Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رمضان

زُنْجُ

زُنْجُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره جيم: من قرى نيسابور، عن العمراني، وقال أبو سعد في التحبير أبو نصر أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الزنجي الصفّار من أهل نيسابور والد الإمام عمر الصفّار، سمعت منه ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وكان شيخا متميّزا عالما سديدا بسيرة صالحة يسكن ناحية زنج من أرباع نيسابور، سمع أبا سهل محمد بن أحمد بن عبيد الله الحفصي الكشميهني وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقري وأبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وذكر آخرين، وكانت ولادته في شعبان سنة 449 بنيسابور، وتوفي في طريق قرية زيروان من نواحي زنج في أوّل شهر رمضان سنة 533.

رُويَانُ

رُويَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: مدينة كبيرة من جبال طبرستان وكورة واسعة، وهي أكبر مدينة في الجبال هناك، قالوا: أكبر مدن سهل طبرستان آمل وأكبر مدن جبالها رويان، ورويان في الإقليم الرابع، طولها ست وسبعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق، وبين جيلان ورويان اثنا عشر فرسخا، وقد ذكر بعضهم أن رويان ليست من طبرستان وإنّما هي ولاية برأسها مفردة واسعة محيط بها جبال عظيمة وممالك كثيرة وأنهار مطّردة وبساتين متّسعة وعمارات متصلة، وكانت فيما مضى من مملكة الديلم فافتتحها عمرو بن العلاء صاحب الجوسق بالرّي وبنى فيها مدينة وجعل لها منبرا، وفيما بين جبال الرويان والديلم رساتيق وقرى، يخرج من القرية ما بين الأربعمائة رجل إلى الألف ويخرج من جميعها أكثر من خمسين ألف مقاتل، وخراجها على ما وظف عليها الرشيد أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وفي بلاد الرويان مدينة يقال لها كجّة بها مستقر الوالي، وجبال الرويان متصلة بجبال الريّ وضياعها ومدخلها ممّا يلي الري، وأوّل من افتتحها سعيد بن العاصي في سنة 29 أو 30 وهو والي الكوفة لعثمان سار إليها فافتتحها، وقد نسب إلى هذا الموضع طائفة من العلماء، منهم:
أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الروياني الطبري القاضي الإمام أحد أئمة الشافعية ووجوه أهل عصره ورؤوس الفقهاء في أيّامه بيانا وإتقانا، وكان نظام الملك عليّ بن إسحاق يكرمه، تفقه على أبي عبد الله محمد بن بيان الفقيه الكازروني وصنف كتبا كثيرة، منها: كتاب التجربة وكتاب الشافي، وصنف في الفقه كتابا كبيرا عظيما سماه البحر، رأيت جماعة من فقهاء خراسان يفضلونه على كل ما صنف في مذهب الشافعي، وسمع الحديث من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ومن شيخه ابن بيان الكازروني، روى عنه زاهر بن طاهر الشحامي وإسمعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيرهما، وقتل بسبب التعصب شهيدا في مسجد الجامع بآمل طبرستان في محرم سنة 501 وقيل سنة 502، عن السلفي، ومولده سنة 415، وعبد الكريم بن شريح بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الروياني الطبري أبو معمر قاضي آمل طبرستان، إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام، ورد نيسابور فأقام بها مدة وسمع ببسطام أبا الفضل محمد بن عليّ بن أحمد السهلكي، وبطبرستان الفضل بن أحمد بن محمد البصري وأبا جعفر محمد بن عليّ بن محمد المناديلي وأبا الحسين أحمد بن الحسين بن أبي خداش الطبري، وبساوة أبا عبد الله محمد بن أحمد ابن الحسن الكامخي، وبأصبهان أبا المظفر محمود بن جعفر الكوسج، وبنيسابور أبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي وفاطمة بنت أبي عثمان الصابوني وأبا نصر محمد بن أحمد الرامش إجازة ... [1] ، وفوّض إليه القضاء بآمل في رمضان سنة 531، وبندار بن عمر بن محمد ابن أحمد أبو سعيد التميمي الروياني، قدم دمشق وحدث بها وبغيرها عن أبي مطيع مكحول بن علي ابن موسى الخراساني وأبي منصور المظفر بن محمد النحوي الدينوري وأبي محمد عبد الله بن جعفر الجباري الحافظ وعلي بن شجاع بن محمد الصيقلي وأبي صالح شعيب بن صالح، روى عنه الفقيه نصر بن سهل بن بشر وأبو غالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الشيرازي ومكي بن عبد السلام المقدسي وأبو الحسن عليّ بن طاهر النحوي، قال عبد العزيز النخشبي وسئل عنه فقال: لا تسمع منه فإنّه كذاب. ورويان أيضا: من قرى حلب قرب سبعين عندها مقتل آق سنقر جدّ بني زنكي أصحاب الموصل، وقال العمراني: بالريّ محلة تسمى رويان أيضا.

رَمْجَارُ

رَمْجَارُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجيم، وآخره راء: محلّة من نواحي نيسابور، ينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح القاري الرّمجاري، ذكره أبو سعد في التحبير وروى عنه، ومات بنيسابور في رمضان سنة 531.

راوَنِير

راوَنِير:
الواو مفتوحة، وآخره راء مهملة: من قرى أرغيان كبيرة، وقد نسب إليها قوم من العلماء، منهم: عمر بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله الخطيب الأرغياني أبو العباس من أهل راونير إحدى قرى أرغيان أخو الإمام أبي نصر الأرغياني الأكبر منه، كان فقيها صالحا سديدا حسن السيرة كثير الخير، ورد نيسابور وتفقّه على الإمام أبي المعالي الجويني وأقام بها مدّة ثمّ رجع إلى الناحية وسمع الأستاذ أبا القاسم القشيري وأبا الحسن عليّ بن أحمد الواحدي وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وأبا نصر أحمد بن محمد بن محمد بن المسيب الارغياني وأبا القاسم المطهر بن محمد البحيري وأبا بكر محمد بن القاسم الصفّار، كتب عنه أبو سعد وأبو القاسم الدمشقي، وتوفي بنيسابور في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة 534.

دُونُ

دُونُ:
بضم أوله، وآخره نون: قرية من أعمال دينور، ينسب إليها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد ابن الحسن بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن إسحاق ابن وشية الدوني الصوفي رواية كتب أبي بكر السنّي الدينوري، حدث عنه أبو طاهر بن سلفة وقال:
سألته عن مولده فقال سنة 427 في رمضان، وهو آخر من حدث في الدنيا بكتاب أبي عبد الرحمن النسوي بجلّق، وإليه كان الرحلة، قال: وقرأته أنا عليه سنة 500 بالدون، وتوفي في رجب سنة 501.

قُرْطُبَةُ

قُرْطُبَةُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وضم الطاء المهملة أيضا، والباء الموحدة، كلمة فيما أحسب عجمية رومية ولها في العربية مجال يجوز أن يكون من القرطبة وهو العدو الشديد، قال بعضهم:
إذا رآني قد أتيت قرطبا، ... وجال في جحاشه وطرطبا
وقال الأصمعي: طعنه فقرطبه إذا صرعه، وقال ابن الصامت الجشمي:
رقوني وقالوا: لا ترع يا ابن صامت، ... فظلت أناديهم بثدي مجدّد
وما كنت مغترّا بأصحاب عامر ... مع القرطبا بلّت بقائمه يدي
وقال: القرطبا السيف كأنه من قرطبه أي قطعه:
وهي مدينة عظيمة بالأندلس وسط بلادها وكانت سريرا لملكها وقصبتها وبها كانت ملوك بني أمية ومعدن الفضلاء ومنبع النبلاء من ذلك الصقع، وبينها وبين البحر خمسة أيام، قال ابن حوقل التاجر الموصلي وكان طرق تلك البلاد في حدود سنة 350 فقال:
وأعظم مدينة بالأندلس قرطبة وليس لها في المغرب شبيه في كثرة الأهل وسعة الرقعة، ويقال: إنها كأحد جانبي بغداد وإن لم تكن كذلك فهي قريبة منها، وهي حصينة بسور من حجارة ولها بابان مشرعان في نفس السور إلى طريق الوادي من الرصافة والرصافة مساكن أعالي البلد متصلة بأسافله من ربضها، وأبنيتها مشتبكة محيطة من شرقيّها وشماليها، وغربها وجنوبها فهو إلى واديها وعليه الرصيف المعروف بالأسواق والبيوع، ومساكن العامة بربضها، وأهلها متموّلون متخصصون وأكثر ركوبهم البغلات من خورهم وجبنهم أجنادهم وعامتهم، ويبلغ ثمن البغلة عندهم خمسمائة دينار، وأما المائة والمائتان فكثير لحسن شكلها وألوانها وقدودها وعلوها وصحة قوائمها، قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب: كانت صفتها هكذا إلى حدود سنة 440 فإنه انقضت مدة الأمويين وابن أبي عامر وظهر المتغلبون بالأندلس وقويت شوكة بني عبّاد وغيرهم واستولى كلّ أمير على ناحية وخلت قرطبة من سلطان يرجع إلى أمره وصار كل من قويت يده عمرت مدينته، وخربت قرطبة بالجور عليها فعمّرت إشبيلية ببني عباد عمارة صارت بها سرير ملك الأندلس، فهي إلى الآن على ذلك من العمارة، وخربت قرطبة وصارت كإحدى المدن المتوسطة، وقد رثوها فأكثروا فيها، وممن تشوّق إليها القاضي محمد بن أبي عيسى بن يحيى الليثي قاضي الجماعة بقرطبة فقال فيها:
ويل امّ ذكراي من ورق مغرّدة ... على قضيب بذات الجزع ميّاس
رددن شجوا شجا قلبي الخلّي فقل ... في شجو ذي غربة ناء عن الناس
ذكّرنه الزمن الماضي بقرطبة ... بين الأحبّة في لهو وإيناس
هجن الصبابة لولا همّة شرفت ... فصيّرت قلبه كالجندل القاسي
وينسب إليها جماعة وافرة من أهل العلم، منهم: أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي، قرأ عليه كثير من شيوخنا، وكان أديبا فاضلا مقرئا عارفا بالنحو واللغة، سمع كثيرا من كتب الأدب وورد الموصل فأقام بها يفيد أهلها ويقرؤون عليه فنون العلم إلى أن مات بها في سنة 567، وممن ينسب إليها أحمد بن محمد بن عبد البر أبو عبد الملك من
موالي بني أمية، سمع محمد بن أحمد بن الزرّاد وابن لبابة وأسلم بن عبد العزيز وغيرهم، وله كتاب مؤلف في الفقهاء بقرطبة، ومات في السجن لليلتين بقيتا من رمضان سنة 338، قال ابن الفرضي: وأحمد بن محمد بن موسى بن بشير بن حناذ بن لقيط الرازي الكناني من أنفسهم من أهل قرطبة يكنّى أبا بكر، وفد أبوه على الإمام محمد وكان أبوه من أهل اللسانة والخطابة، وولد أحمد بالأندلس، وسمع من أحمد ابن خالد وقاسم بن أصبغ وغيرهما، وكان كثير الرواية حافظا للأخبار وله مؤلفات كثيرة في أخبار الأندلس وتواريخ دول الملوك منها، توفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة 344، ومولده في عاشر ذي الحجة سنة 274، قاله ابن الفرضي، وحبّاب ابن عبادة الفرضي أبو غالب القرطبي له تآليف في الفرائض، وحسن بن الوليد بن نصر أبو بكر يعرف بابن الوليد، وكان فقيها عالما بالمسائل نحويّا، خرج إلى الشرق في سنة 362، وخالد بن سعد القرطبي أحد أئمة الأندلس، كان المستنصر يقول: إذا فاخرنا أهل المشرق بيحيى بن مروان أتيناهم بخالد بن سعد، وصنف كتابا في رجال الأندلس، ومات فجأة سنة 352، عن ابن الفرضي، وقد نيف على الستين، وخلف بن القاسم بن سهل بن محمد بن يونس بن الأسود أبو القاسم المعروف بابن الدّبّاغ الأزدي القرطبي، ذكره الحافظ في تاريخ دمشق، وقد سمع بدمشق أبا الميمون بن راشد وأبا القاسم بن أبي العقب، وبمكة أبا بكر أحمد بن محمد بن سهل بن رزق الله المعروف ببكير الحداد وأبا بكر بن أبي الموت، وبمصر عبد الله بن محمد المفسر الدمشقي والحسن بن رشيق، روى عنه أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر الحافظ وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الفرضي وأبو عمرو الداني، كان حافظا للحديث عالما بطرقه، ألّف كتبا حسانا في الزهد، ومولده سنة 325 ومات سنة 393 في ربيع الآخر.

قُسَنْطِينِيَةُ

قُسَنْطِينِيَةُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه ثم نون، وكسر الطاء، وياء مثناة من تحت، ونون أخرى بعدها ياء خفيفة، وهاء: مدينة وقلعة يقال لها قسنطينية الهواء، وهي قلعة كبيرة جدّا حصينة عالية لا يصلها الطير إلا بجهد، وهي من حدود إفريقية مما يلي المغرب لها طريق واتّصال بآكام متناسقة جنوبيّها تمتدّ منخفضة حتى تساوي الأرض وحولها مزارع كثيرة وإليها ينتهي رحيل عرب إفريقية مغربين في طلب الكلإ، وتزاور عنها قلعة بني حمّاد ذات الجنوب في جبال وأراض وعرة، قال أبو عبيد البكري: من القيروان إلى مجّانة ثم إلى مدينة ينجس ومن مدينة ينجس إلى قسنطينية، وهي مدينة أزليّة كبيرة آهلة ذات حصانة ومنعة ليس يعرف أحصن منها، وهي على ثلاثة أنهار عظام تجري فيها السّفن قد أحاطت بها تخرج من عيون تعرف بعيون أشقار، تفسيره سوداء، وتقع هذه الأنهار في خندق بعيد القعر متناهي البعد قد عقد في أسفله قنطرة على أربع حنايا ثم بني عليها قنطرة ثانية ثم بني على الثانية قنطرة ثالثة من ثلاث حنايا ثم بني فوق ذلك بيت ساوى حافتي الخندق يعبر عليه إلى المدينة ويظهر الماء في قعر هذا الوادي من هذا الموضع كالكوكب الصغير لعمقه وبعده، ومن مدينة قسنطينية إلى مدينة ميلة، وإليها ينسب عليّ بن أبي القاسم محمد أبو الحسن التميمي المغربي القسنطيني المتكلم الأشعري، قدم دمشق وسمع بها صحيح البخاري من الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وخرج إلى العراق وقرأ على أبي عبد الله محمد بن عتيق القيرواني ولقي الأئمة ثم عاد إلى دمشق وأكرمه رئيسها أبو داود المضرّج بن الصوفي، وما أظنه روى شيئا من الحديث لكن قرأ عليه بعض كتب الأصول، وكان يذكر عنه أنه كان يعمل كيمياء الفضّة، ورأيت له تصنيفا في الأصول سماه كتاب تنزيه الإله وكشف فضائح المشبهة الحشوية، وتوفي بدمشق ثامن عشر رمضان سنة 519.

دِمَشْقُ الشّام

دِمَشْقُ الشّام:
بكسر أوله، وفتح ثانيه، هكذا رواه الجمهور، والكسر لغة فيه، وشين معجمة، وآخره قاف: البلدة المشهورة قصبة الشام، وهي جنة الأرض بلا خلاف لحسن عمارة ونضارة بقعة وكثرة فاكهة ونزاهة رقعة وكثرة مياه ووجود مآرب، قيل: سميت بذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا، وناقة دمشق، بفتح الدال وسكون الميم: سريعة، وناقة دمشقة اللحم: خفيفة، قال الزّفيان:
وصاحبي ذات هباب دمشق
قال صاحب الزيج: دمشق طولها ستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف، وهي في الإقليم الثالث، وقال أهل السير: سمّيت دمشق بدماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السلام، فهذا قول ابن الكلبي، وقال في موضع آخر: ولد يقطان بن عامر سالف وهم السلف وهو الذي بنى قصبة دمشق، وقيل: أول من بناها بيوراسف، وقيل: بنيت دمشق على رأس ثلاثة آلاف ومائة وخمس وأربعين سنة من جملة الدهر الذي يقولون إنه سبعة آلاف سنة، وولد إبراهيم الخليل، عليه السلام، بعد بنائها بخمس سنين، وقيل:
إن الذي بنى دمشق جيرون بن سعد بن عاد بن إرم ابن سام بن نوح، عليه السلام، وسماها إرم ذات العماد، وقيل: إن هودا، عليه السلام، نزل دمشق وأسس الحائط الذي في قبلي جامعها، وقيل: إن العازر غلام إبراهيم، عليه السلام، بنى دمشق وكان حبشيّا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار، وكان يسمّى الغلام دمشق فسماها باسمه،
وكان إبراهيم، عليه السلام، قد جعله على كلّ شيء له، وسكنها الروم بعد ذلك، وقال غير هؤلاء:
سميت بدماشق بن نمرود بن كنعان وهو الذي بناها، وكان معه إبراهيم، كان دفعه إليه نمرود بعد أن نجّى الله تعالى إبراهيم من النار، وقال آخرون: سميت بدمشق بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وهو أخو فلسطين وأيلياء وحمص والأردنّ، وبنى كلّ واحد موضعا فسمي به، وقال أهل الثقة من أهل السير: إن آدم، عليه السلام، تكان ينزل في موضع يعرف الآن ببيت انات وحوّاء في بيت لهيا وهابيل في مقرى، وكان صاحب غنم، وقابيل في قنينة، وكان صاحب زرع، وهذه المواضع حول دمشق، وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة يوضع عليها القربان فما يقبل منه تنزل نار تحرقه وما لا يقبل بقي على حاله، فكان هابيل قد جاء بكبش سمين من غنمه فوضعه على الصخرة فنزلت النار فأحرقته، وجاء قابيل بحنطة من غلّته فوضعها على الصخرة فبقيت على حالها، فحسد قابيل أخاه وتبعه إلى الجبل المعروف بقاسيون المشرف على بقعة دمشق وأراد قتله، فلم يدر كيف يصنع فأتاه إبليس فأخذ حجرا وجعل يضرب به رأسه فلما رآه أخذ حجرا فضرب به رأس أخيه فقتله على جبل قاسيون، وأنا رأيت هناك حجرا عليه شيء كالدم يزعم أهل الشام أنه الحجر الذي قتله به، وأن ذلك الاحمرار الذي عليه أثر دم هابيل، وبين يديه مغارة تزار حسنة يقال لها مغارة الدم، لذلك رأيتها في لحف الجبل الذي يعرف بجبل قاسيون.
وقد روى بعض الأوائل أن مكان دمشق كان دارا لنوح، عليه السلام، ومنشأ خشب السفينة من جبل لبنان وأنّ ركوبه في السفينة كان من عين الجرّ من ناحية البقاع، وقد روي عن كعب الأحبار:
أن أوّل حائط وضع في الأرض بعد الطوفان حائط دمشق وحرّان، وفي الأخبار القديمة عن شيوخ دمشق الأوائل: أن دار شدّاد بن عاد بدمشق في سوق التين يفتح بابها شأما إلى الطريق وأنه كان يزرع له الريحان والورد وغير ذلك فوق الأعمدة بين القنطرتين قنطرة دار بطّيخ وقنطرة سوق التين، وكانت يومئذ سقيفة فوق العمد، وقال أحمد بن الطيب السرخسي: بين بغداد ودمشق مائتان وثلاثون فرسخا.
وقالوا في قول الله عز وجل: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ 23: 50، قال: هي دمشق ذات قرار وذات رخاء من العيش وسعة ومعين كثيرة الماء، وقال قتادة في قول الله عز وجل والتين قال: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس، وطور سينين: شعب حسن، وهذا البلد الأمين: مكة، وقيل: إرم ذات العماد دمشق، وقال الأصمعي: جنان الدنيا ثلاث: غوطة دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة، وحشوش الدنيا ثلاثة:
الأبلّة وسيراف وعمان، وقال أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر الأديب: جنان الدنيا أربع: غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوّان وجزيرة الأبلّة، وقد رأيتها كلها وأفضلها دمشق، وفي الأخبار: أنّ إبراهيم، عليه السلام، ولد في غوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل قاسيون، وعن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إنّ عيسى، عليه السلام، ينزل عند المنارة البيضاء من شرقي دمشق، ويقال: إنّ المواضع الشريفة بدمشق التي يستجاب فيها الدعاء مغارة الدم في جبل قاسيون،
ويقال: إنها كانت مأوى الأنبياء ومصلّاهم، والمغارة التي في جبل النّيرب يقال: إنها كانت مأوى عيسى، عليه السلام، ومسجدا إبراهيم، عليه السلام، أحدهما في الأشعريّين والآخر في برزة، ومسجد القديم عند القطيعة، ويقال: إن هنا قبر موسى، عليه السلام، ومسجد باب الشرقي الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلّم: إن عيسى، عليه السلام، ينزل فيه، والمسجد الصغير الذي خلف جيرون يقال إنّ يحيى بن زكرياء، عليه السلام، قتل هناك، والحائط القبلي من الجامع يقال إنه بناه هود، عليه السلام، وبها من قبور الصحابة ودورهم المشهورة بهم ما ليس في غيره من البلدان، وهي معروفة إلى الآن.
قال المؤلف: ومن خصائص دمشق التي لم أر في بلد آخر مثلها كثرة الأنهار بها وجريان الماء في قنواتها، فقلّ أن تمرّ بحائط إلّا والماء يخرج منه في أنبوب إلى حوض يشرب منه ويستقي الوارد والصادر، وما رأيت بها مسجدا ولا مدرسة ولا خانقاها إلّا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان ويسحّ في ميضأة، والمساكن بها عزيزة لكثرة أهلها والساكنين بها وضيق بقعتها، ولها ربض دون السور محيط بأكثر البلد يكون في مقدار البلد نفسه، وهي في أرض مستوية تحيط بها من جميع جهاتها الجبال الشاهقة، وبها جبل قاسيون ليس في موضع من المواضع أكثر من العبّاد الذين فيه، وبها مغاور كثيرة وكهوف وآثار للأنبياء والصالحين لا توجد في غيرها، وبها فواكه جيدة فائقة طيبة تحمل إلى جميع ما حولها من البلاد من مصر إلى حرّان وما يقارب ذلك فتعمّ الكل، وقد وصفها الشعراء فأكثروا، وأنا أذكر من ذلك نبذة يسيرة، وأما جامعها فهو الذي يضرب به المثل في حسنه، وجملة الأمر أنه لم توصف الجنة بشيء إلا وفي دمشق مثله، ومن المحال أن يطلب بها شيء من جليل أعراض الدنيا ودقيقها إلا وهو فيها أوجد من جميع البلاد، وفتحها المسلمون في رجب سنة 14 بعد حصار ومنازلة، وكان قد نزل على كلّ باب من أبوابها أمير من المسلمين فصدمهم خالد بن الوليد من الباب الشرقي حتى افتتحها عنوة، فأسرع أهل البلد إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة، وكان كل واحد منهم على ربع من الجيش، فسألوهم الأمان فأمنوهم وفتحوا لهم الباب، فدخل هؤلاء من ثلاثة أبواب بالأمان، ودخل خالد من الباب الشرقي بالقهر، وملكوهم وكتبوا إلى عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، بالخبر وكيف جرى الفتح، فأجراها كلها صلحا.
وأما جامعها فقد وصفه بعض أهل دمشق فقال:
هو جامع المحاسن كامل الغرائب معدود إحدى العجائب، قد زوّر بعض فرشه بالرخام وألّف على أحسن تركيب ونظام، وفوق ذلك فصّ أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة، بساطه يكاد يقطر ذهبا ويشتعل لهبا، وهو منزه عن صور الحيوان إلى صنوف النبات وفنون الأغصان لكنها لا تجنى إلا بالأبصار ولا يدخل عليها الفساد كما يدخل على الأشجار والثمار بل باقية على طول الزمان مدركة بالعيان في كلّ أوان، لا يمسها عطش مع فقدان القطر ولا يعتريها ذبول مع تصاريف الدهر، وقالوا: عجائب الدنيا أربع: قنطرة سنجة ومنارة الإسكندرية وكنيسة الرّها ومسجد دمشق، وكان قد بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان، وكان ذا همّة في عمارة المساجد، وكان الابتداء بعمارته في سنة 87، وقيل سنة 88، ولما أراد بناءه جمع نصارى دمشق وقال لهم: إنّا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم، يعني كنيسة يوحنا، ونعطيكم 30- 2 معجم البلدان دار صادر
كنيسة حيث شئتم وإن شئتم أضعفنا لكم الثمن، فأبوا وجاءوا بكتاب خالد بن الوليد والعهد وقالوا:
إنّا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلا خنق، فقال لهم الوليد: فأنا أول من يهدمها، فقام وعليه قباء أصفر فهدم وهدم الناس ثم زاد في المسجد ما أراده واحتفل في بنائه بغاية ما أمكنه وسهل عليه إخراج الأموال وعمل له أربعة أبواب: في شرقيه باب جيرون وفي غربيه باب البريد وفي القبلة باب الزيادة وباب الناطفانيين مقابله وباب الفراديس في دبر القبلة، وذكر غيث بن علي الأرمنازي في كتاب دمشق على ما حدثني به الصاحب جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني، أدام الله أيامه:
أن الوليد أمر أن يستقصى في حفر أساس حيطان الجامع، فبينما هم يحفرون إذ وجدوا حائطا مبنيّا على سمت الحفر سواء فأخبروا الوليد بذلك وعرّفوه إحكام الحائط واستأذنوه في البنيان فوقه، فقال: لا أحب إلا الإحكام واليقين فيه ولست أثق بإحكام هذا الحائط حتى تحفروا في وجهه إلى أن تدركوا الماء فإن كان محكما مرضيّا فابنوا عليه وإلا استأنفوه، فحفروا في وجه الحائط فوجدوا بابا وعليه بلاطة من حجر مانع وعليها منقور كتابة، فاجتهدوا في قراءتها حتى ظفروا بمن عرّفهم أنه من خط اليونان وأن معنى تلك الكتابة ما صورته: لما كان العالم محدثا لاتصال أمارات الحدوث به وجب أن يكون له محدث لهؤلاء كما قال ذو السنين وذو اللحيين فوجدت عبادة خالق المخلوقات حينئذ أمر بعمارة هذا الهيكل من صلب ماله محبّ الخير على مضي سبعة آلاف وتسعمائة عام لأهل الأسطوان فإن رأى الداخل إليه ذكر بانيه بخير فعل والسلام، وأهل الأسطوان:
قوم من الحكماء الأول كانوا ببعلبك، حكى ذلك أحمد بن الطيب السرخسي الفيلسوف، ويقال: إن الوليد أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين وحملت إليه الحسبانات بما أنفق عليه على ثمانية عشر بعيرا فأمر بإحراقها ولم ينظر فيها وقال: هو شيء أخرجناه لله فلم نتبعه، ومن عجائبه أنه لو عاش الإنسان مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى فيه كل يوم ما لم يره في سائر الأيام من حسن صنائعه واختلافها، وحكي أنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصنّاع فيه ستة آلاف دينار، وضج الناس استعظاما لما أنفق فيه وقالوا: أخذ بيوت أموال المسلمين وأنفقها فيما لا فائدة لهم فيه، قال: فخاطبهم وقال بلغني أنكم تقولون وتقولون وفي بيت مالكم عطاء ثماني عشرة سنة إذا لم تدخل لكم فيها حبة قمح، فسكت الناس، وقيل: إنه عمل في تسع سنين، وكان فيه عشرة آلاف رجل في كل يوم يقطعون الرخام، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب، فلما فرغ أمر الوليد أن يسقّف بالرصاص فطلب من كل البلاد وبقيت قطعة منه لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة وأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا فقال: اشتروه منها ولو بوزنه مرتين، ففعلوا فلما قبضت الثمن قالت: إني ظننت أن صاحبكم ظالم في بنائه هذا، فلما رأيت إنصافه فأشهدكم أنه لله! وردّت الثمن، فلما بلغ ذلك إلى الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة لله ولم يدخله فيما كتب عليه اسمه، وأنفق على الكرمة التي في قبلته سبعين ألف دينار، وقال موسى بن حمّاد البربري: رأيت في مسجد دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفورا سورة:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 102: 1 إلى آخرها، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في القاف التي في قوله تعالى: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ 102: 2، فسألت عن ذلك: فقيل لي إنه كانت للوليد بنت وكانت هذه الجوهرة لها فماتت فأمرت أمها أن تدفن
هذه الجوهرة معها في قبرها، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ 102: 1- 2، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها المقابر فسكتت.
وحكى الجاحظ في كتاب البلدان قال: قال بعض السلف ما يجوز أن يكون أحد أشدّ شوقا إلى الجنة من أهل دمشق لما يرونه من حسن مسجدهم، وهو مبنيّ على الأعمدة الرخام طبقتين، الطبقة التحتانية أعمدة كبار والتي فوقها صغار في خلال ذلك صورة كلّ مدينة وشجرة في الدنيا بالفسيفساء الذهب والأخضر والأصفر، وفي قبليّه القبّة المعروفة بقبة النسر، ليس في دمشق شيء أعلى ولا أبهى منظرا منها، ولها ثلاث منائر إحداها، وهي الكبرى، كانت ديدبانا للروم وأقرت على ما كانت عليه وصيّرت منارة، ويقال في الأخبار: إن عيسى، عليه السلام، ينزل من السماء عليها، ولم يزل جامع دمشق على تلك الصورة يبهر بالحسن والتنميق إلى أن وقع فيه حريق في سنة 461 فأذهب بعض بهجته، وهذا ما كان في صفته، قال أبو المطاع بن حمدان في وصف دمشق:
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها، ... فلي بجنوب الغوطتين شجون
وما ذقت طعم الماء إلّا استخفني ... إلى بردى والنّيربين حنين
وقد كان شكّي في الفراق يروعني، ... فكيف أكون اليوم وهو يقين؟
فو الله ما فارقتكم قاليا لكم، ... ولكنّ ما يقضى فسوف يكون
وقال الصّنوبري:
صفت دنيا دمشق لقاطنيها، ... فلست ترى بغير دمشق دنيا
تفيض جداول البلّور فيها ... خلال حدائق ينبتن وشيا
مكللة فواكههنّ أبهى ال ... مناظر في مناظرنا وأهيا
فمن تفاحة لم تعد خدّا، ... ومن أترجّة لم تعد ثديا
وقال البحتري:
أمّا دمشق فقد أبدت محاسنها، ... وقد وفى لك مطريها بما وعدا
إذا أردت ملأت العين من بلد ... مستحسن وزمان يشبه البلدا
يمسي السحاب على أجبالها فرقا، ... ويصبح النبت في صحرائها بددا
فلست تبصر إلا واكفا خضلا، ... أو يانعا خضرا أو طائرا غردا
كأنما القيظ ولّى بعد جيئته، ... أو الربيع دنا من بعد ما بعدا
وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن النّقّار يمدح دمشق:
سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها، ... فما أطيب اللذات فيها وأهناها!
نزلنا بها واستوقفتنا محاسن ... يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها
لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه، ... ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها
وكم ليلة نادمت بدر تمامها ... تقضّت، وما أبقت لنا غير ذكراها
فآها على ذاك الزمان وطيبه، ... وقلّ له من بعده قولتي واها!
فيا صاحبي إمّا حملت رسالة ... إلى دار أحباب لها طاب مغناها
وقل ذلك الوجد المبرِّح ثابت، ... وحرمة أيام الصّبا ما أضعناها
فإن كانت الأيام أنست عهودنا، ... فلسنا على طول المدى نتناساها
سلام على تلك المعاهد، إنها ... محطّ صبابات النفوس ومثواها
رعى الله أياما تقضّت بقربها، ... فما كان أحلاها لديها وأمراها!
وقال آخر في ذمّ دمشق:
إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة ... عذاب، وللظامي سلاف مورّق
سلاف ولكن السراجين مزجها، ... فشاربها منها الخرا يتنشق
وقد قال قوم جنة الجلد جلّق، ... وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقوا
فما هي إلا بلدة جاهليّة، ... بها تكسد الخيرات والفسق ينفق
فحسبهم جيرون فخرا وزينة، ... ورأس ابن بنت المصطفى فيه علّقوا
قال: ولما ولي عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، قال: إني أرى في أموال مسجد دمشق كثرة قد أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت المال، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأنزع هذه السلاسل وأصيّر بدلها حبالا، فاشتدّ ذلك على أهل دمشق حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا أن يؤذن لهم في دخول المسجد، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد، فوكل بهم رجلا يعرف لغتهم ويستمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون، فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد فنكس رئيسهم رأسه واصفرّ لونه، فقالوا له في ذلك فقال: إنّا كنّا معاشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدّة لا بدّ أن يبلغوها، فلما أخبر عمر بن عبد العزيز بذلك قال: إني أرى مسجدكم هذا غيظا على الكفار، وترك ما همّ به، وقد كان رصّع محرابه بالجواهر الثمينة وعلّق عليه قناديل الذهب والفضة.
وبدمشق من الصحابة والتابعين وأهل الخير والصلاح الذين يزارون في ميدان الحصى، وفي قبلي دمشق قبر يزعمون أنه قبر أمّ عاتكة أخت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعنده قبر يروون أنه قبر صهيب الرومي وأخيه، والمأثور أن صهيبا بالمدينة، وأيضا بها مشهد التاريخ في قبلته قبر مسقوف بنصفين وله خبر مع عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي قبلي الباب الصغير قبر بلال بن حمامة وكعب الأحبار وثلاث من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلّم، وقبر فضّة جارية فاطمة، رضي الله عنها، وأبي الدرداء وأمّ الدرداء وفضالة بن عبيد وسهل بن الحنظليّة وواثلة ابن الأسقع وأوس بن أوس الثقفي وأمّ الحسن بنت جعفر الصادق، رضي الله عنه، وعليّ بن عبد الله بن العباس وسلمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس وزوجته أم الحسن بنت عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وخديجة بنت زين العابدين وسكينة بنت الحسين، والصحيح أنها بالمدينة، ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، وبالجابية قبر أويس القرني، وقد زرناه بالرّقّة، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر
والأشهر الأعرف أنه بالرقة لأنه قتل فيما يزعمون مع عليّ بصفّين، ومن شرقي البلد قبر عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب، وهذه القبور هكذا يزعمون فيها، والأصحّ الأعرف الذي دلّت عليه الأخبار أن أكثر هؤلاء بالمدينة مشهورة قبورهم هناك، وكان بها من الصحابة والتابعين جماعة غير هؤلاء، قيل إن قبورهم حرثت وزرعت في أول دولة بني العباس نحو مائة سنة فدرست قبورهم فادّعى هؤلاء عوضا عما درس، وفي باب الفراديس مشهد الحسين بن عليّ، رضي الله عنهما، وبظاهر المدينة عند مشهد الخضر قبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، رضي الله عنه، وبدمشق عمود العسر في العليين يزعمون أنهم قد خرّبوه وعمود آخر عند الباب الصغير في مسجد يزار وينذر له، وبالجامع من شرقيه مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ومشهد عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ومشهد الحسين وزين العابدين، وبالجامع مقصورة الصحابة وزاوية الخضر، وبالجامع رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ومصحف عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قالوا إنه خطه بيده، ويقولون إن قبر هود، عليه السلام، في الحائط القبلي، والمأثور أنه بحضرموت، وتحت قبة النسر عمودان مجزّعان زعموا أنهما من عرش بلقيس، والله أعلم، والمنارة الغربية بالجامع هي التي تعبّد فيها أبو حامد الغزّالي وابن تومرت ملك الغرب، قيل إنها كانت هيكل النار وإن ذؤابة النار تطلع منها، وسجد لها أهل حوران، والمنارة الشرقية يقال لها المنارة البيضاء التي ورد أن عيسى بن مريم، عليه السلام، ينزل عليها، وبها حجر يزعمون أنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى بن عمران، عليه السلام، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا، ويقال إن المنارة التي ينزل عندها عيسى، عليه السلام، هي التي عند كنيسة مريم بدمشق، وبالجامع قبة بيت المال الغربية يقال إن فيها قبر عائشة، رضي الله عنها، والصحيح أن قبرها بالبقيع، وعلى باب الجامع المعروف بباب الزيادة قطعة رمح معلّقة يزعمون أنها من رمح خالد ابن الوليد، رضي الله عنه، وبدمشق قبر العبد الصالح محمود بن زنكي ملك الشام وكذلك قبر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالكلاسة في الجامع.
وأما المسافات بين دمشق وما يجاورها فمنها إلى بعلبكّ يومان وإلى طرابلس ثلاثة أيام وإلى بيروت ثلاثة أيام وإلى صيدا ثلاثة أيام وإلى أذرعات أربعة أيام وإلى أقصى الغوطة يوم واحد وإلى حوران والبثنيّة يومان وإلى حمص خمسة أيام وإلى حماة ستة أيام وإلى القدس ستة أيام وإلى مصر ثمانية عشر يوما وإلى غزّة ثمانية أيام وإلى عكا أربعة أيام وإلى صور أربعة أيام وإلى حلب عشرة أيام، وممن ينسب إليها من أعيان المحدّثين عبد العزيز بن أحمد ابن محمد بن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز أبو محمد التميمي الدمشقي الكناني الصوفي الحافظ، سمع الكثير وكتب الكثير ورحل في طلب الحديث، وسمع بدمشق أبا القاسم صدقة بن محمد بن محمد القرشي وتمّام بن محمد وأبا محمد بن أبي نصر وأبا نصر محمد بن أحمد بن هارون الجندي وعبد الوهاب ابن عبد الله بن عمر المرّي وأبا الحسين عبد الوهاب ابن جعفر الميداني وغيرهم، ورحل إلى العراق فسمع محمد بن مخلّد وأبا عليّ بن شاذان وخلقا سواهم، ونسخ بالموصل ونصيبين ومنبج كثيرا، وجمع جموعا، وروى عنه أبو بكر الخطيب وأبو نصر الحميدي وأبو القاسم النسيب وأبو محمد الأكفاني
وأبو القاسم بن السمرقندي وغيرهم، وكان ثقة صدوقا، قال ابن الأكفاني: ولد شيخنا عبد العزيز بن الكناني في رجب سنة 389، وبدأ بسماع الحديث في سنة 407، ومات في سنة 466، وقد خرّج عنه الخطيب في عامّة مصنفاته، وهو يقول: حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي، وأبو زرعة عبد الرحمن ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو البصري الدمشقي الحافظ المشهور شيخ الشام في وقته، رحل وروى عن أبي نعيم وعفان ويحيى بن معين وخلق لا يحصون، وروى عنه من الأئمة أبو داود السجستاني وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو القاسم بن أبي العقب الدمشقي وعبدان الأوزاعي ويعقوب بن سفيان الفسوي، ومات سنة 281، وينسب إليها من لا يحصى من المسلمين، وألّف لها الحافظ ابن عساكر تاريخا مشهورا في ثمانين مجلدة، وممن اشتهر بذلك فلا يعرف إلا بالدمشقي، يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن الدمشقي الفقيه الشافعي، كان أبوه قرقوبيّا من أهل مراغة، وولد يوسف بدمشق وخرج منها بعد البلوغ إلى بغداد، وصحب أسعد الميهني وأعاد له بعض دروسه، ثم ولي تدريس النظامية ببغداد مدّة وبنيت له مدرسة بباب الأزج، وكان يذكر فيها الدرس، ومدرسة أخرى عند الطّيوريّين ورحبة الجامع، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي ببغداد في وقته، وحدث بشيء يسير عن أبي البركات هبة الله بن أحمد البخاري وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح، وعقد مجلس التذكير ببغداد، وأرسله المستنجد إلى شملة أمير الأشتر من قهستان، فأدركته وفاته وهو في الرسالة في السادس والعشرين من شوال سنة 563.

المُخَرِّمُ

المُخَرِّمُ:
هو اسم رجل: وهو كثير التخريم، وهو إنفاذ الشيء إلى شيء آخر، بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر الراء وتشديدها: وهي محلة كانت ببغداد بين الرّصافة ونهر المعلّى وفيها كانت الدار التي يسكنها السلاطين البويهية والسلجوقية خلف الجامع المعروف بجامع السلطان، خرّبها الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين أبو العباس أحمد، أطال الله تعالى بقاءه، في سنة 587، وكانت هذه المحلة بين الزاهر والرصافة، وهي منسوبة إلى مخرّم بن يزيد بن شريح بن مخرّم ابن مالك بن ربيعة بن الحارث بن كعب كان ينزله أيام نزول العرب السواد في بدء الإسلام قبل أن تعمر بغداد بمدة طويلة فسمي الموضع باسمه، وقال ابن الكلبي: سمعت قوما من بني الحارث بن كعب يقولون إن المخرّم إقطاع من عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في الإسلام لمخرم بن شريح بن مخرم بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب، ذكر ذلك في كتاب أنساب البلدان وعلى الحاشية بخط جحجح، قال أبو بكر أحمد بن أبي سهل الحلواني: الذي رويناه أن كسرى أقطعه إياها، وقدم أعرابيّ بغداد فلم تطب له فقال:
هل الله من بغداد يا صاح مخرجي، ... وأصبح لا تبدو لعيني قصورها
وأصبح قد جاوزت بابي مخرّم ... وأسلمني دولابها وجسورها
وميدانه المذري علينا ترابه ... إذا هاجه بالعدو يوما حميرها
فنضحي بها غبر الرؤوس كأننا ... أناسيّ موتى نبش عنها قبورها
وقال دعبل بن علي الخزاعي يهجو الحسن بن الرجاء
وابني هشام أحمد وعليّا ودينار بن عبد الله الذي تنسب إليه دار دينار محلة معروفة ببغداد واليوم يسمونها درب دينار، ويحيى بن أكثم، وهؤلاء كانوا ينزلون المخرّم، فقال:
ألا فاشتروا مني ملوك المخرّم ... أبع حسنا وابني هشام بدرهم
وأعطي رجاء بعد ذاك زيادة، ... وأدفع دينارا بغير تندّم
فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم ... فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم
وكان بها جماعة من المحدثين نسبوا إليها، منهم: أبو الحسن خلف بن سالم المخرّمي، يروي عن يحيى ابن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وكان من الحفّاظ المتقنين، روى عنه أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصقلّي، ومات آخر شهر رمضان سنة 231، وأنشد إسحاق الموصلي لأبي مروان الثقفي:
من لقلب متيّم بغزال منعّم ... مرّ في قرطق عليه يمان مسهّم
بين باب الربيع يمشي وباب المخرّم ... قد رضينا إذا مررت بنا أن تسلّم
يعني جارية لأسماء بنت عيسى بن علي وكانت تغني وكان يرجو حوراء يتعشقها أيضا وهو الذي عنى بهذا الشعر.

هِرَقْلَةُ

هِرَقْلَةُ:
بالكسر ثم الفتح: مدينة ببلاد الروم سمّيت بهرقلة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، عليه السّلام، وكان الرشيد غزاها بنفسه ثم افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمي بالنار والنفط حتى غلب أهلها، فلذلك قال المكيّ الشاعر:
هوت هرقلة لما أن رأت عجبا ... جوّ السّما ترتمي بالنفظ والنار
كأنّ نيراننا في جنب قلعتهم ... مصبّغات على أرسان قصّار
ثم قدم الرّقّة في شهر رمضان، فلمّا عيّد جلس للشعراء فدخلوا عليه وفيهم أشجع السّلمي فبدر فأنشد:
لا زلت تنشر أعيادا وتطويها، ... تمضي لها بك أيّام وتمضيها
ولا تقضّت بك الدنيا ولا برحت ... يطوي بك الدهر أياما وتطويها
ليهنك الفتح والأيّام مقبلة ... إليك بالنصر معقودا نواصيها
أمست هرقلة تهوي من جوانبها، ... وناصر الله والإسلام يرميها
ملكتها وقتلت الناكثين بها ... بنصر من يملك الدنيا وما فيها
ما روعي الدين والدنيا على قدم ... بمثل هارون راعيه وراعيها
فأمر له بعشرة آلاف دينار وقال: لا ينشدني أحد بعده بشيء، فقال أشجع: والله لأمره ألّا ينشده أحد من بعدي أحبّ إليّ من صلته! وكان في السبي الذي سبي من هرقلة ابنة بطريقها، وكانت ذات حسن وجمال، فنودي عليها في المغانم فزاد عليها صاحب الرشيد فصادفت منه محلّ عظيما فنقلها معه إلى الرّقّة وبنى لها حصنا بين الرافقة وبالس على الفرات وسماه هرقلة يحكي بذلك هرقلة التي ببلاد الروم، وبقي الحصن عامرا مدّة حتى خرب وآثاره إلى وقتنا ذا باقية وفيه آثار عمارة وأبنية عجيبة، وهو قرب صفّين من الجانب الغربي.

وادي الشّياطِين

وادي الشّياطِين:
جمع شيطان، قيل: هو فيعال من شطن إذا بعد، وقيل: الشيطان فعلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق مثل هيمان وعيمان، قال عبيد الله الفقير إليه: وعندي أن الأولى في اشتقاق الشيطان
أن يكون من شطنه يشطنه شطنا إذا خالفه عن نيّته ووجهه لمخالفته في السجود لآدم، أو من الشطن وهو الحبل الطويل الشديد الفتل يشدّ به الفرس الأشر فيقال: إنه لينزو بين شطنين، لأنه إذا استعصى على صاحبه شدّه بحبلين، والفرس مشطون، لأنه قد ورد أن سليمان، عليه السّلام، كان يقيّدهم ويشدهم بحبال وأنه إذا ورد شهر رمضان قيّدت الشياطين، والله أعلم: وهو موضع بين الموصل وبلط وفيه دير ينسب إليه، وقد ذكرته في الأديرة من هذا الكتاب.

نهرُ عيسى

نهرُ عيسى:
بن عليّ بن عبد الله بن العباس: وهي 21- 5 معجم البلدان دار صادر
كورة وقرى كثيرة وعمل واسع في غربي بغداد يعرف بهذا الاسم ومأخذه من الفرات عند قنطرة دممّا ثم يمرّ فيسقي طسوج فيروز سابور حتى ينتهي إلى المحوّل ثم تتفرع منه أنهار تتخرق مدينة السلام ثم يمر بالياسرية ثم قنطرة الرومية وقنطرة الزياتين وقنطرة الأشنان وقنطرة الشوك وقنطرة الرّمّان وقنطرة المغيض عند الأرحاء ثم قنطرة البستان ثم قنطرة المعبدي ثم قنطرة بني زريق ثم يصب في دجلة عند قصر عيسى بن علي، وكان عند كل قنطرة سوق يعرف بها، والآن ليس من ذلك كله غير قنطرة الزياتين وقنطرة البستان وتعرف بقنطرة المحدّثين، وهو نهر على متنزهات وبساتين كثيرة، وقد قالت فيه الشعراء فأكثروا، فمن ذلك قال الحسن بن علي الشاتاني الموصلي: قال لي القاضي نجم الدين ابن السّهروردي قاضي الموصل: دخل عليّ شابّ من أهل بغداد وأنشدني:
في نهر عيسى والهواء معنبر، ... والماء فضّيّ القميص صقيل
والطير إما هاتف بقرينه، ... أو نادب يشكو الفراق ثكول
وعرائس السرّ التحفن بسندس، ... ورقصن فارتفعت لهن ذيول
ثم قال لي: اعمل على وزنها ما يشاكلها، فعملت:
والغصن مهزوز القوام كأنها ... دارت عليه من الشّمال شمول
والدهر كالليل البهيم وأنتم ... غرر تنير ظلامه وحجول
نبّه بني اللذّات واهتف فيهم ... بتيقظ: إن المقام قليل
وقال أبو الحسن علي بن معمّر الواسطي متأخر مات في رمضان سنة 609:
يا نهر عيسى إلى عيسى نسبت وما ... نسبت إلا بتحقيق وإيضاح
فإنه بك إحياء القلوب كما ... عيسى المسيح به إحياء أرواح

نَابُلُسُ

نَابُلُسُ:
بضم الباء الموحدة واللام، والسين مهملة، وسئل شيخ من أهل المعرفة من أهل نابلس لم سميت بذلك فقال: إنه كان ههنا واد فيه حية قد امتنعت فيه وكانت عظيمة جدّا وكانوا يسمونها بلغتهم لس فاحتالوا عليها حتى قتلوها وانتزعوا نابها وجاءوا بها فعلّقوها على باب هذه المدينة فقيل:
هذا ناب لس، أي ناب الحية، ثم كثر استعمالها حتى كتبوها متصلة نابلس هكذا وغلب هذا الاسم عليها:
وهي مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها كثيرة المياه لأنها لصيقة في جبل، أرضها حجر، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ، ولها كورة واسعة وعمل جليل كله في الجبل الذي فيه القدس، وبظاهر نابلس جبل ذكروا أن آدم، عليه السلام، سجد فيه، وبها الجبل الذي تعتقد اليهود أن الذبح كان عليه وعندهم أن الذبيح إسحاق، عليه السلام، ولليهود في هذا الجبل اعتقاد أعظم ما يكون واسمه كزيرم، وهو مذكور في التوراة، والسّمرة تصلّي إليه، وبه عين تحت كهف يعظمونها ويزورها السمرة ولأجل ذلك كثرت السمرة بهذه المدينة، وينسب إليها محمد بن أحمد بن سهل بن نصر أبو بكر الرملي ويعرف بابن النابلسي، حدث عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن شيبان الرملي وسعيد ابن هاشم بن مرثد الطبراني وعمر بن محمد بن سليمان العطار وعثمان بن محمد بن علي بن جعفر الذهبي ومحمد ابن الحسن بن قتيبة وأحمد بن ريحان وأبي الفضل العباس بن الوليد القاضي وأبي عبد الله جعفر بن أحمد ابن إدريس القزويني وإسماعيل بن محمد بن محفوظ وأبي سعيد بن الأعرابي وأبي منصور محمد بن سعد، روى عنه هشام بن محمد الرازي وعبد الوهاب الميداني وأبو الحسن الدارقطني وأبو مسلم محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر الأصبهاني وأبو القاسم علي ابن جعفر الحلبي وبشرى بن عبد الله مولى فلفل، وعن أبي ذر الهروي قال: أبو بكر النابلسي سجنه بنو عبيد وصلبوه في السنّة، وسمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يسلخ كان ذلك في الكتاب مسطورا، وقال أبو القاسم: قال لنا أبو محمد الأكفاني فيها، يعني سنة 363، توفي العبد الصالح الزاهد أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل ابن نصر الرملي ويعرف بابن النابلسي، وكان يرى قتال المغاربة وبغضهم وأنه واجب فكان قد هرب من الرملة إلى دمشق فقبض عليه الوالي بها أبو محمد الكناني صاحب العزيز أبي تميم بدمشق وأخذه وحبسه في شهر رمضان سنة 363 وجعله في قفص خشب وحمله إلى مصر، فلما حمله إلى مصر قيل له: أنت قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا في الروم! فاعترف بذلك وقال: قد قلته، فأمر أبو تميم بسلخه، فسلخوه وحشوا جلده تبنا وصلبوه، وعن أبي الشعشاع المصري قال: رأيت أبا بكر النابلسي في المنام بعد ما قتل وهو في أحسن هيئة فقلت له: ما فعل الله بك؟ فأنشد يقول:
حباني مالكي بدوام عزّ، ... وأوعدني بقرب الانتصار
وقرّبني وأدناني إليه، ... وقال أنعم بعيش في جواري
وإدريس بن يزيد أبو سليمان النابلسي سكن العراق وحكى عن أبي تمام وكان أديبا شاعرا، وقال أبو بكر الصولي: لقيني أبو سليمان النابلسي في مربد البصرة فقلت له: من أين؟ فقال: من عند أميركم الفضل بن عباس حجبني فقلت أبياتا ما سمعها بعد مني، فقلت: أنشدنيها، فأنشدني:
لما تفكّرت في حجابك ... عاتبت نفسي على حجابك
فما أراها تميل طوعا ... إلا إلى اليأس من ثوابك
قد وقع اليأس فاستوينا، ... فكن كما كنت باحتجابك
فإن تزرني أزرك أو إن ... تقف ببابي أقف ببابك
والله ما أنت في حسابي ... إلا إذا كنت في حسابك
قال: وحجبني الحسن بن يوسف اليزيدي فكتبت إليه:
سأترككم حتى يلين حجابكم، ... على أنه لا بدّ أن سيلين
خذوا حذركم من نوبة الدهر، إنها ... وإن لم تكن حانت فسوف تحين

مَيْهَنَةُ

مَيْهَنَةُ:
بالفتح ثم السكون، وفتح الهاء والنون:
من قرى خابران وهي ناحية بين أبيورد وسرخس، قد نسب إليها جماعة من أهل العلم والتصوف، منهم:
أبو سعيد أسعد بن أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير وأبو الفتح طاهر، وكانا من أهل التصوف وبيته، وكان أسعد حريصا على سماع الحديث وطلبه وجمعه فسمع أبا القاسم عبد الكريم القشيري وغيره، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال: ولد في سنة 454، ومات في سنة 507 في رمضان.

مُوَقَّر

مُوَقَّر:
بالضم ثم الفتح، وتشديد القاف وفتحها، يجوز أن يكون مفعّلا من الوقر وهو الثقل الذي يحمل على الظهر، ويجوز أن يكون من التوقير وهو التعظيم:
اسم موضع بنواحي البلقاء من نواحي دمشق وكان يزيد بن عبد الملك ينزله، قال جرير:
أشاعت قريش للفرزدق خزية ... وتلك الوفود النازلون الموقّرا
عشيّة لاقى القين قين مجاشع ... هزبرا أبا شبلين في الغيل قسورا
وقال كثيّر:
سقى الله حيّا بالموقّر دارهم ... إلى قسطل البلقاء ذات المحارب
قال الحافظ أبو القاسم: الوليد بن محمد الموقري أبو بشير القرشي مولى يزيد بن عبد الملك من أهل الموقر حصن بالبلقاء، روى عن الزهري وعطاء الخراساني وثور بن يزيد، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو صالح عبد الغفار بن داود الحرّاني والحكم بن موسى وسويد ابن سعيد وأبو الطاهر موسى بن عطاء المقدسي وغيرهم، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن الموقري فقال:
ما أظنه ثقة، ولم يحمده، وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي: الوليد بن محمد الموقري غير ثقة يروي عن الزهري عدة أحاديث ليس لها أصول، وقال محمد ابن عوف الحمصي: الوليد الموقري ضعيف كذاب، وقال محمد بن المصفى: مات الوليد بن محمد الموقري سنة 282 قبل شهر رمضان، وقال عتبة بن سعيد بن الرّخس: مات الموقري سنة 281، وقد صرح الشاعر بأن الموقر من أرض الشام فقال:
أذنت عليّ اليوم إذ قلت إنني ... أحب من اهل الشام أهل الموقّر
بها ليل شهم عصمة الناس كلّهم ... إذا الناس جالوا جولة المتحير
وقال كثيّر عزّة:
أقول، إذ الحيّان كعب وعامر ... تلاقوا ولفّتنا هناك المناسك:
جزى الله حيّا بالموقّر نضرة ... وجادت عليه الرائحات الهواتك
بكلّ حثيث الوبل زهر غمامه، ... له درر بالقسطلين مواسك

المُشْتَرِكُ

المُشْتَرِكُ:
آخره كاف: من قرى المحلة المزيدية، ينسب إليها علي بن غنيمة بن علي المقري، قدم بغداد وقرأ القرآن بالسبع على الشيخ أبي محمد بن علي سبط أبي منصور أحمد الخيّاط وغيره، وأمّ بمسجد الريحانيين المعروف بمسجد أنس وتلقى عليه خلق من الأعيان، ومات في رمضان سنة 572.

المُحَمَّدِيّةُ

المُحَمَّدِيّةُ:
أصله مفعّل مشدّد للتكثير والمبالغة من الحمد وهو اسم مفعول منه ومعناه أنه يحمد كثيرا، وهو اسم لمواضع، منها: قرية من نواحي بغداد من كورة طريق خراسان أكثر زرعها الأرز. والمحمدية أيضا: ببغداد من قرى بين النهرين، منها أبو علي محمد بن الحسين بن أحمد بن الطيّب الأديب، كتب عنه هبة الله الشيرازي وقال: أنشدنا الأديب محمد بن الحسين لنفسه بالمحمدية من العراق فقال:
إذا اغترب الحرّ الكريم بدت له ... ثلاث خصال كلهنّ صعاب:
تفرّق أحباب، وبذل لهيبة، ... وإن مات لم تشقق عليه ثياب
والمحمدية أيضا: من أعمال برقة من ناحية الإسكندرية. والمحمدية: مدينة بنواحي الزاب من أرض المغرب. ومدينة المسيلة بالمغرب يقال لها أيضا المحمدية اختطّها محمد بن المهدي الملقب بالقائم في أيام أبيه، وذلك أن أباه أنفذه في جيش حتى بلغ
تاهرت فقتل وتملّك ومرّ بموضع المسيلة فأعجبه فخطّ برمحه وهو راكب فرسه صفة مدينة وأمر علي بن حمدون الأندلسي ببنائها وسماها المحمدية باسمه، وكانت خطّة لبني كملان قبيلة من البربر فأمر بنقلهم إلى فحص القيروان فهم كانوا أصحاب أبي يزيد الخارجي عليه فأحكمها ونقل إليها الذخائر وذلك في سنة 315.
والمحمدية: مدينة بكرمان في الإقليم الثالث، طولها تسعون درجة، وعرضها إحدى وثلاثون درجة ونصف وربع، قال البلاذري: الإيتاخيّة تعرف بإيتاخ التركي ثم سماها المتوكل المحمدية باسم ابنه محمد المنتصر وكانت تعرف أولا بدير أبي الصّفرة وهم قوم من الخوارج وهي بقرب سامرّا، ووقع لي بمرو كتاب اسمه تمام الفصيح لابن فارس وبخطه وقد كتب في آخره: وكتب أحمد بن فارس ابن زكرياء بخطه في شهر رمضان سنة 390 بالمحمدية، فعبرت دهرا أسأل عن موضع بنواحي الجبال يعرف بهذا الاسم فلم أجده لأن ابن فارس في هذه الأيام هناك كان حيّا حتى وقعت على كتاب محمد بن أحمد بن الفقيه فذكر فيه قال جعفر بن محمد الرازي: لما قدم المهدي الرّيّ في خلافة المنصور بنى مدينة الري التي بها الناس اليوم وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا وجرى ذلك على يد عمّار بن أبي الخصيب وكتب اسمه على حائطها وتم عملها سنة 158 وجعل لها فصيلا يطيف به فارقين آخر وسماها المحمدية، فأهل الري يدعون المدينة الداخلة المدينة ويسمون الفصيل المدينة الخارجة والحصن المعروف بالزبيدية في داخل المدينة بالمحمدية، وقد كان المهدي نزله أيام كونه بالري وكان مطلّا على المسجد الجامع ودار الإمارة ثم جعل بعد ذلك سجنا ثم خرب فعمّره رافع بن هرثمة في سنة 278 ثم خربه أهل الري بعد خروج رافع عنها، فلما وقفت على هذا فرّج عني وإن كان في ألفاظ هذا الخبر اختلال إلا أن الغرض حصل أنها محلة بالري، وقرأت في تاريخ أبي سعد الآبي أن المهدي لما قدم الري بنى بها المسجد الجامع فذكر أنه لما أخذ في حفر الأساس أتي إلى أساس قديم في أبواب بيوت قد رسخت في الأرض كان السيل قد أتى عليها فطمّها ودفنها، فأخبر المهدي بذلك فنادى:
من كان له ههنا دار فليأت فإن شاء باع وإن شاء عوّض عنها دارا، فأتاه ناس كثير فاختار بعضهم الثمن فقبضوه وبعضهم اختار العوض فبنى لهم المحلة المعروفة بمهدي أباذ ووقع الفراغ من بناء جميع ذلك في سنة 158 فسميت الري المحمدية باسم المهدي وسميت البيوت المدينة الداخلة والفصيل المدينة الخارجة.

القَصْرَانِ

القَصْرَانِ:
تثنية القصر: وهما قصران بالقاهرة وكان يسكنهما ملوكها الذين انقرضوا وكانوا ينسبون إلى العلوية، وهما قصران عظيمان يقصر الوصف دونهما عن يمين السوق وشماليه، والأمير فارس الدين ميمون القصري الذي كان بالشام مشهورا بالشجاعة والعظم منسوب إليه لأنه ممن رأى في هذا القصر في أيام أولئك، وكان أصله أفرنجيّا مملوكا لهم، فلما كان منهم ما كان من مماليك صلاح الدين ظهرت شجاعته فقاد الجيوش إلى أن مات بحلب في رمضان سنة 616. والقصران أيضا: مدينة السيرجان بكرمان كانت تسمى القصرين.

مَجْدُوَانُ

مَجْدُوَانُ:
بالفتح، والسكون ثم دال مهملة مضمومة، وآخره نون: من قرى نسف، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن النضر بن رمضان المؤذّن الزاهد المجدواني، كان عابدا صالحا أديبا، سمع غريب الحديث لأبي عبيد من أبي الحسن محمد بن طالب بن علي النسفي وغيره، وسمع منه أبو العباس المستغفري، وتوفي في شوال سنة 387.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.