Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: يحفر

شِبْدَازُ

شِبْدَازُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وآخره زاي، ويقال شبديز، بالياء المثناة من تحت:
موضعان أحدهما قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّ من رأى، والآخر منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستون سمي باسم فرس كان لكسرى، عن نصر، وقال مسعر بن المهلهل: وصورة شبديز على فرسخ من مدينة قرميسين، وهو رجل على فرس من حجر عليه درع لا يخرم كأنّه من الحديد يبين زرده والمسامير المسمرة في الزرد لا شك من نظر إليه يظن أنّه متحرّك، وهذه الصورة صورة أبرويز على فرسه شبديز وليس في الأرض صورة تشبهها، وفي الطاق الذي فيه هذه الصورة عدة صور من رجال ونساء ورجّالة وفرسان وبين يديه رجل في زيّ فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط بيده بيل كأنّه يحفر به الأرض والماء يخرج من تحت رجليه، وقال أحمد بن محمد الهمذاني: ومن عجائب قرميسين وهي إحدى عجائب الدنيا صورة شبديز وهي في قرية يقال لها خاتان ومصوره قنطوس بن سنمّار، وسنمار هو الذي بنى الخورنق بالكوفة، وكان سبب صورته في هذه القرية أنّه كان أزكى الدواب وأعظمها خلقة وأظهرها خلقا وأصبرها على طول الركض، وكان ملك الهند أهداه إلى الملك أبرويز فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه ولا ينخر ولا يزبد، وكانت استدارة حافره ستة أشبار، فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه وعرف أبرويز ذلك وقال: لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه، فلمّا مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدّا من إخباره بموته فيقتله، فجاء إلى البهلبند مغنيه، ولم يكن فيما تقدّم من الأزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود والغناء، قالوا: كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله:
فرسه شبديز وسريته شيرين ومغنيه بهلبند، وقال: اعلم أن شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا، فوعده الحيلة، فلمّا حضر بين يدي الملك غناه غناء ورّى فيه عن القصة إلى أن فطن الملك وقال له:
ويحك مات شبديز! فقال: الملك يقوله، فقال له:
زه ما أحسن ما تخلصت وخلّصت غيرك! وجزع عليه جزعا عظيما فأمر قنطوس بن سنمّار بتصويره فصوّره على أحسن وأتمّ تمثال حتى لا يكاد يفرق بينهما إلّا بإدارة الروح في جسدهما، وجاء الملك ورآه فاستعبر باكيا عند تأمّله إيّاه وقال: لشدّ ما نعى إلينا أنفسنا هذا التمثال وذكّرنا ما نصير إليه من فساد حالنا، ولئن كان في الظاهر أمر من أمور الدنيا يدلّ على أمور الآخرة إن فيه لدليلا على الإقرار بموت جسدنا وانهدام بدننا وطموس صورتنا ودروس أثرنا للبلى الذي لا بدّ منه مع الإقرار بالتأثير الذي لا سبيل إليه أن يبقى من جمال صورتنا، وقد أحدث لنا وقوفنا على هذا التمثال ذكرا لما تصير إليه حالنا وتوهمنا وقوف الواقفين عليه بعدنا حتى كأننا بعضهم ومشاهدون لهم، قال: ومن عجائب هذا التمثال أنّه لم ير مثل صورته صورة ولم يقف عليه أحد منذ صوّر من أهل الفكر اللطيف والنظر الدقيق إلّا استراب بصورته وعجب منها، حتى لقد سمعت كثيرا من هذا الصنف يحلفون أو يقاربون اليمين أنّها ليست من صنعة العباد وأن لله تعالى خبيئة سوف يظهرها يوما، قال: وسمعت بعض فقهاء المعتزلة يقول لو أن رجلا خرج من فرغانة القصوى وآخر من سوس الأبعد قاصدين النظر إلى صورة شبديز ما عنفا على ذلك، قال: وأنت إذا فكّرت في أمر صورة
شبديز وجدتها كما ذكر هذا المعتزلي، فإن كان من صنعة الآدميين فقد أعطي هذا المصوّر ما لم يعط أحد من العالمين، فأي شيء أعجب أو أظرف أو أشد امتناعا من أنه سخرت له الحجارة كما يريد، ففي الموضع الذي يحتاج أن يكون أسود اسودّ وفي الموضع الذي يحتاج أن يكون أحمر احمرّ وكذلك سائر الألوان، والذي يظهر لي أن الأصباغ التي فيه معالجة بصنف من المعالجات، ثمّ صوّر شيرين جارية أبرويز أيضا قريبة من شبديز وصوّر نفسه أيضا راكبا فرسا لبيقا، وقد ذكر هذه القصة خالد الفيّاض في شعر قاله وهو:
والملك كسرى شهنشاه تقنّصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب
إذ كان لذّته شبديز يركبه، ... وغنج شيرين والدّيباج والطّيب
بالنّار آلى يمينا شدّ ما غلظت ... أن من بدا فنعى الشبديز مصلوب
حتى إذا أصبح الشبديز منجدلا، ... وكان ما مثله في الخيل مركوب
ناحت عليه من الأوتار أربعة ... بالفارسيّة نوحا فيه تطريب
ورنّم البهلبند الوتر فالتهبت ... من سحر راحته اليمنى شآبيب
فقال: مات! فقالوا: أنت فهت به ... فأصبح الحنث عنه وهو مجذوب
لولا البهلبند والأوتار تندبه ... لم يستطع نعي شبديز المرازيب
أخنى الزّمان عليهم فاجرهدّ بهم، ... فما يرى منهم إلّا الملاعيب
وقال أبو عمران الكسروي يذكره:
وهم نقروا شبديز في الصّخر عبرة، ... وراكبه برويز كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكّف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه شيرين واللّحظ فاتن، ... وتعطو بكفّ حسّنتها الأشاجع
يدوم على كرّ الجديدين شخصه، ... ويلفى قويم الجسم واللون ناصع
واجتاز بعض الملوك هناك ونزل وشرب وأعجبه الموضع فاستدعى خلوقا وزعفرانا فخلّق وجه شبديز وشيرين والملك، فقال بعض الشعراء:
كاد شبديز أن يحمحم لمّا ... خلّق الوجه منه بالزّعفران
وكأنّ الهمام كسرى وشيري ... ن مع الشيخ موبذ الموبذان
من خلوق قد ضمّخوهم جميعا ... أصبحوا في مطارف الأرجوان
وقال ابن الفقيه: أنشدني أبو محمد العبدي الهمذاني لنفسه في صورة شبديز:
من ناظر معتبر أبصرت ... مقلته صورة شبديز
تأمّل الدّنيا وآثارها ... في ملك الدّنيا أبرويز
يوقن أنّ الدّهر لا يأتلي ... يلحق موطوءا بمهزوز
أبعد كسرى اعتاض من ملكه ... مخطّ رسم ثمّ مرموز
يغبط ذو ملك على عيشة ... رنق يعانيها بتوفيز
وقال آخر يذكر شبديز وأبرويز:
شبديز منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين، فلا جري ولا خبب
عليه برويز مثل البدر منتصبا ... للنّاظرين، فلا يجدي ولا يهب
وربّما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذّهب
فلا تزال مدى الأيّام صورته ... تحنّ شوقا إليها العجم والعرب
قلت: وعندي أشعار وأراجيز اكتفيت منها بهذا القدر تجنّبا للإطالة.

الشَّجِيّ

الشَّجِيّ:
بكسر الجيم، يقال: الشّجا، مقصور، ما ينشب في الحلق من غصّة همّ أو غيره، والرجل شج: وهو ربو من الأرض دخل في بطن فلج فشجي به الوادي، قال السكوني: والطريق من المدينة إلى البصرة يسلك من الشجيّ والرّحيل في القفّ ثمّ يؤخذ في الحزن على الوقباء، وبين الشجي وحفر أبي موسى ثلاثون ميلا، وقيل: الشجي على ثلاث مراحل من البصرة، عن نصر، والشجي:
ظرب قد شجي به الوادي فلذلك سمي الشجي، قال الراجز:
وقد شجاني في النّجاء المطلق ... رأس الشجيّ كالفلوّ الأبلق
شدّده ضرورة، وقد ذكرنا عذره في الذي قبله، ولا يجوز تشديده في الكلام الفصيح، ومنه: ويل للشجي من الخليّ، غير مشدّد في الشجي ومشدد في الخليّ، والنجاء في هذا الرجز: اسم موضع أيضا، وقال الآخر:
كأنّها بين الرّحيل والشّجي ... ضاربة بخفّها والمنسج
ومات قوم بالعطش بالشجي في أيّام الحجاج، وهو منزل من منازل طريق مكّة من ناحية البصرة، فاتصل خبرهم بالحجاج فقال: إني أظنّ أنهم دعوا الله
حين بلغ بهم الجهد فاحفروا في مكانهم الذي كانوا فيه لعلّ الله أن يسقي الناس، فقال رجل من جلسائه:
وقد قال الشاعر:
تراءت له بين اللّوى وعنيزة ... وبين الشجي ممّا أحال على الوادي
ما تراءت له إلّا على ماء، فأمر الحجّاج عبيدة السلمي أن يحفر بالشجي بئرا فحفر بالشجي بئرا فأنبط ماء لا ينزح، قال عبيد الله الفقير إليه: إن أريد من هذا الموضع الوادي فهو الشجي، بالياء، لأنه شجي بالربوة فهو مفعول، وإن أريد به الربوة نفسها فهو الشجا، بالألف، لأنّه فاعل، والمعنى في ذلك ظاهر.

عُنَيزَةُ

عُنَيزَةُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وبعد الياء زاي، يجوز أن يكون تصغير أشياء، منها العنزة: وهو رمح قصير قدر نصف الرمح أو أكثر شيئا وفيها زجّ كزجّ الرمح، والعنزة: وهو دويبة من السباع تكون بالبادية دقيقة الخطم تأخذ البعير من قبل دبره وقلّ ما ترى، ويزعمون أنه شيطان فلا يرى البعير فيه إلا مأكولا، والعنزة: من الظباء والشاء، زيدت الهاء فيه لتأنيث البقعة أو الركية أو البئر، فأما العنز فهو بغير هاء أو العنز من الأرض: وهو ما فيه حزونة من أكمة أو تلّ أو حجارة، والهاء فيه أيضا لتأنيث البقعة: وهو موضع بين البصرة ومكة، قال شيخ لقوم: هل رأيتم عنيزة؟ قالوا: نعم، قال: أين؟ قالوا: عند الظرب الذي قد سدّ الوادي، قال: ليس تلك عنيزة، عنيزة بينها وبين مطلع الشمس عند الأكمة السوداء، وقال ابن الأعرابي: عنيزة على ما أخبرني به الفزاري تنهية للأودية ينتهي ماؤها إليها وهي على ميل من القريتين ببطن الرّمة، وهي لبني عامر بن كريز، قال أبو عبيد السكوني: استخرج عنيزة محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس وهو أمير على البصرة، وقيل: بل بعث الحجاج رجلا يحفر المياه، كما ذكرناه في الشجي، بين البصرة ومكة، فقال له: احفر بين عنيزة والشجي حيث تراءت للملك الضليل، فقال:
تراءت لنا بين النقا وعنيزة ... وبين الشجي مما أحال على الوادي
والله ما تراءت له إلا على الماء، وقال امرؤ القيس:
تراءت لنا يوما بسفح عنيزة ... وقد حان منها رحلة وقلوص
وقال ابن الفقيه: عنيزة من أودية اليمامة قرب سواج، وقرى عنيزة بالبحرين، قال جرير:
أمسى خليطك قد أجدّ فراقا ... هاج الحزين وهيّج الأشواقا
هل تبصران ظعائنا بعنيزة ... أم هل تقول لنا بهنّ لحاقا؟
إنّ الفؤاد مع الذين تحمّلوا ... لم ينظروا بعنيزة الإشراقا
وقد ذكره مهلهل بن ربيعة أخو كليب في قوله:
فدى لبني شقيقة يوم جاءوا ... كأسد الغاب لجّت في زئير
كأنّ رماحهم أشطان بئر ... بعيد بين جاليها جرور
غداة كأننا وبني أبينا ... بجنب عنيزة رحيا مدير
وقال: أدخل بعض الأعراب عليها الألف واللام فقال:
لعمري لضبّ بالعنيزة صائف ... تضحّى عرادا فهو ينفخ كالقرم
أحبّ إلينا أن يجاور أهلها ... من السمك الجرّيث والسلجم الوخم

الفَيُّوم

الفَيُّوم:
بالفتح، وتشديد ثانيه ثم واو ساكنة، وميم:
وهي في موضعين أحدهما بمصر والآخر موضع قريب من هيت بالعراق، فأما التي بمصر فهي ولاية غربية بينها وبين الفسطاط أربعة أيام بينهما مفازة لا ماء بها ولا مرعى مسيرة يومين وهي في منخفض الأرض كالدارة، ويقال إن النيل أعلى منها وإن يوسف الصديق، عليه السّلام، لما ولي مصر ورأى ما لقي أهلها في تلك السنين المقحطة اقتضت فكرته أن حفر نهرا عظيما حتى ساقه إلى الفيّوم وهو دون محمل المراكب وبتشطّط علوّه وانخفاض أرض الفيوم على جميع مزارعها تشرب قراه مع نقصان النيل ثم يتفرّق في نواحي الفيوم على جميع مزارعها لكل موضع شرب معلوم، وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا هشام بن إسحاق أن يوسف لما ولي مصر عظمت منزلته من فرعون وجازت سنّه مائة سنة، قالت وزراء الملك: إن يوسف ذهب علمه وتغيّر عقله ونفدت حكمته فعنّفهم فرعون وردّ عليهم مقالتهم وأساء اللفظ لهم فكفّوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين فقال لهم:
هلمّوا ما شئتم من شيء نختبره به، وكانت الفيوم يومئذ تدعى الجوبة وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضوله، فاجتمع رأيهم على أن تكون هي المحنة التي يمتحن بها يوسف، فقالوا لفرعون: سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة فيزداد بلد إلى بلدك وخراج إلى خراجك، فدعا يوسف وقال: قد تعلم مكان ابنتي فلانة مني فقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا وإني لم أصب لها إلا الجوبة وذاك أنه بليد قريب
لا يؤتى من ناحية من نواحي مصر إلا من مفازة أو صحراء إلى الآن، قال: والفيوم وسط مصر كمثل مصر في وسط البلاد لأن مصر لا تؤتى من ناحية من نواح إلا من صحراء أو مفازة وقد أقطعتها إياها فلا تتركنّ وجها ولا نظرا إلا وبلغته، فقال يوسف: نعم أيها الملك متى أردت ذلك عملته، قال:
إنّ أحبّه إليّ أعجله، فأوحي إلى يوسف أن تحفر ثلاثة خلج: خليجا من أعلى الصعيد من موضع كذا إلى موضع كذا، وخليجا شرقيّا من موضع كذا إلى موضع كذا، وخليجا غربيّا من موضع كذا إلى موضع كذا، فوضع يوسف العمّال فحفر خليج المنهي من أعلى أشمون إلى اللّاهون وأمر الناس أن يحفروا اللّاهون وحفر خليج الفيوم وهو الخليج الشرقي وحفر خليجا بقرية يقال لها تيهمت من قرى الفيوم وهو الخليج الغربي فصبّ في صحراء تيهمت إلى الغرب فلم يبق في الجوبة ماء ثم أدخلها الفعلة تقطع ما كان بها من القصب والطرفاء فأخرجه منها، وكان ذلك في ابتداء جري النيل، وقد صارت الجوبة أرضا نقيّة برّيّة فارتفع ماء النيل فدخل في رأس المنهي فجرى فيه حتى انتهى إلى اللّاهون فقطعه إلى الفيوم فدخل خليجها فسقاها فصارت لجة من النيل، وخرج الملك ووزراؤه إليه وكان هذا في سبعين يوما فلما نظر الملك إليه قال لوزرائه: هذا عمل ألف يوم، فسميت بذلك الفيوم، وأقامت تزرع كما تزرع غوائط مصر ثم بلغ يوسف قول الوزراء له فقال للملك:
إن عندي من الحكمة غير ما رأيت، فقال الملك:
وما هو؟ قال: أنزل الفيوم من كل كورة من كور مصر أهل بيت وآمر كلّ أهل بيت أن يبنوا لأنفسهم قرية فكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر فإذا فرغوا من بناء قراهم صيرت لكل قرية من الماء بقدر ما أصيّر لها من الأرض لا يكون في ذلك زيادة عن أرضها ولا نقصان، وأصير لكل قرية شرب زمان لا ينالهم الماء إلا فيه، وأصير مطأطئا للمرتفع ومرتفعا للمطأطئ بأوقات من الساعات في الليل والنهار، وأصير لها قبضين فلا يقصر بأحد دون قدره ولا يزداد فوق قدره، فقال فرعون: هذا من ملكوت السماء؟ قال: نعم، فأمر يوسف ببنيان القرى وحدّ لها حدودا وكانت أول قرية عمّرت بالفيوم يقال لها شنانة، وفي نسخة شانة، كانت تنزلها ابنة فرعون، ثم أمر بحفر الخليج وبنيان القناطر، فلما فرغ من ذلك استقبلوا وزن الأرض ووزن الماء ومن يومئذ وجدت الهندسة ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك، وقال ابن زولاق: مدينة الفيوم بناها يوسف الصديق بوحي فدبّرها وجعلها ثلاثمائة وستين قرية يجيء منها في كل يوم ألف دينار، وفيها أنهار عدد أنهار البصرة، وكان فرعون يوسف وهو الرّيّان بن الوليد أحضر يوسف من السجن واستخلصه لنفسه وحمله وخلع عليه وضرب له بالطبل وأشاع أن يوسف خليفة الملك فقام له في الأمر كله ثم سعي به بعد أربعين سنة فقالوا قد خرف فامتحنه بإنشاء الفيوم فأنشأها بالوحي فعظم شأن يوسف وكان يجلس على سرير فقال له الملك: اجعل سريرك دون سريري بأربع أصابع، ففعل، وحدّثني أحمد بن محمد بن طرخان الكاتب قال: عقدت الفيوم لكافور في سنة 355 ستمائة ألف وعشرين ألف دينار، وفي الفيوم من المباح الذي يعيش به أهل التعفف ما لا يضبط ولا يحاط بعلمه، وقيل: إن عرضه سبعون ذراعا، وقيل:
بني بالفيوم ثلاثمائة وستون قرية وقدّر أن كل قرية تكفي أهل مصر يوما واحدا، وعمل على أن مصر إذا لم يزد النيل اكتفى أهلها بما يحصل من زراعتها،
وأتقن ذلك وأحكمه وجرى الأمر عليه مدة أيامه وزرعت بعده النخيل والبساتين فصارت أكثر ولايتها كالحديقة، ثم بعد تطاول السنين وإخلاق الجدّة تغيرت تلك القوانين باختلاف الولاة المتملكين فهي اليوم على العشر مما كانت عليه فيما بلغني، وقيل: إن مروان ابن محمد بن مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية قتل ببعض نواحيها، وقال أعرابيّ في فيوم العراق:
عجبت لعطّار أتانا يسومنا ... بدسكرة الفيوم دهن البنفسج
فويحك يا عطار! هلّا أتيتنا ... بضغث خزامى أو بخوصة عرفج
كأنّ هذا الأعرابي أنكر على العطار أن جاءه بما هو موجود بالفيوم وسأله أن يأتيه بما ألفه في صحاريه.

قُساسٌ

قُساسٌ:
بالضم، وبعد الألف سين أخرى: جبل لبني نمير، وقال غيره: قساس جبل لبني أسد، وإذا قيل بالصاد فهو جبل لهم أيضا فيه معدن من حديد تنسب السيوف القساسية إليه، قال الراجز يصف فأسا:
أخضر من معدن ذي قساس ... كأنه في الحيد ذي الأضراس
يرمى به في البلد الدّهاس
وقال أبو طالب بن عبد المطلب يخاطب قريشا في الشعب:
ألا أبلغا عني، على ذات بيننا، ... لؤيّا وخصّا من لؤيّ بني كعب
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدا ... نبيّا كموسى خطّ في أوّل الكتب
وأن الذي ألصقتم من كتابكم ... لكم كائن نحسا كراغية السّقب
أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى ... ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنب
فلسنا، وربّ البيت، نسلم أحمدا ... لعزّاء من عض الزمان ولا كرب
ولما تبن منّا ومنكم سوالف ... وأيد أترّت بالقساسية الشّهب
بمعترك ضنك ترى كسر القنا ... به والنسور الطّخم يعكفن كالشرب
وقال أبو منصور: ذكر أبو عبيد عن الأصمعي من أسماء السيوف القساسيّ ولا أدري إلى ما نسب، وقال شمر: قساس يقال إنه معدن الحديد بأرمينية نسب السيف إليه، قال جرير:
إنّ القساسيّ الذي تعصى به ... خير من الإلف الذي تعطى به
وقساس أو قساس، بالفتح: معدن العقيق باليمن، قال جران العود:
ذكرت الصّبا فانهلّت العين تذرف، ... وراجعك الشّوق الذي كنت تعرف
وكان فؤادي قد صحا ثم هاجني ... حمائم ورق بالمدينة هتّف
تذكّرنا أيّامنا بسويقة ... وهضب قساس، والتذكّر يشعف

قِلاتٌ

قِلاتٌ:
بكسر أوله، وفي آخره تاء مثناة من فوق، وهو جمع قلت، وهو كالنّقرة تكون في الجبل يستنقع فيه الماء، قال أبو زيد: القلت المطمئنّ في الخاصرة، والقلت: ما بين التّرقوة والغبب، والقلت:
عين الركيّة، والقلت: ما بين الإبهام والسبّابة، وقال الليث: القلت حفرة يحفرها ماء واشل يقطر من سقف كهف على حجر أيّر فيوقب فيه على مر الأحقاب وقبة مستديرة، وكذلك إن كان في الأرض الصّلبة فهي قلتة، وقلت الثريدة: أنقوعتها، وقال الأزهري:
وقلات الصّمّان نقر في رؤوس قفافها يملؤها ماء السماء في الشتاء وردتها مرّة وهي مفعمة فوجدت القلت منها يأخذ مائة راوية وأقلّ وأكثر، وهي حفر خلقها الله تعالى في الصخور الصّم، وقد ذكرها ذو الرّمّة فقال:
أمن دمنة بين القلات وشارع ... تصابيت حتى ظلّت العين تسفح؟

مَأرِبٌ

مَأرِبٌ:
بهمزة ساكنة، وكسر الراء، والباء الموحدة، اسم المكان من الأرب وهي الحاجة، ويجوز أن يكون من قولهم: أرب يأرب إربا إذا صار ذا دهي، أو من أرب الرجل إذا احتاج إلى الشيء وطلبه، وأربت بالشيء: كلفت به، يجوز أن يكون اسم المكان من هذا كله: وهي بلاد الأزد باليمن، قال السّهيلي: مأرب اسم قصر كان لهم، وقيل: هو اسم لكل ملك كان يلي سبأ كما أن تبّعا اسم لكل من ولي اليمن والشحر وحضرموت، قال المسعودي: وكان هذا السُّد من بناء سبإ بن يشجب بن يعرب وكان سافله سبعين واديا ومات قبل أن يستتمّه فأتمته ملوك حمير بعده، قال المسعودي: بناه لقمان بن عاد وجعله فرسخا في فرسخ وجعل له ثلاثين مشعبا، وفي الحديث: أقطع رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أبيض بن حمّال ملح مأرب، حدثني شيخ سديد فقيه محصّل من أهل صنعاء من ناحية شبام كوكبان وكان مستبينا متثبتا فيما يحكي قال: شاهدت مأرب وهي بين حضرموت وصنعاء، وبينها وبين صنعاء أربعة أيام، وهي قرية ليس بها عامر إلا ثلاث قرى يقال لها
الدروب إلى قبيلة من اليمن: فالأول من ناحية صنعاء درب آل الغشيب ثم درب كهلان ثم درب الحرمة، وكل واحد من هذه الدروب كاسمه درب طويل لا عرض له طوله نحو الميل كل دار إلى جنب الأخرى طولا وبين كل درب والآخر نحو فرسخين أو ثلاثة، وهم يزرعون على ماء جار يجيء من ناحية السّدّ فيسقون أرضهم سقية واحدة فيزرعون عليه ثلاث مرات في كل عام، قال: ويكون بين بذر الشعير وحصاده في ذلك الموضع نحو شهرين، وسألته عن سدّ مأرب فقال: هو بين ثلاثة جبال يصب ماء السيل إلى موضع واحد وليس لذلك الماء مخرج إلا من جهة واحدة فكان الأوائل قد سدوا ذلك الموضع بالحجارة الصلبة والرصاص فيجتمع فيه ماء عيون هناك مع ما يغيض من مياه السيول فيصير خلف السّد كالبحر فكانوا إذا أرادوا سقي زروعهم فتحوا من ذلك السدّ بقدر حاجتهم بأبواب محكمة وحركات مهندسة فيسقون حسب حاجتهم ثم يسدّونه إذا أرادوا، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيات:
يا ديار الحبائب بين صنعا ومارب ... جادك السعد غدوة والثريّا بصائب
من هزيم كأنما يرتمي بالقواضب ... في اصطفاق ورنّة واعتدال المواكب
وأما خبر خراب سدّ مأرب وقصّة سيل العرم فإنه كان في ملك حبشان فأخرب الأمكنة المعمورة في أرض اليمن وكان أكثر ما أخرب بلاد كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب وعامة بلاد حمير بن سبإ، وكان ولد حمير وولد كهلان هم سادة اليمن في ذلك الزمان، وكان عمرو بن عامر كبيرهم وسيدهم وهو جد الأنصار فمات عمرو بن عامر قبل سيل العرم وصارت الرياسة إلى أخيه عمران بن عامر الكاهن، وكان عاقرا لا يولد له ولد، وكان جوادا عاقلا، وكان له ولولد أخيه من الحدائق والجنان ما لم يكن لأحد من ولد قحطان، وكان فيهم امرأة كاهنة تسمى طريفة فأقبلت يوما حتى وقفت على عمران بن عامر وهو في نادي قومه فقالت: والظلمة والضياء، والأرض والسماء، ليقبلن إليكم الماء، كالبحر إذا طما، فيدع أرضكم خلاء، تسفي عليها الصّبا، فقال لها عمران:
ومتى يكون ذلك يا طريفة؟ فقالت: بعد ستّ عدد، يقطع فيها الوالد الولد، فيأتيكم السيل، بفيض هيل، وخطب جليل، وأمر ثقيل، فيخرّب الديار، ويعطل العشار، ويطيب العرار، قال لها: لقد فجعنا بأموالنا يا طريفة فبيّني مقالتك، قالت: أتاكم أمر عظيم، بسيل لطيم، وخطب جسيم، فاحرسوا السّد، لئلا يمتدّ، وإن كان لا بدّ من الأمر المعدّ، انطلقوا إلى رأس الوادي، فسترون الجرذ العادي، يجرّ كل صخرة صيخاد، بأنياب حداد، وأظفار شداد.
فانطلق عمران في نفر من قومه حتى أشرفوا على السّدّ، فإذا هم بجرذان حمر يحفرن السدّ الذي يليها بأنيابها فتقتلع الحجر الذي لا يستقلّه مائة رجل ثم تدفعه بمخاليب رجليها حتى يسدّ به الوادي مما يلي البحر ويفتح مما يلي السدّ، فلما نظروا إلى ذلك علموا انها قد صدقت، فانصرف عمران ومن كان معه من أهله، فلما استقرّ في قصره جمع وجوه قومه ورؤساءهم وأشرافهم وحدّثهم بما رأى وقال: اكتموا هذا الأمر عن إخوتكم من ولد حمير لعلّنا نبيع أموالنا وحدائقنا منهم ثم نرحل عن هذه الأرض، وسأحتال في ذلك بحيلة، ثم قال لابن أخيه حارثة: إذا اجتمع الناس إليّ فإني سآمرك بأمر فأظهر فيه العصيان فإذا ضربت رأسك بالعصا فقم إليّ فالطمني، فقال له: كيف يلطم
الرجل عمّه! فقال: افعل يا بنيّ ما آمرك فإن في ذلك صلاحك وصلاح قومك، فلما كان من الغد اجتمع إلى عمران أشراف قومه وعظماء حمير ووجوه رعيته مسلّمين عليه، فأمر حارثة بأمر فعصاه فضربه بمخصرة كانت في يده فوثب إليه فلطمه فأظهر عمران الأنفة والحمية وأمر بقتل ابن أخيه حتى شفع فيه، فلما أمسك عن قتله حلف أنه لا يقيم في أرض امتهن بها ولا بدّ من أن يرتحل عنها، فقال عظماء قومه: والله لا نقيم بعدك يوما واحدا! ثم عرضوا ضياعهم على البيع فاشتراها منهم بنو حمير بأعلى الأثمان وارتحلوا عن أرض اليمن فجاء بعد رحيلهم بمديدة السبل وكان ذلك الجرذ قد خرّب السدّ فلم يجد مانعا فغرّق البلاد حتى لم يبق من جميع الأرضين والكروم إلا ما كان في رؤوس الجبال والأمكنة البعيدة مثل ذمار وحضرموت وعدن ودهيت الضياع والحدائق والجنان والقصور والدور وجاء السيل بالرمل وطمّها فهي على ذلك إلى اليوم، وباعد الله بين أسفارهم كما ذكروا فتفرّقوا عباديد في البلدان، ولما انفصل عمران وأهله من بلد اليمن عطف ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول بن مازن بن الأزد بن الغوث نحو الحجاز فأقام ما بين الثعلبية إلى ذي قار وباسمه سميت الثعلبية فنزلها بأهله وولده وماشيته ومن يتبعه فأقام ما بين الثعلبية وذي قار يتتبع مواقع المطر، فلما كبر ولده وقوي ركنه سار نحو المدينة وبها ناس كثير من بني إسرائيل متفرّقون في نواحيها فاستوطنوها وأقاموا بها بين قريظة والنضير وخيبر وتيماء ووادي القرى ونزل أكثرهم بالمدينة إلى أن وجد عزّة وقوّة فأجلى اليهود عن المدينة واستخلصها لنفسه وولده فتفرّق من كان بها من اليهود وانضموا إلى إخوانهم الذين كانوا بخيبر وفدك وتلك النواحي وأقام ثعلبة وولده بيثرب فابتنوا فيها الآطام وغرسوا فيها النخل فهم الأنصار الأوس والخزرج أبناء حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء، وانخزع عنهم عند خروجهم من مأرب حارثة ابن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء وهو خزاعة فافتتحوا الحرم وسكانه جرهم وكانت جرهم أهل مكة فطغوا وبغوا وسنّوا في الحرم سننا قبيحة وفجر رجل منهم كان يسمى إساف بامرأة يقال لها نائلة في جوف الكعبة فمسخا حجرين، وهما اللذان أصابهما بعد ذلك عمرو بن لحيّ ثم حسّن لقومه عبادتهما، كما ذكرته في إساف، فأحب الله تعالى أن يخرج جرهما من الحرم لسوء فعلهم، فلما نزل عليهم خزاعة حاربوهم حربا شديدة فظفّر الله خزاعة بهم فنفوا جرهما من الحرم إلى الحلّ فنزلت خزاعة الحرم ثم إن جرهما تفرّقوا في البلاد وانقرضوا ولم يبق لهم أثر، ففي ذلك يقول شاعرهم:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس، ولم يسمر بمكة سامر
بلى! نحن كنّا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر
وكنّا ولاة البيت من قبل نابت ... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
وعطف عمران بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء مفارقا لأبيه وقومه نحو عمان وقد كان انقرض بها من طسم وجديس ابني إرم فنزلها وأوطنها وهم أزد عمان منهم وهم العتيك آل المهلّب وغيرهم، وسارت قبائل نصر بن الأزد وهم قبائل كثيرة منهم دوس رهط أبي هريرة وغامد وبارق وأحجن والجنادبة وزهران وغيرهم نحو تهامة فأقاموا بها وشنئوا قومهم أو شنئهم قومهم إذ لم ينصروهم في حروبهم أعني حروب
الذين قصدوا مكة فحاربوا جرهم والذين قصدوا المدينة فحاربوا اليهود فهم أزد شنوءة، ولما تفرّقت قضاعة من تهامة بعد الرحب التي جرت بينهم وبين نزار بن معدّ سارت بليّ وبهراء وخولان بنو عمران ابن الحاف بن قضاعة ومن لحق بهم إلى بلاد اليمن فوغلوا فيها حتى نزلوا مأرب أرض سبإ بعد افتراق الأزد عنها وخروجهم منها، فأقاموا بها زمانا ثم أنزلوا عبدا لأراشة بن عبيلة بن فران بن بليّ يقال له أشعب بئرا لهم بمأرب ودلّوا عليه دلاءهم ليملأها لهم، فطفق العبد يملأ لمواليه وسادته ويؤثرهم ويبطئ عن زيد الله بن عامر بن عبيلة بن قسميل فغضب من ذلك فحطّ عليه صخرة وقال: دونك يا أشعب، فأصابته فقتلته فوقع الشر بينهم لذلك واقتتلوا حتى تفرّقوا، فيقول قضاعة:
إن خولان أقامت باليمن فنزلوا مخلاف خولان، وإن مهرة أقامت هناك وصارت منازلهم الشحر ولحق عامر بن زيد الله بن عامر بن عبيلة بن قسميل بسعد العشيرة فهم فيهم زيد الله، فقال المثلّم بن قرط البلوي:
ألم تر أن الحيّ كانوا بغبطة ... بمأرب إذ كانوا يحلّونها معا
بليّ وبهراء وخولان إخوة ... لعمرو بن حاف فرع من قد تفرّعا
أقام به خولان بعد ابن أمه ... فأثرى لعمري في البلاد وأوسعا
فلم أر حيّا من معدّ عمارة ... أجلّ بدار العزّ منّا وأمنعا
وهذا أيضا دليل على أن قضاعة من سعد، والله أعلم، وسار جفنة بن عمرو بن عامر إلى الشام وملكوها فهذه الأزد باقية وأما باقي قبائل اليمن فتفرّقت في البلاد بما يطول شرحه، وقد ذكرت الشعراء مأرب فقال المثلم بن قرط البلوي:
ألم تر أن الحيّ كانوا بغبطة ... بمأرب إذ كانوا يحلّونها معا
وقد ذكرت وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه قصة مأرب فقال: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ، 34: 16 كما ذكرناه في العرم، والعرم: المسنّاة التي كانت قد أحكمت لتكون حاجزا بين ضياعهم وحدائقهم وبين السيل ففجّرته فأرة ليكون أظهر في الأعجوبة كما أفار الله الطوفان من جوف التنور ليكون ذلك أثبت في العبرة وأعجب في الأمة ولذلك قال خالد بن صفوان التميمي لرجل من أهل اليمن كان قد فخر عليه بين يدي السفاح: ليس فيهم يا أمير المؤمنين إلا دابغ جلد أو ناسج برد أو سائس قرد أو راكب عرد، غرّقتهم فأرة وملكتهم امرأة ودلّ عليهم هدهد، وقال الأعشى:
ففي ذاك للمؤتسي أسوة، ... ومأرب عفّى عليها العرم
رخام بنته لهم حمير ... إذا ما نأى ماؤهم لم يرم
فأروى الزّروع وأغنامها ... على سعة ماؤهم إن قسم
وطار القيول وقيلاتها ... بيهماء فيها سراب يطم
فكانوا بذلكم حقبة ... فمال بهم جارف منهزم
قال أحمد بن محمد: ومأرب أيضا قصر عظيم عالي الجدران، وفيه قال الشاعر:
أما ترى مأربا ما كان أحصنه، ... وما حواليه من سور وبنيان
ظلّ العباديّ يسقي فوق قلّته، ... ولم يهب ريب دهر جدّ خوّان
حتى تناوله من بعد ما هجعوا ... يرقى إليه على أسباب كتّان
وقال جهم بن خلف:
ولم تدفع الأحساب عن ربّ مأرب ... منيّته وما حواليه من قصر
ترقّى إليه تارة بعد هجعة ... بأمراس كتّان أمرّت على شزر
وقد نسب إلى مأرب يحيى بن قيس المأربي الشيباني، روى عن ثمامة بن شراحيل، وروى عنه أبو عمرو محمد ومحمد بن بكر، ذكره البخاري في تاريخه، وسعيد بن أبيض بن حمّال المأربي، روى عن أبيه وعن فروة بن مسيك العطيفي، روى عنه ابنه ثابت ابن سعيد، ذكره ابن أبي حاتم، وثابت بن سعيد المأربي، حدث عن أبيه، روى عنه ابن أخيه فرج ابن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمّال المأربي الشيباني، هكذا نسبه ابن أبي حاتم، وقال أبو أحمد في الكنى: أبو روح الفرج بن سعيد أراه ابن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمّال المأربي عن خالد بن عمرو بن سعيد بن العاصي، وعمه ثابت بن سعيد المأربي، روى عنه أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي وعبد الله بن الزبير الجندي، وقال أبو حاتم: جبر بن سعيد أخو فرج بن سعيد، روى عنه أخوه جبير بن سعيد المأربي، سألت أبي عن فرج بن سعيد فقال لا بأس به، ومنصور بن شيبة من أهل مأرب، روى عنه فرج بن سعيد بن علقمة المأربي، ذكره ابن أبي حاتم أيضا في ترجمة فرج ابن سعيد.
مَارِثُ:
بكسر الراء، وآخره ثاء مثلثة، يجوز أن يكون اسم المكان من الإرث من الميراث أو من الإرث وهي الحدود بين الأرضين، واحدته أرثة، وهي الإرث التي في حديث عثمان: الإرث تقطع الشفعة، والميم على هذه زائدة، ويجوز أن يكون اسم فاعل من مرثت الشيء بيدي إذا مرسته أو فتّتّه، أو من المرث وهو الحليم الوقور، ومارث:
ناحية من جبال عمان.

مِخْلافُ مأرب

مِخْلافُ مأرب:
كان بها نخل كثير وأكثر تمر صنعاء منها، وفي جنوبي مأرب ومساقط في شماليها إلى نهج الحوف العواهل وهبتا وضرواح، ومأرب بحذاء صنعاء شرقا وفيها جبل الملح وليس بجبل منتصب ولكنه جبل في الأرض يحفر عليه ويمعن في الأرض ويبقى منه أساطين تحمل ما استقلّ من تلك المحافر وربما انهدم على الجماعة فذهبوا، وهي أرض لا نبات فيها فيحمل إليها الماء والزاد والحطب والعلف ويتحفّظ على الماء من أجل الغراب أن ينسر السّقاء فيذهب ماؤه، وهو من مأرب على ثلاث مراحل خفاف.

المَعْمَلُ

المَعْمَلُ:
بوزن معمر إلا أن آخره لام: قرية من أعمال مكة، قال أبو منصور: لبني هاشم في وادي بيشة ملك يقال له المعمل، وكان أول أمر المعمل أنه كان بنى من بيشة بين سلول وخثعم فــيحفر السلوليون ويضعون فيه الفسيل فيجيء الخثعميون وينتزعون ذلك الفسيل ويهدمون ما حفر السلوليون ويفعل مثل ذلك الخثعميون فيزيلون الفسيل ولا يزال بينهم قتال وضرب فكان ذلك المكان يسمّى مطلوبا، فلما رأى ذلك العجير السلولي الشاعر تخوّف أن يقع بين الناس شرّ هو أعظم من ذلك فأخذ من طينه ومائه ثم ارتحل حتى لحق بهشام بن عبد الملك ووصف له صفته وأتاه بمائه وطينه، وماؤه عذب، فقال له هشام: كم بين الشمس وبين هذا الماء؟ قال: أبعد ما يكون بعده، قال: فأين هذا الطين؟ قال: في الماء، وأخبره بماء جوف بيشة، وبيشة من أعمال مكة مما يلي بلاد اليمن من مكة على خمس مراحل، وأخبره بما في بيشة والأودية التي معها من النخل والفسيل وأخبره أن ذلك يحتمل نقل عشرة آلاف فسيلة في يوم واحد، فأرسل هشام إلى أمير مكة أن يشتري مائتي زنجيّ ويجعل مع كل زنجيّ امرأته ثم يحملهم حتى يضعهم بمطلوب وينقل إليهم الفسيل فيضعونه بمطلوب، فلما رأى الناس ذلك قالوا: إن مطلوبا معمل يعمل فيه، فذهب اسمه المعمل إلى اليوم، قال العجير السلولي:
لا نوم للعين إلا وهي ساهرة ... حتى أصيب بغيظ أهل مطلوب
إن تشتموني فقد بدّلت أيكتكم ... زرق الدجاج وتجفاف اليعاقيب
قد كنت أخبرتكم أن سوف يعمرها ... بنو أميّة وعدا غير مكذوب
الأيكة: جماعة الأراك، وذلك أنه نزع ووضع مكانه الفسيل.

النَّجَفَةُ

النَّجَفَةُ:
بالتحريك، مثل الذي قبله وزيادة هاء، والنجفة تكون في بطن الوادي شبه جدار ليس بعريض له طول منقاد من بين معوجّ ومستقيم لا يعلوها الماء وقد يكون في بطن الأرض، وقد يقال لإبط الكثيب نجفة الكثيب، وهو الموضع الذي تصفّقه الرياح فتنجّفه فيصير كأنه جرف منخرق، وقبر منجوف: هو الذي يحفر في عرضه وهو غير مضروح أي موسّع، والنجفة: موضع بين البصرة والبحرين، وقال السكوني: النجفة رملة فيها نخل تحفر له فيخرج الماء، وهو في شرقي الحاجر بالقرب منه.

نهرُ سَعدٍ

نهرُ سَعدٍ:
من نواحي الأنبار، لما فتح سعد بن أبي وقاص الأنبار سأله دهاقينها أن يحفر لهم نهرا كانوا
سألوا عظيم الفرس حفره لهم فجمع الرجال لذلك فحفروا حتى انتهوا إلى جبل لم يمكنهم شقّه فتركوه، فلما ولي الحجاج العراق جمع الفعلة من كل ناحية وقال لقوّامه: انظروا إلى قيمة ما يأكل رجل من الحفّارين في اليوم فإن كان وزنه مثل ما يقلع فلا تمتنعوا من الحفر، وأنفقوا عليه حتى استتموه فنسب ذلك الجبل إلى الحجاج ونسب النهر إلى سعد بن أبي وقاص.

نهرُ مُرّة

نهرُ مُرّة:
بالبصرة، منسوب إلى مرّة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وكانت عائشة، رضي الله عنها، كتبت إلى زياد تستوصله له فأقطعه هذا النهر فنسب إليه، قال ابن الكلبي: هو مولى عائشة، رضي الله عنها، وقال القحذمي: نهر مرة لابن عامر ولي حفره له مرّة بن أبي عثمان مولى أبي بكر الصديق فغلب على ذكره، وقال أبو اليقظان وغيره: نسب نهر مرة إلى مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كان سريّا سأل عائشة أم المؤمنين أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه، فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته إلى زياد بن أبي سفيان من عائشة أم المؤمنين، فلما رأى زياد أنها قدمته ونسبته إلى أبي سفيان سرّ بذلك وأكرم مرة وألطفه وقال للناس:
هذا كتاب أم المؤمنين إليّ وفيه كذا، وعرضه ليقرأ عنوانه ثم أقطعه مائة جريب على نهر الأبلّة وأمر أن يحفر لها نهر فنسب إليه، وكان عثمان بن مرّة من سراة أهل البصرة.

سلتن

سلتن
: (السِّلْتينُ، بالكسْرِ) :
أَهْمَلَهُ الجَوْهرِيُّ وصاحِبُ اللِّسانِ، وأَوْرَدَه اسْتِطْراداً فِي (س ج ن) .
قالَ: وَهُوَ (من النَّخْلِ مَا يُحْفَرُ فِي أُصُولِها حَفْراً يَجْذِبُ الماءَ إِلَيْهَا إِذا كانَ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا الماءُ) ، وَهِي لُغَةُ أَهْلِ البَحْرَيْن وليَسْتَ بعَربيَّةٍ، وَهِي بالعَربيَّةِ السجين؛ قالَهُ الأَصْمعيُّ وَقد تقدَّمَ.

الفأس

الفأس: مؤنثة، تصغيرها فؤيسةٌ، وجمعها ثلاث أفؤس.
(الفأس) آلَة ذَات يَد ملساء من الْخشب وَسن عريضة من الْحَدِيد يحْفر بهَا ويعزق (مُؤَنّثَة) وفأس اللجام الحديدة المعترضة فِي فَم الْفرس وفأس الْفَم طرفه الَّذِي فِيهِ الْأَسْنَان وفأس الرَّأْس طرف مؤخره المشرف على الْقَفَا (ج) أفؤس وفؤوس

سِرْداب

سِرْداب: سِرْداب: ببغداد خاصة نجد السرداب في أيامنا هذه. والسرداب حجرة تحت الأرض مرتفعة السقف معقودته ولها متنفس للهواء (بادكير) ذو فتحة كبيرة نحو الشمال فمن هذه الناحية يأتي الهواء في موسم الحر. وكل شخص ذي مكانة عنده سرداب في بيته يلتجئ إليه من الحر، (انظر نييور رحلة 2: 279، بكنجهام 2: 192، 210، كربررتر 2: 261) سِرداب: سرب يحفر تحت الأرض لينفذ منه إلى الخارج (محيط المحيط) ويحدثنا النويري (الأندلس ص443) عن سرداب يوجد في طرف السجن يؤدي إلى جواد ليفير وكان المسجونون يمرون من هذا السرداب لكي يذهبوا للاغتسال وكذلك نجده عند ابن بطوطة (1: 264) حيث صواب الترجمة: وهذا الممر تحت الأرض كان الطريق الذي يسير فيه الخ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.