Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ينقب

خَسف

خَسف
) خَسَفَ الْمَكَانُ، يَخْسِفُ، خُسُوفاً: ذَهَبَ فِي الأَرْضِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وخَسَفَ الْقَمَرُ: مِثْلُ كَسَفَ. أَو كَسَفَ لِلشَّمْسِ، وخَسَفَ لِلْقَمَرِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا أَجْوَدُ الكلامِ. أَو الْخُسُوفُ: إِذا ذَهَبَ بَعْضُهُمَا، والْكُسُوفُ كُلُّهُمَا، قَالَهُ أَبو حاتمٍ.
وَفِي الحَدِيثِ: إِنَّ الشَّمْسَ والْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ يُقَال: خَسَفَ القَمَرُ، بوَزْنِ ضرب: إِذا كَانَ الفِعْلُ لَهُ، وخُسِفَ، علَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، ويُقَال: خُسُوفُ الشمسِ: دُخُولُهَا فِي السماءِ، كأَنَّهَا تَكَوَّرَتْ فِي جُحْرٍ.
قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: قد وَرَدَ الخُسُوفُ فِي الحديثِ كثيرا للشَّمْسِ، والمعرُوفُ لَهَا فِي اللُّغَةِ الكُسوفُ لَا الخُسُوفُ، فَأَمَّا إِطْلاقُه فِي مِثْلِ هَذَا فتَغْلِيباً للقمرِ، لِتَذْكِيرِه، على تَأْنيثِ الشَّمْسِ، فجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَخْصُّ القمرَ، ولِلْمُعَاوَضَةِ أَيْضاً، فإِنَّه قد جاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ الشَّمْسَ والْقمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ وأَمّا إِطْلاقُ الخُسُوفِ والكُسُوفِ فِي معنى ذَهَابِ نُورِهِما وإِظْلامِهِمَا.
وَمن المَجَازِ: خَسَفَ عَيْنَ فُلانٍ، يَخْسِفُها، خَسْفاً: أَي فَقَأَهَا، فَهِيَ خَسِيفَةٌ، فُقِئَتْ حَتَّى غَابَ حَدَقَتاهَا فِي الرَّأْسِ. ومِن المَجَازِ: خَسَفَ الشَّيْءَ، يَخْسِفُهُ، خَسْفاً: أَي خرَّقَهُ، فَخَسَفَ هُوَ، كضَرَبَ، أَي انْخَرَقَ، لاَزِمٌ مُتَعَدٍّ، والشَّيْءَ: قَطعَهُ، والعَيْنُ: ذَهَبَتْ أَو سَاخَتْ، والشَّيْءُ، خَسْفاً: نَقَصَ. يُقَالُ: خَسَفَ السَّقْفُ نَفْسُه: أَي انْخَرَقَ. وخَسَفَ فُلاَنٌ: خَرَجَ مِن الْمَرَضِ، نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْد، وَهُوَ مَجازٌ.
وخَسَفَ البِئْرُ، خَسْفاً: حَفَرَهَا فِي حِجَارَةٍ، فَنَبَعَتْ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَلاَ يَنْقَطِعُ، وَقيل: هُوَ أَن يُنْقَبَ جَبَلُهَا عَن عَيْلَمِ الماءِ فَلَا يَنْزَحُ أَبَداً، وَقيل: هُوَ أَن يَبْلُغَ الحَافِرُ إِلَى مَاءٍ عِدٍّ. وَفِي حديثِ الحَجَّاجِ، قَالَ لرَجُل بَعَثَهُ يَحْفِرُ بِئْراً: أَخْسَفْتَ، أَم أَوْشَلْتَ أَي: أَأَطْلَعْتَ مَاءً كثيرا أَم قَلِيلاً.
وَمن ذَلِك أَيضاً مَا جاءَ فِي حديثِ عُمَرَ، أَنّ العَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا سَأَلَهُ عَن الشُّعَراءِ، فَقَالَ: امْرُؤُ القَيْسِ سَابِقُهُم، خَسَفَ لَهُم عَيْنَ الشِّعْرِ، فَافْتَقَرَ عَن مَعانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ، أَي: أَنْبَطَهَا لَهُم وأَغْزَرَهَا، يُرِيد أَنَّه ذَلَّلَها لَهُم، وبَصَّرَهُم بمَعَانِي الشِّعْرِ، وفَنَّنَ أَنْوَاعَهُ وقَصَّدَهُ، فاحْتَذَى الشُّعَراءُ علَى مِثَالِهِ، فاسْتَعَارَ العَيْنَ لذَلِك، وَقد ذُكِرَ فِي ف ق ر، وَفِي ن ب ط.
فَهِيَ خَسِيفٌ، وخَسُوفٌ كَأَمِيرٍ، وصَبُورٍ، ومَخْسُوفَةٌ، وخَسِيفَةٌ، وَقَالَ بعضُهم: يُقَالُ: بِئْرٌ خَسِيفٌ، لَا يُقَالُ غير ذَلِك، ويُقَال: وَمَا كانَتِ البِئْرُ خَسِيفاً، وَلَقَد خَسَفَتْ، قَالَ:)
قد نُزِحَتْ إِنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفَا أَو يَكُنِ الْبَحْرُ لَهَا حَلِيفَا أَخْسِفَةٌ، وخُسُفٌ، الأَخِيرُ بضَمَّتَيْنِ عَن أَبي عمرٍ و، وشَاهِدُه قَوْلُ أَبِي نُوَاسٍ يَرْثِي خَلَفاً الأَحْمَر: مَنْ لَا يَعُدُّ الْعِلْمَ إِلاَّ مَا عَرَفْ قَلَيْذَمٌ مِنَ الْعَيَالِيمِ الْخُسُفْ وخَسَفَ اللهُ بِفَلاَنٍ الأَرْضَ، خَسْفاً: غَيَّبَهُ فِيهَا، وَمِنْه قَوْلُهُ تَعالَى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ، الأَرْضَ وَقَرَأَ حَفْصٌ، ويَعْقُوبُ، وسَهْلٌ قَوْلَه تعالَى: لَخَسَفَ بِنَا، كضَربَ، والباقُونَ: لَخُسِفَ بِنَا، علَى بِنَاءٍ المَجْهُولِ. ومِن المَجَازِ: الْخَسْفُ: النَّقِيصَةُ، يُقَال: رَضِيَ فُلانٌ بالخَسْفِ، أَي: بالنَّقِيصَةِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، والخَسْفُ: مَخْرَجُ مَاءِ الرَّكِيَّةِ، حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ، كَمَا فِي الصِّحَّاحِ. والخَسْفُ: عُمُوقُ ظَاهِرِ الأَرْضِ.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الخَسْفُ: الْجَوْزُ الذِي يُْكَلُ، ويُضَمُّ فِيهِمَا فِي الجَوْزِ والعُمُوقِ، أَمَّا أَبو عمرٍ وفإِنَّهُ رَوَى فِيهِ بمَعْنَى الجَوْزِ الفَتْحَ والضَّمَّ، وَقَالَ: هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الشِّحْرِ، واقْتَصَرَ أَبو حَنِيفَةَ علَى الضَّمِّ، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَهُوَ الصحيحُ. والخَسْفُ أَيضاً مِن السَّحَابِ: مَا نَشَأَ مِن قِبَلِ الْمَغْرِبِ الأَقْصَى عَن يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ غيرُه: مَا نَشَأَ مِن قِبَلِ العَيْنِ حَامِلاً مَاء كَثِيراً، والعَيْنُ عَن يَمِينِ القِبْلَةِ. ومِن المَجَازِ: الخَسْفُ: الإِذْلاَلُ، وأَن يُحَمِّلَكَ الإِنْسَانُ مَا تَكْرَهُ، قَالَ جَثَّامَةُ:
(وتِلْكَ الَّتِي رَامَهَا خُطَّةٌ ... مِنَ الخَصْمِ تَسْتَجْهِلُ المَحْفِلاَ)
يُقَالُ: سَامَهُ خَسْفاً، بالفَتْحِ، ويُضَمُّ، وسَامَهُ الخَسْفَ: إِذا أَوْلاَهُ ذُلاًّ، ويُقَال: كَلَّفَهُ المَشَقَّةَ والذُّلَّ، كَمَا فِي الصِّحاحِ. وَفِي حديثِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَنْ تَرَكَ الجِهَادَ أَلْبَسَهُ اللهُ الذِّلَّةَ، وَسِيمَ الخَسْفَ، وأَصْلُه أَنْ تَحْبِسَ الدَّابَّةَ بِلاَ عَلَفٍ، ثمَّ اسْتُعِيرَ فوُضِعَ مَوْضِعَ الهَوَانِ والذُّلِّ، وسِيمَ: أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ. ويُقَال: شَرِبْنَا علَى الْخَسْفِ: أَي: علَى غَيْرِ أَكْلٍ، قَالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وابنُ الأَعْرَابِيِّ.
ويُقَال: بَاتَ فُلانٌ الْخَسْفَ: أَيْ جَائِعاً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ هَكَذَا، وَهُوَ مَجازٌ.
وَقَالَ غيرُه: بَاتَ القَوْمُ عَلَى الخَسْفِ: إِذا بَاتُوا جِيَاعاً، لَيْسَ لَهُم شيْءٌ يَتَقَوُّتُونَ بِهِ، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:
(بِتْنَا علَى الْخَسْفِ لاَ رِسْلٌ نُقَاتُ بِهِ ... حَتَّى جَعَلْنَا حِبَالَ الرَّحْلِ فُصْلاَنَا)
أَي: لَا قُوتَ لنا، حَتَّى شَدَدْنَا النُّوقَ بالحِبَالِ لِتَدِرَّ عَلَيْنَا، فنَتَقَوَّتَ لَبَنَهَا، وَقَالَ بِشْرٌ:)
(بِضَيْفٍ قد أَلَمَّ بِهِمْ عِشَاءً ... علَى الْخَسْفِ الْمُبَيَّنِ والْجُدُوبِ)
وَقَالَ أَبو الهَيْثَمِ: الخَاسِفُ: الجَائِعُ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أَوْسٍ: (أَخُو قُتُرَاتٍ قد تَبَيَّنَ أَنَّهُ ... إِذَا لم يُصِبْ لَحْماً مِنَ الْوَحْشِ خَاسِفُ)
والْخَسْفَةُ: بالفَتْحِ: مَاءٌ غَزِيرٌ، وَهُوَ رَأْسُ نَهْرِ مُحْلِّمٍ بِهَجَرَ. والْخَاسِفُ: الْمَهْزُولُ، وَهُوَ مَجَازٌ، وَقَالَ ابنُ عَبَّادٍ: هُوَ الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، وَقد خَسَفَ بَدَنُهُ: إِذا هَزُلَ، ولَوْنُهُ: إِذا تَغَيَّرَ، وَفِي الأَسَاسِ: فُلانٌ بَدَنُهُ خَاسِفٌ، ولَوْنُهُ كَاسِفٌ، وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الخَاسِفُ: الْغُلاَمُ النَّشِيطُ الْخَفِيفُ، والشِّينُ المُعْجَمَةُ لُغَةٌ فِيهِ، وَقَالَ أَبو عمرٍ و: الخَاسِفُ: الرَّجُلُ النَّاقِهُ، ج: خُسُفٌ، ككُتُبٍ. ويُقَال: دَعِ الأَمْرَ يَخْسُفُ، بِالضَّمِّ: أَي دَعْهُ كَمَا هُوَ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ. وخُسَاف، كغُرَابٍ: بَرِّيَّةٌ بَيْن بَالِسَ وحَلَبَ، وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: مَفَازَةٌ بيْنَ الْحِجَازِ والشَّأْمِ.
ومِن المَجَازِ: الخَسِيفُ، كأَمِيرٍ: الْغَائِرَةُ مِن الْعُيُونِ، يُقَال: عَيْنٌ خَسِيفٌ، وبِئْرٌ خَسِيفٌ، لَا غَيْرُ، وأَنْشَدَ الفَرَّاءُ: مِنْ كُلِّ مُلْقِى ذَقَنٍ جَحُوفِ يُلِحُّ عِنْدَ عَيْنِهَا الْخَسِيفِ كالْخَاسِفِ، بلاَ هَاءٍ أَيضاً، وَمن المَجَازِ: الخَسِيفُ مِن النُّوقِ: الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ، السَّرِيعَةُ الْقَطْع فِي الشِّتَاءِ، وَقد خَسَفَتْ هِيَ، تَخْسِفُ، خَسْفاً، وخَسَفَهَا اللهُ، خَسْفاً، ومِنَ السَّحَابِ: مَا نَشَأَ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ حَامِلاً مَاءً كثِيراً، كالخِسْفِ بالكَسْرِ. والأَخَاسِيفُ: الأَرْضُ اللَّيِّنَةُ، يُقَال: وقَعُوا فِي أَخَاسِيفَ مِنَ الأَرْضِ، كَمَا فِي الصِّحَاحِ، ويُقَال أَيضاً: الأَخَاسِفُ، نَقَلَهُ الفَرَّاءُ.
والْخَيْسَفَانُ، بِفَتْحِ السِّينِ، وضَمِّهَا، هَكَذَا فِي سَائِرِ النُّسَخِ، بتَقْدِيمِ الياءِ على السِّينِ، ومِثْلُه فِي العُبَابِ، وَالَّذِي فِي اللِّسَانِ: الخَسِيفَانُ، بتَقْدِيمِ السِّينِ على الياءِ، وَهَذَا الضَّبْطُ الَّذِي ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ غَرِيبٌ، لم أَجِدْهُ فِي الأُمَّهَاتِ، والصَّوابُ أَنَّ هَذَا الضَّبْطَ إِنَّمَا هُوَ فِي النُّونِ، فَفِي النَّوَادِرِ لأَبِي عليٍّ الهَجَرِيِّ، مَا نَصُّه: الخَسِيفانُ: التَّمْرُ الرَّدِّيءُ، وزَعَمَ الأَخِيرُ أَنَّ النُّونَ نُونُ التَّثْنِيَةِ، وأَنَّ الضَّمَّ فِيهَا لُغَةٌ، وحكِيَ عَنهُ أَيضاً: هُمَا خَلِيلاَنُ، بضَمِّ النُّونِ، أَو: هِيَ النَّخْلَةُ يَقِلُّ حَمْلُهَا وَيَتَغَيَّرُ بُسْرُهَا، كَمَا فِي العُبَابِ.
ويُقَال: حَفَرَ فأَخْسَفَ، أَي وَجَدَ بِئْرَهُ خَسِيفاً، أَي غَائرَةً. ومِن المَجَازِ: أَخْسَفَتِ العَيْنُ أَي: عَمِيَتْ كَانْخَسَفَت، الأَخِيرُ مُطَاوِعُ خَسَفَهُ فَانْخَسَفَ، الأَخِيرُ مُطَاوِعُ خَسَفَهُ فَانْخَسَفَ، وَهُوَ مَجَازٌ.)
وقُرِيءَ قَوْلُه تَعَالَى: لَوْلاَ أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لاَ نْخُسِفَ بِنَا، علَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، كَمَا يُقَالُ: انْطُلِقَ بِنَا، وَهِي قِرَاءَةُ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، زَادَ الصَّاغَانِيُّ: والأَعْمَشِ، وطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وابنِ قُطَيْبٍ، وأَبَان بنِ تَغْلِبَ، وطَاوُس. والمُخَسَّفُ، كمُعْظَّمٍ: الأَسَدُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ، فِي التَّكْمِلَةِ.
ومّما يسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: انْخَسَفَتِ الأَرْضُ: سَاخَتْ بِمَا عَلَيْهَا. وخَسَفَهَا اللهُ تعالَى، خَسْفاً. وانْخَسَفَ بِهِ الأَرْض، وخُسِفَ بِهِ الأَرْضُ، مَجْهُولاً: إِذا أَخَذَتْهُ الأَرْضُ ودَخَلَ فِيهَا. والخَسْفُ: إِلْحَاقُ الأَرْضِ الأُولَى بالثَّانِيَةِ، وانْخَسَفَ السَّقْفُ: انْخَرَقَ، والخَسِيفُ، كأَمِيرٍ: السَّحَابُ، يَنْشَأُ مِن قِبَلِ العَيْنِ، والخَسْفُك الهُزَالُ والظُّلْمُ، قَالَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ: (وَلم أَرَ كَامْرِيءٍ يَدْنُو لِخَسْفٍ ... لَهُ فِي الأَرْضِ سَيْرٌ وانْتِوَاءُ)
والمَخَاسِفُ فِي قَوْلِ سَاعِدَةَ الهُذَلِيِّ:
(أَلاَ يَا فَتًى مَا عَبْدُ سَمْشٍ بِمِثْلِهِ ... يُبَلُّ علَى الْعَادِي وتُؤْبَى الْمَخَاسِفُ)
جمع خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشَابِهَ، ومَلامِحَ. والخَسِيفَةُ: النَّقِيصةُ، عَن ابنِ بَرِّيّ، وأَنْشَدَ:
(ومَوْتُ الفَتَى لم يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً ... أَعَفُّ وأَغْنَى فِي الأَنَام وأَكْرَمُ)
ومِن المَجازِ: خَسَفَتْ إِبِلُكَ وغَنَمُك، وأَصابَتْهَا الخَسْفَةُ، وَهِي تَوْلِيَةُ الطِّرْقِ، ولِلْمَالِ خَسْفَتانِ، خَسْفَةٌ فِي الحَرِّ، وخسْفَةٌ فِي البَرْدِ، كَمَا فِي الأَسَاسِ. وآبِي الخَسْفِ: لَقَبُ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبدِ العُزَّي، وَهُوَ أَبو خَدِيجَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ، ورَضِيَ عَنْهَا، وعَن بَنِيهَا، وَفِيه يَقُولُ يحيى بنُ عرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ:
(أَبٌ لِي آبِي الخَسْفِ قد تَعْلَمونَه ... وفَارِسُ مَعْرُوفٍ رَئِيسُ الكَتَائِبِ)
والخُسوف: مَوْضِعٌ بَين الجَوْزِ وجَازَانَ باليَمَنِ.

جُرْجانُ

جُرْجانُ:
بالضم، وآخره نون قال صاحب الزيج:
طول جرجان ثمانون درجة ونصف وربع، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة، في الإقليم الخامس، وروى بعضهم أنها في الإقليم الرابع، وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: طول مدينة جرجان ست وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها أربعون درجة، في الإقليم الخامس، طالعها النور ولها شركة في كف الخضيب ثلاث درج وست عشرة دقيقة وشركة في مرفق الدب الأصغر تحت سبع عشرة درجة وست عشرة دقيقة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان. وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدّها من هذه، وقيل: إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة، وقد خرج منها خلق من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين، ولها تاريخ ألفه حمزة بن يزيد السّهمي.
قال الإصطخري: أما جرجان فإنها أكبر مدينة بنواحيها، وهي أقل ندّى ومطرا من طبرستان، وأهلها أحسن وقارا وأكثر مروءة ويسارا من كبرائهم، وهي قطعتان: إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ، وبينهما نهر كبير يجري يحتمل أن تجري فيه السفن، ويرتفع منها من الإبريسم وثياب الإبريسم ما يحمل إلى جميع الآفاق، قال: وإبريسم جرجان بزر دودة يحمل إلى طبرستان، ولا يرتفع من طبرستان بزر إبريسم، ولجرجان مياه كثيرة وضياع عريضة، وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا من جرجان على مقدارها، وذلك أن بها الثلج والنخل، وبها فواكه الصرود والجروم، وأهلها يأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق
المحمودة قال: وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسّتر والسخاء، منهم: البرمكي صاحب المأمون، ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم، وأوزانهم المنّ ستمائة درهم، وكذلك الري وطبرستان.
وقال مسعر بن مهلهل: سرت من دامغان متياسرا إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر، بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصب السكر والأترج، وبها إبريسم جيد لا يستحيل صبغه، وبها أحجار كبيرة، ولها خواصّ عجيبة، وبها ثعابين تهول الناظر لكن لا ضرر لها ولأبي الغمر في وصف جرجان:
هي جنّة الدّنيا التي هي سجسج، ... يرضى بها المحرور والمقرور
سهليّة جبليّة بحريّة، ... يحتلّ فيها منجد ومغير
وإذا غدا القنّاص راح بما اشتهى ... طبّاخه، فملهّج وقدير
قبج ودرّاج وسرب تدارج، ... قد ضمّهن الظبي واليعفور
غربت بهنّ أجادل وزرازر ... وبواشق وفهودة وصقور
ونواشط من جنس ما هي أفتنت ... رأي العيون بها، وهنّ النور
وكأنما نوّارها برياضها، ... للمبصريه، سندس منشور
وللصاحب كافي الكفاة أبي القاسم في كتابه كافي الرسائل في ذمّ جرجان:
نحن والله من هوائك، يا جر ... جان، في خطّة وكرب شديد
حرّها ينضج الجلود، فإن هبّت ... شمالا تكدّرت بركود
كحبيب منافق، كلما همّ ... بوصل أحاله بالصّدود
وقال أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد:
ألا ربّ يوم لي بجرجان أرعن، ... ظللت له من حرقه أتعجّب
وأخشى على نفسي اختلاف هوائها، ... وما لامرئ عما قضى الله مهرب
وما خير يوم أخرق متلوّن ... ببرد وحرّ، بعده يتلهّب
فأوّله للقرّ والجمر ينقب، ... وآخره للثلج والخيش يضرب
وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الوليد الشاعر ضياع جرجان وضمّنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم، وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها فقال:
ألا يا نخلة بالسف ... ح من أكناف جرجان
ألا إني وإياك ... بجرجان غريبان
ثم مات مع تمام الإنشاد وقد نسب الأقيشر اليربوعي، وقيل ابن خزيم، إليها الخمر فقال:
وصهباء جرجانية لم يطف بها ... حنيف، ولم ينفر بها ساعة قدر
ولم يشهد القسّ المهيمن نارها ... طروقا، ولم يحضر على طبخها حبر
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة، ... وقد لاحت الشّعرى وقد طلع النّسر
فقلت اصطبحها أو لغيري فأهدها، ... فما أنا بعد الشيب ويحك والخمر!
تعفّفت عنها في العصور التي مضت، ... فكيف التصابي بعد ما كمل العمر؟
إذا المرء وفّى الأربعين، ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى، ... وإن جرّ أسباب الحياة له الدهر
وكان أهل الكوفة يقولون: من لم يرو هذه الأبيات فإنه ناقص المروءة وأما فتحها فقد ذكر أصحاب السير أنه لما فرغ سويد بن مقرّن من فتح بسطام في سنة 18 كاتب ملك جرجان ثم سار إليها وكاتبه روزبان صول وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزية ويكفيه حرب جرجان، وسار سويد فدخل جرجان وكتب لهم كتاب صلح على الجزية وقال أبو نجيد:
دعانا إلى جرجان، والرّيّ دونها، ... سواد فأرضت من بها من عشائر
وقال سويد بن قطبة:
ألا ابلغ أسيدا، إن عرضت، بأننا ... بجرجان في خضر الرياض النواضر
فلما أحسونا وخافوا صيالنا ... أتانا ابن صول، راغما، بالجرائر
وممن ينسب إليها من الأئمة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الأسترآباذي الفقيه أحد الأئمة، سمع يزيد بن محمد بن عبد الصمد وبكار بن قتيبة وعمار بن رجاء وغيرهم، قال الخطيب: وكان أحد أئمة المسلمين والحفّاظ بشرائع الدين مع صدق وتورّع وضبط وتيقظ، سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز ومصر، وورد بغداد قديما وحدث بها، فروى عنه من أهلها يحيى بن محمد بن صاعد وغيره، وقال أبو علي الحافظ: كان أبو نعيم الجرجاني أوحد ما رأيت بخراسان بعد أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة مثله وأفضل منه، وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد، وقال الخليلي القزويني: كان لأبي نعيم تصانيف في الفقه وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء، وقال حمزة بن يوسف السّهمي في تاريخ جرجان:
عبد الملك بن محمد بن عدي بن زيد الأسترآباذي سكن جرجان وكان مقدما في الفقه والحديث وكانت الرّحلة إليه في أيامه، روى عن أهل العراق والشام ومصر والثغور، ومولده سنة 242، وتوفي بأسترآباذ في ذي الحجة سنة 323 ومنها أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ المعروف بابن القطان أحد أئمة الحديث والمكثرين منه والجامعين له والرّحالين فيه، رحل إلى دمشق ومصر، وله رحلتان أولاهما في سنة 297 والثمانية في سنة 305، سمع الحديث بدمشق من محمد بن خزيم وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي زيد وإبراهيم بن دحيم وأحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم، وسمع بحمص هبيل بن محمد وأحمد بن أبي الأخيل وزيد بن عبد الله المهراني، وبمصر أبا يعقوب إسحق المنجنيقي، وبصيدا أبا محمد المعافى بن أبي كريمة، وبصور أحمد بن بشير بن حبيب الصوري، وبالكوفة أبا العباس بن عقدة ومحمد بن الحصين بن حفص، وبالبصرة أبا خليفة الجمحي، وبالعسكر عبدان الأهوازي،
وببغداد أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد، وببعلبكّ أبا جعفر أحمد بن هاشم وخلقا من هذه الطبقة كثيرا، وروى عنه أبو العباس بن عقدة، وهو من شيوخه، وحمزة بن يوسف السّهمي وأبو سعد الماليني وخلق في طبقتهم، وكان مصنّفا حافظا ثقة على لحن كان فيه وقال حمزة: كتب أبو محمد بن عدي الحديث بجرجان في سنة 290 عن أحمد بن حفص السعدي وغيره، ثم رحل إلى الشام ومصر وصنف في معرفة ضعفاء المحدّثين كتابا في مقدار مائتي جزء سماه الكامل قال: وسألت الدارقطني أبا الحسن أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين فقال: أليس عندكم كتاب ابن عدي؟ قلت: بلى، قال: فيه كفاية لا يزاد عليه، وكان ابن عدي جمع أحاديث مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل ابن أبي خالد وجماعة من المتقدّمين وصنف على كتاب المزني كتابا سماه الأبصار، وكان أبو أحمد حافظا متقنا لم يكن في زمانه مثله، تفرّد بأحاديث فكان قد وهب أحاديث له يتفرّد بها لبنيه عدي وأبي زرعة وأبي منصور تفرّدوا بروايتها عن أبيهم، وابنه عدي سكن سجستان وحدث بها، قال ابن عدي:
سمع مني أبو العباس بن عقدة كتاب الجعفرية عن أبي الأشعث، وحدث به عندي فقال: حدّثني عبد الله بن عبد الله، وكان مولده في ذي القعدة سنة 277، ومات غرّة جمادى الآخرة سنة 365 ليلة السبت، فصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي ودفن بجنب مسجد كوزين، وقبره عن يمين القبلة مما يلي صحن المسجد بجرجان ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم ابن محمد، ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العباس بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ الحافظ، رحل في طلب الحديث فسمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي، وبمصر ميمون بن حمزة وأبا أحمد محمد بن عبد الرحيم القيسراني، وبتنيس أبا بكر بن جابر، وبأصبهان أبا بكر المقري، وبالرّقة يوسف بن أحمد بن محمد، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي، وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا الحسن الدارقطني، وبالكوفة الحسن بن القاسم، وبعكبرا أحمد بن الحسن بن عبد العزيز، وبعسقلان أبا بكر محمد بن أحمد بن يوسف الخدري، روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤدّب وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وغير هؤلاء سمعوا ورووا قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الهروي الحاكم: سنة 427 ورد الخبر بوفاة الثّعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السّهمي بنيسابور ومنها أبو إبراهيم إسماعيل بن الحسن بن محمد بن أحمد العلوي الحسيني من أهل جرجان، كان عارفا بالطبّ جدّا، وله فيه تصانيف حسنة مرغوب فيها بالعربية والفارسية، انتقل إلى خوارزم وأقام بها مدة ثم انتقل إلى مرو فأقام بها، وكان من أفراد زمانه، وذكر أنه سمع أبا القاسم القشيري، وحدث عنه بكتاب الأربعين له، وأجاز لأبي سعد السمعاني، وتوفي بمرو سنة 531 وغير هؤلاء كثير.

أضل وأظل

أضل وأظل
فأما (أضل) بالضاد فأضل فلان فلاناً إذا أغواه ضد هداه. وفي القرآن الكريم جل منزله: "وأضل فرعون قومه وما هدى" وأضل الرجل الدار والدابة: إذا لم يهتد إليهما. وكذلك في كل شيء لا يهتدى إليه. وأضل الميت: إذا دفنه وواراه. وفي الحديث: (لعلي أضل الله) أي: أخفى عنه، من قوله تعالى: "أئذا ضللنا في الأرض" أي: خفينا. وأضل الشيء: إذا أضاعه. وفي الحديث: (لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل أضل ناقته بأرض فلاة ثم وجدها) وقال النابغة الجعدي:
أنشد' الناس ولا أنشدهم ... إنما ينشد من كان أضل
وأما (أظل) بالظاء فأظل الشهر: إذا أشرف، وأظل الأمر: إذا قرب، وأظل الحائط والشجر: إذا سترا بظلهما، وأظل القوم: ساروا في الظل. والظل معروف، وهو ما يكون في أول النهار، فإذا نسخته الشمس ثم رجع فهو حينئذ فيء قال الشاعر:
فلا الظلُ من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من بردِ العشي تذوقُ
والظل والظليل: الدائم الظل الذي لا تنسخه الشمس كظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال الله جل ثناؤه: "وندخلهم ظلاً ظليلاً" والظل: العز والمنعة. يقال: أظل فلان فلانا: إذا حماه ومنع منه، قال الشاعر:
فلو كنتَ مولى الظل أو في ظلاله ... ظلمت ولكن لا يدي لك بالظلم
والأظل: باطن منسم البعير. قال ابن أخت تأبط شراً يرثي خاله تأبط شراً:
وبما أبركها في مناخٍ ... جعجعٍ ينقبُ فيه الأظلٌ

فوق وفيق

فوق وفيق: فاق، ومضارعه يفوق: تفوق، سما، ناف، أناف على. وغلب، انتصر أيضا: فاق على. (فوك، بوشر).
فاق يفوق (بمعنى أفاق يفيق بكل معانيها التي ستذكر هنا) استعاد حواسه، عاد إلى طبيعته من غشية لحقته أو غير ذلك. (الكالا، بوشر).
فاق من: أفاق من مرضه ورجعت الصحة إليه. (فوك).
فاق من سكره: صحا. أفاق (فوك، الكالا، بوشر).
فاق من الاضطراب: تخلص منه (بوشر).
فاق من: تنبه: استيقظ، أفاق. (الكالا، بوشر،
هلو). فاق: ارتفع، علا، سما. (هلو).
فاق: سهر، ارق، مسهد. اعتنى بمريض ليلا. (الكالا، شينييه 3: 188).
فاق: عاد، رجع، أب. الكالا) وفيه رجع وفائق: راجع عاند.
فاق على: تذكر، استذكر. (بوشر).
فاق على روحه: استرد هدوءه، استعاد حواسه، تخلص من اضطرابه. (بوشر).
فاق على عقله: استرد عقله. (بوشر).
فوق: جعل في السهم فوقا أي فرضة، وأدخل وتر القوس في الفوق وهو حز أو فرضة حيث يثبت الوتر في القوس، (لين في مادة أفاق، فليشر في تعليقه على المقري (2: 566، بريشت ص98) وفي البيان (2: 32): فوق سهما إلى بليح فأصاب مقتله. فوق: يقال: فوقت القسي، ففي رحلة ابن جبير (ص180): سلت السيوف وفوقت القسي ورميت السهام. وكذلك يقال فوقت القذافة ففي مونج (285): فوقوا الجروخ المصمية. وقد ترجمها كاترمير إلى الفرنسية بما معناه: أعدوا القذافات المدمرة. وفي أماري (ص206): (وفوقوا الجرخ للجرح، وسددوا الزنبورك للقرح والطرح) فوق: رجع الفواق. (فوك، الكالا).
فيق: أيقظ. (الكالا، بوشر، همبرت ص43، ألف ليلة برسل 9: 239، 273، 287، 304، 10: 457).
فيق: جعله يقظا وحذرا ومنتبها. (الكالا).
أفاق من: تخلص من الاضطراب. (بوشر).
أفاق: استيقظ من النوم. (محيط المحيط. ابن بطوطة 1: 403، 4: 20، ألف ليلة 1: 773).
أفاق: نهض. (ألف ليلة برسل 4: 169).
استفاق: استيقظ من النوم (محيط المحيط).
استفاق على فلان: تنبه على ما يفعله، وأدرك ما يريد أن يفعله وتبينه. ففي الأخبار (ص17): وحين حاول المسلمون نسف البرج استفاق عليهم العلوج.
استفاق من: استعاد حواسه، عرف نفسه وتخلص من اضطرابه. (بوشر).
استفاق من غشوته: أفاق من غشوته وعاد إلى طبيعته. (بوشر).
استفاق من شهوة: صحح خطأ، أصلح غلطه واستدركه. (بوشر).
قوق. هو فوق: هو في الأعلى. (بوشر).
فوق تحت: عإليه سافله. (بوشر).
من هنا الفوق: من الآن فصاعدا، في المستقبل. (رولاند، دلابورت ص130).
فاقة: جوع. (فوك).
فاقة: الأعلى، الأفضل. بوشر).
فوقات: مقابل arteriaca في المعجم اللاتيني العربي. وقد ذكر دوكانج arteriatus مع شرح سيمون دي جينيس. فوقي: إبهام، اكبر أصابع اليد أو الرجل، (دومب ص86) وهي تصحيف فوقي، والعامة تقول فوق وهي تصحيف فوق. الدنانير الفوقية: سميت بذلك نسبة إلى الإمبراطور فوكاس. (فليشر في تعليقه على المقري 2: 447، بريشت ص57).
فوقاني: جدار أعلى. ففي (ألف ليلة 2: 101): في الكلام عن لص ماهر: كان ينقب وسطانيا ويلقف فوقانيا. وقد ترجمها لين إلى الإنكليزية بما معناه: جدار علوي. واقرأ كذلك في طبعة برسل 9: 276).
فوقاني: الطابق الأول (دزلابورت ص85). وطابق (همبرت ص191 جزائرية).
فوقانية: رداء كان يلبسه القضاة قديما. (الملابس ص343).
فوقانية: ثوب أو رداء من الجوخ يلبسه الرجال فوق الجبة. (بوشر).
فواق: فجوة، فرجة، فتحة، فلق، صدع، (المعجم اللاتيني- للعربي).
فواق. فواق ناقة: لحظة، وقت وجيز. (ياقوت 3: 478) وتفسير المؤلف لها غير دقيق. (عبد الواحد ص47) وقد أخطأت حين غيرت الكلمة فيه.
ويقال كذلك: فواق بكيئة (تاريخ البربر: 2: 139) وفواقا فقط (عباد 2: 97).
فواق: ترجيع الشهقة، حازوقة. (فوك، الكالا) وفيها فواق. (معجم المنصوري، محيط المحيط، الجريدة الآسيوية 1853، 1: 346).
فواقة: فواق، ترجيع الشهقة حازوقة. (دومب ص87، رولاند).
فائق: نشيط، خفيف الحركة، يقظ، حذر متنبه، (بوشر).
فائق عليه: أنت تتذكره؟ (بوشر).
فائق عليه ولكن من غير تأكيد: أتذكره ذكري غامضة وغير واضحة. (بوشر).

يَحْفُر

يَحْفُر
الجذر: ح ف ر

مثال: يَحْفُر المهندسون آبار البترول
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: للخطأ في ضبط عين المضارع بالضمّ.
المعنى: ينقب عنها

الصواب والرتبة: -يَحْفِر المهندسون آبار البترول [فصيحة]-يَحْفُر المهندسون آبار البترول [صحيحة]
التعليق: الثابت في المعاجم أنَّ الباب الصرفيَّ للفعل «حَفَرَ» بالمعنى المذكور هو: «ضَرَب»؛ ومن ثمَّ تكون عينه مكسورة في المضارع. ويمكن تصحيح الضبط المرفوض استنادًا إلى رأي بعض اللغويين كأبي زيد وابن خالويه وغيرهما الذين يرون قياسية الانتقال من فتح عين الفعل في الماضي إلى ضمها أو كسرها في المضارع، ولشيوع التبادل بين بابي ضَرَب ونَصَر في العديد من القراءات القرآنية.

بَلْعَكٌ 

ناقَةٌ بَلْعَكٌ ودَلْعَكٌ فيها اسْتِرْخاءٌ وإبْطَاءٌ ولها ضِخَمٌ، وقيل هي القَطُوْفُ. وهو من الرِّجَالِ الأحْمَقُ، وامْرأةٌ بَلْعَكٌ. وقيل هو الذي لا يُبالي ما قِيْلَ له ولا يَنْقَبِــضُ ولا يَكْتَرِثُ.

اللفيف من الباء

بابُ اللَّفِيْف


ما أَوَّلُه الباء
البَاءَةُ والمَبَاءَةُ واحِدٌ: وهي مَنْزِلُ القَوْمِ حَيْثُ يَتَبَوَّأُوْنَ في قُبُلِ وَادٍ أو سَنَدِ جَبَلٍ، وتَبَوَّأُوا مَنْزِلاً، وبَوَّأَهُم اللهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ.
والمَبَاءَةُ: مَعْطِنُ الإِبِلِ حَيْثُ تُنَاخُ في المَوَارِدِ، وأَبَأْنا الإِبِلَ ونَحْنُ نُبِيْئُها إبَاءَةً مَمْدُوْدٌ: إذا أنَخْتَ بَعضَها إلى بَعْضٍ. وباءَتْ عليهم إبِلٌ كثيرةٌ: أي رَاحَتْ؛ تَبُوْءُ، وأَبَأْتُها أَنَا.
وأَبَأْتُ على بَني فلانٍ مالاً: أي أعْطَيْتُهم إيّاه وسُقْتُه إليهم.
وأَبَاءهم إلى ذاكَ: أي أَلْجَأَهم.
وأَبَاؤوا: أي فَرُّوا.
وتَبَأْبَأْتُ: عَدَوْتُ.
وما بُؤْتُ به: أي ما عُنِيْتُ به.
وبُؤْتُه بالأمْرِ: إذا أَزْنَنْته به. والباءَةُ: الجِمَاعُ، وكذلك البَاءُ والباءاتُ. وهو طَيِّبُ الباءَةِ: أي عَفِيْفُ الفَرْجِ، وأَصْلُه البَيْتُ والمَنْزِلُ.
وذلك حَرىً منه وباءَةٌ: أي مَكَانٌ منه ومَنْزِلٌ.
والبِيْئَةُ: المَنْزِلُ.
واسْتَبَاءَتِ الأُنْثى: طَلَبَتِ الباءَةَ.
وإنَّ فلاناً لَبَوَاءٌ بفُلاَنٍ: أي إنْ قُتِلَ به كانَ كُفْؤاً. وأَبَأْتُ به قاتِلَه: إذا قَتَلْتَه به. واسْتَبَأْتُهم قاتِلَ أخي: أي طَلَبْتُ إليهم أن يُقِيْدُوْنِيْه.
وباءَ بدَمِ فلانٍ: أقَرَّ به على نَفْسِه واحْتَمَلَه طَوْعاً وعِلْماً. وكذلك باءَ بذَنْبِه بَوْءاً وبَوَاءً.
وباوَأْتُ بَيْنَ القَتْلى بَوَاءً: أي ساوَيْتُ بَيْنَهم.
وتَبَاوَأْتُ: تَوَازَنْتُ واسْتَوَيْتُ.
وبُؤْ بنَعْلِ كُلَيْبٍ: أي قَدْرُكَ أنْ تُقْتَلَ بنَعْلِهِم.
وباءَني الشَّيْءُ بوَزْنِ باعَني: أي وافَقَني. وباءَ بكَفّي سَيْفٌ.
وباءَ الظَّبْيُ بكِفَّةِ الحِبَالَةِ: أي وَقَعَ، وباءَ بشَرٍّ فيه: مِثْلُه.
وبُؤْتُ بالحِمْلِ أحْسَنَ البَوْءِ.
وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: " فَبَاؤُوا بغَضَبٍ على غَضَبٍ " أي أَقَرُّوا، وقيل: رَجَعُوا إلى مَنَازِلِهم.
وكَلَّمْنَاهم فأجَابُوْنا عن بَوَاءٍ واحِدٍ: أي جَوَاباً واحِداً. وهُمْ في الأمْرِ بَوَاءٌ: أي سَوَاءٌ.
وبَوَّأْتُ الرُّمْحَ نَحْوَه: سَدَّدْته وهَيَّأْته.
والأَبْوَاءُ: مَوْضِعٌ.
وبَوَى يَبْوِي بَيّاً: حاكى غَيرَه في فِعْلِه، وهو من البَوَاءِ: السَّوَاءِ، وهم أبْوَاءٌ وأسْوَاءٌ.
والبَوُّ غَيْر مَهْمُوْزٍ: جِلْدٌ يُحْشى تِبْناً تُعطَفُ عليه النّاقَةُ، وثَلاَثَةُ أَبْوٍ، وجَمْعُه بَوِيَّةٌ وبُوِيٌّ.
والرَّمَادُ: بَوُّ الأَثَافي.
ورَجُلٌ بَوٌّ: لا يَفْهَمُ، وقَوْمٌ أَبْوَاءٌ وبَوّاتٌ.
ورَجُلٌ بُيَوِيٌّ: أي يَحْشُو جُلُوْدَ أوْلاَدِ الإِبِلِ.
والبَأْوُ: الزَّهْوُ والكِبْرُ، بَأَى يَبْأَى بَأْواً، ويَبْأُو: مِثْلُه، وإنَّه لَبَاوِيٌّ، وبَأَوْتُ عليه وبَأَيْتُ: إذا فَخَرْت.
وما جَأَيْتُه ولا بَأَيْتُه: أي ما حَرَّكْته.
وبَأَوْتُ: حَذِرْتُ.
وباوَأْتُ الرَّجُلَ بعَصَايَ: أي رَفَعْتُها عليه ورَفَعَ عَلَيَّ. وكذلك إذا خاطَرْته. والبَأْوُ: الواسِعُ.
والبَأْبَأَةُ: من قَوْلِكَ بأَبِي أَنْتَ: أي أَفْدِيْكَ بأَبِي، ويُقال: بِأَبَا أنْتَ، وبَيَّبْتُه: قُلْتُ بأبي أنْتَ؛ وبَأْبَبْتُه وبَيْبَيْتُه.
والبُؤْبُؤُ: السَّيِّدُ الظَّرِيْفُ الخَفِيْفُ. والبَعِيْدُ النَّظَرِ في العَوَاقِبِ. والمَرْأَةُ بُؤْبُؤَةٌ.
وأنَا بُؤْبُوْؤُها وبَأْبَاؤها: أي عالِمُها.
وهو في بُؤْبُؤِ صِدْقٍ: أي أَصْلِه، وكذلك بَأْبَاؤه. وبُؤْبُؤُ المَجْدِ: مُصَاصُه، ويُقال: بُؤْبُوْءٌ على وَزْنِ بُحْبُوْحٍ.
وجاءَ بالأَمْرِ من بَأْبَاءِ نَفْسِه: أي ارْتَجَلَه.
وبُؤْبُؤُ العَيْنِ: بَصَرُها.
والبَأْبَبَةُ: هَدِيْرُ الفَحْلِ؛ في تَرْجِيْعِهِ تَكْرَارُ الباءِ.
وبَبَّةُ: يُوْصَفُ به الأحْمَقُ الكَثِيْرُ اللَّحْمِ.
والبابِيَّةُ: الأُعْجُوْبَةُ، وتُخَفَّفُ الياءُ منه.
والبَابُ: مَعْرُوْفٌ، والفِعْلُ منه: التَّبْوِيْبُ، بابٌ وأَبْوِبَةٌ.
والبَابَةُ في الحُدُوْدِ والحِسَابِ: الغَايَةُ.
والبَابَةُ: ثَغْرٌ من ثُغُوْرِ الرُّوْمِ.
والبَوّابُ: الحاجِبُ. وتَبَوَّبْتُ بَوّاباً: اتَّخَذْته.
وفي المَثَلِ: " هَيُّ بنُ بَيٍّ " و " هَيَّانُ بنُ بَيّان "؛ ولا يُعْرَفُ لهما أصْلٌ، وقيل: يُعْنى به البَعُوْضَةُ.
وبُبْتُ: أي جُبْتُ وشَقَقْتُ.
وأمَّا بَبّانٌ فهو على فَعْلاَن؛ وقيل: فَعّالٍ في قَوْلِ عُمَرَ رضي اللهُ عنه: " لولا أنْ يكونَ الناسُ بَبّاناً واحِداً لفَعَلْتُ كذا " أي بَأْجاً واحداً، وأبو سَعِيْدٍ يَزْعُمُ أنَّ ذلك تَصْحِيْفٌ؛ وإنَّما هو بَيّانٌ: ومَعْناه سَوَاء في العَطَاء.
وحَيّاه اللهُ وبَيّاه: أضْحَكَه وبَشَّرَه. وقيل: بَوَّأَهُ اللهُ مَنْزِلاً، فتُرِكَتِ الهَمْزَةُ وأُبْدِلَ من الواو ياءٌ. وقيل: بَيّاه رَفَعَه، من قَوْلِكَ: بَيَّيْتُ البِنَاءَ: رَفَعْته. وقيل: قَرَّبَه.
وتَبَيّاهُ العَدُوُّ من كُلِّ وَجْهٍ: أي أَتَاه وأحَاطَ به. وقيل في قوْلِه بَيّاكَ: أي جاءَ بكَ، وقيل: أصْلَحَكَ، وقيل: اعْتَمَدَكَ للخَيْرِ والمُلْكِ.
وتَبَيَّيْتُ له الأمْرَ: بمَعْنى بَيَّنْته وشَرَحْته.
وفلانٌ ببِيْئَةِ سَوْءٍ: أي بحالِ سَوْءٍ.
والبِيْبُ بلُغَةِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ: ثَعْلَبُ المِرْبَدِ؛ وهو الحَجَرُ الذي يَخْرُجُ منه ماءُ المَطَرِ. والبِيْبَةُ: المِثْعَبُ إذا أُفْرِغَ من الدَّلْوِ في الحَوْضِ، وهو البِيْبُ أيضاً.
وبِيْبَةُ وبَيْبَةُ: اسْمَانِ.
والبَوْبَاةُ: ثَنِيَّةٌ بطَرِيْقِ الطّائِفِ.
وأَرْضٌ ومَوْضِعٌ بَيّات: خالٍ.


ما أَوَّلُه الأَلِف
آبَ الرَّجُلُ: أي رَجَعَ، إيَابَةً وأَوْبَةً وأَبْيَةً وإيَاباً، والمَآبُ: المَرْجِعُ، ولَيْسَتْ له آئِبَةٌ: أي مَرْجُوعٌ وفائدَةٌ.
والإِيَابُ: أنْ لا يَرْجِعَ الرَّجُلُ إلاَّ مُمْسِياً.
والأَوَّابُ: الرَّجّاعُ التّائِبُ. وقيل: الرّاحِمُ. والمُطِيْعُ. والمُسَبِّحُ.
وآبَ فلانٌ إلى سَيْفِه: أي رَدَّ يَدَه ليَسُلَّه.
وكُنْتُ على أوْبِه: أي طَرِيْقِه.
والأَوْبُ: تَرْجِيْعُ أيْدٍ وقَوَائِمَ في السَّيْرِ، والفِعْلُ التَّأْوِيْبُ.
وجاؤوا من كُلِّ أَوْبٍ وأُوْبٍ: أي وَجْهٍ وناحِيَةٍ.
وهُما شاطِئا الوادي وأَوْبَاه: بمَعْنىً.
وما زالَ ذلك أَوْبَه: أي عادَتَه. وهو الأَثَرُ أيضاً.
وأَوْبُ النَّعَامَةِ: سَعْيُه في سُرْعَةٍ.
والأَوْبُ: الرِّشْقُ في الرَّمْيِ. والنَّحْلُ وما آبَ منها.
والأَوْبَةُ والأَوْبَاتُ: القَوَائِمُ تَؤُوْبُ وتَذْهَبُ.
وأَوَّبَه تَأْوِيباً فآبَ: أي رَدَّه إلى مَنْزِلِه.
والمُؤَوِّبَةُ من الرِّيَاحِ: التي تَجِيْءُ لَيْلاً وتَهُبُّ.
وآبَتْه السِّبَاعُ: صارَتْ إليه. وهو يَأْتَابُه ويَيْتَابُه: أي يَنْتَابُه.
وفي الدُّعَاءِ على الرَّجُلِ: آبَكَ ما رَابَكَ: أي وَيْحَكَ، وقيل: أبْعَدَكَ اللهُ.
والمُؤَوَّبُ: الأَدِيْمُ المُقَوَّرُ من حافَاتِه.
والتَّأْوِيْبُ في السَّيْرِ: تَبَارِي الرِّكَابِ، وهو سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّه، والفَعْلَةُ الواحِدَةُ: تَأْوِيْبَةٌ وأَوْبَةٌ.
وآبَتِ الشَّمْسُ إيَاباً: أي غَابَتْ في مَآبِها.
وأُبْتُ الحَيَّ أَوْباً: أي أَتَيْتُه مَسَاءً. وجاءَ آئِبَةً: أي بَعْدَ المَغْرِبِ.
والآئِبَةُ: شُرْبُ القائِلَةِ.
ومَآبَةُ البِئْرِ في وَسَطِها: حَيْثُ يَجْتَمِعُ الماءُ، وهي المَبَاءَة.
ومَآبُ: مَدِيْنَةٌ بالشّامِ يُنْسَبُ إليها الخَمْرُ.
والأَبَى مَقْصُوْرٌ: داءٌ يَأْخُذُ المَعْزَ في رُؤُوْسِها فلا تَكادُ تَسْلَمُ، أَبِيَتِ العَنْزُ تَأْبى أبىً شَدِيْداً. وتَيْسٌ آبَى وأَبٍ، وعَنْزٌ آبِيَةٌ وأَبْوَاء.
والآبِيَةُ: الحِقَّةُ على كُلِّ حالٍ، والأَوَابي: الحِقَاقُ.
وأبَى يَأْبَى إبَاءً: تَرَكَ الطّاعَةَ ومالَ إلى المَعْصِيَةِ، من قَولِهِ عَزَّ وجَلَّ: " فَكَذَّبَ وأَبَى ". ومَنْ تَرَكَ أمْراً ورَدَّه فقد أَبَاه. ورَجُلٌ أَبِيٌّ وقَوْمٌ أَبِيُّوْنَ وأُبَاةٌ خَفِيْفَةٌ. ورَجُلٌ أَبَيَانٌ أيضاً، وامْرَأَةٌ أَبَيَانَةٌ.
وأَخَذَه أُبَاءٌ: أي أَبَى الطَّعَامَ فلا يَشْتَهِيْهِ والأُبَاءُ: أَنْ تَعْرِضَ الشَّيْءَ على الرَّجُلِ فيَأْبَى قَبُوْلَه.
وماءٌ مُوْبِىءٌ: قَلِيْلٌ. وبَحْرٌ لا يُؤْبى: أي لا يُنْزَفُ. وشَجَاعةٌ لا تُؤْبى.
وماءٌ مَأْبَاةٌ: تَأْبَاه الإِبِلُ.
وآبى ماءُ الرَّكِيَّةِ: إذا قَلَّ وذَهَبَ. وكذلك المَرْتَعُ.
وطَعَامٌ لا يُؤْبى: أي لا يُكْرَه.
وأُوْبِيَتْ هذه الأرْضُ: وُجِدَتْ قَلِيْلَةَ النَّبْتِ.
وأرْضٌ مابِيَّةٌ: إذا كانَ كَلأُها مُقَارِباً لا تَجْهَدُه الدَّوَابُّ.
والآبِيَةُ من الإِبِلِ: الصَّعْبَةُ.
وهذا المَكانُ يُوْبى بمَكَانِ كذا: أي انْتِهَاؤه في المَوْضِعِ الذي يُفْرَغُ فيه، وكذلك الطَّرِيْقُ. والأَبُ: مَعْرُوْفٌ، والآبَاءُ والأُبُوَّةُ والأُبُوُّ. وفي المَثَلِ: " لا أَبَا لكَ " يَمْدَحُه؛ أي لا كافِيَ لكَ غَيْرُ نَفْسِكَ. وتَصْغِيْرُ الآبَاءِ: أُبَيُّوْنَ وأُبَيّاءُ. ولا أبَاكَ. وتَأَبَّبْتُ أباً. وهو يَأْبُوْ اليَتِيْمَ إبَاوَةً: أي يَغْذُوه، ويَأْبُوْهُ: يكونُ له أَباً، وأَبَوْتُ الصَّبِيَّ إبَاوَةً حَسَنَةً، واسْتَأْبِ أباً غَيْرَ أَبِيْكَ، وتَأَبَّ. ويقولونَ: هذا أباً مِثْلُ قَفاً. ويقولونَ: وأَبِكَ: في مَعْنى وأَبِيْكَ. وبِأَبَا وأُمّا: أي بأبي وأُمّي، ويا بِأَبَا أنْتَ.
والأَبُ في لُغَةٍ: الزَّوْجُ.
ويقولونَ: لا بَاكَ: في مَعْنى لا أَبَالَكَ؛ يَحْذِفُوْنَ الأَلِفَ.
والأُبِّيَّةُ: الكِبْرُ والعَظَمَةُ.
والأَبَاءَةُ: الأَجَمَةُ. والأَبَاءُ: القَصَبُ.
والأَبُّ: الكَلأُ بوَزْنِ فَعْلٍ.
والإِبَةُ: الخِزْيُ. والمُؤْبِيَاتُ: المُخْزِيَاتُ.
وطَلَبْتُ الشَّيْءَ وائْتَبَبْتُه: أي الْتَمَسْتُه وقَصَدْتُه. وأَبَبْتُ أَبَّ الشَّيْءِ: قَصَدْتُ قَصْدَه، وتَأَبَّبْتُ أَبَّتَه وأَبَابَتَه: بمَعْنَاه.
وأَخَذْتُ للأمْرِ إبَابَتَه: أي أُهْبَتَه وعَتَادَه.
وتقول العَرَبُ للظِّبَاءِ: " إذا وَرَدَتِ الماءَ فلا عَبَاب، وإذا لم تَرِدْ فلا أَبَاب " أي لا تَئِبَّ لطَلَبِه ولا تَهَيَّأُ.
وائْتَبَّ فلانٌ إلى فلانٍ: اشْتَاقَ إليه، وأَبَبْتُ إليه إبَابَةً.
ووَجَدْتُ القَوْمَ على إبَّةٍ: أي اسْتَتَبَّ لهم أمْرُهم.
وأتَانَا في إبّانِ كذا: أي حِيْنِه وزَمَانِه.
وتَأَبَّبْتُ به: أي تَبَجَّحْتُ وتَعَجَّبْتُ.
وأَبَّبَ القَوْمُ: صاحُوا، وهو الأَبَبُ.
والإِيْبَاءُ: الإِصْدَارُ، أَوْبى يُوْبي. وهو أيضاً: تَرْكُ الطَّعَامِ عن تُخَمَةٍ، أُوْبِيَ الفَصِيْلُ عن لَبَنِ أُمِّه، ورِبَاعٌ مُؤْبَاةٌ.
وأَبَأْنَا للقَوْمِ مِثْلَهم: أي هَيَّأْنَا لهم مِثْلَهم.


ما أَوَّلُه الواو
وَيْبَ: كَلِمَةٌ بمَنْزِلَةِ وَيْسَ ووَيْحَ؛ ولا فِعْلَ له، وتقول: وَيْبَكَ ووَيْبَ غَيْرِكَ؛ وتُكْسَرُ الباءُ منهما، ووَيْباً لها ووَيْبٍ.
وقِدْرٌ وَأْبَةٌ: أي واسِعَةُ الجَوْفِ كَثِيْرَةُ الأَخْذِ من المَرَقِ.
والوَأْبَةُ: النّاقَةُ التي لَيْسَتْ بضامِرَةٍ.
والوَأْبُ: الواسِعَةُ من الأرْضِ وغَيْرِِها. وهو من صِفَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ: الواسِعُ.
والوَئِيْبُ: الرَّغِيْبُ.
ووَؤُبَ الحافِرُ يَوْؤُبُ وَآبَةً: إذا انْقَعَبَ وانْضَمَّتْ سَنَابِكُه. وحافِرٌ وَأْبٌ: خَفِيْفٌ.
ولم يَتَّئِبْ فلانٌ أنْ فَعَلَ ذاكَ: أي لم يَنْقَبِــضْ أَنْ خَضَعَ، وفي الحَدِيْثِ: " الذِّمِّيُّ لا يَتَّئِبُ أنْ يُكَفِّرَ للمُسْلِمِ المَهِيْبِ ".
ووَأَبَ يَئِبُ وَأْباً وإِبَةً: إذا اسْتَحْيَا. وأَوْأَبْتُه: أَخْزَيْتُه، والاسْمُ الإِبَةُ؛ وهي الفَضِيْحَةُ، ومنه: التُّؤَبَةُ وهي الانْقِبَاضُ والحِشْمَةُ. وما طَعَامُكَ بطَعَامِ تُؤَبَةٍ.
والوَبَأُ مَهْمُوْزٌ: الطَّاعُوْنُ، وكُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ. وأَرْضٌ وَبِئَةٌ ووَبِيْئَةٌ على فَعِلَةٍ وَفَعِيْلَةٍ، واسْتَوْبَأَها: وَجَدَها وَبِئَةً، ووَبُؤَتْ وَبَاءَةً: كَثُرَتْ أمْرَاضُها.
ووَبَأْتُ على دَاهِيَةٍ: أي هَجَمْت عليها.
ووَبَأْتُ إليه باليَدَيْنِ والرَّأْسِ والثَّوْبِ، ووَمَأْتُ بالعَيْنَيْنِ والحاجِبَيْنِ، وأَوْبَأْتُ إليه: مِثْلُه.
وأُوْبِيَتِ الدَّوَابُّ الماءَ: إذا مُنِعَتْه.
والإِيْبَاءُ: أنْ تَمُدَّ ذِرَاعَكَ مَعَ رَأْسِكَ وتُحَرِّكَ أصَابِعَك إلى خَلْفِكَ في الإِشَارَةِ. ووَبَّيْتُ له: أي لَمَعْتُ به حَتّى بَصُرَ بي.
والوَبُّ: التَّهَيُّؤُ للحَمْلَةِ في الحَرْبِ، هَبَّ ووَبَّ ووَبْوَبَ.
والوَيْبَةُ: مِكْيَالٌ شِبْهُ جَرِيْبٍ، وجَمْعُها وَيْبَاتٌ.
ووَبّى فلانٌ لفُلانٍ: إذا بَوَّأَ له إمَّا سَيْفاً وإمَّا رُمْحاً وسَدَّدَه نَحْوَه.


ما أَوَّلُه الياء
حَوْضٌ يَبَابٌ: وهو الذي لا ماءَ فيه. ومَنْزِلٌ يَبَابٌ: خالٍ.

علم السحر

علم السحر
هو: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأشياء خفية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون.
وفي كشف الظنون: هو ما خفي سببه وصعب استنابطه لأكثر العقول.
وحقيقته: كل ما سحر العقول وانقادت إليه النفوس بخدعة وتعجب واستحسان فتميل إلى إصغاء الأقوال والأفعال الصادرة عن الساحر.
فعلى هذا التقدير هو: علم باحث عن معرفة الأحوال الفلكية وأوضاع الكواكب وعن ارتباط كل منها مع الأمور الأرضية من المواليد الثلاثة على وجه خاص ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج عللها وأسبابها وتركيب الساحر في أوقات المناسبة من الأوضاع الفلكية والأنظار الكوكبية بعض المواليد ببعض فيظهر ما جل أثره وخفي سببه من أوضاع عجيبة وأفعال غريبة تحيرت فيها العقول وعجزت عن حل خفاها أفكار الفحول.
أما منفعة هذا: العلم فالاحتراز عن عمله لأنه محرم شرعا إلا أن يكون لدفع ساحر يدعي النبوة فعند ذلك يفترض وجود شخص قادر لدفعه بالعمل ولذلك قال بعض العلماء:
إن تعلم السحر فرض كفاية وإباحة الأكثرون دون عمله إلا إذا تعين لدفع المتنبي.
واختلف الحكماء في طرق السحر:
فطريق الهند: بتصفية النفس وطريق النبط: بعمل العزائم في بعض الأوقات المناسبة.
وطريق اليونان: بتسخير روحانية الأفلاك والكواكب.
وطريق العبرانيين والقبط والعرب: بذكر بعض الأسماء المجهولة المعاني فكأنه قسم من العزائم زعموا أنهم سخروا الملائكة القاهرة للجن. فمن الكتب المؤلفة في هذا الفن: الإيضاح للأندلسي والبساطين لاستخدام الأنس وأرواح الجن والشياطين وبغية الناشد ومطلب القاصد على طريقة العبرانيين والجمهرة أيضا ورسائل أرسطو إلى الإسكندر وغاية الحكيم للمجريطي وكتاب طيماؤس وكتاب الوقوفات للكواكب على طريقة اليونانيين وكتاب سحر النبط لابن وحشية وكتاب العمي على طريقة العبرانيين ومرآة المعاني في إدراك العالم الإنساني على طريقة الهند انتهى ما في كشف الظنون
وفي تاريخ ابن خلدون علم السحر والطلسمات هو: علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التأثيرات في عالم العناصر إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية والأول هو: السحر والثاني: هو الطلسمات.
ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره كانت كتبها كالمفقود بين الناس إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام مثل: النبط والكلدانيين فإن جميع من تقدمه من الأنبياء لم يشرعوا الشرائع ولا جاؤوا بالأحكام إنما كانت كتبهم مواعظ توحيد الله وتذكير بالجنة والنار وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين وفي أهل مصر من القبط وغيرهم وكان لهم فيها التأليف والآثار ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل مثل:
الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل: مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرهم.
ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص على زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه غاية الحكيم ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده ولنقدم هنا مقدمة يتبين بها حقيقة السحر وذلك أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص وهي أصناف كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع لا توجد في الصنف الآخر وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها.
فنفوس الأنبياء عليهم السلام لها خاصية تستعد بها للمعرفة الربانية ومخاطبة الملائكة عليهم السلام عن الله - سبحانه وتعالى - كما مر وما يتبع ذلك من التأثير في الأكوان واستجلاب روحانية الكواكب للتصرف فيها والتأثير بقوة نفسانية أو شيطانية.
فأما تأثير الأنبياء فمدد إلهي وخاصية ربانية ونفوس الكهنة لها خاصية الاطلاع على المغيبات بقوى شيطانية وهكذا كل صنف مختص بخاصية لا توجد في الآخر.
والنفوس الساحرة على مراتب ثلاثة يأتي شرحها:
فأولها: المؤثرة بالهمة فقط من غير إله ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة: السحر.
والثاني: بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداد ويسمونه: الطلسمات وهو أضعف رتبة من الأول. والثالث: تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكات وصورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحسن من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤون كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك كما يحكي عن بعضهم أنه يرى البساتين والأنهار والقصور وليس هناك شيء من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة: الشعوذة أو الشعبذة هذا تفصيل مراتبه.
ثم هذه الخاصية تكون في الساحرة بالقوة شأن القوى البشرية كلها وإنما تخرج إلى الفعل بالرياضة ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل فهي لذلك وجهه إلى غير الله وسجود له والوجهة إلى غير الله كفر فلهذا كان السحر كفرا والكفر من مواده وأسبابه كما رأيت ولهذا اختلف الفقهاء في قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالإفساد وما ينشأ عنه من الفساد في الأكوان والكل حاصل منه.
ولما كانت المرتبتان الأوليان من السحر لهما حقيقة في الخارج والمرتبة الأخيرة الثالثة لا حقيقة لها اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة أو إنما هو تخييل؟
فالقائلون بأن له حقيقة: نظروا إلى المرتبتين الأوليين.
والقائلون بأن لا حقيقة له: نظروا إلى المرتبة الثالثة الأخيرة فليس بينهم اختلاف في نفس الأمر بل إنما جاء من قبل اشتباه هذه المراتب والله أعلم.
واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه وقد نطق به القرآن قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله وجعل سحره في مشط ومشاقة وجف طلعة ودفن في بئر ذروان فأنزل الله عز وجل عليه في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} .
قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت.
وأما وجود السحر في أهل بابل وهم الكلدانيون من النبط والسريانيون فكثير ونطق به القرآن وجاءت به الأخبار
وكان للسحر في بابل ومصر زمان بعثه موسى عليه السلام أسواق نافقة ولهذا كانت معجزة موسى من جنس ما يدعون ويتناغون فيه وبقي من آثار ذلك في البرابي بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحلوله موجودة بالمسحور وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق
ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة ولتلك البنية والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.
وشاهدنا أيضا من المنتحلين للسحر عمله من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلم عليه في سره فإذا هو مقطوع مترف ويشير إلى بطون الغنم كذلك في مراعيها بالبعج فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أن بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه ويقع ميتا وينقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه ويشير إلى الرمانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
وكذلك سمعنا أن بأرض السودان وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة.
وكذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة وهي رك رف د أحد العددين مائتان وعشرون والآخر مائتان وأربعة وثمانون.
ومعنى المتحابة: أن أجزاء كل واحد التي فيه من نصف وثلث وربع وسدس وخمس وأمثالها إذا جمع كان مساويا للعدد الآخر صاحبه فيسمى لأجل ذلك: المتحابة.
ونقل أصحاب الطلسمات: أن لتلك الأعداد أثرا في الإلفة بين المتحابين واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها أو شرفها ناظرة إلى القمر نظر مودة وقبول ويجعل طالع الثاني سابع الأول ويضع على أحد التمثالين أحد العددين والآخر على الآخر ويقصد بالأكثر الذي يراد ائتلافه أعني المحبوب ما أدري الأكثر كمية أو الأكثر أجزاء فيكون لذلك من التأليف العظيم بين المتحابين ما لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر قاله صاحب الغاية وغيره من أئمة هذا الشأن وشهدت له التجربة.
وكذا طابع الأسد ويسمى أيضا: طابع الحصى وهو أن يرسم في قالب هذا الطابع صورة أسد شائلا ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنصفين وبين يديه صورة حية منسابة من رجليه إلى قبالة وجهه فاغرة فاها إلى فيه وعلى ظهره صورة عقرب تدب ويتحين برسمه حلول الشمس بالوجه الأول أو الثالث من الأسد بشرط صلاح النيرين وسلامتهما من النحوس فإذا وجد ذلك وعثر عليه طبع في ذلك الوقت في مقدار المثقال فما دونه من الذهب وغمس بعد في الزعفران محلولا بماء الورد ورفع في خرقة حرير صفراء فإنهم يزعمون أن لممسكه من العز على السلاطين في مباشرتهم وخدمتهم وتسخيرهم له ما لا يعبر عنه وكذلك السلاطين فيه من القوة والعز على من تحت أيديهم ذكر ذلك أيضا أهل هذا الشأن في الغاية وغيرها وشهدت له التجرية.
وكذلك وفق المسدس المختص بالشمس ذكروا أنه يوضع عند حلول الشمس في شرفها وسلامتها من النحوس وسلامة القمر بطالع ملوكي يعتبر فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة وقبول ويصلح فيه ما يكون في مواليد الملوك من الأدلة الشريفة ويرفع خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس في الطيب فزعموا أنه له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم وأمثال ذلك كثيرة.
وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدون هذه الصناعة وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها. وذكر لنا1 أن الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسماه: بالسر المكتوم وإنه بالمشرق يتداوله أهله ونحن لم نقف عليه والإمام لم يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن ولعل الأمر بخلاف ذلك وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين وهم الذين ذكرت أولا أنهم يشيرون إلى الكساء أو الجلد فيتخرق ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج ويسمى أحدهم لهذا العهد باسم: البعاج لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام يرتب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات الجن والكواكب سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى الخزيرية يتدارسونها وإن بهذه الرياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم وإن التأثير الذي لهم إنما هو فيما سوى الإنسان الحر من المتاع والحيوان والرقيق يعبرون عن ذلك بقولهم: إنما انفعل فيما تمشي فيه الدراهم أي: ما يملك ويباع ويشترى من سائر الممتلكات هذا ما زعموه وسألت بعضهم فأخبرني به.
وأما أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها وعاينتها من غير ريبة في ذلك هذا شأن السحر والطلسمات وآثارهما في العالم
فأما الفلاسفة ففرقوا بين السحر والطلسمات بعد أن أثبتوا أنهما جميعا أثر للنفس الإنسانية واستدلوا على وجود الأثر للنفس الإنسانية بأن لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطبعي وأسبابه الجسمانية بل آثار عارضة من كيفيات الأرواح تارة كالسخونة الحادثة عن الفرح والسرور من جهة التصورات النفسانية أخرى كالذي يقع من قبل التوهم فإن الماشي على حرف حائط أو على حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك ولهذا تجد كثيرا من الناس يعودون أنفسهم ذلك حتى يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يمشون على حرف الحائط والحبل المنتصب ولا يخافون السقوط فثبت أن ذلك من آثار النفس الإنسانية وتصورها للسقوط من أجل الوهم وإذا كان ذلك أثرا للنفس في بدنها من غير الأسباب الجسمانية الطبيعية فجائز أن يكون لها مثل هذا الأثر في غير بدنها إذ نسبتها إلى الأبدان في ذلك النوع من التأثير واحدة لأنها غير حالة في البدن ولا منطبعة فيه فثبت أنها مؤثرة في سائر الأجسام.
وأما التفرقة عندهم بين السحر والطلسمات فهو: أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد وخواص الموجودات وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون.
ويقولون: السحر اتحاد روح بروح. والطلسم: اتحاد روح بجسم.
ومعناه عندهم: ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية.
والطبائع العلوية هي: روحانيات الكواكب ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة.
والساحر عندهم: غير مكتسب لسحره بل هو مفطور عندهم على تلك الجبلة المختصة بذلك النوع من التأثير.
والفرق عندهم بين المعجزة والسحر أن المعجزة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو مؤيد بروح الله على فعله ذلك والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال.
فبينهما الفرق في المعقولية والحقيقة والذات في نفس الأمر وإنما نستدل نحن على التفرقة بالعلامات الظاهرة وهي: وجود المعجزة لصاحب الخير وفي مقاصد الخير وللنفوس المتمحضة للخير والتحدي بها على دعوى النبوة والسحر إنما يوجد لصاحب الشر وفي أفعال الشر في الغالب من التفريق بين الزوجين وضرر الأعداء وأمثال ذلك وللنفوس المتمحضة للشر
هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيين وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضا في أحوال العالم وليس معدودا من جنس السحر وإنما هو بالإمداد الإلهي لأن طريقتهم ونحلتهم من آثار النبوة وتوابعها ولهم في المدد الإلهي حظ على قدر حالهم وإيمانهم وتمسكهم بكلمة الله وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها لأنه متقيد فيما يأتيه ويذره للأمر الإلهي فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحق وربما سلب حاله.
ولما كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهية فلذلك لا يعارضها شيء من السحر وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا يأفكون وذهب سحرهم واضمحل كأن لم يكن وكذلك لما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرؤها على عقدة من العقد التي سحر فيها إلا انحلت فالسحر لا يثبت مع اسم الله وذكره.
وقد نقل المؤرخون أن زركش كاويان وهي راية كسرى كان فيه الوفق المئيني العددي منسوجا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوفق ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم وهو الطلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب وإن الراية التي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمسكهم بكلمة الله فانحل معها كل عقد سحري ولم يثبت وبطل ما كانوا يعملون.
وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات وجعلتهما بابا واحدا محظورا لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا الذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا وما لا يهمنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع يلحق به الطلسمات لأن أثرهما واحد وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضرر وإن لم يكن مهما علينا ولا فيه ضرر فلا أقل من أن تركه قربة إلى الله فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات والشعوذة بابا واحدا لما فيها من الضرر وخصته بالحظر والتحريم.
وأما الفرق عندهم بين المعجزة والسحر: فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي فلا يقع منه وقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية لأن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبا وهو محال فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق.
وأما الحكماء: فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بين الخير والشر في نهاية الطرفين فالساحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر ولا يستعمل في أسباب الشر فكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهم والله يهدي من يشاء وهو القوي العزيز لا رب سواه.
ومن قبيل هذه التأثيرات النفسانية الإصابة بالعين وهو تأثير من نفس المعيان عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو الأحوال ويفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حينئذ أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده وهو جبلة فطرية أعني هذه الإصابة بالعين.
والفرق بينها وبين التأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب أن صدورها راجع إلى اختيار فاعلها والفطري منها قوة صدروها لا نفس صدروها ولهذا قالوا: القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل والقاتل بالعين لا يقتل وما ذلك إلا لأنه ليس مما يريده ويقصده أو يتركه وإنما هو مجبور في صدوره عنه والله أعلم بما في الغيوب ومطلع على ما في السرائر انتهى كلام ابن خلدون ومن عينه نقلت هنا وفي كل موضع من هذا الكتاب والله تعالى الموفق للحق والصواب.

ضَبِرَ

(ضَبِرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَهْلِ النَّارِ «يَخرجُون مِنَ النَّار ضَبَائِرَ ضَبَائِر» هُمُ الجماعَات فِي تَفْرِقَة، واحِدتها ضِبَارَة، مِثْلُ عِمارة وَعَمَائِرَ. وَكُلُّ مُجْتَمَعٍ: ضِبَارَة. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «فيخرُجُون ضِبَارَاتٍ ضِبَارَات» هُوَ جَمْعُ صِحَّة للضِّبَارَة، والأوّلُ جمعُ تَكْسِيرٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أتَتْه الْمَلَائِكَةُ بحَريرة فِيهَا مِسْك وَمِنْ ضَبَائِر الرَّيْحان» .
وَفِي حَدِيثِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وقَّاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «الضَّبْرُ ضَبْرُ البَلْقاء، والطعْنُ طعنُ أَبِي مِحْجَن» الضَّبْر: أَنْ يجْمع الفَرسُ قوائمَه ويثبَ. والبَلْقاءُ: فرَس سَعْد.
وَكَانَ سَعْد حبسَ أبَا مِحْجَن الثَّقَفي فِي شُرْب الخَمْر وَهمُ فِي قِتَال الفُرْس، فلمَّا كَانَ يومُ القَادِسيَّة رَأى أَبُو مِحْجَن مِنَ الفُرْس قُوّة، فَقَالَ لامْرَأة سَعْد: أطْلقِيني ولَكِ اللهُ عليَّ إِنْ سَلَّمني اللَّهُ أَنْ أرْجِع حَتَّى أضَعَ رِجْلي فِي القَيْد، فحلَّته فرَكِب فرَساً لِسَعْد يُقَالُ لَهَا البَلْقَاء، فَجَعَلَ لَا يَحْمِل عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ العَدُوِّ إِلَّا هَزَمَهم، ثُمَّ رجَع حَتَّى وَضَع رِجْليه فِي الْقَيْدِ، ووَفَى لَهَا بذمَّته. فلمَّا رَجَعَ سَعْد أَخْبَرَتْهُ بِمَا كَانَ مِنْ أمْرِه، فَخَلَّى سَبِيله.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِي، وذَكر بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: «جَعل اللَّهُ جَوْزَهم الضَّبْر» هُوَ جَوْز البَرِّ.
وَفِيهِ «إنَّا لَا نَأمن أنْ يَأْتُوا بِضَبُورٍ» هِيَ الدّبَّابَاتُ الَّتِي تُقَرَّب إِلَى الحُصُون لــيُنْقب مِنْ تحتِها، الواحِدَةُ ضَبْرَة .
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.