Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أجرد

لُهَابُ

لُهَابُ:
بالضم، وآخره باء موحدة، ويروى لهاب، بالكسر، وقال أوفى بن مطير المازني مازن بن مالك ابن عمرو بن تميم:
فسلّ طلابها وتعزّ عنها ... بناجية تخيّل في الركاب
طوت قرنا ولم تطعم خبيّا، ... وأظهر كشحها لقع الذباب
كأن مواقع الأنساع منها ... على الدّفّين أجرد من لهاب

طُورٌ

طُورٌ:
بالضم ثم السكون، وآخره راء، والطور في كلام العرب: الجبل، وقال بعض أهل اللغة: لا يسمى طورا حتى يكون ذا شجر ولا يقال للــأجرد طور، وقيل: سمي طورا ببطور بن إسماعيل، عليه السّلام، أسقطت باؤه للاستثقال، ويقال لجميع بلاد الشام الطور، وقد تقدم لذلك شاهد في طرآن بوزن قرآن من هذا الكتاب، وقال أهل السير: سميت بطور ابن إسماعيل بن إبراهيم، عليه السّلام، وكان يملكها فنسبت إليه، وقد ذكر بعض العلماء أن الطور هذا الجبل المشرف على نابلس ولهذا يحجه السامرة، وأما اليهود فلهم فيه اعتقاد عظيم ويزعمون أن إبراهيم أمر بذبح اسماعيل فيه، وعندهم في التوراة أن الذبيح إسحاق، عليه السّلام، وبالقرب من مصر عند موضع يسمى مدين جبل يسمى الطور، ولا يخلو من الصالحين، وحجارته كيف كسرت خرج منها صورة شجرة العليق، وعليه كان الخطاب الثاني لموسى، عليه السّلام، عند خروجه من مصر ببني إسرائيل، وبلسان النّبط كل جبل يقال له طور فإذا كان عليه نبت وشجر قيل طور سيناء. والطور: جبل بعينه مطل على طبرية الأردن بينهما أربعة فراسخ على رأسه بيعة واسعة محكمة البناء موثقة الأرجاء يجتمع في كل عام بحضرتها سوق ثم بنى هناك الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب قلعة حصينة وأنفق عليها الأموال الجمة وأحكمها غاية الإحكام، فلما كان في سنة 615 وخرج الأفرنج من وراء البحر طالبين للبيت المقدس أمر بخرابها حتى تركها كأمس الدابر وألحق البيت المقدس بها في الخراب، فهما إلى هذه الغاية خراب. والطور أيضا: جبل عند كورة تشتمل على عدة قرى تعرف بهذا الاسم بأرض مصر القبلية وبالقرب منها جبل فاران، هذا ما بلغنا في الطور غير مضاف فأما المضاف فيأتي.

صَحْرَاءُ أُمّ سَلِمَةَ

صَحْرَاءُ أُمّ سَلِمَةَ:
قال أبو نصر: الصحراء من الأرض مثل ظهر الدابة الــأجرد التي ليس بها شجر ولا آكام ولا جبال ملساء يقال لها صحراء بيّنة الصحر، والصّحراء: هو موضع بالكوفة ينسب إلى أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد ابن المغيرة المخزومية زوجة السفّاح، وبالكوفة عدة مواضع تعرف بالصحراء كما بالبصرة عدة مواضع تعرف بالجفر والمعنى واحد، فبالكوفة صحراء بني أثير نسبت إلى رجل من بني أسد يقال له أثير بالكوفة، وصحراء بني عامر، وصحراء بني يشكر، وصحراء الإهالة: هي مواضع لا أدري بالكوفة أو غيرها.

السَّرَاةُ

السَّرَاةُ:
بلفظ جمع السريّ، وهو جمع جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره، وكذا قاله اللغويون، وأمّا سيبويه فالسراة في السري هو عنده اسم مفرد موضوع للجمع كنفر ورهط وليس بجمع مكسر، وسراة الفرس وغيره: أعلى متنه، والجمع سروات، وكذا يجمع هذا الجبل بما يتوصل به، وسراة النهار: وقت ارتفاع الشمس، وسراة الطريق: متنه ومعظمه، وقال الأصمعي:
الطود جبل مشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء يقال له السراة، وإنّما سمّي بذلك لعلوّه، وسراة كل شيء:
ظهره، يقال: سراة ثقيف ثمّ سراة فهم وعدوان ثم سراة الأزد، وقال الأصمعي: السراة الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية، وفي كتاب الحازمي: السراة الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة، وهي باليمن أخص، وقال أبو الأشعث الكندي عن عرّام: وادي تربة لبني هلال وحواليه بين الجبال السراة ويسوم وفرقد ومعدن البرم وجبلان يقال لهما شوانان واحدهما شوان، وهذه الجبال تنبت القرظ، وهي جبال متقاودة وبينها فتوق، وفي جبال السراة الأعناب وقصب السكر والقرظ والإسحل، قال شاعر يصف غيثا:
أنجد غوريّ وحنّ متهمة ... واستنّ بين ريّقيه حنتمه
وقلت أطراف السراة مطعمه
وقال قوم: الحجاز هو جبال تحجز بين تهامة ونجد يقال لأعلاها السراة كما يقال لظهر الدابّة السراة، وهو أحسن القول، وقال الفضل بن العبّاس اللهبي:
وقافية عقام قلت بكرا ... تقلّ رعان نجد محكمات
يؤبن مع الركاب بكل مصر، ... ويأتين الأقاول بالسراة
غوائر لا سواقط مكفئات ... بإسناد ولا متنخّلات
وأمّا الشراة، بالمعجمة، فتذكر في موضعها، إن شاء الله تعالى، وقال سعيد بن المسيب: إن الله تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل السراة وهو أعظم جبال العرب وأذكرها، أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام، فسمته العرب حجازا لأنّه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر، وقال الحسن بن عليّ بن أحمد بن يعقوب اليمني الهمداني: أمّا جبل السراة الذي يصل ما بين أقصى اليمن والشام فإنّه ليس بجبل واحد وإنّما هي جبال متصلة على شقّ واحد من أقصى اليمن إلى الشام في عرض أربعة أيّام في جميع طول السراة يزيد كسر يوم في بعض المواضع وقد ينقص مثله في بعضها، فمبدأ هذه السراة من أرض اليمن أرض المعافر فحيق بني مجيد ثغر عدن وهو جبيل يحيط البحر به، وهي تجمع مخلاف ديحان والجوّة وجبأ وصبر وذخر ويزداد وغير ذلك حتى بلغ الشام فقطعته الأودية حتى بلغ إلى النخلة فكان منها حيض ويسوم، وهما جبلان بنخلة ويسميان يسومين، ثمّ طلعت منه الجبال بعد فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة، وهما جبلان لمزينة، والأسود والــأجرد أيضا جبلان لجهينة، وحيض قد سمّاه عمر بن أبي ربيعة خيشا في قوله:
تركوا خيشا على أيمانهم ... ويسوما عن يسار المنجد
قالوا: والسروات ثلاث: سراة بين تهامة ونجد أدناها الطائف وأقصاها قرب صنعاء، والطائف من سراة بني ثقيف، وهو أدنى السروات إلى مكّة، ومعدن البرم هو السراة الثانية، وهو في بلاد عدوان، والسراة الثالثة أرض عالية وجبال مشرفة على البحر من المغرب وعلى نجد من المشرق. وسراة بني شبابة نسب إليها بعض الرواة ذكر في شبابة لأنّه نسب الشبابي، وبأسفل السروات أودية تصبّ إلى البحر، منها: اللّيث، وقد ذكر، وقنونى والحسبة وضنكان وعشم وبيش ومركوب ونعما، وهو أقربها إلى مكة، وهو وادي عرفات، وعليب من هذه الأودية، وقال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث، وهي الجبال المطلّة على تهامة ممّا يلي اليمن، أوّلها هذيل وهي تلي السهل من تهامة ثمّ بجيلة وهي السراة الوسطى وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها ثمّ سراة الأزد أزد شنوءة وهم بنو كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد.

زُنْقُبٌ

زُنْقُبٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وقاف، وآخره باء موحدة، علم مرتجل لا أصل له في النكرات:
وهو ماء لبني عبس، عن العمراني، وقال نصر:
زنقب ماء ببلاد يربوع بالقوارة لبني سليط بن يربوع، وأنشد الأصمعي:
وليس لهم بين الجناب مفازة ... وزنقب إلّا كلّ أجرد عنتل
مع أبيات ذكرت في جوّ، ووجدتها في شعر بني مازن لابن حبيب زنقب، بضم الزاي، وهو قوله لمخارق بن شهاب:
كأنّ الأسود الزّرق في عرصاتها ... بأرماحنا بين القرين وزنقب

حَمَّةُ

حَمَّةُ:
بالفتح ثم التشديد، قال ابن شميل: الحمّة حجارة سوداء تراها لازقة بالأرض، تغور في الليلة والليلتين والثلاث، والأرض تحت الحجارة تكون جلدا وسهولة، والحجارة تكون متدانية ومتفرقة وتكون ملساء مثل الجمع ورؤوس الرجال، والجمع الحمام، وحجارتها منقلعة ولازمة بالأرض تنبت نبتا لذلك ليس بالقليل ولا الكثير، والحمّة أيضا ما يبقى من الألية بعد الذّوب، والحمّة العين الحارة يستشفي بها الأعلّاء والمرضى، وفي الحديث: العالم كالحمّة تأتيها البعداء ويتركها القرباء، فبينما هي كذلك إذ غار ماؤها وقد انتفع بها قوم وبقي أقوام يتفكنون أي يتندمون، وفي بلاد العرب حمّات كثيرة، منها: حمّة أكيمة في بلاد كلاب، وحمّتا الثّوير لبني كلاب أيضا، وحمّة البرقة، وحمّة خنزر، وحمة المنتضى، وحمة الهودرى، هذه الست في بلاد كلاب، فأما حمة المنتضى فهي حمة فاردة ليس بقربها جبل، قال الأصمعي: هي جبل صغير كأنه قطع من حرّة لبني كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، وحمة الثّوير أبيرق، وهذا كله في مصادر المضارعة، وقال عبد العزيز بن زرارة بن جنّ بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب:
ورحنا من الوعساء، وعساء حمّة، ... لــأجرد كنا قبله بنعيم
والحمة أيضا: جبل بين توز وسميراء عن يسار الطريق، به قباب ومسجد. وحمة ماكسين: في ديار ربيعة، قال نفيع بن صفّار:
فحمّة ماكسين، إذا التقينا، ... وقد حمّ التوعّد والزّئير
والحمة أيضا: قرية في صعيد مصر. والحمة: مدينة بإفريقية من عمل قسطيلية من نواحي بلاد الجريد.
والحمة أيضا: قرية من أودية العلاة من أرض اليمامة.
والحمة أيضا: عين حارة بين إسعرت وجزيرة ابن عمر على دجلة، تقصد من النواحي البعيدة يستشفى بمائها، ولها موسم، والحمة: الأسود من كل شيء، والحمة: المنيّة، وقال نصر: الحمة جبل أو واد بالحجاز.

الحِجاز

الحِجاز:
بالكسر، وآخره زاي، قال أبو بكر الأنباري: في الحجاز وجهان: يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب حجز الرجل بعيره يحجزه إذا شدّه شدّا يقيده به، ويقال للحبل حجاز، ويجوز أن يكون سمي حجازا لأنه يحتجز بالجبال، يقال:
احتجزت المرأة إذا شدّت ثيابها على وسطها واتّزرت، ومنه قيل حجزة السراويل، وقول العامة حزّة السراويل خطأ، قال عبيد الله المؤلف، رحمه الله تعالى: ذكر أبو بكر وجهين قصد فيهما الإعراب ولم يذكر حقيقة ما سمي به الحجاز حجازا، والذي أجمع عليه العلماء أنه من قولهم حجزه يحجزه حجزا أي منعه. والحجاز: جبل ممتدّ حالّ بين الغور غور تهامة ونجد فكأنه منع كلّ واحد منهما أن يختلط بالآخر فهو حاجز بينهما، وهذه حكاية أقوال العلماء، قال الخليل: سمي الحجاز حجازا لأنه فصل بين الغور والشام وبين البادية، وقال عمارة بن
عقيل: ما سال من حرّة بني سليم وحرّة ليلى فهو الغور حتى يقطعه البحر، وما سال من ذات عرق مغربا فهو الحجاز إلى أن تقطعه تهامة، وهو حجاز أسود حجز بين نجد وتهامة، وما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق، وقال الأصمعي: ما احتزمت به الحرار حرّة شوران وحرّة ليلى وحرّة واقم وحرّة النار وعامة منازل بني سليم إلى المدينة، فذلك الشقّ كله حجاز، وقال الأصمعي أيضا في كتاب جزيرة العرب: الحجاز اثنتا عشرة دارا: المدينة وخيبر وفدك وذو المروة ودار بليّ ودار أشجع ودار مزينة ودار جهينة ونفر من هوازن وجلّ سليم وجلّ هلال وظهر حرّة ليلى، ومما يلي الشام شغب وبدا، وقال الأصمعي في موضع آخر من كتابه: الحجاز من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام، وإنما سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد، فمكة تهامية والمدينة حجازية والطائف حجازية، وقال غيره: حدّ الحجاز من معدن النقرة إلى المدينة، فنصف المدينة حجازيّ ونصفها تهاميّ، وبطن نخل حجازي وبحذائه جبل يقال له الأسود نصفه حجازي ونصفه نجديّ، وذكر ابن أبي شبّة أن المدينة حجازية، وروي عن أبي المنذر هشام أنه قال: الحجاز ما بين جبلي طيّء إلى طريق العراق لمن يريد مكة، سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد، وقيل: لأنه حجز بين الغور والشام وبين السراة ونجد، وعن إبراهيم الحربي أن تبوك وفلسطين من الحجاز، وذكر بعض أهل السير أنه لما تبلبلت الألسن ببابل وتفرّقت العرب إلى مواطنها سار طسم بن إرم في ولده وولد ولده يقفو آثار إخوته وقد احتووا على بلدانهم، فنزل دونهم بالحجاز فسموها حجازا لأنها حجزتهم عن المسير في آثار القوم لطيبها في ذلك الزمان وكثرة خيرها، وأحسن من هذه الأقوال جميعها وأبلغ وأتقن قول أبي المنذر هشام بن أبي النضر الكلبي، قال في كتاب افتراق العرب وقد حدّد جزيرة العرب ثم قال: فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزولها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب في أشعارهم وأخبارهم: تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن، وذلك أن جبل السراة، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها، أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمّته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور، وهو تهامة، وهو هابط، وبين نجد وهو ظاهر، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكّ وكنانة وغيرها، ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها، وغار من أرضها الغور غور تهامة، وتهامة تجمع ذلك كله، وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليها نجدا، ونجد تجمع ذلك كله، وصار الجبل نفسه، وهو سراته، وهو الحجاز وما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحاز إلى ناحية فيد والجبلين إلى المدينة، ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا، والحجاز يجمع ذلك كله، وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض، وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسايل أودية فيها، والعروض يجمع ذلك كله، وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها من البلاد إلى حضرموت والشّحر وعمان وما بينها اليمن، وفيها التهايم والنجد، واليمن تجمع ذلك كله.
قال أبو المنذر: فحدّثنى أبو مسكين محمد بن جعفر
ابن الوليد عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: إنّ الله تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل، يعني السراة، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها، فإنه أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط، وبين نجد وهو ظاهر، ومبدؤه من اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة، فكان منها حيض ويسوم، وهما جبلان بنخلة، ثم طلعت الجبال بعد منه فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة والأشعر والــأجرد، وأنشد للبيد:
مرّيّة حلّت بفيد وجاورت ... أرض الحجاز، فأين منك مرامها؟
وقد أكثرت شعراء العرب من ذكر الحجاز واقتدى بهم المحدثون، وسأورد منه قليلا من كثير من الحنين والتشوق، قال بعض الأعراب:
تطاول ليلي بالعراق، ولم يكن ... عليّ بأكناف الحجاز يطول
فهل لي إلى أرض الحجاز ومن به ... بعاقبة، قبل الفوات، سبيل؟
إذا لم يكن بيني وبينك مرسل، ... فريح الصّبا منّي إليك رسول
وقال أعرابيّ آخر:
سرى البرق من أرض الحجاز فشاقني، ... وكلّ حجازيّ له البرق شائق
فوا كبدي مما ألاقي من الهوى، ... إذا حنّ إلف أو تألّق بارق!
وقال آخر:
كفى حزنا أني ببغداد نازل، ... وقلبي بأكناف الحجاز رهين
إذا عنّ ذكر للحجاز استفزّني، ... إلى من بأكناف الحجاز، حنين
فو الله ما فارقتهم قاليا لهم، ... ولكنّ ما يقضى فسوف يكون
وقال الأشجع بن عمرو السّلمي:
بأكناف الحجاز هوى دفين، ... يؤرّقني إذا هدت العيون
أحنّ إلى الحجاز وساكنيه، ... حنين الإلف فارقه القرين
وأبكي حين ترقد كل عين، ... بكاء بين زفرته أنين
أمرّ على طبيب العيس نأي، ... خلوج بالهوى الأدنى، شطون؟
فإن بعد الهوى وبعدت عنه، ... وفي بعد الهوى تبدو الشجون،
فأعذر من رأيت على بكاء، ... غريب عن أحبته حزين
يموت الصّبّ والكتمان عنه، ... إذا حسن التذكّر والحنين

تُونِسُ الغَرْب

تُونِسُ الغَرْب:
بالضم ثم السكون، والنون تضم وتفتح وتكسر: مدينة كبيرة محدثة بإفريقية على ساحل بحر الروم، عمّرت من أنقاض مدينة كبيرة قديمة بالقرب منها يقال لها قرطاجنّة، وكان اسم تونس في القديم ترشيش، وهي على ميلين من قرطاجنّة، ويحيط بسورها أحد وعشرون ألف ذراع، وهي الآن قصبة بلاد إفريقية، بينها وبين سفاقس ثلاثة أيام ومائة ميل بينها وبين القيروان ونحو منه بينها وبين المهدية، وليس بها ماء جار إنما شربهم من آبار ومصانع يجتمع فيها ماء المطر، في كل دار مصنع، وآبارها خارج الديار في أطراف البلد، وماؤها ملح، وعليها محترث كثير، ولها غلّة فائضة، وهي من أصح بلاد إفريقية هواء.
وقال البكري: مدينة تونس في سفح جبل يعرف بجبل أمّ عمرو، ويدور بمدينتها خندق حصين، ولها خمسة أبواب، باب الجزيرة قبلي ينسب إلى جزيرة شريك ويخرج منه إلى القيروان، ويقابله الجبل المعروف بجبل التّوبة، وهو جبل عال لا ينبت شيئا، وفي أعلاه قصر مبني مشرف على البحر، وفي شرقي هذا القصر غار محني الباب يسمى المعشوق، وبالقرب منه عين ماء، وفي غربي هذا الجبل جبل يعرف بجبل الصيادة، فيه قرى كثيرة الزيتون والثمار والمزارع، وفي هذا الجبل سبعة مواجل للماء أقباء على غرار واحد، وفي غربي هذا الجبل أيضا اشراف بمزارع متصلة بموضع يعرف بالملعب، فيه قصر بني الأغلب،
وقد غرس فيه جميع الثمار وأصناف الرياحين، وفي شرقي مدينة تونس الميناء والبحيرة وباب قرطا جنّة، ودونه داخل الخندق بساتين كثيرة وسواق تعرف بسواقي المرج، ويتصل بها جبل أجرد يقال له جبل أبي خفنجة، في أعلاه آثار بنيان وباب أرطة غربي تجاوره مقبرة يقال لها مقبرة سوق الأحد، ودون الباب من داخل الخندق غدير كبير يعرف بغدير الفحامين، وربض المرضى خارج عن المدينة، وفي قبليه ملاحة كبيرة منها ملحهم وملح من يجاورهم، وجامع تونس رفيع البناء مطلّ على البحر ينظر الجالس فيه إلى جميع جواريه، ويرقى إلى الجامع من جهة الشرق على اثنتي عشرة درجة، وبها أسواق كثيرة ومتاجر عجيبة وفنادق وحمّامات، ودور المدينة كلّها رخام بديع، ولها لوحان قائمان وثالث معرض مكان العتبة ومن أمثالهم: دور تونس أبوابها رخام وداخلها سخام وهي دار علم وفقه، وقد ولي قضاء إفريقية من أهلها جماعة ومع ذلك فهي مخصوصة بالتشغّب والقيام على الأمراء والخلاف للولاة، خالفت نحو عشرين مرة وامتحن أهلها أيام أبي يزيد الخارجي بالقتل والسبي وذهاب الأموال قال صاحب الحدثان:
فويل لترشيش وويل لأهلها ... من الحبشيّ الأسود المتغاضب!
وقال بعض الشعراء:
لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها، ... ولكنني ألفيتها وهي توحش
ويصنع بتونس للماء من الخزف كيزان تعرف بالريحيّة، شديدة البياض في نهاية الرقّة تكاد تشفّ، ليس يعلم لها نظير في جميع الأقطار، وتونس من أشرف بلاد إفريقية وأطيبها ثمرة وأنفسها فاكهة، فمن ذلك اللوز الفريك يفرك بعضه بعضا من رقة قشره ويحت باليد وأكثره حبتان في كل لوزة مع طيب المضغة وعظم الحبة، والرمان الضعيف الذي لا عجم له البتة مع صدق الحلاوة وكثرة المائية، والأترج الجليل الطيب الذكّي الرائحة البديع المنظر، والتين الخارمي أسود كبير رقيق القشر كثير العسل لا يكاد يوجد له بزر، والسفرجل المتناهي كبرا وطيبا وعطرا، والعنّاب الرفيع في قدر الجوزة، والبصل القلوري في قدر الأترج مستطيل سابري القشر صادق الحلاوة كثير الماء، وبها من أجناس السمك ما لا يوجد في غيرها، يرى في كلّ شهر جنس من السمك لا يرى في الذي قبله، يملح فيبقى سنين صحيح الجرم طيب الطعم، منه جنس يقال له النقونس يضربون به المثل فيقولون: لولا النقونس لم يخالف أهل تونس.
قال البكاري: بين تونس والقيروان منزل يقال له مجقة، إذا كان أوان طيب الزيتون بالساحل قصدته الزرازير فباتت فيه وقد حمل كلّ طائر منها زيتونتين في مخلبيه فيلقيهما هناك، وله غلّة عظيمة تبلغ سبعين ألف درهم ويقال لبحر تونس رادس، وكذلك يقال لمرساها مرسى رادس، وأهلها موصوفون بدناءة النفس وافتتحها حسان بن نعمان بن عدي بن بكر بن مغيث الأسدي في أيام عبد الملك، نزل عليها فسأله الروم أن لا يدخل عليهم وأن يضع عليهم خراجا يقسطه عليهم، فأجابهم إلى ذلك، وكانت لهم سفن معدّة فركبوها ونجوا وتركوا المدينة خالية، فدخلها حسان فحرّق وخرّب وبنى بها مسجدا وأسكنها طائفة من المسلمين، ورجع حسان إلى القيروان فرجعت الروم إلى المسلمين فاستباحوهم، فأرسل حسان من أخبر عبد الملك بالقضية، فأمدّه بجيش كثير قاتل بهم الروم
في قصة طويلة حتى ملكها عنوة، وذلك في سنة سبعين، وأحكم بناءها ومدّ عليه سلسلة وجعلها رباطا للمسلمين تمنع الداخل إليها والخارج منها إلا بأمر الوالي وذكر آخرون من أهل السير أن التي افتتحها حسان بن النعمان قرطا جنّة ولم تكن تونس يومئذ مذكورة، إنما عمرت بحجارة قرطا جنّة وبأنقاضها، وبينهما نحو أربعة أميال، وفي سنة 114 بنى عبيد الله ابن الحبحاب مولى بني سلول والي إفريقية من قبل هشام بن عبد الملك جامع مدينة تونس ودار الصناعة بها وبتونس قبر المؤدّب محرز، يقسم به أهل المراكب إذا جاش عليهم البحر، يحملون من تراب قبره معهم وينذرون له والمنسوب إلى تونس من أهل العلم كثير، منهم: أبو يزيد شجرة بن عيسى، وقيل ابن عبد الله التونسي قاضيها، مات سنة 262 وعبد الوارث بن عبد الغني بن علي بن يوسف بن عاصم أبو محمد التونسي المالكي الأصولي الزاهد، كان عالما بالكلام بصيرا به حسن الاعتقاد فيه، له قدم في العبادة، وكان يتردد بين دمشق وحمص وحلب، وكان له أصحاب ومريدون قال أبو القاسم الحافظ:
أنشدني أبو محمد الأصولي:
إذا كنت، في علم الأصول، موافقا ... بعقلك قول الأشعريّ المسدّد
وعاملت مولاك الكريم، مخالصا، ... بقول الإمام الشافعيّ المؤيّد
وأتقنت حرف ابن العلاء مجرّدا، ... ولم تعد في الإعراب رأي المبرّد
فأنت على الحقّ اليقين موافق ... شريعة خير المرسلين محمد
ومات عبد الوارث سنة خمسين وخمسمائة بحلب.

بُلْغَارُ

بُلْغَارُ:
بالضم، والغين معجمة: مدينة الصقالبة ضاربة في الشمال، شديدة البرد لا يكاد الثلج يقلع عن أرضها صيفا ولا شتاء وقلّ ما يرى أهلها أرضا ناشفة، وبناؤهم بالخشب وحده، وهو أن يركبوا عودا فوق عود ويسمّروها بأوتاد من خشب أيضا محكمة، والفواكه والخيرات بأرضهم لا تنجب، وبين إتل مدينة الخزر وبلغار على طريق المفاوز نحو شهر، ويصعد إليها في نهر إتل نحو شهرين وفي الحدور نحو عشرين يوما، ومن بلغار إلى أول حدّ الروم نحو عشر مراحل، ومنها إلى كويابة مدينة الروس عشرون يوما، ومن بلغار
إلى بشجرد خمس وعشرون مرحلة، وكان ملك بلغار وأهلها قد أسلموا في أيام المقتدر بالله وأرسلوا إلى بغداد رسولا يعرّفون المقتدر ذلك ويسألونه إنفاذ من يعلّمهم الصلوات والشرائع، لكن لم أقف على السبب في إسلامهم. وقرأت رسالة عملها أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة ذكر فيها ما شاهده منذ انفصل من بغداد إلى أن عاد إليها، قال فيها: لما وصل كتاب ألمس بن شلكى بلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر بالله يسأله فيه أن يبعث إليه من يفقّهه في الدين ويعرّفه شرائع الإسلام ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة في جميع بلده وأقطار مملكته ويسأله بناء حصن يتحصّن فيه من الملوك المخالفين له، فأجيب إلى ذلك، وكان السفير له نذير الحزمي، فبدأت أنا بقراءة الكتاب عليه وتسليم ما أهدي إليه والأشراف من الفقهاء والمعلّمين، وكان الرسول من جهة السلطان سوسن الرّسّي مولى نذير الحزمي، قال:
فرحلنا من مدينة السلام لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر سنة 309، ثم ذكر ما مرّ له في الطريق إلى خوارزم ثم منها إلى بلاد الصقالبة ما يطول شرحه، ثم قال:
فلما كنّا من ملك الصقالبة وهو الذي قصدنا له على مسيرة يوم وليلة وجّه لاستقبالنا الملوك الأربعة الذين تحت يديه وإخوته وأولاده، فاستقبلونا ومعهم الخبز واللحم والجاورس، وساروا معنا، فلما صرنا منه على فرسخين تلقّانا هو بنفسه فلما رآنا نزل فخرّ ساجدا شكرا لله، وكان في كمّه دراهم فنثرها علينا ونصب لنا قبابا فنزلناها، وكان وصولنا إليه يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة 310، وكانت المسافة من الجرجانية، وهي مدينة خوارزم، سبعين يوما، فأقمنا إلى يوم الأربعاء في القباب التي ضربت لنا حتى اجتمع ملوك أرضه وخواصه ليسمعوا قراءة الكتاب، فلما كان يوم الخميس نشرنا المطرّدين الذين كانوا معنا وأسرجنا الدّابّة بالسرج الموجّه إليه وألبسناه السواد وعممناه وأخرجت كتاب الخليفة فقرأته وهو قائم على قدميه ثم قرأت كتاب الوزير حامد بن العباس وهو قائم أيضا، وكان بدينا، فنثر أصحابه علينا الدّراهم، وأخرجنا الهدايا وعرضناها عليه ثم خلعنا على امرأته وكانت جالسة إلى جانبه، وهذه سنتهم ودأبهم، ثم وجّه إلينا فحضرنا قبته وعنده الملوك عن يمينه وأمرنا أن نجلس عن يساره وأولاده جلوس بين يديه وهو وحده على سرير مغشّى بالديباج الرومي، فدعا بالمائدة فقدّمت إليه وعليها لحم مشوي، فابتدأ الملك وأخذ سكينا وقطع لقمة فأكلها وثانية وثالثة ثم قطع قطعة فدفعها إلى سوسن الرسول فلما تناولها جاءته مائدة صغيرة فجعلت بين يديه، وكذلك رسمهم لا يمدّ أحد يده إلى أكل حتى يناوله الملك فإذا تناولها جاءته مائدة ثم قطع قطعة وناولها الملك الذي عن يمينه فجاءته مائدة، ثم ناول الملك الثاني فجاءته مائدة وكذلك حتى قدّم إلى كل واحد من الذين بين يديه مائدة، وأكل كل واحد منا من مائدة لا يشاركه فيها أحد ولا يتناول من مائدة غيره شيئا، فإذا فرغ من الأكل حمل كلّ واحد منا ما بقي على مائدته إلى منزله، فلما فرغنا دعا بشراب العسل وهم يسمونه السجو فشرب وشربنا. وقد كان يخطب له قبل قدومنا: اللهم أصلح الملك بلطوار ملك بلغار، فقلت له: إن الله هو الملك ولا يجوز أن يخطب بهذا لأحد سيما على المنابر، وهذا مولاك أمير المؤمنين قد وصى لنفسه أن يقال على منابره في الشرق والغرب: اللهم أصلح عبدك وخليفتك جعفرا الإمام
المقتدر بالله أمير المؤمنين، فقال: كيف يجوز أن يقال؟ فقلت: يذكر اسمك واسم أبيك، فقال: إنّ أبي كان كافرا وأنا أيضا ما أحبّ أن يذكر اسمي إذ كان الذي سمّاني به كافرا، ولكن ما اسم مولاي أمير المؤمنين؟ فقلت: جعفر، قال: فيجوز أن أتسمّى باسمه؟ قلت: نعم، فقال: قد جعلت اسمي جعفرا واسم أبي عبد الله، وتقدم إلى الخطيب بذلك، فكان يخطب: اللهم أصلح عبدك جعفر بن عبد الله أمير بلغار مولى أمير المؤمنين، قال: ورأيت في بلده من العجائب ما لا أحصيها كثرة، من ذلك أن أول ليلة بتناها في بلده رأيت قبل مغيب الشمس بساعة أفق السماء وقد احمرّ احمرارا شديدا وسمعت في الجوّ أصواتا عالية وهمهمة، فرفعت رأسي فإذا غيم أحمر مثل النار قريب منّي، فإذا تلك الهمهمة والأصوات منه وإذا فيه أمثال الناس والدوابّ وإذا في أيدي الأشباح التي فيه قسيّ ورماح وسيوف، وأتبيّنها وأتخيّلها وإذا قطعة أخرى مثلها أرى فيها رجالا أيضا وسلاحا ودوابّ، فأقبلت هذه القطعة على هذه كما تحمل الكتيبة على الكتيبة، ففزعنا من هذه وأقبلنا على التضرّع والدعاء وأهل البلد يضحكون منا ويتعجبون من فعلنا، قال: وكنا ننظر إلى القطعة تحمل على القطعة فتختلطان جميعا ساعة ثم تفترقان، فما زال الأمر كذلك إلى قطعة من الليل ثم غابتا، فسألنا الملك عن ذلك فزعم أن أجداده كانوا يقولون هؤلاء من مؤمني الجنّ وكفّارهم يقتتلون كل عشية، وأنهم ما عدموا هذا منذ كانوا في كل ليلة. قال: ودخلت أنا وخيّاط كان للملك من أهل بغداد قبّتي لنتحدّث، فتحدّثنا بمقدار ما يقر الإنسان نصف ساعة ونحن ننتظر أذان العشاء، فإذا بالأذان فخرجنا من القبّة وقد طلع الفجر، فقلت للمؤذّن: أي شيء أذّنت؟ قال: الفجر، قلت: فعشاء الأخيرة؟ قال: نصلّيها مع المغرب، قلت: فالليل؟
قال: كما ترى وقد كان أقصر من هذا وقد أخذ الآن في الطول، وذكر أنه منذ شهر ما نام الليل خوفا من أن تفوته صلاة الصبح، وذلك أن الإنسان يجعل القدر على النار وقت المغرب ثم يصلّي الغداة وما آن لها أن تنضج، قال: ورأيت النهار عندهم طويلا جدّا، وإذا أنه يطول عندهم مدّة من السنة ويقصر الليل، ثم يطول الليل ويقصر النهار، فلما كانت الليلة الثانية جلست فلم أر فيها من الكواكب إلّا عددا يسيرا ظننت أنها فوق الخمسة عشر كوكبا متفرّقة، وإذا الشّفق الأحمر الذي قبل المغرب لا يغيب بتّة، وإذا الليل قليل الظلمة يعرف الرجل الرجل فيه من أكثر من غلوة سهم، قال: والقمر إنما يطلع في أرجاء السماء ساعة ثم يطلع الفجر فيغيب القمر، قال: وحدّثني الملك أن وراء بلده بمسيرة ثلاثة أشهر قوما يقال لهم ويسو، الليل عندهم أقلّ من ساعة، قال: ورأيت البلد عند طلوع الشمس يحمر كلّ شيء فيه من الأرض والجبال، وكل شيء ينظر الإنسان إليه حين تطلع الشمس كأنها غمامة كبرى فلا تزال الحمرة كذلك حتى تتكبّد السماء. وعرّفني أهل البلد أنه إذا كان الشتاء عاد الليل في طول النهار وعاد النهار في قصر الليل، حتى إنّ الرجل منا ليخرج إلى نهر يقال له إتل بيننا وبينه أقل من مسافة فرسخ وقت الفجر فلا يبلغه إلى العتمة إلى وقت طلوع الكواكب كلّها حتى تطبق السماء، ورأيتهم يتبرّكون بعواء الكلب جدّا ويقولون: تأتي عليهم سنة خصب وبركة وسلامة.
ورأيت الحيّات عندهم كثيرة حتى إنّ الغصن من الشجر ليلتفّ عليه عشر منها وأكثر، ولا يقتلونها ولا
تؤذيهم، ولهم تفاح أخضر شديد الحموضة جدّا، تأكله الجواري فيسمّن، وليس في بلدهم اكثر من شجر البندق، ورأيت منه غياضا تكون أربعين فرسخا في مثلها، قال: ورأيت لهم شجرا لا أدري ما هو، مفرط الطول وساقه أجرد من الورق ورؤوسه كرءوس النخل، له خوص دقاق إلّا أنه مجتمع، يعمدون إلى موضع من ساق هذه الشجرة يعرفونه فيثقبونه ويجعلون تحته إناء يجري إليه من ذلك الثّقب ماء أطيب من العسل، وإن أكثر الإنسان من شربه أسكره كما تسكر الخمر، وأكثر أكلهم الجاورس ولحم الخيل على أن الحنطة والشعير كثير في بلادهم، وكل من زرع شيئا أخذه لنفسه ليس للملك فيه حق غير أنهم يؤدّون إليه من كل بيت جلد ثور، وإذا أمر سريّة على بعض البلدان بالغارة كان له معهم حصّة. وليس عندهم شيء من الأدهان غير دهن السمك، فإنهم يقيمونه مقام الزيت والشيرج، فهم كانوا لذلك زفرين، وكلّهم يلبسون القلانس، وإذا ركب الملك ركب وحده بغير غلام ولا أحد معه، فإذا اجتاز في السوق لم يبق أحد إلّا قام وأخذ قلنسوته عن رأسه وجعلها تحت إبطه، فإذا جاوزهم ردوا قلانسهم فوق رؤوسهم، وكذلك كل من يدخل على الملك من صغير وكبير حتى أولاده وإخوته ساعة يقع نظرهم عليه يأخذون قلانسهم فيجعلونها تحت آباطهم ثم يومئون إليه برؤوسهم ويجلسون ثم يقومون حتى يأمرهم بالجلوس. وكلّ من جلس بين يديه فإنما يجلس باركا ولا يخرج قلنسوته ولا يظهرها حتى يخرج من بين يديه فيلبسها عند ذلك. والصواعق في بلادهم كثيرة جدا، وإذا وقعت الصاعقة في دار أحدهم لم يقربوه ويتركونه حتى يتلفه الزمان ويقولون: هذا موضع مغضوب عليه، وإذا رأوا رجلا له حركة ومعرفة بالأشياء قالوا: هذا حقه أن يخدم ربنا، فأخذوه وجعلوا في عنقه حبلا وعلّقوه في شجرة حتى يتقطع. وإذا كانوا يسيرون في طريق وأراد أحدهم البول فبال وعليه سلاحه انتهبوه وأخذوا سلاحه وجميع ما معه، ومن حطّ عنه سلاحه وجعله ناحية لم يتعرضوا له، وهذه سنتهم، وينزل الرجال والنساء النهر فيغتسلون جميعا عراة لا يستتر بعضهم من بعض ولا يزنون بوجه ولا سبب، ومن زنى منهم كائنا من كان ضربوا له أربع سكك وشدّوا يديه ورجليه إليها وقطّعوا بالفأس من رقبته إلى فخذه، وكذلك يفعلون بالمرأة، ثم يعلّق كلّ قطعة منه ومنها على شجرة، قال: ولقد اجتهدت أن تستتر النساء من الرجال في السباحة فما استوى لي ذلك، ويقتلون السارق كما يقتلون الزاني، ولهم أخبار اقتصرنا منها على هذا.

جَدب

جَدب
: (الجَدْبُ: المَحْلُ) نقيضُ الخُصْبِ (: والعَيْبُ) فَهُوَ مُشْتَرَكٌ أَو مجازٌ كَمَا أَوْمأَ إِليه الرَّاغِبُ، قَالَه شيخُنَا، وجَدَبَ الشيْءَ (يَجْدُبُهُ) كيَنْصُرُهُ (ويَجْدِبُهُ) كيَضْرِبُه: عَابَهُ وذَمَّهُ، الوَجْهَانِ عنِ الفَرّاءِ، واقْتَصَرَ ابنُ سيدَه على الثَّانِي، وَفِي الحَدِيث (جَدَبَ لَنَا عُمَرُ السَّمَر بعْدَ عَتَمَةِ) أَي عَابَهُ وذَمَّهُ، وكُلُّ عَائِبٍ فَهُوَ جَادِبٌ، قَالَ ذُو الرُّمّة:
فَيَا لَكَ مِنْ خَدَ أَسِيلٍ وَمَنْطِقٍ
رَخِيمٍ ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جَادِبُهْ
كَذَا فِي (الْمُحكم) ، يقُولُ: لَمْ يَجهدْ فِيهِ مَقَالاً وَلاَ يَجِد عَيْباً يَعِيبُه فَيَتَعَلَّلُ بالباطلِ، وبالشيءٍ يقولُه وَلَيْسَ بعَيْبٍ (والجَادِبُ: الكَاذِبُ، فِي (الْمُحكم) : قَالَ صاحبُ الْعين: وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ، قَالَ أَبو زيد: وأَما الجَادِبُ بِالْجِيم: العَائِبُ.
(والجُنْدُبُ) بِضَم الدَّال (والجُنْدَبُ) بِفَتْحِهَا مَعَ ضمّ أَوّلهما (والجِنْدَبُ كدِرْهَمٍ) ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ فِي الثُّلاَثِيِّ، وفسّره السِّيرَافِيُّ بأَنه الجُنْدُب، كَذَا فِي (الْمُحكم) ، وَهِي أَضْعَفُ لُغَاتِه، لأَنه وَزْنٌ قليلٌ، حَتَّى قَالَ أَئمّةُ الصَّرْفِ: إِنه لم يَرِدْ مِنْهُ إِلا أَلفاظ أَرْبَعَة، وَهُوَ الَّذِي نقلَه الجوهريُّ عَن الخَليل، قَالَ شيخُنَا: ثمَّ اختلفَ الصرفيّونَ فِي نونه إِذا كَانَ مَفْتُوح الثَّالِث، فَقيل: إِنها زَائِدَة، لفَقْدِ فُعْلَلٍ، وَقيل: أَصليّة، وَهُوَ مُخَفَّفٌ من الضَّمّ، والأَول أَظهَرُ، لتصريحهم بِزِيَادَة نونه فِي جَمِيع لُغَاته، وَفِي كَلَام الشَّيْخ أَبي حَيَّانَ أَن نونَ جُنْدب وعُنْصَل وقُنْبَر وخُنْفَسٌ زائدةٌ، لفَقْدِ فُعْلَلٍ، وَلُزُوم هَذِه النُّون البنَاءَ، إِذ لَا يكون مكانَه غيرُه من الأُصول، ولمجيء التضعيفِ فِي قُنْبَر، وأَحَدُ المُضَعَّفَيْنِ زائدٌ، وَمَا جُهِلَ تصريفُه محمولٌ على مَا ثَبَتَ تصريفُه، وإِذَا ثَبَتَتِ الزيادةُ فِي جُنْدَبِ بِفَتْح الدَّال، ثَبَتَتْ فِي مَضْمُومِهَا ومَكْسُورِ الجِيمِ مفتوحِ الدالِ، لأَنهما بِمَعْنى هَذَا كَلَام أَبي حَيَّان، ومثلُه فِي المُمْتعِ، انْتهى كَلَام شَيخنَا: جَرَادٌ م) وَقَالَ اللحْيَانيّ: هُوَ دَابَّةٌ، وَلم يُحَلِّهَا، كَذَا فِي (الْمُحكم) ، وَقيل: هُوَ الذَّكَرُ من الجَرَادِ، وفَسَّره السِّيرَافيّ بأَنّه الصَّدَى يَصِرُّ بِاللَّيْلِ، ويَقْفِزُ ويَطِيرُ، وَفِي (الْمُحكم) : هُوَ أَصْغَرُ منَ الصَّدَى يكونُ فِي البَرَارِيِّ، قَالَ: وإِيَّاهُ عَنَى ذُو الرمة بقوله:
كَأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلاَ مُقْطِفٍ عَجِلٍ
إِذَا تَجَاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وَقَالَ الأَزهَرِيّ: والعَرَبُ تقولُ: (صَرَّ الجُنْدُبُ) يُضْرَبُ لِلأَمْرِ الشَّدِيد يَشْتَدُّ حَتَّى يُقْلِقَ صَاحِبهُ، والأَصل فِيهِ أَن الجُنْدُبَ إِذا رَمِضَ فِي شِدَّةِ الحَرِّ لَمْ يَقِرَّ على الأَرْضِ وَطْأً فتَسْمَع لِرِجْلَيْهِ صَريراً، وقيلَ: هُوَ الصغيرُ من الجَرَاد.
وَفِي الصَّحَابَةِ مَن اسْمُهُ: جُنْدَبٌ أَبُو ذَرِّ الغِفَارِيُّ جُنْدَبُ بنُ جُنَادَةَ، وجُنْدَبُ ابنُ عَبْدِ الله، وجُنْدَبُ بنُ حَسَّانَ، وجُنْدَبُ بنُ زُهَير، وجُنْدَبُ بن عَمَّار وجُنْدَبُ بنُ عَمْرو، وجُنْدَبُ بنُ كَعْبٍ، وجُنْدَبُ بنُ مَكِيثِ وأَبُو نَاجِيَةَ جُنْدَبُ، رَضِي الله عَنْهُم، وَقَالَ غيرُه: هُوَ ضَرْبٌ منَ الجَرَادِ (واسْمٌ) ، وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود (كانَ يصَلّي الظُّهْرَ والجَنَادِبُ تَنْقُزُ مِنَ الرِّمْضَاءِ) أَي تَثِبُ.
وجَنَادِبَةُ الأَزْدِ هُمْ جُنْدَبُ بنُ زُهَيْرٍ، وجُنْدَبُ بنُ كَعْب من بَنِي ظَبْيَانَ، وجُنْدَب بنُ عبدِ الله هُوَ جُنْدبُ الخَيرِ، وَفِي التَّابِعِينَ: جُنْدب بنُ كَعْبٍ، وجُنْدب بن سَلاَمَةَ، وجُنْدب بن الجَمَّاح وجُنْدب بن سُلَيْمَانَ. (و) يُقَال: وَقَعَ فلانٌ فِي (أُمِّ جُنْدَبٍ) إِذَا وَقَعَ فِي (الدَّاهِيَةِ، و) قيلَ (: الغَدْرِ، و) رَكِبَ فلانٌ أُمَّ جُنْدَب، إِذَا رَكبَ (الظُّلْمَ) ، الثَّلَاثَة من الْمُحكم (و) يُقَال: (وَقَعُوا فِي أُمِّ جُنْدَب، أَي ظُلمُوا) كأَنَّها اسمٌ من أَسماءِ الإِسَاءَة، وَيُقَال: وقَعَ القَوْمُ بِأُمِّ جُنْدَب، إِذا ظَلَمُوا وقَتَلوا غَيْرَ قاتلٍ، قَالَ الشَّاعِر:
قَتَلْنَا بِهِ القَوْمَ الذِينَ اصْطَلَوْا بِهِ
جِهَاراً ولمْ نَظْلمْ بِهِ أُمَّ جُنْدَبِ
أَيْ لَمْ نَقْتِلْ غَيْرَ القَاتِلِ.
وأُمُّ جُنْدَب أَيضاً بمَعْنَى الرَّمْلِ، لأَنَّ الجَرَادَ يَرْمي فِيهِ بَيْضَهُ، والمَاشي فِي الرَّمْلِ وَاقعٌ فِي شَرِّهِ.
وجُنْدَب بن خَارِجَةَ بنِ سَعْد بنِ فُطْرَةَ بنِ طَيِّىء، هُوَ الرَّابِع من وَلَد وَلَد طَيِّىء، وأُمُّهُ: جَدَيلَة بِنْت سَبيع بنِ عَمْرٍ و، مِنْ حمْيَر، وَفِيه قَالَ عَمْرُو بن الغَوْث، وَهُوَ أَوَّلُ من قَالَ الشِّعْرَ فِي طَيِّىء بَعْدَ طَيِّىء:
وإِذَا تكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لهَا
وإِذَا يُحَاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ
كَذَا فِي (المعجم) .
(وأَجْدَبَ الأَرْضَ: وَجَدَهَا جعدْبَةً) وَكَذَلِكَ الرجُلَ، يُقَال: نَزَلْنَا فلَانا فأَجْدَبْنَاهُ إِذا لَمْ يَقْرهِمْ (و) أَجْدَبَ (القَوْمُ، أَصَابَهُمُ الجَدْبُ) .
(و) فِي المُحْكَم: (مكَانٌ جَدْبٌ وجَدُوبٌ ومَجْدُوبٌ) : كأَنَّه على جُدِبَ وإِن لم يُسْتَعْمَلْ، قَالَ سَلاَمَةُ بن جَنْدَلٍ:
كُنَّا نَحُلُّ إِذَا هَبَّتْ شَآمِيَةٌ
بِكُلِّ وادِ حَطِيبِ البَطْنِ مَجْدُوبِ
كَذَا فِي الْمُحكم (وَجَدِيبٌ) أَي (بَيِّنُ الجُدُوبَةِ، وأَرْضٌ جَدْبَةٌ) وجَدْبٌ وَعَلِيهِ اقْتصر ابنُ سِيده: مُجْدِبَة، والجَمْعُ جُدُوبٌ، (و) قد قالُوا: (أَرَضُونَ جُدُوبٌ) ، كأَنَّهُم جعلُوا كلّ جُزْءٍ مِنْهَا جَدْباً ثمَّ جَمَعُوهُ على هَذَا، (و) أَرَضُونَ (جَدْبٌ) كالواحد، فَهُوَ على هَذَا وصفٌ للمصدر، وَالَّذِي حَكَاهُ اللحيانيّ: أَرْضٌ جُدُوبٌ، (وقَدْ جَدُبَ) المَكَانُ (كَخَشُنَ، جُدُوبَةً، وجَدَبَ) ، بِالْفَتْح، (أَجْدَبَ) رُبَاعِيًّا، والأَجْدَبُ: اسمٌ للمُجْدِب، كَذَا فِي (الْمُحكم) ، وعَامٌ جُدُوبٌ وأَرْضٌ جُدُوبٌ، وفلانٌ جَدِيبُ الجَنَابِ، وأَجْدَبَتِ السَّنَةُ: صَارَ فيهَا جَدْبٌ.
وَجَادَبَتِ الإِبلُ العَامَ مُجَادَبَةً إِذَا كانَ العَامُ مَحْلاً فصارتْ لَا تأْكل إِلاَّ الدَّرِينَ الأَسْوَدَ، دَرِينَ الثُّمَامِ، فَيُقَال لهَا حينَئذٍ: جَادَبَتْ، وَفِي (الْمُحكم) : فِي الحَدِيثِ (وكَانَتْ فِيهِ) ، وَفِي نُسْخَة: فِيهَا، ومثلُه فِي (الْمُحكم) (أَجَادِبُ) أَمْسَكَتِ المَاءَ، (قِيلَ:) هِيَ (جَمَعُ أَجْدُب) الَّذِي هُوَ (جَمْعُ جَدْب) بِالسُّكُونِ كأَكَالِبَ وأَكْلُبٍ وكَلْبٍ، قَالَ ابْن الأَثير فِي تَفْسِير الحَدِيث: الأَجَادبُ: صِلاَبُ الأَرْضِ الَّتِي تُمْسِكُ المَاءَ وَلَا تَشْرَبُه سَرِيعا، وَقيل: هِيَ الأَرْضُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بهَا، مأْخُوذٌ من الجَدْبِ وَهُوَ القَحْطُ، قَالَ الخَطَّابِيُّ: وأَمَّا أَجَادبُ فَهُوَ غَلَطٌ وتَصْحيفٌ، وَكَأَنَّه يُرِيدُ أَنَّ اللفْظةَ أَجَارِدُ بالرَّاءِ والدالِ، قَالَ: وكذالك ذَكَره أَهْلُ اللغَةِ والغَرِيبِ، قَالَ: وَقد رُوِي أَحَادِبُ، بالحَاء المُهْمَلَةِ، قَالَ ابْن الأَثيرِ: وَالَّذِي جاءَ فِي الرِّوَايَة أَجَادِبُ بِالْجِيم، قَالَ: وَكَذَا جاءَ فِي صَحِيحَيِ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ، انْتهى، قَالَ شيخُنَا: قلتُ: أَي فَلاَ يُعْتَدُّ بغيرِه، وَلَا تُرَدُّ الرِّوَاية الثابتةُ الصحيحةُ بمُجَرَّدِ الاحتمالِ والتَّخْمِينِ، ثمَّ نَقَل عَن عِيَاضٍ فِي المَشَارِق، وتَبِعَه تلميذُه ابنُ قَرَقُول فِي المطالِع: أَجَادِبُ، كَذَا رَوَيْنَاه فِي الصَّحِيحَينِ بدال مهملةٍ بِلَا خِلاَفٍ، أَي أَرْضٌ جَدْبَة غَيْرُ خِصْبَةٍ، قالُوا: هُوَ جَمْعُ جَدْب، على غيْرِ قِياسٍ، كَمَحَاسِنَ، جَمْع حَسَنٍ، ورَوَى الخَطَّابيُّ: أَجَاذِبُ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَقَالَ بَعضهم: أَحَازِبُ بِالْحَاء والزَّاي ولَيْسَ بِشَيْءٍ، ورواهُ بعضُهُمْ: إِخَاذَاتٌ، جَمْعُ إِخَاذَةٍ، بِكَسْر الْهمزَة بعْدهَا خاءٌ مُعْجمَة مَفْتُوحَة خَفِيفَة وذال مُعْجمَة، وَهِي الغُدْرَانِ الَّتِي تُمْسكُ ماءَ السماءِ، ورواهُ بعضُهُم: أَجَارِدُ، أَي مواضعُمُتَجَرِّدَةٌ من النَّبَاتِ جَمْعُ أَجْرَدَ، انْتهى كلامُ شَيخنَا.
(و) فِي (الْمُحكم) : (فَلاَةٌ جَدْبَاءُ: مُجْدِبَةٌ) لَيْسَ بهَا قليلٌ وَلَا كثيرٌ وَلَا مَرْتَعٌ وَلَا كَلأٌ قَالَ الشَّاعِر:
أَوْفِي فعلا قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ
مُجْدبَة جَدْبَاءَ عَرْبَسيس
وأَجْدَبَتِ الأَرْضُ فَهِيَ مُجْدِبَةٌ، وجَدُبَتْ.
(والمجْدَابُ) ، كمِحْرَابٍ (: الأَرْض الَّتِي لَا تنَكَادُ تُخْصِبُ) ، كالمِخْصَاب وَهِي الأَرضُ الَّتِي لَا تكادُ تُجْدبُ، وَفِي حَديثِ الاسْتِسْقَاءِ (هَلَكَت المَوَاشِي وأَجْدَبَت البِلاَدُ) أَي قَحطَتَ وغَلَتِ الأَسعار.
(وجِدَبٌّ: كَهِجَفَ) وجَدَبٌّ فِي قَول الراجز مِمَّا أَنشده سِيبَوَيْهٍ:
لَقَدْ خَشيت أَنْ أَرَى جَدَبَّا
فِي عَامنَا ذَا بَعْدَ مَا أَخْصَبَّا
فحَرَّكَ الدَّالَ بحَرَكَة البَاءِ وحذَف الأَلِفَ، (اسمٌ لِلْجَدْبِ) بِمَعْنى المَحْلِ. فِي (الْمُحكم) : قَالَ ابنُ جِنِّي: القَوْلُ فِيهِ أَنَّهُ ثَقَّلَ (البَاء) كَمَا ثَقَّلَ الَّلامَ فِي عَيْهَلّ، فِي قَوْله:
بِبَازِلٍ وَجَنَاءَ أَوْ عَيْهَلِّ
فَلم يُمْكنْه ذَلِك حَتَّى حَرَّكَ الدالَ لما كَانَت سَاكِنة لَا يَقَعُ بعدَها المُشَدَّدُ ثمَّ أَطْلَقَ كإِطلاقِه عَيْهَلّ وَنَحْوهَا، ويُرْوَى أَيْضاً: جَدْبَبَّا، وَذَلِكَ أَنه أَراد تَثْقِيلَ البَاءِ، والدَّالُ قبلهَا ساكنةٌ، فَلم يُمْكنه ذَلِك، وكَرِهَ أَيضاً تَحْرِيكَ الدَّالِ، لأَنَّ فِي ذَلِك انْتِقَاضَ الصِّيغَةِ، فَأَقَرَّهَا على سُكُونِهَا، وزادَ بعدَ البَاءِ بَاءً أُخْرَى مُضَعَّفَةً لإِقامةِ الوَزْن، وَهَذِه عبارَة الْمُحكم، وَقد أَطَالَ فِيهَا فراجِعْه، وأَغْفَلَه شيخُنا.
(ومَا أَتَجَدَّبُ أَنْ أَصْحَبَكَ) أَي (مَا أَسْتَوخِمُ) ، نَقله الصاغانيُّ.
(وأَجْدَابِيَّةُ) بتَشْديد الْيَاء التَّحْتِيَّة، لأَنَّ اليَاءَ للنسبة، وتخفيفُهَا يجوزُ أَن يكونَ إِنْ كَانَ عربيًّا جَمْع جَدْب جَمْع قِلَّة، ثمَّ نَزَّلُوه مَنْزلةَ المُفْرَدِ، لكَونه عَلَماً، فَنَسبوا إِليه ثمَّ خَفَّفُوا ياءَ النِّسبة لِكَثْرَة الاستعمالِ، والأَظهرُ أَنَّه عَجَمِيٌّ، وَهُوَ (: د قُرْبَ بَرْقَةَ) بَينهَا وَبَين طَرَابُلسِ المغربِ، بَينه وَبَين زَوِيلَةَ نحوُ شهرٍ سَيْراً، على مَا قَالَه ابْن حَوْقَلٍ، وَقَالَ أَبو عُبَيْد البكريُّ: هِيَ مدينةٌ كبيرةٌ فِي صحَرَاءَ أَرْضُهَا صفا وآبارُها مَنْقُورَةٌ فِي الصَّفَا، لَهَا بَسَاتينُ ونخلٌ، كثيرةُ الأَرَاك، وَبهَا جامعٌ حَسَنٌ بَنَاهُ (أَبو) القاسمِ بن المَهْدِيّ، وصَوْمَعَةٌ مُثَمَّنَةٌ، وحَمَّامَاتٌ، وفَنَادِقُ كَثِيرَةٌ، وأَسواقٌ حافلة، وأَهلُهَا ذَوُو يَسَارٍ، أَكثرُهم أَنْبَاطٌ ونَبْذٌ من صُرَحَاءِ لَوَاتَةَ، ولهَا مَرْسٍ ى على البَحْرِ يُعرَف بالمَادُورِ، على ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلاً مِنْهَا، وَهِي من فُتُوح عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَتَحَهَا مَعَ بَرْقَةَ صُلْحاً على خمسةِ آلافِ دِينَارٍ، وأَسْلَمَ كثيرٌ من بَرْبَرِهَا، يُنْسَبُ إِليها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ إِسماعيلَ بنِ أَحمدَ بنِ عبدِ الله الأَطْرَابُلُسِيُّ ويُعْرَفُ بابْنِ الأَجْدَابِيّ مُؤَلِّف كِتَاب كِفَايَةِ المُتَحَفِّظِ، وَغَيره كَذَا فِي (المعجم) لياقوت.
قلت: وأَبُو السَّرَايَا عامرُ بنُ حَسَّانَ بنِ فِتْيَان بنِ حَمّود بنِ سُلَيْمَان الأَجْدَابيّ الإِسْكَنْدَرِيُّ، عُرِفَ بابنِ الوَتَّارِ، من أَهل الحدِيثِ سمِعَ من أَصحاب السِّلَفِيّ، وَتُوفِّي سنة 654 كَذَا فِي ذَيْلِ الإِكمَالِ للصَّابُونِيّ.
(جَدب)
الْمَكَان جدبا يبس لاحتباس المَاء عَنهُ وَالشَّيْء عابه وذمه وَفِي الحَدِيث (جَدب لنا عمر السمر بعد عتمة)

(جَدب) الْمَكَان جدبا جَدب

(جَدب) الْمَكَان جدوبة جَدب فَهُوَ جَدب وجديب وَهِي جَدب وجدبة وجدوب

الأَشْعَرُ

الأَشْعَرُ:
بالفتح ثم السكون، وفتح العين المهملة، وراء: الأشعر والأقرع جبلان معروفان بالحجاز، قال أبو هريرة: خير الجبال أحد والأشعر وورقان، وهي بين مكة والمدينة، وقال ابن السكيت: الأشعر جبل جهينة ينحدر على ينبع من أعلاه، وقال نصر: الأشعر والأبيض جبلان يشرفان على سبوحة وحنين، والأشعر والــأجرد جبلا جهينة بين المدينة والشام.

أَجَارِدُ

أَجَارِدُ:
بفتح أوله كأنه جمع أجرد، قال أبو محمد الأعرابي: أجارد بفتح أوله لا بضمّه في بلاد تميم، قال اللّعين المنقري:
دعاني ابن أرض يبتغي الزاد، بعد ما ... ترامى حلامات به وأجارد
ومن ذات أصفاء سهوب، كأنها ... مزاحف هزلى، بينها متباعد
وذكر أبياتا وقصّة ذكرت في حلامات.

قَاعًا صَفْصَفًا

{قَاعًا صَفْصَفًا}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا}
فقال: القاع الأملس والصفصف المستوى. سأله نافع: وهلى تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
بِمَلمُومَةٍ شهباءَ لو قذفوا بها. . . شماريخَ من رَضْوَى إذاً عادَ صفصفا
(تق، ك، ط)
= الكلمتان من آية طه 106 في يوم القيامة:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}
القاع، واحدُ القيعان، وحيدة الصيغة في القرآن.
واوية، قلبت ياء قيعان، لكسر ما قبلها (ص)
ومن المادة جاءت قيعة، في آية النور 39:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} ودلالة الهبوط والانخفاض في القاع أقرب من دلالة الملاسة. وهو في الأصل اللغوي لما انحفض من الأرض وهبط.
وصيغة صفصف، وحيدة في القرآن كذلك، وجاء فيه من المادة صفّ، وصافاتِ والصافات، وصواف، ومصفوفة.
ومعناهما عند الفراء: القاع، والقيعة: المستنقع، وما نبسط من الأرض ويكون فيه السراب وهماً: والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه. وفي تفسير البخاري: قاعاً، يعلوه الماء، والصفصف المستوى من الأرض. وفي تأويل الطبري: قاعاً، أرضاً ملساء. صفصفا: مستويا لا نبات فيه. وأسنده عن ابن عباس وغيره من أهل التأويل.
وتفسيره بالمستوى، نُظر فيه إلى الصفَّ. ومعنى الخلاء في الصفصف أقرب. والعربية تقول: صفصَف، إذا سار وحده. ودلالة الاستواء في الصفصف على ما فسرها به ابن عباس وغيره، من حيث لا ترى في القاع الخالي الــأجرد علامةً تتميز من غيرها أو تظهر بارزة.
وأما الصف، فيأخذ معنى الأستواء فيه، دلالَة النظام والترتيب. ومنه "صافات، وصوافّ، ومصفوفة" والله أعلم.

الشوَى

الشوَى
في القرآن في صفة جهنم:
{نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} .
واختلفوا في معناه . ولكن المعنى الكثير الوقوع في كلام العرب هو لحم الساق . قال ابنُ حُزَابَة الحماسيّ :
مُشَمِّرٌ لِلمنايا عَن شَواه إذا ... ما الوَغْدُ أسنبَلَ ثوبَيه على القدَمِ
قال امرؤ القيس:
سَلِيمِ الشَّظَى عَبْلِ الشَّوَى شَنِجِ النَّسَا ... لَهُ حَجَبَاتٌ مُشْرِفَاتٌ عَلَى الْفَالِ قال جرير :
مَاذَا ذَكَرْتَ مِنَ الهُذَيلِ وَقَدْ شَتَا ... فِينَا الهُذَيْلُ وَفِي شَوَاه كُبُولُ
[قال الأَفْوَهُ الأَوْدِي : نَظَلُّ غَيارَى عِندَ كُلِّ سَتِيرَةٍ ... تُقَلِّبُ جِيداً وَاضِحاً وَشَوًى عَبْلاَ
قالت الخِرنِق أختُ طرَفة :
سَارَ بِه أَجْرَدُ ذُو مَيْعَةٍ ... عَبْلاً شَوَاه غيرَ كَابٍ عَثورْ
قال الأعشى:
مُسْتَقْدِمُ البِرْكةِ عَبْلُ الشَّوَى ... كَفْتٌ إذَا عَضَّ بِفَأسِ اللِّجَامْ
قال المثقِّب العَبدي:
كأني وأقتادِي على حَمْشَةِ الشَّوى ... يَجورُ صَراريٌّ بها ويُقيمُها
قال عَنترة العبسي:
وحَشِيّتي سَرْجٌ على عَبلِ الشوى ... نهدٍ مَراكلُه نبيلِ المَحزِمِ ]

عَجْرَدِيَّةٌ

عَجْرَدِيَّةٌ ضَرْبٌ من الحَرُوْرِيَّة. وعَجْرَدُ اسْمُ رَجُلٍ. والخَفِيْفُ السَّريعُ. والمُعَجْرَدُ العُرْيَانُ، والعَجْرَدُ يُوْصَفُ به الأيْرُ. والعُجْرُوْدُ الــأجْرَدُ المَمْشُوْقُ الطَّويلُ. والأمْلَسُ أيضاً.

لغس

لغس
ذِئْبٌ لَغْوَسٌ وذِئابٌ لَغَاوِسُ: أي خَبِيثةٌ، وكذلك اللِّصُّ.
واللَّغْس: سُرْعَةُ الأكْل. واللِّغْوَاسُ: السَّرِيعُ الأكل الخفيف ومنه اشْتِقاقُ لَغْوَس بن عَطِيَّة.
وطَعامٌ مُلَغْوَسٌ: مِثلُ مُلَهْوَجٍ.
واللَّغْوَسُ: ما رَقَّ من النَّباتِ والبَقْل.
ولَغْوَسَةٌ من خَبَرٍ: إذا لم يَتَحَقَّقْه ولا شَيْئاً منه.
(ل غ س)

اللَّغْوَسة: سُرعة الْأكل، وَنَحْوه.

واللَّغْوَسُ: السيع الْأكل.

واللّغْوسُ: الذِّئْب الشَّره الحَريص.

واللَّغوسُ: عشبة من المرعى، حَكَاهُ أَبُو حنيفَة.

قَالَ: واللغوس، أَيْضا: الرَّقِيق الْخَفِيف من النَّبَات، قَالَ ابنُ احمر:

فَبدَرْتُه عَيْناً ولَجّ بِطِرْفه عنَّي لُعاعةُ لَغْوس مُتَزَيَّد

وَقيل: اللَّغوس: عُشبٌ لين رَطْب يُؤكل سؤيعا. ولَحْمُ مُلَغْوَسٌ، ومَلْغُوسٌ: احمرُ ينضج.

لغس: اللَّغْوَسَة: سُرْعة الأَكل ونحوه. واللَّغْوَس: السريع الأَكل.

واللَّغْوَس: الذئب الشَّرِه الحريص، والعين فيه لغة؛ قال ذو الرمة:

وماءٍ هَتَكْتُ السِّتْرَ عنه، ولم يَرِدْ

رَوايا الفِراخِ والذِّئابُ اللَّغاوِسُ

ويروى بالعين المهملة. وذئب لَغْوَس ولِصٌّ لَغْوَس: خَتُول خبيث.

واللَّغْوَس: عُشْبة من المَرْعى؛ حكاه أَبو حنيفة قال: واللَّغْوَس أَيضاً

الرَّقيق الخفيف من النَّبات؛ قال ابن أَحمر يصف ثوراً:

فَبَدرْتُه عَيْناً، ولَجَّ بِطَرْفِه

عَنِّي لُعَاعَةُ لَغْوَس مُتَزَيِّدِ

(* قوله «متزيد» ويروى مترئد، كما في شرح القاموس.)

معناه أَني نظرتُ إِليه وشغَلَتْه عني لُعاعَةُ لَغْوس، وهو نبت ناعِم

رَيَّان، وقيل: اللَغْوَس عُشْب ليِّن رَطْب يؤكل سريعاً.

ولحم مُلَغْوَس ومَلْغُوس: أَحمر لم يَنْضَج. ابن السكيت: طعام

مُلَهْوَج ومُلَغْوس وهو الذي لم يَنْضَج.

لغس
الفرّاء: اللَّغْوَس واللَّعْوَس - بالغَين والعَين -: الذِّئب الحَريص الشَّرِه، قال ذو الرُّمَّة:
وماءٍ هَتَكْتُ الدِّمْنَ عنه ولم تَرِدْ ... رَوَايا الفِرَاخَ والذِّئابُ اللَّغَاوِسُ ويروى: هَتَكْتُ اللَّيْلَ.
ولِصٌ لَغْوَسٌ: خَتُوْلٌ خَبيثٌ.
وأمّا قول عمرو بن أحْمَرَ الباهِليّ يصف ثوراً وَحْشِياً:
فغدا بِشِرَّتِهِ يَلُوحُ قَمِيْصُهُ ... بينَ الشَّقائقِ والفَضَاءِ الــأجْرَدِ
فَبَدَرْتُهُ عَيْناً ولَجَّ بِطَرْفِهِ ... عَنّي لُعَاعَةُ لَغْوَسٍ مُتَرَئِّدِ
ويُروى: " مُتَرَبِّدِ ": فمعناه أنّي نظرتُ إليه وشَغَلَتْهُ عنّي لُعاعَةُ لَغْوَسٍ. قال الدِّيْنَوَريُّ: قيلَ في اللَّغْوَسِ: إنَّه عُشْبَة مِنَ المَرُعى، وقيل: بَل اللَّغْوَس الرَّقيق من النبات الخفيف. والمُتَرَئِّد: الذي يَهْتَزُّ من نَعْمَتِه.
وقال ابن عبّاد: اللَّغْس: سرعة الأكل.
قال: ويقال: لَغْوَسَة من خَبَر: إذا لم يَتَحَقَّق شَيْئٌ منه.
وقال ابن السكِّيت: يقال طعام مُلَهْوَج ومُلَغْوَس؛ وهو الذي لم يُنْضَج.
لغس
اللَّغْوَسُ، كجَرْوَلٍ، أَهملَه الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ الفَرَّاءُ: اللَّعْوَسُ، بالعَيْن، لغةٌ فِيهِ، وَهُوَ الذِّئْبُ الحَرِيصُ الشَّرِهُ السَّرِيعُ الأَكْلِ، وذِئابٌ لَغَاوِسُ، وأَنشد اللَّيْثُ قولَ ذِي الرُّمّةِ السابِقَ. واللَّغْوَسُ: اللَّصُّ الخَتُولُ الخَبِيثُ، ويُوصَفُ بِهِ الذِّئْبُ أَيضاً. واللَّغْوَسُ: عُشْبَةٌ تُرْعَى، والَّذي فِي نَصِّ أَبي حَنيفَةَ: عُشْبَةٌ من المّرْعَى، قَالَ: واللَّغْوَسُ أَيضاً: الرَّقِيقُ من النَّبَاتِ الخَفِيفُ النّاعِمُ الرَّيَّانُ.
وَقيل: هُوَ عُشْبٌ لَيِّنٌ رَطْبٌ يُؤْكَلُ سَرِيعاً. والمُتّرَئِّدُ: الّذِي يَهْتَزُّ من نَعْمَتَه، هَذَا مأْخوذٌ من قَول ابنِ أَحْمَرَ يصِفُ ثَوْراً: (فبَدَرْتُه عَيْناً ولَجَّ بِطَرْفِهِ ... عَنِّى لُعَاعَةُ لَغْوَسٍ مُتَرَئِّدِ)
ويُرْوَى مُتَرَبِّد وَمَعْنَاهُ: أَنِّي نَظَرْتُ إِليه وشَغَلَتْه عَنِّي. لُعَاعَةُ لَغْوَس، وَهُوَ نَبْتٌ ناعِمٌ رَيّانُ.
والمُتَرَئِّدُ: نَعْتٌ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَهْتَزُّ من نَعْمَتِه، وَلَا يَخْفَي بُعَدُ هَذَا من تفسيرِ كلامِ ابنِ أَحْمَرَ، فَلَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا، وَقد وَهِمَ فِيهِ، فإنظُرْه وتأَمَّلْ. والمُلَغْوَسُ، كمُطَرْبَلٍ: الطَّعامُ النِّيءُ الّذي لم يَنْضَجْ، وَهُوَ المُلَهْوَجُ. قَالَه ابنُ السِّكِّيتِ، وقالَ غيرُه: لَحْمٌ مُلَغْوَسٌ: أَحْمَرُ لم يَنْضَجْ. وَيُقَال: هُوَ لَغْوَسَةٌ مِن خَبَرٍ، إِذا لم يُتَحَقَّقْ شيءٌ مِنْه، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، عَن ابْن عَبّادٍ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: اللَّغْوَسَةُ: سُرْعَةُ الأَكْلِ ونَحْوِه. واللِّغْوَاسُ، بالكَسْر: الكَثيرُ الأَكْلِ، وَمِنْه إِشْتِقَاقُ لَغْوَسِ بنِ عَطِيَّةَ.

خَمس

خَمس
الخَمْسَةُ من العَدَدِ: م، معروفٌ، وَهُوَ بالهاءِ فِي المُذَكِّر، وبغَيْرِهَا فِي المُؤَنَّثِ، يُقَال: خَمْسَةُ رِجَالٍ، وخَمْسُ نِسْوَةٍ. قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يُقَال: صُمْناً خَمْساً من الشَّهْر، فيُغَلِّبُونَ اللَّيَالِيَ على الأَيّامِ إِذا لم يَذْكُرُوا الأَيّام، وإِنَّما يَقَعُ الصِّيَامِ لأَن لَيْلَةَ كلِّ يومٍ قَبْلَه، فَإِذا أَظْهَرُوا الأَيّامَ، قالُوا: صُمْنَا خَمْسَةَ أَيّامٍ، وكذلِك: أَقَمْنَا عِنْدَه عَشْراً، بَيْنَ يَوْمٍ وليلةٍ، غَلَّبوا التَّأْنِيثَ.
والْخَامِي: الخامِسُ، إِبْدَالٌ. يُقَال: جاءَ فلانٌ خامِساً وخامِياً. وأَنشد ابْن السِّكِّيت لِلْحادِرَة:
(كَمْ لِلْمَنَازِلِ مِنْ شَهْرٍ وأَعْوَامِ ... بِالْمُنْحَنَى بَيْنَ أَنْهَارٍ وآجَامِ)

(مَضَى ثَلاثُ سِنِينَ مُنْذُ حُلَّ بِهَا ... وعامَ حُلَّتْ وَهَذَا التابِعُ الخَامِي)
وثَوْبٌ مَخْمُوسٌ، ورُمْحٌ مَخْمُوسٌ، وخَمِيسٌ: طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَكَذَا ثَوْبٌ خُمَاسِيٌّ. قالَ: عَبِيدٌ يذْكُرُ ناقَتَه:
(هَاتِيكَ تَحْمِلُنِي وأَبْيَضَ صارِماً ... ومُذَرَّباً فِي مَارِنٍ مَخْمُوسِ)
يَعْنِي رُمْحاً طُولُ مَارِنِه خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَفِي حديثِ مُعاذٍ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخذُهُ منكُم فِي الصَّدَقّةِ الخَمِيسُ: هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ، كأَنَّه يَعْنِي الصَّغِيرَ من الثِّيابِ، مثل: جَرِيحٍ ومَجْرُوح، وقَتِيلٍ ومَقْتُولٍ. وحَبْلٌ مَخْمُوسٌ، أَي من خَمْسِ قُوىً. وَقد خَمَسَهُ يَخْمِسُه خَمْساً: فَتَلَهُ على خَمْسِ قُوىً. وخَمَسْتُهُمْ أَخْمُسُهُم، بالضَّمِّ: أَخَذْتُ خُمْسَ أَموالِهِم. والخَمْسُ: أَخْذُ وَاحدٍ من خَمْسَةٍ. وَمِنْه قولُ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رَبَعْتُ فِي الجاهِلِيَّةِ، وخَمَسْتُ فِي الإِسْلامِ. أَي قُدْت الجَيْشَ فِي الحالَيْنِ لأَنّ الأَميرَ فِي الجاهِليَّةِ كانَ يَأْخذُ الرُّبُعَ من الغَنِيمَةِ، وجاءَ الإِسْلامُ فجعَلَه الخُمُسَ، وجَعَلَ لَهُ مَصَارِف، فيكُونُ حينئذٍ من قَوْلهم: رَبَعْتُ القَوْمَ وخَمَسْتُهُمْ، مُخَفَّفاً، إِذا أَخَذْتَ رُبْعَ أَموالهِم وخُمُسَها، وَكَذَلِكَ إِلَى العَشَرَةِ. وخَمَسْتُهم أَخْمِسُهم، بالكَسْرِ: كُنْتُ خامِسَهُمْ. أَو خَمَسْتُهُم أَخْمِسُهُم: كَمَّلْتُهُم خَمْسَةً بنفْسي. وَقد تقدَّم بحثُ ذلِك فِي ع. ش ر.)
ويَوْمُ الخَمِيسِ، من أَيَّام الأُسْبُوعِ، م، معروفٌ، وإِنَّمَا أَرادُوا الخَامِسَ، ولكِنَّهم خَصُّوهُ بِهَذَا البِنَاءِ، كَمَا خَصَّوا النَّجْمَ بالدَّبَرَانِ. قَالَ اللَّحْيَانِيُّ: كانَ أَبو زَيْدٍ يقُولُ: مَضَى الخَمِيسُ بِمَا فِيه، فيُفْرِدُ ويُذَكِّرُ. وَكَانَ أَبو الجَرَّاحِ يَقُول: مَضَى الخَمِيسُ بِمَا فِيهِن، فيَجْمَع ويُؤَنِّث، ويُخْرِجُه مُخْرِجَ العَددِ. ج أَخْمِسَاءُ وأَخْمِسَةٌ وأَخامِسُ. حُكِيَتِ الأَخِيرَةُ عَن الفَرَّاءِ.
والخَمِيسُ: الجَيْشُ الجَرَّارُ، وقيلَ: الخَشنُ. وَفِي المُحْكَم: سُمِّيَ بذلك، لأَنَّهُ خَمْسُ فِرَقٍ: المُقَدِّمة.
والقَلْبُ والمَيْمَنَةُ، والمَيْسَرةُ، والسَّاقَةُ. وَهَذَا القولُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكثرُ الأَئمَّةِ، وَقيل: سُمِّيَ بذلِك لأَنه يُخْمَّسُ فِيهِ الغَنَائِمُ. نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه، ونَظَرَ فِيهِ شَيخُنَا قَائِلا بأَنَّ التَّخْمِيسَ للغَنَائِمِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ والخَمِيسُ مَوْضُوعٌ قدِيمٌ.
والخَمِيسُ: سمٌ تَسَمَّوْا بِهِ كَمَا تَسَمَّوْا بِجُمْعَةَ. ويُقَالُ: مَا أَدْرِي أَيُّ خَمِيسِ الناسِ هُو، أَيْ، أَيُّ جَمَاعَتِهِمْ. نَقَلَه الصّاغانِيُّ عنِ ابْن عَبَّادٍ. وخَمِيسُ بنُ عليٍّ الحَوْزِيُّ الحافِظُ أَبو كَرَمٍ الواسِطِيُّ النَّحْوِي شيخُ أَبِي طاهِرٍ السِّلَفِيّ، إِلَى الحُوْزَة مَحَلَّة شَرْقِيَّ وَاسِطَ. وَقد تقدَّم ومُوَفَّقُ الدِّينِ أَبو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ القاسِمِ بن خَمِيسٍ المَوْصِلِيّ، مُحَدِّثان، الأَخِيرُ عَن أَبي نَصْرِ ابنِ عبدِ الباقِي بن طَوْقٍ، وغيرِه، وَهُوَ من مَشَايِخِ الخَطِيبِ عبدِ اللهِ ابنِ أَحْمَدَ الطُّوسِيِّ، صاحِبِ رَوْضَة الأَخْبَارِ. والخِمْسُ، بالكَسْرِ: مِن أظْمَاءِ الإِبِلِ وهِي، كَذَا فِي النُّسَخ، والصّوابُ: وَهُوَ، وسَقَطَ ذَلِك منَ الصّحاح: أَنْ تَرْعَى ثَلاَثَةَ أَيّامٍ وتَرِدَ اليومَ الرابِعَ، وَلَو حَذَفَ كلِمَةَ اليومَ الرابِعَ، وَلَو حَذَفَ كلِمَةَ وَهِي لأَصَابُ. وَهِي إِبلٌ خَامِسَةٌ وخَوَامِسُ، وَقد خَمَسَتْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخِمْسُ: شُرْبُ الإِبِلِ يَوْمَ الرابِعِ مِن يَوْم صَدَرَتْ لأَنَّهُمْ يَحْسُبُونَ يومَ الصَّدَرِ فِيهِ، وَقد غلَّطَه الأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ لَا يُحْسَبُ يَوْمَ الصَّدَرِ فِي وِرْدِ النَّعَمِ. قلتُ: وَقَالَ أَبو سَهْل الخَوْلِيُّ: الصَّحِيحُ فِي الخِمْسِ من أَظْمَاءِ الإِبل: أَن تَرِدَ الإِبِلُ الماءَ يَوْمًا فتَشْرَبهَ، ثمَّ تَرْعَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثمّ تَرِدَ الماءَ اليومَ الخامِسَ، فيَحْسُبُون اليومَ الأَوّلَ والآخِرَ اليَوميْنِ اللَّذَيْنِ شَرِبَتْ فيهمَا، ومثلُه قولُ أَبِي زَكَرِيَّا. والخِمْسُ: اسمُ رَجُلٍ ومَلِكٍ باليَمَنْ، وَهُوَ أَوَّلُ مَن عُمِلَ لَهُ البُرْدُ المَعْرُوفُ بالخِمْسِ، نُسِبَتْ إِليه. وسُمِّيَتْ بِهِ، ويُقال لَهَا أَيضاً: خَمِيسٌ، قَالَ الأَعْشَى يصفُ الأَرْضَ:
(يَوْماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْ ... خِمْسِ ويَوْماً أَدِيمَها نَغِلاَ)
وَكَانَ أَبو عَمْروٍ يقولُ: إِنما قيلَ للثَّوْبِ: خَمِيسٌ لأَنَّ أَوَّلَ مَن عَمِلَهُ مَلِكُ باليَمن يُقَالُ لَهُ: الخِمْسُ، بالكَسْر، أَمَرَ بعَمَلِ هذِه الثِّيَابِ فنُسِبَتْ إِليه، وَبِه فُسِّر حَدِيثُ مُعَاذٍ السابقُ. قَالَ ابْن)
الأَثِيرِ: وجاءَ فِي البُخَارِيّ ِ خَمِيص، بالصَّادِ، قَالَ: فإِنْ صَحَّت الرِّوايَةُ فيكونُ اسْتَعارَها للثَّوْبِ.
وَقد أَهْمَلَه المَصنِّفُ عندَ ذِكْرِ الخَمِيسِ، وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَيْه.
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: فَلاةٌ خِمْسٌ، إِذَا انْتَاطَ مَاؤُهَا حتّى يكُونَ وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرَّابِعَ، سِوَى اليومِ الَّذِي شَرِبَتْ وصَدَرَتْ فِيهِ. هَكَذَا سَاقه فِي ذِكْرِه على اللَّيْثِ، كَمَا تَقَدَّم قَريباً. يُقَال: هُمَا فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ، أَي تَقَارَبَا واجْتَمَعَا واصْطَلَحَا. وأَنْشَدَ ابنُ السِّكَّيتِ:
(صَيَّرَنِي جُودُ يَدَيْهِ ومَنْ ... أَهْوَاه فِي بُرْدَةِ أَخْمَاسِ)
فسَّرَه ثَعْلَبٌ، فَقَالَ: قَرَّبَ مَا بَيْنَنا حَتَّى كأَنّي وَهُوَ فِي خَمْسِ أَذْرُعٍ. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ، وتَبِعَه الصّاغانِيُّ: كأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً، أَو ساقَ مَهْرَ امْرَأَتِه عَنهُ.
وَقَالَ ابنُ السِّكَّيتِ يُقَالُ فِي مَثَلٍ: لَيْتَنَا فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ أَي لَيْتَنَا تَقَارَبْنَا. ويُرَادُ بأَخْمَاسٍ، أَي طُولُها خَمْسَةُ أَشْبَارٍ. أَو يُقَالُ ذَلك إِذا فَعَلاَ فِعْلاً وَاحِداً لاشْتِباهِهِما. قَالَه ابنُ الأَعْرَابِيّ. وَمن أَمْثَالِهِم: يَضْرِبُ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ، أَي يَسْعَى فِي المَكْرِ والخَدِيعَةِ. وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل، ثمّ ضُرِبَ مَثَلاً للَّذِي يُرَوِاغ صاحِبَه ويُرِيه أَنَّهُ يُطِيعُه. كَذَا فِي اللِّسَانِ. وقِيلَ: يُضْرَب لمَنْ يُظْهِر شَيْئاً ويُرِيدُ غَيْرَه، وَهُوَ مأْخوذٌ من قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، ونَصُّه: قَالُوا: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ. يُقَال للَّذي يُقَدِّمُ الأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيرَه فيَأْتِيه من أَوَّلهِ، فيَعْمَلُ رُوَيْدا ً رَوَيْداً. وَقَوله: لأَنَّ إِلى آخِره، مأْخوذٌ من قَوِلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، ونَصَّه: قَالُوا: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ يُقَال للَّذي يُقَدِّمُ الأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيرَه فيَأْتِيه من أَوَّلهِ، فيَعْمَلُ رُوَيْداً رُوَيْداً. وَقَوله: لأَنَّ إِلَى آخِره، مأْخوذٌ من قَوْلِ رَاوِيةِ الكُمَيْتِ، ونَصُّه: أَنَّ الرَّجُلَ إِذا أَرادَ سَفَراً بَعِيداً عَوَّدَ إِبِلَهُ أَنْ تَشْرَبَ خِمْساً سِدْساً، حَتَّى إِذا دَفَعَتْ فِي السَّيْرِ صَبَرَتْ. إِلَى هُنَا نَصُّ عبارَةِ رَاوِيَةِ الكُمَيتِ. وضَرَبَ بمعْنَى: بَيَّنَ، أَي يُظْهِر أَخْماساً لأَجْلِ أَسْداسٍ، أَي رَقَّى إِبِلَه من الخِمْس إِلَى السِّدْس. وَهُوَ معنَى قَوْلِ الجَوْهَرِيّ: وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: العَرَبُ تَقُولُ لمَنْ خاتَلَ: ضَرَبَ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ. وأَصْلُ ذلِكَ أَنَّ شَيْخاً كانَ فِي إِبلهِ ومَعَهُ أَولادُه رِجالاً يَرْعَوْنَهَا، قد طالَتْ غُرْبَتُهُم عَن أَهْلِهِم، فَقَالَ لَهُم ذاتَ يومٍ: ارْعَوْا إِبِلَكم رِبْعاً، فرَعَوْا رِبْعاً نَحْوَ طرِيقِ أَهْلِهِم، فقالُوا لَهُ: لَو رَعَيْنَاها خِمْساً: فزادوا يَوْمًا قِبَلَ أَهلِهِم فقالُوا: لَو رَعَيْنَاها سِدْساً: فَفطَنَ الشيخُ لِمَا يُرِيدُون فقالَ: مَا أنْتُم إِلاّ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ، مَا هِمَّتُكم رَعْيُهَا، إِنَّمَا هِمَّتُكُم أَهْلُكُم، وأَنشَأً يقولُ:)
(وذلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرَاهُ ... لأَسْدَاسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا)
وأَخَذَ الكُمَيْتُ هَذَا البيتَ لأَنَّه مَثَلٌ فَقَالَ:
(وذلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرِيدَتْ ... لأَسْداسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا)
وأَنشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لرَجُلٍ من طَيِّيءٍ:
(فِي مَوْعِدٍ قالَه لِي ثُمّ أَخْلَفَهُ ... غَداً غَداً أَخْمَاسٍ لأَسْداسِ)
وَقَالَ خُرَيْمُ بنُ فاتِكٍ الأَسَدِيّ:
(لكِنْ رُمَوْكُمْ بشَيخٍ مِن ذَوِي يَمَنٍ ... لم يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْدَاسِ) ونَقَلَ ابنُ السِّكِّيتِ عَن أَبِي عُمْروٍ، عِنْد إِنْشَادِ قولِ الكُمَيْتِ: هَذَا كقَولك: شَشْ بَنْجْ، يَعْنِي يُظْهِر خَمْسَة ويُرِيدُ سِتَّةً. ونَقلَ شَيْخُنا عَن المَيْدَانِيِّ وغيرِه، قالُوا ضَرَبَ أَخْماسَه فِي أَسْداسِه أَي صَرَف حَوَاسَّه الخَمْسَ فِي جِهَاتِه السِّتِّ، كِنايةً عَن استِجْمَاعِ الفِكْرِ للنَّظَرِ فِيمَا يُرَادُ، وصَرْفِ النَّظَرِ فِي الوُجُوه. والخُمْسُ بالضّمّ، وَبِه قرأَ الخِليلُ: فَأَنَّ للهِ خُمَسهُ وبضَمَّتَيْنِ، وكذلِك الخَمِيسُ، وعَلى مَا نَقَلَه ابنُ الأَنْبَارِيّ من اللُّغَوِيِّين، يَطَّرِدُ ذلِك فِي جَمِيعِ هذِه الكُسُورِ، فِيمَا عَدَا الثَّلِيث. كَذَا قرأْته فِي مُعْجَم الْحَافِظ الدِّمْيَاطِيِّ، فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُصَنِّفِ: جُزْءٌ من خَمْسَةٍ والجَمْعُ: أَخْمَاسٌ. وجَاءُوا خُمَاسَ ومَخْمَسَ، أَي خَمْسَةً خَمْسَةً، كَمَا قَالُوا: ثُنَاءَ ومَثْنَى، ورُباعَ ومَرْبَعَ. وخَمَاسَاءُ، كَبَراكَاءَ: ع، وَهُوَ فِي اللِّسَان فِي ح م. س، وَذكره الصاغانِيُّ هَا هُنَا.
وأَخْمَسُوا: صَارُوا خَمْسَةً. وأَخْمَسَ الرَّجُلُ: وَرَدَتْ إِبِلُه خِمَساً. ويقَال لصاحِبِ تِلْكَ الإِبِل: مُخْمِسٌ. وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ لامْرئِ القَيْسِ:
(يُثِيرُ ويُبْدِي تُرْبَهَا ويَهِيلُهُ ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَوَاجِرِ مُخْمِسِ)
وخَمَّسَهُ تَخْمِيساً: جَعَلَه ذَا خَمْسِة أَرْكَانٍ. وَمِنْه المَخَمَّسُ من الشِّعْرِ: مَا كانَ على خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وليسَ ذلِك فِي وَضْعِ العَرُوِض. وَقَالَ أَبُو إِسحاق: إِذا اخْتَلَطت القَوَافِي فَهُوَ المُخَمَّس. وَقَالَ ابنُ شُمَيْلٍ: غُلامُ خُمَاسِيٌّ ورُبَاعِيٌّ: طالَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ، وأَرْبعةَ أَشْبَارٍ، وإِنّمَا يُقَال: خُمَاسِيّ ورُبَاعِيٌّ فيمَن يَزْدَادُ طُولاً، وَيُقَال فِي الثَّوْب: سُبَاعِيٌّ. وقالَ اللَّيْثُ: الخُمَاسِيُّ، والخُمَاسِيَّةُ من الوَصائفِ: مَا كَانَ طُولُه خَمْسَة أشْبَارٍ. قَالَ: وَلَا يُقَال: سُدَاسِيٌّ وَلَا سُبَاعِيٌّ إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ وسَبْعَةً. وقالَ غَيرُه: وَلَا فِي غَيْرِ الخَمْسَةِ لأَنّه إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَهُوَ رَجُلٌ. وَفِي اللِّسَان: إِذا بَلَغ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ صَار رَجُلاً.)
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الخَمْسُونَ من العَدد مَعْرُوف. وقولُ الشّاعِرِ، فِيمَا أَنْشَدَه الكِسَائِيُّ وحكاهُ عَنهُ الفَرّاءُ:
(فِيمَ قَتَلْتُمْ رَجُلاً تَعَمُّدَا ... مُذْ سَنَةٌ وخَمِسُونَ عَدَدَا)
بكسرِ الميمِ من خَمسُون لأَنَّه احتاجَ إِلى حَرَكَةِ الميمِ لإِقامَةِ الوَزْنِ، وَلم يَفْتَحْها لِئَلاَّ يُوهِمَ أَنَّ الفَتْحَ أَصْلُهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: كَسَرَ الميمَ من خَمسُون، والكلامُ خَمْسُون، كَمَا قَالُوا: خَمْسَ عَشِرَةَ، بِكَسْر الشينِ. وقالَ الفَرَّاءُ: رَوَاهُ غيرُه بفتحِ المِيمِ، بَنَاهُ على خَمَسَةٍ وخَمَسَاتٍ. وجَمْعُ الخِمْسِ من أَظْماءِ الإِبل: أَخْمَاسٌ: قَالَ سِيبَوَيْه: لم يُجَاوَزْ بِهِ هَذَا الْبناء. ويُقَال: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، وقَعْقَاعٌ، وحَثْحَاثٌ، إِذا لم يَكُنْ فِي سَيْرِها إِلَى الماءِ وَتِيرَةٌ وَلَا فُتُورٌ لبُعْدِه. قالَ العَجّاجُ: خِمْسٌ كحَبْلِ الشَّعَرِ المُنْحَتِّ مَا فِي انطلاقِ رَكْبِهِ مِنْ أَمْتِ أَي خِمسْ أَجْرَدُ كالحَبْلِ المُنْجَرِدِ من أَمْت: من اعْوِجَاجٍ. والتَّخْمِيسُ فِي سَقْيِ الأَرْضِ: السَّقْيَةُ الَّتِي بَعْدَ التَّرْبِيعِ. وحَكَى ثَعْلَبٌ، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ: لَا تَكُ خَمِيسِيًّا أَي مِمَّنْ يَصُومُ الخَمِيسَ وَحْدَه. وأَخْمَاسُ البَصْرةِ خَمْسَة، فالخُمسُ الأَوَّلُ: العالِيَةُ: والثانِي: بَكْرُ بنُ وَائِلٍ، والثالِثُ: تَمِيمٌ، والرابِعُ: عَبْدُ القَيْسِ، والخَامِسُ: الأَزْدُ. والخِمْسُ، بالكَسْرِ: قَبِيلةٌ، أَنْشَدَ ثَعْلَب: عاذَتْ تَمِيمُ بِأَحْفَى الخِمْسِ إِذْ لَقِيتْ إِحْدَى القَنَاطِرِ لَا يُمْشَى لَهَا الخَمَرُ والقَنَاطِرُ: الدَّواهِي. وابنُ الخِمْسِ: رَجُلٌ.
وقَوْلُ شَبِيبِ بنِ عَوَانَةَ:
(عَقِيلَةُ دَلاَّهُ لِلَحْدِ ضَرِيحِهِ ... وأَثْوابُه يَبْرُقْنَ والخِمْسُ مَائحُ)
عَقِيلَةُ والخِمْسُ: رَجُلانِ. وَفِي حَدِيثِ الحَجَّاجِ أَنَّه سأَلَ الشَّعْبِيَّ عَن المُخَمَّسةِ، قَالَ: هِيَ مسأَلةٌ مِنَ الفَرَائِضِ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ من الصَّحَابَةِ، عليٌّ، وعثمانُ، وابنُ مَسْعُودٍ، وزَيدٌ، وابنُ عَبّاسٍ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَهِي أَمَّ وأُخْتٌ وجَدٌّ. ومُنْيَةُ الخَمِيسِ، كأَمِير: قَريةٌ صغيرَةٌ من أَعمالِ المَنْصُورةِ، وَقد دَخلتُها، وَمِنْهَا شَيْخُ مشايخِنَا شِهَابُ الدِّين أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمَّدٍ الخَمِيسِيُّ الشافعيُّ، أَجازه الشِّهَابُ أَحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ أبِي الخَيْرِ الخَلِيفِيّ سنة.
ووَادِي الخَمِيس: مَوْضِعٌ بالمَغْرِب.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.