Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: وعيد

غُذُمٌ

غُذُمٌ:
بضم أوله وثانيه، جمع غذم: وهو نبت، قال القطامي:
في عثعث ينبت الحوذان والغذما وقيل: الغذيمة كل كلإ وشيء يركب بعضه بعضا، ويقال هي بقلة تنبت بعد مسير الناس من الدار، وذو غذم: موضع من نواحي المدينة، قال إبراهيم ابن هرمة:
ما بالديار التي كلّمت من صمم ... لو كلّمتك وما بالعهد من قدم
وما سؤالك ربعا لا أنيس به ... أيام شوطى ولا أيام ذي غذم
وقال قرواش بن حوط:
نبّئت أن عقال وابن خويلد ... بنعاف ذي غذم وأن لا أعلما
ينمي وعيدهما إليّ وبيننا ... شمّ فوارع من هضاب يلملما
لا تسأما لي من رسيس عداوة ... أبدا فليس بمنّتي أن تسلما

عَاقِلٌ

عَاقِلٌ:
بالقاف، واللام، بلفظ ضد الجاهل، وهو من التحصن في الجبل، يقال: وعل عاقل إذا تحصّن بوزره عن الصياد، والجبل نفسه عاقل أي مانع، وعاقل: واد لبني ابان بن دارم من دون بطن الرمّة وهو يناوح منعجا من قدامه وعن يمينه أي يحاذيه، قال ذلك السكري في شرح قول جرير:
لعمرك لا أنسى ليالي منعج ... ولا عاقلا إذ منزل الحيّ عاقل
وقال ابن السكيت في شرح قول النابغة حيث قال:
كأني شددت الكور حيث شددته ... على قارح مما تضمّن عاقل
وقال ابن الكلبي: عاقل جبل كان يسكنه الحارث بن آكل المرار جدّ امرئ القيس بن حجر بن الحارث الشاعر، ويقال: عاقل واد بنجد من حزيز أضاخ ثم يسهل فأعلاه لغني وأسفله لبني أسد وبني ضبّة وبني ابان بن دارم، قال عبيد الله الفقير إليه: الذي يقتضيه الاشتقاق أن يكون عاقل جبلا، والأشعار التي قيلت فيه هي بالوادي أشبه ويجوز أن يكون الوادي منسوبا إلى الجبل لكونه من لحفه، وقرأت بعد في النقائض لأبي عبيد فقال في قول مالك بن حطّان السّليطي:
وليتهم لم يركبوا في ركوبنا، ... وليت سليطا دونها كان عاقل
قال: عاقل ببلاد قيس وبعضه اليوم لباهلة بن أعصر، وقال ابن حبيب في قول عميرة بن طارق اليربوعي:
فأهون عليّ بالــوعيد وأهله ... إذا حلّ أهلي بين شرك فعاقل
قال: عاقل في بلاد بني يربوع، وكان فيه يوم بين بني جشم وبين حنظلة بن مالك، وقال أعرابيّ:
لم يبق من نجد هوى غير أنني ... تذكّرني ريح الجنوب ذرى الهضب
وإني أحبّ الرّمث من أرض عاقل، ... وصوت القطا في الطّلّ والمطر الضّرب
فإن أك من نجد سقى الله أهله ... بمنّانة منه فقلبي على قرب
وقال عبد الرحمن بن دارة:
نظرت ودور من نصيبين دوننا ... كأنّ عريبات العيون بها رمد
لكيما أرى البرق الذي أومضت به ... ذرى المزن علويّا وكيف لنا يبدو
وهل أسمعنّ الدهر صوت حمامة ... يميل بها من عاقل غصن مأد
فإني ونجدا كالقرينين قطّعا ... قوى من حبال لم يشدّ لها عقد
سقى الله نجدا من خليل مفارق، ... عدانا العدا عنه وما قدم العهد
وقال لبيد بن ربيعة:
تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما، ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر؟
ونائحتان تندبان بعاقل ... أخا ثقة لا عين منه ولا أثر
وفي ابني نزار إسوة إن جزعتما، ... وإن تسألاهم تخبرا منهم الخبر
فقوما وقولا بالذي قد علمتما، ... ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر
وقولا: هو المرء الذي لا حليفه ... أضاع ولا خان الصديق ولا غدر
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما، ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
قال نصر: عاقل رمل بين مكة والمدينة. وعاقل:
جبل بنجد. وعاقل: ماء لبني ابان بن دارم. وعاقل:
واد في أعاليه إمّرة وفي أسافله الرمة وهو مملوء طلحا. وبطن عاقل: موضع على طريق حاجّ البصرة بين رامتين وإمّرة.

الضَّجُوع

الضَّجُوع:
بفتح أوّله، وبعد الواو الساكنة عين مهملة، يجوز أن يكون فعولا من ضجع الرجل إذا وضع جنبه على الأرض، فعول يدلّ على الإكثار والمداومة، والذي يظهر أنّه واحد الضواجع وهي الهضاب قول النابغة:
وعيد أبي قابوس في كنهه ... أتاني ودوني فالضواجع
قال الأصمعي: الضجوع رحبة لبني أبي بكر بن كلاب، وقيل: موضع لبني أسد، وقيل: واد، وقال عامر بن الطفيل:
لا تسقني بيديك إن لم أغترف، ... نعم الضجوع بغارة أسراب
والضجوع أيضا: أكمة معروفة، وقال السكوني:
ماء بينه وبين السّلمان ثلاثة أميال.

الشّيْخَةُ

الشّيْخَةُ:
أنشد ابن الأعرابي قال: أتاني وعيد بن ديسق التغلبي فقال:
يقول الخنا، وأبغض العجم ناطقا ... إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع
ويستخرج اليربوع من نافقائه ... ومن جحره ذي الشّيحة اليتقصّع
فقال أبو محمد الأسود: ما أكثر ما يصحف أبو عبد الله في أبيات المتقدمين، وذلك أنه توهم أن ذا الشيحة موضع ينبت الشّيح، والصحيح:
ومن جحره بالشّيخة اليتقصّع
بالخاء المعجمة بواحدة من فوق: وهي رملة بيضاء في بلاد أسد وحنظلة، وأنشد للمسعود المفتي:
يا ابن مجير الطير طاوعني بخل ... وأنتم أعجازها سرو الوعل
وهي من الشيخة تمشي في وحل ... مشي العذارى الماشيات في الحلل

دَيرُ الخَواتِ

دَيرُ الخَواتِ:
جمع أخت: بعكبرا، وأكثر أهله نساء، ولعله دير العذارى أو غيره، وهو في وسط البساتين نزه جدّا، وعيده الأحد الأول من الصوم، يجتمع إليه كل من قرب من النصارى، قال الشابشتي: وفي هذا العيد ليلة الماشوش، وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يردّ أحد يده عن شيء، وفيه يقول أبو عثمان الناجم:
آح قلبي من الصبابة، آح ... من جوار مزيّنات ملاح
أهل دير الخوات بالله ربي، ... هل على عاشق قضى من جناح؟
وفتاة كأنها غصن بان ... ذات وجه كمثل نور الصّباح

الأَحاسِبُ

الأَحاسِبُ:
بفتح أوله وكسر السين المهملة، وآخره باء موحدة، وهو جمع أحسب، وهو من البعران الذي فيه بياض وحمزة. والأحسب من الناس الذي في شعر رأسه شقرة. قال امرؤ القيس بن عابس الكندي:
فيا هند! لا تنكحي بوهة، ... عليه عقيقته أحسبا
يقول: كأنه لم تحلق عقيقته في صغره حتى شاخ.
فإن قيل: إنما يجمع أفعل على أفاعل في الصفات إذا كان مؤنثه فعلى، مثل صغير وأصغر وصغرى وأصاغر، وهذا فمؤنثه حسباء، فيجب أن يجمع على فعل أو فعلان، فالجواب أن أفعل يجمع على أفاعل إذا كان اسما على كلّ حال، وههنا فكأنهم سموا مواضع، كل واحد منها أحسب، فزالت الصفة بنقلهم إياه إلى العلمية، فتنزّل منزلة الاسم المحض، فجمعوه على أحاسب، كما فعلوا بأحامر، وبأحاسن، في اسم موضع يأتي عقيب هذا، إن شاء الله تعالى، وكما جمعوا الأحوص، وهو الضّيّق العين عند العلمية، على أحاوص، وهو في الأصل صفة، قال الشاعر:
أتاني وعيد الحوص من آل جعفر، ... فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا
فقال: الحوص نظرا إلى الوصفية، والأحاوص نظرا إلى الاسمية، والأحاسب هي مسايل أودية تنصبّ من السراة في أرض تهامة.

دَيرُ أَشمُوني

دَيرُ أَشمُوني:
وأشموني امرأة بني الدير على اسمها ودفنت فيه، وهو بقطربّل، وكان من أجلّ متنزهات بغداد، وفيه يقول الثّرواني:
اشرب، على قرع النواقيس، ... في دير أشموني بتفليس
لا تخل كأس الشرب والليل ... في حدّ نعمى، لا ولا بوس [1]
إلا على قرع النواقي ... س، أو صوت قسّان وتشميس
وهكذا فاشرب، وإلا فكن ... مجاورا بعض النواويس
وعيد أشموني ببغداد معروف، وهو في اليوم الثالث من تشرين الأول.

دَارَة الكَور

دَارَة الكَور:
بفتح الكاف في شعر الراعي، قال:
خبّرت أن الفتى مروان يوعدني، ... فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل
وفي تدوم إذ اغبرّت مناكبه، ... أو دارة الكور عن مروان معتزل
رواه ابن الأعرابي بفتح الكاف وغيره بضمها.

خُوارِزْم

خُوارِزْم:
أوله بين الضمة والفتحة، والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة، هكذا يتلفظون به، هكذا ينشد قول اللحّام فيه:
ما أهل خوارزم سلالة آدم، ... ما هم، وحقّ الله، غير بهائم
أبصرت مثل خفافهم ورؤوسهم ... وثيابهم وكلامهم في العالم
إن كان يرضاهم أبونا آدم، ... فالكلب خير من أبينا آدم
قال ابن الكلبي: ولد إسحاق بن إبراهيم الخليل الخزر والبزر والبرسل وخوارزم وفيل، قال بطليموس في كتاب الملحمة: خوارزم طولها مائة وسبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وأربعون درجة، وهي في الإقليم السادس، طالعها السماك ويجمعها الذراع، بيت حياتها العقرب، مشرقة في قبة الفلك تحت ثلاث وعشرين درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، وقال أبو عون في زيجه: هي في آخر الإقليم الخامس، وطولها إحدى وتسعون درجة وخمسون دقيقة، وعرضها أربع وأربعون درجة وعشر دقائق، وخوارزم ليس اسما للمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها، فأما القصبة العظمى فقد يقال لها اليوم الجرجانية، وقد ذكرت في موضعها، وأهلها يسمونها كركانج، وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ، فلم يجدوا على هذه الصفة إلا موضع مدينة كاث، وهي إحدى مدن خوارزم، فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا، فلما كان بعد مدة جرى ذكرهم على بال الملك فأمر قوما بكشف خبرهم، فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخا ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوّتون وإذا حولهم حطب كثير، فقالوا لهم: كيف حالكم؟ فقالوا: عندنا هذا اللحم، وأشاروا إلى السمك، وعندنا هذا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوّت به، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمى ذلك الموضع خوارزم لأن اللحم بلغة الخوارزمية خوار والحطب رزم، فصار خوارزم فخفف وقيل خوارزم استثقالا لتكرير الراء، وقد جاء به بعض العرب على الأصل، فقال الأسدي:
أتاني، عن أبي أنس، وعيد، ... فسلّ تغيّظ الضحّاك جسمي
ولم أعص الأمير، ولم أربه، ... ولم أسبق أبا أنس بوغم
ولكنّ البعوث جرت علينا، ... فصرنا بين تطويح وغرم
وخافت من رمال السّغد نفسي، ... وخافت من رمال خوارزم
فقارعت البعوث وقارعتني، ... ففاز بضجعة في الحيّ سهمي
وأعطيت الجعالة، مستميتا، ... خفيف الحاذ من فتيان جرم
وأقرّ أولئك الذين نفاهم بذلك المكان وأقطعهم إياه وأرسل إليهم أربعمائة جارية تركية وأمدهم بطعام من الحنطة والشعير وأمرهم بالزرع والمقام هناك، فلذلك في وجوههم أثر الترك وفي طباعهم أخلاق الترك وفيهم جلد وقوة، وأحوجهم مقتضى القضية للصبر على الشقاء، فعمّروا هناك دورا وقصورا وكثروا وتنافسوا في البقاع فبنوا قرى ومدنا وتسامع بهم من يقاربهم من مدن خراسان فجاؤوا وساكنوهم فكثروا وعزّوا فصارت ولاية حسنة عامرة، وكنت قد جئتها في سنة 616، فما رأيت ولاية قط أعمر منها، فإنها على ما هي عليه من رداءة أرضها وكونها سبخة كثيرة النزوز متصلة العمارة متقاربة القرى كثيرة البيوت المفردة والقصور في صحاريها، قلّ ما يقع نظرك في رساتيقها على موضع لا عمارة فيه، هذا مع كثرة الشجر بها، والغالب عليه شجر التوت والخلاف لاحتياجهم إليه لعمائرهم وطعم دود الإبريسم، ولا فرق بين المارّ في رساتيقها كلها والمارّ في الأسواق، وما ظننت أن في الدنيا بقعة سعتها سعة خوارزم وأكثر من أهلها مع أنهم قد مرنوا على ضيق العيش والقناعة بالشيء اليسير، وأكثر ضياع خوارزم مدن ذات أسواق وخيرات ودكاكين، وفي النادر أن يكون قرية لا سوق فيها مع أمن شامل وطمأنينة تامة.
والشتاء عندهم شديد جدّا بحيث أني رأيت جيحون نهرهم وعرضه ميل وهو جامد، والقوافل والعجل الموقرة ذاهبة وآتية عليه، وذلك أن أحدهم يعمد إلى رطل واحد من أرز أو ما شاء ويكثر من الجزر والسلجم فيه ويضعه في قدر كبيرة تسع قربة ماء ويوقد تحتها إلى أن ينضج ويترك عليه أوقية دهنا ثم يأخذ المغرفة ويغرف من تلك القدر في زبدية أو زبديتين فيقنع به بقية يومه، فإن ثرد فيه رغيفا لطيفا خبزا فهو الغاية، هذا في الغالب عليهم، على أن فيهم أغنياء مترفهين إلّا أن عيش أغنيائهم قريب من هذا ليس فيه ما في عيش غيرهم من سعة النفقة وإن كان النزر من بلادهم تكون قيمته قيمة الكثير من بلاد غيرهم، وأقبح شيء عندهم وأوحشه أنهم يدوسون حشوشهم بأقدامهم ويدخلون إلى مساجدهم على تلك الحالة لا يمكنهم التحاشي من ذلك لأن حشوشهم ظاهرة على وجه الأرض، وذلك لأنهم إذا حفروا في الأرض مقدار ذراع واحد نبع الماء عليهم، فدروبهم وسطوحهم ملأى من القذر، وبلدهم كنيف جائف منتن، وليس لأبنيتهم أساسات إنما يقيمون أخشابا مقفصة ثم يسدونها باللبن، هذا غالب أبنيتهم، والغالب على خلق أهلها الطول والضخامة، وكلامهم كأنه أصوات الزرازير، وفي رؤوسهم عرض، ولهم جبهات واسعة، وقيل لأحدهم: لم رؤوسكم تخالف رؤوس الناس؟ فقال: إن قدماءنا كانوا يغزون الترك فيأسرونهم وفيهم شية من الترك فما كانوا يعرفون، فربما وقعوا إلى الإسلام فبيعوا في الرقيق، فأمروا النساء إذا ولدن أن يربطن أكياس الرمل على رؤوس الصبيان من الجانبين حتى ينبسط الرأس، فبعد ذلك
لم يسترقّوا وردّ من وقع منهم إليهم إلى الكوفة، قال عبد الله الفقير إليه: وهذا من أحاديث العامة لا أصل له، هب أنهم فعلوا ذلك فيما مضى فالآن ما بالهم؟ فإن كانت الطبيعة ورثته وولدته على الأصل الذي صنعه بهم أمهاتهم كان يجب أن الأعور الذي قلعت عينه أن يلد أعور وكذلك الأحدب وغير ذلك، وإنما ذكرت ما ذكر الناس.
قال البشاري: ومثل خوارزم في إقليم الشرق كسجلماسة في الغرب، وطباع أهل خوارزم مثل طبع البربر، وهي ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا، آخر كلامه، قلت: ويحيط بها رمال سيّالة يسكنها قوم من الأتراك والتركمان بمواشيهم، وهذه الرمال تنبت الغضا شبه الرمال التي دون ديار مصر، وكانت قصبتها قديما تسمى المنصورة، وكانت على الجانب الشرقي فأخذ الماء أكثر أرضها فانتقل أهلها إلى مقابلها من الغربي، وهي الجرجانية، وأهلها يسمونها كركانج، وحوّطوا على جيحون بالحطب الجزل والطرفاء يمنعونه من خراب منازلهم يستجدّونه في كل عام ويرمّون ما تشعث منه، وقرأت في كتاب ألفه أبو الريحان البيروني في أخبار خوارزم ذكر فيه أنّ خوارزم كانت تدعى قديما فيل، وذكر لذلك قصة نسيتها فإن وجدها واحد وسهل عليه أن يلحقها بهذا الموضع فعل مأذونا له في ذلك عنّي، قال محمد بن نصر بن عنين الدمشقي:
خوارزم عندي خير البلاد، ... فلا أقلعت سحبها المغدقه
فطوبى لوجه امرئ صبّحت ... هـ، أوجه فتيانها المشرقة
وما ان نقمت بها حالة، ... سوى أن أقامت بها مقلقه
وكان المؤذّن يقوم في سحرة من الليل يقارب نصفه فلا يزال يزعق إلى الفجر قامت، وقال الخطيب أبو المؤيد الموفّق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي يتشوّقها:
أأبكاك لمّا أن بكى في ربى نجد ... سحاب ضحوك البرق منتحب الرعد
له قطرات كاللآلئ في الثرى، ... ولي عبرات كالعقيق على خدّي
تلفّتّ منها نحو خوارزم والها ... حزينا، ولكن أين خوارزم من نجد؟
وقرأت في الرسالة التي كتبها أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة ذكر فيها ما شاهده منذ خرج من بغداد إلى أن عاد إليها فقال بعد وصوله إلى بخارى، قال: وانفصلنا من بخارى إلى خوارزم وانحدرنا من خوارزم إلى الجرجانية، وبينها وبين خوارزم في الماء خمسون فرسخا، قلت: هكذا قال ولا أدري أي شيء عنى بخوارزم لأن خوارزم هو اسم الإقليم بلا شك، ورأيت دراهم بخوارزم مزيفة ورصاصا وزيوفا وصفرا، ويسمون الدرهم طازجه، ووزنه أربعة دوانق ونصف، والصيرفي منهم يبيع الكعاب والدوامات والدراهم، وهم أوحش الناس كلاما وطبعا، وكلامهم أشبه بنقيق الضفادع، وهم يتبرؤون من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في دبر كل صلاة، فأقمنا بالجرجانية أياما وجمد جيحون من أوله إلى آخره، وكان سمك الجمد تسعة عشر شبرا، قال عبد الله الفقير: وهذا كذب منه، فإنّ أكثر ما يجمد خمسة أشبار وهذا يكون نادرا، فأما العادة فهو شبران أو ثلاثة، شاهدته وسألت عنه أهل تلك البلاد، ولعله
ظنّ أنّ النهر يجمد كلّه وليس الأمر كذلك، إنما يجمد أعلاه وأسفله جار، ويحفر أهل خوارزم في الجليد ويستخرجون منه الماء لشربهم، لا يتعدّى الثلاثة أشبار إلّا نادرا، قال: وكانت الخيل والبغال والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطريق، وهو ثابت لا يتحلحل، فأقام على ذلك ثلاثة أشهر فرأينا بلدا ما ظننا إلّا أنّ بابا من الزمهرير فتح علينا منه، ولا يسقط فيه الثلج إلّا ومعه ريح عاصف شديدة، قلت: وهذا أيضا كذب فإنه لولا ركود الهواء في الشتاء في بلادهم لما عاش فيها أحد، قال: وإذا أتحف الرجل من أهله صاحبه وأراد بره قال: تعال إليّ حتى نتحدّث فإن عندي نارا طيبة، هذا إذا بلغ في برّه وصلته، إلّا أنّ الله عز وجلّ قد لطف بهم في الحطب وأرخصه عليهم، حمل عجلة من حطب الطاغ وهو الغضا بدرهمين يكون وزنها ثلاثة آلاف رطل، قلت: وهذا أيضا كذب لأن العجلة أكثر ما تجرّ على ما اختبرته، وحملت قماشا لي عليها، ألف رطل لأن عجلتهم جميعها لا يجرها إلّا رأس واحد إما بقر أو حمار أو فرس، وأما رخص الحطب فيحتمل ان كان في زمانه بذلك الرخص، فأما وقت كوني بها فإن مائة من كان بثلث دينار ركنيّ، قال: ورسم سؤالهم أن لا يقف السائل على الباب بل يدخل إلى دار الواحد منهم فيقعد ساعة عند ناره يصطلي ثم يقول:
پكند، وهو الخبز، فإن أعطوه شيئا وإلّا خرج، قلت أنا: وهذا من رسمهم صحيح إلّا أنه في الرستاق دون المدينة شاهدت ذلك، ثم وصف شدة بردهم الذي أنا شاهدته من بردها أنّ طرقها تجمد في الوحول ثم يمشى عليها فيطير الغبار منها، فإن تغيّمت الدنيا ودفئت قليلا عادت وحولا تغوص فيها الدواب إلى ركبها، وقد كنت اجتهدت أن أكتب شيئا بها فما كان يمكنني لجمود الدواة حتى أقرّبها من النار وأذيبها، وكنت إذا وضعت الشربة على شفتي التصقت بها لجمودها على شفتي ولم تقاوم حرارة النفس الجماد، ومع هذا فهي لعمري بلاد طيبة وأهلها علماء فقهاء أذكياء أغنياء، والمعيشة بينهم موجودة وأسباب الرزق عندهم غير مفقودة، وأما الآن فقد بلغني أن التتر صنف من الترك وردوها سنة 618 وخرّبوها وقتلوا أهلها وتركوها تلولا، وما أظنّ أنه كان في الدنيا لمدينة خوارزم نظير في كثرة الخير وكبر المدينة وسعة الأهل والقرب من الخير وملازمة أسباب الشرائع والدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
والذين ينسبون إليها من الأعلام والعلماء لا يحصون، منهم: داود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي، رحل فسمع بدمشق الوليد بن مسلم وأبا الزرقاء عبد الله بن محمد الصغاني، وسمع بغيرها خلقا، منهم بقية بن الوليد وصالح بن عمرو وحسان بن إبراهيم الكرماني وأبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأمار وغيرهم، روى عنه مسلم بن الحجاج وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وصالح بن محمد جزرة، روى البخاري عن محمد بن عبد الرحيم في كفّارات الأيمان، وقال البخاري:
مات في سنة 239، وآخر من روى عنه أبو القاسم البغوي.

حَجْرٌ

حَجْرٌ:
بالفتح، يقال: حجرت عليه حجرا إذا منعته فهو محجور، والحجر، بالكسر، بمعنى واحد.
وحجر: هي مدينة اليمامة وأم قراها، وبها ينزل الوالي، وهي شركة إلا أن الأصل لحنيفة، وهي بمنزلة البصرة والكوفة، لكل قوم منها خطّة إلا أن العدد فيه لبني عبيد من بني حنيفة، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: خرجت بنو حنيفة بن لجيم ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ حتى قاربوا اليمامة على السّمت الذي كانت عبد القيس سلكته لما قدمت البحرين، فخرج عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعا يقال له قارات الحبل، وهو من حجر على يوم وليلة، فأقام بها أياما ومعه جار من اليمن من سعد العشيرة ثم من بني زبيد، فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل وأرضا عرف أن لها شأنا وهي التي كانت لطسم وجديس فبادوا كما يذكر، إن شاء الله تعالى، في اليمامة، فرجع الراعي حتى أتى عبيدا فقال: والله إني رأيت آطاما طوالا وأشجارا حسانا هذا حملها، وأتى بالتمر معه مما وجده منتثرا تحت النخل، فتناول منه عبيد وأكل وقال: هذا والله طعام طيّب! وأصبح فأمر بجزور فنحرت ثم قال لبنيه وغلمانه:
اجتزروا حتى آتيكم، وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرا فلما رآها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرا وثلاثين حديقة وسماها حجرا وكانت تسمى اليمامة، فقال في ذلك:
حللنا بدار كان فيها أنيسها، ... فبادوا وخلّوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للفلاة بغربة ... رميما، وصرنا في الديار قطينها
فسوف يليها بعدنا من يحلها، ... ويسكن عرضا سهلها وحزونها
ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها، فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال:
يا عبيد الشرك! قال: لا بل الرضا، فقال: ما بعد الرضا إلا السخط، فقال عبيد: عليك بتلك القرية فانزلها، القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها، فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له:
عوّضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا، فأعطاه ثلاثين بكرة، فخرج ولحق بقومه، وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلوا فنزلوا قرى اليمامة وأقبل زيد ابن يربوع عمّ عبيد حتى أتى عبيدا فقال: أنزلني معك حجرا، فقام عبيد وقبض على ذكره وقال: والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا، يعني أولاده، فلم يسكنها إلا ولده، وليس بها إلا عبيدي، وقال لعمه:
عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها، فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر، فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه: انطلقوا إلى باديتنا، يريد عمه، فيمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون، فمن ثمّ سميت البادية، وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة، ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف، ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك، فهذا هو السبب في تسميتها حجرا، وقد أكثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها، فروي عن نفطويه قال:
قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك:
قد كنت أكره حجرا أن ألمّ بها، ... وأن أعيش بأرض ذات حيطان
لا حبّذا العرف الأعلى وساكنه، ... وما تضمّن من مال وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة ... حتى الصباح، وعند الباب علجان
لولا مخافة ربي أن يعاقبني، ... لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان
وكان رجل من بني جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن، وبلغ خبره الحجاج، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: كلب الزمان وجراءة الجنان، فأمر بحبسه فحبس، فحنّ إلى بلاده وقال:
لقد صدع الفؤاد، وقد شجاني ... بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بصوت أعجميّ ... على غصنين: من غرب وبان
فأسبلت الدموع بلا احتشام، ... ولم أك باللئيم ولا الجبان
فقلت لصاحبيّ: دعا ملامي، ... وكفّا اللوم عني واعذراني
أليس الله يعلم أن قلبي ... يحبك أيها البرق اليماني؟
وأهوى أن أعيد إليك طرفي ... على عدواء من شغلي وشاني
أليس الله يجمع أم عمرو ... وإيانا، فذاك بنا تدان؟
بلى! وترى الهلال كما أراه، ... ويعلوها النهار كما علاني
فما بين التفرق غير سبع ... بقين من المحرم، أو ثمان
ألم ترني غذيت أخا حروب، ... إذا لم أجن كنت مجنّ جان؟
أيا أخويّ من جشم بن بكر، ... أقلّا اللّوم إن لا تنفعاني
إذا جاوزتما سعفات حجر ... وأودية اليمامة، فانعياني
لفتيان، إذا سمعوا بقتلي ... بكى شبانهم وبكى الغواني
وقولا: جحدر أمسى رهينا، ... يحاذر وقع مصقول يماني
ستبكي كل غانية عليه، ... وكل مخضّب رخص البنان
وكل فتى له أدب وحلم ... معدّيّ كريم، غير وان
فبلغ شعره هذا الحجاج فأحضره بين يديه وقال له:
أيما أحب إليك أن أقتلك بالسيف أو ألقيك للسباع؟
فقال له: أعطني سيفا وألقني للسباع! فأعطاه سيفا وألقاه إلى سبع ضار مجوّع فزأر السبع وجاءه فتلقاه بالسيف ففلق هامته، فأكرمه الحجاج واستنابه وخلع عليه وفرض له في العطاء وجعله من أصحابه، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره لبعض اللصوص:
هل الباب مفروج، فأنظر نظرة ... بعين قلت حجرا وطال احتمامها؟
ألا حبّذا الدهنا وطيب ترابها، ... وأرض فضاء يصدح الليل هامها
وسير المطايا بالعشيات والضحى، ... إلى بقر وحش العيون اكامها
والحجر أيضا حجر الراشدة: موضع في ديار بني عقيل، وهو مكان ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر، عن أبي عبيد. والحجر أيضا: واد بين بلاد عذرة وغطفان. والحجر أيضا: جبل في بلاد غطفان.
والحجر أيضا حجر بني سليم: قرية لهم.

تَدُومُ

تَدُومُ:
موضع في شعر لبيد حيث قال:
بما قد تحلّ الواديين كليهما ... زنانير منها مسكن، فتدوم
وقال الراعي:
خبّرت أن الفتى مروان يوعدني، ... فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل
وفي تدوم، إذا اغبرّت مناكبه، ... أو دارة الكور، عن مروان معتزل

إِرَمُ ذَاتُ العِمَادِ

إِرَمُ ذَاتُ العِمَادِ:
وهي إرم عاد، يضاف ولا يضاف، أعني في قوله، عز وجل: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ 89: 6- 7. فمن أضاف لم يصرف إرم، لأنه يجعله اسم أمّهم، أو اسم بلدة، ومن لم يضف جعل إرم اسمه ولم يصرفه، لأنه جعل عادا اسم أبيهم. وإرم اسم القبيلة، وجعله بدلا منه.
وقال بعضهم: إرم لا ينصرف للتعريف والتأنيث، لأنه اسم قبيلة، فعلى هذا يكون التقدير: إرم صاحب ذات العماد، لأن ذات العماد مدينة.
وقيل: ذات العماد وصف، كما تقول المدينة ذات الملك. وقيل: إرم مدينة، فعلى هذا يكون التقدير بعاد صاحب إرم. ويقرأ بعاد إرم ذات العماد، الجرّ على الإضافة، فهذا إعرابها. ثم اختلف فيها من جعلها مدينة، فمنهم من قال: هي أرض كانت واندرست، فهي لا تعرف. ومنهم من قال: هي الاسكندرية، وأكثرهم يقولون: هي دمشق، وكذلك قال شبيب بن يزيد بن النعمان بن بشير:
لولا التي علقتني من علائقها، ... لم تمس لي إرم دارا ولا وطنا
قالوا: أراد دمشق، وإياها أراد البحتري بقوله:
إليك رحلنا العيس من أرض بابل، ... نجوز بها سمت الدّبور ونهتدي
فكم جزعت من وهدة بعد وهدة، ... وكم قطعت من فدفد بعد فدفد
طلبنك من أمّ العراق نوازعا ... بنا، وقصور الشام منك بمرصد
إلى إرم ذات العماد، وإنّها ... لموضع قصدي، موجفا، وتعمّدي
وحكى الزمخشري أنّ إرم بلد منه الإسكندرية.
وروى آخرون أنّ إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، باليمن بين حضرموت وصنعاء، من بناء شدّاد بن عاد، ورووا أن شداد بن عاد كان جبّارا، ولما سمع بالجنة وما أعدّ الله فيها لأوليائه من قصور الذهب والفضة والمساكن التي تجري من تحتها الأنهار، والغرف التي من فوقها غرف، قال لكبرائه: إني متخذ في الأرض مدينة على صفة الجنة، فوكل بذلك مائة رجل من وكلائه وقهارمته، تحت يد كل رجل منهم ألف من الأعوان، وأمرهم أن يطلبوا فضاء فلاة من أرض اليمن، ويختاروا أطيبها تربة، ومكنهم من الأموال، ومثّل لهم كيف يعملون، وكتب إلى عمّاله الثلاثة: غانم بن علوان، والضحّاك ابن علوان، والوليد بن الريّان، يأمرهم أن يكتبوا إلى عمّالهم في آفاق بلدانهم أن يجمعوا جميع ما في أرضهم من الذهب، والفضة، والدرّ، والياقوت، والمسك، والعنبر، والزعفران، فيوجهوا به إليه.
ثم وجّه إلى جميع المعادن، فاستخرج ما فيها من الذهب والفضة. ثم وجه عمّاله الثلاثة الى الغواصين إلى البحار، فاستخرجوا الجواهر، فجمعوا منها أمثال الجبال، وحمل جميع ذلك إلى شدّاد.
ثم وجهوا الحفّارين إلى معادن الياقوت، والزبرجد، وسائر الجواهر، فاستخرجوا منها أمرا عظيما. فأمر
بالذهب، فضرب أمثال اللبن. ثم بنى بذلك تلك المدينة، وأمر بالدرّ، والياقوت، والجزع، والزبرجد، والعقيق، ففصّص به حيطانها، وجعل لها غرفا من فوقها غرف، معمّد جميع ذلك بأساطين الزبرجد، والجزع، والياقوت. ثم أجرى تحت المدينة واديا، ساقه إليها من تحت الأرض أربعين فرسخا، كهيئة القناة العظيمة. ثم أمر فأجري من ذلك الوادي سواق في تلك السكك، والشوارع، والأزقّة، تجري بالماء الصافي. وأمر بحافتي ذلك النهر وجميع السواقي، فطليت بالذهب الأحمر، وجعل حصاه أنواع الجواهر: الأحمر، والأصفر، والأخضر، فنصب على حافتي النهر والسواقي أشجارا، من الذهب، مثمرة. وجعل ثمرها من تلك اليواقيت، والجواهر، وجعل طول المدينة اثني عشر فرسخا، وعرضها مثل ذلك. وصيّر صورها عاليا مشرفا، وبنى فيها ثلاثمائة ألف قصر، مفصّصا بواطنها وظواهرها بأصناف الجواهر. ثم بنى لنفسه في وسط المدينة، على شاطئ ذلك النهر، قصرا منيفا عاليا يشرف على تلك القصور كلها. وجعل بابها يشرع إلى الوادي، بمكان رحيب واسع. ونصب عليه مصراعين من ذهب، مفصّصين بأنواع اليواقيت. وأمر باتخاذ بنادق من مسك وزعفران، فألقيت في تلك الشوارع والطرقات. وجعل ارتفاع تلك البيوت، في جميع المدينة، ثلاثمائة ذراع في الهواء. وجعل السور مرتفعا ثلاثمائة ذراع مفصّصا خارجه وداخله بأنواع اليواقيت وظرائف الجواهر. ثم بنى خارج سور المدينة أكما يدور ثلاثمائة ألف منظرة بلبن الذهب والفضة عالية مرتفعة في السماء، محدقة بسور المدينة، لينزلها جنوده، ومكث في بنائها خمسمائة عام. وإن الله تعالى أحب أن يتّخذ الحجّة عليه، وعلى جنوده، بالرسالة والدّعاء إلى التوبة والإنابة، فانتجب لرسالته إليه هودا، عليه السلام، وكان من صميم قومه وأشرافهم. وهو في رواية بعض أهل الأثر هود بن خالد بن الخلود بن العاص بن عمليق بن عاد ابن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام. وقال أبو المنذر:
هو هود بن الخلود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وقيل غير ذلك ولسنا بصدده. ثم إن هودا، عليه السلام، أتاه فدعاه إلى الله تعالى وأمره بالإيمان، والإقرار بربوبية الله، عز وجل، ووحدانيته، فتمادى في الكفر والطّغيان، وذلك حين تمّ لملكه سبعمائة سنة. فأنذره هود بالعذاب، وحذّره وخوّفه زوال ملكه، فلم يرتدع عما كان عليه، ولم يجب هودا إلى ما دعاه إليه. ووافاه الموكلون ببناء المدينة، وأخبروه بالفراغ منها. فعزم على الخروج إليها في جنوده، فخرج في ثلاثمائة ألف من حرسه وشاكريّته ومواليه، وسار نحوها، وخلّف على ملكه بحضرموت وسائر أرض العرب ابنه مرثد بن شدّاد. وكان مرثد، فيما يقال، مؤمنا بهود، عليه السلام، فلما قرب شداد من المدينة، وانتهى إلى مرحلة منها، جاءت صيحة من السماء، فمات هو وأصحابه أجمعون، حتى لم يبق منهم مخبر، ومات جميع من كان بالمدينة من الفعلة، والصّناع، والوكلاء، والقهارمة، وبقيت خلاء، لا أنيس بها. وساخت المدينة في الأرض، فلم يدخلها بعد ذلك أحد، إلا رجل واحد في ايام معاوية، يقال له: عبد الله بن قلابة، فإنه ذكر في قصة طويلة تلخيصها: أنّه خرج من صنعاء في بغاء إبل له ضلّت، فأفضى به السّير إلى مدينة صفتها كما ذكرنا، وأخذ منها شيئا من بنادق المسك، والكافور، وشيئا من الياقوت. وقصد إلى معاوية بالشام، وأخبره
بذلك، وأراه الجواهر والبنادق. وكان قد اصفرّ وغيّرته الأزمنة، فأرسل معاوية إلى كعب الأحبار، وسأله عن ذلك، فقال: هذه إرم ذات العماد التي ذكرها الله، عز وجل، في كتابه. بناها شداد ابن عاد، وقيل: شداد بن عمليق بن عويج بن عامر ابن إرم، وقيل في نسبه غير ذلك. ولا سبيل إلى دخولها، ولا يدخلها إلا رجل واحد صفته كذا.
ووصف صفة عبد الله بن قلابة، فقال معاوية: يا عبد الله! أما أنت فقد أحسنت في نصحنا، ولكن ما لا سبيل إليه، لا حيلة فيه. وأمر له بجائزة فانصرف. ويقال: إنهم وقعوا على حفيرة شداد بحضرموت، فإذا بيت في الجبل منقور، مائة ذراع في أربعين ذراعا، وفي صدره سريران عظيمان من ذهب، على أحدهما رجل عظيم الجسم، وعند رأسه لوح فيه مكتوب:
اعتبر يا أيها المغ ... رور بالعمر المديد
أنا شداد بن عاد، ... صاحب الحصن المشيد
وأخو القوّة والبأ ... ساء والملك الحشيد
دان أهل الأرض طرّا ... لي من خوف وعيدي
فأتى هود، وكنّا ... في ضلال، قبل هود
فدعانا، لو أجبنا ... هـ، إلى الأمر الرشيد
فعصيناه ونادى ... ما لكم، هل من محيد؟
فأتتنا صيحة، ته ... وي من الأفق البعيد
قلت: هذه القصّة مما قدمنا البراءة من صحّتها وظننا أنها من أخبار القصّاص المنمّقة وأوضاعها المزوّقة.

وعده

(وعده)
الْأَمر وَبِه وَعدا وعدة وموعدا وموعدة وموعودا مناه بِهِ وَفُلَانًا الشَّرّ وَبِه وعيدا هدده بِهِ وَفُلَانًا كَانَ أَكثر عدَّة مِنْهُ يُقَال واعده فوعده

النَّحْر

(النَّحْر) أَعلَى الصَّدْر وَيُقَال جلس فِي نحر فلَان قبالته وَمَا أقابله إِلَّا فِي نحر الشَّهْر أَوله وَجَاء فِي نحر الظهيرة حِين تبلغ الشَّمْس مُنْتَهَاهَا من الِارْتفَاع وَعِيد النَّحْر عيد الْأَضْحَى

اللمح

(اللمح) يُقَال لأرينك لمحا باصرا أمرا وَاضحا وَأكْثر اسْتِعْمَاله فِي الْــوَعيد
اللمح: لمعان البرق، ولمحته: نظرت إليه باختلاس من البصر: وأملحته بالألف لغة ولمح البصر امتداده إلى الشيء.

بَيْنَمَا وبينما

بَيْنَمَا وبينما: اعْلَم أَن بَين مصدر بِمَعْنى الْفِرَاق فَمَعْنَى جَلَست بَيْنكُمَا جَلَست مَكَان فراقكما وَمعنى جَلَست بَين خُرُوجك ودخولك جَلَست زمَان فراقهما وَهُوَ لَازم الْإِضَافَة إِلَى الْمُفْرد وَحِينَئِذٍ يكون مُسْتَعْملا فِي الْمَكَان وَالزَّمَان كَمَا ذكرنَا. وَإِذا قصد إِضَافَته إِلَى الْجُمْلَة أشبعت الفتحة فتولدت الْألف ليَكُون دَلِيلا على عدم اقتضائه للمضاف إِلَيْهِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُؤْتى للْوَقْف أَو زيدت مَا الكافة الزَّائِدَة فِي آخِره لِأَنَّهَا تكف وتمنع الْمُقْتَضِي عَن الِاقْتِضَاء والمضاف إِلَى الْجُمْلَة مُضَاف إِلَى مضمونها فَكَأَنَّهُ مَقْطُوع عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ وَغير مُقْتَض لَهُ وَحين هَذَا الإشباع أَو الْكَفّ لَا يكون إِلَّا من الظروف الزمانية دون المكانية. وَفِي بَينا وبينما معنى المجازاة أَي معنى الشَّرْط وَهُوَ تَعْلِيق أَمر بآخر. وَقَالَ صَاحب اللّبَاب أَنَّهُمَا لازمتا الْإِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة الاسمية وَلما كَانَ فيهمَا معنى المجازاة فَلَا بُد لَهما من الْجَواب ولكونهما من الظروف لَا بُد لَهما من الْعَامِل وَالْعَامِل فيهمَا إِمَّا جوابهما أَو معنى المفاجأة.

وتفصيل: هَذَا الْإِجْمَال أَن جوابهما لَا يَخْلُو من أَن يكون مُجَردا عَن كلمتي المفاجأة أَعنِي (إِذْ) أَو (إِذا) أَولا. فعلى الأول الْعَامِل فيهمَا هُوَ جوابهما لعدم الْمَانِع كَمَا فِي قَول الْأَصْمَعِي. فَبينا نَحن نرقبه أَتَانَا. أَي فَأَتَانَا بَين أَوْقَات نَحن نرقبه. وعَلى الثَّانِي الْعَالم فيهمَا معنى المفاجأة الْمَفْهُوم من (إِذْ وَإِذا) كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ بَينا رجل يَسُوق بقرة قد حمل عَلَيْهَا إِذا التفتت الْبَقَرَة إِلَيْهِ وَقَالَت إِنِّي لم أخلق لهَذَا بل إِنَّمَا خلقت للحرث فَقَالَ النَّاس سُبْحَانَ الله بقرة تكلم. وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آمَنت بِهَذَا انْتهى.
فكلمة (بَين) فِي هَذَا الحَدِيث الشريف بِأَلف الإشباع مُضَافَة إِلَى الْجُمْلَة الاسمية وَهِي رجل يَسُوق بقرة قد حمل عَلَيْهَا. وفيهَا معنى المجازاة وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ التفتت بقرة جوابها وَالْعَامِل فِيهَا معنى المفاجأة فَمَعْنَى قَوْله بَينا رجل يَسُوق بقرة إِذْ التفتت بقرة إِلَيْهِ فاجأ الْتِفَات الْبَقَرَة بَين أَوْقَات رجل يَسُوق بقرة. فَإِن قيل إِن الْجَواب إِذا لم يكن مُجَردا عَن كلمة المفاجأة لم لَا يكون عَاملا فِي بَينا وبينما قُلْنَا جوابهما حِينَئِذٍ يكون مجرورا بِإِضَافَة (إِذْ وَإِذا) إِلَيْهِمَا وَمَا فِي صلَة الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يتَقَدَّم على الْمُضَاف.
اعْلَم أَن هَذِه قصَّة سَمعهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْملك فحكاها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد النَّاس ثمَّ لما قَالَ النَّاس متعجبين بقرة تكلم قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آمَنت بِهَذَا. أَي صدقت الْملك فِيمَا سَمِعت مِنْهُ من تكلم الْبَقَرَة. و (تكلم) صِيغَة مضارع من بَاب التفعل بِحَذْف إِحْدَى التائين هَكَذَا فِي حَوَاشِي صَاحب الخيالات اللطيفة. البيد: مثل الْغَيْر وَلَا يَجِيء إِلَّا فِي الْمُنْقَطع مُضَافا إِلَى (أَن) وصلتها. قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنا أفْصح الْعَرَب بيداني من قُرَيْش. وَيجوز أَن يُقَال بِنَاؤُه لِإِضَافَتِهِ إِلَى (أَن) وَأَن يُقَال إِنَّه وَاقع موقع الْمَنْصُوب فِي الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع كَذَا فِي الرضي. وبالكسر شَجَرَة لَا ثَمَر لَهَا وَهِي على سَبْعَة عشر قسما مثل كرابه بيد - وبيد مَجْنُون - ومشك بيد - وبيدموش - وبيدطبري - وَغَيرهَا.
وَأَيْضًا اسْم كتاب كفار الْهِنْد فَإِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَنه كَلَام الله تَعَالَى وَيَقُولُونَ إِنَّه فِي الأَصْل وَاحِد مُشْتَمل على أَرْبَعَة دفاتر وَلِهَذَا اشْتهر فِيمَا بَينهم (جهاربيد) . الأول: (سَام بيد) . وَالثَّانِي: (ركهه بيد) . وَالثَّالِث: (يجربيد) . وَالرَّابِع: (لهرون بيد) . وَفِي الثَّلَاثَة الأول الْأَوَامِر والنواهي والوعد والــوعيد وَسَائِر أَحْكَام شرائعهم الْبَاطِلَة. وَفِي النّصْف الأول من الرَّابِع أَيْضا أحكامهم وَفِي النّصْف الْأَخير مِنْهُ بَيَان أَوْصَاف نَبينَا مُحَمَّد الْمُصْطَفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتفصيل الْكَلِمَة الطّيبَة وَأَحْكَام الشَّرِيعَة المحمدية والطريقة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.

النَّفْي

(النَّفْي) شبه سفرة يغربل عَلَيْهَا السويق (ج) نفافي
النَّفْي: الْإِخْبَار عَن ترك الْفِعْل وَعَدَمه بِخِلَاف النَّهْي فَإِنَّهُ طلب ترك الْفِعْل فَهُوَ إنْشَاء وَطلب لَا أَخْبَار.
(النَّفْي) النفاية والمنفي وَيُقَال هَذَا نفي الرّيح مَا يبْقى فِي أصُول الْحِيطَان من التُّرَاب الَّذِي تَأتي بِهِ الرّيح وَنفي الْمَطَر رشاشه وَنفي الرَّحَى مَا ترمى بِهِ من الطحين وَنفي الْقدر مَا ترمي بِهِ عِنْد الغليان وَنفي الْجَيْش مَا يتطرف من معظمه وَفُلَان نفي دعِي قد نفي وأتاني نفيكم وعيدكم
(النَّفْي) خلاف الْإِيجَاب وَالْإِثْبَات
و (أدوات النَّفْي) (فِي النَّحْو) كَلِمَات تدل على أَن الْخَبَر غير وَاقع مثل (لَا) و (مَا) و (لم) و (إِن) و (لَيْسَ) و (غير)
و (عُقُوبَة النَّفْي) عُقُوبَة بإبعاد شخص خَارج حُدُود بِلَاده لفترة محدودة أَو غير محدودة وَقد كَانَت عُقُوبَة النَّفْي مقررة لبَعض الجرائم فِي التشريع الجنائي الْمصْرِيّ السَّابِق لسنة 1904 ثمَّ ألغيت مُنْذُ ذَلِك التَّارِيخ وَقد نصت الدساتير الحديثة على تَحْرِيم إبعاد المواطن من أَرَاضِي وَطنه أَو مَنعه من العودة إِلَيْهَا

الْكَافِر

(الْكَافِر) وعَاء طلع النّخل وَالثَّمَر (ج) كوافر والظلمة وَمن الأَرْض مَا بعد عَن النَّاس لَا يكَاد ينزله أَو يمر بِهِ أحد والمقيم المختبئ بِالْمَكَانِ من لَا يُؤمن بِاللَّه (ج) كفار
الْكَافِر: من الْكفْر وَهُوَ السّتْر وَالْكَافِر لما ستر الْحق سمي بِهِ وَهُوَ ضد الْمُؤمن. فِي خزانَة المفتيين الْكَافِر إِذا أقرّ بِخِلَاف مَا اعتقده حكم بِإِسْلَامِهِ فَمن يُنكر الوحدانية كالثنوي وَعَبدَة الْأَوْثَان وَالْمُشْرِكين إِذا قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أَو قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أَو قَالَ أسلمت أَو آمَنت بِاللَّه وَأَنا على دين الْإِسْلَام أَو على الحنيفية فَهَذَا كُله إِسْلَام. وَفِي الْمُحِيط الْكفَّار على نَوْعَيْنِ مِنْهُم من يجْحَد الْبَارِي عز شَأْنه. وَمِنْهُم من يقربهُ إِلَّا أَنه يُنكر وحدانيته تَعَالَى كعبدة الْأَوْثَان فَمن أنكر إِذا أقرّ بِهِ يحكم بِإِسْلَامِهِ وَمن أقرّ بوحدانيته تَعَالَى وَجحد رِسَالَة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أقرّ برسالته يحكم بِإِسْلَامِهِ. وَفِي فَتَاوَى قاضيخان الوثني الَّذِي لَا يقر بوحدانية الله تَعَالَى إِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يصير مُسلما حَتَّى لَو رَجَعَ عَن ذَلِك يقتل وَلَو قَالَ الله لَا يصير مُسلما وَلَو قَالَ أَنا مُسلم يصير مُسلما وَمذهب أَصْحَاب الشَّرْع الظَّاهِر أَن الْكفَّار مخلدون فِي النَّار. وَقَالَ قدوة الْمُحَقِّقين الشَّيْخ محيي الدّين بن الْعَرَبِيّ رَحمَه الله فِي فص يونسي أما أهل النَّار فمآلهم إِلَى النَّعيم لَكِن فِي النَّار إِذْ لَا بُد لصورة النَّار بعد انْتِهَاء مُدَّة الْعقَاب أَن يكون بردا وَسلَامًا على من فِيهَا وَهَذَا هُوَ النَّعيم وَهُوَ رَحمَه الله يزْعم أَنه لم يرد نَص بخلود عَذَابهمْ بل بخلودهم فِي النَّار. وَقَالَ القيصري فِي شرح فصوص الحكم اعْلَم أَن من اكتحلت عينه بِنور الْحق يعلم أَن الْعَالم بأسره عباد الله وَلَيْسَ لَهُم وجود وَصفَة وَفعل إِلَّا بِاللَّه وَحَوله وقوته وَكلهمْ محتاجون إِلَى رَحمته وَهُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمن شَأْن من هُوَ مَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات أَن لَا يعذب أحدا عذَابا أبديا وَلَيْسَ ذَلِك الْمُقدر من الْعَذَاب إِلَّا لأجل إيصالهم إِلَى كمالاتهم الْمقدرَة كَمَا يذاب الذَّهَب وَالْفِضَّة بالنَّار لأجل الْخَلَاص مِمَّا يكدرهما وَينْقص عيارهما وَهُوَ يتَضَمَّن أَمن اللطف وَالرَّحْمَة كَمَا قيل.
(وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى ... وقطعكم وصل وجوركم عدل)
وَقَالَ رَحمَه الله فِي فص اسمعيلي الثَّنَاء بِصدق الْوَعْد والحضرة الإلهية يطْلب الثَّنَاء الْمَحْمُود بِالذَّاتِ فيثني عَلَيْهَا بِصدق الْوَعْد لَا يصدق الْــوَعيد بل بالتجاوز فَلَا تحسبن الله مخلف وعده رسله. وَلم يقل ووعيده بل قَالَ ويتجاوز عَن سيئاتهم مَعَ أَنه يوعد على ذَلِك. ويلائم هَذَا الْكَلَام. حَدِيث شَفِيع الْأَنَام. عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام. سَيَأْتِي على جَهَنَّم زمَان ينْبت فِي قعرها الجرجير.

الْعِيد

(الْعِيد) مَا يعود من هم أَو مرض أَو شوق أَو نَحوه وكل يَوْم يحتفل فِيهِ بذكرى كَرِيمَة أَو حَبِيبَة (ج) أعياد
الْعِيد: عيدَان عيد الْفطر وَعِيد الضُّحَى. أما عيد الْفطر فَهُوَ الْيَوْم الأول من شَوَّال وَأما عيد الضُّحَى فَهُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من ذِي الْحجَّة ثمَّ يستعار لكل يَوْم حصل فِيهِ الْبَهْجَة وَالسُّرُور - وَالْمُسْتَحب يَوْم عيد الْفطر للرِّجَال الِاغْتِسَال والسواك - وَلبس أحسن ثِيَابه - والتختم والتطيب - وَسُرْعَة الابكار وَهُوَ المسارعة إِلَى الْمصلى - والإفطار بالحلو قبل الصَّلَاة - وَأكل التمرات وترا أحب - وَأَدَاء صَدَقَة الْفطر قبل الصَّلَاة - وَالْخُرُوج إِلَى الْمصلى مَاشِيا وَالرُّجُوع فِي طَرِيق آخر.
والأضحى كالفطر فِي هَذِه الْأُمُور إِلَّا أَنه يتْرك الْأكل حَتَّى يُصَلِّي الْعِيد وَهُوَ أحب - وَإِن أكل لَا يكره وَهُوَ الْمُخْتَار - والمستحق أَن يَأْكُل من لُحُوم الْأَضَاحِي الَّتِي هِيَ ضِيَافَة الله تَعَالَى - وَبِنَاء الْمِنْبَر فِي الْجَبانَة لَا يكره على الصَّحِيح، وَخُرُوج النَّاس فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمصلى على السكينَة وَالْوَقار مَعَ غض الْبَصَر عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يبصر، وَيكبر فِي الطَّرِيق جَهرا فِي الْأَضْحَى - وَتجب صَلَاة الْعِيدَيْنِ على كل من تجب عَلَيْهِ صَلَاة الْجُمُعَة وَيشْتَرط لصَلَاة الْعِيدَيْنِ مَا يشْتَرط للْجُمُعَة إِلَّا الْخطْبَة فَإِنَّهَا سنة بعد صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَتجوز الصَّلَاة بِدُونِهَا بِخِلَاف صَلَاة الْجُمُعَة، وَالْخطْبَة قبل صَلَاة الْعِيدَيْنِ جَائِز مَعَ الْكَرَاهَة وَلَيْسَ لَهَا أَذَان وَإِقَامَة وَكره التَّنَفُّل فِي الْمصلى وَالْبَيْت قبلهَا لَا قَضَاء صَلَاة الْفجْر والفوائت، وَوقت صَلَاة الْعِيدَيْنِ من حِين تبيض الشَّمْس إِلَى أَن تَزُول - وَالْأَفْضَل تَعْجِيل الْأَضْحَى وَتَأْخِير الْفطر.
(الْعِيد) (انْظُر عود)

الْعود

(الْعود) يُقَال رَجَعَ عودا على بَدْء وَرجع عوده على بدئه لم يقطع ذَهَابه حَتَّى وَصله بِرُجُوعِهِ وَيُقَال لَك الْعود لَك أَن تعود فِي الْأَمر وَفِي الْمثل (الْعود أَحْمد) والمسن من الْإِبِل وَالشَّاة وَفِيه بَقِيَّة وَالطَّرِيق الْقَدِيم العادي

(الْعود) كل خَشَبَة دقيقة كَانَت أَو غَلِيظَة رطبَة كَانَت أَو يابسة وَيُقَال (ركب وَالله عود عودا) هَاجَتْ الْفِتْنَة وَضرب من الطّيب يتبخر بِهِ وَآلَة موسيقية وترية يضْرب عَلَيْهَا بريشة وَنَحْوهَا (ج) أَعْوَاد وعيدان
الْعود: بِالْفَتْح (بازكشتن) وَمِنْه عود الضَّمِير أَي رُجُوعه، وَفِي الرضى لَا يستنكر عود ضمير الِاثْنَيْنِ إِلَى الْمَعْطُوف بِأَو مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَإِن كَانَ المُرَاد أَحدهمَا لِأَنَّهُ لما اسْتعْمل أَو كثيرا فِي الْإِبَاحَة صَار كالواو وَفِي الْقُرْآن الْمجِيد وَإِن لم يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما. وعَلى هَذَا يجوز إرجاع ضمير الْوَاحِد الْمُؤَنَّث إِلَى شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء بِاعْتِبَار كثرتهما فِي أَنفسهمَا وَإِن كَانَا اثْنَيْنِ من حَيْثُ الْعَطف وَقد تحير الناظرون فِي الإرجاع وَالْعود بِالضَّمِّ الْخشب الَّذِي يحرق للبخور وَله رَائِحَة طيبَة وَقت الحرق، وَأَيْضًا الْعود الْمَشْهُور خُصُوصا عِنْد المجاورين للمقابر سِيمَا عِنْد المجاورين فِي مغسل عالمكير اللَّهُمَّ احفظني مِنْهُم وَسَائِر الْمُسلمين بل الْكَافرين. وَأَيْضًا الْعود البربط كَمَا قَالَ قَائِل:
(فِي زَاوِيَة الْعِشْق أنيني عودي ... وَالْقلب فَوق نَار عشقي عودي)

(مَا نلْت مقاصدي وَلَا مقصودي ... يَا عافيتي عجزت عودي عودي)

وعودي أَمر من عَاد يعود للواحدة المخاطبة والأنين بِالْفَارِسِيَّةِ آو ازكريه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.