Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بنيان

الدين

الدين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند الرسول، كذا عبر ابن الكمال. وعبارة غيره: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات. وقال الحرالي: دين الله المرضي الذي لا لبس فيه ولا حجاب عليه ولا عوج له هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد، وعلى كل باد وأظهر من كل باد، وعظمته الخفية التي لا يشير إليها اسم ولا يحوزها رسم، وهي مداد كل مداد.
الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:
(1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:
لقد دينت أمر بنيك حتى ... ... تركتهم أدق من الطحين
وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:
... ... ... ... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)
وجاء في التنزيل:
(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) ... (الواقعة: 86-87) (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)
(3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية. (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.



استعمال كلمة (الدين) في القرآن
فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانــها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.
أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.
والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.
والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.
والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.
وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:
الحاكمية والسلطة العليا.
الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.
النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.
المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له. ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:
(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه) …
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5) في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) … (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) … (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
(لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الرابع:
(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني) ... ... ... (الرابع) ... ... ... (الثالث)
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)
(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26) وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.
(إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.
فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.
وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة. وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.
وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)
1- حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
تخريج الحديث: أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي: "أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .
3- ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي ... "الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"
تخريج الحديث
أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب - رحمه الله -.
4- ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب

الريب

الريب:
ناحية باليمامة فيها قرى ومزارع لبني قشير.
(الريب) الظَّن وَالشَّكّ والتهمة وَالْحَاجة وَصرف الدَّهْر وريب الْمنون حوادث الدَّهْر
الريب: التردد بين موقعي تهمة بحيث يمتنع من الطمأنينة على كل منهما. وأصله قلق النفس واضطرابها، ومنه ريب الزمان لنوائبه المزعجة ومصائبه المقلقة.
الريب
هو الشك ، كما قال تعالى:
{إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} .
وارتاب: شكّ، قال تعالى:
{إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} .
ورَيب الدهر: حوادثه، ومنه رَيب المنون، كما قال تعالى:
{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} .
رابني فلان، إذا رأيتَ منه ما تكرهه وما هو مظنة السوء، ومنه الريبة للتهمة، وهي ظن السوء، فهي قسم من الشك. قال تعالى:
{لَا يَزَالُ بُنْيَانُــهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} .
وأراب الرجل: صار ذا ريبة، وأيضاً: أورث الريبَ، كما قال تعالى:
{في شَكٍّ مُريبٍ} . ومنه الحديث:
"دع ما يُريبك إلى ما لا يُريبك"
الريب: اسْم بِمَعْنى الشَّك لَا مصدر وَقد يَجْعَل مصدرا من بَاب راب يريب إِذا أوقع فِي الشَّك فَمَعْنَاه الْإِيقَاع فِيهِ. قَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي حَوَاشِيه على المطول قَوْله مِمَّا لَا يَصح أَن يحكم بِهِ لِكَثْرَة المرتابين وَذَلِكَ لِأَن الريب هَا هُنَا بِمَعْنى الشَّك فوجود المرتاب يسْتَلْزم وجوده قطعا وَإِن جعل مصدرا لقولنا رابه فارتاب احْتِيجَ إِلَى تكلّف وَهُوَ أَن الارتياب الخ.
اعْلَم أَن غَرَض السَّيِّد قدس سره من هَذَا الْكَلَام دفع مَا يرد من أَن تَعْلِيل عدم صِحَة الحكم بِلَا ريب فِيهِ بِكَثْرَة المرتابين لَيْسَ بِصَحِيح لِأَن وجود المرتابين يسْتَلْزم وجود الارتياب لَا وجود الريب حَتَّى لَا يَصح الحكم بِلَا ريب. وَحَاصِل الدّفع أَن الريب فِي الْآيَة الْكَرِيمَة اسْم بِمَعْنى الشَّك لَا مصدر من رابه فارتاب بِمَعْنى الْإِيقَاع فِي الشَّك فوجود الارتياب مُسْتَلْزم لوُجُود الريب فصح التَّعْلِيل بِلَا كلفه وَإِن جعل مصدر أفصحته محتاجة إِلَى تكلّف بِأَن الارتياب أثر الريب وَوُجُود الْأَثر دَال على وجود التَّأْثِير فوجود الارتياب دَال على وجود الريب فصح لتعليل بِلَا ريب. فَافْهَم وَكن من الشَّاكِرِينَ.

الْعِمَارَة

(الْعِمَارَة) كل شَيْء على الرَّأْس من عِمَامَة وقلنسوة وَنَحْوهمَا ورقعة مزينة تخاط فِي المظلة (ج) عمائر وعمار

(الْعِمَارَة) أُجْرَة الْبناء

(الْعِمَارَة) نقيض الخراب والــبنيان وَمَا يحفظ بِهِ الْمَكَان وَشعْبَة من الْقَبِيلَة ومبنى كَبِير فِيهِ جملَة مسَاكِن فِي طوابق مُتعَدِّدَة (مج)(ج) عمائر
و (فن الْعِمَارَة) فن تشييد الْمنَازل وَنَحْوهَا وتزيينها وفْق قَوَاعِد مُعينَة

اتِّصَال التربيع

اتِّصَال التربيع: اتِّصَال جِدَار بجدار بِحَيْثُ يتداخل بِنَاء هَذَا الْجِدَار بِنَاء ذَلِك وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَإِنَّمَا سمي اتِّصَال التربيع لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا يــبنيان بخيط مَعَ جدارين آخَرين بمَكَان مربع.

من رَآنِي فقد رأى الْحق

من رَآنِي فقد رأى الْحق: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ حَيْثُ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد حَدثنَا ابْن أخي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عَمه قَالَ قَالَ أَبُو سَلمَة قَالَ أَبُو قَتَادَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رَآنِي يَعْنِي فِي النّوم فقد رأى الْحق ". وَمَعْنَاهُ عِنْد الصُّوفِيَّة مَا يفهم مَا قَالَ الْعَارِف النامي الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس سره السَّامِي.
شعر:
(خود كفت هر انكس كه مرا ديد خدا ديد ... )
(يَعْنِي بود آئينه حق روى مُحَمَّد ... )
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا من إِسْنَاد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي " - قَالَ قدوة المدققين مَوْلَانَا عِصَام الدّين رَحمَه الله تَعَالَى: فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي يَعْنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رَآنِي فِي وَقت النّوم فقد رَآنِي ذاتي فَإِنَّهُ تمثل لَهُ ذاتي بِصُورَة مُنَاسبَة للْوَقْت لهدايته - فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي أَي بشبهي وَفِي صُورَة مُضَافَة إِلَيّ وَلَا يخدع الرابي بإلقاء أَنه رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فعلى هَذَا من رأى إنْسَانا فِي النّوم واعتقد أَنه رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقد رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَي صُورَة كَانَت. وَهَذَا مَذْهَب الْأَكْثَر وَهُوَ الْمَعْقُول المقبول عِنْد الْعُقُول أَيْضا لِأَن الله تَعَالَى جعله رَحْمَة للْعَالمين وهاديا للضالين وحافظا من وساوس الشَّيْطَان.
وَإِذا تنور الْعَالم بِنور وجوده رجمت الشَّيَاطِين من الِاسْتِمَاع من الْمَلَائِكَة وهدمت بُنيان الكهنة فَكيف يتَصَوَّر أَن يضل الشَّيْطَان مُؤمنا فِي صورته وَلَو كَانَ يتَمَثَّل بصورته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لتمثل فِي الْخَارِج أَيْضا. فَكَمَا لَا يقدر أَن يظْهر على الْعُيُون بصورته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للمتيقظين لَيْسَ لَهُ ذَلِك فِي الْمَنَام. ويرشد بِهَذَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ بإسنادهما إِلَى أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم عَن رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة أَو فَكَأَنَّمَا يراني فِي الْيَقَظَة وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي ". فَإِنَّهُ يُنبئ عَن أَنه كَمَا لم يُمكن لَهُ التمثل فِي الْيَقَظَة لَا يُمكنهُ فِي الْمَنَام. وَذهب الْبَعْض إِلَى أَنه إِذا رَآهُ فِي صُورَة من الصُّور كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته فقد رَآهُ - وَذهب الْبَعْض إِلَى أَنه من رَآهُ فِي صُورَة من الصُّور يرَاهُ بِعَيْنِه كَمَا يُمكن رَآهُ فِي حَيَاته.
وَاعْترض الْقُرْطُبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بِأَنَّهُ يلْزم أَن يخرج من قَبره ويصل إِلَى مَكَان المرئي وَلَا يرَاهُ اثْنَان مَعًا فِي الْيَقَظَة فِي مكانين وَلَا يظْهر فِي غير صُورَة كَانَت لَهُ فِي أَيَّام حَيَاته. وَيَردهُ أَنه يرَاهُ بِعَين فَلَا يشْتَرط الْقرب والبعد فيراه فِي مَكَانَهُ - وَأما الرُّؤْيَة فِي مكانين وعَلى غير صورته فتخيل من الرَّأْي فَلَا بَأْس أَن لَا يكون لَهُ حَقِيقَة وَيكون تغييرا عَن أَمر آخر سوى كَونه فِي هَذَا الْمَكَان وَسوى هَذِه الصُّورَة.
ولنذكر لَك فصلا من رُؤْيَة الله تَعَالَى وَالْمَلَائِكَة وأئمة الدّين تتميما لباب الرُّؤْيَة - قَالَ الشَّيْخ الإِمَام محيي السّنة رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح السّنة رُؤْيَته تَعَالَى فِي الْمَنَام جَائِزَة. قَالَ معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنِّي نَعَست فَرَأَيْت رَبِّي عز وَجل ". ورؤيته تَعَالَى ظُهُور الْعدْل والفرح وَالْخصب وَالْخَيْر لأهل ذَلِك الْموضع فَإِن رَآهُ فوعد لَهُ جنَّة أَو مغْفرَة أَو نجاة من النَّار فَهُوَ وعد حق وَكَلَام صدق. وَإِذا رَآهُ معرضًا عَنهُ فَهُوَ تحذير من الذُّنُوب لقَوْله تَعَالَى: {لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم} . وَإِن أعطَاهُ من اتبعهُ فِي الدّين فَهُوَ بلَاء ومحنة يُصِيبهُ توصلا إِلَى أجر عَظِيم. وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِنَبِي من الْأَنْبِيَاء وَلَا بِملك من الْمَلَائِكَة وَلَا بالشمس وَالْقَمَر والنجوم المضيئة والسحاب الَّذِي فِيهِ الْغَيْن. ورؤية الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان - ورؤية أهل الدّين بركَة وَخير على قدر مَنَازِلهمْ فِي الدّين - وَمن رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كثيرا فِي الْمَنَام لم يزل خَفِيف الْحَال مقلا فِي الدُّنْيَا من غير حَاجَة وَلَا خذلان من الله عز وَجل - ورؤية الإِمَام إِصَابَة خير وَشرف. سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام الزَّاهِد مُحَمَّد بن حمويه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. أما عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِذا اشْتقت إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صليت هَذِه الصَّلَاة فَلَا أَبْرَح فِي مَكَاني حَتَّى أرَاهُ. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ من صلاهَا وَلم يره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلست بعمر وَإِن من صلاهَا وَلَو فِي عمره مرّة وَاحِدَة يقْضِي الله تَعَالَى حَوَائِجه كلهَا وَيغْفر ذنُوبه وَلَو كَانَت ملْء الأَرْض وَهِي أَربع رَكْعَات بتشهدين وتسليمة وَاحِدَة تقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب مرّة وَإِنَّا أنزلنَا عشر مَرَّات وتسبح خَمْسَة عشر مرّة سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر ثمَّ تركع وَتقول ثَلَاث مَرَّات سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وتسبح فِي الرُّكُوع عشر مَرَّات ثمَّ ترفع رَأسك وتسبح ثَلَاث مَرَّات ثمَّ تسْجد وتسبح خمس مَرَّات ثمَّ ترفع رَأسك وَلَيْسَ فِيمَا بَين السَّجْدَتَيْنِ شَيْء. ثمَّ تسْجد ثَانِيًا على مَا وصف إِلَى أَن يتم أَربع رَكْعَات بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة. فَإِذا فرغت من الصَّلَاة فَلَا تكلم حَتَّى تقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب عشر مَرَّات وَإِنَّا أنزلنَا عشر مَرَّات ثمَّ تسبح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثمَّ تَقول جزى الله مُحَمَّدًا عَنَّا مَا هُوَ أَهله فَإِنَّهُ أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة - قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من صلاهَا فِي عمره مرّة وَاحِدَة يَأْتِيهِ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ رَيَّان وَيدخل الْقَبْر وَهُوَ رَيَّان ويفرش لَهُ من الْورْد والياسمين وينبت عبهر عِنْد رجلَيْهِ وعبهر عِنْد رَأسه وعبهر عَن يَمِينه وعبهر عَن يسَاره فَإِذا خرج من الْقَبْر خرج من وسط العبهر وَقد توج بتاج الْكَرَامَة.
نقلت هَذِه النِّعْمَة الْعُظْمَى من خطّ جمال الدّين بن عبد الْعَزِيز الأجيهتي رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَلْدَة أَحْمد نكر من (مضافاة خجسته بنياد اورنكك آباد) من بِلَاد دكن فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع شهر شعْبَان الْمُعظم سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة وَألف وَكَانَ الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه الْعبارَة نقلنا هَذَا الدّرّ الْأَزْهَر والمسك الأذفر من خطّ السَّيِّد الْجَلِيل صَاحب وقته أَحْمد بن مُحَمَّد الْغَزالِيّ بِمَكَّة المشرفة فِي صَبِيحَة ثَالِث عشر من مولد هَذَا النَّبِي الْكَرِيم عَلَيْهِ أفضل التَّحِيَّة وَأجل التَّسْلِيم من سنة تِسْعَة وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ بذيله بِخَطِّهِ الشريف وَهَذَا خطّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْغَزالِيّ حامدا لله تَعَالَى على نعمه ومصليا على نبيه سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وَآله الأكرمين فِي شهر الله الْأَصَم رَجَب سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة نَقله الْفَقِير إِلَى كرم الله الْوَدُود صفي الدّين مُحَمَّد ابْن سُلْطَان مَحْمُود عفى الله عَنْهُمَا من شرِيف خطّ الْمولى الْأَعْظَم الأكرم الْمولى مصطفى الرُّومِي سلمه الله تَعَالَى فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة ببلدة بخارا بجوار مدرسة غازيان وَكَانَ بذيله بِخَطِّهِ الشريف الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا وَهَذَا من جملَة نعمه علينا بِمَكَّة المشرفة نقلت من شرِيف خطّ الشَّيْخ الْكَامِل صفي الدّين مُحَمَّد سلمه الله الصَّمد حامدا لله على مَا أنعم. ومصليا على رَسُوله الأكرم. وَآله الأتقياء. وَصَحبه الأصفياء. وَأَنا الْفَقِير إِلَى الْغَنِيّ جمال الدّين عبد الْعَزِيز الأجيهتي عفى عَنْهُمَا سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة.

النَّصِيحَة

(النَّصِيحَة) قَول فِيهِ دُعَاء إِلَى صَلَاح وَنهي عَن فَسَاد (ج) نصائح
النَّصِيحَة: هِيَ الدُّعَاء والطلب إِلَى مَا فِيهِ الصّلاح وَالنَّهْي عَمَّا فِيهِ الْفساد.
النَّصِيحَة: هِيَ الدُّعَاء والطلب إِلَى مَا فِيهِ الصّلاح وَالنَّهْي عَمَّا فِيهِ الْفساد. وَقد قَالَ الشَّيْخ زين الْحق وَالْملَّة وَالدّين دَاوُد بن السَّيِّد مَحْمُود الشِّيرَازِيّ قدس سره وَصَاحب سجادة الشَّيْخ برهَان الدّين الْغَرِيب قدس سره وَمن عُظَمَاء الْأَوْلِيَاء وكبراء هَذِه الطَّائِفَة الْعليا وَصَاحب الكرامات الظَّاهِرَة وَمجمع الْعُلُوم الظَّاهِرِيَّة والباطنة ومرقده الْمُبَارك فِي رَوْضَة (خلدآباد) الْوَاقِعَة على فاصلة ثَمَانِيَة فراسخ من معمورة الْــبُنيان (اورنك آباد) ، يجب اسداء النَّصِيحَة عَن طَرِيق الْكِنَايَة بالحكاية وَمَا شابه حسب الْحَال، لِأَن النَّصِيحَة إِذا كَانَت صَرِيحَة تصبح خُصُومَة وَلَيْسَ نصيحة، أَو النَّصِيحَة والفضيحة وَالْخُصُومَة، كل مَا يُقَال فِي خلْوَة فَهُوَ نصيحة، وكل مَا يُقَال على الْمَلأ فَهُوَ فضيحة، وكل مَا يُقَال صَرَاحَة فَهُوَ خُصُومَة. وَقد قَالَ سُلْطَان الْمَشَايِخ حَضْرَة الشاه نظام الدّين البداواني قدس سره: ((كلامنا إِشَارَة فَإِذا صَار عبارَة صَار جفَاء)) . 

النُّون

(النُّون) حرف من حُرُوف الهجاء (ج) نونات وأنوان وشفرة السَّيْف والحوت والدواة (ج) أنوان ونينان
(النُّون)
الْحَرْف الْخَامِس وَالْعشْرُونَ من حُرُوف الهجاء وَهُوَ مجهور متوسط ومخرجه من طرف اللِّسَان مَعَ أصُول الثنايا الْعليا وَهُوَ أنقى إِذْ يتسرب الْهَوَاء مَعَه من الْأنف مَعَ اللثة الْعليا وامتداد النَّفس من الْأنف
وللنون دلالات مِنْهَا
1 - نون التوكيد وَتدْخل على الْمُضَارع وَهِي خَفِيفَة وثقيلة وَقد اجتمعتا فِي قَوْله تَعَالَى {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وتبدل الْخَفِيفَة عِنْد الْوَقْف ألفا فَيُوقف على (ليكونا) بِالْألف لينَة بعد النُّون وعَلى (ليسجنن) بنُون سَاكِنة ويؤكد بهما صِيغ الْأَمر مُطلقًا وَلَو كَانَ دعائيا كَقَوْلِه
(إِنَّه وَالله لَوْلَا الله مَا اتقينا ... وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا)
(فأنزلن سكينَة علينا ... )
وَلَا يُؤَكد بهما الْمَاضِي مُطلقًا وَأما الْمُضَارع فَإِن كَانَ حَالا لم يُؤَكد بهما وَإِن كَانَ مُسْتَقْبلا أكد بهما كثيرا بعد الطّلب نَحْو {وَلَا تحسبن الله غافلا} وَوَجَب توكيده بعد الْقسم فِي نَحْو قَوْله فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وتالله لأكيدن أصنامكم}
2 - نون الْإِنَاث وَهِي إِمَّا مَفْتُوحَة فَقَط سَاكن مَا قبلهَا نَحْو النسْوَة يذْهبن وَهِي ضمير وَإِمَّا مُشَدّدَة مَفْتُوحَة تتصل بالضمائر للدلالة على جمع الْإِنَاث نَحْو كتابكن ومنهن وضربهن وَهِي حرف
3 - نون الْوِقَايَة وَتسَمى نون الْعِمَاد أَيْضا وتلحق قبل يَاء الْمُتَكَلّم نَحْو سمعني وإنني
4 - النُّون الزَّائِدَة وَهِي اثْنَتَانِ
إِحْدَاهمَا تلْحق الْفِعْل الْمُضَارع إِذا اتَّصل بضمير تَثْنِيَة نَحْو يضربان أَو بضمير مُؤَنّثَة مُخَاطبَة نَحْو تضربين أَو جمع مُذَكّر نَحْو يضْربُونَ وَتَكون مَكْسُورَة فِي الْمثنى ومفتوحة فِي الْبَاقِي
الثَّانِيَة تلْحق الِاسْم الْمثنى مَكْسُورَة نَحْو الزيدان وَالْجمع الْمُذكر مَفْتُوحَة نَحْو الزيدون
النُّون: اسْم لحرف من حُرُوف الهجاء والحوت وَغير ذَلِك كَمَا بَين فِي التفاسير وَأَيْضًا النُّون الْعلم الإجمالي وَيُرَاد بِهِ الذوات فَإِن الْحُرُوف الَّتِي هِيَ صُورَة الْعلم مَوْجُودَة فِي مدادها إِجْمَالا وَفِي قَوْله تَعَالَى: {ن والقلم} - هُوَ الْعلم الإجمالي فِي الحضرة الأحدية والقلم حَضْرَة التَّفْصِيل -
وَفِي كتب التجويد أَن للنون الساكنة وَكَذَا للتنوين أَحْوَال أَرْبَعَة - الْقلب والإدغام والإظهار - والإخفاء - (فَإِذا لقيتهما بَاء) قلبتا ميما مَعَ الغنة كَمَا تَقول أنبتت من كل زوج بهيج. فِي مِثَال النُّون الساكنة والتنوين - (وَإِذا لقيهمَا) حرف من حُرُوف (يومن) أدغمتا فِيهِ مَعَ الغنة - وَقَالَ بَعضهم أَنَّهُمَا تدغمان فِي الْوَاو وَالْيَاء بِلَا غنة كَمَا تَقول آمن يَأْتِي. آمنا يَوْم الْقِيَامَة - وَمن ولي وَلَا نصير - وَمن مَاء مهين - وَلنْ نؤمن لرقيك حَتَّى تنزل علينا كتابا نقرؤه - وَإِذا اجْتمعت النُّون الساكنة مَعَ الْوَاو وَالْيَاء فِي كلمة وَاحِدَة فالقراء كلهم متفقون على إِظْهَار النُّون يَعْنِي لَا يجوز فيهمَا الْإِدْغَام نَحْو صنْوَان وقنوان وبنيان وَدُنْيا. (وَإِذا لقيهمَا) حرف من حرفي (ر ل) أَي الرَّاء الْمُهْملَة وَاللَّام أدغمتا فِيهِ بِلَا غنة نَحْو من رب رَحِيم. وَإِن لبثتم.
وَأما إظهارهما فَعِنْدَ اتصالهما بِحرف من حُرُوف الْحلق السِّتَّة الْمَشْهُورَة فَهِيَ حُرُوف الْإِظْهَار كَمَا تَقول إِن حكمتم. وفالله خير حَافِظًا - وَإِن خَرجْتُمْ. ومثقال ذرة خيرا يره - وَإِن علمْتُم - وَلَا خوف عَلَيْهِم - وفسينغضون - وميثاقا غليظا. وَإِن أَحْسَنْتُم. وبغتة أَو جهرة. وَلَوْلَا إِن هدَانَا الله ومنسكاهم ناسكوه.
وَأما إخفاؤهما فَعِنْدَ اتصالهما بِخَمْسَة عشر حرفا التَّاء بنقطتين والثاء الْمُثَلَّثَة وَالْجِيم وَالدَّال والذال وَالزَّاي الْمُعْجَمَة وَالسِّين والشين وَالصَّاد وَالضَّاد والطاء والظاء وَالْفَاء وَالْقَاف وَالْكَاف فَإِذا اتَّصل بهما حرف من هَذِه الْحُرُوف الْمَذْكُورَة تخفيان مَعَ الغنة فَهَذِهِ حُرُوف الْإخْفَاء كَمَا تَقول انْتَهوا وَمن نعْمَة تجزى وَمن ثَمَرَة. وسائحات ثيبات وَمن جبال وَمن خلق جَدِيد وَمن دبر وَمن مَاء دافق ومنذرون وعزيز ذُو انتقام وأنزلت وَمن كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وينسلون وزلفة سيئت وينشرون وَلكُل صبار شكور وينصرون وريحا صَرْصَرًا وبمن ضل وكلا ضربنا وينطقون وصعيدا طيبا وَيَنْظُرُونَ وظلا ظليلا وينفقون وينقذون ومؤمنات قانتات ومنكم وكراما كاتبين.

الاتصال

الاتصال: اتحاد الأشياء بعضها ببعض، كاتصال طرفي الدائرة، ويضاده الانفصال. اتصال التربيع اتصال جدار بجدار بحيث تتداخل لبنات أحدهما في الآخر، سمي به لأنهما إنما يــبنيان ليحيطا مع جدارين آخرين بمكان مربع.
الاتصال:
[في الانكليزية] Junction ،communication
[ في الفرنسية] Jonction ،communication
في اللغة پيوستن ضد الانفصال وهو أمر إضافي يوصف به الشيء بالقياس إلى غيره.

ويطلق على أمرين: أحدهما اتحاد النهايات بأن يكون المقدار متّحد النهاية بمقدار آخر سواء كانا موجودين أو موهومين، ويقال لذلك المقدار إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وثانيهما كون الشيء بحيث يتحرّك بحركة شيء آخر ويقال لذلك الشيء إنّه متّصل بالثاني بهذا المعنى. وهذا المعنى من عوارض الكمّ المنفصل مطلقا أو من جهة ما هو في مادة كاتّصال خطّي الزاوية واتّصال الأعضاء بعضها ببعض واتصال اللحوم بالرباطات ونحوها. هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى.
وعند السالكين هو مرادف للوصال والوصول كما عرفت. وعند المحدّثين هو عدم سقوط راو من رواة الحديث ومجيء إسناده متّصلا، ويسمّى ذلك الحديث متّصلا وموصولا، هكذا في ترجمة المشكاة، وهو يشتمل المرفوع والموقوف والمقطوع وما بعده. وقال القسطلاني والموصول ويسمّى المتّصل هو ما اتّصل سنده رفعا أو وقفا، لا ما اتّصل للتابعي.
نعم يسوغ أن يقال متّصل إلى سعيد بن المسيّب أو إلى الزهري مثلا انتهى. فلا يشتمل حينئذ المقطوع وما بعده. وسيجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ المسند.
وعند المنطقيين هو ثبوت قضية على تقدير قضية أخرى كما وقع في شرح المطالع.
فالمتصلة عندهم قضية شرطية حكم فيها بوقوع الاتصال أو بلا وقوعه، أي حكم فيها بوقوع اتصال قضية بقضية أخرى وهي الموجبة، أو نفيه بلا وقوع ذلك الاتصال وهي السّالبة.
ويقابل الاتصال الانفصال وهو عدم ثبوت قضية على تقدير أخرى. وسيجيء في لفظ الشرطية.
وعند الحكماء هو كون الشيء بحيث يمكن أن يفرض له أجزاء مشتركة في الحدود.
والحدّ المشترك بين الشيئين هو ذو وضع يكون نهاية لأحدهما وبداية لآخر كما مرّ في محله.
ومعنى الكلام أنه يكون بحيث إذا فرض انقسامه يحدث حدّ مشترك بين القسمين كما إذا فرض انقسام الجسم يحدث سطح هو حدّ مشترك بين قسميه. والمتّصل بهذا المعنى يطلق على ثلاثة أمور. الأول فصل الكمّ يفصله من الكم المنفصل الذي هو العدد. الثاني الصورة الجسمية لأنها مستلزمة للجسم التعليمي المتّصل فسمّيت به تسمية للملزوم باسم اللّازم. الثالث الجسم الطبعي وإنما يطلق عليه المتّصل لأنه لمّا أطلق المتّصل على الصورة الجسمية والمتصل معناه ذو الاتصال، وكانت الصورة ذات الجسم التعليمي، أطلق الاتصال على الجسم التعليمي.
وإذا أطلق الاتصال على الجسم التعليمي أطلق الاتصال على الصورة أيضا إطلاقا لاسم اللّازم على الملزوم. ولما أطلق الاتصال على الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية أطلق المتّصل على الجسم الطبيعي لأنه ذو الاتصال حينئذ.
هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى. وبالجملة فالمتّصل في اصطلاحهم يطلق على فصل الكمّ وعلى الصورة الجسمية وعلى الجسم الطبيعي، والاتصال على كون الشيء بحيث يمكن إلخ وعلى الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية.
ثم قال في المحاكمات وهاهنا معنى آخر للاتصال وهو كون الشيء ذا أجزاء بالقوّة. لكن هذا المعنى يلازم المعنى الأول ملازمة مساوية، وكلا المعنيين غير إضافيين انتهى. وبالنظر إلى هذا المعنى يقال هذا الجسم متّصل واحد أي لا مفصل فيه بالفعل.
وعند المنجّمين كون الكوكبين على وضع مخصوص من النّظر أو التّناظر. والأول يسمّى باتصال النّظر وهو الذي يذكر هو مع أقسامه هنا. والثاني يسمّى بالاتصال الطبيعي والتناظر.

وباتصال المحلّ أيضا. قالوا: إذا كان كوكب متوجها نحو كوكب آخر من باب النظر أو التناظر وتبيّن أنّ بعده عنه بمقدار جرمه فذلك التوجّه يسمى اتصالا. وهذا الكوكب متّصلا.
وجرم الكوكب هو عبارة عن نوره في الفلك من أمام ووراء. وهذا جعلوه معينا. وعليه، فنور جرم الشمس خمس عشرة درجة، ونور كرة القمر اثنتا عشرة درجة، ونور كلّ من زحل والمشتري تسع درجات، والمريخ ثمان درجات، ونور الزهرة وعطارد كلّ منهما سبع درجات، وعقدة الرأس والذنب كلّ منهما عشرة درجات.

والاتصال له ثلاث أحوال: متى وصل نور كوكب إلى كوكب آخر فهذا ابتداء الاتصال.

ويقال له: الاتّصال الأول. ومتى وصل النور إلى بعد بينهما بنصف جرمين فهو بداية اتصال القوة، وهو ما يقال له وساطة اتّصال، ومتى وصل المركز إلى المركز فهو اتصال تام وهو الغاية في قوة الاتصال. وإذا كان كوكب بطيء الحركة وآخر سريع الحركة يعبران فهو بداية الانصراف. وحين يصل إلى نصف الجرمين فهو نهاية قوة الاتصال، ومتى انقطع جرم من جرم آخر فهذا نهاية تمام الاتصال وانتهاء الانصراف.
أمّا اعتبار نصف الجرمين فجائر في جميع الاتصالات. وبعضهم يقول: قلّما يفيد نصف الجرم ومثاله: إنّ جرم المشتري تسع درجات، وجرم القمر اثنتا عشرة درجة، فيكون المجموع اثنا عشر+ تسع واحد وعشرون. ونصف هذا الرقم هو عشرة ونصف. إذا كلما كانت المسافة بين المشتري والقمر إحدى وعشرين درجة فإنّ نور كلّ منهما يتّصل بالآخر. وهذا بداية الاتصال، وحين يصير عشر درجات ونصف فهو بداية القوة، وحينما يبتعد القمر إحدى وعشرين درجة فهو منصرف.
وأمّا إذا كان اعتبار نصف الجرم أقلّ مثل أربع درجات ونصف فذلك البعد هو بداية القوة. وهذا القول أكثر إحكاما. وهذا مثال على اتصال المقارنة. وعلى هذا المنوال ينبغي أن تقاس بقية الأقسام، مثل اتصال التسديس والتربيع والتثليث. اعلم أن أنواع الاتصال كثيرة، والمشهور أنها اثنا عشر نوعا.

أولها: القبول. وتفسيره: أن يكون كوكب في حظوظ كوكبية. وذلك هو: البيت أو الشرف أو المثلثة أو الحد أو الوجه، وأن يتّصل بصاحب الحظ. وعندئذ (الكوكب) صاحب الحظ يقبله، لأنه يراه في حظّه. وهذا دليل على جواز (قضاء) الحاجة وتمام المحبة بين شخصين.

ثانيها: السرد؛ وذلك مثل حال كوكب ضعيف كأن يكون في الوبال أو الهبوط أو راجعا أو محترقا فهو يبعد عنه نظر كوكب آخر متّصل به لعدم وجود قابلية القبول لديه. وهذا الحكم هو ضد القبول.

ثالثها: دفع القوة. وهو أن يكون كوكب في حظوظه ويرى كوكبا آخر صاحب حظّ فيعطيه قوة، فإذا كان كلّ منهما في حظوظه.
فكلّ واحد منهما يعطي لصاحبه قوّته، كما في حال القمر في برج السرطان والزهرة في برج الثور وهذا غاية في الدفع. وهو دليل على الصداقة بين شخصين من الطرفين وانتهاء الأعمال من الجد والجهد.

رابعها: دفع الطبيعة. وذلك بأن يكون كوكب في الحظوظ وأن يكون كوكب آخر في أحد حظوظ الكوكب الأول، وكوكب ثالث بالتسديس يتبادل طبيعته مع الآخرين. ويسمّي بعضهم هذا النور: دفع القوة، وهو أقوى من دفع القوة وهو من حيث السعادة وبلوغ الآمال الكليّة أزيد من أوضاع ذاتها الأخرى.

خامسها: الإنكار، وذلك بأن يرى كوكب كوكبا آخر في الوبال والهبوط لذلك فإنّ الكوكب ينكر هذا لأنّه يراه في وباله وهبوطه.
وهذا ضد دفع الطبيعة.

سادسها: نقل النور؛ وهو عبارة عن رؤية كوكب خفيف الحركة لكوكب ثقيل الحركة، ولم ينصرف عنه تماما، بحيث يرى كلّ منهما الآخر؛ ومن ثمّ فإنّ نور الكوكب الأول يعطي للثاني مع أن كلا منهما ساقط بالنسبة للآخر.
وهذا بمثابة الاتصال بين كلا الكوكبين. ومثال ذلك: أن يكون كوكب في الحمل وآخر في العقرب وكوكب ثالث أسرع منهما في السرطان.
فالأول يرى ذلك الكوكب الذي في الحمل، وقبل انصرافه يتّصل بكوكب آخر في العقرب، فحينئذ ينتقل النور من الأول إلى الثاني. وفي هذا دليل على حالة الوسط في الأعمال.

سابعها: الانتكاث: وهو أن يكون كوكب خفيف الحركة يرغب أن يرى كوكبا ثقيل الحركة. ثم قبل الوصول المركز للمركز يرجع الكوكب الخفيف ويودّ الاتصال بثقيل الحركة.
ويصير مستقيما ولا يتم الاتصال. وفي هذا دلالة على نقض العهود والندم واليأس من الأعمال.

ثامنها: بعيد الاتصال: وذلك بأن يكون كوكب في برج وفي أوائل البرج لا يرى أي كوكب، ثم يرى في آخر البرج كوكبا في حال ضعيفة.

تاسعها: خالي السّير: وهو أن يرى في أول البرج كوكبا. ولا يتصل بأي كوكب آخر في ذلك البرج، وأن يكون الكوكب في هذا الوقت ضعيفا، وأسوأ من ذلك أن يكون ذلك الكوكب كوكبا منحوسا.

عاشرها: وحشي السّير: وهو أن يأتي كوكب إلى برج ثم يخرج منه دون أن يتّصل به كوكب ما. وهذه الحال تتجه نحو القمر وهو نحس. وأسوأ منه أن يظهر في القوس.
وفي هذا دلالة على عدم حصول المراد ونقصان المال والكسب، وهذا كله بحسب بيوت الطوالع ونظرات المودّة أو العداوة.

الحادي عشر: التربيع الطبيعي: وهو أن يكون عطارد في برج الجوزاء وأن يرى كوكبا آخر في السنبلة، أو أن يكون هو نفسه في السنبلة ويرى كوكبا آخر في الجوزاء، وهذا التربيع هو بقوة التثليث. وتكون هذه الحالة للمشتري أيضا في برجي القوس والحوت.

ثاني عشر: دستورية: وذلك أربعة أنواع:
أحدها: جيّد بعيد، والثاني جيد ضعيف.
والجيّد البعيد هو ما ذكره صاحب المجمل. ثم إن النوعين الآخرين اللذين هما أقرب فأحدهما أن يقع صاحب الطالع في العاشر وصاحب العاشر في الطالع. والثاني: هو أن يكون كوكب في وتد، وذلك الوتد شرف أو بيت وأن يرى كوكبا آخر في وتده، وذلك البيت أو الشرف له، وهذا كمال القوة.
وهو دليل على السعادات الكبرى وحكم السلطنة والسعادات الداخلية والخارجية. وهذه الدستورية منقولة بكاملها من شجرة الثمرة.

العكس

العكس: رد الشيء إلى سننه أي طريقه الأول كعكس المرآة إذا ردت بصرك بصفائها إلى وجهك بنور عينك. وفي عرف الأصوليين: انتفاء الحكم لانتفاء العلة. وفي عرف الفقهاء: تعليق نقيض الحكم المذكور بنقيض علته المذكورة ردا إلى أصل آخر.
العكس:
[في الانكليزية] Contrary
[ في الفرنسية] Contraire ،oppose
بالفتح وسكون الكاف يطلق على معان.
منها نفي الشيء، قالوا عكس الإثبات نفي. ولذا قيل العكس في باب المعرّف مفسّر بأنّه كلّما انتفى الحدّ انتفى المحدود، أي كلّما لم يصدق عليه الحدّ لم يصدق عليه المحدود والطّرد مفسّر بأنّه كلما صدق عليه الحدّ صدق عليه المحدود، وقد سبق في لفظ الطرد. ويؤيّده ما قال في شرح المواقف في مبحث المبصرات.
من أنّ الضوء كيفية لا يتوقّف إبصارها على إبصار شيء آخر، واللون عكسه، أي كيفية يتوقّف إبصارها على إبصار شيء آخر انتهى.
ومنها ما هو قسم من المعارضة كما سيجيء.
ومنها الرّجعة وهي حركة الكوكب على خلاف التوالي، وعلى هذا اصطلاح المنجّمين وأهل الهيئة وقد سبق. لكن مولانا عبد العلي البرجندي في شرح زيج «الغ بيكي» في الباب الثامن يقول: الكوكب الراجع حينما ينتقل من برج إلى برج مقدّم فذلك ما يقال له العكس.
وكذلك نقل رأس العمر وذنبه إلى برج آخر يقال له عكس. انتهى كلامه. ومنها العمل بعكس ما أفاده السائل ويسمّى بالتعاكس والتعكيس والتحليل، وعليه اصطلاح المحاسبين؛ وطريقه أنّه إن ضعّف السائل عددا فينصف المجيب له أو جذّر فيربّع أو ضرب فيقسم أو زاد فينقص أو عكس فيعكس مبتدئا للعمل من آخر السؤال ليخرج الجواب. فلو قيل: أيّ عدد ضرب في نفسه وزيد على الحاصل اثنان وضعّف وزيد على الحاصل ثلاثة وقسم المجتمع على خمسة وضرب الخارج في عشرة حصل خمسون؟
فاقسم الخمسين على العشرة واضرب الخارج وهو الخمسة في نفسها وأنقص من الحاصل وهو خمسة وعشرون ثلاثة يبقى اثنان وعشرون، وانقص من منصّف ذلك اثنين يبقى تسعة، وجذر التسعة وهو ثلاثة هو الجواب، كذا في شرح خلاصة الحساب. وعكس النسبة عندهم يجيء في لفظ النسبة. ومنها أن تقدّم في الكلام جزءا ثم تعكس فتقدّم ما أخّرت وتؤخّر ما قدّمت ويسمّى تبديلا أيضا، وهذا من مصطلحات أهل البديع المعدود في المحسنات المعنوية، ويقع على وجوه: منها أن يقع بين أحد طرفي جملة وما أضيف إليه ذلك الطرف نحو عادات السّادات سادات العادات، فإنّ العكس فيه قد وقع بين العادات وهو أحد طرفي الكلام وبين السّادات وهو الذي أضيف إليه العادات. ومعنى وقوعه بينهما أنّه قدّم العادات على السّادات ثم عكس فقدم السّادات على العادات. ومنها أن يقع بين متعلّقي فعلين في جملتين نحو تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ.
ومنها أن يقع بين لفظين في طرفي جملتين نحو لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ ومنها أن يقع بين طرفي الجملة كما قيل:
طويت لإحراز الفنون ونيلها رداء شبابي والجنون فنون فحين تعاطيت الفنون وحظّها تبيّن لي أنّ الفنون جنون كذا في المطول. وفي الاتقان بعد تعريف العكس بما ذكر قال ابن أبي الإصبع: ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً، وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى لتقدّم العمل في الأولى عن الإيمان وتأخّره في الثانية عن الإسلام. ومنه نوع يسمّى القلب والمقلوب المستوي وما لا يستحيل بالانعكاس وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها نحو كُلٌّ فِي فَلَكٍ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ولا ثالث له في القرآن، انتهى. لكن صاحب التلخيص ذكر القلب والمقلوب المستوي في المحسّنات اللفظية، فعلى هذا لا يكون هو من أنواع العكس. ومنها ما يسمّى عكسا مستويا وعكسا مستقيما وهو تبديل كلّ من طرفي القضية بالآخر مع بقاء الصدق والكيفية أي الإيجاب والسّلب بحالهما، وهذا من مصطلحات المنطقيين، وهو المتبادر عند إطلاق لفظ العكس كما في شرح إشراق الحكمة. وقد يطلقون العكس مجازا على القضية الحاصلة من هذا التبديل. وقيل الظاهر أنّه حقيقة لكثرة الاستعمال في ذلك فيقال عكس الموجبة الكلّية موجبة جزئية، وهكذا في بواقي القضايا، وذلك أن تجمع بينهما بأنّ العكس نقل أولا من المعنى اللغوي إلى المعنى المصدري الذي يشتقّ منه سائر الصيغ، كقولهم عكس وانعكس وينعكس ونحوها، ثم استعمل في القضية المخصوصة بعلاقة السّببية، ثم كثر استعماله فيها حتى صار حقيقة بالغلبة. ثم المراد بتبديل الطرفين التبديل المعنوي أي المغيّر للمعنى حتى يخرج تبديل طرفي المنفصلة فإنّهم قالوا لا عكس للمنفصلات. ويحتمل أن يكون مرادهم أنّه ليس للمنفصلات عكس معتدّ به، فحينئذ لا حاجة إلى تخصيص التبديل، وذكر الطرفين أولى من الموضوع والمحمول كما ذكره البعض لشموله عكس الحمليات والشرطيات.
والمراد بطرفي القضية طرفاها في الذّكر فلا يرد أنّ طرفي القضية الحقيقية لم يدخلا في التعريف فإنّ الطرف الأول منها ذات الموضوع والثاني وصف المحمول، وفي العكس يصير ذات المحمول موضوعا ووصف الموضوع محمولا، والمراد ببقاء الصدق لزوم بقائه بمعنى أنّه لو فرض الأصل صادقا لزم منه لذاته مع قطع النظر عن خصوص المادة صدق الفرع بلا واسطة فرع آخر لصدق المفروض في الأصل في الفرع لذاته بلا واسطة، ليدخل في التعريف عكس القضية الكاذبة، وليخرج عنه تبديل طرفي القضية بحيث يحصل منه قضية لازمة الصدق مع الأصل لحصول المادة، كتبديل الموجبة الكلّية بالموجبة الكلّية في قولنا كلّ إنسان ناطق وكلّ ناطق إنسان، وليخرج عنه تبديل طرفيها بحيث يحصل منه قضية أعمّ من العكس كتبديل طرفي السّالبة الكلّية بحيث يحصل سالبة جزئية، وتبديل طرفي الضرورية بحيث يحصل ممكنة عامة. وإنّما اشترطوا بقاء الصدق لأنّ العكس لازم خاص من لوازم الأصل ويستحيل صدق الملزوم بدون اللازم، فعند التحقيق العكس بالمعنى المصدري تبديل طرفي القضية بحيث يحصل منه أخصّ قضايا لازمة لها لذاتها موافقة لها في الكيف، وبالمعنى الحاصل بالمصدر أخصّ قضايا حاصلة بتبديل طرفي القضية لازمة للأصل لذاته، موافقة له في الكيف، فلا بد في إثبات انعكاس قضية إلى قضية من بيان لزوم العكس للأصل في جميع المواد بدليل أو تنبيه، ومن بيان عدم لزوم قضية أخصّ منه، كذلك بتخلّفها عنه في بعض المواد، كما يقال الموجبة كلّية أو جزئية تنعكس موجبة جزئية للزومها لهما في جميع المواد وعدم لزوم الموجبة الكلية لشيء منهما في جميعها لتخلّفها عنهما فيما إذا كان المحمول أعمّ من الموضوع والتالي أعمّ من المقدّم، كما في قولك كلّ إنسان حيوان وقولنا إذا كان الشيء إنسانا كان حيوانا، إذ لا يصدق العكس هناك كلّية مع صدق الأصلين قطعا، ولم يعتبروا بقاء الكذب لجواز لزوم الصدق الكاذب، والمراد ببقاء الكيف بقاء الكيف الموجود في الأصل في الفرع، بمعنى أن يكون عكس الموجبة موجبة وعكس السّالبة سالبة. اعلم أنّ معنى انعكاس القضية أنّه يلزمها العكس لزوما كليا، ومعنى عدم انعكاسها أنّه ليس يلزمها العكس لزوما كلّيا.
فائدة:
السالبة الكلية تنعكس كنفسها، والجزئية لا تنعكس لجواز عموم الموضوع، والموجبة مطلقا تنعكس جزئية ولا عكس للمنفصلات والاتفاقيات لعدم الجدوى. وأمّا بحسب الجهة فمن السوالب الكلّية تنعكس الدائمتان والعامّتان كنفسهما والخاصتان عامتين مع اللّادوام في البعض، ولا عكس للبواقي. ومن السوالب الجزئية لا تنعكس إلّا الخاصّتان كنفسهما. ومن الموجبات تنعكس الوجوديتان والوقتيتان والمطلقة العامة مطلقة عامة، والخاصتان حينية لا دائمة. ومنها ما يسمّى عكس النقيض وهو تبديل نقيضي الطّرفين مع بقاء الصدق والكيف بحالهما. وقد يطلق عكس النقيض أيضا على القضية الحاصلة من هذا التبديل والمعنى الأول أصل بالنسبة إلى الثاني، والثاني منقول منه والمراد بتبديل نقيضي الطرفين تبديل كلّ من الطرفين بنقيض الطرف الآخر. والمراد ببقاء الصدق والكيف ما عرفت في العكس المستوي.
والحاصل أنّ عكس النقيض قد يطلق على جعل نقيض المحكوم به محكوما عليه ونقيض المحكوم عليه محكوما به على وجه يحصل أخصّ القضايا اللازمة للأصل بهذا التبديل مع الموافقة في الكيف بلا واسطة، ومع قطع النظر عن خصوص المادة. وقد يطلق على أخصّ القضايا اللازمة للأصل على الوجه المذكور.
فإذا قلنا كلّ إنسان حيوان كان عكس نقيضه كلّما ليس بحيوان ليس بإنسان وهذان الإطلاقان مــبنيان على اصطلاح قدماء المنطقيين. وقالوا المستعمل في العلوم هو هذا المعنى، وحكم الموجبات فيه حكم السوالب في العكس المستوي والبيان البيان. وأمّا عند المتأخّرين منهم فعكس النقيض جعل نقيض المحكوم به من الأصل محكوما عليه وعين المحكوم عليه منه محكوما به مع بقاء الصدق دون الكيف، أي على وجه يحصل أخصّ القضايا اللازمة للأصل على هذا التبديل مع المخالفة في الكيف بلا واسطة، ومع قطع النظر عن خصوص المادة. وقد يستعمل في هذا الاصطلاح أيضا في أخصّ القضايا اللازمة للأصل على هذا الوجه. فعكس نقيض قولنا كلّ إنسان حيوان لا شيء مما ليس بحيوان بإنسان وحكم الموجبات عندهم أيضا حكم السوالب في العكس المستوي لا بالعكس، أي ليس حكم السوالب من عكس النقيض حكم الموجبات في العكس المستوي كما قاله المتقدّمون.
فائدة:
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية القطبي: لا يفهم من تقييد العكس بالمستوي وإضافته إلى النقيض أنّ للعكس معنى اصطلاحيا مشتركا بينهما، بل بعد تخصيص العكس اللغوي بالصفة والإضافة استعمل كل من القيدين في معنى اصطلاحي، وليس لفظ العكس مشتركا لفظيا بينهما، إذ لا دليل على وضعه للمعنيين انتهى.
فائدة:
للقوم في بيان انعكاس القضايا طرق ثلاث: الأول الخلف، والثاني الافتراض، والثالث وهو أن يعكس نقيض الأصل أو جزئه ليحصل ما ينافي الأصل. هذا كله خلاصة ما في تكملة الحاشية الجلالية وما في حاشية القطبي للمولوي عبد الحكيم.

الزائد

الزائد:
[في الانكليزية] Affix ،infix
[ في الفرنسية] Affixe ،infixe
عند أهل العربية يطلق على الحرف الغير الأصلي وقد سبق. والزوائد الأربع هي حروف المضارعة وهي الألف والنون والياء والتاء، وقد يطلق الزائد على ما لا فائدة له كما في الأطول في بيان الغرابة، وعلى كلمة وجودها وعدمها لا يخلّ بالمعنى الأصلي، وأنّ لها فائدة، ومنه حروف الزيادة كذا يستفاد من الفوائد الضيائية.
اعلم أنّ الزائد على قسمين لأنّ اللفظ الذي لا فائدة فيه إمّا أن لا يكون متعيّنا كإيراد لفظين مترادفين وهو المسمّى بالتطويل نحو وجدت قول فلان كذبا مينا. فالكذب والمين بمعنى واحد لا فائدة في الجمع بينهما، فأحدهما زائد لا على التعيّن. وإمّا أن يكون الزائد متعينا وهو المسمّى بالحشو نحو وجدت قول فلان قولا كاذبا. فلفظ قولا زائد معيّن كذا في المطوّل.
وقد يطلق على المزيد وهو الحرف الذي يتصل بالخروج كما ستعرف. وعند المحاسبين هو العدد المستثنى منه كما مرّ. والزوائد عند أهل الرّمل أربعة أشكال وهي الواقعة في المرتبة الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة، وتسمّى أيضا شواهد.
الزائد
أحصى النحاة ما ورد في القرآن الكريم من كلمات زائدة، وحصروها في خمسة عشر لفظا: هى إِذْ، فى قوله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (البقرة 30). وإذا في قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (الانشقاق 1). أى انشقت السماء كما قال: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (القمر 1). وإلى، فى قوله تعالى: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (إبراهيم 37). فى رواية من قرأ تهوى، بفتح الواو. وأم، فى قوله تعالى: وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (الزخرف 51، 52). والتقدير: «أفلا تبصرون؟! أنا خير» وإن في قوله تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ (الأحقاف 26). وأن، فى قوله تعالى: وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً (العنكبوت 33). وقوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (يوسف 96). وقوله سبحانه: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا (البقرة 246). وقوله تعالى:
وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا (إبراهيم 12). و (الباء) فى قوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة 195). وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (مريم 25). فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (الحج 15).
وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (الحج 25). فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (القلم 5، 6). وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها (يونس 27). وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (البقرة 228). و (الفاء)، فى قوله سبحانه: هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (ص 55 - 57). وفي، من قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها (هود 41).
و (الكاف)، فى الآية الكريمة: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى 11).
و (اللام)، فى قوله تعالى: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (النمل 72).
هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (المؤمنون 36). ولا، فى قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ (الأعراف 12). قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (طه 92، 93). وقوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (الحديد 28، 29). وقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (القيامة 1). وما على شاكلته من الآيات، وقوله سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء 65). وقوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الأنعام 151). وقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (الأنعام 109). وقوله سبحانه: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (الأنبياء 95). وقوله سبحانه: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً (آل عمران 79، 80). وما، فى قوله سبحانه: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (آل عمران 159)، وفَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ (النساء 155). وقوله سبحانه: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً (نوح 25). ومن، فى قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (الأنعام 34). و (الواو)، فى قوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (الزمر 73). وقوله سبحانه وتعالى: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (الصافات 103 - 105).
ذلك ما أحصاه النحويون من حروف، قالوا: إنها زائدة وردت في القرآن، يعنون بزيادتها أنهم لا يستطيعون لها توجيها إعرابيّا، وإن كانوا يجدونها قد أدت معانى، لا تستفاد من الجملة إذا هى حذفت، وسنقف عند كل آية نتبين فيها ما زيد وسر زيادته.
أما زيادة إذ في الآية الأولى فمما لم يرتضه ابن هشام في مغنيه ، وقال صاحب الكشاف : إذ منصوبة بإضمار اذكر، ويجوز أن ينتصب بقالوا، وعليه، فليست إذ بزائدة.
وكذلك لم يرتض زيادة إذا في الآية السابقة بل رآها شرطية حذف جوابها، لتذهب النفس في تقديره كل مذهب، أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتى التكوير والانفطار، ففي كلتا السورتين قد ذكر جواب إذا، فقيل في سورة التكوير فى الجواب: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (التكوير 14). وقيل في سورة الانفطار: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (الانفطار 5).
وقيل في توجيه آية (إلى): إن تهوى بفتح الواو قد ضمنت معنى تميل ، وهو يتعدى بإلى فليست على ذلك بزائدة. وأم في آيتها ليست زائدة كذلك، بل هى منقطعة بمعنى بل، وتفيد الإضراب الانتقالى، وليست إن في آيتها زائدة، بل نافية والمعنى ولقد مكناهم، فى أمور لم نمكنكم فيها، والمجيء بإن هنا أفضل من المجيء بما، حذرا من التكرير اللفظى.
أما أن في الآيتين الأوليين فزائدة، جىء بها مؤذنة بتراخى حدوث الفعلين بعدها في الزمن، تراخيا عبّر عنه القرآن بهذه اللفظة، ولو أن الفعل كان على الفور لا تصل الفعل بلما من غير فاصل بينهما. وأما في الآيتين الأخيرتين، فأن غير زائدة فيهما، والمعنى أى داع لنا في ترك القتال في سبيل الله، وفي ألا نتوكل على الله، وقد هدانا سبلنا.
والباء ليست زائدة في الآية الأولى، فمعناها: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، أى: لا تكونوا سببا في هلاك أنفسكم بأفعالكم. أما في الآية الثانية فقد ضمن (هزى) معنى أمسكى هازة، فجىء بالباء مصورة لمريم، ممسكة بجذع النخلة، تهزها، مبعدة هذا الجذع حينا، ومقربة له إليها حينا آخر. وأما الباء في (بسبب) فعلى تضمين يمدد معنى يتصل، إذ ليس المراد مطلق مد سبب إلى السماء، بل الهدف أن
يعلق المغيظ نفسه بهذا السبب، فساغ لذلك هذا التضمين ودلت الباء عليه.
وليست الباء في (بإلحاد) داخلة على المفعول به بل هو محذوف، والجار والمجرور حال من فاعل يرد، كشأن الجار والمجرور بعده، والمعنى ومن يرد فيه مرادا ما، عادلا عن القصد، ظالما، والإلحاد العدول عن القصد فالباء للمصاحبة لا زائدة.
وليس من الضرورى جعل الباء زائدة في بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ، بل من الممكن أن تكون بمعنى في، والتقدير في أيكم المفتون، أى سنرى ويرون في أى الفريقين منكم يكون المجنون، أفى فريق المسلمين، أم في فريق الكافرين.
ولم يرتض ابن هشام أن تكون الباء في (بمثلها) زائدة، بل قال: والأولى تعليق بمثلها، باستقرار محذوف، هو الخبر ؛ كما لم يرتض زيادة الباء في بأنفسهن في الآية الكريمة، بل قال: «فيه نظر، إذ حق الضمير المرفوع المتصل، المؤكد بالنفس، أو العين، أن يؤكد أولا بالمنفصل، نحو قمتم أنتم أنفسكم، ولأن التوكيد هنا ضائع، إذ المأمورات بالتربص، لا يذهب الوهم إلى أن المأمور غيرهن، بخلاف قولك زارنى الخليفة نفسه » وعلل صاحب الكشاف ذكر الأنفس هنا، فقال: «فى ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص، وزيادة بعث، لأن فيه ما يستنكفن منه، فيحملهن على أن يتربصن، وذلك أن أنفس النساء طوامح إلى الرجال، فأمرن أن يقمعن أنفسهن، ويغلبنها على الطموح، ويجبرنها على التربص».
وليست (الفاء) فى قوله سبحانه: هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (ص 57).-
بزائدة، بل هى آية ضمت ثلاث جمل قصيرة، يوحى قصرها الخاطف بالرهبة فى النفس، والخوف؛ فالجملة الأولى مبتدؤها مذكور حذف خبره، فكأنه قال:
هذا حق ثابت لا مراء فيه، وكأنه يشير إلى ما تقدم من قوله: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (ص 56). ثم فرع على ذلك العذاب الذى أعد لهم، قائلا: فَلْيَذُوقُوهُ ذاكرا ضميرا يبعث في النفس ترقب تفسيره، ففسره بأن ما سيذوقونه حميم يحرق بحرّه، وغساق يقتل ببرده، ولم يذكر المبتدأ هنا إسراعا إلى ذكر العذاب المعد لهم. وخرجه ابن هشام على أن خبر هذا هو حميم وغساق، لا الجملة الطلبية، وعليه فتأويل الآية: «هذا حميم وغساق، فليذوقوه» وإنما أسرع بالجملة الطلبية، تهديدا لهم، وتشفيا منهم.
ولا وجه لزيادة «فى» من قوله سبحانه: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها (هود 41). لأن ركوبهم كان في السفينة. ولم ير صاحب الكشاف الكاف زائدة بل وجه الآية الكريمة بقوله: «قالوا مثلك لا يبخل، فنفوا البخل عن مثله، وهم يريدون نفيه عن ذاته، قصدوا المبالغة في ذلك، فسلكوا به طريق الكناية؛ لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده، وعمن هو على أخص أوصافه، فقد نفوه عنه، ونظيره قولك للعربى: العرب لا تخفر الذمم، كان أبلغ من قولك: أنت لا تخفر، ومنه قولهم قد أيفعت لداته، وبلغت أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله: «ليس كالله شىء»، وبين قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .
وإذا ضمنت رَدِفَ معنى دنا، فى قوله سبحانه: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (النمل 71، 72).
لم تعد اللام زائدة، كما لا تصير اللام زائدة في الآية التالية إذا جعلناها وما بعدها متعلقة بالفاعل المحذوف، وكان تأويل الجملة: هيهات هيهات الوقوع لما توعدون، وكان حذف الفاعل لوضوح دلالة الجملة عليه.
أما لا الواقعة بعد منع في الآيتين فزائدة، أريد بها تصوير فعل الممتنع، فإبليس في الآية الأولى لم يسجد، حين أمره الله، وهارون في الثانية لم يتبع موسى، وعصى أمره. وأريد بها كذلك تصوير ما يكون من هؤلاء الكفرة، إذا استجيب لهم، ونزلت الآية التى اقترحوها، فقال تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (الأنعام 109).- وتصوير أمر القرية التى أهلكت، وأن من المحال عودتها فقال سبحانه: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (الأنبياء 95).- وبيان ما يكون من هذا البشر الذى يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، فهو لا يأمر باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا. وتشعر في لا وهى زائدة في قوله تعالى: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (الحديد 29). بأن أهل الكتاب هؤلاء، لن يتدبروا الأمر تدبرا يؤدى بهم إلى الإيمان، وأن علمهم حينئذ سيكون كلا علم، فكأنهم لم يعلموا.
وأما لا الواردة في القسم القرآنى، فإنها مزيدة توطئة للنفى بعده، وتوكيدا له، كما في قوله سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النساء 65).
وذلك مستفيض في أشعارهم، كقول امرئ القيس: فلا وأبيك ابنة العامرى ... لا يدعى القوم أنى أفر
ومنها ما كان للنفى تعظيما للمقسم به، كما في قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (الواقعة 75، 76). وليس ذلك بمانع من أن تكون هذه الصيغة مؤكدة لما يذكر بعدها.
أما الآية الكريمة: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ (الأنعام 151). فنظرة إليها تريك أنه لم يذكر فيها المحرم، وإنما ذكر فيها ما أمروا به، من عدم الشرك بالله، والإحسان إلى الوالدين، إلى غير ذلك، فكان المحرم عليهم ضد هذا الذى ذكره، فليست لا زائدة بل هى للنفى، والجملة متسقة مع ما تلاها.
وما ليست زائدة في الآيات الثلاث الواردة، بل هى نكرة تامة بمعنى شىء، وما بعدها بدل كل منها، والمجيء بهذه النكرة متصلة بحرف الجر، وهى تبعث فى النفس معنى مبهما، ليزداد الشوق إلى معرفة معناها، حتى إذا ورد استقر في النفس واطمأنت إليه. ولا يكون ذلك إلا حيث يكون الكلام مرتبطا بأمر عظيم، كالرحمة التى ألانت قلب الرسول، والخطيئات التى أغرقتهم فأدخلوا بها النيران، ونقض المواثيق التى كانت سبب ما يعانونه من اللعنة وسوء المصير.
أما من في الآية الكريمة فاسم بمعنى بعض. والواو في الآيتين ليست بزائدة، وجواب إذا ولما محذوف ترك إلى النفس إدراكه، حتى كأن العبارة لا تفى بالدلالة عليه.
ومن كل ذلك يبدو أن ما يمكن عده زائدا، إنما هو حروف نادرة، جىء بها لأغراض بلاغية، وفت هذه الحروف الزائدة، ويظهر أن تسميتها زائدة معناه أنها لا يرتبط بها حكم إعرابى، لا أنها لم تؤد في الجملة معنى.
وورد في القرآن ما يبدو للنظرة السريعة أنه يمكن الاستغناء عنه، ولكن التأمل يبين عن دقة بارعة، فى اختيار هذا التعبير، وبلاغة مؤثرة في المجيء به، وهاك قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا (البقرة 79). فتأمل قوله بأيديهم يصور بها جريمة الافتراء، ويرسم بها مقدار اجترائهم على الله، ويؤكد ارتكابهم الجريمة بأنفسهم، وإن شئت فأسقط تلك الكلمة، وانظر أى فراغ تتركه إذا سقطت.
وقوله تعالى: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَــهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (النحل 26). فمن فوقهم صورت هذه الكارثة، التى نزلت بهم أكمل تصوير، ومن هذا الباب قوله سبحانه: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ (البقرة 19). فالمطر لا يكون إلا من السماء، ولكن التعبير عن المطر بالصيب، ووصفه بأنه من السماء، يصوره لك كأنما هو حجارة مصوبة، تهبط من هذا العلو الشاهق، فتصيب بأذاها هذا السائر الضال.
وقوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (النور 15). وقوله تعالى: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (الأحزاب 4). فأفواهكم تدل في الآية الأولى على أن الحديث الذى يجرى على ألسنتهم حديث لم يشترك فيه العقل، ولم يصدر عنه، وفي الآية الثانية، تدل على أن النطق اللسانى، لا يغير من الحقيقة شيئا، فهو لا يتعدى اللسان، إلى ما في الأفئدة من حقائق.
وقوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (الأحزاب 4). ففي ذكر الجوف تأكيد لإنكار وجود قلبين لرجل، فإذا تصور القارئ جوفا، بادر بإنكار أن يكون فيه قلبان.
وذكر واحدة في قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (الحاقة 13 - 15).- فضلا عما فيه من صيانة النغم الموسيقى، يوحى بقصر النفخة، وسرعة الدكة، وفي ذلك من إثارة الرعب، وتصوير شدة الهول ما فيه. وقوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (النجم 19، 20). تجد فيه وصف مناة بالثالثة، زيادة عما فيه من الحفاظ على الاتساق القرآنى، والموسيقى المتناسبة، إشارة إلى ما منى به هؤلاء القوم من ضعف في العقول، وفساد في التفكير، حتى إنهم لم يقفوا بإشراكهم عند حد إلهين، بل زادوا عليهما ثالثا، وإنى أشعر بالتهكم المر في قوله:
الْأُخْرى.
وقد كفانى الأدباء أمر البحث في توجيه قوله سبحانه: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (البقرة 196). فقوله: تِلْكَ عَشَرَةٌ مع أن الثلاثة والسبعة معلوم أنها عشرة، رفع لتوهم أنها ثلاثة في الحج أو سبعة في الرجوع لاحتمال الترديد. وقوله: كامِلَةٌ مع أن العشرة لو نقصت لم تكن عشرة، فائدته أنّ التفريق ما نقص أجرها، بل أجرها كامل، كما لو كانت متوالية فنسب الكمال إليها، لكمال أجرها . 

الحَدَثُ

الحَدَثُ: أَمر معنوي على سَائِر الْبدن، أَو أَعْضَاء الْوضُوء، مَانع من صِحَة الصَّلَاة.
الحَدَثُ:
بالتحريك، وآخره ثاء مثلثة: قلعة حصينة بين ملطية وسميساط ومرعش من الثغور، ويقال لها الحمراء لأن تربتها جميعا حمراء، وقلعتها على جبل يقال له الأحيدب، وكان الحسن بن قحطبة قد غزا الثغور وأشج العدوّ، فلما قدم على المهدي أخبره بما في بناء طرسوس والمصيصة من المصلحة للمسلمين، فأمر ببناء ذلك وأن يكون بالحدث، وذلك في سنة 162، وفي كتاب أحمد بن يحيى بن جابر: كان حصن الحدث مما فتح في أيام عمر، رضي الله عنه، فتحه حبيب بن مسلمة الفهري من قبل عياض بن غنم، وكان معاوية يتعاهده بعد ذلك، وكانت بنو أمية يسمون درب الحدث درب السلامة للطيرة، لأن المسلمين أصيبوا به، وكان ذلك الحدث الذي سمي به الحدث فيما يقول بعضهم، وقال آخرون: لقي المسلمين على درب الحدث غلام حدث فقاتلهم في أصحابه قتالا
استظهر فيه، فسمي الحدث بذلك الحدث، ولما كان في فتنة مروان بن محمد خرجت الروم فقدمت مدينة الحدث وأجلت عنها أهلها كما فعلت بملطية، فلما كان سنة 161 خرج ميخائيل إلى عمق مرعش ووجّه المهدي الحسن بن قحطبة فساح في بلاد الروم حتى ثقلت وطأته على أهلها وحتى صوروه في كنائسهم، وكان دخوله من درب الحدث فنظر إلى موضع مدينتها فأخبر أن ميخائيل خرج منه فارتاد الحسن موضع مدينة هناك، فلما انصرف كلم المهدي في بنائها وبناء طرسوس فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث، وكان في غزوة الحسن هذه مندل العنزي المحدث ومعتمر ابن سليمان البصري، فأنشأها عليّ بن سليمان وهو على الجزيرة وقنسرين، وسميت المحمدية والمهدية بالمهدي أمير المؤمنين، ومات المهدي مع فراغهم من بنائها، وكان بناؤها باللبن، وكانت وفاته سنة 169، واستخلف ابنه موسى الهادي فعزل عليّ بن سليمان وولى الجزيرة وقنسرين محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس، وكان فرض عليّ بن سليمان بمدينة الحدث لأربعة آلاف فأسكنهم إياها ونقل إليها من أهل ملطية وسميساط وشمشاط وكيسوم ودلوك ورعبان ألفي رجل، وفرض لهم في أربعين من العطاء، قال الواقدي: ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء وكثرت الأمطار ولم يكن بناؤها وثيقا فهدم سور المدينة وشعّثها ونزل بها الروم فتفرق عنها من كان نزلها من الجند وغيرهم، وبلغ الخبر موسى الهادي فقطع بعثا مع المسيب بن زهير وبعثا مع روح بن حاتم وبعثا مع عمرو بن مالك فمات قبل أن ينفذوا، ثم ولي الخلافة الرشيد فدفع عنها الروم وأعاد عمارتها وأسكنها الجند، وكانت عمارتها على يد محمد بن إبراهيم، آخر البلاذري. ثم لم ينته إليّ شيء من خبره إلّا ما كان في أيام سيف الدولة بن حمدان، وكان له به وقعات، وخربته الروم في أيامه، وخرج سيف الدولة في سنة 343 لعمارته، فعمره وأتاه الدمستق في جموعه فردهم سيف الدولة مهزومين، فقال المتنبي عند ذلك:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها، ... وتعلم أيّ الساقيين الغمائم؟
بناها فأعلى، والقنا يقرع القنا، ... وموج المنايا حولها متلاطم
طريدة دهر ساقها، فرددتها ... على الدين بالخطّيّ، والأنف راغم
تفيت الليالي كلّ شيء أخذته، ... وهن لما يأخذن منك غوارم
وقال أبو الحسين بن كوجك النحوي وكان ملك الروم عاد لخراب الحدث ثانيا فهزمهم سيف الدولة:
رام هدم الإسلام بالحدث المؤ ... ذن بنيانــها بهدم الضلال
نكلت عنك منه نفس ضعيف، ... سلبته القوى رؤوس العوالي
فتوقي الحمام بالنفس والما ... ل، وباع المقام بالارتحال
ترك الطير والوحوش سغابا، ... بين تلك السهول والأجبال
ولكم وقعة قريت عفاة ال ... طير فيها جماجم الأبطال
وينسب إلى الحدث عمر بن زرارة الحدثي، روى عن عيسى بن يونس وشريك بن عبد الله، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وموسى بن هارون، وعليّ بن الحسن الحدثي، روى عن عيسى بن يونس،
روى عنه أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي، وأبو الوليد أحمد بن جناب الحدثي، روى عن عيسى بن يونس أيضا، روى عنه فهد بن سليمان، ذكره في الفيصل.

سَبَنٌ

سَبَنٌ، محركةً: ة بِبَغْدادَ،
منها الثِّيابُ السَّبَنِيَّةُ، وهي أُزُرٌ سُودٌ للنِّساءِ. وقول اللَّيْثِ: ثِيابٌ من كَتَّانٍ بِيضٌ سَهْوٌ. وقالَ أَبو بُرْدَةَ: الثِّيابُ السَّبَنِيَّةُ هي القُسِّيَّةُ، وهْي من حَريرٍ فيها أَمْثالُ الأُتْرُجِّ.
وأسْبَنَ: دَامَ على لُبْسِها. وأَبو جَعْفَرٍ، وأَحمدُ بنُ إسْماعِيلَ السَّــبَنِيَّان: مُحَدِّثانِ.
وسِيبَنَّةٌ، بالكسر وفَتْحِ الباءِ والنُّونِ: لُغَةٌ في سيفَنَّةٍ.
والأَسْبانُ: المَقَانِعُ الرِّقاقُ.

جَنَّهُ

جَنَّهُ اللَّيْلُ،
وـ عليه جَنًّا وجُنوناً وأجَنَّهُ: سَتَرَهُ،
وكُلُّ ما سُتِرَ عَنْكَ فقد جُنَّ عَنْكَ.
وجِنُّ اللَّيْلِ، بالكسر،
وجُنُونُهُ وجَنانُهُ: ظُلْمَتُهُ، واخْتلاطُ ظَلامِهِ.
والجَنَنُ، مُحَرَّكةً: القَبْرُ، والمَيِّتُ، والكَفَنُ.
وأَجَنَّهُ: كَفَّنَهُ.
والجَنانُ: الثَّوْبُ، واللَّيْلُ أو ادْلِهْمامُهُ، وجَوْفُ ما لم تَرَ، وجبلٌ، والحَريمُ، والقَلْبُ أو روْعُهُ، والرُّوحُ
ج: أجنانٌ. وكشَدَّادٍ: عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ الجَنَّانِ، مُحدِّثٌ. وأبو الوَليدِ بنُ الجَنَّانِ: أديبٌ مُتَصَوِّفٌ. وككِتابٍ: جاريَةٌ شَبَّبَ بها أبو نُوَاسٍ الحَكَمِيُّ،
وع بالرَّقَّةِ.
وبابُ الجِنانِ: مَحَلَّةٌ بِحَلَبَ. ومحمدُ بنُ أحمدَ بنِ السِمْسارِ، ونوحُ بنُ محمدٍ الجِنانِيَّانِ: مُحدِّثانِ.
وأجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ: اسْتَتَرَ.
والجَنينُ: الوَلَدُ في البَطْنِ
ج: أجِنَّةٌ وأجْنُنٌ، وكلُّ مَسْتورٍ.
وَجَنَّ في الرَّحِمِ يَجِنُّ جَنّاً: اسْتَتَرَ، وأجَنَّتْه الحامِلُ.
والمِجَنُّ والمِجَنَّةُ، بكسرِهِما،
والجُنانُ والجُنانَةُ، بضمهما: التُّرْسُ.
وقَلَبَ مِجَنَّهُ: أسْقَطَ الحياءَ، وفَعَلَ ما شاءَ، أو مَلَكَ أمرَهُ واسْتَبَدَّ به.
والجُنَّةُ، بالضم: كلُّ ما وَقَى، وخِرْقَةٌ تَلْبَسُها المرأةُ تُغَطِّي من رأسِها ما قَبَلَ ودَبَرَ غَيْرَ وَسَطِهِ، وتُغَطِّي الوجْهَ وجَنْبَيِ الصَّدْرِ، وفيه عَيْنانِ مَجُوبتانِ كالبُرْقُع.
وجِنُّ الناسِ، بالكسر،
وجَنانُهُم، بالفتحِ: مُعْظَمُهُم.
والجِنِّيُّ، بالكسرِ: نِسْبَةٌ إلى الجِنِّ، أو إلى الجِنَّةِ. وعبدُ السَّلامِ بنُ عَمْرٍو، وأبو يُوسُفَ الجِنِّيَّانِ: رَوَيَا.
والجِنَّةُ، بالكسر: طائفةٌ من الجِنِّ. وجُنَّ، بالضم، جَنًّا وجُنوناً، واسْتُجِنَّ، مَــبْنيَّانِ للمفعولِ، وتَجَنَّنَ وتَجانَّ، وأجَنَّهُ الله، فهو مَجْنونٌ.
والمَجَنَّةُ: الأرضُ الكثيرةُ الجِنِّ،
وع قُربَ مكةَ، وقد تكسرُ ميمُها، والجُنونُ.
والجانُّ: اسمُ جَمْعٍ للجِنِّ، وحَيَّةٌ أكْحَلُ العين لا تُؤْذِي، كثيرَةٌ في الدورِ.
والجِنُّ، بالكسر: الملائكةُ،
كالجِنَّةِ،
وـ م الشَّبابِ وغيرِه: أوَّلُهُ وحِدْثانُهُ،
وـ من النَّبْتِ: زَهْرُهُ ونَوْرُهُ، وقد جُنَّتِ الأرضُ، بالضم، وتَجَنَّنَتْ جُنوناً.
ونَخْلَةٌ مَجْنونَةٌ: طَويلَةٌ.
والجَنَّةُ: الحَديقَةُ ذاتُ النَّخْلِ والشَّجَرِ
ج: ككِتابٍ.
وعَمْرُو بنُ خَلَفِ بنِ جِنانٍ: مُقْرِئٌ مُحَدِّثٌ.
والجَنينَةُ: مِطْرَفٌ كالطَّيْلَسانِ.
والجُنُنُ، بضَمَّتَيْن: الجُنونُ، حُذِفَ منه الواوُ.
وتَجَنَّنَ عليه،
وتَجانَنَ: أَرَى من نَفْسِهِ الجُنونَ. ويوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ الكِنانِيُّ: لَقَبُهُ جَنُّونَةٌ، كخَرُّوبَةٍ، مُحَدِّثٌ. وجَنُّونُ المَوْصِلِيُّ: رَوَى عن غَسَّانِ بنِ الرَّبيعِ.
والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْرابُ.
وأجِنَّكَ كذا، أي: من أجْلِ أنَّكَ.
والجَناجِنُ: عِظامُ الصَّدْرِ، الواحِدُ: جِنْجِنٌ وجِنْجِنَةٌ، بكسْرِهما ويُفْتَحانِ.
وجُنْجونُ، بالضمِ،
والمَنْجَنونُ والمَنْجَنينُ: الدُّولابُ، مُؤَنَّثٌ.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ.
ولا جِنَّ، بالكسر: لا خَفَاءَ.
وجُهَيْنَةَ: ع بعقيقِ المَدينَةِ، ورَوْضَةٌ بنَجْدٍ بينَ ضَرِيَّةَ وحَزْنِ بَنِي يَرْبوعٍ،
وع بينَ وادي القُرَى وتَبوكَ.
والجُنَيْناتُ: ع بدارِ الخِلافَةِ.
وأبو جَنَّةَ: شاعِرٌ أسَدِيٌّ، خالُ ذي الرُّمَّةِ.
وذو المِجَنَّيْنِ: عُتَيْبَةُ الهُذَلِيُّ، كانَ يَحْمِلُ تُرْسَيْنِ.
وأرضٌ مُتَجَنِّنَةٌ: كَثُرَ عُشْبُها، حتى ذَهَبَ كلَّ مَذْهَبٍ.
وبَيْتُ جِنٍّ، بالكسر: ة تَحْتَ جَبَلِ الثَّلْجِ، والنِّسْبَةُ: جِنَّانِيٌّ.

الصّاعقة

ص ع ق [الصّاعقة]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ .
قال: الصاعقة: العذاب، وأصله الموت.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
قد كنت أخشى عليك الحتوف ... وقد كنت آمنك الصاعقة 
الصّاعقة:
[في الانكليزية] Thunderbolt
[ في الفرنسية] foudre
المحراق الذي بيد الملك السائق للسّحاب، ولا يأتي على شيء إلّا أحرقه، أو نار تسقط من السماء كذا في القاموس. اعلم أنّ الدّخان الذي هو أجزاء نارية تخالطها أجزاء صغار أرضية، إذا ارتفع مع البخار وانعقد السّحاب من البخار واحتبس الدخان فيما بين السحاب، فما صعد من الدخان إلى العلوّ لاشتعال حرارته أو نزل إلى السّفل لانتقاص حرارته يمزّق السّحاب في صعوده ونزوله تمزيقا أنيقا، فيحصل صوت هائل فيسمّى هذا الصوت رعدا. وإن اشتعل الدّخان لها فيه من الدهنية بالحركة العنيفة المقتضية للحرارة فيحصل لمعان وضوء فيسمّى هذا برقا، وإن كان الدخان كثيفا غليظا جدا حتى يصير ثقيلا فيمزّق السّحاب لشدة حرارته وينزل إلى الأرض لثقالته فيحرق كلّ شيء لحرارته ويمزّقه لغلظه وثقله فيسمّى صاعقة هكذا في الميبدي وغيره. وقد مرّ في لفظ البرق. وذكر في التفسير العزيزي أنّ أهل الحكمة قالوا: بما أنّ القوى الفلكية تؤثّر في العناصر بواسطة التّسخين والتّبخير فتتحرّك وتختلط ببعضها، وينشأ من اختلاط العناصر ببعضها عدة مخلوقات من مخلوقات أخرى.

فمثلا: بما أنّ حرارة الصيف تؤثّر في العناصر فيتصاعد بخار الماء من البحار والدّخان من الأرض نحو السماء، ومن ثمّ يعلو الدّخان حينا عن الهواء حتى يصل إلى كرة النار فيشتعل، وقد يستمرّ حينا من الزمن لعدة أيام في اشتعال بسبب غلظ قوام مادّة الدخان. ويبدو للناظر بشكل مذنّب أو حربة أو سالفة من الشعر أو غير ذلك، وإذا كان بعد الاشتعال زائلا عن قريب فيكون شهابا.
وفي بعض الحالات لا يشتعل بل يكون قابلا للاحتراق ويبدو للناظر للسّماء كقطعة حمراء أو سوداء أو زرقاء بين السّماء والأرض.
وينقسم البخار حال ارتفاعه من الأرض إلى عدد من الأقسام: فمرة يكون لطيفا وخفيفا فيعلو كثيرا فيصل إلى مكان ينقطع فيه انعكاس أشعة الشمس من الأرض فيبرد ويتكثّف ثمّ ينزل إلى الأرض على شكل قطرات. ويقال لهذا البخار المتكيّف الغيم. وتلك القطرات من الماء تسمّى المطر. وحينا آخر لا يكون البخار لطيفا بل ثقيلا، ولذلك فإنّه لا يرتفع عن سطح الأرض كثيرا، ثم إنّه بسبب البرد في أواخر الليل فإنّه يتجمّد (يتكثف) فيقع ويقال له آنذاك قطر النّدى. وإذا اشتدّ البرد بدرجة أكبر فإنّ البخار يتجمّد وينزل على الأرض بصورة حبّات من الثلج تسمّى البرد.

وقالوا أيضا: متى ارتفع الغبار والبخار والدّخان المخلوطة بعضها ببعض ثم انفصل كلّ منها عن الآخر، فحينئذ تهبّ ريح قوية وأعاصير شديدة.
وإذا وصل البخار والدّخان إلى درجة البرودة فإنّ البخار يبرد فيتغلغل فيه الدّخان حتى ينفذ إلى الطبقات العليا، وعن هذا التغلغل يحدث صوت قوي هو الذي يقال له الرّعد، وأحيانا بسبب شدّة التغلغل والحركة يشتعل ذلك الدّخان فيكون منه البرق.
وحينا آخر بسبب شدّة التكثّف والبرودة معا فإنّ البخار يتجمّد فيقع على الأرض وهو ما يسمّى حينئذ بالصاعقة.
هذا وإنّ هؤلاء الحكماء (أصحاب هذه الأقوال) بسبب ضعف وسائلهم لم يستطيعوا أن يتصوّروا شيئا آخر مؤثّرا في العناصر سوى قابلية تلك المواد للتأثير والتأثّر فلذلك اكتفوا بذلك.

وفي الحقيقة: هناك أسباب أخرى بالإضافة إلى الأسباب المذكورة وهي مؤثّرة وعاملة في هذا المصنع العظيم (الكون)، بل جميع الكائنات، وتلك هي الأرواح (الملائكة) المدبّرة والموكلة في إدارة شئون الكائنات المادّية وصورها.
وهذه الأرواح تابعة لأمر الله (كن فيكون)، ولا تقوم بأيّ عمل من تلقاء ذاتها. وعليه فالاقتصار على رؤية الأسباب المادية الظاهرة خطأ وغفلة عن قدرة مسبّب الأسباب، سبحانه ما أعظم شأنه. كما أنّ نفي تأثير الأسباب هو إنكار لحكمة الحكيم على الإطلاق ولفوائد الأسباب في هذا الكون، فسبحانه ما أحكم بنيانــه.
وإذن فالأسلم في عدم الإفراط ولا التفريط بل التوسّط وهو الاعتقاد بأنّ الله سبحانه هو الفاعل الحقيقي والمكوّن لكلّ كائن بلا واسطة.
أمّا توسيط الأسباب فبناء على إجراء وتنفيذ عادته، ومن أجل إظهار قدرته وحكمته.
وأمّا في حال الاعتقاد حسب الصورة الأولى فإنّه يؤدّي إلى تعطيل قدرة الله سبحانه، وأمّا على التقدير الثاني فيؤدي للاعتقاد بالعبثية وأنّ الأسباب لا لزوم لها. نعوذ بالله منهما.
انتهى ملخصا.

يُوح

(يُوح)
اسْم من أَسمَاء الشَّمْس
يُوح
: (} يُوحُ {ويُوحَى، بضمِّهما من أَسماءِ الشَّمْس) . قَالَ شَيخنَا: كَتْبه بالحمرةِ مُؤْذِنٌ بأَنَّ الجوهريّ لم يذْكرهُ، وَلَيْسَ كذالك، فإِنه قد ذكرَه فِي الموحّدة، وأَورد الْخلاف هُنَاكَ فأَغنى عَن إِعادته هُنَا، انْتهى.
قلْت: ووجدْت فِي هَامِش (الصّحاح) مَنْقُولًا من خطِّ الإِمام أَبي سهل مَا نصُّه: يُوحُ ويُوحَى من أَسماءِ الشَّمْس، وذكرَ ذالك أَبو عليّ الفارسيْ فِي الحلبيَّات عَن الْمبرد، انْتهى.
قلت: هاذه الْعبارَة تتمّة من كَلَام ابْن بَرِّيّ، فإِنه قَالَ: لم يذْكر الجوهريّ فِي فصل الياءِ شَيْئا، وَقد جاءَ مِنْهُ يُوحُ اسمٌ للشَّمس. قَالَ وَكَانَ ابْن الأَنباريّ يَقُول هُوَ بوحُ، بالباءِ، وَهُوَ تَصْحِيف. وَذكره أَبو عليّ الفارسيّ فِي الحلبيّات عَن المبرّد بالياءِ الْمُعْجَمَة بِاثْنَتَيْنِ، وكذالك ذكره أَبو العلاءِ المعرّيّ فِي شعره فَقَالَ:
ويُوشَع ردَّ يُوحَى بَعضَ يَوم
وأَنْتَ مَتَى سَفَرْتَ رَدَدْتَ} يُوحَا
قَالَ: ولمّا دَخَلَ بَغَدادَ اعتُرض عَلَيْهِ فِي هاذا البَيتِ فَقيل لَهُ: صحَّفتَه، وإِنّما هُوَ بوحُ بالبَاءِ، واحتجُّوا عَلَيْهِ بِمَا ذكره ابنُ السِّكِّيت فِي أَلفاظه، فَقَالَ لَهُم: هاذه النُّسخ الَّتِي بأَيديكم غيَّرها شُيوخُكم، ولاكن أَخرِجوا النُّسخَ العَتِيقة فأَخرَجُوهَا فوجدوها بالتّحتيّة كَمَا ذكرَه أَبو العلاءِ. وَقَالَ ابْن خالَويه: هُوَ يُوحُ، بالياءِ الْمُعْجَمَة بِاثْنَتَيْنِ وصحَّفه ابْن الأَنباريّ فَقَالَ بُوحُ، بِالْمُوَحَّدَةِ. وجرَى بَين ابنِ الأَنباريّ وَبَين أَبي عُمَر الزاهِد كلّ شيْءٍ حتَّى قَالَت الشّعراءُ فيهمَا، ثمَّ أَخرجا كتاب الشَّمس والقَمر لأَبي حَاتِم السِّجستانيّ فإِذا هُوَ يُوح بالياءِ الْمُعْجَمَة بِاثْنَتَيْنِ، وأَما البوح بالباءِ فَهُوَ النَّفْسُ لَا غيُ.
وَقَالَ ابْن سَيّده: يُوحُ: الشَّمْسُ، عَنْ كُرَاع، لَا يدْخلهُ الصَّرف وَلَا الأَلف وَاللَّام، وَالَّذِي حَكَاهُ يعقوبُ بوحُ، انْتهى.
وَفِي حَدِيث الْحسن بن عليّ: (هَل طَلَعَتْ يُوح) ، يَعْنِي الشَّمس. وَهُوَ من أَسمائها، كبَراحِ وهما مــبنيّان على الْكسر. قَالَ ابْن الأَثير: وَقد يُقَال فِيهِ {يُوحَى، على مِثَال فُعْلَى.
وَمن سَجعات الأَساس: جعلَك اللَّهُ أَعْمَرَ من نُوح، وأَنْوَرَ من يُوح.
وَنقل شَيخنَا عَن السَّفاقسيّ فِي إِعراب الْفَاتِحَة: قيل: لم يجىءْ مَا فاؤُه ياءٌ تَحتيّة وعينُه وَاو غير يَومٍ، اتِّفَاقًا، قيل:} ويُوحُ اسمٌ للشمس، وَقيل هُوَ بالموحّدة. وَمثله فِي المزهر.

ملقبذ

ملقبذ
: مُلْقَابَاذ، بالضمّ: مَحلّة بأَصفهانَ، وَقيل: بَنَيْسَابُور، نُسِب إِليها أَبو عليَ الحسنُ بن محمّد بن أَحمد بن محمّد البُحْتريّ النيسابوريّ، من بيتِ العَدَالَةِ والتَّزْكِيَة، ذكره أَبو سَعْد فِي التحبير، توفِّيَ سنة 551.

مُنْذُ
: (مُنْذُ، بَسِيطٌ) ، ويأْتي لَهُ مَا يُعَارضه مِن ذِكْر الأَقوال الدَّالَّة على الترْكِيب، (مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ. ومُذْ مَحْذُوفٌ مِنه) ، وَقد ذكرَه ابنُ سَيّده وَغَيره فِي مذمذ، وَالصَّوَاب هُنَا، وَفِي الصِّحَاح:
مُنْذُ مبنيٌّ على الضمّ، ومُذْ (مَبْنِيٌّ على السُّكون، وتُكْسَر مِيمُهما) ، أَمَّا كسْر مِيمِ مُنذ فقد حكِيَ عَن بني سُلَيْم يَقُولُونَ: مَا رأَيْتُه مِنْذُ سِتٌّ، بِكَسْر الْمِيم وَرفع مَا بَعْدَه، وحكَى الفرّاءُ عَن عُكْلٍ: مِذُ يومانِ بطرْح النُّون وَكسر الْمِيم وَضم الذّال، (ويَلِيهِمَا اسمٌ مَجْرُورٌ، وحينئذٍ) فهما (حَرْفَا جَرَ) فيُجرّ مَا بعدهمَا، ويكونان (بِمَعْنَى مِنْ فِي الماضِي، و) بِمَعْنى (فِي فِي الحَاضِرِ، و) بِمَعْنى (مِن وإِلى جَميعاً فِي المَعْدُودِ، كَمَا رَأَيْتُه مُنْذُ يومِ الخَمِيسِ) ، وَفِي التَّهْذِيب: قد اختلَفتِ العَربُ فِي مذ ومنذ، فبعضهم يخْفِض بمذْ مَا مضَى وَمَا لم يَمْضِ، وَبَعْضهمْ يَرْفَع بمنذ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ. وَبَعْضهمْ يَرْفَع بمنذ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ. والكلامُ أَن يخْفَضَ بمذ مَا لم يَمْضِ. ويُرْفع مَا مضى، ويُخْفض بمنْذ مَا لم يَمْضِ وَمَا مضى، وَهُوَ المُجْمَعُ عَلَيْهِ. (و) يليهما (اسمٌ مَرْفُوعٌ، كمُفْذُ يَوْمَانِ، وحينئذٍ مُبْتَدَآنِ، مَا بعدهمَا خَبَرٌ، ومَعناهما الأَمَدُ فِي الحاضرِ، والمَعْدُودِ، وَأَوَّل المُدَّةِ فِي الماضِي) ، وَفِي الصِّحَاح: ويَصلُح أَن يَكونا اسمَينِ فتَرْفَع مَا بعدهمَا على التاريخِ أَو على التَّوقيتِ، وَتقول فِي التَّارِيخ: مَا رأَيته مُذْ يومُ الجُمعَة، وَتقول فِي التَّوْقِيت مَا رأَته مُذْ سَنَةٌ، أَأَمَدُ ذالك سَنَةٌ، وَلَا يَقع هَا هُنَا إِلاَّ نكرَةً، فَلَا تَقول مُذْ سَنَةُ كَذَا، وإِنما تَقول مُذْ سَنَةٌ، (أَو ظَرْفَانِ مُخْبَرٌ بِهما عَمَّا بَعْدَهما، ومعناهما بَيْنَ وبَيْنَ، كلَقِيتُه مُنْذُ يَوْمانِ، أَي بَيْنِي وبَيْنَ لِقَائِه يَومَانِ) ، وَقد رَدَّ هاذا القولَ ابنُ الحاجِب وهَذَّبَه البَدْرُ فِي تُحْفة الغريبِ، قَالَه شَيخنَا، (وتَلِيهما الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، نَحْو) قولِ الشَّاعِر:
(مَا زَالَ مُذْ عَقَدتْ يَدَاهُ إِزَارَه)

(أَو) الْجُمْلَة (الاسْمِيَّة) نَحْو قَول الشَّاعِر:
(ومَا زِلْتُ أَبْغِي المَالَ مُذْأَنَا يافِعٌ)
(وحِنيئذٍ) هما (ظَرْفَانِ مضافان إِلى الجُمْلَةِ أَو إِلى زَمَانٍ مُضافٍ إِليها) ، أَي إِلى الْجُمْلَة، (وقِيل: مُبْتَدآنِ) . أَقوالٌ بَسطَها العلاَّمة ابنُ هِشَامٍ فِي المُغنى (وأَصْل مُذْمُنْذُ، لرجوعِهِمْ إِلى ضَمِّ ذالِ مُذْ عِنْدَ مُلاقة الساكِنيْنِ، كمُذُ اليَوْمِ، وَلَوْلَا أَنَّ الأَصْلَ الضمُّ لكَسَرُوا) . وَفِي الْمُحكم: قولُهُمْ مَا رأَيْتُه مُذُ الْيَوْم، حَرَّكوها لالتقاءِ الساكِنِين، وَلم يَكْسِرُوهَا، لاكنهم ضَمُّوها، لأَن أَصلها الضمُّ فِي مُنذ، قَالَ ابنُ جِنّي، لاكنه الأَصلُ الأَقْرَبُ، أَلاَ تَرَى أَنّ أَوَّل حالٍ هاذه الذَّال، أَن تكون سَاكِنة، وإِنما ضُمَّت لالتقاءِ الساكِنينِ إِتْبَاعاً لضَمَّةِ الْمِيم، فهاذا على الحَقِيقَة هُوَ الأَصْلُ الأَوّلُ، قَالَ: فأَمْا ضَمُّ ذال مُنذ، فإِنما هُوَ فِي الرُّتْبَة بعد سكونها الأَوّل المقدَّر، ويَدُلُّك على أَنّ حَرَكَتها إِنما هِيَ لالتقاءِ السكانين أَنه لمَّا زالَ التقاؤُهما سكنَتِ الذالُ، فضَمُّ الذَّال إِذاً فِي قَوْلهم مُذُ الْيَوْم ومُذُ الليلَة إِنما هُوَ رَدٌّ إِلى الأَصل الاإقرب الَّذِي هُوَ منذُ، دون الأَصل الأَبْعَد الَّذِي هُوَ سُكُون الذَّال فِي مُنذ قبل أَن تُحَرَّك فِيمَا بعد، (ولِتَصْغِيرهم إِيَّاهُ مُنَيْذٌ) ، قَالَ ابنُ جِنِّي: قد تُحْذَف النُّون من الأَسماءِ عَيْناً فِي قَوْلهم مُذ، وأَصله مُنْذُ، وَلَو صَغَّرْتَ مُذ اسْم رَجُلٍ لقلْتَ مُنَيْذ، ورددت النونَ المَحْذُوفَةَ لِيَصِحّ لَك وَزْنُ فُعَيْل. قلْت: وَقد رُدَ هاذا القولُ أَيضاً، كَمَا هُوَ مبسوطٌ فِي شُرُوحِ الفَصِيح، (أَو إِذَا كانَتْ مُذْ اسْماً فأَصْلُهَا مُنْذُ، أَو حَرْفاً فَهِيَ أَصْلٌ) . وهاذا التَّفْصِيل هُوَ الَّذِي جَزَم بِهِ المالقيّ فِي رصفعِنْد الساكنِ فَيَقُول مُذِ اليومُ، قَالَ: وَلَيْسَ بالوَجْه، قَالَ بعض النَّحْوِيين، ووَجْهُ جَوازِ هاذا عِندي على ضِعْفِه أَنه شَبَّه ذالَ مُذ بالدالِ قَدْ ولامِ هَلْ، فكسَرَهَا حِين احتاجَ إِلى ذالك، كَمَا كسرَ لامَ هَلح، ودال قَدْ، وَقَالَ: بَنو ضَبَّةَ والرِّبَابُ يَخْفِضُون بمذْ كُلَّ شيءٍ، قَالَ سيبويهِ: أَما مذْ فَتكون ابتداءَ غايةِ الأَيّامِ والأَحيانِ كَمَا كَانَت مِنْ فِيمَا ذَكَرْتُ لَك، وَلَا تدخُل واحدةٌ مِنهما على صاحِبَتها، وذالك قولُك: مَا لَقيتُه مُذ يَوْم الْجُمُعَة إِلى الْيَوْم، ومُذْ غُدْوَة إِلى السَّاعَة، وَمَا لَقيته مُذ اليومِ إِلى ساعتك هاذه، فَجعلت اليومَ أَوَّل غايتِك، وأُجْرَيْتَ فِي بَابها كَمَا جَرَتْ مِن، حَيْثُ قلت مِنْ مكانِ كَذَا إِلى مكانِ كَذَا، وَتقول: مَا رأَيته مذ يومينِ، فَجَعَلته غَايَة كَمَا قلت أَخذتُه من ذالك الْمَكَان، فجعلْتَه غَايَة، وَلم تُرِد مُنْتَهًى. هاذا كلّه قولُ سِيبَوَيْهٍ، وَالْخلاف فِي ذالك مَبْسُوط فِي المُطَوَّلات.

أَوْس

أَوْس
الذئب، العطية، العِوَض.
أَوْس
} الأَوْسُ، الإعْطاء والتعويض، تَقول فيهمَا: {أُسْتُ القَومَ} أَؤُوسُهم {أَوْسَاً، أَي أَعْطَيتُهم، وَكَذَا إِذا عوَّضْتَهُم من الشَّيْء، وَفِي حَدِيث قَيْلَةَ: رَبِّ} - أُسْنِي لِما أَمْضَيْت، أَي عوِّضْني، وَيَقُولُونَ: {أُسْ فلَانا بخَير، أَي أَصِبْه، وَيُقَال: مَا يُواسيه من موَدَّته وَلَا قَرابتِه شَيْئا. مأخوذٌ من الأَوْس، وَهُوَ العِوَض، وَكَانَ فِي الأصلِ مَا يُواوِسه، فقَدَّموا السينَ وَهِي لامُ الفِعل، وأخَّروا الواوَ وَهِي عَيْنُ الْفِعْل فَصَارَ يُواسِوُه، فصارَت الواوُ يَاء لتحَرُّكها وانْكِسارِ مَا قبلَها، وَهَذَا من المَقلوب.} الأَوْس: الذِّئْب، وَبِه سُمِّي الرجلُ، وَقَالَ ابنُ سِيدَه: أَوْسٌ: الذِّئْب، معرفةٌ، قَالَ:
(لمّا لَقينا بالفَلاة {أَوْسَا ... لم أَدْعُ إلاّ أَسْهُما وقَوْسَا)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَال للذئب: هَذَا أَوْسٌ عادِياً، وَأنْشد:
(كَمَا خَمَرَتْ فِي حِضْنِها أمُّ عامِرٍ ... لَدى الحَبلِ حَتَّى عالَ أَوْسٌ عِيالَها)
يَعْنِي أَكَلَ جراءها.} كأُوَيْس. وَجَاء مُصغَّراً مثل الكُمَيت واللُّجَيْن، قَالَ الهُذَليُّ:
(يَا لَيْتَ شِعري عَنْكَ والأَمْرُ أَمَمْ ... مَا فَعَلَ اليومَ! أُوَيْسٌ فِي الغنَمْ)وينمو حَتَّى يكون شَجَرَاً عِظاماً الواحدةُ {آسَةٌ، قَالَ: وَفِي دَوامِ خُضرتِه يقولُ رُؤْبَة: يَخْضَرُّ مَا اخْضَرَّ الألاءُ} والآسْ وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الآسُ لهَذَا المَشموم أَحْسبهُ دَخيلاً، غيرَ أنَّ العربَ قد تكلَّمَت بِهِ، وجاءَ فِي الشِّعرِ الفَصيح، قَالَ الهُذَليُّ: بمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ {الآسُ: بَقِيَّةُ الرَّمادِ فِي المَوقِد، قَالَ النَّابِغَة:
(فَلَمْ يَبْقَ إلاّ آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ ... وسُفْعٌ على} آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ)
وَقد تقدّم فِي أسس. {الآسُ: العسَلُ نَفْسُه، أَو هُوَ بقِيَّتُه فِي الخَليَّة، كالكَعْب من السَّمن.} الآس: القَبْر. الآس: الصاحب، قَالَ الأَزْهَرِيّ: لَا أعرفُ الآسَ بالمعاني الثلاثةِ فِي جهةٍ تَصِحُّ، أَو رِواية عَن الثِّقةِ، وَقد احتَجَّ الليثُ لَهَا بشِعر أَحْسَبُه مَصْنُوعاً:
(بانَتْ سُلَيْمى فالفُؤادُ آسي ... أَشْكُو كُلوماً مَا لَهُنَّ آسي)

(من أجل حَوْرَاءَ كغُصنِ الآسِ ... رِيقَتُها كمِثلِ طَعْمِ الآسِ)

(وَمَا اسْتَأَسْتُ بَعْدَها من آسِ ... وَيْلِي فإنِّي لاحِقٌ بالآسِ)
قَالَ الأَصْمَعِيّ: الآس: آثارُ الدارِ وَمَا يُعرَفُ من عَلاماتِها. قيل: هُوَ كلُّ أَثَرٍ خَفيٍّ كأَثَرِ البعيرِ ونَحوِه. وَقَالَ أَبُو عمروٍ: الآس: أَن تَمُرَّ النَّحلُ فيَسقُطُ مِنْهَا نُقَطٌ من العسلِ على الحِجارةِ فيُستَدَلُّ بذلك عَلَيْهَا. {والمُسْتَآسَة: المُستَعاضَة، قَالَ الجَعْديُّ:
(لَبِسْتُ أُناساً فَأَفْنَيْتُهمْ ... وأَفْنَيْتُ بعدَ أُناسٍ أُناسا)

(ثلاثةَ أهْلينَ أَفْنَيْتُهم ... وَكَانَ الْإِلَه هُوَ} المُسْتَآسا)
أَي المُستَعاض، وَيُقَال: {- اسْتَآسَني فأُسْتُه، أَي اسْتعاض.} المُسْتَآسَة: المُستَصحِبةُ والمُستَعطاةُ والمُستَعانة، وَقد {اسْتَآسَه، إِذا طَلَبَ مِنْهُ الصُّحبةَ والعَطِيَّةَ والإعانةَ.} وأَوْسْ {أَوْسْ، مــبنيّانِ على السُّكون: زَجْرٌ للغنَم وَالْبَقر، كَذَا فِي التكملة، وَفِي اللِّسان: المَعز، بَدَل الغنَم. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:} الآسُ: البَلَح. {والأُوَيْسِيُّون قومٌ تَرَبَّوْا بالرُّوحانيّة.} وأَوْسُ اللاّتِ: رجلٌ من الأنصارِ وَيُقَال لَهُ: أَوْسُ الله، مُحَوَّلٌ عَن اللات، أَعْقَب فَلهُ عِدَادٌ.

الصَّفّ

(الصَّفّ) السطر الْمُسْتَقيم من كل شَيْء وَالْقَوْم المصطفون وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} والفرقة من الْمدرسَة (محدثة) (ج) صُفُوف

اتى

ات

ى1 أَتَى, aor. ـْ (Msb,) and, in the dial. of Hudheyl, يَأْت, without ى; (S;) and أَتَيْتُهُ, (T, S, M, Msb, K,) [aor. ـي and in the imperative, some of the Arabs say, تِ, suppressing the ا, like as is done in خُذْ and كُلْ and مُرْ; (IJ, M;) inf. n. إِتْيَانٌ, (T, S, * M, Mgh, Msb, K,) or this is a simple subst., (Msb.) and إِتْيَانَةٌ, (M, K,) which should not be used as an inf. n. of un., unless by a bad poetic licence, (Lth, T,) and أَتْىٌ (T, S, M, Msb, K) and أُتِىٌ and إِتِىٌ and مَأْتَاةٌ; (M, K;) He [or it] came; (Msb;) and I came to him, or it; (S, M, Mgh, * Msb, K;) or was, or became, present at it, namely, a place: (Mgh:) as also أَتَا, aor. ـْ (Msb;) and أَتَوْتُهُ, (T, S, M, K), aor. ـو (S:) for which reason, we assign the generality of the words mentioned in art. اتو to the present art. also. (M.) [Accord. to the authorities here indicated for the signification of أَتَى, this verb and جَآءَ are syn.: some attempt to distinguish them; but contradict one another in so doing: the slight distinctions that exist between them will be best seen by a comparison of the exs. in this art. with those in art. جيأ:] accord. to Er-Rághib, the proper [or primary] signification of الإِتْيَانُ is The coming with ease. (TA.) b2: أَتَاهَا, (Mgh, Msb,) inf. n. إِتْيَانٌ, (Msb,) [lit. He came to her,] means (assumed tropical:) he lay with her; syn. جَامَعَهَا; (Mgh, Msb;) namely, a woman, (Mgh,) or his wife. (Msb.) Hence an expression in the Kur xxvi. 165. (TA.) b3: أَتَى القَوْمَ [He came to the people: and hence,] he asserted his relationship to the people, not being of them. (Msb.) [See أَتِىُّ in art. اتو.] b4: أَتَي بِهِ [He came with, or brought, him, and it; or] he made him (a man), and it (a thing, such, for instance, as property), to come. (Kull.) [See also 4: and see, in what follows, other significations of أَتَى trans. by means of بِ. Hence, أَتَى بِوَلَدٍ He begot a child, or children. And أَتَتْ بِهِ She brought him forth; gave birth to him.] Accord. to Aboo-Is-hák, the meaning of the words in the Kur [ii. 143] أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعًا is, Wherever ye be, God will bring you all back unto Himself. (M.) [You say also, أَتَى بِبَيِّنَةٍ He adduced a proof.] See also 3. b5: أَتَى الأَمْرَ [He entered into, engaged in, or occupied himself with, the thing, or affair: and, as also أَتَى بِهِ,] he did, executed, or performed, the thing, or affair; (M. K;) and in like manner, الذَّنْبَ, [and بَالذَّنْبِ,] the crime, sin, or offence. (M.) It is said in the Kur [ix. 54], وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى, meaning And they do not enter into, or engage in, prayer, unless when they are heavy, or sluggish. (TA.) And you say, أَتَى الفَاحِشَهَ, [and بِالفَاحِشَةِ, (see Kur iv. 23 and lxv. 1,)] He entered into, engaged in, or occupied himself with, [or he did, or committed,] that which was excessively foul or evil. (TA.) And أَتَى بِالجَيِّدِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ [He said, gave utterance to, uttered, or expressed, or he brought to pass, did, or effected, what was good, or excellent; he said, or did, well, or excel-lently]. (Msb in art. جود.) And أَتَى بِجَرْىِ بَعْدَ جَرْىٍ[He (a horse) performed, or fetched, run after run]. (S in art. تأم, &c.) b6: وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى[in the Kur xx. 72] means حَيْثُ كَانَ [And the enchanter shall not prosper where he is, or wherever he may be]; (M, Bd, K;) and where he cometh: (Bd:) or حَيْثُ أَتَى بِسِحْرِهِ[where he cometh with his enchantment; or where he performeth his enchantment]: (Jel:) and it is said to mean that where the enchanter is, he must be slain: such is the doctrine of the lawyers. (M.) b7: Z mentions that أَتَىoccurs in the sense of صَارَ [He, or it, became; like as we sometimes say, he, or it, came, or came to be]; like جَآءَin the saying, جَآءَ البِنَآءُ مُحْكَمًا. (Kull.) [So you say, البِنَآءُ مُحْكَمًاThe building became, or came to be, firm, strong, or compact.] b8: The saying, in the Kur [xvi. 1], أَتَى أَمْرُ آللّٰهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ means [The threatened punishment ordained of God hath approached: therefore desire not ye to hasten it:] its coming hath approached. (TA.) [And in like manner,] أُتِىَ فُلَانٌ, like عُنِىَ, means Such a one was approached by the enemy come in sight of him. (K.) أُتِيتَ يَا فُلَانٌ[Thou art approached &c., O such a one,] is said when one is warned of an enemy that has come in sight of him. (Sgh, TA.) And أَتَى عَلَيْهِمُ العَدُوُّmeans The enemy came to them, [or came down upon them, for, as MF observes, أَتَىwhen trans. by means of عَلَى seems to imply the meaning of نَزَلَ,] overcoming, or overpowering, them. (Bd in xviii. 40.) b9: Hence, أَتَى عَلَيْهِ[and أَتَاهُ, as will be seen by what follows,] (assumed tropical:) He destroyed him, or it. (Bd ubi suprà.) And hence, from إِتْيَانُ العَدُوِّ, (Mgh,) أَتَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ(tropical:) Time, or fortune, destroyed him. (M, Mgh, Msb, K.) Destruction is meant in the Kur [lix. 2], where it is said, فأَتاهُمُ اللّٰهُ مِنْ حيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا (assumed tropical:) [But God brought destruction upon them whence they did not reckon, or expect]. (EsSemeen, TA.) And it is said in the Kur [xvi. 28], فَأَتَى اللّٰهُ بُنْيَانَــهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ, i. e. (assumed tropical:) But God removed their building from the foundations, and demolished it upon them, so that He destroyed them. (TA.) أَتَى عَلَيْهِalso signifies (assumed tropical:) He caused it to come to an end; made an end of it; consumed it; [devoured it;] exhausted it; came to, or reached, the end of it; namely, a thing; (Kull;) as, for instance, what was in a bowl; (K in art. جردم;) and what was in a vessel; (K in art. جرجب;) like فَرَغَ مِنْهُ: (ISd cited in the TA in art. نكش:) or i. q. مَرَّ بِهِ[which may be rendered he went away with it; but this, as an explanation of أَتَى عَلَيْهِ, has another meaning, which see in what follows]. (Kull.) And one says, أُتِىَ فُلَانٌ مِنْ مَأْمَنِهِ (assumed tropical:) Destruction came to such a one from the quarter whence he felt secure. (TA.) and أُتِىَ عَلَي يَدِ فُلَانٍ(assumed tropical:) Property belonging to such a one perished. (T.) And يُؤْتَى دُونَهُ(assumed tropical:) He is taken away, or carried off, and overcome. (TA.) A poet says, أَتَى دُونَ حُلْوِالعَيْشِ حَتَّى أَمَرَّهُ نُكُوبٌ عَلَي آثَارِهِنَّ نُكُوبُ meaning (assumed tropical:) [Misfortunes, in the footsteps of which were misfortunes,] took away [what was sweet, of life, and rendered it bitter]. (TA.) One says also, مِنْ هٰهُنَا أُتِيَتْ, [so I find it written, but I think that the last word should be أُتِيتَ, agreeably with a preceding phrase from the T,] (assumed tropical:) Hence the trial, or affliction, came in upon thee. (Mgh.) And أُتِىَ مِنْ جِهَةِ كَذَا, with the verb in the passive form, (assumed tropical:) He missed [his object in respect of such a thing] by laying hold upon it when it was not fit to be laid hold upon. (Msb.) and أُتِىَ الرَّجُلُ, [also] like عُنِىَ, (assumed tropical:) The man was deceived, or deluded, and his faculty of sense became altered to him, so that he imagined that to be true which was not true. (TA.) b10: أَتَى عَلَيْهِ is also syn. with مَرَّ بِهِ[meaning He, or it, (as, for instance, a period of time,) passed by him, or over him]. (Msb.) You say, أَتَ عَلَيْهِ حَوْلٌ[A year passed over him; or he became a year old]. (S, K, Msb, in art. حول; &c.) b11: أَتَتِ النَّاقَهُ, and مَا أَحْسَنَ أَتْىَ يَدَى هذِهِ النّاقَةِ: see art. اتو.2 أتّى لِلمَآءِ, (T, S, M,) or المَآءَ, (K,) or both, (TA,) inf. n. تَأْتِيَةٌand تَأْتِىٌّ, He smoothed, made easy, or prepared, (سَهَّلَ, S, K, or هَيَّأَ, T,) the way, course, passage, or channel, of the water, (T, S, K,) in order that it might pass forth to a place; (S;) he directed a channel for it (M, TA) so that it ran to the places wherein it rested or remained. (TA.) And أتّى لِأَرْضِهِ أَتِيَّا He made a rivulet, or a channel for water, to run to his land. (M.) b2: أتّى اللّٰهُ لِفُلَانٍ أَمْرَهُ, inf. n. تَأْتِيَةٌ, (T, M, * TA,) God prepared, disposed, arranged, or put into a good or right state, [and thus rendered feasible or practicable or easy,] for such a one, his affair. (M, * TA.) 3 آتَاهُ, [inf. n. as below,] He requited, compensated, or recompensed, him. (M, K.) The saying, in the Kur [21:47], ↓ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا , some read thus, (M, * TA,) meaning [Though it be the weight of a grain of mustard,] we will bring it [forward for requital]: others read بها↓ آتَيْنَا, meaning we will give [a recompense] for it; in which case the verb is of the measure أَفْعَلَ: or we will requite for it; in which case the verb is of the measure فَاعَلَ. (M, TA.) b2: آتَيْتُهُ عَلَى الأَمْرِ, (T, S, M, Msb,) inf. n. مُؤَاتَاةٌ, (T, S,) I agreed with him, or was of one mind or opinion with him, upon, or respecting, the thing, or affair; I complied with him respecting it; (T, S, M, Msb;) in a good manner: (T:) the vulgar say, وَاتَيْتُهُ: (S:) this is of the dial. of the people of El-Yemen, inf. n. مُوَاتَاةٌ; and is the form commonly current: (Msb:) but it should not be used, except in the dial. of the people of El-Yemen. (T.) b3: [Hence, app., آتَىas meaning He aided; a signification mentioned by Golius, on the authority of Z and Ibn-Maaroof.]4 آتَاهُ, (S, M, &c.,) inf. n. إِيتَآءٌ, (TA,) i. q. أَتَى[He came with, or brought, him, or it]; (S;) he made it (a thing) to come, إِلَيْهِto him; (TA;) he made, or caused, him, or it, to be present; (Ksh, TA;) he made, or caused, it (a thing) to go, pass, or be conveyed or transmitted, (syn. سَاقَهُ,) إِلَيْهِto him. (M, K.) It is said in the Kur [xviii. 61], آتِنَا غَدآءَ نَا, i. e. اِيتِنَا[Come thou to us with, or bring thou to us, our morningmeal]. (S.) b2: Hence, (Ksh, TA,) inf. n. as above, (T, S,) He gave him (T, S, M, Msb, K) a thing, (M, K,) or property: (Msb:) and you say, هَاتِin the sense of the [imperative] آتِ [give thou]. (T.) We read in the Kur. [v. 60, &c.] وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [And they give the portion of property which is the due of the poor]. (TA.) And in [xxvii. 23 of] the same, وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ, meaning And she hath been given somewhat of everything. (M, TA.) [You say also, أُوتِىَ كَذَا as meaning He was gifted, or endowed, with such a thing; as, for instance, a faculty.] See also 3. b3: آتَيْتُ المُكَاتَبَI made a gift to the slave between whom and me was a contract that he should become free on payment of a certain sum: or I abated, or took off, somewhat of his appointed part-payments, or instalments. (Msb.) b4: مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ, in the Kur lix. 7, means What the Apostle giveth you, of the [spoil termed] فَىْء, (Bd, Jel,) &c.: (Jel:) or what command he giveth you: (Bd:) or what he commandeth you [to receive]. (Kull.) b5: أُوتِىَ فِى شَىْءٍ A dispute, or an altercation, was held before him, respecting the meaning of a thing: [perhaps more properly signifying he was given authority to decide respecting a thing:] occurring in a trad. (Mgh.) 5 تأتّى لَهُ It (an affair, T, Mgh, Msb, K, or a thing, S, M) was, or became, prepared, disposed, arranged, or put into a good or right state, for him; (T, * S, M, Mgh, Msb, K;) and hence, it (a thing) was, or became, feasible or practicable, and easy, to him; (Mgh;) it (an affair) was, or became, facilitated, or easy, to him; (Msb;) the way thereof (i. e. of an affair) was, or became, facilitated, or easy, to him. (TA.) The following is an ex.: تَأَتَّى لَهُ الدَّهْرُ حَتَّى انْجَبَرْ [Fortune became well, or rightly, disposed for him, so that he became restored to wealth, or competence]: (T:) or تَأَتَّى لَهُ الخَيْرُ الخ[good fortune, or prosperity, became prepared, &c., for him, &c.]. (So in the TA.) And hence the saying, هٰذَا مِمَّا يَتَأَتَّى لِىَ المَضْغُThis is of the things which it is feasible or practicable, and easy, to me to chew. (Mgh). b2: He applied himself to it with gentleness, (As, S, K,) and so تأتّى لَهَا, meaning لِحَاجَتِهِ, to his needful affair or business, (T,) and entered into it, engaged in it, occupied himself with it, did it, executed it, or performed it, by the way, or manner, proper, or suitable, to it. (As, T, S, K. [In the CK, for أَتَاهُ مِنْ وَجْهِهِ, we find اتاهُ عن وَجْهِه.]) And تأتّى فِى أَمرِهِHe used gentleness, or acted gently, in his affair. (Msb.) b3: تأتّى لَهُ بِسَهْمٍ حَتَّى أَصَابَهُ He sought him leisurely or repeatedly [with an arrow, app. taking aim in one direction and then in another, until he hit him]. (Z, TA.) b4: جَآءَ فُلَانٌ يَتَأَتَّى is explained by Fr as meaning يَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوفِكَ [Such a one came, or has come, addressing, or applying, or directing, himself, or his regard, or attention, or mind, to obtain thy favour, or bounty]. (S.) and you say, تأتّى لِمَعرُوفِهِ, meaning تَعَرَّضَ لَهُ[He addressed, applied, or directed, himself, &c., to obtain his favour, or bounty]. (TA.) b5: Some say that تأتّىsignifies He prepared himself to rise, or stand. (TA.) 10 استآتى فلَاناًHe asked such a one to come, deeming him slow, or tardy. (K.) b2: استأتت النَّاقَةُ The she-camel desired to be covered; (A, TA;) desired the stallion; (S, M, K;) being excited by lust. (S, A.) إِتَّى: see أَتِىٌّ.

أَتْيَةٌ A single coming; as also أَتْوَةٌ; but not ↓ إِتْيَانَةٌ, unless by a bad poetic licence. (T.) b2: See also أُتِيَّةُ الجُرحِ.

إِتْيَانٌis either an inf. n. of أَتَى, or a simple subst. [signifying A coming]. (Msb.) إِتْيَانَةٌan inf. n. of 1 [q. v.]: (M, K:) see also أَتْيَةٌ.

أَتَآءٌor إِتَآءٌ: see أتِىٌّ.

أَتِىٌّas syn. with أتَاوِىٌّ: see art. اتو. b2: Also, (M, and so in some copies of the K, where it is said to be like رَضِىٌّ,) or ↓ إِتًى, like رِضًى, (so in other copies of the K,) and ↓ أَتَآءٌ, (M, K,) written by some إِتَآءٌ, (TA,) What falls, of wood or leaves, into a river: (M, K:) from الإِتْيَانُ: (M:) pl. آتَآءٌ[in the CK اِتاء] and أُتِىٌّ. (M, K.) b3: رَجُلٌ أَتِىٌّ A man who is sharp, energetic, vigorous, and effective, in affairs; who applies himself to them with gentleness, and enters into them, or performs them, by the way, or manner, proper, or suitable, to them. (M.) b4: فَرَسٌ أَتِىٌّ: see مُسْتَأْتٍ.

أُتِيَّةُ الجُرْحِ, (so in a copy of the M,) or ↓ أُتِّيَّتُهُ, (so in some copies of the K, and accord. to the TA,) or ↓ أَتْيَتُهُ, (so in other copies of the K,) and ↓ آتِيَتُهُ, (so in the M, and in some copies of the K,) or ↓ إِتِّيَتُهُ, (so in some copies of the K, and accord. to the TA,) or أَتِيَّتُهُ, (so in a copy of the K,) The matter which comes from the wound: (M, K:) from Aboo-'Alee. (TA.) أَتَّىi. q. حَتَّى; (K;) a dial. var. of the latter. (TA.) إِتِيَتُهُ الجُرحِand أُتّيَّتُهُ: see أُتِيَّةُ الآجُرْحِ.

آتٍ [Coming; (see also مَأْتِىٌّ;) applied to a man, &c.; and to time, meaning future: also a comer: b2: and hence,] An angel. (Mgh, Msb.) آتِيَةُ الجُرحِ: see أُتِيَّةُ الجُرْحِ.

مَأْتًى A place of coming. (Msb.) [And ↓ مَأْتَاةً signifies the same: or A road, or way, by which one comes; a way of access; an approach; as also مَأْتًى: or, more properly, a means of coming.]

b2: مَأْتَى المَرْأَةِ [The place of access of the woman; i. e. the meatus of her vagina; or her vagina itself;] the مَحِيض, or place of menstruation, of the woman. (Zj in the TA in art. حيض.) b3: مَأْتَىِ الأَمرِ and ↓ مَأْتَاتُهُ The way, or manner, (وَجْه, S, or جِهَة, M, K,) of the affair, (S, M, K,) by which it is, or is to be, entered into, engaged in, done, executed, or performed; like as you say مَعْنَي الكَلَامِ and مَعْنَاتُهُ, meaning the same by both. (S.) You say, أَتَيْتُ الأَمْرَ مِنْ مَأْتاهُand ↓ مَأْتَاتِهِ, (S, M,) i. e., مِنْ وَجْهِهِ الَّذِي يُؤُتَى مِنْهُ[I entered into, engaged in, did, executed, or performed, the affair by the way, or manner, whereby it should be entered into, &c.], (S,) or مِنْ جِهَتِهِ [which means the same]. (M.) مُؤْتًى: see مُسْتَأْتٍ.

مَأْتَاةً: see مَأْتًى, in three places.

مَأْتِىٌّ [pass. part. n. of 1; Come: come to:] is of the measure مَفْعُولٌ; the وbeing changed into ىand incorporated into the ىwhich is the final radical letter. (S.) In the saying, in the Kur [xix. 62], إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا, the meaning is ↓ آتِيًا [Verily that which He hath promised, or the fulfilment of his promise, is coming]; like as, in the phrase حِجَابًا مَسْتُورًا, in the Kur [xvii. 47], سَاتِرًا is meant: or it may be a pass. part. n. [in signification as well as form]; for what cometh to thee, of that which God commandeth, thou comest thereto. (S.) It is said in a prov., مَأْتِىٌّ أَنْتَ أَيُّهَا السَّوَادُ [lit. Thou art come to, O thou person], meaning there is no escape for thee from this event. (TA.) b2: Applied to a man, it also signifies أُتِىَ فِيهِ[in a sense indicated in the Kur xxvi.165]. (TA.) طَرِيقٌ مِئْتآءٌ A road to which people come (Th, M, Mgh, Msb) much, or often; (Mgh, Msb;) the latter word being of the measure مِفْعَال, (Th, M, Mgh, Msb,) originally مِئْتَاىٌ or مِئْتَاوٌ; (Msb;) from أَتَيْتُ, (Th, M,) or الإِتْيَانُ; [or from أَتَوْتُ;] like دَارٌ مِحْلاَلٌ, i. e. a house where people alight or abide much, or often: (Mgh, Msb:) a road that is frequented (S, M, K) and conspicuous: (M, K:) in [some of] the copies of the K, incorrectly, مِئْتَآءَةٌ: (TA:) A' Obeyd has inadvertently written it without [the radical] ء, and in the category of فِعْلَآءٌ. (M.) Death is thus termed in a trad., as being a way which every one travels: (TA:) and as that trad. is related, it is without [the radical] ء. (M.) b2: مئْتَآءٌ الطَّرِيقِThe main part, or middle, of the road; or the part of the road along which one travels: (Sh, TA:) or the space within which the road is comprised; (S, Msb, K;) as also مِيدَآءُ الطريقِ: (TA:) or this last, as also مِيتَآءُ الطريقِ, signifies the measure of the two sides, and the distance, of the road. (L in art. ميت.) b3: مِئْتَآءٌalso signifies The extreme limit of the distance to which horses run; (S, Msb;) and so مِيدَآءٌ. (S, TA.) b4: And i. q. تِلْقَآءٌ(K.) You say, دَارِى بِمئْتَآءِ دَارِ فُلَانٍ My house is opposite to the house of such a one; facing it, or fronting it; and so بِمِيدَآءِ دِارِهِ; (S;) and بِمِيتَآءِ دَارِهِ. (L in art. ميت.) b5: And بَنَى القَوْمُ بُيُوتَهُمْ عَلَى مِئْتَآءٍ وَاحِدٍ (S) and مِيدَآءٍ وَاحِدٍ (S, and L in art. ميد,) The people built their houses, or constructed their tents, after one mode, manner, fashion, or form. (L in art. ميد.) A2: رَجُلٌ مِئتَآءٌ A man who requites, compensates, or recompenses; who gives much, or largely. (M, K.) فَرَسٌ مُسْتَأْتٍ, and ↓ أَتِىٌّ, and ↓ مُؤْتًى, and مستوتى, [so I find it written, perhaps for مُسْتَوْتٍ, which may be a dial. van. of مُسْتأْتٍ, like as وَاتَيْتُهُis of آتَيْتُهُ,] A mare desiring the stallion. (TA.)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.