Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: زاهد

دلغط

دلغط
دَلْغَاطانُ، أَهْمَلَهُ الجماعَة، وَقَالَ ابنُ السَّمْعانِيّ فِي الأَنْساب هِيَ ة، بمَرْوَ عَلَى أَربَعَةِ فراسِخَ مِنْهَا، ويُقَالُ: دَلْغتانُ، وَفِي تَارِيخ أَبي زُرْعَة السِّنْجِيّ: هِيَ دَلْغاتانُ، مِنْهَا الفَقيهُ أَبُو بكرٍ فَضْلُ الله بنُ مُحَمَّد بنِ إبْراهيمَ بنِ أَحمدَ عبد الله الدَّلْغَاطِيّ، قالَ ابنُ السَّمْعانِيّ: هُوَ صَديقُنا وصاحِبُنا، أَفْنى عمْرَه فِي طَلَب العُلوم، يعرِفُ اللُّغة والأُصولَ والفِقْهَ، وبالَغَ فِي طَلَب الحديثِ عَلَى كِبَرِ السِّنّ. قالَ: وَكَانَ يحُثُّني عَلَى إِتْمامِ كتابِ الأَنْساب ويُعْجِبُه ذَلِك، وُلد بهَا سنة، وَقَالَ: مِنْهَا أَيْضاً: الــزَّاهدُ أَبُو بكرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفضْلِ بنِ أَحمَدَ الدَّلْغاطانِيُّ، روى عَن أَبيه، كانَ من الزُّهَّادِ المَنْزُورينَ، وللنَّاسِ فِيهِ اعْتِقادٌ عَظيمٌ. وروى أَبوهُ عَن أَبي جعفَرٍ الهَمْدانِيّ، توفِّي سنة. وَمن القُدَماءِ أَبُو نَصْرُ بن الحَكَم بن حامِد الطَّهْمانِيّ الدَّلْغاطانِيّ، سمعَ قُتَيْبَةَ بنَ سَعيدٍ، وسعيدَ بنَ هُبَيْرَةَ وغيرَهم. وأَعْجَمَ دالَهُ الحافظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الرُّشاطِيُّ فِي أَنْسابِه، وكتابُه هَذَا فِي سِتِّ مُجَلَّداتٍ.

صغن

صغن
: (الصَّغانَةُ، كسَحابَةٍ) :
أَهْمَلَهُ الجماعَةُ.
وَهِي (من المَلاهِي، مُعَرَّبَةُ جَفانَةْ) بالجيمِ الفارِسِيَّةِ.
(وصَغانِيَانُ: كُورَةٌ عظيمةٌ بِمَا وراءَ النَّهْرِ، ويُنْسَبُ إِلَيْهَا الإِمامُ الحافِظُ فِي) علْمِ (اللُّغَةِ) الفَقِيهُ المحدِّثُ الرَّحَّالُ أَبو الفَضَائِل رَضِي الدِّيْن (الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ الحَسَنِ) بنِ حَيْدَر بنِ عليَ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ العمريُّ الحَنَفيُّ (ذُو التَّصانِيفِ) ، مِنْهَا: العُبابُ الزَّاخِر فِي عشْرِين مجلداً، وصَلَ فِيهِ إِلَى بكم، ومَجْمَعُ البَحْرَيْنِ فِي اللّغَةِ اثْنا عَشَرَ مجلداً، ومَجْمَعُ البَحْرَيْن أَيْضاً فِي الحدِيثِ، والتّكْمِلَةُ على الصِّحاحِ فِي ستِّ مجلَّدَات كبارٍ، والشوارِدُ فِي اللغَةِ، وتَوْشِيح الدريدية، وكِتابُ التَّراكِيبِ، وكِتابُ فعال وفعلان، وكِتابُ الانْفِعالِ، وكِتابُ مَفْعول، وكِتابُ الأَضْدادِ، وكِتابُ العَرُوضِ، وكِتابُ أَسْماءِ الغارَةِ، وكِتابُ أَسْماءِ الأَسَدِ، وأَسْماء الذِّئْب، ومشارِقِ الأَنْوارِ فِي الجَمْع بينَ الصَّحِيحَيْن، ومِصْباح الدّياجي، والشَّمْس المُنِيْرة، وشَرْح البُخارِي فِي مجلدٍ، ودُرّ السَّحابَة فِي مَعْرِفَة الصَّحابَة، وكِتابُ الضُّعَفاء والفَرائِض، وشَرْح أَسْباب المفصّل، وغَيْر ذلِكَ. وَقد ظَفِرْتُ بحَمْدِ الّلهِ تعالَى مِن تآلِيفِه على العُبابِ والتكْمِلَةِ ومَجْمَع البَحْرَيْن الحدِيثِي وكِتابِ أَسْماءِ الأسدِ.
قالَ الذَّهبيُّ: ولِدَ بمدِينَةِ لاهُور سَنَة 555، ونَشَأَ بغَزْنَة، ودَخَلَ بَغْدادَ سَنَة 595، وذَهَبَ مِنْهَا بالرِّسالَةِ الشَّريفَة إِلَى مَلِكِ الهِنْدِ سَنَة 617، وقَدِمَ سَنَة 624، ثمَّ أُعِيد رَسُولاً فَلم يَرْجِع إِلَى سَنَة 637، وسَمِعَ بمكَّةَ واليَمَنِ والهِنْدِ مِن القاضِي سعْدِ الدِّيْن خَلَف بنِ محمدِ الحسناباذي والنِّظام محمدِ بنِ الحَسَنِ المرغيناني.
وقالَ ياقوتُ: وَكَانَ مُعاصِراً لَهُ، قَدِمَ العِرَاقَ وحَجَّ ونفق سوقه باليمنِ، وصنَّفَ كتابا فِي التَّصْريفِ، وكمّلَ العزيزيّ ومَناسِك الحجِّ وختمه بقوْلِه:
شَوْقي إِلَى الكَعْبَة الغَرَّاء قد نادَى فاسْتَحْمل القُلَّصَ الوخادَة الزَّادافي أَبْياتٍ. وقَرَأَ بعَدَنَ مَعالِمَ السّنَن للخَطابي، وَكَانَ يُعْجَبُ بِهِ، قالَ: وَفِي سَنَة 613 كانَ بمكَّةَ وَقد رَجِعَ مِن اليمنِ، وَهُوَ آخِرُ العَهْد بِهِ.
وَقَالَ الحافِظُ الدِّمياطيّ: هُوَ شيْخٌ صالِحٌ صَدُوقٌ صَمُوت عَن فَضْلِ الكَلامِ، إمامٌ فِي اللُّغَةِ والفقْهِ والحدِيثِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ وحَضَرْتُ دَفْنَه بدارِهِ بالحريمِ الظاهِرِيّ سَنَة 650، ثمَّ حُمِل إِلَى مكَّةَ، وأَوْصَى لمَنْ يَحْمِله إِلَيْهَا بخَمْسِين دِيناراً، وَكَانَ مَعَه مولد مَحْكُوم فِيهِ بِمَوْتِهِ بِوَقْت، وَكَانَ يَتَرَقَّبه فحَضَرَ ذلِكَ اليَوْم وَهُوَ مُعافًى قائِمٌ ليسَ بِهِ قلبه فَعمل سَكْراناً لذلِكَ ثمَّ ماتَ ذلِكَ اليَوْم فجْأَةً، رَحِمَه الّلهُ تَعَالَى.
(والنِّسْبَةُ صَغانِيٌّ وصَاغانِيٌّ) ، وَالَّذِي رأَيْتُه فِي العُبابِ والتكْمِلَةِ يكْتُبُ بنفْسِه لنفْسِه يقولُ محمدُ بنُ الحَسَنِ الصَّغانيُّ، من غيرِ أَلفٍ، ويُفْهَمُ مِن عِبارَةِ المصنِّفِ أنّ كِلاهُما جائِزانِ فِي النِّسْبَةِ والمَنْسوبِ إِلَيْهِ محلّ واحِد، وَهَكَذَا ذَهَبْتُ فأَقُول تارَةً قالَ الصَّغانيُّ، وتارَةً قالَ الصَّاغانيُّ، غَيرْ أَنِّي رأَيْتُ فِي بعضِ كُتُبِ الأنْسابِ فرْقاً بَيْنهما.
فأمَّا صَغانِيَان فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَه المصنِّفُ، رحِمَه الّلهُ تَعَالَى.
وأمَّا صَاغانُ مُعَرَّبُ جاغان فقَرْيَةٌ بمَرْوَ، أَو سكَّةٌ بهَا، مِنْهَا: أَبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ عمرَان الصَّاغانيُّ المُقْرىءُ عَن أَبي بكْرٍ الطَّرسُوسِيُّ؛ وأَبو بكْرٍ محمدُ بنُ إسْحق الصَّاغانيُّ، ويقالُ فِيهِ الصَّغانيُّ أَيْضاً.
ومِن صَغانِيَان أَبو العبَّاسِ بنُ يَحْيَى بنِ الحُسَيْن الحَنَفيُّ سَمِعَ السيِّد أَبا الحَسَنِ العَلَويّ، وَعنهُ أَبو بكْرٍ الخَطِيبُ البَغْدادِيُّ.
(و) أَبو يَعْقوب (إسْحقُ بنُ إبراهيمَ بنِ صَيْغُونَ الصَّيْغُونِيّ) صُوفيّ (زَاهِدٌ) صالِحٌ (محدِّثٌ) مِصْريٌّ ذَكَرَه ابنُ يونُسَ فِي التارِيخِ وقالَ: ماتَ سَنَة 302.

بهغ

بهغ
ابن دريد: البُهُوْغُ: الهُبُوْغُ؛ وهما النوم، يقال: هابغٌ باهِغٌ.
بهغ
البُهُوغُ، بالضَّمِّ أهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسان، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: هُوَ النَّوْمُ، كالهُبُوغِ يُقَالُ: هابِغٌ باهِغٌ، كُرِّرَ للمُبَالَغَةِ.
بيغ
{البَيْغُ: ثَوَرَانُ الدَّمِ، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ، وخَصَّهُ بَعْضُهم فِي الشَّفَةِ.
} وباغَ {يَبِيغُ: هَلَكَ، عَن ابْنِ عَبّادٍ، وَفِي اللِّسَانِ: تاغَ، بالمُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ، كَمَا سَيَأْتِي.
(و) } البَيّاغُ كشَدّادٍ ابنُ قَيْسِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَخْزُومٍ التَّغْلِبيُّ: فارِسٌ، أدْرَكَ زَمَنَ عليّ بن أبي طالِبٍ، رَضِي الله عَنهُ، ذكَرَهُ الأمِيرُ فِي الإكْمَالِ.
{وبَيَّغْتُ بهِ. انْقَطَعْتُ بهِ،} وبُيِّغَ مَجْهُولاً.
{وتَبَيَّغَ عَلَيْهِ الأمْرُ: اخْتَلَطَ عَن ابنِ عَبّادٍ.
(و) } تَبَيَّغَ بهِ الدَّمُ: هاجَ بهِ وغَلَبَ، وَذَلِكَ حينَ تَظْهَرُ حُمْرَتُه فِي البَدَنِ، وقالَ شَمِرٌ: {تَبَيَّغَ بهِ الدَّمُ: أنْ يَغْلِبَهُ حَتَّى يَقْهَرَهُ، وقالَ بَعْضُ العَرَبِ:} تَبَيَّغَ بهِ الدَّمُ، أَي: تَرَدَّدَ فِيهِ الدَّمُ، وقيلَ: هُو تَوَقُّدُ الدَّمِ وقيلَ: هُوَ تَوَقُّدُ الدَّمِ حَتَّى يَظْهَرَ فِي العُرُوقِ، وقيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ منَ البَغْي، أَي: تَبَغَّى مِثل: جَبَذَ وجَذَبَ، وَمَا أطْيَبَهُ وَمَا أيْطَبَهُ، وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ: تَبَيَّغَ وتَبَوَّغَ بالواوِ والياءِ، وأصْلُه منَ البَوْغَاءِ، وهُوَ التُّرابُ إِذا ثارَ، وَفِي الحديثِ: عَلَيْكُمْ بالحِجَامَةِ، لَا {يَتَبَيَّغْ بأحَدِكُمُ الدَّمُ فيَقْتُلُه.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: تَبَيَّغَ اللَّبَنُ: إِذا كَثُرَ.
} وبِيغُو بالكَسْرِ وضَمِّ الغَيْنِ: ة، بالمَغْرِبِ بَيْن غَرْنَاطَةَ وقُرْطُبَةَ، منْهَا شَيْخُ القاضِي عِيَاضٍ، سُلَيْمَانُ والضِّياءُ عليُّ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ يُوسُفِ الخَزْرَجِيُّ الغَرْنَاطِيُّ الشّاعِرُ، الــزّاهِدُ المُعَمَّرُ، أدْرَكَهُ البِرْزاليُّ، وُلِدَ {ببيِغُو البِيغيّانِ نَقَلَه الحافِظُ.
وممّا يُسْتدْرَكُ عليهِ: تَبَيَّغَ بهِ النَّوْمُ: إِذا غَلَبَهُ، قالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَكَذَا تَبَيَّغَ بهِ المَرَضُ: إِذا غَلَبَهُ.
} وتَبَيَّغَ الماءُ، إِذا تَرَدَّدَ، فتَحَيَّرَ فِي مَجْرَاهُ مَرَّةً كَذَا ومَرَّةً كَذَا.
وقالَ شَمِرٌ: أقْرَأنِي ابنُ الأعْرَابِيّ قَوْلَ رُؤْبَةَ: فاعْلَمْ، ولَيْسَ الرَّأْيُ {بالتَبَيُّغِ بأنَّ أقْوَالَ العَنِيفِ المِفْشَغِ) خَلْطٌ كخَلْطِ الكَذِبِ المُمَغْمَغِ وفَسَّرَ التَّبَيُّغَ منْ كُلِّ وجْهٍ} كتَبَيُّغِ الداءِ إِذا أخَذَ فِي جَسَدهِ كُلِّهِ، واشْتَدَّ، وقوْلُه أنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:
(وتَعْلَمْ نَزِيغاتُ الهَوَى أنَّ وُدَّها ... تَبَيَّغَ منِّي كُلَّ عَظْمٍ ومَفَصْلِ)
لمْ يُفَسّرُهُ، وهُوَ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى رَكِبَ، فيَنْتَصِبَ انْتِصَابَ المَفْعُولِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى هاجَ وثارَ، فيَكُونَ التَّقْدِيرُ على هَذَا: ثارَ مِنِّيَ على كُلِّ عَظْمٍ ومَفْصِلٍ فحذَفَ على وَعَدَّى الفِعْلَ بَعْدَ حَذْفِ الحَرْفِ.
وحكَى بَعْضُ الأعْرَابِ: منْ هَذَا {المُبَيَّغُ عليهِ مَعْناهُ: لَا يُحْسَدُ.
} وبِيغُو بالكَسْرِ: عِدَّةٌ قُرَى بالأنْدَلُسِ غير الّتِي ذكَرَها المُصَنِّف منْهَا: بِيغُو أبي الهَيْثَمِ، وبيغُو الحَجَر وبِيغو أمْتِيشَةَ وَمن إحْداها أَبُو مُحَمَّد يَعِيشُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيدِ الأنْصَارِيُّ {- البِيغيُّ، كَتَبَ عَنْهُ السِّلَفِيّ.

ندك

ندك
أَنْدُكانُ، بالفَتْح وضمِّ الدّالِ المُهْمَلَةِ أَهْمَلَه الجَماعَة، وَقَالَ ياقُوت فِي المُعجَمِ، هِيَ: بفَرغانَةَ مِنْهَا أَبُو حَفْص عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طاهِرٍ الأَنْدُكاني الصُّوفِيُ كَانَ شَيخا مقْرِئًا عَفِيفًا صالِحًا عَالما بالرِّواياتِ فِي القِراءاتِ خَرَج إِلى قاشانَ، وخَدَمَ الفُقَهاءَ بالخانقاه بهَا، سَمعَ ببُخارى أَبا الفَضْلِ بَكْرَ بنَ مُحمَّدِ بنِ عَليّ الزَّرَنْجَرِيَّ، وبمَروَ أَبا الرَّجاءِ المؤَمَّلَ بنَ مَسرُورٍ الشّاشِي، وكانَ ولادَتُه تَقدِيرًا فِي سنة بِبَلَدِهِ. قلتُ وتُوفي فِي جُمادَى الأولَى سنة.
ثمَّ قَالَ وأَنْدُكانُ أَيْضًا: بسَرَخْسَ بهَا قَبرُ الــزّاهِدِ أَحْمَدَ الحَمّادِيّ يُزارُ ويُتَبَرَّكُ بِهِ والمِناسِبُ إِيرادُ هَذِه اللَّفْظَةِ فِي حَرفِ الأَلفِ، لأَنَّ الكلمةَ أَعْجَمِيَّةٌ.

رزك

رزك
رُزَّيْكٌ، كقُبَّيطٍ أَهمَلَه الجَماعَة وهُوَ والِدُ المَلِكِ الصّالِحِ طَلائِعَ بنِ رُزَّيْك وَزيرِ مِصْرَ وواقِفِ الأَوْقافِ للسّادَةِ الأشْرافِ بهَا. قلت: وَابْنه الْملك الْعَادِل رزيك بن طلائِعَ، وآلُ بَيتِهم، ثمَّ إِنَّ هَذَا الضَّبطَ مُخالِفٌ لضَبطِ الحافِظِ بن حجَرٍ وَغَيره، فإِنّه قالَ بتَشْدِيدِ الزّاي المَكْسُورَةِ، وَهُوَ الصّوابُ، وَهَكَذَا سَمِعْتُه من لسانِ الإِمامِ اللّغَوِيِّ عبدِ اللهِ بنِ عبد اللهِ بنِ سَلامَةَ المُؤَذِّنِ الشّافِعِيِّ، وكانَ يُخَطِّئُ صَاحب القامُوسِ، ويَقَع فِيهِ، سامَحَه اللهُ تعالَى.
وَمِمَّا يستَدْرَكُ عَلَيْهِ: أَرْزَكانُ، بِالْفَتْح: مَدِينَةٌ على ساحِلِ بَحْرِ فارِسَ، مِنْهَا أَبُو عبد الرَّحْمن عبد اللهِ بنُ جَعْفرَ بنِ أبي جَعْفرٍ الأَرْزَكانيُ: ثِقَةٌ زاهِدٌ، سَمِعَ يَعْقوب بنَ سُفْيانَ، وَمَات سنة.

زغن

زغن
: (الزَّاغُونيُّ) :
أَهْمَلَه الجماعَةُ.
وَهُوَ شيْخُ الحنابِلَةِ أَبو الحَسَنِ (عليُّ بنُ عبدِ اللهاِ) ، صَوابُه: ابنُ عُبَيْدِ اللهاِ بنِ نَصْر بنِ عُبَيْدِ الّلهِ بنِ سهْلِ بنِ السّري، (مُحَدِّثٌ حَنْبَليٌّ) ، وَهُوَ مَنْسوبٌ إِلَى زَاغُون قَرْيةٌ ببَغْدادَ لَهُ، مَجْموعاتٌ فِي المَذْهبِ والأُصُولِ، وجَمَعَ تَارِيخا على السِّنِين وتُوفي سَنَةَ 527، ودُفِنَ بمقْبَرَةِ الإِمامِ أَحْمدَ، رضِيَ اللهاُ تعالَى عَنهُ، ومَوْلِده سَنَة 455؛ وأَخُوه أَبو بكْرٍ مُحدِّثٌ، حَدَّثَ أَيْضاً.
(ومحمدُ بنُ عبدِ العزيزِ) الكِلابيُّ (الزُّغَيْنيُّ، كجُوَيْنيَ، الفَقِيهُ مُؤَلِّفُ أَحْكامِ القُضاةِ) .
قلْتُ: الصَّوابُ: الزُّغَيْبيُّ بالموحَّدَةِ بَدَل النُّون، أَخَذَه عَنهُ الأشيريّ، وضَبَطَه كَذَا فِي التَّبْصِيرِ، وصرَّحَ بِهِ ابنُ السّمعانّي وغيرُهُ.
وممَّا يُسْتدركْ عَلَيْهِ:
زغوانٌ: جَبَلٌ بالمَغْربِ نُسِبَ إِلَيْهِ الــزَّاهدُ أَبو عبدِ اللهاِ محمدُ بنُ عبْدِ اللهاِ، أَخَذَ عَن أَبي مَدين الْغَوْث، وقَدِمَ إِلَى مِصْرَ سَنَة 598، وَبهَا تُوفي سَنَة 696.
ومَزْغَنَّاي، بفتْحٍ فسكونٍ وفتْحِ الغينِ وتشْدِيدِ النُّونِ، تقدَّمَ ذِكْرُه للمصنِّفِ رحِمَه اللهاُ تعالَى فِي (ج ز ر) .

خضَّ

خضَّ: خضّ فلاناً بكذا، وخصَّه به: أعطاه شيئاً كثيراً (البكري ص18). وفي حيان - بسام (1 ص 174و): جماعاً للدفاتر مغالياً فيها نفاعاً من خصّه منها شيء (بشيء). وفي الخطيب (ص51 ق): من خَصَّه بها. خصَّه بالسلام: سلَّم عليه (فوك).
وخصّ بمعنى اختار وملك لا يقال خصَّ لفلان فقط (لين، بوشر) بل خصَّ فلاناً أيضاً. ففي معجم بوشر خصَّه.
ما يخصه الشيء: غير مختص به، ولم يعن به، ولم يختص به.
أيش يخصَّك أنت: ما دخلك أنت.
وأخذ كل واحد منهم ما يخصّه (ألف ليلة 4: 481) أي أخذ كل واحد حصته من القسمة.
خَصَّ: فعل مشتق من خُصّ. ففي معجم البلاذري: خَصَّ على قصره خُصَّا من قصب. أي أحاط قصره بسياج من قصب.
وخصَّ: تستعمل في المغرب بمعنى نقص وأعوز (فوك، الكالا، بوشر (بربرية)، هلو)، وفي معجم مارسيل: خصنا الفلوي أي أعوزتنا الفلوس. وفي تاريخ ابن زيان في كلامه عن الكمثري: فوجدها قد نقصت من كمال عدها فقال للجّنان وأين الذي خصَّ فقال يا مولاي أكله الصبي ابني (عددها في مخطوطة فينه، وفي مخطوطتنا عددها. وفي مخطوطة فينة بعد كلمة خص: منها) ..
خصَّص: خص، ضد عمَّ (بوشر).
وخصص الكلمة: خص بها معنى خاصاً. جعلها مصطلحاً لمعنى (بوشر).
وخصّص له: عيّن، قدّر. أتاح له (بوشر).
وتخصيص كنيسة باسم قديس: تقديس، تكريس كنيسة باسم قديس (بوشر).
خاصَّ فلانا: خصّه معروف واختصه به (دي ساسي ديب 11: 15).
تخصص: أصبح متخصصاً أي وجيهاً شريفاً (ابن جبير ص48)، وفي حيان - بسام (1: 30 ق): وحدَّثه أن رجلا يعرف بابن الفارج الوزان كان متخصصاً من العامة وله بالولد أبي بكر هشام المذكور اتصال.
وتخصص: صار مترفاً ومدققاً سواء في طعامه أو أمانته وصدقه وصلاحه (معجم الادريسي).
وفي كتاب الخطيب (ص33 ق): آوياً إلى تخصيص وسكون ودمائه وحسن معاملة. غير أني أرى أن الصواب تخصُّص.
خَصّ: قلة، ضآلة (الكالا).
خُصّ: سياج أو سور من قصب (انظر في خَصَّ) (ابن العوام 2: 228).
وخُصّ والجمع خِصاص وأَخْصاص: عوسج، عُلَّيق. ففي تاريخ البربر (1: 106): بيوت من الخصاص والشجر. وفي رحلة ابن جبير (ص73): بيوت من الاختصاص. ونجد عند البكري الجمع المكسر خصائص ففيه (ص3): وينزل حولها مزاقة ولواتة خصائص وقد ترجمها دي سلان بما معناه أكواخ من العوسج.
خَصَّة: زاهد، عفيف (بوشر) وجمعه خصص (كرتاس ص229، 269).
وخَصّة: قطيعة، أرص زراعية (ترجمة العقد الصقلي لبلو ص9، 12).
وخَصّة وجمعها خِصاص وخُصاص: مصنع، حوض ماء (معجم الادريسي، دوماس حياة العرب ص498، المقري 3: 131) وقد كتبت فيه هصة بالهاء خطأ وكذلك في مخطوطتنا. وتكتب أيضاً خسَّة (انظر الكلمة).
وخَصّة: نافورة (بوشر بربرية) وفيه خسّة.
خُصّة وجمعها خُصَص: حلقة (فوك).
وخُصّة: جار (؟) (فوك) في القسم الأول منه فقط.
خَصاص، واحدته خَصاصة: عناقيد العنب الصغار التي أهل قطافها (أبو الوليد ص521 وما يليها).
خُصُوص. بخصوص: فيما يختص، بشأن يقال، وبخصوص المادة الفلانية أقول إن أي فيما يختص ويتعلق بالمادة الفلانية أقول.
من خصوص: أما، من جهة (بوشر).
قلّة خصوص: عدم الجدارة، وعدم التعلق (بوشر).
وخصوص: وفاق، وفق (هلو).
خَصيص: خليل، صديق حميم مملوك (1، 1: 44): كان خصيصاً به. وهي خصيصة، ففي ألف ليلة (برسل2: 173): وهي خصيصة عندها.
خَصَاصة: جوع (فوك) القسم الأول.
خَصيصَة، وتجمع خصائص: خاصة خاصّية، صفة.
خُصُوصّي: خاص، مخصوص (بوشر).
حق خصوصي: دين ممتاز (بوشر).
وخصوصي: خاص ببلد، مختص لامة (بوشر).
خُصُوصِيَّة: دقة الإحساس، رقة القلب ففي كتاب الخطيب (ص71 ق): كان من أهل السر والخصوصية والصمت والوقار.
خَصّاص: ساكن الخُص وهو البيت من القصب والشجر أو العوسج (تاريخ البربر 1: 150، 2: 38).
خاصّ - ناظر الخاصُ: مراقب. أملاك السلطان ويقارنه فان جيستل (ص166) بحامل الخاتم، مهردار وهو يكتبها (نادر كاس).
خاصَّة: شئ يمكن أن يستفيد منه النبات بأن يبعد عنه كل العوارض المضرة، وهو أيضاً خاصية (ابن العوام 2: 328).
وخاصّة: ألفة، صداقة حميمة. ففي كتاب محمد بن الحارث (ص313): فأدخله (الأمير) وقربت منه خاصَّتُه. وفي (ص321) منه: غير أن بعض جيراننا كانت له خاصة من القاضي.
وخاصَّة: الملك الخاص (محيط المحيط).
وخاصَّة: ما لا شريك فيه (محيط المحيط). وخاصَّة: جدارة، طاقة، معرفة (بوشر).
وخاصَّة مضافة إلى اسم: بصفة، بمنزلة، بمقام. يقال: خاصَّة سردار أي صفة فريق.
وخاصَّة: لا غير، فقط، ليس إلا (فوك، المقدمة 2: 232) وعند الادريسي ج6 فصل 6: ومقدار هذا الحوت الذي يكون جرمه من ذراع إلى شبر خاصة ولا زائد عليه.
ذو الخاصة: من مصطلح الطب وهو الدواء الخاص لمرض ما (محيط المحيط).
على خاصة: تستعمل مرادفة لعلى زيادة حين يتصل الأمر بزيادة الراتب، يقال مثلاً: وفرض لخمس مائة مقاتل على خاصة عشر دنانير عشر دنانير (معجم البلاذري).
وخاصَّة وجمعها خواص، من مصطلح اللاهوت: اقنوم (الكالا) وفيه الشخص الأقدس مرادف أقْنُوم.
الخواصّ: هم الذين يتمتعون برعاية خاصّة من الله تعالى (ألف ليلة 1: 520).
ناظر الخواص الشريفة: مراقب أملاك السلطان (دي ساسي طرائف 1: 150).
خاصّي ويجمع على خاصون وخَوَاصّ: بطانة الملك وحشمه (فوك).
خاصَّيَّة: انظر مادة خاصّة.
خَوَّاص: مالك، صاحب (الكالا).
أَخَصّ. صديق أخص: صديقة اكثر ألفة من غيره (بوشر، دي ساسي طرائف 1: 36).
وأخصّ: أعظم، أكبر، أهم (بوشر).
بالأخص: لاسيما (بوشر).
اختصاص: تخصيص، تعيين (بوشر).
مُخْتَص: الأراضي المملوكة للمدينة (كرتاس ص170، ملر ص10، تاريخ البربر 2: 472) ولم يفهم دي سلان معنى هذه الكلمة في ترجمته (4: 326).

قرمن

قرمن
:) قَرَمُونَةُ، محرّكةً: كُورَةٌ بالأَنْدَلُسِ شَرْقي إشْبِيليَةَ وغَرْبيّ قُرْطُبَة، مِنْهَا: أَبو المُغِيرَة خطابُ بنُ سَلَمَةَ بنِ محمدِ بنِ سعيدٍ القَرَمُونيُّ، سَكَنَ قُرْطُبَة، فاضِلٌ زاهِدٌ، مُجابُ الدَّعْوةِ عَن قاسِمِ بنِ أَصْبَغَ وابنِ الأَعْرابيّ بمكَّةَ، وَعنهُ ابْنُ الفَرَضِيّ، ماتَ سَنَة 372.

رَاهِيَة

رَاهِيَة
من (ر ه و) مؤنث رَاهِي.
رَاهِيَة
من (ر ه ب) المتعبدة من النصارى في صومعة تتخلى عن أشغال الدنيا وملاذها زاهدة فيها.

رُهَيْبِيّ

رُهَيْبِيّ
من (ر ه ب) نسبة إلى الرُهَيْب: تصغير ترخيم الراهب: الخائف، والمتعبد في صومعة من النصارى يتخلى عن أشغال الدنيا وملاذها زاهدا فيها معتزلا أهلها.

كَشِيشيَّة

كَشِيشيَّة
من (ك ش ش) نسبة إلى كَشِيش بمعنى صوت جلد الأفعى إذا احتك بعضه ببعض، وهدير الجمل، وغليان القدر؛ والكشيش في الفارسية بمعنى قسيس أو زاهد.

علم الإلهي

علم الإلهي
هو علم يبحث فيه عن الحوادث من حيث هي موجودات.
وموضوعه الوجود من حيث هو.
وغايته تحصيل الاعتقادات الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة الأبدية والسيادة السرمدية كذا في: مفتاح السعادة.
وفي كشاف اصطلاحات الفنون: هو علم بأحوال ما يفتقر في الوجودين أي الخارجي والذهني إلى المادة.
ويسمى أيضا بالعلم الأعلى وبالفلسفة الأولى وبالعلم الكلي وبما بعد الطبيعة وبما قبل الطبيعة
والبحث فيه عن الكميات المتصلة والكيفيات المحسوسة والمختصة بالكميات وأمثالها مما يفتقر إلى المادة في الوجود الخارجي استطرادي وكذا البحث عن الصورة مع أن الصورة تحتاج إلى المادة في التشكل كذا في العلمي وفي الصدر أمن الحكمية النظرية ما يتعلق بأمور غير مادية مستغنية القوام في نحوي الوجود العيني والذهني عن اشتراط المادة كالإله الحق والعقول الفعالة والأقسام الأولية للموجود كالواجب والممكن والواحد والكثير والعلة والمعلول والكلي والجزئي وغير ذلك فإن خالط شيء منها المواد الجسمانية فلا يكون على سبيل الافتقار والوجوب.
وسموا هذا القسم: العلم الأعلى فمنه العلم الكلي المشتمل على تقاسيم الوجود المسمى بالفلسفة الأولى ومنه الإلهي الذي هو فن من المفارقات.
وموضوع هذين الفنين: أعم الأشياء وهو الموجود المطلق من حيث هو. انتهى.
وأصول الإلهي خمسة:
الأول: الأمور العامة.
الثاني: إثبات الواجب وما يليق به.
الثالث: إثبات الجواهر الروحانية.
الرابع: بيان ارتباط الأمور الأرضية بالقوى السماوية.
الخامس: بيان نظام الممكنات.
وفروعه قسمان:
الأول: البحث عن كيفية الوحي وصيرورة العقل محسوسا ومنه تعريف الإلهيات ومنه الروح الأمين.
الثاني: العلم بالمعاد الروحاني. انتهى.
وقال صاحب: إرشاد القاصد: يعبر عنه بالإلهي لاشتماله على علم الربوبية.
وبالعلم الكلي لعمومه وشموله لكليات الموجودات.
وبعلم ما بعد الطبيعة لتجرد موضوعه عن المواد ولواحقها.
قال: وأجزاؤه الأصلية خمسة: الأول: النظر في الأمور العامة مثل الوجود والماهية والوجوب والإمكان والقدم والحدوث والوحدة والكثرة.
والثاني: النظر في مبادئ العلوم كلها وتبيين مقدماتها ومراتبها. والثالث: النظر في إثبات وجود الإله ووجوبه والدلالة على وحدته وصفاته.
والرابع: النظر في إثبات الجواهر المجردة من العقول والنفوس والملائكة والجن والشياطين وحقائقها وأحوالها.
والخامس: النظر في أحوال النفوس البشرية بعد مفارقتها وحال المعاد.
ولما اشتدت الحاجة إليه اختلفت الطرق.
فمن الطالبين: من رام إدراكه بالبحث والنظر وهؤلاء زمرة الحكماء الباحثين ورئيسهم أرسطو وهذا الطريق أنفع للتعلم لو وفى بجملة المطالب وقامت عليها براهين يقينية وهيهات.
ومنهم: من سلك طريق تصفية النفس بالرياضة وأكثرهم يصل إلى أمور ذوقية يكشفها له العيان ويجل أن توصف بلسان ومنهم: ابتدأ أمره بالبحث والنظر وانتهى إلى التجريد وتصفية النفس فجمع بين الفضيلتين وينسب مثال هذا الحال إلى سقراط وأفلاطون والسهروردي والبيهقي. انتهى.
وقال أبو الخير: وهذا العلم هو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى لكن لمن وقف على حقائقه واستقام في الإطلاع على دقائقه لأن حظي به فقد فاز فوزا عظيما ومن زلت فيه قدمه أو طغى به قلمه فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا إذ الباطل يشاكل الحق في مأخذه والوهم يعارض العقل في دلائله جل جناب الحق عن أن يكون شريعة الكل وارد أو يطلع على سرائر قدسه إلا واحد بعد واحد وقلما يوجد إنسان يصفو عقله عن كدر الأوهام ويخلص فهمه عن مهاوي الإيهام ويستسلم لما قرره الأعلام.
واعلم أن من النظر رتبة تناظر طريق التصفية ويقرب حدها من حدها وهو طريق الذوق ويسمونه الحكمة الذوقية.
وممن وصل إلى هذه الرتبة في السلف السهروردي وكتاب: حكمة الإشراق له صادر عن هذا المقام برمز أخفى من أن يعلم وفي المتأخرين: الفاضل الكامل مولانا شمس الدين الفناري في بلاد الروم ومولانا جلال الدين الدواني في بلاد العجم ورئيس هؤلاء الشيخ صدر الدين القونوي والعلامة قطب الدين الشيرازي. انتهى. ملخصا أو سيأتي تمام التفصيل في الحكمة عند تحقيق الأقسام إن شاء الله العزيز العلام.
واعلم أن منبع العلوم الحكمية النظرية وأستاذ الكل فيها إدريس عليه السلام آتاه الله الحكمة والنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وعلم النجوم. وأفهمه عدد السنين والحساب وعلمه الألسنة حتى تكلم الناس في زمنه باثنين وتسعين لسانا ولد بمصر وسموه هرمس الهرامس وباليونانية أرمس بمعنى عطارد وعرب بهرمس واسمه الأصلي هنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله تعالى في كتابه العربي المبين إدريس لكثرة دراسة كتاب الله تعالى.
وقيل: إن معلمه غوثاديمون أو أغثاذيمون المصري وتفسيره السعيد الجد قيل: وهو شيث عليه السلام.
ثم إن إدريس عرف الناس صفة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكون بريئا عن المذمات والآفات كلها كاملا في الفضائل الممدوحات لا يقصر عما يسأل عنه مما في الأرض والسماء ومما فيه دواء وشفاء وأنه يكون مستجاب الدعوة في كل ما يطلبه ويكون مذهبه ودينه ما يصلح به العالم.
وكانت قبلة إدريس جهة الجنوب على خط نصف النهار كان رجلا تام الخلقة حسن الوجه أجلح كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العين أكحلها متأنيا في كلامه كثير الصمت وإذا اغتاظ أخذ يحرك سبابته إذا تكلم وكانت مدة مقامه في الأرض اثنتين وثمانين سنة ثم دفعه الله مكانا عليا.
وهو أول من خاط الثياب وحكم بالنجوم وأنذر بالطوفان وأول من بنى الهياكل ومجد الله فيها وأول من نظر في الطب وأول من ألف القصائد والأشعار وهو الذي بنى أهرام بمصر وصور فيها جميع العلوم والصناعات وآلاتها خشية أن يذهب رسمها بالطوفان.
واعلم أيضا أن من أساتذة الحكمة الحكيم أفلاطون أحد الأساطين الخمسة للحكمة من يونان كبير القدر مقبول القول البليغ في مقاصده.
أخذ عن فيثاغورس وشارك مع سقراط في الأخذ عنه وصنف في الحكمة كتبا لكن اختار فيها الرمز والإغلاق وكان يعلم تلاميذه وهو ماش ولهذا سموا المشائين وفوض الدرس في آخر عمره إلى أرشد أصحابه وانقطع هو للعبادة وعاش ثمانين سنة وولد في مدينة أنيس ولازم سقراط خمسين سنة وكان عمره إذ ذاك عشرون سنة وتزوج امرأتين وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج بها علماء اشتهروا من بعده.
ومن جملة أساتذة الحكمة أرسطاطاليس تلميذ أفلاطون لازم خدمته مدة عشرين سنة وكان أفلاطون يؤثر على غيره ويسميه العقل وهو خاتم حكماءهم وسيد علمائهم وأول من استخرج المنطق وله كتب شريفة في الفلسفة وكان معلم الإسكندر بن فيلقوس وبآدابه وسياسته عمل هو فظهر الخير وفاض العدل وبه انقمع الشرك في بلاد اليونانيين.
ومعنى أرسطاطاليس محب الحكمة أو الفاضل الكامل عاش سبعا وستين سنة ومصنفاته تنيف على ثمانين وكان أبيض أجلح حسن القامة عظيم العظام صغير العينين والفم عريض الصدر كث اللحية أشهل العينين أقنى الأنف يسرع في مشيته ناظرا في الكتب دائما يقف عند كل كلمة ويطيل الإطراق عند السؤال قليل الجواب ينتقل في أوقات النهار في الفيافي ونحو الأنهار محبا لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضة وأصحاب الجدل منصفا في نفسه إذا خصم ويعرف بموضع الإصابة والخطأ معتدلا في الملابس والمآكل مات وله ثمان وتسعين سنة ثم إنه تخلف عن خدمة الملوك وبنى موضع التعليم وأقبل على العناية بمصالح الناس.
وكان جليل القدر كثير التلاميذ من الملوك وأبناءهم وكان أهل مدينة أسطا إذا أشكل عليهم أمر يجتمعون إلى قبره حتى يفتح لهم ويزعمون أن قبره يصحح فكرهم ويذكي عقولهم واستيفاء أخباره لا يمكن إلا في مجلد.
ومن جملة أساتذة الحكمة الفارابي وهو أبو نصر محمد بن محمد كان ذكيا حكيما مشهورا صاحب التصانيف في المنطق والمحكمة وغيرهما من العلوم وهو أكبر فلاسفة الإسلاميين لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه وتخرج ابن سينا في كتبه وبعلومه انتفع في تصانيفه كان رجلا تركيا تنقلت به الأسفار إلى أن وصل بغداد وهو يعرف كثيرا من اللغات غير العربي ثم تعلمه وأتقنه.
ثم اشتغل بالحكمة فقرأ على أبي بشر - متى بن يونس الحكيم - من شرح كتاب أرسطو في المنطق سبعين سفرا وكان هو شيخا كبيرا له صيت عظيم يجتمعون في حلقته كل يوم المئون من المنطقيين ثم أخذ طرفا من المنطق من أبي حنا ابن خيلان الحكيم النصراني بمدينة حران ثم نقل إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة وتمهر في كتب أرسطو جميعها يقال وجد كتاب النفس لأرسطو عليه مكتوب بخط الفار أبي: إني قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وقال: قرأت السماع الطبعي لأرسطو أربعين مرة ومع ذلك إني محتاج إلى معاودته وكان يقول: لو أدركت أرسطو لكنت أكبر تلامذته.
ثم سافر إلى دمشق ثم إلى مصر ثم عاد إلى دمشق فأحسن إليه سلطانها1 سيف الدولة بن حمدان وأجرى عليه كل يوم أربعة دراهم لأنه كان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكتسب ولا مسكن لذلك أقتصر على أربعة دراهم وكان منفردا بنفسه لا يكون إلا في مجتمع ماء أو مشبك رياض ويؤلف كتبه هناك وكان أكثر تصانيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا قليلا فلذلك كانت أكثر تصانيفه فصولا وتعليقات وبعضها ناقصا.
يحكى أن الآلات المسماة بالقونون من تركيبه.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق وقد ناهز ثمانين سنة.
وعدد مصنفاته من الكتب والرسالة سبعون كلها نافعة سيما كتابان في العلم الإلهي والمدني لا نظير لهما.
أحدهما: المعروف بالسياسة المدنية.
والأخرى: بالسيرة الفاضلة وصنف كتابا شريفا في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه أحد ولا ذهب أحد مذهبه ولا يستغني عنه أحد من طلاب العلم وكذا كتابه في أغراض أفلاطون وأرسطو أطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما وبين كيفية التدرج من بعضها إليها بعض شيئا فشيئا ثم بدأ بفلسفة أرسطو ووصف أغراضه في تواليفه المنطقية والطبيعية فلا أعلم كتابا أجدى على طلب الفلسفة منه.
وفاراب: إحدى مدن الترك فيما وراء النهر. ومن جملة أساطين الحكمة: أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور وكان أبوه من بلخ ثم انتقل منها إلى بخارا وكان من العمال الكفاة وتولى العمل بقرية من بخارا يقال لها هرمين ثم انتقلوا إلى بخارا وانتقل الرئيس بعد ذلك في البلاد وأشتغل بالعلوم وحصل الفنون ولما بلغ عشر سنين من عمره أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة ثم قرأ كتاب: إيساغوجي علي أبي عبد الله النابلي وأحكم عليه ظواهر المنطق: لأنه لم يكن يعرف دقائقها ثم حل هو نفسه دقائق غفل عنها الأوائل وأحكم عليه إقليدس والمجسطي وفاقه أضعافا كثيرة.
وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الــزاهد يقرأ ويبحث ويناظرهم ثم اشتغل بتحصيل الطبعي والإلهي وغير ذلك وفتح الله عليه أبواب العلوم ثم فاق في علم الطب الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح عديم القرين فقيد المثيل.
وقرأ عليه فضلاء هذا الفن أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة وسنه إذ ذاك نحو ستة عشر وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولم يشتغل في النهار بشيء سوى العلم والمطالعة وكان إذا أشكلت عليه مسئلة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له فتح الله - تبارك وتعالى – مشكلاتها.
ثم اتصل بخدمة نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان بسبب الطب ودخل إلى خزانة كتبه واطلع على كتب لم تقرع آذان الزمان بمثلها وحصل نخب فوائدها وتحلى بنفائس فرائدها.
ويحكى عنه أنه لم يطلع على مسئلة إلى آخر عمره إلا وكان يعرفها وكان في ثمانية عشر سنين من سنه حتى حكي عنه أنه قال: كل ما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته الآن لم أزد عليه إلى اليوم وهذا أمر عظيم لا يكاد يقبله العقل لولا عرف حد ذكائه.
ثم تنقلت به الأحوال بأمور يطول شرحها حتى استوزر ثم عزل وحبس وبعد هذه الأحوال كلها مرض ثم صلح ثم دخل إلى أن ضعف جدا ثم اغتسل وتاب1 وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات يوم الجمعة من رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة بهمذان وكانت ولادته سنة سبعين وثلاثمائة في شهر صفر وقيل: توفي بأصبهان وفضائله كثيرة شهيرة وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه.
وعدة مؤلفاته ثمانية وستون على الأشهر وقيل: يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر. ورسائله بديعة منها: رسالة حي بن يقظان و: رسالة سلامان و: إبسال و: رسالة الطب و: قصيدة الورقاء يرمز بها عن النفس الناطقة.
ومن جملة أساطين الحكمة الإمام فخر الدين الرازي وممن نحا نحو ابن سينا والرازي:
نصير الدين الطوسي وهو محمد بن محمد سلطان الحكماء المدققين وقدوتهم في زمانه جامع علوم المتقدمين والمتأخرين.
ولد يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة توفي آخر نهار الاثنين ثامن عشر ذي الحجة وقت مغيب الشمس سنة اثنتين وسبعين وستمائة ودفن بالمشهد الكاظمي.
وكان آية في التدقيق والتحقيق وحل المواضع المشكلة سيما: لطف التحرير الذي لم يلتفت إليه المتقدمون بل التفتوا إلى جانب المعنى فقط ثم إن الفاضل الشريف قلده في أمر التحرير والتقرير كما يظهر ذلك بالنظر في تصانيفهما.
وكان1 غاليا في التشيع كما يفصح عنه المقصد السادس من التجريد إلا أن الشيخ أكمل الدين قال: في أواخر شرحه للتجريد سمعت شيخي العلامة قطب الدين الشيرازي قال: كان الناس مختلفين في أن هذا الكتاب يعني التجريد لخواجه نصير الدين أولا فسأل عن ذلك ابنه خواجه أصيل الدين فقال: كان والدي وضعه إلى باب الإمامة وتوفي فكمله ابن المطهر الحلي وكان من الشيعة وهو زائغ زيغا عظيما فعلى هذه الرواية يكون بريئا عن نقيصة التشيع إلا أن المشهور عند الجمهور خلاف.
وبمن يلي هؤلاء في معرفة الحكمة الشيخ شهاب الدين السهروردي بل فاق كثيرا في الحكمة الذوقية.
وممن خرط في سلكهم الشيخ قطب دن الشيرازي والشيخ قطب الدين الرازي وسعد الدين التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني ثم الجلال الدواني.
قال الأرنيقي: بعد ما ذكر في: مدينة العلوم ومن فضلاء بلادنا مولانا مصلح الدين مصطفى الشهير بخواجه زاده ومصلح الدين مصطفى الشهير بالقسطلاني لكن هؤلاء السبعة قد فاقوا على أكثر المتقدمين في الحديث والتفسير والأصول والفروع إلا أن الإمام فخر الدين الرازي فإنه تمهر فيها مع مشاركته لهؤلاء في علوم الحكمة بأقسامها وإن اتقانه أقوى من إتقانهم. انتهى
قلت: وفي قوله فاق على أكثر المتقدمين إلى آخره نظرا لأن العلم المجرد بالحديث والتفسير لا يكفي في صحة الاعتقاد والعمل حتى يستعملها على وجههما ويقول بمقتضاهما ويحقق فحواهما وأنى لهم التناوش من مكان بعيد.
والفخر الرازي أكثر كلاما من هؤلاء في علوم التفسير ولكن قال أهل التحقيق في حق كتابه: مفاتيح الغيب فيه كل شيء إلا التفسير وقد بحث في تفسيره هذا عن كل شيء لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقد أخطأ في مواضع مما يتعلق بفهم القرآن الكريم ويقال: إنه لم يكمل تفسيره بل كمله بعض من جاء بعده والخطأ منه وقد أصاب في مواضع منها: رد التقليد واثبات الاتباع. والله أعلم.
ثم قال في: مدينة العلوم: إن الكتب المؤلفة في العلم الإلهي لما لم يخل عن الرياضي والطبعي أيضا أحببنا أن نذكره بعد الفراغ عن الكل - اللهم إلا نادرا -: كالمباحث المشرقية للإمام فخر الدين الرازي وأمثاله ولا تظن أن العلوم الحكمية مخالفة للعلوم الشرعية مطلقا بل الخلاف في مسائل يسيرة وبعضها مخالف في مسائل قليلة ظاهرا لكن إن حقق يصافح أحدهما الآخر ويعانقه. انتهى.
قال في: كشف الظنون ثم اعلم أن البحث والنظر في هذا العلم لا يخلو إما: أن يكون على طريق النظر أو: على طريق الذوق فالأول: إما على قانون فلاسفة المشائين فالمتكفل له كتب الحكمة أو على قانون المتكلمين فالمتكفل حينئذ كتب الكلام لأفاضل المتأخرين والثاني: إما على قانون فلاسفة الإشراقين فالمتكفل له حكمة الإشراق ونحوه أو على قانون الصوفية واصطلاحهم فكتب التصوف.
وقد علم موضوع هذا الفن ومطالبه فلا تغفل فإن هذا التنبيه والتعليم مما فات عن أصحاب الموضوعات - وفوق كل ذي علم عليم.
وعبارة ابن خلدون في: تاريخه هكذا.
قال: علم الإلهيات: هو علم ينظر في الوجود المطلق.
فأولا: في الأمور العامة للجسمانيات والروحانيات من الماهيات والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان وغير ذلك.
ثم ينظر في مبادئ الموجودات وأنها روحانيات.
ثم في كيفية صدور الموجودات عنها ومراتبها.
ثم في أحوال النفس بعد مفارقة الأجسام وعودها إلى المبدأ.
وهو عندهم: علم شريف يزعمون أنه يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه وإن ذلك عين السعادة في زعمهم وسيأتي الرد عليهم وهو تال للطبيعيات في ترتيبهم ولذلك يسمونه: علم ما وراء الطبيعة وكتب المعلم الأول فيه موجود بين أيدي الناس ولخصه ابن سينا في كتاب: الشفاء والنجاة وكذلك لخصها ابن رشد من حكماء الأندلس.
ولما وضع المتأخرون في علوم القوم ودونوا فيها رد عليهم الغزالي ما رد منها ثم خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لعروضها في مباحثهم وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها فصارت كأنها فن واحد ثم غيروا ترتيب الحكماء في مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فنا واحدا قدموا الكلام في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في: المباحث المشرقية وجميع من بعده من علماء الكلام وصار علم الكلام مختلطا بمسائل الحكمة وكتبه محشوة بها كان الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد والتبس ذلك على الناس وهي غير صواب لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد ملتقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه بمعنى أنها لا تثبت إلا به فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثا عن الحق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن لم يكن معلوما هو شأن الفلسفة بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثيرا ما بين المقامين من التفاوت في ذلك مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها فإذا هدانا الشارع إلى مدرك فينبغي أن نقدمه على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه نعتمد ما أمرنا به اعتقادا وعلما ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه.
والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضاتهم واستدعى ذلك الحجج النظرية والبطلان فليس من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتأليف والحق مغايرة كل منه لصاحبه بالموضوع والمسائل وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتداد بالدليل وليس كذلك بل إنما هو رد على الملحدين
والمطلوب مفروض الصدق معلومه وكذا جاء المتأخرين من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضا فخلطوا مسائل الفنين بفنهم وجعلوا الكلام واحدا فيه كلها مثل كلامهم في النبوات والاتحاد والحلول والوحدة وغير ذلك.
والمدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة مختلفة وأبعدها من جنس الفنون والعلوم مدارك المتصوفة لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها كما بيناه ونبينه - والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم -. انتهى كلامه.

علم معرفة غريب القرآن

علم معرفة غريب القرآن
وهذا العلم وإن كان مذكورا في كتب اللغة إلا أن بعض العلماء أفردوه بالتصنيف منهم: أبو عبيدة وأبو عمر والــزاهد وابن دريد العزيزي وهذا أشهرها.
قيل: قد أقام العزيزي في تأليف غريب القرآن خمس عشرة سنة يحرره هو وشيخه أبو بكر بن الأنباري.
ومن أحسنها مفردات الراغب ولأبي حيان في ذلك مختصر مقدار كراسين.

علم غريب الحديث والقرآن

علم غريب الحديث والقرآن
قال أبو سليمان محمد الخطابي الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كما إن الغريب من الناس إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل والغريب من الكلام يقال به على وجهين:
أحدهما: أن يراد به أأأنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر.
والوجه الآخر: يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب فإذا وقعت إلينا الكلمة من كلامهم استغربناها انتهى.
وقال ابن الأثير في النهاية: وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا حتى قال له علي رضي الله عنه وقد سمعه يخاطب وفد بني نمر: يا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود الغرب بما لا نفهم أكثره فقال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.
فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم بما يفهمونه فكان الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم واستمر عصره إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام.
وجاء عصر الصحابة جاريا على هذا النمط فكان اللسان العربي عندهم صحيحا لا يتداخله الخلل إلى أن فتحت الأمصار وخالط العرب غير جنسهم فامتزجت الألسن ونشأ بينهم الأولاد فتعلموا من عصر الصحابة وجاء التابعون فسلكوا سبيلهم فما انقضى زمانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجميا فلما أعضل الداء الهم الله سبحانه وتعالى جماعة من أولي المعارف انصرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم فشرعوا فيه حراسة لهذا العلم الشريف
فقيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئا أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي البصري المتوفى سنة عشر ومائتين فجمع كتابا صغيرا ولم تكن قلته لجهله بغيره وإنما ذلك لأمرين:
أحدهما: إن كل مبتدئ بشيء لم يسيق إليه يكون قليلا ثم يكثر.
والثاني: إن الناس كان فيهم يؤمئذ بقية وعندهم معرفة فلم يكن الجهل قد عم وله تأليف آخر في غريب القرآن وقد صنف عبد الواحد بن أحمد المليح المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة كتابا في رده وأبو سعيد أحمد بن خالد الضرير وموفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة صنفا في رد غريب الحديث.
ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني النحوي بعده أكثر منه المتوفى سنة أربع ومائتين ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي كتابا أحسن فيه وأجاد وكذلك محمد بن المستنير المعروف بقطرب وغيره من الأئمة جمعوا أحاديث وتكلموا على لغتها في أوراق ولم يكد أحدهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر. ثم جاء أبو عبيد القاسم بن سلام بعد المائتين فجمع كتابه فصار هو القدوة في هذا الشأن فإنه أفنى فيه عمره حتى لقد قال فيما يروى عنه: أني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة وربما كنت استفيد الفائدة من الأفواه فأضعها في موضعها فكان خلاصة عمري وبقي كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه في غريب الحديث وعليه كتاب مختصر لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري المتوفى سنة أربع وتسعين وستمائة سماه بقريب المرام في غريب القاسم بن سلام مبوبا على الحروف.
ثم جاء عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين فصنف كتابه المشهور حذا فيه حذو أبي عبيدة فجاء كتابه مثل كتابه أو أكبر.
وقال في مقدمته: أرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال.
وقد كان في زمانه الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ وجمع كتابه فيه وهو كبير في خمس مجلدات بسط القول فيه واستقصى الأحاديث بطرق أسانيدها وأطاله بذكر متونها وإن لم تكن فيها إلا كلمة واحدة غريبة فطال ذلك كتابه فترك وهجر وإن كان كثير الفوائد توفي رحمه الله ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين.
ثم صنف الناس غير من ذكر منهم شمر بن حمدويه وأبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين وأبو بكر محمد بن قاسم الأنباري المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وأحمد بن حسن الكندي وأبو عمر ومحمد بن عبد الواحد الــزاهد صاحب ثعلب المتوفى سنة خمس وأربعين وثلث مائة وغريبه غريب مسند الإمام أحمد. وغير هؤلاء أقول كأبي الحسين عمر بن محمد القاضي المالكي المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولم يتم وأبي محمد سلمة بن عاصم النحوي وأبي مروان عبد الملك بن حبيب المالكي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين وأبي القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الملقب ببيان الحق وقاسم بن محمد الأنباري المتوفى سنة أربع وثلاثمائة وأبي شجاع محمد بن علي بن الدهان البغدادي المتوفى سنة تسعين وخمسمائة وهو كبير في ستة عشر مجلدا. وأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي المتوفى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة وابن كيسان محمد بن أحمد النحوي المتوفى سنة تسع وستين ومائتين ومحمد بن حبيب البغدادي النحوي المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين وابن درستويه عبد الله بن جعفر النحوي المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وإسماعيل بن عبد الغافر راوي صحيح مسلم المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة وكتابه جليل الفائدة مجلد مرتب على الحروف.
واستمر الحال إلى عهد الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة فألف كتابه المشهور سلك فيه نهج أبي عبيدة وابن قتيبة فكانت هذه الثلاثة فيه أمهات الكتب إلا أنه لم يكن كتاب صنف مرتبا يرجع الإنسان عند طلبه إلا كتاب الحربي وهو على طوله لا يوجد إلا بعد تعب وعناء فلما كان زمان أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة إحدى وأربعمائة صاحب الأزهري وكان في زمن الخطابي صنف كتابه المشهور في الجمع بين غريبي القرآن والحديث ورتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه وجمع ما في كتب من تقدمه فجاء جامعا في الحسن إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته فانتشر فصار هو العمدة فيه وما زال الناس بعده يتبعون أثره على عهد أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف الفائق ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم ولكن في العثور على طلب الحديث منه كلفة ومشقة لأنه جمع في التقفية بين إيراد الحديث مسرودا جميعه أو أكثره ثم شرح ما فيه من غريب فيجيء بشرح كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف وأحد فرد الكلمة في غير حروفها وإذا طلبها الإنسان تعب حتى يجدها فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذاً.
وصنف الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الأصفهاني كتابا فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث مناسبة وفائدة ورتبه كما رتبه ثم قال: واعلم أنه سيبقى بعد كتابي أشياء لم تقع لي ولا وقفت عليها لأن كلام العرب لم ينحصر. وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة سماه كتاب الغث كمل به الغريبين ومعاصره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الإمام ابن الجوزي صنف كتابا في غريب الحديث نهج فيه طريق الهروي مجردا عن غريب القرآن وكان فاضلا لكنه يغلب عليه الوعظ وقال فيه: قد فاتهم أشياء فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب وأرجو أن لا يشذ عني مهم من ذلك قال ابن الأثير: ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرا من كتاب الهروي منتزعا من أبوابه شيئا فشيئا ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة وأما أبو موسى فإنه لم يذكر في كتابه مما ذكره الهروي لا كلمة اضطر إلى ذكرها فإن كتابه أيضا يضاهي كتاب الهروي لأن وضعه استدراك ما فات الهروي ولما وقفت على ذينك الكتابين وهما في غاية من الحسن وإذا أراد أحد كلمة غريبة يحتاج إليهما وهما كبيران ذوا مجلدات عدة فرأيت أن أجمع بين ما فيهما من غريب الحديث مجرد من غريب القرآن وأضيف كل كلمة إلى أختها وتمادت بين الأيام فحينئذ أمعنت النظر في الجمع بين ألفاظهما فوجدتهما على كثرة ما أودع فيهما قد فاتهما الكثير فإني في بادئ الأمر مر بذكري كلمات غريبة من أحاديث البخاري ومسلم لم يرد شيء منها في هذين الكتابين فحيث عرفت نبهت لاعتبار ما سوى هذين من كتب الحديث فتتبعتها واستقصيت قديما وحديثا فرأيت فيها من الغريب كثيرا وأضفت ما عثرت عليه.
وأنا أقول: كم يكون ما قد فاتني من الكلمات الغريبة تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم ذخيرة لغيري انتهى كلام ابن الأثير من كتابه المسمى بالنهاية ملخصاً.
أقول: وصنف الأرموي بعده كتابه في تتمة كتابه وصنف مهذب الدين بن الحاجب عشر مجلدات وتصنيف قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة بسرقسطة كان في عصر الحربي ذلك في الشرق هذا في الغرب ولم يطلع أحدهما على ما صنع الأخر ذكره البقاعي رحمه الله تعالى.

الربيط

(الربيط) المربوط والراهب والــزاهد وَفِي الحَدِيث (أَن ربيط بني إِسْرَائِيل قَالَ زين الْحَكِيم الصمت) وَالتَّمْر الْيَابِس يوضع فِي الجراب ثمَّ يصب عَلَيْهِ المَاء والبسر المنقوع وَيُقَال هُوَ ربيط الجأش رابطه
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.