Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: شمال

رُومِيَةُ

رُومِيَةُ:
بتخفيف الياء من تحتها نقطتان، كذا قيّده الثقات، قال الأصمعي: وهو مثل أنطاكية وأفامية ونيقية وسلوقية وملطية، وهو كثير في كلام الروم وبلادهم، وهما روميتان: إحداهما بالروم والأخرى بالمدائن بنيت وسمّيت باسم ملك، فأمّا التي في بلاد الروم فهي مدينة رياسة الروم وعلمهم، قال بعضهم: هي مسماة باسم رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نوح، عليه السلام، وذكر بعضهم: إنّما سمّي الروم روما لإضافتهم إلى مدينة رومية واسمها رومانس بالروميّة، فعرّب هذا الاسم فسمّي من كان بها روميّا، وهي شمالــي وغربي القسطنطينيّة بينهما مسيرة خمسين يوما أو أكثر، وهي اليوم بيد الأفرنج، وملكها يقال له ملك ألمان، وبها يسكن البابا الذي تطيعه الفرنجية، وهو لهم بمنزلة الإمام، متى خالفه أحد منهم كان عندهم عاصيا مخطئا يستحق النفي والطرد والقتل، يحرّم عليهم نساءهم وغسلهم وأكلهم وشربهم فلا يمكن أحدا منهم مخالفته، وذكر بطليموس في كتاب الملحمة قال: مدينة رومية طولها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها إحدى وأربعون درجة وخمسون دقيقة، في
الإقليم الخامس، طالعها عشرون درجة من برج العقرب تحت سبع عشرة درجة من برج السرطان، يقابلها مثلها من برج الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، لها شركة في كفّ الجذماء، حولها كل نحو عامر، وفيها جاءت الرواية من كلّ فيلسوف وحكيم، وفيها قامت الأعلام والنجوم، وقد روي عن جبير بن مطعم أنّه قال: لولا أصوات أهل رومية وضجّهم لسمع الناس صليل الشمس حيث تطلع وحيث تغرب، ورومية من عجائب الدنيا بناء وعظما وكثرة خلق وأنا من قبل أن آخذ في ذكرها أبرأ إلى الناظر في كتابي هذا ممّا أحكيه من أمرها، فإنّها عظيمة جدّا خارجة عن العادة مستحيل وقوع مثلها، ولكني رأيت جماعة ممّن اشتهروا برواية العلم قد ذكروا ما نحن حاكوه فاتبعناهم في الرواية، والله أعلم، روي عن ابن عباس، رضي الله عنه، أنّه قال: حلية بيت المقدس أهبطت من الجنة فأصابتها الروم فانطلقت بها إلى مدينة لهم يقال لها رومية، قال: وكان الراكب يسير بضوء ذلك الحلي مسيرة خمس ليال، وقال رجل من آل أبي موسى: أخبرني رجل يهودي قال:
دخلت رومية وإن سوق الطير فيها فرسخ، وقال مجاهد: في بلد الروم مدينة يقال لها رومية فيها ستمائة ألف حمّام، وقال الوليد بن مسلم الدمشقي:
أخبرني رجل من التجار قال: ركبنا البحر وألقتنا السفينة إلى ساحل رومية فأرسلنا إليهم إنّا إيّاكم أردنا، فأرسلوا إلينا رسولا، فخرجنا معه نريدها فعلونا جبلا في الطريق فإذا بشيء أخضر كهيئة اللّجّ فكبّرنا فقال لنا الرسول: لم كبّرتم؟ قلنا:
هذا البحر ومن سبيلنا أن نكبّر إذا رأيناه، فضحك وقال: هذه سقوف رومية وهي كلّها مرصّصة، قال: فلمّا انتهينا إلى المدينة إذا استدارتها أربعون ميلا في كلّ ميل منها باب مفتوح، قال: فانتهينا إلى أوّل باب وإذا سوق البياطرة وما أشبهه ثمّ صعدنا درجا فإذا سوق الصيارفة والبزّازين ثمّ دخلنا المدينة فإذا في وسطها برج عظيم واسع في أحد جانبيه كنيسة قد استقبل بمحرابها المغرب وببابها المشرق، وفي وسط البرج بركة مبلّطة بالنحاس يخرج منها ماء المدينة كلّه، وفي وسطها عمود من حجارة عليه صورة رجل من حجارة، قال: فسألت بعض أهلها فقلت ما هذا؟ فقال: إن الذي بنى هذه المدينة قال لأهلها لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذه الصفة فهم الذين يفتحونها، وذكر بعض الرهبان ممن دخلها وأقام بها أن طولها ثمانية وعشرون ميلا في ثلاثة وعشرين ميلا، ولها ثلاثة أبواب من ذهب، فمن باب الذهب الذي في شرقيّها إلى البابين الآخرين ثلاثة وعشرون ميلا، ولها ثلاثة جوانب في البحر والرابع في البرّ، والباب الأوّل الشرقيّ والآخر الغربي والآخر اليمني، ولها سبعة أبواب أخر سوى هذه الثلاثة الأبواب من نحاس مذهّب، ولها حائطان من حجارة رخام وفضاء طوله مائتا ذراع بين الحائطين، وعرض السور الخارج ثمانية عشر ذراعا، وارتفاعه اثنان وستون ذراعا، وبين السورين نهر ماؤه عذب يدور في جميع المدينة ويدخل دورهم مطبق بدفوف النحاس كلّ دفّة منها ستة وأربعون ذراعا، وعدد الدفوف مائتان وأربعون ألف دفة، وهذا كلّه من نحاس، وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعا في عرض ثلاثة وأربعين ذراعا، فكلّما همّ بهم عدوّ وأتاهم رفعت تلك الدفوف فيصير بين السورين بحر لا يرام، وفيما بين أبواب الذهب إلى باب الملك اثنا عشر ميلا وسوق مادّ من شرقيّها إلى غربيّها بأساطين النحاس
مسقّف بالنحاس وفوقه سوق آخر، وفي الجميع التجار، وبين يدي هذا السور سوق آخر على اعمدة نحاس كل عمود منها ثلاثون ذراعا، وبين هذه الأعمدة نقيرة من نحاس في طول السوق من أوّله إلى آخره فيه لسان يجري من البحر فتجيء السفينة في هذا النقير وفيها الأمتعة حتى تجتاز في السوق بين يدي التجار فتقف على تاجر تاجر فيبتاع منها ما يريد ثمّ ترجع إلى البحر، وفي داخل المدينة كنيسة مبنية على اسم ماربطرس وماربولس الحواريين، وهما مدفونان فيها، وطول هذه الكنيسة ألف ذراع في خمسمائة ذراع في سمك مائتي ذراع، وفيها ثلاث باسليقات بقناطر نحاس، وفيها أيضا كنيسة بنيت باسم اصطفانوس رأس الشهداء، طولها ستمائة ذراع في عرض ثلاثمائة ذراع في سمك مائة وخمسين ذراعا، وثلاث باسليقات بقناطرها وأركانها، وسقوف هذه الكنيسة وحيطانها وأرضها وأبوابها وكواها كلّها وجميع ما فيها كأنّه حجر واحد، وفي المدينة كنائس كثيرة، منها أربع وعشرون كنيسة للخاصة، وفيها كنائس لا تحصى للعامّة، وفي المدينة عشرة آلاف دير للرجال والنساء، وحول سورها ثلاثون ألف عمود للرهبان، وفيها اثنا عشر ألف زقاق يجري في كل زقاق منها نهران واحد للشرب والآخر للحشوش، وفيها اثنا عشر ألف سوق، في كلّ سوق قناة ماء عذب، وأسواقها كلّها مفروشة بالرخام الأبيض منصوبة على أعمدة النحاس مطبقة بدفوف النحاس، وفيها عشرون ألف سوق بعد هذه الأسواق صغار، وفيها ستمائة ألف وستون ألف حمّام، وليس يباع في هذه المدينة ولا يشترى من ستّ ساعات من يوم السبت حتى تغرب الشمس من يوم الأحد، وفيها مجامع لمن يلتمس صنوف العلم من الطبّ والنجوم وغير ذلك يقال إنّها مائة وعشرون موضعا، وفيها كنيسة تسمّى كنيسة الأمم إلى جانبها قصر الملك، وتسمّى هذه الكنيسة صهيون بصهيون بيت المقدس، طولها فرسخ في فرسخ في سمك مائتي ذراع، ومساحة هيكلها ستة أجربة، والمذبح الذي يقدّس عليه القربان من زبرجد أخضر طوله عشرون ذراعا في عرض عشرة أذرع يحمله عشرون تمثالا من ذهب طول كل تمثال ثلاثة أذرع أعينها يواقيت حمر، وإذا قرّب على هذا المذبح قربان في الأعياد لا يطفأ إلّا يصاب، وفي رومية من الثياب الفاخرة ما يليق به، وفي الكنيسة ألف ومائتا أسطوانة من المرمر الملمّع ومثلها من النحاس المذهب طول كلّ أسطوانة خمسون ذراعا، وفي الهيكل ألف وأربعمائة وأربعون أسطوانة طول كلّ أسطوانة ستون ذراعا لكل أسطوانة رجل معروف من الأساقفة، وفي الكنيسة ألف ومائتا باب كبار من النحاس الأصفر المفرّغ وأربعون بابا كبارا من ذهب سوى أبواب الآبنوس والعاج وغير ذلك، وفيها ألف باسليق طول كل باسليق أربعمائة وثمانية وعشرون ذراعا في عرض أربعين ذراعا، لكل باسليق أربعمائة وأربعون عمودا من رخام مختلف ألوانه، طول كل واحد ستة وثلاثون ذراعا، وفيها أربعمائة قنطرة تحمل كلّ قنطرة عشرون عمودا من رخام، وفيها مائة ألف وثلاثون ألف سلسلة ذهب معلّقة في السقف ببكر ذهب تعلّق فيها القناديل سوى القناديل التي تسرج يوم الأحد، وهذه القناديل تسرج يوم أعيادهم وبعض مواسمهم، وفيها الأساقفة ستمائة وثمانية عشر أسقفا، ومن الكهنة والشمامسة ممن يجري عليه الرزق من الكنيسة دون غيرهم خمسون ألفا، كلما مات واحد أقاموا مكانه آخر، وفي المدينة كنيسة الملك وفيها خزائنه التي فيها أواني الذهب والفضة مما قد جعل للمذبح، وفيها عشرة
آلاف جرّة ذهب يقال لها الميزان وعشرة آلاف خوان ذهب وعشرة آلاف كأس وعشرة آلاف مروحة ذهب ومن المنائر التي تدار حول المذبح سبعمائة منارة كلها ذهب، وفيها من الصلبان التي تخرج يوم الشعانين ثلاثون ألف صليب ذهب ومن صلبان الحديد والنحاس المنقوشة المموّهة بالذهب ما لا يحصى ومن المقطوريّات عشرون ألف مقطوريّة، وفيها ألف مقطرة من ذهب يمشون بها أمام القرابين، ومن المصاحف الذهب والفضة عشرة آلاف مصحف، وللبيعة وحدها سبعة آلاف حمّام سوى غير ذلك من المستغلّات، ومجلس الملك المعروف بالبلاط تكون مساحته مائة جريب وخمسين جريبا، والإيوان الذي فيه مائة ذراع في خمسين ذراعا ملبّس كلّه ذهبا وقد مثّل في هذه الكنيسة مثال كلّ نبيّ منذ آدم، عليه السلام، إلى عيسى ابن مريم، عليه السلام، لا يشكّ الناظر إليهم أنّهم أحياء، وفيها ثلاثة آلاف باب نحاس مموّه بالذهب، وحول مجلس الملك مائة عمود مموّهة بالذهب على كل واحد منها صنم من نحاس مفرّغ في يد كلّ صنم جرس مكتوب عليه ذكر أمّة من الأمم وجميعها طلسمات، فإذا همّ بغزوها ملك من الملوك تحرّك ذلك الصنم وحرّك الجرس الذي في يده فيعلمون أن ملك تلك الأمة يريدهم فيأخذون حذرهم، وحول الكنيسة حائطان من حجارة طولهما فرسخ وارتفاع كل واحد منهما مائة ذراع وعشرون ذراعا لهما أربعة أبواب، وبين يدي الكنيسة صحن يكون خمسة أميال في مثلها في وسطه عمود من نحاس ارتفاعه خمسون ذراعا، وهذا كله قطعة واحدة مفرّغة، وفوقه تمثال طائر يقال له السوداني من ذهب على صدره نقش طلسم وفي منقاره مثال زيتونة وفي كلّ واحدة من رجليه مثال ذلك، فإذا كان أوان الزيتون لم يبق طائر في الأرض إلّا وأتى وفي منقاره زيتونة وفي كل واحدة من رجليه زيتونة حتى يطرح ذلك على رأس الطلسم، فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك، وهذا الطلسم عمله لهم بليناس صاحب الطلسمات، وهذا الصحن عليه أمناء وحفظة من قبل الملك وأبوابه مختومة، فإذا امتلأ وذهب أوان الزيتون اجتمع الأمناء فعصروه فيعطى الملك والبطارقة ومن يجري مجراهم قسطهم من الزيت ويجعل الباقي للقناديل التي للبيع، وهذه القصة، أعني قصة السوداني، مشهورة قلّما رأيت كتابا تذكر فيه عجائب البلاد إلّا وقد ذكرت فيه، وقد روي عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنّه قال: من عجائب الدنيا شجرة برومية من نحاس عليها صورة سودانية في منقارها زيتونة فإذا كان أوان الزيتون صفرت فوق الشجرة فيوافي كل طائر في الأرض من جنسها بثلاث زيتونات في منقاره ورجليه حتى يلقي ذلك على تلك الشجرة فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لقناديل بيعتهم وأكلهم لجميع الحول، وفي بعض كنائسهم نهر يدخل من خارج المدينة، في هذا النهر من الضفادع والسلاحف والسراطين أمر عظيم، فعلى الموضع الذي يدخل منه الكنيسة صورة صنم من حجارة وفي يده حديدة معقفة كأنّه يريد أن يتناول بها شيئا من الماء، فإذا انتهت إليه هذه الدوابّ المؤذية رجعت مصاعدة ولم يدخل الكنيسة منها شيء البتة، قال المؤلف: جميع ما ذكرته ههنا من صفة هذه المدينة هو من كتاب أحمد بن محمد الهمذاني المعروف بابن الفقيه وليس في القصة شيء أصعب من كون مدينة تكون على هذه الصفة من العظم على أن ضياعها إلى مسيرة أشهر لا تقوم مزدرعاتها بميرة أهلها، وعلى ذلك فقد حكى جماعة من بغداد أنّها كانت من العظم والسعة وكثرة الخلق والحمّامات
ما يقارب هذا وإنّما يشكل فيه أن القارئ لهذا لم ير مثله، والله أعلم، فأمّا أنا فهذا عذري على أنني لم أنقل جميع ما ذكر وإنّما اختصرت البعض.

رَيّانُ

رَيّانُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، والرّيّان ضد العطشان: وهو جبل في ديار طيّء لا يزال يسيل منه الماء، وهو في مواضع كثيرة، منها: الرّيّان قرية من قرى نسا بلدة بخراسان قرب سرخس، ولا يعرفها أهلها إلّا بالتخفيف إلّا أن أبا بكر بن ثابت نصّ على التشديد وربّما قالوا الرّذاني، وقد ذكر في موضعه. والرّيّان أيضا: اسم أطم من آطام المدينة، قال بعضهم:
لعلّ ضرارا أن يعيش يباره ... وتسمع بالرّيّان تبنى مشاربه
والرّيّان أيضا: واد في ضريّة من أرض كلاب أعلاه لبني الضباب وأسفله لبني جعفر، وقال أبو زياد:
الريان واد يقسم حمى ضرية من قبل مهبّ الجنوب ثمّ يذهب نحو مهبّ الــشمال، وأنشد لبعض الرّجّاز:
خليّة أبوابها كالطّيقان ... أحمى بها الملك جنوب الرّيّان
فكبشات فجنوب إنسان
وقالت امرأة من العرب:
ألا قاتل الله اللّوى من محلّة، ... وقاتل دنيانا بها كيف ولّت
غنينا زمانا بالحمى ثمّ أصبحت ... بزلق الحمى من أهله قد تخلّت
ألا ما لعين لا ترى قلل الحمى ... ولا جبل الرّيّان إلّا استهلّت؟
وريّان: اسم جبل في بلاد بني عامر، وإيّاه عنى لبيد بقوله:
فمدافع الرّيّان عرّي رسمها ... خلقا كما ضمن الوحيّ سلامها
وعلى سبعة أميال من حاذة صخرة عظيمة يقال لها صخرة ريّان. والريّان: جبل في طريق البصرة
إلى مكّة. والريّان أيضا: جبل أسود عظيم في بلاد طيّء إذا أوقدت النار عليه أبصرت من مسيرة ثلاثة أيّام، وقيل: هو أطول جبال أجإ، قال جرير إمّا فيه أو في غيره:
يا حبّذا جبل الرّيان من جبل، ... وحبّذا ساكن الرّيان من كانا
وحبّذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الرّيان أحيانا
والرّيان أيضا: موضع على ميلين من معدن بني سليم كان الرشيد ينزله إذا حجّ، به قصور، وقال الشريف الرضي في بعض هذه المواضع:
أيا جبل الرّيّان إن تعر منهم ... فإنّي سأكسوك الدّموع الجواريا
ويا قرب ما أنكرتم العهد بيننا، ... نسيتم وما استودعتم السرّ ناسيا
فيا ليتني لم أعل نشزا إليكم ... حراما ولم أهبط من الأرض واديا
والرّيّان أيضا: محلّة مشهورة ببغداد كبيرة عامرة إلى الآن بالجانب الشرقي بين باب الأزج وباب الحلبة والمأمونية، ينسب إليها أبو المعالي هبة الله بن الحسين ابن الحسن بن أبي الأسود المعروف بابن البلّ، حدث عن القاضي أبي بكر الأنصاري قاضي المارستان، وعبد الله بن معالي بن أحمد الرّيّاني، سمع شهدة وأبا الفتح بن المنّي وغيرهما، سمع منه ابن نقطة.
والرّيّان: قرية بمرّ الظهران من نواحي مكّة.

زَنْدَنَه

زَنْدَنَه:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مفتوحة، ونون: قرية كبيرة من قرى بخارى بما وراء النهر، بينها وبين بخارى أربعة فراسخ في شمالــي المدينة، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن سعيد بن حاتم بن عطية بن عبد الرحمن البخاري الزّندني، حدث عن سعيد بن مسعود وعبيد الله بن واصل، روى عنه محمد بن حمزة بن يافث، ومات سنة 320، وإلى هذه القرية تنسب الثياب الزندنجية، بزيادة الجيم، وهي ثياب مشهورة.

رُعَيْنٌ

رُعَيْنٌ:
هو تصغير الذي قبله، وهو أنف الجبل:
مخلاف من مخاليف اليمن سمّي بالقبيلة، وهو ذو رعين، واسمه يرين (بياءين مثناتين) بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير ابن الهميسع بن حمير. ورعين أيضا: قصر عظيم باليمن، وقيل: جبل باليمن فيه حصن، وبه سمّي ذو رعين، قلل امرؤ القيس:
ودار بني سواسة في رعين ... تخرّ على جوانبه الــشمال

سَبْتَةُ

سَبْتَةُ:
بلفظ الفعلة الواحدة من الإسبات، أعني التزام اليهود بفريضة السبت المشهور، بفتح أوّله، وضبطه الحازمي بكسر أوّله: وهي بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر، وهي على برّ البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذي هو أقرب ما بين البرّ والجزيرة، وهي مدينة حصينة تشبه المهدية التي بإفريقية على ما قيل لأنّها
ضاربة في البحر داخلة كدخول كفّ على زند، وهي ذات أخياف وخمس ثنايا مستقبلة الــشمال وبحر الزقاق، ومن جنوبيها بحر ينعطف إليها من بحر الزقاق، وبينها وبين فاس عشرة أيّام، وقد نسب إليها جماعة من أعيان أهل العلم، منهم: ابن مرانة السبتي، كان من أعلم الناس بالحساب والفرائض والهندسة والفقه وله تلامذة وتآليف، ومن تلامذته ابن العربي الفرضي الحاسب، يقولون إنّه من أهل بلده، وكان المعتمد بن عباد يقول:
اشتهيت أن يكون عندي من أهل سبتة ثلاثة نفر:
ابن غازي الخطيب وابن عطاء الكاتب وابن مرانة الفرضي.

سَبُعانُ

سَبُعانُ:
بفتح أوّله، وضم ثانيه، وآخره نون، منقول من تثنية السّبع، قال أبو منصور: هو موضع معروف في ديار قيس، قال نصر: السّبعان جبل قبل فلج، وقيل: واد شمالــيّ سلم عنده جبل يقال له العبد أسود ليست له أركان، ولا يعرف في كلامهم اسم على فعلان غيره، قال ابن مقبل، وقيل ابن أحمر:
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان ... أملّ عليها بالبلى الملوان
ألا يا ديار الحيّ لا هجر بيننا ... ولكنّ روعات من الحدثان
نهار وليل دائم ملواهما ... على كلّ حال النّاس مختلفان
وقال رجل من بني عقيل جاهليّ:
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان ... خلت حجج بعدي لهنّ ثمان
فلم يبق منها غير نؤي مهدّم ... وغير أثاف كالكميّ دفان
وآثار هاب أورق اللّون سافرت ... به الرّيح والأمطار كلّ مكان
قفار مروراة تجاوبها القطا ... ويضحي بها الجأبان يفترقان
يثيران من نسج الغبار عليهما ... قميصين أسمالا ويرتديان
زعموا أن أوّل من جعل الغبار ثوبا هذا الشاعر ثمّ تبعته الخنساء فقالت:
جارى أباه، فأقبلا وهما ... يتعاوران ملاءة الفخر
فأخذه عدي بن الرقاع فقال:
يتعاوران من الغبار ملاءة ... بيضاء محكمة هما نسجاها

السُّرَيرُ

السُّرَيرُ:
تصغير السرّ: واد بالحجاز، قال نصر:
السرير قريب من المدينة، قال كثيّر:
حين ورّكن دوّة بيمين ... وسرير البضيع ذات الــشّمال
والسّرير أيضا: موضع بقرب الجار، وهي فرضة أهل السفن الواردة من مصر والحبشة على المدينة، والجار بينه وبين المدينة يوم وليلة، وعندي أن كثيّرا أراد بقوله هذا السرير، قال ابن السكيت:
البضيع ظريب عن يسار الجار أسفل من عين الغفاريّين، والسّرير: واد بخيبر، وبخيبر واديان:
أحدهما السّرير والآخر خاص.

سُلْمَانَان

سُلْمَانَان:
بضم أوّله، وتكرير النون، علم مرتجل بلفظ التثنية: اسم موضع عند برقة، ذكرت في موضعها، قال جرير:
هل ينفعنّك، إن جرّبت، تجريب، ... أم هل شبابك بعد الشيب مطلوب؟
أم كلّمتك بسلمانين منزلة، ... يا منزل الحيّ جادتك الأهاضيب!
كلّفت من حلّ ملحوبا وكاظمة، ... هيهات كاظمة منّا وملحوب!
قد تيّم القلب حتى زاده خبلا ... من لا يكلّم إلّا وهو محجوب
ويروى سلمانين، بكسر النون الأولى وفتح الثانية، بلفظ جمع السلامة لسلمان، وهو الأكثر، فأما من روى بلفظ التثنية فقال هما واديان في جبل لغني يقال له سواج، ومن روى بلفظ جمع السلامة لسلمان فقال سلمانين واد يصبّ على الدهناء شمالــي الحفر حفر الرّباب بناحية اليمامة بموضع يقال له الهرار، والهرار: قفّ، والقول فيه كالقول في نصيبين إلّا أنا لم نسمع فيه إلّا سلمانين بلفظ الجرّ والنصب.

سَمُرٌ

سَمُرٌ:
بفتح أوّله، وضم ثانيه، وآخره راء، ذو سمر: من نواحي العقيق، قال أبو وجزة:
تركن زهاء ذي سمر شمالــا، ... وذا نهيا ونهيا عن يمين
والسّمر: ضرب من العضاه.

سُوسَةُ

سُوسَةُ:
بضم أوّله، بلفظ واحد السوس الذي في الصوف، قال بطليموس: مدينة سوسة طولها أربع وثلاثون درجة وثماني عشرة دقيقة، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة تحت عشر درج من السرطان، يقابلها عشر درجات من الجدي، بيت ملكها عشر درجات من الحمل، بيت عاقبتها عشر درجات من الميزان، لها اثنتا عشرة دقيقة في الشولة وأربع درج في سعد الذابح، ولها شركة مع النسر الطائر، قال أبو سعد: سوسة بلد بالمغرب، وهي مدينة عظيمة بها قوم لونهم لون الحنطة يضرب إلى الصفرة، ومن السوسة يخرج إلى السوس الأقصى على ساحل البحر المحيط بالدنيا، فمن السوس الأقصى إلى القيروان ثلاثة آلاف فرسخ يقطعها السالك في ثلاث سنين، ومن القيروان إلى أطرابلس مائة فرسخ، ومن أطرابلس إلى مصر ألف فرسخ، ومن مصر إلى مكّة خمسمائة فرسخ، يخرج الحاجّ من السوس
الأقصى إلى مكّة في ثلاث سنين ونصف ويرجع في مثلها، هذا كلّه عن السمعاني، وفيه تخليط، والصحيح أن سوسة مدينة صغيرة بنواحي إفريقية، بينها وبين سفاقس يومان، أكثر أهلها حاكة ينسجون الثياب السوسية الرفيعة، وما صنع في غيرها فمشبّه بها، يكون ثمن الثوب منها في بلدها عشرة دنانير، وبين سوسة والمهدية ثلاثة أيّام، قال ابن طاهر: سوسة بلدة بالمغرب، خرج منها محدثون وفقهاء وأدباء منهم: يحيى بن خالد السوسي مغربي، يحدث عن عبد الله بن وهب، كذا ذكره ابن يونس، وصديقنا الأديب أبو الحسن علي بن عبد الجبار بن الزيات المنشئ مليح الكلام في النظم والنثر، قدم الشرق وأقام بدمشق مدة ثمّ قدم الموصل وأقام بها بالمدرسة ينسخ، وهو كيّس لطيف حافظ للأخبار والأشعار سلس اللسان، أنشدني لنفسه وكتب لي بخطه:
لا تعتبن شيئا ألمّ بلمّتي، ... إنّ المشيب غبار معترك الصّبا
وغير ذلك، وقيل: من القيروان إلى سوسة ستة وثلاثون ميلا، وهي مدينة قد أحاط بها البحر من ثلاث نواح: من الــشمال والجنوب والشرق، سورها صخر حصين منيع يضرب فيه البحر، وبها منار يعرف بمنار خلف الفتى، ولها ثمانية أبواب، وبها الملعب، وهو بنيان عظيم بناه الأول له أقباء مرتفعة واسعة معقودة بحجر النشفة الخفيف الذي يطفو على رأس الماء المجلوب من ناحية صقلية وحوله أقباء كثيرة يفضي بعضها إلى بعض، وهي مدينة مرخصة كثيرة الخير، وكان معاوية بن حديج قد بعث إليها بعبد الله بن الزبير في جمع كثيف، وكان بلغه أن ملك الروم أنفذ إليها بطريقا يقال له نقفور في ثلاثين ألف مقاتل فنزل بذلك الساحل، فنزل عبد الله شرفا عاليا ينظر منه إلى البحر بينه وبين سوسة اثنا عشر ميلا، فلمّا بلغ ذلك نقفور رجع في مراكبه وأخلى ذلك الساحل فنزل عبد الله بن الزبير في جيشه حتى بلغ البحر ونزل على باب مدينة سوسة ونزل عن فرسه وصلّى بالناس صلاة العصر والروم يتعجّبون من قلة اكتراثه بهم فزحفوا إليه وهو مقبل على صلاته حتى فرغ منها، فركب وشد عليهم فهزمهم حتى حجزهم في مدينتهم وعاد عنهم، وما زالت مدينة سوسة ممتنعة بأهلها، وحاصرها أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي شهورا ثمّ انهزم عنها وكان عليها في ثمانين ألفا، وفي ذلك يقول سهم بن إبراهيم الورّاق:
إن الخوارج صدّها عن سوسة ... منّا طعان السّمر والإقدام
وجلاد أسياف تطاير دونها ... في النّقع دون المحصنات الهام
وقال أحمد بن صالح السوسي:
ألمّ بسوسة وبغى عليها، ... ولكن الإله لها نصير
مدينة سوسة للغرب ثغر، ... تدين لها المدائن والقصور
لقد لعن الذين بغوا عليها ... كما لعنت قريظة والنّضير
أعزّ الله خالق كلّ شيء ... بسوسة بعد ما التوت الأمور
ولولا سوسة لدهت دواهي ... يشيب لهولها الطّفل الصغير
سيبلغ ذكر سوسة كلّ أرض، ... ويغشى أهلها العدد الكثير
والخروج إلى القيروان من سوسة على الباب القبلي
المعروف بباب القيروان، ومقبرة سوسة عن يمين هذا الطريق، وكان زيادة الله بن الأغلب قد بنى سورها، وكان يقول: لا أبالي ما قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات: بنيان مسجد الجامع والقيروان وبنيان قنطرة الربيع وبنيان حصن مدينة سوسة وتوليتي أحمد بن أبي محرز قضاء إفريقية، وخارج سوسة محارس ومرابط ومجامع للصالحين، وداخلها محرس عظيم كالمدينة مسور بسور متقن يعرف بمحرس الرباط يأوي إليه الصالحون والعبّاد، وقيل: داخلها محرس آخر عظيم يسمى محرس القصب وهو متصل بدار الصناعة، وسوسة في سند عال ترى دورها من البحر ووراء سورها هيكل عظيم سمّاه البحريون الفنطاس وهو أوّل ما يرى من البحر، ولهذا الهيكل أربع درج يصعد من كلّ واحدة منها إلى أعلاه، والحياكة بسوسة كثيرة، ويغزل بها غزل تباع زنة مثقال منه بمثقالين من ذهب، ومن محارس سوسة المذكورة المنستير، وقد ذكر في موضعه.

سَهَامٌ

سَهَامٌ:
بالفتح، قال أبو عمرو: السّهام، بالضم، الضّمر والتّغيّر، والسّهام، بالفتح: الذي يقال له مخاط الشيطان، وسهام: اسم موضع باليمامة كانت
به وقعة أيّام أبي بكر، رضي الله عنه، بين ثمامة بن أثال ومسيلمة الكذاب، قال: فالتقوا بسهام دون الثنية، أظنّه يعني ثنية حجر اليمامة، وقال أبو دهبل الجمحي:
سقى الله جارينا ومن حلّ وليه ... قبائل جاءت من سهام وسردد
وقال أميّة بن أبي عائذ الهذلي:
أفاطم حيّيت بالأسعد، ... متى عهدنا بك لا تبعدي
تصيّفت نعمان واصّيّفت ... جنوب سهام إلى سردد
قال ابن الدّمينة: ويتلو وادي رمع من جهة الشام وادي سهام، وأوّله ورأسه بقبلي السّود من صنعاء على بعض يوم إلى ما بين جنوبها ومغربها، ويهريق في جانبه الأيمن الجنوبي حضور جنوبي الأخروج، وجنوبي حراز يهريق في جانبه الأيسر الــشمالــي ألهان وأعشار وبقلان وشمال أنس وصيحان، وشمالــي جيلان ريمة والصلع وجبل برع ويظهر بالكدراء وواقع فيسقي ذلك الصقع إلى البحر، وسهام: اسم رجل سمي به الموضع، وهو سهام بن سمّان بن الغوث من حمير، ووادي سهام: شامي قرب زبيد بيوم ونصف، قصبة معشاره الكدراء.

رَفَحٌ

رَفَحٌ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره حاء مهملة: منزل في طريق مصر بعد الداروم بينه وبين عسقلان يومان للقاصد مصر، وهو أوّل الرمل، خرب الآن، تنسب إليه الكلاب، وله ذكر في الأخبار، قال أبو حاتم: من قرون البقر الأرفح، وهو الذي يذهب قرناه قبل أذنيه، قال المهلبي: ورفح مدينة عامرة فيها سوق وجامع ومنبر وفنادق، وأهلها من لخم وجذام، وفيهم لصوصية وإغارة على أمتعة الناس حتى إن كلابهم أضرّ كلاب أرض بسرقة ما يسرق مثله الكلاب، ولها والي معونة برسمه عدة من الجند، ومن رفح إلى مدينة غزة ثمانية عشر
يوما، وعلى ثلاثة أيّام من رفح من جنب هذه غزة شجر جميز مصطفّ من جانبي الطريق عن اليمين والــشمال نحو ألف شجرة متصلة أغصان بعضها ببعض مسيرة نحو يومين، وهناك منقطع رمل الجفار، ويقع المسافرون في الجلد.

رَامَتَيْن

رَامَتَيْن:
هو تثنية رامة يثنّى كما قيل عمايتين وهو واحد، وهو رامة بعينه، وقد ذكرناه بعد، قال جرير:
يجعلن مدفع عاقلين أيامنا، ... وجعلن أمعز رامتين شمالــا
وعاقلين أيضا أراد به عاقلا، وفي هذا الموضع جاء:
تسألني برامتين سلجما

حُزْوى

حُزْوى:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، مقصور: موضع بنجد في ديار تميم، وقال الأزهري: جبل من جبال الدّهناء مررت به، وقال محمد بن إدريس بن أبي حفصة: حزوى باليمامة، وهي نخل بحذاء قرية بني سدوس، وقال في موضع آخر: حزوى من رمال الدّهناء، وأنشد لذي الرّمّة:
خليليّ عوجا من صور الرواحل، ... بجمهور حزوى، فابكيا في المنازل
لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة ... إلى القلب، أو يشفي نجيّ البلابل
وقال أعرابيّ:
مررت على دار لظمياء، باللّوى، ... ودار لليلى، إنهنّ قفار
فقلت لها: يا دار غيّرك البلى، ... وعصران: ليل مرّة ونهار
فقالت: نعم أفني القرون التي مضت، ... وأنت ستفنى والشباب معار
لئن طلن أيّام بحزوى، لقد أنت ... عليّ ليال بالعقيق قصار
وقال أعرابيّ آخر:
ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة ... بجمهور حزوى، حيث ربتني أهلي؟
لصوت شمال، زعزعت بعد هجمة ... ألاء وأسباطا وأرطى من الحثل
أحبّ إلينا من صياح دجاجة ... وديك، وصوت الريح في سعف النخل

الخَضارِمُ

الخَضارِمُ:
بفتح أوله، وكسر رائه: واد بأرض اليمامة أكثر أهله بنو عجل، وهم أخلاط من حنيفة وتميم، ويقال له جوّ الخضارم، قال ابن الفقيه:
حجر مصر اليمامة ثم جوّ وهي الخضرمة، وهي من حجر على يوم وليلة، وبها بنو سحيم وبنو ثمامة من حنيفة، والخضارم جمع خضرم، وهو الرجل الكثير العطية، مشبّه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء، وأنكر الأصمعي الخضرم في وصف البحر، وكلّ شيء واسع كثير خضرم، وقال طهمان:
يدي، يا أمير المؤمنين، أعيذها ... بحقويك ان تلقى بملقى يهينها
ولا خير في الدنيا، وكانت حبيبة، ... إذا ما شمال زايلتها يمينها
وقد جمعتني وابن مروان حرّة ... كلابيّة، فرع كرام غصونها
ولو قد أتى الأنباء قومي لقلّصت ... إليك المطايا، وهي خوص عيونها
وإنّ بحجر والخضارم عصبة ... حروريّة، حبنا عليك بطونها
إذا شبّ منهم ناشئ شبّ لاعنا ... لمروان، والملعون منهم لعينها

حَلَبُ

حَلَبُ:
بالتحريك: مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه، والحلب في اللغة: مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا، والحلب أيضا: اللبن الحليب، يقال: حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها، قال الزّجّاجي: سمّيت حلب لأن إبراهيم، عليه السلام، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب، فسمي به، قلت أنا: وهذا فيه نظر لأن إبراهيم، عليه السلام، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل، عليه السلام، وقحطان، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن، فإن كان لهذه اللفظة، أعني حلب، أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم، وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف، وقال الشرقي: عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام، وقال غيره: عمليق بن لوذ بن سام، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل: من يطع غريبا يمس غريبا، يعنون عمليق ابن لوذ، ويقال: إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم، ومنهم الزّبّاء، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم، عليه السلام.
قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، طالعها العقرب، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، وخمس وثلاثون دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أبو عون في زيجه: طول حلب ثلاث وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم، عليه السلام، قال:
وفي سنة تسع وخمسين من مملكته، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة، وقال في موضع آخر:
كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور، وهو سريانيّ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكية، وكان بناها قبله، يعني أنطاكية، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان
يعرف بجبل بني صنم، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم، وقيل: إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق، فاختط مدينة سمّيت به، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما، وكان بناها بعد ورود إبراهيم، عليه السلام، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه، واسمه راميس، وهو الرابع من ملوك أثورا، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة، ومدة ما بينه وبين آدم، عليه السلام، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة، وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس، وكانت عمارتها بعد خروج موسى، عليه السلام، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى، وذلك أن يوشع بن نون، عليه السلام، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا، وهي قنّسرين، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود، عليه السلام، فانتزعهم عنها.
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم، عليه السلام، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها، فكانوا يقولون حلب أم لا؟
ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك، فسميت لذلك حلبا، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة، منهم: شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة، ومن جملة شعره قوله:
ولما التقينا للوداع، ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا، ففاضت مدامعي ... عقيقا، فصار الكل في نحرها عقدا
وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة:
خافت صوارم أيدي المازجين لها، ... فألبست جسمها درعا من الحبب
وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين، فمن قوله:
إذا هجوتكم لم أخش صولتكم، ... وإن مدحت فكيف الريّ باللهب
فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا ... رغبت في الهجو، إشفاقا من الكذب
وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة، وله أبيات إلى والده:
يا أبا العباس والفضل! ... أبا العباس تكنى
أنت مع أمّي، بلا شكّ، ... تحاكي الكركدنّا
أنبتت، في كل مجرى ... شعرة في الرأس، قرنا
فأجابه أبوه:
أنت أولى بأبي المذمو ... م بين الناس تكنى
ليت لي بنتا، ولا أنت، ... ولو بنت يحنّا
بنت يحنّا: مغنية بأنطاكية تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر، قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن، وما في حلب موضع خراب أصلا، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية، وبينها وبين حلب يوم وليلة، آخر ما ذكر ابن بطلان.
وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ظهرت سنة 435، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، رؤي فيه في النوم، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا، يزعمون أنهم رأوا عليّا، رضي الله عنه، في المنام في ذلك المكان، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام، بها مقام لإبراهيم، عليه السلام، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.
وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام، قال المؤلف، رحمة الله عليه: وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا
غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد، حسن العدل والرأفة برعيته، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام، ومن الجنوب إلى الــشمال مثل ذلك، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم، قال لي الوزير الأكرم، أدام الله تعالى علوّه: لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه، وهو جملة أخرى كثيرة، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم، وقد ارتفع إليها في العام الماضي، وهو سنة 625، من جهة واحدة، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع، سبعمائة ألف درهم، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم، وهذا من بركة العدل وحسن النية.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري، وكان أبوه يسمّى عبد غنم، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال: أنا عياض بن غنم، فوجد أهلها قد تحصنوا، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد، وكان الذي صالحهم عياض، فأنفذ أبو عبيدة صلحه، وقيل: بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم، وقيل: إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.
وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره، والقلعة مبنيّة في رأسه، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة، وكان الملك الظاهر غازي بن
صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب: باب الأربعين، وباب اليهود، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر، وباب الجنان، وباب أنطاكية، وباب قنّسرين، وباب العراق، وباب السرّ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:
احبسا العيس احبساها، ... وسلا الدار سلاها
واسألا أين ظباء ال ... دّار أم أين مهاها
أين قطّان محاهم ... ريب دهر ومحاها
صمّت الدار عن السا ... ئل، لا صمّ صداها
بليت بعدهم الدا ... ر، وأبلاني بلاها
آية شطّت نوى الإظ ... عان، لا شطّت نواها
من بدور من دجاها، ... وشموس من ضحاها
ليس ينهى النفس ناه ... ما أطاعت من عصاها
بأبي من عرسها وسخ ... طي، ومن عرسي رضاها
دمية إن جلّيت كا ... نت حلى الحسن حلاها
دمية ألقت إليها ... راية الحسن دماها
دمية تسقيك عينا ... ها، كما تسقي مداها
أعطيت لونا من الور ... د، وزيدت وجنتاها
حبّذا الباءات باءت، ... وقويق ورباها
بانقوساها بها با ... هي المباهي، حين باهى
وبباصفرا وبابل ... لا ربا مثلي وتاها
لا قلى صحراء نافر ... قلّ شوقي، لا قلاها [1]
لا سلا أجبال باسل ... لين قلبي، لا سلاها
وبباسلّين فليب ... غ ركابي من بغاها
وإلى باشقلّيشا ... ذو التناهي يتناهى [1] قوله: نافر، بسكون الراء، هكذا في الأصل.
وبعاذين، فواها ... لبعاذين، وواها
بين نهر وقناة ... قد تلته وتلاها
ومجاري برك، يجلو ... همومي مجتلاها
ورياض تلتقي آ ... مالنا في ملتقاها
زاد أعلاها علوّا ... جوشنا لمّا علاها
وازدهت برج أبي الحا ... رث حسنا وازدهاها
واطّبت مستشرف الحص ... ن، اشتياقا، واطّباها
وأرى المنية فازت ... كلّ نفس بمناها
إذ هواي العوجان السا ... لب النفس هواها
ومقيلي بركة التّل ... ل وسيبات رحاها
بركة تربتها الكا ... فوز، والدّرّ حصاها
كم غراني طربي حي ... تانها لما غراها
إذ تلى مطبّخ الحي ... تان منها مشتواها
بمروج اللهو ألقت ... عير لذّاتي عصاها
وبمغنى الكامليّ اس ... تكملت نفسي مناها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن غيثا، وغراها
كلأ الراموسة الحس ... ناء ربي، وكلاها
وجزى الجنّات بالسّع ... دى بنعمى، وجزاها
وفدى البستان من فا ... رس صبّ وفداها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن، محلولا عراها
واذكرا دار السّليما ... نيّة اليوم، اذكراها
حيث عجنا نحوها العي ... س تبارى في براها
وصفا العافية المو ... سومة الوصف صفاها
فهي في معنى اسمها حذ ... وبحذو، وكفاها
وصلا سطحي وأحوا ... ضي، خليليّ، صلاها
وردا ساحة صهري ... جي على سوق رداها
وامزجا الراح بماء ... منه، أو لا تمزجاها
حلب بدر دجّى، أن ... جمها الزّهر قراها
حبّذا جامعها الجا ... مع للنفس تقاها
موطن مرسي دور ألب ... رّ بمرساة حباها [1]
شهوات الطرف فيه، ... فوق ما كان اشتهاها
قبلة كرّمها الل ... هـ بنور، وحباها
ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها
ومراقي منبر، أع ... ظم شيء مرتقاها
وذرى مئذنة، طا ... لت ذرى النجم ذراها
والنّواريّة ما لا ... ترياه لسواها
قصعة ما عدت الكع ... ب، ولا الكعب عداها
أبدا، يستقبل السّح ... ب بسحب من حشاها
فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها، أو إن سقاها
كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها
قبّة أبدع بانى ... ها بناء، إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا، ... فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قب ... بة كسرى ما ابتناها
فبذا الجامع سرو ... يتباهى من تباهي
جنّبا السارية الخض ... راء منه، جنّباها
قبلة المستشرف الأع ... لى، إذا قابلتماها
حيث يأتي خلفه الآ ... داب منها من أتاها
من رجالات حبّى لم ... يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه ... باع بالعلم السفاها
وعلى ذاك سرور ال ... نفس منّي وأساها
شجو نفسي باب قنّس ... رين، وهنا، وشجاها
حدث أبكي التي في ... هـ، ومثلي من بكاها
أنا أحمي حلبا دا ... را، وأحمي من حماها
أيّ حسن ما حوته ... حلب، أو ما حواها
سروها الداني، كما تد ... نو فتاة من فتاها
آسها الثاني القدود ال ... هيف، لمّا أن ثناها [1] هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.
نخلها زيتونها، أو ... لا فأرطاها عصاها
قبجها درّاجها، أو ... فحباراها قطاها
ضحكت دبسيّتاها، ... وبكت قمريّتاها
بين أفنان، تناجي ... طائريها طائراها
تدرجاها حبرجاها ... صلصلاها بلبلاها
ربّ ملقي الرّحل منها، ... حيث تلقى بيعتاها
طيّرت عنه الكرى طا ... ئرة، طار كراها
ودّ، إذ فاه بشجو، ... أنه قبّل فاها
صبّة تندب صبّا، ... قد شجته وشجاها
زيّنت، حتى انتهت ... في زينة في منتهاها
فهي مرجان شواها، ... لازورد دفّتاها
وهي تبر منتهاها، ... فضّة قرطمتاها
قلّدت بالجزع، لمّا ... قلّدت، سالفتاها
حلب أكرم مأوى، ... وكريم من أواها
بسط الغيث عليها ... بسط نور، ما طواها
وكساها حللا، أب ... دع فيها إذ كساها
حللا لحمتها السّو ... سن، والورد سداها
إجن خيرياتها بال ... لحظ، لا تحرم جناها
وعيون النرجس المن ... هلّ، كالدمع نداها
وخدودا من شقيق، ... كاللظى الحمر لظاها
وثنايا أقحوانا ... ت، سنا الدّرّ سناها
ضاع آذريونها، إذ ... ضاء، من تبر، ثراها
وطلى الطّلّ خزاما ... ها بمسك، إذ طلاها
وانتشى النّيلوفر الشّو ... ق قلوبا، واقتضاها
بحواش قد حشاها ... كلّ طيب، إذ حشاها
وبأوساط على حذ ... والزنابير حذاها
فاخري، يا حلب، المد ... ن يزد جاهك جاها
إنه إن لم تك المد ... ن رخاخا، كنت شاها
وقال كشاجم:
أرتك ندى الغيث آثارها، ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما أمتعت جارها بلدة ... كما أمتعت حلب جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي، ... فزرها، فطوبى لمن زارها!
وكفر حلب: من قرى حلب. وحلب الساجور:
في نواحي حلب، ذكرها في نواحي الفتوح، قال:
وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.
وحلب أيضا: محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط، رأيتها غير مرّة.

الحَمائرُ

الحَمائرُ:
جمع حمار، نحو شمال وشمائل وإفال وأفائل، وهي حجارة تجعل حول الحوض تردّ الماء إذا طغى، وأنشد ابن الأعرابي:
كأنما الشحط، في أعلى حمائره، ... سبائب القرّ من ريط وكتّان
وهو علم لموضع، كذا قيل.

حَوْرانُ

حَوْرانُ:
بالفتح، يجوز أن يكون من حار يحور حررا، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النّقصان بعد الزيادة، وحوران: كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وما زالت منازل العرب، وذكرها في أشعارهم كثير، وقصبتها بصرى، قال امرؤ القيس:
ولما بدت حوران والآل دونها، ... نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا
وقال جرير:
هبّت شمالــا، فذكرى ما ذكرتكم ... عند الصفاة التي شرقيّ حورانا
هل يرجعنّ، وليس الدهر مرتجعا، ... عيش بها طال ما احلولى وما لانا؟
وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قد ولّى علقمة بن علاثة حوران، فقصده الحطيئة الشاعر فوصل إليه وقد انصرفوا عن قبره، فقال عند ذلك
لعمري! لنعم المرء من آل جعفر ... بحوران أمسى أقصدته الحبائل!
لقد أقصدت جودا ومجدا وسؤددا ... وحلما أصيلا، خالفته المجاهل
وما كان بيني، لو لقيتك سالما، ... وبين الغنى إلّا ليال قلائل
فإن تحي لم أملل حياتي، وإن تمت ... فما في حياتي بعد موتك طائل
وقال ثعلب في قول الحطيئة:
ألا طرقت هند الهنود وصحبتي، ... بحوران حوران الجنود، هجود
قال: أهل الشام يسمون كل كورة جندا، وقال:
حوران الجنود أي بها جنود، ويقال: أنا من أبعدها جنودا أي بلدا، وفتحت حوران قبل دمشق، وكان اجتمع المسلمون عند قدوم خالد على بصرى ففتحوها صلحا وانبثوا إلى أرض حوران جميعا وجاءهم صاحب أذرعات فطلب الصلح على مثل ما صولح عليه أهل بصرى، وقد نسب إلى حوران قوم من أهل العلم، منهم: إبراهيم بن أيوب الشامي الحوراني الزاهد، وكان من الصالحين، روى عن الوليد بن مسلم ومضاء ابن عيسى وغيرهما. وحوران أيضا: ماء بنجد، قال نصر: أظنّه بين اليمامة ومكة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.