المناظرة: عِنْد أَصْحَابهَا توجه المتخاصمين فِي النِّسْبَة بَين الشَّيْئَيْنِ إِظْهَارًا للصَّوَاب مَأْخُوذَة إِمَّا من النظير بِمَعْنى أَن مأخذهما شَيْء وَاحِد. أَو من النّظر بِمَعْنى الإبصار لَا بِمَعْنى الْفِكر وَالتَّرْتِيب. أَو بِمَعْنى الْتِفَات النَّفس إِلَى المعقولات والتأمل فِيهَا. أَو بِمَعْنى الِانْتِظَار. أَو بِمَعْنى الْمُقَابلَة. وَوجه الْمُنَاسبَة أَن فِي الأول إِيمَاء إِلَى أَنه يَنْبَغِي أَن يكون المناظرة بَين متماثلين بِأَن لَا يكون أَحدهمَا فِي غَايَة الْعُلُوّ والكمال وَالْآخر فِي نِهَايَة الدناءة وَالنُّقْصَان والزوال - أما سَمِعْتُمْ أَن رجلا بحاثا من الطلباء المستعدين أَتَى إِلَى بَاب الْأَمِير الْكَبِير وَزِير الممالك نواب سعد الله خَان وَهُوَ كَانَ فَاضلا جيدا - وَقَالَ للبوابين أَخْبرُوهُ أَن طَالب الْعلم جَاءَك للبحث والمناظرة مَعَك. فَطَلَبه فِي الْخلْوَة وَقَالَ أَتُرِيدُ المباحثة مني قَالَ نعم فَقَالَ الْأَمِير المباحثة بيني وَبَيْنك غَدا فتزين فِي الْغَد بمراسم الْإِمَارَة باللباس الفاخر وَالْجُلُوس فِي الْمَكَان العالي مَعَ حشمته وجلاله والأمراء الْعِظَام قائمون حوله بالأدب وَالْوَقار. فَطَلَبه وَقَالَ سل عَمَّا شِئْت فَقَالَ يَا أَمِير رُتْبَة السَّائِل دون رُتْبَة الْمُجيب أَنْت سل فَسَأَلَ الْأَمِير مَتى وَقت صَلَاة الْمغرب فَأجَاب يَا أَمِير وَقتهَا عِنْد غرُوب الْحَشَفَة فَضَحِك الْأَمِير وَسَائِر جُلَسَائِهِ وَقَالَ لم قلت هَكَذَا قَالَ لما رَأَيْت الْأَمِير بِهَذِهِ الشَّوْكَة والجلال غلب الشَّهْوَة عَليّ. فعلكيم أَيهَا الإخوان أَن لَا تنَاظرُوا إِلَّا بمثلكم وَلَا بأجنبي مَسْتُور الْحَال وَلَا فِي مجمع النَّاس خُصُوصا عِنْد كَثْرَة الجهلاء - وَفِي الثَّالِث إِيمَاء إِلَى أَوْلَوِيَّة التَّأَمُّل بِأَن لَا يَقُول مَا لم يتَأَمَّل فِيمَا يُرِيد أَن يَقُول - وَفِي الرَّابِع إِلَى أَنه جدير أَن ينْتَظر أحد المتخاصمين إِلَى أَن يتم كَلَام الآخر لَا أَن يتَكَلَّم فِي وسط كَلَامه. وآداب المناظرة فِي آدَاب الْبَحْث والمناظرة.
المناظرة: لغة من النظير أو من النظر بالبصر. واصطلاحا: النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب.