلُقُ- بِضَمِّ اللَّامِ وسُكونها-: الدِّين والطَّبْع والسَّجِيَّة، وحقيقتُه أَنَّهُ لِصُورة الإنسانِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نفْسُه وأوْصافُها ومَعانِيها المُخْتصَّة بِهَا بِمَنْزِلَةِ الخَلْق لِصُورته الظَّاهِرَةِ وأوْصافِها ومَعانيها، وَلَهُمَا أَوْصَافٌ حَسَنة وقَبيحة، والثَّواب والعِقاب ممَّا يَتَعَلَّقان بِأَوْصَافِ الصُّورة الْبَاطِنَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّقان بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلِهَذَا تَكَرَّرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي مَدْح حُسْن الخُلُق فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
(س) كَقَوْلِهِ «أكثرُ مَا يُدْخِلُ الناسَ الجنةَ تَقْوَى اللَّهِ وحُسْنُ الخُلُقِ» .
(س) وَقَوْلِهِ «أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أحْسنُهم خُلُقا» .
(س) وَقَوْلِهِ «إِنَّ العَبْد ليُدْرِك بحُسْن خُلُقِهِ درجةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» .
وَقَوْلِهِ «بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» وَأَحَادِيثَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَثِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي ذَمّ سُوء الْخُلُق أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ خُلُقُه القرآنَ» أَيْ كَانَ مُتُمسّكاً بِآدَابِهِ وَأَوَامِرِهِ ونَواهيه وَمَا يَشْتَمل عَلَيْهِ مِنَ المَكارم والمَحاسن والألْطاف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَم اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نفسِه شانَه اللَّهُ» أَيْ تكلّفَ أَنْ يُظْهِر مِنْ خُلُقِهِ خِلاف مَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ، مِثْل تَصَنَّع وتَجَمَّل إِذَا أظْهَر الصَّنِيع وَالْجَمِيلَ.
وَفِيهِ «لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ» الخَلَاق بِالْفَتْحِ: الحظُّ والنَّصِيب. وَمِنْهُ حَدِيثُ أُبَيّ «وَأَمَّا طَعامٌ لَمْ يُصْنَع إِلَّا لَكَ فَإِنَّكَ إِنْ أكَلْتَه إِنَّمَا تَأْكُلُ مِنْهُ بِخَلَاقِك» أَيْ بحَظِّك ونَصِيبك مِنَ الدِّين. قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي طَعام مَن أقْرأه القُرآن، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي طَالِبٍ «إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ»
أَيْ كَذِبٌ، وَهُوَ اْفتِعال مِنَ الخَلْقِ والإبْداع، كَأَنَّ الْكَاذِبَ يَخْلُقُ قَوْلَهُ. وَأَصْلُ الخَلْقِ: التَّقْدِيرُ قبْل القَطْع.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أخْتِ أمَيَّة بْنِ أَبِي الصَّلْت «قَالَتْ: فدَخَل عليَّ وَأَنَا أَخْلُقُ أدِيماً» أَيْ أُقَدِّرُه لأقْطَعَه.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ خَالِدٍ «قَالَ لَهَا أبْلِي وأَخْلِقِي» يُرْوَى بِالْقَافِ وَالْفَاءِ، فَبِالْقَافِ مِنْ إِخْلَاقِ الثَّوب تَقْطِيعه، وَقَدْ خَلُقَ الثوبُ وأَخْلَقَ. وَأَمَّا الْفَاءُ فَبمعْنى العِوَض والبَدَل، وَهُوَ الأشْبَه. وَقَدْ تَكَرَّرَ الْإِخْلَاق بِالْقَافِ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ أَخْلَقُ مِنَ الْمَالِ» أَيْ خِلْوٌ عَارٍ.
يُقَالُ حَجَرٌ أَخْلَقُ: أَيْ أمْلَسُ مُصْمَتٌ لَا يُؤثِّر فِيهِ شَيْءٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَيْسَ الفَقير الَّذِي لَا مالَ لَهُ، إنَّما الفَقير الْأَخْلَقُ الكَسْب» .
أرادَ أَنَّ الفَقْر الأكْبر إِنَّمَا هُوَ فَقْر الْآخِرَةِ، وَأَنَّ فَقْرَ الدنيَا أهوَن الفَقْرَيْنِ. ومَعْنى وصْفِ الكَسْب بِذَلِكَ أنَّهُ وافِر مُنْتَظم لَا يقَع فِيهِ وَكْسٌ وَلَا يَتَحَيَّفه نَقْص، وَهُوَ مَثَل للرَّجُل الَّذِي لَا يُصاب فِي مالِه وَلَا يُنْكَبُ، فَيُثَاب عَلَى صَبْره، فَإِذَا لَمْ يُصَبْ فِيهِ وَلَمْ يُنْكَبْ كانَ فَقِيراً مِنَ الثَّواب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «كُتِب لَهُ فِي امْرأة خَلْقَاءَ تَزوّجَها رجُل، فكَتب إليْه:
إنْ كَانُوا عَلِمُوا بِذَلِكَ- يَعْني أوْلِيَاءها- فأغْرمْهُم صَدَاقها لِزَوْجهَا» الْخَلْقَاءُ: هِيَ الرَّتْقَاء، مِنَ الصَّخْرة المَلْساء المُصْمَتة.
وَفِيهِ ذِكْرُ «الْخَلُوق» قَدْ تَكَرَّرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ طيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكب يُتَّخذ مِنَ الزَّعْفَرَان وَغَيْرِهِ مِنْ أنْواع الطِّيبِ، وتَغْلب عَلَيْهِ الْحُمرة والصُّفْرة. وَقَدْ وَرَدَ تَارَةً بإباحَتِه وَتَارَةً بالنَّهْي عَنْهُ، والنَّهْيُ أكْثر وأثْبَتُ. وإنَّما نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ طِيب النِّساء، وكُنَّ أكْثَر اسْتعمالاً لَهُ مِنْهُمْ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْي نَاسِخة. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وقَتْلِه أَبَا جَهْل «وَهُوَ كالجَمل الْمُخَلَّق» أَيِ التَّامّ الخَلْق.
(س [هـ] ) وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ السَّحَابِ «واخْلَوْلَقَ بَعْدَ تَفَرُّق» أَيِ اجْتَمع وتَهيَّأ للمَطر وصاَر خَلِيقاً بِهِ. يُقَالُ خَلُقَ بالضَّم، وَهُوَ أَخْلَق بِهِ، وَهَذَا مَخْلَقَة لِذَلِكَ: أَيْ هُوَ أجدَر، وجديرٌ بِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ خُطْبة ابْنِ الزُّبَيْرِ «إِنَّ المَوْت قَدْ تَغَشَّاكُم سَحَابُه، وأحْدَق بِكُمْ رَبَابُه، واخْلَوْلَقَ بَعْد تَفَرُّق» وَهَذَا البنَاء للمبَالغة، وَهُوَ افْعَوْعَلَ، كاغْدَوْدَن، واعْشَوْشب.

خَرَقَ

(خَرَقَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بشَرْقاء أَوْ خَرْقَاءَ» الْخَرْقَاءُ الَّتِي فِي أُذُنِهَا ثَقْبٌ مُسْتَدِيرٌ. والْخَرْقُ: الشَّقُّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَة البقرة وآل عمران «كأنهما خَرْقَان خِرْقَان مِنْ طيرٍ صَوَافَّ» هَكَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مِنَ الْخَرْقِ: أَيْ مَا انْخَرَقَ مِنَ الشَّيْءِ وبَانَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مِنَ الْخِرْقَةِ: القطعة من الجراد. وقيل الصواب «حزقان» بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، مِنَ الحِزْقَة وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِمَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ «فَجَاءَتْ خِرْقَةٌ مِنْ جَرَاد فاصْطادَتْ وشَوَتْه» .
وَفِيهِ «الرِّفْقُ يمْنٌ والْخُرْقُ شُؤمٌ» الخُرْق بِالضَّمِّ: الْجَهْلُ والحُمقُ. وَقَدْ خَرِقَ يَخْرَقُ خَرَقاً فهو أَخْرَقُ. والاسم الْخُرْقُ بالضم.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تُعِينُ صَانِعاً أَوْ تَصْنَع لِأَخْرَقَ» أَيْ جَاهِلٍ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَعْمَله وَلَمْ يكن في يديه صَنْعة يكتَسِب بها.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِخَرْقَاءَ مثْلَهُنّ» أَيْ حَمْقَاء جَاهِلَةٍ، وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَخْرَقِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ تَزْوِيجِ فَاطِمَةَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَاهَا فَجَاءَتْ خَرِقَةً مِنَ الْحَيَاءِ» أَيْ خَجِلة مَدْهُوشَة، مِنَ الْخَرَقِ: التَّحَيُّرِ. وَرُوِيَ أَنَّهَا أَتَتْهُ تعثُر فِي مِرْطِها من الخَجَل.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَكْحُولٍ «فَوَقَعَ فَخَرِقَ» أَرَادَ أَنَّهُ وَقَعَ مَيِّتًا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «البَرْقُ مَخَارِيقُ الْمَلَائِكَةِ» هِيَ جَمْعُ مِخْرَاقٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ ثَوْبٌ يُلَف ويَضْرِب بِهِ الصِّبيانُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَرَادَ أَنَّهُ آلَةٌ تَزْجُر بِهَا الْمَلَائِكَةُ السَّحاب وتَسُوقه، وَيُفَسِّرُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «البَرْق سَوط مِنْ نُورٍ تَزْجُر بِهِ الْمَلَائِكَةُ السحابَ» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ أَيْمَنَ وفْتَية مَعَهُ حَلَّوا أُزُرَهم وَجَعَلُوهَا مَخَارِيقَ واجْتلدوا بِهَا، فَرَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا مِنَ اللَّهِ اسْتَحْيَوْا، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ اسْتَتَروا، وأُمُ أَيْمَنَ تَقُولُ: استغفرْ لَهُمْ، فَبِلأْىٍ مَا اسْتَغْفَرَ لهم» .
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «عِمَامَةٌ خُرْقَانِيَّة» كَأَنَّهُ لَوَاها ثمَّ كَوّرها كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الرَّساتِيق. هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ. وَقَدْ رُويت بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

خَبَا

(خَبَا)
فِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ «فأمرَ بِخِبَائِهِ فقُوِّض» الْخِبَاءُ: أحدُ بُيوت الْعَرَبِ مِنْ وَبر أَوْ صُوفٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْ شَعَر. وَيَكُونُ عَلَى عَمُوَدين أَوْ ثَلَاثَةٍ. وَالْجَمْعُ أَخْبِيَةٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ مُفْرداً وَمَجْمُوعًا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ هِنْدٍ «أهلُ خِبَاءٍ أَوْ أَخْبَاءٍ» عَلَى الشَّك. وَقَدْ يُستعمل فِي المَنازِل وَالْمَسَاكِنِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ بِالْمَدِينَةِ» يُرِيدُ مَنْزِلها. وَأَصْلُ الخِباء الْهَمْزُ، لِأَنَّهُ يُخْتَبأ فِيهِ.

رَقَمَ

(رَقَمَ)
(هـ) فِيهِ «أَتَى فَاطِمَةَ فوجَد عَلَى بَابِهَا سِتْرا مُوشّىً فَقَالَ: مَا أَنَا وَالدُّنْيَا والرَّقْمَ» يُريد النَّقْش والوَشْيَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابَةُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ يَزيد فِي الرَّقْمِ» أَيْ مَا يُكْتَب عَلَى الثِّيَابِ مِنْ أثْمانها لِتَقع المُرَابَحة عَلَيْهِ، أَوْ يَغْتَر بِهِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ المحدِّثون فِيمَنْ يكْذب ويَزيد في حديثه. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الصُّفوف حَتَّى يَدَعَها مِثْل القِدْح أَوِ الرَّقِيمِ» الرَّقِيمُ الْكِتَابُ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ: أَيْ حَتَّى لَا يَرَى فِيهَا عِوَجاً، كَمَا يُقَوِّم الْكَاتِبُ سُطورَه.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «مَا أدْري مَا الرَّقِيمُ؟ كِتَابٌ أمْ بُنْيان » يَعْنِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ السَّمَاءِ «سَقْفٌ سَائِرٌ ورَقِيمٌ مَائِرٌ» يُرِيدُ بِهِ وَشْيَ السَّمَاءِ بِالنُّجُومِ (س) وَفِيهِ «مَا أَنْتُمْ فِي الأمَمِ إِلَّا كَالرَّقْمَةِ فِي ذِراع الدَّابَّةِ» الرَّقْمَةُ هُنا: الهَنَة الناتِئة فِي ذِراع الدابة من داخِل، وهما رَقْمَتَانِ في ذراعَيها.
وَفِيهِ «صعَد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقْمَةً مِنْ جَبل» رَقْمَةُ الْوَادِي: جانبِه. وَقِيلَ مُجْتَمع مائِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «هُوَ إِذًا كَالْأَرْقَمِ» أَيِ الحيَّة الَّتِي عَلَى ظهْرها رَقْمٌ:
أَيْ نَقْش، وجمْعُها أَرَاقِمُ.
رَقَمَ: كَتَبَ،
وـ الكِتابَ: أعْجَمَه، وبَيَّنَه،
وـ الثَّوبَ: خَطَّطَهُ،
كرَقَّمَه.
والمِرْقَمُ، كمِنْبَرٍ: القَلَمُ.
ويقال للشَديدِ الغَضَبِ: طَفا مِرْقَمُكَ، وجاشَ، وغَلا، وطَفَحَ، وارْتَفَعَ،
وقَذَفَ مِرْقَمُكَ.
ودابَّةٌ مَرْقومةٌ: في قوائِمها خُطوطُ ط كَيَّاتٍ ط.
وثَوْرٌ وحِمارُ وَحْشٍ مَرْقومُ القَوائم: مُخَطَّطُها بسَوادٍ.
والرَّقْمَةُ: الرَّوْضةُ، وجانِبُ الوادي، أو مُجْتَمَعُ مائِه، والخُبَّازَى، وبالتحريكِ: نَبْتٌ.
والرَّقْمَتانِ: هَنَتَانِ شِبْه ظُفْرَيْنِ في قَوائم الدابَّةِ، أو ما اكْتَنَفَ جاعِرَتَي الحِمارِ من كَيَّةِ النارِ، أو لَحْمتانِ تَلِيانِ باطِنَ ذِراعَيِ الفَرَسِ لا شَعَرَ عليهما، أو الجاعِرَتانِ، ورَوْضَتانِ بِناحيَةِ الصَّمَّانِ.
والرَّقْمُ: ضَرْبٌ مُخَطَّطٌ من الوَشْيِ أو الخَزِّ أو البُرودِ، وبالتحريكِ: الداهِيَةُ،
كالرَّقْمِ، بالفتح وككَتِفٍ،
وع، بالمَدينةِ، منه السِهامُ الرَّقَمِيَّاتُ.
ويَوْمُ الرَّقَمِ: م.
والأرْقَمُ: أَخْبَثُ الحَيَّاتِ، وأطلبُها للنَّاسِ، أو ما فيه سوادٌ وبياضٌ، أو ذَكَرُ الحَيَّاتِ، والأُنْثَى: رَقْشَاءُ،
وحيٌّ من تَغْلِبَ وهُمُ الأَرَاقِمُ وجاءَ بالرَّقْمِ، بالفتح وككَتِفٍ، أي: بالكثيرِ.
وكأَميرٍ: ع، وفَرَسُ حِزامِ بنِ وابِصَةَ، وقَرْيةُ أصْحابِ الكهفِ، أو جَبَلُهُم، أو كلْبُهم، أو الوادِي، أو الصَّخْرَةُ، أو لوحُ رَصاصٍ نُقِشَ فيه نَسَبُهُم وأسْماؤُهُم ودِيْنُهُم ومِمَّ هَرَبوا، أو الدَّواةُ واللَّوْحُ.
والرَّقيمةُ: المرأةُ العاقلةُ البَرْزَةُ.
والمَرْقومةُ: الأرضُ بها نباتٌ قليلٌ.
والتَّرْقيمُ والتَّرْقينُ: عَلامةٌ لأهْلِ ديوانِ الخَراجِ، تُجْعَل على الرِّقاعِ والتَّوقيعاتِ والحُسْبانات، لئلاَّ يُتَوَهَّمَ أنه بُيِّضَ كيْ لا يَقَعَ فيه حِسابٌ. وحُمَيْضَةُ بنُ رُقَيْمٍ. كزبيرٍ: صَحابيٌّ بَدْرِيٌّ.

حَطَمَ

(حَطَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ زوَاج فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أيْن دِرْعك الحَطَمِيَّة» هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ: أَيْ تَكْسِرُهَا. وَقِيلَ: هِيَ العَرِيضة الثَّقيلة. وَقِيلَ:
هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى بطْن مِنْ عَبْد القَيس يُقَالُ لَهُمْ حُطَمَة بْنُ مُحَارِبٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ الدُّرُوعَ. وَهَذَا أشْبَه الْأَقْوَالِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سمعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: شَرُّ الرِّعاء الحُطَمَة» هُوَ الْعَنِيفُ برعايَة الْإِبِلِ فِي السَّوْق وَالْإِيرَادِ والإصْدار، ويُلْقِي بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، ويَعْسِفُها. ضَرَبه مَثَلا لِوَالي السُّوء. وَيُقَالُ أَيْضًا حُطَمٌ، بِلَا هَاءٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا رَأَتْهُ فِي حَرْبٍ قَالَتِ: احْذَروا الحُطَم احْذَرُوا القُطَمَ» . وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَته
قَدْ لفَّها اللَّيلُ بِسَوّاقٍ حُطَمْ
أَيْ عَسُوف عَنِيفٍ. والحُطَم مِنْ أبنيِة الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الَّذِي يكْثر مِنْهُ الحَطْم. وَمِنْهُ سُمّيت النَّارُ الحُطَمَة: لِأَنَّهَا تَحْطِم كُلَّ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِم بَعْضُهَا بَعْضَهَا» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَوْدَة «أنَّها اسْتأذَنَت أَنْ تَدْفع مِن مِنًى قَبْلَ حَطْمَة النَّاسِ» أَيْ قَبْل أَنْ يزدحمُوا ويَحطِم بعضُهم بَعْضًا.
وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كعْب بْنِ مَالِكٍ «إذَنْ يَحْطِمكم الناسُ» أَيْ يَدُوسُونَكم ويَزْدحِمون عَلَيْكُمْ.
[هـ] وَمِنْهُ سُمي «حَطِيم مَكَّةَ» ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ. وَقِيلَ: هُوَ الحِجْر المُخْرج مِنْهَا، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيْتَ رُفع وتُرِك هُوَ مَحْطُوما: وَقِيلَ لأنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تطرَح فِيهِ مَا طَافَتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ فَتَبْقى حتَّى تَنْحَطِم بِطُول الزَّمَانِ، فيكونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى فاعل.
(هـ) وفي حديث عائشة «بَعْد ما حَطَمَه الناس» .
وفي رواية «بعد ما حَطَمْتُمُوه» يُقَالُ: حَطَم فُلاناً أهْلُه: إِذَا كَبِر فِيهِمْ، كأنَّهم بِمَا حَمَّلُوه مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوه شَيْخًا مَحْطُومَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ هرِم بْنِ حِبَّان «أنَّه غَضب عَلَى رَجُلٍ فَجَعَلَ يَتَحَطَّم عَلَيْهِ غَيْظاً» أَيْ يتلظَّى ويَتَوقَّد، مَأْخُوذٌ مِنَ الحُطَمَة: النَّار.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرٍ «كُنَّا نَخْرج سَنة الحَطْمَة» هِيَ السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الجَدْب.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ «قَالَ لِلعَبَّاس: احْبِسْ أَبَا سُفيان عِنْدَ حَطْم الْجَبَلِ» هَكَذَا جَاءَتْ فِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى وَقَالَ: حَطْم الْجَبَلِ: الموْضع الَّذِي حُطِم مِنْهُ: أَيْ ثُلِمَ فَبَقِيَ مُنْقَطِعا.
قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عِنْدَ مَضِيق الْجَبَلِ، حَيْثُ يَزْحم بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَوَاهُ أَبُو نَصْر الحُمَيْدي فِي كِتَابِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وفسَّرها في غريبه فقال: الخطم والخطمة: زعن الْجَبَلِ، وَهُوَ الْأَنْفُ النَّادِرُ مِنْهُ. وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ أخْرَج الْحَدِيثَ فِيمَا قَرَأْنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخ كِتَابِهِ «عِنْدَ حَطْم الخَيل» هَكَذَا مَضْبُوطًا، فَإِنْ صحَّت الرَّواية بِهِ وَلَمْ يكُن تَحْرِيفًا مِنَ الكَتَبة فَيَكُونُ مَعْنَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ يحْبسُه فِي الْمَوْضِعِ المُتَضَايق الَّذِي تَتَحَطَّم فِيهِ الخَيْل. أَيْ يَدُوس بَعْضُهَا بَعْضًا، ويزحَم بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَرَاهَا جميعَها، وتكْثُر فِي عَيْنِهِ بمُرورِها فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الضَّيِّق. وَكَذَلِكَ أَرَادَ بِحَبْسِه عِنْدَ خَطْم الْجَبَلِ عَلَى مَا شَرَحَهُ الحُمَيْدي، فإنَّ الْأَنْفَ النَّادِر مِنَ الْجَبَلِ يضيِّق الْمَوْضِعَ الَّذِي يَخْرُج فِيهِ.

حَصَرَ

(حَصَرَ)
- فِي حَدِيثِ الْحَجِّ «المُحْصَر بِمَرَضٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» الإِحْصَار:
المنْع والحبْس. يُقَالُ: أَحْصَرَه الْمَرَضُ أَوِ السُّلطان إِذَا مَنَعَهُ عَنْ مَقْصِدِهِ، فَهُوَ مُحْصَر، وحَصَرَه إِذَا حَبَسَهُ فَهُوَ مَحْصُور. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ زَوَاجِ فَاطِمَةَ «فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِرَت وبَكَت» أَيِ اسْتَحْيَت وانْقَطَعت، كأَن الْأَمْرَ ضَاقَ بِهَا كَمَا يَضِيقُ الْحَبْسُ عَلَى الْمَحْبُوسِ.
وَفِي حَدِيثِ القِبطيّ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا بقَتْله «قَالَ: فرفَعَت الرِّيحُ ثَوبه فَإِذَا هُوَ حَصُور» الحَصُور: الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ حبُس عَنِ الْجِمَاعِ ومنُع، فَهُوَ فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَهُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ المَجْبُوب الذَّكرِ والأُنْثَيَيْن، وَذَلِكَ أبْلَغ فِي الحَصْر لِعَدَمِ آلَةِ الْجِمَاعِ.
وَفِيهِ «أفْضَلُ الْجِهَادِ وأجملُه حجٌّ مَبْرُورٌ، ثُمَّ لزُوم الحُصْر» وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لأزْواجِه:
«هَذِهِ ثمَّ لُزُومُ الحُصْر» : أَيْ أنَّكُنّ لَا تَعُدْنَ تَخْرجْن مِنْ بُيُوتِكُنَّ وتَلْزَمْنَ الحُصُر، هِيَ جمْع الحَصِير الَّذِي يبْسط فِي الْبُيُوتِ، وتُضَم الصَّادُ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ حُذَيفة «تُعْرض الفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عرْض الحَصِير» أَيْ تُحيط بِالْقُلُوبِ يُقَالُ: حَصَرَ بِهِ الْقَوْمَ. أَيْ أَطَافُوا. وَقِيلَ: هُوَ عِرْق يمتدُّ مُعْتَرِضاً عَلَى جَنْب الدَّابة إِلَى ناحِية بَطْنها، فشَبَّه الْفِتَنَ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: هُوَ ثوبٌ مُزَخْرَف مَنْقُوش إِذَا نُشرَ أَخَذَ القُلوب بحسْن صنْعَتِه، فَكَذَلِكَ الفِتنة تُزَيَّن وتُزَخْرف لِلنَّاسِ، وَعَاقِبَةُ ذَلِكَ إِلَى غُرور.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ سَعْدا الأسْلَمِيَّ قَالَ: رَأَيْتُهُ بالخَذَوَات وَقَدْ حَلَّ سُفرةً مُعَلَّقة فِي مؤخَرة الحِصَار» الحِصارُ: حَقيبة يُرْفَعُ مُؤخِّرها فيُجْعل كَآخِرَةِ الرَّحْل، ويُحْشى مُقدَّمها فَيَكُونُ كقادِمَتِه، وتُشَدّ عَلَى الْبَعِيرِ ويُرْكب. يُقَالُ مِنْهُ: احْتَصَرَت الْبَعِيرُ [بِالْحِصَارِ] .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أخلَق للُملك مِنْ معاوية، كان الناس يَرِدُون مِنْهُ أرجاءَ وادٍ رَحْبٍ، لَيْسَ مِثْلَ الحَصِر العَقِص» يَعْنِي ابْنَ الزُّبَير. الحَصِر: الْبَخِيلُ ، والعَقِص: الملْتَوي الصَّعْبُ الأَخْلاق.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.