Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: نصي

صَرِيفُون

صَرِيفُون:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وبعد الياء فاء مضمومة ثمّ واو، وآخره نون، إن كان عربيّا فهو من الصريف وقد ذكر اشتقاقه في الذي قبله، وإن كان عجميّا فهو كما ترى، وللعرب في هذا وأمثاله من نحو نصيــبين وفلسطين وسيلحين ويبرين مذهبان، منهم من يقول إنّه اسم واحد ويلزمه الإعراب كما يلزم الأسماء المفردة التي لا تنصرف فتقول هذه صريفين ومررت بصريفين ورأيت صريفين، والنسبة إليه وإلى أمثاله على هذا القول صريفيّ، وعلى هذه اللغة قال الأعشى في نسبة الخمر إلى هذا الموضع:
صريفيّة طيّب طعمها، ... لها زبد بين كوز ودنّ
وقيل فيها غير ذلك ولسنا بصدده، وصريفون: في سواد العراق في موضعين: إحداهما قرية كبيرة غنّاء شجراء قرب عكبراء وأوانا على ضفة نهر دجيل إذا أذّن بها سمعوه في أوانا وعكبراء، وبينهما وبين مسكن وقعت عندها الحرب بين عبد الملك ومصعب ساعة من نهار، وقد خرج منها جماعة كثيرة من أهل العلم والمحدثين، منهم: سعيد بن أحمد بن الحسين أبو بكر الصريفيني، حدّث عن الحسن بن عرفة، روى عنه عبد الله بن عدي الحافظ الجرجاني وذكر أنّه سمع منه بعكبراء، ومحمد بن إسحاق أبو عبد الله الصريفيني المعدّل، حدث بعكبراء عن زكرياء بن يحيى صاحب سفيان بن عيينة، روى عنه عمر بن القاسم بن الحداد المقري، وأحمد بن عبد العزيز بن يحيى بن جمهور أبو بكر الصريفيني، سمع الحسن بن الطيب الشجاعي وغيره، حدّث عنه أبو عليّ بن شهاب العكبري وعبد العزيز بن عليّ الأزجي وهلال بن عمر الصريفيني، سكن بغداد وحدث بها عن أحمد بن عثمان بن يحيى الدارمي وغيره، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن المجمع بن الهزارمرد أبو محمد الخطيب الصريفيني، سمع أبا القاسم بن حبّابة وأبا حفص الكناني وأبا طاهر المخلص وأبا الحسين ابن أخي ميمي وغيرهم، وهو آخر من حدّث بكتاب علي بن
الجعد وكان قد انقطع من بغداد، قال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: سمعت أبا القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي صاحبنا يقول: دخلت بغداد وسمعت ما قدرت عليه من المشايخ ثمّ خرجت أريد الموصل فدخلت صريفين فبتّ في مسجد بها فدخل أبو محمد الصريفيني وأمّ الناس فتقدمت إليه وقلت له: سمعت شيئا من الحديث؟ فقال: كان أبي يحملني إلى أبي حفص الكناني وابن حبّابة وغيرهما وعندي أجزاء، قلت: أخرجها حتى أنظر فيها، فأخرج إليّ حزمة فيها كتاب علي بن الجعد بالتمام مع غيره من الأجزاء، فقرأته عليه ثمّ كتبت إلى أهل بغداد فرحلوا إليه وأحضره الكبراء من أهل بغداد، فكل من سمعه من الصريفيني فالمنّة لأبي القاسم الشيرازي، فلقد كان من هذا الشأن بمكان، قال ابن طاهر: وسمعت الكتاب لما أحضره قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني ليسمع أولاده منه، ومنها تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر بن أحمد بن محمد الصريفيني حافظ إمام، سمع بالعراق والشام وخراسان، أمّا بالشام فسمع التاج أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي والقاضي أبا القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني، وبخراسان المؤيد أبا المظفر السمعاني، وبهراة عبد المعز بن محمد وغيرهم، وأقام بمنبج صنّف الكتب وأفاد واستفاد، وسألته عن مولده تقديرا فقال: في سنة 582.
وصريفون الأخرى: من قرى واسط، قال: أخبرنا أحمد بن عثمان بن نفيس المصري وذكر حديثا ثمّ قال: وصريفين هذه مدينة صغيرة تعرف بقرية عبد الله، وهو عبد الله بن طاهر، منها شعيب بن أيوب بن زريق بن معبد بن شيصا الصريفيني، روى عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة وزيد بن الحباب وأقرانهما، روى عنه عبدان الأهوازي ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطيّن وأبو محمد بن صاعد وأخواه أبو بكر وسليمان ابنا أيّوب الصريفيني، حدّث سليمان عن سفيان بن عيينة ومرحوم العطّار وغيرهما وسعيد بن أحمد الصريفيني، سمع محمد بن علي بن معدان، روى عنه أبو أحمد بن عدي، وقال الصريفيني: صريفين واسط.
وصريفين: من قرى الكوفة، منها الحسين بن محمد ابن الحسين بن علي بن سليمان الدهقان المقري المعدل الصريفيني أبو القاسم الكوفي من صريفين قرية من قرى الكوفة لا من قرى بغداد ولا من قرى واسط أحد أعيانها ومقدميها، وكان قد ختم عليه خلق كثير كتاب الله، وكان قارئا فهما محدّثا مكثرا ثقة أمينا مستورا، وكان يذهب إلى مذهب الزيدية، ورد بغداد في محرم سنة 480 وقرئ عليه الحديث، سمع أبا محمد جناح بن نذير بن جناح المحاري وغيره، روى عنه جماعة، قال أبو الغنائم محمد بن علي النرسي المعروف بأبيّ: توفي أبو القاسم بن سليمان الدهقان في المحرم ليلة السابع عشر منه سنة 490.
وصريفين أيضا، ممّا ذكره الهلال بن المحسن: من بني الفرات أصلهم من بابلّا صريفين من النهروان الأعلى، وقال الصولي: أصلهم من بابلّا قرية من صريفين، وأوّل من ساد فيهم أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات وأخوه الوزير أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات وزير المقتدر وغيرهما من الكبار والوزراء والعلماء والمحدثين.

شَهْرَزُورُ

شَهْرَزُورُ:
بالفتح ثم السكون، وراء مفتوحة بعدها زاي، وواو ساكنة، وراء، وهي في الإقليم الرابع، طولها سبعون درجة وثلث، وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف وربع: وهي كورة واسعة في الجبال بين إربل وهمذان أحدثها زور بن الضحّاك، ومعنى شهر بالفارسية المدينة، وأهل هذه النواحي كلهم أكراد، قال مسعر بن مهلهل الأديب: شهرزور مدينات وقرى فيها مدينة كبيرة وهي قصبتها في وقتنا هذا يقال لها نيم ازراي وأهلها عصاة على السلطان قد استطعموا الخلاف واستعذبوا العصيان، والمدينة في صحراء، ولأهلها بطش وشدّة يمنعون أنفسهم ويحمون حوزتهم، وسمك سور المدينة ثمانية أذرع، وأكثر أمرائهم منهم، وبها عقارب قتّالة أضرّ من عقارب نصيــبين، وهم موالي عمر بن عبد العزيز، وجرّأهم الأكراد بالغلبة على الأمراء ومخالفة الخلفاء، وذلك أن بلدهم مشتى ستين ألف بيت من أصناف الأكراد الجلالية والباسيان والحكمية والسولية ولهم به مزارع كثيرة، ومن صحاريهم يكون أكثر أقواتهم، وبقرب من هذه المدينة جبل يعرف بشعران وآخر يعرف بالزّلم الذي يصلح في أدوية الجماع، ولا أعرفه في مكان غيره، ومنها إلى ديلمستان سبعة فراسخ، وقد ذكرت ديلمستان في موضعها، وبشهرزور مدينة أخرى دونها في العصيان والنجدة تعرف بشيز، وأهلها شيعة صالحية زيدية أسلموا على يد زيد بن عليّ، وهذه المدينة مأوى كلّ ذاعر ومسكن كلّ صاحب غارة، وقد كان أهل نيم ازراي أوقعوا بأهل هذه المدينة وقتلوهم وسلبوهم وأحرقوهم بالنار للعصبية في الدين بظاهر الشريعة، وذلك في سنة 341، وبين المدينتين مدينة صغيرة يقال لها دزدان بناؤها على بناء الشيز وداخلها بحيرة تخرج إلى خارجها، تركض الخيل على أعلى سورها لسعته وعرضه، وهي ممتنعة على الأكراد والولاة والرعية، وكنت كثيرا ما أنظر إلى رئيسها الذي يدعونه الأمير وهو يجلس على برج مبني على بابها عالي البناء وينظر الجالس عليه إلى عدة فراسخ وبيده سيف مجرّد فمتى نظر إلى خيل من بعض الجهات لمع
بسيفه فانجفلت مواشي أهلها وعواملهم إليها، وفيها مسجد جامع، وهي مدينة منصورة، يقال إن داود وسليمان، عليهما السلام، دعوا لها ولأهلها بالنصر فهي ممتنعة أبدا عمّن يرومها، ويقال إن طالوت كان منها وبها استنصر بنو إسرائيل، وذلك أن جالوت خرج من المشرق وداود من المغرب وأيّده الله عليه، وهذه المدينة بناها دارا بن دارا ولم يظفر الإسكندر بها ولا دخل أهلها في الإسلام إلا بعد اليأس منهم، والمتغلبون عليها من أهلها إلى اليوم يقولون إنهم من ولد طالوت، وأعمالها متصلة بخانقين وبكرخ جدّان، مخصوصة بالعنب السّونايا وقلّة رمد العين والجدري، ومنها إلى خانقين يعترض نهر تامرّا، هذا آخر كلام مسعر، وليس الآن على ما ذكر وإنما نذكر هذا ليعرف تقلّب الزمان بأهله وما يصنع الحدثان في إدارة حوادثه ونقله، فإن هذه البلاد اليوم في طاعة مظفّر الدين كوكبري ابن عليّ كوجك صاحب إربل على أحسن طاعة إلا أن الأكراد في جبال تلك النواحي على عادتهم في إخافة أبناء السبيل وأخذ الأموال والسرقة ولا ينهاهم عن ذلك زجر ولا يصدّهم عنه قتل ولا أسر، وهي طبيعة للأكراد معلومة وسجيّة جباههم بها موسومة، وفي ملح الأخبار التي تكسع بالاستغفار: أن بعض المتطرّفين قرأ قوله تعالى: الأكراد أشدّ كفرا ونفاقا، فقيل له: إنّ الآية الأعراب أشدّ كفرا ونفاقا، فقال: إن الله عز وجل لم يسافر إلى شهرزور فينظر إلى ما هنالك من البلايا المخبّآت في الزوايا، وأنا أستغفر الله العظيم من ذلك وعلى ذلك، وقد خرج من هذه الناحية من الأجلّة والكبراء والأئمة والعلماء وأعيان القضاة والفقهاء ما يفوت الحصر عدّه ويعجز عن إحصائه النفس ومدّه، وحسبك بالقضاة بني الشهرزوري جلالة قدر وعظم بيت وفخامة فعل، وذكر الذين ما علمت أن في الإسلام كله ولي من القضاة أكثر من عدّتهم من بيتهم، وبنو عصرون أيضا قضاة بالشام وأعيان من فرق بين الحلال والحرام منهم وكثير غيرهم جدّا من الفقهاء الشافعية، والمدارس منهم مملوءة، أخبرني الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر كتابة قال: سمعت أبا بكر المبارك بن الحسن الشهرزوري المقري يقول: كنت أقرأ على أبي محمد جعفر بن أحمد السّرّاج وأسمع منه فضاق صدري منه لأمر فانقطعت عنه ثم ندمت وذكرت ما يفوتني بانقطاعي عنه من الفوائد فقصدت مسجد المعلّق المحاذي لباب النوبي فلما وقع بصره عليّ رحّب بي وأنشد لنفسه:
وعدت بأن تزوري بعد شهر، ... فزوري قد تقضّى الشهر زوري
وموعد بيننا نهر المعلّى ... إلى البلد المسمى شهرزوري
فأشهر صدّك المحتوم حقّ، ... ولكن شهر وصلك شهرزور

طُورُ عَبْدِينَ

طُورُ عَبْدِينَ:
بفتح العين، وسكون الباء ثم دال مكسورة، وياء مثناة من تحت، ونون: بليدة من أعمال نصيــبين في بطن الجبل المشرف عليها المتّصل بجبل الجوديّ، وهي قصبة كورة فيه، قال الشاعر:
ملك الحضر والفرات إلى دج ... لة طرّا والطّور من عبدين

الشُّرْطَةُ

الشُّرْطَةُ:
كورة كبيرة من أعمال واسط بينها وبين البصرة لكنها عن يمين المنحدر إلى البصرة، أهلها كلهم إسحاقية نصيــرية أهل ضلالة، منهم كان سنان داعي الإسماعيليّة من قرية من قراها يقال لها عقر السّدن.

شِبْدَازُ

شِبْدَازُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وآخره زاي، ويقال شبديز، بالياء المثناة من تحت:
موضعان أحدهما قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّ من رأى، والآخر منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستون سمي باسم فرس كان لكسرى، عن نصر، وقال مسعر بن المهلهل: وصورة شبديز على فرسخ من مدينة قرميسين، وهو رجل على فرس من حجر عليه درع لا يخرم كأنّه من الحديد يبين زرده والمسامير المسمرة في الزرد لا شك من نظر إليه يظن أنّه متحرّك، وهذه الصورة صورة أبرويز على فرسه شبديز وليس في الأرض صورة تشبهها، وفي الطاق الذي فيه هذه الصورة عدة صور من رجال ونساء ورجّالة وفرسان وبين يديه رجل في زيّ فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط بيده بيل كأنّه يحفر به الأرض والماء يخرج من تحت رجليه، وقال أحمد بن محمد الهمذاني: ومن عجائب قرميسين وهي إحدى عجائب الدنيا صورة شبديز وهي في قرية يقال لها خاتان ومصوره قنطوس بن سنمّار، وسنمار هو الذي بنى الخورنق بالكوفة، وكان سبب صورته في هذه القرية أنّه كان أزكى الدواب وأعظمها خلقة وأظهرها خلقا وأصبرها على طول الركض، وكان ملك الهند أهداه إلى الملك أبرويز فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه ولا ينخر ولا يزبد، وكانت استدارة حافره ستة أشبار، فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه وعرف أبرويز ذلك وقال: لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه، فلمّا مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدّا من إخباره بموته فيقتله، فجاء إلى البهلبند مغنيه، ولم يكن فيما تقدّم من الأزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود والغناء، قالوا: كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله:
فرسه شبديز وسريته شيرين ومغنيه بهلبند، وقال: اعلم أن شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا، فوعده الحيلة، فلمّا حضر بين يدي الملك غناه غناء ورّى فيه عن القصة إلى أن فطن الملك وقال له:
ويحك مات شبديز! فقال: الملك يقوله، فقال له:
زه ما أحسن ما تخلصت وخلّصت غيرك! وجزع عليه جزعا عظيما فأمر قنطوس بن سنمّار بتصويره فصوّره على أحسن وأتمّ تمثال حتى لا يكاد يفرق بينهما إلّا بإدارة الروح في جسدهما، وجاء الملك ورآه فاستعبر باكيا عند تأمّله إيّاه وقال: لشدّ ما نعى إلينا أنفسنا هذا التمثال وذكّرنا ما نصيــر إليه من فساد حالنا، ولئن كان في الظاهر أمر من أمور الدنيا يدلّ على أمور الآخرة إن فيه لدليلا على الإقرار بموت جسدنا وانهدام بدننا وطموس صورتنا ودروس أثرنا للبلى الذي لا بدّ منه مع الإقرار بالتأثير الذي لا سبيل إليه أن يبقى من جمال صورتنا، وقد أحدث لنا وقوفنا على هذا التمثال ذكرا لما تصير إليه حالنا وتوهمنا وقوف الواقفين عليه بعدنا حتى كأننا بعضهم ومشاهدون لهم، قال: ومن عجائب هذا التمثال أنّه لم ير مثل صورته صورة ولم يقف عليه أحد منذ صوّر من أهل الفكر اللطيف والنظر الدقيق إلّا استراب بصورته وعجب منها، حتى لقد سمعت كثيرا من هذا الصنف يحلفون أو يقاربون اليمين أنّها ليست من صنعة العباد وأن لله تعالى خبيئة سوف يظهرها يوما، قال: وسمعت بعض فقهاء المعتزلة يقول لو أن رجلا خرج من فرغانة القصوى وآخر من سوس الأبعد قاصدين النظر إلى صورة شبديز ما عنفا على ذلك، قال: وأنت إذا فكّرت في أمر صورة
شبديز وجدتها كما ذكر هذا المعتزلي، فإن كان من صنعة الآدميين فقد أعطي هذا المصوّر ما لم يعط أحد من العالمين، فأي شيء أعجب أو أظرف أو أشد امتناعا من أنه سخرت له الحجارة كما يريد، ففي الموضع الذي يحتاج أن يكون أسود اسودّ وفي الموضع الذي يحتاج أن يكون أحمر احمرّ وكذلك سائر الألوان، والذي يظهر لي أن الأصباغ التي فيه معالجة بصنف من المعالجات، ثمّ صوّر شيرين جارية أبرويز أيضا قريبة من شبديز وصوّر نفسه أيضا راكبا فرسا لبيقا، وقد ذكر هذه القصة خالد الفيّاض في شعر قاله وهو:
والملك كسرى شهنشاه تقنّصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب
إذ كان لذّته شبديز يركبه، ... وغنج شيرين والدّيباج والطّيب
بالنّار آلى يمينا شدّ ما غلظت ... أن من بدا فنعى الشبديز مصلوب
حتى إذا أصبح الشبديز منجدلا، ... وكان ما مثله في الخيل مركوب
ناحت عليه من الأوتار أربعة ... بالفارسيّة نوحا فيه تطريب
ورنّم البهلبند الوتر فالتهبت ... من سحر راحته اليمنى شآبيب
فقال: مات! فقالوا: أنت فهت به ... فأصبح الحنث عنه وهو مجذوب
لولا البهلبند والأوتار تندبه ... لم يستطع نعي شبديز المرازيب
أخنى الزّمان عليهم فاجرهدّ بهم، ... فما يرى منهم إلّا الملاعيب
وقال أبو عمران الكسروي يذكره:
وهم نقروا شبديز في الصّخر عبرة، ... وراكبه برويز كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكّف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه شيرين واللّحظ فاتن، ... وتعطو بكفّ حسّنتها الأشاجع
يدوم على كرّ الجديدين شخصه، ... ويلفى قويم الجسم واللون ناصع
واجتاز بعض الملوك هناك ونزل وشرب وأعجبه الموضع فاستدعى خلوقا وزعفرانا فخلّق وجه شبديز وشيرين والملك، فقال بعض الشعراء:
كاد شبديز أن يحمحم لمّا ... خلّق الوجه منه بالزّعفران
وكأنّ الهمام كسرى وشيري ... ن مع الشيخ موبذ الموبذان
من خلوق قد ضمّخوهم جميعا ... أصبحوا في مطارف الأرجوان
وقال ابن الفقيه: أنشدني أبو محمد العبدي الهمذاني لنفسه في صورة شبديز:
من ناظر معتبر أبصرت ... مقلته صورة شبديز
تأمّل الدّنيا وآثارها ... في ملك الدّنيا أبرويز
يوقن أنّ الدّهر لا يأتلي ... يلحق موطوءا بمهزوز
أبعد كسرى اعتاض من ملكه ... مخطّ رسم ثمّ مرموز
يغبط ذو ملك على عيشة ... رنق يعانيها بتوفيز
وقال آخر يذكر شبديز وأبرويز:
شبديز منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين، فلا جري ولا خبب
عليه برويز مثل البدر منتصبا ... للنّاظرين، فلا يجدي ولا يهب
وربّما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذّهب
فلا تزال مدى الأيّام صورته ... تحنّ شوقا إليها العجم والعرب
قلت: وعندي أشعار وأراجيز اكتفيت منها بهذا القدر تجنّبا للإطالة.

الصَّفَا

الصَّفَا:
بالفتح، والقصر، والصّفا والصّفوان والصفواء كله العريض من الحجارة الملس، جمع صفاة، ويكتب بالألف، ويثنى صفوان، ومنه الصفا والمروة: وهما جبلان بين بطحاء مكّة والمسجد، أمّا الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق، ومن وقف على الصفا كان بحذاء الحجر الأسود والمشعر الحرام
بين الصفا والمروة، قال نصيــب: ... وبين الصفا والمروتين ذكرتكم
بمختلف من بين ساع وموجف ... وعند طوافي قد ذكرتك ذكرة
هي الموت بل كادت على الموت تضعف
وقال أيضا:
طلعن علينا بين مروة والصّفا ... يمرن على البطحاء مور السحائب
وكدن، لعمر الله، يحدثن فتنة ... لمختشع من خشية الله تائب
والصفا أيضا: نهر بالبحرين يتخلّج من عين محلّم، قال لبيد:
سحق بمنسعة الصّفا وسريّة ... عمّ نواعم بينهنّ كروم
وقال لبيد أيضا:
فرحن كأنّ الناديات عن الصّفا ... مذارعها والكارعات الحواملا
بذي شطب أحداجهم إذ تحمّلوا ... وحثّ الحداة النّاجيات الذّواملا
والصفا: حصن بالبحرين وهجر، وقال ابن الفقيه:
الصفا قصبة هجر، ويوم الصفا: من أيامهم، قال جرير:
تركتم بوادي رحرحان نساءكم، ... ويوم الصفا لاقيتم الشعب أوعرا
وقال آخر:
نبّئت أهلك أصعدوا من ذي الصّفا ... سقيا لذلك من فويق صعدا!
وصفا الأطيط في شعر امرئ القيس: ... فصفا الأطيط فصاحتين فعاسم
تمشي النّعام به مع الأرآم
وصفا بلد: هضبة ململمة في بلاد تميم، قال الشاعر:
خليليّ للتسليم بين عنيزة ... وبين صفا بلد ألا تقفان!

سُكَرُ

سُكَرُ:
بوزن زفر: موضع بشرقية الصعيد، بينه وبين مصر يومان، كان عبد العزيز بن مروان يخرج إليه كثيرا، وبه مات عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان وأبو بكر بن عبد الله بن مروان، وقال نصيــب يرثي عبد العزيز أو ابنه أبا بكر:
أصبت يوم الصّعيد من سكر ... مصيبة ليس لي بها قبل
تالله أنسى مصيبتي أبدا ... ما أسمعتني حنينها الإبل
ولا التبكّي عليه أتركه، ... كلّ المصيبات بعده جلل
لم يعلم النّعش ما عليه من ال ... عرف ولا الحاملون ما حملوا
حتى أجنّوه في ضريحهم ... حيث انتهى من خليله الأمل
والمشهور في الأخبار أن عبد العزيز مات بحلوان قرب مصر.

سُوسَةُ

سُوسَةُ:
بضم أوّله، بلفظ واحد السوس الذي في الصوف، قال بطليموس: مدينة سوسة طولها أربع وثلاثون درجة وثماني عشرة دقيقة، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة تحت عشر درج من السرطان، يقابلها عشر درجات من الجدي، بيت ملكها عشر درجات من الحمل، بيت عاقبتها عشر درجات من الميزان، لها اثنتا عشرة دقيقة في الشولة وأربع درج في سعد الذابح، ولها شركة مع النسر الطائر، قال أبو سعد: سوسة بلد بالمغرب، وهي مدينة عظيمة بها قوم لونهم لون الحنطة يضرب إلى الصفرة، ومن السوسة يخرج إلى السوس الأقصى على ساحل البحر المحيط بالدنيا، فمن السوس الأقصى إلى القيروان ثلاثة آلاف فرسخ يقطعها السالك في ثلاث سنين، ومن القيروان إلى أطرابلس مائة فرسخ، ومن أطرابلس إلى مصر ألف فرسخ، ومن مصر إلى مكّة خمسمائة فرسخ، يخرج الحاجّ من السوس
الأقصى إلى مكّة في ثلاث سنين ونصف ويرجع في مثلها، هذا كلّه عن السمعاني، وفيه تخليط، والصحيح أن سوسة مدينة صغيرة بنواحي إفريقية، بينها وبين سفاقس يومان، أكثر أهلها حاكة ينسجون الثياب السوسية الرفيعة، وما صنع في غيرها فمشبّه بها، يكون ثمن الثوب منها في بلدها عشرة دنانير، وبين سوسة والمهدية ثلاثة أيّام، قال ابن طاهر: سوسة بلدة بالمغرب، خرج منها محدثون وفقهاء وأدباء منهم: يحيى بن خالد السوسي مغربي، يحدث عن عبد الله بن وهب، كذا ذكره ابن يونس، وصديقنا الأديب أبو الحسن علي بن عبد الجبار بن الزيات المنشئ مليح الكلام في النظم والنثر، قدم الشرق وأقام بدمشق مدة ثمّ قدم الموصل وأقام بها بالمدرسة ينسخ، وهو كيّس لطيف حافظ للأخبار والأشعار سلس اللسان، أنشدني لنفسه وكتب لي بخطه:
لا تعتبن شيئا ألمّ بلمّتي، ... إنّ المشيب غبار معترك الصّبا
وغير ذلك، وقيل: من القيروان إلى سوسة ستة وثلاثون ميلا، وهي مدينة قد أحاط بها البحر من ثلاث نواح: من الشمال والجنوب والشرق، سورها صخر حصين منيع يضرب فيه البحر، وبها منار يعرف بمنار خلف الفتى، ولها ثمانية أبواب، وبها الملعب، وهو بنيان عظيم بناه الأول له أقباء مرتفعة واسعة معقودة بحجر النشفة الخفيف الذي يطفو على رأس الماء المجلوب من ناحية صقلية وحوله أقباء كثيرة يفضي بعضها إلى بعض، وهي مدينة مرخصة كثيرة الخير، وكان معاوية بن حديج قد بعث إليها بعبد الله بن الزبير في جمع كثيف، وكان بلغه أن ملك الروم أنفذ إليها بطريقا يقال له نقفور في ثلاثين ألف مقاتل فنزل بذلك الساحل، فنزل عبد الله شرفا عاليا ينظر منه إلى البحر بينه وبين سوسة اثنا عشر ميلا، فلمّا بلغ ذلك نقفور رجع في مراكبه وأخلى ذلك الساحل فنزل عبد الله بن الزبير في جيشه حتى بلغ البحر ونزل على باب مدينة سوسة ونزل عن فرسه وصلّى بالناس صلاة العصر والروم يتعجّبون من قلة اكتراثه بهم فزحفوا إليه وهو مقبل على صلاته حتى فرغ منها، فركب وشد عليهم فهزمهم حتى حجزهم في مدينتهم وعاد عنهم، وما زالت مدينة سوسة ممتنعة بأهلها، وحاصرها أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي شهورا ثمّ انهزم عنها وكان عليها في ثمانين ألفا، وفي ذلك يقول سهم بن إبراهيم الورّاق:
إن الخوارج صدّها عن سوسة ... منّا طعان السّمر والإقدام
وجلاد أسياف تطاير دونها ... في النّقع دون المحصنات الهام
وقال أحمد بن صالح السوسي:
ألمّ بسوسة وبغى عليها، ... ولكن الإله لها نصيــر
مدينة سوسة للغرب ثغر، ... تدين لها المدائن والقصور
لقد لعن الذين بغوا عليها ... كما لعنت قريظة والنّضير
أعزّ الله خالق كلّ شيء ... بسوسة بعد ما التوت الأمور
ولولا سوسة لدهت دواهي ... يشيب لهولها الطّفل الصغير
سيبلغ ذكر سوسة كلّ أرض، ... ويغشى أهلها العدد الكثير
والخروج إلى القيروان من سوسة على الباب القبلي
المعروف بباب القيروان، ومقبرة سوسة عن يمين هذا الطريق، وكان زيادة الله بن الأغلب قد بنى سورها، وكان يقول: لا أبالي ما قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات: بنيان مسجد الجامع والقيروان وبنيان قنطرة الربيع وبنيان حصن مدينة سوسة وتوليتي أحمد بن أبي محرز قضاء إفريقية، وخارج سوسة محارس ومرابط ومجامع للصالحين، وداخلها محرس عظيم كالمدينة مسور بسور متقن يعرف بمحرس الرباط يأوي إليه الصالحون والعبّاد، وقيل: داخلها محرس آخر عظيم يسمى محرس القصب وهو متصل بدار الصناعة، وسوسة في سند عال ترى دورها من البحر ووراء سورها هيكل عظيم سمّاه البحريون الفنطاس وهو أوّل ما يرى من البحر، ولهذا الهيكل أربع درج يصعد من كلّ واحدة منها إلى أعلاه، والحياكة بسوسة كثيرة، ويغزل بها غزل تباع زنة مثقال منه بمثقالين من ذهب، ومن محارس سوسة المذكورة المنستير، وقد ذكر في موضعه.

سِنْجَارُ

سِنْجَارُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ جيم، وآخره راء: مدينة مشهورة من نواحي الجزيرة، بينها وبين الموصل ثلاثة أيّام، وهي في لحف جبل عال، ويقولون: إن سفينة نوح، عليه السلام، لما مرّت به نطحته فقال نوح: هذا سنّ جبل جار علينا، فسميت سنجار، ولست أحقّق هذا، والله أعلم به، إلّا أن أهل هذه المدينة يعرفون هذا صغيرهم وكبيرهم ويتداولونه، وقال ابن الكلبي: إنّما سميت سنجار وآمد وهيت باسم بانيها، وهم بنو البلندى ابن مالك بن دعر بن بويب بن عنقاء بن مدين بن إبراهيم، عليه السلام، ويقال: سنجار بن دعر نزلها، قالوا: ودعر هو الذي استخرج يوسف من الجبّ وهو أخو آمد الذي بنى آمد وأخو هيت الذي بنى هيت، وذكر أحمد بن محمد الهمذاني قال: ويقال إن سفينة نوح نطحت في جبل سنجار بعد ستة أشهر وثمانية أيّام من ركوبه إيّاها فطابت نفسه وعلم أن الماء قد أخذ ينضب فسأل عن الجبل فأخبر به، فقال: ليكن هذا الجبل مباركا كثير الشجر والماء! ثمّ وقفت السفينة على جبل الجودي بعد مائة واثنين وتسعين يوما فبنى هناك قرية سماها قرية الثمانين لأنّهم كانوا ثمانين نفسا، وقال حمزة الأصبهاني: سنجار تعريب سنكار، ولم يفسره، وهي مدينة طيبة في وسطها نهر جار، وهي عامرة جدّا، وقدّامها واد فيه بساتين ذات أشجار ونخل وترنج ونارنج، وبينها وبين نصيــبين ثلاثة أيام أيضا، وقيل: إن السلطان سنجر بن ملك شاه بن ألب أرسلان بن سلجوق ولد بها فسمّي باسمها، عن الزمخشري، قال في الزيج: طول سنجار ثلاثون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف وثلث، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب والشعر، قال أبو عبيدة: قدم خالد الزبيدي في ناس معه من زبيد إلى سنجار ومعه ابنا عمّ له يقال لأحدهما صابي وللآخر عويد، فشربوا يوما من شراب سنجار فحنّوا إلى بلادهم فقال خالد:
أيا جبلي سنجار ما كنتما لنا ... مقيظا ولا مشتى ولا متربّعا
ويا جبلي سنجار هلّا بكيتما ... لداعي الهوى منّا شنينين أدمعا
فلو جبلا عوج شكونا إليهما ... جرت عبرات منهما أو تصدّعا
بكى يوم تلّ المحلبيّة صابئ، ... وألهى عويدا بثّه فتقنّعا
فانبرى له رجل من النمر بن قاسط يقال له دثار أحد بني حييّ فقال:
أيا جبلي سنجار هلّا دققتما ... بركنيكما أنف الزّبيديّ أجمعا
لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة، ... ولكنّها كانت أرامل جوّعا
تبكّي على أرض الحجاز وقد رأت ... جرائب خمسا في جدال فأربعا
جرائب: جمع جريب، وجدال: قرية قرب سنجار، كأنّه يتعجب من ذلك ويقول كيف تحنّ إلى أرض الحجاز وقد شبعت بهذه الديار؟ فأجابه خالد يقول:
وسنجار تبكي سوقها كلّما رأت ... بها نمريّا ذا كساوين أيفعا
إذا نمريّ طالب الوتر غرّه ... من الوتر أن يلقى طعاما فيشبعا
إذا نمريّ ضاف بيتك فاقره ... مع الكلب زاد الكلب وازجرهما معا
أمن أجل مدّ من شعير قريته ... بكيت وناحت أمّك الحول أجمعا؟
بكى نمريّ أرغم الله أنفه ... بسنجار حتى تنفد العين أدمعا
وقال المؤيد بن زيد التكريتي يخاطب الحسين بن عليّ السنجاري المعروف بابن دبّابة ويلقّب بأمين الدين:
زاد أمين الدّين في وصفه ... سنجار حتى جئن سنجارا
فعاينت عيناي إذ جئتها ... مصيدة قد ملئت فارا
وقد نسب إلى سنجار جماعة وافرة من أهل العلم، منهم من أهل عصرنا: أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور الشاعر يعرف بالبهاء السنجاري أحد المجيدين المشهورين، وكان أوّلا فقيها شافعيّا ثمّ غلب عليه قول الشعر فاشتهر به وقدّم عند الملوك وناهز التسعين وكان جريّا ثقة كيّسا لطيفا فيه مزاح وخفة روح، وله أشعار جيدة، منها في غلام اسمه عليّ وقد سئل القول فيه فقال في قطعة وكان مرّ به ومعه سيف:
بي حامل الصارم الهنديّ منتصرا، ... ضع السّلاح قد استغنيت بالكحل
ما يفعل الظّبي بالسّيف الصّقيل وما ... ضرب الصّوارم بالضّروب بالمقل
قد كنت في الحبّ سنّيّا فما برحت ... بي شيعة الحبّ حتى صرت عبد علي
وخرج من الموصل في سنة تسع عشرة وستمائة.

السُّمَيْعِيّةُ

السُّمَيْعِيّةُ:
منسوبة إلى سميع تصغير سمع: قرية كبيرة في بقعاء الموصل، بينها وبين نصيــبين قرب وبينها وبين برقعيد أربعة فراسخ وتعرف بقرية الهيثم بن معمّر.

سلْوَانُ

سلْوَانُ:
بضم أوّله، قال أبو منصور: أخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: سمعت محمد بن حيّان يحكي أنّه حضر الأصمعي ونصر بن أبي نصيــر يعرض عليه بالري فأجرى هذا البيت لرؤبة:
لو أشرب السّلوان ما سليت
فقال لنصر: ما السلوان؟ فقال: يقال إنّها خرزة تسحق فيشرب ماؤها فيورث شاربه سلوة، فقال:
اسكت لا يسخر منك هؤلاء، إنّما السلوان مصدر قولك سلوت أسلو سلوانا، فقال: لو أشرب السلو سلوا شربا ما سلوت، وقال أبو الحسن الخوارزمي: قال علي بن عيسى السلوان ماء من شرب منه ذهب همّه فيما يقال، هكذا في كتاب البلدان من جمعه، وهو تخلّق منه لا معنى له لأنّه ليس بموضع بعينه إنّما هو ماء يرقى أو حصاة تلقى في ماء فيشرب ذلك الماء، وإنّما عين سلوان عين نضّاخة يتبرّك بها ويستشفى منها بالبيت المقدس، قال ابن البنّاء البشّاري: سلوان محلّة في ربض بيت المقدس تحتها عين عذبة تسقي جنانا عظيمة وقفها عثمان ابن عفّان، رضي الله عنه، على ضعفاء بيت المقدس تحت بئر أيّوب، عليه السلام، ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء سلوان كل ليلة عرفة. وسلوان
أيضا: واد بأرض بني سليم، قال العباس بن مرداس:
شنعاء جلّل من سوآتها حضن، ... وسال ذو شوعر منها وسلوان

سُلْمَانَان

سُلْمَانَان:
بضم أوّله، وتكرير النون، علم مرتجل بلفظ التثنية: اسم موضع عند برقة، ذكرت في موضعها، قال جرير:
هل ينفعنّك، إن جرّبت، تجريب، ... أم هل شبابك بعد الشيب مطلوب؟
أم كلّمتك بسلمانين منزلة، ... يا منزل الحيّ جادتك الأهاضيب!
كلّفت من حلّ ملحوبا وكاظمة، ... هيهات كاظمة منّا وملحوب!
قد تيّم القلب حتى زاده خبلا ... من لا يكلّم إلّا وهو محجوب
ويروى سلمانين، بكسر النون الأولى وفتح الثانية، بلفظ جمع السلامة لسلمان، وهو الأكثر، فأما من روى بلفظ التثنية فقال هما واديان في جبل لغني يقال له سواج، ومن روى بلفظ جمع السلامة لسلمان فقال سلمانين واد يصبّ على الدهناء شمالي الحفر حفر الرّباب بناحية اليمامة بموضع يقال له الهرار، والهرار: قفّ، والقول فيه كالقول في نصيــبين إلّا أنا لم نسمع فيه إلّا سلمانين بلفظ الجرّ والنصب.

سِلْسِلانِ

سِلْسِلانِ:
كأنّهم ذكروا السلسلة ثمّ ثنوها: اسم موضع، قال الشاعر:
خليليّ بين السّلسلين لو انّني ... بنعف اللّوى أنكرت ما قلتما ليا
ولكنّني لم أنس ما قال صاحبي: ... نصيــبك من ذلّ إذا كنت خاليا

سَفّانُ

سَفّانُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، قال نصر: هو صقع بين نصيــبين وجزيرة ابن عمر في ديار ربيعة. وسفّان: ناحية بوادي القرى، وقيل بشين معجمة، عنه أيضا، يجوز أن يكون فعلان من سففت الدواء وأن يكون فعّالا من السفن وهو جلد التمساح، والسفّان: صاحب السفينة.

سَعْدٌ

سَعْدٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: وهو موضع معروف قريب من المدينة، بينهما ثلاثة أميال، كانت غزاة ذات الرقاع قريبة منه، قال نصر: سعد جبل بالحجاز بينه وبين الكيد ثلاثون ميلا وعنده قصر ومنازل وسوق وماء عذب على جادّة طريق كان يسلك من فيد إلى المدينة، قال: والكديد على ثلاثة أميال من المدينة، قال نصيــب:
وهل مثل أيّام بنعف سويقة ... عوائد أيّام كما كنّ بالسّعد؟
تمنّيت أنّا من أولئك والمنى ... على عهد عاد ما نعيد ولا نبدي
ودير سعد: بين بلاد غطفان والشام. وحمّام سعد:
في طريق حاجّ الكوفة. ومسجد سعد: على ستة أميال من الزّبيدية بين القرعاء والمغيثة في طريق حاج الكوفة فيه بركة وبئر رشاؤها خمس وثمانون قامة ماؤها غليظ تشربه الإبل والمضطر، ينسب إلى سعد ابن أبي وقّاص، قال ابن الكلبي: وكان لمالك وملكان ابني كنانة بساحل جدّة وبتلك الناحية صنم يقال له سعد، وكان صخرة طويلة، فأقبل رجل منهم بإبل له ليقفها عليه يتبرك بذلك فيها، فلمّا أدناها منه نفرت منه فذهبت في كلّ وجه وتفرّقت عنه، فأسف وتناول حجرا فرماه به وقال: لا بارك الله فيك إلها أنفرت عليّ إبلي! ثمّ انصرف عنه وهو يقول:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا، ... فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلّا سخرة بتنوفة ... من الأرض لا تدعو لغيّ ولا رشد؟

سَرْدانِيَةُ

سَرْدانِيَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وبعد الألف نون مكسورة، وياء آخر الحروف مفتوحة مخففة: جزيرة في بحر المغرب كبيرة ليس هناك بعد الأندلس وصقلية وأقريطش أكبر منها، وقد غزاها المسلمون وملكوها في سنة 92 في عسكر موسى بن نصيــر، وهي الآن بيد الأفرنج، ووجدت لبعضهم أن سردانية مدينة بصقلية، والله أعلم.

سَرْجَةُ

سَرْجَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجيم، يشبه أن تكون كلمة فارسيّة من سروچهـ ومعناه رأس البئر:
وهو حصن بين نصيــبين ودنيسر ودارا من بناء الروم القديم، وهو باق إلى الآن يسكنه الفلاحون، رأيته، في طوله ستة أبراج وفي عرضه ممّا يلي الطريق أربعة أبراج. وسرجة أيضا: موضع قرب سميساط على شاطئ الفرات. وسرجة: بأرض اليمن مدينة، ورواه بعضهم بالشين المعجمة، والصواب بالسين المهملة. وسرجة أيضا: قرية من قرى حلب ويقال لها سرجة بني عليم.

الزَّابُ

الزَّابُ:
بعد الألف باء موحدة، إن جعلناه عربيّا أو حكمنا عليه بحكمه، فقد قال ابن الأعرابي: زاب الشيء إذا جرى، وقال سلمة: زاب يزوب إذا انسلّ هربا، والذي يعتمد عليه أنّ زاب ملك من قدماء ملوك الفرس، وهو زاب بن توركان بن منوشهر ابن إيرج بن أفريدون حفر عدّة أنهر بالعراق فسمّيت باسمه، وربما قيل لكل واحد زابي، والتثنية زابيان، قال أبو تمّام وكتب بها من الموصل إلى الحسن بن وهب:
قد أثقب الحسن بن وهب للندى ... نارا جلت إنسان عين المجتلي
ما أنت حين تعدّ نارا مثلها ... إلّا كتالي سورة لم تنزل
قطعت إليّ الزّابيين هباته ... والتاث مأمول السّحاب المسبل
ولقد سمعت فهل سمعت بموطن ... أرض العراق يضيف من بالموصل
وقال الأخطل وهو بزاذان:
أتاني، ودوني الزّابيان كلاهما ... ودجلة، أنباء أمرّ من الصّبر
أتاني بأن ابني نزار تناجيا، ... وتغلب أولى بالوفاء وبالعذر
وإذا جمعت قيل لها الزوابي: وهي الزاب الأعلى بين الموصل وإربل ومخرجه من بلاد مشتكهر، وهو حد ما بين أذربيجان وبابغيش، وهو ما بين قطينا والموصل من عين في رأس جبل ينحدر إلى واد، وهو شديد الحمرة ويجري في جبال وأودية وحزونة وكلّما جرى صفا قليلا حتى يصير في ضيعة كانت لزيد ابن عمران أخي خالد بن عمران الموصلي، بينها وبين مدينة الموصل مرحلتان وتعرف بباشزّا، وليست التي في طريق نصيــبين، فإذا وصل إليها صفا جدّا، ثمّ يقلب في أرض حفيتون من أرض الموصل حتى يخرج في كورة المرج من كور الموصل ثمّ يمتد حتى يفيض في دجلة على فرسخ من الحديثة، وهذا هو
المسمّى بالزاب المجنون لشدّة جريه، وأمّا الزاب الأسفل فمخرجه من جبال السّلق سلق أحمد بن روح بن معاوية من بني أود ما بين شهرزور وأذربيجان ثمّ يمرّ إلى ما بين دقوقا وإربل، وبينه وبين الزاب الأعلى مسيرة يومين أو ثلاثة ثمّ يمتدّ حتى يفيض في دجلة عند السنّ، وعلى هذا الزاب كان مقتل عبيد الله بن زياد ابن أبيه، فقال يزيد بن مفرغ يهجوه:
أقول لمّا أتاني ثمّ مصرعه ... لابن الخبيثة وابن الكودن النابي:
ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة، ... ولا بكتك جياد عند أسلاب
إنّ الذي عاش ختّارا بذمّته ... ومات عبدا قتيل الله بالزّاب
العبد للعبد لا أصل ولا ورق ... ألوت به ذات أظفار وأنياب
إنّ المنايا إذا حاولن طاغية ... ولجن من دون أستار وأبواب
وبين بغداد وواسط زابان آخران أيضا ويسميان الزاب الأعلى والزاب الأسفل، أمّا الأعلى فهو عند قوسين وأظن مأخذه من الفرات ويصبّ عند زرفامية وقصبة كورته النعمانية على دجلة، وأمّا الزاب الأسفل من هذين فقصبته نهر سابس قرب مدينة واسط، وزاب النعمانية أراد الحيص بيص أبو الفوارس الشاعر بقوله:
أجأ وسلمى أم بلاد الزّاب، ... وأبو المظفّر أم غضنفر غاب؟
وعلى كلّ واحد من هذه الزوابي عدّة قرى وبلاد، وإلى أحد هذين نسب موسى الزابي له أحاديث في القراءات، قال السلفي: سمعت الأصمّ المنورقي يقول:
الزاب الكبير منه بسكرة وتوزر وقسنطينية وطولقة وقفصة ونفزاوة ونفطة وبادس، قال:
وبقرب فاس على البحر مدينة يقال لها بادس، قال:
والزاب أيضا كورة صغيرة يقال لها ريغ، كلمة بربريّة معناها السبخة، فمن كان منها يقال له الريغي. والزاب أيضا: كورة عظيمة ونهر جرّار بأرض المغرب على البرّ الأعظم عليه بلاد واسعة وقرى متواطئة بين تلمسان وسجلماسة والنهر متسلط عليها، وقد خرج منها جماعة من أهل الفضل، وقيل: إن زرعها يحصد في السنة مرّتين، ينسب إليها محمد بن الحسن التميمي الزابي الطّبني كان في أيّام الحكم المستنصر، وقال مجاهد بن هانئ المغربي يمدح جعفر بن علي صاحب الزاب:
ألا أيّها الوادي المقدس بالنّدى ... وأهل الندى، قلبي إليك مشوق
ويا أيّها القصر المنيف قبابه ... على الزّاب لا يسدد إليك طريق
ويا ملك الزّاب الرفيع عماده، ... بقيت لجمع المجد وهو نزيق
على ملك الزّاب السّلام مردّدا، ... وريحان مسك بالسّلام فتيق
ويوم الزاب: بين مروان الحمار بن محمد وبني العباس كان على الزاب الأعلى بين الموصل وإربل.

رَهْوَةُ

رَهْوَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، والرّهو الكركيّ، ويقال: طير من طيور الماء يشبه الكركي، والرهو مشي في سكون، وقوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً 44: 24، أي ساكنا، وقيل يبسا، وقيل مفلوقا، ورهوة واحدة ما ذكرناه، وقال أبو عبيد: الرهوة الارتفاع والانحدار، قال أبو العبّاس النّميري:
دلّيت رجليّ في رهوة
فهذا انحدار، وقال عمرو بن كلثوم:
نصبنا مثل رهوة ذات حدّ ... محافظة، وكنّا السّابقينا
فهذا ارتفاع، وقال أبو عبيد: الرهوة الجوبة تكون في محلّة القوم يسيل إليها ماء المطر، وقال أبو معبد:
الرّهوة ما اطمأنّ وارتفع ما حوله، قال: والرهوة شبه تلّ يكون في متون الأرض على رؤوس الجبال ومساقط الطيور الصقور والعقبان: وهو طريق بالطائف، وقيل: هو جبل في شعر خفاف بن ندبة، وقيل: عقبة في مكان معروف، وقال أبو ذؤيب:
فإن تمس في قبر برهوة ثاويا، ... أنيسك أصداء القبور تصيح
ولا لك جيران ولا لك ناصر، ... ولا لطف يبكي عليك نصيــح
وقال الأصمعي: رهوة في أرض بني جشم ونصر ابني معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة، والرهوة: صحراء قرب خلاط، قال أحمد بن يحيى بن جابر: كان مالك بن عبد الله الخثعمي ويقال له الصوائف الفلسطيني غزا بلاد الروم
سنة 146 في أيّام المنصور فغنم غنائم كثيرة ثمّ قفل، فلمّا كان من درب الحدث على خمسة عشر ميلا بموضع يقال له الرهوة فأقام ثلاثا فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسمّيت رهوة مالك به.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.