Ibn Manẓūr, Lisān al-ʿArab (d. 1311 CE) لسان العرب لابن منظور

Search results for: %D8%B3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%84

هزع

هزع: هَزَعَه يَهْزَعه هَزْعاً وهَزَّعه تَهْزِيعاً: كَسَّرَه

فانْهَزَعَ أَي انْكَسرَ وانْدَقَّ. وهَزَّعَه: دَقَّ عُنُقَه. وانْهَزَعَ عَظْمُه

انْهِزاعاً إِذا انْكَسَرَ وقُدَّ؛ وأَنشد:

لَفْتاً وتَهْزِيعاً سَواءَ اللَّفْتِ

أَي سَويَّ اللَّفتِ، ورجل مِهْزَعٌ وأَسدٌ مِهْزَعٌ من ذلك.

وهَزَّعْتُ الشيءَ: فَرَّقْتُهُ. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِياكم

وتَهْزِيعَ الأَخْلاقِ وتَصَرُّفَها من قولهم هَزَّعْتُ الشيءَ تَهْزِيعاً

كَسَّرْتُه وفَرَّقْتُه.

والهَزِيعُ: صَدْرٌ من الليل. وفي الحديث: حتى مَضَى هَزِيعٌ من الليل

أَي طائِفةٌ منه نحو ثلثه وربعه، والجمع هُزُعٌ. ومضى هَزِيعٌ من الليل

كقولك مضى جَرْسٌ وَجَوْشٌ وهَدِيءٌ كله بمعنى واحد.

والتَّهَزُّعُ: شِبْه العُبُوس والتَّنَكُّر. يقال: تَهَزَّعَ فلان

لفلان، واشْتِقاقُه من هَزيعِ الليل، وتلك ساعةٌ وحْشِيَّةٌ. والهَزَعُ

والتَّهَزُّع: الاضْطِرابُ. تَهَزَّعَ الرُّمْحُ: اضْطَرَبَ واهْتَزَّ.

واهْتِزاعُ القَناةِ والسَّيْفِ: اهْتِزازُهما إِذا هُزَّا. وتَهَزَّعَتِ

المرأَةُ: اضْطَرَبَتْ في مَشْيَتِها؛ قال:

إِذا مَشَتْ سالَتْ، ولم تَقَرْصَعِ،

هَزَّ القَناةِ لَدْنةِ التَّهَزُّعِ

قَرْصَعَتْ في مَشْيَتِها إِذا قَرْمَطَتْ خُطاها.

ومَرَّ يَهْزَعُ ويَهْتَزِعُ أَي يَتَنَفَّضُ. وسيف مُهْتَزِعٌ: جيِّدُ

الاهْتِزازِ إِذا هُزَّ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي محمد الفَقْعَسي:

إِنَّا إِذا قَلَّتْ طخَارِيرُ القَزَعْ،

وصَدَرَ الشَّارِبُ منها عن جُرَعْ،

نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ،

من كلِّ عَرَّاصٍ، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ

مِثْلِ قُدامَى النَّسْرِ، ما مَسَّ بَضَعْ

أَراد بالعَرَّاصِ السيفَ البَرَّاقَ المضطَرِبَ.

واهْتَزَعَ: اضْطَرَبَ. ومَرَّ فلان يَهْزَعُ أَي يُسْرِع مثل يَمْزَع.

وهَزَعَ واهْتَزَعَ وتَهَزَّعَ، كله: بمعنى أَسْرَعَ. وفرس مُهْتَزِعٌ:

سرِيعُ العَدْوِ. وهَزَعَ الفرسُ يَهْزَعُ: أَسْرَعَ، وكذلك الناقة.

وهَزَعَ الظَّبْيُ يَهْزَعُ هَزْعاً: عَدا عَدْواً شَدِيداً. ومَرَّ فلان

يَهْزَعُ ويَقْزَعُ أَي يَعْرُجُ، وهو أَيضاً أن يَعْدُوَ عَدْواً شديداً؛

قال رؤبة يصف الثور والكلاب:

وإِن دَنَتْ من أَرْضِه تَهَزَّعا

أَراد أَن الكِلابَ إِذا دنت من قَوائِمِ الثور تَهَزَّعَ أَي أَسْرَعَ

في عَدْوِه.

والأَهْزَعُ من السِّهامِ: الذي يبقى في الكِنانة وحده، وهو أَرْدَؤُها،

ويقال له سهم هِزاعٌ، وقيل: الأَهْزَعُ خير السِّهامِ وأَفضلُها

تَدَّخِرُه لشَديدة، وقيل: هو آخر ما يَبْقَى من السهام في الكنانة، جيِّداً كان

أَو رديئاً، وقيل: إِنما يتكلم به في النفي فيقال: ما في جَفِيرِه

أَهْزَعُ، وما في كنانته أَهْزَعُ؛ وقد يأْتي به الشاعر في غير النفي للضرورة،

فإِنَّ النَّمِر ابنَ تَوْلَبٍ أَتى به مع غير الجَحْد فقال:

فأَرْسلَ سَهْماً له أَهْزَعا،

فَشَكَّ نواهِقَه والفَما

قال ابن بري: وقد جاءَ أَيضاً لغير النمر؛ قال رَيَّانُ بن حُوَيْصٍ:

كَبِرْتُ ورَقَّ العَظْمُ مِني، كأَنَّما

رَمَى الدَّهْرُ مِني كلَّ عِرْقٍ بأَهْزَعا

وربما قيل: رُمِيتُ بأَهْزَعَ؛ قال العجاج:

لا تَكُ كالرامِي بغيرِ أَهْزَعا

يعني كمن ليس في كِنانته أَهْزَعُ ولا غيره، وهو الذي يتكلف الرَّمْيَ

ولا سَهْمَ معه. ويقال: ما في الجَعْبَةِ إِلاَّ سَهْمٌ هِزاعٌ أَي وحده؛

وأَنشد:

وبَقِيتُ بعْدَهُمُ كَسَهْمِ هِزاعِ

وما بَقِيَ في سَنامِ بَعِيرِك أَهْزَعُ أَي بَقِيَّةُ شَحْمٍ. وقولهم:

ما في الدارِ أَهْزَعُ أَي ما فيها أَحَدٌ. وظَلَّ يَهْزَعُ في الحشِيشِ

أَي يَرْعى.

وهُزَيْعٌ ومِهْزَعٌ: اسْمانِ. والمِهْزَعُ: المِدَقُّ؛ وقال يصف

أَسداً:كأَنَّهُمُ يَخْشَوْن مِنْكَ مُدَرَّباً،

بحَلْيَةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْنِ، مِهْزَعا

جلذ

جلذ: الجَلِذُ

(* قوله «الجلذ» هكذا ضبط بالأصل بفتح فكسر، وفي القاموس

وشرحه بضم الجيم وسكون اللام وبفتح الجيم وككتف أيضاً.) الفأْر الأَعمى،

والجمع مَناجِذُ على غير واحده، كما قالوا خلفة والجمع مخاض.

والجِلذاء: الحجارة، وقيل: هو ما صلب من الأَرض، والجمع جِلْذاء،

بالكسر، ممدود وجَلاذي؛ الأَخيرة مطردة.

الأَزهري في نوادر الأَعراب: جِلْظاء من الأَرض وجلماظ وجلذاء وجِلْذان.

والجِلْذاءَة: الأَرض الغليظة، وجمعها جَلاذي، وهي الحِزْباءَة.

ابن شميل: الجُلْذِية المكان الخشن الغليظ من القُف المرتفع

(* قوله «من

القف المرتفع إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس ليس بالمرتفع جداً.)

جداً يقطع أَخفاف الإِبل وقلما ينقاد، لا ينبت شيئاً. والجُلْذِية من

الفراسن: الغليظة الوكيعة. وقولهم: أَسهل من جِلْذان، وهو حمى قريب من

الطائف لين مستو كالراحة. والجُلْذي: الحجر. والجلذي، بالضم، من الإِبل:

الشديد الغليظ؛ قال الراجز:

صوّى لها ذا كِدْنةٍ جُلْذِيَّا،

أَخْيَفَ كانت أُمه صَفِيَّا

وناقة جُلْذِيّة: قوية شديدة صُلبة. والذكر جُلْذِيّ مشتق من ذلك؛ قال

علقمة:

هل تُلْحِقيني بأَولى القَوْمِ إِذْ سَخِطوا

جُلْذِيَّةً كأَتان الضَّحْلِ عُلْكُوم؟

وأَتان الضحل: صخرة عظيمة مُلَمْلَمة. والضحل: الماء الضحضاح. والعلكوم:

الناقة الشديدة. قال أَبو زيد: ولم يعرفه الكلابيون في ذكور الإِبل ولا

في الرجال؛ وسير جُلْذِيٌّ وخمس جُلْذِيٌّ وقَرَبٌ جُلْذِيّ: شديد؛ فأَما

قول ابن ميادة:

لَتَقْرُبُنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا،

ما دام فيهنّ فَصِيلٌ حيَّا،

وقد دجا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا

القَرَب: القُرب من الورود بعد سير إِليه. وليلة القَرَب: الليلة التي

ترد الإِبل في صبيحتها الماء. وهيَّا: بمعنى الاستحثاث. قال ابن سيده:

وزعم الفارسي أَنه يجوز أَن يكون صفة للقَرَب وأَن يكون اسماً للناقة، على

أَنه ترخيم جُلْذِيَّة مسمى بها أَو جلِذية صفة. ابن الأَعرابي: والجَلاذي

في شعر ابن مقبل جمع الجُلْذِية، وهي الناقة الصلبة، وهو:

صوت النواقيس فيه ما يفرّطه

أَيدي الجلاذيّ جون ما يعفينا

(* قوله «ما يفرطه» في شرح القاموس ما يقربه، وقوله ما يعفينا فيه ما

يغضينا).

والجَلاذي: صغار الشجر؛ وخص أَبو حنيفة به صغار الطلح.

وإِنه لَيُجْلَذ بكل خير أَي يظن به، وقد تقدم في الدال.

أَبو عمرو: الجَلاذِيُّ الصُّنَّاعُ، واحدهم جُلْذِيٌّ. وقال غيره:

الجَلاذي خدم البيعة وجعلهم جَلاذِيّ لغلظهم.

وجِلْذان: عقبة بالطائف.

واجْلَوّذ الليل: ذهب، قال الشاعر:

أَلا حبذا حبذا حبذا

حَبيبٌ تَحَمَّلْتُ منه الأَذى

إِذا أَظْلمَ الليلُ واجْلَوّذا

والإجْلِوَّذ والاجْليواذُ: المَضاء والسرعة في السير؛ قال سيبويه: لا

يستعمل إِلا مزيداً. التهذيب: الجُلْذِيُّ الشديد من السير السريعُ؛ قال

العجاج يصف فلاة:

الخِمْسُ والخِمْسُ بها جُلْذِيُّ

يقول: سير خمس بها شديد. الأَصمعي: الاجْلِوَّاذ في السير

والاجْرِوَّاطُ المضاء في السرعة؛ وقال ابن الأَعرابي: هو الإِسراع. واجْلَوَّذ

واجرهدّ إِذا أَسرع. واجْلَوَّذَ بهم السير اجْلِوَّاذاً أَي دام مع السرعة،

وهو من سير الإِبل؛ ومنه اجْلَوَّذَ المطر. وفي حديث رقيقة: واجلوّذ المطر

أَي امتد وقت تأَخره وانقطاعه.

بوع

بوع: الباعُ والبَوْعُ والبُوع: مَسافةُ ما بين الكفَّيْن إِذا

بسَطْتهما؛ الأَخيرة هُذَلية؛ قال أَبو ذؤيب:

فلو كان حَبْلاً من ثَمانِين قامةً

وخمسين بُوعاً، نالَها بالأَنامِل

والجمع أَبْواعٌ. وفي الحديث: إِذا تقَرَّب العبدُ مِنّي بَوْعاً أَتيته

هَرْولة؛ البَوْعُ والباعُ سواء، وهو قَدْر مَدِّ اليدين وما بينهما من

البدن، وهو ههنا مَثَلٌ لقُرْب أَلطاف الله من العبد إِذا تقرَّب إِليه

بالإِخْلاصِ والطاعةِ.

وباعَ يَبُوع بَوْعاً: بسَط باعَه. وباعَ الحبْلَ يَبُوعُه بَوْعاً:

مدَّ يديه معه حتى صار باعاً، وبُعْتُه، وقيل: هو مَدُّكَه بباعك كما تقول

شَبَرْتُه من الشَّبْر، والمعنيانِ مُتقاربان؛ قال ذو الرمة يصف أَرضاً:

ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،

تُباعُ بساحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ

مَستامة يعني أَرضاً تَسُوم فيها الإِبل من السير لا من السَّوْم الذي

هو البيع، وتُباعُ أَي تَمُدُّ فيها الإِبل أَبواعَها وأَيدِيَها،

وتُمْسَحُ من المَسْحِ الذي هو القَطْع كقوله تعالى: فَطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوق

والأَعناق؛ أَي قَطَعَها. والإِبل تَبُوع في سيرها وتُبَوِّعُ: تَمُدُّ

أَبواعَها، وكذلك الظِّباء. والبائعُ: ولد الظبْيِ إِذا باعَ في مَشْيه،

صفة غالبة، والجمع بُوعٌ وبوائعُ. ومَرَّ يَبُوع ويتَبوَّع أَي يمُدّ

باعَه ويملأُ ما بين خطْوه. والباعُ: السَّعةُ في المَكارم، وقد قَصُر باعُه

عن ذلك: لم يسعه، كلُّه على المثل، ولا يُستعمل البَوْعُ هنا. وباعَ

بماله يَبُوعُ: بسَط به باعَه؛ قال الطرمَّاح:

لقد خِفْتُ أَن أَلقى المَنايا، ولم أَنَلْ

من المالِ ما أَسْمُو به وأَبُوعُ

ورجل طويل الباعِ أَي الجسمِ، وطويل الباعِ وقصيرُه في الكَرَم، وهو على

المثل، ولا يقال قصير الباع في الجسم. وجمل بَوّاع: جسيم. وربما عبر

بالباء عن الشرَف والكرم؛ قال العجاج:

إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ،

تَقَضِّيَ البازي إِذا البازِي كَسَرْ

وقال حُجر بن خالد:

نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،

وبعضُهُم تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ

وفي نسخة: مَراجِلُه. قال الأَزهري: البَوْعُ والباعُ لغتان، ولكنهم

يسمون البوْع في الخلقة، فأَما بسْطُ الباع في الكَرَم ونحوه فلا يقولون

إِلا كريم الباع؛ قال: والبَوْعُ مصدر باع يَبُوعُ وهو بَسْطُ الباع في

المشي، والإِبل تَبُوع في سيرها. وقال بعض أَهل العربية: إِنَّ رِباعَ بني

فلان قد بِعْنَ من البيْع، وقد بُعْنَ من البَوْع، فضموا الباء في البوْع

وكسروها في البيْع للفرق بين الفاعل والمفعول، أَلا ترى أَنك تقول: رأَيت

إِماء بِعْنَ مَتاعاً إِذا كنَّ بائعاتٍ، ثم تقول: رأَيت إماء بُعْنَ

إِذا كنَّ مَبِيعات؟ فإِنما بُيِّن الفاعل من المفعول باختلاف الحركات وكذلك

من البَوْع؛ قال الأَزهري: ومن العرب من يُجري ذوات الياء على الكسر

وذوات الواو على الضم، سمعت العرب تقول: صِفْنا بمكان كذا وكذا أَي أَقمنا

به في الصيف، وصِفْنا أَيضاً أَي أَصابَنا مطرُ الصيف، فلم يَفْرُقُوا بين

فِعْل الفاعِلين والمَفْعولِين. وقال الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء

سمعت ذا الرمة يقول: ما رأَيت أَفصح من أَمةِ آل فلان، قلت لها: كيف كان

المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا، رواه هكذا بالكسر. وروى ابن هانئ

عن أَبي زيد قال: يقال للإِماء قد بِعْنَ، أَشَمُّوا الباء شيئاً من

الرفع، وكذلك الخيل قد قدْنَ والنساء قد عدْنَ من مرضهن، أَشَمُّوا كل هذا

شيئاً من الرفع نحو: قد قيل ذلك، وبعضهم يقول: قُولَ. وباعَ الفرَسُ في

جَرْيه أَي أَبعد الخَطْو، وكذلك الناقة؛ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازم:

فَعَدَّ طِلابها وتَسَلَّ عنها

بحَرْفٍ، قد تُغِيرُ إِذا تَبُوعُ

ويروى:

فَدَعْ هِنْداً وسَلِّ النفس عنها

وقال اللحياني: يقال والله لا تَبْلُغون تَبَوُّعَه أَي لا تَلْحَقون

شأْوَهُ، وأَصله طُولُ خُطاه. يقال: باعَ وانْباعَ وتبوَّعَ. وانْباعَ

العَرقُ: سال؛ وقال عنترة:

يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرةٍ

زَيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ

(* قوله «المكدم» كذا هو بالدال في الأصل هنا وفي نسخ الصحاح في مادة

زيف وشرح الزوزني للمعلقات أيضاً، وقال قد كدمته الفحول، وأورده المؤلف في

مادة نبع مقرم بالقاف والراء، وتقدّم لنا في مادة زيف مكرم بالراء وهو

بمعنى المقرم.)

قال أَحمد بن عبيد: يَنْباعُ يَنْفَعِلُ من باع يبوع إِذا جرى جَرْياً

ليِّناً وتثَنَّى وتلَوَّى، قال: وإِنما يصف الشاعر عرَق الناقة وأَنه

يتلوى في هذا الموضع، وأَصله يَنْبَوِعُ فصارت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح

ما قبلها، قال: وقول أَكثر أَهل اللغة أَنَّ يَنْباع كان في الأَصل

يَنْبَعُ فوُصِل فتحة الباء بالأَلف، وكلّ راشح مُنْباعٌ. وانْباع الرجلُ:

وثَب بعد سكون، وانْباعَ: سَطا، وقال اللحياني: وانْباعت الحَيَّة إِذا

بسطت نفسها بعد تَحَوِّيها لتُساوِرَ؛ وقال الشاعر:

ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياع الشُّجاعْ

ومن أَمثال العرب: مُطْرِقٌ

(* قوله «ومن أمثال العرب مطرق إلخ» عبارة

القاموس مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، ويروي لينباق أي ليأتي بالبائقة

للداهية.) ليَنْباعَ؛ يضرب مثلاً للرجل إِذا أَضَبَّ على داهيةٍ؛ وقول صخر

الهذلي:

لَفاتَحَ البَيْعَ يومَ رُؤيتها

وكان قَبْلُ انْبِياعُه لَكِدُ

قال: انْبِياعُه مُسامَحَتُه بالبيْع. يقال: قد انْباع لي إِذا سامَحَ

في البيع، وأَجاب إِليه وإِن لم يُسامِحْ. قال الأَزهري: لا يَنْباعُ،

وقيل: البيْع والانْبِياعُ الانْبِساطُ. وفاتَح أَي كاشَف؛ يصف امرأَة

حَسْناء يقول: لو تعرَّضَت لراهب تلبَّد شعره لانْبَسَطَ إِليها. واللَّكِدُ:

العَسِرُ؛ وقبله:

والله لو أَسْمَعَتْ مَقالَتَها

شَيْخاً من الزُّبِّ، رأْسُه لَبِدُ

لَفاتَح البيعَ أَي لَكاشَف الانْبساط إِليها ولَفَرَّج الخَطْو إِليها؛

قال الأَزهري: هكذا فسر في شعر الهذليين.

ابن الأَعرابي: يقال بُعْ بُعْ إِذا أَمرته بمد باعَيْه في طاعة الله.

ومثل مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباعَ أَي ساكت ليَثِبَ أَو ليَسْطو. وانْباعَ

الشُّجاعُ من الصفِّ: برَز؛ عن الفارسي؛ وعليه وُجِّه قوله:

يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ

زيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ

لا على الإِشباع كما ذهب إِليه غيره.

وعد

وعد: وعَدَه الأَمر وبه عِدةً ووَعْداً ومَوْعداً ومَوْعِدةٍ ومَوْعوداً

ومَوْعودةً، وهو من المَصادِرِ التي جاءَت على مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ

كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ والمكذوبة؛ قال ابن جني: ومما جاء من المصادر

مجموعاً مُعْمَلاً قوله:

مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ

والوَعْدُ من المصادر المجموعة، قالوا: الوُعودُ؛ حكاه ابن جني. وقوله

تعالى: ويقولون متى هذا الوَعْدُ إِن كنتم صادقين؛ أَي إِنجازُ هذا

الوَعْد أَرُونا ذلك؛ قال الأَزهري: الوَعْدُ والعِدةُ يكونان مصدراً واسماً،

فأَما العِدةُ فتجمع عِدات والوَعْدُ لا يُجْمَعُ. وقال الفرء: وعَدْتُ

عِدةً، ويحذفون الهاء إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّو البَيْنَ فانجَرَدُوا،

وأَخْلَفُوكَ عِدى الأَمرِ الذي وَعَدُوا

وقال ابن الأَنباري وغيره: الفراء يقول: عِدةً وعِدًى؛ وأَنشد:

وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ

وقال أَراد عدة الأَمر فحذف الهاء عند الإِضافة، قال: ويكتب بالياء. قال

الجوهري: والعِدةُ الوَعْدُ والهاء عوض من الواو، ويجمع على عِداتٍ ولا

يجمع الوَعْدُ، والنسبة إلى عِدَةٍ عَدِيّ وإِلى زِنةٍ زنيٌّ، فلا تردَّ

الواو كما تردُّها في شية. والفراء يقول: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال

شِيَوِيٌّ؛ قال أَبو بكر: العامة تخطئ وتقول أَوعَدَني فلان مَوْعِداً

أَقِفُ عليه. وقوله تعالى: وإِذْ واعدنا موسى أَربعين ليلة، ويقرأُ:

وَعَدْنا. قرأَ أَبو عمرو: وعدنا، بغير أَلف، وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر

وعاصم وحمزة والكسائي واعدنا، باللأَلف؛ قال أَبو إِسحق: اختار جماعة من

أَهل اللغة. وإِذا وعدنا، بغير أَلف، وقالوا: إِنما اخترنا هذا لأَن

المواعدة إِنما تكون من الآدميين فاختاروا وعدنا، وقالوا دليلنا قول الله عز

وجل: إِن الله وعدكم وعد الحق، وما أَشبهه؛ قال: وهذا الذي ذكروه ليس مثل

هذا. وأَما واعدنا فجيد لأَن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فهو من

الله وعد، ومن موسى قَبُول واتّباعٌ فجرى مجرى المواعدة قال الأَزهري: من

قرأَ وعدنا، فالفعل لله تعالى، ومن قرأَ واعدنا، فالفعل من الله تعالى

ومن موسى. قال ابن سيده: وفي التنزيل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة، وقرئ

ووعدنا؛ قال ثعلب: فواعدنا من اثنين ووعدنا من واحد؛ وقال:

فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ،

أَو الرُّبى بينهما أَسْهَلا

قال أَبو معاذ: واعدت زيداً إِذا وعَدَك ووَعَدْته. ووعدت زيداً إِذا

كان الوعد منك خاصة.

والمَوْعِدُ: موضع التواعُدِ، وهو المِيعادُ، ويكون المَوْعِدُ مصدر

وعَدْتُه، ويكون المَوْعِدُ وقتاً للعِدةِ. والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسم

للعِدةِ. والميعادُ: لا يكون إِلا وَقْتاً أَو موضعاً. والوَعْدُ: مصدر حقيقي.

والعدة: اسم يوضع موضع المصدر وكذلك المَوْعِدةُ. قال الله عز وجل: إِلا

عن مَوْعِدةٍ وعدها إِياه. والميعادُ والمُواعَدةُ: وقت الوعد وموضعه.

قال الجوهري: وكذلك الموعِدُ لأَن ما كان فاء الفعل منه واواً أَو ياء

سقطتا في المستقبل نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن

المَفْعِل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعاً، ولا تُبالِ أَمنصوباً كان

يَفْعَلُ منه أَو مكسوراً بعد أَن تكون الواو منه ذاهبة، إِلا أَحْرُفاً جاءَت

نوادر، قالوا: دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وفلان ابن مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسم

رجل أَو موضع، ومَوْهَبٌ اسم رجل، ومَوزنٌ موضع؛ هذا سماع والقياس فيه

الكسر فإِن كانت الواو من يَفْعَلُ منه ثانية نحو يَوْجَلُ ويَوْجَعُ

ويَوْسَنُ ففيه الوجهان، فإِن أَردت به المكان والاسم كسرته، وإِن أَردت به

المصدر نصبت قلت مَوْجَلٌ ومَوْجِلٌ مَوْجِعٌ، فإِن كان مع ذلك معتل الآخر

فالفعل منه منصوب ذهبت الواو في يفعل أَو ثبتت كقولك المَوْلى والمَوْفى

والمَوْعَى من يلي ويَفِي ويَعِي. قال ابن بري: قوله في استثنائه إِلا

أَحرفاً جاءَت نوادر، قالوا دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قال: موحد ليس من

هذا الباب وإِنما هو معدول عن واحد فيمتنع من الصرف للعدل والصفة كأُحادَ،

ومثله مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ ومَرْبَعَ ورباع. قال: وقال

سيبويه: مَوْحَدَ فنحوه لأَنه ليس بمصدر ولا مكان وإِنما هو معدول عن واحد،

كما أَن عُمَرَ معدول عن عامر.

وقد تَواعَدَ القوم واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قبول الوعد، وأَصله

الاوْتِعادُ قلبوا الواو تاء ثم أَدغموا. وناس يقولون: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ،

فهو مُؤْتَعِدٌ، بالهمز، كما قالوا يأْتَسِرُ في ائْتِسار الجَزُور. قال

ابن بري: ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فهو مُوتَعِدٌ، من غير همز، وكذلك

إِيتَسَر ياتَسِرُ، فهو موتَسِرٌ، بغير همز، وكذلك ذكره سيبويه وأَصحابه

يُعِلُّونه على حركة ما قبل الحرف المعتل فيجعلونه ياء إِن انكسر ما قبلها،

وأَلفاً إِن انفتح ما قبلها، وواواً إِذا انضم ما قبلها؛ قال: ولا يجوز

بالهمز لأَنه أَصل له في باب الوعد واليَسْر؛ وعلى ذلك نص سيبويه وجميعُ

النحويين البصريين. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كان أَكبر

وعْداً منه. وقال مجاهد في قوله تعالى: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ

بِمَلْكِنَا؛ قال: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: وأَخلفتم مَوْعِدي؛

قال: عَهْدي. وقوله عز وجل: وفي السماءِ رِزْقُكم وما تُوعَدون؛ قال: رزقكم

المطر، وما توعدون: الجنةُ. قال قتادة في قوله تعالى: واليَوْمِ

المَوْعُودِ؛ إِنه يوم القيامة.

وفرس واعِدٌ: يَعِدُك جرياً بعد جري. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ

بالنبات. وسَحاب واعِدٌ: كأَنه يَعِدُ بالمطر. ويوم واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛

قال الأَصمعي: مررت بأَرض بني فلان غِبَّ مطر وقع بها فرأَيتها واعِدةً

إِذا رجي خيرها وتمام نبتها في أَول ما يظهر النبت؛ قال سويد بن كراع:

رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه

لُعاعٌ، تَهاداهُ الدَّكادِكُ، واعِدُ

ويقال للدابّة والماشية إِذا رُجِيَ خيرها وإِقبالها: واعد؛ وقال

الراجز:كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها،

يَسُوءُ شنَّاءَ العِدى كِبارُها؟

ويقال: يَوْمُنا يَعِدِ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه

بَحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وهذا غلام تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ

جَلْداً وصَرامةً.

والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ: التَّهَدُّدُ، وقد أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قال

الجوهري: الوَعْدُ يستعمل في الخير والشرّ، قال ابن سيده: وفي الخير

الوَعْدُ والعِدةُ، وفي الشر الإِيعادُ والوَعِيدُ، فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه

بالشر أَثبتوا الأَلف مع الباء؛ وأَنشد لبعض الرُّجاز:

أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ

رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ المَناسِمِ

قال الجوهري: تقديرهُ أَوعدني بالسجن وأَوعَدَ رجلي بالأَداهم ورجلي

شَثْنة أَي قويّة على القَيْد. قال الأَزهري: كلام العرب وعدْتُ الرجلَ

خَيراً ووعدته شرّاً، وأَوْعَدْتُه خيراً وأَوعَدْتُه شرّاً، فإِذا لم يذكروا

الشر قالوا: وعدته ولم يدخلوا أَلفاً، وإِذا لم يذكروا الشر قالوا:

أَوعدته ولم يسقطوا الأَلف؛ وأَنشد لعامر بن الطفيل:

وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه،

لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي

وإِذا أَدخلوا الباء لم يكن إِلا في الشر، كقولك: أَوعَدُتُه بالضرب؛

وقال ابن الأَعرابي: أَوعَدْتُه خيراً، وهو نادر؛ وأَنشد:

يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني

فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ

قال الأَزهري: هو الوَعْدُ والعِدةُ في الخَيْر والشرّ؛ قال القطامي:

أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ،

ولا تَعِداني الخَيْرَ، والشرُّ مُقْبِلُ

وهذا البيت ذكره الجوهري:

ولا تعداني الشرّ، والخير مُقبل

ويقال: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قال الأَعشى:

فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها

وقال بعضهم: فلان يَتَّعِدُ إِذا وثقِ بِعِدَتكَ؛ وقال:

إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي،

واسْتَبْشِرِي بِنوالٍ غير مَنْزُورِ

أَبو الهيثم: أَوْعَدْتُ الرجل أَتَوَعَّدُه إِيعاداً وتَوَعَّدْتُه

تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً.

ووَعِيدُ الفحْل: هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وفي الحديث: دخَلَ

حائِطاً من حيطان المدينة فإِذا فيه جَمَلان يَصْرِفان ويُوعِدانِ؛ وعِيدُ

فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يصول؛ وقد أَوْعَد يُوعدُ

إِيعاداً.

ضبح

ضبح: ضَبَحَ العُودَ بالنار يَضْبَحُه ضَبْحاً: أَحرق شيئاً من أَعاليه،

وكذلك اللحم وغيره؛ الأَزهري: وكذلك حجارةُ القَدَّاحةِ إِذا طلعت

كأَنها مُتَحَرِّقةٌ مَضْبوحةٌ. وضَبَحَ القِدْحَ بالنار: لَوَّحَه.

وقِدْحٌ ضَبِيحٌ ومَضْبوحٌ: مُلَوَّح؛ قال:

وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه

على النارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ

أَصفر: قِدْحٌ، وذلك أَن القِدْحَ إِذا كان فيه عَوَجٌ ثُقِّفَ بالنار

حتى يستوي. والمَضْبوحةُ: حجارة القَدّاحَةِ التي كأَنها محترقة؛ قال رؤبة

بن العجاج يصف أُتُناً وفَحْلَها:

يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرضِ مَجْنُونَ الصِّيَقْ،

والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ

والصِّيَقُ: الغُبار. وجنونه: تطايره. والمَضْبُوحُ: حجر الحَرَّة

لسواده.

والضِّبْحُ: الرَّمادُ، وهو من ذلك؛ الأَزهري: أَصله من ضَبَحته النار.

وضَبَحَتْه الشمسُ والنار تَضْبَحُه ضَبْحاً فانْضَبَحَ: لَوَّحته

وغيَّرته؛ وفي التهذيب: وغَيَّرَتْ لونَه؛ قال:

عُلِّقْتُها قبلَ انْضِباحِ لَوْني،

وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ

والانْضِباحُ: تغير اللون؛ وقيل: ضَبَحَتْهُ النارُ غيرته ولم تبالغ

فيه؛ قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ:

فلما أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً،

به اللَّهَبانُ مَقْهوراً ضَبِيحا،

خَلَطْتُ لهم مُدامةَ أَذْرِعاتٍ

بماءٍ سَحابةٍ، خَضِلاً نَضُوحا

والمُلَهْوَجُ من الشواء: الذي لم يَتِمَّ نُضْجُه. واللَّهَبانُ:

اتِّقادُ النار واشْتِعالُها.

وانْضَبَحَ لونُه: تغير إلى السواد قليلاً. وضَبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ

من الحيات والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْبَحُ ضُباحاً:

صَوَّت؛ أَنشد أَبو حنيفة في وصف قوس:

حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ،

تَضْبَحُ في الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ

قال الأَزهري: قال الليث الضُّباح، بالضم، صوت الثعالب؛ قال ذو الرمة:

سَباريتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتازِ رَكْبِها

من الصوتِ، إِلا من ضُباحِ الثعالبِ

وفي حديث ابن الزبير: قاتل اللهُ فلاناً ضَبَح ضَبْحَة الثعلب وقَبَعَ

قَبْعةَ القُنْفُذِ؛ قال: والهامُ تَضْبَح أَيضاً ضُباحاً؛ ومنه قول

العَجَّاج:

من ضابِحِ الهامِ وبُومٍ بَوَّام

وفي حديث ابن مسعود: لا يَخْرُجَنَّ أَحدُكم إِلى ضَبْحةٍ بليل أَي

صَيْحة يسمعها فلعله يصيبه مكروه، وهو من الضُّباحِ صوت الثعلب؛ ويروى صيحة،

بالصاد المهملة والياء المثناة تحتها؛ وفي شعر أَبي طالب:

فإِني والضَّوابحِ كلَّ يومٍ

جمع ضابح. يريد القَسَمَ بمن رفع صوته بالقراءة، وهو جمع شاذ في صفة

الآدمي كفَوارس.

وضَبَحَ يَضْبَحُ ضَبْحاً وضُباحاً: نَبَحَ. والضُّباحُ: الصَّهيل.

وضَبَحَت الخيلُ في عَدْوِها تَضْبَحُ ضَبْحاً: أَسْمَعَتْ من أَفواهها صوتاً

ليس بصهيل ولا حَمْحَمَة؛ وقيل: تَضْبَحُ تَنْحِمُ، وهو صوت أَنفاسها

إِذا عدون؛ قال عنترة:

والخيلُ تَعْلَمُ، حين تَضْـ

ـبَحُ في حِياضِ الموتِ ضَبْحا

(* قوله «والخيل تعلم» كذا بالأصل والصحاح. وأَنشده صاحب الكشاف؛ والخيل

تكدح.)

وقيل: هو سير، وقيل: هو عَدْوٌ دون التقريب؛ وفي التنزيل: والعادياتِ

ضَبْحاً؛ كان ابن عباس يقول: هي الخيل تَضْبَحُ، وكان، رضوان الله عليه،

يقول: هي الإِبل؛ يذهب إِلى وقعة بدر، وقال: ما كان معنا يومئذ إِلاَّ فرس

كان عليه المِقْداد. والضَّبْح في الخيل أَظهر عند أَهل العلم؛ قال ابن

عباس، رضي الله تعالى عنهما: ما ضَبَحَتْ دابة قط إِلا كَلْبٌ أَو فرس؛

وقال بعض أَهل اللغة: من جعلها للإِبل جعل ضَبْحاً بمعنى ضَبْعاً؛ يقال:

ضَبَحَت الناقة في سيرها وضَبَعَتْ إِذا مَدَّتْ ضَبْعَيها في السير؛ وقال

أَبو إِسحق: ضَبْحُ الخيل صوت أَجوافها إِذا عَدَت؛ وقال أَبو عبيدة:

ضَبَحَتِ الخيلُ وضَبَعَتْ إِذا عدت، وهو السير؛ وقال في كتاب الخيل: هو أَن

يَمُدَّ الفرسُ ضَبْعَيْه إِذا عدا حتى كأَنه على الأَرض طولاً؛ يقال:

ضَبَحَتْ وضَبَعَتْ؛ وأَنشد:

إِنَّ الجِيادَ الضَّابِحاتِ في العَدَدْ

وقال ابن قتيبة في حديث أَبي هريرة: تَعِسَ عبدُ الدينار والدرهم الذي

إِن أُعْطِيَ مَدَحَ وضَبَحَ، وإِن مُنع قَبَحَ وكَلَحَ، تَعِسَ فلا

انْتَعَشَ وشِيكَ فلا انْتَقَش؛ معنى ضَبَحَ: صاح وخاصم عن مُعْطيه، وهذا كما

يقال: فلان يَنْبَحُ دونك، ذهب إِلى الاستعارة؛ وقيل: الضَّبْحُ

الخَضِيعة تُسْمَعُ من جوف الفرس؛ وقيل: الضَّبْحُ شدّةُ النَّفَس عند العَدْو؛

وقيل: هو الحَمْحَمة؛ وقيل: هو كالبَحَحِ؛ وقيل: الضَّبْحُ في السير

كالضَّبْعِ.

وضُبَيْح ومَضْبوحٌ: اسمان.

شبق

شبق: الشَّبَقُ: شدة الغُلْمة وطلبُ النكاح. يقال: رجل شَبِقٌ وامرأة

شَبِقةٌ. وشَبِقَ الرجل، بالكسر، شَبَقاً، فهو شَبِقٌ: اشتدت غلمته، وكذلك

المرأة. وفي حديث ابن عباس: أنه قال لرَجل مُحْرِم وطئ امرأَتَه قبل

الإفاضة شَبَقٌ شديد، وقد يكون الشَّبَقُ في غير الإنسان؛ قال رؤبة يصف

حماراً:

لا يَتْرُك الغَيْرةَ من عَهْدِ الشَّبَقْ

قرمط

قرمط: القَرْمَطِيطُ: المُتقارِبُ الخَطْوِ. وقَرْمَطَ في خَطْوِه إِذا

قارَب ما بين قدميه. وفي حديث معاوية: قال لعمرو قَرْمَطْتَ، قال: لا؛

يريد أَكَبِرْت لأَن القَرْمَطة في الخطو من آثار الكِبَر. واقْرَمَّط

الرجلُ اقْرِمّاطاً إِذا غَضِبَ وتقبَّض. والقَرْمَطة: المُقارَبةُ بين

الشيئين.

والقُرْموطُ: زَهْر الغَضَا وهو أَحمر، وقيل: هو ضرْب من ثمر العِضاه.

وقال أَبو عمرو: القُرْمُوط من ثمر الغَضَا كالرُّمان يشبَّه به الثَّدْي؛

وأَنشد في صفة جارية نَهَدَ ثَدْياها:

ويُنْشِزُ جَيْبَ الدِّرْع عنها، إِذا مَشَتْ،

حَمِيلٌ كقُرْمُوطِ الغَضَا الخَضِلِ النَّدِي

قال: يعني ثديَها. واقْرَمَّط الجلدُ إِذا تقارَب فانضم بعضه إِلى بعض؛

قال زيد الخيل:

تَكَسَّبْتُهم في كلِّ أَطْرافِ شِدَّةٍ،

إِذا اقْرَمَّطَتْ يوماً من الفَزَعِ الخُصَى

والقَرْمَطةُ في الخَطِّ: دِقَّةُ الكتابة وتَداني الحروف، وكذلك

القَرْمَطةُ في مَشْي القَطُوفِ. والقَرْمَطةُ في المشي: مُقارَبةُ الخطو

وتداني المشي. وقَرْمَطَ الكاتِبُ إِذا قارَب بين كتابته. وفي حديث عليّ:

فَرِّج ما بين السُّطورِ وقَرْمِطْ ما بين الحروف. وقَرْمَط البعيرُ إِذا

قارَبَ خُطاه.

والقَرامِطةُ: جِيلٌ، واحدهم قَرْمَطِيّ.

ابن الأَعرابي: يقال لِدُحْرُوجةِ الجُعَل القُرْمُوطةُ. وقال أَعرابي:

جاءنا فلان

(* قوله «وقال أَعرابي جاءنا فلان إِلى آخر المادة» حقه أَن

يذكر في مادة: ق ر ط م.) في نِخافَيْن مُلَكَّمَينِ فقاعِيَّين

مُقَرْطَمَيْنِ؛ قال أَبو العباس: مُلَكَّمَيْنِ جَوانِبهما رِقاعٌ فكأَنه يَلْكَم

بهما الأَرض، وقوله فقاعِيَّين يَصِرّان، وقوله مُقَرْطَمَينِ لهما

مِنْقاران.

ربأ

ربأ: رَبَأَ القومَ يَرْبَؤُهم رَبْأً، وربَأَ لَهم: اطَّلَعَ لهم على شَرَفٍ. ورَبأْتُهم وارْتَبأْتُهم أَي رَقَبْتُهم، وذلك إِذا كنت لهم طَلِيعةً فوق شَرَفٍ. يقال: رَبَأَ لنا فلان وارْتبأَ إِذا اعْتانَ.

والرَّبِيئةُ: الطَّلِيعةُ، وإِنما أَنَّثوه لأَن الطَّلِيعةَ يقال له العين إِذ بعَيْنهِ ينْظُرُ والعين مؤنثة. وإِنما قيل له عَيْن لأَنه يَرْعَى أُمُورهم ويَحْرُسُهم.

وحكى سيبويه في العين الذي هو الطَّلِيعة: أَنه يذكَّر ويؤَنث، فيقال رَبِيءٌ ورَبِيئةٌ. فمن أَنَّث فعلى الأَصل، ومن ذكَّر فعلى أَنه قد نقل من الجزءِ إِلى الكل، والجمعُ: الرَّبايا.

وفي الحديث: مَثَلِي ومَثَلُكُم كرجلٍ ذَهب يَرْبَأُ أَهلَه أَي يَحْفَظُهم من عَدُوِّهم.

والاسم: الرَّبِيئةُ، وهو العين، والطَّلِيعةُ الذي ينظر للقوم لئلا

يَدْهَمَهُم عدُوّ، ولا يكون إِلاّ على جبل أَو شَرَف ينظر منه.

وارْتَبَأْتُ الجبلَ: صَعِدْتُه.

والمِرْبَأُ والـمَرْبَأُ، موضع الرَّبِيئةِ. التهذيب: الرَّبيئةُ: عَين

القوم الذي يَربَأُ لهم فوقِ مِرْبَإٍ من الأرَض، ويَرْتَبِئُ أَي يقُوم

هنالك. الـمَرْباءُ: الـمَرْقاة. عن ابن الأَعرابي، هكذا حكاه بالمدّ وفتح أَوله، وأَنشد:

كأَنَّها صَقْعاءُ في مَرْبائِها

قال ثعلب: كسرُ مرباءَ أَجود وفَتحُه لم يأْت مِثْله. ورَبَأَ

وارْتَبَأَ: أَشرف. وقال غَيْلانُ الرَّبعي:

قد أَغْتَدِي، والطيرُ فَوْقَ الأَصْواءْ، * مُرْتَبِئاتٍ، فَوْقَ أَعْلَى العَلْياءْ

ومَرْبأَةُ البازِي: مَنارةٌ يَرْبَأُ عليها، وقد خفف الراجز همزها

فقال:

باتَ، عَلَى مَرْباتِه، مُقَيَّدا

ومَرْبأَةُ البازي: الموضِعُ الذي يُشرِفُ عليه. ورَابَأَهم: حارَسَهم.

ورَابَأْتُ فلاناً إِذا حارَسْتَه وحارَسَكَ.

ورَابأَ الشيءَ: راقَبَه.

والـمَرْبَأَةُ: الـمَرْقَبَةُ، وكذلك الـمَرْبَأُ والـمُرْتَبَأُ. ومنه قيل لمكان البازي الذي يَقِفُ فيه: مَرْبأٌ. ويقال: أَرض لا رِباءَ فيها ولا وِطاءَ، مـمدودان.

ورَبَأْتُ المرأَةَ وارْتَبَأْتُها أَي عَلَوْتُها. وَرَبَأْتُ بِكَ عن كذا وكذا أَرْبَأُ رَبْأً: رَفَعْتُكَ. ورَبَأْتُ بك أَرْفَعَ الأَمرِ: رَفَعْتك، هذه عن ابن جني ويقال: إِنِّي لأَرْبَأُ بك عن ذلك الأَمْرِ أَي أَرْفَعُكَ عنه. ويقال: ما عَرَفْتُ فلاناً حتى أَرْبَأَ لِي أَي أَشْرَفَ لي.

ورابَأْتُ الشيءَ ورَابَأْتُ فلاناً: حَذِرْته واتَّقَيْتُه. ورابَأَ الرجلَ: اتَّقاه، وقال البَعِيثُ:

فَرَابَأْتُ، واسْتتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته * إِلى عَظَماتٍ، مَنْعُها الجارَ مُحْكَمُ

ورَبَأَتِ الأَرضُ رَباءً: زكَتْ وارْتَفَعَتْ. وقُرئَ: فإِذا أَنْزَلْنا عَلَيها الماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَأَتْ أَي ارْتَفَعَتْ.

وقال الزجاج: ذلك لأَنَّ النَّبْت إِذا هَمَّ أَن يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ له الأَرضُ. وفَعَلَ به فِعْلاً ما رَبَأَ رَبْأَه أَي ما علم ولا شَعَرَ به ولا تَهيَّأَ له ولا أَخَذَ أُهْبَته ولا أَبَهَ لَه ولا اكْتَرَثَ له. ويقال: ما رَبَأْتُ رَبْأَه وما مَأَنْتُ مَأْنَه أَي لم أُبالِ به ولم أَحتَفِل له.

وربَؤُوا له: جَمَعوا له من كل طعام، لبنٍ وتَمْرٍ وغيره.

وجاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَته أَي يَتَثاقَل.

زبل

زبل: الزَّبْل، بالكسر: السِّرْقِين وما أَشبهه، وحكى اللحياني: أَخذوا

زَبَلاتهم. قال ابن سيده: فلا أَدري أَيّ شيء جمع. وفي الحديث: أَن

امرأَة نَشَزَت على زوجها فَحَبسها في بيت الزِّبْل؛ هو بالكسر السِّرْجِين،

وبالفتح مصدر زَبَلْت الأَرض إِذا أَصلحتها بالزِّبْل. وزَبَل الأَرضَ

والزرعَ يَزْبِله زَبْلاً: سَمَّدَه. والمَزْبَلة والمُزْبُلة، بالفتح

والضم: مُلْقاه. والزِّبال، بالكسر: ما تَحْمِل النَّمْلة بفيها، وما أَصاب

منه زِبالاً وزُبَالاً أَي شيئاً؛ قال ابن مقبل يصف فَحْلاً:

كَريم النِّجار حَمَى ظَهْرَهُ،

فلم يُرْتَزأْ بركوب زِبَالا

وما أَغْنَى عنه زَبَلة أَي زِبالاً. وما في السِّقَاء والإِناء والبئر

زُبَالة أَي شيء، وبها سُمِّيت زُبَالة: منزلة من مناهل طريق مكة.

والزَّبِيل والزِّنْبِيل: الجِراب، وقيل الوِعاء يُحْمل فيه، فإِذا

جَمَعوا قالوا زَنابيل، وقيل: الزِّنْبِيل خطأ وإِنما هو زَبِيل، وجمعه زُبُل

وزُبْلان.

والزَّأْبَل: القصير؛ قال:

حَزَنْبَل الحِضْنَيْن فَدْم زَأْبَل

والزَّبِيل: القُفَّة، والجمع زُبُل. الجوهري: الزَّبِيل معروف فإِذا

كسَرته شدَّدت فقلت زِبِّيل أَو زِنْبِيل، لأَنه ليس في الكلام فَعْليل،

بالفتح. وزَبَلْت الشيءَ وازْدَبَلْته: احتملته، وكذلك زَمَلْته

وازْدَمَلْته.

والزُّبْلة: اللُّقمة. والزُّبْلة: النَّيْلة

(* قوله «والزبلة النيلة»

كذا في الأصل، ورمز له بعلامة التوقف، وفي ترجمة نيل من القاموس: وما

أصاب نيلاً ونيلة أي شيئاً).

وزُبْلان وزُبَالة: موضع. وزُبَالة بن تميم: أَخو عمرو بن تميم؛ قال ابن

الأَعرابي: لهم عَدَدٌ وليسوا بكثير؛ قال أَبو ذؤيب:

لا تأْمَنَنَّ زُبَالِيًّا بذِمَّتِه،

إِذا تَقَنَّع ثوبَ الغَدْر وأْتَزرا

شأن

شأن: الشَّأْنُ: الخَطْبُ والأَمْرُ والحال، وجمعه شُؤونٌ وشِئانٌ؛ عن

ابن جني عن أَبي علي الفارسي. وفي التنزيل العزيز: كلَّ يوم هو في شأْن؛

قال المفسرون: من شأْنه أَن يُعِزَّ ذليلاً

ويُذِلَّ عزيزاً، ويُغْنيَ فقيراً ويُفْقر غنيّاً، ولا يَشْغَلُه شَأْنٌ

عن شأْنٍ، سبحانه وتعالى. وفي حديث المُلاعنة: لكان لي ولها شأْنٌ أَي

لولا ما حكم الله به من آيات الملاعَنة وأَنه أَسقط عنها الحَدَّ

لأَقَمْتُه عليها حيث جاءَت بالولد شبيهاً بالذي رُمِيَتْ به. وفي حديث الحَكَم

ابن حَزْن: والشَّأْنُ إذ ذاك دُونٌ أَي الحالُ ضعيفة لم ترتفع ولم يَحصل

الغِنى؛ وأَما قول جَوْذابةَ بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الجَرَّاح

لأَبيه:

وشَرُّنا أَظْلَمُنا في الشُّونِ،

أَرَيْتَ إذ أَسْلَمْتني وشُوني

فإِنما أَراد: في الشُّؤون، وإذ أَسلمتني وشُؤوني، فحذف، ومثله كثير،

وقد يجوز أَن يريد جمعه على فُعْلٍ كجَوْنٍ وجُونٍ، إلا أَنه خفف أَو أَبدل

للوزن والقافية، وليس هذا عندهم بإِيطاء لاختلاف وجهي التعريف، أَلا ترى

أَن الأَول معرفة بالأَلف واللام والثاني معرفة بالإِضافة؟

ولأَشْأَنَنَّ خَبَره أَي لأَخْبُرَنَّهُ. وما شَأَنَ شَأْنَه أَي ما أَراد. وما

شَأَنَ شَأْنَه؛ عن ابن الأَعرابي، أَي ما شَعَر به، واشْأَنْ شَأْنَك؛ عنه

أَيضاً، أَي عليك به. وحكى اللحياني: أَتاني ذلك وما شَأَنْتُ شَأْنَه أَي

ما عَلِمتُ به. قال: ويقال أَقبل فلانٌ وما يَشْأَنُ شَأْنَ فلان

شَأْناً إذا عَمِلَ فيما يحب أَو فيما يكره. وقال: إِنه لَمِشْآنُ شأْنٍ أَن

يُفْسِدَك أَي أَن يعمل في فسادك. ويقال: لأَشْأَنَنَّ شَأْنَهم أَي

لأُفْسِدَنَّ أَمرَهم، وقيل: معناه لأَخْبُرَنَّ أَمرَهم. التهذيب: أَتاني فلان

وما شَأَنْتُ شَأْنَه، وما مَأَنْتُ مَأْنَه، ولا انْتَبَلْتُ نَبْلَه

أَي لم أَكترِثْ به ولا عَبَأْتُ به. ويقال: اشْأَنْ شَأْنَك أَي اعْمَلْ

ما تُحْسِنه. وشَأَنْتُ شَأْنَه: قَصَدْتُ قَصْدَه. والشَّأْنُ: مَجْرى

الدَّمْع إلى العين، والجمع أَشْؤُن وشُؤون. والشؤون: نَمانِمُ في

الجَبْهة شِبْهُ لِحام النُّحاس يكون بين القبائل، وقيل: هي مواصِل قبَائِل

الرأْس إلى العين، وقيل: هي السَّلاسِلُ التي تَجْمَع بين القبائل. الليث:

الشُّؤُونُ عُروق الدُّموع من الرأْس إلى العين، قال: والشُّؤُونُ نمانِمُ

في الجُمْجُمة بين القبائل. وقال أَحمد بن يحيى: الشُّؤُون عُروق فوق

القبائل، فكلما أَسَنَّ الرجلُ قَوِيَتْ واشتدَّت. وقال الأَصمعي: الشُّؤون

مَواصِل القبائل بين كل قبيلتين شَأْنٌ، والدموع تخرج من الشُّؤُون، وهي

أَربع بعضها إلى بعض. ابن الأَعرابي: للنساءِ ثلاثُ قبَائل. أَبو عمرو

وغيره: الشَّأْنانِ عِرْقان يَنحدِران من الرأْسِ إلى الحاجبين ثم إلى

العينين؛ قال عبيد بن الأَبرص:

عَيْناك دَمْعُها سَرُوبُ، كأَنَّ شَأْنَيْهِما شَعِيبُ.

قال: وحجة الأَصمعي قوله:

لا تُحْزِنيني بالفِراقِ، فإِنَّني

لا تسْتَهِلُّ من الفِراقِ شُؤوني.

الجوهري: والشأْنُ واحدُ الشُّؤُون، وهي مواصلُ قبائل الرأْس

ومُلتَقاها، ومنها تجيء الدموع. ويقال: اسْتَهَلَّتْ شُؤُونه، والاسْتِهْلالُ

قَطْرٌ له صوْت؛ قال أَوسُ بن حجر: لا تحزنيني بالفراق (البيت). قال أَبو

حاتم: الشُّؤُون الشُّعَب التي تجمع بين قبائل الرأْس وهي أَربعة أَشْؤُنٍ؛

قال ابن بري: وأَما قول الراعي:

وطُنْبُور أَجَشّ وريح ضِغْثٍ،

من الرَّيْحانِ، يَتَّبِعُ الشُّؤُونا.

فمعناه أَنه تطير الرائحة حتى تبلغ إلى شُؤُون رأْسه. وفي حديث الغسل:

حتى تَبْلُغ به شُؤُونَ رأْسِها؛ هي عِظامُه وطرائقه ومَواصِلُ قَبائله،

وهي أَربعة بعضها فوق بعض، وقيل: الشُّؤُون عُروق في الجبل يَنْبُت فيها

النَّبْع، واحدها شَأْنٌ. ويقال: رأَيت نخيلاً نابتة في شَأْنٍ من شُؤُون

الجبل، وقيل: إنها عُروق من التراب في شُقوق الجبال يُغْرَس فيها النخل.

وقال ابن سيده: الشُّؤُون خُطوط في الجبل، وقيل: صُدوع؛ قال قيسُ بن

ذَريح:

وأَهْجُرُكُم هَجْرَ البَغِيض، وحُبُّكم

على كَبِدي منه شُؤُونٌ صَوادِعُ

شبه شُقوق كبده بالشُّقوق التي تكون في الجبال. وفي حديث أَيوب

المعَلِّم: لما انهَزَمْنا رَكِبْتُ شَأْناً من قَصَب فإِذا الحَسَنُ على شاطئ

دِجْلَة فأَدْنَيْتُ الشَّأْنَ فحملتُه معي؛ قيل: الشَّأْن عرق في الجبل

فيه تراب يُنْبِتُ، والجمع شُؤونٌ؛ قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى ولا

أَرى هذا تفسيراً له؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:

كأَنَّ شُؤُونَه لَبَّاتُ بُدْنٍ،

خِلافَ الوَبْلِ، أَو سُبَدٌ غَسيلُ.

شبه تَحَدُّرَ الماء عن هذا الجبل بتَحَدُّرِه عن هذا الطائر أَو

تَحَدُّرِ الدم عن لَبّات البُدْن. وشُؤُون الخمر: ما دبَّ منها في عُروق

الجسد؛ قال البَعيث:

بأَطْيَبَ من فيها، ولا طَعْمَ قَرْقَفٍ

عُقارٍ تَمَشَّى في العِظامِ شُؤونُها

(* قوله «تمشى في العظام» كذا بالأصل والتهذيب بالميم، وفي التكملة:

تفشى بالفاء).

غدن

غدن: الغَدَنُ: سَعَةُ العيش والنَّعْمةُ، وفي المحكم: الاسْتِرْخاء

والفتور؛ وقال القُلاخُ

(* قوله «وقال القلاخ» كذا في الصحاح، قال الصاغاني

في التكملة وقال الجوهري: قال القلاخ ولم تضع إلخ. وللقلاخ بن حزن أرجوزة

على هذه القافية ولم أجد ما ذكره الجوهري فيها اهـ. وفي التهذيب قال عمر

بن لجأٍ: ولم تضع إلخ) :

ولم تُضِعْ أَولادَها من البَطَنْ،

ولم تُصِبْهُ نَعْسَةٌ على غَدَنْ.

أَي على فَتْرَةٍ واسترخاء؛ قال ابن بري والذي أَنشده الأَصمعي فيما

حكاه عنه ابن جني:

أَحْمَرُ لم يُعْرَفْ بِبُؤْسٍ مُذْ مَهَنْ،

ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ.

والغَدَنُ: النَّعْمة واللِّينُ. وإن في بني فلان لغَدَناً أَي نَعْمةً

ولِيناً، وكذلك الغُدُنَّة. وإنهم لفي عَيْشٍ غُدْنَةٍ وغُدُنَّةٍ أَي

رَغْدٍ؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: وأَشك في الأُولى. وفلان في غُدُنَّةٍ

من عيشه أَي في نَعْمَةٍ ورَفاهيَة. والغُدَانيُّ والمُغْدَوْدِنُ:

الشابُّ الناعم. وشجر مُغْدَوْدِنٌ: ناعم مُتَثَنٍّ؛ قال الراجز:

أَرْضٌ بها التِّينُ مع الرُّمّانِ،

وعِنَبٌ مُغْدَوْدِنُ الأَفنانِ.

واغْدَوْدَنَ النَّبْتُ إذا اخْضَرَّ حتى يَضْرِبَ إلى السوادِ من

شِدَّةِ رِيِّه. وحَرَجَةٌ مُغْدَوْدِنةٌ: وذلك إذا كانت في الرِّمالِ حبال

يَنْبُتُ فيها سَبَطٌ وثُمَامٌ وصَبْغاءُ وثُدّاءُ، ويكون وسَطَ ذلك

أَرْطَى وعَلْقى، ويكون أُخَرُ منها بُلْقاً تراهنَّ بيضاً، وفيها مع ذلك حمرة

ولا تُنْبِتُ من العِيدانِ شيئاً، فيقال لذلك الحَبْلِ الأَشْعَرُ من

جَرَّى نباتِه. شمر: المُغْدَوْدِنةُ الأَرض الكثيرة الكلأِ المُلتَفَّةُ؛

يقال: كلأٌ مُغْدَوْدِنٌ أَي مُلتَفٌّ؛ قال العجاج:

مُغْدَوْدِنُ الأَرْطَى غُدَانيُّ الضَّال.

غُدَانيُّ الضّال أَي كثير رَيّانُ مُسْترْخٍ؛ قال رؤبة:

ودَغْيَةٌ من خَطِلٍ مُغْدَوْدِنِ.

وهو المسترخي المتساقط، وهو عيب في الرجل. وأَرض مُغْدَوْدِنةٌ إذا كانت

مُعْشبةً. وشابٌّ غَدَوْدَنٌ: ناعم؛ عن السيرافي. والشَّبابُ

الغُدَانيُّ: الغَضُّ؛ قال رؤبة:

لما رَأَتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ،

بَرَّاقَ أَصْلادِ الجبنِ الأَجْلَهِ،

بَعْدَ غُدَانيُّ الشَّبابِ الأَبْلَهِ.

غُدَانيُّ الشباب: نَعْمَتُه. وشعر غَدَوْدَنٌ ومُغْدَوْدِنٌ: كثير ملتف

طويل. واغْدَوْدَنَ الشعر: طال وتم؛ قال حسان بن ثابت:

وقامتْ تُرائيكَ مُغْدَوْدِناً،

إذا ما تَنُوءُ به آدَها.

أَبو عبيد: المُغْدَوْدِنُ الشعر الطويل. وقال أَبو زيد: شعر

مُغْدَوْدِنٌ شديد السواد ناعم. قال ابن دريد: وأَحسبُ أَن الغُدُنَّة لحمة غليظة

في اللَّهازم. والغِدَانُ: القضيب الذي تُعَلَّقُ عليه الثياب، يمانية.

وبنو غُدْنٍ وبنو غُدَانة: قبيلتان. وغُدانة: حيٌّ من يَرْبوع؛ قال

الأَخطل:

واذْكُرْ غُدَانَة عِدَّاناً مُزَنَّمةً،

من الحَبَلَّقِ، تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ.

قال ابن بري: عِدَّاناً جمع عَتُودٍ أَي مثل عِدَّان، قال: وإن شئت

نصبته على الذم، والحَبَلَّقُ: غَنمٌ لِطاف الأَجسام لا تَكْبَرُ.

وقط

وقط: الوَقْطُ والوَقِيطةُ: حُفرة في غِلَظ أَو جبل يجتمع فيها ماء

السماء. ابن سيده: الوَقْطُ والوَقِيطُ كالرَّدْهةِ في الجبل يَسْتَنْقِعُ

فيه الماء تُتَّخذ فيها حياض تَحْبِسُ الماء للمارّة، واسم ذلك الموضع

أَجْمَعَ وقْط، وهو مثل الوَجْذ إِلا أَنَّ الوَقْط أَوسع، والجمعِ وِقْطانٌ

ووِقاطُ وإِقاطٌ، الهمزة بدل من الواو؛ وأَنشد:

وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجلا

ولغة تميم في جمعه الإِقاطُ مثل إِشاح، يصيّرون كلّ واو تجيء على هذا

المثال أَلفاً. ويقال: أَصابتنا السماء فوَقَّطَ الصخْرُ أَي صار فيه

وَقْطٌ. والوَقْطُ: ما يكون في حجر في رَمْل

(* قوله «في حجر في رمل» كذا

بالأصل.)، وجمعه وِقاط. ووقَطَه وَقْطاً: صَرَعَه. ورجل وَقيطٌ: مَوْقُوط؛

أَنشد يعقوب:

أَوْجَرْت حارِ لَهْذَماً سَلِيطا،

ترَكْته مُنْعَقِراً وَقِيطا

وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع وَقْطَى ووَقاطَى.

ووقَطَه: قَلَبَه على رأْسه ورفَع رجليه فضربهما، مَجموعتين، بفِهْر سبع

مرات، وذلك مما يُداوَى به. ووقَطه بعيرُه: صرَعه فغُشِي عليه. وأَكلت

طعاماً وقَطَني أَي أَنامني. وكلُّ مُثْخَنٍ ضَرْباً أَو مَرضاً أَو

حُزناً أَو شِبَعاً وقِيطٌ. الأَحمر: ضرَبه فوقَطه إِذا صرَعه صرْعة لا يقوم

منها. والمَوْقُوط: الصَّرِيع. ووَقَط به الأَرض إِذا صرَعه. وفي الحديث:

كان إِذا نزل عليه الوَحْيُ وُقِطَ في رأْسه أَي أَنه أَدْركه الثِّقَل

فوضَع رأْسه. يقال: ضربه فوقَطَه أَي أَثْقلَه، ويروى بالظاء بمعناه

كأَنَّ الظاء عاقبت الذال من وقَذْت الرجل أَقِدُه إِذا أَثْخَنته بالضرْب.

ابن شميل: الوَقِيطُ والوَقِيعُ المَكان الصُّلْب الذي يَسْتَنْقِعُ فيه

الماء فلا يَرْزأُ الماء شيئاً.

ويومُ الوَقِيطِ: يومٌ كان في الإِسلام بين بني تَمِيم وبَكر بنِ وائل.

قال ابن بري: والوَقْطُ اسم موْضع؛ قال طفيل:

عَرَفْت لسَلْمَى، بَيْنَ وَقْطٍ فضَلْفَعِ،

مَنازِلَ أَقْوَتْ من مَصِيفٍ ومَرْبَعِ

ربك

ربك: قالت غَنِيَّة الكلابية أُم الحُمارس

(* قوله «الكلابية ام

الحمارس» كذا بالأصل وشرح القاموس هنا، وفي متن القاموس: وأم الحمارس البكرية

معروفة.): الربيكةُ الأَقط والتمر والسمن يعمل رخواً ليس كالحَيْس، وقالت

الدبيرية: هو الدقيق والأقِطُ المطحون ثم يُلْبَكُ بالسمن المختلط

بالرُّبّ، وقيل: هو الرُّبُّ والأَقِطُ بالسمن، وربما كانت تمراً وأَقِطاً،

وقيل: هو الرُّبُّ يخلط بدقيق أَو سويق، وقيل: هو شيء يطبخ من بُرٍّ وتمر،

وقيل: هو تمر يعجن بسمن وأَقِطٍ فيؤكل؛ قال ابن السكيت: وربما صب عليه ماء

فشُرِب شرباً، والرَّبِيك لغة فيه؛ قال أَبو الرهيم العنبري:

فإن تَجْزَعْ، فغيرُ مَلُومِ فِعْلٍ،

وإن تَصْبِرْ، فمن حُبُكِ الرَّبِيكِ

ويضرب مثلاً للقوم يجتمعون من كلّ، يقال منه: رَبَكْتُه أَرْبُكه

رَبْكاً خلطته فارْتَبَكَ أَي اختلط. وارْتَبَك الرجلُ في الأمر أَي نشِب فيه

ولم يَكَدْ يتخلص منه. ورَبَك الرَّبِيكةَ يَرْبُكُها رَبْكاً: عملها.

والرَّبْكُ: إصلاح الثريد. رَبَك الثريد يَرْبُكه رَبْكاً: أَصلحه وخلطه

بغيره. وفي المثل: غَرثانُ فارْبُكُوا له؛ وأَصل هذا المثل أَن رجلاً قدم من

سفر وهو جائع، وقد ولدت امرأَته غلاماً فبُشِّرَ به فقال: ما أَصنع به،

آكله أَم أَشربه؟ فَفَطَنَتْ له امرأَته فقالت: غَرْثانُ فارْبُكوا له،

فلما شَبع قال: كيف الطَّلا وأُمُّه؟ معنى المثل أَي أَنه غَرْثانُ جائع

فسَوّوا له طعاماً يَهْجَأْ غَرثهُ، ثم بَشَّروه بالمولود. والرَّبْك: أن

تُلْقِيَ إنساناً في وحل فَيَرْتَبِكَ فيه ولا يستطيع الخروج منه وينشب

فيه. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: تحير في الظلمات وارْتَبكَ في الهلكات؛

ارْتَبَكَ في الأَمر إذا وقع فيه ونشب ولم يتخلص؛ ومنه ارْتَبَك الصيدُ

في الحِبالة: اضطرب. وفي حديث ابن مسعود: ارْتَبَكَ واللهِ الشيخ؛ وقيل:

كل خلط رَبْكٌ. وارْتَبَكَ الأمرُ: اختلط والْتَبَكَ بمعنى واحد. ورجل

رُبَك ورَبِيك: مختلط في أَمره، كلاهما على النسب، وارْتَبَك في كلامه:

تَتَعْتَعَ، ورماه برَبِيكةٍ أَي بأَمر ارْتَبَك عليه. ورَبَك الرجلُ

وارْتَبَك إذا اختلط عليه أَمره. ورجل رَبِكٌ: ضعيف الحيلة. وفي الحديث عن أَبي

أُمامة في صفة أهل الجنة: أَنهم يركبون الميَاثر على النوق الرُّمْك

عليها الحَشايا؛ قال شمر: الرُّبْك والرُّمْك واحد، والميم أعرف. والأَرْمك

والأَرْبك من الإبل، أَسود وهو في ذلك مُشْرَبٌ كُدْرةً، وهو شديد سواد

الأُذنين والدُّفُوف، وما عدا أُذني الأَرْمَكِ ودُفوفه مُشْرَبٌ كدرةً.

ثغغ

ثغغ: الثَّغْثَغةُ: عَضُّ الصبي قبل أَن يَشْقَأَ ويَثَّغِرَ.

والمُثَغْثِغُ: الذي يَبُكُّ برِيقِهِ ولا يؤثِّر

(* قوله «ولا يؤثر» زاد شارح

القاموس فيما يعض لانه لا أسنان له، قال الليث.) والثَّغْثَغة: الكلام الذي

لا نِظامَ له. والمُثَغْثِغُ: الذي إِذا تكَلَّم حَرَّك أَسْنانه في

فِيِه واضْطَرَبَ اضْطِراباً شديداً فلم يُبَيِّنْ كلامَه؛ قال رؤبة:

وعَضَّ عَضَّ الأَدْرَدِ المُثَغْثِغِ،

بَعْدَ أَفانِينِ الشَّبابِ البُرْزُغِ

سحج

سحج: سَحَجَهُ الحائطُ يَسْحَجُه سَحْجاً وسَحَّجَه: خَدَشَه؛ قال رؤبة:

جَأْباً تَرَى بِلِيتِهِ مُسَحَّجا

أَي تسْحِيجاً. قال أَبو حاتم: قرأْت على الأَصمعي في جيميَّة العجاج:

جَأْباً تَرَى بِلِيتِهِ مُسَحَّجا

فقال: تَلِيلَهُ، فقلت: بِلِيتِهِ، فقال: هذا لا يكون، فقلت: أَخبرني به

من سمعه مِن فَلْقِ فِي

(* «في» هنا بمعنى فم.) رُؤْبَةَ، أَعني أَبا

زيد الأَنصاري، قال: هذا لا يكون. قلت: جعله مصدراً، أَراد تسحيجاً، فقال:

هذا لا يكون، قلت: فقد قال جرير:

أَلم تَعْلَمْ بمُسَرَّحي القَوافي؟

فلا عِيّاً بِهِنَّ، ولا اجْتِلابا

أَي تسريحي، فكأَنه أَراد أَن يدفعه، فقلت له: فقد قال تعالى:

ومَزَّقْناهُمْ كلَّ مُمَزَّقٍ؛ فَأَمْسَكَ. قال الأَزهري: كأَنه أَراد: ترى بليته

تسحيجاً، فجعل مسحجاً مصدراً.

والمُسَحَّجُ: المُعَضَّضُ، وهو من سَحَجَ الجلد.

وسَحَّجَه فَتَسَحَّجَ: شُدِّد للكثرة.

وسَحَجْتُ جلده فانْسَحَجَ أَي قسرته فانقشر.

والسَّحْجُ: أَن يصيب الشيءُ الشيءَ فَيَسْحَجَه أَي يَقْشِرَ منه شيئاً

قليلاً، كما يصيب الحافرَ، قبل الوَجَى، سَحْجٌ.

وانْسَحَجَ جلده من شيء مَرَّ به إِذا تقشَّر الجلد الأَعلى.

ويقال: أَصابه شيء فَسَحَجَ وجْهَه، وبه سَحْجٌ. وسَحَجَ الشيءَ بالشيء

سَحْجاً، فهو مَسْحُوجٌ وسَحِيجٌ: حاكَّه فقشره؛ قال أَبو ذؤيب:

فجاءَ بها بعدَ الكَلالِ كأَنه،

من الأَيْنِ، مِخْراشٌ أَقَذُّ سَحِيجُ

وبعير سَحَّاجٌ: يَسْحَجُ الأَرض بخفه أَي يقشرها فلا يلبث أَن يَحْفَى؛

وناقة مِسْحاجٌ، كذلك؛ وزمن مِسْحاجٌ وسَحَّاجٌ: يقشر كل شيء؛ قال أَبو

عامر الكلابي يصف نخلاً:

ما ضَرَّها مَسُّ زَمانٍ سَحَّاجْ

وسَحَجَ العُودَ بالمِبْرَدِ يَسْحَجُه سَحْجاً: قشره؛ وسَحَجَتِ الريحُ

الأَرض، كذلك. والسَّحَجُ: داء في البطن قاشر، منه. وسَحَجَ شعره بالمشط

سَحْجاً: سَرَّحَه تسريحاً ليناً على فَروَة الرأْس. وسَحَجَه يَسْحَجُه

سَحْجاً، فهو سَحِيجٌ. وسَحَّجَه: عضَّه فأَثر فيه، وقد غلب على حُمُرِ

الوحش. وحمار مُسَحَّجٌ أَي مُعَضَّضٌ مُكَدَّم؛ والمِسْحَجُ، منها.

والمِسْحَاجُ: العَضَّاضُ. والمَسَاحِجُ: آثارُ تَكادُمِ الحُمُرِ

عليها.والتَّسْحِيجُ: الكَدْمُ.

والسَّحْجُ: من جَرْيِ الدواب دون الشَّدِّ. ويقال: حمارٌ مِسْحَجٌ

ومِسْحاجٌ؛ قال النابغة:

رَباعِيَةٌ أَضَرَّ بها رَباعٌ،

بِذاتِ الجِزْعِ، مِسْحاجٌ شَنُونُ

وقال غيره: مَرَّ يَسْحَجُ أَي يسرع؛ قال مزاحم:

على أَثَرِ الجُعْفِيِّ دَهْرٌ، وقد أَتى

له، مُنْذُ وَلَّى يَسْحَجُ السَّيْرَ، أَربَعُ

وسَحَجَ الأَيْمانَ يَسْحَجُها: تابَعَ بينها. ورجلٌ سَحَّاجٌ، وكذلك

الحلف؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

لا تَنْكِحَنَّ نَحِضاً بَجْباجَا

فَدْماً، إِذا صِيحَ به أَفاجا

وإِنْ رَأَيْتِ قُمُصاً وسَاجا،

ولِمَّةً وحَلِفاً سَحَّاجا

وسَيْحُوجٌ: اسم.

توج

توج: التَّاجُ، معروف، والجمعُ أَتواجٌ وتِيجانٌ، والفعل التَّتْويجُ.

وقد تَوَّجَهُ إِذا عَمَّمَهُ؛ ويكون تَوَّجَهُ: سَوَّدَهُ.

والمُتَوَّجُ: المُسَوَّدُ، وكذلك المُعَمَّمُ. ويقال: تَوَّجَهُ فتَتَوَّجَ أَي

أَلبسه التاجَ فلبسه.

والإِكْلِيلُ والقُصَّةُ والعِمامةُ: تاجٌ على التشبيه. والعربُ تسمي

العمائمَ التاجَ. وفي الحديث: العمائمُ تِيجانُ العربِ، جمع تاج، وهو ما

يصاغ للملوك من الذهب والجوهر؛ أَراد أَن العمائم للعرب بمنزلة التيجان

للملوك لأَنهم أَكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرؤوس أَو بالقلانس،

والعمائمُ فيهم قليلةٌ. والأَكاليلُ: تيجان ملوك العجم. والتاجُ: الإِكليلُ.

ابن سيده: ورجلٌ تائجٌ ذو تاج، على النَّسَبِ، لأَنا لم نسمع له بفعل غير

متعدٍّ؛ قال هِمْيان بن قحافة:

تَقَدُّمَ النَّاسِ الإِمامَ التَّائَجا

أَرادَ تَقَدَّمَ الإِمامُ التائجُ الناسَ. فقلب. والتاجُ: الفضة. ويقال

للصَّلِيجَةِ من الفضة: تاجةٌ، وأَصله تازه بالفارسية للدرهم المضروب

حديثاً؛ قال: ومنه قول هميان:

تَنَصُّفَ الناسِ الهُمامَ التَّائجا

أَراد مَلِكاً ذا تاج، وهذا كما يقال: رجل دارِعٌ ذو دِرْعٍ.

وتاجٌ وتُوَيْجٌ ومُتَوَّجٌ: أَسماء. وتاجٌ وبنو تاجٍ. قبيلةٌ من

عَدْوانَ، مصروف؛ قال:

أَبَعْدَ بَني تاجٍ وسَعْيِكَ بَيْنَهُمْ؟

فلا تُتْبِعَنْ عَيْنَيْكَ ما كان هالِكا

وتاجةُ: اسمُ امرأَة؛ قال:

يا وَيْحَ تاجَةَ، ما هذا الذي زَعَمَتْ؟

أَشَمَّها سَبُعٌ أَمْ مَسَّها لَمَمُ؟

وتَوَّجُ: اسمُ موضع، وهو مأْسدة ذكره مُلَيْحٌ الهُذَليُّ:

ومِن دونِهِ أَثْباجُ فَلْجٍ وتَوَّجُ

وفي ترجمة بَقَّمَ: تَوَّجُ على فَعَّل موضعٌ؛ قال جرير:

أَعْطُوا البَعِيثَ حَفَّةً ومِنْسَجا،

وافْتَحِلُوهُ بَقَراً بِتَوَّجا

قذعر

قذعر: المُقْذَعِرُّ مثل المُقْذَحِرِّ: المتعرّض للقوم ليدخل في أَمرهم

وحديثهم. واقْذَعَرَّ نحوهم يَقْذَعِرّ: رمى بالكلمة بعد الكلمة

وتَزَحَّفَ إِليهم.

قعفز

قعفز: جلس القَعْفَزى: وهي جِلْسَةُ المُسْتوفِز، وقد اقْعَنْفَزَ.

عجم

عجم: العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ

المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ

وجمعه عَجَمٌ، وخلافه عَرَبيّ وجمعه عَرَبٌ، ورجل أَعْجَم وقوم أعْجَمُ؛

قال:

سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجَمِ

في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ،

إذاً لَزُرناكِ ولو بسُلَّمِ

وقول أَبي النَّجْم:

وطَالَما وطَالَما وطالَما

غَلَبْتُ عاداً، وغَلَبْتُ الأَعْجَما

إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، وعادٌ لفظ مفرد وإِن

كان معناه الجمعَ، وقد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النجم

بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وإن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن

عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي والعَجَم غير عرب، ولم يجعل الأَلف

في قوله وطالما الأخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال

وما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، وكان

القياسُ أَن يجعلها ههنا تأْسيساً لأَن ما ههنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً.

والعَجَمُ: جمع العَجيّ، وكذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، ونَحْوٌ من هذا

جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ والمجوس. والعُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ

الذي لا يُفْصِحُ، ويجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع

الجمع، وكذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ والعُرْبُ؛ قال

ذو الرمة:

ولا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ

فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحق:

الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ ولا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ

النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:

مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منه،

مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح

والأُنثى عَجْماءُ، وكذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس

العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، والجمع عَجَمٌ كَعَرَبيٍّ وعَرَبٍ

وعَرَكيٍّ وعَرَكٍ ونَبَطيٍّ ونَبَطٍ وخَوَليٍّ وخَوَلٍ وخَزَريٍّ وخَزَرٍ.

ورجل أَعْجَميٌّ

وأَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، وإن أَفْصَحَ بالعجمية، وكلامٌ

أَعْجَمُ

وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وفي التنزيل: لِسانُ الذي يُلْحدُونَ

إليه أَعْجَمِيٌّ؛ وجمعه بالواو والنون، تقول: أَحْمَرِىٌّ وأَحْمَرُونَ

وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيٍّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريٍّ

وأَشْعَرِينَ؛ وعليه قوله عز وجل: ولو نَزَّلْناه على بَعْضِ

الأَعْجَمِينَ؛ وأَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على

عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ وما لا يَعْقِل، قال الشاعر:

يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً،

إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ

ويقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه

عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، ولا يقال رجل

أَعجميٌّفتَنسُبه إلى نفسه إلاَّ أَن يكون أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل

دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريٍّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً

لا يُمْكِنُ رَدُّه. وقال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل:

أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل

أَعْجَمِيٌّ، والذي أَراده الجوهري بقوله: ولايقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به

الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ وإن كان عربيّاً؛ وأَما قولُ ابنِ

مَيَّادَةَ، وقيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:

كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما،

بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ

فلم يُرِدْ به العَجَمَ وإنما أَراد به كُتَّابَ رَجُلٍ أَعجَمَ، وهو

مَلِكُ الروم. وقوله عَزَّ وجَلَّ: أَأَعْجَمِيٌّ وعربيٌّ، بالاستفهام؛ جاء

في التفسير: أَيكون هذا الرسولُ عربيّاً والكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري:

ومعناه أَن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآناً أَعْجَمِيّاً لقالوا

هَلاَّ فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل

للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: أَأََعجمي وعربي، حكايةً عنهم كأَنهم

يَعَْجبون فيقولون كتابٌ أَعجميّ ونبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم،

قال أَبو الحسن: ويُقرأ أَأَعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها

همزة مخففة تشبه الأَلف، ولا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأن بعدها عيناً

وهي ساكنة، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة والعين مفتوحة؛ قال الفراء:

وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، وجاء في التفسير

أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلاّ بُيِّنَتْ آياته،

أَقرآنٌ

ونَبيٌّ عَربي، ومن قرأَ آعجمي بهمزة وأَلف فإنه منسوب إلى اللسان

الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ

إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. ورجل عَجَمِيٌّ

إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، والأَجْوَدُ في

القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة وأَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، ألا تَرى

قَوْلَه: ولو جعلناه قرآناً أَعجميّاً؟ ولم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ وأَما

قراءة الحسن: أَعَجَمِيٌّ

وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هَلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه

فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم وبعضُه بياناً للعرب. قال: وكل هذه الوجوه

الأَربعة سائغةٌ في العربية والتفسير.

وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، وقالوا: حروفُ

المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف

المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ

المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من

وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة

والمُعْجَم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أَن الحروفَ

مضافةٌ

ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي

الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافةُ الشيء إلى نفسه غير جائزة، وإذا

كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم،

لأَنه غير مستقيم إضافةُ

الشيءِ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإضافة

إنما هو التخصيصُ والتعريفُ، والشيء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان

معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، وذهب

محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أَدْخَلْتُه

مُدْخَلاً وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالاً وإخراجاً. وحكى الأَخفش

أَن بعضهم قَرَأَ: ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من

إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإعْجام، فهذا أَسَدُّ وأَصْوَبُ من أن

يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى ومسجد

الجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى

ومسجد اليوم الجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى والجامعُ غيرُ المسجد

في المعنى، وإنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما وأُقيما مُقامَهما، وليس

كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ

المعجم ولا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ

فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه

مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن تُرْكَب، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من

شأْنه أَن يُناضَلَ به، وكذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن

قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا ترى

أَنَّ الأَلفَ والحاء والدالَ ونحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ

هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ

إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن

هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد

ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإشكالُ والاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، ولا

فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ

الإِعجام في الإيضاحِ والبيان، أَلا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ

بواحدةٍ من أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلاً فقد

عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ

والخاء؟ وكذلك الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ

البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. وسئل أَبوالعباس عن حروف

المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول

أَعْجَمْتُ أَبهمت، وقال: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين

كلامُه، قال: وأَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: ويقال قُفْلٌ

مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: وسمعت أَبا الهَيْثَم يقول

مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ

الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، ولا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ

العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. وقال الليث: المعجم

الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: وإذا قلت

كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه

وتَضِحَ، قال الأَزهري: والذي قاله أَبوالعباس وأَبو الهَيْثم أَبْينُ

وأَوْضَحُ. وفي حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلاً فقَطَعَ بعضَ لسانه

فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها

قُسِمَت عليه الدِّيةُ؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت

بذلك من التَّعْجيم، وهو إزالة العُجْمة بالنقط.

وأَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة

(* قوله «قال

رؤبة» تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة):

الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ،

إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،

زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،

والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،

يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ

معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلاً لا بَيانَ له، وقيل:

يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على

المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه ولا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وقال الأَخفش:

لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ

الإعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد

الفراء:

الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ،

مِنْ مُعْرِبٍ فيها ومِنْ مُعْجِمِ

والعَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال:

أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، ولا يقال عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي

الحُروفُ المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. ومعنى حروفِ المعجم أَي

حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الجامعِ أَي مسجد اليوم الجامعِ،

وصلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: والصحيح ما ذهب

إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ وتقول أَعْجَمْتُ

الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، والمعنى عنده حروفُ الإعْجامِ أَي

التي من شأْنها أَن تَعْجَم؛ ومنه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه

أَنْ يُتَناضَلَ به. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني:

أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيده: وهو عنده على

السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وإن كان أَصْلُها الإثْباتَ فقد تجيء للسلب، كقولهم

أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، وكقوله تعالى: إن الساعة

آتية أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، والله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد

أُظْهرها، وتلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها.

وقالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت

أَفْعَلْت، وله نظائر منها ما تقدّم ومنها ما سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم منه.

وكتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول

النَّقْط فيها عُجمةٌ

لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، وإن كانت أُصولاً للكلام

كله. وفي حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على

لسان عُمَر أَي ما كنا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لم يُفْصح بشيء فقد

أَعْجَمه. واسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم.

والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي

الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي لا دِيةَ فيه ولا قَودَ؛ أَراد

بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: وكلُّ

مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. ومنه الحديث: بعدَدِ

كل فصيح وأَعْجَم؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيٍّ وبهيمةٍ، ومعنى قوله

العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها،

فذلك هَدَرٌ، وهو معنى الجُبار. ويقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما

يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. وصلاةُ

النهارِ عَجماءُ لإخْفاء القراءة فيها، ومعناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها

قراءةٌ.واسْتَعّجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. واستعجم الرجل:

سكَت. واستَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من

نعاس. ومنه حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه

قِراءتُه فَلْيُتِمَّ، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به

عُجْمةٌ، وكذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال امرؤ القيس:

صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها،

واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ

عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ وقول علقمة يَصف فرساً:

سُلاَّءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لها

ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ

قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالاً في باطن

الحافرِ في موضع النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها

صِلابٌ، وقوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ ولا يكون ذلك إلامن صَلابتِه، وهو

أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى

فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، ولا يكون ذلك إلا من صَلابته، وقوله مَعْجوم

يريد أَنه نَوى الفَم وهو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى

النبيذِ المطبوخ. وفي حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم،

أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه

يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، وقيل:

المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا

يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه

ويَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ

الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ

المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها

عُوداً؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال

النابغة:فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً

(* تمام البيت:

في حالك اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ).

أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ

بالأَضراس دُون الثّنايا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه

ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، وقيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو

ذؤيب:

وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه

بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها

يقول: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإبلُ العِظامَ.

والعُجامةُ: ما عَجَمْتَه. وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا

كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. وعَجمَ

الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. والعَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ.

وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ:

عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. وفي حديث

طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور

(* قوله «لقد جرستك الأمور» الذي

في النهاية: لقد جرستك الدهور وعجمتك الأمور). وعَجَمَتْك البَلايَا أَي

خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه،

وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ

ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك؛ وأَنشد بيت

المَرَّار:

جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ونُوقٌ

عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ

وقال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شمر. قال الجوهري:

أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ

المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عَودٌ

صُلْبُ المَعْجَمِ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ

قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال

الجوهري؛ وشاهده قول المتلمس:

جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة،

تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ

والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ

قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجِم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة.

ويقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. ويقول الرجلُ

للرجل: طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني. ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني

تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛

عن اللحياني؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:

كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً،

يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ

على أَن البَصيرَ بها، إذا ما

أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ

أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال

لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال:

ونَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، وأَنشد بيت أَبي

حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. ويقال: لقد عَجَموني ولَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛

وأَنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:

فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،

نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ

قال: والمُعَجَّمُ الذي أُكِلَ لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، والطُّنُبُ

أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه.

والعَجْمُ: صِغارُ الإبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأعرابي:

بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ من عُجومِ الإبل فإذا أَثْنَتْ فهي

من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ والأُنثى، والإبلُ تُسَمَّى عَواجمَ

وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ ومنه قوله: وكنتُ كعَظْم العاجِمات.

وقال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في

شِدْقه ولا يَخْرُج الصوتُ منها، وهم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في

الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، والإبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم

العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. والعَواجِمُ:

الأَسنانُ.

وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وقال:

أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً،

وكَفَّاكَ إلا نائِلاً حينَ تُسْأَلُ

والعَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ

عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ وقَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب:

والعامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، وهو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة ووصف

أُتُناً:في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ

وقال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيده:

والصحيح الأَول، وكلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب وما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال

أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:

مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره،

كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ

والعَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ:

كَثرته، وقيل: آخِره، وقيل: عُجْمتُه، وعِجْمتُه ما تعقَّد منه. ورملةٌ

عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى

عُجْمَتَي بدرٍ؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما

حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:

عَذْبٌ كماء المُزْنِ أَنْـ

ـزَلَه مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ

يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ

الذَّنَب وعُجْمُه جميعاً: عَجْبُه، وهو أَصله، وهو العُصْعُص، وزعم

اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ وعُجْب. والأعجَم من الموج: الذي

لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ ولا يُسمعَ له صوت. وبابٌ مُعْجَم أَي

مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛

وأَنشد:

باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا،

عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى

الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل.

وبنو أَعجَمَ وبنو عَجْمانَ: بَطنان.

دلهم

دلهم: المُدْلَهِمُّ: الأسود. وادْلَهَمَّ الليلُ والظلام: كَثُفَ

واسْودّ. وليلة مُدْلَهِمَّة أي مظلمة. وأسود مُدْلَهِمّ: مُبالَغٌ به؛ عن

اللحياني. وفلاة مُدْلَهِمَّةٌ: لا أَعْلام فيها. ودَلْهَمٌ: اسم رجل.

Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.