Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ان

قنطرة النعمان

قنطرة النعمــان:
وهو النعمــان بن المنذر ملك العرب:
قرب قرميسين، قال مسعر بن المهلهل الشاعر:
كــان السبب في بناء هذه القنطرة أن النعمــان بن المنذر وفد على كسرى أبرويز فيمن كــان يفد عليه فاجتاز بواد عظيم بعيد القعر صعب النزول والصعود، فبينا هو يسير فيه إذ لحق امرأة معها صبيّ تريد العبور، فلما جاءها مركبه وقد كشفت ساقها والصبيّ على عنقها ارتاعت ودهشت فألقت ثيابها وسقط الصبي من عنقها فغرق فغمّ ذلك النعمــان ورقّ لها ونذر أن يبني هناك قنطرة فاستأذن كسرى في ذلك فلم يأذن له لئلا يكون للعرب ببلاد العجم أثر، فلما وافى بهرام جور لقتال أبرويز استنجد النعمــان فأنجده على شرائط شرطها، منها: أن يجعل له نصف الخراج بنرس وكوثا، وأن يبني القنطرة التي ذكرناها وهي غاية في العظم والإحكام، وقال ابن الكلبي: قناطر النعمــان بقرب قرميسين تنسب إلى النعمــان بن مقرّن بن عائذ ابن ميجا بن هجير بن نصر بن حبشية بن كعب بن عبد بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمــان بن عمرو ابن أدّ المزني لأنه عسكر عندها وهي قديمة من بناء الأكاسرة.

مَاوَان

مَاوَــان:
بالواو المفتوحة، وآخره نون، وأصله من أوى إليه يأوي إذا التجأ، ومأوي الإبل، بكسر الواو، نادر، وماوان يجوز أن يكون تثنية الماء قلبت همزة الماء واوا وكــان القياس أن تقلب هاء فيقال ماهــان ولكن شبّهوه بما الهمزة فيه منقلبة عن ياء أو واو، ولما كــان حكم الهاء أن لا تهمز في هذا الموضع بل اشتبهت بحروف المد واللين فهمزوه لذلك اطّرد فيها ذلك لشبهه، وعندي أنه من أوى إليه يأوي فوزنه مفعــان وأصله مفعلــان وحقه على ذلك أن يكون مأووان على مثال مكرمــان وملكعــان وملأمــان إلا أن لام مفعلــان في ماوان ساكنة لأنه من أوى وجاءت ألف مفعلــان ساكنة فاجتمع ساكنــان فاستثقل فلم يمكن النطق به فأسقطت لا الفعل وبقيت ألف مفعلــان تدل على الوزن والقصد بهذا التعسّف أن يكون المعنى مطابقا للفظ لأن الموضع يؤوى إليه أو أن المياه تكثر به، فأما ماوان السّنّور فليس بينه وبين مساكن العرب مناسبة ولعلّ أكثرهم ما يدري ما السنور: وهي قرية في أودية العلاة من أرض اليمامة بها قوم من بني هزّــان وربيعة وهم ناس من اليمن، وقال ابن دريد: يهمز ولا يهمز ويضاف إليه ذو، وقال عروة بن الورد العبسي:
وقلت لقوم في الكنيف تروّحوا ... عشيّة بتنا دون ماوان رزّح
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ... إلى مستراح من حمام مبرّح
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا ... من المال يطرح نفسه كلّ مطرح
ليبلغ عذرا أو ينال رغيبة، ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح
قال ابن السكيت: ماوان هو واد فيه ماء بين النّقرة والرّبذة فغلب عليه الماء فسمي بذلك الماء ماوان، قاله في شرح شعر عروة، وكــانــت منازل عبس فيما بين أبــانــين والنقرة وماوان والربذة هذه كــانــت منازلهم.

الحَنانُ

الحَنــانُ:
بالفتح والتخفيف، والحنــان في اللغة الرحمة، قال الزمخشري: الحنــان كثيب كبير كالجبل، وقال نصر: الحنّــان، بتشديد النون مع فتح أوله، رمل بين مكة والمدينة قرب بدر، وهو كثيب عظيم كالجبل، قال ابن إسحاق في مسير النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بدر: فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر ثم انــحطّ منها إلى بلد يقال له الدّبّة وترك الحنّــان يمينا، وهو كثيب عظيم كالجبل، ثم نزل قريبا من بدر، فمعنى الحنّــان، بالتشديد، إذا ذو الرحمة، ويقال أيضا: طريق حنّــان أي واضح، وأبرق الحنّــان ذكر في موضعه.

جِلْذَانُ

جِلْذَــانُ:
بكسر الجيم، وسكون اللام، واختلف في الدال فمنهم من رواها مهملة ومنهم من رواها
معجمة: موضع قرب الطائف بين ليّة وسبل، يسكنه بنو نصر بن معاوية من هوازن، قيل سمّي بجلذان بن أزال بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وأزال والد جلذان، وهو الذي اختطّ صنعاء اليمن، وقال نصر بن حماد في كتاب الذال المعجمة: أسهل من جلذان حمى قريب من الطائف ليّن مستو كالراحة، وقال الزمخشري: بطن جلذان، معجمة الذال، وقولهم: صرّحت بجلدان، مهملة وقال أنشدني حسن بن إبراهيم الشيبــانــي الساكن بالطائف:
وجلدان العريض قطعن سوقا، ... يطرن بأجرعيه قطا سكونا
تخال الشمس، إن طلعت عليها ... لناظرها، علالي أو حصونا
وقال الميدانــي في الجامع: قولهم صرّحت بجلذان كذا أورده الجوهري بالذال المعجمة، ووجدت عن الفراء غير معجمة، وقال: صرحت بجلذان وبجدّــان وبجدّاء إذا تبين لك الأمر وصرّح، وقال ابن الأعرابي:
يقال صرّحت بجدّ وجدّــان وجلذان وجدّــان وجلذاء، وأورده حمزة في أمثاله بالذال المعجمة، وأظن الجوهري نقل عنه، والتاء في قولهم صرّحت عبارة عن القصة والخطّة قلت أنا: وقد تأملت كتاب الجوهري فلم أجده ذكر صرّحت بجلذان في موضعه وإنما قال أسهل من جلذان وقال أمية بن الأسكر:
أصبحت فردا لراعي الضــان يلعب بي، ... ماذا يريبك مني راعي الضــان؟
اعجب لغيري، إني تابع سلفي ... أعمام مجد وإخوان وأخدان
وانــعق بضأنك في أرض تطيف بها ... بين الأصافر، وأنتجها بجلذان
وقال أبو محمد الأسود: قولهم في المثل صرّحت بجلذان يضرب مثلا للأمر إذا بــان، وجلذان: هضبة سوداء يقال لها تبعة فيها نقب، كل نقب قدر ساعة، كــانــوا يعظّمون ذلك الجبل وقال خفاف بن ندبة يذكر جلذان:
ألا طرقت أسماء من غير مطرق، ... وأنّى وقد حلّت بنجران نلتقي؟
سرت، كل واد دون رهوة دافع، ... وجلذان أو كرم بليّة محدق
تجاوزت الأعراض، حتى توسدت ... وسادي لدى باب بجلذان مغلق

مَرْوُ الشاهِجَان

مَرْوُ الشاهِجَــان:
هذه مرو العظمى أشهر مدن خراســان وقصبتها، نصّ عليه الحاكم أبو عبد الله في
تاريخ نيسابور مع كونه ألّف كتابه في فضائل نيسابور إلا أنه لم يقدر على دفع فضل هذه المدينة، والنسبة إليها مروزيّ على غير قياس، والثوب مرويّ على القياس، وبين مرو ونيسابور سبعون فرسخا ومنها إلى سرخس ثلاثون فرسخا وإلى بلخ مائة واثنــان وعشرون فرسخا اثنــان وعشرون منزلا، أما لفظ مرو فقد ذكرنا أنه بالعربية الحجارة البيض التي يقتدح بها إلا أن هذا عربيّ ومرو ما زالت عجمية ثم لم أر بها من هذه الحجارة شيئا البتّة، وأما الشاهجــان فهي فارسية معناها نفس السلطــان لأن الجــان هي النفس أو الروح والشاه هو السلطــان، سميت بذلك لجلالتها عندهم، وقد روي عن بريدة بن الحصيب أحد أصحاب النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: قال لي رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم:
يا بريدة إنه سيبعث من بعدي بعوث فإذا بعثت فكن في بعث المشرق ثم كن في بعث خراســان ثم كن في بعث أرض يقال لها مرو إذا أتيتها فــانــزل مدينتها فإنه بناها ذو القرنين وصلّى فيها عزيز، أنهارها تجري بالبركة، على كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهلها السوء إلى يوم القيامة، فقدمها بريدة غازيا وأقام بها إلى أن مات وقبره بها إلى الآن معروف عليه راية رأيتها، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة مرو الرقة، كذا قال، طولها سبع وستون درجة، وعرضها أربعون درجة، في الإقليم الخامس، طالعها العقرب تحت ثمــانــي عشرة درجة من السرطــان، يقابلها مثلها في الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، كذا قال بطليموس، وقد تقدم ذكرها عند ذكر الأقاليم أنها في الإقليم الرابع، قال أبو عون إسحاق بن علي في زيجه: مرو في الإقليم الرابع، طولها أربع وثمــانــون درجة وثلث، وعرضها سبع وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وشنّع على أهل خراســان وادّعي عليهم البخل كما زعم ثمامة أن الديك في كل بلد يلفظ ما يأكله من فيه للدجاجة بعد أن حصل إلا ديكة مرو فإنها تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحبّ، وهذا كذب بيّن ظاهر للعيــان لا يقدم على مثله إلا الوقّاع البهّات الذي لا يتوقّى الفضوح والعار وما ديكة مرو إلا كالدّيكة في جميع الأرض، قالوا:
ولما ملك طهمورث بنى قهندز مرو وبنى مدينة بابل وبنى مدينة ابرايين بأرض قوم موسى ومدينة بالهند في رأس جبل يقال له أوق، قال: وأمرت حماي بنت أردشير بن إسفنديار لما ملكت ببناء الحائط الذي حول مرو، وقال: إن طهمورث لما بنى قهندز مرو بناه بألف رجل وأقام لهم سوقا فيها الطعام والشراب فكــان إذا أمسى الرجل أعطي درهما فاشترى به طعامه وجميع ما يحتاج إليه فتعود الألف درهم إلى أصحابه، فلم يخرج له في البناء إلا ألف درهم، وقال بعضهم:
مياسير مرو من يجود لضيفه ... بكرش فقد أمسى نظيرا لحاتم
ومن رسّ باب الدار منكم بقرعة ... فقد كملت فيه خصال المكارم
يسمّون بطن الشاة طاووس عرسهم، ... وعند طبيخ اللحم ضرب الجماجم
فلا قدّس الرحمن أرضا وبلدة ... طواويسهم فيها بطون البهائم
وكــان المأمون يقول: يستوي الشريف والوضيع من مرو في ثلاثة أشياء: الطّبيخ النارنك والماء البارد لكثرة الثلج بها والقطن اللين، وبمرو الرّزيق، بتقديم الراء على الزاي، والماجــان: وهما نهران كبيران حسنــان يخترقــان شوارعها ومنهما سقي أكثر ضياعها، وقال إبراهيم بن شمّاس الطالقــانــي: قدمت على عبد الله بن المبارك من سمرقند إلى مرو فأخذ بيدي فطاف بي حول سور مدينة مرو ثم قال لي:
يا إبراهيم من بنى هذه المدينة؟ قلت: لا أدري يا أبا عبد الرحمن، قال: مدينة مثل هذه لا يعرف من بناها! وقد أخرجت مرو من الأعيــان وعلماء الدين والأركــان ما لم تخرج مدينة مثلهم، منهم:
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام وسفيــان بن سعيد الثوري، مات وليس له كفن واسمه حيّ إلى يوم القيامة، وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وكــان السلطــان سنجر بن ملك شاه السّلجوقي مع سعة ملكه قد اختارها على سائر بلاده وما زال مقيما بها إلى أن مات وقبره بها في قبّة عظيمة لها شباك إلى الجامع وقبتها زرقاء تظهر من مسيرة يوم، بلغني أن بعض خدمه بناها له بعد موته ووقف عليها وقفا لمن يقرأ القرآن ويكسو الموضع، وتركتها أنا في سنة 616 على أحسن ما يكون، وبمرو جامعــان للحنفية والشافعية يجمعهما السور، وأقمت بها ثلاثة أعوام فلم أجد بها عيبا إلا ما يعتري أهلها من العرق المديني فإنهم منه في شدة عظيمة قلّ من ينجو منه في كل عام، ولولا ما عرا من ورود التتر إلى تلك البلاد وخرابها لما فارقتها إلى الممات لما في أهلها من الرّفد ولين الجــانــب وحسن العشرة وكثرة كتب الأصول المتقنة بها، فإني فارقتها وفيها عشر خزائن للوقف لم أر في الدنيا مثلها كثرة وجودة، منها خزانــتــان في الجامع إحداهما يقال لها العزيزية وقفها رجل يقال له عزيز الدين أبو بكر عتيق الزنجــانــي أو عتيق بن أبي بكر وكــان فقّاعيّا للسلطــان سنجر وكــان في أول أمره يبيع الفاكهة والريحــان بسوق مرو ثم صار شرابيّا له وكــان ذا مكــانــة منه، وكــان فيها اثنا عشر ألف مجلد أو ما يقاربها، والأخرى يقال لها الكمالية لا أدري إلى من تنسب، وبها خزانــة شرف الملك المستوفي أبي سعد محمد بن منصور في مدرسته، ومات المستوفي هذا في سنة 494، وكــان حنفيّ المذهب، وخزانــة نظام الملك الحسن بن إسحاق في مدرسته وخزانــتــان للسمعــانــيين وخزانــة أخرى في المدرسة العميدية وخزانــة لمجد الملك أحد الوزراء المتأخرين بها والخزائن الخاتونية في مدرستها والضميرية في خــانــكاه هناك، وكــانــت سهلة التناول لا يفارق منزلي منها مائتا مجلّد وأكثر بغير رهن تكون قيمتها مائتي دينار فكنت أرتع فيها وأقتبس من فوائدها، وأنســانــي حبها كل بلد وألهــانــي عن الأهل والولد، وأكثر فوائد هذا الكتاب وغيره مما جمعته فهو من تلك الخزائن، وكثيرا ما كنت أترنّم عند كوني بمرو بقول بعض الأعراب:
أقمريّة الوادي التي خــان إلفها ... من الدهر أحداث أتت وخطوب
تعالي أطارحك البكاء فإننا ... كلــانــا بمرو الشاهجــان غريب
ثم أضفت إليها قول أبي الحسين مسعود بن الحسن الدمشقي الحافظ وكــان قدم مرو فمات بها في سنة 543:
أخلّاي إن أصبحتم في دياركم ... فإني بمرو الشاهجــان غريب
أموت اشتياقا ثم أحيا تذكّرا، ... وبين التراقي والضلوع لهيب
فما عجب موت الغريب صبابة، ... ولكن بقاه في الحياة عجيب
إلى أن خرجت عنها مفارقا وإلى تلك المواطن ملتفتا وامقا فجعلت أترنم بقول بعضهم:
ولما تزايلنا عن الشعب وانــثنى ... مشرّق ركب مصعد عن مغرّب
تيقّنت أن لا دار من بعد عالج ... تسرّ، وأن لا خلّة بعد زينب
ويقول الآخر:
ليال بمرو الشاهجــان وشملنا ... جميع سقاك الله صوب عهاد
سرقناك من ريب الزمــان وصرفه، ... وعين النوى مكحولة برقاد
تنبّه صرف الدهر فاستحدث النوى، ... وصيّرنا شتّى بكل بلاد
ولن تعدم الحسناء ذامّا، فقد قال بعض من قدمها من أهل العراق فحنّ إلى وطنه:
وأرى بمرو الشاهجــان تنكّرت ... أرض تتابع ثلجها المذرور
إذ لا ترى ذا بزّة مشهورة ... إلّا تخال بأنه مقرور
كلتا يديه لا تزايل ثوبه ... كلّ الشتاء كأنه مأسور
أسفا على برّ العراق وبحره! ... إنّ الفؤاد بشجوه معذور
وكنّا كتبنا قصيدة مالك بن الريب متفرّقة وأحلنا في كل موضع على ما يليه ولم يبق منها إلا ذكر مرو وبها تتمّ فإنه قال بعد ما ذكر في السّمينة:
ولما تراءت عند مرو منيتي، ... وحلّ بها سقمي وحــانــت وفاتيا
أقول لأصحابي: ارفعوني فإنني ... يقرّ بعيني إن سهيل بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فــانــزلا ... برابية إني مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة، ... ولا تعجلــانــي قد تبيّن شــانــيا
وقوما إذا ما استلّ روحي فهيّئا ... لي السدر والأكفــان ثمّ ابكيــانــيا
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي، ... وردّا على عينيّ فضل ردائيا
ولا تحسدانــي، بارك الله فيكما، ... من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذانــي فجرّــانــي ببردي إليكما، ... فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
وقد كنت عطّافا إذا الخيل أحجمت ... سريعا لدى الهيجا إلى من دعــانــيا
وقد كنت محمودا لدى الزاد والقرى ... وعن شتم ابن العمّ والجار وانــيا
وقد كنت صبّارا على القرن في الوغى، ... ثقيلا على الأعداء عضبا لســانــيا
وطورا ترانــي في رحى مستديرة ... تخرّق أطراف الرماح ثيابيا
وما بعد هذه الأبيات ذكر في الشبيك، وبمرو قبور أربعة من الصحابة، منهم: بريدة بن الحصيب والحكم بن عمرو الغفاري وسليمــان بن بريدة في قرية من قراها يقال لها فني ويقال لها فنين وعليه علم، رأيت ذلك كله والآخر نسيته، فأما رستاق مرو فهو أجلّ من المدن وكثيرا ما سمعتهم يقولون رجال مرو من قراها، وقال بعض الظرفاء يهجو
أهل مرو:
لأهل مرو أياد مشهورة ومروّة ... لكنها في نساء صغارهنّ الصّبوّة
يبذلن كل مصون على طريق الفتوّة ... فلا يسافر إليها إلا فتى فيه قوّة
وإليها ينسب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله أبو بكر القفّال المروزي وحيد زمــانــه فقها وعلما، رحل إلى الناس وصنف وظهرت بركته وهو أحد أركــان مذهب الشافعي وتخرّج به جماعة وانــتشر علمه في الآفاق، وكــان ابتداء اشتغاله بالفقه على كبر السن، حدثني بعض فقهاء مرو بفنين من قراها أن القفّال الشاشي صنع قفلا ومفتاحا وزنه دانــق واحد فأعجب الناس به جدّا وسار ذكره وبلغ خبره إلى القفّال هذا فصنع قفلا مع مفتاحه وزنه طسّوج وأراه الناس فاستحسنوه ولم يشع له ذكر فقال يوما لبعض من يأنس إليه: ألا ترى كلّ شيء يفتقر إلى الحظ؟ عمل الشاشي قفلا وزنه دانــق وطنّت به البلاد، وعملت أنا قفلا بمقدار ربعه ما ذكرني أحد! فقال له: إنما الذكر بالعلم لا بالأقفال، فرغب في العلم واشتغل به وقد بلغ من عمره أربعين سنة وجاء إلى شيخ من أهل مرو وعرّفه رغبته فيما رغب فيه فلقّنه أول كتاب المزني، وهو: هذا كتاب اختصرته، فرقي إلى سطحه وكرّر عليه هذه الثلاثة ألفاظ من العشاء إلى أن طلع الفجر فحملته عينه فنام ثم انــتبه وقد نسيها فضاق صدره وقال: أيش أقول للشيخ؟
وخرج من بيته فقالت له امرأة من جيرانــه: يا أبا بكر لقد أسهرتنا البارحة في قولك هذا كتاب اختصرته، فتلقنها منها وعاد إلى شيخه وأخبره بما كــان منه، فقال له: لا يصدّنّك هذا عن الاشتغال فإنك إذا لازمت الحفظ والاشتغال صار لك عادة، فجدّ ولازم الاشتغال حتى كــان منه ما كــان فعاش ثمــانــين سنة أربعين جاهلا وأربعين عالما، وقال أبو المظفّر السمعــانــي: عاش تسعين سنة ومات سنة 417، ورأيت قبره بمرو وزرته، رحمه الله تعالى، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي أحد أئمة الفقهاء الشافعية ومقدّم عصره في الفتوى والتدريس، رحل إلى أبي العباس بن شريح وأقام عنده وحصل الفقه عليه وشرح مختصر المزني شرحين وصنف في أصول الفقه والشروط وانــتهت إليه رياسة هذا المذهب بالعراق بعد ابن شريح ثم انــتقل في آخر عمره إلى مصر وتوفي بها لسبع خلون من رجب سنة 340 ودفن عند قبر الشافعي، رضي الله عنه.

الْقَدِيم بِالزَّمَانِ

الْقَدِيم بِالزَّمَــانِ: هُوَ الْمَوْجُود الَّذِي لَا يكون وجوده مَسْبُوقا بِالْعدمِ كالعقول والأفلاك مثلا عِنْد الْحُكَمَاء ويقابله الْمُحدث بِالزَّمَــانِ وَهُوَ الَّذِي سبق عَدمه على وجوده سبقا زمــانــيا - وَاعْلَم أَن بَين الْقَدِيم بِالذَّاتِ وَالْقَدِيم بِالزَّمَــانِ عُمُوما وخصوصا مُطلقًا - فَإِن كل قديم بِالذَّاتِ قديم بِالزَّمَــانِ وَلَيْسَ كل قديم بِالزَّمَــانِ قديم بِالذَّاتِ فَيكون الْمُحدث بِالذَّاتِ أَعم من الْمُحدث بِالزَّمَــانِ لِأَن مُقَابل الْأَخَص يكون أَعم من مُقَابل الْأَعَمّ ونقيض الْأَعَمّ من شَيْء مُطلقًا يكون أخص من نقيض الْأَخَص.

عَبّادانُ

عَبّادانُ:
بتشديد ثــانــيه، وفتح أوله، قال بطليموس:
عبّادان في الإقليم الثالث، طولها خمس وسبعون درجة وربع، وعرضها إحدى وثلاثون درجة، قال البلاذري: كــانــت عبادان قطيعة لحمران بن أبــان مولى عثمــان بن عفــان، رضي الله عنه، قطيعة من عبد الملك بن مروان وبعضها فيما يقال من زياد، وكــان حمران من سبي عين التمر يدّعي أنه من النمر بن قاسط، فقال الحجاج يوما وعنده عبّاد بن حصين الحبطي: ما يقول حمران؟
لئن انــتمى إلى العرب ولم يقل إنه مولى لعثمــان لأضربنّ عنقه! فخرج عبّاد من عند الحجاج مبادرا فأخبر حمران بقوله فوهب له غربيّ النهر وحبس الشرقيّ فنسب إلى عبّاد بن الحصين، وقال ابن الكلبي:
أول من رابط بعبّادان عبّاد بن الحصين، قال:
وكــان الربيع بن صبح الفقيه مولى بني سعد جمع مالا من أهل البصرة فحصّن به عبّادان ورابط فيها، والربيع يروي عن الحسن البصري: وكــان خرج غازيا إلى الهند في البحر فمات فدفن في جزيرة من الجزائر سنة 160، والعبّاد: الرجل الكثير العبادة، وأما إلحاق الألف والنون فهو لغة مستعملة في البصرة ونواحيها، إنهم إذا سمّوا موضعا أو نسبوه إلى رجل أو صفة يزيدون في آخره ألفا ونونا كقولهم في قرية عندهم منسوبة إلى زياد ابن أبيه زيادان وأخرى إلى عبد الله عبد الليــان وأخرى إلى بلال بن أبي بردة بلالــان، وهذا الموضع فيه قوم مقيمون للعبادة والــانــقطاع، وكــانــوا قديما في وجه ثغر، يسمّى الموضع بذلك، والله أعلم، وهو تحت البصرة قرب البحر الملح، فــان دجلة إذا قاربت البحر انــفرقت فرقتين عند قرية تسمّى المحرزي، ففرقة يركب فيها إلى ناحية البحرين نحو برّ العرب وهي اليمنى فأما اليسرى فيركب فيها إلى سيراف وجنّابة فارس فهي مثلثة الشكل، وعبّادان في هذه الجزيرة التي بين النهرين فيها مشاهد ورباطات، وهي موضع رديء سبخ لا خير فيه وماؤه ملح، فيه قوم منقطعون عليهم وقف في تلك الجزيرة يعطون بعضه، وأكثر موادّهم من النذور، وفيه مشهد لعليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وغير ذلك، وأكثر أكلهم السمك الذي يصطادونه من البحر، ويقصدهم المجاورون في المواسم للزيارة، ويروى في فضائلها أحاديث غير ثابتة، وينسب إليها نفر من رواة الحديث، والعجم يسمّونها ميــان روذان لما ذكرنا من أنها بين نهرين، ومعنى ميــان وسط وروذان الأنهر، وقد نسبوا إلى عبّادان جماعة من الزّهّاد والمحدّثين، منهم: أبو بكر أحمد بن سليمــان بن أيوب بن إسحاق بن عبدة بن الربيع العبّادانــي، سكن بغداد وروى عن عليّ بن حرب الطائي وأحمد بن منصور الزيادي وهلال بن العلاء الرّقّيّ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو عليّ ابن شاذان، ومولده في أول يوم من رجب سنة 248، والقاضي أبو شجاع أحمد بن الحسن بن أحمد الشافعي العبّادانــي، روى عنه السلفي وقال: هو من أولاد الدهر، درّس بالبصرة أزيد من أربعين سنة في مذهب الشافعي، رضي الله عنه، قال: ذكر لي في سنة 500 وعاش بعد ذلك ما لا أتحقّقه، وسألته عن مولده فقال: سنة 434 بالبصرة، قال: ووالدي مولده عبّادان وجدّي الأعلى أصبهــان، والحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل أبو العباس العبّادانــي المقرئ رحّال، سمع عليّ بن عبد الله بن عليّ بن السّقّاء ببيروت، وحدث عنه وعن أبي خليفة والحسن بن
المثنّى ومغفر الفرّيــانــي وأبي مسلم الكجّي وزكرياء ابن يحيى الساجي، روى عنه أبو نعيم الحافظ وجماعة وافرة، قال أبو نعيم: ومات بإصطخر وكــان رأسا في القرآن وحفظه عن جدّته ورأسه في لين.

سِمْنانُ

سِمْنــانُ:
بكسر أوّله، وتكرير النون أيضا، قال العمرانــي:
موضع ينسب إليه السّمنيّ بالحذف، وقال أبو سعد وأبو بكر بن موسى: إن البلدة التي بين الرّيّ ودامغــان، وبعضهم يجعلها من قومس، هي بكسر السين عند أهل الحديث، ويعمل بها مناديل جيّدة، وعهدي بها كثيرة الأشجار والأنهار والبساتين، وخلال بيوتهم الأنهر الجارية والأشجار المتهدّلة إلّا أن الخراب مستول عليها، ويتّصل بعمارتها وبساتينها بليدة أخرى يقال لها سمنك، وقد نسب
إلى سمنــان جماعة من القضاة والأئمة، قال أبو سعد:
وبنسإ قرية أخرى يقال لها سمنــان ولها نهر كبير، ينسب إليها أبو الفضل محمد بن أحمد بن إسحاق النسوي السمنــانــي عالم ثقة، روى عن أبي أحمد بن عدي وأبي بكر بن إسماعيل وغيرهما، روى عنه جماعة، وتوفي سنة 400. وسمنــان أيضا: بالعراق، ينسب إليها القاضي أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمود السمنــانــي، سكن بغداد، وكــان فقيها على مذهب أبي حنيفة متكلّما على مذهب الأشعري، سمع نصر بن أحمد بن الخليل وأبا الحسن الدارقطني وغيرهما، وكــان ثقة عالما فاضلا سخيّا حسن الكلام، سمع منه الحافظ أبو بكر الخطيب، وولي قضاء الموصل، ومات بها وهو على القضاء في شهر ربيع الأوّل سنة 444، ومولده سنة 361، ومن سمنــان قومس أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن عليّ بن الفرّخــان الصوفي السمنــانــي من أهل سمنــان شيخ الصوفية، رحل إلى خراســان وأدرك الشيوخ وعمّر طويلا بسمنــان حتى سمع منه أهل بلده والرحالة، سمع أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري وأبا الحسن عبد الرحمن الداودي الفوشنجي، مات بسمنــان في صفر سنة 531، ذكره السمعــانــي في التحبير، قال:
ولما دخلت سمنــان كنت حريصا على السماع منه والكتابة عنه، وكــان قد مات قبل دخولي إيّاها بشهر، وعبد الله بن محمد بن عبد الله أبو الحسين الحنظلي السمنــانــي، رحل وسمع هشام بن عمار ومحمد بن هاشم البعلبكّي والمسيب بن واضح وإسحاق بن راهويه ومحمد بن حميد وعيسى بن حمّاد بن عتبة ونصر بن علي وأبا كريب، روى عنه أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف وعلي بن جمشاد العدل وأبو بكر الإسماعيلي وأحمد بن عديّ وأبو علي الحسن بن داود النقّار النحوي العدل، قال أبو عبد الله الحاكم: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يونس السمنــانــي من أعيــان المحدّثين، سمع بخراســان والعراق والشام، مات سنة 303، قال أبو عبد الله الحاكم له شعر منه:
ترى المرء يهوى أن يطول بقاؤه، ... وطول البقا ما ليس يشفي له صدرا
ولو كــان في طول البقاء صلاحنا ... إذا لم يكن إبليس أطولنا عمرا

إيمان

الإيمــان: في اللغة: التصديق بالقلب، وفي الشرع: هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللســان. وقيل: من شهد وعمل ولم يعتقد فهو منافق، ومن شهد ولم يعمل واعتقد فهو فاسق، ومن أخل بالشهادة فهو كافر.

والإيمــان على خمسة أوجه: إيمــان مطبوع، وإيمــان مقبول، وإيمــان معصوم، وإيمــان موقوف، وإيمــان مردود، فالإيمــان المطبوع هو إيمــان الملائكة، والإيمــان المعصوم هو إيمــان الأنبياء، والإيمــان المقبول هو إيمــان المؤمنين، والإيمــان الموقوف، هو إيمــان المبتدعين، والإيمــان المردود، هو إيمــان المنافقين.

ذَرْوَانُ

ذَرْوَــانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثــانــيه، وواو، وآخره نون: بئر لبني زريق بالمدينة يقال لها ذروان، وفي الحديث: سحر النبيّ، صلى الله عليه وسلم، بمشاطة رأسه وعدّة أسنــان من مشطه ثمّ دسّ في بئر لبني زريق يقال لها ذروان، وكــان الذي تولّى ذلك لبيد ابن الأعصم اليهودي، قال القاضي عياض: ذروان بئر في بني زريق، كذا جاء في الدّعوات عن البخاري، وفي غير موضع: بئر أروان، وعند مسلم: بئر ذي أروان، وقال الأصمعي: هو الصّواب وقد صحّف بذي أوان، وقد ذكر في بابه، وذو ذروان في شعر كثيّر:
طاف الخيال لآل عزّة موهنا ... بعد الهدوّ فهاج لي أحزانــي
فألمّ من أهل البويب خيالها ... بمعرّس من أهل ذي ذروان
وذروان أيضا: حصن باليمن من حصون الحقل قريب من صنعاء.

القَنَانُ

القَنَــانُ:
بالفتح، وآخره نون، علم مرتجل، قال أبو عبد الله السكوني: إذا خرجت من حبشي جبل يمنة عن سميراء سرت عقبة ثم وقعت في القنــان: وهو جبل فيه ماء يدعى العسيلة وهو لبني أسد، ولذلك قيل:
ضمن القنــان لفقعس سوآتها، ... إنّ القنــان لفقعس لمعمّر
معمّر أي ملجأ، وقال الأزهري: قنــان جبل بأعلى نجد، وقال زهير:
جعلن القنــان عن يمين وحزنه، ... وكم بالقنــان من محلّ ومحرم
وبئر قنــان: موضع ينسب إليه القنــانــي أستاذ الفرّاء، وقال أبو ابراهيم الفارابي مصنف ديوان الأدب: أتــانــي القوم بزرافّتهم أي بجماعتهم، بتشديد الفاء، قال:
هذا قول القنــانــي أستاذ الفرّاء وهو منسوب إلى بئر قنــان لا إلى الجبل الذي في قوله:
ومرّ على القنــان من نفيــانــه قال ثعلب: أنشدنا رجل في مجلس ابن الأعرابي لإنســان يقال له القنــانــي الأعرابي فقال:
قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة، ... حتى ألمّت بنا يوما ملمّات
فقلت، والمرء قد تخطيه منيته: ... أدنى عطيته إيّاي ميّات
فكــان ما جاد لي، لا جاد من سعة، ... ثلاثة ناقصات الضرب حبّات
وقال: خذها خليلي سوف أردفها ... بمثلها بعد ما تمضيك ليلات

بَغْلانُ

بَغْلــانُ:
آخره نون، قال أبو سعد: بغلــان بلدة بنواحي بلخ، وظني أنها من طخارستــان، وهي العليا والسفلى، وهما من أنزه بلاد الله على ما قيل بكثرة الأنهار والتفاف الأشجار، وقيل: بين بغلــان وبلخ ستة أيام، منها قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله أبو رجاء الثّقفي مولاهم، قال أحمد بن سيّار بن أيوب:
كــان قتيبة مولى الحجاج بن يوسف، قال الخطيب:
إنه من أهل بغلــان، قرية من قرى بلخ، ذكر ابن عدي الجرجــانــي أن اسمه يحيى، ولقبه قتيبة، وقال أبو عبد الله محمد بن مندة: اسمه عليّ، رحل إلى المدينة ومكة والشام والعراق ومصر، سمع مالك بن أنس والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وحمّاد بن زيد وأبا عوانــة وسفيــان بن عيينة وغيرهم، روى عنه أحمد بن حنبل وأبو خيثمة زهير بن حرب وأبو بكر ابن أبي شيبة والحسن بن عرفة وأبو زرعة وأبو حاتم والبخاري ومسلم في صحيحيهما وخلق غير هؤلاء، وقدم بغداد وحدّث بها سنة 216، فجاء أحمد ويحيى، وقال قتيبة: وكــان أول خروجي سنة 172، وكنت يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة، وكــان قتيبة من الأئمة والثقات والمكثرين من المال والبقر والغنم والإبل والجاه وحسن الخلق، ثبتا فيما يروي، صاحب سنة وجماعة، وكــان قد كتب الحديث عن ثلاث طبقات، وكلّ أثنى عليه بالجميل ووثّقه، وكــان ينشد:
لولا القضاء الذي لا بدّ مدركه، ... والرزق يأكله الإنســان بالقدر
ما كــان مثلي في بغلــان مسكنه، ... ولا يمرّ بها إلا على سفر
وقال عبد الله بن محمد البغوي: مات قتيبة بن سعيد بخراســان بقرية من رستاق بلخ تدعى بغلــان، وكــان أقام بها ونزل بلخ، وكــانــت وفاته في سنة 240 لليلتين خلتا من شعبــان، ومولده سنة 148، وقال غيره سنة 150.

كُوفانُ

كُوفــانُ:
بالضم ثم السكون، وفاء، وآخره نون:
موضعــان، يقال: الناس في كوفــان من أمرهم أي
في اختلاط، وقال الأموي: إنه لفي كوفــان أي في حرز ومنعة، والكوفــان: الدّغل من القصب والخشب، والكوفــان: الاستدارة، وقد ذكرنا غير ذلك في الكوفة، قالوا: وكوفــان اسم أرض وبها سميت الكوفة، قلت: كوفــان والكوفة واحد، وقال علي بن محمد الكوفي العلوي المعروف بالحمّــانــي:
ألا هل سبيل إلى نظرة ... بكوفــان يحيا بها الناظران
يقلّبها الصبّ دون السدير ... حيث أقام بها القائمــان
وحيث أناف بأرواقه ... محلّ الخورنق والماديــان
وهل أبكرنّ، وكثبــانــها ... تلوح كأودية الشاهجــان
وأنوارها مثل برد النبيّ ... ردّع بالمسك والزعفران
وقال أبو نواس وقدم الكوفة واستطابها وأقام بها مدة وقال:
ذهبت بها كوفــان مذهبها ... وعدمت عن أربابها صبري
ما ذاك إلا أنني رجل ... لا أستخفّ صداقة البصري
وكوفــان أيضا: قرية بهراة، ينسب إليها الكوفــانــي شيخ أحمد بن أبي نصر بن أبي الوقت، وينسب إلى كوفــان هراة أبو بكر أحمد بن أبي نصر الكوفــانــي شيخ الصوفية بهراة، قال أبو سعد: سافر إلى العراق والحجاز ودخل مصر وسمع فيها من عبد الرحمن بن عمر النحاس الذي حدث عنه أبو الوقت السجزي، وكــان شيخا عفيفا حسن السيرة، توفي بهراة بشهر ربيع الأول سنة 464، وقد حكى عنه أبو إسماعيل الأنصاري الحافظ في بعض مصنفاته.

دَيْرُ الزَّعْفَرَان

دَيْرُ الزَّعْفَرَــان:
ويسمّى عمر الزّعفران: قرب جزيرة ابن عمر تحت قلعة أردمشت، هو في لحف جبل والقلعة مطلّة عليه، وبه نزل المعتضد لما حاصر هذه القلعة حتى فتحها، ولأهله ثروة وفيهم كثرة، ودير الزّعفران أيضا: بقربه على الجبل المحاذي لنصيبين كــان يزرع فيه الزعفران، وهو دير نزه فرح لأهل اللهو به مشاهد، ولهم فيه أشعار، وفي جبل نصيبين عدّة أديرة أخر، ولمصعب الكاتب في
دير الزعفران:
عمرت بقاع عمر الزعفران ... بفتيــان غطارفة هجــان
بكلّ فتًى يحنّ إلى التصابي، ... ويهوى شرب عاتقة الدّنــان
ظللنا نعمل الكاسات فيه ... على روض كنقش الخسروان
وأغصــان تميل بها ثمار ... قريبات من الجــانــي دوان
وغزلــان مراتعها فؤادي، ... شجــانــي منهم ما قد شجــانــي
وينجوهم ويوحنّا..... ... ذوا الإحســان والصّور الحســان
رضيت بهم من الدنيا نصيبا، ... غنيت بهم عن البيض الغوانــي
أقبّل ذا وألثم خدّ هذا، ... وهذا مسعد سلس العنــان
فهذا العيش لا حوض ونؤي، ... ولا وصف المعالم والمغــانــي

مَرّانُ

مَرّــانُ:
بالفتح ثم التشديد، وآخره نون، يجوز أن يكون من مرّ الطعام يمرّ مرارة ويمرّ أيضا أو من مرّ يمرّ من المرور، ويجوز أن يكون من مرن الشيء يمرن مرونا إذا استمرّ وهو لين في صلابة، ومرنت يد فلــان على العمل أي صلبت، قال السكري: هو على أربع مراحل من مكة إلى البصرة، وقيل: بينه وبين مكة ثمــانــية عشر ميلا وفيه قبر تميم ابن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنــان وقبر عمرو بن عبيد، قال جرير يعرّض بابن الرّقاع:
قد جرّبت عركي في كل معترك ... غلب الرجال فما بال الضغابيس
وابن اللبون إذا ما لزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
إني، إذا الشاعر المغرور حرّبني، ... جار لقبر على مرّــان مرموس
قال: أراد قبر تميم بن مر، إذا حربني أي أغضبني يموت فيصير جارا لمن هو مدفون هناك، ويصدّق ذلك قوله:
قد كــان أشوس أبّاء فأورثني ... شغبا على الناس في أبنائه الشوس
نحمي ونغتصب الجبّار نجنبه ... في محصد من حبال القدّ مخموس
وقال الحازمي: بين البصرة ومكة لبني هلال من بني عامر، وقيل: بين مكة والمدينة، وقال عرّام عند ذكره الحجاز وقرية يقال لها مرّــان: قرية غنّاء كبيرة كثيرة العيون والآبار والنخيل والمزارع وهي على طريق البصرة لبني هلال وجزء لبني ماعز وبها حصن ومنبر وناس كثير، وفيها يقول الشاعر:
أبعد الطوال الشم من آل ماعز ... يرجّي بهرّــان القرى ابن سبيل؟
مررنا على مرّــان ليلا فلم نعج ... على أهل آجام بها ونخيل
وقال ابن قتيبة: قال المنصور أمير المؤمنين يرثي عمرو بن عبيد:
صلّى الإله عليك من متوسّد ... قبرا مررت به على مرّــان
قبرا تضمّن مؤمنا متحنّفا ... صدق الإله ودان بالقرآن
لو أن هذا الدهر أبقى صالحا ... أبقى لنا عمرا أبا عثمــان
وقال ابن الأعرابي على هذا النمط من جملة أبيات:
أيا نخلتي مرّــان هل لي إليكما ... على غفلات الكاشحين سبيل؟
أمنّيكما نفسي إذا كنت خاليا، ... ونفعكما، لولا الفناء، قليل
وما لي شيء منكما غير أنني ... أحنّ إلى ظلّيكما فأطيل

شَتَّانَ بين

شَتَّــانَ بين
الجذر: ب ي ن

مثال: شَتَّــانَ بينهما
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لأنه لم يرد في استخدام العرب دخول بين مباشرةً بعد «شتــان».

الصواب والرتبة: -شَتَّــانَ بينهما [فصيحة]-شَتَّــانَ فلــان وفلــان [فصيحة]-شَتَّــانَ ما بينهما [فصيحة]-شَتَّــانَ ما هما [فصيحة]
التعليق: الصور الأربعة المذكورة منقولة عن العرب، وقد أوردها صاحب اللســان «شتت».

شاطِئ عُثمانَ

شاطِئ عُثمــانَ:
وشاطئ الوادي والنهر: ضفته وجــانــبه يراد به ههنا شاطئ دجلة: وهو بالبصرة كــان عثمــان ابن عفّــان، رضي الله عنه، أخذ دار عثمــان بن أبي العاصي الثقفي بالمدينة وأضافها إلى الجامع وكتب بأن يعطى بالبصرة أرضا عوضا عنها فأعطي أرضه المردفة لشاطئ عثمــان حيال الأبلّة، وكــانــت سبخة فاستخرجها وعمّرها، وإليه ينسب باب عثمــان بالبصرة، وقيل: اشترى عثمــان بن عفّــان، رضي الله عنه، مالا له بالطائف وعوّضه منه شاطئه.

إِنْ كَانَ ولاَبُدَّ

إِنْ كَــانَ ولاَبُدَّ
الجذر:

مثال: اعْتَذِرْ إن كــان ولابُدَّ أن تتأخَّر
الرأي: مرفوضة
السبب: لزيادة الواو بين كــان وخبرها.

الصواب والرتبة: -اعْتَذِرْ إنْ كــان لابُدَّ أن تتأخر [فصيحة]-اعْتَذِرْ إنْ كــان ولابُدَّ أن تتأخر [صحيحة]
التعليق: أجاز بعض النحويين زيادة الواو على أخبار كــان وأخواتها إذا كــانــت جملة تشبيهًا لها بالجملة الحالية، كقول الشاعر:
فظلوا ومنهم سابق دمعه له
ومن ثم يصح المثال المرفوض.

سَفَوَانُ

سَفَوَــانُ:
بفتح أوّله وثــانــيه، وآخره نون، كأنّه فعلــان من سفت الريح التراب وأصله الياء إلّا أنّهم هكذا تكلّموا به، قال أبو منصور: سفوان ماء على قدر مرحلة من باب المربد بالبصرة وبه ماء كثير السافي وهو التراب، قال وأنشدني أعرابي:
جارية بسفوان دارها، ... تمشي الهوينا مائلا خمارها
وسفوان أيضا: واد من ناحية بدر، قال ابن إسحاق:
ولما أغار كرز بن جابر الفهري على لقاح رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وعلى سرح المدينة خرج رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر ففاته كرز ولم يدركه، وهي غزوة بدر الأولى في جمادى الأولى سنة اثنتين، وقال النابغة الجعدي يذكر سفوان وما أراها إلّا سفوان البصرة:
فظلّ لنسوة النّعمــان منّا ... على سفوان يوم أروانــي
فأردفنا حليلته وجئنا ... بما قد كــان جمّع من هجــان

الْأَعْيَان

الْأَعْيَــان: الموجودات الخارجية مُطلقًا جَوَاهِر وأعراضا جمع الْعين أَي الْمَوْجُود الْخَارِجِي كَمَا أَن الصُّور هِيَ الموجودات الذهنية جمع الصُّورَة أَي الْمَوْجُود الذهْنِي. فأعيــان الموجودات شَامِلَة للجواهر والأعراض. وَقد يُقَال الْأَعْيَــان على مَا لَهُ قيام بِذَاتِهِ فَيكون مُقَابلا للإعراض. وَمعنى قِيَامه بِذَاتِهِ أَن يتحيز بِنَفسِهِ غير تَابع تحيزه لتحيز شَيْء آخر بِخِلَاف الْعرض فَإِن تحيزه تَابع لتحيز الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ مَوْضُوعه الَّذِي يقوم بِهِ هَذَا عِنْد الْمُتَكَلِّمين. وَعند الفلاسفة معنى قيام الشَّيْء بِذَاتِهِ استغناءه عَن مَحل يقومه وَمعنى قِيَامه بِشَيْء آخر اخْتِصَاصه بِهِ بِحَيْثُ يصير الأول نعتا وَالثَّــانِــي منعوتا سَوَاء كَــانَ متحيزا كَمَا فِي سَواد الْجِسْم أَولا كَمَا فِي صِفَات المجردات كالباري عز شَأْنه والعقول والنفوس الفلكية. وَجَاء الْأَعْيَــان بِمَعْنى الْخِيَار والشرفاء أَيْضا يُقَال هم أَعْيَــان الْقَوْم أَي خيارهم وشرفاؤهم وَمِنْه بَنو الْأَعْيَــان للإخوة وَالْأَخَوَات لأَب وَأم. الْأَعْيَــان الثَّابِتَة: اعْلَم أَن الصُّور العلمية الإلهية تسمى بالأعيــان الثَّابِتَة عِنْد الصُّوفِيَّة وبالماهيات عِنْد الْحُكَمَاء.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره الْأَعْيَــان الثَّابِتَة هِيَ حقائق الممكنات فِي علم الْحق تَعَالَى وَهِي صور حقائق الْأَسْمَاء الإلهية فِي الحضرة العلمية لَا تَأَخّر لَهَا عَن الْحق إِلَّا بِالذَّاتِ لَا بِالزَّمَــانِ وَهِي أزلية أَو أبدية وَالْمعْنَى بِالْإِضَافَة التَّأَخُّر بِحَسب الذَّات لَا غَيره.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.