Ibn Manẓūr, Lisān al-ʿArab (d. 1311 CE) لسان العرب لابن منظور

Search results for: %D8%B3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%84

حلك

حلك: الحُلْكة والحَلَكُ: شدة السواد كلون الغراب، وقد حَلَكَ الشيء

يَحْلُكُ حُلُوكةً وحلُوكاً واحْلَوْلكَ مثله: اشْتد سواده. وأَسود حالِكٌ

وحانكٌ ومُحْلَوْلِكٌ وحُلْكُوك بمعنى. وفي حديث خزيمة وذكر السنة: وتركَت

الفَرِيشَ مُسْتَحلِكاً، المستحلك: الشديد السواد كالمحترق من قولهم

أَسود حالِكٌ. والحَلَكُوك، بالتحريك: الشديد السواد. وأَسود مثلُ حَلَكِ

الغرابِ وحَنَكِ الغراب، وشيء حالِكٌ ومْحْلَولِك ومْحْلَنْكِكٌ وحُلْكُوك،

ولم يأْت في الأَلوان فُعْلُول إلاّ هذا؛ قال ابن سيده: قالوا وهو أشد

سواداً من حَلَكِ الغراب، وأنكرها بعضهم وقال: إنما هو من حَنَك الغراب

أَي مِنقاره، وقيل: سواده، وقيل: نون حَنَك بدل من لام حَلَك. قال يعقوب:

قال الفراء قلت لأَعرابي: أَتقول كأَنه حَنَكُ الغرابِ أَو حَلَكه فقال:

لا أقول حلكه أبداً، وقال أبو زيد: الحَلَك اللون والحَنَك المنقار؛ وقوله

أَنشده ثعلب:

مِداد مثل حالِكَةِ الغُراب،

وأَقلام كمُرْهَفَةِ الحِرابِ

يجوز أَن يكون لغة في حَلَك الغراب، ويجوز أَن يعني به ريشته خافِيتَه

أَو قادِمته أَو غير ذلك من ريشه. وفي لسانه حُلْكة كحُكْلَةٍ. والحُلْكةُ

والحُلْكاءُ والحُلَكاءُ والحَلَكاءُ والحُلُكَّى على فُعُلَّى: دويبة

شبيهة بالعَظَاءة. الأَزهري: والحُلَكةُ مثال الهُمزَة ضرب من العظَاء،

ويقال دُويْبة تغوص في الرمل؛ قال ابن بري: شاهده قول الراجز:

يا ذا النِّجادِ الحُلَكَهْ،

والزوجةِ المُشْتَركه،

ليْسَتْ لِمَن لَيْسَتْ لَكَهْ

وكذلك الحَلْقاءُ مثل العنقاء.

بعج

بعج: بَعَجَ بَطْنَه بالسكين يَبْعَجُه بَعْجاً، فهو مَبْعُوجٌ

وبَعِيجٌ، وبَعَّجه: شَقَّهُ فزال ما فيه من موضعه وبدا متعلقاً. وفي حديث أُمِّ

سُليم: إِنْ دنا مِنِّي أَحدٌ أَبْعَجْ بَطْنَه بالخَنْجَرِ أَي أَشُقُّ؛

قال أَبو ذؤَيب:

فذلك أَعْلَى مِنْكَ فَقْداً لأَنه

كريمٌ، وَبَطْنِي بالكرامِ بَعِيجُ

(* قوله «فذلك أعلى منك فقداً» كذا بالأصل وفي شرح القاموس قدراً.)

ورجلٌ بَعِيجٌ من قوم بَعْجَى، والأَنثى بَعِيجٌ، بغير هاء، من نسوة

بَعْجَى، وقد انْبَعَجَ هو. وبطنٌ بَعِجٌ: مُنْبَعِجٌ؛ أُراه على النَّسَب.

وامرأَة بعِيجٌ أَي بَعَجَتْ بطْنَها لزوجها ونَثَرَتْ. ورجلٌ بَعِجٌ:

ضعيفٌ، كأَنه مبعوج البطن مِن ضَعْف مَشْيه؛ قال الشاعر:

لَيْلَةَ أَمْشي، علَى مُخاطَرَةٍ،

مَشْياً رُويَداً، كَمِشيَةِ البَعِجِ

والانْبِعَاجُ: الانشقاق.

وتقول: بَعَجَهُ حُبُّ فلان إذا اشتَدَّ وَجْدُهُ وحَزِنَ له. قال

الأَزهري: لَعَجَهُ حُبه أَصوبُ من بَعَجَهُ لأَن البَعْجَ الشَّقُّ. يقال:

بَعَجَ بَطْنَه بالسكين إِذا شقه وخَضْخَضَهُ فيه؛ قال الهذلي:

كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ

شَبَّه ظُباتِ النِّصال بنار جمر سُخِىَ فَظَهَرَتْ حُمْرَتُه؛ يقال:

اسْخُ النار أَي افتح عينها. وفي الحديث: إِذا رأَيتَ مكةَ قد بُعِجَتْ

كظَائمَ، وساوى بناؤُها رؤوسَ الجبال، فاعْلَم أَنَّ الأَمْرَ قد أَظَلَّكَ؛

بُعِجَتْ أَي شُقَّت، وفُتِحت كظائمُها بَعْضُها في بعض، واسْتُخْرِجَ

منها عيونها. وبَعَجْتُ بطني لفلان: بالغت في نصيحته؛ قال الشماخ:

بَعَجْتُ إِليه البَطْنَ حتى انْتَصَحْتُه،

وما كلُّ مَنْ يُفْشَى إِليه بِناصِحِ

وقيل في قول أَبي ذؤَيب:

وبطني بالكرام بعيج

أَي نُصْحي لهم مبذول. وفي حديث عَمْرٍو وَوَصَفَ عمر، رضي الله عنه،

فقال: إِن ابن حَنْتَمَةَ بَعَجَتْ له الدنيا مِعَاها. هذا مثل ضربه؛ أَراد

أَنها كشفت له عما كان فيها من الكنوز والأَموال والفيء، وحنتمة أُمُّه.

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، في صفة عمر، رضي الله عنه: بَعَجَ

الأَرضَ وبَجَعَها أَي شقَّها وأَذلَّها؛ كَنَتْ به عن فتوحه. وتَبَعَّجَ

السحابُ وانْبَعَجَ بالمطر: انْفَرَجَ عن الوَدْقِ والوَبْلِ الشديد؛ قال

العجاج:

حَيْثُ اسْتَهَلَّ المُزْنُ أَو تَبَعَّجَا

وتَبَعَّجَتِ السماءُ بالمطر، كذلك؛ وكلُّ ما اتسع فقد انْبَعَجَ.

وبَعَّجَ المطرُ تَبْعِيجاً في الأَرض: فَحَصَ الحجارةَ لشدَّة

وَقْعِهِ.وباعِجَةُ الوادي: حيث يَنْبَعِجُ فيَتَّسِع، والباعِجَة: أَرْضٌ

سَهْلَةٌ تُنْبِتُ النَّصِيَّ؛ وقيل: الباعِجَةُ آخر الرَّمْلِ، والسُّهولَةُ

إِلى القُفِّ. والبَوَاعِجُ: أَماكِنُ في الرَّمل تَسْتَرِقُّ، فإِذا نبت

فيها النَّصِيُّ كان أَرَقَّ له وأَطيبَ؛ وقال الشاعر يصف فرساً:

فأَنَى له بالصَّيْفِ ظِلٌّ باردٌ،

ونَصِيُّ باعِجَةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ

وَبَعَجَهُ الأَمْرُ: حَزَبَه. وباعِجَةُ القِرْدانِ: موضعٌ معروف؛ قال

أَوس بن حَجَر:

وبَعْدَ لَيَالِينا بِنَعْفِ سُوَيْقَةٍ،

فبَاعِجَةِ القِرْدانِ، فالمُتَثَلَّمِ

وبنُو بَعْجَةَ: بطنٌ. وابنُ باعِج: رجلٌ؛ قال الراعي:

كَأَنَّ بقايا الجَيْشِ، جَيْشِ ابنِ باعِجٍ،

أَطافَ بِرُكْنٍ، من عَمايَة، فاخِرِ

وباعِجَةُ: اسم موضع. ويقال: بَعَجْتُ هذه الأَرض عَذاةً طيبةَ الأَرض

(* قوله «طيبة الأرض» عبارة الأساس: طيبة التربة.) أَي تَوَسَّطْتُها.

عدل

عدل: العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر.

عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ

وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو

عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وفي أَسماء الله سبحانه:

العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر

سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ

المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً، وفلان من أَهل المَعْدِلة أَي من أَهل العَدْلِ.

والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ. وهو حَكَمٌ

عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه. والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه

وحُكْمُه. وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة. ورَجُلٌ عَدْلٌ:

رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة؛ قال ابن بري ومنه قول كثير:

وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاء، ولم يَكُنْ

شُهودٌ على لَيْلى عُدُولٌ مَقَانِعُ

ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو

عَدْلٍ. قال في موضعين: وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم، وقال: يَحْكُم به

ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ ويقال: رجل عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ

وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ

ونِسوةٌ ذوات عَدْلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته

مجموعاً أَو مثنى أَو مؤَنثاً فعلى أَنه قد أُجْرِي مُجْرى الوصف الذي ليس

بمصدر، وقد حكى ابن جني: امرأَة عَدْلة، أَنَّثوا المصدر لما جرى وصفاً

على المؤنث وإِن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة،

وإِنما اسْتَهْواه لذلك جَرْيُها وصفاً على المؤنث؛ وقال ابن جني: قولهم

رجل عَدْلٌ وامرأَة عَدْل إِنما اجتمعا في الصفة المُذَكَّرة لأَن التذكير

إِنما أَتاها من قِبَل المصدرية، فإِذا قيل رجل عَدْلٌ فكأَنه وصف بجميع

الجنس مبالغةً كما تقول: استَوْلى على الفَضْل وحاز جميعَ الرِّياسة

والنُّبْل ونحو ذلك، فوُصِف بالجنس أَجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً،

وجُعِل الإِفراد والتذكير أَمارةً للمصدر المذكور، وكذلك القول في خَصْمٍ

ونحوه مما وُصِف به من المصادر، قال: فإِن قلت فإِن لفظ المصدر قد جاء

مؤنثاً نحو الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة

والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة ونحو ذلك، فإِذا كان نفس المصدر قد جاء

مؤَنثاً فما هو في معناه ومحمول بالتأْويل عليه أَحْجى بتأْنيثه، قيل: الأَصل

لقُوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أَن الزِّيادة

والعيادة والجُهومة والطَّلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاقُ التاء

لها لا يُخْرِجها عما ثبت في النفس من مَصدَرِيَّتها، وليس كذلك الصفة

لأَنها ليست في الحقيقة مصدراً، وإِنما هي مُتَأَوَّلة عليه ومردودة

بالصَّنْعة إِليه، ولو قيل رجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلة وقد جَرَت صفة كما ترى لم

يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بها أَنها صفة حقيقية كصَعْبة من صَعْبٍ، ونَدْبة

من نَدْبٍ، وفَخْمة من فَخْمٍ، فلم يكن فيها من قُوَّة الدلالة على

المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول

لقُوَّتها يُتَصَرَّف فيها والفروع لضعفها يُتَوَقَّف بها، ويُقْتَصر على بعض

ما تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قيل: فقد قالوا رجل عَدْل وامرأَة

عَدْلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وقول أُميَّة:

والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا،

من بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ

قيل: هذا قد خَرَجَ على صورة الصفة لأَنهم لم يُؤْثِروا أَن يَبْعُدوا

كلَّ البُعْد عن أَصل الوصف الذي بابه أَن يَقع الفَرْقُ فيه بين مُذَكره

ومؤَنَّثه، فجرى هذا في حفظ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لها

والتنبيه عليها مَجْرى إِخراج بعض المُعْتَلِّ على أَصله، نحو استَحْوَذَ

وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْتُه، وإِن كان قد نُقِل إِلى

فَعُلْت لما كان أَصله فَعَلْت؛ وعلى ذلك أَنَّث بعضُهم فقال خَصْمة وضَيْفة،

وجَمَع فقال:

يا عَيْنُ، هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ

قُمْنا، وقامَ الخُصومُ في كَبَد؟

وعليه قول الآخر:

إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كان عَذَوَّراً،

على الحَيِّ، حتى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه

والعَدالة والعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ، كلُّه: العَدْل. وتعديل

الشهود: أَن تقول إِنهم عُدُولٌ. وعَدَّلَ الحُكْمَ: أَقامه. وعَدَّلَ

الرجلَ: زَكَّاه. والعَدَلةُ والعُدَلةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عن ابن

الأَعرابي. قال القُرْمُليُّ: سأَلت عن فلان العُدَلة أَي الذين

يُعَدِّلونه. وقال أَبو زيد: يقال رجل عُدَلة وقوم عُدَلة أَيضاً، وهم الذين

يُزَكُّون الشهودَ وهم عُدُولٌ، وقد عَدُلَ الرجلُ، بالضم، عَدالةً. وقوله

تعالى: وأَشهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم؛ قال سعيد بن المسيب: ذَوَيْ عَقْل،

وقال إِبراهيم: العَدْلُ الذي لم تَظْهَر منه رِيبةٌ. وكَتَب عبدُ الملك

إِلى سعيد بن جُبَير يسأَله عن العَدْل فأَجابه: إِنَّ العَدْلَ على أَربعة

أَنحاء: العَدْل في الحكم، قال الله تعالى: وإِن حَكَمْتَ

(* قوله «قال

الله تعالى وان حكمت إلخ» هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة

بالقسط) فاحْكُمْ بينهم بالعَدْل. والعَدْلُ في القول، قال الله تعالى: وإِذا

قُلْتُم فاعْدِلوا: والعَدْل: الفِدْية، قال الله عز وجل: لا يُقْبَل منها

عَدْلٌ. والعَدْل في الإِشْراك، قال الله عز وجل: ثم الذين كفروا

برَبِّهم يَعْدِلون؛ أَي يُشْرِكون. وأَما قوله تعالى: ولن تَسْتَطِيعوا أَن

تَعْدِلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم؛ قال عبيدة السَّلماني والضَّحَّاك: في

الحُبِّ والجِماع. وفلان يَعْدِل فلاناً أَي يُساوِيه. ويقال: ما

يَعْدِلك عندنا شيءٌ أَي ما يقَع عندنا شيءٌ مَوْقِعَك.

وعَدَّلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها. وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه

عَدْلاً وعادَله: وازَنَه. وعادَلْتُ بين الشيئين، وعَدَلْت فلاناً بفلان

إِذا سَوَّيْت بينهما. وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: العَدْلُ

تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً. والعَدْلُ

والعِدْلُ والعَدِيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس

بالنَّظِير عَيْنه، وفي التنزيل: أَو عَدْلُ ذلك صِياماً؛ قال

مُهَلْهِل:على أَنْ ليْسَ عِدْلاً من كُلَيْبٍ،

إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور

والعَدْلُ، بالفتح: أَصله مصدر قولك عَدَلْت بهذا عَدْلاً حَسَنًا،

تجعله اسماً للمِثْل لِتَفْرُق بينه وبين عِدْل المَتاع، كما قالوا امرأَة

رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق. والعَدِيلُ: الذي يُعادِلك في الوَزْن

والقَدر؛ قال ابن بري: لم يشترط الجوهري في العَدِيل أَن يكون إِنساناً

مثله، وفَرَق سيبويه بين العَدِيل والعِدْل فقال: العَدِيلُ من عادَلَك من

الناس، والعِدْلُ لا يكون إِلاَّ للمتاع خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل

الإِنسان لا يكون إِلاَّ إِنساناً مثله، وأَنَّ العِدْل لا يكون إِلاَّ

للمتاع، وأَجاز غيرُه أَن يقال عندي عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلُه،

بالفتح لا غير، قيمتُه. وفي حديث قارئ القرآن

(* قوله «وفي حديث قارئ

القرآن إلخ» صدره كما في هامش النهاية: فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة

تكون في الرجل؟ فقال: ليست إلخ. وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست. وقوله:

قال ابن الاثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر العدل والعدل بالكسر

والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح الى آخر ما هنا).

وصاحب الصَّدَقة: فقال ليْسَتْ لهما بعَدْل؛ هو المِثْل؛ قال ابن الأَثير: هو

بالفتح، ما عادَله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس؛ وقول

الأَعلم:

مَتى ما تَلْقَني ومَعي سِلاحِي،

تُلاقِ المَوْتَ لَيْس له عَدِيلُ

يقول: كأَنَّ عَدِيلَ الموت فَجْأَتُه؛ يريد لا مَنْجَى منه، والجمع

أَعْدالٌ وعُدَلاءُ. وعَدَل الرجلَ في المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب معه. وفي

حديث جابر: إِذا جاءت عَمَّتي بأَبي وخالي مَقْتولَيْنِ عادَلْتُهما على

ناضِحٍ أَي شَدَدْتُهما على جَنْبَي البَعير كالعِدْلَيْن. وعَدِيلُك:

المُعادِلُ لك.

والعِدْل: نِصْف الحِمْل يكون على أَحد جنبي البعير، وقال الأَزهري:

العِدْل اسم حِمْل مَعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، والجمع أَعْدالٌ

وعُدُولٌ؛ عن سيبويه. وقال الفراء في قوله تعالى: أَو عَدْل ذلك صياماً، قال:

العَدْلُ ما عادَلَ الشيءَ من غير جنسه، ومعناه أَي فِداءُ ذلك.

والعِدْلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وذلك أَن تقول عندي عِدْلُ غُلامِك وعِدْلُ

شاتك إِذا كانت شاةٌ تَعْدِل شاةً أَو غلامٌ يَعْدِل غلاماً، فإِذا أَردت

قيمته من غير جنسه نَصَبْت العَيْن فقلت عَدْل، وربما كَسَرها بعضُ

العرب، قال بعض العرب عِدْله، وكأَنَّه منهم غلطٌ لتَقارُب معنى العَدْل من

العِدْل، وقد أَجمعوا على أَن واحد الأَعدال عِدْل؛ قال: ونُصِب قوله

صياماً على التفسير كأَنَّه عَدْلُ ذلك من الصِّيام، وكذلك قوله: مِلْء

الأَرضِ ذَهباً؛ وقال الزجاج: العَدْلُ والعِدْلُ واحد في معنى المِثْل، قال:

والمعنى واحد، كان المِثْلُ من الجنس أَو من غير الجنس. قال أَبو إِسحق:

ولم يقولوا إِن العرب غَلِطَت وليس إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يقول

إِنَّ بعض العرب غَلِط. وقرأَ ابن عامر: أَو عِدْلُ ذلك صِياماً، بكسر

العين، وقرأَها الكسائي وأَهل المدينة بالفتح. وشَرِبَ حتى عَدَّل أَي صار

بطنه كالعِدْل وامْتَلأ؛ قال الأَزهري: وكذلك عَدَّنَ وأَوَّنَ بمعناه.

ووقع المُصْطَرِعانِ عِدْلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً ولم يَصْرَع

أَحدُهما الآخر.

والعَدِيلتان: الغِرَارتانِ لأَن كل واحدة منهما تُعادِل صاحبتَها.

الأَصمعي: يقال عَدَلْت الجُوالِقَ على البعير أَعْدِله عَدْلاً؛ يُحْمَل على

جَنْب البعير ويُعْدَل بآخر.

ابن الأَعرابي: العَدَلُ، محرّكٌ، تسوية الأَوْنَيْن وهما العِدْلانِ.

ويقال: عَدَلْت أَمتعةَ البيت إِذا جَعَلْتها أَعدالاً مستوية للاعْتِكام

يومَ الظَّعْن. والعدِيل: الذي يُعادِلُك في المَحْمِل.

والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بين حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقولهم

جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بين الطُّول والقِصَر، وماء مُعْتَدِلٌ بين البارد

والحارِّ، ويوم مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواء ضدُّ مُعْتَذِل، بالذال المعجمة.

وكلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَل؛ وكلُّ ما أَقَمْته فقد عَدَلْته. وزعموا

أَن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ

إِذا مِلْتُ عَدَلُوني كما يُعْدَل السَّهْم في الثِّقافِ، أَي

قَوَّمُوني؛ قال:

صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْـ

ـتُ بالأَرض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا

وعَدَّلَه: كعَدَلَه. وإِذا مالَ شيءٌ قلت عَدَلته أَي أَقمته فاعْتَدَل

أَي استقام. ومن قرأَ قول الله، عز وجل: خَلَقَكَ فَسوّاك فَعَدَلك،

بالتخفيف، في أَيِّ صورةٍ ما شاء؛ قال الفراءُ: من خَفَّف فَوجْهُه، والله

أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صورة ما شاء: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قبيح،

وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وهي قراءة عاصم والأَخفش؛ وقيل أَراد عَدَلك

من الكفر إِلى الإِيمان وهي نِعْمة

(* قوله «وهي نعمة» كذا في الأصل،

وعبارة التهذيب: وهما نعمتان) ومن قرأَ فعَدَّلك فشَدَّد، قال الأَزهري: وهو

أَعجبُ الوجهين إِلى الفراء وأَجودُهما في العربية، فمعناه قَوَّمك

وجَعَلَك مُعْتدلاً مُعَدَّل الخَلْق، وهي قراءة نافع وأَهل الحجاز، قال:

واخْتَرْت عَدَّلك لأَنَّ المطلوب الإثنتين التركيب أَقوى في العربية من أَن

تكون في العَدْل، لأَنك تقول عَدَلْتك إِلى كذا وصَرَفتك إِلى كذا، وهذا

أَجودُ في العربية من أَن تقول عَدَلْتك فيه وصَرَفْتك فيه، وقد قال غير

الفراء في قراءة من قرأَ فَعَدَلك، بالتخفيف: إِنه بمعنى فَسَوّاك

وقَوَّمك، من قولك عَدَلْت الشيء فاعْتَدل أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ ومنه

قوله:وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل

أَي قَوَّمْناه فاستقام، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ. وعَدَلْت الشيءَ

بالشيء أَعْدِلُه عُدولاً إِذا ساويته به؛ قال شَمِر: وأَما قول الشاعر:

أَفَذاكَ أَمْ هِي في النَّجا

ءِ، لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟

يعني يُعادِلُ بي ناقته والثَّوْر. واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ

واستقام، وعَدَّلْته أَنا. ومنه قول أَبي علي الفارسي: لأَن المُرَاعى في

الشِّعْر إِنما هو تعديل الأَجزاء. وعَدَّل القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ

بين الشُّركاء إِذا سَوّاها على القِيَم.

وفي الحديث: العِلْم ثلاثة منها فَرِيضةٌ عادِلَةٌ، أَراد العَدْل في

القِسْمة أَي مُعَدَّلة على السِّهام المذكورة في الكتاب والسُّنَّة من غير

جَوْر، ويحتمل أَن يريد أَنها مُسْتَنْبَطة من الكتاب والسُّنَّة، فتكون

هذه الفَريضة تُعْدَل بما أُخِذ عنهما.

وقولهم: لا يُقْبَل له صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، قيل: العَدْل الفِداء؛ ومنه

قوله تعالى: وإِنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ لا يؤخَذْ منها؛ أَي تَفْدِ كُلَّ

فِداء. وكان أَبو عبيدة يقول: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لا يُقْبَلْ

منها؛ قال الأَزهري: وهذا غلط فاحش وإِقدام من أَبي عبيدة على كتاب الله

تعالى، والمعنى فيه لو تَفْتدي بكل فداء لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومئذ.

ومثله قوله تعالى: يَوَدُّ المُجْرِمُ لو يَفْتَدي من عذاب يَوْمئذٍ

ببَنِيه (الآية) أَي لا يُقْبَل ذلك منه ولا يُنْجيه. وقيل: العَدْل

الكَيْل، وقيل: العَدْل المِثْل، وأَصله في الدِّية؛ يقال: لم يَقْبَلوا منهم

عَدْلاً ولا صَرْفاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلاً

واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك، وقيل: العَدْل الجزاء، وقيل الفريضة،

وقيل النافلة؛ وقال ابن الأَعرابي: العَدْل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف في

موضعه. وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمْر لم يَقْبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا

عَدْلاً أَربعين ليلة؛ قيل: الصَّرْف الحِيلة، والعَدْل الفدْية، وقيل:

الصَّرْف الدِّية والعَدْلُ السَّوِيَّة، وقيل: العَدْل الفريضة،

والصَّرْف التطَوُّع؛ وروى أَبو عبيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر

المدينة فقال: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أَو آوى مُحْدِثاً لم يقبلِ الله

منه صَرْفاً ولا عَدْلاً؛ روي عن مكحول أَنه قال: الصَّرْف التَّوبة

والعَدْل الفِدْية؛ قال أَبو عبيد: وقوله من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً؛ الحَدَثُ

كلُّ حَدٍّ يجب لله على صاحبه أَن يقام عليه، والعَدْل القِيمة؛ يقال:

خُذْ عَدْلَه منه كذا وكذا أَي قيمتَه. ويقال لكل من لم يكن مستقيماً حَدَل،

وضِدُّه عَدَل، يقال: هذا قضاءٌ حَدْلٌ غير عَدْلٍ. وعَدَلَ عن الشيء

يَعْدِلُ عَدْلاً وعُدولاً: حاد، وعن الطريق: جار، وعَدَلَ إِليه عُدُولاً:

رجع. وما لَه مَعْدِلٌ ولا مَعْدولٌ أَي مَصْرِفٌ. وعَدَلَ الطريقُ:

مال.ويقال: أَخَذَ الرجلُ في مَعْدِل الحق ومَعْدِل الباطل أَي في طريقه

ومَذْهَبه.

ويقال: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله ومذموم مَداخِله أَي إِلى سوء

مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وقال زهير:

وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ

عليَّ، سِوى قَصْدِ الطّريق، مَعادِلُه

وفي الحديث: لا تُعْدَل سارِحتُكم أَي لا تُصْرَف ماشيتكم وتُمال عن

المَرْعى ولا تُمنَع؛ وقول أَبي خِراش:

على أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم،

تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل

أَراد ذاتَ السَّعة يُعْدَل فيها يميناً وشمالاً من سَعَتها. والعَدْل:

أَن تَعْدِل الشيءَ عن وجهه، تقول: عَدَلْت فلاناً عن طريقه وعَدَلْتُ

الدابَّةَ إِلى موضع كذا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قيل: هو يَنْعَدِل

أَي يَعْوَجُّ. وانْعَدَل عنه وعادَلَ: اعْوَجَّ؛ قال ذو الرُّمة:

وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ من نَحْوِ غَيْرِها

حَياءً، ولو طاوَعْتُه لم يُعادِل

(* قوله «واني لانحي» كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي

القاموس: وأنحاء عنه: عدله).

قال: معناه لم يَنْعَدِلْ، وقيل: معنى قوله لم يُعادِل أَي لم يَعْدِل

بنحو أَرضها أَي بقَصْدِها نحواً، قال: ولا يكون يُعادِل بمعنى

يَنْعَدِل.والعِدال: أَن يَعْرِض لك أَمْرانِ فلا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ

فأَنت تَرَوَّى في ذلك؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:

وذُو الهَمِّ تُعْدِيه صَرِيمةُ أَمْرِه،

إِذا لم تُميِّتْه الرُّقى، ويُعَادِلُ

يقول: يُعادِل بين الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّتْه: تُذَلِّله

المَشورات وقولُ الناس أَين تَذْهَب.

والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ في أَمرين، يقال: أَنا في عِدالٍ من هذا الأَمر

أَي في شكٍّ منه: أَأَمضي عليه أَم أَتركه. وقد عادلْت بين أَمرين

أَيَّهما آتي أَي مَيَّلْت؛ وقول ذي الرمة:

إِلى ابن العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ،

قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة العِدالا

قال الأَزهري: العرب تقول قَطَعْتُ العِدالَ في أَمري ومَضَبْت على

عَزْمي، وذلك إِذا مَيَّلَ بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثم استقام له الرأْيُ

فعَزَم على أَوْلاهما عنده. وفي حديث المعراج: أُتِيتُ بإِناءَيْن

فَعَدَّلْتُ بينهما؛ يقال: هو يُعَدِّل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بين

أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يريد أَنهما كانا عنده مستويَيْنِ لا يقدر على

اختيار أَحدهما ولا يترجح عنده، وهو من قولهم: عَدَل عنه يَعْدِلُ عُدولاً

إِذا مال كأَنه يميل من الواحد إِلى الآخر؛ وقال المَرَّار:

فلما أَن صَرَمْتُ، وكان أَمْري

قَوِيماً لا يَمِيلُ به العُدولُ

قال: عَدَلَ عَنِّي يَعْدِلُ عُدُولاً لا يميل به عن طريقه المَيْلُ؛

وقال الآخر:

إِذا الهَمُّ أَمْسى وهو داءٌ فأَمْضِه،

ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه

قال: معناه وأَنتَ تَشُكُّ فيه. ويقال: فلان يعادِل أَمرَه عِدالاً

ويُقَسِّمُه أَي يَميل بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قال ابن الرِّقاع:

فإِن يَكُ في مَناسِمها رَجاءٌ،

فقد لَقِيَتْ مناسِمُها العِدالا

أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ من نَداه

سِجالَ الخير؛ إِنَّ له سِجالا

والعِدالُ: أَن يقول واحدٌ فيها بقيةٌ، ويقولَ آخرُ ليس فيها بقيةٌ.

وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فلم تُصِب

واحدةً من العينين ولم تَمِلْ على واحدٍ من الخدَّين، قاله أَبو عبيدة.

وعَدَلَ الفحلَ عن الضِّراب فانْعَدَلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قال أَبو

النجم:وانْعَدلَ الفحلُ ولَمَّا يُعْدَل

وعَدَلَ الفحلُ عن الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب. وعَدَلَ بالله يَعْدِلْ:

أَشْرَك. والعادل: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بربِّه؛ ومنه قول المرأَة

للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عادِلٌ؛ قال الأَحمر: عَدَلَ الكافرُ بربِّه

عَدْلاً وعُدُولاً إِذا سَوَّى به غيرَه فعبَدَهُ؛ ومنه حديثُ ابن عباس، رضي

الله عنه: قالوا ما يُغْني عنا الإِسلامُ وقد عَدَلْنا بالله أَي

أَشْرَكْنا به وجَعَلْنا له مِثْلاً؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كَذَبَ

العادِلون بك إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.

وقولُهم للشيء إِذا يُئِسَ منه: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ؛ هو العَدْلُ

بنُ جَزْء بن سَعْدِ العَشِيرة وكان وَليَ شُرَطَ تُبَّع فكان تُبَّعٌ

إِذا أَراد قتل رجل دفَعَه إِليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَي عَدْلٍ، ثم

قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه.

وعَدَوْلى: قريةٌ بالبحرين، وقد نَفَى سيبويه فَعَولى فاحتُجَّ عليه

بعَدَوْلى فقال الفارسي: أَصلها عَدَوْلاً، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل

اسماً للبُقْعة ولم نسمع نحن في أَشعارهم عَدَوْلاً مصروفاً.

والعَدَوْلِيَّةُ في شعر طَرَفَةَ: سُفُنٌ منسوبة إِلى عَدَوْلى؛ فأَما

قول نَهْشَل بن حَرِّيّ:

فلا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كان دارهُمُ

وراءَ عَدَوْلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا

فزعم بعضهم أَنه بالهاء ضرورة، وهذا يُؤَنِّس بقول الفارسي، وأَما ابن

الأَعرابي فقال: هي موضع وذهب إِلى أَن الهاء فيها وضْعٌ، لا أَنه أَراد

عَدَوْلى، ونظيره قولهم قَهَوْباةُ للنَّصْل العريض. قال الأَصمعي:

العَدَوْلِيُّ من السُّفُن منسوب إِلى قرية بالبحرين يقال لها عَدَوْلى، قال:

والخُلُجُ سُفُنٌ دون العَدَوْلِيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي في قول

طَرَفة:عَدَوْلِيَّة أَو من سَفين ابن نَبْتَل

(* قوله «نبتل» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛

وتمامه:يجوز بها الملاح طورا ويهتدي).

قال: نسبها إِلى ضِخَم وقِدَم، يقول هي قديمة أَو ضَخْمة، وقيل:

العَدَوْليَّة نُسبَتْ إِلى موضع كان يسمى عَدَوْلاة وهي بوزن فَعَوْلاة، وذكر

عن ابن الكلبي أَنه قال: عَدَوْلى ليسوا من ربيعةَ ولا مُضر ولا ممن

يُعْرَفُ من اليمن إِنما هم أُمَّةٌ على حِدَة؛ قال الأَزهري: والقولُ في

العَدَوْليَّ ما قاله الأَصمعي. وشجر عَدَوْلِيٌّ: قديمٌ، واحدته

عَدَوْلِيَّة؛ قال أَبو حنيفة: العَدَوْليُّ القديمُ من كل شيء؛ وأَنشد

غيره:عليها عَدَوْلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه

ويروى: عَدامِيل الهَشيم يعني القديمَ أَيضاً. وفي خبر أَبي العارم:

فآخُذُ في أَرْطًى عَدَوْلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ. والعَدَوْلِيُّ: المَلاَّح. ابن

الأَعرابي: يقال لزوايا البيت المُعَدَّلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات

والأَخْصام والثَّفِنات، وروى الأَزهري عن الليث: المُعْتَدِلةُ من النوق

الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بعضها ببعض، قال: وروى شَمِر عن مُحارِب

قال: المُعْتَدِلة مِن النوق، وجَعَله رُباعيّاً من باب عَندَل، قال

الأَزهري: والصواب المعتدلة، بالتاء، وروى شمر عن أَبي عدنانَ الكناني

أَنشده:

وعَدَلَ الفحلُ، وإِن لم يُعْدَلِ،

واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ

قال: اعتدالُ ذات السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها من السِّمَن

بعدما كان مائلاً؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحرف الذي رواه شمر عن

محارب في المُعَنْدِلة غيرُ صحيح، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن الناقة

إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها من السَّنام وغيره،

ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وهو الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذكره في موضعه، لأَن

عَنْدَل رُباعيٌّ خالص.

كبر

كبر: الكَبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي

تَكَبَّر عن ظلم عباده، والكِبْرِياء عَظَمَة الله، جاءتْ على فِعْلِياء؛ قال

ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو

الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتاةِ خَلْقه،

والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف.

والكِبْرِياء: العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال

الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى، وقد تكرر ذكرهما في الحديث، وهما من

الكِبْرِ، بالكسر، وهو العظمة.

ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فهو كبير. ابن سيده: الكِبَرُ

نقيض الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار،

بالتشديد إذا أَفرط، والأُنثى بالهاء، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ. واستعمل

أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر، ويقال: علاه المَكْبَِرُ،

والاسم الكَبْرَةُ، بالفتح، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم. وقال مجاهد

في قوله تعالى: قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم؛ أَي أَعْلَمُهم

لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان

شَمْعُونَ؛ قال الكسائي في روايته: كَبيرهم يَهُوذا. وقوله تعالى: إنه لكبيركم

الذي علَّمكم السِّحْرَ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم. والصبي بالحجاز إِذا

جاء من عند مُعَلِّمه قال: جئت من عند كَبيري. واسْتَكْبَر الشيءَ: رآه

كبيراً وعَظُمَ عنده؛ عن ابن جني. والمَكْبُوراء: الكِبَارُ. ويقال: سادُوك

كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن

كابِرٍ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ. وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ: ورِثْتُه

كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز

والشرف. التهذيب: ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن

كبير. وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته. الليث: المُلوك الأَكابِرُ جماعة

الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ

أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب. وكَبَّرَ الأَمْرَ: جعله كبيراً،

واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: فلما رَأَيْنَه

أَكْبَرْنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه. وروي عن مجاهد أَنه قال: أَكبرنه

حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة؛ وأَنشد بعضهم:

نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ، ولا

نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْباراً

قال أَبو منصور: وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها

مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ

إِلى حد الكِبَر، فقيل لها: أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر

المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي. وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: سأَلت

رجلاً من طَيِّء فقلت: يا أَخا طيء، أَلك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوّجت وقد

وُعِدْتُ في ابنة عم لي، قلت: وما سِنُّها؟ قال: قد أَكْبَرَتْ أَو

كَبِرَت، قلت: ما أَكْبَرَتْ؟ قال: حاضت. قال أَبو منصور: فلغة الطائي تصحح

أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى

أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ

جَمالُه فأَعظمنه. وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فلما

رأَينه أَكبرنه، قال: حِضْنَ؛ قال أَبو منصور: فإِن صحت الرواية عن ابن عباس

سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية، والله

أَعلم بما أَراد. واسْتِكْبارُ الكفار: أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ؛

ومنه قوله: إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون؛ وهذا

هو الكِبْرُ الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن من كان في قلبه

مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة، قال: يعني به الشرك، والله أَعلم،

لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه. والاستكبار:

الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً. ابن بُزُرْجٍ: يقال هذه الجارية من

كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته، يريدون من صِغارِ بناته، ويقولون

من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان، فأَما قولهم: الله

أَكبر، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من

كل شيء، كما تقول: أَنت أَفضلُ، تريد: من غيرك.

وكَبَّرَ: قال: الله أَكبر. والتكبير: التعظيم. وفي حديث الأَذان: الله

أَكبر. التهذيب: وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه

قولان: أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى: وهو

أَهْوَنُ عليه؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس:

لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ

معناه إِني وَجِل، والقول الآخر ان فيه ضميراً، المعنى الله أَكْبَرُ

كَبيرٍ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز؛ قال الفرزدق:

إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا

بيتاً، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ

أَي عزيزة طويلة، وقيل: معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم، فحذف

لوضوح معناه، وأَكبر خبر، والأَخبار لا ينكر حذفها، وقيل: معناه الله أَكبر

من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن

أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر

القَوْمِ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف، فإِذا وُصِلَ

بكلام ضُمَّ. وفي الحديث: كان إِذا افتتح الصلاة قال: الله أَكبر

كبيراً، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه قال أُكَبِّرُ كَبيراً، وقيل: هو منصوب

على القطع من اسم الله. وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن

أَبيه: أَنه رأَى النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي قال: فكَبَّرَ وقال:

الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، ثم ذكر الحديث بطوله؛ قال أَبو منصور: نصب

كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ

اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً، يدل على ذلك ما روي عن الحسن: أَن نبي

الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل قال: لا إِله

إِلا الله، الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً

فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وقوله: الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ

الله حَمْداً كثيراً.

والكِبَرُ: في السن؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً

ومَكْبِراً، بكسر الباء، فهو كبير: طعن في السن؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة

ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ. والكِبَرُ: مصدر

الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب. ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي

قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ ومنه قوله:

سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها،

بِيَثْرِبَ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ

ابن سيده: ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده: علته

كَبْرَةٌ. وحكى ابن الأَعرابي: ما كَبَرَني

(* قوله« ما كبرني إلخ» بابه نصر

كما في القاموس.) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك. الكسائي: هو

عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم. وفي

الصحاح: كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم، يستوي فيه الواحد والجمع،

والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل: هو

أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه، بوزن إِفْعِلَّة، والمرأَة في ذلك كالرجل.

قال أَبو منصور: معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه

أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه، وأَنه للمذكر

والمؤنث سواء، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر

كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر، فافهم. وروى الإِيادي عن شمر قال: هذا كبْرَة

ولد أَبويه للذكر والأُنثى، وهو آخر ولد الرجل، ثم قال: كِبْرَة ولد أَبيه

بمعنى عِجْزة. وفي المؤلف للكسائي: فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم،

وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه، قال الأَزهري: ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه

عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى. أَبو زيد: يقال هو

صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وفلان كِبْرَةُ القوم

وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصحاح: وقولهم هو كُبْرُ

قومه، بالضم، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب. وفي الحديث: الوَلاءُ للكُبْرِ،

وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن.

وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن

يموت عن ابنين فيرثان الولاء، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون

نصيب أَبيهما من الولاء، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر. يقال: فلان

كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب، وهو أَن ينتسب إِلى جده

الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته. وفي حديث العباس: إِنه كان

كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته. وفي حديث

القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا

الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ، ويروى: كَبِّر

الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر. وفي الحديث: أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث

فقال: ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى

الجد الأَعلى. وفي حديث الدفن: ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي

الأَفضل، فإِن استووا فالأَسن. وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة: فلما أَبرَزَ

عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه، والكُبْرُ

ههنا: جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر. وفلان إِكْبِرَّة قومه، بالكسر

والراء مشددة، أَي كُبْرُ قومه، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. ابن

سيده: وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور، ومنه قولهم: الولاء

للكُبْر. وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري: ويقال فلان كُبُرُّ

ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه، الراء مشددة، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه.

وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بالنسب، والمرأَة في ذلك كالرجل،

وقال كراع: لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ.

وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً: عَظُمَ. وكلُّ ما جَسُمَ، فقد

كَبُرَ. وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما

يَكْبُر في صدوركم؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم

وأُبْلِيكم. وقوله عز وجل: وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى

اللهُ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ

فَعْلَة كبيرة؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين، فأَما من أَخلص فليست

بكبيرة عليه. التهذيب: إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت: كَبُرَ يَكْبُرُ

كِبَراً، كما لو قلت: عَظُمَ يَعظُم عِظَماً. وتقول: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر

كَبارَةً. وكُِبْرُ الشيء أَيضاً: معظمه. ابن سيده: والكِبْرُ معظم الشيء،

بالكسر، وقوله تعالى: والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم؛ قال ثعلب:

يعني معظم الإِفك؛ قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها

حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول: فلان

تولى عُظْمَ الأَمر، يريدون أَكثره؛ وقال ابن اليزيدي: أَظنها لغة؛ قال

أَبو منصور: قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره. ابن

السكيت: كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه، بالكسر؛ وأَنشد قول قَيْسِ بن

الخَطِيمِ:تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها، فإِذا

قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ تَنْغَرِفُ

وورد ذلك في حديث الإِفك: وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه، وقيل:

الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة. وفي الحديث أَيضاً:

إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها. ومن أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ الناس في

المال. قال: والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بالضم،

فهو أَكْبَرُ ولد الرجل. ابن سيده: والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله

عليه النار. والكِبْرَةُ: كالكِبْرِ، التأْنيث على المبالغة.

وفي التنزيل العزيز: الذين يَجْتَنِبُون كبائرَ الإِثم والفَواحشَ.وفي

الأَحاديث ذكر الكبائر في غير موضع، واحدتها كبيرة، وهي الفَعْلةُ

القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً، العظيم أَمرها كالقتل والزنا

والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة. وفي الحديث عن ابن عباس:

أَن رجلاً سأَله عن الكبائر: أَسَبْعٌ هي ففقال: هي من السبعمائة أَقْرَبُ

إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار. وروى مَسْرُوقٌ قال:

سُئِلَ عبد الله عن الكبائر فقال: ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس

الثلثين.

ويقال: رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قال الله عز وجل: ومَكَرُوا

مَكْراً كُبَّاراً. وقوله في الحديث في عذاب القبر: إِنهما ليعذبان وما

يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه،

لا أَنه في نفسه غير كبير، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي

الحديث: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر؛ قال ابن

الأَثير: يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى: إِن الذين يستكبرون عن عبادتي

سيدخلون جهنم داخرين؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال: ولا

يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان؛ أَراد دخول تأْبيد؛

وقيل: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى: ونزعنا

ما في صدورهم من غِلٍّ؛ ومنه الحديث: ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ؛

هذا على الحذف، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ

كِبْرُ من بَطِر، كقوله تعالى: ولكنَّ البِرَّ من اتقى. وفي الحديث: أَعُوذ

بك من سُوءِ الكِبر؛ يروى بسكون الباء وفتحها، فالسكون من هذا المعنى،

والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ. والكِبْرُ: الرفعة في الشرف. ابن

الأَنباري: الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى: وتكون لكما الكبرياء في الأَرض؛ أَي

الملك. ابن سيده: الكِبْر، بالكسر، والكبرياء العظمة والتجبر؛ قال كراع:

ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي

بين الصَّبا والجَنُوب، قال: فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية. وقد

تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ: من الكِبْر، وتَكابَر: من

السِّنّ. والتكَبُّر والاستِكبار: التَّعظّم. وقوله تعالى: سأَصْرِفُ عن

آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق؛ قال الزجاج: أَي أَجْعَلُ

جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي؛ قال: ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ

أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون

إِلا لله خاصة لأَن الله، سبحانه وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي

ليس لأَحد مثله، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر، وليس لأَحد

أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله

المتكبر، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه

صفتهم؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير

الحق: من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق.

وقوله تعالى: لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس؛ أَي أَعجب.

أَبو عمرو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ. والإِكْبِرُ

والأَكْبَرُ: شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس

بشديد الحلاوة ولا عذب، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع.

والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ، وجمع الأَكْبَرِ

الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قال: ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة

خاصة مثل الأَحمر والأَسود، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر، لا تقول

هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام. وفي الحديث:

يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ، قيل: هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإِنما سمي

الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر. وفي حديث أَبي هريرة:

سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في: إِذا السماءُ انشَقَّتْ؛ أَراد الشيخين أَبا

بكر وعمر. وفي حديث مازِنٍ: بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر،

جمع الكبرى؛ ومنه قوله تعالى: إِنها لإِحدى الكُبَرِ، وفي الكلام مضاف

محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ. وقوله في الحديث: لا تُكابِرُوا

الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا

في التسبيح بعد التسليم، وقيل: لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها

ولتكن الصلاة زائدة عليه. شمر: يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ

النهار أَي حين ارتفع النهار، قال الأَعشى:

ساعةً أَكْبَرَ النهارُ، كما شدَّ

مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما

يقول: قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ

إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ. وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وهو

كناية.

والكِبْرِيتُ: معروف، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر، إِنما هو

كقولهم: أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ. ويقال: ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص؛ قال

رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة:

هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ،

أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ؟

والكَبَرُ: الأَصَفُ، فارسي معرب. والكَبَرُ: نبات له شوك. والكَبَرُ:

طبل له وجه واحد. وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان: أَنه أَخَذَ

عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً؛ رواه شمر في كتابه قال: الكبر بفتحتين

الطبلُ فيما بَلَغَنا، وقيل: هو الطبل ذو الرأْسين، وقيل: الطبل الذي له

وجه واحد. وفي حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلق على الحائط، فقال: إِن كان

في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير، وفي رواية: إِن كان في قَصَبَةٍ،

وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ.

والأَكابِرُ: إَحياء من بكر بن وائل، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني

تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم

وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم، فقال بَدْرٌ

في ذلك:

وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ

بتِعشارَ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ

والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قال المَرَّارُ:

ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها،

ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ

وذُو كِبار: رجل. وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: من بلاد بني أَسد؛ قال

المَرَّارُ الفَقْعَسيّ:

فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا،

ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ

فهم

فهم: الفَهْمُ: معرفتك الشيء بالقلب. فَهِمَه فَهْماً وفَهَماً وفَهامة:

عَلِمَه؛ الأخيرة عن سيبويه. وفَهِمْت الشيء: عَقَلتُه وعرَفْته.

وفَهَّمْت فلاناً وأَفْهَمْته، وتَفَهَّم الكلام: فَهِمه شيئاً بعد شيء. ورجل

فَهِمٌ: سريع الفَهْم، ويقال: فَهْمٌ وفَهَمٌ. وأَفْهَمه الأَمرَ وفَهَّمه

إياه: جعله يَفْهَمُه. واسْتَفْهَمه: سأَله أن يُفَهِّمَه. وقد

اسْتعفْهَمَني الشيءَ فأَفْهَمْته وفَهَّمْته تفهيماً.

وفَهْم: قبيلة أبو حي، وهو فَهْم بن عَمرو بن قَيْسِ ابن عَيْلان.

عقرب

عقرب: العَقْرَبُ: واحدةُ العَقارِب من الـهَوامِّ، يكونُ للذكر

والأُنثى بلفظ واحد، والغالبُ عليه التأْنيث، وقد يقال للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ، ممدود غير مصروف. والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ: الذَّكَرُ منها؛ قال ابن جني: لَكَ فيه أَمْران: إِن شئتَ قلتَ إِنه لا اعْتِدادَ بالأَلف والنون فيه، فيَبْقَى حينئذ كأَنه عُقْرُبٌّ، بمنزلة قُسْقُبٍّ، وقُسْحُبٍّ، وطُرْطُبٍّ، وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هذا، وذلك أَنه قد جَرَتِ الأَلفُ والنونُ، من حيثُ ذكرنا في كثير من كلامهم، مُجْرَى ما ليس موجوداً على ما بَيَّنا، وإِذا كان كذلك، كانت الباءُ لذلك كأَنها حرفُ إِعراب، وحرفُ الإِعراب قد يَلحقُه التثقيل في الوقف، نحو: هذا خالدّ، وهو يَجْعَلّ؛ ثم إِنه قد يُطْلَقُ ويُقَرُّ تثقيله عليه، نحو: الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ. فَكَأَنَّ عُقْرُباناً لذلك عُقْرُبٌ، ثم لحقها التثقيل لتصَوُّرِ معنى الوقف عليها، عند اعتقاد حذف الأَلف والنون من بعدها، فصارت كأَنها عُقْرُبٌّ، ثم لحقت الأَلف والنون، فبقي على تثقيله، كما بقي الأَضْخَمّا عند انطلاقه على تثقيله، إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ، فقيل عُقْرُبَّانٌ؛ قال الأَزهري: ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ، مُخَفَّف الباء. وأَرض مُعَقْرِبة، بكسر الراءِ: ذاتُ عَقارِبَ؛ وكذلك مُثَعْلِـبَةٌ: ذاتُ ثَعالِبَ؛ وكذلك مُضَفْدِعة، ومُطَحْلِـبة. ومكانٌ مُعَقْرِبٌ، بكسر الراء: ذو عَقارِبَ. وبعضهم يقول: أَرضٌ مَعْقَرة، كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف، ثم بَنى عليه. وعَيْشٌ ذو عَقارِبَ إِذا لم يكن سهلاً، وقيل: فيه شَرٌّ وخُشُونة؛ قال الأَعْلم:

حتى إِذا فَقَدَ الصَّبُو * حَ يقولُ: عيْشٌ ذو عَقارِبْ

والعَقارِبُ: الـمِنَنُ. على التشبيه؛ قال النابغة:

عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ، بعد نِعْمة * لوالِدِه، ليست بذاتِ عَقارِبِ

أَي هَنِـيئة غيرُ ممْنُونةٍ.

والعُقْرُبَّانُ: دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ، وهي هذه الطويلة الصَّفْراء، الكثيرة القوائم؛ قال الأَزهري: هو دَخَّالُ الأُذُنِ؛ وفي الصحاح: هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ، وليس ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ؛ قال إِياسُ

بنُ الأَرَتِّ:

كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ، إِذ غَدَتْ، * عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان

ومَرْعَى: اسم امِّهم، ويُرْوى إِذ بَدَتْ. رَوَى

ابن بري عن أَبي حاتم قال: ليس العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ، إِنما هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ، وليس ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ. ويَكُومُها: يَنكِحُها. والعَقارِبُ: النَّمائمُ، ودَبَّتْ عَقارِبُه، منه على الـمَثَل؛ ويُقالُ للرجل الذي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ: إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه؛ قال ذو الإِصبَعِ العَدوانيُّ:

تَسرِي عَقارِبه إِلَـ * ـيَّ، ولا تَدِبُّ له عَقارِبْ

أراد: ولا تَدِبُّ له مِني عَقَاربي.

وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ، بفتح الراءِ، أَي معطوف. وشيءٌ مُعَقْرَبٌ:

مُعوَجٌّ. وعَقَارِبُ الشِّتاءِ: شدائدُه. وأَفرده ابن بري في أَماليه، فقال: عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه، وشِدَّةُ بَرْدِهِ. والعَقْرَبُ: بُرْجٌ من

بُرُوجِ السماءِ؛ قال الأَزهري: وله من المنازل الشَّوْلةُ، والقَلْب،

والزُّبانى. وفيه يقول ساجعُ العرب: إِذا طَلَعت العَقرَب، حَمِسَ الـمِذْنَب، وقُرَّ الأَشْيَب، وماتَ الجُنْدَب؛ هكذا قاله الأَزهري في ترتيب المنازل، وهذا عجيب.

والعَقرَبُ: سَيرٌ مَضفُور في طَرَفِه إِبزيمٌ، يُشَدُّ به ثَفَرُ الدابةِ في السَّرْجِ.

والعَقربة: حديدة نحو الكُلاَّبِ، تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل. وعَقرَبُ النَّعل: سَيرٌ من سُيُوره. وعَقرَبةُ النَّعلِ: عَقدُ الشِّراكِ.والـمُعَقرَبُ: الشديدُ الخَلْقِ الـمُجتَمِعُه. وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ: مُلَزَّزٌ، مُجتَمِـع، شديد؛ قال العجاج:

عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقرَبا

والعَقرَبة: الأَمَة العاقِلةُ الخَدُومُ. وعَقرَباءُ: موضع.

وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ: اسم رجل من تُجَّار المدينة مشهورٌ

بالـمَطْلِ؛ يُقال في المثل: هو أَمْطَلُ من عَقرَبٍ، وأَتجر من عَقربٍ؛ حكى ذلك الزبيرُ بن بَكَّار، وذكر أَنه عامَلَ الفَضْلَ بن عباس بن عُتْبة بن أَبي لَـهَب، وكان الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً، وَذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زماناً، فلم يُعْطِهِ شيئاً؛ فقال فيه:

قد تَجِرَتْ في سُوقِنا عَقرَبٌ، * لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ

كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِـلا، * وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَه

إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لها، * وكانَتِ النَّعْلُ لها حاضِرَه

كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه في اسْتِه، * فغَيْر مَخْشِـيٍّ ولا ضائرَه

طمح

طمح: طَمَحَت المرأَة تَطْمَحُ طِماحاً، وهي طامحٌ: نَشَزَت ببعلها.

والطِّماحُ مثل الجِماحِ. وطَمَحَت المرأَة مثل جَمَحَتْ، فهي طامح، أَي

تَطْمَح إِلى الرجال. في حديث قَيْلَةَ: كنت إِذا رأَيت رجلاً ذا قِشْرٍ

طَمَحَ بصري إِليه أَي امتدَّ وعلا. وفي الحديث: فَخَرَّ إِلى الأَرض

فَطَمَحَت عيناه

(* قوله «فطمحت عيناه» زاد في النهاية إلى السماء.). الأَزهري

عن أَبي عمرو الشَّيباني: الطامحُ من النساء التي تُبْغِضُ زوجَها وتنظر

إِلى غيره؛ وأَنشد:

بَغَى الوُدَّ من مَطْروفةِ العينِ طامِح

قال: وطَمَحَت بعينها إِذا رمت ببصرها إِلى الرجل، وإِذا رفعت بصرها

يقال: طَمَحَت. وامرأَة طَمَّاحة: تَكُرُّ بنظرها يميناً وشمالاً إِلى غير

زوجها.

وطَمَحَ ببصره يَطْمَحُ طَمْحاً: شَخَصَ، وقيل: رمى به إِلى الشيء.

وأَطْمَحَ فلانٌ بصره: رفعه. ورجل طَمّاح: بعيد الطرف، وقيل: شَرِهٌ.

وطَمَحَ بَصَرُه إِلى الشيء: ارتفع.

وفرس طامِح الطَّرْفِ طامِحُ البَصر، وطَمُوحه مرتفعه؛ يقال: فرس فيه

طِماحٌ؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوادٍ:

طويلٌ طامِحُ الطَّرْفِ،

إِلى مِقْرَعةِ الطلبِ

وطَمَحَ الفرسُ يَطْمَحُ طِماحاً وطُمُوحاً: رفع يديه؛ الأَزهري: يقال

للفرس إِذا رفع يديه قد طَمَّحَ تَطْميحاً.

وكل مرتفع مُفْرِط في تَكَبُّر: طامحٌ، وذلك لارتفاعه.

والطَّماحُ: الكِبْرُ والفخرُ لارتفاع صاحبه.

وبَحْر طَمُوح الموج: مرتفعه. وبئر طَمُوح الماء: مرتفعةُ الجُمَّة، وهو

ما اجتمع من مائها؛ أَنشد ثعلب في صفة بئر:

عادِيَّة الجُولِ طَمُوح الجَمِّ،

جِيبَتْ بجَوْفِ حَجَرٍ هِرْشَمِّ،

تُبْذَلُ للجارِ ولابن العَمِّ،

إِذا الشَّرِيبُ كان كالأَصَمِّ،

وعَقَدَ اللِّمَّةَ كالأَجَمِّ

وطَمَّح بَوْلَه: باله في الهواء. وطَمَّحَ ببوله وبالشيء: رمى به في

الهواء؛ الأَزهري: إِذا رميت بشيء في الهواء قلت طَمَّحْتُ به تَطْميحاً.

وطَمَح به: ذَهَب به؛ قال ابن مقبل:

قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ، رَفيعٌ قَذالُه،

يَظَلُّ بِبَزِّ الكَهْلِ والكَهْلِ يَطْمَحُ

قال: يَطْمَحُ أَي يجري ويذهب بالكهل وبَزِّه. وطَمَح الرجلُ في

السَّوْم إِذا استام بسِلْعَته وتباعد عن الحق؛ عن اللحياني. وطَمَح أَي

أَبْعَدَ في الطلب. وطَمَحاتُ الدهر: شدائده؛ قال الأَزهري: وربما خفف؛ قال

الشاعر:

باتت هُمومي في الصَّدْرِ تَخْطاها

طَمْحاتُ دَهْرٍ، ما كنتُ أَدراها

سكن الميم ضرورة؛ قال الأَزهري: ما ههنا صلة. وبنو الطَّمَحِ: بُطَيْنٌ.

والطَّمَّاحُ: من أَسماء العرب. والطَّمّاحُ: اسم رجل من بني أَسد بعثوه

إِلى قَيْصَرَ فَمَحَلَ بامرئ القيس حتى سُمَّ؛ قال الكُمَيْتُ:

ونحن طَمَحْنا لامرئ القَيْسِ، بَعْدَما

رَجا المُلْكَ بالطَّمّاحِ، نَكْباً على نَكْبِ

وأَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ: اسم شاعر.

قرد

قرد: القَرَدُ، بالتحريك: ما تَمَعَّطَ من الوَبَرِ والصوفِ وتَلَبَّدَ،

وقيل: هو نُفايَةُ الصوف خاصَّةً ثم استعمل فيما سواه من الوبر والشعر

والكَتَّان، قال الفرزدق:

أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نَهاراً،

من المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ

يعني بالأُسَيِّدِ هنا سُوَيْداءَ، وقال من المُتَلَقِّطي قَرَدَ

القُمامِ لِيثْبِتَ أَنها امرأَة لأَنه لا يَتَتَبَّعُ قَرَدَ القُمامِ إِلا

النساء، وهذا البيتُ مُضَمَّنٌ لأَن قوله أُسَيِّدٌ فاعل بما قبله، أَلا

ترى أَن قبله:

سَيَأَتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي،

ويُدْخِلُ رأْسَهُ تحتَ القِرامِ

أُسَيِّدُ . . . . . . . . .

قال ابن سيده: وذلك أَنه لو قال أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نهاراً ولم

يتبعه ما بعده لظن رجلاً فكان ذلك عاراً بالفرزدق وبالنساء، أَعني أَن

يُدْخِلَ رأْسَه تحتَ القِرامِ أَسودُ فانتفى من هذا وبَرّأَ النساء منه بأَن

قال من المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ، واحدته قَرَدَة. وفي المثل:

عَكَرَتْ على الغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فلم تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً؛ وأَصله أَن

تترك المرأَة الغزل وهي تجد ما تَغْزِلُ من قطن أَو كتان أَو غيرهما حتى

إِذا فاتها تتبعت القَرَدَ في القُماماتِ مُلْتَقِطَةً، وعَكَرَتْ أَي

عَطَفَتْ.

وقَرِدَ الشعرُ والصوف، بالكسر، يَقْرَدُ قَرَداً فهو قَرِدٌ،

وتَقَرَّدَ: تَجَعَّدَ وانعَقَدَتْ أَطرافُه. وتَقَرَّدَ الشعرُ: تَجَمَّعَ.

وقَرِدَ الأَدِيمُ: حَلِمَ. والقَرِدُ من السحاب: الذي تراه في وجهِهِ شِبْهُ

انعقادٍ في الوهمِ يُشَبَّه بالشَّعَرِ القَرِدِ الذي انعَقَدَتْ

أَطرافه. ابن سيده: والقَرِدُ من السحاب المتَعَقِّدُ المُتَلَبِّدُ بعضُه على

بعض شبه بالوبَرِ القَرِدِ. قال أَبو حنيفة: إِذا رأَيتَ السحابَ

مُلتَبِداً ولم يَملاسَّ فهو القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ. وسحابٌ قَرِدٌ: وهو

المتقطع في أَقطار السماء يركب بعضه بعضاً.

وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ذُرِّي الدَّقيقَ وأَنا أُحَرِّكُ لكِ لئلا

يَتَقَرَّد أَي لئلا يَرْكَبَ بَعضُهُ بعضاً؛ وفيه: أَنه صلى إِلى

بعِيرٍ من المَغْنَمِ فلما انفتل تناول قَرَدَةً من وبرِ البعير أَي قِطْعَةً

مما يُنْسَلُ منه. والمُتَقَرِّدُ: هَناتٌ صغارٌ تكون دون السحاب لم

تلتئم بعد. وفرس قَرِدُ الخَصِيلِ إِذا لم يكن مُسْتَرْخِياً، وأَنشد:

قَرِد الخَصِيلِ وفي العِظامِ بَقِيَّةٌ

والقُرادُ: معروف واحد القِرْدانِ. والقُرادُ: دُوَيبَّةٌ تَعَضُّ

الإِبل؛ قال:

لقدْ تَعَلَّلْتُ على أَيانِقِ

صُهْبٍ، قَلِيلاتِ القُرادِ اللاَّزِقِ

عنى بالقُراد ههنا الجنس فلذلك أَفرد نعتها وذكَّرَه. ومعنى قَلِيلات:

أَنَّ جُلودَها مُلْسٌ لا يَثْبُتُ عليها قُرادٌ إِلا زَلِقَ لأَنها

سِمانٌ ممتلئة، والجمع أَقْردَة وقِرْدانٌ كثيرة؛ وقول جرير:

وأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرَزْدَقِ ناخِساً،

وفُرْدُ اسْتِها بَعْدَ المنامِ يُثِيرُها

قُرْد فيه: مخفف من قُرُدٍ؛ جَمَعَ قُراداً جَمْعَ مِثالٍ وقَذالٍ

لاستواء بنائه مع بنائهما. وبعيرٌ قَرِدٌ: كثير القِرْدانِ؛ فأَما قول مبشر بن

هذيل ابن زافر

(* قوله «زافر» كذا في الأَصل بدون هاء تأنيث.) الفزاري:

أَرسَلْتُ فيها قَرِداً لُكالِكَا

قال ابن سيده: عندي أَن القَرِدَ ههنا الكثيرُ القِرْدانِ. قال: وأَما

ثعلب فقال: هو المتجمع الشعر، والقولان متقاربان لأَنه إِذا تجمع وبره

كثرت فيه القِرْدانُ. وقَرَّده: انتزع قِرْدانَه وهذا فيه معنى السلب، وتقول

منه: قَرِّدْ بعيركَ أَي انْزِعْ منه القِرْدان. وقَرَّده: ذلَّله وهو

من ذلك لأَنه إِذا قُرِّدَ سكَنَ لذلك وذَلَّ، والتقريدُ: الخِداعُ مشتق

من ذلك لأَن الرجل إِذا أَراد أَن يأْخذ البعير الصعب قَرَّده أَولاً

كأَنه يَنْزعُ قِرْدانه؛ قال الحصين بن القعقاع:

هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ فِيهِمُ،

وهم يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا

قال ابن الأَعرابي: يقول لا يَسْتَنْبِذُ إِليهم

(* قوله «لا يستنبذ

اليهم» كذا بالأصل بدون ضبط ولعل الاظهر لا يستذلهم) أَحد؛ وقال

الحطيئة:لَعَمْرُكَ ما قُرادُ بَني كُلَيْبٍ،

إِذا نُزِعَ القُرادُ، بِمُسْتَطاع

ونسبه الأَزهري للأَخطل.

والقَرُودُ من الإِبل: الذي لا يَنْفِرُ عند التَّقْرِيد. وقُرادا

الثَّدْيَيْنِ: حَلَمتاهما؛ قال عدي بن الرقاع يمدح عمر بن هبيرة وقيل هو

لِمِلْحَةَ الجَرْمي:

كأَنَّ قُرادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُما،

بِطِينٍ منَ الجَوْلانِ، كُتَّابُ أَعْجَمِ

إِذا شِئتَ أَن تَلْقى فَتى الباسِ والنَّدى،

وذا الحَسَبِ الزاكي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ

فَكُنْ عُمَراً تَأْتي، ولا تَعْدوَنَّه

إِلى غيرِه، واسْتَخْبرِ الناسَ وافْهَمِ

وأُم القِرْدانِ: الموضع بلين الثُّنَّة والحافر وأَنشد بيت مِلْحَةَ

الجرمي أَيضاً وقال: عنى به حَلَمَتي الثَّدْيِ. ويقال للرجل: إِنه لحسن

قُرادَيِ الصدرِ، وأَنشد الأَزهري هذا البيت ونسبه لابن ميادة يمدح بعض

الخلفاء وقال في آخره: كتاب أَعجما؛ قال أَبو الهيثم: القرادان من الرجل

أَسفل الثُّنْدُوَة. يقال: إِنهما منه لطيفان كأَنهما في صدره أَثر طين خاتم

ختمه بعض كتَّاب العجم، وخصهم لأَنهم كانوا أَهل دَواوِينَ وكتابة.

وأُمُّ القِرْدانِ في فِرْسِن البعير: بين السُّلاميَاتِ؛ وقيل في تفسير

قُرادِ الزَّوْرِ الحَلَمةُ وما حولها من الجلد المخالف للون الحَلَمة.

وقُرادا الفرس: حلمتان عن جانِبَيْ إِحْلِيلِه.

ويقال: فلان يُقَرِّدُ فلاناً إِذا خادعه متلطفاً؛ وأَصله الرجل يجيء

إِلى الإِبل ليلاً ليركب منها بعيراً فيخاف أَن يرغو فَيَنْزِعُ منه

القُراد حتى يستأْنس إِليه ثم يَخْطِمُه، وإِنما قيل لمن يَذِلُّ قد أُقْرِدَ

لأَنه شبه بالبعير يُقَرَّدُ أَي ينزع منه القراد فَيَقْرَدُ لخاطمه ولا

يستصعب عليه.

وفي حديث ابن عباس: لم ير بِتَقْريدِ المحرمِ البعيرَ بَأْساً؛ التقريدُ

نزع القِرْدانِ من البعير، وهو الطَّبُّوعُ الذي يَلْصَقُ بجسمه. وفي

حديثه الآخر: قال لعكرمة، وهو محرم: قم فَقَرِّدْ هذا البعير، فقال: إِني

محرم، فقال: قم فانحره فنحره، فقال: كم نراك الآن قتلت من قُرادٍ

وحَمْنانة؟ ابن الأَعرابي: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذَلاًّ وأَخْرَدَ إِذا سكت

حياء. وفي الحديث: إِيَّاكُمْ والإِقْرادَ، قالوا: يا رسول الله، وما

الإِقرادُ؟ قال: الرجل يكون منكم أَميراً أَو عاملاً فيأْتيه المِسْكينُ

والأَرملة فيقول لهم: مكانَكم، ويأْتيه

(* قوله «مكانكم ويأتيه» كذا بالأصل

وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه...) الشريفُ والغني

فيدنيه ويقول: عجلوا قضاء حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُقْرِدين. يقال:

أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذلاًّ، وأَصله أَن يقع الغُرابُ على البعير

فَيَلْتَقِطَ القِرْدانَ فَيَقِرَّ ويسكن لما يجده من الراحة. وفي حديث عائشة، رضي

الله عنها: كان لنا وحْشٌ فإِذا خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم،

أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَقرَدَ أَي سكَنَ وذَلَّ.

وأَقْرَدَ الرجلُ وقَرِدَ: ذَلَّ وخَضَع، وقيل: سكت عن عِيٍّ. وأَقرَدَ أَي

سَكَنَ وتمَاوَت؛ وأَنشد الأَحمر:

تقولُ إِذا اقْلَوْلى عليها وأَقْرَدَتْ

أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟

قال ابن بري: البيت للفرزدق يذكر امرأَة إِذا علاها الفحل أَقرَدَتْ

وسكنت وطلبت منه أَن يكون فعله دائماً متصلاً. والقَرَدُ: لَجْلَجَة في

اللسان؛ عن الهَجَريّ، وحكي: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لولا قَرَدٌ في لسانك،

وهو من هذا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يسكت عن بعض ما يُريدُ الكلامَ

به. أَبو سعيد: القِرْديدَةُ صُلْبُ الكلام. وحكي عن أَعرابي أَنه قال:

اسْتَوْقَحَ الكلامُ فلم يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً منه فركِبْتُه ولم أَزُغْ

عنه يميناً ولا شمالاً. وقرِدَت أَسنانُه قَرَداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ

بالدُّرْدُر. وقَرِدَ العِلْكُ قَرَداً: فَسَد طعمُه.

والقِرْد: معروف. والجمع أَقرادٌ وأَقْرُد وقُرودٌ وقِرَدَةٌ كثيرة. قال

ابن جني في قوله عز وجل: كونوا قِرَدَةً خاسئين: ينبغي أَن يكون خاسئين

خبراً آخر لكونوا والأَوَّلُ قِرَدَةً، فهو كقولك هذا حُلْو حامض، وإِن

جعلته وصفاً لقِرَدَة صَغُرَ معناه، أَلا ترى أَن القِرْد لذُّلِّه

وصَغارِه خاسئ أَبداً، فيكون إِذاً صفة غير مُفيدَة، وإِذا جعلت خاسئين خبراً

ثانياً حسن وأَفاد حتى كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين، أَلا ترى أَن

لأَحد الاسمين من الاختصاص بالخبرية ما لصاحبه وليست كذلك الصفة بعد

الموصوف، إِنما اختصاص العامل بالموصوف ثم الصفةُ بعد تابعة له. قال: ولست

أَعني بقولي كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين أَن العامل في خاسئين عامل

ثان غير الأَوّل، معاذ الله أَن أُريد ذلك إِنما هذا شيء يُقَدَّر مع

البدل، فأَما في الخبرين فإِن العامل فيهما جميعاً واحد. ولو كان هناك

عامل لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد. ولو كان هناك عامل لما كانا خبرين

لمخبر عنه واحد، وإِنما مفاد الخبر من مجموعهما؛ قال: ولهذا كان عند أَبي علي

أَن العائد على المبتدإِ من مجموعهما وإِنما أُريد أَنك متى شئت باشرت

كونوا أَي الاسمين آثَرْتَ وليس كذلك الصفة، ويُو نِسُ لذلك أَنه لو كانت

خاسئين صفة لقردة لكان الأَخلقُ أَن يكون قردة خاسئة، فأَنْ لم يُقْرأْ

بذلك البتةَ دلالةٌ على أَنه ليس بوصف وإِن كان قد يجوز أَن يكون خاسئين

صفة لقردة على المعنى، إِذ كان المعنى إِنما هي هم في المعنى إِلا أَن هذا

إِنما هو جائز، وليس بالوجه بل الوجه أَن يكون وصفاً لو كان على اللفظ

فكيف وقد سبق ضعف الصفة هنا؟ والأُنثى قِرْدَة والجمع قِرَدٌ مثل قِرْبَةٍ

وقِرَبٍ.

والقَرَّادُ: سائِسُ القُرُودِ. وفي المثل: إِنه لأَزْنى من قِرْدٍ؛ قال

أَبو عبيد: هو رجل من هذيل يقال له قِرْدُ بن معاوية.

وقَرَدَ لعياله قَرْداً: جَمَعَ وكسَبَ. وقَرَدْتُ السَّمْنَ، بالفتح،

في السِّقاءِ أَقْرِدُه قَرْداً: جمعته. وقَرَدَ في السقاءِ قَرْداً:

جَمَعَ السمْنَ فيه أَو اللَّبن كَقَلَدَ؛ وقال شمر: لا أَعرفه ولم أَسمعه

إِلا لأَبي عبيد. وسمع ابن الأَعرابي: قَلَدْتُ في السقاء وقَرَيْتُ فيه؛

والقَلْدُ: جَمْعُك الشيء على الشيء من لبَن وغيره. ويقال: جاء بالحديث

على قَرْدَدِه وعلى قَنَنِهِ وعلى سَمْتِهِ إِذا جاء به على وجهه.

والتِّقْرِدُ الكَرَوْيا، وقيل: هي جمع الأَبزار، واحدتها تِقْرِدَة.

والقَرْدَدُ من الأَرض: قُرْنَةٌ إِلى جنب وَهْدة؛ وأَنشد:

متى ما تَزُرْنا، آخِرَ الدَّهْرِ، تَلْقَنا

بِقَرْقَرَةٍ مَلْساءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ

الأَصمعي: القَرْدَدُ نحو القُفِّ. ابن شميل القُرْدودة ما أَشرَف منها

وغلُظَ وقلما تكون القراديدُ إِلا في بسطة من الأَرض وفيما اتسع منها،

فتَرى لها متناً مشرفاً عليها غليظاً لا يُنْبِتُ إِلا قليلاً؛ قال: ويكون

ظهرها سعته دعوة

(* قوله «سعته دعوة» كذا بالأصل ولعله غلوة.) وبُعْدُها

في الأَرض عُقْبَتَيْن وأَكثر وأَقل، وكل شيء منها حدَبٌ ظهرُها

وأَسنادها. وقال شمر: القُرْدُودة طريقة منقادة كقُرْدُودةِ الظهر.

والقَرْدَدُ: ما ارتفع من الأَرض، وقيل: وغلُظَ، قال سيبويه داله

مُلْحِقة له بجعفر وليس كَمَعدّ لأَن ذلك مبني على فَعَلّ من أَول وهلة، ولو

كان قَرْدَدٌ كَمَعدّ لم يظهر فيه المثلان لأَن ما أَصله الإِدغام لا

يُخَرَّجُ على الأَصل إِلاَّ في ضرورة شعر، قال: وجمع القَرْدَدِ قرادِدُ ظهرت

في الجمع كظهورها في الواحد. قال: وقد قالوا: قَراديدُ فأَدخلوا الياء

كراهية التضعيف. والقُرْدُودُ: ما ارتفع من الأَرض وغلظ مثل القَرْدَدِ؛

قال ابن سيده: فعلى هذا لا معنى لقول سيبويه إِن القَراديدَ جمع قَرْدَد.

قال الجوهري: القَرْدَد المكان الغليظ المرتفع وإِنما أُظْهِرَ التضعيف

لأَنه مُلْحَقِ بفَعْلَل والمُلْحَق لا يُدْغم، والجمع قَرادِدُ. قال: وقد

قالوا قراديد كراهية الدالين. وفي الحديث: لَجَؤوا إِلى قَرْدَدٍ؛ وهو

الموضع المرتفع من الأَرض كأَنهم تحصنوا به. ويقال للأَرض المستوية

أَيضاً: قَرْدد؛ ومنه حديث قس الجارود.

(* قوله «قس الجارود» كذا بالأصل وفي شرح

القاموس قيس بن الجارود، بياء بعد القاف مع لفظ ابن وفي نسخة من النهاية

قس والجارود).

قطَعْتُ قَرْدَداً.

وقُرْدُودَةُ الثَّبَجِ: ما أَشرَفَ منه. وقُرْدُودَةُ الظهر: ما

ارتَفَعَ من ثبَجِه. الأَصمعي: السِّيساءُ قُرْدودَةُ الظَّهْرِ. أَبو عمرو:

السَّيساءُ من الفرَسِ الحارِكُ ومن الحمارِ الظَّهْرُ. أَبو زيد:

القِرْديدَةُ الخط الذي وسَطَ الظهر، وقال أَبو مالك: القُرْدودَةُ هي الفقارة

نفسها. وقال: تمضي قُرْدُودَةُ الشتاءِ عَنَّا، وهي جَدْبَتُه وشِدَّتُه.

وقُرْدودَةُ الظَّهْرِ: أَعلاهُ من كل دابة. وأَخذه بِقَرْدَةِ عُنُقِه؛

عن ابن الأَعرابي، كقولك بِصُوفِه، قال: وهي فارسية؛ ابن بري: قال

الراجز:يَرْكَبْنَ ثِنْيَ لاحِبٍ مَدْعُوقِ،

نابي القَرادِيدِ مِنَ البُؤوقِ

القَراديدُ: جمع قُرْدُودَةٍ، وهي الموضع الناتئُ في وسطه.

التهذيب: القَرْدُ لغة في الكَرْدِ، وهو العنق، وهو مَجْثَمُ الهامةِ

على سالفةِ العُنُق؛ وأَنشد:

فَجَلَّلَه عَضْبَ الضَّريبةِ صارِماً،

فَطَبَّقَ ما بَيْنَ الضَّريبةِ والقَرْدِ

التهذيب: وأَنشد شمر في القَرْدِ القصِير:

أَو هِقْلَةِ من نَعامِ الجوِّ عارَضَها

قَرْدُ العِفاءِ، وفي يافُوخِه صَقَعُ

قال: الصقَعُ القَرَعُ. والعِفاءُ: الرِّيشُ. والقَرْدُ: القصيرُ.

وبنو قَرَدٍ: قوم من هذيل منهم أَبو ذؤيب.

وذُو قَرَدٍ: موضع؛ وفي الحديث ذكر ذي قَرَد؛ هو بفتح القاف والراء: ماء

على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر؛ ومنه غَزْوَةُ ذي قَرَدٍ ويقال

ذو القَرَد.

بعل

بعل: البَعْلُ: الأَرض المرتفعة التي لا يصيبها مطر إِلا مرّة واحدة في

السنة، وقال الجوهري: لا يصيبها سَيْح ولا سَيْل؛ قال سلامة

بن جندل:

إِذا ما عَلَونا ظَهْرَ بَعْل عَرِيضةٍ،

تَخَالُ عليها قَيْضَ بَيْضٍ مُفَلَّق

أَنثها على معنى الأَرض، وقيل: البَعْل كل شجر أَو زرع لا يُسْقى، وقيل:

البَعْل والعَذْيُ واحد، وهو ما سفَتْه السماء، وقد اسْتَبْعَل الموضع.

والبَعْلُ من النخل: ما شرب بعروقه من غير سَقْي ولا ماء سماء، وقيل: هو

ما اكتفى بماء السماة، وبه فسر ابن دريد ما في كتاب النبي،صلى الله عليه

وسلم، لأُكَيْدِر بن عبد الملك: لَكُم الضَّامنة من النَّخْل ولنا

الضاحية من البَعْل؛ الضامنة: ما أَطاف به سُورُ المدينة، والضاحية: ما كان

خارجاً أَي التي ظهرت وخرجت عن العِمارة من هذا النَّخيل؛ وأَنشد:

أَقسمت لا يذهب عني بَعْلُها،

أَوْ يَسْتوِي جَثِيثُها وجَعْلُها

وفي حديث صدقة النخل: ما سقي منه بَعْلاً فَفِيه العشر؛ هو ما شرب من

النخيل بعروقه من الأَرض من غير سَقْي سماء ولا غيرها. قال الأَصمعي:

البَعْل ما شرب بعروقه من الأَرض بغير سَقْي من سماء ولا غيرها. والبَعْل: ما

أُعْطِي من الإِتَاوة على سَقْي النخل؛ قال عبدالله بن رواحة الأَنصاري:

هُنالك لا أُبالي نَخْلَ بَعْل،

ولا سَقْيٍ، وإِنْ عَظُم الإِتَاء

قال الأَزهري: وقد ذكره القُتَيبي في الحروف التي ذكر أَنه أَصلح الغلط

الذي وقع فيها وأَلفيته يتعجب من قول الأَصمعي: البَعْل ما شرب بعروقه من

الأَرض من غير سقي من سماء ولا غيرها، وقال: ليت شعري أَنَّى يكون هذا

النخل الذي لا يُسْقى من سماء ولا غيرها؟ وتوهم أَنه يصلح غلطاً فجاء

بأَطَمّ غلط، وجهل ما قاله الأَصمعي وَحَمله جَهْلُه على التَّخبط فيما لا

يعرفه، قال: فرأَيت أَن أَذكر أَصناف النخيل لتقف عليها فَيضِحَ لك ما

قاله الأَصمعي: فمن النخيل السَّقِيُّ ويقال المَسْقَوِيُّ، وهو الذي

يُسْقَى بماء الأَنهار والعيون الجارية، ومن السَّقِيّ ما يُسْقى نَضْحاً

بالدِّلاء والنواعير وما أَشبهها فهذا صنف، ومنها العَذْي وهو ما نبت منها في

الأَرض السهلة، فإِذا مُطِرت نَشَّفت السهولة ماء المطر فعاشت عروقها

بالثرى الباطن تحت الأَرض، ويجيء ثمرها قَعْقَاعاً لأَنه لا يكون رَيَّان

كالسَّقِّيّ، ويسمى التمر إِذا جاء كذلك قَسْباً وسَحّاً، والصنف الثالث من

النخل ما نبت ودِيُّه في أَرض يقرب ماؤها الذي خلقه الله تعالى تحت

الأَرض في رقاب الأَرض ذات النَّزِّ فرَسَخَت عروقُها في ذلك الماء الذي تحت

الأَرض واستغنت عن سَقْي السماء وعن إِجْراء ماء الأَنهار وسَقْيِها

نَضْحاً بالدلاء، وهذا الضرب هو البَعْل الذي فسره الأَصمعي، وتمر هذا الضرب

من التمر أَن لا يكون رَيَّان ولا سَحّاً، ولكن يكون بينهما، وهكذا فسر

الشافعي البَعْل في باب القسم فقال: البَعْل ما رَسَخ عُروقه في الماء

فاسْتَغْنَى عن أَن يُسْقَى؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت بناحية البَيْضاء من

بلاد جَذِيمَة عبد القَيْس نَخْلاً كثيراً عروقها راسخة في الماء، وهي

مستغنية عن السَّقْي وعن ماء السماء تُسَمَّى بَعْلاً. واستبعل الموضع

والنخل: صار بَعْلاً راسخ العروق في الماء مستغنياً عن السَّقْي وعن إِجراء

الماء في نَهر أَو عاثور إِليه. وفي الحديث: العَجْوة شِفاء من السُّمِّ

ونزل بَعْلُها من الجنة أَي أَصلها؛ قال الأَزهري: أَراد بِبَعْلِها

قَسْبَها الراسخة عُروقُه في الماء لا يُسْقَى بنَضْح ولا غيره ويجيء تَمْره

يابساً له صوت. واستبْعل النخلُ إِذا صار بَعْلاً. وقد ورد في حديث عروة:

فما زال وارثه بَعْلِيّاً حتى مات أَي غَنِيّاً ذا نَخْل ومال؛ قال

الخطابي: لا أَدري ما هذا إِلا أَن يكون منسوباً إِلى بَعْل النخلِ، يريد أَنه

اقتنى نَخْلاً كَثِيراً فنُسِب إِليه، أَو يكون من البَعْل المَالك

والرئيس أَي ما زال رئيساً متملكاً. والبَعْل: الذَّكَر من النَّخل. قال

الليث: البَعْلُ من النخل ما هو من الغلط الذي ذكرناه عن القُتَبي، زعم أَن

البَعْل الذكر من النخل والناس يسمونه الفَحْل؛ قال الأَزهري: وهذا غلط

فاحش وكأَنه اعتبر هذا التفسير من لفظ البَعْل الذي معناه الزوج، قال: قلت

وبَعْل النخل التي تُلْقَح فَتَحْمِل، وأَما الفُحَّال فإِن تمره ينتقض،

وإِنما يلْقَح بطَلْعه طَلْع الإِناث إِذا انشقَّ. والبَعْل: الزوج. قال

الليث: بَعَل يَبْعَل بُعولة، فهو باعل أَي مُسْتَعْلِج؛ قال الأَزهري:

وهذا من أَغاليط الليث أَيضاً وإِنما سمي زوج المرأَة بَعْلاً لأَنه سيدها

ومالكها، وليس من الاستعلاج في شيء، وقد بَعَل يَبْعَل بَعْلاً إِذا صار

بَعْلاً لها. وقوله تعالى: وهذا بَعْلي شيخاً؛ قال الزجاج: نصب شيخاً على

الحال، قال: والحال ههنا نصبها من غامض النحو، وذلك إِذا قلت هذا زيد

قائماً، فإِن كنت تقصد أَن تخبر من لم يَعْرِف زيداً أَنه زيد لم يَجُز أَن

تقول هذا زيد قائماً، لأَنه يكون زيداً ما دام قائماً، فإِذا زال عن

القيام فليس بزيد، وإِنما تقول للذي يعرف زيداً هذا زيد قائماً فيعمل في

الحال التنبيه؛ المعنى: انْتَبِه لزيد في حال قيامه أَو أُشيرُ إِلى زيد في

حال قيامه، لأَن هذا إِشارة إِلى من حضر، والنصب الوجه كما ذكرنا؛ ومن

قرأَ: هذا بَعْلي شيخٌ، ففيه وجوه: أَحدها التكرير كأَنك قلت هذا بعلي هذا

شيخ، ويجوز أَن يجعل شيخ مُبِيناً عن هذا، ويجوز أَن يجعل بعلي وشيخ

جميعاً خبرين عن هذا فترفعهما جميعاً بهذا كما تقول هذا حُلْوٌ حامض، وجمع

البَعْل الزوجِ بِعال وبُعُول وبُعُولة؛ قال الله عز وجل: وبُعولتهن أَحق

بردّهن. وفي حديث ابن مسعود: إِلا امرأَة يَئِسَتْ من البُعولة؛ قال ابن

الأَثير: الهاء فيها لتأْنيث الجمع، قال: ويجوز أَن تكون البُعولة مصدر

بَعَلَت المرأَة أَي صارت ذات بَعْل؛ قال سيبويه: أَلحقوا الهاء لتأْكيد

التأْنيث، والأُنثى بَعْل وبَعْلة مثل زَوْج وزَوْجة؛ قال الراجز:

شَرُّ قَرِينٍ للكَبِير بَعْلَتُه،

تُولِغُ كَلْباً سُؤرَه أَو تَكْفِتُه

وبَعَل يَبْعَل بُعولة وهو بَعْل: صار بَعْلاً؛ قال

يا رُبَّ بَعْلٍ ساءَ ما كان بَعَل

واسْتَبْعَلَ: كبَعَلَ. وتَبَعَّلَت المرأَةُ: أَطاعت بَعْلَها،

وتَبَعَّلَت له: تزينتْ. وامرأَة حَسَنَة التَّبَعُّل إِذا كانت مُطاوِعة لزوجها

مُحِبَّة له. وفي حديث أَسماء الأَشهلية: إِذا أَحْسَنْتُنَّ تَبَعُّل

أَزواجكن أَي مصاحبتهم في الزوجية والعِشْرة. والبَعْل والتَّبَعُّل:

حُسْن العِشْرة من الزوجين.

والبِعال: حديث العَرُوسَيْن. والتَّباعل والبِعال: ملاعبة المرءِ

أَهلَه، وقيل: البِعال النكاح؛ ومنه الحديث في أَيام التشريق: إِنها أَيام

أَكل وشرب وبِعال. والمُباعَلة: المُباشَرة. ويروى عن ابن عباس، رضي الله

عنه: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا أَتى يومُ الجمعة قال:

يا عائشة، اليَوْمُ يومُ تَبَعُّل وقِرانٍ؛ يعني بالقِران التزويجَ. ويقال

للمرأَة: هي تُباعِل زَوْجَها بِعالاً ومُباعَلة أَي تُلاعبه؛ وقال

الحطيئة:

وكَمْ مِن حَصانٍ ذاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها،

إِذا الليل أَدْجَى، لم تَجِدْ من تُباعِلُه

أَراد أَنك قتلت زوجها أَو أَسرته. ويقال للرجل: هو بَعلُ المرأَة،

ويقال للمرأَة: هي بَعْلُه وبَعْلَتُه. وباعلَت المرأَةُ: اتخذت بَعْلاً.

وباعَلَ القومُ قوماً آخرين مُباعلَة وبِعالاً: تَزَوَّجَ بعضهم إِلى بعض.

وبَعْلُ الشيء: رَبُّه ومالِكُه. وفي حديث الايمان: وأَن تَلِدَ الأَمة

بَعْلَها؛ المراد بالبعل ههنا المالك يعني كثرة السبي والتسرّي، فإِذا

استولد المسلم جارية كان ولدها بمنزلة ربها.

وبَعْلٌ والبَعْل جميعاً: صَنَم، سمي بذلك لعبادتهم إِياه كأَنه

رَبُّهم. وقوله عز وجل: أَتدعون بَعْلاً وتَذَرُون أَحسن الخالقين؛ قيل: معناه

أَتدعون ربّاً، وقيل: هو صنم؛ يقال: أَنا بَعْل هذا الشيء أَي رَبُّه

ومالكه، كأَنه قال: أَتدعون رَبّاً سوى الله. وروي عن ابن عباس: أَن ضالَّة

أُنْشِدَت فجاء صاحبها فقال: أَنا بَعْلُها، يريد ربها، فقال ابن عباس: هو

من قوله أَتدعون بعلاً أَي رَبّاً. وورد أَن ابن عباس مَرَّ برجلين

يختصمان في ناقة وأَحدهما يقول: أَنا والله بَعْلُها أَي مالكها ورَبُّها.

وقولهم: مَنْ بَعْلُ هذه الناقة أَي مَنْ رَبُّها وصاحبها. والبَعْلُ: اسم

مَلِك. والبَعْل: الصنم مَعْموماً به؛ عن الزجاجي، وقال كراع: هو صَنَم

كان لقوم يونس، صلى الله على نبينا وعليه؛ وفي الصحاح: البَعْل صنم كان

لقوم إِلياس، عليه السلام، وقال الأَزهري: قيل إِن بَعْلاً كان صنماً من

ذهب يعبدونه.

ابن الأَعرابي: البَعَل الضَّجَر والتَّبَرُّم بالشيء؛ وأَنشد:

بَعِلْتَ، ابنَ غَزْوانٍ، بَعِلْتَ بصاحبٍ

به قَبْلَكَ الإِخْوَانُ لم تَكُ تَبْعَل

وبَعِل بِأَمره بَعَلاً، فهو بَعِلٌ: بَرِمَ فلم يدر كيف يصنع فيه.

والبَعَل: الدَّهَش عند الرَّوع. وبَعِل بَعَلاً: فَرِق ودَهِشَ، وامرأَة

بَعِلة. وفي حديث الأَحنف: لما نَزَل به الهَياطِلَة وهم قوم من الهند بَعِل

بالأَمر أَي دَهِش، وهو بكسر العين. وامرأَة بَعِلة: لا تُحْسِن لُبْسَ

الثياب. وباعَله: جالَسه. وهو بَعْلٌ على أَهله أَي ثِقْلٌ عليهم. وفي

الحديث: أَن رجلاً قال للنبي،صلى الله عليه وسلم: أُبايعك على الجهاد،

فقال: هل لك من بَعْلٍ؟ البَعْل: الكَلُّ؛ يقال: صار فلان بَعْلاً على قومه

أَي ثِقْلاً وعِيَالاً، وقيل: أَراد هل بقي لك من تجب عليك طاعته

كالوالدين. وبَعَل على الرجل: أَبى عليه. وفي حديث الشورى: فقال عمر قوموا

فتشاوروا، فمن بَعَل عليكم أَمرَكم فاقتلوه أَي من أَبى وخالف؛ وفي حديث آخر:

من تأَمَّر عليكم من غير مَشُورة أَو بَعَل عليكم أَمراً؛ وفي حديث آخر:

فإِن بَعَل أَحد على المسلمين، يريد شَتَّت أَمرهم، فَقدِّموه فاضربوا

عنقه.

وبَعْلَبَكُّ: موضع، تقول: هذا بَعْلَبَكُّ ودخلت بَعْلَبَكَّ ومررت

ببَعْلَبَكَّ، ولا تَصْرف،ومنهم من يضيف الأَول إِلى الثاني ويُجري الأَول

بوجوه الإِعراب؛ قال الجوهري: القول في بعلبك كالقول في سامِّ أَبْرَص؛

قال ابن بري: سامُّ أَبرص اسم مضاف غير مركب عند النحويين.

تحت

تحت: تحت: إِحْدى الجهاتِ السِّتِّ المُحيكة بالجِرْمِ، تكون مَرَّةً

ظرفاً، ومرَّة اسماً، وتبنى في حال الاسمية على الضم، فيقال: من تَحْتُ.

وتَحْتُ: نقيض فوق.

وقومٌ تُحوتٌ: أَرذالٌ سَفِلةٌ. وفي الحديث: لا تقوم الساعةُ حتى

تَظْهَرَ التُّحوتُ، ويَهْلِكَ الوُعُول؛ يعني الذين كانوا تَحْتَ أَقدام

الناسِ، لا يُشعَرُ بهم ولا يُؤْبَه لهم لحقارتهم، وهم السِّفْلَةُ

والأَنْذالُ؛ والوُعُولُ: الأَشْرافُ. قال ابن الأَثير: جَعَلَ التَّحتَ الذي هو

ظَرْفٌ اسْماً، فأَدْخَلَ عليه لامَ التعريف، وجَمَعه؛ وقيل: أَرادَ بظهور

التُحُوتِ، ظُهُورَ الكُنوز التي تحت الأَرض؛ ومنه حديث أَبي هريرة،

وذَكَرَ أَشْراطَ الساعةِ، فقال: وإِنَّ منها أَن تَعْلُوَ التُحُوتُ

الوُعولَ أَي يَغْلِبَ الضُّعَفاءُ من الناس أَقْوياءَهم، شَبَّه الأَشْرافَ

بالوُعُول لارْتِفاع مَساكنها.

والتحتحة: الحركة

(* قوله «والتحتحة الحركة» لم يذكر ذلك في حرف الحاء

ظناً منه أَن موضعه حرف التاء وليس كذلك كما لا يخفى.).

وما تَتَحْتحَ من مكانه أَي ما تَحَرَّكَ. قال الأَزهري: لو جاء في

الحكاية تَحْتَحَه تشبيهاً بشيء، لجاز وحسن.

ندم

ندم: نَدِمَ على الشيء ونَدِمَ على ما فعل نَدَماً ونَدامةً وتَنَدَّمَ:

أَسِفَ. ورجل نادِمٌ سادِمٌ ونَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتمٌّ.

وفي الحديث: النَّدَمُ تَوْبةٌ، وقوم نُدَّامٌ سُدَّامٌ ونِدامٌ سِدامٌ

ونَدامى سَدامى. والنَّدِيمُ: الشَّرِيبُ الذي يُنادِمه، وهو نَدْمانُه

أَيضاً. ونادَمَني فلانٌ على الشراب. فهو نَدِيمي ونَدْماني؛ قال النُّعْمان

بن نَضْلةَ العدويّ، ويقال للنعمان بن عَدِيٍّ وكان عُمرُ اسْتَعْمَلَهم

على مَيْسانَ:

فإِن كنتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِني،

ولا تَسْقِني بالأَصْغَر المُتَثَلِّمِ

لعلّ أَميرَ المؤمنينَ يَسُوءُه

تنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

قال: ومثله للبُرْجِ بن مُسْهِرٍ:

ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً،

سقيْتُ إِذا تَغَوَّرتِ النُّجومُ

قال: وشاهدُ نَديمٍ قولُ البُرَيْق الهذلي:

زُرنا أَبا زيدٍ، ولا حيَّ مِثْله،

وكان أَبو زيدٍ أَخي ونَدِيمي

وجمعُ النَّدِيم نِدامٌ، وجمع النِّدامِ نَدامَى. وفي الحديث: مَرْحَباً

بالقوم غيرَ خَزايا ولا نَدامى أَي نادِمِينَ، فأَخرجه على مذهبهم في

الإِتباع بِخَزايا، لأَن النَّدامى جمع نَدْمانٍ، وهو النَّدِيمُ الذي

يُرافِقُك ويُشارِبُك. ويقال في النَّدَم: نَدْمان أَيضاً، فلا يكون

إِتْباعاً لِخَزايا، بل جمعاً برأْسه، والمرأَة نَدْمانةٌ، والنسوة نَدامَى.

ويقال: المُنادَمةُ مقلوبةٌ من المُدامَنةِ، لأَنه يُدْمِنُ شُرْبَ الشراب مع

نَدِيمه، لأَن القلب في كلامهم كثير كالقِسيِّ من القُوُوسِ، وجَذَب

وجَبَذَ، وما أَطْيَبَه وأَيْطَبَه، وخَنِزَ اللحمُ وخَزِنَ، وواحِدٌ وحادٍ.

ونادَمَ الرجل مُنادَمةً ونِداماً: جالَسه على الشراب. والنَّدِيمُ:

المُنادِمُ، والجمع نُدَماءُ، وكذلك النَّدْمانُ، والجمع نَدامى ونِدامٌ،

ولا يجمع بالواو والنون، وإِن أَدخلت الهاء في مؤنثه؛ قال أَبو الحسن:

إِنما ذلك لأَن الغالب على فَعْلانَ أَن يكون أُنثاه بالأَلف نحو رَيَّان

ورَيَّا وسَكْرانَ وسَكْرَى، وأَما بابُ نَدْمانةٍ وسَيْفانةٍ فيمن أَخَذه

من السيف ومَوْتانةٍ فعزيزٌ بالإِضافة إلى فَعْلان الذي أُنثاه فَعْلى،

والأُنثى نَدْمانةٌ، وقد يكون النَّدْمان واحداً وجمعاً؛ وقول أَبي محمد

الخذْلميِّ:

فذاكَ بعدَ ذاكِ من نِدامِها

فسره ثعلب فقال: نِدامُها سَقْيُها.

والنََيْدَمانُ: نبت.

والنَّدَبُ والنَّدَمُ: الأَثرُ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إِياكم

ورَضاع السَّوْء فإِنه لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِمَ يوماً مّا أَي يظهر

أَثرُه. والنَّدَم: الأَثَر، وهو مثل النَّدَب، والباء والميم يتبادلان،

وذكره الزمخشري بسكون الدال من النَّدْمِ، وهو الغَمّ اللازم إِذ يَنْدَم

صاحبُه لما يَعْثر عليه من سوء آثاره. ويقال: خُذْ ما انتَدَم وانتَدَب

وأَوْهَف أَي خُذْ ما تَيسَّر.

والتَّنَدُّم: أَن يَتَّبع الإِنسان أَمراً نَدَماً. يقال: التقَدُّم

قبل التنَدُّم؛ وهذا يروى عن أَكثم بن صَيفي أَنه قال: إِن أَردتَ

المُحاجَزة فقبْل المُناجزة؛ قال أَبو عبيد: معناه انجُ بنفسك قبل لِقاء من لا

قِوامَ لك به، قال: وقال الذي قتلَ محمدَ بن طلحة بن عبيد الله يوم

الجمَل:يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجرٌ،

فهلاَّ تَلا حاميمَ قبلَ التقدُّم

وأَندَمه اللهُ فنَدِم. ويقال: اليَمين حِنْثٌ أَو مَنْدَمة؛ قال لبيد:

وإِلا فما بالمَوْتِ ضُرٌّ لأَهْلِه،

ولم يُبْقِ هذا الأَمرُ في العَيْش مَنْدَما

شطر

شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.

وشَطَرْتُه: جعلته نصفين. وفي المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه.

وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وفي المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره

الآخر. وسئل مالك بن أَنس: من أَن شاطَرَ عمر ابن الخطاب عُمَّالَهُ؟

فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. وإِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:

نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،

فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ

إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ

مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي

فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ

سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ

قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم. وفي الحديث: أَن

سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال:

فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ

كَثِيرٌ؛ الشَّطْرُ: النصف، ونصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وكذلك الثلث،

وفي حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير. وفي الحديث: أَنه رهن درعه

بشَطْر من شعير؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وقيل: نصفَ وسْقٍ. ويقال:

شِطْرٌ وشَطِيرٌ مثل نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وفي الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ

الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، والطُّهُور يظهر بحاشية

الظاهر. وفي حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ

عَزَماتِ رَبِّنا. قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ

الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ

شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة

لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: وقال الخطابي في قول الحربي:

لا أَعرف هذا الوجه، وقيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ

متروك عليه، وإِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق

له إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، وهو شطر ماله

الباقي، قال: وهذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها وشطر ماله، ولم

يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، وقيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض

العقوبات في الأَموال ثم نسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشيء منه

فعليه غرامةُ مثليه والعقوبةُ، وكقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها

ومِثْلُها معها، وكان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ

المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه ونحروها؛ قال: وله في الحديث نظائر؛ قال: وقد

أَخذ أَحمد ابن حنبل بشيء من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم: من

منع زكاة ماله أُخذت منه وأُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، واستدل بهذا

الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث

منسوخاً، وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، ومذهب عامة

الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته.

وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع

أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وترك خِلْفَيْنِ،

فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ

أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها وأَكْمَشَ

بها. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،

فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ

وشَطَرَ ناقَتَهُ وشاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وترك

شَطْراً. وكل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. وقد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً

أَو صررته وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الآخر. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب

شَطْراً أَو صَرَّهُ وترك له الشَّطْرَ الآخر. وثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ

عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية.

وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ من

الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، وهو على السَّلْبِ.

والشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، ومن الإِبل:

التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة

فهي ثَلُوثٌ. وشاة شَطُورٌ وقد شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وهو أَن يكون

أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً والخِلْفَةُ

كذلك، سميت حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ

ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه وشره وشدّته ورخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع

أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِلٍ، ودَارّاً وغير دارّ،

وأَصله من أَشْطُرِ الناقةِ ولها خِلْفان قادمان وآخِرانِ، كأَنه حلب

القادمَين وهما الخير، والآخِرَيْنِ وهما الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛

وقيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وفي حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت

التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ

أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قد رُميت بِحَجَر

الأَرْضِ؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، وهو خِلْفُ الناقة، وجعل الأَشْطُرَ

موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، وأَراد بالرجلين

الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى والثاني عمرو بن العاص. وإِذا كان نصف ولد

الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ

شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصفٌ ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ.

وإِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى

وقَصْعَةٌ شَطْرَى.

وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك

وإِلى آخر. وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ

كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله؛ قيل: تفسيره

هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا،

يريد: شاهداً؛ وقيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد

اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها وهذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة

أَحدهما. وشَطْرُ الشيء: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كل شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه.

وقصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:

أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي

صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ

وفي التنزيل العزيز: فَوَلِّ وجْهَك شَطْرَ المسجِد الحرامِ؛ ولا فعل

له. قال الفرّاء: يريد نحوه وتلقاءه، ومثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه

وتُجاهَهُ؛ وقال الشاعر:

إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،

فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ

وقال أَبو إِسحق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: ونصب

قوله عز وجل: شطرَ المسجد الحرام، على الظرف. وقال أَبو إِسحق: أُمر

النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مكة والبيت الحرام،

وأُمر أَن يستقبل البيت حيث كان. وشَطَرَ عن أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً

وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أَو مخالفاً وأَعياهم خُبْثاً؛

والشَّاطِرُ مأْخوذ منه وأُراه مولَّداً، وقد شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً،

وهو الذي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ وشَطُرَ

أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه

أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن

الاستواء.

ويقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء

يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وهم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا.

ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. ومنزل شَطِيرٌ وبلد شَطِيرٌ وحَيٌّ

شَطِيرٌ: بعيد، والجمع شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال امرؤ

القيس:أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،

وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ

قال: والشُّطُرُ ههنا ليس بمفرد وإِنما هو جمع شَطِير، والشُّطُرُ في

البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وهو نعت الخليط،

والخليط: المخالط، وهو يوصف بالجمع وبالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ

حَريٍّ:إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،

واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ

والشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:

لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،

إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا

وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:

إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،

شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ

وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،

إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ

يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك

بآباء أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء

انصبَّ ما فيه، فضربه مثلاً لنقص الحظ، والجمع الجمع. التهذيب:

والشَّطِيرُ البعيد. ويقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. والشَّطْرُ: البُعْدُ.

وفي حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما

شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر؛ الشطير: الغريب، وجمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له

قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ ومعه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي

شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلاً له؛ قال: ولعل هذا مذهب القاسم وإِلا

فشهادة الأَب والابن لاتقبل؛ ومنه حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير

جازت شهادته، وكذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو

القريب فإِنها مقبولة.

عرس

عرس: العَرَسُ، بالتحريك: الدَّهَشُ. وعَرِسَ الرجل وعَرِشَ، بالكسر

والسين والشين، عَرَساً، فهو عَرِسٌ: بَطِرَ، وقيل: أَعْيَا ودَهِشَ؛ وقول

أَبي ذؤيب:

حتى إِذا أَدْرَكَ الرَّامِي، وقد عَرِسَتْ

عنه الكِلابُ؟ فأَعْطاها الذي يَعِدُ

عدّاه بعن لأَن فيه معنى جَبُنَتْ وتأَخرت، وأَعطاها أَي أَعطى

الثَّوْرُ الكِلابَ ما وعدها من الطَّعْن، ووَعْدُه إِياها، كأَنْ يتهيَّأَ

ويتحرّف إِليها ليطعنُها. وعَرِسَ الشيءُ عَرَساً: اشتَدَّ. وعَرِسَ الشَّرُّ

بينهم: لزِمَ ودامَ. وعَرِسَ به عَرَساً: لَزِمَه. وعَرِسَ عَرَساً، فهو

عَرِسٌ: لزم القتالَ فلم يَبْرَحْه. وعَرِسَ الصبي بأُمه عَرَساً:

أَلِفَها ولزمها.

والعُرْسُ والعُرُس: مِهْنَةُ الإِملاكِ والبِناء، وقيل: طعامه خاصة،

أُنثى تؤنثها العرب وقد تذكر؛ قال الراجز:

إِنَّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنَّاطِ

لَئِيمَةً مَذْمُومَةَ الحُوَّاطِ،

نُدْعى مع النَّسَّاجِ والخَيَّاطِ

وتصغيرها بغير هاء، وهو نادر، لأَن حقه الهاء إِذ هو مؤنث على ثلاثة

أَحرف. وفي حديث ابن عمر: أَن امرأَة قالت له: إِن ابنتي عُرَيِّسٌ وقد

تَمَعَّطَ شعرها؛ هي تصغير العَرُوس، ولم تلحقه تاء التأْنيث وإِن كان مؤنثاً

لقيام الحرف الرابع مَقامه، والجمع أَعْراسٌ وعُرُسات من قولهم: عَرِسَ

الصبي بأُمه، على التَّفاؤل.

وقد أَعْرَسَ فلان أَي اتخذ عُرْساً. وأَعْرَسَ بأَهله إِذا بَنَى بها

وكذلك إِذا غشيها، ولا تَقُلْ عَرَّسَ، والعامة تقوله؛ قال الراجز يصف

حماراً:

يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا،

أَكْرَمُ عِرْسٍ باءةً إِذْ أَعْرَسا

وفي حديث عمر: أَنه نَهَى عن مُتعة الحج، وقال: قد علمت أَن النبي، صلى

اللَّه عليه وسلم، فعَله ولكني كرهت أَن يَظَلوا مُعْرِسين بهن تحت

الأَراكِ، ثم يُلَبُّونَ بالحج تَقْطُرُ رؤوسهم؛ قوله مُعْرِسِين أَي

مُلِمِّين بنسائهم، وهو بالتخفيف، وهذا يدل على أَن إِلْمام الرجل بأَهله يسمى

إِعراساً أَيام بنائه عليها، وبعد ذلك، لأَن تمتع الحاج بامرأَته يكون بعد

بنائه عليها. وفي حديث أَبي طلحة وأُم سُليم: فقال له النبي، صلى اللَّه

عليه وسلم: أَعْرَسْتُمُ الليلة؟ قال: نعم؛ قال ابن الأَثير: أَعْرَسَ

الرجل، فهو مُعْرِسٌ إِذا دخل بامرأَته عند بنائها، وأَراد به ههنا الوطء

فسماه إِعْراساً لأَنه من توابع الإِعْراس، قال: ولا يقال فيه عَرَّسَ.

والعَرُوسُ: نعت يستوي فيه الرجل والمرأَة، وفي الصحاح: ما داما في

إِعْراسهما. يقال: رجل عَرُوس في رجال أَعْراس وعُرُس، وامرأَة عَرُوس في

نسوة عَرائِس. وفي المثل: كاد العَرُوس يكون أَميراً. وفي الحديث: فأَصبح

عَرُوساً. يقال للرجل عَرُوسٌ كما يقال للمرأَة، وهو اسم لهما عند دخول

أَحدهما بالآخر. وفي حديث حسان بن ثابت، أَنَّه كان إِذا دعي إِلى طَعام قال

أَفي خُرْسٍ أَو عُرْس أَو إِعْذارٍ؟ قال أَبو عبيد في قوله عُرْس: يعني

طعام الوليمة وهو الذي يعمل عند العُرْس يسمى عُرْساً باسم سببه. قال

الأَزهري: العُرُس اسم من إِعْراسِ الرجل بأَهله إِذا بَنى عليها ودخل بها،

وكل واحد من الزوجين عَرُوس؛ يقال للرجل: عَرُوس وعُرُوس وللمرأَة كذلك،

ثم تسمى الوليمة عُرْساً. وعِرْسُ الرجل: امرأَته؛ قال:

وحَوْقَل قَرَّبَهُ من عِرْسِهِ

سَوْقي، وقد غابَ الشِّظاظُ في اسْتِهِ

أَراد: أَن هذا المُسِنَّ كان على الرجل فنام فحَلَم بأَهله، فذلك معنى

قوله قرَّبه من عِرْسِهِ لأَن هذا المسافر لولا نومُه لم يَرَ أَهله، وهو

أَيضاً عِرْسُها لأَنهما اشتركا في الاسم لمواصلة كل واحد منهما صاحبه

وإِلفِهِ إِياه؛ قال العجاج:

أَزْهَر لم يُولَدُ بِنَجْمٍ نَحْسِ،

أَنْجَب عِرْسٍ جُبِلا وعِرْسِ

أَي أَنجب بعل وامرأَة، وأَراد أَنجب عِرس وعِرْس جُبلا، وهذا يدل على

أَن ما عطف بالواو بمنزلة ما جاء في لفظ واحد، فكأَنه قال: أَنجب

عِرْسَيْن جُبِلا، لولا إِرادة ذلك لم يجز هذا لأَن جُبِلا وصف لهما جميعاً ومحال

تقديم الصفة على الموصوف، وكأَنه قال: أَنْجَبُ رجل وامرأَة. وجمع

العِرْس التي هي المرأَة والذي هو الرجل أَعْراسٌ، والذكر والأُنثى عِرْسانِ؛

قال علقمة يصف ظَلِيماً:

حتى تَلافَى، وقَرْنُ الشَّمسِ مُرْتَفِعٌ،

أُدْحِيَّ عِرْسَيْنِ فيه البَيْضُ مَرْكُومُ

قال ابن بري: تلافى تدارك. والأُدْحِيُّ: موضع بيضِ النعامةِ. وأَراد

بالعِرْسَينِ الذكر والأُنثى، لأَن كل واحد منهما عِرْسٌ لصاحبه.

والمَرْكُوم: الذي رَكِبَ بعضه بعضاً. ولَبُوءَة الأَسد: عِرْسُه؛ وقد استعاره

الهذلي للأَسد فقال:

لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ حَوْلَ غابَتِه

بالرَّقْمَتَيْنِ، له أَجْرٍ وأَعْراسُ

قال ابن بري: البيت لمالك بن خُوَيْلد الخُناعي؛ وقبله:

يا مَيُّ لا يُعْجِز الأَيامَ مُجْتَرِئٌ،

في حَوْمَةِ المَوْتِ، رَزَّامٌ وفَرَّاسُ

الرَّزَّام: الذي له رَزيم، وهو الزئير. والفَرَّاس: الذي يَدُقَ عُنُقَ

فَريسَتِه، ويسمى كل قَتْل فَرْساً. والهزير: الضخْم الزُّبْرَة. وذكر

الجوهري عِوَضَ حَوْلَ غايَتِهِ: عند خيسَتِه، وخيسةُ الأَسدِ: أَجَمَتُه.

ورقْمَهُ الوادي: حيث يجتمع الماء. ويقال: الرقمة الروضة. وأَجْرٍ: جمع

جَرْوٍ، وهو عِرْسُها أَيضاً؛ واستعاره بعضهم للظَّليم والنعامة فقال:

كبَيْضَةِ الأُدْحِيِّ بين العِرْسَيْنْ

وقد عَرَّسَ وأَعْرَسَ: اتخذها عِرْساً ودخل بها، وكذلك عَرَّس بها

وأَعْرَس. والمُعْرِسُ: الذي يغشى امرأَته. يقال: هي عِرْسُه وطَلَّتُه

وقَعيدتُه؛ والزوجان لا يسمِّيان عَروسَيْن إِلا أَيام البناء واتخاذ

العُرْسِ، والمرأَة تسمى عِرْسَ الرجل في كل وقت. ومن أَمثال العرب: لا مُخْبَأَ

لِعِطْرٍ بعد عَرُوسٍ؛ قال المفضَّل: عَرُوسٌ ههنا اسم رجل تزوج امرأَة،

فلما أُهديت له وجدها تَفِلَةً، فقال: أَين عِطْرُك؟ فقالت: خَبَأْتُه،

فقال: لا مخبأَ لعطر بعد عروس، وقيل: إِنها قالته بعد موته. وفي الحديث:

أَن رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: إِذا دُعي أَحدكم إِلى وليمة

عُرْس فليُجِب.

والعِرِّيسَة والعِرِّيس: الشجر الملتف، وهو مأْوى الأَسد في خِيسه؛ قال

رؤبة:

أَغْيالَه والأَجَمَ العِرِّيسا

وصف به كأَنه قال: والأَجم الملتف أَو أَبدله لأَنه اسم: وفي المثل:

كمُبْتَغي الصَّيدِ في عِرِّيسَةِ الأَسَدِ

وقال طرَفة:

كَلُيُوثٍ وسْطَ عِرِّيسِ الأَجَمْ

فأَما قوله جرير:

مُسْتَحْصِدٌ أَجَمِي فيهم وعِرِّيسي

فإَنه عنى منبت أَصله في قومه.

والمُعَرِّسُ: الذي يسير نهاره ويُعَرِّسُ أَي ينزل أَول الليل، وقيل:

التَعْريسُ النزول في آخر الليل. وعَرَّس المسافر: نزل في وجه السَّحَر،

وقيل: التَعريسُ النزول في المَعْهَد أَيَّ حين كان من ليل أَو نهار؛ قال

زهير:

وعَرَّسُوا ساعةً في كَثْبِ أَسْنُمَةٍ،

ومنهمُ بالقَسُومِيَّاتِ مُعْتَرَكُ

ويروى:

ضَحَّوْا قليلاً قَفا كُثْبانِ أَسْنُمَةٍ

وقال غيره: والتَّعْريسُ نزول القوم في السفر من آخر الليل، يَقَعُون

فيه وقْعَةً للاستراحة ثم يُنيخون وينامون نومة خفيفة ثم يَثُورون مع

انفجار الصبح سائرين؛ ومنه قول لبيد:

قَلَّما عَرَّسَ حتى هِجْتُه

بالتَّباشِيرِ من الصُّبْحِ الأُوَلْ

وأَنشدت أَعرابية من بني نُمير:

قد طَلَعَتْ حَمْراء فَنْطَلِيسُ،

ليس لرَكْبٍ بَعْدَها تَعْريسُ

وفي الحديث: كان إِذا عَرَّسَ بليل تَوسَّد لَبِينَةً، وإِذا عَرَّسَ

عند الصُّبح نصب ساعدَه نصباً ووضع رأْسه في كفه. وأَعْرَسُوا: لغة فيه

قليلة، والموضع: مُعَرَّسٌ ومُعْرَسٌ. والمُعَرَّسُ: موضع التَعْريس، وبه

سمي مُعَرَّسُ ذي الحُليفة، عَرَّس به، صلى اللَّه عليه وسلم، وصلى فيه

الصبح ثم رحل. والعَرَّاسُ والمُعَرِّسُ والمِعْرَسُ بائع الأَعراسِ، وهي

الفُصلان الصِّغار، واحدها عَرْسٌ وعُرْسٌ. قال: وقال أَعرابي بِكَمِ

البَلْهاء وأَعْراسُها؟ أَي أَولادها.

والمِعْرَسُ: السائق الحاذق بالسياق، فإِذا نَشِط القوم سار بهم، فإِذا

كَسِلوا عَرَّسَ بهم والمِعْرَسُ: الكثير التزويج. والعَرْس: الإِقامة في

الفرحِ.

والعَرَّاس بائع العُرُسِ، وهي الحبال، واحدها عَريسٌ. والعَرْسُ:

الحبل. والعَرْسُ: عمود في وسط الفُِسطاطِ. واعْتَرَسوا عنه: تفرَّقوا؛ وقال

الأَزهري: هذا حرف منكر لا أَدري ما هو. والبيت المُعَرَّسُ: الذي عُمِلَ

له عَرْسٌ، بالفتح. والعَرْسُ: الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يُبلغ به

أَقصاه ثم يوضع الجائز من طَرف ذلك الحائط الداخل إِلى أَقصى البيت

ويسقَف البيت كله، فما كان بين الحائطين فهو سَهوة، وما كان تحتَ الجائِز فهو

المُخْدع، والصاد فيه لغة، وسيذكر. وعَرَّسَ البيتَ: عِمل له عَرْساً.

وفي الصحاح: العَرْسُ، بالفتح، حائط يجعل بين حائطي البيت الشَّتْوي لا

يُبلغ به أَقصاه، ثم يسقَف ليكون البيت أَدْفَأَ، وإِنما يُفعل ذلك في

البلاد الباردة، ويسمى بالفارسية بيجه، قال: وذكر أَبو عبيدة في تفسيره شيئاً

غير هذا لم يرتضه أَبو الغوث.

وعَرَسَ البعيرَ يَعْرِسُه ويَعْرُسُه عَرْساً: شد عنُقه مع يديه جميعاً

وهو بارك. والعِراسُ: ما عُرِسَ به؛ فإَذا شَد عنقه إِلى إِحدى يديه فهو

العَكْسُ، واسم ذلك الحبل العِكاسُ.

واعْتَرَسَ الفحل الناقة: أَبركها للضِّراب. والإِعْراس: وضع الرحى على

الأُخرى؛ قال ذو الرمة:

كأَنَّ على إِعْراسِه وبِنائِه

وئِيدَ جِيادٍ قُرَّحٍ، ضَبَرَتْ ضَبْراً

أَراد على موضع إِعْراسه.

وابنُ عِرْسٍ: دُوَيْبَّة معروفة دون السِّنَّوْر، أَشْتَرُ أَصْلَمُ

أَصَكُّ له ناب، والجمع بنات عِرْسٍ، ذكراً كان أَو أُنثى، معرفة ونكرة

تقول: هذا ابن عِرْسٍ مُقْبلاً وهذا ابن عِرْسٍ آخر مقبل، ويجوز في المعرفة

الرفع ويجوز في النكرة النصب؛ قاله المفضل والكسائي. قال الجوهري: وابن

عِرْسٍ دُوَيْبَّة تسمى بالفارسية راسو، ويجمع على بنات عِرْسٍ، وكذلك ابن

آوى وابن مَخاض وابن لَبُون وابن ماء؛ تقول: بنات آوى وبنات مخاض وبنات

لبون وبنات ماء، وحكى الأَخفش: بنات عِرْسٍ وبنو عِرْسٍ، وبنات نَعْش

وبنو نعش.

والعِرْسِيُّ: ضرب من الصِّبغ، سمي به للونهِ كأَنه يشبه لونَ ابن عِرْس

الدابة.

والعَرُوسِي: ضرب من النخل؛ حكاه أَبو حنيفة.

والعُرَيْساء: موضع. والمَعْرَسانيَّاتُ: أَرض؛ قال الأَخطل:

وبالمَعْرَسانِيَّاتِ حَلَّ، وأَرْزَمَتْ،

بِرَوْضِ القَطا منه، مَطافِيلُ حُفَّلُ

وذات العَرائِسِ: موضع. قال الأَزهري: ورأَيت بالدهناء جبالاً من نقْيان

رمالها يقال لها العَرائِسُ، ولم أَسمع لها بواحد.

غطس

غطس: الغَطْس في الماء: الغَمْسُ فيه. غَطَسَه في الماء يَغْطِسُه

غَطْساً وغَطَّسَه في الماء وقَمَسَه ومَقَلَه: غَمَسَه فيه. وهما يَتَغاطَسان

في الماء يَتَقامَسان إِذا تَماقَلاَ فيه؛ وأَنشد أَبو عمرو:

وأَلْقَتْ ذِراعَيْها، وأَدْنَتُ لَبَانَها

مِنَ الماء، حتى قُلْت: في الجَمِّ تَغْطِسُ

وتَغاطَسَ القومُ في الماء: تَغاطُّوا فيه؛ قال مَعْن ابن أَوس:

كأَنَّ الكُهُولَ الشُّمْطَ في حُجُراتِها

تَغاطَسُ ي تَيَّارِها، حِين تَحْفِلُ

وليلٌ غاطِس: كغاطِش.

والمَغْنِيطِسُ: حَجَرٌ

(* قوله «والمغنطس حجر» ويقال له أيضاً مغنطيس

ومغناطيس، بكسر الميم فيهما، وسكون الغين، وفتح النون، وكسر الطاء كما في

القاموس.) يَجْذِبُ الحديد، وهو معرّب.

ملك

ملك: الليث: المَلِكُ هو الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك له

المُلْكُ وهو مالك يوم الدين وهو مَلِيكُ الخلق أي ربهم ومالكهم. وفي التنزيل:

مالك يوم الدين؛ قرأ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وابن عامر وحمزة: مَلِك

يوم الدين، بغير أَلف، وقرأَ عاصم والكسائي ويعقوب مالك، بأَلف، وروى عبد

الوارث عن أَبي عمرو: مَلْكِ يوم الدين، ساكنة اللام، وهذا من اختلاس أبي

عَمرو، وروى المنذر عن أَبي العباس أَنه اختار مالك يوم الدين، وقال: كل

من يَمْلِك فهو مالك لأنه بتأْويل الفعل مالك الدراهم، ومال الثوب،

ومالكُ يوم الدين، يَمْلِكُ إقامة يوم الدين؛ ومنه قوله تعالى: مالِكُ

المُلْكِ، قال: وأما مَلِكُ الناس وسيد الناس ورب الناس فإنه أَراد أَفضل من

هؤلاء، ولم يريد أَنه يملك هؤلاء، وقد قال تعالى: مالِكُ المُلْك؛ أَلا ترى

أنه جعل مالكاً لكل شيءٍ فهذا يدل على الفعل؛ ذكر هذا بعقب قول أَبي

عبيد واختاره.

والمُلْكُ: معروف وهو يذكر ويؤنث كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ الله تعالى

ومَلَكُوته: سلطانه وعظمته. ولفلان مَلَكُوتُ العراق أي عزه وسلطانه ومُلْكه؛

عن اللحياني، والمَلَكُوت من المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ من الرَّهْبَةِ،

ويقال للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يقال: له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوةُ العراق

أَيضاً مثال التَّرْقُوَةِ، وهو المُلْكُ والعِزُّ. وفي حديث أَبي سفيان:

هذا مُلْكُ هذه الأُمة قد ظهر، يروى بضم الميم وسكون اللام وبفتحها وكسر

اللام وفي الحديث: هل كان في آبائه مَنْ مَلَكَ؟ يروى بفتح الميمين

واللام وبكسر الميم الأُولى وكسر اللام. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ

والمالِكُ: ذو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مثال فَخْذٍ وفَخِذٍ، كأن المَلْكَ

مخفف من مَلِك والمَلِك مقصور من مالك أو مَلِيك، وجمع المَلْكِ مُلوك،

وجمع المَلِك أَمْلاك، وجمع المَلِيك مُلَكاء، وجمع المالِكِ مُلَّكٌ

ومُلاَّك، والأُمْلُوك اسم للجمع. ورجل مَلِكٌ وثلاثة أَمْلاك إلى العشرة،

والكثير مُلُوكٌ، والاسم المُلْكُ، والموضع مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أي

مَلَكه قهراً. ومَلَّكَ القومُ فلاناً على أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه

مَلِكاً؛ عن اللحياني. ويقال: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فهو مُمَلَّكٌ؛ قال

الفرزدق في خال هشام بن عبد الملك:

وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً،

أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه

يقول: ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملَّك أَبو أُم ذلك المُمَلَّكِ

أَبوه، ونصب مُمَلَّكاً لأنه استثناء مقدّم، وخال هشام هو إبراهيم بن

إسماعيل المخزومي. وقال بعضهم: المَلِكُ والمَلِيكُ لله وغيره، والمَلْكُ

لغير الله. والمَلِكُ من مُلوك الأرض، ويقال له مَلْكٌ، بالتخفيف، والجمع

مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: ما ملكت اليد من مال وخَوَل. والمَلَكة:

مُلْكُكَ، والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك في رعيته. ويقال: طالت مَمْلَكَتُه

وساءت مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مُلِكه وكَثُر مُلِكُه.

أَبو إسحق في قوله عزّ وجل: فسبحان الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؛ مَعناه

تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة، قال: وقوله تعالى ملكوت كل شيء أي القدرة

على كل شيء وإليه ترجعون أي يبعثكم بعد موتكم. ويقال: ما لفلان مَولَى

مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلا الله تعالى. ابن سيده: المَلْكُ

والمُلْكُ والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به، مَلَكه يَمْلِكه

مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأخيرة عن اللحياني، لم يحكها

غيره. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كذلك. وما له مَلْكٌ

ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أي شيء يملكه؛ كل ذلك عن اللحياني، وحكي عن الكسائي:

ارْحَمُوا هذا الشيخ الذي ليس له مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أي ليس له شيء؛ بهذا

فسره اللحياني، وقال ليس له شيء يملكه. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إياه

تَمْليكاً جعله مِلْكاً له يَمْلِكُه. وحكى اللحياني: مَلِّكْ ذا أَمْرٍ

أَمْرَه، كقولك مَلِّك المالَ رَبَّه وإن كان أَحمق، قال هذا نص قوله: ولي

في هذا الوادي مَلْكٌ وملْك ومُلْك ومَلَكٌ يعني مَرْعًى ومَشْرباً

ومالاً وغير ذلك مما تَمْلِكه، وقيل: هي البئر تحفرها وتنفرد بها. وجاء في

التهذيب بصورة النفي: حكي عن ابن الأعرابي قال ما له مَلْكٌ ولا نَفْرٌ،

بالراء غير معجمة، ولا مِلْكٌ ولا مُلْك ولا مَلَكٌ؛ يريد بئراً وماء أي ما

له ماء. ابن بُزُرْج: مياهنا مُلُوكنا. ومات فلانٌ عن مُلُوك كثيرة،

وقالوا: الماء مَلَكُ أَمْرٍ أي إذا كان مع القوم ماء مَلَكُوا أَمْرَهم أي

يقوم به الأمر؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدي:

ولم يكن مَلَكٌ للقوم يُنْزِلُهم،

إلا صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ

أي يُقْسَم بينهم بالسوية لا يُؤثَرُ به أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: ومن

أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أي أن الماء مِلاكُ الأشياء، يضرب للشيء الذي

به كمال الأمر. وقال ثعلب: يقال ليس لهم مِلْك ولا مَلْكٌ ولا مُلْكٌ إذا

لم يكن لهم ماء. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا على مَلْكِ

أَمْرِنا. وهذا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أي ما أَملكه؛ قال الجوهري:

والفتح أفصح. وفي الحديث: كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أَيمانكم،

يريد الإحسانَ إلى الرقيق، والتخفيفَ عنهم، وقيل: أَراد حقوق الزكاة

وإخراجها من الأموال التي تملكها الأَيْدي كأَنه علم بما يكون من أَهل الردة،

وإنكارهم وجوب الزكاة وامتناعهم من أَدائها إلى القائم بعده فقطع حجتهم بأن

جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة فعقل أَبو بكر، رضي الله عنه، هذا

المعنى حين قال: لأَقْتُلَنَّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. وأَعطاني

من مَلْكِه ومُلْكِه؛ عن ثعلب، أي مما يقدر عليه. ابن السكيت: المَلْكُ ما

مُلِكَ. يقال: هذا مَلْكُ يدي ومِلْكُ يدي، وما لأَحدٍ في هذا مَلْكٌ

غيري ومِلْكٌ، وقولهم: ما في مِلْكِه شيء ومَلْكِه شيء أي لا يملك شيئاً.

وفيه لغة ثالثة ما في مَلَكَته شيء، بالتحريك؛ عن ابن الأَعرابي. ومَلْكُ

الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إياها ومِلْكُه لها.

والمَمْلُوك: العبد. ويقال: هو عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأخيرة

عن ابن الأعرابي، إذا مُلِكَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. وفي التهذيب: الذي

سُبيَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. ابن سيده: ونحن عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لا قِنٍّ أي

أَننا سُبِينا ولم نُمْلَكْ قبلُ. ويقال: هم عبِيدُ مَمْلُكة، وهو أَن

يُغْلَبَ عليهم ويُستْعبدوا وهم أَحرار. والعَبْدُ القنّ: الذي مُلِك هو

وأَبواه، ويقال: القِنُّ المُشْتَرَى. وفي الحديث: أن الأَشْعَثَ بن

قَيْسٍ خاصم أَهل نَجْرانَ إلى عمر في رِقابهم وكان قد استعبدهم في الجاهلية،

فلما أَسلموا أَبَوْا عليه، فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد

مَمْلُكة ولم نكن عبيدَ قِنٍّ؛ المَمْلُكة، بضم اللام وفتحها، أَن

يَغْلِبَ عليهم فيستعبدَهم وهم في الأصل أَحرار. وطال مَمْلَكَتُهم الناسَ

ومَمْلِكَتُهم إياهم أي مِلْكهم إياهم؛ الأخيرة نادرة لأن مَفْعِلاً

ومَفْعِلَةً قلما يكونان مصدراً. وطال مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عن

اللحياني، أَي رِقُّه. ويقال: إنه حسن المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عنه أَيضاً.

وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أي المِلْكِ. وفي الحديث: لا يدخل الجنةَ

سَيءُ المَلَكَةِ، متحرّك، أي الذي يُسيءُ صُحْبة المماليك. ويقال: فلان

حَسَنُ المَلَكة إذا كان حسن الصُّنْع إلى مماليكه. وفي الحديث: حُسْنُ

المَلَكة نماء، هو من ذلك. ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها التي يزعمون أنها

تقتادها، على التشبيه، واحدها مَلِيكٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:

وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها

إلى طَنَفٍ أََعْيَا بِراقٍ ونازِلِ

يريد يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النحل أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة:

سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وقول ابن أَحمر:

بَنَّتْ عليه المُلْكُ أَطْنابها،

كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفًٌ طِمِرّ

قال ابن الأَعرابي: المُلْكُ هنا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، ولذلك

رفع الملك والكأْس معاً بجعل الكأْس بدلاً من الملك؛ وأَنشد غيره:

بنَّتُ عليه المُلْكَ أَطنابَها

فنصب الملك على أنه مصدر موضوع موضع الحال كأَنه قال مُمَلَّكاً وليس

بحال، ولذلك ثبتت فيه الألف واللام، وهذا كقوله: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي

مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، ورواه ثعلب بنت عليه الملك، مخفف

النون، ورواه بعضهم مدَّتْ عليه الملكُ، وكل هذا من المِلْكِ لأَن

المُلْكَ مِلْكٌ، وإنما ضموا الميم تفخيماً له. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ:

صَلَّبَها، وذلك إذا يَبَّسَها في الشمس مع قشرها. وتَمالَكَ عن الشيء: مَلَكَ

نَفْسَه. وفي الحديث: امْلِكْ عليك لسانَك أي لا تُجْرِه إلا بما يكون لك لا

عليك. وليس له مِلاكٌ أي لا يَتَمالك. وما تَمالَك أن قال ذلك أي ما

تَماسَك ولا يَتَماسَك. وما تَمالَكَ فلان أن وقع في كذا إذا لم يستطع أَن

يحبس نفسه؛ قال الشاعر:

فلا تَمَلَك عن أَرضٍ لها عَمَدُوا

ويقال: نفسي لا تُمالِكُني لأن أَفعلَ كذا أَي لا تُطاوعني. وفلان ما له

مَلاكٌ، بالفتح، أي تَماسُكٌ. وفي حديث آدم: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ

أَنه خَلق لا يَتَمالَك أي لا يَتَماسَك. وإذا وصف الإنسان بالخفة

والطَّيْش قيل: إنه لا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأمر ومَلاكُه: قِوامُه الذي

يُمْلَكُ به وصَلاحُه. وفي التهذيب: ومِلاكُ الأمر الذي يُعْتَمَدُ عليه،

ومَلاكُ الأمر ومِلاكُه ما يقوم به. وفي الحديث: مِلاكُ الدين الورع؛ الملاك،

بالكسر والفتح: قِوامُ الشيء ونِظامُه وما يُعْتَمَد عليه فيه، وقالوا:

لأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكاً وإما مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أي إما أن

أَهْلِكَ وإما أن أَمْلِكَ. والإمْلاك: التزويج. ويقال للرجل إذا تزوّج: قد

مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فلان

ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأخيرتان عن اللحياني، أي عقده مع امرأته. وأَمْلكه

إياها حتى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إياها؛

عن اللحياني. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إذا زُوِّج؛ عنه أَيضاً.

وقد أَمْلَكْنا فلاناً فلانَة إذا زَوَّجناه إياها؛ وجئنا من إمْلاكه ولا

تقل من مِلاكِه. وفي الحديث: من شَهِدَ مِلاكَ امرئ مسلم؛ نقل ابن

الأثير: المِلاكُ والإمْلاكُ التزويجُ وعقد النكاح. وقال الجوهري: لا يقال

مِلاك ولا يقال مَلَك بها

(* قوله «ولا يقال ملك بها إلخ» نقل شارح القاموس

عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم

وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على

تصحيح كلام الفقهاء.) ولا أُمْلِك بها. ومَلَكْتُ المرأَة أي تزوّجتها.

وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عن اللحياني، وقيل: جُعِل أَمر طلاقها

بيدها. قال أَبو منصور: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بالتشديد، أكثر من

أُمْلِكَت؛ والقلب مِلاكُ الجسد. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً

وأَمْلَكَه: عجنه فأَنْعَمَ عجنه وأَجاده. وفي حديث عمر: أَمْلِكُوا العجين فإِنه

أَحد الرَّيْعَينِ أَي الزيادتين؛ أَراد أَن خُبْزه يزيد بما يحتمله من

الماء لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عليه.

الجوهري: ومَلَكْتُ العجين أَمْلِكُه مَلْكاً، بالفتح، إِذا شَدَدْتَ عجنه؛

قال قَيْسُ بن الخطيم يصف طعنة:

مَلَكْتُ بها كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،

يَرى قائمٌ مِنْ دُونها ما وَراءَها

يعني شَدَدْتُ بالطعنة. ويقال: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بلغت

مِلاكَتَهُ وأَجادت عجنه حتى يأْخذ بعضه بعضاً، وقد مَلَكَتْه تَمْلِكُه

مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وقال أَوْسُ بن حَجَر يصف قوساً:

فَمَلَّك بالليِّطِ التي تَحْتَ قِشْرِها،

كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عَلُ

قال: مَلَّكَ كما تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عجنه أَي ترك من

القشر شيئاً تَتمالك القوسُ

به يَكُنُّها لئلا يبدو قلب القوس فيتشقق، وهو يجعلون عليها عَقَباً

إِذا لم يكن عليها قشر، يدلك على ذلك تمثيله إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛

الفراء عن الدُّبَيْرِيَّة: يقال للعجين إِذا كان متماسكاً متيناً

مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، ويروى فمن لك، والأَول أَجود؛ أَلا ترى إِلى

قول الشماخ يصف نَبْعَةً:

فَمَصَّعَها شهرين ماءَ لِحائها،

وينْظُرُ منها أَيَّها هو غامِزُ

والتَّمْصِيع: أَن يترك عليها قشرها حتى يَجِفَّ عليها لِيطُها وذلك

أَصلب لها؛ قال ابن بري: ويروى فمظَّعَها، وهو أَن يبقي قشرها عليها حتى

يجف. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عن ابن

الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كانت تتبعها؛ عنه أَيضاً. ومَلْكُ

الطريق ومِلْكُه ومُلْكه: وسطه ومعظمه، وقيل حدّه؛ عن اللحياني. ومِلْكُ

الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وسطه وحَدّه؛ عنه أَيضاً. ويقال: خَلِّ عن مِلْكِ

الطريق ومِلْكِ الوادي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه ووسطه. ويقال: الْزَمْ

مَلْكَ الطريق أَي وسطه؛ قال الطِّرمّاح:

إِذا ما انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ

رَتِيمَ الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ

وفي حديث أَنس: البَصْرةُ إِحْدى المؤتفكات فانْزلْ في ضَواحيها، وإِياك

والمَمْلُكَةَ، قال شمر: أَراد بالمَمُلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ ا لطريق

ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه ووسطه؛ قال الشاعر:

أَقامَتْ على مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه

لها ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ

ومُلُك الدابة، بضم الميم واللام: قوائمه وهاديه؛ قال ابن سيده: وعليه

أُوَجِّه ما حكاه اللحياني عن الكسائي من قول الأَعرابي: ارْحَمُوا هذا

الشيخ الذي ليس له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يدان ولا رجلان ولا بَصَرٌ،

وأَصله من قوائم الدابة فاستعاره الشيخ لنفسه. أَبو عبيد: جاءنا تَقُودُه

مُلُكُه يعني قوائمه وهاديه، وقوام كل دابة مُلُكُه؛ ذكره عن الكسائي في كتاب

الخيل، وقال شمر: لم أَسمعه لغيره، يعني المُلُك بمعنى القوائم.

والمُلَيْكَةُ: الصحيفة.

والأُمْلُوك: قوم من العرب من حِمْيَرَ، وفي التهذيب: مَقاوِلُ من حمير

كتب إِليهم النبي، صلى الله عليه وسلم: إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ،

ورَدْمانُ موضع باليمن. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تكون في الرمل تشبه العَظاءة.

ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ ومالك ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كلها:

أَسماء؛ قال ابن سيده: ورأَيت في بعض الأَشعار مالَكَ الموتِ في مَلَكِ الموت

وهو قوله:

غدا مالَكٌ يبغي نِسائي كأَنما

نسائي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ

قال: وهذا عندي خطأ وقد يجوز أَن يكون من جفاء الأَعراب وجهلهم لأَن

مَلَك الموت مخفف عن مَلأَك، الليث: المَلَكُ واحد الملائكة إِنما هو تخفيف

المَلأَك، واجتمعوا على حذف همزه، وهو مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وقد ذكرناه

في المعتل. والمَلَكُ من الملائكة: واحد وجمع؛ قال الكسائي: أَصله

مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الأَلُوكِ، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل

مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من عبد القَيْس جاهليّ يمدح بعض الملوك

قيل هو النعمان وقال ابن السيرافي هو لأَبي وَجْزة يمدح به عبد الله بن

الزبير:

فَلَسْتَ لإِِنْسِيٍّ، ولكن لِمَلأَكٍ

تَنَزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ

ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، فلما جمعوه رَدُّوها إِليه

فقالوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْتِ:

وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه،

سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ

قال ابن بري: صوابه أَجْرَدُ بالدال لأَن القصيدة دالية؛ وقبله:

فأَتَمَّ سِتّاًّ، فاسْتَوَتْ أَطباقُها،

وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ

وفيها يقول في صفة الهلال:

لا نَقْصَ فيه، غير أَن خَبِيئَه

قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ

وفي الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة؛ قال ابن الأَثير:

أَراد الملائكة السَّيَّاحِينَ غير الحفظة والحاضرين عند الموت. وفي

الحديث: لقد حَكَمْت بحكم المَلِكِ؛ يريد الله تعالى، ويروى بفتح اللام،

يعني جبريل، عليه السلام، ونزوله بالوحي. قال ابن بري: مَلأَكٌ مقلوب من

مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وزنه مَفْعَل في الأَصل من الأَلوك، قال: وحقه أَن

يذكر في فصل أَلك لا في فصل ملك.

ومالِكٌ الحَزينُ: اسم طائر من طير الماء.

والمالِكان: مالك بن زيد ومالك بن حنظلة. ابن الأَعرابي: أَبو مالك كنية

الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ به لأَنه مَلَكه وغلبه؛ قال الشاعر:

أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني،

أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دائبا

ويقال للهَرَمِ أَبو مالك؛ وقال آخر:

بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ:

أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ

وأَبو مالك: كنية الجُوعِ؛ قال الشاعر:

أَبو مالكٍ يَعْتادُنا في الظهائرِ،

يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عند عامِرِ

ومِلْكانُ: جبل بالطائف. وحكى ابن الأَنباري عن أَبيه عن شيوخه قال: كل

ما في العرب مِلْكان، بكسر الميم، إِلاَّ مَلْكان بن حزم بن زَبَّانَ

فإِنه بفتحها. ومالك: اسم رمل؛ قال ذو الرمة:

لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك * لَذو عَبْرةٍ، كَلاً تَفِيضُ وتخْنُقُ

كتف

كتف: الكَتِفُ والكِتْفُ مثل كَذِبٍ وكِذْبٍ: عظم عريض خلف المَنْكِب،

أُنثى وهي تكون للناس وغيرهم. وفي الحديث: ائتُوني بكَتِف ودَواة أَكْتُب

لكم كتاباً، قال: الكتف عظم عريض يكون في أَصل كتف الحيوان من الناس

والدوابّ كانوا يكتُبون فيه لقِلة القَراطِيس عندهم. وفي حديث أَبي هريرة،

رضي اللّه عنه: ما لي أَراكم عنها مُعْرِضين؟ واللّه لأَرْمِيَنَّها بين

أَكتافكم يروى بالتاء والنون، فمعنى التاء أَنها كانت على ظهورهم وبين

أَكتافهم لا يقدِرون أَن يُعْرِضوا عنها لأَنهم حاملوها فهي معهم لا

تُفارِقهم، ومعنى النون أَنه يرميها في أَفْنِيتهم ونواحِيهم فكلما مروا فيها

رأَوها فلا يَقْدِرون أَن يَنْسَوْها. والكَتِفُ من الإبل والخيل والبغال

والحمير وغيرها: ما فوق العَضُد، وقيل: الكتفان أَعلى اليدين، والجمع

أَكتاف؛ سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء، وحكى اللحياني في جمعه كِتَفةً.

والأَكْتف من الرجال: الذي يشتكي كتفه. ورجل أَكتف بيّنُ الكَتَفِ أَي

عريض الكَتِف، وفي المحكم: عظيم الكتف. ورجل أَكتف: عظيم الكتف كما يقال

أَرْأَسُ وأَعْنَقُ، وما كان أَكْتَفَ ولقد كَتِف كَتَفاً: عظُمت كَتِفُه.

وإني لأَعلم من أَين تؤكل الكَتِفُ؛ تضربه كل شيء علمته. والكُتاف: وجع في

الكتِف. وقال اللحياني: بالدابة كُتافٌ شديد أَي داء في ذلك الموضع.

والكَتَفُ: عَيْب يكون في الكَتِف. والكتَف: انْفِراجٌ في أَعالي كتف

الإنسان وغيره مما يلي الكاهِل، وقيل: الكَتَفُ في الخيل انفراج أَعالي

الكَتِفَين من غَراضِيفها مما يلي الكاهل، وهو من العيوب التي تكون خِلْقة.

أَبو عبيدة: فرس أَكتف وهو الذي في فُروع كَتِفيه انفراج في غراضيفها مما

يلي الكاهل. الجوهري: الأَكْتَفُ من الخيل الذي في أَعالي غَراضِيف

كتفيه انفراج. والكَتَفُ، بالتحريك: نقصان في الكتف، وقيل: هو ظَلَع يأْخذ من

وجع الكَتِفِ، كَتِفَ كَتَفاً وهو أَكْتَف. وكَتِفَ البعير كتَفاً وهو

أَكتفُ إذا اشتكى كَتِفه وظَلع منها. اللحياني: بالبعير كتَفٌ شديد إذا

اشتكى كَتِفه. يقال جمل أَكتَف وناقة كَتْفاء. وكَتفه يَكْتِفه كتْفاً:

أَصاب كَتِفه أَو ضربه عليها. والكَتَف: مصدر الأَكْتف وهو الذي انضمت

كَتِفاه على وسط كاهله خِلْقة قبيحة. وكتَفَت الخيلُ تَكْتِف كتْفاً وكَتَّفَت

وتكَتَّفَت: ارتفعت فُروع أَكتافها في المشي، وعُرِضَت على ابن

أُقَيْصِرٍ أَحد بني أَسد بن خزيمة خيل فأَوْمأَ إلى بعضها وقال: تجيء هذه سابقة،

فسأَلوه: ما الذي رأَيت فيها؟ فقال: رأَيتها مشت فكتَفتْ، وخبَّت

فوجَفَت، وعدَت فنَسَفَت فجاءت سابقة. والكَتِفان: اسم فرس من ذلك؛ قالت بنت

مالك ابن زيد ترثيه:

إذا سَجَعَتْ، بالرَّقْمَتَيْنِ، حَمامةٌ،

أَو الرَّسِّ تَبْكي فارِسَ الكَتِفانِ

وكتَفتِ المرأَة تَكتِف: مشت فحرَّكت كتفيها. قال الأَزهري: وقولهم مشت

فكتَفَت أَي حركت كتِفيْها يعني الفرس.

والكِتافُ: مصدرُ المِكْتاف من الدوابّ، والمِكْتاف من الدوابّ: الذي

يَعقِر السرجُ كتفَه، والاسم الكِتاف، والكَتَّافُ: الذي ينظر في الأَكتاف

فيُكَهِّنُ فيها.

والكَتْف: المشي الرُّوَيْد؛ قال الأَعشى:

فأَفْحَمْته حتى اسْتَكان كأَنَّه

قريحُ سِلاح، يَكتِف المشي، فاترُ

أَنشده ابن بري. ابن سيده: كتَف يَكْتِف كَتْفاً وكَتِيفاً مشى مَشْياً

رُوَيْداً؛ قال لبيد:

وسُقْت رَبيعاً بالقَناة كأَنه

قريح سلاح، يكتف المشي، فاتر

والكُتْفان والكِتْفان: الجراد بعد الغَوْغاء، وقيل: هو كُتْفان

وكِتْفان إذا بدا حَجْم أَجنحته ورأَيت موضعَه شاخِصاً، وإن مسَسْتَه وجدت

حَجْمه، واحدته كتفانة، وقيل: واحده كاتِف والأُنثى كاتفة. أَبو عبيدة: يكون

الجراد بعد الغوفاء كتفاناً؛ قال أَبو منصور: سماعي من العرب في الكتفان

من الجراد التي ظهرت أَجنحتها ولمّا تَطِرْ بعد، فهي تَنْقُزُ في الأَرض

نَقَزاناً مثل المَكْتُوف الذي لا يَستعين بيديه إذا مشى. ويقال للشيء إذا

كثر: مثلُ الدَّبى والكُِتفان. والغَوْغاء من الجراد: ما قد طار ونبتت

أَجنحته. الأَصمعي: إذا استبان حجم أَجنحة الجراد فهو كتفان، وإذا احمرّ

الجراد فانسلخ من الأَلوان كلها فهي الغَوْغاء. الجوهري: الكُتفان الجراد

أَوّل ما يطير منه، ويقال: هي الجراد بعد الغوغاء أَولها السِّرْو ثم

الدَّبى ثم الغوغاء ثم الكتفان؛ قال ابن بري: وقد يثقل في الشعر؛ قال صخر

أَخو الخَنْساء:

وحَيّ حريد قد صَبَحْتُ بِغارةٍ،

كرِجْل الجَرادِ أَو دَبًى كُتُفانِ

والكَتْفُ والكَتَفانُ: ضرب من الطيَران كأَنه يردّ جناحيه ويضمهما إلى

ما وراءه.

والكَتْفُ: شدّك اليدين من خلف. وكتَف الرجلَ يَكْتِفه كتْفاً وكتّفه:

شدَّ يديه من خلفه بالكِتاف. والكِتافُ: ما شُدَّ به؛ قالت بعض نساء

الأَعراب تصف سحاباً:

أَناخَ بذي بَقَرٍ بَرْكَه،

كأَنَّ على عضُدَيْه كِتافا

وجاء به في كِتاف أَي في وِثاق. والكِتافُ: الحَبل الذي يُكتف به

الإنسان. وفي الحديث: الذي يصلّي وقد عقَص شعره كالذي يصلّي وهو مكْتوف؛ هو

الذي شدّت يداه من خلفه يشبه به الذي يَعْقِد شعره من خلفه. والكِتافُ: وثاق

في الرحْل والقَتَب وهو إسارُ عُودين أَو حِنْوين يُشدّ أَحدهما إلى

الآخر. والكتْف: أَن يشدَّ حِنْوا الرَّحل أَحدهما على الآخر.

وكتّف اللحم تَكْتِيفاً: قطَّعه صغاراً، وكذلك الثوب، وكتَّفه بالسيف

كذلك.

الجوهري: والكَتِيفةُ ضبَّة الباب وهي حديدة عريضة. ابن سيده:

والكَتِيفُ والكَتيفة حديدة عريضة طويلة وربما كانت كأَنها صحيفة، وقيل: الكتيف

الضبة؛ قال الأَعشى:

بيْنما المَرْء كالرُّديْني ذي الجُبْـ

ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ

أَو كَقِدْحِ النُّضار لاَّمَه القَيـ

ـن، ودانى صُدوعه بالكتيفِ

رَدَّه دَهْرُه المُضَلَّل، حتى

عادَ من بعدِ مَشْيِه للدَّلِيفِ

قوله بالكتِيف يعني كتائفَ رِقاقاً من الشَبه؛ وقيل: الكتِيفة الضبَّة،

وقيل: الضبة من الحديد، وجمعها كتِيف وكُتُفٌ. وكَتف الإناء يكْتِفُه

كتْفاً وكتَّفه: لأَمَه بالكتِيف؛ قال جرير:

ويُنْكِرُ كفَّيْه الحُسامُ وحَدُّه،

ويَعْرِفُ كفَّيْه الإناءُ المُكَتَّفُ

شمر: ويقال للسيف الصفيح كَتِيف؛ قال أَبو دُواد:

فَوَدِدْتُ لو أَني لَقِيتُك خالِياً،

أَمْشِي، بكَفِّي صَعْدَةٌ وكَتِيفُ

أَراد سيفاً صَفِيحاً فسماه كَتِيفاً. قال خالد بن جَنْبَة: كَتِيفةُ

الرحْل واحدة الكتائف، وهي حديدة يُكْتَفُ بها الرحْل. وقال ابن الأَعرابي:

أُخذ المَكْتوف من هذا لأَنه جَمع يديه. والكتيفة: كلْبَة الحدَّاد.

والكَتِيفةُ: السَّخِيمةُ والحِقْد والعداوة وتجمع على الكتائف؛ قال

القطامي:أَخُوك الذي لا يَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه،

وتَرْفضُّ عند المُخْطِفاتِ الكتائفُ

ويروى المُحْفِظات. وكِتافُ القَوْس: ما بين الطائف والسِّيةِ، والجمع

أَكْتِفةٌ وكُتُفٌ.

مثل

مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه

وشَبَهُه بمعنى؛ قال ابن بري: الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن

المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هو

التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص، وأَما المُماثَلة فلا تكون

إِلا في المتفقين، تقول: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه

كطعمِه، فإِذا قيل: هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه،

وإِذا قيل: هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ، والعرب تقول:

هو مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم، يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن

هذا حقير. والمِثْل: الشِّبْه. يقال: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى

واحد؛ قال ابن جني: وقوله عز وجل: فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ

مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون؛ جَعَل مِثْل وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على

الفتح، وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما صفة لحقّ، فإِن قلت: فما

موضع أَنكم تنطِقون؟ قيل: هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه، فإِن قلت:

أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ،

فكيف تجوز إِضافة المبني؟ قيل: ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم

المضموم إِليه ما، فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية

زيدٍ، أَو كالأَلف والنون في سِرْحان عَمْرو، أَو كياء الإِضافة في

بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث في صحراء زُمٍّ، أَو كالأَلف والتاء في

قوله:

في غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ

وقوله تعالى: ليس كَمِثْلِه شيء؛ أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك،

لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً، تعالى الله عن ذلك؛ ونظيرُه ما

أَنشده سيبويه:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ

أَي مَقَقٌ. وقوله تعالى: فإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به؛ قال أَبو إِسحق:

إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان؟ قيل له: المعنى واضح

بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في إِيمانكم

بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم

(* قوله «وتصديقكم كتوحيدكم» هكذا في الأصل،

ولعله وبتوحيد كتوحيدكم) فقد اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم. وفي حديث

المِقْدام: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ

الكِتاب ومِثْلَه معه؛ قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل: أَحدهما

أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من

الظاهر المَتْلُوِّ، والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من البَيان

مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد

وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من

القرآن. وفي حديث المِقْدادِ: قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن

قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا

قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ

بالكلمة من أَهل النار، لا أَنه يصير كافراً بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في

إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم، فإِن قتله أَحد

بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ؛ ومنه حديث صاحب

النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه؛ قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي

هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله، فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه

إِياه وأَنه ظالم له، فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم

قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً. وفي حديث

الزكاة: أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها؛ قيل: إِنه كان

أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن فلذلك قال ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز

للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: فإِنها عَليَّ

ومثلُها معها، قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين، فلذلك قال

عَليَّ. وفي حديث السَّرِقة: فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه؛ هذا على سبيل

الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلاّ فلا واجبَ

على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ

العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ، وكذلك قوله: في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها

ومثلُها معها؛ قال ابن الأَثير: وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل

من الوعيد وقد كان عمر، رضي الله عنه، يحكُم به، وإِليه ذهب أَحمدُ

وخالفه عامَّة الفقهاء. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، والجمع أَمْثالٌ،

وهما يَتَماثَلانِ؛ وقولهم: فلان مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ

لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه، وقيل: معناه مُسْتَراد

مِثْله أَو مِثْلها، واللام زائدة: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وقوله عز وجل:

ولله المَثَلُ الأَعْلى؛ جاء في التفسير: أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله

وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وهي

الأَمثال؛ قال ابن سيده: وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به

وتَمَثَّله؛ قال جرير:

والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،

حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا

على أَن هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل.

وامْتَثَل القومَ وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد

بيتاً ثم آخَر ثم آخَر، وهي الأُمْثولةُ، وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ

بمعنى. والمَثَلُ: الشيء الذي يُضرَب لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه، وفي

الصحاح: ما يُضرَب به من الأَمْثال. قال الجوهري: ومَثَلُ الشيء أَيضاً صفته.

قال ابن سيده: وقوله عز من قائل: مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون؛

قال الليث: مَثَلُها هو الخبر عنها، وقال أَبو إِسحق: معناه صِفة الجنة،

وردّ ذلك أَبو علي، قال: لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب،

إِنما معناه التَّمْثِيل. قال عمر بن أَبي خليفة: سمعت مُقاتِلاً صاحبَ

التفسير يسأَل أَبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل، مَثَل الجنة: ما

مَثَلُها؟ فقال: فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ، قال: ما مثلها؟ فسكت

أَبو عمرو، قال: فسأَلت يونس عنها فقال: مَثَلُها صفتها؛ قال محمد ابن سلام:

ومثل ذلك قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي

صِفَتُهم. قال أَبو منصور: ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس، وأَما جواب أَبي

عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ،

ثم تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه، فإِن أَبا عمرو

أَجابه جواباً مُقْنِعاً، ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف

من غلظ فهمه، وذلك أَن قوله تعالى: مَثَل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إِن

الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها

الأَنهار؛ وَصَفَ تلك الجناتِ فقال: مَثَلُ الجنة التي وصفْتُها، وذلك مِثْل

قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي ذلك صفةُ محمدٍ،

صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه في التوراة، ثم أَعلمهم أَن صفتهم في

الإِنجيل كَزَرْعٍ. قال أَبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وُعِد

المتقون، قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:

التقدير فيما يتلى عليكم مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومَنْ قال إِن

معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن مَثَل لا يوضع في موضع صفة، إِنما يقال

صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. ويقال: مَثَلُ زيد مثَلُ فلان، إِنما

المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ.

ويقال: تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً. وفي

التنزيل العزيز: يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له؛ وذلك

أَنهم عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به

حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال: إِنَّ

الذين تَعْبُدون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً؛ يقول: كيف تكونُ هذه

الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ

ولو اجتمعوا كلُّهم له، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم

يخلِّصوا المَسْلوبَ منه، ثم قال: ضَعُفَ الطالِبُ والمَطْلوبُ؛ وقد يكون

المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ؛ ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سَلَفاً ومَثَلاً

للآخرين، فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم

الغابِرُون، ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون، ويكون المَثَلُ

بمعنى الآيةِ؛ قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة

والسلام: وجعلناه مَثَلاً لبني إِسرائيل؛ أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه.

وأَما قوله عز وجل: ولَمَّا ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون؛

جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه

وسلم، فلما قيل لهم: إِنكم وما تعبُدون من دون الله حَصَبُ جهنم، قالوا: قد

رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين عُبِدوا من دون

الله، فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى. والمِثالُ: المقدارُ وهو من

الشِّبْه، والمثل: ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه، والجمع

المُثُل وثلاثة أَمْثِلةٍ، ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف.

والمِثال: القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله. أَبو حنيفة: المِثالُ

قالَِب يُدْخَل عَيْنَ النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى

يَنْبَسِطا، والجمع أَمْثِلةٌ.

وتَماثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل

المَنْهوك، وقيل: إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه

هَمَّ بالنُّهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضوان الله

عليهما: فَحَنَتْ له قِسِيَّها وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً

لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وهو افتَعل من المُثْلةِ.

ويقال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل صفة

للإِقبال. قال أَبو منصور: معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي

أَحسن حالاً من حالةٍ كانت قبلها، وهو من قولهم: هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل

قومه. الجوهري: فلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء

أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم.

وقد مَثُل الرجل، بالضم، مَثالةً أَي صار فاضِلاً؛ قال ابن بري:

المَثالةُ حسنُ الحال؛ ومنه قولهم: زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً،

والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قال: ويروى كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ

رَعالةً.والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وهو من أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يقال:

فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه، قال الإِيادي: وسئل أَبو الهيثم عن

مالك قال للرجل: ائتني بقومك، فقال: إِن قومي مُثُلٌ؛ قال أَبو الهيثم:

يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد. والطريقة المُثْلى: التي هي أَشبه

بالحق. وقوله تعالى: إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً؛ معناه أَعْدَلُهم

وأَشْبهُهم بأَهل الحق؛ وقال الزجاج: أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول.

وقوله تعالى حكاية عن فرعون أَنه قال: ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى؛ قال

الأَخفش: المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وقال

أَبو إِسحق: معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق أَن يقال هو أَمثل قومه؛

وقال الفراء: المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء الحُسْنى وهو نعت

للطريقة وهم الرجال الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث الطريقة.

وقال ابن شميل: قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك،

لأَنك تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس، ولا يكون ذلك في مَثَل.

والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت: كُلُّنا مَثِيل؛

حكاه ثعلب، قال: وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم؟ قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول

كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل. وفي الحديث: أَشدُّ الناس بَلاءً

الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى

فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة. يقال: هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ

وأَدنَى إِلى الخير. وأَماثِلُ الناس: خيارُهم. وفي حديث التَّراويح: قال عمر

لو جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب.

وفي الحديث: أَنه قال بعد وقعةِ بَدْر: لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى

سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل؛ قال الزمخشري: معناه اعتادت

واستأْنستْ بالأَماثِل. وماثَلَ الشيءَ: شابهه.

والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع التَّماثيل. ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره

حتى كأَنه ينظر إِليه. وامْتَثله هو: تصوَّره. والمِثالُ: معروف، والجمع

أَمْثِلة ومُثُل. ومَثَّلت له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة

بكتابة وغيرها. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي

مصوِّر. يقال: مَثَّلْت، بالتثقيل والتخفيف، إِذا صوَّرت مِثالاً.

والتِّمْثالُ: الاسم منه، وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه. ومَثَّل الشيء بالشيء:

سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه. ومنه الحديث: رأَيت الجنةَ

والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ ومنه

الحديث: لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل

تصويره، وقيل: هو من المُثْلة. والتِّمْثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً

بخلق من خلق الله، وجمعه التَّماثيل، وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء

إِذا قدَّرته على قدره، ويكون تَمْثيل الشيء بالشيء تشبيهاً به، واسم ذلك

الممثَّل تِمْثال.

وأَما التَّمْثال، بفتح التاء، فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً.

ويقال: امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت حَذْوَه وسلكت طريقته. ابن

سيده: وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها.

ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومَثُل بين يديه

مُثُولاً أَي انتصب قائماً؛ ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ. وفي

الحديث: مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ

مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس؛ يقال: مَثُل الرجل يَمْثُل

مُثولاً إِذا انتصب قائماً، وإِنما نهى عنه لأَنه من زِيِّ الأَعاجم، ولأَن

الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس؛ ومنه الحديث: فقام النبي، صلى الله

عليه وسلم، مُمْثِلاً؛ يروى بكسر الثاء وفتحها، أَي منتصباً قائماً؛ قال

ابن الأَثير: هكذا شرح، قال: وفيه نظر من جهة التصريف، وفي رواية:

فَمَثَلَ قائماً. والمَاثِلُ: القائم. والماثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَل:

لَطِئَ بالأَرض، وهو من الأَضداد؛ قال زهير:

تَحَمَّلَ منها أَهْلُها، وخَلَتْ لها

رُسومٌ، فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ

والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والماثلُ: الرُّسومُ؛ وقال زهير أَيضاً في

الماثِل المُنْتَصِبِ:

يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً

على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّرُ

وقول لبيد:

ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ

صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ

فسَّره المفسِّر فقال: المَثَلُ الماثِلُ؛ قال ابن سيده: ووجهه عندي

أَنه وضع المَثَلَ موضع المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام

المضاف إِليه مقامه؛ ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب

وخادِم وخَدَم وموضع الكاف الزيادة، كما قال رؤبة:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ

أَي فيها مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُل: زال عن موضعه؛ قال أَبو خِراش

الهذلي:يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ لِما يَرى،

فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ

(* قوله «يقربه النهض إلخ» تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما

هنا).أَبو عمرو: كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب. والماثِلُ: الدارِس، وقد

مَثَل مُثولاً.

وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:

رَبَاعٍ لها، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عنده،

خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها

ومَثَلَ بالرجل يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،

ومَثَّل، كلاهما: نكَّل به، وهي المَثُلَة والمُثْلة، وقوله تعالى: وقد

خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ؛ قال الزجاج: الضمة فيها عِوَض من الحذف، وردّ

ذلك أَبو علي وقال: هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات. الجوهري:

المَثُلة، بفتح الميم وضم الثاء، العقوبة، والجمع المَثُلات. التهذيب: وقوله

تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات؛ يقول:

يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به، وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا

بالأُمَمِ الخالية فلم يعتبروا بهم، والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه

ومُثْلة فمن قال مَثُله جمعها على مَثُلات، ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات

ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثاء، يقول: يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون

العذاب في قولهم: فأَمطر علينا حجارةً من السماء؛ وقد تقدم من العذاب ما

هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ من

المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً.

ويقال: امْتَثَل فلان من القوم، وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم، يكون

جمع أَمْثالٍ ويكون جمع الأَمْثَلِ.

وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّل بالدوابِّ

وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع

أَطرافها وهي حَيَّة. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُثْلة. يقال: مَثَلْت

بالحيوان أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به، ومَثَلْت

بالقتيل إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه،

والاسم المُثلة، فأَما مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالغة. ومَثَلَ بالقتيل:

جَدَعه، وأَمْثَله: جعله مُثْلة. وفي الحديث: من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له

عند الله خَلاق يوم القيامة؛ مُثْلة الشَّعَر: حَلْقُه من الخُدُودِ، وقيل:

نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وروي عن طاووس أَنه قال: جعله الله

طُهْرةً فجعله نَكالاً.

وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَل منه: اقتصَّ؛ قال:

إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ،

نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم

وتَمَثَّل منه: كامْتَثَل. يقال: امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي

اقتصصت منه؛ ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأُتن:

خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها

أَي ما يُراد أَن يُقْتَصَّ منها، هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من

ذلك. ويقول الرجل للحاكم: أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي

أَقِصَّني منه، وقد أَمْثَله الحاكم منه. قال أَبو زيد: والمِثالُ القِصاص؛

قال: يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه إِقْصاصاً بمعنى، والاسم

المِثالُ والقِصاصُ. وفي حديث سُويد بن مقرّن: قال ابنُه معاوية لَطَمْتُ

مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه، وفي رواية: امْتَثِل،

فعَفا، أَي اقتصَّ منه. يقال: أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه.

وقالوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:

مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،

يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا،

وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا

عنى بالتَّلاتِل الشدائد. والمِثالُ: الفِراش، وجمعه مُثُل، وإِن شئت

خفَّفت. وفي الحديث: أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش

خَلَق. وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي

قالت: زوَّج علي بن أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما

مِثالَيْن، قال جرير: قلت لمُغيرة ما مِثالان؟ قال: نَمَطان، والنّمَطُ ما

يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة؛ وقوله: وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي

فِراش خلَق؛ قال الأَعشى:

بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما

يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا

وفي حديث عكرمة: أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله؛

هي جمع مِثال وهو الفِراش. والمِثالُ: حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ

على خِلْقة السِّمَة سواء، فيجعل فيه طرف العمود أَو المُلْمُول

المُضَهَّب، فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى يَدخل المِثال فيه فيكون

مِثْله.

والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً ولذلك سميت أَمْثالاً

وهي من البَصرة على ليلتين. والمِثْل: موضع

(* قوله «والمثل موضع» هكذا

ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم) ؛

قال مالك بن الرَّيْب:

أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،

رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا؟

حقب

حقب: الحَقَبُ، بالتحريك: الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير. وقيل:

هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مـما يلي ثِيلَه، لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ، أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ، فَيُقَدِّمَه؛ تقول منه: أَحْقَبْتُ البَعِيرَ.

وحَقِبَ، بالكسر، حَقَباً فهو حَقِبٌ: تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه؛ ولا يقال: ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ. الأَزهري: من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ، فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ، وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ.

ويقال: أَخْلَفْتُ عن البَعِير، وذلك إِذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه، فيَحْقَبُ هو حَقَباً، وهو احْتِباسُ بَوْلِه؛ ولا يقال ذلك في الناقةِ لأَنَّ

بَوْلَ الناقةِ من حَيائها، ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ؛ والإِخْلافُ

عنه: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مـما يَلِي خُصْيَتَي البَعِير.

ويقال: شَكَلْت عن البَعير، وهو أَن تجعل بين الحَقَب والتَّصْدير خَيْطاً، ثم تَشُدَّه لئلا يَدْنُوَ الحَقَبُ من الثِّيلِ. واسم ذلك الخَيْطِ:

الشِّكالُ.

وجاءَ في الحديث: لا رَأْي لِحازِقٍ، ولا حاقِبٍ، ولا حاقِنٍ؛ الحازِقُ : الذي ضاقَ عليه خُفُّه، فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً، وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ؛ والحاقِبُ: هو الذي احْتاجَ إِلى الخَلاءِ، فلم يَتَبَرَّزْ، وحَصَرَ غائطَه، شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه، فمنَعَه من أَن يَبُولَ. وفي الحديث: نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ.

وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر: فجمَعْتُ إِبِلي، ورَكِبْتُ الفَحْلَ،

فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ، فَنَزَلْتُ عنه.

حَقِبَ البعيرُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. ويقال: حَقِبَ العامُ إِذا احْتَبَس مَطَرُه.

والحَقَبُ والحِقابُ: شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ، وتَشُدُّه في

وسَطِها، والجمع حُقُبٌ. والحِقابُ: شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ

على وَسَطِها. قال الليث: الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة، تُعَلِّق به

مَعالِيقَ الحُليِّ، تَشُدُّه على وسَطها، والجمع الحُقُبُ. قال الأَزهري:

الحِقابُ هو البَرِيمُ، إِلاَّ أَنَّ البَريمَ يكون فيه أَلوانٌ من الخُيُوطِ

تَشُدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. والحِقابُ: خَيْط يُشَدُّ في حَقْوِ الصبيِّ، تُدْفَعُ به العينُ.

والحَقَبُ في النَّجائبِ: لَطافةُ الحَقْوَيْنِ، وشِدَّةُ صِفاقِهما، وهي مِدْحةٌ.

والحِقابُ: البياض الظاهر في أَصل الظُّفُر.

والأَحْقَبُ: الحِمار الوَحْشِيُّ الذي في بَطْنِه بياض، وقيل: هو

الأَبيضُ موضعِ الحَقَبِ؛ والأَوّل أَقْوَى؛ وقيل: إِنما سُمي بذلك لبياضٍ في حَقْوَيْهِ، والأُنثى حَقْباءُ؛ قال رؤبة بن العجاج يُشَبِّه ناقَتَه بأَتانٍ حَقْباءَ:

كَأَنـَّهَا حَقْباء بَلْقاءُ الزَّلَقْ، * أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ، مَطْوِيُّ الحَنقْ

والزَّلَقُ: عَجِيزَتُها حيث تَزْلَقُ منه. والجادِرُ: حِمارُ الوَحْشِ

الذي عَضَّضَتْه الفُحُول في صَفْحَتَيْ عُنُقِه، فصار فيه جَدَراتٌ.

والجَدَرةُ: كالسِّلْعة تكون في عُنُقِ البعير، وأَراد باللِّيتَيْن صَفْحَتَي العُنقِ أَي هو مَطْوِيٌّ عند الحنَقِ، كما تقول: هو جَرِيءُ الـمَقْدَمِ أَي جَرِيءٌ عند الإِقْدامِ والعَرب تُسَمِّي الثَّعْلَبَ مُحْقَباً، لبيَاضِ بَطْنِه. وأَنشد بعضُهم لأُم الصَّريح الكِنْدِيّةِ، وكانت تحتَ جَرير، فوَقَع بينها وبين أُخت جرير لِحَاءٌ وفِخارٌ، فقالت:

أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بأَوْسِ،

والخَطَفَى بأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ،

ما ذاكِ بالحَزْمِ ولا بالكَيْسِ

عَنَتْ بذلكَ: أَنَّ رِجالَ قَوْمِها عند رِجالِها، كالثَّعْلَب عند الذِّئب. وأَوْسٌ هو الذئب، ويقال له أُوَيْسٌ.

والحَقِيبةُ كَالبَرْذَعةِ، تُتَّخَذ لِلحِلْسِ والقَتَبِ، فأَمـّا حَقِيبةُ القَتَبِ فَمِنْ خَلْفُ، وأَمـّا حَقِيبةُ الحِلْسِ فَمُجَوَّبةٌ عن ذِرْوةِ السَّنامِ. وقال ابن شميل: الحَقِيبةُ تكون على عَجُزِ البَعِير، تحت حِنْوَيِ القَتَبِ الآخَرَيْن.

والحَقَبُ: حَبْلُ تُشَدُّ به الحَقِيبةُ.

والحَقِيبةُ: الرِّفادةُ في مُؤَخَّر القَتَبِ، والجمع الحَقائبُ.

وكلُّ شيءٍ شُدّ في مؤَخَّر رَحْل أَو قَتَب، فقد احْتُقِبَ.

وفي حديث حنين: ثم انْتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقِبه أَي من الحَبْلِ

الـمَشْدُود على حَقْوِ البعير، أَو من حَقِيبتِه، وهي الزِّيادةُ التي تُجْعَل في مُؤَخَّر القَتَب، والوعاءُ الذي يَجْعَل الرجل فيه زادَه.

والمُحْقِبُ: الـمُرْدِفُ؛ ومنه حديث زيد بن أَرْقَمَ: كنتُ يَتِيماً

لابنِ رَواحةَ فَخرجَ بي إِلى غَزْوةِ مُؤْتةَ، مُرْدِفي على حَقِيبةِ

رَحْلِه؛ ومنه حديث عائشة: فَأَحْقَبَها عبدُالرحمن على ناقةٍ، أَي

أَرْدَفَها خَلْفَه على حَقِيبةِ الرَّحْل. وفي حديث أَبي أُمامة: أَنه أَحْقَبَ زادَه خَلْفَه على راحِلَتِه أَي جعلَه وراءه حَقِيبةً.

واحتَقَبَ خَيْراً أَو شَرًّا، واسْتَحْقَبه: ادَّخَره، على المثَل،

لأَنّ الإِنسان حامِلٌ لعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له. واحْتَقَبَ فلان الإِثْم:

كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ؛ قال امْرُؤُ القيس:

فاليَوْمَ أُسْقَى، غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ، * إِثْماً، مِنَ اللّهِ، ولا واغِلِ

واحْتَقَبَه واسْتَحْقَبَه، بمعنى أَي احْتَمَلَه.

الأَزهري: الاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ، وكذلك ما حُمِلَ مِن

شيء من خَلْفٍ، يقال: احْتَقَبَ واسْتَحْقَبَ؛ قال النابغة:

مُسْتَحْقِبِي حَلَقِ الماذِيِّ، يَقْدُمُهم * شُمُّ العَرانِينِ، ضَرَّابُون لِلهامِ(1)

(1 قوله «مستحقي حلق إلخ» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة: مستحقبو حلق الماذي خلفهمو.)

الأَزهري: ومن أَمثالهم: اسْتَحْقَبَ الغَزْوَ أَصْحابَ البَراذِينِ؛

يقال ذلك عند ضِيق المخَارِج؛ ويقال في مثله: نَشِبَ الحَديدةُ والتَوَى المِسمارُ؛ يقال ذلك عند تأْكيد كل أَمر ليس منه مَخْرَجٌ.

والحِقْبةُ من الدَّهر: مدّة لا وَقْتَ لها. والحِقْبةُ، بالكسر: السَّنةُ؛ والجمع حِقَبٌ وحُقُوبٌ كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ.

والحُقْبُ والحُقْبُ: ثمانون سَنةً، وقيل أَكثرُ من ذلك؛ وجمع الحُقْبِ حِقابٌ، مثل قُفٍّ وقِفافٍ، وحكى الأَزهري في الجمع أَحْقَاباً.

والحُقُبُ: الدَّهرُ، والأَحْقابُ: الدُّهُور؛ وقيل: الحُقُبُ السَّنةُ، عن ثعلب.

ومنهم من خَصَّصَ به لغة قيس خاصَّة. وقوله تعالى: أَو أَمْضِيَ حُقُباً؛ قيل: معناه سنةً؛ وقيل: معناه سنين، وبسِنينَ فسره ثعلب. قال الأَزهري: وجاء في التفسير: أَنه ثمانون سنة، فالحُقُب على تفسير ثعلب، يكون أَقَلَّ من ثمانين سنة، لأَنّ موسى، عليه السلام، لم يَنْوِ أَن يَسِيرَ ثَمانين سَنةً، ولا أَكثر، وذلك أَنّ بَقِيَّةَ عُمُرِه في ذلك الوَقْت لا تَحْتَمِلُ ذلك؛ والجمع من كل ذلك أَحْقابٌ وأَحْقُبٌ؛ قال ابن هَرْمةَ:

وقد وَرِثَ العَبّاسُ، قَبْلَ مُحمدٍ، * نَبِيَّيْنِ حَلاَّ بَطْنَ مَكَّةَ أَحْقُبا

وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى: لابِثينَ فيها أَحْقاباً؛ قال: الحُقْبُ

ثمانُون سنةً، والسَّنةُ ثَلثُمائة وستون يوماً، اليومُ منها أَلفُ سنة

من عَدد الدنيا، قال: وليس هذا مـما يدل على غاية، كما يَظُنّ بعضُ الناس، وإِنما يدُل على الغايةِ التوْقِيتُ، خمسةُ أَحْقاب أَو عشرة، والمعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، كُلَّما مضَى حُقْب تَبِعه حُقْب آخَر؛ وقال الزجاج: المعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً، لا يذُوقُون في الأَحْقابِ بَرْداً ولا شَراباً، وهم خالدون في النار أَبداً، كما قال اللّه، عز وجل؛ وفي حديث قُسّ:

وأَعْبَدُ مَن تَعَبَّدَ في الحِقَبْ

هو جمع حِقْبةٍ، بالكسر، وهي السنةُ، والحُقْبُ، بالضم؛ ثَمانُون سَنةً، وقيل أَكثر، وجمعه حِقابٌ.

وقارةٌ حَقْباء: مُسْتَدِقّةٌ طَويلةٌ في السماء؛ قال امرؤُ القيس:

تَرَى القُنَّةَ الحَقْباء، مِنْها، كَأَنـَّها * كُمَيْتٌ، يُبارِي رَعْلةَ الخَيْلِ، فارِدُ

وهذا البيت مَنْحُول. قال الأَزهري، وقال بعضهم: لا يقال لها حَقْباء، حتى يَلْتَوِيَ السَّرابُ بِحَقْوَيْها؛ قال الأَزهري: والقارةُ الحَقْباء التي في وسَطها تُرابٌ أَعْفَرُ، وهو يَبْرُقُ ببياضِه مع بُرْقةِ سائِرِه.

وحَقِبَت السماءُ حَقَباً إِذا لم تُمْطِرْ. وحَقِبَ المطَرُ حَقَباً:

احْتَبَسَ. وكُلّ ما احْتَبَس فقد حَقِبَ، عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حَقِبَ أَمـْرُ النَّاسِ أَي فَسَدَ واحْتَبَس، مِن قولهم حَقِبَ

الـمَطَرُ أَي تأَخَّر واحْتَبَسَ.

والحُقْبَةُ: سكون الرِّيحِ، يمانيةٌ.

وحَقِبَ الـمَعْدِنُ، وأَحْقَبَ: لم يوجد فيه شيء، وفي الأَزهري: إِذا لم يُرْكِزْ. وحَقِبَ نائِلُ فلان إِذا قلَّ وانْقَطَعَ.

وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: الإِمَّعةُ فيكم اليَوْمَ

الـمُحْقِبُ الناسَ دِينَه؛ وفي رواية: الذي يُحْقِبُ دِينَه الرِّجالَ؛ أَراد: الذي يُقَلِّد دينَه لكل أَحد أَي يَجْعَلُ دِينَه تابعاً لدينِ غيره، بلا حُجّة ولا بُرْهانٍ ولا رَوِيَّةٍ، وهو من الإِرْدافِ على الحقيبة.

وفي صفة الزبير، رضي اللّه عنه: كانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي رابِيَ

العَجُز، ناتئه، وهو بضم النون والفاء؛ ومنه انْتَفَجَ جَنْبا البعير أَي ارتفعا.

والأَحْقَبُ: زعموا اسم بعض الجنّ الذين جاؤُوا يستمعون القرآن من النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن الأَثير: وفي الحديث ذكر الأَحقب، وهو أَحَدُ النفَر الذين جاؤُوا إِلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، من جنّ نَصِيبِينَ، قيل: كانوا خمسةً: خَسا، ومَسا، وشاصهْ، وباصهْ، والأَحقَب.

والحِقابُ: جبل بعَيْنه، مَعْروف؛ قال الراجز، يَصِفُ كَلْبةً طَلَبَتْ

وَعِلاً مُسِنّاً في هذا الجَبَل:

قد قُلْتُ، لـمَّا جَدَّتِ العُقابُ، وضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ:

جِدِّي، لكلِّ عامِلٍ ثَوابُ، الرَّأْسُ والأَكْرُعُ والإِهابُ

البَدنُ: الوَعِلُ الـمُسِنُّ؛ قال ابن بري: هذا الرجز ذكره الجوهري:

قد ضَمَّها، والبَدنَ، الحِقابُ

قال: والصواب: وضَمَّها، بالواو، كما أَوردناه. والعُقابُ: اسم

كَلْبَتِه؛ قال لها لـمَّا ضَمَّها والوَعِل الجَبَلُ: جِدِّي في لحَاق هذا

الوَعِلِ لتأْكُلِي الرَّأْسَ والأَكْرُعَ والإِهابَ.

عسف

عسف: العَسْفُ: السَّير بغير هداية والأخْذُ على غير الطريق، وكذلك

التَّعَسُّفُ والاعْتِسافُ، والعَسْف: رُكوب المَفازَةِ وقطْعُها بغير قَصْد

ولا هِداية ولا تَوَخِّي صَوْب ولا طَريق مَسْلوك. يقال: اعْتسف الطريقَ

اعتِسافاً إذا قَطَعَه دون صوْب تَوَخّاه فأَصابه. والتعسِيفُ: السَّيْرُ

على غير عَلَم ولا أَثرٍ. وعَسَفَ المَفازةَ: قَطَعَها كذلك ؛ ومنه قيل:

رجل عَسوفٌ إذا لم يَقْصِد الحقِّ؛ وقول كثيِّر:

عَسُوق بأَجْواز الفَلا حِمْيَريّة

العَسُوف: التي تمرّ على غير هداية فتركب رأْسها في السير ولا يَثْنيها

شيء. والعَسْفُ: ركوب الأَمر بلا تدبير ولا رَويّة، عسَفَه يَعْسِفُه

عَسْفاً وتَعَسَّفَه واعْتَسَفه؛ قال ذو الرمة:

قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُه

في ظِلِّ أَغْضَفَ، يَدْعُو هامَه البُومُ

ويروى: في ظل أَخْضَر، وأَنشد ابن الأَعرابي:

وعَسَفَتْ مَعاطِناً لم تَدْثُر

مدح إبلاً فقال: إذا ثبتت ثَفناتُها في الأَرض بَقِيَت آثارُها فيها

ظاهرة لم تدْثُر، قال: وقيل ترد الظِّمء الثاني، وأَثَرُ ثفناتها الأَوَّل

في الأَرض ومَعاطِنُها لم تدْثُر؛ وقال ذو الرمة:

ورَدْتُ اعْتِسافاً، والثُّرَيّا كأَنها،

على هامةِ الرأْس، ابن ماءٍ مُحَلِّقُ

وقال أَيضاً:

يَعْتَسِفانِ الليلَ ذا الحُيودِ

أَمّاً بكلِّ كوْكَبٍ حَريدِ

(* قوله «الحيود» كذا في الأصل هنا، وتقدم للمؤلف في مادة حرد: السدود.)

وعسَف فلان فلاناً عَسْفاً: ظلَمه. وعسَف السلطانُ يَعْسِفُ واعْتَسَف

وتعَسَّفَ: ظلَم، وهو من ذلك. وفي الحديث: لا تبلُغ شفاعتي إماماً

عَسُوفاً أَي جائراً ظلُوماً. والعَسْف في الأَصل: أَن يأْخذ المسافر على غير

طريق ولا جادّة ولا عَلَم فنقل إلى الظُّلم والجَوْر. وتعسَّف فلام فلاناً

إذا ركبه بالظلم ولم يُنْصِفه. ورجل عَسُوف إذا كان ظلوماً. والعَسِيفُ:

الأَجيرُ المُسْتهانُ به. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: أَن رجلاً

جاء إلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إنَّ ابْني كان عَسِيفاً على

رجل كان معه وإنه زنى بامرأَته، أَي كان أَجيراً. والعُسَفاء:

الأُجَراء، وقيل: العَسِيفُ الممْلوك المُسْتهان به؛ قال نبيه بن

الحجّاج:أَطَعْتُ النفْسَ في الشَّهَواتِ حتى

أَعادَتْني عَسِيفاً، عَبدَ عَبْدِ

ويروى: أَطعت العِرْس، وهو فَعِيل بمعنى مفعول كأَسير أَو بمعنى فاعل

كعليم من العَسْف الجَوْر والكفاية. يقال: هو يَعْسِفُهم أَي يَكْفِيهم.

وكم أَعْسِفُ عليك أَي كم أَعْمَل لك، وقيل: كل خادم عَسِيف. وفي الحديث:

لا تقتلوا عَسِيفاً ولا أَسيفاً. والأَسِيفُ: العَبْدُ، وقيل: الشيخ

الفاني، وقيل: هو الذي تشتريه بمالِه، والجمع عُسَفاء على القياس، وعِسَفةٌ

على غير القياس. وفي الحديث: أَنه بَعث سَرِيّة فنَهى عن قتل العُسَفاء

والوُصَفاء، ويروى الأُسَفاء. واعْتَسَفَه: اتّخَذه عَسِيفاً. وعسَف

البعيرُ يَعْسِفُ عَسْفاً وعُسوفاً: أَشرف على الموت من الغُدّة، فهو عاسِف،

وقيل: العَسْف أَن يَتَنَفّس حتى تَقْمُصَ حَنْجَرتُه أَي تَنْتفخ؛ وأَما

قول أَبي وجْزة السعْديّ:

واسْتَيْقَنَت أَنّ الصَّلِيفَ مُنْعَسِفْ

فهو من عَسْفِ الحَنْجرة إذا قَمَصَت للموت. وأَعْسَف الرجلُ إذا أَخذ

بعيرَه العَسْفُ، وهو نفَسُ الموت؛ وناقة عاسِفٌ، بغير هاء: أَصابها ذلك.

والعُساف للإبل: كالنِّزاع للإنسان. قال الأَصمعي: قلت لرجل من أهل

البادية: ما العُساف؟ قال: حين تَقمُص حَنجرتُه أَي ترجف من النفَس؛ قال عامر

بن الطفيل في قُرْزُل يوم الرَّقَم:

ونِعْم أَخُو الصُّعْلُوكِ أَمْسِ تَرَكْتُه

بتَضْرُعَ، يَمْري باليدينِ ويَعْسِف

وأَعسَف الرجلُ إذا أَخذ غلامَه بعمَل شديد، وأَعْسفَ إذا سار بالليل

خَبطَ عَشْواء. والعَسْفُ: القَدَحُ الضخْم. والعُسوفُ: الأقْداح

الكِبار.وعُسْفانُ: موضع وقد ذكر في الحديث؛ قال ابن الأَثير: هي قَرْية جامعة

بين مكة والمدينة، وقيل: هي مَنْهلة من مَناهِل الطريق بين الجُحفة ومكة؛

قال الشاعر:

يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا واسْـ

ـتَخْبِرا رَسْماً بعُسفانْ

والعَسّاف: اسم رجل.

ملح

ملح: المِلْح: ما يطيب به الطعام، يؤنث ويذكر، والتأْنيث فيه أَكثر.

وقد مَلَحَ القِدْرَ

(* قوله «وقد ملح القدر إلخ» بابه منع وضرب وأَما

ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.) يَمْلِحُها ويَمْلَحُها

مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيها مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً:

أَكثر مِلْحها فأَفسدها، والتمليح مثله. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب

مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر

الإِصلاح. ابن سيده عن سيبويه: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بمعنىً؛

ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ،

حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ

وقال أَبو ذؤيب:

يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصحراء فائِرُه،

كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ

يعني البحر شبّه السَّرابَ به. وتقول: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فهو

مملوح مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ.

والمِلْحُ والمَلِيح خلاف العَذْب من الماء، والجمع مِلْحَةٌ ومِلاح

وأَمْلاح ومِلَح؛ وقد يقال: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وماء مِلْح، ولا

يقال مالح إِلاَّ في لغة رديئة. وقد مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح

يَمْلَح مُلوحاً، بفتح اللام فيهما؛ عن ابن الأَعرابي، فإِن كان الماء عذباً

ثم مَلُحَ قال: أَمْلَحَ؛ وبقلة مالِحة. وحكى ابن الأَعرابي: ماء مالحٌ

كمِلْحٍ، وإِذا وصفت الشيءَ بما فيه من المُلوحة قلت: سمك مالح وبقلة

مالحة. قال ابن سيده: وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح

أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عن أَبي العباس: أَنه سمع ابن الأَعرابي

قال: ماء أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطائر، وهو

الماء المالح؛ قال وأَنشدنا:

بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، ما أَعَقَّهُ

رَبُّك، والمَحْرُومُ من لم يُسْقَهُ

أَراد: ما أَقَعَّه من القُعاع، وهو الماء المِلْحُ فقلَب. ابن شميل:

قال يونس: لم أَسمع أَحداً من العرب يقول ماء مالح، ويقال سَمك مالح،

وأَحسن منهما: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قال الجوهري: ولا يقال مالح، قال: وقال

أَبو الدُّقَيْش: يقال ماء مالِح ومِلْحٌ؛ قال أَبو منصور: هذا وإِن وُجد

في كلام العرب قليلاً لغة لا تنكر؛ قال ابن بري: قد جاء المالِح في

أَشعار الفصحاء كقول الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يصف أُتُناً وحماراً:

تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا،

وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا

وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:

وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ

غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ

أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ،

يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ

وقال عمر بن أَبي ربيعة:

ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ،

لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا

قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر

أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:

تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا،

وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا

وقال أَبو زِياد الكلابي:

صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ،

وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ

وقال جرير:

إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ

أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ

كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلاً،

ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا

قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري:

وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر. قال ابن بري: ووجه جواز

هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق،

وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع

أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك

مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ

عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:

لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا،

ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا

بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا،

يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا

وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:

أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا،

ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،

يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا

وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا ماء مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء

مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ

المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:

تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما

أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ

والمَلاَّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.

والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.

والمَلاَّح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:

حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ

ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلاَّحِ

ويروى الحَجَرات. والمَلاَّحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة

لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه

وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلاَّحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري

للأَعشى:

تَكافَأَ مَلاَّحُها وَسْطَها،

من الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ

ابن الأَعرابي: المِلاحُ الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي

المَلاَّحُ مَلاَّحاً، وقال غيره: سمي السَّفَّانُ مَلاَّحاً لمعالجته الماءَ

المِلْحَ بإِجراء السفن فيه؛ ويقال للرجل الحديد: مِلْحُه على رُكْبتيه؛ قال

مِسكينٌ الدَّارِميّ:

لا تَلُمْها، إِنها من نِسْوَةٍ

مِلحُها مَوْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ

قال ابن سيده: أَنث فإِما أَن يكون جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يكون

التأْنيث في المِلْح لغة؛ وقال الأَزهري: اختلف الناس في هذا البيت فقال

الأَصمعي: هذه زِنجِيَّة والمِلْح شحمها ههنا وسِمَنُ الزِّنْج في أَفخاذها؛

وقال شمر: الشحم يسمى مِلْحاً؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله:

ملحُها موضوعة فوق الرُّكَبْ

قال: هذه قليلة الوفاء، والمِلْحُ ههنا يعني المِلْحَ. يقال: فلان

مِلْحُه على ركبتيه إِذا كان قليل الوفاء. قال: والعرب تحلف بالمِلْح والماء

تعظيماً لهما. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ

المِلْح، وهو مِلْح وتُراب، والملح أَكثر، وذلك إِذا لم يقدر على الحَمْضِ

فأَطعمها هذا مكانه.

والمُلاَّحَة: عُشبة من الحُمُوضِ ذات قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها

القِفافُ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال، والجمع مُلاَّحٌ. الأَزهري عن الليث:

المُلاَّحُ من الحَمْضِ؛ وأَنشد:

يَخْبِطْنَ مُلاَّحاً كذاوي القَرْمَلِ

قال أَبو منصور: المُلاَّحُ من بقول الرياض، الواحدة مُلاَّحة، وهي بقلة

غَضَّة فيها مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي

النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ في وصفه روضةً: رأَيتُها تَنْدى من بُهْمَى

وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلاَّحةٍ ونَهْقَةٍ.

والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ:

يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: المُلاَّح: ضرب من النبات،

والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ

حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب

يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً

للَّوْن لا للطعم؛ وقال مَرَّةً: المُلاَّحُ عُنْقُود الكَباثِ من الأَراك

سمي به لطعمه، كأَن فيه من حرارته مِلْحاً، ويقال: نبتٌ مِلْح ومالح

للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي ماؤه مِلْح؛ قال عنترة يصف جُعَلاً:

كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلاً،

هَدُوجاً بين أَقْلِبةٍ مِلاحِ

والمِلْحُ: الحُسْنُ من المَلاحة. وقد مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً

ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فهو مَليح ومُلاحٌ ومُلاَّح. والمُلاَّحُ

أَمْلَحُ من المَليح؛ قال:

تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ،

أُجِمَّ حتى هَمَّ بالصِّياحِ

يعني فرجها، وهذا المثال لما أَرادوا المبالغة، قالوا: فُعَّال فزادوا

في لفظه لزيادة معناه؛ وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ وجمع مُلاحٍ ومُلاَّحٍ

مُلاحُون ومُلاَّحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛

وقيل: جمع المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عن أَبي عمرو، مثل شَرِيف

وأَشْراف.وفي حديث جُوَيرية: وكانت امرأَة مُلاحةً أَي شديدة المَلاحة، وهو من

أَبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري: وكانت امرأَة مُلاحة أَي ذات مَلاحة،

وفُعالٌ مبالغة في فعيل مثل كريم وكُرام وكبير وكُبارٍ، وفُعَّالٌ

مَشدّداً أَبلغ منه. التهذيب: والمُلاَّحُ أَمْلَحُ من المَليح. وقالوا: ما

أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأَنهم قالوا مُلَيْحٌ،

ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أُحَيْسِنَه؛ قال الشاعر:

يا ما أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لنا،

من هؤُلَيَّاءِ، بين الضَّالِ والسَّمُرِ

والمُلْحة والمُلَحةُ: الكلمة المَليحة.

وأَمْلَح: جاء بكلمة مَليحة. الليث: أَمْلَحْتَ يا فلانُ بمعنيين أَي

جئت بكلمة مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ.

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لها امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هل

عليَّ جُناحٌ؟ قالت: لا، فلما خرجت قالوا لها: إِنها تعني زوجها، قالت:

رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ في النار اغسلوا عني أَثرها بالماء والسِّدْرِ؛

المُلْحَة: الكلمة المليحة، وقيل: القبيحة. وقولها: اغسلوا عني أَثرها تعني

الكلمة التي أَذِنَتْ لها بها، ردُّوها لأُعلمها أَنه لا يجوز. قال أَبو

منصور: الكلام الجيد مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بالتشديد،

ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بشيء مَلِيح. والمُلْحَةُ، بالضم: واحدة

المُلَحِ من الأَحاديث. قال الأَصمعي: بَلَغْتُ بالعلم ونِلْتُ بالمُلَح؛

والمَلْح: المُلَحُ من الأَخبار، بفتح الميم. والمِلْحُ: العلم. والمِلْحُ:

العلماء.

وأَمْلِحْني بنفسك: زَيِّنِّي؛ التهذيب: سأَل رجل آخر فقال: أُحِبُّ أَن

تُمْلِحَني عند فلان بنفسك أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني.

الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بسواد وبياض. والمُلْحة من الأَلوان:

بياض تشوبه شعرات سود. والصفة أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وكل شعر وصوف

ونحوه كان فيه بياض وسواد: فهو أَمْلح، وكبش أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ

والمَلَح. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ بكبشين

أَمْلَحَينِ فذبحهما؛ وفي التهذيب: ضَحَّى بكبشين أَملحين؛ قال الكسائي

وأَبو زيد وغيرهما: الأَمْلَح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أَكثر.

وقد امْلَحَّ الكبش امْلِحاحاً: صار أَمْلَح؛ وفي الحديث: يُؤْتى بالموت

في صورة كبش أَمْلَح؛ ويقال: كبش أَمْلَحُ إِذا كان شعره خَلِيساً. قال

أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشيوخ إِليَّ الأَقْلَحُ

الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ.

وفي حديث خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لم يكن له إِلاَّ نَمِرةٌ مَلْحاءُ أَي

بُرْدَة فيها خطوط سود وبيض، ومنه حديث عبيد بن خالد

(* قوله «ومنه حديث

عبيد بن خالد إلخ» نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلاً شاباً بالمدينة فخرجت

في بردين وأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خلفي، اما باصبعه واما بقضيب كان

معه، فالتفت إلخ.): خرجت في بردين وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رسول

الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِنما هي مَلْحاء، قال: وإِن كانت

مَلْحاء أَما لك فيَّ أُسْوَةٌ؟ والمَلْحاء من النِّعاج: الشَّمطاءُ تكون

سوداء تُنْفِذها شعرةٌ بيضاء. والأَمْلَحُ من الشَّعَرِ نحو الأَصْبَح وجعل

بعضهم الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ البياض وقيل: المُلْحة بياض إِلى الحمرة

ما هو كلون الظبي؛ أَبو عبيدة: هو الأَبيض الذي ليس بخالص فيه عُفْرة.

ورجل أَمْلَحُ اللحية إِذا كان يعلو شعرَ لحيته بياضٌ من خِلْقةٍ، ليس من

شيب، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالمُلحَة؛ أَنشد ثعلب:

لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا،

حتى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا،

أَمْلَح لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا

وقيل: هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت. والمُلْحة

والمَلَحُ: في جميع شعر الجسد من الإِنسان وكلِّ شيء بياضٌ يعلو السواد.

والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حتى يَضْرِب إِلى البياض؛ وقد مَلِح مَلَحاً

وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشتدّت حتى تضرب إِلى

البياض قيل: هو أَمْلَحُ العين، ومنه كتيبة مَلْحاءُ؛ وقال حَسانُ بن ربيعة

الطائي:

وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حتى

تُوَالِّي، والسُّيُوفُ لنا شُهودُ

قال ابن بري: المشهور من الرواية: وأَنا نضرب الملحاء، بفتح الهمزة؛

وقبله:

لقد عَلِمَ القبائلُ أَن قومي

ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ

قال: ومعنى قوله حتى تولي أَي حتى تفرّ مولية يعني كتيبة أَعدائه، وجعل

تفليل السيوف شاهداً على مقارعة الكتائب ويروى: لها شهود، فمن روى لنا

شهود فإِنه جعل فُلولَها شُهوداً لهم بالمقارعة، ومن روى لها أَراد أَن

السيوف شهود على مقارعتها، وذلك تفليلها. ومَِلْحانُ: جُمادَى الآخرة؛ سمي

بذلك لابيضاضه بالثلج؛ قال الكميت:

إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ جُمْراً جُنُوبُها،

لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ

شَِيبْانُ: جُمادَى الأُولى وقيل: كانون الأَول. ومَِلْحانُ: كانون

الثاني، سمي بذلك لبياض الثلج. الأَزهري: عمرو بن أَبي عمرو: شِيبانُ، بكسر

الشين، ومَِلْحان من الأَيام إِذا ابيضت الأَرض من الجَلِيتِ والصَّقِيعِ.

الجوهري: يقال لبعض شهور الشتاء مَِلْحانُ لبياض ثلجه.

والمُلاَّحِيُّ، بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أَبيض في حبه طول،

وهو من المُلْحة؛ وقال أَبو قيس ابنُ الأَسْلَت:

وقد لاحَ في الصبحِ الثرَيَّا كما ترى،

كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ، حين نَوَّرا

ابن سيده: عنب مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قال الشاعر:

ومن تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،

يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ

قال: وحكى أَبو حنيفة مُلاَّحِيّ، وهي قليلة. وقال مرة: إِنما نسبه إِلى

المُلاَّحِ، وإِنما المُلاَّحُ في الطَّعْم، والمُلاحِيُّ من الأَراك

الذي فيه بياض وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:

فما أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها،

بقُرَّى، مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ

والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صادق الحلاوة ويُزَبَّبُ.

وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بحمرة وصفرة.

وشجرةٌ مَلْحاء: سقط ورقها وبقيت عيدانها خُضْراً. والمَلْحاء من

البعير: الفِقَرُ التي عليها السَّنامُ؛ ويقال: هي ما بين السَّنامِ إِلى

العَجُز؛ وقيل: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ من الكاهل إِلى

العجز؛ قال العجاج:

موصولة المَلْحاءِ في مُسْتَعْظمِ،

وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ

والمَلْحاءُ: ما انْحَدَرَ عن الكاهل إِلى الصلب؛ وقوله:

رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا،

لا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ

يعني بفارس المَلْحاءِ ما على السَّنام من الشحم. التهذيب: والمَلْحاءُ

وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز، وهي من البعير ما تحت السَّنام، قال: وفي

المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ والجمع مَلْحاوات.

الفرّاء: المَلِيحُ الحليم والراسِبُ والمِرَبُّ الحليم.

ابن الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وجاء في الحديث: أَن المختار لما

قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلاح وعَلَّقه؛ المِلاحُ: المِخْلاة بلغى

هذيل؛ وقيل: هو سِنانُ الرمح، قال: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرمح.

والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بعد الشَّمال.

ويقال: أَصبنا مُلْحةً من الربيع أَي شيئاً يسيراً منه. وأَصاب المالُ

مُلْحَةً من الربيع: لم يستمكن منه فنال منه شيئاً يسيراً.

والمِلْحُ: السِّمَنُ القليل. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حمل الشحم،

ومُلِح، فهو مَمْلوحٌ إِذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مَمْلوحاً، وكذلك إِذا

أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت الناقة، فهي مُمَلَّحٌ: سمنَت قليلاً؛

ومنه قول عروة بن الورد:

أَقَمْنا بها حِيناً، وأَكثرُ زادِنا

بقيةُ لَحْمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ

وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فيها بقية من سمن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً،

في الرأْسِ منها وفي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ

أَي سِمَنٌ؛ يقول: لا شحم لها إِلا في عينها وسُلاماها؛ كما قال:

ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْن

قال: أَول ما يبدأُ السِّمَنُ في اللسان والكَرِش، وآخر ما يبقى في

السُّلامَى والعين.

وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وقيل: هو مقلوب عن تَحَلَّمَتْ أَي

سمنت، وهو قول ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: ولا أُرى للقلب هنا وجهاً،

قال: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بالتخفيف، لغة في مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت

الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سمنت. ومَلَّحَ القِدْرَ: جعل فيها شيئاً من شحم.

التهذيب عن أَبي عمرو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جعلت فيها

شيئاً من شحم.

وروي عن ابن عباس أَنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الصادقُ

يُعْطى ثلاثَ خصال: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ؛ الملحة، بالضم:

البركة. يقال: كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه أَي مُخْصِباً مباركاً، وهي من

مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظهر فيها السِّمَنُ من الربيع، والمِلْحُ: البركة؛

يقال: لا يُبارِك الله فيه ولا يُمَلِّحُ، قاله ابن الأَنباري. وقال ابن

بُزُزْجٍ: مَلَحَ الله فيه فهو مَمْلوحٌ فيه أَي مبارك له في عيشه وماله؛

قال أَبو منصور: أَراد بالمُلْحة البركة. وإِذا دُعِيَ عليه قيل: لا

مَلَّحَ الله فيه ولا بارك فيه وقال ابن سيده في قوله: الصادق يُعْطى

المُلْحةَ، قال: أُراه من قولهم تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سمنت فكأَنه يريد الفضل

والزياجة. وفي حديث عمرو ابن حُرَيْثٍ

(* قوله «وفي حديث عمرو بن حريث

إلخ» صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت

أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.): عَناقٌ قد أُجيدَ تَمْلِيحُها

وأُحْكِمَ نُضْجُها؛ ابن الأَثير: التمليح ههنا السَّمْطُ، وهو أَخذ شعرها

وصوفها بالماء؛ وقيل: تمليحها تسمينها من الجزور المُمَلَّح وهو السمين؛

ومنه حديث الحسن: ذكرت له التوراة فقال: أَتريدون أَن يكون جلدي كجلد الشاة

المَمْلوحة؟ يقال: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها.

والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قال أَبو الطَّمَحانِ وكانت له إِبل يَسْقِي

قوماً من أَلبانها ثم أَغاروا عليها فأَخذوها:

وإِني لأَرْجُو مِلْحها في بُطُونِكم،

وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا

وذلك أَنه كان نزل عليه قوم فأَخذوا إِبله فقال: أَرجو أَن تَرْعَوْا ما

شَرِبْتُم من أَلبنان هذه الإِبل وما بَسَطتْ من جلود قوم كأَنَّ جلودهم

قد يبست فسمنوا منها؛ قال ابن بري: صوابه أَغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة

الروي وأَوَّلها:

أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟

تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي

قال: يقول إِني لأَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم به،

وكانوا استاقوا له نَعماً كان يسقيهم لبنها؛ ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح

أَن ابن الأَعرابي أَنشد هذا البيت في نوادره:

وما بَسَطتْ من جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ

الجوهري: والمَلْح، بالفتح، مصدر قولك مَلَحْنا لفلان مَلْحاً

أَرْضعناه؛ وقول الشاعر:

لا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبا

دِ والمِلْح ما وَلَدَت خالِدَهْ

يعني بالمِلْح الرَّضاع؛ قال أَبو سعيد: المِلْحُ في قول أَبي

الطَّمَحانِ الحرمة والذِّمامُ. ويقال: بين فلان وفلان مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كان

بينهما حرمة، فقال: أَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم بها.

قال أَبو العباس: العرب تُعَظِّمُ أَمر المِلح والنار والرماد. الأَزهري:

وقولهم مِلْح فلان على رُكْبَتيه فيه قولان: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ

لحقِّ الرضاع غير حافظ له فأَدنى شيء يُنْسيه ذِمامَه كما أَن الذي يضع

المِلْح على ركبتيه أَدنى شيء يُبَدِّدُه؛ والقول الآخر أَنه سَيء الخلق يغضب

من أَدنى شيء كما أَنَّ المِلح على الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ من أَدنى

شيء.وروي قوله: والمِلح ما ولدت خالده، بكسر الحاء، عطفه على قوله لا يبعد

الله وجعل الواو واو القسم. ابن الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابن سيده:

مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يقال: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رضع، ومَلَح

الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً.

والمِلاحُ: المُراضَعة؛ الليث: المِلاحُ الرَّضاعُ، وفي حديث وَفْدِ

هَوازِنَ: أَنهم كلموا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سَبْيِ عَشائرهم

فقال خطيبُهم: إِنا لو كنا مَلَحْنا للحرث بن أَبي شَمِر أَو للنعمان بن

المنذِرِ ثم نزل مَنْزِلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأَنت خير المكفولين

فاحفظ ذلك؛ قال الأَصمعي: في قوله مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لهما، وإِنما قال

الهَوازِنيُّ ذلك لأَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان مُسْتَرضَعاً

فيهم أَرضعته حليمة السعدية.

والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قال ابن بري: قال أَبو القاسم

الزجاجي لا يصح أَن يقال تَمالَحَ الرجلان إِذا رضع كل واحد منهما صاحبه، هذا

مُحال لا يكون، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصبي المرأَةَ وهذا ما لا تصح

فيه المفاعلة، فالمُمَالحة لفظة مولَّدة وليست من كلام العرب، قال: ولا يصح

أَن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأْخوذاً من المِلْح لأَن الطعام لا يخلو

من الملح، ووجه فساد هذا القول أَن المفاعلة إِنما تكون مأْخوذة من مصدر

مثل المُضاربة والمقاتلة، ولا تكون مأْخوذة من الأَسماء غير المصادر،

أَلا ترى أَنه لا يحسن أَن يقال في الاثنين إِذا أَكلا خبزاً بينهما

مُخَابزَة، ولا إِذا أَكلا لحماً بينهما مُلاحَمة؟ وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ

المَلْحةُ والمَلْحتان أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بالجيم، فهو

المصَّة وقد تقدمت. والمَِلْح، بالفتح والكسر: الرَّضْعُ.

والمَلَحُ: داء وعيب في رجل الدابة؛ وقد مَلِحَ مَلَحاً، فهو أَمْلَحُ.

والمَلَحُ، بالتحريك. وَرَم في عُرْقوب الفرس دون الجَرَدِ، فإِذا

اشتدَّ، فهو الجَرَدُ.

والمَلْحُ: سرعة

(* قوله «والملح سرعة إلخ» يقال ملح الطائر كمنع كثرت

سرعة خفقانه كما في القاموس.) خَفَقانِ الطائر بجناحيه؛ قال:

مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ

قال أَبو حاتم: قلت للأَصمعي أَتراه مقلوباً من اللَّمْح؟ قال: لا،

إِنما يقال لَمَحَ الكوكَبُ ولا يقال مَلَح، فلو كان مقلوباً لَجَاز أَن يقال

مَلَح.

والأَمْلاحُ: موضع؛ قال طَرَفَةُ بن العَبْد:

عَفا من آلِ لَيْلَى السَّهْـ

ـبُ، فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ

وهذه كلها أَسماء أَماكن. ابن سيده: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ

وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كلها مواضع؛

قال جرير:

كأَنَّ سَلِيطاً في جَواشِنِها الحَصى،

إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها

قوله في جواشِنَها الحضى أَي كأَنَّ أَفْهاراً في صدورهم، وقيل: أَراد

أَنهم غلاظ كأَنَّ في قلوبهم عُجَراً؛ قال الأَخطل:

بمُرْتَجِزٍ داني الرِّبابِ كأَنه،

على ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها

وبنو مُلَيْحٍ: بطن، وبنو مِلْحانَ كذلك. والأُمَيْلِحُ: موضع في بلاد

هُذَيل كانت به وقعة؛ قال المتنخل:

لا يَنْسَأُ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا

يومَ الأُمَيْلِح، لا غابُوا ولا جَرَحوا

يقول: لم يغيبوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، ولا جَرَحوا

أَي ولا قاتلوا إِذ كانوا معنا.

ويقال للنَّدَى الذي يسقط بالليل على البَقْل: أَمْلَحُ، لبياضه؛ وقول

الراعي يصف إِبلاً:

أَقامتْ به حَدَّ الربيعِ، وَجارُها

أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى به الليلُ، أَمْلَحُ

يعني الندى؛ يقول: أَقامت بذلك الموضع أَيام الربيع، فما دام الندى، فهو

في سلوة من العيش، وإِنما قال مَسَّى به لأَنه يسقط بالليل؛ أَراد

بجارها ندى الليل يجيرها من العطش.

والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كتيبتان كانتا لأَهل جَفْنَة؛ قال الجوهري:

والمَلْحاء كتيبة كانت لآل المُنْذِر؛ قال عمرو بن شاسٍ الأَسَدِيّ:

يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَما

تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ في الأَمرِ ذي البَزْلِ

والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشدة. ومُلْحةُ: اسم رجل.

ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شاعر من شعرائهم. ومُلَيْحٌ، مصغراً: حَيّ من خُزاعة

والنسبة إِليهم مُلَحِيٌّ مثال هُذَليٍّ.

التهذيب: والمِلاحُ أَن تشتكي الناقة حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى

عليها دواء ثم تُلْصَقَ على الحياء فيَبرَأَ. وقال أَبو الهيثم: تقول

العرب للذي يَخْلِطُ كذباً بصِدْقٍ: هو يَخْصف حِذاءَه وهو يَرْتَثِئُ إِذا

خَلَط كذباً بحق، ويَمْتَلِحُ مثله، فإِذا قالوا فلان يَمْتَلِح، فهو

الذي لا يُخْلِصُ الصدق، وإِذا قالوا عند فلان كذب قليل، فهو الصَّدُوق الذي

لا يكذب، وإِذا قالوا إِن فلاناً يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.

Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.