Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: إشكال

الفتح

الفتح: توسعة الضيق حسا ومعنى، ذكره الحرالي. وقال الراغب: إزالة الانغلاق والــإشكال وهو ضربان: أحدهما ما يدرك بالبصر كفتح الباب ونحوه: والثاني ما يدرك بالبصرة كفتح الهم، وهو إزالة الغم وذلك ضربان: أ؛ دهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء نحو مال، الثاني فتح المستغلق من العلوم نحو فلان فتح عليه باب من العلم.
الفتح:
" استقامة النطق بالحرف "، بحيث يفتح القارئ فاه بلفظ الحرف، وهو فيما بعده ألف أظهر، ومعناه: أن تخرج الألف من مخرجها من غير أن يُخلط بصوت الياء أو الواو، ولذلك يُعبر عنه بـ (إخلاص الفتح)، وكيفية ذلك: " النطق بالألف مركبة على فتحة خالصة غير ممالة إلى مصاف الكسر، وتحديده: أن يؤتى به على مقدار انفتاح الفم، مثاله (كان) تركب صوتالألف على فتحة الكاف، وهي خالصة لا حظ للكسر فيها ".
ويُعبر المتقدمون عن هذا الفتح -الذي هو ضد الإمالة-: بـ (التفخيم) و (النصب) و (الفتح المتوسط) و (الترقيق) و (الفغر).
الفتح:
[في الانكليزية] Short vowel a
[ في الفرنسية] Voyelle a breve
بالفتح وسكون التاء المثناة الفوقانية عند أهل العربية يطلق على نوع من الحركة وهو من ألقاب المبني كما ستعرف. وعلى فتح القارئ فاه بلفظ الحرف، ويقال له التفخيم وهو شديد ومتوسّط. فالشّديد هو نهاية فتح الشخص فاه بذلك الحرف، ولا يجوز في القرآن بل هو معدوم في لغة العرب، والمتوسّط ما بين الفتح الشديد والإمالة المتوسّطة. قال الداني وهذا هو الذي يستعمله أصحاب الفتح من القرّاء.
واختلفوا هل الإمالة فرع عن الفتح أو كلّ منهما أصل برأسه؟ ووجه الأول أنّ الإمالة لا تكون إلّا بسبب فإن فقد لزم الفتح، وإن وجد جاز الفتح والإمالة، فما من كلمة تمال إلّا وفي العرب من يفتحها، فدلّ اطّراد الفتح على أصالته وفرعيتها كذا في الاتقان.

الْعدَد

(الْعدَد) مِقْدَار مَا يعد ومبلغه (ج) أعداد
الْعدَد: اسْم لَيْسَ بمصدر وَلِهَذَا لم يدغم لِئَلَّا يلتبس بالعد الْمصدر وَهُوَ فِي اللُّغَة شمار وَجَاء بِمَعْنى الْمَعْدُود وَفِي تَعْرِيفه عِنْد أهل الْحساب اخْتِلَاف قَالَ مَوْلَانَا نظام الدّين النَّيْسَابُورِي فِي الرسَالَة الشمسية الْعدَد كمية تطلق على الْوَاحِد وَمَا يتألف مِنْهُ فَيدْخل الْوَاحِد فِي الْعدَد وَقيل إِن الْعدَد قسم الْكمّ والكم مَا يَنْقَسِم بِالذَّاتِ وَالْوَاحد لَا يَنْقَسِم بِالذَّاتِ أَقُول من عرف الْعدَد بِهَذَا التَّعْرِيف وَأدْخل الْوَاحِد فِي الْعدَد يَقُول إِن الْعدَد أَعم من الْكمّ الْمُنْفَصِل لِأَن الْوَاحِد مِنْهُ لَيْسَ بكم فضلا عَن أَن يكون كَمَا مُنْفَصِلا كَمَا يفهم من الْحَوَاشِي الحكيمية على الخيالية فِي مَبْحَث الصِّفَات وَقيل المُرَاد بالكمية فِي التَّعْرِيف الْمَذْكُور مَا يَقع فِي جَوَاب كم الاستفهامية لَا الْمَعْنى المصطلح فَلَا إِشْكَال لِأَن الْوَاحِد يَقع فِي جَوَاب كم فَإِنَّهُ إِذا سَأَلَك شخص بِأَنَّهُ كم رجل عنْدك فَقلت وَاحِد فَيَقَع الْوَاحِد فِي جَوَاب كم الاستفهامية.
وَعند الْمُحَقِّقين الْوَاحِد خَارج عَن الْعدَد لِأَنَّهُ لَيْسَ بكم إِذْ الْوحدَة تَقْتَضِي اللاقسمة وَلذَا قَالُوا إِن الْوحدَة من قبيل الكيف على أَنه يُمكن منع كَونهَا عرضا بِسَنَد أَنَّهَا من الْأُمُور الاعتبارية عِنْد الْمُحَقِّقين فتعريف الْعدَد عِنْد الْمُحَقِّقين نصف مَجْمُوع حاشيتيه والحاشيتان إِمَّا عددان كحاشيتي الْخَمْسَة وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة أَو عدد ووحدة كحاشيتي الِاثْنَيْنِ يكون بعد أَحدهمَا فِي التَّرْتِيب عَن الْوَاسِطَة جَانب الْقلَّة وَالْكَثْرَة مثل بعد الآخر عَنْهَا مثل الْخَمْسَة فَإِنَّهَا نصف سِتَّة وَأَرْبَعَة وَنصف سَبْعَة وَثَلَاثَة وَنصف ثَمَانِيَة واثنين وَنصف وَاحِد وَتِسْعَة فَيكون ضعفها مُسَاوِيا لحاشيتها وَنِصْفهَا لربعي حاشيتيها فَيخرج الْوَاحِد عَن تَعْرِيف الْعدَد لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحَاشِيَة التَّحْتَانِيَّة وَقد يتَكَلَّف لصدق التَّعْرِيف على الْوَاحِد بتعميم الْحَاشِيَة الفوقانية والتحتانية من الصَّحِيح وَالْكَسْر بِمَعْنى أَنَّهُمَا أَعم من أَن يَكُونَا صَحِيحَيْنِ أَو كسرين أَو يكون أَحدهمَا كسرا فَقَط وَالْآخر مَعَ صَحِيح وَأما كَون إِحْدَاهمَا كسرا فَقَط وَالْآخر صَحِيحا فَقَط فَلَا يجوز لِأَن الْحَاشِيَة التَّحْتَانِيَّة لكل عدد ينقص عَنهُ بِمِقْدَار زِيَادَة الْحَاشِيَة الفوقانية عَلَيْهِ فالواحد نصف مَجْمُوع حَاشِيَته لِأَن حَاشِيَته التَّحْتَانِيَّة هِيَ النّصْف مثلا وحاشيته الفوقانية وَاحِد وَنصف لَكِن الْحق أَن الْوَاحِد لَيْسَ بِعَدَد لِأَن الْعدَد يَنْقَسِم بِالذَّاتِ وَالْوَاحد لَا يَنْقَسِم بِالذَّاتِ لَكِن قد يُطلق وَيُرَاد بِهِ كل مَا يَقع فِي مَرَاتِب الْعدَد وَإِن تألفت مِنْهُ الْأَعْدَاد كَمَا أَن الْجَوْهَر الْفَرد أَعنِي الْجُزْء الَّذِي لَا يتجزئ لَيْسَ بجسم لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يفْرض فِيهِ أبعاد ثَلَاثَة متقاطعة على زَوَايَا قَائِمَة لَا بِالْقُوَّةِ وَلَا بِالْفِعْلِ وَإِن تألفت مِنْهُ الْأَجْسَام عِنْد الْمُتَكَلِّمين المثبتين لذَلِك الْجُزْء.
وَقيل الْعدَد كمية مجتمعة من الْآحَاد فَلَا يُمكن إدراج الْوَاحِد بتكلف.
وَزعم من لَا تَحْقِيق لَهُ أَن الِاثْنَيْنِ أَيْضا لَيْسَ بِعَدَد متمسكا بِأَنَّهُ الزَّوْج فَلَا يكون عددا كالفرد الأول وَهُوَ الْوَاحِد وَبِأَن الْعدَد كَثْرَة متألفة من الوحدات وَأَقل الْجمع ثَلَاثَة فَلَا يتَنَاوَل الِاثْنَيْنِ وَبِأَنَّهُ لَو كَانَ عددا لَكَانَ إِمَّا أَولا أَو مركبا لانحصار الْعدَد فيهمَا وَلَيْسَ الأول وَإِلَّا لم يكن لَهُ النَّص وَلَا الثَّانِي وَإِلَّا لوَجَبَ أَن يعده غير الْوَاحِد وَالْعدَد الأول مَا لَا يعده أَي لَا يفنيه غير الْوَاحِد وَالْكل مَرْدُود. أما الأول فَلِأَن قِيَاس الزَّوْج الأول بالفرد الأول فِي هَذَا الحكم قِيَاس مَعَ الْفَارِق. وَأما الثَّانِي فلأنا لَا نسلم أَن الْعدَد مَا ذكرته بل هُوَ نصف مَجْمُوع حاشيتيه وَلَئِن سلم فَلَا نسلم أَن أقل الْجمع ثَلَاثَة بل اثْنَان. وَأما الثَّالِث فَلِأَن الأول مَا لَا يعده غير الْوَاحِد وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَن لَا يكون لَهُ نصف أصلا بل أَن لَا يكون لَهُ نصف أَكثر من الْوَاحِد. وَلَا يخفى عَلَيْك أَن التَّعْرِيف الأول وَالثَّالِث لَا يَشْمَل الكسور مَعَ أَنَّهَا عدد عِنْد الْحساب فالتعريف الْجَامِع عِنْدهم كمية يحصل من الْوَاحِد بالتكرير أَو بالتجزئة أَو بهما. وَأَنت تعلم أَن الْوَاحِد من حَيْثُ إِنَّه وَاحِد لَا يقبل التجزئة إِلَّا أَن لَا يُلَاحظ تِلْكَ الْحَيْثِيَّة، وَالْعدَد على ثَلَاثَة أَقسَام زَائِد - وناقص - ومساو - واطلب كلا فِي الْموضع كل.
ثمَّ اعْلَم أَن الْعدَد من الْأُمُور الاعتبارية الانتزاعية وَهُوَ الْحق لِأَن الْعدَد من الْأُمُور الَّتِي يتَكَرَّر نوعها وكل متكرر النَّوْع من الْأُمُور الاعتبارية لما سَيَجِيءُ فِي متكرر النَّوْع إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلِأَن الْعدَد متألف من الوحدات وَهِي أُمُور اعتبارية.
وَقَالَ الْفَاضِل الزَّاهِد فِي حَاشِيَته على الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَنه مركب من الْآحَاد لست أَقُول من الوحدات كَمَا توهم من ظَاهر عباراتهم كَيفَ وَالْعدَد مَحْمُول على الْمَعْدُود بالمواطأة والواحدات مَحْمُولَة عَلَيْهِ بالاشتقاق وَالْوَاحد من حَيْثُ هُوَ وَاحِد لَيْسَ بموجود فِي الْخَارِج فَكَذَا الْعدَد الْمركب مِنْهُ انْتهى. وَلَا يخفى أَن الزَّاهِد رَحمَه الله رَجَعَ من الْوحدَة إِلَى الْوَاحِد لَكِن لم يَنْفَعهُ الرُّجُوع لِأَنَّهُ رَجَعَ من اعتباري إِلَى اعتباري آخر بل من الاعتباري الأول مَعَ قطع النّظر عَن اعْتِبَار أَمر آخر إِلَى نَفسه مَعَ اعْتِبَار أَمر آخر فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَاشِيَته على شرح المواقف الْعدَد آحَاد بوحدات هِيَ نَفسهَا والآحاد مَحْمُولَة على الْمَعْدُود مواطأة فالوحدات مَحْمُولَة على الْمَعْدُود مواطأة. فَإِن قلت، كَيفَ رَجَعَ الزَّاهِد من اعتباري إِلَى اعتباري آخر بل من الاعتباري الأول إِلَى آخر مَا ذكر. قلت اعْلَم أَولا أَن الْوحدَة من الْأُمُور الَّتِي يتَكَرَّر نوعها فَتعْتَبر تَارَة من حَيْثُ هِيَ هَب. وَأُخْرَى من حَيْثُ إِنَّهَا متصفة بالوحدة فَتَصِير وَاحِدًا، فَنَقُول إِن الْعدَد عِنْد الْجُمْهُور عبارَة عَن الوحدات الصرفة أَي الوحدات لم يعْتَبر اتصافها بالوحدات حَتَّى تصير أحادا فالعدد عِنْدهم عبارَة عَن أَمر اعتباري أَعنِي الوحدات مَعَ قطع النّظر عَن اعْتِبَار أَمر آخر مَعهَا وَهُوَ الوحدات. وَلما رَجَعَ الزَّاهِد رَحمَه الله عَمَّا ذكرُوا إِلَى أَنه مركب من الْآحَاد أَي الوحدات الَّتِي اعْتبر اتصافها بالوحدات فقد رَجَعَ إِلَى أَنه مركب من أَمر اعتباري أَعنِي الوحدات مَعَ اعْتِبَار أَمر اعتباري آخر مَعهَا أَعنِي الوحدات.
وَصرح جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة بِأَن الْأَعْدَاد من الْأُمُور الاعتبارية عِنْد الْمُحَقِّقين من الْحُكَمَاء وَجعلهَا من أَقسَام الْكمّ بِاعْتِبَار فرض وجودهَا حَيْثُ قَالَ إِن الْمُحَقِّقين كالمصنف أَي الطوسي وَغَيره على أَن الْعدَد أَمر اعتباري مَعَ تقسيمهم الْكمّ إِلَى الْمُتَّصِل والمنفصل مُسَامَحَة ثِقَة بِمَا قَرَّرَهُ فِي مَحَله انْتهى وَهَا هُنَا كَلَام لَا يَسعهُ الْمقَام

الفاعل

الفاعل: ما أسند إليه الفعل أو شبههه على جهة قيامه به، أي على جهة قيام الفعل بالفاعل فخرج مفعول ما لم يسم فاعله.
الفاعل:
[في الانكليزية] Subject ،agent
[ في الفرنسية] Sujet ،agent
هو عند النحاة ما أسند إليه الفعل أو شبهه وقدّم عليه على وجه قيامه به كما ذكر ابن الحاجب. والمراد بما الاسم حقيقة أو حكما ليدخل فيه مثل قولهم أعجبني أن ضربت زيدا.
والمراد بالإسناد مجرّد ثبوت شيء لشيء سواء كان أصليا أو لا، فيشتمل إسناد الصفات إلى الضمائر المستترة المرفوعة فيها، وسواء تعلّق به إدراك وقوعه أو إدراك عدم وقوعه أو طلب أو إنشاء. ففي ما قام سلب الوقوع لا سلب الإسناد، وفي أن قام فرض الوقوع لا فرض الإسناد، فلا حاجة في شمول التعريف لفاعل النفي والشرط إلى ما اشتهر من تكلّف أنّ المراد بالإسناد أعمّ من الإسناد إيجابا أو نفيا محقّقا أو مفروضا.
ثم اعلم أنّه إن أريد بالإسناد أعمّ من أن يكون بالأصالة أو التّبعية يشتمل الحدّ المعطوف والبدل، فإنّه وإن لم يكن إسناد الفعل إليهما بالأصالة، لكنه إسناد إليهما بالتّبع، إذ ما هو بالأصالة العطف على المسند إليه والإبدال منه ويتبعه الإسناد إليه، بخلاف النعت والتأكيد والبيان فإنّها خارجة عن الحدّ إذ لا إسناد إلى تلك التوابع أصلا، وإن أريد به ما هو بالأصالة فيخرج عن الحدّ جميع التوابع.
والفعل يشتمل التّام والناقص فإنّ زيد في كان زيد قائما فاعل كان كما ذهب إليه البعض، وإن قيل إنّه اسم كان كما ذهب إليه الأكثرون فلا بدّ من تخصيص الفعل بالتام. والمراد بشبه الفعل ما يشبهه في العمل فيتناول الحدّ فاعل اسم الفاعل والصفة المشبّهة وأفعل التفضيل واسم الفعل والمصدر والظرف والمنسوب، كما ذهب إليه البعض حيث قال: العالم في الاسم المرفوع بعد الظّرف هو الظّرف لقيامه مقام الفعل، إلّا أنّ في إطلاق الشّبه على الظّرف خفاء، فإنّ المشهور فيه إطلاق معنى الفعل، ففي تناول الحدّ فاعل الظّرف خفاء. وإمّا على مذهب الجمهور القائلين بأنّ العامل فيه هو الفعل فلا إشكال أصلا لعدم تناول الشّبه له.
وفي قوله وقدّم عليه أي قدّم الفعل أو شبهه على ما أسند إليه احتراز عن زيد في زيد ضرب فإنّه فاعل مقدّم على الفعل عند الكوفيين.
والمراد بالتقديم هو ما كان وجوبا ليخرج عنه المبتدأ المقدّم عليه خبره نحو كريم من يكرمك.
فإنّ قلت يجب تقديم الخبر في نحو؛ في الدار رجل. قلت المراد وجوب تقديم نوعه وليس نوع الخبر مما يجب تقديمه، بخلاف نوع ما أسند إلى الفاعل. وقوله على جهة قيامه به أي إسنادا واقعا على طريقة قيام الفعل أو شبهه به، وطريقة قيامه به أن يكون على صيغة المعلوم أو على ما في حكمه كالفاعل والصفة المشبّهة.
واحترز بهذا القيد عن مفعول ما لم يسمّ فاعله كزيد في ضرب زيد على صيغة المجهول على مذهب من لم يجعله داخلا في الفاعل. وأمّا على مذهب من جعله داخلا فيه كصاحب المفصّل فلا حاجة إلى هذا القيد عنده، بل يجب أن لا يقيّد به، وإنّما لم يقل على قيامه به أو قائما به لئلّا يخرج نحو: مات زيد وطال عمره، لأنّ الموت ليس قائما بزيد وكذا الطول ليس قائما بعمره.
فائدة:
موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ج 2 1263 الفالج: ..... ص: 1263

فائدة:
العامل في الفاعل الفعل أو شبهه. وقيل الإسناد. والأول أقوى لكونه أمرا لفظيا والإسناد ضعيف لكونه معنويا.

البيان

البيان
لابن السكيت
البيان
انظر: الإظهار.
البيان:
[في الانكليزية] Eloquence ،rhetoric
[ في الفرنسية] Eloquence ،rhetorique

بالياء المثناة التحتانية لغة الفصاحة، يقال:
فلان ذو بيان أي فصيح وهذا أبين من فلان أي أفصح منه وأوضح كلاما. قال صاحب الكشاف: البيان هو المنطق الفصيح المعبّر عمّا في الضمير، كذا ذكر السيّد السّند في حاشية خطبة شرح الشمسية. وقال الچلپي في حاشية المطول: البيان مصدر بان أي ظهر جعل اسما للمنطق الفصيح المعبّر عمّا في الضمير، والتبيان مصدر بيّن على الشذوذ. وقد يفرّق بينهما بأنّ التبيان يحتوي على كدّ الخاطر وإعمال القلب، وقريب منه ما قيل التبيان بيان مع دليل وبرهان، فكأنّه مبني على أنّ زيادة البيان لزيادة المعنى. وقال المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف: البيان الكشف والتوضيح، وقد يستعمل بمعنى الإثبات بالدليل انتهى. وبالجملة فهو إمّا مصدر بان وهو لازم ومعناه الظهور، أو مصدر بيّن وهو قد يكون لازما كقولهم في المثل قد بيّن الصبح لذي عينين، أي بان، وقد يكون متعدّيا بمعنى الإظهار، قال الله تعالى ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي إظهار معانيه وشرائعه على ما وقع في بعض الكتب.
وفي بعض شروح الحسامي ثم إنّ البيان عبارة عن أمر يتعلّق بالتعريف والإعلام، وإنما يحصل الإعلام بدليل، والدليل محصّل للعلم، فههنا أمور ثلاثة: إعلام وتبيين ودليل يحصل به الإعلام أو علم يحصل من الدليل. ولفظ البيان يطلق على كلّ واحد من تلك المعاني الثلاثة.
وبالنظر إلى هذا اختلف تفسير العلماء له. فمن نظر إلى إطلاقه على الإعلام الذي هو فعل المبين كأبي بكر الصيرفي، قال هو إخراج الشيء من حيّز الأشكال إلى حيّز التّجلّي والظهور، وأورد عليه أنّ ما يدلّ على الحكم ابتداء من غير سابقية إجمال وأشكال بيان بالاتفاق، ولا يدخل في التعريف. وكذا بيان التقرير والتغيير والتبديل لم يدخل فيه أيضا.
وأيضا لفظ الحيّز مجاز والتجوّز في الحدّ لا يجوز. وأيضا الظهور هو التّجلّي فيكون تكرارا.
فالأولى أن يقال البيان هو إظهار المراد كما في التوضيح. ومن نظر إلى إطلاقه على العلم الحاصل من الدليل كأبي بكر الدقّاق وأبي عبد الله البصري، قال هو العلم الذي يتبيّن به المعلوم. وبعبارة أخرى هو العلم عن الدليل، فكأنّ البيان والتبين عنده بمعنى واحد. ومن نظر، إلى إطلاقه على ما يحصل به البيان كأكثر الفقهاء والمتكلّمين قال هو الدليل الموصل بصحيح النظر إلى اكتساب العلم بما هو دليل عليه. وعبارة بعضهم هو الأدلة التي بها تتبين الأحكام، قالوا والدليل على صحّته أنّ من ذكر دليلا لغيره وأوضحه غاية الإيضاح يصحّ لغة وعرفا أن يقال تمّ بيانه، وهذا بيان حسن إشارة إلى الدليل المذكور. وعلى هذا بيان الشيء قد يكون بالكلام والفعل والإشارة والرمز، إذ الكل دليل ومبيّن، ولكنّ أكثر استعماله في الدلالة بالقول، فكلّ مفيد من كلام الشارع، وفعله وسكوته واستبشاره بأمر وتنبيهه بفحوى الكلام على علّة بيان لأنّ جميع ذلك دليل، وإن كان بعضها يفيد غلبة الظنّ فهو من حيث أنه يفيد العلم بوجوب العمل دليل وبيان.
التقسيم
البيان بالاستقراء عند الأصوليين على خمسة أوجه: بيان تقرير وبيان تفسير وبيان تغيير وبيان تبديل وبيان ضرورة. والإضافة في الأربعة الأول إضافة الجنس إلى نوعه كعلم الطب، أي بيان هو تقرير، والإضافة في الأخير إضافة الشيء إلى سببه اي بيان يحصل بالضرورة. وقد يقال بيان مقرّر ومفسّر ومغيّر ومبدّل، وذلك لأنّ البيان إمّا بالمنطوق أو غيره، الثاني بيان ضرورة وبالعقل أيضا، والأوّل إمّا أن يكون بيانا لمعنى الكلام أو اللازم له كالمدة، الثاني بيان تبديل ويسمّى بالنسخ أيضا، والأوّل إمّا أن يكون بلا تغيير أو مع تغيير، الثاني بيان تغيير كالاستثناء والشرط والصفة والغاية والتخصيص، والأول إمّا أن يكون معنى الكلام معلوما، لكن الثاني أكّده بما يقطع الاحتمال أو مجهولا كالمشترك والمجمل، الثاني بيان تفسير والأول بيان تقرير.
إن قيل الغاية أيضا بيان لمدّة فكيف يصح جعلها بيانا لمعنى الكلام لا للازمه؟. قلنا النسخ بيان لمدّة بقاء الحكم لا لشيء هو من مدلول الكلام ومراد به بخلاف الغاية، فإنّها لمدّة معنى هو مدلول الكلام حتى لا يتمّ بدون اعتباره مثل ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ، فلذا جعلت بيانا لمعنى الكلام دون مدّة بقاء الحكم المستفاد من الكلام. وبعضهم جعل الاستثناء بيان تغيير والتعليق بالشرط بيان تبديل ولم يجعل النسخ من أقسام البيان لأنّه رفع للحكم لا إظهار للحكم الحادث. قيل ولا يخفى أنه إن أريد بالبيان مجرّد إظهار المقصود فالنسخ بيان وكذا غيره من النصوص الواردة لبيان الأحكام ابتداء وإن أريد إظهار ما هو المراد من كلام سابق فليس ببيان. وينبغي أن يراد إظهار المراد بعد سبق كلام له تعلّق به في الجملة ليشتمل النسخ دون النصوص الواردة لبيان الأحكام ابتداء.
وبعضهم زاد قسما سادسا وقال البيان إمّا بلفظي أو غيره، وغير اللفظي كالفعل، واللفظي إمّا بمنطوقه أو لا إلخ. وبالجملة فبيان التقرير هو توكيد الكلام بما يقطع احتمال المجاز أو الخصوص كما في قوله تعالى وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ. وحرف في هاهنا بمعنى على كما في قوله تعالى قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ.
فالدّابّة لا تكون إلّا على الأرض لأنها مفسّرة بما يدبّ على الأرض، لكن يحتمل المجاز بالتخصيص بنوع منها لأنها نقلت أولا في ذوات أربع قوائم، ثم نقلت ثانيا فيما يركب عليه من الفرس والإبل والحمار والفيل، ثم نقلت ثالثا في الفرس خاصة. فلقطع هذا الاحتمال قال الله تعالى في الأرض ليفيد شمول جميع أجناسها وأنواعها وأصنافها وأفرادها. وكذلك جملة يطير بجناحيه فإنّ حقيقة الطّير أن لا يكون إلّا بالجناح، لكن يحتمل غيره كما يقال: المرء يطير بهمته، فزاد قوله يطير بجناحيه ليقطع احتمال التجوّز وليفيد العموم. وكما في قوله تعالى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ وبيان التفسير هو بيان ما فيه خفاء من المشترك والمجمل والمشكل والخفي، وكلاهما يصحّ موصولا ومفصولا. وبيان التغيير هو البيان لمعنى الكلام مع تغييره كالتعليق والاستثناء، ولا يصحّ إلّا موصولا. وبيان التبديل هو النسخ.
وبيان الضرورة هو بيان يقع بغير ما وضع للبيان إذ الموضوع له النطق، وهذا يقع بالسكوت الذي هو ضدّه. فمنه ما هو في حكم المنطوق به أي النطق يدلّ على حكم المسكوت عنه فكان بمنزلة المنطوق. ألا ترى أنّ ما ثبت بدلالة النّصّ له حكم المنطوق، وإن كان النصّ ساكتا عنه صورة لدلالته معنى، فكذا هاهنا كقوله تعالى وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ. فقوله وَوَرِثَهُ أَبَواهُ يوجب الشركة مطلقا. وقوله فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ يدلّ على أنّ الباقي للأب ضرورة ثبوت الشركة في الاستحقاق، فصار بيانا لنصيب الأب بصدر الكلام الموجب للشركة لا بمحض السكوت إذ لو بيّن نصيب الأم من غير إثبات الشركة لم يعرف نصيب الأب بالسكوت بوجه، فصار بدلالة صدر الكلام، كأنّه قيل فلأمه الثلث ولأبيه ما بقي، فحصل بالسكوت بيان المقدار.
ومنه ما يثبت بدلالة حال المتكلم الذي من شأنه التكلّم في الحادثة كالشّارع والمجتهد وصاحب الحادثة، فالمعنى ما ثبت بدلالة حال السّاكت كسكوت صاحب الشرع من تغيير أمر يعاينه يدلّ على حقيقته، وكذا السكوت في موضع الحاجة.
ومنه ما ثبت ضرورة دفع الغرور كالمولى يسكت حين رأى عبده يبيع ويشتري يكون إذنا دفعا للغرور عن الناس. قيل والأظهر أنّ هذا القسم مندرج في القسم الثاني، أعني ما ثبت بدلالة حال المتكلّم. ومنه ما ثبت بضرورة طول الكلام أو كثرته كقول الحنفية فيمن قال: له عليّ مائة ودرهم أو مائة وقفيز حنطة، أنّ العطف جعل بيانا للأول أي المائة بأنها دراهم أو قفيز حنطة. وإن شئت الزيادة على ما ذكرنا فارجع إلى كتب الأصول كالتوضيح والتلويح وشروح الحسامي.
والبيان عند الصرفيين يطلق على الإظهار أي فكّ الإدغام. وعند النّحاة يطلق على عطف البيان.
وعند أهل البيان اسم علم على ما سبق في بيان أقسام العلوم العربية في المقدّمة وصاحب هذا العلم يسمّى بيانيا، وكثير من الناس يسمّي علم المعاني والبيان والبديع علم البيان، والبعض يسمّي الأخيرين أي البيان والبديع فقط بعلم البيان كما في المطول.
البيان: المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير، كذا في الكشاف. وفي المفردات: الكشف وهو أعم من النطق لأن النطق باللسان، ويسمى ما يبين بيانا. والبيان ضربان: أحدهما بالتسخير وهي الأشياء الدالة على حال من الأحوال من آثار صنعة والثاني بالاختبار وذلك إما أن يكون نطقا أو كتابة أو إشارة. فالبيان بالحال نحو {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين} . وبالاختبار نحو {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} . وسمي الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره نحو {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاس} . وسمي ما يشرح المجمل والمبهم من الكلام بيانا نحو {إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} . ذكره الراغب. وفي شرح جمع الجوامع: البيان إخراج الشيء من حيز الــإشكال إلى حيز التجلي، وفي، محصول الشروع، البيان: إظهار المتكلم المراد للسامع، وهو بالإضافة خمسة: بيان التقرير: وهو توكيد الكلام بما يرفع احتمال المجاز، والتخصيص نحو {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} . فقرر معنى العموم في الملائكة بذكر الكل حتى صار لا يحتمل التخصيص. بيان التفسير: ما فيه خفاء من المشترك أو المشكل أو المجمل أو الخفي نحو {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} . فإن الصلاة مجمل فلحق البيان بالسنة، والزكاة مجمل في حق النصاب والقدر فلحق البيان بالسنة، بيان التغيير: وهو تغيير موجب الكلام نحو التعليق والاستثناء والتخصيص، بيان الضرورة: هو نوع بيان يقع بغير ما وضع له لضرورة إذ الموضوع له النطق وهذا يقع بالسكوت، بيان التبديل: وهو النسخ أي نسخ حكم شرعي بدليل شرعي متأخر.

الأول

(الأول) ضد الآخر (أَصله أوأل أَو ووأل) (ج) الْأَوَائِل والأوالي والأولون
الأوَّل: فرد لا يكون غيره من جنسه سابقاً عليه ولا مقارناً له. والوسط: ما هو بين المساويين وأيضاً الأول نقيض الآخر.
الأول: فرد لا يكون غيره من جنسه سابقا عليه ولا مقارنا له، ذكره ابن الكمال.
وقال الراغب. هو الذي يترتب عليه غيره ويستعمل على أوجه أحدهما المتقدم بالزمان نحون عبد الملك أولا ثم المنصور الثاني المتقدم بالرياسة بالشيء وكون غيره مجتذبا به نحو الأمير ثم الوزير، الثالث المتقدم بالوضع كقولنا للخارج من العراق القادسية أولا ثم قيد، الرابع المتقدم بالنظام الصناعي نحو الأساس أولا ثم البناء والأول في صفة الله الذي لم يسبقه شيء.
الأول:
[في الانكليزية] First ،prime number
[ في الفرنسية] Premier ،nombre premier
بالفتح وتشديد الواو نقيض الآخر. وأصله قيل أوأل على أفعل مهموز الأوسط فقلبت الهمزة واوا وأدغمت، يدل على ذلك قولهم وهذا أول منك والجمع الأوائل والأولى أيضا عل القلب والأولون أيضا. وقيل ووول على فوعل قلبت الواو الأولى همزة ولم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف كذا في الصراح. وفي كشف اللغات أوّل هو بالفارسية نخستين، وپيشين، ويجمع على أوائل، وهو في اصطلاح أهل السلوك: الأوّل:
هو اسم الله تعالى. ويقول في شرح المشارق:

الأول: هو موجود الوجود والآخر. والآخر هو مغني الوجود، وأيضا: الأول هو دائما والآخر دائما يكون انتهى. والأوّل عند المحاسبين هو العدد الذي لا يعده غير الواحد كالثلاثة والخمسة والسبعة وأحد عشر، ويقابله المركب وكون العدد هكذا يسمّى أولية، وسيأتي في لفظ التركيب ولفظ العدد. وقيل الأول إمّا زوج كالإثنين أو فرد كالثلاثة.
(الأول) أَن تكون للردع والزجر وَهُوَ الْغَالِب فِي اسْتِعْمَالهَا كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون قَالَ كلا إِن معي رَبِّي سيهدين} مَعْنَاهُ انْتَهوا عَن هَذَا القَوْل
الثَّانِي أَن تكون للرَّدّ وَالنَّفْي فَترد شَيْئا وَتثبت شَيْئا آخر يَقُول الْمَرِيض الَّذِي لم يعْمل بنصح طبيبه شربت مَاء فَيَقُول الطَّبِيب كأو يَقُول لَا بل شربت لَبَنًا وأكلت خبْزًا مَعْنَاهُ مَا شربت مَاء وَلَكِن شربت لَبَنًا أَو أكلت خبْزًا
الثَّالِث أَن تكون بِمَعْنى أَلا الَّتِي يستفتح بهَا الْكَلَام للتّنْبِيه كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} إِذْ لم يسبقها فِي القَوْل مَا يَقْتَضِي الزّجر أَو النَّفْي
الرَّابِع أَن تَجِيء جَوَابا بِمَعْنى حَقًا وَتَكون مَعَ الْقسم كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَمَا هِيَ إِلَّا ذكرى للبشر كلا وَالْقَمَر} مَعْنَاهُ حَقًا وَالْقَمَر
الأول: فَرد لَا يكون غَيره من جنسه سَابِقًا عَلَيْهِ وَلَا مُقَارنًا لَهُ. وَفِي التَّلْوِيح أَنه أفعل التَّفْضِيل بِدَلِيل الأولى والأوائل كالفضلى والفضائل. وَاعْلَم أَن كَونه اسْم التَّفْضِيل مَذْهَب جُمْهُور الْبَصرِيين حَيْثُ ذَهَبُوا إِلَى أَنه أفعل التَّفْضِيل من (وول) وَالْقِيَاس فِي تأنيثه وَولى كفضلى لكِنهمْ قلبوا الْوَاو الأول همزَة. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ فوعل من وؤل نقلت الْهمزَة إِلَى مَوضِع الْفَاء وتصريفه كتصريف أفعل التَّفْضِيل واستعماله بِمن مُبْطل لهَذَا القَوْل. فَإِن قلت إِن أَولا لما كَانَ اسْم التَّفْضِيل فَيكون فِيهِ عِلَّتَانِ الوصفية وَوزن الْفِعْل فَمَا وَجه تنوينه فِي بعض استعمالاتهم قُلْنَا إِذا لم ينون فَلَا إِشْكَال وَأما إِذا نون فوجهه أَنه هُنَاكَ ظرف بِمَعْنى قبل فَيكون منصرفا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا وَصفِيَّة فِيهِ أصلا. وَهَذَا مُرَاد مَا قَالَ فِي الصِّحَاح إِذا جعلته صفة لم تصرفه تَقول لَقيته عَاما أول. وَإِذا لم تَجْعَلهُ صفة صرفته تَقول لَقيته عَاما أَولا. وَالْفرق بَين المثالي إِمَّا لفظا فَلِأَنَّهُ فِي الْمِثَال الأول صفة الْعَام. وَفِي الْمِثَال الثَّانِي بدل مِنْهُ ظرف مَحْض مُتَعَلق بلقيته. وَإِمَّا معنى فَلِأَن معنى الْمِثَال الأول لَقيته عَاما أول من هَذَا الْعَام أَي عَاما قبيل هَذَا الْعَام الَّذِي نَحن فِيهِ بِأَن يكون هَذَا الْعَام عَام ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة عَلَيْهِ أفضل الصَّلَوَات والتحيات. وَالْعَام الأول عَام سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف لَا غير. وَمعنى الْمِثَال الثَّانِي لَقيته عَاما سَابِقًا فِي الْجُمْلَة على هَذَا الْعَام بِأَن يكون فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة عَام سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف مثلا. وَيحْتَمل أَن يكون فَوْقه وَفَوق فَوْقه وَهَكَذَا بِأَن يكون عَام سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف مثلا هَكَذَا قيل فِي الْفرق. وَالظَّاهِر أَن الْفرق بَين الْمَعْنيين لَيْسَ إِلَّا بِأَنَّهُ يعْتَبر فِي الْمِثَال الأول فِي هَذَا الْعَام سبقه على الْعَام الْقَابِل وَفِي الْعَام الأول سبقه على الْعَام الْقَابِل وعَلى هَذَا الْعَام أَيْضا. فسبقه زَائِد على سبق هَذَا الْعَام. وَفِي الْمِثَال الثَّانِي لَا يعْتَبر سبق هَذَا الْعَام على الْقَابِل كَذَا ذكر الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَوَاشِيه على التَّلْوِيح.

الإضافة

الإضافة: هي النسبة العارضةُ للشيء بالقياس إلى نسبة أخرى كالأبوة والبنوَّة.
الإضافة: ضم شيء إلى شيء ومنه الإضافة في اصطلاح النحاة، لأن الأول منضم للثاني ليكتسب منه التعريف أو التخصيص، فالإضافة تكون للملك ك غلام زيد، والاختصاص ك حصير المسجد، ومجازية ك دار زيد لما يسكنه بالأجرة لا بالملك.
الإضافة:
[في الانكليزية] Relation
[ في الفرنسية] Relation
هي عند النحاة نسبة شيء إلى شيء بواسطة حرف الجرّ لفظا أو تقديرا مرادا.
والشيء يعمّ الفعل والاسم، والشيء المنسوب يسمّى مضافا والمنسوب إليه مضافا إليه. وقيد بواسطة حرف الجرّ احتراز عن مثل الفاعل والمفعول نحو: ضرب زيد عمروا فإنّ ضرب نسب إليهما لكن لا بواسطة حرف الجر.

واللفظ بمعنى الملفوظ، مثاله: مررت بزيد، فإنّ مررت مضاف وزيد مضاف إليه، والتقدير بمعنى المقدر مثاله غلام زيد، فإنّ الغلام مضاف بتقدير حرف الجر إلى زيد إذ تقديره: غلام لزيد. وقولنا مرادا حال، أي حال كون ذلك التقدير أي المقدّر مرادا من حيث العمل بإبقاء أثره وهو الجرّ، فخرج منه: قمت يوم الجمعة فإنه وإن نسب إليه قمت بالحرف المقدّر وهو في، لكنه غير مراد، إذ لو أريد لانجر، وكذا ضربته تأديبا. وهذا مبني على مذهب سيبويه.
والمصطلح المشهور فيما بينهم أن الإضافة نسبة شيء إلى شيء بواسطة حرف الجر تقديرا، وبهذا المعنى عدّت في خواص الاسم. وشرط الإضافة بتقدير الحرف أن يكون المضاف اسما مجرّدا عن التنوين، وهذه قسمان: معنوية أي مفيدة معنى في المضاف تعريفا إذا كان المضاف إليه معرفة، أو تخصيصا إذا كان نكرة، وتسمّى إضافة محضة أيضا، وعلامتها أن يكون المضاف غير صفة مضافة إلى معمولها، سواء كان ذلك المعمول فاعلها أو مفعولها قبل الإضافة كغلام زيد وكريم البلد، وهي بحكم الاستقراء إمّا بمعنى اللام فيما عدا جنس المضاف إليه وظرفه، نحو: غلام زيد، وإمّا بمعنى من، في جنس المضاف نحو: خاتم فضة، وإمّا بمعنى في، في ظرفه، نحو: ضرب اليوم. وإضافة العام من وجه إلى الخاص من وجه إضافة بيانية بتقدير من، كخاتم فضة، وإضافة العام مطلقا إلى الخاص مطلقا إضافة بيانية أيضا، إلّا أنّه بمعنى اللام عند الجمهور وبمعنى من عند صاحب الكشاف كشجر الأراك. ولفظية أي مفيدة للخفة في اللفظ وتسمّى غير محضة أيضا، وعلامتها أن يكون المضاف صفة مضافة إلى معمولها، مثل ضارب زيد وحسن الوجه، وحرفها ما هو ملائمها، أي ما يتعدّى به أصل الفعل المشتق منه المضاف نحو: راغب زيد، فإنه مقدّر بإلى أي راغب إلى زيد إذا جعلت إضافته إلى المفعول، وليست منها إضافة المصدر إلى معموله خلافا لابن برهان، وكذا إضافة اسم التفضيل ليست منها خلافا للبعض.
اعلم أنّ القول بتقدير حرف الجر في الإضافة اللفظية هو المصرّح به في كلام ابن الحاجب، لكن القوم ليسوا قائلين بتقدير الحرف في اللفظية، فعلى هذا، تعريف الإضافة لا يشتملها. ففي تقسيم الإضافة بتقدير الحرف إلى اللفظية والمعنوية خدشة، وقد تكلّف البعض في إضافة الصّفة إلى مفعولها مثل: ضارب زيد بتقدير اللام تقوية للعمل، أي ضارب لزيد، وفي إضافتها إلى فاعلها مثل: الحسن الوجه بتقدير من البيانية، فإنّ ذكر الوجه في قولنا جاءني زيد الحسن الوجه بمنزلة التمييز، فإن في إسناد الحسن إلى زيد إبهاما فإنه لا يعلم أنّ أي شيء منه حسن، فإذا ذكر الوجه فكأنّه قال: من حيث الوجه، هكذا يستفاد من الكافية وشروحه والإرشاد والوافي.
وعند الحكماء يطلق بالاشتراك على ثلاثة معان: الأول النسبة المتكررة أي نسبة تعقل بالقياس إلى نسبة أخرى معقولة أيضا بالقياس إلى الأولى، كالأبوّة فإنها تعقل بالقياس إلى البنوّة، وأنها أي البنوّة أيضا نسبة تعقل بالقياس إلى الأبوّة، وهي بهذا المعنى تعدّ من المقولات من أقسام مطلق النسبة، فهي أخص منها أي من مطلق النسبة، فإذا نسبنا المكان إلى ذات المتمكّن مثلا حصل للمتمكن باعتبار الحصول فيه هيئة هي الأين، وإذا نسبناه إلى المتمكّن باعتبار كونه ذا مكان كان الحاصل إضافة لأنّ لفظ المكان يتضمّن نسبة معقولة بالقياس إلى نسبة أخرى هي كون الشيء ذا مكان، أي متمكنا فيه، فالمكانية والمتمكّنية من مقولة الإضافة، وحصول الشيء في المكان نسبة معقولة بين ذات الشيء والمكان لا نسبة معقولة بالقياس إلى نسبة أخرى، فليس من هذه المقولة، فاتضح الفرق بين الإضافة ومطلق النسبة، وتسمى الإضافة بهذا المعنى مضافا حقيقيا أيضا. والثاني المعروض لهذا العارض كذات الأب المعروضة للأبوّة. والثالث المعروض مع العارض، وهذان يسمّيان مضافا مشهوريا أيضا. فلفظ الإضافة كلفظ المضاف يطلق عل ثلاثة معان: العارض وحده والمعروض وحده والمجموع المركّب منهما، كذا في شرح المواقف، لكن في شرح حكمة العين أن المضاف المشهوري هو المجموع المركب، حيث قال: والمضاف يطلق بالاشتراك على نفس الإضافة كالأبوّة والبنوّة، وهو الحقيقي، وعلى المركب منها ومن معروضها وهو المضاف المشهوري كالأب والابن، وعلى المعروض وحده انتهى. قال السيّد السّند في حاشيته: الظاهر أن إطلاق المضاف على المعروض من حيث أنه معروض لا من حيث ذاته مع قطع النظر عن المعروضية، لا يقال فما الفرق بينه وبين المشهوري لأنا نقول: العارض مأخوذ هاهنا بطريق العروض وهناك بطريق الجزئية.
فإن قلت الأب هو الذات المتّصفة بالأبوّة لا الذات والأبوّة معا، وإلّا لم يصدق عليه الحيوان. قلت المضاف المشهوري هو مفهوم الأب لا ما صدق عليه، والأبوّة داخلة في المفهوم، وإن كانت خارجة عمّا صدق عليه.
والتفصيل أن الأبوّة مثلا يطلق عليها المضاف لا لأنها نفس مفهومه بل لأنها فرد من أفراده، فله مفهوم كلّي يصدق على هذه الإضافات ولذا اعتبرت الأبوة مع الذات المتصفة بها مطلقة أو معيّنة، ويحصل مفهوم مشتمل على الإضافة الحقيقية، وعيّن بإزائه لفظ الأب أطلق المضاف عليه لا لأنها مفهومه، بل لأنه فرد من أفراد مفهومه، فله معنى كلّي شامل لهذه المفهومات المشتملة على الإضافات الحقيقية. ثم إذا اعتبر معروض الإضافات على الإطلاق من حيث هي معروضات وعيّن لفظ بإزائه حصل له مفهوم ثالث مشتمل على المعروض والعارض على الإطلاق لا يصدق على الأبوة ولا على مفهوم الأب بل على الذات المتّصفة بها فكما أنّ مفهوم الأب مع تركبه من العارض والمعروض لا يصدق إلّا على المعروض من حيث هو معروض فكذلك المفهوم الثالث للمضاف، وإن كان مركّبا من العارض والمعروض على الإطلاق لا يصدق إلّا على المعروض من حيث هو معروض، فقد ثبت أنّ المضاف يطلق على ثلاثة معان وارتفع الــإشكال انتهى.
تنبيه
قولهم المضاف ما تعقل ماهيته بالقياس إلى الغير لا يراد به أنه يلزم من تعقّله تعقّل الغير إذ حينئذ تدخل جميع الماهيات البيّنة اللوازم في تعريف المضاف، بل يراد به أن يكون من حقيقته تعقّل الغير فلا يتم إلّا بتعقل الغير، أي هو في حدّ نفسه بحيث لا يتم تعقّل ماهيته إلّا بتعقّل أمر خارج عنها. وإذا قيد ذلك الغير بكونه نسبة يخرج سائر النسب وبقي التعريف متناولا للمضاف الحقيقي وأحد القسمين من المشهوري، أعني المركّب. وأمّا القسم الآخر منه أعني المعروض وحده فليس لهم غرض يتعلّق به في مباحث الإضافة، ولو أريد تخصيصه بالحقيقي قيل ما لا مفهوم له إلّا معقولا بالقياس إلى الغير على الوجه الذي سبق، فإنّ المركب مشتمل على شيء آخر كالإنسان مثلا.
التقسيم
للإضافة تقسيمات. الأول الإضافة إمّا أن تتوافق من الطرفين كالجوار والأخوّة، وإمّا أن تتخالف كالابن والأب، والمتخالف إمّا محدود كالضّعف والنّصف أو لا كالأقل والأكثر.
والثاني إنّه قد تكون الإضافة بصفة حقيقية موجودة إمّا في المضافين كالعشق فإنه لإدراك العاشق وجمال المعشوق، وكلّ واحد من العاشقية والمعشوقية إنّما يثبت في محلها بواسطة صفة موجودة فيه، وإمّا في أحدهما فقط كالعالمية فإنها بصفة موجودة في العالم وهو العلم دون المعلوم، فإنه متصف بالمعلومية من غير أن تكون له صفة موجودة تقتضي اتصافه به، وقد لا تكون بصفة حقيقية أصلا كاليمين واليسار إذ ليس للمتيامن صفة حقيقية بها صار متيامنا، وكذا المتياسر. والثالث قال ابن سينا:
تكاد تكون الإضافات منحصرة في أقسام المعادلة والتي بالزيادة والتي بالفعل والانفعال ومصدرهما من القوة والتي بالمحاكاة، فأمّا التي بالمعادلة فكالمجاورة والمشابهة والمماثلة والمساواة، وأمّا التي بالزيادة فإمّا من الكمّ وهو الظاهر، وإمّا من القوة فكالغالب والقاهر والمانع، وأمّا التي بالفعل والانفعال فكالأب والابن والقاطع والمنقطع. وأمّا التي بالمحاكاة فكالعلم والمعلوم والحس والمحسوس، فإنّ العقل يحاكي هيئة المعلوم والحس يحاكي هيئة المحسوس. والرابع الإضافة قد تعرض المقولات كلها، بل الواجب تعالى أيضا كالأول، فالجوهر كالأب والابن، والكمّ كالصغير والكبير، والكيف كالأحرّ والأبرد، والمضاف كالأقرب والأبعد، والأين كالأعلى والأسفل، ومتى كالإقدام، والإحداث، والوضع كالأشد انحناء أو انتصابا، والملك كالأكسى والأعرى، والفعل كالأقطع، والانفعال كالأشدّ تسخّنا.
فائدة:
قد يكون لها من الطرفين اسم مفرد مخصوص كالأبوّة والبنوّة أو من أحدهما فقط كالمبدئية أو لا يكون لها اسم مخصوص لشيء من طرفيها كالأخوة.
فائدة:
قد يوضع لها ولموضوعها معا اسم فيدلّ ذلك الاسم على الإضافة بالتضمّن سواء كان مشتقا كالعالم أو غير مشتق كالجناح، وزيادة توضيح المباحث في شرح المواقف.

الاستعارة

الاستعارة: ادعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه مع طرح ذكر المشبه من البين، نحو لقيت أسدا يعني رجلا شجاعا، ثم إن ذكر المشبه به مع قرينه سمي استعارة تصريحية وتحقيقية كلقيت أسدا في الحمام.
الاستعارة:
[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore

في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:

أحدها: استعارة حقيقية، والثاني: مجازية.
فالاستعارة الحقيقية هي أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وهما نوعان:
ترشيح وتجريد. فالترشيح هو أن يكون المستعار والمستعار منه ثابتين ومعلومين، وأن تراعى فيها لوازم الجانبين. ومثاله:
يا ملك البلغاء إن تجرّد سيف لسانك نلت وطرك وفتحت العالم فالسيف مستعار واللسان مستعار منه، وقد راعى اللوازم للسيف واللسان. وأمّا التجريد فهو أن يراعي جانبا واحدا من اللوازم وأن يكون أحد الموجودات من الأعيان والثاني من الأعراض. ومثاله: من ذلك السكّر الشفهي الذي هو غير مأكول، نأكل في كل لحظة سمّ الغصة.
فالسكر مستعار والشفه مستعار منه. فهنا راعى جانب السكر، والغصة ليست من الأعيان فتؤكل ولم يراع الغصة.
وأمّا المجاز فهو أن يكون كلّ من المشبّه والمشبّه به من الأعراض، يعني أن يكون محسوسا بأحد الحواسّ الظاهرة أو من المتصوّرة أي محسوسا بالحواس الباطنة. أو يكون أحدها عرضا والثاني متصوّرا. ومثاله: حيثما يوجد أحد في الدنيا سأقتله كي لا يرد كلام العشق على لسان أحد. فالكلام عرض والعشق هو من الأشياء التي تصوّر في الذهن. وكلاهما أي الكلام والعشق من المتصوّرات التي لا وجود مادي لها في الخارج.
واعلم أنّ كلّ ما ذكرناه هاهنا عن الحقيقة والمجاز هو على اصطلاح الفرس، وقد أورده مولانا فخر الدين قواس في كتابه. وهذا أيضا مخالف لأهل العربية. كذا في جامع الصنائع. والاستعارة عند الفقهاء والأصوليين عبارة عن مطلق المجاز بمعنى المرادف له. وفي اصطلاح علماء البيان عبارة عن نوع من المجاز، كذا في كشف البزدوي وچلپي المطول. وذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي في تفسير قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ الآية الاستعارة تستعمل بمعنى المجاز مطلقا، وبمعنى مجاز علاقته المشابهة، مفردا كان أو مركّبا، وقد تخصّ بالمفرد منه وتقابل بالتمثيل حينئذ كما في مواضع كثيرة من الكشاف. والتمثيل وإن كان مطلق التشبيه غلب على الاستعارة المركّبة، ولا مشاحّة في الاصطلاح انتهى كلامه. والقول بتخصّص الاستعارة بالمفرد قول الشيخ عبد القاهر وجار الله. وأمّا على مذهب السكّاكي فالاستعارة تشتمل التمثيل ويقال للتمثيل استعارة تمثيلية، كذا ذكر مولانا عصام الدين في حاشية البيضاوي. وسيأتي في لفظ المجاز ما يتعلّق بذلك.

قال أهل البيان: المجاز إن كانت العلاقة فيه غير المشابهة فمجاز مرسل وإلّا فاستعارة.
فالاستعارة على هذا هو اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي أي الحقيقي، ولما سبق في تعريف الحقيقة اللغوية أن استعمال اللفظ لا يكون إلّا بإرادة المعنى منه، فإذا أطلق نحو المشفر على شفة الإنسان وأريد تشبيهها بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة، وإن أريد أنّه إطلاق المقيّد على المطلق كإطلاق المرسن على الأنف من غير قصد إلى التشبيه فمجاز مرسل، فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد يجوز أن يكون استعارة وأن يكون مجازا مرسلا باعتبارين، ولا يخفى أنك إذا قلت: رأيت مشفر زيد، وقصدت الاستعارة، وليس مشفره غليظا، فهو حكم كاذب، بخلاف ما إذا كان مجازا مرسلا. وكثيرا ما يطلق الاستعارة على فعل المتكلّم أعني استعمال اسم المشبّه به في المشبّه. والمراد بالاسم ما يقابل المسمّى أعني اللفظ لا ما يقابل الفعل والحرف. فالاستعارة تكون بمعنى المصدر فيصحّ منه الاشتقاق، فالمتكلّم مستعير واللفظ المشبّه به مستعار، والمعنى المشبّه به مستعار منه، والمعنى المشبّه مستعار له، هكذا في الأطول وأكثر كتب هذا الفن.
وزاد صاحب كشف البزدوي ما يقع به الاستعارة وهو الاتصال بين المحلّين لكن في الاتقان أركان الاستعارة ثلاثة: مستعار وهو اللفظ المشبّه به، ومستعار منه وهو اللفظ المشبّه، ومستعار له وهو المعنى الجامع. وفي بعض الرسائل المستعار منه في الاستعارة بالكناية هو المشبّه على مذهب السكاكي انتهى.
ثم قال صاحب الاتقان بعد تعريف الاستعارة بما سبق، قال بعضهم: حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها، وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذي ليس بجليّ، أو حصول المبالغة أو المجموع. مثال إظهار الخفي: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ فإنّ حقيقته وإنّه في أصل الكتاب فاستعير لفظ الأم للأصل لأن الأولاد تنشأ من الأم كما تنشأ الفروع من الأصول، وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيا فينتقل السامع من حدّ السّماع إلى حدّ العيان، وذلك أبلغ في البيان. ومثال إيضاح ما ليس بجليّ ليصير جليّا: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ فإن المراد منه أمر الولد بالذلّ لوالديه رحمة فاستعير للذّلّ أولا جانب ثم للجانب جناح، أي اخفض جانب الذلّ أي اخفض جانبك ذلّا؛ وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيا لأجل حسن البيان.
ولمّا كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقى الولد من الذلّ لهما والاستكانة متمكنا، احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى، فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب، لأن من يميل جانبه إلى جهة السّفل أدنى ميل صدق عليه أنّه خفض جانبه، والمراد خفض يلصق الجنب بالأرض ولا يحصل ذلك إلّا بذكر الجناح كالطائر. ومثال المبالغة: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أي فجّرنا عيون الأرض، ولو عبّر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونا. انتهى.

فائدة:
اختلفوا في الاستعارة أهي مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنها مجاز لغوي لكونها موضوعة للمشبّه به لا للمشبّه ولا لأعمّ منهما.
وقيل إنها مجاز عقلي لا بمعنى إسناد الفعل أو معناه إلى ما هو له بتأوّل، بل بمعنى أنّ التصرّف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لم تطلق على المشبّه إلّا بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به فكان استعمالها فيما وضعت له، لأن مجرد نقل الاسم لو كان استعارة لكانت الأعلام المنقولة كيزيد ويشكر استعارة، وردّ بأن الادعاء لا يقتضي أن تكون مستعملة فيما وضعت له للعلم الضروري بأن الأسد مثلا موضوع للسبع المخصوص، وفي صورة الاستعارة مستعمل في الرجل الشجاع، وتحقيق ذلك أنّ ادعاء دخوله في جنس المشبّه به مبني على أنه جعل أفراد الأسد بطريق التأويل قسمين: أحدهما المتعارف وهو الذي له غاية الجرأة ونهاية القوّة في مثل تلك الجثة وتلك الأنياب والمخالب إلى غير ذلك. والثاني غير المتعارف وهو الذي له تلك الجرأة وتلك القوة، لكن لا في تلك الجثة والهيكل المخصوص، ولفظ الأسد إنما هو موضوع للمتعارف، فاستعماله في غير المتعارف استعمال في غير ما وضع له، كذا في المطول.

وقال صاحب الأطول: ويمكن أن يقال: إذا قلت: رأيت أسدا وحكمت برؤية رجل شجاع يمكن فيه طريقان: أحدهما أن يجعل الأسد مستعارا لمفهوم الرجل الشجاع، والثاني أن يستعمل فيما وضع له الأسد ويجعل مفهوم الأسد آلة لملاحظة الرجل الشجاع، ويعتبر تجوّزا عقليا في التركيب التقييدي الحاصل من جعل مفهوم الأسد عنوانا للرجل الشجاع، فيكون التركيب بين الرجل الشجاع ومفهوم الأسد مبنيا على التجوّز العقلي، فلا يكون هناك مجاز لغوي. ألا ترى أنه لا تجوّز لغة في قولنا: لي نهار صائم فقد حقّ القول بأنه مجاز عقلي ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

فائدة:
الاستعارة تفارق الكذب بوجهين: بالبناء على التأويل، وبنصب القرينة على إرادة خلاف الظاهر.
التقسيم
للاستعارة تقسيمات باعتبارات: الأول باعتبار الطرفين أي المستعار منه والمستعار له إلى وفاقية وعنادية، لأن اجتماع الطرفين في شيء إمّا ممكن وتسمّى وفاقية لما بين الطرفين من الموافقة نحو أحييناه في قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ أي ضالّا فهديناه، استعار الإحياء من معناه الحقيقي وهو جعل الشيء حيّا للهداية التي هي الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب؛ والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما في شيء. وإمّا ممتنع وتسمّى عنادية لتعاند الطرفين كاستعارة الميّت في الآية للضالّ إذ لا يجتمع الموت مع الضلال. ومنها أي من العنادية التهكّمية والتمليحية، وهما الاستعارة التي استعملت في ضدّ معناها الحقيقي أو نقيضه تنزيلا للتضادّ والتناقض منزلة التناسب بواسطة تمليح أو تهكّم نحو: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي أنذرهم، استعيرت البشارة التي هي الإخبار بما يظهر سرورا في المخبر به للإنذار الذي هو ضدّها بإدخال الإنذار في جنس البشارة على سبيل التهكّم، وكذا قولك: رأيت أسدا وأنت تريد جبانا على سبيل التمليح والظرافة. والاستهزاء الثاني باعتبار الجامع إلى قسمين لأن الجامع إمّا غير داخل في مفهوم الطرفين كما في استعارة الأسد للرجل الشجاع، فإن الشجاعة خارجة عن مفهوم الطرفين، وإمّا داخل في مفهوم الطرفين نحو قوله عليه السلام:
«خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه كلّما سمع هيعة طار إليها، أو رجل في شعفة في غنيمة له يعبد الله حتى يأتيه الموت». الهيعة الصوت المهيب، والشّعفة رأس الجبل. والمعنى خير الناس رجل أخذ بعنان فرسه واستعدّ للجهاد، أو رجل اعتزل الناس وسكن في رأس جبل في غنم له قليل يرعاها ويكتفي بها في أمر معاشه ويعبد الله حتى يأتيه الموت. استعار الطّيران للعدو والجامع وهو قطع المسافة بسرعة داخل في مفهومهما. وأيضا باعتبار الجامع إمّا عامّية وهي المبتذلة لظهور الجامع فيها نحو: رأيت أسدا يرمي، أو خاصيّة وهي الغريبة أي البعيدة عن العامة. والغرابة قد تحصل في نفس الشّبه كما في قول يزيد بن مسلمة يصف فرسا بأنّه مؤدّب وأنّه إذا نزل عنه صاحبه وألقى عنانه في قربوس سرجه أي مقدّم سرجه وقف على مكانه حتى يعود إليه. قال الشاعر:
واذا احتبى قربوسه بعنانه علك الشكيم إلى انصراف الزائر علك أي مضغ والشكيم اللّجام، وأراد بالزائر نفسه، فاستعار الاحتباء وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره لوقوع العنان في قربوس السّرج، فصارت الاستعارة غريبة لغرابة التشبيه. وقد تحصل الغرابة بتصرّف في العامّية نحو قوله:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطيّ الأباطح والأباطح جمع أبطح وهو مسيل الماء فيه دقاق الحصى، أي أخذت المطايا في سرعة المضي. استعار سيلان السيول الواقعة في الأباطح لسير الإبل سيرا سريعا في غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة، والتشبيه فيها ظاهر عامي، وهو السرعة لكن قد تصرف فيه بما أفاده اللطف والغرابة، إذ أسند سالت إلى الأباطح دون المطيّ وأعناقها حتى أفاد أنه امتلأت الأباطح من الإبل، وأدخل الأعناق في السير حيث جعلت الأباطح سائلة مع الأعناق، فجعل الأعناق سائرة إشارة إلى أنّ سرعة سير الإبل وبطؤه إنما يظهران غالبا في الأعناق.
الثالث باعتبار الثلاثة، أي المستعار منه والمستعار له والجامع إلى خمسة أقسام:
الأول استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً فالمستعار منه هو النار، والمستعار له هو الشيب، والوجه أي الجامع هو الانبساط الذي هو في النار أقوى، والجميع حسّي، والقرينة هو الاشتعال الذي هو من خواص النار، وهو أبلغ مما لو قيل: اشتعل شيب الرأس لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس.
والثاني استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي، نحو: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فالمستعار منه السّلخ الذي هو كشط الجلد عن نحو الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسّيان، والجامع ما يعقل من ترتّب أمر على آخر، كترتّب ظهور اللحم على الكسط وترتّب ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل، والترتّب أمر عقلي؛ قال ابن أبي الإصبع: هي ألطف من الأولى.
والثالث استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي؛ قال ابن ابي الإصبع: هي ألطف الاستعارات نحو: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فإن المستعار منه الرقاد أي النوم والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل، والكلّ عقلي.
الرابع استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي نحو: مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ استعير المسّ وهو صفة في الأجسام وهو محسوس لمقاساة الشّدّة، والجامع اللحوق، وهما عقليان.
الخامس استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي نحو: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ المستعار منه التكبّر وهو عقلي والمستعار له كثرة الماء وهو حسّي، والجامع الاستعلاء وهو عقلي أيضا. هذا هو الموافق لما ذكره السكاكي، وزاد الخطيب قسما سادسا وهو استعارة محسوس لمحسوس والجامع مختلف بعضه حسّي وبعضه عقلي، كقولك رأيت شمسا وأنت تريد إنسانا كالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن، فحسن الطلعة حسّي ونباهة الشأن عقلية ومعنى الحسّي والعقلي قد مرّ في التشبيه الرابع باعتبار اللفظ إلى قسمين لأن اللفظ المستعار إن كان اسم جنس فاستعارة أصلية كأسد وقتل للشجاع والضرب الشديد، وإلّا فاستعارة تبعية كالفعل والمشتقّات وسائر الحروف.
والمراد باسم الجنس ما دلّ على نفس الذّات الصالحة لأن تصدق على كثيرين من غير اعتبار وصف من الأوصاف، والمراد بالذات ما يستقلّ بالمفهومية. وقولنا من غير اعتبار وصف أي من غير اعتبار وصف متعلّق بهذا الذات فلا يتوهّم الــإشكال بأنّ الفعل وصف وهو ملحوظ فدخل علم الجنس في حدّ اسم الجنس، وخرج العلم الشخصي والصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة. ثم المراد باسم الجنس أعمّ من الحقيقي، والحكمي أي المتأوّل باسم الجنس نحو حاتم فإن الاستعارة فيه أصلية، وفيه نظر لأن الحاتم مأوّل بالمتناهي في الجود فيكون متأوّلا بصفة، وقد استعير من مفهوم المتناهي في الجود لمن له كمال جود فيكون ملحقا بالتبعية دون الأصلية. وأجيب بأنّ مفهوم الحاتم وإن تضمّن نوع وصفية لكنه لم يصر به كليّا بل اشتهر ذاته المشخصة بوصف من الأوصاف خارج عن مدلوله كاشتهار الأجناس بأوصافها الخارجة عن مفهوماتها بخلاف الأسماء المشتقّة فإن المعاني المصدرية المعتبرة فيها داخلة في مفهوماتها الأصلية فلذلك كانت الأعلام المشتهرة بنوع وصفية ملحقة بأسماء الأجناس دون الصفات.
والحاصل أنّ اسم الجنس يدلّ على ذات صالحة للموصوفية مشتهرة بمعنى يصلح أن يكون وجه الشبه، وكذا العلم إذا اشتهر بمعنى، فالاستعارة فيهما أصلية والأفعال والحروف لا تصلح للموصوفية وكذا المشتقات.
وإنما كانت استعارة الفعل وما يشتق منه والحرف تبعية لأنّ الفعل والمشتقات موضوعة بوضعين: وضع المادة والهيئة فإذا كان في استعاراتها لا تتغير معاني الهيئات فلا وجه لاستعارة الهيئة، فالاستعارة فيها إنما هي باعتبار موادّها، فيستعار مصدرها ليستعار موادّها تبعية استعارة المصدر، وكذا إذا استعير الفعل باعتبار الزمان كما يعبر عن المستقبل بالماضي تكون تبعية لتشبيه الضّرب في المستقبل مثلا بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع، فيستعار له ضرب، فاستعارة الهيئة ليست بتبعية استعارة المصدر، بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء، وكذا الحروف، فإن الاستعارة فيها تجري أولا في متعلق معناها وهو هاهنا ما يعبّر عنها به عند تفسير معانيها، كقولنا: من معناه الابتداء وإلى معناه الانتهاء نحو: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً شبّه ترتّب العداوة والحزن على الالتقاط بترتّب علته الغائية عليه، ثم استعير في المشبه اللّام الموضوعة للمشبّه به فيكون الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور.
ثم اعلم أنّ الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما أن يشبّه الضرب الشديد مثلا بالقتل ويستعار له اسمه ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، والثاني أن يشبّه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلا في تحقق الوقوع فيستعمل فيه ضرب فيكون المعنى المصدري أعني الضرب موجودا في كلّ من المشبّه والمشبّه به، لكنه قيّد في كل واحد منهما بقيد مغاير للآخر فصحّ التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق الشريف. لكن ذكر العلامة عضد الملة والدين في الفوائد الغياثية أنّ الفعل يدلّ على النسبة ويستدعي حدثا وزمانا، والاستعارة متصوّرة في كلّ واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهزم الأمير الجند، وفي الزمان كنادى أصحاب الجنّة، وفي الحدث نحو فبشّرهم بعذاب أليم، انتهى؛ وذلك لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية نحو اضرب وهي مشتهرة بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، وقد يوضع للنسبة الإخبارية وهي مشتهرة بالمطابقة واللامطابقة، ويستعار الفعل من أحدهما للآخر كاستعارة رحمه الله لا رحمه، واستعارة فليتبوّأ في قوله عليه السلام «من تبوّأ عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده على النار» للنسبة الاستقبالية الخبرية فإنه بمعنى يتبوّأ مقعده من النار، صرّح به في شرح الحديث، وردّه صاحب الأطول بأنّ النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه الفعل بل يستعار من معناه نفس المصدر ويشتق منه الفعل، ولا يمكن مثله في النسبة، فالحقّ عدم جريانها في النسبة كما قاله السيد السّند.

فائدة:
قال الفاضل الچلپي: القوم إنما تعرّضوا للاستعارة التبعية المصرّحة، والظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنيّة كما في قولك: أعجبني الضارب دم زيد، ولعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء.

فائدة:
لم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي والتبعي على قياس الاستعارة لكن ربما يشعر بذلك كلامهم. قال في المفتاح: ومن أمثلة المجاز قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ استعمل قرأت مكان أردت القراءة لكون القراءة مسبّبة من إرادتها استعمالا مجازيا، يعني استعمال المشتقّ بتبعية المشتقّ منه، كذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.
الخامس باعتبار المقارنة بما يلائم شيئا من الطرفين وعدمها إلى ثلاثة أقسام: أحدها المطلقة وهي ما لم يقترن بصفة ولا تفريع مما يلائم المستعار له أو المستعار منه، نحو عندي أسد، والمراد بالاقتران بما يلائم الاقتران بما يلائم مما سوى القرينة، وإلّا فالقرينة مما يلائم المستعار له، فلا يوجد استعارة مطلقة، والمراد بالصفة المعنويّة لا النعت النحوي، والمراد بالتفريع ما يكون إيراده فرع الاستعارة سواء ذكر على صورة التفريع وهو تصديره بالفاء أو لا، وثانيها المجرّدة وهي ما قرن بما يلائم المستعار له، وينبغي أن يقيّد ما يلائم المستعار له بأن لا يكون فيه تبعيد الكلام عن الاستعارة وتزييف لدعوى الاتحاد إذ ذكروا أنّ في التجريد كثرة المبالغة في التشبيه كقوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ فإنّ الإذاقة تجريد اللباس المستعار لشدائد الجوع والخوف بعلاقة العموم لجميع البدن عموم اللباس، ولذا اختاره على طعم الجوع الذي هو أنسب بالإذاقة. وإنما كانت الإذاقة من ملائمات المستعار له مع أنه ليس الجوع والخوف من المطعومات لأنه شاعت الإذاقة في البلايا والشدائد وجرت مجرى الحقيقة في إصابتها، فيقولون ذاق فلان البؤس والضرّ، وأذاقه العذاب، شبّه ما يدرك من أثر الضرّ والألم بما يدرك من طعم المرّ والبشع، واختار التجريد على الترشيح، ولم يقل فكساها الله لباس الجوع والخوف لأن الإدراك بالذوق يستلزم الإدراك باللمس من غير عكس، فكان في الإذاقة إشعار بشدة الإصابة ليست في الكسوة. وثالثها المرشّحة وتسمّى الترشيحية أيضا وهي ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو:
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ فإنه استعار الاشتراء للاستبدال والاختيار، ثم فرّع عليها ما يلائم الاشتراء من فوت الرّبح واعتبار التجارة. ثم أنهم لم يلتفتوا إلى ما يقرن بما يلائم المستعار له في الاستعارة بالكناية مع أنه أيضا ترشيح لأنه ليس هناك لفظ يسمّى استعارة، بل تشبيه محض، وكلامهم في الاستعارة المرشّحة التي هي قسم من المجاز لا في ترشيح يشتمل ترشيح الاستعارة والتشبيه المضمر في النفس. وأما عدم التفات السكّاكي فيوهم ما ليس عنده وهو أنّ المرشّحة من أقسام الاستعارة المصرّحة، إذ التحقيق أنّ الاستعارة بالكناية إذا زيد فيها على المكنيّة ما يلائمها تصير مرشّحة عنده، كذا في الاطول.

فائدة:
قال أبو القاسم: تقسيمهم الاستعارة المصرّحة إلى المجردة والمرشحة يشعر بأنّ الترشيح والتجريد إنما يجريان في الاستعارة المصرّح بها دون المكنيّ عنها، والصواب أنّ ما زاد في المكنية على قرينتها أعني إثبات لازم واحد يعدّ ترشيحا لها؛ ثم التجريد والترشيح إنما يكونا بعد تمام الاستعارة، فلا يعدّ قرينة المصرح بها تجريدا ولا قرينة المكني عنها ترشيحا، انتهى.

فائدة:
قال صاحب الأطول: إذا اجتمع ملائمان للمستعار له فهل يتعيّن أحد للقرينة أو الاختيار إلى السامع يجعل أيهما شاء قرينة والآخر تجريدا؟ قال بعض الأفاضل: ما هو أقوى دلالة على الإرادة للقرينة والآخر للتجريد. ونحن نقول أيهما سبق في الدلالة على المراد قرينة والآخر تجريد، كيف لا والقرينة ما نصب للدّلالة على المراد، وقد سبق أحد الأمرين في الدلالة، فلا معنى لنصب اللاحق، والاوجه أنّ كلّا من الملائمين المجتمعين إن صلح قرينة فقرينة، ومع ذلك الاستعارة مجرّدة، ولا تقابل بين المجرّدة ومتعددة القرينة، بل كل متعددة القرينة مجرّدة.

فائدة:
قد يجتمع التجريد والترشيح كقول زهير:
لدى أسد شاكي السلاح مقذّف له لبد أظفاره لم تقلّم ووجه اجتماعهما صرف دعوى الاتحاد إلى المشبّه المقارن بالصفة والتفريع والمشبّه به حتى يستدعى الدعوى ثبوت الملائم للمشبه به أيضا.

فائدة:
الترشيح أبلغ من التجريد والإطلاق ومن جمع الترشيح والتجريد لاشتماله على تحقيق المبالغة في ظهور العينية التي هي توجب كمال المبالغة في التشبيه، فيكون أكثر مبالغة وأتمّ مناسبة بالاستعارة، وكذا الإطلاق أبلغ من التجريد. ومبنى الترشيحية على أن المستعار له عين المستعار منه لا شيء شبيه به.

فائدة:
في شرح بعض رسائل الاستعارة الترشيح يجوز أن يكون باقيا على حقيقته تابعا في الذّكر للتعبير عن الشيء بلفظ الاستعارة ولا يقصد به إلّا تقويتها، كأنّه نقل لفظ المشبه به مع رديفه إلى المشبّه، ويجوز أن يكون مستعارا من ملائم المستعار منه لملائم المستعار له، ويكون ترشيح الاستعارة بمجرد أنه عبّر عن ملائم المستعار له بلفظ موضوع لملائم المستعار منه. هذا ولا يخفى أنّ هذا لا يخصّ بكون لفظ ملائم المستعار منه مستعارا، بل يتحقّق الترشيح بذلك التعبير على وجه الاستعارة كان أو على وجه المجاز المرسل، إمّا للملائم المذكور أو للقدر المشترك بين المشبّه والمشبّه به، وأنّه يحتمل مثل ذلك في التجريد أيضا، ويحتمل تلك الوجوه قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ حيث استعير الحبل للعهد في أن يكون وسيلة لربط شيء لشيء، وذكر الاعتصام وهو التمسك بالحبل ترشيحا إما باقيا على معناه للوثوق بالعهد أو مجازا مرسلا في الوثوق بالعهد، لعلاقة الإطلاق والتقييد فيكون مجازا مرسلا بمرتبتين، أو في الوثوق، كأنه قيل ثقوا بعهد الله، وحينئذ كلّ من الترشيح والاستعارة ترشيح للآخر.
السادس باعتبار أمر آخر إلى أربعة أقسام:
تصريحية ومكنية وتحقيقية وتخييلية. فالتصريحية وتسمّى بالمصرّحة أيضا هي التي ذكر فيها المشبّه به. والمكنية ما يقابلها وتسمّى الاستعارة بالكناية أيضا. اعلم أنه اتفقت كلمة القوم على أنه إذا لم يذكر من أركان تشبيه شيء بشيء سوى المشبّه وذكر معه ما يخصّ المشبّه به كان هناك استعارة بالكناية واستعارة تخييلية، كقولنا:
أظفار المنيّة أي الموت نشبت بفلان، لكن اضطربت أقوالهم في تشخيص المعنيين اللذين يطلق عليهما هذان اللفظان. ومحصّل ذلك يرجع إلى ثلاثة أقوال: أحدها ما ذهب إليه القدماء وهو أنّ المستعار بالكناية لفظ المشبه به المستعار للمشبه في النفس المرموز إليه بذكر لازمه من غير تقدير في نظم الكلام، وذكر اللازم قرينة على قصده من غرض وإثبات ذلك اللازم للمشبّه استعارة تخييلية. ففي المثال المذكور الاستعارة بالكناية السبع المستعار للمنيّة الذي لم يذكر اعتمادا على أنّ إضافة الأظفار إلى المنيّة تدل على أن السبع مستعار لها.
والاستعارة التخييلية إثبات الأظفار للمنية، فحينئذ وجه تسميتها بالمكنية وبالاستعارة بالكناية ظاهر لأنها استعارة بالمعنى المصطلح ومتلبسة بالكناية بالمعنى اللغوي، أي الخفاء، وكذا تسميتها بالتخييلية لاستلزامها استعارة لازم المشبه به للمشبّه، وتخييل أنّ المشبّه من جنس المشبّه به. وثانيها ما ذهب إليه السكّاكي صريحا حيث قال: الاستعارة بالكناية لفظ المشبّه المستعمل في المشبّه به ادعاء أي بادعاء أنه عينه بقرينة استعارة لفظ هو من لوازم المشبّه به بصورة متوهّمة متخيّلة شبيهة به أثبتت للمشبّه، فالمراد بالمنيّة عنده هو السبع بادعاء السبعية لها وإنكار أن تكون شيئا غير السبع بقرينة إضافة الأظفار التي من خواص السبع إليها. ولا خفاء في أن تسميتها بالاستعارة بالكناية أو المكنية غير ظاهر حينئذ، وفي جعله إياها قسما من الاستعارة التي هي قسم من المجاز، وجعل إضافة الأظفار قرينة الاستعارة نظرا لأنّ لفظ المشبه فيها هو المستعمل في ما وضع له تحقيقا، والاستعارة ليست كذلك. واختار السكّاكي ردّ التبعية إلى المكني عنها بجعل قرينتها استعارة بالكناية وجعلها أي التبعية قرينة لها، على عكس ما ذكره القوم في مثل نطقت الحال من أنّ نطقت استعارة لدلّت والحال قرينة لها. هذا ولكن في كون ذلك مختار السكاكي نظرا لأنه قال في آخر بحث الاستعارة التبعية:
هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب في هذا الفصل، ولو أنهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بأن قلبوا، فجعلوا في قولهم نطقت الحال هكذا الحال التي ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلّم بواسطة المبالغة في التشبيه على مقتضى المقام، وجعلوا نسبة النطق إليه قرينة الاستعارة، كما تراهم في قولهم: وإذا المنيّة انشبت أظفارها، يجعلون المنيّة استعارة بالكناية عن السبع ويجعلون إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة لكان أقرب إلى الضبط فتدبر، انتهى كلامه. وهو صريح في أنه ردّ التبعية إلى المكْنية على قاعدة القوم، فحينئذ لا حاجة له إلى استعارة قرينة المكنية لشيء حتى تبقى التبعية مع ذلك بحالها، ولا يتقلّل الأقسام بهذا أيضا.
فإن قلت لم يجعل السلف المكنية المشبّه المستعمل في المشبّه به كما اعتبره في هذا الرّدّ، فكيف يتأتى لك توجيه كلامه بأنّ ردّه على قاعدة السلف من غير أن يكون مختارا له؟

قلت: لا شبهة فيما ذكرنا والعهدة عليه في قوله، كما تراهم في قولهم: وإذا المنية أنشبت أظفارها، يجعلون المنية استعارة بالكناية، ولا يضرّنا فيما ذكرنا من توجيه كلامه.
وأما التخييلية عند السكاكي فما سيأتي.
وثالثها ما ذهب إليه الخطيب وهي التشبيه المضمر في النفس الذي لم يذكر شيء من أركانه سوى المشبّه ودل عليه أي على ذلك التشبيه بأن يثبت للمشبه أمر مختصّ بالمشبه به من غير أن يكون هناك أمر متحقق حسّا وعقلا يجري عليه اسم ذلك الأمر، ويسمّى إثبات ذلك الأمر استعارة تخييلية، والمراد بالتشبيه التشبيه اللغوي لا الاصطلاحي، فلا يردّ أن ذكر المشبّه به واجب البتة في التشبيه، وإنما قيل: ودلّ عليه الخ ليشتمل زيدا في جواب من يشبه الأسد؛ وعلى هذا التسمية بالاستعارة غير ظاهر وإن كان كونها كناية غير مخفي. وبالجملة ففي المكنية ثلاثة أقوال، وفي التخييلية قولان: أحدهما قول السكاكي كما يجيء، والآخر قول غيره. وعلى هذا المذهب الثالث كلّ من لفظي الأظفار والمنيّة في المثال المذكور حقيقتان مستعملتان في المعنى الموضوع له، وليس في الكلام مجاز لغوي، وإنما المجاز هو إثبات شيء لشيء ليس هو له، وعلى هذا هو عقلي كإثبات الإنبات للربيع. والاستعارة بالكناية والتخييلية أمران معنويان، وهما فعلا المتكلم، ويتلازمان في الكلام لأن التخييلية يجب أن تكون قرينة للمكنية البتة، وهي يجب أن تكون قرينة للتخيلية البتة.

فائدة:
قال صاحب الأطول: ومن غرائب السوانح وعجائب اللوائح أن الاستعارة بالكناية فيما بين الاستعارات معلومة مبنية على التشبيه المقلوب لكمال المبالغة في التشبيه، فهو أبلغ من المصرّحة، فكما أنّ قولنا السبع كالمنيّة تشبيه مقلوب يعود الغرض منه إلى المشبّه به، كذلك أنشبت المنية أظفارها استعارة مقلوبة استعير بعد تشبيه السبع بالمنية المنية للسبع الادعائي، وأريد بالمنية معناها بعد جعلها سبعا تنبيها على أنّ المنيّة بلغت في الاغتيال مرتبة ينبغي أن يستعار للسبع عنها اسمها دون العكس، فالمنية وضعت موضع السبع، لكن هذا على ما جرى عليه السكاكي.
والتحقيقية هي ما يكون المشبّه متحققا حسّا أو عقلا نحو: رأيت أسدا يرمي، فإنّ الأسد مستعار للرجل الشجاع وهو أمر متحقق حسّا، ونحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أي الدين الحقّ وهو أمر متحقق عقلا لا حسّا. أما التخييلية فعند غير السكّاكي ما مرّ، وأما عند السكّاكي فهي استعارة لا تحقّق لمعناها حسّا ولا عقلا، بل معناها صورة وهمية محضة.
ولما كان عدم تحقّق المعنى لا حسّا ولا عقلا شاملا لما لم يتعلّق به توهّم أيضا أضرب عنه بقوله بل معناها إلخ، والمراد بالصورة ذو الصورة فإن الصورة جاءت بهذا المعنى أيضا.
والمراد بالوهمية ما يخترعه المتخيلة بأعمال الوهم إياه فإن للإنسان قوة لها تركيب المتفرّقات وتفريق المركّبات إذا استعملها العقل تسمّى مفكرة وإذا استعملها الوهم تسمّى متخيّلة. ولما كان حصول هذا المعنى المستعار له بأعمال الوهم سمّيت استعارة تخييلية، ومن لم يعرفه قال المناسب حينئذ أن تسمّى توهمية، وعدّ التسمية بتخييلية من أمارات تعسّف السكّاكي وتفسيره، وإنما وصف الوهمية بقوله محضة أي لا يشوبها شيء من التحقق الحسّي والعقليّ للفرق بينه وبين اعتبار السلف، فإن أظفار المنية عندهم أمر متحقق شابه توهّم الثبوت للمنية، وهناك اختلاط توهّم وتحقق بخلاف ما اعتبره فإنه أمر وهميّ محض لا تحقّق له لا باعتبار ذاته ولا باعتبار ثبوته، فتعريفه هذا صادق على لفظ مستعمل في صورة وهمية محضة من غير أن تجعل قرينة الاستعارة، بخلاف تفسير السلف والخطيب فإنها لا تنفك عندهم عن الاستعارة بالكناية. وقد صرّح به حيث مثّل للتخييلية بأظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا، والسلف والخطيب إمّا أن ينكروا المثال ويجعلوه مصنوعا أو يجعلوا الأظفار ترشيحا لتشبيه لا استعارة تخييلية. وردّ ما ذكره بأنه يقتضي أن يكون الترشيح استعارة تخييلية للزوم مثل ما ذكره فيه مع أنّ الترشيح ليس من المجاز والاستعارة، وأجيب بأن الأمر الذي هو من خواصّ المشبّه به لمّا قرن في التخييلية بالمشبّه كالمنيّة مثلا حملناه على المجاز وجعلناه عبارة عن أمر متوهّم يمكن إثباته للمشبّه، وفي الترشيح لمّا قرن بلفظ المشبّه به لم يحتج إلى ذلك لأنه جعل المشبّه به هو هذا المعنى مع لوازمه. فإذا قلنا: رأيت أسدا يفترس أقرانه ورأيت بحرا يتلاطم أمواجه، فالمشبه به هو الأسد الموصوف بالافتراس الحقيقي والبحر الموصوف بالتلاطم الحقيقي، بخلاف أظفار المنيّة فإنها مجاز عن الصورة الوهمية ليصحّ إضافتها إلى الوهمية ليصح إضافتها إلى المنيّة.
ومحصّله أنّ حفظ ظاهر إثبات لوازم المشبه به للمشبه يدعو إلى جعل الدالّ على اللازم استعارة لما يصحّ إثباته للمشبّه ولا يحتاج إلى تجوّز في ذلك الإثبات، وليس هذا الداعي في الترشيح لأنه أثبت للمشبّه به فلا وجه لجعله مجازا، ولا يلزم عدم خروج الترشيح عن الاستعارة وعدم زيادته عليها لأنه فرّق بين المقيد والمجموع والمشبّه به هو الموصوف والصفة خارجة عنه لا المجموع المركب منهما، وأيضا معنى زيادته أن الاستعارة تامة بدونه.
ويردّ على هذا أنّ الترشيح كما يكون في المصرّحة يكون في المكنية أيضا ففي المكنية لم يقرن المشبّه به فلا تفرقة هناك، ويمكن أن يفرّق بأن التخييلية لو حملت على حقيقتها لا يثبت الحكم المقصود في الكلام للمكني عنها كما عرفت بخلاف المصرّحة فإن قولنا جاءني أسد له لبد، لو أثبت فيه اللبد الحقيقي للأسد المستعمل في الرجل الشجاع مجازا لم يمنع عن إثبات المجيء للأسد، فإن مآله جاءني رجل شجاع لما شبّهه به لبد، لكنه لا يتم في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً فإنه لو أريد الأمر بالاعتصام الحقيقي لفات ما قصد بيانه للعهد، فلا بدّ من جعل الاعتصام استعارة لما يثبت العهد.

فائدة:
التصريحية تعمّ التحقيقية والتخييلية، والكلّ مجاز لغوي ومتباين، هذا عند السكّاكي.
والمكنية داخلة في التحقيقية عند السلف لأنّ اللفظ المستعار المضمر في النفس وهو محقق المعنى. والتصريحية عند الخطيب ترادف التحقيقية وتباين التخييلية لأنها عنده ليست لفظا، فلا تكون محقق المعنى، وكذا تباين المكنية لأنها عنده نفس التشبيه المضمر في النفس فلا تكون محقق المعنى.

فائدة:
في تحقيق قرينة الاستعارة بالكناية ذهب السلف سوى صاحب الكشاف إلى أنّ الأمر الذي أثبت للمشبه من خواصّ المشبه به مستعمل في معناه الحقيقي، وإنما المجاز في الإثبات ويحكمون بعدم انفكاك المكني عنده عنها، وإليه ذهب الخطيب أيضا، وجوّز صاحب الكشاف كون قرينتها استعارة تحقيقية وكذا السكاكي، ووجه الفرق بين ما يجعل قرينة للمكنية ويجعل نفسه تخييلا أو استعارة تحقيقية أو إثباته تخييلا وبين ما يجعل زائدا عليها وترشيحا قوّة الاختصاص بالمشبه به، فأيّهما أقوى اختصاصا وتعلّقا به فهو القرينة وما سواه ترشيح، وكذا الحال بين القرينة والترشيح في الاستعارة المصرّحة، والأظهر أنّ ما يحضر السامع أولا فهو القرينة وما سواه ترشيح، ذلك أن تجعل الجميع قرينة في مقام شدة الاهتمام بالإيضاح، هكذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.

فائدة:
في الإتقان أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز، وقوم إطلاقها في القرآن لأن فيها إيهاما للحاجة، ولأنه لم يرد في ذلك إذن الشارع، وعليه القاضي عبد الوهاب المالكي، انتهى. خاتمة
إذا جرى في الكلام لفظة ذات قرينة دالّة على تشبيه شيء بمعناه فهو على وجهين:
أحدهما أن لا يكون المشبّه مذكورا ولا مقدّرا كقولك: لقيت في الحمام أسدا أي رجلا شجاعا، ولا خلاف في أنّ هذا استعارة لا تشبيه. وثانيهما أن يكون المشبّه مذكورا أو مقدّرا وحينئذ فاسم المشبّه به إن كان خبرا عن المشبّه أو في حكم الخبر كخبر باب كان وإنّ والمفعول الثاني لباب علمت والحال والنعت، فالأصح أنه يسمّى تشبيها لا استعارة، لأن اسم المشبّه به إذا وقع هذه المواقع كان الكلام مصوغا لإثبات معناه لما أجري عليه أو نفيه عنه، فإذا قلت زيد أسد فصوغ الكلام لاثبات الأسدية لزيد وهو ممتنع حقيقة، فيحمل على أنه لإثبات شبه من الأسد له، فيكون الإتيان بالأسد لإثبات التشبيه فيكون خليقا بأن يسمّى تشبيها لأن المشبه به إنما جيء به لإفادة التشبيه بخلاف نحو لقيت أسدا، فإنّ الإتيان بالمشبه به ليس لإثبات معناه لشيء بل صوغ الكلام لإثبات الفعل واقعا على الأسد، فلا يكون لإثبات التشبيه، فيكون قصد التشبيه مكنونا في الضمير لا يعرف إلّا بعد نظر وتأمّل.
هذا خلاصة كلام الشيخ في أسرار البلاغة، وعليه جميع المحققين. ومن الناس من ذهب إلى أن الثاني أيضا أعني زيد أسد استعارة لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه، والخلاف لفظي مبني على جعل الاستعارة اسما لذكر المشبّه به مع خلوّ الكلام عن المشبّه على وجه ينبئ عن التشبيه أو اسما لذكر المشبّه به لإجرائه على المشبّه مع حذف كلمة التشبيه.
ثم إنه نقل عن أسرار البلاغة أنّ إطلاق الاستعارة في زيد الأسد لا يحسن لأنه يحسن دخول أدوات التشبيه من تغيير بصورة الكلام، فيقال: زيد كالأسد، بخلاف ما إذا كان المشبّه به نكرة نحو زيد أسد، فإنه لا يحسن زيد كأسد، وإلّا لكان من قبيل قياس حال زيد إلى المجهول وهو أسد ما؛ ولهذا يحسن كأنّ زيدا أسد لأن المراد بالخبر العموم فالتشبيه بالنوع لا بفرد، فليس كالتشبيه بالمجهول، وإنما يحسن دخول الكاف بتغيير صورته وجعله معرفة بأن يقال زيد كالأسد، فإطلاق اسم الاستعارة هاهنا لا يبعد، ويقرب الإطلاق مزيد قرب أن يكون النكرة موصوفة بصفة لا تلائم المشبه به نحو فلان بدر يسكن الأرض فإن تقدير أداة التشبيه فيه يحتاج إلى كثرة التغيير، كأن يقال هو كالبدر إلّا أنه يسكن الأرض، وقد يكون في الصلات والصفات التي تجيء في هذا القبيل ما يحول تقدير أداة التشبيه فيه فيشتد استحقاقه لاسم الاستعارة ويزيد قربه منها، كقوله أسد دم الأسد الهزبر خضابه، فإنه لا سبيل إلى أن يقال المعنى إنه كالأسد للتناقض لأن تشبيه بجنس السبع المعروف دليل على أنه دونه أو مثله، وجعل دم الهزبر الذي هو أقوى الجنس خضاب يده دليل على أنه فوقه فليس الكلام مصوغا لإثبات التشبيه بينهما، بل لإثبات تلك الصفة، فالكلام فيه مبني على أنّ كون الممدوح أسدا أمر تقرّر وثبت، وإنما العمل في إثبات الصفة الغريبة. فمحصول هذا النوع من الكلام أنك تدعي حدوث شيء هو من الجنس المذكور إلّا أنه اختص بصفة عجيبة لم يتوهّم جوازها، فلم يكن لتقدير التشبيه فيه معنى. ولقد ضعّف هذا الكلام صاحب الأطول والمطول وقالا الحقّ أن امثال زيد أسد تشبيه مطلقا، هذا إذا كان اسم المشبّه به خبرا عن اسم المشبّه أو في حكم الخبر وإن لم يكن كذلك نحو لقيت من زيد أسدا ولقيني منه أسد فلا يسمّى استعارة بالاتفاق، لأنه لم يجر اسم المشبه به على المشبه لا باستعماله فيه كما في لقيت أسدا ولا بإثبات معناه له كما في زيد أسد على اختلاف المذهبين، ولا يسمّى تشبيها أيضا لأن الإتيان باسم المشبّه به ليس لإثبات التشبيه إذ لم يقصد الدلالة على المشاركة، وإنما التشبيه مكنون في الضمير، لا يظهر إلّا بعد تأمّل خلافا للسكّاكي فإنه يسمّي مثل ذلك تشبيها، وهذا النزاع أيضا لفظي راجع إلى تفسير التشبيه؛ فمن أطلق الدلالة المذكورة في تعريف التشبيه عن كونها لا على وجه التجريد والاستعارة وعن كونها على وجه التصريح سمّاه تشبيها، ومن قيّده لا. قال صاحب الأطول ونحن نقول في لقيت من زيد أسدا تجريد أسد من زيد بجعل زيد أسدا وهذا الجعل يتضمّن تشبيه زيد بالأسد حتى صار أسدا بالغا غاية الجنس حتى تجرّد عنه أسد، لكن هذا التشبيه مكنون في الضمير خفيّ لأن دعوى أسديته مفروغ عنها منزلة منزلة أمر متقرّر لا يشوبه شائبة خفاء، ولا يجعل السكّاكي هذا من التشبيه المصطلح، وكذلك يتضمّن التشبيه تجريد الأسد الحقيقي عنه إذ لا يخفى أن المجرد عنه لا يكون إلّا شبه أسد، فينصرف الكلام إلى تجريد الشّبه فهو في إفادة التشبيه بحكم ردّ العقل إلى التشبيه بمنزلة حمل الأسد على المشبّه فهو الذي سمّاه السكّاكي تشبيها، ولا ينبغي أن ينازع فيه معه؛ وكيف لا وهو أيضا في تقدير المشبّه والأداة كأنه قيل لقيت من زيد رجلا كالأسد، ولا تفاوت في ذلك بينه وبين زيد أسد، انتهى. وهاهنا أبحاث تركناها خوفا من الإطناب.

مُحَمَّد

مُحَمَّد
من (ح م د) المُثَنى عليه مرة بعد مرة، وهو اسم النبي صلى الله عليه وسلم.
مُحَمَّد: اسْم نَبينَا خَاتم الْأَنْبِيَاء - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من التَّحْمِيد للْمُبَالَغَة فِي الْحَمد يُقَال فلَان أَحْمَده إِذا أثنى عَلَيْهِ بجلائل صِفَاته وأحمدته ذَا وجدته مَحْمُودًا وَيُقَال لَهُ هَذَا الرجل مَحْمُود فَإِذا بلغ النِّهَايَة فِي ذَلِك وتكامل فِي المحاسن والمناقب فَهُوَ مُحَمَّد _ وَإِنَّمَا سمي عَلَيْهِ السَّلَام مُحَمَّدًا لِكَثْرَة خصاله المحمودة وسيكثر حَمده.
وَقَالَ مَوْلَانَا عَليّ الْقَارئ رَحمَه الله سيحمده الْأَولونَ وَالْآخرُونَ فِي الْمقَام الْمَحْمُود تَحت اللِّوَاء الْمَمْدُود. وَمن نظر إِلَى تَسْمِيَة الله تَعَالَى إِيَّاه مُحَمَّدًا وَمَعْنَاهُ الَّذِي بلغ إِلَى الْغَايَة فِي المحمودية أَي الْمَحْمُود بِكُل المحامد وَإِلَى أَنه تَعَالَى قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين يَعْنِي أَن المحمودية منحصرة فِي الله تَعَالَى ينْكَشف عَلَيْهِ مَا هُوَ الْحق المرموز عِنْد العرفاء الْأَوْلِيَاء.
وَاعْلَم إِن من تَمام الْإِيمَان بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتِقَاد أَنه لم يجْتَمع فِي بدن آدَمِيّ من المحاسن الظَّاهِرَة مَا اجْتمع فِي بدنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسر ذَلِك أَن المحاسن الظَّاهِرَة آيَات على المحاسن الْبَاطِنَة والأخلاق الزكية وَلَا أكمل مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل وَلَا مساوئ لَهُ فِي هَذَا الْمَدْلُول فَكَذَلِك فِي الدَّال _ ثمَّ نقل الْقُرْطُبِيّ عَن بَعضهم أَنه لم يظْهر تَمام حسنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِلَّا لما طاقت أعين الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم النّظر إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. نقل من شرح الشَّمَائِل الْمُسَمّى بأشرف الْوَسَائِل للشَّيْخ الْحَافِظ ابْن حجر.
وَاعْلَم أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام ابْن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر ابْن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن الياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان _ وتنتهي هَذِه السلسلة الْعلية الطّيبَة إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأمه عَلَيْهَا السَّلَام آمِنَة بنت وهب بن عبد منَاف الزُّهْرِيّ وَثَبت وِلَادَته عَلَيْهِ السَّلَام بالتواتر فِي طالع الجدي فِي شهر ربيع الأول فِي مَكَّة الْمُبَارَكَة فِي بَيت من بيُوت عبد الْمطلب بن هَاشم _ ثمَّ فِي التَّارِيخ وَالْيَوْم اخْتِلَاف الْأَشْهر يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر من ذَلِك الشَّهْر بعد شَهْرَيْن من وَاقعَة أَصْحَاب الْفِيل وَبعد سِتّ مائَة سنة من عروج عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى السَّمَاء وَبعد أَرْبَعِينَ سنة من جُلُوس كسْرَى الْعَادِل وَبَعثه الله تَعَالَى إِلَى الْخلق بعد أَرْبَعِينَ سنة فَأَقَامَ بِمَكَّة عشر سِنِين على الِاخْتِلَاف فِي الزِّيَادَة وبالمدينة عشر سِنِين وتوفاه الله تَعَالَى على رَأس سِتِّينَ سنة كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى _ وَفِي عمره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثَلَاثَة أَقْوَال. خَمْسَة وَسِتُّونَ. وَثَلَاثَة وَسِتُّونَ _ وَسِتُّونَ وَقد جَاءَت الرِّوَايَات الثَّلَاث فِي الصَّحِيح _ وَالْأول أصح وَأشهر.
قَالَ الْعلمَاء فِي الْجمع من روى خمْسا وَسِتِّينَ عد سنتي الْولادَة والوفاة وَمن روى ثَلَاثًا وَسِتِّينَ لم يعدهما. وَمن روى سِتِّينَ لم يعد الكسور وَهِي خَمْسَة كَذَا فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء وَفِيه أَنه لَا يلائم لفظ الرَّأْس مَعَ أَنه لَا يتعارف إِسْقَاط مَا بَين العشرات. وَقيل إِن سنة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اثْنَتَانِ وَنصف وَسِتُّونَ لما روى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَن عمر كل نَبِي نصف عمر نَبِي كَانَ قبله وَكَانَ عمر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام خمْسا وَعشْرين وَمِائَة _ وزيف هَذَا الحَدِيث كَذَا فِي شرح الشَّمَائِل للفاضل المدقق عِصَام الدّين رَحمَه الله.
وَقَالَ الشَّيْخ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي رَحمَه الله اتَّفقُوا على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولد يَوْم الِاثْنَيْنِ من شهر ربيع الأول واختلفو هَل هُوَ فِي الْيَوْم الثَّانِي أَو الثَّامِن أم الْعَاشِر أم الثَّانِي عشر فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقْوَال مَشْهُورَة _ وَتُوفِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ اثْنَتَيْ عشرَة خلت من شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة. وَفِيه إِشْكَال من جِهَة أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت وقفته بِعَرَفَات بِالْجمعَةِ فِي السّنة الْعَاشِرَة إِجْمَاعًا فَإِذا كَانَ كَذَلِك لَا يتَصَوَّر وُقُوع يَوْم الِاثْنَيْنِ فِي ثَانِي عشر من ربيع الأول من السّنة الَّتِي بعْدهَا وَذَلِكَ مطرد فِي كل سنة يكون الوقفة قبله بِالْجمعَةِ على كل تَقْدِير من تَمام الشُّهُور ونقصانها وَتَمام بَعْضهَا ونقصان بَعْضهَا. وَأجَاب بَعضهم بِاحْتِمَال وُقُوع الْأَشْهر الثَّلَاثَة كوامل أَو كَانَ أهل مَكَّة وَالْمَدينَة اخْتلفُوا فِي رُؤْيَة هِلَال ذِي الْحجَّة فَرَآهُ أهل مَكَّة لَيْلَة الْخَمِيس وَلم يره أهل الْمَدِينَة إِلَّا لَيْلَة الْجُمُعَة فحصلت الوقفة بِرُؤْيَة أهل مَكَّة ثمَّ رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة فارخوا بِرُؤْيَة أَهلهَا.
وَهَذَا الْجَواب بعيد من حَيْثُ إِنَّه يلْزم توالي ثَلَاثَة أشهر كوامل. وَأجَاب بَعضهم بِحمْل قَوْلهم لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت أَي بأيامها فَيكون فَوته فِي الْيَوْم الثَّالِث وبفرض الشُّهُور كوامل فَيصح قَول الْجُمْهُور. وَفِيه أَنه لَا يفهم من قَوْلهم لِاثْنَتَيْ عشرَة إِلَّا مُضِيّ اللَّيَالِي وَيكون مَا أرخ وَاقعا فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر انْتهى.
أردْت أَن أكتب حلية أفضل الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. ليستسعد بهَا الْخَواص والعوام. فَوَجَدتهَا منظومة فِي عدَّة أَبْيَات مُطَابقَة لما نَقله الثِّقَات نظمها الْعَارِف بِاللَّه الصَّمد مير مُحَمَّد الدهداري قدس سره وأنور مرقده.
تَتَحَدَّث عَن صِفَات وأحوال الرَّسُول والرسالة ومدى علمه ومعرفته وَوَصفه وصفات خلقه وخلقه وجماله وَرَحمته ورأفته وحلمه وقوته ... الخ.
لَا طَاقَة لأحد أَن يصف علو جنابك صلى الله عَلَيْك وَسلم فَإنَّك أول مرتبَة تنزل الذَّات الْوَاجِب الْوُجُود والحقيقة المحمدية والعالم بجود وجودك وجد الْوُجُود وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حمدك حمدا كثيرا وَأمر بِالصَّلَاةِ عَلَيْك كل مَوْجُود سُبْحَانَهُ تَعَالَى مَا أعظم شَأْنك وَمَا أجل برهانك فالاعتراف بالقصور فِي هَذَا الْمقَام أولى. والاختصار فِي هَذَا المرام على هَذَا الْكَلَام أَحْرَى.
(بَاب الْمِيم مَعَ الدَّال)

وَفِي شرح الْوِقَايَة

وَفِي شرح الْوِقَايَة: وَاعْلَم أَن المُرَاد بالامتداد امتداد يُمكن أَن يستوعب النَّهَار لَا مُطلق الامتداد لأَنهم جعلُوا التَّكَلُّم من قبيل غير الممتد وَلَا شكّ أَن التَّكَلُّم ممتد زَمَانا طَويلا لَكِن لَا يَمْتَد بِحَيْثُ يستوعب النَّهَار انْتهى. فَلَا إِشْكَال.
وَلَا يخفى أَنه يُقَال كَلمته يَوْمًا كَامِلا أَي تَمام الْيَوْم فَالْكَلَام أَيْضا يستوعب النَّهَار وَأَيْضًا كَون الضَّرْب وَالْجُلُوس وَغَيرهمَا مِمَّا يكون فِي الْمرة الثَّانِيَة مثله فِي الأولى دون الْكَلَام غير ظَاهر وَأَيْضًا كَون الضَّرْب وَالْجُلُوس مثلا مِمَّا يكون فِي الْمرة الثَّانِيَة مثله فِي الْمرة الأولى من كل وَجه مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْعبْرَة للْعُرْف فَإِن الْجُزْء الثَّانِي من الْكَلَام يعد بِحَسب الْعرف أَنه غير الْجُزْء الأول مِنْهُ بِخِلَاف الضَّرْب وَالْجُلُوس وَغَيرهمَا. وَفِي التَّلْوِيح - فَإِن قيل كَيفَ جعلُوا التَّخْيِير والتفويض مِمَّا يَمْتَد وَالطَّلَاق وَالْعتاق مِمَّا لَا يَمْتَد مَعَ أَنه إِن أُرِيد إنْشَاء الْأَمر وحدوثه فَهُوَ غير ممتد فِي الْكل وَإِن أُرِيد كَونهَا مخيرة ومفوضة وَهُوَ ممتد فَكَذَا كَونهَا مُطلقَة وَكَون العَبْد معتقا ممتدا. قُلْنَا أُرِيد فِي الطَّلَاق وَالْعتاق وقوعهما لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي تَقْيِيد كَون الشَّخْص مُطلقًا أَو معتقا بِالزَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا يقبل التَّوْقِيت بالمدة. وَفِي التَّخْيِير والتفويض كَونهَا مخيرة ومفوضة لِأَنَّهُ يَصح أَن يكون يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو أَكثر ثمَّ يَنْقَطِع فَيُفِيد توقيته بالمدة انْتهى.
وَالْحَاصِل أَنه إِذا دلّت الْقَرِينَة على أَن المُرَاد إنْشَاء الْأَمر وحدوثه فالفعل غير ممتد. وَإِن دلّت على أَن المُرَاد كَون ذَلِك الشَّخْص متصفا بِهِ فَهُوَ ممتد. وَيَسْتَوِي فِي ذَلِك التَّفْوِيض وَالطَّلَاق وَنَحْوهمَا. وَظَاهر أَن الْمَقْصُود فِي أَمرك بِيَدِك يَوْم كَذَا بَيَان مُدَّة خِيَارهَا لَا زمَان إنشائه إِذْ لَيْسَ فِيهِ كثير فَائِدَة فالفعل فِيهِ ممتد. وَفِي أَنْت طَالِق عكس ذَلِك فالفعل فِيهِ غير ممتد فَفِيمَا يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ كَانَ التعويل على الْقَرَائِن فَافْهَم واحفظ وَكن من الشَّاكِرِينَ.

الطّلوع

الطّلوع:
[في الانكليزية] Rising ،ascent
[ في الفرنسية] Lever ،ascension
بالضم مقابل الغروب وهما يطلقان على معنيين: أحدهما أنّ الطلوع هو وقوع الكوكب ونحوه كجزء من فلك البروج فوق الأفق، سواء كان أبديّ الظهور أو لم يكن. وبهذا المعنى يقال إذا طلعت الشمس فالنهار موجود.
والغروب هو وقوعه تحت الأفق سواء كان أبديّ الخفاء أو لم يكن. وثانيهما أنّ الطلوع انفصال الكوكب عن محيط الأفق متوجها إلى فوق، سواء كان قبله تحت الأفق أو لم يكن، وبهذا المعنى يقال طالع وقت كذا هو جزء كذا من البروج. والغروب انفصاله عنه متوجها إلى تحت، وعلى هذا المعنى لا يقال للكوكب الأبدي الظهور طالع ولا لأبدي الخفاء غارب.
اعلم أنّ المنجمين يعتبرون الطلوع والغروب بالنسبة إلى الأفق الحقيقي فما كان فوق الأفق الحقيقي يسمّى طالعا وما كان تحته يسمّى غاربا. والعامة يعتبرونهما بالنسبة إلى الأفق الحسّي بالمعنى الثاني. ثم إنّ المنجمين يسمّون خروج المنزل من ضياء الفجر طلوعه، وإذا طلع منزل غاب رقيبه وهو الخامس عشر منه سمّي بالرقيب تشبيها له برقيب يرصده ليسقط في المغرب إذا ظهر ذلك في المشرق، ويسمّون غروب الرقيب وقت الصبح سقوطه ويسمّون المنازل التي يكون طلوعها في مواسم المطر الأنواء ويسمّون رقباءها إذا طلعت في غير مواسم المطر البوارح، وهم ينسبون الأمطار إلى الأنواء والرياح إلى البوارح. وأصل النّوء السقوط والطلوع والبارح الريح الحار، فسمّي المنزل بهما تجوّزا. وقيل النّوء طلوع منزل وغروب رقيبه معا، والأصح هو الأول.
وبعضهم ينسبون الأمطار إلى طلوع المنازل والرياح إلى سقوطها. وإذا مضت مدة السقوط أو الطلوع ولم يحدث شيء من الريح أو المطر يقولون جذى نجم كذا.
اعلم أنّ الطالع جزء من منطقة البروج يكون على الأفق الشرقي في وقت مخصوص فإن كان ذلك الوقت زمان ولادة شخص يقال له طالع ذلك الشخص، وإن كان ذلك الوقت أول سنة شمسية حقيقية يقال له طالع السّنة وطالع العالم، وإن كان ذلك الوقت شيئا آخر ينسب إليه ثم الجزء المقابل للطالع يسمّى الغارب والسابع أيضا، ومنصّف ما بين الطالع والغارب فوق الأرض على نصف النهار يسمّى العاشر وما يقابله تحت الأرض يسمّى الرابع. وهذه الأربعة تسمّى بالأوتاد الأربعة في أحوال المولود. قال عبد العلي البرجندي وينبغي أن يستثنى من ذلك ما إذا انطبقت منطقة البروج على الأفق إذ لا يطلق على جزء منها الطالع، وأيضا لا يكون جزء من منطقة البروج على نصف النهار فوق الأرض ولا تحته، وإنّما سمّي بالعاشر لأنّه في الأغلب يكون من البرج العاشر للبروج الطالع وقد يكون من البرج التاسع أو الحادي عشر له، وكذا الحال في الرابع. وهاهنا إشكال وهو أنّ في المواضع التي عرضها أزيد من تمام الميل الكلّي إذا كان قطب البروج في ارتفاعه الأعلى كان أول الحمل طالعا وأول الميزان غاربا وأول السرطان على نصف النهار فوق الأرض في ارتفاعه الأدنى وأول الجدي على نصف النهار تحت الأرض، فإن اعتبر العاشر أول السرطان على مقتضى تعريف العاشر فهو ليس من البرج العاشر للطالع، بل من الرابع له. وإن اعتبر العاشر أول الجدي كما هو كذلك في المعمورة فهو ليس فوقه الأفق، فلا يكون تعريف العاشر جامعا. والظاهر أنّ ما ذكر من تعريف الطالع والعاشر مخصوص بالمعمورة، هذا كله خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة وبيست باب وحاشية الچغميني. وتعديل الطالع قوس من منطقة البروج بين النصف الشرقي من أفق البلاد وبين دائرة عرض تمرّ بمطالع الاعتدال من الجانب الأقرب والقوس الواقعة من منطقة البروج بين نصف النهار وبين دائرة وسط سماء الرؤية من الجانب الأقرب تسمّى تعديل العاشر، كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح زيج الغ بيكي.
والطالع عند أهل الرّمل هو أوّل بيت من البيوت الست عشرة للرّمل.

أَجأ

أَجأ:
بوزن فعل، بالتحريك، مهموز مقصور، والنسب إليه أجئيّ بوزن أجعيّ: وهو علم مرتجل لاسم رجل سمّي الجبل به، كما نذكره، ويجوز أن يكون منقولا.
ومعناه الفرار، كما حكاه ابن الأعرابي، يقال: أجأ الرجل إذا فرّ، وقال الزمخشري: أجأ وسلمى جبلان عن يسار سميراء، وقد رأيتهما، شاهقان. ولم يقل عن يسار القاصد إلى مكة أو المنصرف عنها، وقال أبو عبيد السكوني: أجأ أحد جبلي طيّء وهو غربي فيد، وبينهما مسير ليلتين وفيه قرى كثيرة، قال:
ومنازل طيّء في الجبلين عشر ليال من دون فيد إلى أقصى أجإ، إلى القريّات من ناحية الشام، وبين المدينة والجبلين، على غير الجادّة: ثلاث مراحل. وبين الجبلين وتيماء جبال ذكرت في مواضعها من هذا الكتاب، منها دبر وغريّان وغسل. وبين كل جبلين يوم. وبين الجبلين وفدك ليلة. وبينهما وبين خيبر خمس ليال. وذكر العلماء بأخبار العرب أن أجأ سمّي باسم رجل وسمّي سلمى باسم امرأة. وكان من خبرهما أن رجلا من العماليق يقال له أجأ بن عبد الحيّ، عشق امرأة من قومه، يقال لها سلمى. وكانت لها حاضنة يقال لها العوجاء. وكانا يجتمعان في منزلها
حتى نذر بهما إخوة سلمى، وهم الغميم والمضلّ وفدك وفائد والحدثان وزوجها. فخافت سلمى وهربت هي وأجأ والعوجاء، وتبعهم زوجها وإخوتها فلحقوا سلمى على الجبل المسمى سلمى، فقتلوها هناك، فسمّي الجبل باسمها. ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبلين، فقتلوها هناك، فسمّي المكان بها. ولحقوا أجأ بالجبل المسمّى بأجإ، فقتلوه فيه، فسمّي به.
وأنفوا أن يرجعوا إلى قومهم، فسار كل واحد إلى مكان فأقام به فسمي ذلك المكان باسمه، قال عبيد الله الفقير إليه: وهذا أحد ما استدللنا به على بطلان ما ذكره النحويّون من أن أجأ مؤنثة غير مصروفة، لأنه جبل مذكّر، سمّي باسم رجل، وهو مذكر.
وكأنّ غاية ما التزموا به قول امرئ القيس:
أبت أجأ أن تسلم العام جارها، ... فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
وهذا لا حجّة لهم فيه، لأن الجبل بنفسه لا يسلم أحدا، إنما يمنع من فيه من الرجال. فالمراد: أبت قبائل أجإ، أو سكّان أجإ، وما أشبهه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، يدلّ على ذلك عجز البيت، وهو قوله:
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
والجبل نفسه لا يقاتل، والمقاتلة مفاعلة ولا تكون من واحد، ووقف على هذا من كلامنا نحويّ من أصدقائنا وأراد الاحتجاج والانتصار لقولهم، فكان غاية ما قاله: أن المقاتلة في التذكير والتأنيث مع الظاهر وأنت تراه قال: أبت أجأ. فالتأنيث لهذا الظاهر ولا يجوز أن يكون للقبائل المحذوفة بزعمك، فقلت له: هذا خلاف لكلام العرب، ألا ترى إلى قول حسان بن ثابت:
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى، يصفّق بالرحيق السّلسل
لم يرو أحد قط يصفّق إلا بالياء آخر الحروف لأنه يريد يصفّق ماء بردى، فرده إلى المحذوف وهو الماء، ولم يردّه إلى الظاهر، وهو بردى. ولو كان الأمر على ما ذكرت، لقال: تصفّق، لأن بردى مؤنث لم يجيء على وزنه مذكّر قط. وقد جاء الردّ على المحذوف تارة، وعلى الظاهر أخرى، في قول الله، عز وجل: وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أوهم قائلون، ألا تراه قال: فجاءها فردّ على الظاهر، وهو القرية، ثم قال: أو هم قائلون فردّ على أهل القرية وهو محذوف، وهذا ظاهر، لا إشكال فيه. وبعد فليس هنا ما يتأوّل به التأنيث، إلا أن يقال: إنه أراد البقعة فيصير من باب التّحكّم، لأن تأويله بالمذكّر ضروريّ، لأنه جبل، والجبل مذكّر، وإنه سمي باسم رجل بإجماع كما ذكرنا، وكما نذكره بعد في رواية أخرى، وهو مكان وموضع ومنزل وموطن ومحلّ ومسكن. ولو سألت كل عربيّ عن أجإ لم يقل إلا أنه جبل، ولم يقل بقعة. ولا مستند إذا للقائل بتأنيثه البتة. ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه ذكر أجإ غير مصروف، مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر، حتى إن أكثر النحويين قد رجّحوا أقوال الكوفيّين في هذه المسألة، وأنا أورد في ذلك من أشعارهم ما بلغني منها، البيت الذي احتجّوا به وقد مرّ، وهو قول امرئ القيس: أبت أجأ، ومنها قول عارق الطائي:
ومن مبلغ عمرو بن هند رسالة، ... إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد
أيوعدني، والرمل بيني وبينه! تأمّل رويدا ما أمامة من هند ومن أجإ حولي رعان، كأنها قنابل خيل من كميت ومن ورد
قال العيزار بن الأخفش الطائي، وكان خارجيا:
ألا حيّ رسم الدّار أصبح باليا، ... وحيّ، وإن شاب القذال، الغوانيا
تحمّلن من سلمى فوجّهن بالضّحى ... إلى أجإ، يقطعن بيدا مهاويا
وقال زيد بن مهلهل الطائي:
جلبنا الخيل من أجإ وسلمى، ... تخبّ نزائعا خبب الرّكاب
جلبنا كلّ طرف أعوجيّ، ... وسلهبة كخافية الغراب
نسوف للحزام بمرفقيها، ... شنون الصّلب صمّاء الكعاب
وقال لبيد يصف كتيبة النّعمان:
أوت للشباح، واهتدت بصليلها ... كتائب خضر ليس فيهنّ ناكل
كأركان سلمى، إذ بدت أو كأنّها ... ذرى أجإ، إذ لاح فيه مواسل
فقال فيه ولم يقل فيها، ومواسل قنّة في أجإ، وأنشد قاسم بن ثابت لبعض الأعراب:
إلى نضد من عبد شمس، كأنهم ... هضاب أجا أركانه لم تقصّف
قلامسة ساسوا الأمور، فأحكموا ... سياستها حتى أقرّت لمردف
وهذا، كما تراه، مذكّر مصروف، لا تأويل فيه لتأنيثه.
فإنه لو أنّث لقال: أركانها، فإن قيل هذا لا حجّة فيه لأن الوزن يقوم بالتأنيث، قيل قول امرئ القيس أيضا، لا يجوز لكم الاحتجاج به لأن الوزن يقوم بالتذكير، فيقول: أبى أجأ لكنّا صدّقناكم فاحتججنا، ولا تأويل فيها، وقول الحيص بيص:
أجأ وسلمى أم بلاد الزاب، ... وأبو المظفّر أم غضنفر غاب
ثم إني وقفت بعد ما سطرته آنفا، على جامع شعر امرئ القيس، وقد نصّ الأصمعي على ما قلته، وهو: أن اجأ موضع، وهو أحد جبلي طيّء، والآخر سلمى. وإنما أراد أهل أجإ، كقول الله، عزّ وجل:
واسأل القرية، يريد أهل القرية، هذا لفظه بعينه. ثم وقفت على نسخة أخرى من جامع شعره، قيل فيه:
أرى أجأ لن يسلم العام جاره
ثم قال في تفسير الرواية الأولى: والمعنى أصحاب الجبل لم يسلموا جارهم. وقال أبو العرماس: حدثني أبو محمد أنّ أجأ سمّي برجل كان يقال له أجأ، وسمّيت سلمى بامرأة كان يقال لها سلمى، وكانا يلتقيان عند العوجاء، وهو جبل بين أجإ وسلمى، فسمّيت هذه الجبال بأسمائهم. ألا تراه قال: سمي أجأ برجل وسميت سلمى بامرأة، فأنّث المؤنث وذكّر المذكّر. وهذا إن شاء الله كاف في قطع حجاج من خالف وأراد الانتصار بالتقليد. وقد جاء أجا مقصورا غير مهموز في الشعر، وقد تقدّم له شاهد في البيتين اللذين على الفاء، قال العجّاج:
والأمر ما رامقته ملهوجا ... يضويك ما لم يج منه منضجا
فإن تصر ليلى بسلمى أو أجا، ... أو باللوى أو ذي حسا أو يأججا
وأما سبب نزول طيّء الجبلين، واختصاصهم بسكناهما دون غيرهم من العرب، فقد اختلفت الرّواة فيه. قال ابن الكلبي، وجماعة سواه: لما تفرق بنو سبا أيام سيل العرم سار جابر وحرملة ابنا أدد بن زيد بن الهميسع قلت: لا أعرف جابرا وحرملة وفوق كل ذي علم عليم، وتبعهما ابن أخيهما طيّء، واسمه جلهمة، قلت: وهذا أيضا لا أعرفه، لأن طيّئا عند ابن الكلبي، هو جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان. والحكاية عنه، وكان أبو عبيدة، قال زيد بن الهميسع: فساروا نحو تهامة وكانوا فيما بينها وبين اليمن، ثم وقع بين طيّء وعمومته ملاحاة ففارقهم وسار نحو الحجاز بأهله وماله وتتبّع مواقع القطر، فسمّي طيّئا لطيّه المنازل، وقيل إنه سمّي طيّئا لغير ذلك، وأوغل طيّء بأرض الحجاز، وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إبله، ويغيب ثلاثة أشهر، ثم يعود إليه وقد عبل وسمن وآثار الخضرة بادية في شدقيه، فقال لابنه عمرو: تفقّد يا بنيّ هذا البعير فإذا شرد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين ينتهي. فلما كانت أيام الربيع وشرد البعير تبعه على ناقة له فلم يزل يقفر أثره حتى صار إلى جبل طيء، فأقام هنالك ونظر عمرو إلى بلاد واسعة كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف، فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك فسار طيء بإبله وولده حتى نزل الجبلين فرآهما أرضا لها شأن، ورأى فيها شيخا عظيما، جسيما، مديد القامة، على خلق العاديّين ومعه امرأة على خلقه يقال لها سلمى، وهي امرأته وقد اقتسما الجبلين بينهما بنصفين، فأجأ في أحد النصفين وسلمى في الآخر، فسألهما طيء عن أمرهما، فقال الشيخ: نحن من بقايا صحار غنينا بهذين الجبلين عصرا بعد عصر، أفنانا كرّ الليل والنهار، فقال له طيء:
هل لك في مشاركتي إياك في هذا المكان فأكون لك مؤنسا وخلّا؟ فقال الشيخ: إنّ لي في ذلك رأيا فأقم فإن المكان واسع، والشجر يانع، والماء طاهر، والكلأ غامر. فأقام معه طيء بإبله وولده بالجبلين، فلم يلبث الشيخ والعجوز إلا قليلا حتى هلكا وخلص المكان لطي فولده به إلى هذه الغاية.
قالوا: وسألت العجوز طيّئا ممّن هو، فقال طيء:
إنّا من القوم اليمانيّينا ... إن كنت عن ذلك تسألينا
وقد ضربنا في البلاد حينا ... ثمّت أقبلنا مهاجرينا
إذ سامنا الضّيم بنو أبينا ... وقد وقعنا اليوم فيما شينا
ريفا وماء واسعا معينا
ويقال إن لغة طيء هي لغة هذا الشيخ الصّحاري والعجوز امرأته. وقال أبو المنذر هشام بن محمد في كتاب افتراق العرب: لما خرجت طيء من أرضهم من الشحر ونزلوا بالجبلين، أجإ وسلمى، ولم يكن بهما أحد وإذا التمر قد غطّى كرانيف النخل، فزعموا أن الجنّ كانت تلقّح لهم النخل في ذلك الزمان، وكان في ذلك التمر خنافس، فأقبلوا يأكلون التمر والخنافس، فجعل بعضهم يقول: ويلكم الميّث أطيب من الحيّ. وقال أبو محمد الأعرابي أكتبنا أبو الندى قال: بينما طيء ذات يوم جالس مع ولده بالجبلين إذ أقبل رجل من بقايا جديس، ممتدّ القامة، عاري الجبلّة، كاد يسدّ الأفق طولا، ويفرعهم باعا، وإذا هو الأسود بن غفار بن الصّبور الجديسي،
وكان قد نجا من حسّان تبّع اليمامة ولحق بالجبلين، فقال لطي: من أدخلكم بلادي وإرثي عن آبائي؟
اخرجوا عنها وإلا فعلت وفعلت. فقال طيء:
البلاد بلادنا وملكنا وفي أيدينا، وإنما ادّعيتها حيث وجدتها خلاء. فقال الأسود: اضربوا بيننا وبينكم وقتا نقتتل فيه فأيّنا غلب استحقّ البلد. فاتّعدا لوقت، فقال طيء لجندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيء وأمّه جديلة بنت سبيع بن عمرو ابن حمير وبها يعرفون، وهم جديلة طيء، وكان طيء لها مؤثرا، فقال لجندب: قاتل عن مكرمتك.
فقالت أمه: والله لتتركنّ بنيك وتعرضنّ ابني للقتل! فقال طيء: ويحك إنما خصصته بذلك.
فأبت، فقال طيء لعمرو بن الغوث بن طيء:
فعليك يا عمرو الرجل فقاتله. فقال عمرو: لا أفعل، وأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر في طيء بعد طيء:
يا طيء أخبرني، ولست بكاذب، ... وأخوك صادقك الذي لا يكذب
أمن القضيّة أن، إذا استغنيتم ... وأمنتم، فأنا البعيد الأجنب
وإذا الشدائد بالشدائد مرّة، ... أشجتكم، فأنا الحبيب الأقرب
عجبا لتلك قضيّتي، وإقامتي ... فيكم، على تلك القضيّة، أعجب
ألكم معا طيب البلاد ورعيها، ... ولي الثّماد ورعيهنّ المجدب
وإذا تكون كريهة أدعى لها، ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
هذا لعمركم الصّغار بعينه، ... لا أمّ لي، إن كان ذاك، ولا أب
فقال طيء: يا بنيّ إنها أكرم دار في العرب. فقال عمرو: لن أفعل إلا على شرط أن لا يكون لبني جديلة في الجبلين نصيب. فقال له طيء: لك شرطك.
فأقبل الأسود بن غفار الجديسي للميعاد ومعه قوس من حديد ونشّاب من حديد فقال: يا عمرو إن شئت صارعتك وإن شئت ناضلتك وإلا سايفتك.
فقال عمرو: الصّراع أحبّ إليّ فاكسر قوسك لأكسرها أيضا ونصطرع. وكانت لعمرو بن الغوث ابن طيء قوس موصولة بزرافين إذا شاء شدّها وإذا شاء خلعها، فأهوى بها عمرو فانفتحت عن الزرافين واعترض الأسود بقوسه ونشّابه فكسرها، فلما رأى عمرو ذلك أخذ قوسه فركّبها وأوترها وناداه: يا أسود استعن بقوسك فالرمي أحبّ إليّ. فقال الأسود: خدعتني. فقال عمرو: الحرب خدعة، فصارت مثلا، فرماه عمرو ففلق قلبه وخلص الجبلان لطي، فنزلهما بنو الغوث، ونزلت جديلة السهل منهما لذلك. قال عبيد الله الفقير إليه:
في هذا الخبر نظر من وجوه، منها أن جندبا هو الرابع من ولد طيء فكيف يكون رجلا يصلح لمثل هذا الأمر؟ ثم الشعر الذي أنشده وزعم أنه لعمرو ابن الغوث، وقد رواه أبو اليقظان وأحمد بن يحيى ثعلب وغيرهما من الرّواة الثقات لهانىء بن أحمر الكناني شاعر جاهليّ. ثم كيف تكون القوس حديدا وهي لا تنفذ السّهم إلّا برجوعها؟ والحديد إذا اعوجّ لا يرجع البتّة. ثم كيف يصحّ في العقل أن قوسا بزرافين؟
هذا بعيد في العقل إلى غير ذلك من النظر. وقد روى بعض أهل السير من خبر الأسود بن غفار ما هو أقرب إلى القبول من هذا، وهو أنّ الأسود لما أفلت
من حسّان تبّع، كما نذكره إن شاء الله تعالى في خبر اليمامة، أفضى به الهرب حتى لحق بالجبلين قبل أن ينزلهما طيء، وكانت طيء تنزل الجوف من أرض اليمن، وهي اليوم محلّة همدان ومراد، وكان سيّدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوث بن طيء وكان الوادي مسبعة وهم قليل عددهم فجعل ينتابهم بعير في زمن الخريف يضرب في إبلهم، ولا يدرون أين يذهب، إلا أنهم لا يرونه إلى قابل، وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام سيل العرم فاستوحشت طيء لذلك وقالت: قد ظعن إخواننا وساروا إلى الأرياف، فلما همّوا بالظعن، قالوا لأسامة: إن هذا البعير الذي يأتينا إنما يأتينا من بلد ريف وخصب وإنا لنرى في بعره النّوى، فلو إنا نتعهده عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكانا خيرا من مكاننا. فلما كان الخريف جاء البعير فضرب في إبلهم، فلما انصرف تبعه أسامة بن لؤي بن الغوث وحبّة بن الحارث بن فطرة بن طيء فجعلا يسيران بسير الجمل وينزلان بنزوله، حتى أدخلهما باب أجإ، فوقفا من الخصب والخير على ما أعجبهما، فرجعا إلى قومهما فأخبراهم به فارتحلت طيء بجملتها إلى الجبلين، وجعل أسامة بن لؤي يقول:
اجعل ظريبا كحبيب ينسى، ... لكلّ قوم مصبح وممسى
وظريب اسم الموضع الذي كانوا ينزلون فيه قبل الجبلين، قال فهجمت طيء على النخل بالشّعاب على مواش كثيرة، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب وهو الأسود بن غفار، فهالهم ما رأوا من عظم خلقه وتخوّفوه، فنزلوا ناحية من الأرض فاستبرؤوها فلم يروا بها أحدا غيره. فقال أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث: يا بنيّ إن قومك قد عرفوا فضلك في الجلد والبأس والرّمي، فاكفنا أمر هذا الرجل، فإن كفيتنا أمره فقد سدت قومك آخر الدهر، وكنت الذي أنزلتنا هذا البلد. فانطلق الغوث حتى أتى الرجل، فسأله، فعجب الأسود من صغر خلق الغوث، فقال له:
من أين أقبلتم؟ فقال له: من اليمن. وأخبره خبر البعير ومجيئهم معه، وأنهم رهبوا ما رأوا من عظم خلقه وصغرهم عنه، فأخبرهم باسمه ونسبه. ثم شغله الغوث ورماه بسهم فقتله، وأقامت طيء بالجبلين وهم بهما إلى الآن. وأما أسامة بن لؤي وابنه الغوث هذا فدرجا ولا عقب لهما.

الجامع الكبير في الفروع

الجامع الكبير في الفروع
للإمام، المجتهد، أبي عبد الله: محمد بن الحسن الشيباني، الحنفي.
المتوفى: سنة 187، سبع وثمانين ومائة.
قال الشيخ: أكمل الدين: هو كاسمه لجلائل مسائل الفقه جامع كبير، قد اشتمل على عيون الروايات، ومتون الدرايات، بحيث كاد أن يكون معجزاً، ولتمام لطائف الفقه منجزاً، شهد بذلك بعد إنفاد العمر فيه، داروه ولا يكاد يلم بشيء من ذلك عاروه.
ولذلك امتدت أعناق ذوي التحقيق نحو تحقيقه، واشتدت رغباتهم في الاعتناء بحلى لفظه وتطبيقه، وكتبوا له شروحاً، وجعلوه مبيناً مشروحاً. انتهى.
منها:
شرح الفقيه، أبي الليث: نصر بن أحمد السمرقندي، الحنفي.
المتوفى: سنة 373، ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
وشرح فخر الإسلام: علي بن محمد البزدوي، المتوفى: سنة 482، اثنتين وثمانين وأربعمائة.
وشرح القاضي، أبي زيد: عبيد الله بن عمر الدبوسي.
المتوفى: سنة 432، اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وشرح الإمام، برهان الدين: محمود بن أحمد، صاحب المحيط.
وشرح شمس الأئمة: أبي محمد بن عبد العزيز، شمس الأئمة: عبد العزيز بن أحمد الحلواني.
المتوفى: سنة 449، تسع وأربعين وأربعمائة.
وشرح شمس الأئمة: محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي.
المتوفى: سنة 438، ثلاث وثمان وأربعمائة.
وشرح محمد بن علي، الشهير: بابن عبدك الجرجاني.
المتوفى: سنة 347، سبع وأربعين وثلاثمائة.
وشرحا السيد، الإمام، جمال الدين: محمود بن أحمد البخاري، المعروف: بالحصيري.
المتوفى: سنة 636، ست وثلاثين وستمائة.
أحدهما: مختصره الذي زاد فيه على ما في الجامع العالمي زهاء ألف وستمائة وثلاثين من المسائل، وكثيراً من القواعد الحسابية.
وهو في مجلدين.
أوله: (الحمد لله، شارع الأحكام... الخ).
بالغ في الإيضاح بالنظائر، والشواهد، وإيراد الفروق، وتصحيح الحسابيات، أوجز العبارات تسهيلاً للحفظ.
وثانيهما: المطول الذي بلغ في الجمع والتحقيق الغاية.
وهو المسمى: (بالتحرير في شرح الجامع الكبير).
وهو في ثمان مجلدات.
ألفه: حين قرأ عليه عبد الملك المعظم: عيسى بن أبي بكر الأيوبي، صاحب الشام.
المتوفى: سنة 624، أربع وعشرين وستمائة.
وللملك المعظم المزبور، شرح (الجامع الكبير) أيضاً.
وكان عادته أن يعطي مائة دينار لمن يحفظ الجامع الكبير، وخمسين دينار لمن يحفظ الجامع الصغير.
ومنها: شرح الإمام، أبي نصر: أحمد بن محمد بن عمر العتابي، البخاري.
المتوفى: سنة 586، ست وثمانين وخمسمائة.
أوله: (الحمد لله، الذي تكفل من توكل عليه 000 الخ).
وله الجامع الكبير أيضاً.
ومنها شرح الإمام، أبي بكر: أحمد بن علي، المعروف: بالجصاص، الرازي.
المتوفى: سنة 370، سبعين وثلاثمائة.
وشرح الإمام، افتخار الدين: عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، الحلبي.
المتوفى: سنة 616، ست عشرة وستمائة.
وهو شرح، ممزوج، وسط.
أوله: (الحمد لله، الذي نور قلوب العلماء بمصابيح الحكم... الخ).
وشرح الإمام، أبي جعفر: أحمد بن محمد الطحاوي.
المتوفى: سنة 371، إحدى وسبعين وثلاثمائة.
وشرح أبي عمرو: أحمد بن محمد الطبري، الحنفي.
المتوفى: سنة 340، أربعين وثلاثمائة.
وشرح أبي عبد الله: محمد بن يحيى الجرجاني، الفقيه.
المتوفى: سنة 398، ثمان وتسعين وثلاثمائة.
وشرح القاضي، أبي حازم: عبد الحميد بن عبد العزيز.
المتوفى: سنة 292، اثنتين وتسعين ومائتين.
وشرح شيخ الإسلام، أبي بكر: أحمد بن منصور الأسبيجابي.
المتوفى سنة 500، خمسمائة تقريباً.
قال التقي: رأيت بخط بعضهم أن وفاته بعد الثمانين وأربعمائة. انتهى.
وشرح الإمام، أبي بكر: محمد بن حسين، المعروف: بخواهر زاده البخاري.
المتوفى: سنة 483، ثلاث وثمانين وأربعمائة.
وشرح الإمام: حسين بن يحيى الزندويستي.
وشرح الإمام، علاء الدين، العالم: محمد بن عبد الحميد.
المتوفى: سنة 552.
السمرقندي.
أوله: (الحمد لله، على آلائه ونعمائه... الخ).
وهو في مجلدات.
وشرح الإمام، فخر الدين: حسن بن منصور، الشهير: بقاضيحان.
المتوفى: سنة 592، اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وشرح الإمام، ركن الدين، أبي الفضل: عبد الرحمن بن أبي محمد الكرماني.
المتوفى: سنة 543، ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وشرح الإمام، أبي بكر: محمد بن أحمد الإسكاف.
المتوفى: سنة 333.
الزاهد، البلخي.
وشرح الإمام، برهان الدين: علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني.
المتوفى: سنة 593، ثلاث وتسعين وخمسمائة.
وشرح القاضي: محمد بن الحسين الأرسابندي.
المتوفى: سنة 512، اثنتي عشرة وخمسمائة.
وشرح الصدر، الشهيد، حسام الدين: عمر بن عبد العزيز بن مازه.
المتوفى شهيداً: سنة 536، ست وثلاثين وخمسمائة.
وله تلخيصه.
وتلخيص الجامع الكبير أيضاً.
لكمال الدين: محمد بن عباد الخلاطي.
المتوفى: سنة 652، اثنتين وخمسين وستمائة.
وقد سبق مع شروحه.
ومنها:
شرح أبي المظفر: يوسف بن قزاوغلي، المعروف: بسبط بن الجوزي، الحنفي.
المتوفى: سنة 654، أربع وخمسين وستمائة.
وشرح أبي عمر: عثمان بن إبراهيم المارديني.
المتوفى، سنة 731، إحدى وثلاثين وسبعمائة.
وهو كبير.
في عدة مجلدات.
وشرح الإمام، رضي الدين: إبراهيم بن سليمان الحموي، القونوي، المنطقي، الرومي.
المتوفى: سنة 832، اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
وهو في ست مجلدات.
وشرح أبي العباس: أحمد بن مسعود القونوي.
وهو في أربع مجلدات.
سماه: (التقرير).
ولم يكمل تبييضه.
ثم كمله ولده أبو المحاسن: محمود.
المتوفى: سنة 771، إحدى وسبعين وسبعمائة.
وشرح تاج الدين: أحمد بن إبراهيم، المعروف: بابن البرهان الحلبي.
المتوفى: سنة 738، ثمان وثلاثين وسبعمائة.
وشرح فخر الدين: عثمان بن علي بن يونس الزيلعي.
المتوفى: سنة 743، ثلاث وأربعين وسبعمائة.
وشرح تاج الدين، علي بن سنجر بن سباك البغدادي.
المتوفى في حدود: سنة 700، سبعمائة (661).
شرح أكثره، ولم يتم.
وشرح ناصر الدين: محمد بن أحمد بن عبد العزيز، المعروف: بابن الربوة الدمشقي، الحنفي.
المتوفى: سنة 864، أربع وستين وسبعمائة.
سماه: (الدر النظيم المنير في حل إشكال الجامع الكبير).
وشرح أبي عبد الله: محمد بن عيسى، المعروف: بابن أبي موسى.
المتوفى: سنة 334، أربع وثلاثين وثلاثمائة (337).
وشرح ظهير الدين الأسترابادي.
وشرح القاضي، سراج الدين: عمر بن إسحاق الهندي.
المتوفى: سنة 773، ثلاث وسبعين وسبعمائة.
ولم يكمله.
وشرح عبد الحميد العراقي.
وشرح الإمام المسعودي.
وشرح الصدر، مجد الدين: عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي.
المتوفى: سنة 683.
وشرح الإمام، أوحد الدين، النسفي، هو: أبو المعين: ميمون بن محمد بن معتمد.
المتوفى: سنة 508.
وشرح الإمام: علي القمي.
وللجامع الكبير منظومات منها:
نظم أحمد بن أبي المؤيد المحمودي، النسفي.
أوله: (الحمد لله، الذي أنزل كتابه... الخ).
ذكر فيه: أنه نظم أولاً، فمهد للنظم أساساً فاحكمه، ثم بنى عليه النثر، ثم لخص للنظم نسخة، وطرح النثر، وأورد في كل باب قصيدة.
وأتمه: في محرم، سنة 515، خمس عشرة وخمسمائة.
وعدد أبياته: خمسة آلاف وخمسمائة وخمسة وخمسين بيتاً.
وشرح هذا المنظوم للشيخ، الإمام، أبي القاسم: محمود بن عبيد الله بن صاعد الحارثي.
المتوفى: سنة 606، ست وستمائة، وسماه: (تفهيم التحرير).
ومنها: نظم أحمد بن عثمان بن إبراهيم الصبيح التركماني.
المتوفى: سنة 744، أربع وأربعين وسبعمائة.
قلت: قال التقي في طبقاته: له شرح الجامع الكبير. انتهى.
ونظم أبي الحسن: علي بن خليل الدمشقي، المتوفى: سنة 651، إحدى وخمسين وستمائة.

التنبيه، في فروع الشافعية

التنبيه، في فروع الشافعية
للشيخ، أبي إسحاق: إبراهيم بن علي الفقيه، الشيرازي، الشافعي.
المتوفى: سنة 476، ست وسبعين وأربعمائة.
وهو: أحد الكتب الخمس المشهورة المتداولة، بين الشافعية، وأكثرها تداولا.
كما صرح به النووي في (تهذيبه)، أخذه من تعليقة:
الشيخ، أبي حامد، المروزي.
بدأ في تصنيفه: في أوائل رمضان، سنة 452، اثنتين وخمسين وأربعمائة.
ولبعضهم في مدحه:
يا كوكبا ملأ البصائر نوره * من ذا رأى لك في الأنام شبيها
كانت خواطرنا نياما برهة *فرزقن من تنبيهه تنبيها
وله: شروح كثيرة.
منها:
شرح: صاين الدين: عبد العزيز بن عبد الكريم الجيلي، المعروف: (بالمعيد).
المتوفى: سنة....
وسماه: (الموضح).
إلا أنه لا يجوز الاعتماد على ما فيه من النقول، لأن بعض الحساد حسده عليه، فدس فيه، فأفسده.
صرح به: النووي، وابن الصلاح.
وشرح: أبي طاهر الكرخي، الشافعي.
وهو كبير.
في أربع مجلدات.
وشرح: الإمام، أبي الحسن: محمد بن مبارك، المعروف: بابن الخل الشافعي.
المتوفى: سنة 552، اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وهو: مجلد.
سماه: (توجيه التنبيه).
وهو: أول من تكلم على التنبيه.
وليس في شرحه تصوير المسألة، لكنه عللها بعبارة مختصرة.
وشرح: الإمام، أبي العباس: أحمد بن الإمام: موسى ابن يونس الموصلي.
المتوفى: سنة 622، اثنتين وعشرين وستمائة.
قال ابن خلكان: شرع بإربل.
واستعار منها: نسخة من (التنبيه) عليها حواش مفيدة.
بخط الشيخ، رضي الدين: سليمان بن المظفر الجيلي.
المتوفى: سنة 631، إحدى وثلاثين وستمائة.
ورأيت بعد ذلك: قد نقل الحواشي كلها في شرحه. انتهى.
وشرح: الإمام، تاج الدين: عبد الرحمن بن إبراهيم، المعروف: بالفركاح، الشافعي.
المتوفى: سنة 690، تسعين وستمائة.
وسماه: (الإقليد، لدر التقليد).
وقف قبل وصوله إلى كتاب (النكاح).
ولم يكمله.
وشرح: ولده، برهان الدين: إبراهيم بن الفركاح.
المتوفى: سنة 729، تسع وعشرين وسبعمائة.
وهي: تعليقة حافلة.
قال الأسنوي: إنه كبير الحجم، قليل الفائدة بالنسبة إلى حجمه، كأنه حاطب ليل.
جمع فيه: بين الغث والسمين.
وشرح: شمس الدين: محمد بن عبد الرحمن الحضرمي.
المتوفى: سنة 613.
سماه: (الإكمال، لما وقع في التنبيه من الــإشكال والإجمال).
ذكره: التاج السبكي. وقال: و(الإكمال) لا أعرفه.
وشرح: موفق الدين: حمزة بن يوسف الحموي، الشافعي.
المتوفى: سنة 670، سبعين وستمائة.
أجاب فيه: عن الــإشكالــات الواردة عليه.
وسماه: (المبهت).
وشرح: الشيخ، نجم الدين: محمد بن عقيل البالسي، الشافعي.
المتوفى: سنة 729، تسع وعشرين وسبعمائة.
وشرح: الإمام، علم الدين: عبد الكريم بن علي العراقي، الشافعي.
المتوفى: سنة 704، أربع وسبعمائة.
وشرح: شمس الدين: محمد بن أبي منصور، المعروف: بابن السبتي.
فرغ عن تأليفه: سنة 706، ست وسبعمائة.
وشرح: شهاب الدين: أحمد بن العامري اليمني، الشافعي.
المتوفى: سنة 721، إحدى وعشرين وسبعمائة.
وشرح: كمال الدين: أحمد بن عيسى بن رضوان العسقلاني، المعروف: بابن القليوبي.
المتوفى: سنة 689، تسع وثمانين وستمائة.
وشرح: الشيخ: علي بن أبي الحزم القرشي، المعروف: بابن النفيس، المتطبب، الشافعي.
المتوفى: سنة 687، سبع وثمانين وستمائة.
وشرح: علاء الدين: علي بن عبد الكافي السبكي.
المتوفى: سنة 747، سبع وأربعين وسبعمائة.
وهو كبير.
في أربع مجلدات.
وشرح: جلال الدين: أحمد بن عبد الرحمن الكندي.
المتوفى: سنة سبع وسبعين وستمائة.
وشرح: أحمد بن كشاسب الدزماري.
المتوفى: سنة 643، ثلاث وأربعين وستمائة.
وهو: في مجلد.
سماه: (رفع التمويه، عن مشكل التنبيه).
وشرح: الحافظ، زكي الدين: عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، الشافعي.
المتوفى: سنة 656، ست وخمسين وستمائة.
وشرح: الإمام، محيي الدين: يحيى بن شرف بن مري بن الحسن النووي، الشافعي.
المتوفى: سنة 676، ست وسبعين وستمائة.
وهو: شرح غريب.
سماه: (التحرير).
ذكر فيه: أن (التنبيه) من الكتب المباركة النافعة، فينبغي أن يعتنى بتحريره، وتهذيبه.
ومن ذلك نوعان:
أهمهما ما يفتي به، وتصحيح ما ترك المصنف تصحيحه، أو خولف فيه، أو جزم بما هو خلاف المذهب، وأنكر عليه.
قال: وقد جمعت ذلك في كراس قبل هذا.
والثاني: بيان لغاته، وضبط ألفاظه.
ذكر فيه: جميع ما يتعلق بألفاظه.
وعلى (التحرير) : (نكت).
للشريف، عز الدين: حمزة بن أحمد الحسيني، الدمشقي، الشافعي.
المتوفى: سنة 863، ثلاث وستين وثمانمائة. (874)
سماها: (الإيضاح).
وشرح: الشيخ، مجد الدين: أبي بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السنكلومي، الشافعي.
المتوفى: سنة 740، أربعين وسبعمائة.
وهو: شرح كبير، حسن.
لخصه من: الرافعي، وابن الرفعة.
وسماه: (تحفة النبيه، في شرح التنبيه).
وشرح: القاضي، جمال الدين: محمد بن عبد الله الريمي، اليمني، الشافعي.
المتوفى: سنة 791، إحدى وتسعين وسبعمائة.
قال الأشرف إسماعيل، صاحب اليمن في (تاريخه) : وفي غرة ذي الحجة، سنة 788، ثمان وثمانين وسبعمائة، حمل إلينا القاضي: جمال الدين، كتابه المسمى: (بالتفقيه، في شرح التنبيه)، فأمرنا أن يحمل على رؤوس المتفقهة.
وكان أربعة وعشرين مجلدا.
فحبوناه: بثمانية وأربعين ألف درهم. انتهى.
وشرح: ضياء الدين: محمد بن إبراهيم المناوي.
المتوفى: سنة 746، ست وأربعين وسبعمائة.
وشرح: عماد الدين: محمد (هو: جمال الدين: عبد الرحيم) بن الحسين، الأسنوي.
المتوفى: سنة 777، سبع وسبعين وسبعمائة.
سماه: (تصحيح التنبيه).
وشرح: قطب الدين: محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي.
المتوفى: سنة 722، اثنتين وعشرين وسبعمائة.
وله: (شرح) آخر.
ليس بتام.
و (نكت) أيضا.
وشرح: بدر الدين: محمد بهادر بن عبد الله الزركشي.
المتوفى: سنة 794، أربع وتسعين وسبعمائة.
وشرح: نجم الدين: محمد بن علي البالسي، الشافعي.
المتوفى: سنة 804، أربع وثمانمائة.
وشرح: نجم الدين: محمد بن علي الشافعي.
المتوفى: سنة 804، أربع وثمانمائة.
وشرح: شرف الدين: عبد الله بن محمد الفهري، التلمساني.
المتوفى: سنة 644.
وشرح: نجم الدين: أحمد بن محمد بن علي، المعروف: بابن الرفعة الشافعي.
المتوفى: سنة 716، ست عشرة وسبعمائة.
وهو: شرح كبير.
في نحو: عشرين مجلدا.
لم يعلق على (التنبيه) مثله.
مشتمل على: غرائب، وفوائد كثيرة.
سماه: (كفاية النبيه).
قال اليافعي: إن المجد السنكلومي: انتخبه.
في ست مجلدات.
وقد سبق.
و (مختصر الكفاية).
لشهاب الدين، أبي العباس: أحمد بن لؤلؤ بن النقيب الشافعي.
المتوفى: سنة 769، تسع وستين وسبعمائة.
وشرح: أحمد بن عيسى العسقلاني.
سماه: (الإشراق، في شرح تنبيه أبي إسحاق).
مجلد.
وشرح: الإمام، محب الدين: أحمد بن عبد الله الطبري، المكي.
المتوفى: سنة 694، أربع وتسعين وستمائة.
وهو: شرح مبسوط.
في عشرة أسفار كبار.
إلا أنه ربما يختار الوجوه الضعيفة.
صرح بذلك اليافعي في (تاريخه).
وله: (نكت على التنبيه) : كبرى، وصغرى.
وله: (مختصر التنبيه).
سماه: (مسلك النبيه، في تلخيص التنبيه).
وهو كبير.
وله: (مختصر) آخر.
وهو صغير.
سماه: (تحرير التنبيه، لكل طالب نبيه).
ومنها:
شرح: تقي الدين: أبي بكر بن محمد الحصني، الشافعي.
المتوفى: سنة 829، تسع وعشرين وثمانمائة.
وشرح: الإمام، أبي حفص: عمر بن علي بن الملقن الشافعي.
المتوفى: سنة 804، أربع وثمانمائة.
وهو كبير.
سماه: (الكفاية).
وله: (أمنية النبيه، فيما يرد على التصحيح والتنبيه).
مجلد.
وله: في أدلته (الخلاصة).
مجلد.
وله شرح آخر.
سماه: (غنية الفقيه).
في أربع مجلدات.
وشرح آخر.
سماه: (هادي النبيه).
في مجلد.
واختصره:
في جزء.
للحفظ.
سماه: (إرشاد النبيه، إلى تصحيح التنبيه).
وهو: غريب في بابه.
ذكره السخاوي: في (الضوء).
وشرح: شمس الدين: محمد.... الخطيب، الشربتي.
المتوفى: سنة 977، سبع وسبعين وتسعمائة.
(وتصحيح التنبيه).
لجمال الدين: محمد بن الحسين الأسنوي، الشافعي.
المتوفى: سنة 777، سبع وسبعين وسبعمائة.
وهو مختصر.
سماه: (تذكرة النبيه).
أوله: (الحمد لله رب العالمين... الخ).
قال: إن تصحيح (التنبيه) للنووي، وجدته قد أهمل في كثير، فحينئذ جردت المهملات، وجمعتها في: تأليف، سميته: (بالتنقيح).
ثم استخرت في تأليف جامع، كتبت فيه ما أهملته في (التنقيح).
وميزت الزيادات التي من قبلي.
وكان الفراغ منه: في شعبان، سنة 838، ثمان وثلاثين وسبعمائة، بالقاهرة.
وشرح: القاضي، تقي الدين: أبي بكر بن أحمد، المعروف: بابن قاضي شهبة، الشافعي، الدمشقي.
المتوفى: سنة 851، إحدى وخمسين وثمانمائة.
وله: (نكت على التنبيه) أيضا.
وشرح: الشيخ، زين الدين: سريجا بن محمد الملطي، ثم المارديني، الشافعي.
المتوفى: سنة 788، ثمان وثمانين وسبعمائة.
سماه: (نصح الفقيه).
وهو: أربعة أجزاء.
وشرح: قطب الدين: محمد بن محمد الخيضري، الشافعي.
المتوفى: سنة 894، أربع وتسعين وثمانمائة.
سماه: (مجمع العشاق، على توضح تنبيه الشيخ أبي إسحاق).
قال السخاوي: ومن تسميته يعلم حاله. انتهى.
وشرح: الشيخ، جلال الدين: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
المتوفى: سنة إحدى عشرة وتسعمائة.
وهو: شرح ممزوج.
سماه: (الوافي).
لكنه لم يكمله.
وله: مختصر الأصل.
وعلى (التنبيه) تعليقة:
لبرهان الدين الفزاري.
سماها: (الإقليد).
صرح به: الأسنوي.
وللتنبيه: مختصرات، منها:
مختصر: تاج الدين: عبد الرحيم بن محمد الموصلي.
المتوفى: سنة 671، إحدى وسبعين وستمائة.
سماه: (النبيه، في اختصار التنبيه).
وله: (التنويه في فضل التنبيه).
ومختصر: الشيخ، جلال الدين: محمد بن أحمد المحلي، الشافعي.
المتوفى: سنة 864، أربع وستين وثمانمائة.
ومختصر: أبي الفرج: مفضل بن مسعود التنوخي.
سماه: (اللباب).
ومختصر: شرف الدين، أبي القاسم: هبة الله بن عبد الرحيم، البارزي، الحموي، الشافعي.
المتوفى: سنة 738، ثمان وثلاثين وسبعمائة.
ومن الشروح:
(شرح: تهذيب التنبيه).
لعماد الدين: إسماعيل بن إبراهيم بن شرف المقدسي.
المتوفى: سنة 852، اثنتين وخمسين وثمانمائة.
و (للتنبيه) منظومات، منها:
نظم: أبي عبد الله: محمد بن عبد الله الشيباني، اليمني.
ونظم: جعفر بن أحمد السراج.
المتوفى: سنة 500، خمسمائة.
ونظم: سعيد الدين: عبد العزيز بن أحمد الديري.
المتوفى: سنة 697، سبع وتسعين وستمائة.
وله: (دقائق التنبيه).
ونظم: ضياء الدين: علي بن سليم الأذرعي.
في: ستة عشر ألف بيت.
ونظم: الشيخ، الإمام: حسين بن عبد العزيز بن الحسين السباعي، خطيب حمص.
ونظم: الشهاب: أحمد بن سيف الدين بيلبك، الظاهري.
المتوفى: سنة 753.
سماه: (الروض النزيه، في نظم التنبيه).
وعلى (التنبيه) نكات، منها:
نكت: كمال الدين: أحمد بن عمر بن أحمد النسائي، القاهري.
المتوفى: سنة 757، سبع وخمسين وسبعمائة.
و (نكت: ابن أبي الصيف اليمني).

أُقليدس، في أصول الهندسة والحساب

أُقليدس، في أصول الهندسة والحساب
وهو بضم الهمزة، وكسر الدال، وبالعكس: لفظ يوناني، مركب: من أقلي، بمعنى: المفتاح؛ ودس بمعنى: المقدار.
وقيل: الهندسة، أي: مفتاح الهندسة.
وفي (القاموس) : إقليدس: اسم رجل، وضع كتابا في هذا العلم.
وقول ابن عباد: إقليدس: اسم كتاب، غلط. انتهى.
وفي: (شرح الــإشكال).
للفاضل، قاضي زاده، الرومي: حكي أن بعض ملوك اليونان مال إلى تحصيل ذلك الكتاب، فاستعصي عليه حله، فأخذ يتوسم أخبار الكتاب من كل وارد عليه، فأخبره بعضهم: بأن في بلدة صور رجلا مبرزا في علمي: الهندسة والحساب، يقال له: إقليدس، فطلبه، والتمس منه تهذيب الكتاب، وترتيبه، فرتبه، وهذبه، فاشتهر باسمه، بحيث إذا قيل: (كتاب إقليدس)، يفهم منه هذا الكتاب، دون غيره من الكتب المنسوبة إليه. انتهى.
بل صار هذا اللفظ حقيقة عرفية في الكتاب، (كصدر الشريعة)، فيقال: كتبت إقليدس، وطالعته، فظهر من كلام الفاضل: أن إقليدس: ما صنف كتاب الأصول، بل هذبه، وحرره.
ويؤيده ما في (رسالة الكندي)، في أغراض إقليدس، أن هذا الكتاب ألفه: رجل، يقال له: أبلونيوس النجار، وأنه رسمه خمسة عشر قولا، فلما تقادم عنده، تحرك بعض ملوك الإسكندرانيين لطلب الهندسة، وكان على عهده إقليدس، فأمره بإصلاحه، وتفسيره، ففعل، وفسر منه: ثلاث عشرة مقالة، فنسبت إليه.
ثم وجد أسقلاوس، تلميذ إقليدس، مقالتين، وهما: الرابعة عشر، والخامسة عشر، فأهداهما إلى: الملك، فانضافتا إلى الكتاب. انتهى.
ثم نقل من اليونانية إلى العربية جماعة، منهم:
حجاج بن يوسف الكوفي.
فإنه نقله نقلتين:
إحداهما: يعرف (بالهاروني)، وهو: الأول.
والثاني: المسمى: (بالمأموني)، وعليه يعول.
ونقل أيضا: حنين بن إسحاق العبادي، المتطبب.
المتوفى: سنة ستين ومائتين.
وأبو الحسن: ثابت بن قرة الحراني.
المتوفى: سنة ثمان وثمانين ومائتين.
ونقل: أبو عثمان الدمشقي، منه مقالات.
وذكر عبد اللطيف المتطبب: أنه رأى المقالة العاشرة منه، برومية، وهي تزيد على ما في أيدي الناس: أربعين شكلا، والذي بأيدي الناس: مائة وتسعة أشكال، وأنه عزم على: إخراج ذلك إلى العربي.
واشتهر من النسخ المنقولة: نسخة ثابت، وحجاج، ثم أخذ كثير من أهل الفن في شرحه، وتفسيره، منهم:
اليزيدي.
والجوهري.
والهاماني، فإنه فسر: المقالة الخامسة فقط.
وأبو حفص: الحرث الخراساني.
وأبو الوفاء: الجوزجاني.
وأبو القاسم الأنطاكي.
وأحمد بن محمد الكرابيسي.
وأبو يوسف الرازي، فسر: (العشرة لابن العميد)، وجوَّده.
والقاضي: أبو محمد بن عبد الباقي البغدادي، الشهير: بقاضي مارستان.
المتوفى: سنة 489.
شرح شرحا بينا، مثل فيه الأشكال بالعدد.
وأبو علي: الحسن بن الحسين بن الهيثم البصري، نزيل مصر.
شرح مصادراته، وله أيضا: ذكر شكوكه، والجواب عنه.
و (تفسير المقالة العاشرة)، لأبي جعفر الخازن.
وللأهوازي أيضا.
(شرح ذوات الاسمين والمنفصلات) من العاشرة أيضا.
لأبي داود: سليمان بن عقبة.
وشرح العلة التي رتب إقليدس أشكال كتابه، وفي التسبب إلى استخراج ما يرد من قضايا الأشكال، بعد فهمه.
لثابت بن قرة.
ومن شروح (إقليدس) : كتاب: (البلاغ).
لصاحب: (التجريد).
ومن تحريراته:
تحرير: تقي الدين، أبي الخير:. محمد بن محمد الفارسي، تلميذ: غياث الدين منصور.
وقد جعله من أقسام رياضيات صحيفة.
وسماه: (بتهذيب الأصول).
ولايرن حل شكوكه.
ولبلبس اليوناني.
(شرح العاشرة).
ثم أخذ كثير من المتأخرين في تحريره، متصرفين فيه إيجازا، وضبطا، وإيضاحا، وبسطا.
والأشهر مما حرروه:
تحرير: العلامة، المحقق، نصير الدين: محمد بن محمد الطوسي.
المتوفى: سنة اثنتين وسبعين وستمائة.
بإيجاز غير مخل، وأضاف إليه ما يليق به مما استفاد، واستنبط.
أوله: (الحمد لله الذي منه الابتداء... الخ).
ذكر فيه: أنه حرره بعد: (تحرير المجسطي).
وأن الكتاب يشتمل على: خمس عشرة مقالة.
وهي: أربعمائة وثمانية وستون شكلا، في نسخة الحجاج.
وبزيادة عشرة أشكال، في نسخة ثابت.
أفرز ما يوجد من أصل الكتاب في نسختي: الحجاج، وثابت، عن المزيد عليه، إما: بالإشارة، أو باختلاف ألوان الأشكال؛ وفي بعض المواضع في الترتيب أيضا بينهما اختلاف.
وعلى (تحرير النصير) : حاشية.
للعلامة: الشريف الجرجاني.
وللفاضل، العلامة: موسى بن محمد، المعروف: بقاضي زاده، الرومي.
بلغ إلى آخر: المقالة السابعة.
ومن حواشي التحرير:
حاشية.
أولها: (الحمد لله الذي رفع سطح السماء... الخ).
ذكر صاحبه: أن (التحرير) كان مشتملا على: فوائد يحتاج بعضها إلى تنبيه قليل، وبعضها إلى نظر جليل، فكتب.
و (مختصر إقليدس).
لنجم الدين (لشمس الدين) : ابن اللبودي (الدمشقي، الحكيم، محمد بن عبدان).
المتوفى: سنة 621.

علم الحمامات

علم الحمامات
ويقال له: علم الديماس والحمام: وضع صناعي مركب الكيفية للتدبير والاستفراغ في الداخل والخارج معا.
وغايته: جلب المنافع للبدن ودفع المضار عنه باعتبار حالة عناصر ذلك البدن فيتبعها صحة أو فساد والحاجة باعثة إلى اتخاذه.
وهذا العلم من فروع علم الطب وفيه رسالة للسيوطي1 ورسالة للحكيم محمد أحسن الحاجي فوري نزيل بهوبال لطف الله به في الحال والمآل.
قال الإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني في كتابه وبل الغمام: إنها قد وردت في الحمامات روايات غالبها الضعاف فيها ما هو في رتبة الحسن وحاصل ما دلت عليه تحريم دخوله على النساء مطلقا وعلى الرجال إلا في المآزر وقد استوفيت ذلك في الرسالة المسماة تفويق النبال إلى إرسال المقال جعلتها جوابا لرسالة سماها مؤلفها إرسال المقال إلى حل الــإشكال انتهى2 كلامه - رحمه الله – تعالى.

علم الباه

علم الباه
هو: علم باحث عن: كيفية المعالجة المتعلقة بقوة المباشرة، من الأغذية المصلحة لتلك القوة، والأدوية المقوية، أو المزيدة للقوة، أو الملذذة للجماع، أو المعظمة، أو المضيقة، وغير ذلك من الأعمال والأفعال المتعلقة بها، كذكر أشكال الجماع، وحكايات محركة للشهوة، التي وضعوها لمن ضعفت قوة مباشرته، أو بطلت، فإنها تعيدها بعد الإياس.
روى أن: ملكا بطلت عنه القوة، فزوج عبدا من مماليكه جارية حسناء، وهيأ لهما مكانا بحيث يراهما الملك ولا يريانه، فعادت قوته بمشاهدة أفعالهما. انتهى ملخصا من: (المفتاح).
ولا يبعد أن يقال: وكذا النظر إلى تسافد الحيوانات، لكن النظر إلى فعل الإنسان أقوى في تأثير عود القوة.
وهذا العلم من: فروع علم الطب، بل هو: باب من أبواب كتبه، غير أنهم أفردوه بالتأليف، اهتماما لشأنه.
ومن الكتب المصنفة فيه:
كتاب: (الألفية والشلفية).
قال أبو الخير: يحكى أن ملكا بطلت عنه قوة المباشرة بالكلية، وعجز الأطباء عن معالجتها بالأدوية، فاخترعوا حكايات عن لسان امرأة مسماة: بالألفية، لما أنها جامعها ألف رجل، فحكت عن كل منهم أشكالا مختلفة، فعادت لاستماعها قوة الملك. انتهى.
وقد سبق ذكر الألفية في موضعها.
ومن الكتب المصنفة:
علم الباه
هو: علم باحث عن كيفية المعالجة المتعلقة بقوة المباشرة من الأغذية المصلحة لتلك القوة والأدوية المقوية والمزيدة للقوة أو الملذذة للجماع أو المعظمة أو المضيقة وغير ذلك من الأعمال والأفعال المتعلقة بها كذكر أشكال الجماع وآدابه الذين لهما مدخل في اللذة وحصول أمر الخيال إلا أنهم يذكرون لأجل إكثار الصناعة أشكالا يعسر فعلها بل يمتنع ويذيلون ذلك الــإشكال بحكايات مشهية تحصل باستماعها الشهوة وتحرك قوة المجامعة وإنما وضعوها لمن ضعفت قوة مباشرته أو بطلت فإنها تعيدها له بعد الإياس.
روي أن ملكا بطلت عنه القوة فزوج عبدا من مماليكه جارية حسناء وهيأ لهما مكانا بحيث يراهما الملك ولا يريانه فعادت قوته بمشاهدة أفعالهما حتى خرجت من إحليله شبيهة الخبز الرطب فقدر بعد ذلك قدرة زائدة. انتهى ملخصا من: المفتاح ومثله في: مدينة العلوم.
وما يبعد أن يقال: وكذا النظر إلى تسافد الحيوانات ولكن النظر إلى فعل الإنسان أقوى في تأثير عود القوة.
وهذا العلم من فروع علم الطب بل هو باب من أبوابه كبير غير أنهم أفردوه بالتأليف اهتماما بشأنه.
ومن الكتب المصنفة فيه كتاب: الألفية والشلفية.
قال أبو الخير: يحكى أن ملكا بطلت عنه قوة المباشرة بالكلية وعجز الأطباء عن معالجتها بالأدوية، فاخترعوا حكايات عن لسان امرأة مسماة بالألفية لما أنها جامعها ألف رجل فحكت عن كل منهم أشكالا مختلفة وأوضاعا متشتة فعادت باستماعها قوة الملك. انتهى ومثله في: مدينة العلوم.
و: الإيضاح في أسرار النكاح أي في الباه للشيخ عبد الرحمن بن نصر بن عبد الله الشيرازي وهو مختصر أوله: الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين وأنشد فيه:
عليك بمضمون الكتاب فإننا ... وجدناه حقا عندنا بالتجارب
يزيدك في الاتعاظ بطشا وقوة ... ويحظيك عند الغانيات الكواعب
قال في: مدينة العلوم: ومن الكتب الجامعة في هذا الباب كتاب: رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه وكتاب: رشد اللبيب إلى معاشرة الحبيب وكتاب: الفتح المنصوب إلى صيد المحبوب وكتاب: تحفة العروس وجلاء النفوس وكتاب نصير الطوسي نافع في هذا الباب وقد طبع الكتاب الأول بمصر القاهرة في هذا الزمان فليعلم.
علم بدائع القرآن
ذكره أبو الخير من جملة فروع علم التفسير ولا يخفى أنه: هو علم البديع إلا أنه وقع في الكلام القديم.
علم البديع
هو علم تعرف به وجوه تفيد الحسن في الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال وبعد رعاية وضوح الدلالة على المرام فإن هذه الوجوه إنما تعد محسنة بعد تينك الرعايتين وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير ومرتبة هذه العلم بعد مرتبة علمي: المعاني والبيان حتى أن بعضهم لم يجعله علما على حدة وجعله ذيلا لها لكن تأخر رتبته لا يمنع كونه علما مستقلا ولو أعتبر ذلك لما كان كثير من العلوم علما على حدة فتأمل وظهر من هذا موضوعه وغرضه وغايته.
قال في: مدينة العلوم: موضوعه: اللفظ العربي من حيث التحسين والتزيين العرضيين بعد تكميل دائرتي الفصاحة والبلاغة.
وغرضه: تحصيل ملكة تحلية الكلام بالمحسنات العرضية وغايته: الاحتراز عن خلو الكلام عن التحلية المذكورة ومنفعته: النظرية لنشاط السامع وزيادة القبول في العقول ومباديه: تتبع الخطب والرسائل والأشعار المتحلية بالصنائع البديعية. انتهى.
وعبارة: الكشاف: موضوعه اللفظ البليغ من حيث أن له توابع.
قال في: الكشف: وأما منفعته: فإظهار رونق الكلام حتى يلج الأذن بغير إذن ويتعلق بالقلب من غير كد وإنما دونوا هذا العلم لأن الأصل وإن كان الحسن الذاتي وكان المعاني والبيان مما يكفي في تحصيله لكنهم اعتنوا بشأن الحسن العرضي أيضا لأن الحسناء إذا عريت عن المزينات ربما يذهل بعض القاهرين عن تتبع محاسنها فيفوت التمتع بها ثم إن وجوه التحسين الزائد إما: راجعة إلى تحسين المعنى أصالة وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعاً. وإما: راجعة إلى تحسين اللفظ كذلك فالأولى: تسمى معنوية والثانية: لفظية.
وهذا الفن ذكره أهل البيان في أواخر علم البيان إلا أن المتأخرين زادوا عليها شيئا كثيرا ونظموا فيه قصائد وألفوا كتباً.
ومن الكتب المختصة بعلم البديع كتاب: البديع لأبي العباس عبد الله بن المعتز العباسي المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين وهو أول من صنف فيه وكان جملة ما جمع منها سبع عشرة نوعا ألفه سنة أربع وسبعين ومائتين ولأبى أحمد حسن العسكري وشهاب الدين أحمد بن شمس الدين الخولي المتوفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة و: زهرة الربيع للشيخ المطرزي ومنها: بديعيات الأدباء وهي قصائد مع شروحها.
قال في: مدينة العلوم و: البديع للتيفاشي و: التحرير والتحبير لابن أبي الأصبع و: شرح البديعيات لابن حجة ومن الكتب المشتملة على الفنون الثلاثة: روض الأذهان وكذا: المصباح لابن مالك وكتاب: مفتاح العلوم للسكاكي اشتمل على هذه الثلاثة وقدم عليها الاشتقاق والنحو والصرف وأورد عقيب الثلاثة المذكورة بطريق التكملة على الاستدلال علم العروض والقوافي ودفع المطاعن عن القرآن وله شروح كثيرة ذكرها في: كشف الظنون منها: شرح السعد التفتازاني.
ومن الكتب النافعة في العلوم المذكورة: تلخيص المفتاح و: الإيضاح وهو يجري مجرى الشرح ل: التخليص كلاهما لقاضي القضاة جلال لدين القزويني الشافعي.
ومن أراد الوقوف في علم البلاغة على العجب العجاب والسحر في هذا الباب فعليه بكتاب: دلائل الإعجاز و: أسرار البلاغة كلاهما من مؤلفات الشيخ عبد القاهر الجرجاني وقيل: إن كتابيه في هذه الفنون بحران تنشعب منهما العيون - والله أعلم - و: حدائق البلاغة للشيخ شمس الدين الفقير وهي بالفارسية.

اسْتشْكل

(اسْتشْكل) الْأَمر الْتبس وَعَلِيهِ أورد عَلَيْهِ إشْكَالًــا و (فِي الْقَضَاء) اسْتشْكل فِي تَنْفِيذ الحكم أورد مَا يَسْتَدْعِي وقف التَّنْفِيذ حَتَّى ينظر وَجه الاستشكال (مج)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.