Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=18583#dcff98
(حَدَــدَ)
- فِيهِ ذِكْر «الــحَدّ والــحُدُــود» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهِيَ محَارم اللَّهِ وعُقُوبَاتُه الَّتي قرَنَها بالذُّنوب. وأصْل الــحَدّ المنْع والفَصْل بَيْنَ الشَّيئين، فكأنَّ حُدُــود الشَّرع فَصَلَتْ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَمِنْهَا مَا لَا يُقْرَب كالفَواحش المُحَرَّمة، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى تِلْكَ حُدُــودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها
. وَمِنْهَا مَا لَا يُتعدّى كالموارِيث المعيّنَة، وتَزْويج الْأَرْبَعِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ حُدُــودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها.
(هـ) وَمِنْهُ الْــحَدِــيثُ «إِنِّي أصَبْت حَدّــا فأقِمْه عَلَيّ» أَيْ أَصَبْتُ ذَنْباً أوْجَب عَلَيَّ حَدّــا:
أَيْ عُقوبَةً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِــيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ «إنَّ اللَّمَم مَا بَين الــحَدَّــيْنِ: حَدّ الدُّنْيَا وحَدّ الْآخِرَةِ» يُرِيدُ بــحَدّ الدُّنْيَا مَا تَجب فِيهِ الــحُدُــود الْمَكْتُوبَةُ، كالسَّرِقة والزِّنا والقَذْف، ويُريد بــحَدّ الْآخِرَةِ مَا أوْعَد اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ العَذابَ كالقَتْل، وعُقُوق الوَالدَيْن، وأكْل الرّبَا، فأرادَ أَنَّ اللَّمَم مِنَ الذُّنوب: مَا كَانَ بَين هذَيْن مِمَّا لَم يُوجب عَلَيْهِ حَدًّــا فِي الدُّنْيَا وَلَا تَعْذِيبا فِي الْآخِرَةِ.
(هـ) وَفِيهِ «لَا يَحِلُّ لامْرأة أَنْ تُــحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ أكثَر من ثلاث» أَــحَدَّــتِ المرأة على زَوْجها تُــحِدُّ، فَهِيَ مُــحِدٌّ، وحَدَّــتْ تَــحُدُّ وتَــحِدُّ فَهِيَ حَادٌّ: إِذَا حَزِنَتْ عَلَيْهِ، ولَبِسَت ثِياب الحُزْن، وتَركَت الزِّينَة.
(هـ) وَفِيهِ «الــحِدَّــةُ تَعْتَري خِيَارَ أُمَّتِي» الــحَدَّــةُ كالنَّشَاط والسُّرْعَة فِي الْأُمُورِ والمَضَاء فيها، مَأْخُوذٌ مِنْ حَدّ السَّيْفِ، وَالْمُرَادُ بالــحِدّــة هَاهُنَا المَضَاء فِي الدِّين والصَّلابة والقَصْد فِي الْخَيْرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْــحَدِــيثُ «خِيَار أمَتِي أَــحِدَّــاؤها» هُوَ جَمْعُ حَدِــيد، كشَدِيد وأَشِدَّاء.
(س) وَمِنْهُ حَدِــيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كُنْت أدَاري مِنْ أَبِي بَكْرٍ بَعْضَ الــحَدّ» الــحَدّ والــحِدّــة سَوَاءٌ مِن الغَضَب، يُقال حَدَّ يَــحِدُّ حَدّــاً وحَدَّــةً إِذَا غَضِب، وبَعْضُهم يَرْويه بِالْجِيمِ، مِنَ الجِدّ ضِدّ الهَزْل، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْفَتْحِ مِنَ الحَظِّ.
(هـ) وَفِيهِ «عَشْرٌ مِنَ السُّنَّة؛ وعَدَّ فِيهَا الاسْتِــحْدَــاد» وهُو حَلْقُ العَانَة بِالْــحَدِــيدِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْــحَدِــيثُ الْآخَرُ «أمْهِلُوا كَيْ تمتشطَ الشَّعِثة وتَسْتَــحِدَّ المُغِيبَةُ» ، وَهُوَ اسْتَفْعَل مِنَ الــحَدِــيد، كَأَنَّهُ اسْتَعْمَله عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ والتَّوْرية.
وَمِنْهُ حَدِــيثُ خُبَيْب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ اسْتَعَار مُوسى لِيَسْتَــحِدَّ بِهَا» لأنَّه كَانَ أَسِيرًا عنْدَهم وَأَرَادُوا قَتْله، فَاسْتَــحَدَّ لِئَلَّا يَظْهَر شَعْرُ عاَنَتِه عنْد قَتْلِهِ.
وَفِي حَدِــيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ «إن قومنا حَادُّونَ الما صَدَّقْناَ اللَّهَ ورسُوله» المُحَادَّةُ:
المُعاَدَاة والمُخَالَفة والمُناَزعة، وَهِيَ مُفَاعَلَة مِنَ الــحدِّ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما تجاوَزَ حَدَّــه إِلَى الْآخَرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْــحَدِــيثُ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ «لِكُلِّ حَرْف حَدّ» أَيْ نِهاَيَة، ومُنْتَهى كلِّ شَيْءٍ حَدُّــهُ.
وَفِي حَدِــيثِ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَالَ فِي خَزَنَةِ النَّار- وَهُمْ تسْعَة عَشَر- مَا قَالَ، قَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ «تَقِيسُ الْمَلَائِكَةَ بالــحَدَّــادِينَ» يَعْني السَّجاَّنين، لأنَّهُمْ يَمْنَعُون المُحَبَّسين مِنَ الخُروج. ويَجُوز أَنْ يَكُونَ أرَادَ بِهِ صُنَّاع الــحَدِــيد؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أوْسَخ الصُّنَّاع ثَوْباً وَبَدَناً.