ورع رعى قَالَ أَبُو عبيد: يَقُول: إِذا رأيتَه فِي مَنْزِلك فادْفَعْه واكْفُفْه بِمَا اسْتَطَعْت وَلَا تنْتَظر فِيهِ شَيْئا وكلّ شَيْء كفَفْتَه فقد ورَعْتَه وَقَالَ أَبُو زبيد: [الطَّوِيل] وورَّعتُ مَا يكبي الوجوهَ رِعَايَة ... لَيْحُضر خير أَو ليقُصر مُنْكَرُ ... يَقُول: ورَّعْتُ عَنْكُم مَا يكبي وُجُوهكُم تَمَنَّنَ بذلك عَلَيْهِم. وَقَوله: لَا تُراعِه يَقُول: لَا تنتظره وكل شَيْء تنتظره فَأَنت [تُراعيه و -] ترعاه قَالَ الْأَعْشَى: [الْكَامِل]
فَظَلِلْتُ أرعاها وظلَّ يَحُوطُهَا ... حَتَّى دنوتُ إِذْ الظلامُ دَنا لَهَا ... يذكر امْرَأَة وَمِنْه قيل للصَّائِم: هُوَ يرْعَى الشَّمْس يَعْنِي أَن تغيب وَكَذَلِكَ الساهر يرْعَى النُّجُوم. وَقَالَ أَبُو عبيد: وَقد فسّر بعض الْفُقَهَاء قَوْله: وَرِّع يَقُول: بره من السّرقَة وَلَا تتهمه يذهب [بِهِ -] إِلَى الْوَرع وَلَيْسَ هَذَا من الوَرَع فِي شَيْء إِنَّمَا هَذَا رخصَة من عمر فِي الْإِقْدَام عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يرْوى عَن ابْن عمر أَنه رأى لِصّا فِي دارِه قَالَ: فطلبَ السَّيْف أَو غَيره من السِّلَاح ليقدَمَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يرْوى عَن ابْن سِيرِين [أَنه -] قَالَ: مَا كَانُوا يُمسكون عَن اللصّ إِذا دخل دَار أحدهم تأثما. عقل وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عُمَر [رَضِيَ الله عَنْهُ -] أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: إِن ابْن عَمّي شُجَّ مُوضحَة فَقَالَ: أَمن أهل القُرَى أم من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ عمر: إِنَّا لَا نتعاقل المضغ بَيْننَا.
مضغ قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا الحَدِيث يحملهُ بعض أهل الْعلم على أَن أهل الْقرى لَا يعْقلُونَ عَن أهل الْبَادِيَة وَلَا أهل الْبَادِيَة عَن أهل الْقرى وَفِيه هَذَا التَّأْوِيل وَزِيَادَة أَيْضا أَن الْعَاقِلَة لَا تحمل السِّنَّ والموضحة والإصبَعَ وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا كَانَ دون الثُّلُث فِي قَول عمر وعليّ هَذَا قَول أهل الْمَدِينَة إِلَى الْيَوْم يَقُولُونَ: مَا كَانَ دون الثُّلُث فَهُوَ فِي مَال الْجَانِي فِي الْخَطَأ وأمّا أهل الْعرَاق فَيرَون [أَن -] المُوضَحة فَمَا فَوْقهَا على الْعَاقِلَة [إِذا كَانَ خطأ -] وَمَا كَانَ دون المُوِضحة فَهُوَ فِي مَال الْجَانِي وَإِنَّمَا سمّاها مُضّغا فِيمَا نرى أَنه صغَّرها وقللَّها / كالمضغة من الْإِنْسَان فِي خَلْقه. وَفِي حَدِيث عمر 4 / الف قَالَ: لَا يعقل أهل الْقرى الْمُوَضّحَة ويعقلها أهل الْبَادِيَة.